سؤال عن تجاوز الحد لطالب العلم، مع ذكر أمثلة لذلك

[أم عبد الله بنت علي]

السلام عليكم
في شرح حلية طالب العلم في باب فقه الطلب:
قال الشيخ العثيمين رحمه الله:

هذا ما قاله صحيح، فإنه في الآونة الأخيرة حصل ولله الحمد من الشباب طموحات واسعة في شتى المجالات، لكنها تحتاج إلى ضمانات، وكوابِح تضمن بقاء هذه النهضة وهذا الطموح، لأن كل شيء إذا زاد عن حده فإنه سوف يرجع إلى جِذره، إذا لم يُضبَط ويُكبح فإنه يكون دمارًا، وربما يكون دمارًا في المجتمع، وربما يكون دمارًا حتى على صاحبه في قلبه.

ما معنى قوله: (لأن كل شيء إذا زاد عن حده سوف يرجع إلى جذره)؟

[عبد العزيز الداخل]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبد الله الميساوي

السلام عليكم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبد الله الميساوي

في شرح حلية طالب العلم في باب فقه الطلب:
قال الشيخ العثيمين رحمه الله:

ما معنى قوله: (لأن كل شيء إذا زاد عن حده سوف يرجع إلى جذره)؟

هو قال إلى (ضده) ولكن التسجيل ضعيف، وهي مقولة سائرة يعنى بها أن الشيء المحدود بحد إذا جاوز ذلك الحد كان عاقبة ما أراده صاحبه من النفع ضرراً عليه لأنه تجاوز حده وغلا
وفي أمثال العرب (المنبتّ لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع) وقد رواه الدارقطني والحاكم من حديث جابر مرفوعاً وفيه ضعف.
فالمنبت هو الذي تجاوز حد احتمال دابته في السير فأدأبها وكلفها كثرة السير طمعاً في الوصول إلى غايته بأقصى سرعة فانقلب قصده إلى ضده لأن ناقته هلكت من شدة السير وعدم الرفق بها وبقي هو لم يقطع الأرض وعرض نفسه للهلاك.

وقصد الشيخ أن إقبال الشباب على طلب العلم أمر مطلوب ولكن ينبغي أن يراعوا الحدود لئلا ينقلب قصدهم إلى ضدهم
فمن أمثلة مجاوز الحد: الاستعجال في التصدر قبل التأهل يريد أن يفتي ويعلم ويرجع الناس إلى قوله وهو لم يتأهل بعد للفتوى والتدريس فهذا من مظان الخطأ والزلل العظيم
فإن من تصدر ولم يتأهل يأتى بالعجائب ويضل الناس بغير علم ويحمل نفسه أوزاراً لا يطيقها
وقد قيل: (إنما يفسد الدنيا ثلاثة: نصف فقيه، ونصف نحوي، ونصف طبيب، فهذا يفسد الأديان وهذا يفسد اللسان، وهذا يفسد الأبدان)
فكما أن من تعلم شيئاً يسيراً من الطب لا يجوز له أن يتصدى لمداواة المرضى لأنه قد يهلكهم
ذكر الثعالبي في (يتيمة الدهر) نقلا من رسالة أرسلها ابن فارس إلى محمد بن سعيد الكاتب قوله:
سمعت أبا الحسين السروجي يقول : كان عندنا طبيب يسمى النعمان ويكنى أبا المنذر ، فقال فيه صديق لي :
أقول لنعمان وقد ساق طِبُّهُ ... نفوساً نفيساتٍ إلى باطن الأرضِ
(أبا منذرٍ أفنيت فاستبقِ بعضنا ... حنانيكَ بعض الشرِّ أهون من بعضِ)

فخطر من تصدر للطب ولم يتأهل عظيم لأنه قد يهلك بعض المرضى ، ولكن خطر من تصدر للفتوى ولم يتأهل أعظم لأنه قد يضل طوائف من الناس ويفتنهم في دينهم، وربما تسبب في حصول فتن عظيمة.
ولذلك قال الشيخ رحمه الله إن مجاوزة الحد قد تسبب دماراً في المجتمع.

ومن أمثلة مجاوز الحد : أن يكلف الطالب نفسه في طلب العلم ما لا تطيق فيجهدها حتى تسأم وتمل وتنفر من طلب العلم فيترك الطلب ويستسلم للجهل
وكلا طرفي قصد الأمور ذميم
فمثلما خانت الكسلان همته = فطالما حرم المنبتُّ بالسأم

فلا يكن الطالب كسلانا ولا منبتًّا، بل يتوسط ويداوم على طلب العلم على حسب طاقته وجهده ويسأل الله التوفيق والإعانة ، ولا يستعجل شيئاً قبل وقته:
اليوم علم وغداً مثله = من نخب العلم التي تلتقط
يحصل المرء بها حكمة = وإنما السيل اجتماع النقط

وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، وطلب العلم من أعظم القربات إلى الله