دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > باب الوصايا

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 03:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الوصايا (5/5) [حديث: (إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم ... ) ]


وعنْ مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ؛ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ)). رواهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وأَخْرَجَهُ أحمدُ والْبَزَّارُ منْ حديثِ أبي الدَّرْدَاءِ.
وابنُ مَاجَهْ منْ حديثِ أبي هُريرةَ. وكُلُّها ضَعيفةٌ، لكنْ قدْ يَقْوَى بعضُها ببعضٍ، واللَّهُ أَعْلَمُ.


  #2  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 08:20 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


5/910- وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ)).
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، لَكِنْ قَدْ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضاً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، لَكِنْ قَدْ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضاً)؛ وَذَلِكَ لأَنَّ فِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ وَشَيْخَهُ عُتْبَةَ بْنَ حُمَيْدٍ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ فِي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ تَفْصِيلٌ مَعْرُوفٌ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ، وَأَنَّهُ لا يُمْنَعُ مِنْهُ الْمَيِّتُ، وَظَاهِرُهُ الإِطْلاقُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، وَمَنْ قَلَّ مَالُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَكِنْ يُقَيِّدُهُ مَا سَلَفَ مِن الأَحَادِيثِ الَّتِي هِيَ أَصَحُّ مِنْهُ، فَلا تَنْفُذُ لِلْوَارِثِ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ الأَرْبَعَةُ وَغَيْرُهُمْ. وَالْمُؤَيَّدُ بِاللَّهِ رَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ: وَذَهَبَت الْهَادَوِيَّةُ إلَى نُفُوذِهَا لِلْوَارِثِ، وَادَّعَى فِيهِ إجْمَاعَ أَهْلِ الْبَيْتِ. وَلا يَصِحُّ هَذَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُخْرَجُ الدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ عَلَى سَوَاءٍ، فَتُشَارِكُ الْوَصِيَّةُ الدَّيْنَ إذَا اسْتُغْرِقَ الْمَالُ.
وَقَد اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُقَدَّمُ إخْرَاجُ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ؛ لِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَارِثِ الأَعْوَرِ عَنْهُ، قَالَ: " قَضَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَأَنْتُمْ تَقْرَؤُونَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ". وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، لَكِنْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ؛ لاعْتِضَادِهِ بِالاتِّفَاقِ عَلَى مُقْتَضَاهُ، وَقَدْ أَوْرَدَ لَهُ شَواهدَ، وَلَمْ يَخْتَلِف الْعُلَمَاءُ أَنَّ الدَّيْنَ يُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ الأَمْرُ هَكَذَا، فَلِمَ قُدِّمَت الْوَصِيَّةُ عَلَى الدَّيْنِ فِي الآيَةِ؟
قُلْتُ: أَجَابَ السُّهَيْلِيُّ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَت الْوَصِيَّةُ تَقَعُ عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، وَالدَّيْنُ يَقَعُ بِتَعَدِّي الْمَيِّتِ بِحَسَبِ الأَغْلَبِ، فبَدَأَ بِالْوَصِيَّةِ؛ لِكَوْنِهَا أَفْضَلَ.
وَأَجَابَ غَيْرُهُ: لأَنَّهَا إنَّمَا قُدِّمَت الْوَصِيَّةُ؛ لأَنَّهَا شَيْءٌ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالدَّيْنُ يُؤْخَذُ بِعِوَضٍ، فَكَانَ إخْرَاجُ الْوَصِيَّةِ أَشَقَّ عَلَى الْوُرَّاثِ مِنْ إخْرَاجِ الدَّيْنِ، وَكَانَ أَدَاؤُهَا مَظِنَّةَ التَّفْرِيطِ بِخِلافِ الدَّيْنِ، فَقُدِّمَت الْوَصِيَّةُ لِذَلِكَ، وَلأَنَّهَا حَظُّ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكَيْنِ غَالِباً، وَالدَّيْنُ حَظُّ الْغَرِيمِ يَطْلُبُهُ بِقُوَّةٍ، وَلَهُ مَقَالٌ، وَلأَنَّ الْوَصِيَّةَ يُنْشِئُهَا الْمُوصِي مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ.
فَقُدِّمَتْ تَحْرِيضاً عَلَى الْعَمَلِ بِهَا، بِخِلافِ الدَّيْنِ؛ فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ ذَكَرَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ، ولأَنَّ الْوَصِيَّةَ مُمْكِنَةٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ مطلوبةٌ منهُ؛ إمَّا نَدْباً أَوْ وُجُوباً، فَيَشْتَرِكُ فِيهَا جَمِيعُ الْمُخَاطَبِينَ، وَتَقَعُ بِالْمَالِ وَبِالْعَمَلِ، وَقَلَّ مَنْ يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ، بِخِلافِ الدَّيْنِ، وَمَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ أَهَمُّ بِأَنْ يُذْكَرَ أَوَّلاً على مَا يَقِلُّ وُقُوعُهُ.

  #3  
قديم 18 محرم 1430هـ/14-01-2009م, 08:23 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


834- وعن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ ـ قالَ: قالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ؛ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ)). رواهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وأخْرَجَه أحمدُ والبَزَّارُ مِن حديثِ أبي الدَّرْدَاءِ، وابنُ مَاجَهْ من حديثِ أبي هُرَيْرَةَ، وكُلُّها ضَعِيفَةٌ، لكنْ قَدْ يُقَوِّي بعضُها بَعْضاً واللَّهُ أعْلَمُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* دَرَجَةُ الحديثِ:
حديثُ البابِ حَسَنٌ لغَيْرِه، وله شَواهِدُ منها:
ما أَخْرَجَه أحمدُ والبَزَّارُ مِن حديثِ أبي الدَّرْدَاءِ، وابنُ مَاجَهْ من حديثِ أبي هُرَيْرَةَ، وكلُّها ضَعِيفَةٌ، ولكنْ يُقَوِّي بَعْضُها بَعْضاً، فقدْ جَاءَ الحديثُ مِن عِدَّةِ طُرُقٍ حَيْثُ رُوِيَ من حديثِ أبي هُرَيْرَةَ، وأبي الدَّرْداءِ، ومعاذِ بنِ جَبَلٍ، وأبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وخَالِدِ بنِ عُبَيْدٍ السُّلَمِيِّ.
قالَ الشيخُ الألبانِيُّ عن هذهِ الطُّرُقِ: إِنَّ جَميعَ طُرُقِ الحَديثِ ضَعِيفَةٌ شَدِيدَةُ الضَّعْفِ، إلاَّ أَنَّ ضَعْفَ طريقِ أبي الدَّرْداءِ، وطَريقِ مُعاذِ بنِ جَبَلٍ، وطَرِيقِ خَالِدِ بنِ عُبَيْدٍ, يَسِيرٌ؛ لذلك فالحَدِيثُ بمَجموعِ هذهِ الطُّرُقِ الثلاثِ يَرْتَقِي إلى دَرَجَةِ الحُسْنِ، وسائِرُ الطُّرُقِ إنْ لَمْ تَزِدْهُ قُوَّةً لَمْ تَضُرَّهُ، واللَّهُ أعْلَمُ.
* ما يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1- اللَّهُ تعالى لَطِيفٌ بعِبادِه، لا سِيَّمَا بعِبادِه المُؤْمِنِينَ، فقَدْ سَهَّلَ لهم مِن سُبُلِ الخَيْرِ وطُرُقِ البِرِّ ما تَزْدَادُ بهِ حَسناتُهم، وتَنْمُو بهِ أَعْمالُهم الصالِحَةُ، من الأيَّامِ المُبارَكَاتِ، والليالي الفاضِلاتِ، والساعاتِ ذَاتِ النَّفَحاتِ، والأمْكِنَةِ المُقَدَّسَةِ، والأذكارِ الجَامِعَةِ.
ومِن ذلك أنْ تَفَضَّلَ عليهم بثُلُثِ أَمْوالِهم؛ لتَكُونَ صَدَقَةً لهم بعدَ مَماتِهم تَزِيدُ بها حَسَناتُهم.
2- فالصَّدَقَةُ الكَامِلَةُ والإحسانُ الحَقِيقِيُّ هو ما يُخْرِجُه الإنسانُ في حَياتِه، وحالَ صِحَّتِه وقُوَّتِه ورَغْبَتِه في المالِ، كما قالَ تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} [الإنسان:8] وكما جاءَ في الصحيحيْنِ من حديثِ أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قالَ: ((أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ تَتَصَدَّقَ وَأَنْتَ شَحِيحٌ صَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ، وتَأْمُلُ البَقَاءَ، وَلاَ تَمَهَّلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلانٍ كَذَا وَلِفُلانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ)).
3- لكنَّ اللَّهَ جَلَّ وعلا من فَضْلِه على عِبادِه وبِرِّه بهم وعِلْمِه بحُبِّهِم المالَ، وشِدَّتِهم عليه، جَعَلَ لهم الصَّدَقَةَ بثُلُثِ أموالِهم عندَ وَفاتِهم؛ زيادةً في حَسناتِهم.
4- جَوازُ الوَصِيَّةِ بالمالِ بقَدْرِ الثُّلُثِ للأجنبيِّ، والأجنبيُّ هنا: مَعْناهُ غَيْرُ الوَارِثِ.
5- تَحْرِيمُ الزِّيادةِ عن الثُّلُثِ إلاَّ بإِذْنِ الوَرَثَةِ البالِغِينَ الرَّاشِدِينَ، وموافَقَتِهم.
6- أنَّ زَمَنَ قَبُولِ الوَصِيَّةِ وتَنْفِيذِها يَكُونُ بَعْدَ المَوْتِ؛ لأنَّ ذلك الوقْتَ هو وقتُ ثُبوتِ حَقِّ المُوصَى له.
7- أنَّ الوَصِيَّةَ بثُلثِ التَّرِكَةِ يُعْتَبَرُ بعدَ مُؤَنِ التجهيزِ، وبعدَ وَفاءِ جَميعِ الدُّيونِ، سواءٌ كانَتْ للهِ أو للناسِ.
8- أنَّ الوَصِيَّةَ بالمالِ فيها فَضْلٌ، وفيها أَجْرٌ، فإنَّ اللَّهَ لم يَشْرَعْها لخَلْقِه وتَفَضَّلَ بها على عِبادِه، إلاَّ لِمَا فيها مِن الثوابِ الكبيرِ؛ لأنَّها إِحْسانٌ وصَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، قالَ تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس:12].


* خِلافُ العُلماءِ:
اخْتَلَفَ العلماءُ في صِحَّةِ الوَصِيَّةِ للوَارِثِ، إذا أجَازَ ذلك الوَرَثَةُ.
فذهَبَ جُمهورُ العلماءِ إلى صِحَّةِ الوَصِيَّةِ للوَارثِ إذا أجازَ الوَرَثَةُ؛ ذلك أنَّهم قَدْ أَخَذُوا بهذهِ الزِّيادَةِ: ((إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ)). وإسنادُها حَسَنٌ.
قالَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لا تَصِحُّ لوَارِثٍ بغَيْرِ رِضَى الوَرَثَةِ:
قالَ في (الرَّوْضِ): ولا تَجُوزُ الوَصِيَّةُ لوَارِثٍ بشَيْءٍ إِلاَّ بإجازةِ الوَرَثَةِ بعدَ المَوْتِ؛ لقولِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: ((لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ)) فإنْ أَجَازَ الوَرَثَةُ؛ فإنَّها تَصِحُّ تنفيذاً؛ لأنَّها إِمضاءٌ لقولِ وَارِثٍ.
وقالَ الشيخُ عبدُ اللَّهِ بنُ محمدٍ: اتَّفَقَ العُلماءُ أنَّه لا وَصِيَّةَ لوَارِثٍ، إِلاَّ إِذَا أَجَازَ الوَرَثَةُ، وكانوا رَاشِدِينَ، وعَلَّقَ الفُقهاءُ جَوازَها باعتبارِ إجازتِهم؛ لأنَّ المَنْعَ مِن الوَصِيَّةِ للوَارِثِ لَحِقَهم، فإذا أَجَازُوا نُفِّذَ ذلك؛ لأنَّ الحَقَّ لهم.
وذَهَبَ الظاهِرِيَّةُ إلى أنَّ الوَصِيَّةَ للوَارِثِ لا تَصِحُّ، ولو أجازَ الوَرَثَةُ؛ فإنَّه لا أَثَرَ لإجازتِهم.
وقالَ الشيخُ الألبانيُّ عن حديثِ: ((إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ)) ينبغي أنْ يَكونَ حديثاً مُنْكَراً على ما تَقْتَضِيهِ القواعِدُ الحَديثيَّةُ اهـ.
وحديثُ: ((لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ)) جَزَمَ الشافعِيُّ في (الأُمِّ) أنه مَتْنٌ مُتَواتِرٌ، وأَنَّه مُتَلَقًّى بالقَبُولِ مِن كَافَّةِ الأُمَّةِ.
وقدْ تَرْجَمَ له البُخارِيُّ فقالَ: بَابُ ((لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ)). وإنْ لمْ يَكُنْ على شَرْطِه.
وقالَ شيخُ الإسلامِ: اتَّفَقَتِ الأُمَّةُ عليهِ.
وقال المجدُّ: مَن حَفِظْنا عنهم مِن أهْلِ العِلْمِ لا يَخْتَلِفُونَ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قالَ عَامَ الفتحِ: ((لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ)).
قالَ الحافِظُ: أجْمَعَ العُلماءُ علَى مُقْتَضاهُ.
وما ذهَبَ إليهِ الجُمهورُ هو الراجِحُ؛ لأنَّ المَنْعَ لَحِقَهم وحْدَهم، وقدْ أجازوا.
* فَوَائِدُ:
الأُولَى: أنَّ المُوصِيَ مَا دَامَ حَيًّا فهو حُرُّ التصَرُّفِ في وَصِيَّتِه والتَّغْيِيرِ والتبدِيلِ فيها وفي مَصْرِفِها، وله الزِّيادَةُ والنَّقْصُ ما دامَ في حُدودِ الثُّلثِ، ولا يَزِيدُ عليه.
الثانيةُ: الوَصيَّةُ تَبْطُلُ بوُجودِ وَاحِدٍ مِن خَمْسَةِ أَشْيَاءَ:
1- برُجوعِ المُوصِي بقَوْلٍ أو فِعْلٍ يَدُلُّ على الرُّجوعِ، كبيعِ العَيْنِ المُوصَى بها.
2- إذا ماتَ المُوصَى له قَبْلَ مَوْتِ المُوصِي.
3- إذا قَتَلَ المُوصَى له المُوصِيَ، سَواءٌ كانَ عَمْداً أو خَطَأً؛ للقاعِدَةِ الشَّرعِيَّةِ: مَن تَعَجَّلَ شَيْئاً قَبْلَ أَوانِهِ عُوقِبَ بحِرْمانِه, هذا في حَقِّ العَامِدِ، ومِن بابِ سَدِّ الذَّرائِعِ في حقِّ غَيْرِ العَامِدِ.
4- إذا رَدَّ المُوصَى له الوَصِيَّةَ بعدَ مَوْتِ المُوصِي، ولم يَقْبَلْها.
5- إذا تَلِفَتِ العَيْنُ المُوصَى بها.
الثالثةُ: الأَفْضَلُ أنْ تَكُونَ الوَصِيَّةُ للأقاربِ المُحتاجِينَ الذينَ لا يَرِثونَ المُوصِيَ؛ لأنهم أولى النَّاسِ ببِرِّه، ولِمَا جاءَ في مُسْنَدِ الإمامِ أَحْمَدَ عن أنَسٍ قالَ: جاءَ أبو طَلْحَةَ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ, إِنَّ اللَّهَ يقولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وإِنَّ أحَبَّ أموالي إلَيَّ ببَيْرحاءَ، وإنها صَدَقَةٌ للهِ، أرجو بِرَّها وذُخْرَها عندَ اللَّهِ تعالى، فضَعْها حيثُ أرَاكَ اللَّهُ. فقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: ((بَخٍ بَخٍ، ذَاكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَاكَ مَالٌ رَابِحٌ، أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ)). فقَسَّمَها أبو طَلْحَةَ في أقارِبِه وبني عَمِّه.
ولِمَا في الصحيحيْنِ من حديثِ زَيْنَبَ امرأةِ ابنِ مَسْعودٍ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قالَ: ((لَهَا أَجْرَانِ: أَجْرُ القَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ)).
الرابعةُ: قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السِّعْدِيُّ: تَجْرِي في الوَصِيَّةِ الأحكامُ الخَمْسَةُ:
1- تَجِبُ علَى مَن عَليهِ حَقٌّ بلا بَيِّنَةٍ.
2- تَحْرُمُ على مَن له وَارِثٌ، إذا وَصَّى بأَكْثَرَ مِن الثُّلثِ، أو وَصَّى لوَارِثٍ بشَيْءٍ ما لم تُجِزِ الوَرَثَةُ.
3- تُسَنُّ لمَن تَرَكَ خَيْراً كثيراً بالثُّلثِ فأقَلَّ في الطُّرقِالنافعةِ.
4- تُكْرَهُ لفَقيرٍ، وَارِثُه مُحتاجٌ.
5- تُباحُ للفَقيرِ إذا كانَ وَارِثُه غَنِيًّا، وقدْ تَقَدَّمَ هذا قَرِيباً.
* فَائِدَةٌ:
قالَ كُلٌّ مِن الشَّيْخِ عبدِ اللَّهِ أبابطين، والشيخِ حَمَدِ بنِ ناصِرِ بنِ مَعْمَرٍ، والشيخِ حَسَنِ بنِ حُسَيْنٍ، والشيخِ عَبْدِ العزيزِ بنِ حَسَنٍ:
إنَّ وَصِيَّةَ الرجُلِ لأُمِّه وأبيهِ وأُختِه ونحوِهم، بحجَّةٍ أو أُضْحِيَةٍ، وهم أحياءٌ، لا مَانِعَ منها؛ لأنَّ هذا مِن بابِ البِرِّ والإحسانِ إليهم بالثَّوابِ، وليسَ مِن الوَصِيَّةِ المَمْنوعَةِ شَرْعاً, التي يُقْصَدُ بها تَمْلِيكُ المُوصَى له، بحيثُ إِنَّ المُوصَى له يَتَصَرَّفُ فيها تَصَرُّفَ المُلاَّكِ بالبيعِ وغيرِه.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الوصايا, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir