دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > الجهاد والعتق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 08:27 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي كتاب الجهاد

كِتَـابُ الْجِهَــادِ
عن عبدِ اللهِ بن أبِي أوفَى رَضِيَ اللهُ عنهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ - فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ - انْتَظَرَ، حتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَاَمَ فِيهِمْ، فقالَ: ((يا أَيُّهَا النَّاسُ، لاَ تَتَمَنَّوا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ)) ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ((اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ، وَانصُرْنَا عَلَيْهِمْ)) .

  #2  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 05:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

كِتَابُ الجِهَادِ

الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةٍ
عنْ عبدِ اللَّهِ بن أبِي أوفَى رَضِيَ اللَّهُ عنهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ- انْتَظَرَ، حتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ، فقالَ: ((يا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ)) ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ، وَانصُرْنَا عَلَيْهِمْ)).

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: تَحَيُّنُ مناسبةِ وقتِ القتالِ.
الثَّانِيَةُ: كراهةُ تَمَنِّي القتالِ ومصادمةِ الأعداءِ.
الثَّالِثَةُ: سؤالُ اللَّهِ عافيةَ الدِّينِ والدُّنْيَا.
الرَّابِعَةُ: الصبرُ عندَ لقاءِ العدوِّ.
الْخَامِسَةُ: فضيلةُ الجهادِ، حيثُ إنَّهُ سَبَبٌ قريبٌ في دخولِ الجنَّةِ.
السَّادِسَةُ: الدُّعَاءُ بهذهِ الدعواتِ المُنَاسِبَاتِ.

  #3  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 05:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

كِتَابُ الجِهَادِ(225)
الحديثُ الثامنُ والتسعونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةٍ
398- وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ - انْتَظَرَ، حَتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَاَمَ فِيهِمْ، فَقَالَ:((يا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ)) ثمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((اللَّهُمَّ مُنزلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السِّحَابِ، وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ، وَانصُرْنَا عَلَيْهِمْ)) .(226)
___________________
(226) المعنى الإجماليُّ :
يَنْهَى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ عن تمنِّي لقاءِ العدوِّ؛ لِمَا فِي ذلكَ من العجبِ وَالغرورِ وَاحتقارِ الأعداءِ وَازدرائِهم، الذي هُوَ انتفاءٌ للحيطةِ وَالحزمِ المطلوبينِ .
وأمرَهم أنْ يسألُوا اللهَ تعالى العافيةَ، وهي السلامةُ من مكروهاتِ الدُّنْيَا وَالآخرةِ، ومنها لقاءُ الأعداءِ .
ثُم بيَّنَ أسبابَ النصرِ - إذا ابتُلُوا بِعَدُوِّهم - وهي الثباتُ وَالصبرُ وَتَحَرِّي القتالِ فِي أوقاتِ البردِ بعد الزوالِ، فإنَّهُ وقتُ هبوبِ الرياحِ وفي ذلك تَنْشَطُ الأجسامُ ويحينُ وقتُ النصرِ، وأنْ لا يَتَّكِلُوا عَلَى قُوَّتِهم وَعِدَّتِهم، بل يسألُوا اللهَ تعالى العونَ وَالنصرَ وخَذْلَ الأعداءِ .
ثُم ذَكرَ دعاءً مناسِبًا لذلكَ الموطنِ، فَتَوَسَّلَ إِلَى اللهِ تعالى بكونِهِ مُنْزِلَ الكتابِ الذي سنَّ القتالَ؛ لإظهارِ شعائرِهِ وأحكامِهِ، وَهُوَ توسُّلٌ بنِعَمِ الدِّينِ، وإجرائِهِ السحابَ الذي هُوَ نعمةُ الدُّنْيَا فيها، شاملًا بهِ لِنِعَمِ الدُّنْيَا وَالآخرةِ، وكما أنعمتَ بنصرِنَا وَهَزْمِ أعدائِنا يومَ الأحزابِ، فانصرْنَا، فنحنُ نُقَاتِلُ اليومَ عَلَى ما نُقاتِلُ عليه فِي ذلكَ اليومِ، فاهزمْهُمْ وَانصرْنَا عليهمْ .
فهذهِ أسبابُ النصرِ - ببيانِ الوقتِ المناسبِ، وَالدعاءِ المناسبِ، ودفعُ الشرِّ، بتركِهِ وَالصبرِ عِنْدَ حلولِهِ ـ أرشدَ إليها القائدُ الأعظمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم بَيَّنَ فضيلةً من فضائلِ الجهادِ، وهي أنَّهُ من أقربِ الأسبابِ لدخولِ الجنةِ؛ لأنَّه إرخاصٌ للنفسِ وَالنفيسِ فِي سبيلِ اللهِ تعالى.
مَا يُسْتَفَادُ مِنَ الحَدِيثِ :
1- تحيُّنُ مناسبةِ الوقتِ للقتالِ .
والْأَوْلَى أنْ يكونَ فِي أَوَّلِ النهارِ، فإنْ لم يمكنْ، فبعدَ الزوالِ، كما جاءَ فِي حديثٍ آخَرَ ((كان إذا لم يُقَاتِلْ أوَّلَ النهارِ انتظرَ حتى تَهُبَّ الرياحُ وتَحْضُرَ الصلاةُ )) .
2- كراهةُ تَمنِّي القتالِ ومصادمةِ الأعداءِ؛ لأنَّ المتمنِّيَ ما يدري ما عاقبةُ الأمرِ، وأيضًا دليلُ الغرورِ وَالعُجبِ، وَهُوَ عنوانُ الخِذْلَانِ، ودليلُ احتقارِ العدوِّ وَهُوَ عُنْوَانُ قِلَّةِ الحزمِ وَالاحتياطِ .
3- سؤالُ العافيةِ، وهي شاملةٌ لعافيةِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالأبدانِ .
4- الصبرُ عِنْدَ لقاءِ العدوِّ؛ لأنَّه السببُ الأكبرُ فِي الظفَرِ وَالانتصارِ .
5- فضيلةُ الجهادِ، وأَنَّه سببٌ قريبٌ فِي دخولِ الجنةِ .
وفي قولِهِ :[ظلالِ السيوفِ] إشارةٌ إِلَى الإقدامِ وَالدُنُّوِّ من العدوِّ، حتى تظلِّلَهُ سيوفُهم ولا يُوَلِّيَ عنهم .قال القرطبيُّ : هُوَ من الكلامِ النفيسِ الجامعِ الموجَزِ المشتملِ عَلَى ضروبٍ من المبالغةِ مَعَ الوجازةِ وعذوبةِ اللفظِ .
6- الدعاءُ بهَذِه الدعواتِ المناسباتِ، عِنْدَ لقاءِ الأعداءِ، كما كَانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعلُهُ .

  #4  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 05:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

كتابُ الجهادِ
405 - الحديثُ الأوَّلُ: عن عبدِ اللهِ بنِ أبِي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عنهُ: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-في بعضِ أيَّامِه الَّتي لَقِيَ فيها العدوَّ- انتظرَ، حتى إذا مالَت الشَّمسُ قامَ فيهمْ، فقالَ: ((أيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ. وَاسْـأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْـبِرُوا. وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ)). ثم قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((اللَّهُمَّ مُنَزِّلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ: اهْزِمْهُمْ، وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ)).
فيهِ دليلٌ على استحبابِ القتالِ بعدَ زوالِ الشَّمسِ. وقد وَرَدَ فيهِ حديثٌ أَصْرَحُ من هذا، أو أثرٌ عن بعضِ الصَّحابةِ. ولمَّا كانَ لقاءُ الموتِ من أشقِّ الأشياءِ وأصعبِهَا على النُّفوسِ من وجوهٍ كثيرةٍ، وكانَت الأمورُ الْمُقَدَّرَةُ عِنْدَ النَّفسِ ليسَتْ كالأمورِ الْمُحَقَّقَةِ لهَا: خُشِيَ أن لا تكونَ عِنْدَ التَّحقيقِ كمَا ينبغِى. فَكُرِهَ تَمَنِّي لقاءِ العدوِّ لذلكَ، ولمَا فيهِ -إن وقعَ- من احتمالِ الْمُخَالَفَةِ لمَا وَعَدَ الإنسانُ من نفسِهِ. ثم أَمَرَ بالصَّبرِِ عِنْدَ وقوعِ الحقيقةِ. وقد وَرَدَ النَّهْيُ عن تمنِّي الموتِ مُطْلَقًا لِضُرٍّ نزلَ. وفى حديثٍ ((لَا تَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ. فَإِنَّ هَوْلَ الْمَطْلَعِ شَدِيدٌ)) وفى الجهادِ زيادةٌ على مُطْلَقِ الموتِ.
وقولـُهُ عليهِ السَّلامُ ((وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ)) من بابِ المبالغةِ والْمَجَازِ الحسنِ. فإن ظلَّ الشَّيءِ لمَّا كانَ مُلَازِمًا لـهُ، جُعِلَ ثوابُ الجنَّةِ واسْتِحْقَاقُهَا عن الجهادِ وإعمالِ السُّيوفِ لازمًا لذلكَ، كمَا يلزمُ الظِّلُّ.
وهذا الدُّعاءُ: لعلَّه أشارَ إلى ثلاثةِ أسبابٍ تُطْلَبُ بها الإجابةُ:
أحدُهَا: طَلَبُ النَّصرِ بالكتابِ الْمُنَزَّلِ. وعليه يَدُلُّ قولـُهُ عليهِ السَّلامُ: ((مُنَزِّلَ الْكِتَابَ)) كأنَّه قالَ: كمَا أنزلْتَه، فَانْصُرْهُ وأَعْلِهِ. وأشارَ إلى القدرةِ بقولـِهِ ((وَمُجْرِيَ السَّحَابِ)) وأشارَ إلى أمريْنِ: أحدُهُما: بقولـِهِ: ((وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ)) إلى التَّفَرُّدِ بالفعلِ، وتجريدِ التَّوكُّلِ، واطِّرَاحِ الأسبابِ، واعتقادِ أنَّ اللهَ وحدَهُ هوَ الفاعلُ. والثَّانِي: التَّوسُّلُ بالنِّعمةِ السَّابقةِ إلى النِّعمةِ اللاحقةِ. وقد ضَمَّنَ الشُّعراءُ هذا المعنَى أشعارَهم، بعدمَا أشارَ إليهِ كتابُ اللهِ تعالَى، حكايةً عن زكريَّا عليهِ السَّلامُ في قولـِهِ (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) (19: 4) وعن إبراهيمَ عليهِ السَّلامُ في قولـِهِ (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) (19: 47) وقالَ الشَّاعرُ:
كمَا أحسـنَ اللهُ فيمَا مضَى = كذلكَ يُحْسِنُ فيمَا بقِي
وقالَ الآخَرُ:
لا، والَّذي قد مَنَّ بالإسلامِ = يَثْلُجُ في فــؤادِي
مَا كانَ يَخْتِـمُ بالإسـاءةِ = وهوَ بالإحسانِ بَادِي

  #5  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 05:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

......................

  #6  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 03:33 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

: بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله . قال المؤلف رحمنا الله تعالى وإياه:
كتاب الجهاد
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيه العدو انتظر حتى إذا مالت الشمس قام فيهم ، فقال: ((يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو ، واسألوا الله العافية ، فإذا لقيتموه فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلالِ السيوفِ)) . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:((اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم))
عن سهل بن سعد رضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ، وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها ، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها)) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((انتدب الله - ولمسلم: تضمن الله - لمن خرج في سبيله , لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي ، وإيمان بي ، وتصديق برسلي ، فهو علي ضامن أن أدخله الجنة ، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة)) . ولمسلم: ((مثل المجاهد في سبيل الله ، والله أعلم بمن جاهد في سبيله، كمثل الصائم القائم ، وتوكل الله للمجاهد في سبيل الله إن توفى أن يدخله الجنة ، أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة)).


الشيخ: بسم الله والحمد لله , والصلاة والسلام على محمد .
هذه الأحاديث تتعلَّق بالجهادِ. وقد عرفنا أن الجهاد مشتق من الجهد ، الذي هو بذل الوسع ، وأقصى ما في الإمكان ، وأن المرادَ به قتال الكفار ، وأن قتالهم يكون لأجل كفرهم ، ولأجل عنادهم ، وذكرنا مراتب القتال ، ومراتب فرضيته ، إلى أن أنزل الله الآية التي تسمَّى آية السيف في سورة التوبة: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} ونحوها من الآيات .
والنبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمتِهِ الجهاد والقتال ، وعمم فكان يقاتل كل من بلغته الدعوة , ولكنه لا يقاتلهم إلا بعد أن يدعوهم ، وكان يأمر مَن بعثه للقتال أن يبدأ بالدعوةِ, ففي حديث بريدة قال: إنه صلى الله عليه وسلم كان يقول لكل أمير: ((إذا لقيت عدوكَ من المشركينَ فادعهم إلى ثلاث خصال: ادعهم إلى الإسلامِ, فإن أبوا فاسألهم الجزية ، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلْهم)) . هذه هي الثلاث: إما أن تسلموا وإما أن تبذلوا الجزية ، وإما أن تستعدوا للقتال ، لا يبدأ بالقتال أولا ، إلا إذا عرف أن الدعوة قد بلغتهم ، وأنهم أصروا وعاندوا ، فحينئذ يقاتلهم .
ثم إن بعض المعاصرينَ ظنوا أو رجحوا أن القتال لا يكون إلا دفاعا , وأن المسلمين لا يقاتلون الكفارَ إلا لدفع شرهم ، وهذا ظن خاطىء , بل الكفار يقاتلون لكفرهم ، فماداموا كفارا فإنا نقاتلهم إلى أن يبذلوا الجزية ، أو يسلموا ؛ لقول الله تعالى: {قاتلوا الذين يلونكم من الكفار} , {جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم} , {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} , والآيات كثيرة ، فيها أن الله أمر بقتالِ المشركين عموما لشركهم ولكفرِهِمْ ، وسمى كفرهم فتنة وقال: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} .

هذه هو شرعيَّة القتال ، لم يكن قتال الكفار لأجل الولايةِ ، ولا لأجل السيطرة ، ولا لأجل الانتقامِ منهم ، ولا لأجل التولي على أموالهِم ، ولا على نسائهم وأولادهم استعبادا واسترقاقا ، ولكن قتالهم لأجلِ أن يدخلوا في الإسلامِ ، قتالهم لأجلِ أن يذل الكفر وأهله ، وأن ينتصر الإسلام وأهله ، هذا هو السبب في قتالهم ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قاتل لتكون كلمةُ الله هي العليا فهو في سبيل اللهِ)) , فهكذا كان المسلمون من عهدِ الصحابةِرضي الله عنهم مع نبيهم, يقاتلونَ لأجل إعلاء كلمة الله ، ولأجل إذلال الكفر وكلمة الكفر ، أن تكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة الذين كفروا السفلى . فإذا وجد هذا القتال فإنه قتال في سبيل الله ، أمَّا القتالُ لأجلِ الولاية ولأجل السلطة ولأجل السيطرة ...

الوجـه الثانـي
... فإنه قتال في سبيل الله ، أما القتال لأجل الولاية ولأجل السلطة ولأجل السيطرة ، ولأجل التغلب على مَن اعتدى عليه ، فإن مثل هؤلاءِ لا يبالون بمن قاتلوا ، يقاتلون المسلمين ، ويقاتلون الكفارَ ، ويقاتلونَ النصارى ، وليس لهم رغبة في نصر الإسلامِ ، وإنما رغبتهم أن يكونَ لهم سلطة ، وأن يكون لهم ولاية ، وأن تعمَّ ولايتهم وتكبر دولتهم ، وهذا ليس قتالا في سبيل الله ، ولا يشجع أهله ، بل يقال لهم: أخلصوا نيتكم ، وقاتلوا من كفر باللهِ ، لا تقاتلون من آمن بالله ، إنما تقاتلون الكفار لأجل كفرهم أيا كان نوع الكفر .
ثم الحديث الأوَّل عندنا حديث عبد الله بن أبي أوفى , فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أيَّامِهِ التي لقي فيها العدو انتظر حتى زالتْ الشمس , هذه الفقرة الأولى فيها أنه صلى الله عليه وسلَّم كان يحب أن يكون القتال في آخر النهارِ ، وذلك إذا هبَّت الرياح ، وخفَّت الحرارة ، ونزل النصر , هكذا كان يحب أن يكون ابتداءُ القتالِ بعد زوالِ الشمسِ .
في هذا الحديث أنه أخر بدء القتال حتى زالتْ الشمسُ ، وقبل أن تزول أو قرب زوالها خطب أصحابَه بهذه الخطبة ، وذكر فيها هذه الجمل ، أولها قوله: ((لا تتمنوا لقاء العدو)) ؛ وذلك لأنَّكمْ لا تثقونَ منْ أنفسكم بالقوة ، ولا بالصلابَةِ ، فقد تتمنون لقاء العدو فتفشلون ، وتذهب ريحكم ، وتتنازعون ، ويحصل بينكم خللٌ ، فينتقم أو ينتصر العدو عليكم ، فلا تتمنوا لقاء العدوِ؛ وذلك لأنه فتنة وضرر ، هذه هي الجملةُ الأولى .
أما الجملةُ الثانية فهي قوله: ((وإذا لقيتموهم فاصبروا)). وصية بالصبر . وقد أوصى الله تعالى به , قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاصبروا} فئة: يعني طائفة من المشركين ، فاثبتوا واصبروا ، ثُمَّ الصبر: الاستعداد والتأهب وأخذ الحذرِ ولقاء ومقابلة العدو بقوة وبشجاعةٍ ، الاستعدادُ للقتال بكل ما أوتي الإنسان من قوة , فقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكرو الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} كل هذا توجيه من الله لمقابلةِ العدو , كيف يكون ؟أولا الثبات وهو الصبر {فاثبتوا} {واصبروا} مثل قوله: {اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله} , كذلك في هذا الحديث: ((إذا لقيتموهم فاصبروا)) .

أما الجملة الثالثة قوله: ((واعلموا أن الجنة تحت ظلالِ السيوفِ)) . قال ذلك ؛ ترغيبا لهم في الصبرِ تحتَ أشعة السيوف ، وكان القتال في ذلك الزمان غالبا بالسيفِ ، إذا تقابلوا فإنهم يسلون سيوفهم ، ثم يتقابلون مع عدوهم ، قال الله تعالى: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهمْ فشدوا الوثاق} , ضرب الرقاب يعني بالسيف , بالسيوف ، فهكذا كانوا يسلون السيوف ،ويكون لها شعاع ، ويكون لها أيضًا ظلال ، والذين يقاتلوا هذا في ظل سيف هذا , وهذا في ظل سيف هذا ، فكأنه يقول: ما دمتم في حومة الوغى ، وما دمتم في هذه المعركة ، وما دمتم مقابلين لهؤلاء العدو ، فإنكم تمثلون أنفسكم أنكم قد تبوأتم ما أنزل من الجنة ، فالجنة تحت أقدامكم ، أنتم في ظلها ، الجنة تحت ظلال السيوف ؛ ترغيب لهم في الصبر والثبات على القتال .

أما دعاؤه في هذا الحديث فإنه دعاءٌ بالنصر ، ودعاء بالثباتِ ، توسل إلى الله تعالى بهذه الصفات ، ثم سأَلَه ما قصده , توسل بقوله: ((اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وزلزلهم وانصرنا عليهمْ)) . وكان إذا دعا بهذا الدعاء رُجي قبوله ، ورؤي أثره ، فيسن أيضا لمن تقابل مع القتال ووقف بالجبهات أن يبدأَ بهذا الدعاء: ((اللهم منزل الكتاب))يعني الكتب , أي جنس الكتب وأشرفها , أو آخر ما نزل هو هذا الكتاب المنزل على محمد صلَّى الله عليه وسلم القرآن الكريم . ((مجري السحاب)) يعني مسير هذا السحاب ، فإنه آية من آيات الله , هو الذي يرسل هذا السحاب ، هو الذي ينشؤه ، وهو الذي يجريه ويسيره كما يشاء، وهو من آياته العجيبة في خلقه . ((مجري السحاب ، هازم الأحزاب)) الأحزاب هم المتحزبون ضدَّ الإسلام ، الذين يتحزبون ويجتمعون ليقاتلوا المسلمين ، فالله تعالى هو الذي يهزمهم كما هزم الأحزاب ، أو زلزلهم في قصة .. وقعة الأحزاب في قوله تعالى: {فأرسلنا عليه ريحا وجنودا لم تروها} .

والحاصل أنَّ هذا فيه الأمر بالصبر ، وفيه الأمر بالدعاءِ أو شرعية وسنة الدعاء في مقابلة العدو ، فإذا دعا المسلم بمثل هذا وهو صادق رجي بذلك أن يستجيب الله دعوته ، وأن يهزم العدو ، وأن يمكن المسلمون من رقابهم ، وأن يسير المسلمون في آثارهم حتى يتمكنوا من الاستيلاء عليهم .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجهاد, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir