20/581 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ, فَقَالَ لَهَا: ((أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟)). قَالَتْ: لا. قَالَ: ((أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ القِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟))؛ فَأَلْقَتْهُمَا. رَوَاهُ الثَّلاثَةُ، وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
(وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ امْرَأَةً) هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ (أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ) بِفَتْحِ المِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ المُهْمَلَةِ، الوَاحِدَةُ مَسَكَةٌ وَهِيَ الأَسْوِرَةُ وَالخَلاخِيلُ (مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهَا: أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذِهِ؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ القِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ فَأَلْقَتْهُمَا. رَوَاهُ الثَّلاثَةُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ وَهُوَ ثِقَةٌ, فَقَوْلُ التِّرْمِذِيِّ: إنَّهُ لا يُعْرَفُ إلاَّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ. غَيْرُ صَحِيحٍ, (وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ).
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ, وَلَفْظُهُ: أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِي يَدِهَا فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ فَقَالَ: ((مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟)) فَقَالَتْ: صُغْتُهُنَّ لِأَتَزَيَّنَ لَك بِهِنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: ((أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟)) قَالَتْ: لا. قَالَ: ((هُنَّ حَسْبُكِ مِن النَّارِ)).
قَالَ الحَاكِمُ:إسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
وَالحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الحِلْيَةِ,وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لا نِصَابَ لَهَا؛ لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَزْكِيَةِ هَذِهِ المَذْكُورَةِ وَلا تَكُونُ خَمْسَ أَوَاقٍ فِي الأَغْلَبِ، وَفِي المَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
الأَوَّلُ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ, وَهُوَ مَذْهَبُ الهَادَوِيَّةِ وَجَمَاعَةٍ مِن السَّلَفِ وَأَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ؛عَمَلاً بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ.
وَالثَّانِي: لا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الحِلْيَةِ, وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ لِآثَارٍ وَرَدَتْ عَن السَّلَفِ قَاضِيَةٍ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا فِي الحِلْيَةِ, وَلَكِنْ بَعْدَ صِحَّةِ الحَدِيثِ لا أَثَرَ لِلْآثَارِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ زَكَاةَ الحِلْيَةِ عَارِيَّتُهَا؛ لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ.
الرَّابِعُ: أَنَّهَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ مَرَّةً وَاحِدَةً, رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ.
وَأَظْهَرُ الأَقْوَالِ دَلِيلاً وُجُوبُهَا؛ لِصِحَّةِ الحَدِيثِ وَقُوَّتِهِ, وَأَمَّا نِصَابُهَا فَعِنْدَ المُوجِبِينَ نِصَابُ النَّقْدَيْنِ، وَظَاهِرُ حَدِيثِهَا الإِطْلاقُ وَكَأَنَّهُمْ قَيَّدُوهُ بِأَحَادِيثِ النَّقْدَيْنِ, وَيُقَوِّي الوُجُوبَ قَوْلُهُ:
21/582 - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا, أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُ أَوْضَاحاً مِنْ ذَهَبٍ, فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَنْزٌ هُوَ؟ قَالَ: ((إذَا أَدَّيْتِ زَكَاتَهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.
(وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُ أَوْضَاحاً) فِي النِّهَايَةِ: هِيَ نَوْعٌ مِن الحُلِيِّ يُعْمَلُ مِن الفِضَّةِ؛ سُمِّيَتْ بِهَا لِبَيَاضِهَا، وَاحِدُهَا وَضَحٌ. انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: (مِنْ ذَهَبٍ) يَدُلُّ أَنَّهَا تُسَمَّى إذَا كَانَتْ مِن الذَّهَبِ أَوْضَاحاً (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَكَنْزٌ هُوَ؟) أَيْ: فَيَدْخُلَ تَحْتَ آيَةِ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ} الآيَةَ. (قَالَ: إذَا أَدَّيْتِ زَكَاتَهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيُّوَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ).
فِيهِ دَلِيلٌ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ الحِلْيَةِ, وَأَنَّ كُلَّ مَالٍ أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ؛فَلا يَشْمَلُهُ الوَعِيدُ فِي الآيَةِ.