دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الزكاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 محرم 1430هـ/10-01-2009م, 07:23 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي كتاب الزكاة (15/17) [حكم الحلي المعد للاستعمال]


وعن عمرِو بنِ شُعيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه؛ أنَّ امرأةً أَتَتِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ومعها ابنةٌ لها، وفي يدِ ابنتِها مِسْكَتَانِ مِن ذَهَبٍ، فقالَ لها: ((أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟)). قالَتْ: لا. قالَ: ((أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟)). فأَلْقَتْهُمَا. رواهُ الثلاثةُ، وإسنادُهُ قَوِيٌّ.
وصَحَّحَهُ الحاكمُ: مِن حديثِ عائشةَ.
وعن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها؛ أنها كَانَتْ تَلْبَسُ أَوضاحًا مِن ذَهَبٍ فقالَتْ: يَا رسولَ اللَّهِ! أَكَنْزٌ هو؟ [فـ] قالَ: ((إِذَا أَدِّيتِ زَكَاتَهُ فلَيْسَ بِكَنْزٍ)). رواهُ أبو دَاوُدَ والدارَقُطْنِيُّ، وصَحَّحَهُ الحاكمُ.

  #2  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 10:24 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


20/581 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ, فَقَالَ لَهَا: ((أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟)). قَالَتْ: لا. قَالَ: ((أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ القِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟))؛ فَأَلْقَتْهُمَا. رَوَاهُ الثَّلاثَةُ، وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
(وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ امْرَأَةً) هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ (أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ) بِفَتْحِ المِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ المُهْمَلَةِ، الوَاحِدَةُ مَسَكَةٌ وَهِيَ الأَسْوِرَةُ وَالخَلاخِيلُ (مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهَا: أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذِهِ؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ القِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ فَأَلْقَتْهُمَا. رَوَاهُ الثَّلاثَةُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ) وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ وَهُوَ ثِقَةٌ, فَقَوْلُ التِّرْمِذِيِّ: إنَّهُ لا يُعْرَفُ إلاَّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ. غَيْرُ صَحِيحٍ, (وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ).
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ, وَلَفْظُهُ: أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِي يَدِهَا فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ فَقَالَ: ((مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟)) فَقَالَتْ: صُغْتُهُنَّ لِأَتَزَيَّنَ لَك بِهِنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: ((أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟)) قَالَتْ: لا. قَالَ: ((هُنَّ حَسْبُكِ مِن النَّارِ)).
قَالَ الحَاكِمُ:إسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
وَالحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الحِلْيَةِ,وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لا نِصَابَ لَهَا؛ لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَزْكِيَةِ هَذِهِ المَذْكُورَةِ وَلا تَكُونُ خَمْسَ أَوَاقٍ فِي الأَغْلَبِ، وَفِي المَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
الأَوَّلُ: وُجُوبُ الزَّكَاةِ, وَهُوَ مَذْهَبُ الهَادَوِيَّةِ وَجَمَاعَةٍ مِن السَّلَفِ وَأَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ؛عَمَلاً بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ.
وَالثَّانِي: لا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الحِلْيَةِ, وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ لِآثَارٍ وَرَدَتْ عَن السَّلَفِ قَاضِيَةٍ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا فِي الحِلْيَةِ, وَلَكِنْ بَعْدَ صِحَّةِ الحَدِيثِ لا أَثَرَ لِلْآثَارِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ زَكَاةَ الحِلْيَةِ عَارِيَّتُهَا؛ لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ.
الرَّابِعُ: أَنَّهَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ مَرَّةً وَاحِدَةً, رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ.
وَأَظْهَرُ الأَقْوَالِ دَلِيلاً وُجُوبُهَا؛ لِصِحَّةِ الحَدِيثِ وَقُوَّتِهِ, وَأَمَّا نِصَابُهَا فَعِنْدَ المُوجِبِينَ نِصَابُ النَّقْدَيْنِ، وَظَاهِرُ حَدِيثِهَا الإِطْلاقُ وَكَأَنَّهُمْ قَيَّدُوهُ بِأَحَادِيثِ النَّقْدَيْنِ, وَيُقَوِّي الوُجُوبَ قَوْلُهُ:


21/582 - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا, أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُ أَوْضَاحاً مِنْ ذَهَبٍ, فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَنْزٌ هُوَ؟ قَالَ: ((إذَا أَدَّيْتِ زَكَاتَهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.
(وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُ أَوْضَاحاً) فِي النِّهَايَةِ: هِيَ نَوْعٌ مِن الحُلِيِّ يُعْمَلُ مِن الفِضَّةِ؛ سُمِّيَتْ بِهَا لِبَيَاضِهَا، وَاحِدُهَا وَضَحٌ. انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: (مِنْ ذَهَبٍ) يَدُلُّ أَنَّهَا تُسَمَّى إذَا كَانَتْ مِن الذَّهَبِ أَوْضَاحاً (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَكَنْزٌ هُوَ؟) أَيْ: فَيَدْخُلَ تَحْتَ آيَةِ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ} الآيَةَ. (قَالَ: إذَا أَدَّيْتِ زَكَاتَهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارَقُطْنِيُّوَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ).
فِيهِ دَلِيلٌ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ الحِلْيَةِ, وَأَنَّ كُلَّ مَالٍ أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ؛فَلا يَشْمَلُهُ الوَعِيدُ فِي الآيَةِ.

  #3  
قديم 15 محرم 1430هـ/11-01-2009م, 10:25 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


511- وعن عمرِو بنِ شُعيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه؛ أنَّ امرأةً أَتَتِ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ومعها ابنةٌ لها، وفي يدِ ابنتِها مِسْكَتَانِ مِن ذَهَبٍ، فقالَ لها: ((أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟)) قالَتْ: لا. قالَ: ((أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟)) فأَلْقَتْهُمَا. رواه الثلاثةُ وإسنادُه قَوِيٌّ.
وصَحَّحَهُ الحاكمُ: مِن حديثِ عائشةَ.
مفرداتُ الحديثِ:
- امرأةٌ: هي: أسماءُ بنتُ يزيدَ بنِ السكَنِ، الأنصاريَّةُ الأوسيَّةُ الأشهليَّةُ.
- مَسْكَتَانِ: - بفْتَحِ الميمِ وسكونِ السينِ المهمَلَةِ- تَثنيةُ: مَسْكَةٍ، وهما سِوارانِ، والْمَسْكَةُ السِّوارُ؛ سواءٌ كان مِن فِضَّةٍ أو ذَهَبٍ.
- أيَسُرُّكِ: الهمزةُ للاستفهامِ، والفعْلُ مُضارِعٌ مِن: السرورِ، والخاطِبُ للتأنيثِ، أيْ: أيُعْجِبُكِ.
- أنْ يُسَوِّرَكِ: أنْ يَجْعَلَ لكِ سِوارًا مِن نارٍ يومَ القِيامةِ.
- فأَلْقَتْهُمَا: طَرَحَتْهُمَا في الأرْضِ.
* * *
512- وعن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها؛ أنها كَانَتْ تَلْبَسُ أَوضاحًا مِن ذَهَبٍ فقالَتْ: يا رسول اللهِ! أَكَنْزٌ هو؟ قالَ: ((إِذَا أَدِّيْتِ زَكَاتَهُ فلَيْسَ بِكَنْزٍ)). رواه أبو داودَ والدارَقُطْنِيُّ وصَحَّحَهُ الحاكمُ.
درجةُ الحديثِ:
هذانِ الحديثانِ وما جاءَ في بابِهما في زكاةِ الْحُلِيِّ، اختَلَفَ الْمُحَدِّثُونَ والفقهاءُ في صِحَّةِ أحاديثِ المسألةِ: فأَيَّدَها قومٌ، وضَعَّفَها آخرونَ فرَأيتُ أنْ أُرْجِئَ البحْثَ في قَبولِ هذينِ الحديثينِ إلى بحْثِ اختلافِ العُلماءِ، وهناك إنْ شاءَ اللهُ تعالى سنُعْطِي الموضوعَ حقَّهُ مِن البحْثِ والتحقيقِ.
مفرداتُ الحديثِ:
- أوْضَاحًا: واحدُها: وَضَحٌ، سُمِّيَتْ بذلك؛ لوَضْحِها ولَمَعَانِها، وهو نوعٌ مِن الْحُلِيِّ يُعْمَلُ مِن الفِضَّةِ، سُمِّيَ أوْضَاحًا لبَياضِها، ويكونُ أَسَاوِرَةً في اليدينِ، وخَلاخِلَ في الرِّجلينِ.
- أَكَنْزٌ هو؟: الهمزةُ للاستفهامِ الإخباريِّ؛ أيْ: أهذَا داخِلٌ في وَعيدِ الكَنْزِ المذكورِ في الآيةِ؟، فكانَ الظاهرُ أنْ يكونَ الجوابُ بنَعمَ، أو لا، لكنَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عَرَّفَ الكنْزَ بما هو معروفٌ مِن أنه ما جُمِعَ مِن النَّقدينِ حتى بَلَغَ نِصابًا، ولم تُؤَدَّ زكاتُه، فانظُرِي إنْ كان كذلك فهو كَنْزٌ، وإن تَزَيَّنَتْ به كما شَرَعَه اللهُ، وأباحَه للنساءِ، فليس بكَنْزٍ.
قالَ الراغبُ: أصْلُ الكَنْزِ مِن: كَنَزْتُ الثمَرَ في الوِعاءِ، فهو جَعْلُ المالِ بعضَه على بعضٍ، وحِفْظُه.
قالَ القُرطبيُّ: الكَنْزُ أصْلُه في اللغةِ: الضمُّ والجمْعُ.
ما يُؤْخَذُ مِن الحديثينِ:
يَدُلُّ الحديثانِ على وُجوبِ الزكاةِ في الْحُلِيِّ الْمُعَدِّ للاستعمالِ؛ سواءٌ كانَ قليلاً أو كثيرًا؛ لأنَّ الْمَسكتينِ مِن الذهَبِ والأوضاحَ مِن الفِضَّةِ، لا تَبلغانِ نِصَابَي زكاةِ النقدينِ، والمسألةُ خِلافيَّةٌ، وهذا بَسْطُ الْخِلافِ فيها:
أَجْمَعَ العلماءُ على وُجوبِ الزكاةِ في الذهَبِ والفِضَّةِ؛ سواءٌ كان نُقوداً، أو حُلِيًّا، أو تِبْرًا، أو غيرَ ذلك، ما لم يكنْ حُلِيًّا مُعَدًّا للاستعمالِ أو العَرِيَّةِ.
واختلَفوا في حُلِيِّ الذهَبِ والفِضَّةِ إذا أُعِدَّ للاستعمالِ أو العاريةِ: فذهَبَ إلى وُجوبِ الزكاةِ فيه الإمامُ أبو حَنيفةَ وأَتْبَاعُهُ.
وصَحَّ عن عدَدٍ مِن التابعينَ، منهم عطاءٌ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، ومجاهِدٌ، والنَّخَعِيُّ.
وذهَبَ إلى عدَمِ وجوبِ الزكاةِ فيه جُمهورُ العلماءِ: مِن الصحابةِ, والتابعينَ, والأئمَّةِ وأتباعِهم.
فمِمَّنْ صَرَّحَ بعَدَمِ الوُجوبِ مِن الصحابةِ: ابنُ عمَرَ، وأَنَسٌ، وجابِرُ بنُ عبدِ اللهِ، وعائشةُ، وأسماءُ بنتُ أبي بكْرٍ، وباقي الصحابةِ لم يُرْوَ عنهم القولُ به، ومنهم الخلفاءُ الراشدونَ الذينَ تَوَلَّوْا جِبايةَ زكاةِ المسلمينَ، أمَّا التابعونَ فمِنهم سعيدُ بنُ المسَيِّبِ، والحسَنُ البصريُّ، وقَتادةُ، وطاوُسٌ، وعَمرةُ بنتُ سعدٍ الأنصاريَّةُ. كما هو مَذهَبُ الأئمَّةِ الثلاثةِ وأتباعِهم مِن جُلَّةِ عُلماءِ المسلمينَ.
أدِلَّةُ الْمُوجِبِينَ:
اسْتَدَلَّ الموجبونَ: بقولِه تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ} [التوبة: 34].
وبما في (صحيحِ مسلِمٍ) (987) عن أبي هُريرةَ؛ أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قالَ: ((مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ، لاَ يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِن النَّارِ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَبِينُهُ وَظَهْرُهُ...)) الحديثُ.
فعُمومُ الآيةِ والحديثِ شامِلٌ لجميعِ أنواعِ الذهَبِ والفِضَّةِ، ومنه حُلِيُّ الاستعمالِ والإِعَارَةِ.
كما اسْتَدَلُّوا بحدِيثَيِ البابِ، وهما حديثُ عمرِو بنِ شُعيبٍ، وحديثُ أمِّ سلمةَ، فهما نَصٌّ في المسألةِ.
الجوابُ الأوَّلُ: عن هذه الأَدِلَّةِ:
الآيةُ عامَّةٌ في كلِّ ذَهَبٍ وفِضَّةٍ، قليلاً كان أو كثيراً، نُقوداً كان أو غيرَه، كما أنَّ الحديثَ عامٌّ في قليلِ الذهَبِ والفِضَّةِ وكثيرِه، وفي الماشيةِ القليلةِ والكثيرةِ، السائِمَةِ والمعلوفَةِ، ولهذا العمومِ أدِلَّةٌ تُخَصِّصُ معناهُ، وتُقَيِّدُ إطلاقَه، وإلاَّ فلو أخَذْنَا بهذا العمومِ، لزَكَّيْنَا مِن هذه الأموالِ قَلِيلَها وكثيرَها، سائمتَها ومَعلوفتَها، كما أننا لو أَخَذْنا بعمومِ زكاةِ الخارجِ مِن الأرضِ، لزَكَّيْنَا القليلَ والكثيرَ، ولزَكَّيْنَا مع الحبوبِ والثمارِ الفواكِهَ والبُقُولَ والخضرواتِ، ولكنَّ الأحاديثَ الأُخَرَ خَصَّصَتْ هذه العموماتِ، وبَيَّنَت المرادَ مِن هذه المعلوماتِ.
فمُخَصَّصَاتُ عُمومِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ بنِصابٍ مُعَيَّنٍ قولُه عليه الصلاةُ والسلامُ: ((لَيْسَ فِيمَا أَقَلُّ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالاً مِنَ الذَّهَبِ، وَلاَ فِيمَا أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ صَدَقَةٌ))، وقالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عن الإِبِلِ: ((فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ صَدَقَةٌ)) رواه النَّسائيُّ (2476)، وابنُ ماجهْ (1799).
وقالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عن البقَرِ: ((فِي كُلِّ ثَلاَثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ)) رواه التِّرمذيُّ (622).
وقالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عن الغَنَمِ: ((إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ)) رواه البُخاريُّ (1362).
فهذه الأحاديثُ خَصَّصَت عمومَ حديثِ
أبي هُريرةَ في الصحيحينِ في زكاةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ والماشيةِ.
وقالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عن الخارِجِ مِن الأَرْضِ: ((لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ، صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فِي حَبٍّ صَدَقَةٌ)) رواه مسلِمٌ (979).
فهذه الأحاديثُ وأمثالُها خَصَّصَت العموماتِ، وقَيَّدَتْهَا بقَدْرِ النِّصابِ، وقَدْرِ الْمُخْرَجِ.
وهناك أحاديثُ أُخَرُ خَصَّصَتْ تلك العُموماتِ بصِفَاتِها وقَيَّدَتْهَا، وبَيَّنَتْ مُجْمَلَها؛ وذلك مِثْلُ قولِه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: ((فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٌ فِي كِلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ)) رواه البخاريُّ (1386).
وقالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: ((فِيمَا سَقَت السَّمَاءُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ)). رواه البخاريُّ (1388).
وحديثُ: ((لاَ تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ، إِلاَّ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ)).
وحديثُ: "فَأَمَّا الْقِثَّاءُ والبِطِّيخُ والرمَّانُ والْقَصَبُ، فقد عفا عنه رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-".
فهذه كلُّها مُخَصِّصَاتٌ لعُموماتِ الذهَبِ والفِضَّةِ، وبَهيمةِ الأنعامِ، والخارِجِ مِن الأرْضِ، ومُقَيِّدَةٌ لِمُطْلَقِهِ، ومُبَيِّنَاتٌ لِمُجْمَلِه.
الجوابُ الثاني:
النظرةُ الثابتةُ في هذه الأَدِلَّةِ أنَّ الآيةَ الكريمةَ تَوَعَّدَت الذينَ يَكْنِزُونَ الذهَبَ والفِضَّةَ، فما هو الكَنْزُ لُغَةً وشَرْعاً.
قالَ ابنُ جريرٍ: الكَنْزُ: كلُّ شيءٍ جُمِعَ بعضُه إلى بعْضٍ.
قالَ القُرطبيُّ: ولا يَخْتَصُّ ذلك بالذهَبِ والفِضَّةِ.
قالَ الأصفهانيُّ: الكَنْزُ: جَعْلُ المالِ بعضَه على بعْضٍ وحِفْظُه.
قالَ مُحَمَّد رَشِيد: الكَنْزُ: ما خُزِنَ في الصناديقِ مِن الدنانيرِ والدراهمِ المضروبةِ، لا جِنْسَ الذهَبِ والفِضَّةِ، الذي يَصْدُقُ بالْحُلِيِّ الْمُباحِ، فإنَّ الدنانيرَ هي الْمُعَدَّةُ للإنفاقِ، ولا فائدةَ بها إلاَّ في إنفاقِها، فكَنْزُها إبطالٌ لِمَنَافِعِها.
وأَمَّا حديثا البابِ: فقد تَكَلَّمَ العُلماءُ فيهما إسناداً ومَتْناً.
فحديثُ عَمْرِو بنِ شُعيبٍ: جاءَ مِن طريقِ ابنِ لَهيعةَ والْمُثَنَّى بنِ الصَّباحِ وهما ضعيفانِ، وأحاديثُ عمرِو بنِ شُعيبٍ اخْتَلَفَ العُلماءُ في قَبُولِها، وأحسَنُ ما قيلَ فيها: إنَّ ما رواه عن أبيهِ عن جَدِّه فهو ضَعيفٌ -كهذا الحديثِ- وما رواه عن غيرِهما فمَقبولٌ.
وأمَّا حديثُ أمِّ سَلمةَ: ففي سَنَدِه انقطاعٌ بينَ عَطاءٍ وأمِّ سَلمةَ، فإنه لم يَسمَعْ منها، كما أنَّ في سنَدِه عَتَّابُ بنُ بَشيرٍ، وثابتُ بنُ عَجْلانَ مُتَكَلَّمٌ فيهما.
أقوالُ العُلماءِ عن هذينِ الحديثينِ:
قالَ التِّرْمِذِيُّ: لم يَصِحَّ في هذا البابِ شيءٌ.
ورَجَّحَ النَّسائِيُّ إرسالَ حَدِيثِ عَمْرِو بنِ شُعيبٍ.
وقالَ أبو عُبيدٍ: حديثُ اليَمَانِيَّةِ لا نَعْلَمُه رُوِيَ إلاَّ مِن طريقٍ واحدٍ، بإسنادٍ مُتَكَلَّمٍ فيه.
وقالَ ابنُ عبدِ الْبَرِّ: لم يَثْبُتْ عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- شيءٌ في الذهَبِ.
وقالَ ابنُ حَزْمٍ: ما احْتُجَّ به على إيجابِ الزكاةِ في الْحُلِيِّ آثارٌ وَاهيةٌ، لا وجهَ للاشتغالِ بها.
أدِلَّةُ القائلينَ بعَدَمِ الوُجوبِ:
أولاً: جاءَ البخاريُّ (1395)، ومسلِمٌ (982) قالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: ((لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ، وَلاَ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ)).
قالَ النوَوِيُّ: هذا الحديثُ يَدُلُّ على أنَّ أموالَ القِنْيَةِ لا زكاةَ فيها، وهو قولُ عُلماءِ السلَفِ والخلَفِ.
ثانياً: الزكاةُ لا تَجِبُ إلاَّ في الأموالِ الناميةِ، أمَّا أموالُ القِنيةِ فلا زكاةَ فيها؛ هذا هو ضابطُ الإسلامِ فيما تَجِبُ فيه الزكاةُ، وما لا تَجِبُ.
ثالثاً: ما رواه البَيهقيُّ (7328)، وابنُ الْجَوزيُّ في (التحقيقِ) (2/43) مِن حديثِ جابِرٍ؛ أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قالَ: ((لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ)) صَحَّحَه كثيرٌ مِن الْمُحَدِّثِينَ الْمُحَقِّقِينَ، منهم: أبو زُرعةَ، وابنُ الجوزِيِّ، والْمُنذرِيُّ، وابنُ دَقيقِ العِيدِ، وابنُ حجَرٍ العَسقلانيُّ.
رابعاً: كُتُبُ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- التي اسْتَقْصَى بها أحكامَ الزكاةِ، وبَيَّنَ فيها الأموالَ التي تَجِبُ فيها الزكاةُ، والتي بَلَّغَها بعدَه خُلفاؤُه الراشدونَ وعَمِلُوا بها، ليس فيها ذِكْرٌ للحُلِيِّ، ولا زكاتِه، وإنما فيها النَّقدانِ المضروبانِ، اللذانِ هم العُملتانِ في التجارةِ.
خامساً: قالَ شيخُ الإسلامِ: إنَّ الشارِعَ عُنِيَ ببيانِ ما تُجْلَبُ فيه الزكاةُ؛ لأنه خارِجٌ عن الأصْلِ، فيَحتاجُ إلى بيانٍ، بخِلافِ ما لا تَجِبُ فيه، فإنه لا يَحتاجُ إلى بيانٍ بأصْلِ عدَمِ الوجوبِ.
سادساً: كيف يَصِحُّ عن عائشةَ حَديثُ الوَعيدِ بالنارِ مِن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- في حديثِ فَتخَاتِهَا، ثم لا تُخْرِجُ زكاةَ الْحُلِيِّ التي تَحْتَ يَدِها وتَصْرِفُها، مع أنها تُخْرِجُ زكاةَ غيرِه مِن المالِ؟!
سابعاً: هذا قولُ جُمهورِ العلماءِ مِن الصحابةِ والتابعينَ، وأئِمَّةِ الحديثِ والفقْهِ؛ كمالِكٍ، والشافعيِّ، وأحمدَ، وسفيانَ، وأبي عُبيدٍ، وابنِ الْمُنْذِرِ، وابنِ جَريرٍ، وأَتباعِهم مِن كِبارِ عُلماءِ المسلمينَ سَلَفاً وخَلَفاً.
الْخُلاصةُ:
أحسَنُ الأقوالِ وأَعْدَلُها في هذه المسألةِ هو أنَّ الْحُلِيَّ الْمُعَدَّ للاستعمالِ أو العاريةِ لا زكاةَ فيه، ما دامَ أنه حُلِيٌّ مُباحٌ، أمَّا الْمُحَرَّمُ فتَجِبُ فيه الزكاةُ.
والمحرَّمُ هو ما زادَ عن العادةِ مِن تجميعِ الذهَبِ والفِضَّةِ وتَكديسِها، بصورةٍ خارجةٍ عن العادةِ والمألوفِ، والحامِلُ على ذلك قد يكونُ واحدًا مِن هذه الأمورِ:
1- الفخْرُ والْخُيَلاَءُ.
2- السَّرَفُ والتبذيرُ في النَّفَقَاتِ.
3- الهرَبُ مِن الزكاةِ.
4- الترَفُ الْمُفْسِدُ للأخلاقِ.
فهذه مَقَاصِدُ مُحَرَّمَةٌ، فإذا كان الحامِلُ على جَمْعِ الذهَبِ والفضَّةِ بصورةِ حُلِيٍّ، واحداً مِن هذه الْمَقاصِدِ المحرَّمَةِ، فإنَّ هذا الْمَصاغَ مُحَرَّم، وما كان منه مُحَرَّماً تَجِبُ فيه الزكاةُ؛ لأنه ليس مَأْذُوناً فيه، ولا مُباحَ الاتِّخاذِ.
أمَّا الْحُلِيُّ الذي بقَدْرِ الحاجةِ، والناسُ يَختلفونَ بينَ غَنِيٍّ وفقيرٍ في ذلك، فهذا حُلِيٌّ مُبَاحُ الاتِّخاذِ والاستعمالِ، وهو مِن أموالِ القِنْيَةِ المقطوعةِ عن النَّماءِ؛ فإنه لا زكاةَ فيه بحالٍ مِن الأحوالِ، واللهُ أعْلَمُ، وصَلَّى اللهُ على نَبِيِّنَا محمَّدٍ وعلى آلِه وصَحْبِه وسَلَّمَ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الزكاة, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir