502- وعن عبدِ اللهِ بنِ أبي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ رسول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إِذَا أتاهُ قومٌ بصَدَقَتِهم قالَ: ((اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِم)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مفرداتُ الحديثِ:
-اللهمَّ: هي بمعنى: "يا اللهُ"، فالميمُ عِوَضٌ عن ياءِ النداءِ، ولهذا لا يُجْمَعُ بينَهما؛ فإنه لا يُجْمَعُ بينَ العِوَضِ والْمُعَوَّضِ.
-صَلِّ عليهم: أصْلُ الصلاةِ في اللغةِ: الدعاءُ، إلاَّ أنَّ الدعاءَ يَختلِفُ بحَسْبِ حالِ المدعُوِّ له، فلا يَتعيَّنُ لفْظٌ خاصٌّ، بل يكونُ الدعاءُ بلفْظٍ يُؤَدِّي معنى الثناءِ، ويُناسِبُ الْمَقامَ.
ما يُؤْخَذُ مِن الحديثِ:
1- أَمَرَ اللهُ تعالى نَبِيَّهُ ورسولَه مُحمداً -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أنْ يَقْبِضَ الزكاةَ مِن المسلمينَ، وأنْ يُصَلِّيَ عليهم حينَ يَقْبِضُها منهم، فقالَ تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة:103]، فكانَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- امتثالاً لأمْرِ رَبِّه إذا أَتاهُ قومٌ بصَدَقَتِهم، قالَ: ((اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ)).
2- يَنبغِي لقَابِضِ الزكاةِ -سواءٌ قَبَضَها للمسلمينَ كالسُّعاةِ والْجُباةِ، أو قَبَضَها لنفْسِه كالفقيرِ- أنْ يَدْعُوَ لِمُخْرِجها، فكان مما وَرَدَ مِن الدعاءِ: ((آجَرَكَ اللهُ فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَبْقَيْتَ، وَجَعَلَهُ لَكَ طَهُوراً)).
3- استحبابُ مكافأةِ المحسِنِ على إحسانِه، ولو بالدعاءِ؛ لحديثِ: ((مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَظُنُّوا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ)) ففي الدعاءِ مع مكافأتِه تَشجيعُه، وتشجيعُ غيرِه على البَذْلِ.
4- قالَ البخاريُّ: قالَ أبو العاليةِ: الصلاةُ مِن اللهِ تعالى على عبدِه ثَناؤُه عليه في الْمَلأِ الأَعْلَى.
قالَ الأزهريُّ: الصلاةُ مِن اللهِ الرحمةُ، ومِن الملائكةِ الاستغفارُ، ومِن الآدَمِيِّينَ التضرُّعُ والدعاءُ.
5- أنَّ دَفْعَ الزكاةِ إلى وَلِيِّ أمْرِ المسلمينَ تارةً يكونُ ببَعْثِه الْجُبَاةَ إلى أصحابِ الأموالِ في مِيَاهِهِم وحقولِهم، وتارةً يَأتونَ بها إليه، وكلُّ ذلك جائزٌ.