دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 12:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


الاستثناءُ
حكْمُ الْمُسْتَثْنَى بـ(إلاَّ)

315- ما استَثْنَتِ الاَّ مع تَمامٍ يَنْتَصِبْ = وبعدَ نفيٍ أو كنفيٍ انْتُخِبْ
316- إتْبَاعُ ما اتَّصَلَ وانْصِبْ ما انْقَطَعْ = وعن تَميمٍ فيه إبدالٌ وَقَعْ
الاستثناءُ: هو الإخراجُ بإلاَّ أو إحدى أخواتِها لِمَا كانَ دَاخِلاً في حكْمِ ما قَبْلَها حقيقةً أو تَقديراً.
فمَثَلاًُ: قرأتُ الكتابَ إلاَّ صَفحةً، فكَلِمَةُ (صَفحةً) أُخْرِجَتْ بواسِطَةِ (إلاَّ) وقد كانتْ داخلةً في حكْمِ ما قَبْلَها وهو (قَرأتُ)، وهذا دخولٌ حَقيقيٌّ؛ لأنَّ الصفحةَ بعضُ الكتابِ، وهذا الاستثناءُ الْمُتَّصِلُ.
ونحوُ: جاءَ القومُ إلاَّ سيارةً، ما بعدَ (إلا) أُخْرِجَ عن حُكْمِ ما قَبْلَها وهو المجيءُ، ولولاها لكانَ دَاخِلاً، وهذا دُخولٌ تَقديريٌّ؛ لأنَّ السيارةَ ليست مِن جِنْسِ القومِ، وهذا الاستثناءُ الْمُنْقَطِعُ.
وللاستثناءِ ثمانيِ أدواتٍ في أربعةِ أقسامٍ:
1- حرْفٌ وهو: (إلا)
2- اسمٌ وهو: (غيرُ، سِوَى)
3- فعْلٌ وهو: (ليس، ولا يكونُ).
4- مُتَرَدِّدٌ بينَ الفعليَّةِ والحرفيَّةِ وهو: (خلا، عدا، حاشا) وحرفيَّةُ (حاشا) أكثرُ.
وأسلوبُ الاستثناءِ يَتَأَلَّفُ مِن مُستثنًى (وهو الاسمُ الواقعُ بعدَ أداةِ الاستثناءِ) ومُستثنًى منه (وهو الاسمُ الواقعُ قَبلَ أداةِ الاستثناءِ، ويَشتمِلُ في المعنى على المستثنَى منه) وأداةِ الاستثناءِ.
أمَّا حُكْمُ المستثنَى بـ (إلا) فإنه يَجِبُ نَصْبُه على الاستثناءِ في الأغلَبِ بشَرطينِ:
الأوَّلُ: أنْ يكونَ الكلامُ تامًّا (وهو ما كان المستثنَى منه مَذكوراً)
الثاني: أنْ يكونَ الكلامُ مُوجَباً (وهو ما كان خالياً مِن النفيِ وشِبْهِه، وهو النهيُ والاستفهامُ الذي بمعنى النفيِ).
ولا فَرْقَ في ذلك بينَ الْمُتَّصِلِ والمنقَطِعِ كما في المثالَيْنِ السابقينِ، ومِن ذلك قولُه تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ}.
كما أنه لا فَرْقَ بينَ أنْ يكونَ المستثنَى مُتَأَخِّراً -كما مُثِّلَ أو مُتَقَدِّماً، نحوُ: حَضَرَ إلاَّ عليًّا الأصدقاءُ.
فإنْ كانَ الكلامُ غيرَ تامٍّ (وهو ما حُذِفَ مِن جُملتِه المستثنَى منه) فسيأتي حُكْمُه إنْ شاءَ اللهُ.
وإنْ كانَ الكلامُ تامًّا غيرَ مُوجَبٍ (وهو ما كان فيه النفيُ وشِبْهُه) فلا يَخْلُو مِن حالَيْنِ:
الأوَّلُ: أنْ يكونَ الاستثناءُ متَّصِلاً (وهو ما كان فيه المستثنَى بَعْضاً مِن المستثنَى منه)، نحوُ: ما حَضَرَ الطلاَّبُ إلاَّ عَليًّا، فيَجوزُ فيه وَجهانِ:
الأوَّلُ: النصْبُ على الاستثناءِ.
الثاني: إعرابُه بإعرابِ المستثنَى منه، تقولُ: لا تُعجِبُنِي الكتُبُ إلاَّ النافعَ، بنَصْبِ (النافعَ) على الاستثناءِ أو رفْعِه على أنه بَدَلٌ مِن الكتُبِ، وبدَلُ المرفوعِ مرفوعٌ، ومنه قولُه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ} فقد قرأَ السبعةُ بالرفْعِ في قولِه: (إلاَّ أنفُسُهم) ولو كان في غيرِ القرآنِ لجازَ نَصْبُه، ولكنَّ القراءةَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، وقولُه: تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ} فقد قرأَ السبعةُ إلاَّ ابنُ عامرٍ برفْعِ (قليلٌ) على أنه بَدَلٌ مِن الواوِ في قولِه (فَعلوهُ)، أما ابنُ عامرٍ، فقد قرأَ بالنصْبِ على الاستثناءِ.
الثاني: أنْ يكونَ الاستثناءُ مُنْقَطِعاً (وهو ألاَّ يكونَ المستثنَى بَعْضاًَ مِن الْمُسْتَثْنَى منه) فيَتعيَّنُ النصْبُ عندَ جُمهورِ العرَبِ، فتقولُ: ما حضَرَ الضيوفُ إلاَّ سَيارةً، قالَ تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ} قرأَ السبعةُ بالنصْبِ.
وأجازَ بنو تَميمٍ اتِّباعَه لِمَا قَبْلَه فتقولُ: ما حَضَرَ الضيوفُ إلاَّ سيارةٌ بالرفْعِ على أنه بَدَلٌ مِن (الضُّيوفِ).
وهذا معنى قولِه: (مَا استَثْنَتْ إلاَّ.. إلخ) أيْ: ما اسْتَثْنَتْهُ (إلاَّ) ـ أيْ: كانت أداةَ استِثْنَائِهِ ـ فإنه يُنْصَبُ إذا كانَ الكلامُ تامًّا، ولم يَذْكُر الشرْطَ الثاني وهو الإيجابُ؛ لأنه مفهومٌ مِن قولِه: (وبعدَ نفيٍ أو كنفيٍ انْتُخِبْ إتْبَاعُ ما اتَّصَلَ) حيث نَصَّ على أنه بعدَ النفيِ وشِبْهِه يُختارُ الاتِّباعُ في الْمُتَّصِلِ، والنصْبُ وَحْدَه في الْمُنقَطِعِ إلاَّ عندَ تَميمٍ، فإنهم يُجِيزُونَ الإبدالَ، ففُهِمَ مِن ذلك أنَّ الأوَّلَ لا بُدَّ أنْ يكونَ مُوجَباً، وقولُه: (انْتُخِب إتْبَاعُ ما اتَّصَلَ) يُفْهَمُ منه أنَّ النصْبَ جائزٌ كما تَقَدَّمَ.
تَقَدُّمُ المستثنَى على المستثنَى منه
317- وغيرُ نَصْبِ سابقٍ في النفيِ قَدْ = يَأتي ولكن نَصْبُه اخْتَرْ إنْ وَرَدْ
إذا تَقَدَّمَ المستثنَى على المستثنَى منه فإمَّا أنْ يكونَ الكلامُ مُوجَباً أو غيرَ مُوجَبٍ.
فإنْ كانَ مُوجَباً وَجَبَ نَصْبُ المستثنَى كما تَقَدَّمَ تقولُ: حَضَرَ إلاَّ عليًّا الضيوفُ.
وإنْ كانَ غيرَ مُوجَبٍ فالمختارُ نصْبُه، نحوُ: ما حَضَرَ إلا عَلِيًّا الضيوفُ، ومنه قولُ الشاعرِ:
وما لِـيَ إِلاَّ آلَ أَحْمَدَ شِـيعةٌ = وما لِـيَ إِلاَّ مَذهبَ الحقِّ مَذهَبُ

فقَدَّمَ (الشاعر) المستثنَى على المستثنَى منه في الْمَوضِعَيْنِ، وجاءَ به مَنصوباً، وقد رُوِيَ رَفْعُه فتقولُ: ما حَضَرَ إلاَّ عليٌّ الضيوفُ، قالَ سيبويهِ: (حَدَّثَنا يونُسُ أنَّ بعضَ العرَبِ الموثوقَ بهم يقولونَ: ما لي إلاَّ أبوكَ أَحَدٌ) فيَجعلونَ كَلِمَةَ (أَحَدٍ) بَدَلاً، وبدَلُ المرفوعِ مرفوعٌ، ومنه قولُ حَسَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه:
فإنهم يَرجونَ منه شَفَاعَةً = اذا لم يكنْ إلاَّ النَّبِيُّونَ شافِعُ
فرَفَعَ المستثنَى (إلاَّ النبيُّونَ) مع تَقَدُّمِه على المستثنَى منه (شافِعُ) والكلامُ مَنْفِيٌّ وهذا مَرجوحٌ؛ لأنَّ المستثنَى إذا لم يُنْصَبْ على الاستثناءِ فلا بُدَّ مِن رفعِه على البَدَلِيَّةِ إذْ لا ثالِثَ لهذينِ الوَجهينِ، والبدَلُ تابِعٌ، والتابِعُ لا يَجُوزُ أنْ يَتقدَّمَ على المتبوعِ؛ ولهذا خَرَّجَه النُّحاةُ على أنه مِن الاستثناءِ المفرغِ الآتي بعدَ هذا، فيُعرَبُ المستثنَى المتقَدِّمُ على حَسْبِ ما يَقتضِيهِ العامِلُ قبلَ (إلاَّ) ويَزولُ عنه اسمُ (المستثنَى) وما بعدَه بَدَلٌ منه (بدَلُ كلٍّ مِن كلٍّ) فيَزولُ عنه اسمُ (المستثنَى منه) وتكونُ (إلا) مُلْغَاةً فقولُه: (النَّبِيُّونَ) فاعِلُ (يَكُنْ) التامَّةِ (وشافِعُ) بدَلٌ منه.
وهذا معنى قولِه: (وغيرُ نَصْبِ سابقٍ.. إلخ) أيْ: قد يَأتِي في كلامِ العرِبِ على قِلَّةٍ غيرُ النصْبِ (وهو الرفْعُ) في المستثنَى المتقَدِّمِ إذا كانَ الكلامُ مَنْفِيًّا، ولكنَّ النصْبَ على الاستثناءِ هو المختارُ إنْ وَرَدَ؛ لأنه الفصيحُ الشائعُ: وقولُه: (إنْ وَرَدَ) أيْ: إنْ وَرَدَ عن العرَبِ، ومعنى الاختيارِ الحكْمُ بأنَّ نَصْبَه أرْجَحُ؛ لأنَّ ما وَرَدَ عنهم يَتْبَعُ نصْباً أو رَفْعاً، ويُحْتَمَلُ أنَّ المعنى: إنْ وَرَدَ منك بالتكَلُّمِ به، فالاختيارُ على بابِه.
الاستثناءُ الْمُفَرَّغُ
318- وإن يُفَرَّغْ سابقٌ إلا لِمَا = بعد يَكُنْ كما لوِ الَّا عُدِمَا
تَقَدَّمَ الكلامُ على حكْمِ المستثنَى إذا كان المستثنَى منه مَوجوداً، وهو الاستثناءُ التامُّ وذَكَرَ ـ هنا ـ الاستثناءَ غيرَ التامِّ، وهو الاستثناءُ الْمُفَرَّغُ.
تعريفُه: هو ما حُذِفَ مِن جُملتِه المستثنَى منه.
شرْطُه: أنْ يكونَ الكلامُ غيرَ مُوجَبٍ، بأنْ يُسْبَقَ بنَفْيٍ أو نَهْيٍ أو استفهامٍ.
نحوُ: لا يُسْدِي النصيحةَ إلاَّ المخْلِصونَ،ـ وما صاحبْتُ إلاَّ الأخيارَ، لا تَصْلُحُ الشعوبُ إلاَّ بالدِّينِ.
حكْمُه: أنْ يُعرَبَ ما بعدَ إلاَّ على حَسَبِ العوامِلِ قَبْلَها، فيَتَفَرَّغَ ما قبلَها للعمَلِ فيما بَعْدَها، وتُعْرَبُ (إلاَّ) مُلغاةً لا عَمَلَ لها فـ (المخلِصونَ) فاعلٌ في الْمِثالِ الأوَّلِ، (والأخيارُ) مفعولٌ به في الْمِثالِ الثاني، (وبالدِّينِ) متَعَلِّقٌ بالفعْلِ (تَصْلُحُ) في الْمِثالِ الثالثِ، ومِن ذلك قولُه تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ} وقولُه تعالى: {هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ} وقولُه تعالى: {وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ} وقولُه تعالى: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
وهذا معنى قولِه (وإنْ يُفَرَّغْ.. إلخ) أيْ: إذا كانَ العامِلُ قَبلَ (إلاَّ) مُفَرَّغاً (أيْ مُتَّجِهاً للعمَلِ فيما بعدَها) فإنَّ تأثيرَه فيما بعدَها يقومُ على افتراضِ أنها غيرُ مَوجودةٍ.
وهذا مِن الناحيةِ الإعرابيَّةِ ـ كما ذَكَرْنا ـ أمَّا مِن الناحيةِ الْمَعنويَّةِ فحُكْمُها باقٍ، وهو استثناءُ ما بعدَها عن حُكْمِ ما قَبْلَها.

أحكامُ (إلاَّ) إذا كانتْ مُكَرَّرَةً
319- وأَلْغِ إلا ذاتَ توكيدٍ كَلَا = تَمْرُرْ بهم إلا الْفَتَى إلا العَلَا
320- وإن تُكَرَّرْ لا لتوكيدٍ فمَعْ = تفريغٍ التأثيرَ بالعامِلِ دَعْ
321- في واحدٍ مما بإِلاَّ اسْتُثْنِي = وليس عن نَصْبٍ سواهُ مُغْنِي
322- ودونَ تَفريغٍ مع التقَدُّمِ = نَصْبَ الجميعِ احْكُمْ به والْتَزِمْ
323- وانْصِبْ لتأخيرٍ وجِئْ بوَاحِدٍ = منها كما لو كان دونَ زائدِ
324- كلَمْ يَفُوا إلا امْرُؤٌ إلا عَلِي = وحُكْمُها في القَصْدِ حُكْمُ الأوَّلِ
تَقَدَّمَ الكلامُ على (إلاَّ) غيرِ الْمُكَرَّرَةِ، وذَكَرَ في هذه الأبياتِ حكْمَ (إلاَّ) الْمُكَرَّرَةِ وهي نوعانِ:
الأوَّلُ: أنْ يكونَ تَكرارُها بقَصْدِ التوكيدِ اللفظيِّ الْمَحْضِ وتَقويةِ (إلاَّ) الاستثنائيَّةِ الأُولَى، ولا تُفيدُ استثناءً جَديداً، ولها مَوْضِعانِ.
الأوَّلُ: أنْ تَقَعَ بعدَ الواوِ العاطِفَةِ، نحوُ: ما أَحضَرْتُ الكتُبَ إلاَّ النحوَ، وإلاَّ البلاغةَ، فـ (إلا) زائدةٌ للتوكيدِ وما بعدَها مَعطوفٌ على ما قَبْلَها.
الثاني: أنْ يَقَعَ بعدَها لفْظٌ يَتَّفِقُ مَدلولُه مع ما قَبْلَها، وهذا في بابِ البدَلِ، نحوُ: ما أَكْرَمْتُ إلاَّ خالداً إلاَّ أخاكَ.
فـ (إلاَّ) زائدةٌ للتوكيدِ و (أخاكَ) بَدَلٌ مِن (خالداً) ولو حُذِفَتْ (إلاَّ) مِن المثالَيْنِ لم يَتغيَّر الإعرابُ.
وهذا معنى قولِه (وأَلْغِ إلاَّ) أي: اعْتَبِرْ (إلاَّ) مُلغاةً، أيْ: غيرَ مَوجودةٍ إذا كانت للتوكيدِ، وأَعْرِبْ ما بَعْدَها بإعرابِ ما قَبْلَها، ثم ذَكَرَ الْمِثالَ، و(العَلاَ) هو اسمُ الفتى، فالفَتى هو: العَلاءُ والعَلاءُ هو الفتى، فهو بدَلٌ منه أو عَطْفُ بيانٍ و (العَلاَ) بالقصْرِ للضرورةِ.
النوعُ الثاني مِن أنواعِ (إلاَّ) المكرَّرَةِ: أنْ يكونَ تَكرارُها لغيرِ التوكيدِ، وهي التي يُقْصَدُ بها ما يُقْصَدُ بالأُولَى مِن الاستثناءِ، ولو حُذِفَتْ لَمَا فُهِمَ ذلك ولها حالتانِ:
الأُولَى: أنْ يكونَ الكلامُ مُفَرَّغاً، فيُعْرَبَ واحدٌ مِن الْمُسْتَثْنَيَاتِ بما يَقتضِيهِ العامِلُ قبلَ (إلاَّ) ويُنْصَبُ الباقي، نحوُ: ما حَضَرَ إلاَّ عَلِيٌّ إلاَّ بَكْراً إلاَّ خالداً فـ (علِيٌّ) فاعِلُ حَضَرَ، (وبكراً) و (خالداً) مَنصوبانِ على الاستثناءِ.
وهذا معنى قولِِه (وإن تُكَرَّرْ لا لتوكيدٍ..) أيْ: إنْ تَكرَّرَتْ (إلاَّ) لا لتوكيدٍ ففي حالةِ التفريغٍ ـ وهو حَذْفُ المستثنَى منه ـ اتْرُك العامِلَ يُؤَثِّرُ في واحِدٍ مما استَثْنَيْتَهُ بـ (إلاَّ) وانْصِبِ باقيَ الْمُسْتَثْنَيَاتِ (فليس عن نصْبِ سِواه مُغْنِي) أيْ: غِنًى، والمعنى: وليس الواحدُ مُغْنِياً عن نَصْبِ سِواه، ووَقَفَ على قولِه: (مُغْنِي) بالسكونِ على لُغةِ رَبيعةَ، وإلاَّ فحَقُّه النصْبُ، والمرادُ بالعاملِ ما قبلَ (إلاَّ).
الحالةُ الثانيةُ: أنْ يكونَ الكلامُ غيرَ مُفَرَّغٍ، فإنْ تَقَدَّمَت الْمُسْتَثْنَيَاتُ وَجَبَ نصْبُ الجميعِ، سواءٌ كان الكلامُ مُوجَباً، أو غيرَ مُوجَبٍ، نحوُ: حَضَرَ إلاَّ عَليًّا إلاَّ بَكْراً إلاَّ خالداً الطُّلاَّبُ، وما حَضَرَ إلاَّ عليًّا إلاَّ بَكْراً إلاَّ خالداً القومُ.
وإنْ تَأَخَّرَتْ وكان الكلامُ مُوجَباً وَجَبَ نصْبُ الجميعِ، نحوُ: خرَجَ الضيوفُ إلا عَلِيًّا إلاَّ بَكْراً إلاَّ خالداً، وإنْ كانَ غيرَ مُوجَبٍ عُومِلَ واحِدٌ منها بما كانَ يُعامَلُ به لو لم يَتَكَرَّر الاستثناءُ، ونُصِبَ الباقي، فتقولُ: ما حضَرَ الضيوفُ إلاَّ علِيٌّ إلاَّ بَكْراً إلاَّ خالِداً، فـ (عليٌّ) بدَلٌ مما قَبْلَه، ويَجوزُ نصْبُه على الاستثناءِ كما تَقَدَّمَ أوَّلَ البابِ.
وهذا معنى قولِه: (ودونَ تَفريغٍ) أي: الحالاتُ التي ليس فيها تفريغٌ ـ وذلك بذِكْرِ المستثنَى منه ـ إنْ تَقَدَّمَت الْمُسْتَثْنَيَاتُ وَجَبَ نَصْبُها، وإنْ تَأَخَّرَتْ نُصِبَتْ كُلُّها، فإنْ كانَ الكلامُ غيرَ مُوجَبٍ عُومِلَ واحدٌ منها بما يَستحِقُّهُ لو لم تَتَكَرَّرْ (إلاَّ) ثم مَثَّلَ: فـ (امْرُؤٌ) بدَلٌ مِن واوِ الجماعةِ بدَلَ بعضٍ مِن كلٍّ و (عَلِي) مُسْتَثْنَى منصوبٌ ووَقَفَ عليه بالسكونِ على لغةِ رَبيعةَ.
وأشارَ بقولِه: (وحُكْمُها في القَصْدِ حُكْمُ الأوَّلِ) إلى أنَّ الْمُسْتَثْنَيَاتِ كلَّها مَقصودةٌ كالْمُسْتَثْنَى الأوَّلِ، فيَثْبُتُ لها ما يَثْبُتُ للأوَّلِ مِن دُخولٍ في الحكْمِ أو خُروجٍ.
فإنْ كان المستثنَى الأوَّلُ دَاخِلاً في الحكْمِ ـ وذلك في غيرِ الْمُوجَبِ ـ فما بعدَه داخلٌ كقولِك: ما حَضَرَ الضيوفُ إلاَّ عَلِيٌّ إلاَّ بَكراً إلا عِصَاماً فـ (عليٌّ) وهو المستثنَى الأوَّلُ داخِلٌ في إثباتِ الحضورِ له، فكذا ما بعدَه، وإنْ كانَ خَارِجاً ـ وذلك في الْمُوجَبِ ـ فما بعدَه خارِجٌ كقولِك: حَضَرَ الضيوفُ إلاَّ عَلِيًّا إلاَّ بَكْراً إلاَّ عِصَاماً، فـ (عليًّا) وهو المستثنَى الأوَّلُ خارِجٌ عن إثباتِ الحضورِ له، فكذا ما بعدَه.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الاستثناء, بـإلا

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:58 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir