دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 08:25 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي إعراب الأفعال


وفعلُ أمْرٍ ومُضِيٍّ بُنِيَا= وأَعْرَبُوا مُضارِعًا إنْ عَرِيَا
مِنْ نونِ توكيدٍ مُبَاشِرٍ ومِنْ = نونِ إناثٍ كَيَرُعْنَ مَنْ فُتِنْ


  #2  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 08:37 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

وفِعْلُ أَمْرٍ ومُضِيٍّ بُنِيَا = وأَعْرَبُوا مُضَارِعاً إِنْ عَرِيَا(1)
مِن نونِ توكيدٍ مُباشِرٍ ومِنْ = نونِ إناثٍ كَيَرُعْنَ مَنْ فُتِنْ(2)
لَمَّا فَرَغَ مِن بيانِ المعرَبِ والمَبْنِيِّ مِن الأسماءِ شَرَعَ في بيانِ المعرَبِ والمبنيِّ من الأفعالِ، ومذهَبُ البَصْرِيِّينَ أنَّ الإعرابَ أصلٌ في الأسماءِ فرعٌ في الأفعالِ (3)، فالأصلُ في الفعلِ البناءُ عندَهم، وذهَبَ الكُوفِيُّونَ إلى أنَّ الإعرابَ أصلٌ في الأسماءِ وفي الأفعالِ، والأوَّلُ هو الصحيحُ، ونَقَلَ ضِيَاءُ الدِّينِ بنُ العِلْجِ في (البسيطِ) أنَّ بعضَ النحويِّينَ ذهَبَ إلى أنَّ الإعرابَ أصلٌ في الأفعالِ فرعٌ في الأسماءِ.
والمبنيُّ من الأفعالِ ضَربانِ:
أحدُهما: ما اتُّفِقَ على بنائِه، وهو الماضِي، وهو مبنيٌّ على الفتحِ (4) نحوُ: (ضَرَبَ وانْطَلَقَ) ما لم يَتَّصِلْ به واوُ جَمْعٍ فيُضَمَّ أو ضميرُ رفعٍ متحرِّكٌ فيُسَكَّنَ.
والثاني: ما اخْتُلِفَ في بِنائِهِ، والراجِحُ أنه مبنيٌّ، وهو فعلُ الأمرِ، نحوُ: (اضْرِبْ)، وهو مبنيٌّ عندَ البَصْرِيِّينَ، ومعربٌ عندَ الكُوفِيِّينَ (5)
والمعرَبُ من الأفعالِ هو المضارِعُ، ولا يُعْرَبُ إلاَّ إذَا لم تَتَّصِلْ به نونُ التوكيدِ أو نونُ الإناثِ، فمثالُ نونِ التوكيدِ المباشِرَةِ (هلْ تَضْرِبَنَّ)، والفعلُ معَها مبنيٌّ على الفتحِ، ولا فرقَ في ذلكَ بينَ الخفيفةِ والثقيلةِ (6)، فإنْ لم تَتَّصِلْ به لم يُبْنَ، وذلك كما إذا فَصَلَ بينَه وبينَها ألفُ اثْنَيْنِ، نحوُ: (هلْ تَضْرِبَانِّ؟) وأصلُه: هل تَضْرِبَانِنَّ فاجْتَمَعَتْ ثلاثُ نوناتٍ، فحُذِفَتِ الأُولَى، وهي نونُ الرفعِ؛ كَراهةَ توالِي الأمثالِ، فصارَ (هل تَضْرِبَانِّ) (7)
وكذلك يُعْرَبُ الفعلُ المضارِعُ إذا فَصَلَ بينَه وبينَ نونِ التوكيدِ واوُ جمعٍ أو ياءُ مخاطَبةٍ، نحوُ: (هلْ تَضْرِبُنَّ يا زَيْدُونَ) و(هل تَضْرِبِنَّ يا هِنْدُ)، وأصلُ (تَضْرِبُنَّ) تَضْرِبُونَنَّ، فحُذِفَتِ النونُ الأُولَى؛ لتوالي الأمثالِ، كما سَبَقَ، فصارَ تَضْرِبُونَّ، فحُذِفَتِ الواوُ؛ لالتقاءِ الساكنيْنِ، فصارَ تَضْرِبُنَّ، وكذلك (تَضْرِبِنَّ) أصلُه تَضْرِبِينَنَّ، ففُعِلَ به ما فُعِلَ بتَضْرِبُونَنَّ.
وهذا هو المرادُ بقولِه: (وَأَعْرَبُوا مُضَارِعاً إنْ عَرِيا مِن نونِ توكيدٍ مباشِرٍ)، فشَرْطٌ في إعرابِه أنْ يَعْرَى من ذلك، ومفهومُه: أنه إذا لم يَعْرَ منه يكونُ مَبْنِيًّا.
فعُلِمَ أنَّ مذهبَه أنَّ الفعلَ المضارِعَ لا يُبْنَى إلاَّ إذا باشَرَتْه نونُ التوكيدِ، نحوُ: (هلْ تَضْرِبَنَّ يا زَيْدُ)، فإنْ لم تُباشِرْه أُعْرِبَ، وهذا هو مذهَبُ الجمهورِ.
وذَهَبَ الأخفشُ إلى أنه مبنيٌّ معَ نونِ التوكيدِ، سواءٌ اتَّصَلَتْ به نونُ التوكيدِ أو لم تَتَّصِلْ، ونُقِلَ عن بعضِهم أنه مُعْرَبٌ وإنِ اتَّصَلَتْ به نونُ التوكيدِ.
ومثالُ ما اتَّصَلَتْ به نونُ الإناثِ: (الهِنْدَاتُ يَضْرِبْنَ)، والفعلُ معَها مبنيٌّ على السكونِ، ونَقَلَ المصنِّفُ رَحِمَه اللهُ تعالى في بعضِ كُتُبِه أنه لا خِلافَ في بِناءِ الفعلِ المضارِعِ معَ نونِ الإناثِ، وليسَ كذلكَ، بل الخلافُ موجودٌ، ومِمَّن نَقَلَه الأستاذُ أبو الحسنِ بنُ عُصْفُورٍ في (شرحِ الإيضاحِ) (8)
([1]) (وفِعلُ) مبتدأٌ، وفعلُ مضافٌ و(أمرٍ) مضافٌ إليه، (ومُضِيٍّ) يُقْرَأُ بالجرِّ على أنه معطوفٌ على أمرٍ، ويُقْرَأُ بالرفعِ على أنه معطوفٌ على (فعلُ)، (بُنِيَا) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، والألفُ التي فيه للتثنيةِ، وهي نائبُ فاعلٍ، وذلك إذا عُطِفَتْ (مُضِيٌّ) على (فِعْلُ) فإنْ عَطَفْتَه على (أَمْرٍ) فالألفُ للإطلاقِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ على فعلُ، (أَعْرَبُوا) فعلٌ وفاعلٌ، (مُضَارِعاً) مفعولٌ به، (إِنْ) حرفُ شرطٍ، (عَرِيَا) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ في محلِّ جزمِ فعلِ الشرطِ، وألفُه للإطلاقِ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه، وجوابُ الشرطِ محذوفٌ يَدُلُّ عليه السابقُ من الكلامِ؛ أي: إنْ عَرِيَ الفعلُ المضارِعُ من النونِ أُعْرِبَ، وعَرِيَ من بابِ رَضِيَ بمعنى خَلاَ، ويأتي من بابِ قَعَدَ بمعنًى آخَرَ، تقولُ: عَرَاهُ يَعْرُوهُ عُرُوًّا ـ مثلُ سَمَا يَسْمُو سُمُوًّا ـ إذا نَزَلَ به، ومِنه قولُ أبي صَخْرٍ الهُذَلِيِّ:
وإنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ =كَمَا انْتَفَضَ الْعُصْفُورُ بَلَّلَهُ الْقَطْرُ
([2]) (مِن نونِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بعَرِيَ، و(نونِ) مضافٌ و(توكيدٍ) مضافٌ إليه، (مُبَاشِرٍ) صفةٌ لنونِ، (ومِن نونِ) جارٌّ ومجرورٌ معطوفٌ بالواوِ على الجارِّ والمجرورِ السابقِ، ونونِ مضافٌ و(إناثٍ) مضافٌ إليه (كَيَرُعْنَ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرٍ لمبتدأٍ محذوفٍ، وتقديرُه: وذلك كائنٌ كيَرُعْنَ، (مَن) اسمٌ موصولٌ مفعولٌ به لِيَرُعْنَ، باعتبارِه فعلاً قبلَ أنْ يُقْصَدَ لفظُه معَ سائرِ التركيبِ، مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ نصبٍ، فأمَّا بعدَ أنْ قُصِدَ لفظُ الجملةِ فكلُّ كَلِمَةٍ منها كحرفٍ من حروفِ زيدٍ مَثلاً، (فُتِنْ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يعودُ إلى مَن، والجملةُ لا مَحَلَّ لَها من الإعرابِ؛ صِلَةُ الموصولِ.
([3]) لَمَّا كانَ الأصلُ عندَ البَصْرِيِّينَ في الأسماءِ الإعرابَ، فإنَّ ما كانَ منها مُعْرَباً لا يُسْأَلُ عن عِلَّةِ إعرابِه؛ لأنَّ ما جاءَ على أصلِه لا يُسْأَلُ عن عِلَّتِه، وما جاءَ مِنها مَبْنِيًّا يُسْأَلُ عن عِلَّةِ بِنائِه، وقد تَقَدَّمَ للناظمِ والشارِحِ بيانُ عِلَّةِ بِناءِ الاسمِ، وأنها مُشَابَهَتُه للحرفِ، ولَمَّا كانَ الأصلُ في الأفعالِ عندَهم أيضاً البناءَ، فإنَّ ما جاءَ منها مبنيًّا لا يُسْأَلُ عن عِلَّةِ بِنائِه، وإنما يُسْأَلُ عن عِلَّةِ إعرابِ ما أُعْرِبَ منه وهو المضارِعُ، وعِلَّةُ إعرابِ الفعلِ المضارِعِ عندَ البَصريِّينَ أنه أَشْبَهَ الاسمَ في أنَّ كلَّ واحدٍ مِنهما يَتَوَارَدُ عليه معانٍ تركيبيَّةٌ لا يَتَّضِحُ التمييزُ بينَها إلا بالإعرابِ.
فأمَّا المعانِي التي تَتَوَارَدُ على الاسمِ فمِثلُ الفاعليَّةِ والمفعوليَّةِ والإضافةِ في نحوِ قولِكَ: ما أَحْسَنَ زيدٌ، فإنك لو رَفَعْتَ زيداً لكانَ فاعلاً، وصارَ المرادُ نَفْيَ إحسانِه، ولو نَصَبْتَه لكانَ مفعولاً به وصارَ المرادُ التعجُّبَ مِن حُسْنِهِ، ولو جَرَرْتَه لكانَ مُضَافاً إليه، وصارَ المرادُ الاستفهامَ عن أحسنِ أجزائِه.
وأما المعانِي التي تَتَوَارَدُ على الفعلِ فمثلُ النهيِ عن الفعليْنِ جميعاً أو عن الأوَّلِ مِنهما وحدَه، أو عن فِعْلِهِما متصاحبيْنِ في نحوِ قولِكَ: لا تُعْنَ بالجفاءِ وتَمْدَحْ عَمْراً، فَإِنَّكَ لو جَزَمْتَ (تَمْدَحْ) لكنتَ منهيًّا عنه استقلالاً، وصارَ المرادُ أنه لا يَجُوزُ لكَ أنْ تُعْنَى بالجفاءِ ولا أنْ تَمْدَحَ عمراً، ولو رَفَعْتَ (تَمْدَحُ) لكانَ مُسْتَأْنَفاً غيرَ داخلٍ في حكمِ النهيِ، وصارَ المرادُ أنَّكَ منهيٌّ عن الجفاءِ، مأذونٌ لكَ في مدحِ عمرٍو، ولو نَصَبْتَه لكانَ معمولاً لأنِ المصدريَّةِ المقدَّرَةِ بعدَ واوِ المَعِيَّةِ، وصارَ المرادُ أنَّكَ منهيٌّ عن الجمعِ بينَ الجفاءِ ومدحِ عمرٍو، وأنكَ لو فَعَلْتَ أيَّهُما مُنْفَرِداً جازَ.
([4]) بُنِيَ الفعلُ الماضي لأنَّ البناءَ هو الأصلُ، وإنما كانَ بناؤُه على حركةٍ ، معَ أنَّ الأصلَ في البناءِ السكونُ ؛ لأنَّه أَشْبَهَ الفعلَ المضارِعَ المعرَبَ في وقوعِه خبراً وصِفَةً وصِلَةً وحَالاً، والأصلُ في الإعرابِ أنْ يكونَ بالحركاتِ، وإنما كانَتِ الحركةُ في الفعلِ الماضي خُصُوصَ الفتحةِ؛ لأنَّها أخفُّ الحركاتِ، فقَصَدُوا أنْ تَتَعَادَلَ خِفَّتُها معَ ثِقَلِ الفعلِ بسببِ كونِ معناه مركَّباً؛ لئلا يَجْتَمِعَ ثَقيلانِ في شيءٍ واحدٍ، وتركيبُ معناه هو دَلالتُه على الحدثِ والزمانِ.
([5]) عندَهم أنَّ نحوَ: (اضْرِبْ) مجزومٌ بلامِ الأمرِ مقدَّرَةً، وأصلُه لِتَضْرِبْ، فحُذِفَتِ اللامُ تخفيفاً، فصارَ (تَضْرِبْ) ثمَّ حُذِفَ حرفُ المضارعةِ قَصداً للفرقِ بينَ هذا وبينَ المضارِعِ غيرِ المجزومِ عندَ الوقفِ عليه، فاحْتِيجَ بعدَ حذفِ حرفِ المضارعةِ إلى همزةِ الوصلِ تَوَصُّلاً للنطقِ بالساكنِ ـ وهو الضادُ ـ فصارَ (اضْرِبْ). وفي هذا مِن التكلُّفِ ما ليسَ يَخْفَى.
([6]) لا فَرْقَ في اتِّصالِ نونِ التوكيدِ بالفعلِ المضارِعِ ومباشرتِها له بينَ أنْ تكونَ ملفوظاً بها؛ كما في مِثالِ الشارِحِ، وأنْ تكونَ مُقَدَّرَةً كما في قولِ الشاعرِ، وهو الأضبطُ بنُ قُرَيْعٍ:

لا تُهِينَ الْفَقِيرَ عَلَّكَ أنْ تَرْ = كَعَ يوماً والدَّهْرُ قَدْ رَفَعَه
فإنَّ أصلَ قولِه: (لا تُهِينَ) لا تُهِينَنْ بنونيْنِ: أُولاهما لامُ الكَلِمَةِ، والثانيةُ نونُ التوكيدِ الخفيفةُ، فحُذِفَتْ نونُ التوكيدِ الخفيفةُ، وبَقِيَ الفعلُ بعدَ حذفِها مبنيًّا على الفتحِ في محلِّ جزمٍ بلامِ النهيِ، ولو لم تَكُنْ نونُ التوكيدِ مقدرةً في هذا الفعلِ لَوَجَبَ عليه أنْ يقولَ: لا تُهِنْ، بحذفِ الياءِ التي هي عينُ الفعلِ؛ تَخَلُّصاً من التقاءِ الساكنيْنِ، وهما الياءُ وآخرُ الفعلِ ، ثمَّ يَكْسِرَ آخرُ الفعلِ؛ تَخَلُّصاً من التقاءِ ساكنيْنِ آخريْنِ هما آخرُ الفعلِ ولامُ التعريفِ التي في أوَّلِ (الفقيرَ)؛ لأنَّ ألفَ الوصلِ لا يُعْتَدُّ بها؛ إذ هي غيرُ منطوقٍ بها، فلَمَّا وَجَدْنَاهُ لم يَحْذِفِ الياءَ عَلِمْنَا أنه قد حَذَفَ نونَ التوكيدِ وهو يَنْوِيهَا.
([7]) أي: بعدَ أنْ حَرَّكَ نونَ التوكيدِ بالكسرِ بعدَ أنْ كانَتْ مفتوحةً؛ فرقاً بينَها وبينَ نونِ التوكيدِ التي تَتَّصِلُ بالفعلِ المسنَدِ للواحدِ في اللفظِ، فإنَّ ألفَ الاثنيْنِ تَظْهَرُ في النطقِ كحركةٍ مُشبَعةٍ، فلو لم تُكْسَرِ النونُ في المُثَنَّى الْتَبَسَ المُسْنَدُ للاثنيْنِ في اللفظِ بالمسندِ إلى المفردِ.
([8]) مِمَّنْ قالَ بإعرابِه السُّهَيْلِيُّ وابنُ دَرَسْتَوَيْهَ وابنُ طَلْحَةَ، ورأيُهم أنه معربٌ بإعرابٍ مقدَّرٍ مَنَعَ من ظُهُورِه شَبَهُه بالماضِي في صيرورةِ النونِ جُزءاً مِنه، فتقولُ في نحوِ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ}: يُرْضِعْنَ فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ بضمَّةٍ مقدرةٍ على آخرِه، مَنَعَ ظُهُورَها شَبَهُ يُرْضِعْنَ بأَرْضَعْنَ في أنَّ النونَ قد صَارَتْ فيه جُزءاً منه.


  #3  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 04:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

وَالثَّانِي: الأَمْرُ، وَبِنَاؤُهُ عَلَى مَا يُجْزَمُ بِهِ مُضَارِعُهُ ([1])، فَنَحْوُ: (اضْرِبْ) مَبْنِيٌّ عَلَى السكونِ، وَنَحْوُ: (اضْرِبَا) مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ النُّونِ، وَنَحْوُ: (اغْزُ) مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ آخِرِ الْفِعْلِ.
وَالْمُعْرَبُ الْمُضَارِعُ نَحْوُ: (يَقُومُ) لَكِنْ بِشَرْطِ سَلامَتِهِ منْ نُونِ الإناثِ وَنُونِ التوكيدِ ([2]) المُبَاشِرَةِ؛ فَإِنَّهُ مَعَ نُونِ الإناثِ مَبْنِيٌّ عَلَى السكونِ، نَحْوُ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} ([3])، وَمَعَ نُونِ التوكيدِ المباشرةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، نَحْوَ: {لَيُنْبَذَنَّ} ([4])، وَأَمَّا غَيْرُ المباشرةِ، فَإِنَّهُ مُعْرَبٌ مَعَهَا تَقْدِيراً، نَحْوَ: {لَتُبْلَوُنَّ} ([5])، {فَإِمَّا تَرَيِنَّ} ([6])، {وَلا تَتَّبِعَانِّ} ([7]).


([1]) هَذَا مَذْهَبُ البَصْرِيِّينَ، وَذَهَبَ الكوفيُّونَ إِلَى أَنَّ فِعْلَ الأَمْرِ مُعْرَبٌ مَجْزُومٌ بِلامِ أَمْرٍ مَحْذُوفَةٍ، فَأَصْلُ (قُمْ) و(َاقْعُدْ): لِتَقُمْ وَلْتَقْعُدْ، فَحُذِفَتْ لامُ الأَمْرِ، ثُمَّ حُذِفَ حَرْفُ المضارعةِ، وَارْتَضَى المُؤَلِّفُ فِي (مُغْنِي اللَّبِيبِ) مَذْهَبَهُمْ.
([2]) عِلَّةُ بِنَاءِ المضارعِ مع نونِ النسوةِ مُشَابَهَتُهُ للفعلِ الماضي، فنحوُ (يُرْضِعْنَ) أَشْبَهَ (أَرْضَعْنَ)، وَذَهَبَ السُّهَيْلِيُّ إِلَى أَنَّ المضارعَ مَعَ نونِ النسوةِ مُعْرَبٌ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ لَهُ مِنَ الإعرابِ، وَعِلَّةُ بِنَاءِ المضارعِ معَ نونِ التوكيدِ المباشرةِ: تَرَكُّبُهُ مَعَهَا كَتَرَكُّبِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَعِلَّةُ إِعْرَابِهِ مع غَيْرِ المباشرةِ أَنَّ الفاعلَ فَاصِلٌ بَيْنَ الفعلِ والنونِ، وَهُمْ لا يُرَكِّبُونَ ثلاثةَ أشياءَ.
([3]) سُورَةُ البقرةِ، الآيَةُ: 228.
([4]) سُورَةُ الهُمَزةِ، الآيَةُ: 4.
([5]) سُورَةُ آلِ عِمْرانَ، الآيَةُ: 186.
([6]) سُورَةُ مَرْيَمَ، الآيَةُ: 26.
([7]) سُورَةُ يُونُسَ، الآيَةُ: 89.


  #4  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 04:15 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


19- وَفِعْلُ أَمْرٍ وَمُضِيٍّ بُنِيَــا = وَأَعْرَبُوا مُضَارِعًا: إِنْ عَرِيــَــا
20- مِنْ نونِ توكيدٍ مباشرٍ، ومِنْ = نونِ إناثٍ: كيَرُعْنَ مَنْ فُتِـــنْ
(وَفِعْلُ أَمْرٍ) وفعلِ (مُضِيٍّ بُنِيَا) على الأصلِ في الأفعالِ: الأَوَّلُ عَلَى مَا يُجْزَمُ بِهِ مُضَارِعُهُ مِنْ سُكُونٍ أو حَذْفٍ، والثاني على الفتحِ : لفظًا كضَرَبَ، أو تقديرًا كرَمَى، وبُنِي على الحركةِ لمشابهتِهِ المضارعِ في وقوعِهِ صفةً وصلةً وخبرًا وحالاً وشرطًا، وبُنِيَ على الفتحِ لخِفَّتِهِ. وأما نحوُ: "ضَرَبْتُ"، و"انْطَلَقْنَا" و"اسْتَبَقْنَ" فالسكونُ فيه عارضٌ أوجبَه كراهتُهم توالي أربعَ متحرِّكاتٍ فيما هو كالكلمةِ الواحدةِ ؛ لأنَّ الفاعلَ كجزءٍ مِنْ فعلِهِ، وكذلك ضمَّةُ "ضربُوا" عارضةً أوجبَها مناسبةُ الواوِ.
تنبيهٌ : بناءُ الماضي مجمعٌ عليه، وأما الأمرُ فذهب الكوفيُّونَ إلى أنَّهُ مُعْرَبٌ مجزومٌ بلامِ الأمرِ مقدَّرَةٍ، وهو عندهم مقتطعٌ من المضارعِ ، فأصلُ قُمْ: لِتَقُمْ؛ فحُذِفَتِ اللامُ للتخفيفِ، وتتبعُها حرفُ المضارعةِ، قال في (المغني): وبقولِهم: أقولُ، لأنَّ الأمرَ معنًى فحقُّه أن يؤدَّى بالحرفِ، ولأنَّهُ أخو النهيِ، وقد دلَّ عليه بالحرفِ، انتهى.
(وَأَعْرَبُوا مُضَارِعًا) بطريقِ الحملِ على الاسمِ؛ لمشابهتِه إيَّاهُ: في الإبهامِ والتخصيصِ، وقبولِ لامِ الابتداءِ. والجريانِ على لفظِ اسمِ الفاعلِ: في الحركاتِ والسكناتِ، وعددِ الحروفِ ، وتعيينِ الحروفِ الأصولِ والزوائدِ. وقال الناظمُ في (التسهيلِ): بجوازِ شبهِ ما وجَبَ له، يعني من قبولِه بصيغةٍ واحدةٍ معانيَ مختلفةً لولا الإعرابُ لالتبَسَتْ. وأشارَ بقولِه: بِجَوَازِ إلى أنَّ سبَبَ الإعرابِ واجبٌ للاسمِ وجائزٌ للمضارعِ؛ لأن الاسمَ ليس له ما يغنيه عن الإعرابِ، لأنَّ معانيَهُ مقصورةٌ عليه، والمضارعُ يغنيه عنِ الإعرابِ وضعُ اسمٍ مكانَه ، كما في نحوِ: "لا تُعِنْ بالجَفَاءِ وتمدَحَ عَمْرًا" فَإِنَّهُ يحتملُ المعانيَ الثلاثةَ في: "لا تأكلِ السمكَ وتشربَ اللبنِ"، ويغني عن الإعرابِ في ذلك وضعُ الاسمِ مكانَ كلٍّ من المجزومِ والمنصوبِ والمرفوعِ، فيقال: "لا تُعَنْ بالجفاءِ ومدحِ عمرٍو"، و"لا تُعِنْ بالجفاءِ مادحًا عمرًا"، و"لا تُعِنْ بالجفاءِ ولكَ مَدْحُ عمرٍو" ومِنْ ثَمَّ كانَ الاسمُ أصلاً والمضارع ُفرعًا، خلافًا للكوفيِّين؛ فإِنَّهُم ذهبُوا إلى أن الإعرابَ أصلٌ في الأفعالِ كما هو أصلٌ في الأسماءِ ، قالُوا: لأنَّ اللَّبْسَ الذي أوجَبَ الإعرابَ في الأسماءِ موجودٌ في الأفعالِ في بعض المواضعِ، كما في نحوِ: لا تأكلِ السمكَ وتشربْ اللبنَ كما تقدَّمَ. وأُجِيبَ بأنَّ اللَّبْسَ في المضارعِ كان يمكنُ إزالتُهُ بغيرِ الإعرابِ كما تقدَّمَ.
وإنما يعُرْبُ المضارعُ (إِنْ عَرِيَ مِنْ نونِ توكيدٍ مُبَاشِرٍ) له، نحو: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَا} (ومن نونِ إِنَاثٍ كيَرُعْنَ) مِنْ قولِك: "النِّسْوَةُ يَرُعْنَ" أي: يَخِفْنَ (مَنْ فُتِنَ) فإنْ لمْ يَعْرَ منهما لم يُعْرَبْ؛ لمعارضةِ شبهِ الاسمِ بما هو من خصائصِ الأفعالِ، فرجع إلى أصلِه مِنَ البناءِ، فيُبْنَى مع الأَوَّلِ على الفتحِ لتركيبِه معها تركيبَ خمسةَ عشرَ، ومع الثانيةِ على السكونِ حملًا على الماضي المتصلِ بها، لأنَّهُمَا مستويان في أصالةِ السكونِ وعروضِ الحركةِ، كما قاله في (شرحِ الكافيةِ)، والاحترازُ بـ "المباشرِ" عن غيرِ المباشرِ، وهو الذي فصَلَ بينَ الفعلِ وبينَه فاصلٌ: ملفوظٌ به كألفِ الاثنينِ، أو مقدَّرٌ كواوِ الجماعةِ وياءِ الواحدةِ المخاطبةِ، نحوُ: "هل تضرِبَانَّ يا زيدانِ"، و"هل تضرِبُنَّ يا زيدونَ"، و"هل تضرِبَنَّ يا هندُ" الأصلُ: تضرِبَانْن، وتضربونن، وتضربينَنْ، حذُفِت نونُ الرفعِ لتوالي الأمثالِ، ولم تحُذَفْ نونُ التوكيدِ لفواتِ المقصودِ منها بحذفِها، ثُمَّ حُذِفَتِ الواوُ والياءُ ؛ لالتقاءِ الساكنينِ، وبقِيَتْ الضمَّةُ والكسرةُ دليلاً على المحذوفِ، ولم تُحْذَفِ الألفُ لِئَّلا يَلْتَبِسُ بفعلِ الواحدِ، وسيأتي الكلامُ على ذلك في موضعِهِ مستوفٍى، فهذا ونحوُه معرَبٌ، والضابطُ أنَّ ما كانَ رَفْعُهُ بالضمَّةِ إذا أُكِّدَ بالنونِ بُنِيَ لتركُّبِه معها، وما كانَ رفعُه بالنونِ إذًا أُكِّدَ بالنونِ لم يبِنِ لعدمِ تركبه معها، لأنَّ العربَ لَمْ تركِّبْ ثلاثةَ أشياءَ.

تنبيهٌ : ما ذكَرْناه مِنَ التفرقةِ بَينَ المباشرةِ وغيرِها هو المشهورُ والمنصورُ، وذهبَ الأخفشُ وطائفةٌ إلى البناءِ مطلقًا، وطائفةٌ إلى الإعرابِ مطلقًا، وأما نونُ الإناثِ فقالَ في (شرحِ التسهيلِ): إنَّ المتَّصِلَ بها مبنيٌّ بلا خلافٍ ، وليس كما قال، فقد ذهبَ قومٌ - منهم ابنُ درستويهِ، وابنُ طلحةَ، والسهيليُّ- إلى أنَّهُ معرَبٌ بإعرابٍ مقدَّرٍ منَعَ مِنْ ظهورِه ما عرَضَ فيه مِنَ الشَّبَهِ بالماضي.


  #5  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 04:15 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان

الْمُعْرَبُ والْمَبْنِيُّ مِن الأفعالِ
19- وفعلُ أمرٍ ومُضِيٍّ بُنِيَا = وأَعْرَبُوا مُضارِعاً إنْ عَرِيَا
20- مِن نونِ توكيدٍ مُباشِرٍ ومِن = نونِ إناثٍ كَيَرُعْنَ مَن فُتِنْ
لَمَّا ذَكَرَ الْمُعْرَبَ والْمَبْنِيَّ مِن الأسماءِ شَرَعَ في بيانِ الْمَبْنِيِّ والْمُعْرَبِ مِن الأفعالِ، والأفعالُ ثلاثةٌ:
1- الفِعْلُ الماضي: ويُبْنَى على الفَتْحِ ظَاهِراً، كقولِه تعالى: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ}، أو مُقَدَّراً، نحوُ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}.
ويُبْنَى على الضمِّ إذا اتَّصَلَتْ به واوُ الجماعةِ، كقولِه تعالى: {قَالُوا سُبْحَانَكَ}، ويُبْنَى على السكونِ إذا اتَّصَلَ به ضميرُ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٍ، وهو تاءُ الفاعلِ، أو نا الفاعلينَ، أو نونُ النِّسْوَةِ، قالَ تعالى: {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ}، وقالَ تعالى: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ}، وقالَ تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً}.
2- فِعْلُ الأَمْرِ: ويُبْنَى على ما يُجْزَمُ به مُضَارِعُه، فالسكونُ إذا كانَ صحيحَ الآخِرِ، نحوُ: امْحَضْ أخاكَ النَّصِيحَةَ، قالَ تعالى: {قُمْ فَأَنْذِرْ}، أوِ اتَّصَلَتْ به نونُ الإناثِ نحوُ: اتْرُكْنَ الإسرافَ، قالَ تعالى: {وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ} ويُبْنَى على حَذْفِ النونِ إذا اتَّصَلَتْ بآخِرِه ألِفُ الاثنينِ، كقولِه تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}، أو واوُ الجماعةِ؛ كقولِه تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى}، أو ياءُ المخاطَبَةِ، كقولِه تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}، ويُبْنَى على حذْفِ حرْفِ العِلَّةِ إذا كانَ مُعتلَّ الآخِرِ، نحوُ: أَفْشِ السلامَ، ومنه قولُه تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، وقولُه تعالى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، وقولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ}.
3- المضارِعُ، وله حالتانِ:
الأُولَى: البِناءُ، وذلك بأَحَدِ شَرطينِ:
1- أنْ تَتَّصِلَ به نونُ الإناثِ، فيُبْنَى على السكونِ، نحوُ: الْمُتَحَجِّبَاتُ يَحْفَظْنَ أنْفُسَهُنَّ، قالَ تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ}.
فـ(يَتَرَبَّصْ) فعْلٌ مضارِعٌ مَبْنِيٌّ على السكونِ؛ لاتِّصالِه بنونِ الإناثِ، ونونُ الإناثِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ مَبنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رفْعِ فاعِلٍ.
2- أنْ تَتَّصِلَ به نونُ التوكيدِ المباشِرَةُ، وهي التي لم يَفْصِلْ بينَها وبينَ الفِعْلِ فاصِلٌ، فيُبْنَى على الفتْحِ، وعلامَةُ ذلك أنْ يكونَ المضارِعُ قبلَ دخولِ نونِ التوكيدِ مَرفوعاً بالضمَّةِ، وهذا في الفعْلِ المسنَدِ للواحِدِ، وما في حُكْمِه، نحوُ: لا تَكُونَنَّ على الإساءةِ أقْوَى مِنكَ على الإحسانِ، قالَ تعالى: {كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ}، فـ(يُنْبَذَنَّ) فعْلٌ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ على الفتْحِ؛ لاتِّصالِه بنونِ التوكيدِ المباشِرَةِ، ونونُ التوكيدِ حَرْفٌ مَبْنِيٌّ على الفتْحِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ.
الحالةُ الثانيةُ: الإعرابُ، وذلك بأحَدِ شَرطينِ:
الأوَّلُ: ألاَّ تَتَّصِلَ به إحدى النونينِ، نحوُ: إنما يَجْلِسُ الرجُلُ إلى مَن يَنفَعُه في دِينِه, قالَ تعالى: {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ}.
الثاني: إذا اتَّصَلَتْ به نونُ التوكيدِ غيرُ الْمُبَاشِرَةِ، وهي التي فَصَلَها عن الفعْلِ فاصِلٌ، وعَلامَةُ ذلك أنْ يكونَ المضارِعُ قبلَ دُخولِ نونِ التوكيدِ مَرفوعاً بالنونِ، وهذا في الفعْلِ الْمُسْنَدِ إلى ألِفِ الاثنيْنِ؛ كقولِه تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}، أو واوِ الجماعةِ؛ كقولِه تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} أو ياءِ المُخاطَبَةِ؛ كقولِه تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً}.
وإلى حُكْمِ الفعْلِ الإعرابيِّ أَشَارَ بقولِه: (وفعلُ أمرٍ ومُضِيٍّ بُنِيَا..)؛ أيْ: بُنِيَ الفعْلُ الماضي وفِعْلُ الأمْرِ، (وأَعْرَبُوا مُضارِعاً)؛ أيْ: أنَّ العرَبَ نَطَقَتْ بالمضارِعِ مُعْرَباً، أو أنَّ النَّحْوِيِّينَ حَكَمُوا بذلك، (إنْ عَرِيَا..)؛ أيْ: خلا مِن نونِ التوكيدِ المباشِرَةِ، ومِن نونِ الإناثِ، وهذا أحْسَنُ مِن التعبيرِ بـ(نونِ النِّسْوَةِ)؛ لأنَّ هذه لا يَدْخُلُ فيها إلاَّ العاقِلُ، فالأُولَى أَعَمُّ، (كَيَرُعْنَ مَنْ فُتِنْ) مِثالٌ لنونِ الإناثِ؛ أيْ: أنَّ النساءَ يُخِفْنَ مَن فُتِنَ بِهِنَّ. نَسْأَلُ اللَّهَ السلامةَ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأفعال, إعراب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir