اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لقصّة أصحاب الجنة، مع الاستدلال لما تقول.
1- الابتلاء كما يكون بالشر يكون بالخير ، قال تعالى : إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) .
2- الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافيه ، يكافيء المحسن علي إحسانه, ويجازي المسيء بإساءته قال تعالى : فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) .
3- علي العبد أن يعترف بأخطائه وعليه أن يقوم بتصحيحها والرجوع عنها, وعليه أن يداوم علي الاستغفار والتوبة والإنابة إلي الله ، قال تعالى : }قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ {.
4- مَن دَعَا اللَّهَ صادِقاً ورَغِبَ إليه ورَجاهُ ـ أَعطاهُ سُؤْلَهُ ، قال تعالى : } عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ {.
5- من خالف أمر اللّه، وبخل بما آتاه اللّه وأنعم به عليه، ومنع حقّ المسكين والفقراء وذوي الحاجات، وبدّل نعمة اللّه كفرًا ، عاقبه الله فى الدّنيا ، وعذاب الآخرة أشقّ ، قال تعالى: (كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33).
6- كلَّ مَن ينفق مالَه في سبيل الله، ويعطي حقَّ الفقراء والمساكين، فإنَّ الله سيبارك له في ماله ونفسه وعِياله، كما فعَل مع الرجل الصالح صاحبِ الجنة.
المجموعة الثالثة
1. فسّر قوله تعالى:
{فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47)}.
قوله تعالى : {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) : يقول الله تعالى متوعداً ومهدداً دَعْنِي والْمُكَذِّبِينَ بالقرآنِ العظيمِ ولا تَستَعْجِلْ لهم فسوف نستدرجهم وهم لا يشعرون .
قوله تعالى : وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) : أيْ: وأُمْهِلُهم لِيَزْدَادُوا فى غيهم كما قال النبى صلى الله عليه وسلم : "إنّ اللّه تعالى ليملي للظّالم، حتّى إذا أخذه لم يفلته" ، وهذا من كيد الله تعالى لهم ، وكيد الله لأعدئه متين قوى شديد يشملهم بعقابه.
قوله تعالى : أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) : أى : هل تطلب منهم أجراً أو ثواباً على ماتدعوهم إليه من الإيمان بالله ، فهم مكلفون حملاً ثقيلا من غرامة هذا الأجر، والمقصود أنك تدعوهم بلا أجر تأخذه منهم ، فكيف يصرفون عن عبادة الله .
قوله تعالى : أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) : أيْ: بل أَعِنْدَهم علم الغيب فيَكتبونَ ما يُريدونَ مِن الْحُجَجِ التي يَزعمونَ، ويُخَاصِمُونَك بما يَكتبونَه مِن ذلك، ويَحكمونَ لأنْفُسِهم بما يُريدونَ، فوجدوا أنهم على الحق ، ولهم الثواب عند الله ، وما حملهم على ذلك إلا الجهل والكفر والعناد .
2. حرّر القول في كل من:
أ - المراد بالقلم في قوله تعالى: {ن والقلم وما يسطرون}.
الأقوال الواردة فى المراد بالقلم في قوله تعالى: {ن والقلم وما يسطرون} :
1- قلمٌ من نورٍ، يجري بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة ، وضعفه ابن كثير وقال عن الخبر الذى ذكره الطبرى : هذا مرسلٌ غريبٌ .
2- القلم الّذي أجراه اللّه بالقدر حين كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرضين بخمسين ألف سنةٍ ، وذكره ابن كثير .
3- اسمُ جِنْسٍ شاملٌ للأقلامِ التي تُكتبُ بها أنواعُ العلومِ ، وقال ابن كثير : الظّاهر أنّه جنس القلم الّذي يكتب به كقوله {اقرأ وربّك الأكرم الّذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم} [العلق: 3 -5]. فهو قسمٌ منه تعالى، وتنبيهٌ لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة الّتي بها تنال العلوم؛ ولهذا قال: {وما يسطرون} قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة: يعني: وما يكتبون ، وهو اخيار ابن كثير والسعدى والأشقر وهو القول الراجح.
ب - معنى قوله تعالى: {سنسمه على الخرطوم}.
الأقوال الواردة فى قوله تعالى: {سنسمه على الخرطوم}:
1- سنبين أمره بيانًا واضحًا، حتّى يعرفوه ولا يخفى عليهم، كما لا تخفى السّمة على الخراطيم ، قاله ابن جرير وذكره ابن كثير .
2- شينٌ لا يفارقه آخر ما عليه ، قاله قتادة ، وذكره ابن كثير .
3- سيما على أنفه ، قاله السّدّيّ وإحدى أقوال قتادة ، وذكره ابن كثير .
4- يقاتل يوم بدرٍ، فيخطم بالسّيف في القتال ، قاله العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ ، وذكره ابن كثير .
5- سمة أهل النّار، يعني نسوّد وجهه يوم القيامة، وعبّر عن الوجه بالخرطوم. حكى ذلك كلّه أبو جعفر ابن جريرٍ، ومال إلى أنّه لا مانع من اجتماع الجميع عليه في الدّنيا والآخرة، وذكره ابن كثير ،وقال: وهذا القول متّجه .
6- يُعَذِّبَه عَذاباً ظاهِراً يكونُ عليه سِمَةٌ وعَلاَمَةٌ في أَشَقِّ الأشياءِ عليه, وهو وَجْهُهُ ، وذكره السعدى .
7- الوَسْمَ بالسوادِ على أَنْفِه، وذلك أنه يَسْوَدُّ وَجْهُهُ بالنارِ قَبلَ دُخولِ النارِ، فيكونُ له على أَنْفِه عَلامةٌ، ونُلْحِقُ به شَيْنًا لا يُفَارِقُه يُعْرَفُ به ، وذكره الاشقر .
بالنظر إلى الاقوال الواردة فى المراد بقوله تعالى: {سنسمه على الخرطوم} ، نجد أن هناك اتفاقاً وتقارباً بين الأقوال ، ومال ابن جرير الطبرى إلى أنّه لا مانع من اجتماع الجميع عليه في الدّنيا والآخرة ورجحه ابن كثير ويدخل فيه قول والسعدى والأشقر .
3. بيّن ما يلي:
أ- معنى خشية الله بالغيب.
أي: يخشون الله في جميعِ أحوالِهم، حتى في الحالةِ التي لا يَطَّلِعُ عليهم فيها إلاَّ اللَّهُ، فلا يُقْدِمُونَ على مَعاصِيهِ، ولا يُقَصِّرُون فيما أمَرَ به ، وذكره ابن كثير والسعدى.
وقيل : يَخشونَ عذابَه ولم يَرَوْهُ، فيُؤمنونَ به خَوفاً مِن عَذابِه ، وذكره الأشقر .
ب- لم خصّ التوكل من بين سائر الأعمال وهو داخل في الإيمان، في قوله تعالى: {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا}.
خصّ التوكل من بين سائر الأعمال وهو داخل في الإيمان، في قوله تعالى: {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا} ، لأن الإيمانُ يَشمَلُ التصديقَ الباطِنَ، والأعمالَ الباطنةَ والظاهِرَةَ، ولَمَّا كانَتِ هذه الأعمالُ مُتَوَقِّفَةً على التوكُّلِ من حيث وُجُودُها وكَمَالُها ، خَصَّ اللَّهُ التوَكُّلَ مِن بينِ سائرِ الأعمالِ ، وذكره السعدى.