دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > البلاغة > الجوهر المكنون

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 ذو القعدة 1429هـ/25-11-2008م, 04:55 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي فصل في الخروج عن مقتضى الظاهر

(فَصْلٌ فِي الْخُرُوجِ عَنْ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ)

وَخَرَجُوا عَنْ مُقْتَضَى الظَّوَاهِرِ = كَوَضْعِ مُضْمَرٍ مَكَانَ الظَّاهِرِ
لِنُكْتَةٍ كَبَعْثٍ اوْ كَمَالِ = تَمْيِيزٍ اوْ سُخْرِيَةٍ إِجْهَالِ
أَوْ عَكْسٍ اوْ دَعْوَى الظُّهُورِ وَالْمَدَدْ = لِنُكْتَةِ التَّمْكِينِ كَاللَّهُ الصَّمَدْ
وَقَصْدِ الاسْتِعْطَافِ وَالإِرْهَابِ = نَحْوُ الأَمِيرُ وَاقِفٌ بِالْبَابِ
وَمِنْ خِلافِ الْمُقْتَضَى صَرْفُ الْمُرَادْ = ذِي نُطْقٍ اوْ سُؤْلٍ لِغَيْرِ مَا أَرَادْ
لِكَوْنِهِ أَوْلَى بِهِ وَأَجْدَرَا = كَقِصَّةِ الْحَجَّاجِ وَالْقَبَعْثَرَا
وَالالْتِفَاتِ وَهْوَ الانْتِقَالُ مِنْ = بَعْضِ الأَسَالِيبِ إِلَى بَعْضٍ قَمِنْ
وَالْوَجْهُ الاسْتِجْلابُ بِالْخِطَابِ = وَنُكْتَةٍ تَخُصُّ بَعْضَ الْبَابِ
وَصِيغَةَ الْمَاضِي لآتٍ أَوْرَدُوا = وَقَلَبُوا لِنُكْتَةٍ وَأَنْشَدُوا
وَمَهْمَهٍ مُغْبَرَّةٍ أَرْجَاؤُهُ = كَأَنَّ لَوْنَ أَرْضِهِ سَمَاؤُهُ


  #2  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 07:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حلية اللب المصون للشيخ: أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري


قال:
(فصل: في الخروج عن مقتضى الظاهر)

وخرجوا عن مقتضى الظواهرِ = كَوَضْعِ مُضْمَرٍ المَكانَ ظاهِرِ
لِنُكْتَةٍ كَبَعْثٍ اوْ كَمالِ = تَمْييزٍ وسُخْرِيَةٍ إِجْهالِ
أَوْ عَكْسٍ اوْ دَعوى الظّهورِ وَالمَدَدْ = لِنُكْتَةِ التّمكينِ كَـ"اللهُ الصَّمَدْ"
وقصدِ الاستعطافِ والإرهابِ = نحوُ "الأَميرُ واقِفٌ بالبابِ"
أقول: جميع ما تقدم من المقامات المذكورة من الحذف والذكر وغير ذلك (مقتضى ظاهر الحال)، وذكر في هذا الفصل الخروج عن( مقتضى ظاهر) الحال إلى مقتضى الحال وهو المشار إليه بنكتة ومن المعلوم أن (مقتضى) ظاهر الحال أخص من مقتضاه، وصور الخروج عن مقتضى ظاهر الحال كثيرة ذكر المصنف بعضها:
فمنها وضع المضمر موضع المظهر نحو ﴿كل من عليها فان﴾ يعني الأرض ومنه هو زيد عالم لبعث الإضمار على توجه نفس السامع إلى الخبر.
ومنها وضع المظهر موضع المضمر، فإن كان المظهر اسم إشارة (فالنكتة)كمال العناية بتمييز المسند إليه لاختصاصه بحكم بديع كقول ابن الراوندي:

كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه = وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الأوهام حائرة = وصير العالم النحرير زنديقا
والأصل هو: أي ما تقدم من إعياء مذاهب (العاقل ورزق الجاهل)، فعدل إلى الإشارة لكمال العناية بتمييزه ليرى السامعين أن هذا المعنى المتميز هو الذي له الحكم العجيب، وهو جعل الأوهام حائرة والعالم النحرير زنديقا أو السخرية والتهكم كما إذا كان السامع أعمى فقال: من قام؟ فقلت له هذا مشيراً إلى مجهول أو مفقود تهكما به، (أو إجهال السامع): أي نسبته إلى الجهل والبلادة حتى إنه لا يدرك إلا المحسوس كقول الفرزدق:

أولئك آبائي فجئني بمثلهم = إذا جمعتنا يا جرير المجامع
(ومقتضى الظاهر) هم.
(أو عكس) ذلك وهو التعريض بفطانة السامع وذكائه حتى إن غير المحسوس عنده بمنزلة المحسوس كقولك مشيراً إلى معنى معقول: هذا مرادي. أو ادعاء كمال ظهور المسند إليه حتى كأنه محسوس كالمثال المتقدم باعتبار ادعاء كمال الظهور، وإن كان غير اسم الإشارة (فالنكتة) المدد أي الزيادة بنكتة هي التمكن، أي زيادة تمكن المسند إليه وتقريره في نفس السامع نحو: جاء زيد وزيد فاضل، ومنه مثال المتن.
(والصمد): هو الذي يصمد إليه ويقصد في الحوائج، (أو لاستعطاف): أي طلب العطف والرحمة كقول (الداعي): إلهي عبدك العاصي دعاك معترفا بذنبه فتب عليه توبة تمحو الأغيار من قلبه ومقتضى الظاهر أنا العاصي.
(أو الإرهاب) أي التخويف نحو ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها﴾ لم يقل أنا آمركم لأن في إظهار الاسم ترهيبا، ومنه مثال المتن لم يقل أنا واقف ترهيبا بإظهار لفظ الأمير.
قال:

وَمِنْ خِلافِ المُقتَضى صَرْفُ مُرادْ = ذي نُطْقٍ اوْ سُؤْلٍ لِغَيْرِ ما أَرادْ
لِكَوْنِهِ أَوْلى بِهِ وَأَجْدَرا = كَقِصَّةِ الحَجَّاجِ وَالقَبَعْثَرى
أقول: (من خلاف مقتضى) الظاهر مجاوبة المتكلم بغير ما يترقب وسماها عبد القاهر المغالطة، والسكاكي الأسلوب الحكيم، وذلك بحمل كلامه على خلاف قصده تنبيها على أنه أولى بالقصد من ذلك ما يحكى أن (الحجاج) توعد شاعراً يقال له (القبعثرى) بأن قال له: لأحملنك على الأدهم يعني القيد فقال له (القبعثرى) مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب، فحمل وعيده على الوعد فقال له (الحجاج): إنه حديد، فقال القبعثرى: لأن يكون حديداً خير من يكون بليداً، ومنها إجابة السائل بغير ما سأل عنه تنبيها على أنه اللائق بسؤاله كقوله تعالى: ﴿يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج﴾ سألوا عن الهلال لم [يبدو] دقيقا ثم يتزايد حتى يستوي ثم ينقص حتى يعود كما بدا؟ فأجيبوا ببيان حكمة ذلك، وهي معرفة المواقيت والحلول والآجال ومعالم الحج يعرف بها وقته للتنبيه على أن اللائق السؤال عن الحكمة، قال السعد: لأنهم ليسوا ممن يطلعون بسهولة على دقائق علم الهيئة، قال السيوطي في شرح عقود الجمان: وهذه قلة أدب منه وجهل بمقدار الصحابة رضي الله عنهم، وشنع عليه بكلام يراجعه من أراد الوقوف عليه، وذكر أنه ورد ما يدل على أن المسؤول عنه هو الحكمة في خلق الأهلة لا سبب الزيادة والنقصان، ونص السؤال: يا رسول الله لم خلقت الأهلة؟ فعلى هذا لا تكون المسألة من (خلاف مقتضى الظاهر).
وقوله سؤل على وزن قفل لغة في السؤال.
قال:
والالتفاتُ وَهْوَ الانْتِقالُ مِنْ = بَعْضِ الأساليبِ إِلى بَعْضٍ قُمِنْ

والوَجْهُ الاسْتِجلابُ لِلْخِطابِ = وَنُكْتَةٍ تَخُصُّ بَعْضَ البابِ
أقول: (من خلاف مقتضى الظاهر) الالتفات وهو عند الجمهور التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة أعني التكلم والخطاب والغيبة بعد التعبير عنه بغيره منها ولا يشترط التعبير عنه بالغير على مذهب السكاكي، فهو عنده أعم منه عند الجمهور فقول الخليفة أمير المؤمنين نأمرك بكذا التفات على مذهبه لأنه منقول عن أنا لا على مذهب الجمهور لعدم تقدم خلافه، فأقسامه ستة حاصلة من ضرب اثنين في ثلاثة، لأن كل قسم من الثلاثة ينقل إلى قسمين:
الأول: من (التكلم إلى الخطاب) نحو ﴿ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون﴾ الأصل وإليه أرجع.
الثاني: منه إلى الغيبة نحو ﴿إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر﴾ الأصل فصل لنا.
الثالث: من (الخطاب) إلى التكلم نحو قوله:

طحا بك قلب في الحسان طروب = بعيد الشباب عصر حان مشيب
يكلفني ليلى وقد شط وليها = وعادت عواد بيننا وخطوب
الشاهد في بك ويكلفني بالياء التحتية والأصل يكلفك
الرابع: منه إلى الغيبة نحو ﴿حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم﴾ الأصل بكم.
الخامس: من الغيبة إلى الخطاب نحو ﴿مالك يوم الدين إياك نعبد﴾ الأصل إياه نعبد.
السادس: منها إلى التكلم نحو ﴿الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه﴾ الأصل فساقه ووجه الالتفات (ونكتته) استجلاب نفس السامع (للخطاب): أي (الكلام المخاطب) به لأن النفس مجبولة على حب المتجدد، فإذا تجدد الكلام إلى أسلوب كان أدعى للإصغاء إليه، وهذه (النكتة) عامة في جميع أقسام الالتفات وربما اختص كل موضع منه بلطائف ونكت كالفاتحة، فإن العبد إذا ذكر الله وحده ثم ذكر صفاته التي كل صفة منها تبعث على شدة الإقبال، وآخرها مالك يوم الديني المفيد أنه مالك الأمر كله في يوم الجزاء فحينئذ يوجب الإقبال عليه (والخطاب) بغاية الخضوع والاستعانة في المهمات وهو معنى قوله (ونكتة.. الخ).
ومما هو شبيه (بالالتفات) وليس منه مسألتان ذكرهما السيوطي في عقود الجمان:
الأول التعبير بواحد من المفرد والمثنى والمجموع عن آخر منها، وهو من أنواع المجاز بخلاف الالتفات والمسألة الآتية فإنهما حقيقتان مثال المفرد عن المثنى قول الأعشى:

فرجى الخير وانتظري إيابي = إذا ما القارظ العنزى آبا
وإنما هما (القارظان) لأن المثل: حتى يثوب القارظان، ومثاله على الجمع:
وذبيان قد ذلت بأقدامها النعل أي النعال، ومثال المثنى عن المفرد ﴿ألقيا في جهنم﴾ أي ألق وعن الجمع ﴿ثم ارجع البصر كرتين﴾ إذ المراد التكثير لا مرتان، ومثال الجمع عن المفرد ﴿رب ارجعون﴾ أي ارجعني وعن المثنى قلو﴿فقد صغت قلوبكما﴾ أي قلباكما.
الثانية الانتقال من خطاب واحد من ا لثلاثة إلى آخر منها، مثاله من الخطاب لواحد إلى الاثنين ﴿لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض﴾ وإلى الجمع ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء﴾ ومثاله من الاثنين إلى الواحد ﴿فمن ربكما يا موسى﴾ ومثاله من الاثنين إلى الجمع ﴿أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة﴾ ومثاله من الجمع إلى الواحد ﴿وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين﴾ وإلى الاثنين ﴿يا معشر الجن والإنس إن استطعتم﴾ إلى قوله ﴿فبأي آلاء ربكما تكذبان﴾( والنكتة في) هذه المسألة كالنكتة في الالتفات.
قال:

وَصيغةُ الماضي لآتٍ أَوْردوا = وَقَلَبوا لِنُكْتَةٍ وَأَنْشَدوا
وَمَهْمَهٍ مُغْبَرَّةٍ أَرْجاؤهُ = كَأَنَّ لَوْنَ أَرْضِهِ سَماؤهُ
أقول: من خلاف (مقتضى الظاهر) التعبير عن المعنى المستقبل بلفظ الماضي تنبيها على تحقق وقوعه نحو ﴿ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض﴾ أي يفزع ونحو ﴿أتى أمر الله﴾ أي يأتي ومنه التعبير باسم الفاعل أو المفعول نحو ﴿وإن الدين لواقع﴾ ﴿ذلك يوم مجموع له الناس﴾ لأن الوصفين المذكورين حقيقة في الحال مجاز فيما سواه، ومن خلاف المقتضى القلب: وهو أن يجعل أحد جزأي الكلام مكان الآخر نحو عرضت الناقة على الحوض أي أظهرته عليها لتشرب مكان عرضت الحوض على الناقة لأن القاعدة أن المعروض عليه يكون له ميل إلى المعروض، والحوض مما يميل إليه الحيوان فيعرض هو على الحيوان لا الحيوان عليه، واختلف في قبوله فقيل يقبل مطلقاً لأنه يورث الكلام ملاحة، وقيل لا يقبل مطلقا لأنه عكس المطلوب ونقيض المقصود، والحق ما عليه الأصل، وهو التفصيل، فإن تضمن معنى لطيفاً قبل، وإلا فلا، فالأول نحو قوله:
ومهمه مغبرة أرجاؤه = كأن لون أرضه سماؤه
(والأصل): كأن لون سمائه لغبرته لون أرضه أي كلونها، (والنكتة) فيه المبالغة في وصف لون السماء بالغبرة حتى صار بحيث يشبه به لون الأرض في ذلك مع أن الأرض أصل فيه، والمهمه المفازة، والمغبرة المملوءة غبارا والأرجاء: النواحي جمع رجى بالقصر كرحى، والثاني نحو قوله:

فلما أن جرى سمن عليها = كما طينت بالفدن السياعا
يصف ناقة بالسمن والفدن القصر والسياع الطين المخلوط بالتبن، والأصل كما طينت بالسياع الفدن، وليس في هذا القلب معنى لطيف.


  #3  
قديم 2 محرم 1430هـ/29-12-2008م, 03:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية المنياوي على حلية اللب المصون للشيخ: مخلوف بن محمد البدوي المنياوي


قال:
(فصل: في الخروج عن مقتضى الظاهر)

وخرجوا عن مقتضى الظواهرِ = كَوَضْعِ مُضْمَرٍ المَكانَ ظاهِرِ
لِنُكْتَةٍ كَبَعْثٍ اوْ كَمالِ = تَمْييزٍ وسُخْرِيَةٍ إِجْهالِ
أَوْ عَكْسٍ اوْ دَعوى الظّهورِ وَالمَدَدْ = لِنُكْتَةِ التّمكينِ كَـ"اللهُ الصَّمَدْ"
وقصدِ الاستعطافِ والإرهابِ = نحوُ "الأَميرُ واقِفٌ بالبابِ"
أقول: جميع ما تقدم من المقامات المذكورة من الحذف والذكر وغير ذلك (مقتضى ظاهر الحال)، وذكر في هذا الفصل الخروج عن( مقتضى ظاهر) الحال إلى مقتضى الحال وهو المشار إليه بنكتة ومن المعلوم أن (مقتضى) ظاهر الحال أخص من مقتضاه، وصور الخروج عن مقتضى ظاهر الحال كثيرة ذكر المصنف بعضها:
فمنها وضع المضمر موضع المظهر نحو ﴿كل من عليها فان﴾ يعني الأرض ومنه هو زيد عالم لبعث الإضمار على توجه نفس السامع إلى الخبر.
ومنها وضع المظهر موضع المضمر، فإن كان المظهر اسم إشارة (فالنكتة)كمال العناية بتمييز المسند إليه لاختصاصه بحكم بديع كقول ابن الراوندي:

كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه = وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الأوهام حائرة = وصير العالم النحرير زنديقا
والأصل هو: أي ما تقدم من إعياء مذاهب (العاقل ورزق الجاهل)، فعدل إلى الإشارة لكمال العناية بتمييزه ليرى السامعين أن هذا المعنى المتميز هو الذي له الحكم العجيب، وهو جعل الأوهام حائرة والعالم النحرير زنديقا أو السخرية والتهكم كما إذا كان السامع أعمى فقال: من قام؟ فقلت له هذا مشيراً إلى مجهول أو مفقود تهكما به، (أو إجهال السامع): أي نسبته إلى الجهل والبلادة حتى إنه لا يدرك إلا المحسوس كقول الفرزدق:

أولئك آبائي فجئني بمثلهم = إذا جمعتنا يا جرير المجامع
(ومقتضى الظاهر) هم.
(أو عكس) ذلك وهو التعريض بفطانة السامع وذكائه حتى إن غير المحسوس عنده بمنزلة المحسوس كقولك مشيراً إلى معنى معقول: هذا مرادي. أو ادعاء كمال ظهور المسند إليه حتى كأنه محسوس كالمثال المتقدم باعتبار ادعاء كمال الظهور، وإن كان غير اسم الإشارة (فالنكتة) المدد أي الزيادة بنكتة هي التمكن، أي زيادة تمكن المسند إليه وتقريره في نفس السامع نحو: جاء زيد وزيد فاضل، ومنه مثال المتن.
(والصمد): هو الذي يصمد إليه ويقصد في الحوائج، (أو لاستعطاف): أي طلب العطف والرحمة كقول (الداعي): إلهي عبدك العاصي دعاك معترفا بذنبه فتب عليه توبة تمحو الأغيار من قلبه ومقتضى الظاهر أنا العاصي.
(أو الإرهاب) أي التخويف نحو ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها﴾ لم يقل أنا آمركم لأن في إظهار الاسم ترهيبا، ومنه مثال المتن لم يقل أنا واقف ترهيبا بإظهار لفظ الأمير.
قال:

وَمِنْ خِلافِ المُقتَضى صَرْفُ مُرادْ = ذي نُطْقٍ اوْ سُؤْلٍ لِغَيْرِ ما أَرادْ
لِكَوْنِهِ أَوْلى بِهِ وَأَجْدَرا = كَقِصَّةِ الحَجَّاجِ وَالقَبَعْثَرى
أقول: (من خلاف مقتضى) الظاهر مجاوبة المتكلم بغير ما يترقب وسماها عبد القاهر المغالطة، والسكاكي الأسلوب الحكيم، وذلك بحمل كلامه على خلاف قصده تنبيها على أنه أولى بالقصد من ذلك ما يحكى أن (الحجاج) توعد شاعراً يقال له (القبعثرى) بأن قال له: لأحملنك على الأدهم يعني القيد فقال له (القبعثرى) مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب، فحمل وعيده على الوعد فقال له (الحجاج): إنه حديد، فقال القبعثرى: لأن يكون حديداً خير من يكون بليداً، ومنها إجابة السائل بغير ما سأل عنه تنبيها على أنه اللائق بسؤاله كقوله تعالى: ﴿يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج﴾ سألوا عن الهلال لم [يبدو] دقيقا ثم يتزايد حتى يستوي ثم ينقص حتى يعود كما بدا؟ فأجيبوا ببيان حكمة ذلك، وهي معرفة المواقيت والحلول والآجال ومعالم الحج يعرف بها وقته للتنبيه على أن اللائق السؤال عن الحكمة، قال السعد: لأنهم ليسوا ممن يطلعون بسهولة على دقائق علم الهيئة، قال السيوطي في شرح عقود الجمان: وهذه قلة أدب منه وجهل بمقدار الصحابة رضي الله عنهم، وشنع عليه بكلام يراجعه من أراد الوقوف عليه، وذكر أنه ورد ما يدل على أن المسؤول عنه هو الحكمة في خلق الأهلة لا سبب الزيادة والنقصان، ونص السؤال: يا رسول الله لم خلقت الأهلة؟ فعلى هذا لا تكون المسألة من (خلاف مقتضى الظاهر).
وقوله سؤل على وزن قفل لغة في السؤال.
قال:
والالتفاتُ وَهْوَ الانْتِقالُ مِنْ = بَعْضِ الأساليبِ إِلى بَعْضٍ قُمِنْ

والوَجْهُ الاسْتِجلابُ لِلْخِطابِ = وَنُكْتَةٍ تَخُصُّ بَعْضَ البابِ
أقول: (من خلاف مقتضى الظاهر) الالتفات وهو عند الجمهور التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة أعني التكلم والخطاب والغيبة بعد التعبير عنه بغيره منها ولا يشترط التعبير عنه بالغير على مذهب السكاكي، فهو عنده أعم منه عند الجمهور فقول الخليفة أمير المؤمنين نأمرك بكذا التفات على مذهبه لأنه منقول عن أنا لا على مذهب الجمهور لعدم تقدم خلافه، فأقسامه ستة حاصلة من ضرب اثنين في ثلاثة، لأن كل قسم من الثلاثة ينقل إلى قسمين:
الأول: من (التكلم إلى الخطاب) نحو ﴿ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون﴾ الأصل وإليه أرجع.
الثاني: منه إلى الغيبة نحو ﴿إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر﴾ الأصل فصل لنا.
الثالث: من (الخطاب) إلى التكلم نحو قوله:

طحا بك قلب في الحسان طروب = بعيد الشباب عصر حان مشيب
يكلفني ليلى وقد شط وليها = وعادت عواد بيننا وخطوب
الشاهد في بك ويكلفني بالياء التحتية والأصل يكلفك
الرابع: منه إلى الغيبة نحو ﴿حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم﴾ الأصل بكم.
الخامس: من الغيبة إلى الخطاب نحو ﴿مالك يوم الدين إياك نعبد﴾ الأصل إياه نعبد.
السادس: منها إلى التكلم نحو ﴿الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه﴾ الأصل فساقه ووجه الالتفات (ونكتته) استجلاب نفس السامع (للخطاب): أي (الكلام المخاطب) به لأن النفس مجبولة على حب المتجدد، فإذا تجدد الكلام إلى أسلوب كان أدعى للإصغاء إليه، وهذه (النكتة) عامة في جميع أقسام الالتفات وربما اختص كل موضع منه بلطائف ونكت كالفاتحة، فإن العبد إذا ذكر الله وحده ثم ذكر صفاته التي كل صفة منها تبعث على شدة الإقبال، وآخرها مالك يوم الديني المفيد أنه مالك الأمر كله في يوم الجزاء فحينئذ يوجب الإقبال عليه (والخطاب) بغاية الخضوع والاستعانة في المهمات وهو معنى قوله (ونكتة.. الخ).
ومما هو شبيه (بالالتفات) وليس منه مسألتان ذكرهما السيوطي في عقود الجمان:
الأول التعبير بواحد من المفرد والمثنى والمجموع عن آخر منها، وهو من أنواع المجاز بخلاف الالتفات والمسألة الآتية فإنهما حقيقتان مثال المفرد عن المثنى قول الأعشى:

فرجى الخير وانتظري إيابي = إذا ما القارظ العنزى آبا
وإنما هما (القارظان) لأن المثل: حتى يثوب القارظان، ومثاله على الجمع:
وذبيان قد ذلت بأقدامها النعل أي النعال، ومثال المثنى عن المفرد ﴿ألقيا في جهنم﴾ أي ألق وعن الجمع ﴿ثم ارجع البصر كرتين﴾ إذ المراد التكثير لا مرتان، ومثال الجمع عن المفرد ﴿رب ارجعون﴾ أي ارجعني وعن المثنى قلو﴿فقد صغت قلوبكما﴾ أي قلباكما.
الثانية الانتقال من خطاب واحد من ا لثلاثة إلى آخر منها، مثاله من الخطاب لواحد إلى الاثنين ﴿لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض﴾ وإلى الجمع ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء﴾ ومثاله من الاثنين إلى الواحد ﴿فمن ربكما يا موسى﴾ ومثاله من الاثنين إلى الجمع ﴿أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة﴾ ومثاله من الجمع إلى الواحد ﴿وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين﴾ وإلى الاثنين ﴿يا معشر الجن والإنس إن استطعتم﴾ إلى قوله ﴿فبأي آلاء ربكما تكذبان﴾( والنكتة في) هذه المسألة كالنكتة في الالتفات.
قال:

وَصيغةُ الماضي لآتٍ أَوْردوا = وَقَلَبوا لِنُكْتَةٍ وَأَنْشَدوا
وَمَهْمَهٍ مُغْبَرَّةٍ أَرْجاؤهُ = كَأَنَّ لَوْنَ أَرْضِهِ سَماؤهُ
أقول: من خلاف (مقتضى الظاهر) التعبير عن المعنى المستقبل بلفظ الماضي تنبيها على تحقق وقوعه نحو ﴿ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض﴾ أي يفزع ونحو ﴿أتى أمر الله﴾ أي يأتي ومنه التعبير باسم الفاعل أو المفعول نحو ﴿وإن الدين لواقع﴾ ﴿ذلك يوم مجموع له الناس﴾ لأن الوصفين المذكورين حقيقة في الحال مجاز فيما سواه، ومن خلاف المقتضى القلب: وهو أن يجعل أحد جزأي الكلام مكان الآخر نحو عرضت الناقة على الحوض أي أظهرته عليها لتشرب مكان عرضت الحوض على الناقة لأن القاعدة أن المعروض عليه يكون له ميل إلى المعروض، والحوض مما يميل إليه الحيوان فيعرض هو على الحيوان لا الحيوان عليه، واختلف في قبوله فقيل يقبل مطلقاً لأنه يورث الكلام ملاحة، وقيل لا يقبل مطلقا لأنه عكس المطلوب ونقيض المقصود، والحق ما عليه الأصل، وهو التفصيل، فإن تضمن معنى لطيفاً قبل، وإلا فلا، فالأول نحو قوله:
ومهمه مغبرة أرجاؤه = كأن لون أرضه سماؤه
(والأصل): كأن لون سمائه لغبرته لون أرضه أي كلونها، (والنكتة) فيه المبالغة في وصف لون السماء بالغبرة حتى صار بحيث يشبه به لون الأرض في ذلك مع أن الأرض أصل فيه، والمهمه المفازة، والمغبرة المملوءة غبارا والأرجاء: النواحي جمع رجى بالقصر كرحى، والثاني نحو قوله:

فلما أن جرى سمن عليها = كما طينت بالفدن السياعا
يصف ناقة بالسمن والفدن القصر والسياع الطين المخلوط بالتبن، والأصل كما طينت بالسياع الفدن، وليس في هذا القلب معنى لطيف.



(فصل: في الخروج عن مقتضى الظاهر)
أي ظاهر الحال كما سيفيده الشارح. ثم اعلم أن الحال هو الأمر الداعي إلى إيراد الكلام مكيفا بكيفية ما سواء كان ذلك الأمر الداعي ثابتا في الواقع، أو كان ثبوته بالنظر لما عند المتكلم، وظاهر الحال هو الأمر الداعي إلى إيراد الكلام مكيفا بكيفية مخصوصة، بشرط أن يكون ذلك الأمر ثابتا في الواقع فقط. فعلم من هذا أن ظاهر الحال أخص من الحال، وحينئذ فيكون مقتضى ظاهر الحال أخص من مقتضى الحال، فكل مقتضى ظاهر حال مقتضى حال، ولا عكس اهـ دسوقي، وبهذا يتضح قول الشارح فيما سيأتي ومن المعلوم.. إلخ.
قوله: (وخرجوا) بتشديد الراء، ومفعوله الكلام، وذلك أن مقام التكلم والخطاب والغيبة للضمير ،كما تقدم لأنه هو الدال على ذلك، ومقام غير ذلك لخلافه، لأن ذل الخلاف هو الدال على المراد، وقد يخرجون الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، فيوقعون الضمير في خلاف مقامه الأصلي، وهو مقام الظاهر ويوقعون الظاهر في خلاف مقامه الأصلي وهو مقام الضمير اهـ ع ق.
وقوله: (بتشديد الراء) ربما تفيد عبارة الشارح خلافه، أعني التخفيف وهو الأوفق بلفظ عن تأمل.
قوله :(كوضع.. إلخ) بيان لصورة من صور التخريج المذكور.
وقوله: (لنكتة لامه) تعليلية وهو متعلق بخرجوا لا بوضع، والأغراض المسرودة في قوله كبعث.. إلخ، ليسا خاصة بالصورة المذكورة بل هي نكت للخروج عن الظاهر سواء كان بهذه الصورة، أو بغيرها قاله المصنف.
وقوله: (سواء.. إلخ) أراد أنها موزعة على هذه الصورة وغيرها، كما هو مفاد الشارح لا أن جميعها لكل من هذه وغيرها.
قوله:( كبعث) مصدر حذف فاعله وصلته كما يعلم من الشارح.
قوله: (أو كمال تمييز) مضاف ومضاف إليه.
قوله: (لنكتة التمكين) متعلق بالمدد واللام للتعدية لا للعلة، والمراد بالتمكين أثره وهو التمكن كما يفيده الصبان، والظاهر أن معنى النكتة المضافة إلى التمكين إضافة بيانية الصفة الدقيقة الموجودة في الكلام ،وهي تمكن جزئه وهو المسند إليه في نفس السامع، أو ما يصلح أن يعتبر نكتة للوضع المذكور من غير اعتبار الزيادة معه، وذكر المصنف الزيادة تبعا للأصل للتفنن في التعبير حيث جعله نكتة تارة، وزيادة تارة أخرى تأمل. وحاصل معنى المصنف أن وضع الظاهر غير اسم الإشارة موضع المضمر نكتته الزيادة لصفة دقيقة في الكلام هي تمكن جزئه في نفس السامع، أو لما يصلح أن يعتبر نكتة برأسه، وأن يعتبر هنا وهو التمكن المذكور، فليس معنى النكتتين واحدا للزوم فساد المعنى هذا ما ظهر لي بعد تمام التأمل.
قوله: (نحو الأمير.. إلخ) أي نحو قول الخليفة.. إلخ، ع ف وسيشير إليه الشارح.
قوله: (جميع ما تقدم.. إلخ) مبني على التغليب، وإلا فترك الخطاب مع معين إلى غيره الذي ذكر في مباحث الإضمار من خلاف مقتضى الظاهر صبان عن الفنري ومرة عنه عن الأطول ما يخالفه.
قوله: (في المقامات) أي في بيان مقتضيات المقامات.
قوله: (إلى مقتضى الحال) المناسب إبداله بقوله إلى خلافه، أي خلاف ظاهر مقتضى الحال، إذ الخروج من شيء إلى آخر يقتضي التغاير الكلي بينهما، فيقال خرج زيد من الإنسانية إلى الحمارية، ولا يقال إلى الحيوانية، ومن المعلوم أن ما هنا ليس تغايرا كليا بل مقتضى الحال أعم من مقتضى الظاهر كما سيذكره، فليس الآتي بخلاف مقتضى ظاهر الحال خارجا عنه إلى مقتضى الحال الأعم، بل إلى النوع الثاني من مقتضى الحال الذي هو خلاف مقتضى الظاهر، وهذا ما يفيده كلامهم فتأمل.
قوله: (وهو المشار إليه بنكتة) أي ومقتضى الحال هو المراد بنكتة في قول المصنف لنكتة. وأقول فهم الشارح أن لام لنكتة المتعدية منطقة بخرجوا، وقد علمت ما للمصنف من كونها تعليلية، وهو المتعين الذي لا يشك فيه، لأن خلاف مقتضى الظاهر ليس عين النكتة، بل هي أمر يوجب الخروج إليه مثلا في قول الخليفة الأمير واقف بالباب ظاهر الحال هو مقام التكلم، ومقتضاه ضمير التكلم، وهو أنا وخلاف ظاهر الحال هو مقام الغيبة، ومقتضى خلاف الظاهر الذي هو خلاف مقتضى الظاهر هو الاسم الظاهر، والنكتة الموجبة للخروج إليه هي الإرهاب، فقد ظهر لك مغايرة النكتة لخلاف مقتضى الظاهر تأمل.
قوله: (ومن المعلوم.. إلخ) بينا لك وجهه.
قوله: (فمنها وضع المضمر.. إلخ) أي لاقتضاء باطن الحال إياه لعروض اعتبار آخر ألطف من اعتبار ظاهر الحال، أعني وضع المظهر مكانه أفاده الدسوقي، ثم إني وجدت في بعض نسخ هذا الشارح ما نصه، فمنها وضع المضمر موضع المظهر لبعث السامع وتقوية داعيته إلى الامتثال نحو فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين، ومقتضى الظاهر أنه ومنه هو زيد.. إلخ، وفيه أن العلة إنما تظهر في وضع المظهر موضع المضمر كما يعلم من الأصل، وكذا المثال كما تشهد به هذه العبارة، وفي نسخة وهي التي كتبت عليها ما نصه فمنها وضع المضمر موضع المظهر نحو كل من عليها فان يعني الأرض ومنه هو.. إلخ، وهي أخف ضررا من الأولى وسنذكر ما فيها.
قوله: (نحو كل.. إلخ) المناسب الاقتصار على ما بعده، لأنه ليس من هذا الباب مع عدم تأتي النكتة المذكورة فيه كما سيتضح.
قوله: (ومنه) أي من الوضع المذكور.
قوله: (لبعث) اللام للأجل، ومفعول المصدر محذوف هو السامع، كما يدل عليه الشارح وفي الكلام حذف، أي إن الوضع المذكور ليكون الإضمار باعثا، أي حاملا للسامع على توجه نفسه إلى الخبر فيتمكن الخبر من ذهنه، وإنما كان باعثا على ما ذكر، لأن السامع إذا لم يفهم من الضمير معنى انتظر ما يعقبه ليفهم منه، وبالانتظار يتمكن مايعقبه بعد وروده فضل تمكن، لأن الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب.
قوله:( كمالالعناية) أي إفادة أن المتكلم اعتنى بتمييز المسند إليه اعتناء كاملا حيث أبرزه فيمعرض المحسوس دسوقي.
قوله: (لاختصاصه) أي اختصاص مدلوله، أي لكونه مختصا في العبارة بحكم بديع أورد له، والأحسن لكونه محكوما عليه بأمر بديع اهـ صبان عن الأطول.
وقوله: (والأحسن.. إلخ) لعل وجه الأحسنية ما فيه من الإغناء عن لفظ الاختصاص المحوج إلىالتأويل بكونه في العبارة لا مطلقا تأمله.
قوله: (ابن الراوندي) بفتح الواو كما فيالدسوقي.
قوله:( كم عاقل.. إلخ) كم الخبرية المضافة إلى مميزها المفرد في موضع الرفع على الابتداء، فالجملة أعني أعيت خبر فنري، وعاقل الثاني نعت للأول بمعنى كامل العقل، وكذا يقال في جاهل لأن تكرر اللفظ لقصد الوصفية يفيد الكمال، ولو في الجوامد كمررتبرجل رجل أي كامل في الرجولية، ومعنى أعيت مذاهبه أعيته وأعجزته، أو أعيت عليه وصعبت طرق معاشه، والنحرير المتقن من نحر الأمور علما أتقنها، والزنديق الكافر النافي للصانع العدل الحكيم، ثم إن المقابل الحقيقي للعاقل المجنون وللجاهل العالم، ففي إيقاع جاهل مقابلا لعاقل رمز إلى أن العقل بلا علم لا يعتد به، وأن الجهل يلزمهالجنون، فالعاقل يجب عليه أن يتحلى بالعلوم لئلا يتعطل عقله، والجاهل مجنون لتباعده عن اكتساب الكمالات وأراد بقوله عاقل وزنديقا نفسه، فأخطأ في الأول وأصاب في الثانيأما في الأول، فلأن مقتضى العقل أن لا يتوغل في الأمور الإلهية ولا يعترض على الله فيها، وأما في الثاني فلأنه زنديق ملحد يس، وأخطأ أيضا في وصف نفسه بالعالم النحرير،لأنه لو كان عالما نحريرا لما اعترض على الله في ذلك، وغفل عن كون الرزق رزقين حسياومعنويا، وأن الثاني أفضل، لأنه رزق العلوم والمعارف والحكم اهـ من السعد وحاشيتيه.
قوله: (والأصل هو.. إلخ) أي القياس ما ذكر لتقدم ذكره مع كونه غير محسوس، والإشارةحقيقة في المحسوس صبان.
قوله: (أن هذا المعنى.. إلخ) هو كون العالم محروما والجاهل مرزوقا دسوقي اهـ.
قوله: (والسخرية) بالرفع عطف على كمال العناية.
وقوله: (والتهكم) عطف مرادف.
قوله: (فقلت له هذا) أي هذا هو الذي قام، وكان القياس هو زيد مثلا، لأن المقام مقام الضمير لتقدم مفاده في السؤال يعقوبي.
قوله: (إلى مجهول) أي للسامع لعدم رؤيته بفقده حاسة البصر.
قوله: (أو مفقود) أي من حضرة المتكلم باسم الإشارة، ففقده بمعنى عدموجوده في تلك الحضرة، لا بمعنى عدم وجوده أصلا، فلا يقال إذا لم يكن ثمت مشار إليه لميكن هناك مرجع للضمير، فلا يكون المقام للضمير لتوقفه على المرجع، فلا يصح جعل ذلك منوضع الظاهر موضع المضمر أفاده الصبان قال اليعقوبي، ولا يضر في وضع اسم الإشارة موضعالمضمر تخالف الخبر في الجملتين، إذ ليس من شرط الوضع المذكور صحة بقاء خبر المضمركما هو انتهى، ومراده بالجملتين الجملة المعدول عنها والمعدول إليها، وقد علمتهماوالاختلاف فيهما واضح.
قوله: (حتى إنه.. إلخ) بيان لتمام ما تفيده الإشارة، وإفادة اسمالإشارة ما ذكر، لأن أصله أن يكون للمحسوس، فمخاطبة السامع به مفيدة لما ذكر.
قوله: (باعتبار ادعاء.. إلخ) فليس معتبرا حينئذ كون السامع فطنا.
قوله: (أي الزيادة لنكتة.. إلخ)وذلك لأن المسند إليه في الجملة يفيد فهم معناه، وكونه مظهرا في موضع المضمر يفيدزيادة على ذلك، وهي ذلك التمكين يعقوبي.
قوله: (أي زيادة.. إلخ) تفسير لقوله: أي الزيادةلنكتة.. إلخ.
وقوله: (وتقريره) عطف تفسير.
قوله: (ويقصد) تفسير.
قوله: (والرحمة) تفسير.
قوله: (تمحو الأغيار) أي تزيل مشاهدتها بحيث يصير القلب لا يشاهد إلا الذات.
قوله: (لأن في إظهار.. إلخ) معلوم أن إسناد الأمر إلى لفظ الله الدال على الذات المتصفة بجميع المحامد، التي من جملتها القهر والغلبة دون الضمير الذي هو أنا موجب لتقوية الداعي على الامتثال، ولإدخال الروع حيث دل لفظ الله على ما ذكر، فيشعر بالخوف منه وأن يهلك العاصي بقهره أفاده اليعقوبي.
قوله: (ومن خلاف المقتضى.. إلخ) لما انجر كلامه إلى خلاف مقتضى الظاهر أورد عدة أقسام منه، وإن لم تكن من مباحث المسند إليه وهي ما ذكره من هنا إلى آخر الفصل.
قوله: (صرف المراد) أي أن يصرف المتكلم مراد المخاطب.
وقوله: (في نطق) أي منطوق به غير سؤال متعلق بالمراد.
وقوله: (لغير ما أراد) أي ما أراده المخاطب.
وقوله: (لكونه) أي لكون غير ما أراد.
وقوله: (أولى به) أي بذلك المخاطب سواء كان متكلما بسؤال أو بغيره، وأجدر أي أحق وأنسب بحاله.
وقوله:( كقصة.. إلخ) مثال لصرف المراد في النطق وسيأتي في الشارح مثال الثاني.
قوله: (مجاوبة المتكلم) اعلم أن كلا من المتكلم أولا، والمتكلم ثانيا يقال له متكلم ومخاطب فالأول متكلم أولا مخاطب ثانيا، والثاني بالعكس أفاده الصبان عن السيرامي، فيحتمل أن يكون الشارح أراد المتكلم الأول، فالمصدر مضاف لمفعوله، أو الثاني فهو مضاف لفاعله، والمفعول محذوف وضمير يترقب يرجع على الأول إلى المتكلم المذكور، وهو المتبادر وعلى الثاني إلى مفعول المصدر المحذوف.
قوله: (بغير ما يترقب) أي ما ينتظره المتكلم الأول من مخاطبه، وهو الكلام المناسب لمراد ذلك المتكلم كالدال على طلب ترك العقوبة بالنظر للمثال.
قوله: (وسماها) بالضمير للمجاوبة.
قوله: (المغالطة) وليست مذمومة، وإن أشعر الاسم بالذم لما فيه من التنبيه على ما هو الأولى، ولذا سماها السكاكي باسم جميل.
قوله: (وذلك.. إلخ) أي ما ذكر وهو المجاوبة المذكورة كائن بسبب حمل.. إلخ.
قوله: (على خلاف قصده) فقصد الحجاج بالأدهم القيد وخلافه هو الفرس الأدهم صبان.
قوله: (على أنه) أي خلاف قصده.
قوله: (أولى بالقصد) أقول أو هو الواجب أن يقصد على حسب تفاوت المقامات، وكونه أولى إما بالنظر إلى المتكلم، أو المخاطب أو غيرها أطول اهـ. صبان.
وقوله: (إلى المتكلم أو المخاطب) بأن يكون المتكلم يجل مقداره عن التوعد، أو المخاطب يجل مقداره عن أن يتوعده غيره بالإيذاء.
وقوله: (أو غيرهما) وذلك في نحو لأحملن زيدا على الأدهم، فيصنع معه ما علمت تنبيها على أن هذا الغائب جليل لا يليق به ما قاله المتكلم.
قوله: (من ذلك) أي ما ذكر المجاوبة السابقة.
وقوله: (ما يحكي) أي مجاوبة ما يحكي أي المجاوبة فيه.
قوله: (القبعثري) هو رأس من رءوس العرب وفصحائهم، وكان من الخوارج الذين خرجوا على سيدنا علي رضي الله تعالى عنه اهـ. صبان.
قوله: (بأن قال) الباء للتصوير.
قوله: (لأحملنك على الأدهم) إن قلت كان المناسب لغرض الحجاج أن يقول لأحملن الأدهم عليك، لأن القيد يوضع على الرجل لا بالعكس قلت هذا الاستعمال أمر وضعي، يقال حمل على الأدهم، أي قيد، ولو سلم فليكن من قبيل القلب، كما سنعرفه أو لتشبيه القيد بالمركب على طريق الاستعارة اهـ فنرى.
قوله: (فحمل وعيده.. إلخ) حيث حمل الأدهم في كلامه على الفرس الأدهم، أي الذي غلب سواده حتى ذهب البياض، وضم إليه الأشهب أي الذي غلب بياضه، ومراد الحجاج القيد فنبه على أن الحمل على الفرس الأدهم هو الأولى بأن يقصده الأمير قاله السعد.
قوله: (أنه) أي الأدهم حديد أي لا فرس.
قوله: (لأن يكون.. إلخ) فيه أيضًا حمل الحديد في كلام الحجاج على خلاف مراده، لأن مراده المعدن المعروف، وحمله على ضد البليد من الحدة اهـ. صبان، وهذا الحمل الذي فيه هو الذي دعا الشارح إلى ذكره مع ترك الأصل والسعد.
قوله: (ومنها) أي من خلاف مقتضى الظاهر وأنت باعتبار أن معناه الأمور المخالفة لمقتضى الظاهر.
قوله: (إجابة السائل بغير.. إلخ) أورد أن الجواب يجب أن يكون مطابقًا للسؤال. وأجيب بأن السؤال ضربان جدلي وتعليمي والأول يجب أن يطبقه جوابه، والثاني يبني فيه الأمر على حال السائل كالطبيب يبني علاجه على حال المريض دون سؤاله، فتجوز المخالفة فيه وسؤال الأهلة من هذا القبيل يس اهـ. صبان.
قوله: (على أنه) أي ذلك الغير.
قوله: (اللائق بسؤاله) إما لعدم أهليته لما سأل عنه، أو لعدم الفائدة فيه بالنسبة إليه اهـ فنرى.
قوله: (سألوا) روى في الكشاف وغيره أن السائل اثنان، وهما معاذ بن جبل وتعلب بن غنم الأنصاري رضي الله عنهما، والاثنان أقل ما يطلق عليه اسم الجمع عند جماعة منهم الزمخشري، فلذا قال سألوا بلفظ الجمع اهـ. فنرى.
قوله: (لم يبدو.. إلخ) أي لأي سبب فالسؤال عن سبب ما ذكر كما قاله السعد، ويقيده قول الشارح فأجيبوا.. إلخ، ثم إن لفظ السؤال الذي في المطول ما بال الهلال يبدو.ز إلخ، قال الفنري دلالة هذا القول على أنه سؤال عن السبب دون الحكمة خفي جدًا، كما أشار إليه في شرح الكشاف اهـ. أي فهو محتمل لكونه سؤالا عن الحكمة، وكونه سؤالا عن السبب قال عبد الحكيم بعد إعادة مثل ما الفنرى اختار صاحب الكشاف، والراغب والقاضي أنه سؤال عن الحكمة كما يدل عليه الجوب إخراجا للكلام على مقتضى الظاهر، لأنه الأصل واختار السكاكي أنه سؤال عن السبب لما أن الحكمة ظاهرة لا تستحق السؤال عنها، والجواب من الأسلوب الحكيم اهـ. قال الصبان، ويرد على السكاكي أنه حيث كانت الحكمة ظاهرة لا تستحق السؤال عنها. والجواب لم يكن الأولى بحال السائلين السؤال عن الحكمة، فكيف علل العدول إلى الجواب بالحكمة بالتنبيه على أن السؤال عنها أولى بحالهم اهـ. والظاهر أن مثل ما في لفظ المطول من الاحتمالين يجرب في عبارة شارحنا.
قوله: (حكمة ذلك) أي ثمرته الحاصلة في طرف الفعل.
قوله: (المواقيت) جمع ميقات وهو ما يوقت به الشيء أي يجعل وقتا له.
قوله: (والحلول) أي الدين والصوم وغير ذلك، وعطف الحلول على المواقيت عطف خاص على عام باعتبار المتعلق بكسر اللام للاهتمام .
قوله: (ومعالم الحج) أي الرايات الدالة على الحج، أي على وقته كما أفاده بقوله يعرف بها وقته، ولعل معالم معطوف على مواقيت، وجملة يعرف بها وقته حال من معالم مبينة له، وإنما خص الحج لاحتياجه إلى الوقت المعين أداء وقضاء دون غيره كالصلاة والصوم ذكره عبد الحكيم.
قوله: (للتنبيه) علة لأجيبوا.
قوله: (قال السعد) أي في تعليل اللياقة المذكورة.
قوله: (قال السيوطي.. إلخ) عبارة عبد الحكيم.
قوله: (لأنهم ليسوا.. إلخ) الصواب لأن الحكمة هي التي يتعلق بها صلاح معاشهم ومعادهم، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما بعث ببيان ذلك، لأنه يدل على أن سبب الاختلاف ما بين في علم الهيئة، وهو باطل عند أهل الشريعة، فإنه مبني على أمور لم يثبت منها شيء غاية الأمر أنهم تخيلوها موافقة لما أبدعه الحكيم المنطلق اهـ. ببعض تصرف وهو زبدة ما أطال به السيوطي.
وقوله: (لأنه.. إلخ) تعليل لما تضمنه.
قوله: (والصواب كذا) أي وإنما كان ما قاله خلاف الصواب لأنه.. إلخ.
قوله: (وهو باطل عند.. إلخ) المناسب وهو غير ثابت عند.. إلخ، إذ هم لا يقطعون بنفيه قرره شيخنا.
قوله: (وذكر أنه ورد.. إلخ) الظاهر أن هذا المذكور زيادة في الرد على السعد، بإفادة أن الآية خارجة عن موضوع المسألة، فليس الجواب فيها غير مطابق حتى يحتاج لتعليل عدم المطابقة.
وقوله: (هو الحكمة) الذي في عبارته سبب خلق الهلال بدل الحكمة، فذكر الشارح الحكمة تنبيهًا على أن مراده السبب الغائي لا الفاعلي، إذ لا يسئل عنه للعلم به.
قوله: (والالتفات.. إلخ) أي في اصطلاح البيانيين.
وقوله: (هو الانتقال) أي انتقال المتكلم.
وقوله: (الأساليب) أي الطرق التي هي التكلم والخطاب والغيبة، وسيشير الشارح إلى هذا.
وقوله: (فمن) أي حقيق كمل به البيت، أي ذلك الانتقال حقيق بأن يسمى بالالتفات أخذًا من التفات الإنسان، وهو توجه الإنسان بوجهه إلى غير مواجهته قاله ع ق.
قوله: (بغيره منها) أي بطريق غير المعبر به أولا من الطرق الثلاثة، ويشترط أن يكون التعبير الثاني على خلاف ما يقتضيه الظاهر، ويترقبه السامع ليخرج مثل قولنا أنا زيد وأنت عمرو *نحن اللذون صبحوا الصباحا* وقوله تعالى- إياك نستعين- واهدنا وأنعمت فإن الالتفات، إنما هو في إياك نعبد والباقي عبر على أسلوبه أفاده السعد، وإنما تركه الشارح لعلمه من قوله من خلاف مقتضى الظاهر الالتفات.
قوله: (ولا يشترط.. إلخ) أي بل المدار على مقتضى الظاهر وجد التغيير المذكور أم لا.
قوله: (فهو عنده.. إلخ) تفريغ على قوله ولا يشترط وقد علمت وجه الأعمية، وقد أشار له الشارح بقوله فقول الخليفة.. إلخ.
قوله: (لأنه منقول عن أنا) الأوضح والأنسب لأن مقتضى الظاهر أنا.
قوله: (فأقسامه ستة) تفريغ على المذهبين، إذ الأقسام الستة جارية في كل كما لا يخفى.
قوله: (الأول من التكلم.. إلخ) أي القسم الأول من أقسام الالتفات الستة حاصل من المتكلم.. إلخ.
قوله: (الأصل وإليه أرجع) إن قلت ترجعون ليس خطابا لنفسه حتى يكون المعبر عنه واحدًا. قلت نعم ولكن المراد بقوله ومالي لا أعبد المخاطبون. والمعنى ما لكم لا تعبدون الذي فطركم، فالمعبر عنه في الجميع هو المخاطبون. فإن قلت حينئذ يكون ترجعون واردًا على مقتضى الظاهر، والالتفات يجب أن يكون من خلاف مقتضى الظاهر. قلت لا نسلم أن قوله ترجعون على مقتضى الظاهر لأن الظاهر يقتضي أن لا يغير أسلوب الكلام بل يجري اللاحق على سنن السابق اهـ. مطول.
وقوله: (حتى يكون.. إلخ) أي كما هو قانون الالتفات وهذا تفريغ على المنفي.
وقوله: (ولكن المراد.. إلخ) أي فيكون في الكلام مخالفة لمقتضى الظاهر من غير تغيير لطريق سابقة، وهذا الالتفات على مذهب السكاكي.
وقوله: (لأن الظاهر يقتضي.. إلخ) أي أنه حيث خولف مقتضى الظاهر أولا وعدل إلى التكلم، فمقتضى الظاهر بالنسبة لهذا العدول أن لا يغير أسلوب الكلام.. إلخ، فتحصل أن في الآية التفاتا على المذهبين، فمخالفة مقتضى الظاهر أولا التفات على مذهب السكاكي، وثانيا بالعدول التفات على مذهب الجمهور.
قوله: (فصل لربك) من فوائد الالتفات في الآية أن في لفظ الرب حثا على فعل المأمور به، لأن من يريبك يستحق العبادة. اهـ. صبان.
قوله: (نحو قوله) أي علقمة بن عبدة مطول.
قوله: (طحا بك) أي ذهب بك، أي أذهبك وأتلفك، فالباء للتعدية تعاقب الهمزة.
وقوله: (في الحسان) متعلق بطروب، ومعنى طروب في الحسان له طرب في طلب الحسان، ونشاط في مراودتهن.
وقوله: (بعيد الشباب) أي حين ولى الشباب وكاد يتصرم، فمراده بقوله بعيد الشباب بعيد معظمه، وبعيد تصغير مد للقرب.
وقوله: (عصر حان مشبب) أي زمان قرن المشيب، وإقباله على الهجوم، فهو مضاف للجملة الفعلية أعني حان مشيب، وهو بدل من قوله بعيد وهذا أعني قوله عصر.. إلخ، قرينة على مراده السابق، بقوله بعيد الشباب.
وقوله: (يكلفني) فاعله ضمير القلب وليلي مفعوله الثاني على تقدير الباء، أي يطالبني القلب بوصل ليلى، فالتكليف بمعنى المطالبة، وهي على غير بابها، إذ المراد أنه يطلب مني ما ذكر.
وقوله: (وقد شط وليها) أي بعد قربها أي بعدت أيامه.
وقوله: (وعادت.. إلخ) يجوز أن يكون فاعلت من المعاداة، كأن الصوارف والخطوب صارت تعاديه، ويجوز أن يجعل من عاد يعود، أي عادت عواد وعوائق كانت تحول بيننا إلى ما كانت عليه قبل، والخطوب جمع خطب وهو الأمر العظيم من شرحي السعد ومن الصبان.
قوله: (مالك يوم الدين) هو وصف بظاهر وهو من قبيل الغيبة والموصوف ظاهر أيضا ع ق صبان.
قوله: (فتثير سحابا) أي تزعجه.
قوله: (ووجه الالتفات) أي وجه حسنه.
وقوله: (ونكتته عطف مرادف) والمراد بها فائدته لا الأمر الباعث عليه، إذ هو قصد حصول ما ذكر في نفس السامع قال الفنري، ثم هذه الفائدة العامة التي ذكرت لمطلق الالتفات سواء كان على مذهب السكاكي أو الجمهور لا تنطبق على مادة يكون السامع فيها حضرة البارئ جل وعلا لتعاليه عن الاستجلاب والإصغاء، فلو ذكر شيء مما يصح في حقه تعالى أيضًا لكان أنسب، وقد يقال المراد إن الكلام الالتفاتي أينما وقع صالح، لأن يقصد به هذه الفائدة بالنظر إلى نفسه مع قطع النظر عن الموانع الخارجية فليفهم اهـ ببعض تصرف.
وقوله: (على مادة يكون السامع.. إلخ) كما في إياك نعبد.
قوله: (استجلاب نفس السامع) المصدر مضاف لمفعوله والفاعل محذوف، أي استجلاب المتكلم نفس السامع أفاده ع ق، والسين والتاء للصيرورة فيما يظهر، أي صيرورة المتكلم جالبا نفس السامع لا للطلب، إذ ليس فائدة للالتفات كما هو واضح.
قوله: (لأن النفس.. إلخ) علة لتضمنه الاستجلاب المذكور.
قوله: (فإذا تجدد.. إلخ) وذلك لأن لكل جديد لذة قال البدر ابن مالك العرب لكونهم يلونون الطعام لقوت الأشباح، فهم حريون بتلوين الكلام لقوت الأرواح لأن الكلام هو قوت الروح اهـ ع ق.
قوله: (وهذه النكتة.. إلخ) هي في النقل الحقيقي، كما هو مذهب الجمهور في غاية الظهور، وكذا في النقل التقديري كما هو مذهب السكاكي توجد هذه الفائدة، فإنه إذا سمع خلاف ما يترقبه من الأسلوب كان له زيادة نشاط، ووفور رغبة في الإصغاء إلى الكلام قاله السيد قدس سره.
قوله: (وربما اختص كل موضع منه بلطائف ونكت) قال في الأطول عند قول الأصل، وقد يختص مواقعه بلطائف، أي قد يختص بعض مواقعه ببعض اللطائف، لا أنه يختص كل التفات بلطيفة سوى هذا الوجه العام، وإلا لوجب أن لا يكتفي في الالتفات بالنكتة العامة اهـ. قال يس وفيه نظر لا يخفى، وأي مانع من أن يكون لكل موقع نكتة تختص به ونكتة تعمه وغيره اهـ. والظاهر أن وجه النظر أن الملازمة التي ذكرها بقوله وإلا لوجب.. إلخ، ممنوعة فتأمل من الصبان، ثم إن عبارة الشارح هذه للسيوطي، ولم توافق بظاهرها ما لواحد منهما، ويمكن ترجيعها لكل من الكلامين بأن يجعل المراد بالوضع فيه النوع من الستة المتقدمة، واختصاص كل نوع بلطائف باعتبار أفراده، فإن النوع الواحد يكون لأفراد منه أو لجميع لطائف متعددة لكل فرد لطيفة لكن ينبغي على الثاني أن تجعل رب للتحقيق مجازا، كما في ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين هذا ما ظهر لي بعد التوقف.
قوله: (ثم ذكر صفاته) وهي كونه مربي جميع العالمين ومنعما بالجلائل والدقائق ومالك يوم الدين المفيد أنه مالك الأمر.. إلخ.
قوله: (وآخرها مالك يوم الدين) وصحح جعله نعتا للمعرفة على مذهب الجمهور أن إضافة الوصف إلى الظرف معنوية خلافا للرضي نقله الصبان.
قوله: (يوجب) أي الذكر المفهوم من الفعل المذكور سابقا.
قوله: (والخطاب) عطف ملزوم اهـ صبان.
قوله: (والاستعانة في المهمات) أورد على التخصيص أن الاستعانة كثيرا ما تقع بغيره. وأجيب بأوجه منها أن المقصود بالاستعانة، إنما هو الله تعالى، وإن حصلت بالغير صورة حتى إن قوله يا فلان أعني بمنزلة يا الله أعني بواسطة فلان، ثم إنه قد ظهر لك أن إياك نستعين ليس من الالتفات في شيء لأنه مقتضى الظاهر بعد العدول إلى الخطاب في إياك نعبد، فلا يلتفت إلى ما يوهمه سوق بيان النكتة من أن فيه التفاتا دعت إليه قوة تحرك الإقبال أفاده الصبان عن سم والأطول.
[تنبيه]
قال السيوطي إن الالتفات لا يكون في جملة بل في جملتين صرح به الزمخشري في الكشاف وابن السبكي في شرحه المسمى عروس الأفراح قال، وإلا يلزم أن يكون في نحو أنت صديقي التفات، وليس كذلك اه.
ـقوله: (ومما هو شبيه.. إلخ) أي بجامع النقل من أسلوب إلى آخر في كل، ثم إنه يظهر لي أن المسألة الأولى أشبه بالالتفات على مذهب السكاكي، إذ لا يشترط فيها سبق تعبير غير ما خالف مقتضى الظاهر بل تارة يسبق نحو والله ورسوله أحق أن يرضوه وتارة لا نحو، ثم ارجع البصر كرتين* قفا نبك من ذكري حبيب ومنزل* والثانية أشبه به على مذهب الجمهور، إذ لابد فيها من سبق تعبير غير المخالف المذكور، وحينئذ فيكون الداعي للسيوطي إلى تقديم المسألة الأولى هو كونها أشبه بالمذهب المقدم عنده في الذكر فتأمل ..
قوله: (التصيير بواحد.. إلخ) وصورها ستة نظير الصور السابقة في الالتفات.
قوله: (وهو) أي التصيير المذكور.
وقوله: (من أنواع المجاز) والعلاقة في كل تركيب ما يناسبه، ففي ثم ارجع البصر كرتين العلاقة اللزوم، لأن المراد لازم لكرتين، وهو التعدد ثم يصح كونه بمرتبة وبمرتبتين على ما لا يخفى وقس، ثم إن مجازيه التعبير المذكور لا تظهر فيما إذا كان عن المثنى أو الجمع بالمفرد المحلي بأل الجنسية كما في مثالي الشارح، إذ لم يقل أحد إن المفرد المحلى بأل الجنسية إذا أريد منه المتعدد كان مجازا فلعل كون هذا التعبير مجازا باعتبار الغالب فتأمل.
قوله: (فرجى) أي فترجى.
وقوله: (إيابي) الإياب الرجوع، والمراد هنا رجوعه من غيبته، والقارظ الذي يجمع القرظ وهو ثمر السنط، والعنزي نسبة إلى عنزة حي من العرب سمي باسم أبيه عنزة بن ربيعة أو ابن عمرو بن عوف أفاده في القاموس، ومقصود الشاعر أنه لا يرجع من غيبته هذه، كما أن القارظين لم يرجعا وهما رجلان خرجا لجمع القرظ فلم يرجعا.
قوله: (حتى يثوب.. إلخ) الذي لغيره لا آتيك أو يثوب القارظان، ولعله عبر بحتى لأنها أوح دلالة من أو وإن اتحد معناهما هنا.
قوله: (وذبيان) اسم قبيلة.
وقوله: (قد زلت) أي زلقت والباء في بأقدامها للمصاحبة، ثم إنه يظهر لي أن قوله قد زلت.. إلخ، من باب القلب والأصل قد زلت أقدامها بالنعل، لأن الزلل إنما ينسب للقدم والباء إنما تدخل على ما تتبعه كالنعل، وحينئذ فالاعتبار اللطيف الذي تضمنه القلب هو المبالغة في خيبة ذبيان حيث جعل أقدامها تابعة للنعل فتأمل.
قوله: (فقد صغت) فاؤه للتعليل وصغت مالت إلى تحريم مارية وجواب الشرط محذوف أي تقبلا، والمعنى إن تتوبا إلى الله، لأنه قد مالت قلوبكما إلى تحريم مارية مع كراهة النبي له، وهو ذنب تقبلا كذا يستفاد من الجلالين.
قوله: (يا معشر الجن.. إلخ) أن تنفذوا أي تخرجوا من أقطار أي نواحي.
قوله: (والنكتة.. إلخ) مثله في السيوطي والمتبادر منه المسألة الثانية، وقد مر أن نكتة الالتفات جارية فيه على المذهبين، أو أن المسألة الأولى أشبه به على مذهب السكاكي، والثانية أشبه به على مذهب الجمهور، فينبغي أن تكون النكتة في المسألتين معا كالنكتة في الالتفات، فلا وجه لتخصيص الثانية اللهم إلا أن يقال إنه خص الثانية، لأن النكتة أزهر فيها من الأولى، كما أنها أظهر فيما هي أشبه به مما الأولى أشبه به أو أن مراده بالمسألة ما يعم المسألتين أعني ما هو شبيه بالالتفات فليتأمل.
قوله: (لآت) بالفوقية المثناة أي مستقبل كما سيشير إليه الشارح.
قوله: (لنكتة) أشار به إلى المذهب المختار في القلب، وهو أنهم إنما يقلبون قلبا مقبولا جائزًا إذا كان لنكتة وإلا رد ع ق.
قوله: (وأنشدوا) أي القبول لأن فيه نكتة ع ق.
قوله: (من خلاف مقتضى الظاهر التعبير.. إلخ) وكذا عكسه وهو التعبير عن الماضي بلفظ المضارع إحضارًا للصورة العجيبة، وإشارة إلى تجدده شيئًا فشيئًا كقوله تعالى- والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا أي فأثارت وقوله - واتبعوا ما تتلوا الشياطين - أي ما تلت اهـ. دسوقي قال الصبان عن الأطول: أقول في كون التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي والعكس من خلاف مقتضى الظاهر مطلقًا نظر لأنه إذا عبر عن مستقبل بلفظ لماضي على خلاف مقتضى الظاهر مرة، ثم عبر عنه ثانيا بلفظ الماضي، فذلك التعبير مقتضى الظاهر وعلى وفق الأسلوب حتى لو عبر عنه بلفظ المستقبل كان خلاف مقتضى الظاهر لكونه خلاف الأسلوب وأظن بك إلفا بهذا التحقيق بعد أن سرت في بحث الالتفات على التوثيق، فتبين أنه ربما يكون التعبير عن المستقبل بلفظ المستقبل وعن الماضي بلفظه لكونه استعارة بسبب تشبيه المستقبل بالماضي في تحقق الوقوع، وظيفة البيان لكنه من حيث إن الداعي إليه التنبيه المذكور من، وظيفة علم المعاني لكن بقي أن هذا استعارة في المشتق باعتبار الهيئة، ولم يذكره القوم في مباحث الاستعارة اهـ. عبد الحكيم.
وقوله: (فيه إشارة.. إلخ) أفاد أن قوله تنبيها.. إلخ، مشار به لأمرين كون التعبير المذكور من وظائف علم البيان من جهة كونه استعارة، ومن وظائف علم المعاني من حيث إن الداعي إليه التنبيه المذكور هذا والمشير إلى كونه استعارة قوله على تحقيق وقوعه لما تضمنه من الجامع بين الماضي والمستقبل، والمشير إلى كونه من وظائف علم المعاني قوله تنبيها.. إلخ، تأمل.
قوله: (ومنه) أي من خلاف مقتضى الظاهر.
وقوله: (التعبير.. إلخ) أي من المستقبل.
قوله: (لأن الوصفين.. إلخ) أي والمجاز من خلاف مقتضى الظاهر، ثم كون الوصفين مجازا فيما سوى الحال على عمومه قول الأقل والأكثر على أنهما حقيقة في الماضي أيضًا هذا ما فهمه عبد الحكيم من عبارة المطول، وفهم منها الفنري أنها مجاز في الماضي عند الأكثرين كالمستقبل هذا، وقد أشار الشارح بهذا التعليل إلى دفع سؤال ذكره السعد في شرحيه، ودفعه بما أشار إليه الشارح. وحاصله أن اسمي الفاعل والمفعول كما يكونان للماضي والحال يكونان للاستقبال، فهما كالفعل في الدلالة عليه من غير فرق إلا أنه يدل عليه بحسب الوضع ،وهما بحسب العارض وحينئذ، فيكونان واردين في الآيتين على مقتضى الظاهر. وحاصل الجواب كما في عبد الحكيم أن اسم الفاعل والمفعول فيما وقع حقيقة، وفيما لم يقع مجاز بالاتفاق، فإذا استعملا فيه كان استعمالا في غير ما وضع له، فيكون خلاف مقتضى الظاهر قال وأورد عليه أنه يلزم أن يكونا دالين على الزمان بحسب الوضع، فينتقض تعريف الاسم والفعل طردًا ومنعا، وأنه يلزم من ذلك أن كل مجاز بخلاف مقتضى الظاهر. والجواب أنهما موضوعان لما وقع في الحال والماضي، لا أنهما موضوعان له مع الحال والماضي وشتان، وأن السعد نص في شرح المفتاح، بأن كل مجاز خلاف مقتضى الظاهر، لأن مقتضى الظاهر أن عبر عن كل معنى بما وضع له اهـ قوله: (ومن خلاف المقتضى القلب) أظهر هنا وأضمر في قوله قبله ومنه التعبير.. إلخ، لأن ذاك شبيه بما قبله فهم من نوع واحد، وهو التعبير عن أحد الأزمنة بما يدل على الآخر، وحينئذ فيكفي أدنى تنبيه على كونه مما ذكر بخلاف هذا، فإنه نوع آخر مباين لما قبله فاحتاج لمزيد تنبيه وأظهر له تأمل.
قوله: (وهو أن يجعل.. إلخ) بان يثبت لأحد الجزأين حكم الجزء الآخر وعكسه، لا مجرد تبديل المكان كما في عكس القضية، وذلك كما في المثال فإن الناقة والحوض يشتركان في حكم مطلق العرض إلا أن الحكم الثابت للحوض هو العرض بلا واسطة حرف الجر، فيكون معروضًا وللناقة هو العرض بواسطة حرف الجر، فتكون معروضا عليها، وقد قلب ذلك وأثبت لكل حكم الآخر فصار ما حكمه العرض بلا واسطة حكمه العرض بالواسطة وبالعكس ع ق سم، وعلم من قوله بأن يثبت.. إلخ، أنه لا ينتقض قوله هو أن يجعل.. إلخ، بقولنا في الدار زيد وضرب عمرا زيد، لأنه لم يثبت لأحد الجزأين حكم الآخر بل كل منهما باق على حكمه وعلم منه أيضًا أن القلب من المجاز العقلي، وعلم من قوله لا مجرد تبديل المكان.. إلخ، أن القلب أخص من العكس، وقال ابن جماعة القلب أعم مطلقا من العكس المستوى عند أهل المنطق من يس اهـ. صبان.
وقوله: (وعكسه) يظهر أنه لا حاجة إليه.
وقوله: (أخص من العكس) أي اللغوي.
وقوله: (وقال ابن جماعة.. إلخ) وعليه يكون مساويا للعكس اللغوي، ولا يشترط فيه إثبات حكم أحد الجزأين للآخر بل المدار على مجرد التبديل وجد الإثبات المذكور أم لا، وقد علمت أنه لا إثبات في العكس المستوى، فقد اتضح لك العموم المطلق تأمل.
قوله: (مكان الآخر) خرج به نحو ضرب عمرو بالبناء لنائب الفاعل.
قوله: (مكان عرضت الحوض.. إلخ) أي أظهرته عليها لتشرب أي أريتها إياه اهـ. سعد وصبان.
قوله: (لأن القاعدة.. إلخ) تعليل لكون المثال من قبيل القلب قال الصبان عن السيد وفي هذا القلب اعتبار لطيف، وهو أن المعتاد أن يؤتي بالمعروض إلى المعروض عليه، فحيث أتى بالناقة إلى الحوض جعلت كأنها معروضة والحوض معروض عليه اهـ.
قوله: (فقيل يقبل مطلقا) قائله السكاكي كما في الأصل.
قوله: (لأنه يورث الكلام ملاحة) أي لأنه مما يحوج إلى التنبيه على الأصل، وذلك يورث الملاحة، ثم إنه إن قصد به للمطابقة كان من فن المعاني والأصح أن يعد من فن آخر اهـ. دسوقي.
قوله: (وقيل لا يقبل مطلقا) وحمل هذا القائل ما ورد منه على التقديم والتأخير دسوقي.
قوله: (وإلا فلا) أي وإن لم يتضمن معنى لطيفا، فلا يقبل لأنه عكس المراد وعدول عن الظاهر بلا نكتة يعتد بها يعقوبي.
قوله: (نحو مهمه.. إلخ) انظر هلا جعل هذا من عكس التشبيه، وهل ينطبق عليه تعريف القلب بالمعنى المتقدم، وبتقدير أن بينهما فرقا فلم ذكر أحدهما في المعاني والآخر في البيان، ثم رأيت ابن جماعة قال في حواشي التبريزي اعلم أن القلب ذكر في أماكن خمسة هذا وهو في المعاني. والثاني في فن البيان في بحث التشبيه المقلوب. والثالث في البديع في التجنيس. والرابع في البديع في غير التجنيس. والخامس في الخاتمة في بحث السرقة ولك أن تقول أي فرق بين هذه الصور القلبية حتى صار بعضها من قبيل المحسن الذاتي ومن صميم البلاغة وبعضها من المحسن العرضي ومن توابع البلاغة يس اهـ. صبان.
وقوله: (وهل ينطبق عليه) أي على عكس التشبيه.
قوله: (حتى كأنه) أي لون السماء صار بحيث أي ملتبسًا بحالة هي كونه يشبه لون الأرض في ذلك أي في الغيرة اهـ. دسوقي.
قوله: (مع أن الأرض) أي لون الأرض.
وقوله: (أصل فيه) أي في ذلك التشبيه فحقه أن يجعل مشبها به، ولون السماء مشبها بأن يقال كأن لون سمائه لون أرضه اهـ دسوقي. وفيه اعتراض على الأصل في التمثيل بهذا البيت فانظره.
قوله: (المفازة) هي اسم للمكان الذي لا ماء فيه ولا كلأ، فتسميته مفازة من باب أسماء الأضداد لأن هذا مهلكة لا مفازة اهـ صبان.
قوله: (فلما.. إلخ) جوابها:
أمرت بها الرجال ليأخذوها = ونحن نظن أن لن تستطاعا
وقوله: (جرت شبه السمن بالماء الجاري) وأثبت له شيئًا من خواصه وهو الجري صبان.
قوله: (القصر) واحد القصور.
قوله: (والسياع.. إلخ) بفتح السين وكسرها على هذا المعنى وقيل بالكسر الآلة عبد الحكيم.
قوله: (وليس في هذا القلب معنى لطيف) قال السعد ولقائل أن يقول إنه يتضمن من المبالغة في وصف الناقة بالسمن مالا يتضمنه قولنا كما طينت الفدن بالسياع، لإيهامه أن السباع قد بلغ من العظم والكثرة إلى أن صار بمنزلة الأصل والفدن بالنسبة إليه كالسياع بالنسبة إلى الفدن اهـ.
وقوله: (وقد بلغ من العظم.. إلخ) ولا يقال إن كثرة تطيين القصر لألطف في الوصف به لأنا نقول هو، وإن لم يكن فيه لطف في نفسه لكنه فيه لطف بالنسبة إلى المقصود المترتب عليه، وهو إفادة المبالغة في وصف الناقة بالسمن كما أشار إلى ذلك بقوله أنه يتضمن من المبالغة.. إلخ.
وقوله: (بمنزلة الأصل) فيدل على عظم سمنها الشيبة بالطين حتى صار الشحم لكثرته بالنسبة للأصل من العظم، وغيره كأنه الأصل ذكره الصبان.


  #4  
قديم 20 ذو الحجة 1430هـ/7-12-2009م, 09:30 AM
جميلة عبد العزيز جميلة عبد العزيز غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مجموعة المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 229
افتراضي الشرح الصوتي للجوهر المكنون للشيخ: عصام البشير المراكشي

(فَصْلٌ فِي الْخُرُوجِ عَنْ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ)





-

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, فصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir