دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأسيس في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 جمادى الآخرة 1436هـ/17-04-2015م, 02:09 AM
مريم العبدلي مريم العبدلي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 506
افتراضي صفحة الطالبة: مريم العبدلي للقراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 جمادى الآخرة 1436هـ/17-04-2015م, 03:10 AM
مريم العبدلي مريم العبدلي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 506
افتراضي

تلخيص مقدمة بن كثير:

طرق التفسير:
الطريق الأول :تفسيرالقرآن بالقرآن،وهوأصح الطرق،فإن أُجْمل في مكان فقد يفسرفي موضع آخر.
الطريق الثاني :السنة، إن لم تجد بالقرآن فعليك بالسنة، لأن السنة شارحة له وموضحة . قال تعالى " وأنزلنا إليك الكتاب لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون"
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" يعني : السنة.
الطريق الثالث :أقوال الصحابة، فإن لم نجد التفسير في القرآن والسنة أخذنا بأقوالهم لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوابها.
قال أبوعبدالرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعلموا بما فيها من العمل، فتعلمناالقرآن والعمل جميعا.
الطريق الرابع : أقوال التابعين، فإن لم يجد التفسير في الكتاب ولا في السنة ولا عند الصحابة فإنه يرجع إلى قول التابعين، وممن اشتهربالتفسير من التابعين مجاهد بن جبر فإنه عرض القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحتهإ لى خاتمته، يوقفه عند كل آية.

حكم رواية الإسرائيليات:
الأول:ماعلمنا صحته ممابأيدينا مما يشهد له بالصدق،فذاك صحيح.
الثاني: ماعلمنا كذبه بماعندنا مما يخالفه.
الثالث:ما هو مسكوت عنه، فلا نؤمن به ولانكذبه.

حكم التفسير بالرأي :
حرام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من قال في القرآن برأيه، أوبما لا يعلم، فليتبوأ مقعده من النار"
ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير مالا علم لهم به.
فقد روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال : أي أرض تقلني؟ وأي سماءتظلني؟ إذاقلت في كتاب الله مالا أعلم.
وروي عن عمر رضي الله عنه لما قرأ قوله تعالى " وفاكهة وأبا" قال : ما الأب؟ ثم قال : إن هذا لهوالتكلف ،فما عليك ألا تدريه .
وروي عن سعيد بن المسيب: أنه كان لايتكلم إلا في المعلم من القرآن.
وقال عبيد الله بن عمر : لقدأدركت فقهاءالمدينة ،وإنهم ليعظمون القول في التفسير، منهم : سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع .
وهذه الآثارالصحيحة وماشاكلها عن أئمةالسلف محمولةعلى تحرجهم عن الكلام بما لاعلم لهم به.
أما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه، ولهذا روي عن هؤلاء أقوال في التفسير، ولا منافاة، لأنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه.
قال ابن عباس : " التفسيرعلى أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسيرلايعذر أحدبجهالته، وتفسيريعلمه العلماء،وتفسيرلايعلمه إلا الله "

ـــــــــــــــــــــــــ
فضائل القرآن :
1- الهيمنة على الكتب قبله.
قال تعالى " وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه ومهيمنا عليه "
قال ابن عباس :" ومهيمنا عليه " المهيمن الأمين . قال القرآن أمين على كل كتاب قبله .
وروي عن ابن عباس " ومهيمنا عليه " قال مؤتمنا.
وأصل الهيمنة : الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده : قد هيمن فلان عليه، فهو يهيمن هيمنة وهو عليه مهيمن، وفي أسماء الله تعالى : المهيمن، وهوالشهيدعلى كل شيء.

2- ابتداء نزوله في مكان شريف، وهو البلد الحرام ،كما أنه كان في زمن شريف وهو رمضان، فاجتمع شرف الزمان والمكان.
سناده:لبث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينةعشرا.
والمشهور أنه أقام في مكة ثلاث عشرة سنة، ويحتمل أنه حذف ما زاد عن العشرة اختصارا في الكلام، لأن العرب كثيرا ما يحذفون الكسور في كلامهم، فإنه نزل في ثلاث وعشرين سنة.



تكملة فضائل القرآن:
3-أن القرآن لم ينزل جملة واحدة ولم ينزل متتابعا بل أنزل مفرقا ليكون في ذلك أبلغ العناية والإكرام ، حسب الوقائع ، ومنه المكي والمدني.
قال تعالى " وقرآنا فرقناه على مكث ونزلناه تنزيلا"

4- أن القرآن نزل به خير ملك على خير رسول ، فجبريل ذو وجاهة وجلالة ومكانة كما قال تعالى " نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين "

5-إعجاز القرآن وأنه أعظم من كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء ، فإن النبي بعث إلى قوم هم من أفصح الخلق وأعلمهم بالبلاغة والشعر وقريض الكلام وضروبه ، لكن جاءهم من الله ما لا قبل لأحد من البشرية من الكلام الفصيح ، البليغ ، الوجيز ، المحتوي على العلوم الكثيرة الصحيحة النافعة ،فأتباعه صلى الله عليه وسلم أكثر من أتباع الأنبياء لعموم رسالته ودوامها إلى قيام الساعة ، واستمرار معجزته.
قال تعالى " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا"
" أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين"

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما من نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة"

6- الأخذ به سبب للنجاة وتركه سبب للهلاك عند اختلاف الأمة ، قال تعالى " إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به "
7- أن القرآن نزل بلغة قريش ، وقريش خلاصة العرب ، قال تعالى " قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون"


جمع القرآن
معارضة جبريل النبي صلى الله عليه وسلم العرضة الأخيرة:
عارض جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان من عمره مرتين؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته لما مرض: ((وما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي)).أخرجاه في الصحيحين.


الجمع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم :
لم يحفظ في مصحف واحد ، بل كان في صدور الرجال ، وفي العسب واللخاف.


القراء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم:
الخلفاء الراشدون ، وأبي بن كعب ، ومعاذ ، وزيد بن ثابت ، وابن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وتميم الداري ، عبادة بن الصامت ، عبدالله بن عمرو بن العاص ، وأبو زيد.
ثبت في الصحيحين عن أنس قال: جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، كلهم من الأنصار؛ أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. فقيل له: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي. وفي لفظ للبخاري عن أنس قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة؛ أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، ونحن ورثناه.
أبو بكر أقرأ الصحابة :
لما ثبت في الخبر المتواتر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليؤم القوم أقرؤهم))فلو لم يكن الصديق أقرأ القوم لما قدمه عليهم حيث قدمه صلى الله عليه وسلم ليصلي بالناس في مرض موته.

جمع القرآن في خلافة أبو بكر
الدليل: قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان علي أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول منأنفسكم عزيز}[التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر، رضي الله عنهم.
:
مسائل وتنبيهات في جمع أبي بكر:
((سبب الجمع في تلك المرحلة ))
لئلا يذهب القرآن بموت من تلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث أن القتل استحر بقراء القرآن في اليمامة ، حيث روي بسند منقطع أنه قتل منهم خمسمائة.
1- سعة علم وفقه عمر رضي الله عنه ، حيث أنه تنبه لذلك لما استحر القتل في القراء، وراجع أبي بكر في جمع القرآن حتى شرح الله صدر أبي بكر لذلك.
2- تزكية أبي بكر لزيد بن ثابت لكتابة المصاحف وهذه فضيلة لزيد.
3- أن القرآن موجود قبل جمع أبي بكر في صدور الرجال وفي العسب واللخاف.
4- الغرض من تلك المصاحف حفظ كتاب الله فقط ولهذا كانت عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر في حياته ثم عند حفصة لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته وكانت عند أم المؤمنين رضيالله عنها، قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}[الحجر: 9.
.
5- خزيمة بن ثابت جعل رسول الله شهادته بشهادتين ،حيث أن عمر لما جمع القرآن كان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان . وذلك عن أمر الصديق له في ذلك فقبل من خزيمة بن ثابت آية لم توجد عند غيره كما جاء في حديث زيد السابق :" ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز}[التوبة: 128].
6- فعل أبو بكر وعمر في حفظ كتاب في الصحف من أكبر المصالح الدينية ، لئلا يذهب منه شيء بموت من تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين. هذا إسناده صحيح.



جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن
قال البخاري رحمه الله: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن شهاب، أن أنس بن مالك، حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}[الأحزاب: 23]،فألحقناها في سورتها في المصحف.
مسائل وتنبيهات في جمع عثمان رضي الله عنه:
1- سبب الجمع : جمع عثمان رضي الله عنه الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوافي القرآن ، وذلك أن حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه لما كان غازيا في فتح أرمينية وأذربيجان، وكان قد اجتمع هناك أهل الشام والعراق وجعل حذيفة يسمع منهم قراءات على حروف شتى، ورأى منهم اختلافا كثيرا وافتراقا، فلما رجع إلى عثمان أعلمه وقال لعثمان: أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.


2- موقف الصحابة من جمع عثمان:
وافقه على ذلك جميع الصحابة ، إلا ابن مسعود فقد روي عنه شيء من التغضب لأنه لم يكن ممن كتب المصاحف ..
قال علي رضي الله عنه : لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا.
وقال أيضا حين حرق عثمان المصاحف: لو لم يصنعه هولصنعته.
قال مصعب بن سعد بن أبي وقاص: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد.وهذا إسناد صحيح.
قال غنيم بن قيس المازني: قرأت القرآن على الحرفين جميعا، والله ما يسرني أن عثمان لم يكتب المصحف، وأنه ولد لكل مسلم كلما أصبح غلام، فأصبح له مثل ما له. قال: قلنا له: يا أبا العنبر، ولم؟ قال: لو لم يكتب عثمان المصحف لطفق الناس يقرؤون الشعر.


3- كُتَاب المصحف العثماني :
لما قال حذيفة لعثمان ذلك أفزعه وأرسل إلى حفصة أم المؤمنين أن ترسل إليه بالصحف التي عندها مما جمعه الشيخان ليكتب ذلك في مصحف واحد، وينفذه إلى الآفاق، ويجمع الناس على القراءة به وترك ما سواه، ففعلت حفصة وأمر عثمان هؤلاء الأربعة وهم زيد بن ثابت الأنصاري،أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادا ممدحا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، فجلس هؤلاء النفر الأربعة يكتبون القرآن نسخا، وإذا اختلفوا في وضع الكتابة على أي لغة رجعوا إلى عثمان، كما اختلفوا في التابوت أيكتبونه بالتاء أو الهاء، فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم.

4- ترتيب الآيات :
الآيات في السور أمر توقيفي متلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبا آياته؛ فإن نكسه أخطأ خطأ كبيرا.
سناده : قال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا.
5- ترتيب السور :
من أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه؛ . حكم ترتيب السور فمستحب اقتداء بعثمان، رضي الله عنه.
سناده : 1- قول عثمان رضي الله عنه : "وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال.
2-روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران. أخرجه مسلم.
3-وقرأ عمر في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.

6- نشر المصاحف بالآفاق وإلزام الناس بها وإحراق ما عداها:
المصاحف الأئمة التي نفذها عثمان إلى الآفاق، مصحفا إلى أهل مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا، رواه أبو بكر بن أبي داود عن أبي حاتم السجستاني، سمعه يقوله. وصحح القرطبي أنه إنما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف. وهذا غريب، وأمر بما عدا ذلك من مصاحف الناس أن يحرق لئلا تختلف قراءات الناس في الآفاق، وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم.

7- موافقة مصحف عثمان العرضة الأخيرة
عثمان رضي الله عنه، جمع قراءات الناس على مصحف واحد ووضعه على العرضة الأخيرة التي عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان من عمره، عليه الصلاة والسلام، فإنه عارضه به عامئذ مرتين؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته لما مرض: ((وما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي)).أخرجاه في الصحيحين.
قال أبو بكر : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد، حدثنا أبو بكر، حدثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثني عشر رجلا من قريش والأنصار،فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت، قال: فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجيء بها،قال: وكان عثمان يتعاهدهم، وكانوا إذا تدارؤوا في شيء أخروه. قال محمد: فقلت لكثير -وكان فيهم فيمن يكتب- : هل تدرون لم كانوا يؤخرونه؟ قال: لا. قال محمد: فظننت ظنا إنما كانوا يؤخرونها لينظروا أحدثهم عهدا بالعرضة الأخيرة فيكتبونها على قوله. صحيح .

8- حرق المصحف الذي جمع في عهد أبي بكر:
لم يحرقها في جملة ما حرقه ،وسبب ترك عثمان رضي الله عنه لهذا المصحف لأنها هي بعينها الذي كتبه، وإنما رتبه، ثم إنه كان قد عاهد حفصة على أن يردها إليها، فما زالت عندها حتى ماتت، ثم أخذها مروان بن الحكم فحرقها وتأول في ذلك ما تأول عثمان
حدثنا محمد بن عوف، حدثنا أبواليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري، أخبرني سالم بن عبد الله: أن مروان كان يرسل إلى حفصة يسألها الصحف التي كتب منها القرآن، فتأبى حفصة أن تعطيه إياها. قال سالم: فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر ليرسلن إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر فأمر بها مروان فشققت، وقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالمصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب أو يقول: إنه قد كان شيء منها لم يكتب. إسناده صحيح.

9- موقف عبد الله بن مسعود من تحريق المصاحف :
لما أمر عثمان بالمصاحف -يعني بتحريقها- ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغلل، فإنه من غل شيئا جاء بما غل يوم القيامة.
ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد صبي، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.



رد مع اقتباس
  #3  
قديم 4 شوال 1436هـ/20-07-2015م, 04:15 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مريم العبدلي مشاهدة المشاركة
تلخيص مقدمة بن كثير:

طرق التفسير:
الطريق الأول :تفسيرالقرآن بالقرآن،وهوأصح الطرق،فإن أُجْمل في مكان فقد يفسرفي موضع آخر.
الطريق الثاني :السنة، إن لم تجد بالقرآن فعليك بالسنة، لأن السنة شارحة له وموضحة . قال تعالى " وأنزلنا إليك الكتاب لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون"
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" يعني : السنة.
الطريق الثالث :أقوال الصحابة، فإن لم نجد التفسير في القرآن والسنة أخذنا بأقوالهم لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوابها.
قال أبوعبدالرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعلموا بما فيها من العمل، فتعلمناالقرآن والعمل جميعا.
الطريق الرابع : أقوال التابعين، فإن لم يجد التفسير في الكتاب ولا في السنة ولا عند الصحابة فإنه يرجع إلى قول التابعين، وممن اشتهربالتفسير من التابعين مجاهد بن جبر فإنه عرض القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحتهإ لى خاتمته، يوقفه عند كل آية.

حكم رواية الإسرائيليات:
الأول:ماعلمنا صحته ممابأيدينا مما يشهد له بالصدق،فذاك صحيح.
الثاني: ماعلمنا كذبه بماعندنا مما يخالفه.
الثالث:ما هو مسكوت عنه، فلا نؤمن به ولانكذبه.

حكم التفسير بالرأي :
حرام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من قال في القرآن برأيه، أوبما لا يعلم، فليتبوأ مقعده من النار"
ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير مالا علم لهم به.
فقد روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال : أي أرض تقلني؟ وأي سماءتظلني؟ إذاقلت في كتاب الله مالا أعلم.
وروي عن عمر رضي الله عنه لما قرأ قوله تعالى " وفاكهة وأبا" قال : ما الأب؟ ثم قال : إن هذا لهوالتكلف ،فما عليك ألا تدريه .
وروي عن سعيد بن المسيب: أنه كان لايتكلم إلا في المعلم من القرآن.
وقال عبيد الله بن عمر : لقدأدركت فقهاءالمدينة ،وإنهم ليعظمون القول في التفسير، منهم : سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع .
وهذه الآثارالصحيحة وماشاكلها عن أئمةالسلف محمولةعلى تحرجهم عن الكلام بما لاعلم لهم به.
أما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه، ولهذا روي عن هؤلاء أقوال في التفسير، ولا منافاة، لأنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه.
قال ابن عباس : " التفسيرعلى أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسيرلايعذر أحدبجهالته، وتفسيريعلمه العلماء،وتفسيرلايعلمه إلا الله "

ـــــــــــــــــــــــــ
فضائل القرآن :
1- الهيمنة على الكتب قبله.
قال تعالى " وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه ومهيمنا عليه "
قال ابن عباس :" ومهيمنا عليه " المهيمن الأمين . قال القرآن أمين على كل كتاب قبله .
وروي عن ابن عباس " ومهيمنا عليه " قال مؤتمنا.
وأصل الهيمنة : الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده : قد هيمن فلان عليه، فهو يهيمن هيمنة وهو عليه مهيمن، وفي أسماء الله تعالى : المهيمن، وهوالشهيدعلى كل شيء.

2- ابتداء نزوله في مكان شريف، وهو البلد الحرام ،كما أنه كان في زمن شريف وهو رمضان، فاجتمع شرف الزمان والمكان.
سناده:لبث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينةعشرا.
[ السناد هو الدليل من القرآن الكريم أو السنة النبوية أو الإجماع ]
والمشهور أنه أقام في مكة ثلاث عشرة سنة، ويحتمل أنه حذف ما زاد عن العشرة اختصارا في الكلام، لأن العرب كثيرا ما يحذفون الكسور في كلامهم، فإنه نزل في ثلاث وعشرين سنة.



تكملة فضائل القرآن:
3-أن القرآن لم ينزل جملة واحدة ولم ينزل متتابعا بل أنزل مفرقا ليكون في ذلك أبلغ العناية والإكرام ، حسب الوقائع ، ومنه المكي والمدني.
قال تعالى " وقرآنا فرقناه على مكث ونزلناه تنزيلا"

4- أن القرآن نزل به خير ملك على خير رسول ، فجبريل ذو وجاهة وجلالة ومكانة كما قال تعالى " نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين "

5-إعجاز القرآن وأنه أعظم من كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء ، فإن النبي بعث إلى قوم هم من أفصح الخلق وأعلمهم بالبلاغة والشعر وقريض الكلام وضروبه ، لكن جاءهم من الله ما لا قبل لأحد من البشرية من الكلام الفصيح ، البليغ ، الوجيز ، المحتوي على العلوم الكثيرة الصحيحة النافعة ،فأتباعه صلى الله عليه وسلم أكثر من أتباع الأنبياء لعموم رسالته ودوامها إلى قيام الساعة ، واستمرار معجزته.
قال تعالى " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا"
" أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين"

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما من نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة"

6- الأخذ به سبب للنجاة وتركه سبب للهلاك عند اختلاف الأمة ، قال تعالى " إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به "
7- أن القرآن نزل بلغة قريش ، وقريش خلاصة العرب ، قال تعالى " قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون"


جمع القرآن
معارضة جبريل النبي صلى الله عليه وسلم العرضة الأخيرة:
عارض جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان من عمره مرتين؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته لما مرض: ((وما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي)).أخرجاه في الصحيحين.

[ وأين الحديث عن المعارضة كل عام ، فهي أساس في جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لمقابلته على ما أوحاه إليه ، فيبقي ما بقي ، ويذهب ما نُسخ ]


الجمع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم :
لم يحفظ في مصحف واحد ، بل كان في صدور الرجال ، وفي العسب واللخاف.


القراء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم:
الخلفاء الراشدون ، وأبي بن كعب ، ومعاذ ، وزيد بن ثابت ، وابن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وتميم الداري ، عبادة بن الصامت ، عبدالله بن عمرو بن العاص ، وأبو زيد.
ثبت في الصحيحين عن أنس قال: جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، كلهم من الأنصار؛ أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. فقيل له: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي. وفي لفظ للبخاري عن أنس قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة؛ أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، ونحن ورثناه.
أبو بكر أقرأ الصحابة :
لما ثبت في الخبر المتواتر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليؤم القوم أقرؤهم))فلو لم يكن الصديق أقرأ القوم لما قدمه عليهم حيث قدمه صلى الله عليه وسلم ليصلي بالناس في مرض موته.

جمع القرآن في خلافة أبو بكر
الدليل: قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان علي أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول منأنفسكم عزيز}[التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر، رضي الله عنهم.
:
مسائل وتنبيهات في جمع أبي بكر:
((سبب الجمع في تلك المرحلة ))
لئلا يذهب القرآن بموت من تلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث أن القتل استحر بقراء القرآن في اليمامة ، حيث روي بسند منقطع أنه قتل منهم خمسمائة.
1- سعة علم وفقه عمر رضي الله عنه ، حيث أنه تنبه لذلك لما استحر القتل في القراء، وراجع أبي بكر في جمع القرآن حتى شرح الله صدر أبي بكر لذلك.
2- تزكية أبي بكر لزيد بن ثابت لكتابة المصاحف وهذه فضيلة لزيد.
3- أن القرآن موجود قبل جمع أبي بكر في صدور الرجال وفي العسب واللخاف.
4- الغرض من تلك المصاحف حفظ كتاب الله فقط ولهذا كانت عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر في حياته ثم عند حفصة لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته وكانت عند أم المؤمنين رضيالله عنها، قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}[الحجر: 9.
.
5- خزيمة بن ثابت جعل رسول الله شهادته بشهادتين ،حيث أن عمر لما جمع القرآن كان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان . وذلك عن أمر الصديق له في ذلك فقبل من خزيمة بن ثابت آية لم توجد عند غيره كما جاء في حديث زيد السابق :" ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز}[التوبة: 128].
6- فعل أبو بكر وعمر في حفظ كتاب في الصحف من أكبر المصالح الدينية ، لئلا يذهب منه شيء بموت من تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين. هذا إسناده صحيح.
[ يمكنك ِ تخصيص عنوان لكل جملة من هذه الجمل ، كما فعلتِ في سبب الجمع ]


جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن
قال البخاري رحمه الله: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن شهاب، أن أنس بن مالك، حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}[الأحزاب: 23]،فألحقناها في سورتها في المصحف.
مسائل وتنبيهات في جمع عثمان رضي الله عنه:
1- سبب الجمع : جمع عثمان رضي الله عنه الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوافي القرآن ، وذلك أن حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه لما كان غازيا في فتح أرمينية وأذربيجان، وكان قد اجتمع هناك أهل الشام والعراق وجعل حذيفة يسمع منهم قراءات على حروف شتى، ورأى منهم اختلافا كثيرا وافتراقا، فلما رجع إلى عثمان أعلمه وقال لعثمان: أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.


2- موقف الصحابة من جمع عثمان:
وافقه على ذلك جميع الصحابة ، إلا ابن مسعود فقد روي عنه شيء من التغضب لأنه لم يكن ممن كتب المصاحف ..
قال علي رضي الله عنه : لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا.
وقال أيضا حين حرق عثمان المصاحف: لو لم يصنعه هولصنعته.
قال مصعب بن سعد بن أبي وقاص: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد.وهذا إسناد صحيح.
قال غنيم بن قيس المازني: قرأت القرآن على الحرفين جميعا، والله ما يسرني أن عثمان لم يكتب المصحف، وأنه ولد لكل مسلم كلما أصبح غلام، فأصبح له مثل ما له. قال: قلنا له: يا أبا العنبر، ولم؟ قال: لو لم يكتب عثمان المصحف لطفق الناس يقرؤون الشعر.


3- كُتَاب المصحف العثماني :
لما قال حذيفة لعثمان ذلك أفزعه وأرسل إلى حفصة أم المؤمنين أن ترسل إليه بالصحف التي عندها مما جمعه الشيخان ليكتب ذلك في مصحف واحد، وينفذه إلى الآفاق، ويجمع الناس على القراءة به وترك ما سواه، ففعلت حفصة وأمر عثمان هؤلاء الأربعة وهم زيد بن ثابت الأنصاري،أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادا ممدحا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، فجلس هؤلاء النفر الأربعة يكتبون القرآن نسخا، وإذا اختلفوا في وضع الكتابة على أي لغة رجعوا إلى عثمان، كما اختلفوا في التابوت أيكتبونه بالتاء أو الهاء، فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم.

4- ترتيب الآيات :
الآيات في السور أمر توقيفي متلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبا آياته؛ فإن نكسه أخطأ خطأ كبيرا.
سناده : قال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا.
5- ترتيب السور :
من أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه؛ . حكم [ التزام ] ترتيب السور [ في القراءة ] فمستحب اقتداء بعثمان، رضي الله عنه.
سناده : 1- قول عثمان رضي الله عنه : "وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال.
2-روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران. أخرجه مسلم.
3-وقرأ عمر في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.

6- نشر المصاحف بالآفاق وإلزام الناس بها وإحراق ما عداها:
المصاحف الأئمة التي نفذها عثمان إلى الآفاق، مصحفا إلى أهل مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا، رواه أبو بكر بن أبي داود عن أبي حاتم السجستاني، سمعه يقوله. وصحح القرطبي أنه إنما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف. وهذا غريب، وأمر بما عدا ذلك من مصاحف الناس أن يحرق لئلا تختلف قراءات الناس في الآفاق، وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم.

7- موافقة مصحف عثمان العرضة الأخيرة
عثمان رضي الله عنه، جمع قراءات الناس على مصحف واحد ووضعه على العرضة الأخيرة التي عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان من عمره، عليه الصلاة والسلام، فإنه عارضه به عامئذ مرتين؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته لما مرض: ((وما أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي)).أخرجاه في الصحيحين.
قال أبو بكر : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد، حدثنا أبو بكر، حدثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثني عشر رجلا من قريش والأنصار،فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت، قال: فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجيء بها،قال: وكان عثمان يتعاهدهم، وكانوا إذا تدارؤوا في شيء أخروه. قال محمد: فقلت لكثير -وكان فيهم فيمن يكتب- : هل تدرون لم كانوا يؤخرونه؟ قال: لا. قال محمد: فظننت ظنا إنما كانوا يؤخرونها لينظروا أحدثهم عهدا بالعرضة الأخيرة فيكتبونها على قوله. صحيح .

8- حرق المصحف الذي جمع في عهد أبي بكر:
لم يحرقها في جملة ما حرقه ،وسبب ترك عثمان رضي الله عنه لهذا المصحف لأنها هي بعينها الذي كتبه، وإنما رتبه، ثم إنه كان قد عاهد حفصة على أن يردها إليها، فما زالت عندها حتى ماتت، ثم أخذها مروان بن الحكم فحرقها وتأول في ذلك ما تأول عثمان
حدثنا محمد بن عوف، حدثنا أبواليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري، أخبرني سالم بن عبد الله: أن مروان كان يرسل إلى حفصة يسألها الصحف التي كتب منها القرآن، فتأبى حفصة أن تعطيه إياها. قال سالم: فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر ليرسلن إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر فأمر بها مروان فشققت، وقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالمصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب أو يقول: إنه قد كان شيء منها لم يكتب. إسناده صحيح.

9- موقف عبد الله بن مسعود من تحريق المصاحف :
لما أمر عثمان بالمصاحف -يعني بتحريقها- ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغلل، فإنه من غل شيئا جاء بما غل يوم القيامة.
ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد صبي، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.



أحسنتِ أختي الفاضلة ، زادكِ الله إحسانًا وتوفيقًا.
بالنسبة للمقصد الأول والثاني فقد فاتكِ الكثير من مسائله وأرجو أن تراجعي في ذلك موضوع الشيخ هنا :
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...7#.VazvAX17M1k
فقد لخصهما وبينهما بيانًا حسنًا.

بالنسبة لمقصد جمع القرآن :
كان الأولى أن نرتب مسائله تحت مراحل جمع القرآن فنجمع المسائل تحت ثلاث مراحل :
الجمع النبوي ، جمع أبي بكر الصديق ، الجمع العثماني.
وما فعلتِه حسنٌ وطيب ، لكن أرجو الانتباه للملحوظات أعلاه.

- السناد هو الدليل الذي يستدل به المؤلف ، وليس كلامه نفسه.


تقييم التلخيص : [ التقييم على المقصد الثالث من مقاصد المقدمة ]
أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 30 / 30
ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 20 / 20
ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها): 17 / 20
رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) :14 / 15
خامساً: العرض
(حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 15 / 15
___________________
= 96 %
بارك الله فيكِ أختي الغالية ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 شوال 1436هـ/8-08-2015م, 05:42 PM
مريم العبدلي مريم العبدلي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 506
افتراضي

الباب الأول : في البيان عن كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان.

متى أنزل القرآن؟
أنزل في ليلة مباركة من شهر رمضان.
الدليل " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن" وقال تعالى " إنا أنزلناه في ليلة مباركة" وقال تعالى " " إنا أنزلناه في ليلة القدر"
والقول بأنه أنزل في ليلة النصف من شعبان قول بعيد وباطل.


الرد على من قال كيف خص نزول القرآن بشهر رمضان وقد أنزل في غيره من الشهور.
قال ابن عباس رضي الله عنه :" إنه أنزل في رمضان وفي ليلة مباركة جملة واحدة ، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلا في الشهور والأيام"
رسلا: رفقا ، " على مواقع النجوم " يريد انزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤده.


الأقوال في المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر:
أحدها : أنه ابتدئ إنزاله فيها ، وهو قول الشعبي.
وهذا القول إشارة إلى ابتداء الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن ذلك كان وهو متحنث في شهر رمضان.
الثاني : أنه أنزل فيها جملة واحدة .
قال أبو الحسن الواحدي : وقال مقاتل : أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة ، وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا ، فكان ينزل ليلة القدر من الوحي على القدر من الوحي على قدر ما ينزل به (جبريل على) النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل ، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر ، ونزل به جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام في عشرين سنة.
الثالث : أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
قال أبي عبد الله الحليمي : كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا من كل ليلة قدر ما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم إلى الليلة التي تليها ، فينزل جبريل عليه السلام ذلك نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن نزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة.

وهناك قول يعد قولا رابعا : " أنزل فيه القرآن " كأنه نزل عرضه وإحكامه في رمضان من كل سنة منزلة إنزاله فيه.
عن داوود بن أبي هند قال : قلت للشعبي : قوله تعالى " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " أما نزل عليه القرآن في سائر الشهور إلا في رمضان؟ قال : بلى ، ولكن كان جبريل يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.

سبب إنزال القرآن جملة إلى السماء الدنيا؟
لأنه فيه تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه، وذلك بإعلام سكان السماوات السبع أن هذا آخر الكتب، المنزل على خاتم الرسل لأشرف الأمم.

هل أنزل القرآن جملة واحدة قبل ظهور نبوة محمد أو بعدها؟
1- قبل ظهور النبوة : فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء ، وهو أظهر
2- بعد ظهور النبوة : لما فيه من التفخيم له ولمن أنزل عليه.
وكلاهما محتمل.

لماذا أنزل منجما، وهل أنزل جملة كسائر الكتب؟
لكي يثبت الله قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، أجاب الله سبحانه وتعالى عن سؤال الكافرين لما قالوا {لولا أنزل عليه جملة واحدة } أجابهم بقوله {كذلك لنثبت به فؤادك} أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه فيه على ما سنذكره.

أول ما نزل من القرآن:
أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أول سورة {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، نزل ذلك عليه بحراء عند ابتداء نبوته، على ما شرحناه في "كتاب المبعث"، ثم نزل {يا أيها المدثر}

آخر ما نزل من الآيات
1-{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية.
قال أبو عبيد: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}، قال: زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بعدها تسع ليال، وبدئ به يوم السبت ومات يوم الاثنين.
2-وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها،
3-وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين،
4-وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن،
5- ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.

العرضة الأخيرة:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرضه على جبريل في شهر رمضان في كل عام، وعرضه عليه عام وفاته مرتين، وكذلك كان يعرض جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عام مرة، وعرض عليه عام وفاته مرتين.
ففي جامع الترمذي وغيره عن ابن عباس عن عثمان رضي الله عنهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))... هذا حديث حسن.
عن عائشة رضي الله عنها عن فاطمة رضي الله عنها: أسر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "أن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي".

10· حفاظ الصحابة:
ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
وعن الشعبي قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر من الأنصار: أبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبيد وأبو زيد. ومجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتين أو ثلاثا، قال: ولم يجمعه أحد من الخلفاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم غير عثمان رضي الله عنه .

11· منسوخات القرآن ثلاثة أضرب:
1- ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
2- ما نسخت تلاوته وحكمه، كآيتي الرجم والرضاع.
3- ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها {أربعة أشهر وعشرا}.

الباب الثاني : جمع القرآن في عهد أبي بكر وعثمان وموقف الصحابة من ذلك.

عدم جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
قال البيهقي: ويشبه أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما لم يجمعه في مصحف واحد، لما كان يعلم من جواز ورود النسخ على أحكامه، ورسومه، فلما ختم الله دينه بوفاة نبيه صلى الله عليه وسلم، وانقطع الوحي، قيض لخلفائه الراشدين عند الحاجة إليه جمعه بين الدفتين.

سبب الجمع في عهد أبي بكر وسداد رأي عمر في هذا الجمع .
قال البخاري: أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رآه عمر.

سبب الجمع في عهد عثمان:
قدم حذيفة بن اليمان على عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق. فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى... فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم. ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.

عن محمد -هو ابن سيرين- قال: كان الرجل يقرأ، حتى يقول الرجل لصاحبه: كفرت بما تقول. فرفع ذلك إلى عثمان بن عفان، فتعاظم ذلك في نفسه، فجمع اثني عشر رجلا من قريش والأنصار، فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت، فأرسل إلى الربعة التي كانت في بيت عمر، فيها القرآن.

موقف الصحابة والتابعين من فعل عثمان بالمصاحف:
*عن مصعب بن سعد قال: أدركت الناس حين شقق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك -أو قال: لم يعب ذلك أحد.
*عن سويد بن غفلة قال: قال علي رضوان الله عليه: لو وليت لفعلت في المصاحف الذي فعل عثمان. وفي رواية أخرى لو وليت من أمر المصاحف ما ولي عثمان لفعلت ما فعل عثمان.
*وفي "السنن الكبير" عن علقمة بن مرثد عن العيزار بن جرول عن سويد بن غفلة عن علي رضي الله عنه قال: اختلف الناس في القرآن على عهد عثمان فجعل الرجل يقول للرجل: قراءتي خير من قراءتك، فبلغ ذلك عثمان فجمعنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الناس قد اختلفوا اليوم في القراءة وأنتم بين ظهرانيهم، فقد رأيت أن أجمع على قراءة واحدة، قال: فأجمع رأينا مع رأيه على ذلك، قال: وقال علي: لو وليت مثل الذي ولي، لصنعت مثل الذي صنع. وفي رواية: يرحم الله عثمان، لو كنت أنا لصنعت في المصاحف ما صنع عثمان. أخرجه البيهقي في "المدخل".
* قال أبو مجلز لاحق بن حميد رحمه الله -وهو من جلة تابعي البصرة-: يرحم الله عثمان، لو لم يجمع الناس على قراءة واحدة لقرأ الناس القرآن بالشعر.
*قال حماد بن سلمة: كان عثمان في المصحف كأبي بكر في الردة.
*قال عبد الرحمن بن مهدي: كان لعثمان شيئان ليس لأبي بكر ولا عمر مثلهما: صبره نفسه حتى قتل مظلوما، وجمعه الناس على المصحف.

سبب اختيار أبي بن كعب وسعيد بن العاص لكتابة المصاحف
قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت قال: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل، لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمراني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر.
وعن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد قال: سمع عثمان قراءة أبي وعبد الله ومعاذ فخطب الناس ثم قال: ".......أي الناس أفصح؟ قالوا: سعيد بن العاص، قال: أي الناس أكتب؟ قالوا: زيد بن ثابت، قال: فليكتب زيد، وليمل سعيد. قال: فكتب مصاحف، فقسمها في الأمصار، فما رأيت أحدا عاب ذلك عليه.
قال القاضي: فهذا الخبر يقضي بأن سعيدا قد كان ممن يملي المصحف، ولا يمتنع أن يمله سعيد ويمله أيضا أبي، فيحتاج إلى أبي لحفظه وإحاطته علما بوجوه القراءات المنزلة التي يجب إثبات جميعها، وأن لا يطرح شيء منها، ويجب نصب سعيد بن العاص لموضع فصاحته وعلمه بوجوه الإعراب وكونه أعربهم لسانا، قال: وقد قيل: إن سعيدا كان أفصح الناس وأشبههم لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يجب أن تتعارض هذه الأخبار؛ لأنه قد ذكر في كل واحد منها ممل غير الذي ذكر في غيره؛ لأنه لا يمتنع أن ينصب لإملائه قوم فصحاء، حفاظ يتظاهرون على ذلك، ويذكر بعضهم بعضا، ويستدرك بعضهم ما لعله يسهو عنه غيره. وهذا من أحوط الأمور وأحزمها في هذا الباب.

اشتراط الشاهدين لإثبات الآية في المصحف
وفي كتاب أبي بكر عبد الله بن أبي داود عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما استحر القتل بالقراء يومئذ فرق أبو بكر على القرآن أن يضيع، فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله تعالى فاكتباه.
قال الشيخ أبو الحسن في كتابه "جمال القراء": ومعنى هذا الحديث -والله أعلم- من جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله الذي كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا فقد كان زيد جامعا للقرآن.
قال: ويجوز أن يكون معناه: من جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله تعالى، أي من الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن، ولم يزد على شيء مما لم يقرأ أصلا، ولم يعلم بوجه آخر.

تفرق القرآن قبل الجمع في صدور الرجال والعسب واللخاف.
قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت قال: فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم}، حتى خاتمة "براءة"، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر.
قال الشيخ أبو الحسن: "كان أبي يتتبع ما كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللخاف والأكتاف والعسب ونحو ذلك، لا لأن القرآن العزيز كان معدوما. وأما قوله وصدور الرجال -يعني في الحديث السابق- فإنه كتب الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن، فكان يتتبعها من صدور الرجال ليحيط بها علما، ودليل ذلك أنه كان عالما بالآيتين اللتين في آخر "براءة" ثم لم يقنع بذلك حتى طلبها وسأل عنها غيره فوجدها عند خزيمة، وإنما طلبها من غيره مع علمه بها، ليقف على وجوه القراءات. والله أعلم".
وعن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد قال: سمع عثمان قراءة أبي وعبد الله ومعاذ فخطب الناس ثم قال: إنما قبض نبيكم منذ خمس عشرة سنة وقد اختلفتم في القرآن. عزمت على من عنده شيء من القرآن سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتاني به.
فجعل الرجل يأتيه باللوح والكتف والعسيب فيه الكتاب، فمن أتاه بشيء قال: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟"

مصير المصحف الذي جمعه أبو بكر وورثته حفصة عن أبيها:
قال ابن شهاب: فحدثني سالم بن عبد الله أنه لما توفيت حفصة، رحمة الله عليها، أرسل مروان إلى عبد الله بن عمر ساعة رجعوا من جنازة حفصة بعزيمة ليرسلن بها، فأرسل بها ابن عمر إلى مروان فمزقها مخافة أن يكون في شيء من ذلك خلاف ما نسخ عثمان رحمة الله عليه، قال أبو عبيد: لم نسمع في شيء من الحديث أن مروان مزق الصحف، إلا في هذا الحديث.
قال عبد الله: "حدثنا أبو الطاهر، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مالك عن ابن شهاب عن سالم وخارجة: أن أبا بكر الصديق كان قد جمع القرآن في قراطيس، وكان قد سأل زيد بن ثابت النظر في ذلك فأبى، حتى استعان عليه بعمر، ففعل، فكانت تلك الكتب عند أبي بكر حتى توفي، ثم عند عمر حتى توفي، ثم عند حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليها عثمان فأبت أن تدفعها إليه، حتى عاهدها ليردنها إليها، فبعثت بها إليه، فنسخ منها عثمان هذه المصاحف، ثم ردها إليها، فلم تزل عندها حتى أرسل مروان فأخذها فحرقها".

القول بأن عمر كتبه بعد أبي بكر:
وفي تفسير الطبري: "عن عمارة بن غزية عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال: فأمرني أبو بكر فكتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب، فلما هلك أبو بكر وكان عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة فكانت عنده. فلما هلك كانت الصحيفة عند حفصة...
ثم أرسل عثمان إلى حفصة يسألها أن تعطيه الصحيفة فأعطته إياها، فعرض المصحف عليها، فلم يختلفا في شيء، فردها إليها وطابت نفسه...".
قلت: وقد سبق ذلك، فيكون على هذا قد كتبه زيد ثلاث مرات في أيام الأئمة الثلاثة رضي الله عنهم، وهذه رواية غريبة، إلا أن ظاهر القصة يدل على صحتها؛ لأن اختصاص آل عمر بالصحيفة بعد عمر دل على أنه كان كتبها لنفسه، ولو كانت هي التي كتبت في زمن أبي بكر لما اختص بها آل عمر، والله أعلم.

الباب الثالث: نزول القرآن على سبعة أحرف

الأحاديث الدالة على أن القرآن أنزل على سبعة أحرف.
ففي الصحيحين عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله أن عبد الله بن عباس حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل عليه السلام على حرف واحد فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).

وفيهما عن عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذا يقرأ "سورة الفرقان" على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: ((أرسله))، فأرسله عمر فقال لهشام: ((اقرأ يا هشام))، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك أنزلت))، ثم قال: ((اقرأ يا عمر))، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه)). واللفظ للبخاري.

وفي صحيح مسلم عن ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف فقال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك))، ثم أتاه الثانية فقال: إن الله تعالى يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين فقال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك))، ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف فقال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك))، ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا.

2- الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف :
1- تخفيف على الأمة.
وفي جامع الترمذي عن أبي بن كعب قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال: ((يا جبريل إني بعثت إلى أمة أميين منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط قال: يا محمد، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف)). قال: هذا حديث حسن صحيح.
2- لأن العربي إذا فارق لغته تأخذه الحمية من ذلك ، فتأخذه العزة.

المراد بالأحرف السبعة:
القول الأول: سبع لغات من لغات العرب
وهو قول أبوعبيد بن القاسم وأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني
واختلف في القبائل التي أنزل القرآن على لغتها:
1- نزل القرآن بلغة قريش وهذيل وتميم وأزد وربيعة وهوازن وسعد بن بكر. وهو قول أبو حاتم السجستاني
قال ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرئ الناس بلغة واحدة ، فاشتد ذلك عليهم ، فنزل جبريل فقال : يا محمد ، اقرئ كل قوم بلغتهم.

2- وقال بعضهم : خمس منها بلغة هوازن ، وحرفان لسائر لغات العرب.
وهو رأي ابن عباس حيث قال :" أنزل القرآن على سبعة أحرف ، صار في عجز هوازن منها خمسة"
3- قال آخرون : هذه اللغات كلها السبع ، إنما تكون في مضر ، واحتجوا بقول عثمان رضي الله عنه : نزل القرآن بلسان مضر .

القول الثاني :أن المراد به التوسعة وليس حصرا للعدد
عن علي بن أبي طالب و ابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا : نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب "
قال أبو شامة : هذا هو الحق ، لأنه إنما أبيح أن يقرأ بغير لسان قريش توسعة على العرب ، فلا ينبغي أن يوسع على قوم دون قوم ، فلا يكلف أحد إلا قدر استطاعته.
القول الثالث : أن معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة ، نحو : أقبل وتعال وهلم ، وعلى هذا أكثر أهل العلم.
الدليل : حديث أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((أقرئت القرآن فقلت: على حرف أو حرفين، فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين، فقلت: على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف وليس منها إلا شاف كاف، غفورا رحيما، عليما حكيما، عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك)) -زاد بعضهم- ((ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)).
"وقد جاء عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ: {للذين آمنوا انظرونا}، مهلونا، أخرونا، أرجئونا، وكان يقرأ: {كلما أضاء لهم مشوا فيه}، مروا فيه، سعوا فيه، كل هذه الحروف كان يقرأ بها أبي بن كعب، إلا أن مصحف عثمان الذي بأيدي الناس اليوم هو منها حرف واحد". وقال: "وعلى هذا أهل العلم، فاعلم".
بيان معنى حديث : حديث " نزل القرآن على سبعة أحرف عليما حكيماً غفوراً رحيماً"
قال البيهقي : إجازة قراءة " غفور رحيم بدل عليم حكيم"
قال المؤلف : وكان ذلك سائغا قبل جمع الصحابة المصحف تسهيلا على الأمة في حفظه.
وقال: ثم إن الصحابة رضي الله عنهم خافوا من كثرة الاختلاف ، وألهموا ، وفهموا أن تلك الرخصة قد استغنى عنها بكثرة الحفظة للقرآن.
قال أبو بكر بن العربي: سقط جميع اللغات والقراءات إلا ما ثبت في المصحف بإجماع من الصحابة وما أذن فيه من قبل ذلك ارتفع وذهب والله أعلم.


القول الرابع : سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه،.
واحتجوا بحديث عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
رد أهل العلم على هذا القول :
1- قال أبو عمر بن عبد البر : "هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده.
2-قال الطحاوي : من قال في تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد؛ لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه؛ لأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله، أو حرام كله، أو أمثال كله. قال أبو عمر: ويرويه الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سلمة بن أبي سلمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا".
4- قال أبو شامة : لهذا الحديث تأويلان آخران.
أحدهما: ذكره أبو علي الأهوازي في "كتاب الإيضاح"، والحافظ أبو العلاء في "كتاب المقاطع"، أن قوله "زاجر وآمر" إلى آخره استئناف كلام آخر، أي هو كذلك، ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة، وإنما توهم ذلك من توهمه، لاتفاقهما في العدد وهو السبعة، وروي "زاجرا وآمرا..." بالنصب، أي نزل على هذه الصفة من سبعة أبواب على سبعة أحرف، ويكون المراد بالأحرف غير ذلك.
التأويل الثاني: أن يكون ذلك تفسيرًا للأبواب، لا للأحرف، أي هذه سبعة أبواب من أبواب الكلام وأقسامه وأنواعه، أي أنزله الله تعالى كائنا من هذه الأصناف، لم يقتصر به على صنف واحد، بخلاف ما يحكى أن الإنجيل كله مواعظ وأمثال، والله أعلم.
إذا ثبت هذا فنعود إلى تفسير الأحرف السبعة بأحد القولين: وهم اللغات السبع مع اتحاد صورة الكتابة، والثاني الألفاظ المترادفة والمتقاربة المعاني كما سبق.

القول الخامس : وقال قوم: السبعة الأحرف منها ستة مختلفة الرسم، كانت الصحابة تقرأ بها إلى خلافة عثمان رضي الله عنهم، نحو:
الزيادة، والألفاظ المرادفة، والتقديم، والتأخير، نحو (إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي(وجاءت سكرة الحق بالموت)، (صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين)، (يأخذ كل سفينة صالحة غصبا)، (والعصر ونوائب الدهر)، (وله أخ أو أخت من أمه)، و(إن بوركت النار ومن حولها) في نظائر ذلك، فجمعهم عثمان على الحرف السابع الذي كتبت عليه المصاحف، وبقي من القراءات ما وافق المرسوم، فهو المعتبر، إلا حروفا يسيرة اختلف رسمها في مصاحف الأمصار، نحو (أوصى) و(وصى)، و {من يرتد} و(من يرتدد)
و(من تحتها) و(تحتها)، وكأنهم أسقطوا ما فهموا نسخه بالعرضة الأخيرة التي عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام، ورسموا ما سوى ذلك من القراءات التي لم تنسخ.

محاولة بعض أهل القراءات استخراج سبعة أحرف من هذه القراءات المشهورة
1-فقال بعضهم: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة:
1- منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل {هن أطهر لكم} , (أطهر لكم)، {ويضيق صدري} (ويضيق صدري) بالرفع والنصب فيهما.
2- ومنها ما يتغير معناه ويزول بالإعراب ولا تتغير صورته، مثل (ربنا باعد بين أسفارنا) و {ربنا باعد بين أسفارنا}،
3- ومنا ما يتغير معناه بالحروف واختلافها باللفظ ولا تتغير صورته في الخط، مثل (إلى العظام كيف ننشرها) بالراء والزاي.
4- ومنها ما تتغير صورته ولا يتغير معناه، مثل {كالعهن المنفوش} و(كالصوف المنفوش).
5- ومنها ما تتغير صورته ومعناه، مثل {وطلح منضود} "وطلع منضود".
6- ومنها التقديم والتأخير، مثل {وجاءت سكرة الموت بالحق} "وجاء سكرة الحق بالموت".
7- ومنها الزيادة والنقصان، نحو "نعجة أنثى"، و"من تحتها" في آخر التوبة، و"هو الغني الحميد" في الحديد.
قال ابن عبد البر: "وهذا وجه حسن من وجوه معنى الحديث، وفي كل وجه منها حروف كثيرة لا تحصى عددا، وهذا يدلك على قول العلماء أن ليس بأيدي الناس من الحروف السبعة التي نزل القرآن عليها، إلا حرف
واحد، وهو صورة مصحف عثمان، وما دخل فيها يوافق صورته من الحركات واختلاف النقط من سائر الحروف".
واختار أبو علي الأهوازي طريقة أخرى فقال:
"قال بعضهم: معنى ذلك هو الاختلاف الواقع في القرآن، يجمع ذلك سبعة أوجه:
1- الجمع والتوحيد، كقوله تعالى: {وكتبه} "وكتابه".
2- والتذكير والتأنيث، كقوله تعالى: {لا يقبل} و"لا تقبل".
3- والإعراب، كقوله تعالى: "المجيد" و {المجيد}.
4- والتصريف، كقوله تعالى: "يعرشون" و {يعرشون}.
5- والأدوات التي يتغير الإعراب لتغيرها، كقوله تعالى: "ولكن الشياطين" {ولكن الشياطين}.
6- واللغات، كالهمز وتركه، والفتح، والكسر، والإمالة، والتفخيم، وبين بين،
7- والمد، والقصر، والإدغام، والإظهار، وتغيير اللفظ والنقط بالتفاق الخط، كقوله تعالى: "ننشرها" و {ننشزها}، ونحو ذلك". قال: "وهذا القول أعدل الأقوال وأقربها
ثم ذكر المؤلف أقوال أخرى من اجتهاد القراء.
· الرد أهل العلم عليهم:
قال القاسم عقيبه":
"وفي هذا التفسير ما رغب بعض الناس بقائله عنه، وإن كان قد ذهب مذهبا واستنبط عجبا؛ لأنه اخترع معنى لا نعلم أحدا من السلف قال به، ولا أشار إليه، وليس للخلف الخروج عن السلف، ولا رفض عامتهم لمذهب لم يسلكوه، وتأويل لم يطلقوه"
وقال :" "وهذه الأحاديث الصحاح التي ذكرنا بالأسانيد الثابتة المتصلة تضيق عن كثير من الوجوه التي وجهها عليها من زعم أن الأحرف في صورة الكتبة وفي التقديم والتأخير والزيادة والنقصان؛ لأن الرخصة كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم والعرب ليس لهم يومئذ كتاب يعتبرونه، ولا رسم يتعارفونه، ولا يقف أكثرهم من الحروف على كتبه، ولا يرجعون منها إلى صورة، وإنما كانوا يعرفون الألفاظ بجرسها، أي بصوتها، ويجدونها بمخارجها، ولم يدخل عليهم يومئذ من اتفاق الحروف ما دخل بعدهم على الكتبين من اشتباه الصور، وكان أكثرهم لا يعلم بين الزاي والسين سببا، ولا بين الصاد والضاد نسبا".

هل المصاحف تحوي جميع الأحرف السبعة أم هي حرف واحد منها؟
القول الأول: على حرف واحد وهو حرف زيد بن ثابت ونسب إليه لأنه تولى رسمه. وهو قول أبو جعفر الطبري والأكثرون بعده.
قال أبو جعفر الطبري : " فحملهم – يعني عثمان رضي الله عنه – على حرف واحد ، وجمعهم على مصحف واحد ، وحرق ما عدا المصحف الذي جمعهم عليه"
وقال أبو العباس أحمد بن عمار المقرئ : " أصح ما عليه الحذاق من النظر في معنى ذلك إنما نحن عليه في وقتنا هذا من هذه القراءات هو بعض الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن"
القول الثاني: أن المصحف الذي جمعه عثمان يحوي الحروف السبعة فهي متفرقة فيه وهو الذي مال إليه القاضي أبي بكر .

الباب الرابع: في معنى القراءات المشهورة الآن وتعرف الأمر في ذلك كان.
الرد على من ظن أن القراءات السبع هي الأحرف السبعة.
1- أهل العلم قالوا في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :" أنزل القرآن على سبعة أحرف" أنهن سبع لغات ، بدلالة قول بن مسعود رضي الله عنه وغيره : إن هذا كقولك هلم وتعال وأقبل"
2- قال أبو شامة :" هذا النوع من الاختلاف معدوم اليوم ،....، بل هو اليوم متلو على حرف واحد متفق الصورة في الرسم غير متناف في المعاني إلا حروفا يسيرة اختلفت صورة رسمها في مصاحف الأمصار واتفقت معانيها فجرى مجرى ما اتفقت صورته"
3- اختلاف العلماء في تحديد عدد القراء ، حيث ذكر بعض الأئمة أكثر من سبعين قارئ أعلى رتبة وأجل قدرا من هؤلاء السبعة ، كذلك أبو حاتم ترك بعض القراء السبعة وزاد عليهم عشرين رجلا من الأئمة ، وزاد الطبري في كتاب القراءات على هؤلاء السبعة نحو خمسة عشر رجلا.
قال أبو شامة :" فكيف يجوز أن يظن ظان أن هؤلاء السبعة المتأخرين قراءة كل واحد منهم أحد الحروف السبعة التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم.

أول من اقتصر على القراء السبعة.
هو أبو بكر بن مجاهد ، الذي انتهت إليه الرياسة في علم القراءة ، وتقدم على أهل عصره ، فكان أول من اقتصر على هذا ، واتبعه الناس على ذلك.

سبب اختلاف القراء في القراءة مع أن المرسوم في المصحف العثماني واحد.
لخلو المصاحف من الشكل والإعجام وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه .
في كل مصر من الأمصار التي وجهت إليها المصاحف معلمون من الصحابة كأبي موسى في البصرة وعلي وعبدالله بالكوفة ، فانتقلوا عما بان لهم أنهم أمروا بالانتقال عنه مما كان بأيديهم ، وثبتوا على ما لم يكن في المصاحف الموجهة إليهم مما يستدلون به على انتقالهم عنه.

من هم القراء السبعة؟
1- أبو عمرو من أهل البصرة.
2- حمزة من أهل الكوغة.
3- عاصم من أهل الكوفة.
4- الكسائي من أهل العراق.
5- ابن كثير من أهل مكة.
6- ابن عامر من أهل الشام.
7- نافع من أهل المدينة

ما العلة التي من أجلها اشتهر هؤلاء القراء فنسبت إليهم القراءات السبع؟
قال أبو علي الأهوازي : " هؤلاء السبعة لزموا القيام بمصاحفهم، وانتصبوا لقراءته ، وتجردوا لروايته ، ولم يشتهروا بغيره ، واتبعوا ولم يبتدعوا".
قال أبو شامة :" كلهم ممن اشتهرت أمانته ، وطال عمره في الإقراء ، وارتحال الناس إليه في البلدان ، ولم يترك الناس مع هذا نقل ما كان عليه أئمة هؤلاء من الاختلاف ولا القراءة بذلك".

سبب جعل القراء سبع:
1- تأسيا بعدد المصاحف الأئمة التيبعثها عثمان إلى الأمصار.
2- أنه جعل عددهم على عدد الحروف التي نزل بها القرآن ، حيث أن القرآن نزل على سبعة أحرف.

الباب الخامس : في الفصل بين القراءة الصحيحة القوية والشاذة الضعيفة المروية.
أركان الرواية الصحيحة:
1- صحة السند.
2- موافقة خط المصحف.
3- موافقته وجه من أوجه العربية.

أنواع حملة القرآن:
1- "فمن حملة القرآن المعرب العالم بوجوه الإعراب في القراءات، العارف باللغات ومعاني الكلام، البصير بعيب القراءة المنتقد للآثار، فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفاظ القرآن في كل مصر من أمصار المسلمين".
2- "ومنهم من يعرب ولا يلحن ولا علم له بغير ذلك، فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته ولا يقدر على تحويل لسانه، فهو مطبوع على كلامه".
3- "ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه، وليس عنده إلا الأداء لما تعلم، لا يعرف الإعراب ولا غيره، فذلك الحافظ ولا يلبث مثله أن ينسى إذا طال عهده.
4-"ومنهم من يعرب قراءته ويبصر المعنى ويعرف اللغات ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس في الآثار، فربما دعاه بصره بالإعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين، فيكون بذلك مبتدعا، وقد روينا في كراهة ذلك وخطره أحاديث".

القراءات السبع التي تلقتها الأمة بالقبول منها الصحيح المجمع عليه ومنها الشاذ
قال أبو شامة : فإن القراءات فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم، فوق ما ينقل عن غيرهم.

أصح القراءات وأفصحها
قال أبو الحسن في كتابه جمال القراء : " اختار قوم قراءة عاصم ونافع فيما اتفقا عليه وقالوا : قراءة هذين الإمامين أصح القراءات سندا وأفصحها في العربية ، وبعدهما في الفصاحة قراءة أبي عمرو والكسائي".

معنى الشاذ:
مأخوذ من قولهم : شذ الرجل يشذ شذوذا ، إذا انفرد عن قوم واعتزل جماعتهم ، فالشاذ انفرد وخرج عما عليه الجمهور وخالف الأركان الثلاثة أو بعضها.

أمثلة على الشاذ.
فمما نسب إليهم وفيه إنكار لأهل اللغة وغيرهم:
الجمع بين الساكنين في تاءات البزي، وإدغام أبي عمرو، وقراءة حمزة "فما اسطاعوا"، وتسكين من أسكن "بارئكم" و"يأمركم"
ونحوه و"سبأ" و"يا بني" و"مكر السيئ""، وإشباع الياء في "نرتعي" و"يتقي ويصبر" و"أفئدة من الناس" وقراءة "ليكة" بفتح الهاء، وهمز "سأقيها"، وخفض "والأرحام"، ونصب "كن فيكون"، والفصل بين المضافين في "الأنعام"، وغير ذلك على ما نقلناه وبيناه بعون الله تعالى وتوفيقه في شرح قصيدة الشيخ الشاطبي رحمه الله.

حكم الأخذ بالشاذ
لا تجوز القراءة بها لخروجها عن إجماع المسلمين وعن الوجه الذي ثبت به القرآن وهو التواتر ، وإن كانت موافقة للعربية وخط المصحف ، لأنه جاء من طريق الآحاد ، وإن كان نقلته ثقات.
ولا تجوز الصلاة خلف من خالف المصحف الإمام. وهو قول المالكية والشافعية
قال ابن حاجب شيخ المالكية :" لا يجوز أن يقرأ بالشاذ في صلاة ولا غيرها ، عالما كان بالعربية أو جاهلا".

حكم من زعم أن كل من صح عنده وجه في العربية لحرف من القرآن ، ووافق خط المصحف فقراءته له جائزة في الصلاة وغيرها.
قد أتى ببدعة ، قال أبو طاهر : " فابتدع بفعله ذلك بدعة ضل بها عن قصد السبيل ، وأورط نفسه في منزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله...."

الباب السادس : في الإقبال على ما ينفع من علوم القرآن والعمل بها وترك التعمق في تلاوة ألفاظه والغلو بسببها

اتباع القرآن حق اتباعه والعمل بما فيه مقدم على الحفظ وحسن الصوت به.
عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة في قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته}، قال: يتبعونه حق إتباعه.
وروي مرفوعا وموقوفا: ((اقرءوا القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فلست تقرؤه)).
وعن الحسن: أن أولى الناس بالقرآن من اتبعه وإن لم يكن يقرؤه.

آداب القرآن:
1- الترسل في قراءته.
وعن مجاهد في قوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}، قال: ترسل فيه ترسلا.
وعن أبي حمزة قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن في ثلاث، فقال: لأن أقرأ البقرة في ليلة، فأدبرها وأرتلها، أحب إلي من أن أقرأ كما تقول.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: لا تنثروه نثر الدقل ولا تهذوه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة.

* أحوال السلف في ترسلهم في القراءة:
*عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي يقرأ آية واحدة الليل كله، حتى أصبح، بها يقوم وبها يركع وبها يسجد: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}.
*عن تميم الداري: أنه أتى المقام ذات ليلة، فقام يصلي، فافتتح السورة التي تذكر فيها الجاثية، فلما أتى على هذه الآية {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}، لم يزل يرددها حتى أصبح.
*عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه يردد {وقل رب زدني علما}، حتى أصبح.
*عن هشام بن عروة عن عبد الوهاب بن يحيى بن حمزة عن أبيه عن جده قال: افتتحت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما "سورة الطور" فلما انتهت إلى قوله تعالى: {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم}. ذهبت إلى السوق في حاجة ثم رجعت، وهي تكررها: {ووقانا عذاب السموم}، قال: وهي في الصلاة.

2- الخشوع في قراءته:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحسن صوتا بالقرآن -أو أحسن قراءة- فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)).
وعنه: ((أحسن الصوت بالقرآن أخشاهم لله تعالى)).
* أحوال السلف في خشوعهم في القراءة:
*قال ابن أبي مليكة: صحبت ابن عباس -يعني في السفر- فإذا نزل قام شطر الليل ويرتل القرآن، يقرأ حرفا حرفا، ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب.
*وقال عبد الله بن عروة بن الزبير: قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر: كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا القرآن؟ قالت: تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم كما نعتهم الله.
*وقال محمد بن جحادة: قلت لأم ولد الحسن البصري: ما رأيت منه؟ فقالت: رأيته فتح المصحف، فرأيت عينيه تسيلان وشفتيه لا تتحركان.
3- ترك ما صغره القرآن من أمور الدنيا
قال سفيان بن عيينة: من أعطى القرآن فمد عينيه إلى شيء مما صغر القرآن، فقد خالف القرآن، ألم تسمع قوله سبحانه وتعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم * لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم}. وقال: {ورزق ربك خير وأبقى}، يعني القرآن".

قراء القراء على ثلاثة أصناف
1- صنف اتخذوه بضاعة يأكلون به.
2- وصنف أقاموا حروفه وضيعوا حدوده واستطالوا به على أهل بلادهم واستدروا به الولاة.
3- وصنف عمدوا إلى دواء القرآن فوضعوه على داء قلوبهم واستشعروا الخوف وارتدوا الحزن، فأولئك يسقي الله بهم الغيث وينصرهم على الأعداء، والله لهذا الضرب من حملة القرآن أعز من الكبريت الأحمر".

أسباب المنع من فهم القرآن:
قال الغزالي: " أن يكون الهم منصرفا إلى تحقيق الحروف بإخراجها من مخارجها، وهذا يتولى حفظه شيطان وكل بالقراء ليصرفهم عن معاني كلام الله تعالى، فلا يزال يحملهم على ترديد الحرف، يخيل إليهم أنه لا يخرج من مخرجه، فهذا يكون تأمله مقصورا على مخارج الحروف، فأنى تنكشف له المعاني؟ وأعظم ضحكة الشيطان لمن كان مطيعا لمثل هذا التلبيس".

مخالفات القراء:
1- الهذ في القراءة
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه: إياكم والهذاذين الذين يهذون القرآن ويسرعون بقراءته، فإنما مثل ذلك كمثل الأكمة التي لا أمسكت ماء ولا أنبتت كلأ.
2- الإفراط في التمطيط، والتعسف في التفكيك.
3- الإسراف في إشباع الحركات.
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني الحافظ المقرئ رحمه الله:
"التحقيق الوارد عن أئمة القراءة حده أن يوفي الحروف حقوقها من المد والهمز والتشديد والإدغام والحركة والسكون والإمالة والفتح، إن كانت كذلك من غير تجاوز ولا تعسف ولا إفراط ولا تكلف".

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 ذو القعدة 1436هـ/11-09-2015م, 02:22 AM
مريم العبدلي مريم العبدلي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 506
افتراضي

الموضوع الذي في الأعلى في تلخيص مقاصد المرشد الوجيز لأبي شامة.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ربيع الثاني 1437هـ/24-01-2016م, 07:02 PM
نفلاء القحطاني نفلاء القحطاني غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 17
افتراضي صفحة الطالبة /نفلاء مسفر /لدراسة المستوى الأول برنامج إعداد المفسر

بسم الله

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir