دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب الحج

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 02:49 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي [جمع المغرب والعشاء بمزدلفة]

وعنهُ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: جَمَعَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بَيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، لكُلِّ وَاحِدَةٍ منْهُمَا بِإِقَامَةٍ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا، وَلاَ عَلَى إِثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.

  #2  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 12:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الأول: تصحيح الرواية)

حديثُ ابنِ عمرَ جَمَعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بينَ المغربِ والعشاءِ بجمْعٍ لكلِّ واحدةٍ منهما بإقامةٍ ولم يُسبِّحْ بينَها.
هذا لفظُ البخاريِّ بزيادةٍ وإسقاطٍ فأما الزيادةُ فهي لفظةُ "كلِّ" بعد قوله : "إِثْرَ" وأما الإسقاطُ فهو اللامُ من قولِه: "لكلِّ واحدةٍ منهما" ومسلِمٌ ذكَرَه بألفاظٍ .

  #3  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 12:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بابُ جمعِ المغربِ والعشاءِ في مُزْدَلِفَةَ

الْحَدِيثُ الرابعُ والأربعونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ
عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُمَا قالَ: ((جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، لكُلِّ وَاحِدَةٍ منْهُمَا إِقَامَةٌ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا، وَلَا عَلَى أَثَرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا)).

المُفْرَدَاتُ:
قَوْلُهُ: (جَمْعٍ). بفتحِ الجيمِ وسكونِ الميمِ، هيَ مُزْدَلِفَةُ، سُمِّيَتْ جَمْعًا لاجتماعِ الناسِ فيها.
قَوْلُهُ: (لم يُسَبِّحْ بَيْنَهَا). التَّسْبِيحُ هنا صلاةُ النافلةِ.

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: اسْتِحْبَابُ جَمْعِ التأخيرِ بينَ المغربِ والعشاءِ في مزدلفةَ، في لَيْلَتِهَا تَخْفِيفًا وَتَيْسِيرًا على الحاجِّ.
الثَّانِيَةُ: أنْ يُقَامَ لكلِّ صلاةٍ منها إقامةٌ.
الثَّالِثَةُ: ويُؤَذِّنَ لَهُمَا أَذَانًا واحدًا كما في حديثِ جابرٍ الصحيحِ.
الرَّابِعَةُ: أنَّهُ لا يُسْتَحَبُّ التَّنَفُّلُ بَيْنَهُمَا ولا بَعْدَهُمَا طَلَبًا للراحةِ والتَّيْسِيرِ.

  #4  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 12:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بابُ جمْعِ المغربِ والعشاءِ في مُزدَلِفةَ.

الْحَدِيثُ السادسُ والأرْبَعُونَ بعدَ الْمِائَتَيْنِ
عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ رضِيَ اللَّهُ عنهما قالَ: جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، لكُلِّ وَاحِدَةٍ منْهُمَا إِقَامَةٌ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا، وَلاَ عَلَى أَثرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.(45)
______________________
( 45 ) الغريبُ:
( جَمْع ) بفتحِ الجيمِ، وسكُونِ الميمِ. هي ( مُزْدَلِفَةُ ) سُمِّيتْ جَمْعًا لاجتماعِ الناسِ فيهَا ليلةَ يومِ النَّحْرِ.
و ( الإزدلافُ ) التقرُّبُ، فسُمِّيتْ ( مُزْدَلِفَةَ ) أيضًا؛ لأنَّ الحُجَّاجَ يَتَزَلَّفونَ فيهَا من ( عرفةَ ) إلَى ( مِنًى ), وتُسمَّى ( المَشْعَرَ الْحَرَامَ )؛ لأنَّهَا في داخلِ حدودِ الحرمِ؛ لتُقَابِلَ تسميَةَ عرفةَ بالمَشْعَرِ الحلالِ؛ لأنَّهَا خارجَ الحرمِ.
لَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا: يُرادُ بالتسبيحِ - هنا - صلاةُ النافلةِ، كما جاءَ في بعضِ الأحاديثِ تسميَةُ صلاةِ الضُّحَى بـ ( سُبْحَةِ الضحَى) لاشتمالِ الصلاةِ علَى التسبيحِ من تسميَةِ الكلَّ باسمِ البعضِ.
المعنَى الإجماليُّ:
لمَّا غرَبَت الشمسُ من يومِ عرفةَ، والنبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ واقفٌ يُشاهَدُ فيهَا انصرَفَ منهَا إلَى ( مُزدلفةَ ), ولم يُصَلِّ المغرِبَ، فلمَّا وصلَ إلَى ( مزدلفةَ ) إذا بوقْتِ العشاءِ قد دخلَ، فصلَّى بهَا المغربَ والعشاءَ، جمْعَ تأخيرٍ، بإقامةٍ لكلِّ صلاةٍ، ولم يُصَلِّ نافلةً بينهما، تحقيقًا لمعنَى الجمعِ، ولا بعدَهُمَا، ليَأْخُذَ حظَّهُ من الراحةِ، استعدادًا لأذكارِ تلك الليلةِ، ومناسكِ غدٍ، من الوقوفِ عندَ المشعرِ الحرامِ، والدفْعِ إلَى ( مِنًى ) وأعمالِ ذلك اليومِ.
فإنَّ أداءَ تلك المناسكِ في وقْتِها، أفضلُ من نوافلِ العباداتِ التي ستُدرَكُ في غيرِ هذا الوقتِ.
ما يُؤخذُ من الحديثِ:
1- مشروعيَّةُ جمعِ التأخيرِ بين المغربِ والعشاءِ في ( مُزدلفةَ ) في ليلَتِهَا.
2- الحِكْمَةُ في هذا ـ واللَّهُ أعلمُ ـ التخفيفُ والتيسيرُ علَى الحاجِّ، فهم في مشقَّةٍ من التنقُّلِ، والقيامِ بمناسِكِهِمْ.
3- فيُؤخذُ منهُ يُسْرُ الشريعةِ وسهولَتُهَا، رحمةً من الشارعِ، الذي عَلِمَ قدرةَ الناسِ وطاقَتَهم وما يُلائمُهَا.
4- أنْ يُقامَ لكلِّ صلاةٍ من المغربِ والعشاءِ، إقامةٌ واحدةٌ.
5- لم يُذْكَرْ في هذا الحديثِ الأذانُ لهما، وقد صحَّ من حديثِ جابرٍ رضي اللَّهُ عنهُ أنَّهُ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ( جمعَ بينهما بأذانٍ وإقامتيْنِ )، ومَن حفِظَ حُجَّةٌ علَى مَن لم يَحْفَظْ.
6- أنَّهُ لا يُشْرَعُ التنفُّلُ بين المجموعتيْنِ، ولا بعدَهما، وهو من بابِ التيسيرِ والتخفيفِ، والاستعدادِ للمناسكِ بنشاطٍ؛ لأنَّ هذهِ المناسكَ ليس لهَا وقْتٌ تُشْرَعُ فيهِ إلا هذا، فينبغِي التفرُّغُ لهَا، والاعتناءُ بهَا قبلَ فواتِهَا.
7- قال شيخُ الإسلامِ: والسُّنَّةُ أنْ يبيتَ بمزدلفةَ إلَى أنْ يَطْلُعَ الفجرُ، فيصلِّي بهَا الفجْرَ في أوَّلِ الوقتِ، ثم يقفُ بالمشعرِ الحرامِ إلَى أنْ يُسْفِرَ جدًّا قبلَ طلوعِ الشمسِ، فإنْ كانَ في الضَّعَفَةِ كالنساءِ والصبيانِ فإنَّهُ يتعجَّلُ في مزدلفةَ إلَى مِنًى إذا غابَ القمرُ، ولا ينبغِي لأهلِ القوَّةِ أنْ يَخْرُجُوا من مزدلفةَ حتَّى يَطْلُعَ الفجرُ.

اختلافُ العُلماءِ:
اختلَفَ العُلماءُ في سببِ الجمعِ بين المغربِ والعشاءِ في ( مزدلفةَ ). فبعضُهم يرَى أنَّهُ لعُذْرِ السفَرِ، وهم الشافعيَّةُ والحنابلةُ. وعلَى هذا، فلا يُباحُ لمَن لا يُباحُ لهُ الجمْعُ، كأهلِ مكَّةَ. والحنفيَّةُ والمالكيَّةُ، يرَوْنَ أنَّهُ لعُذْرِ النُّسُكِ، وهؤلاءِ يَسْتَحِبُّونَهُ لكلِّ أحدٍ، سواءٌ أكانَ مسافرًا لنُسُكِهِ أمْ لا.
والأَوْلَى اتِّباعُ السُّنَّةِ، وهو الجمْعُ لكلِّ حاجٍّ، سواءٌ أكانَ لهذا أم لغيرِهِ.
علَى أنَّهُ تقدَّمَ لنا أنَّ الصحيحَ أنَّ السفرَ لا يُقدَّرُ بمدَّةٍ ولا مسافةٍ، وإنَّما هو كلُّ سفرٍ حُمِلَ لهُ الزادُ والمَزادُ، فهو سفرٌ.
ولا شكَّ أنَّ الحاجَّ - سواءٌ أكانَ آفاقيًّا، أمْ مكيًّا - مُتَحَمِّلٌ في حجِّهِ ما يتحمَّلُهُ المسافرُ من المتاعبِ والمشاقِّ. واختلفُوا في الأذانِ والإقامةِ لهاتيْنِ الصلاتيْنِ.
فذهبَ بعضُهم - ومنهم سفيانُ - إلَى أنَّهما تُصَلَّيَانِ جميعًا، بإقامةٍ واحدةٍ.
وذهبَ بعضُهم - ومنهم مالكٌ - إلَى أنَّهما تُصلَّيانِ بأذانيْنِ وإقامتيْنِ.
وذهبَ بعضُهم - ومنهم إسحاقُ - إلَى أنَّهما تُصلَّيانِ بإقامتيْنِ فقطْ.
والصحيحُ ما ذهبَ إليهِ الإمامانِ: الشافعيُّ وأحمدُ، وغيرُهما، من أنَّهما تُصلَّيانِ بأذانٍ واحدٍ وإقامتيْنِ.
وحُجَّتُهم في ذلك ما ذكرَهُ جابرُ بنُ عبدِ اللَّهِ رضي اللَّهُ عنهما، في حديثِهِ الطويلِ، الذي وصفَ بِهِ حجَّةَ النبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ من أوَّلِها إلَى آخرِها؛ لأنَّهُ حرصَ علَى معرفةِ أحوالِهِ، وتتبُّعِ أقوالِهِ، وأفعالِهِ، فحفِظَ من هذهِ الحَجَّةِ ما لم يَحْفَظْ غيرُهُ.
أمَّا سببُ اختلافِ العُلماءِ في الأذانِ والإقامةِ، فهو تعدُّدُ الرواياتِ.
فقد صحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ: ( أنَّ النبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ صلَّى صلاتيْنِ بالمزدلفةِ بإقامةٍ واحدةٍ ).
ورُوِيَ عن ابنِ عمرَ ثلاثُ رواياتٍ، إحداهُنَّ: أنَّهُ جمعَ بينهما فقطْ، وهي حديثُ البابِ الذي معنا.
والثانيَةُ: أنَّهُ جمعَ بينهما بإقامةٍ واحدةٍ لهما.
والثالثةُ: أنَّهُ صلاَّهما بلا أذانٍ ولا إقامةٍ.
وكلُّهَا رواياتٌ صحيحةُ الإسنادِ، وبعضُهَا في الصحيحيْنِ، وبعضُهَا في السُّنَنِ.
بما أنَّ القضيَّةَ واحدةٌ، فلا يُمكنُ حمْلُ كلِّ روايةٍ علَى حالٍ، ولا يُمكنُ النسخُ، ولا الجمعُ بين الرواياتِ، فالأحسنُ الأخذُ بما تقدَّمَ من روايةِ جابرٍ الذي نقلَ حَجَّتَهُ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بلا اضْطِرابٍ، وَتُعَدُّ باقِي الرواياتِ مضطربةَ المتونِ، فتُطْرَحُ. وهذا رأيُ ( ابنِ القيِّمِ ) رحِمَهُ اللَّهُ تعالَى.

  #5  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 12:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

251 - الحديثُ الحاديَ عَشَرَ: وَعَنْهُ - أي عن ابنِ عمرَ - قَالَ: ((جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بِجَمْعٍ، لِكلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِقَامَةٌ. وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا، وَلاَ عَلَى إِثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا)).
فِيْهِ دليلٌ عَلَى جمعِ التأخيرِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَهِيَ ((جَمْعٌ ))؛ لأن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ وقتَ الغروبِ بعرفةَ، فلم يجمعْ بينَهما بالمزدلفةِ إِلاَّ وَقَدْ أخَّرَ المغربَ، وَهَذَا الجمعُ لاَ خلافَ فِيهِ، وإنما اخْتَلَفُوا: هَلْ هُوَ بعذرِ النُّسُكِ، أَوْ بعذرِ السَّفَرِ؟ وفائدةُ الخلافِ أنَّ مَن لَيْسَ بمسافرٍ سفرًا يُجْمَعُ فِيهِ، هَلْ يَجْمَعُ بَيْنَ هاتينِ الصلاتينِ أم لاَ؟ والمَنْقُولُ عن مذهبِ أبِي حنيفةَ أن الجمعَ بعذرِ النُّسُكِ، وظاهرُ مذهبِ الشَّافعيِّ أَنَّهُ بعذرِ السفرِ، ولبعضِ أصحابِه وجهٌ: أَنَّهُ بعذرِ السفرِ، ولبعضِ أصحابِه وجهٌ: أَنَّهُ بعذرِ النُّسُكِ، ولم يُنْقَلْ أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يجمعُ بَيْنَ الصلاتينِ فِي طولِ سفرِهِ ذَلِكَ، فإن كَانَ لم يَجْمَعْ فِي نفسِ الأمرِ، فيَقْوى أن يكونَ للنسكِ؛ لأن الحكمَ المُتَجَدِّدَ عن تَجَدُّدِ أمرٍ يقتضِي إضافةَ ذَلِكَ الحكمِ، إِلاَّ ذَلِكَ الأمرَ، وإن كَانَ قَدْ جمَعَ، إِمَّا بأن يَرِدَ فِي ذَلِكَ نَقْلٌ خاصٌّ، أَوْ يُؤْخَذَ مِن قولِ ابنِ عمرَ: ((إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَدَّ بِهِ السيرُ جمعَ بَيْنَ المغربِ والعشاءِ )). فَقَدْ تعارَضَ فِي هَذَا الجمعِ سببانِ: السفرُ، والنسكُ، فيبقى النظرُ فِي ترجيحِ الإضافةِ إِلَى أحدِهما، عَلَى أنَّ فِي الاستدلالِ بحديثِ ابنِ عمرَ عَلَى هَذَا الجمعِ نظرًا، مِن حيثُ إن السيرَ لم يكن مُجِدّاً فى ابتداءِ هذه الحركةِ؛ لأن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَانَ نازلاً عندَ دخولِ وقتِ صلاةِ المغربِ، وأَنْشَأَ الحركةَ بعدَ ذَلِكَ، فالجِدُّ إِنَّمَا يكونُ بعدَ الحركةِ، أَمَّا فِي الابتداءِ، فَلاَ، وَقَدْ كَانَ يمكنُ أن تُقَامَ المغربُ بعرفةَ، وَلاَ يحصلُ جدُّ السيرِ بالنسبةِ إليها، وإنما يَتَنَاوَلُ الحديثُ: مَا إِذَا كَانَ الجدُّ والسيرُ موجودًا عندَ دخولِ وقتِها، فَهَذَا أمرٌ مُحْتَمَلٌ.
واخْتَلَفَ الفقهاءُ أَيْضًا: فيما لَوْ أرادَ الجمعَ بغيرِ جمعٍ، كَمَا لَوْ جمعَ فِي الطريقِ أَوْ بعرفةَ عَلَى التقديمِ، هَلْ يُجْمَعُ أم لاَ؟ والذينَ علَّلُوا الجمعَ بالسفرِ يُجِيزُونَ الجمعَ مُطْلقًا، والذين يُعَلِّلُونَه بالنُّسُكِ: نُقِلَ عن بعضِهم: أَنَّهُ لاَ يُجْمَعُ إِلاَّ بالمكانِ الَّذِي جَمَعَ فِيهِ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ المزدلفةُ؛ إِقامةً لوظيفةِ النسكِ عَلَى الوجهِ الَّذِي فَعَلَه الرسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمِمَّا يتعلَّقُ بالحديثِ: الكلامُ فِي الأذانِ والإِقامةِ لصَلاَتَي الجمعِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِيْهِ: أَنَّهُ جمعٌ بإقامةٍ لكلِّ واحدةٍ. ولم يُذْكَر الأذانُ.
وحاصلُ مذهبِ الشَّافعيِّ رحمه اللهُ: أنَّ الجمعَ إِمَّا أن يكونَ عَلَى وجهِ التقديمِ، أَوْ عَلَى وجهِ التأخيرِ. فإن كَانَ عَلَى وجهِ التقديمِ أَذَّنَ للأُولَى؛ لأنَّ الوقتَ لَهَا وأقامَ لكلِّ واحدةٍ، ولم يُؤَذِّنْ للثانيةِ، إِلاَّ عَلَى وجهٍ غريبٍ لبعضِ أصحابِه. وإن كَانَ عَلَى وجهِ التأخيرِ - كَمَا فِي هَذَا الجمعِ - صلاَّهُمَا بإقامتينِ، كَمَا فِي ظاهرِ هَذَا الحديثِ. وأَجْرَوْا فِي الأذانِ للأُولَى الخلافَ الَّذِي فِي الأذانِ للفائتةِ. ودلالةُ الحديثِ عَلَى عدمِ الأذانِ دلالةُ سكوتٍ،أعني: الحديثَ الَّذِي ذَكَرَه المُصَنِّفُ.
ويتعلَّقُ بالحديثِ أَيْضًا: عدمُ التنفُّلِ بَيْنَ صَلاَتَي الجمعِ لقولِه: ((ولم يُسَبِّحْ بينَهُمَا)) و((السُّبْحَةُ صلاةُ النافلةِ عَلَى المشهورِ والمسألةُ مُعَبَّرٌ عَنْهَا بوجوبِ الموالاةِ بَيْنَ صَلاَتِي الجمعِ. والمَنْقُولُ عن ابنِ حبيبٍ مِن أصحابِ مَالكٍ: أن لَهُ أن يتنفَّلَ. أعني للجامعِ بَيْنَ الصلاتينِ. ومذهبُ الشَّافعيِّ: أنَّ الموالاةَ بَيْنَ الصلاتينِ شرطٌ فِي جمعِ التقديمِ. وَفِيْهَا فِي جمعِ التأخيرِ خلافٌ؛ لأنَّ الوقتَ للصلاةِ الثانيةِ، فجازَ تَأْخِيرُها. وَإِذَا قُلْنَا بوجوبِ الموالاةِ فَلاَ يَقْطَعُها قدرُ الإقامةِ، وَلاَ قدرُ التيمُّمِ لمن يتيمَّمُ، وَلاَ قدرُ الأذانِ لمن يقولُ بالأذانِ لكلِّ واحدةٍ مِن صَلاَتي الجمعِ. وَقَدْ حَكَيْنَاهُ وجهًا لبعضِ الشافعيةِ. وَهُوَ قولٌ فِي مذهبِ مَالكٍ أَيْضًا فَمَنْ أرادَ أن يستدلَّ بالحديثِ عَلَى عدمِ جوازِ التنفُّلِ بَيْنَ صَلاَتَي الجمعِ؟ فلِمُخَالِفِه أن يقولَ: هُوَ فِعْلٌ، والفعلُ بِمُجَرَّدِهِ لاَ يدلُّ عَلَى الوجوبِ، ويحتاجُ إِلَى ضميمةِ أمرٍ آخرَ إليه. وَمِمَّا يُؤَكِّدُه - أعني: كلامَ المُخَالِفِ - أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَتَنَفَّلْ بعدَهما، كَمَا فِي الحديثِ، مَعَ أَنَّهُ لاَ خلافَ فِي جوازِ ذَلِكَ. فَيُشْعِرُ ذَلِكَ بأنَّ تَرْكَ التنفُّلِ لم يكن لِمَا ذَكَرَ مِن وجوبِ الموالاةِ. وَقَدْ وَرَدَ بَعْضُ الرواياتِ ((أَنَّهُ فصَلَ بَيْنَ هاتينِ الصلاتينِ بحطِّ الرحالِ)) وَهُوَ يحتاجُ إِلَى مسافةٍ فِي الوقتِ، ويدلُّ عَلَى جوازِ التأخيرِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ مِن المُصَنِّفِ إيرادُ أحاديثَ فِي هَذَا البابِ لاَ تناسبُ ترجمتَه.

  #6  
قديم 14 ذو القعدة 1429هـ/12-11-2008م, 12:46 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

كذلك الجمع ما بين المغرب والعشاء في مزدلفة هذا أيضا مما يُشرع للحجيج، كما يجمعون في عرفات بين الظهر والعصر، يشرع لهم أيضا الجمع بين المغرب والعشاء في مزدلفة؛ لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنهم في حاجة إلى ذلك إذا جاءوا من عرفات هم بحاجة إلى الجمع حتى يستريحوا بعد ذلك بعد وقوفهم في عرفات، فإذا وصل الحجاج إلى مزدلفة بادروا بالصلاة، وصلوا جمعاً المغرب والعشاء، ولو جاءوا مبكرين لو جاءوا قبل غروب الشفق، متى وصلوا إلى المزدلفة شُرع لهم أن يصلوا الجمع، كما أنه إذا زالت الشمس في عرفات شرع لهم البدار بصلاة الظهر والعصر جمعا وقصرا، حتى يتفرغوا للدعاء والذكر في عرفات إلى الغروب، فهكذا إذا انصرفوا إلى مزدلفة صلوا بها المغرب والعشاء، ثم ينامون ويرتاحون كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ولا فرق بين كونهم جاءوها مبكرين أو متأخرين، متى وصلوا صلوا المغرب والعشاء، إلا إذا حبسوا في الطريق وخشوا فوات الوقت صلوا في الطريق، لأنه لا يجوز تأخيرها إلى نصف الليل، وإذا كان الحاج لم يتيسر له البلوغ إلى مزدلفة لأجل زحمة السيارات أو عطل في السيارة صلى في مكانه ولا يؤجل إلى بعد نصف الليل، لابد أن تكون الصلاة قبل نصف الليل، يصلي المغرب والعشاء؛ لأن وقت العشاء إلى نصف الليل اختياري، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد نصف الليل، والحمد لله، وفق الله الجميع، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المعرب, جمع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir