دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 محرم 1440هـ/13-09-2018م, 03:56 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الأول: مجلس مذاكرة القسم الأول من مقدمة التحرير والتنوير

مجلس مذاكرة القسم الأول مقدمة التحرير والتنوير



- فهرس مسائل القسم الأول من مقدمة تفسير ابن عاشور.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 محرم 1440هـ/15-09-2018م, 09:46 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

فهرسة مسائل القسم الأول من مقدمة التحرير والتنوير:

خطبة الحاجة:
-الثناء على القرآن بعظيم صفاته وآثاره في هداية الخلق وسعادتهم
-تفسير القرآن العظيم كان من أكبر أمنيات المصنف منذ زمن بعيد وسبب تأخره في ذلك
-غرض المصنف من تفسيره ورغبته في إضافة الجديد لمن سبقه مع الاعتراف بفضلهم وعظيم جهدهم
-بيان أهم التفاسير التى استعان بها المصنف في تفسيره وهى :الكشاف للزمخشرى والمحرر الوجيز لابن عطية ومفاتيح الغيب للرازي وتفسير البيضاوى المجموع من تفسيري الكشاف والرازى وتفسير الآلوسي وتفسير القرطبي و تفسير أبي السعود والموجود من تفسير ابن عرفة التونسي وهو في حقيقته تعليق على تفسير ابن عطية،وتفسير ابن جرير الطبري ودرة التنزيل المنسوب للفخر الرازي وربما للأصفهاني،مع العلم بأنه لايعزو الكلام لمن قاله منهم اختصارا
-مسلك المصنف في تفسيره :
اهتمامه في تفسيره ببيان وجوه الإعجاز ونكت البلاغة العربية وأساليب الإستعمال لقلة اهتمام المفسرين ممن سبقوه بهذه الجوانب كما ذكر بحسب الإلهام والتدبروالفهم .
الاهتمام ببيان تناسب الآيات واتصال بعضها ببعض أما تناسب السور بعضها مع بعض فلايراه المصنف حقا على المفسر
بيان أغراض كل سورة لئلا يكون النظر في القرآن مقصورا على بيان معاني المفردات كأنها فقر مختلفة فيذهب بانسجام القرآن وروعة بلاغته وإعجازه وهذا فيه هضم لحق القرآن
تبيين معانى مفردات اللغة بضبط وتحقيق مما خلت عن ضبط كثير منه قواميس اللغة
-الثناء على هذا التفسير بأنه :ساوى على اختصاره مطولات القماطير وتسميته بالتحرير والتنوير

المقدمة الأولى :في التفسير والتأويل وكون التفسير علما :
-أصل كلمة التفسير:
هو مصدر فسر بتشديد السين وهو مضاعف فسر بالتخفيف وكلاهما فعل متعد
-معنى الفسرفي اللغة :
الإبانة والكشف لمدلول كلام أو لفظ بكلام آخر
وقيل الفعلان والمصدران متساويان في المعنى، وقيل الفعل المضعف يختص بإبانة المعقولات ووجه ذلك أن بيان المعقولات يكلف قائله كثرة القول ،وقد يكون التكثير مجازيا من جهة الكد في إعمال الفكر لتحصيل المعانى الدقيقة ثم اختيار أضبط الأقوال لإبانتها مما يحتاج إلى عمل كثير
استعمال التضعيف في الفعل المتعدى يفيد الدلالة على التكثير
-الفرق بين التفسير والتأويل :
جماع القول في ذلك أن من العلماء من جعله مساو له كما ذهب ثعلب وأبو عبيدة وابن الأعرابي وظاهر كلام الراغب
ومنهم من جعل التفسير للمعنى الظاهر والتأويل للمتشابه
ومنهم من فسره بالمعنى الأصولي فقيل: التأويل صرف اللفظ عن ظاهر معناه إلى معنى آخر محتمل لدليل
وهذه كلها اصطلاحات لامشاحة فيها إلا أن اللغة والآثار تشهد للقول الأول :
فمن جهة اللغة :التأويل مصدر أول الشيء إذا أرجعه غلى الغاية المقصودة وهو معناه وما أراد به المتكلم من المعانى فساوى التفسير
إلا إنه لايطلق إلا على مافيه تفصيل معنى خفي
ومن جهة النقل :قال تعالى {هل ينظرون إلا تأويله} أي بيانه الذي هو مراد منه
وفي حديث عائشة كان صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)) يتأول القرآن أي يعمل بقوله تعالى: {فسبح بحمد ربك واستغفره}فقولها: "يتأول"، صريح في أنه فسر الآية بالظاهر منها ولم يحملها على ما تشير إليه من انتهاء مدة الرسالة وقرب انتقاله غلى جوار ربه

-معنى التفسير في الاصطلاح:
هو اسم للمعنى الباحث في معاني ألفاظ القرآن وما يستفاد منها باختصار أو توسع
-موضوع علم التفسير :
ألفاظ القرآن من حيث البحث عن معانيه وما يستنبط منه وبهذا خالف على القراءات المعني بألفاظ القرآن
-هل يطلق على التفسير علم التفسير :
يرى المصنف أن اعتبار التفسير علما يعد تسامحا وذلك لأمور منها :
أن العلم إذا أطلق إما أن يراد به نفس الإدراك (تصور أو تصديق)كماهو قول أهل المنطق أو يراد به العقل أو التصديق الجازم الذي هو ضد الجهل ،وهذا غير مراد في عد العلوم
وإما أن يراد بالعلم :مطلوبات خبرية يبرهن عليها في ذلك العلم وهى قضايا كلية ،ومباحث هذا العلم ليست بقضايا كلية بل هى تصورات جزئية غالبال لأنه تفسير ألفاظ واستنباط معان وكلاهما ليس من القضايا الكلية
-يرى المصنف أن اعتبار التفسير علما مستقلا عند البعض لوجوه ستة:
1-لكون مباحثه تؤدي إلى استنباط علوم كثيرة وقواعد كلية نزلت منزلة القواعد الكلية لأنها مبدأ لها فهو أجدر بأن يعد علما من عد فروعه علما
2-أن اشتراط كون مسائل العلم قضايا كلية يبرهن عليها في ذلك العلم إنما هو شرط اشترطه العلماء في تقسيم العلوم المعقولة أما العلوم الشرعية والأدبية فلايشترط فيها ذلك بل يكفي أن تكون مباحثها مفيدة كمالا علميا لمن يتناولها وكلام الله أعلاها في ذلك
3-أن التعاريف اللفظية وتفرع المعانى الجمة عنها ينزلها منزلة القضايا الكلية والاحتجاج عليها بشعر العرب يقوم مقام البرهان للمسألة
4-أن علم التفسير لايخلو من قواعد كلية في ضمنه مثل تقرير قواعد النسخ عند تفسير {ما ننسخ من آية} وتقرير قواعد التأويل عند تقرير {وما يعلم تأويله} وقواعد المحكم عند تقرير {منه آيات محكمات} فسمي مجموع ذلك وما معه علما تغليبا
5-أن حق التفسير أن يشتمل على بيان أصول التشريع وكلياته فكان بذلك حقيقا بأن يسمى علما ،لكن انشغال المفسرين بتقصي بيان معاني القرآن صرفهم عن الاشتغال بانتزاع كليات التشريع إلا في مواضع قليلة
6- أن التفسير أول علم اشتغل به علماء الإسلام قبل تدوين العلوم الأخرى فيحصل لمزاوليه من كثرة المناظرة فيه والدربة ملكة يعرف بها أساليب القرآن ودقائق نظمه فيفيد ذلك علوما كلية تختص بالقرآن المجيد

-تحقيق القول في مرتبة علم التفسير :
قال المصنف :أن هذا العلم إن أخذ من باب البيان والتفسير لمراد الله من كلامه فهو يعد من أصول العلوم الشرعية بل هو رأسها
وإن أخذ من باب بيان المكي والمدني والناسخ والمنسوخ والعام والخاص كان معدودا في متممات العلوم الشرعية ولايكون رئيسا لها
وعلم التفسير هو أشرف العلوم الإسلامية ورأسها على التحقيق
-نشأة علم التفسير:
علم التفسير هو أول العلوم ظهورا منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان الصحابة يسألون عن بعض معانيه كما سأل عمر عن معنى الكلالة
ثم اشتهر فيه بعد ذلك عدد من الصحابة مثل على وابن عباس وهما أكثر الصحابة قولا في التفسير وزيد بن ثابت وأبي بن كعب وعبد الله بن عمرو وابن مسعود
ثم لما دخل في الإسلام من لم يكن عربي السجية لزم التصدي ببيان معاني القرآن للحد من الخوض فيه
وشاع عن النابعين وأشهرهم مجاهد بن جبر وسعيد بن جبير
-أول من صنف في علم التفسير :
عبد الملك بن جريج المكي ت149 ه صنف كتابه في تفسير آيات كثيرة وجمع آثارا
أكثر روايته عن أصحاب ابن عباس كعطاء ومجاهد
-المرويات في التفسير ونسبتها ومراتبها:
صنفت تفاسير نسبت روايتها إلى ابن عباس كتفسير محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس وتكلم فيها أهل الأثر وهي أوهى الروايات لاتهام أبي صالح بالكذب ،ورواية محمد بن مروان السدي عن الكلبي فهى سلسلة الكذب
وقيل إن الكلبي كان من أصحاب عبد الله بن سبأ اليهودي الأصل
وهناك رواية مقاتل ورواية الضحاك ورواية على بن أبي طلحة عن بن عباس وأصحها رواية على بن أبي طلحة عن بن عباس وهى التى اعتمدها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه عند تفسير المفردات على طريقة التعليق
والحاصل أن الرواية عن ابن عباس، قد اتخذها الوضاعون والمدلسون ملجأ لتصحيح ما يروونه كدأب الناس في نسبة كل أمر مجهول من الأخبار والنوادر، لأشهر الناس في ذلك المقصد
هناك روايات تسند لعلى رضي الله عنه أكثرها من الموضوعات إلا ماروي بسند صحيح لأن له رضي الله عنه فهما في كتاب الله كما جاء في صحيح البخاري
-مسالك المفسرين في تفاسيرهم :
منهم من سلك مسلك نقل مايؤثر عن السلف وأولهم في ذلك :مالك بن أنس وكذلك الداودي تلميذ السيوطى وأشهرهم الإمام بن جرير الطبري
ومنهم من سلك مسلك النظر كالزجاج وأبي على الفارسي
وشغف كثير بنقل القصص والإسرائيليات فكثرت في كتبهم الموضوعات
إلى أن جاء عالمان جليلان أحدهما بالمشرق وهو الزمخشري والآخر بالغرب وهو ابن عطية الأندلسي فكلاهما عنى بالجانب البلاغي والعربي والغوص في معاني الآيات وذكر شواهدها من كلام العرب وأشعارهم إلا أن الزمخشري كان أخص في هذا الباب وكان ابن عطية أنحى لجانب الشريعة

المقدمة الثانية:استمداد علم التفسير :
-المراد باستمداد علم التفسير :
أي توقفه على معلومات سابق وجودها على وجود ذلك العلم لتكون عونا لهم على إتقان تدوين هذا العلم
-سبب تسميته بالاستمداد :
تشبيه احتياج العلم لتلك المعلومات بالمدد
-مصادر استمداد علم التفسير :
استمداد علم التفسير للمفسر العربي والمولد هو جماع علم العربية وعلم الآثار وأصول الفقه وأخبار العرب
وقيل علم الكلام وعلم القراءات

-المصدر الأول قواعد العربية والمراد بها:
& هى مجموع علوم اللسان العربي، وهي: متن اللغة، والتصريف، والنحو، والمعاني، والبيان.
& ومن وراء ذلك استعمال العرب المتبع من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وتراكيب بلغائهم
&ويدخل في ذلك ما يجري مجرى التمثيل والاستئناس للتفسير من أفهام أهل اللسان أنفسهم لمعاني آيات غير واضحة الدلالة عند المولدين
-أولا :علم العربية وعلوم اللسان العربي:
والمراد منه :معرفة مقاصد العرب من كلامهم وأدب لغتهم سواء حصلت تلك المعرفة بالسجية والسليقة كالمعرفة الحاصلة للعربي القح أوبالتلقي والمشافهة بالتعليم كالمعرفة الحاصلة للمولدين

-أهمية معرفة قواعد العربية عموما وعلمى البيان والمعانى خصوصا:

أولا :أهمية معرفة قواعد العربية عموما :
معرفة العربية وقواعد اللغة أدعى للحفاظ على بقاء النظم على حسنه والبلاغة على كمالها
ثانيا :علم البلاغة وأهمه البيان والمعانى :
لعلمى البيان والمعاني مزيد اختصاص بعلم التفسير لأنهما وسيلة لإظهار خصائص البلاغة القرآنية
كان هذان العلمان في القديم يسميان علم دلائل الإعجاز
قال السيد الجرجاني في شرحه: ولا شك أن خواص نظم القرآن أكثر من غيرها فلا بد لمن أراد الوقوف عليها، إن لم يكن بليغا سليقة، من هذين العلمين إن القرآن كلام عربي فكانت قواعد العربية طريقا لفهم معانيه، وبدون ذلك يقع الغلط وسوء الفهم، لمن ليس بعربي بالسليقة
وقال أيضا: كلام الحكيم يحتوي على مقاصد جليلة ومعاني غالية، لا يحصل الاطلاع على جميعها أو معظمها إلا بعد التمرس بقواعد بلاغة الكلام المفرغة فيه
قال السكاكى في آخر فن البيان من "المفتاح": "لا أعلم في باب التفسير بعد علم الأصول أقرأ على المرء لمراد الله من كلامه، من علمي المعاني والبيان، ولا أعون على تعاطي تأويل متشابهاته، ولا أنفع في درك لطائف نكته وأسراره، ولا أكشف للقناع عن وجه إعجازه، ولكم آية من آيات القرآن تراها قد ضيمت حقها واستلبت ماءها ورونقها أن وقعت إلى من ليسوا من أهل هذا العلم، فأخذوا بها في مآخذ مردودة، وحملوها على محامل غير مقصودة
قال المصنف:وعلم البلاغة به يحصل انكشاف بعض المعانى واطمئنان النفس له
وبه يترجح أحد الاحتمالين على الآخر في معانى القرآن ولذلك أمثلة كثيرة منها :ترجيح معنى كون الباء للتأكيد لا للتبعيض في قوله تعالى {وامسحوا برؤوسكم} إذا استشهد على ذلك بقول النابغة: لك الخير إن وارت بك الأرض واحدا = وأصبح جد الناس يظلع عاثرا
وظهر له أن دخول الباء على المفعول للتأكيد طريقة مسلوكة في الاستعمال

-الاستشهاد بديوان العرب في التفسير معروف عند الصحابة والسلف:
قال عمر :عليكم بديوانكم لاتضلوا هو شعر العرب فيه تفسير كتابكم ومعانى كلامكم
وعن ابن عباس:الشعر ديوان العرب فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغتهم رجعنا إلى ديوانهم
وأما مايؤثر عن أحمدبن حنبل انه سئل عن الاستشهاد بالشعر في بيان معانى القرآن وقوله :مايعجبنى فهو عجيب فلعله يريد كراهة استعمال الشعر في إثبات صحة ألفاظ القرآن كمايفعل بعض الملاحدة
-الآثار المترتبة على الجهل بالعربية والبلاغة :
من يتعاطى التفسير وهو جاهل بهذه العلوم قد يتوهم ألباب الألفاظ الموضوعة للمجاز أنها على حقيقتها فيفسدوا المعنى ويبطلوا الغرض الذي سيقت من أجله
من لم يعرف هذين العلمين أعنى علمى المعانى والبيان إذا شرع في تفسير القرآن واستخراج لطائفه أخطأ غالبا، وإن أصاب نادرا كان مخطئا في إقدامه عليه"،ذكرمعناه الجرجاني
وقال ابن رشد مجيبا على من قال أنه لايحتاج إلى لسان العرب:
هذا جاهل فلينصرف عن ذلك وليتب منه فإنه لا يصح شيء من أمور الديانة والإسلام إلا بلسان العرب يقول الله تعالى: {بلسان عربي مبين} إلا أن يرى أنه قال ذلك لخبث في دينه فيؤدبه الإمام على قوله ذلك بحسب ما يرى فقد قال عظيما
ثانيا: استعمال العرب المتبع من أساليبهم:
والمراد به :التملي من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وعوائدهم وأمثالهم ليحصل عند المولد ذوق يقوم مقام السليقة والسجية التى للعربي القح
والذوق :هو كيفية للنفس بها تدرك المزايا التى للكلام البليغ
وشرط حصول ذلك الذوق هو تدبر الكلام المقطوع ببلوغه غاية البلاغة كما أشار الجد الوزير ،ففيه وجوب اختيار الممارس للكلام المشهود له بالبلاغة نحو المعلقات والحماسة ونهج البلاغة ومقامات الحريري ورسائل بديع الزمان
وقال صاحب المفتاح كلاما خلاصته أنه لابأس على الدخيل في علم المعانى أن يقلد صاحب الذوق إلى أن يتكامل له على مهل موجبات ذلك الذوق
-الوسيلة إلى إيجاد الذوق أو تكميله :
من ذلك:الاستشهاد على المراد من المعانى في الآية بنحو بيت شعر أو شىء من كلام العرب عند خفاء المعنى وليقنع السامع والمتعلم ممن لم يكمل لديهم الذوق في المشكلات
ويدخل في الاستعمال العربيما يؤثر عن بعض السلف في فهم معاني بعض الآيات على قوانين استعمالهم كما روى مالك في الموطأ عن عروة في سؤاله لعائشة عن معنى نفي الجناح عمن تطوف بين الصفا والمروة ورفع الشبهة في أن المراد برفع الجناح الإباحة دون الوجوب
-المصدر الثانى لاستمداد علم التفسير هو الآثار:
-وهو مانقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من بيان المراد من بعض القرآن في مواضع الإشكال والإجمال كالإخبار عن المغيبات أو تفسير مجمل لاسبيل إليه إلا بتوقيف وذلك شىء قليل كما روى عن عائشة{ما كان رسول الله يفسر من القرآن إلا آيات معدودات علمه إياهن جبريل}
-وما نقل عن الصحابة من بيان سبب النزول أو الناسخ والمنسوخ أو تفسير مبهم مما طريقهم فيه الرواية عن رسول الله دون الرأي

فائدة :استعمال أسباب النزول كمادة للتفسير يعين على تفسير المراد ولايقصر المعنى فيه إذ العبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب
وقد يكون سبب النزول المروي مؤولا لظاهر غير مقصود كما فهم قدامة بن معظون رفع الجناح عن شارب الخمر إذا كان من المؤمنين المتقين
-وإجماع الأمة على تفسير معنى يدخل في الآثار كالإجماع عن أن المراد بالأخت في آية الكلالة الأولى الأخت لأم
-المصدر الثالث من مصادر استمداد علم التفسير :علم القراءات :
القراءة لا تعد تفسيرا من حيث هي طريق في أداء ألفاظ القرآن، بل من حيث أنها شاهد لغوي فرجعت إلى علم اللغة.
فإنه يحتاج إليها عند الاستدلال بالقراءة على تفسير غيرها أو ترجيح أحد المعانى أو استظهارها؛فذكر القراءة كذكر الشاهد من كلام العرب والسبب في ذلك:
أنها إن كانت قراءة مشهورة فلاشك في أنها حجة لغوية وإن كانت شاذة فحجتها من جهة الاستعمال العربي الصحيح لا من حيث الرواية
-المصدر الرابع:أخبار العرب:
وهى من جملة أدبهم وقد ذكرها المصنف معللا ذلك لئلا يتوهم أن الاشتغال بها من اللهو فيستعان بها على فهم ما أوجزه القرآن حين يسوق تلك الأخبار ومن ذلك قوله تعالى {ولاتكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا} وقوله {قتل أصحاب الأخدود}ففهم المعنى متوقف على معرفة تلك الأخبار
-المصدر الخامس :أصول الفقه
لايعد كله من مادة التفسيرولكن بعضه وذلك من جهتين :
الأولى :أنه قد أودعت فيه مسائل كثيرة هى من طرق استعمال كلام العرب وفهم موارد اللغة التى أهمل التنبيه عليها علماء العربية مثل فحوى الخطاب ومفهوم المخالفة
وقد عد الغزالى أصول الفقه من جملة العلوم التى تتعلق بالقرآن وأحكامه
الثانية :أن علم الأصول يضبط قواعد الاستنباط فهو آلة المفسر في استنباط المعانى الشرعية من النصوص

-وقد أشار المصنف إلى علم الكلام وأنه يعتبر عند بعض أهل العلم من مصادر استمداد علم التفسير
قال :قال عبد الحكيم: لتوقف علم التفسير على إثبات كونه تعالى متكلما، وذلك يحتاج إلى علم الكلام،وقال الآلوسي : لتوقف فهم ما يجوز على الله ويستحيل على الكلام (يريد آيات الصفات)كقوله تعالى {الرحمن على العرش استوى }
وجعل كلام الآلوسي أقرب توجيها ثم تعقب ذلك فقال :
-وكلاهما اشتباه لأن كون القرآن كلام الله قد تقرر عند سلف الأمة قبل علم الكلام، ولا أثر له في التفسير
-ولا يحتاج لعلم الكلام إلا في التوسع في إقامة الأدلة على استحالة بعض المعاني، وقد أبنت أن ما يحتاج إليه المتوسع لا يصير مادة للتفسير
-مالايعد من مادة التفسير:
-ومما لايعد من مادة التفسير أيضا :الفقه لعدم توقفه عليه فعلم الفقه فرع عن علم التفسير ومتأخر عنه وإنما يحتاجه المفسر عند قصد التوسع في طرق الاستنباط وتفصيل المعانى
-الآثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في تفسير آيات إذ هو التفسير بعينه لا مادته
-وكذلك الآيات القرآنية التى يفسر بعضها بعضا لان ذلك من قبيل حمل الكلام بعضه على بعض كبيان المجمل وتقييد المطلق وفحوى الخطاب ومفهوم المخالفة
وأما ماذكره أبو علي الفارسي أن القرآن كله كالسورة الواحدة وأنه يذكر الشيء في السورة وجوابه في أخرى فإنه ليس على إطلاقه وليست كل آيات القرآن يحمل بعضها على بعض بل منها المستقل بمعانيه
- تنبيه:
استمداد علم التفسير من هذه المواد لاينفي كونه رأس العلوم الإسلامية فهو أصلها على الإجمال وإنما استمداده منها لقصد التفصيل على وجه أتم من الإجمال


المقدمة الثالثة
:
الإجابة على تساؤل عن صحة التفسير بغير المأثور لمن استجمع من علوم التفسير حظا وافيا وذوقا في اللغة فيفسر بمعان تقتضيها تلك العلوم التى يستمد منها التفسير وماهو القول في شأن التفسير بالرأي والتحذير الذي جاء الخبر عنه ؟
ولكى يجاب عن هذا التساؤل فلننظر في فعل السلف ومنهجهم في التفسير وهم أئمتنا وقدوتنا :
-الواقع يشهد بكثرة أقوال الصحابة ومن تبعهم في التفسير وليس كل ماقاله الصحابة في التفسير كان مسموعا من النبي صلى الله عليه وسلم كما قال القرطبي والغزالى وذلك لوجهين:
-الأول:أنه لم يثبت عن النبي إلا تفسير آيات قليلة
-الثانى :أنهم قد اختلفوا في تفسير بعض المواضع اختلافا متباينا لايمكن فيه الجمع ويستحال أن يكون جميعها مسموع من النبي صلى الله عليه وسلم
فيتبين أن كل مفسر منهم قال بما ظهر له من الاستنباط من الآية ويشهد لذلك قول على في الحديث الذي رواه البخارى في صحيحه حين سئل : هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله? قال: "لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن
-ودعاء النبي لابن عباس اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل وقد أجمع العلماء على أن المراد بالتأويل تأويل القرآن"
-ولو كان التفسير مقصورا على بيان معانى مفردات القرآن لكان التفسير نزرا ونحن نشاهد كثرة أقوال السلف في التفسير
-وقد أمرنا بتدبر القرآن قال الغزالي في الإحياء: "التدبر في قراءته إعادة النظر في الآية والتفهم أن يستوضح من كل آية ما يليق بها كي تتكشف له من الأسرار معان مكنونة لا تتكشف إلا للموفقين
-قال الطيبي في شرح الكشاف : شرط التفسير الصحيح أن يكون مطابقا للفظ من حيث الاستعمال، سليما من التكلف عريا من التعسف، وصاحب الكشاف يسمي ما كان على خلاف ذلك بدع التفاسير
وقال الفخر الرازى : ثبت في أصول الفقه أن المتقدمين إذا ذكروا وجها في تفسير الآية فذلك لا يمنع المتأخرين من استخراج وجه آخر في تفسيرها وإلا لصارت الدقائق التي يستنبطها المتأخرون في التفسير مردودة، وذلك لا يقوله إلا مقلد خلف بضم الخاء
قال الغزالى :ومن موانع الفهم أن يكون قد قرأ تفسيرا واعتقد أن لا معنى لكلمات القرآن إلا ما تناوله النقل عن ابن عباس وابن مجاهد، وأن ما وراء ذلك تفسير بالرأي فهذا من الحجب العظيمة".
-وقد كان استنباط الأحكام الشرعية في القرون الثلاثة الأولى من خلال تفسير آيات القرآن بما لم يسبق به تفسيرها قبل ذلك كما استنط الشافعى دليل الإجماع من قوله تعالى {ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين }

-الجواب عن الشبهة الناشئة من الخلط في فهم الآثار المروية في التحذير من التفسير بالرأي :
1-أن المراد بالرأى في هذه الآثار :الرأي المجرد عن النظر في أدلة العربية ومقاصد الشريعة ومالابد من معرفته كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ
2- ىأن لايتدبر القرآن حق تدبره فيفسره بما بدا له من أول وهلة دون النظر لجوانب الآية ومادة التفسير كمن يعتمد في تفسير الآية على جانب العربية فقط في تفسير قوله تعالى {ما أصابك من حسنة فمن الله} على ظاهر معناها وأن المراد أن الخير من الله والشر من نفس الإنسان غافلا عما سبق من قوله {قل كل من عند الله}
3-أن يكون له ميل أو نزعة إلى مذهب فيتأول القرآن بما يوافق هواه ونزعته فيحمله على مالايساعد عليه المعنى المتعارف ويتعصب له
حتى وإن لاح له الحق كتفسير المعتزلة لقوله تعالى {إلى ربها ناظرة}وأن {إلى }مفرد آلاء وهو خلاف الظاهر والمقصود والمأثور من الآية وكقول البيانية في تفسير قوله {هذا بيان للناس }أنه بيان بن سمعان ونحو ذلك من التأويلات الباطلة
4-أن يفسر القرآن برأي مستند إلى مايقتضيه اللفظ دون غيره فيضيق على المتأولين
5-أن يكون القصد من التحذير أخذ الحيطة في التدبر ونبذ التسرع في ذلك وهذا المقام تفاوت فيه كثير من العلماء
فقد اشتد الغلو في الورع عند بعضهم كالأصمعي كان لايفسر كلمة من العربية إذا كانت واردة في القرآن
وقد يعترى بعض أهل العلم ذلك الخوف في أحوال دون أحوال ؛فهذا أبو بكر رضي الله عنه حين سئل عن تفسير الأب في قوله {وفاكهة وأبا }. فقال: "أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني إذا قلت في القرآن برأيي
وهو نفسه الذي سئل عن الكلالة في آية النساء فقال: أقول فيها برأي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان
-الرد على من جمدوا على القول بالتفسير بالمأثور وحسب:
-إن كان مرادهم بالمأثور ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من صحيح ما ورد في تفسير بعض الآيات فقد ضيقوا واسع معانى القرآن وناقضوا أنفسهم في مادونوه من التفاسير وغلطوا سلفهم من الصحابة فيما تأولوه من معانى القرآن مما لم يرد رفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم
فقد سأل عمر بن الخطاب أهل العلم عن معانى آيات كثيرة ولم يشترط عليهم أن تكون مما بلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-وإن أرادوا بالمأثور ماروى عن النبي وأصحابه فقد وسعوا ذلك التضييق قليلا لأن أكثر الصحابة لم يرو في التفسير إلا قليلا سوى ماروى عن على بن أبي طالب على مافيه من الصحيح والضعيف والموضوع وما روى عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم
-وإن أرادوا بالمأثور ماروى قبل تدوين التفاسير من أصحاب ابن عباس وابن مسعود فقد بدؤوا يفتحون الباب على مصراعيه لأن التابعين من هؤلاء رويت عنهم أقوال في التفسير غير مسندة إلى الصحابة ولم يذكروا أنهم حذفوا أسانيدها إليهم وأنه قد اختلفت أقوالهم في بعض معانى الآيات اختلافا يدل على أنهم تأولوا معانى تلك الآيات من أفهامهم

-أقسام المفسرين من حيث التفسير بالمأثور :
-وممن إلتزم التفسير بالمأثور عن الصحابة والتابعين ابن جرير الطبري لكنه كان يعقب ذلك بالاختيار والترجيح بشواهد من كلام العرب متجاوزا بذلك ما حدده لنفسه من الرواية بالمأثور وقد انتهج نهجه ابن أبي حاتم والحاكم
-وأما الذين لم يحصروا أنفسهم في الاقتصار على التفسير بالمأثور وحسب مثل الفراء وأبي عبيدة من الأولين ثم الزجاج والرمانى من بعدهم وانتهج نهجهم صاحب الكشاف وابن عطية

-نموذج لطائفة إلتزمت تفسير القرآن بما يوافق هواها:
النموذج الأول :الباطنية
أصل هؤلاء طائفة من غلاة الشيعة ولقبوا بالباطنية نسبة إلى صفتهم ويعرفون عند المؤرخين بالإسماعيلية نسبة إلى جعفر الصادق الذي يعدونه إماما معصوما ويزعمون أنه لابد للمسلمين من إمام من آل البيت يقيم لهم الدين ويبين لهم مراد الله
مذهبهم مبنى على قواعد إشراقية والتناسخ والحلولية ومن طقوس اليهودية والنصرانية وبعض طرائق الفلسفة...
وعندهم أن الله يحل في كل رسول وإمام وكل علوي يحل فيه الإله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
وهؤلاء صرفوا ألفاظ القرآن إلى معانى وصفوها بالباطن ليروجوا بدعتهم وانتهجوا ذلك في كل آي القرآن دفعا لاحتجاج أهل السنة عليهم بالتعصب والتحكم بتخصيص آيات بعينها تصرف عن ظاهرها إلى الباطن الذي ادعوه
فادعوا أن القرآن عبارة عن رموز لمعان خفية في صورة ألفاظ لها معان ظاهرة يشتغل بها عامة المسلمين
ولهم في التفسير تكلفات ثقيلة منها قوله تعالى {اذهبا إلى فرعون إنه طغى } فسروها بطغيان القلب
ومن التفاسير الباطنية تفسير القاشانى ولهم أقوال كثيرة مبثوثة في رسائل إخوان الصفاء
-الرد على هؤلاء الباطنية:
رد عليهم الغزالي في كتابه "المستظهري"وقال: إذا قلنا بالباطن فالباطن لا ضبط له بل تتعارض فيه الخواطر فيمكن تنزيل الآية على وجوه شتى
وقال المصنف وما احتجوا به يمكن أن نقلبه عليهم وندعي أنه باطن القرآن لأن الظاهر لايختلف عليه أحد لاستناده للغة الموضوعة من قبل وأما الباطن فهو قائم على الفهم وليس لأحد فيه الحجة المطلقة إلا إذا ادعوا أنهم يتلقون هذا الفهم عن الإمام المعصوم عندهم وهذا هو غالب الظن بهم ،والذي يؤيد هذا الظن أنه قد وقع في بعض قراطيسهم أنه إنما ينتقل من الأصل إلى البدل عند عدم الأصل قالوا والنظر بدل الخبر فالله خلق الإنسان وعلمه البيان والإمام هو خليفته الذي يبين قوله فلاينتقل إلى النظر
-القول الفصل في الحديث المرفوع {إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا}
لايصح عن النبي صلى الله عليه وسلم بل مروى عن ابن عباس على أن بقية الرواية فيها تفسير المراد بالظاهر والباطن وأن الظاهر ألفاظه والباطن تأويله ومعانيه

-الفرق بين الباطنية وأهل الإشارات من الصوفية
:
أهل الإشارات من الصوفية في كلامهم في بعض الآيات التى يؤولونها عن ظاهر اللفظ لايدعون أن ذلك تفسير للقرآن بل يقصدون أن الآية تصلح للتمثل بها في الغرض المتكلم ويدل على ذلك تسميتهم ذلك بالإشارات
-رأي علماء الحق في التفسيرالإشاري:
للعلماء فيها رأيان:
1- فالغزالي يرى أنها مقبولة
ومثاله ماذكره في قوله صلى الله عليه وسلم {إن الملائكة لاتدخل بيتا فيه صورة ولاكلب}وأن ظاهره أن القلب بيت وهو مهبط الملائكة ومستقرآثارهم وأن الصفات الرديئة من الشهوة والغضب ونحوه كلاب نابحة في القلب فلاتدخل الملائكة القلب وهو مشحون بالكلاب
والشاهد على هذا هوقوله : ولست أقول إن المراد من الحديث بلفظ البيت القلب وبالكلب الصفة المذمومة ولكن أقول هو تنبيه عليه، وفرق بين تغيير الظاهر وبين التنبيه على البواطن من ذكر الظواهر
قال المصنف :وهذا قريب من تفسير لفظ عام في آية بخاص من جزئياته كما جاء عن عمرو بن عطاء في الصحيح عند تفسير قوله تعالى {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قال هم كفار قريش ومحمد نعمة الله
2- وأما ابن العربي في كتابه العواصم فيرى إبطال هذه الإشارات وإبطال أن يكون للقرآن باطن غير ظاهره وتكلم في الغزالي ورماه بالتصوف بعد أن قد كان أثنى عليه حين رد على الباطنية
-رأي المصنف في هذه الإشارات :
يرى أنها لاتعدو واحدا من ثلاثة أنحاء :
1-نوع من الإشارات يجري فيه معنى الآية مجرى التمثيل لحال شبيه بذلك العلم ومثاله عند قوله تعالى {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه} فذكر المساجد إشارة للقلوب لأنها مواضع الخضوع لله تعالى ومنعها من ذكره بالحيلولة بينها وبين وصول العلم اللدني
إليها ؛فهذا يشبه ضرب المثل لحال من لايزكى نفسه بالمعرفة ويمنع قلبه عن وصول المعارف الإلهية إليه بحال مانع المساجد أن يذكر فيها اسم الله ؛فذكر الآية عند هذه الحال كالنطق بالمثل
2-ومنه ماهو من قبيل التفاؤل بانصراف ذهن السامع عند سماع الكلمة إلى ماهو مهم عنده وإن كان هذا المعنى الذي انصرف إليه ذهنه غير مراد بالآية كما في قولهم عند قوله تعالى {من ذا الذي يشفع} من ذل ذي ،إشارة إلى أن من ذل نفسه يصير من المقربين الشفعاء
3-نوع عبرة ومواعظ فإن أصحاب النفوس اليقظى شأنها أنها تستفيد من كل شيء تسمعه أو تراه فما بالك حين سماعها وتدبرها كلام الله مثال ذلك :مافهموه عند سماع قوله تعالى {وعصى فرعون الرسول } فاقتبسوا أن القلب الذي يعصي رسول المعارف يستحق العقاب الوبيل
فليست تلك الإشارات الثلاثة السابقة هى حق الدلالة اللفظية والإستعمالية حتى تكون من حد اللفظ وتوابعه
وكل إشارة خرجت عن حد هذه الإشارات الثلاثة فهى أقرب إلى قول الباطنية رويدا رويدا حتى تصير هى عينه
-أمور ليست من التفسير بالإشارة :
ومن ذلك دلالة الإشارة وفحوى الخطاب وفهم الاستغراق من لام التعريف ودلالة التضمن والإلتزام
قال في الكشاف: وكم من آية أنزلت في شأن الكافرين وفيها أوفر نصيب للمؤمنين تدبرا لها واعتبارا بموردها. يعني أنها في شأن الكافرين من دلالة العبارة وفي شأن المؤمنين من دلالة الإشارة
ومن ذلك:استدلالهم من تنبيهات القرآن على مشروعية أشياء، كالوكالة من قوله تعالى {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه }
واستدلالهم على مشروعية الضمان من قوله تعالى {وأنا به زعيم}
ومشروعية القياس من قوله {لتحكم بين الناس بما أراك الله }
ومنه أيضا:المعنى المجازى نحو {ياجبال أوبي معه}
ولا ماهو من قبيل تنزيل الحال منزلة المقال كقوله {وإن من شيء إلا يسبح بحمده }
لأن جميع هذا مما قامت فيه الدلالة العرفية مقام الوضعية واتحدت في إدراكه أفهام أهل العربية فكان من المدلولات التبعية
-التنبيه على خطر التفسير بالرأي المذموم:
وهو ماكان فيه التفسير إلى غير مستند من نقل صحيح عن أساطين المفسرين أو إبداء قول أو رأي عن غير ضلاعة في العلوم التى أشير إليها في المقدمة الثانية
وأن الواجب على أهل العلم تقويم الاعوجاج الحاصل من الذين يتصدون لتفسير معانى كتاب الله عن غير أهلية لئلا يختلط الحق بالباطل

المقدمة الرابعة :

بيان غرض المفسر من تفسير القرآن وفائدة ذلك:
-غرض المفسر بيان مايصل إليه من مراد الله تعالى في كتابه بأتم بيان من كل مايوضح المراد من :مقاصد القرآن أو مايتوقف عليه فهمه أو يخدم المقصد تفصيلا أأو تفريعا مع إقامة الحجة على ذلك إن كان به خفاء أو توقع مكابرة من معاند او جاهل
لذا كان حقا على المفسر أن يعرف على الإجمال مقاصد القرآن ويعرف إصطلاحه في إطلاق الألفاظ ؛فإن للتنزيل اصطلاح وعادات
- وفائدة هذا البيان :
ليعرف المطالع للتفاسير على اختلاف طرائقها مقدار اتصال تلك التفاسير بالغاية التى يرمى إليها المفسر وتقدير مقدار ماوفى به من المقصد ومقدار ماتجاوزه ،ومن ثم التفرقة بين من يفسر القرآن بما يخرج عن الأغراض المرادة منه وبين من يفصل معانيه

-المقصد من إنزال القرآن:
أنزل الله هذا الكتاب لصلاح أمر الناس رحمة لهم :
1-على مستوى الأفراد بتهذيب النفس وتزكيتها :
وعلى رأسها إصلاح العقائد والأفكار وإصلاح السرائر خاصة العبادات الظاهرة والباطنة
2-وعلى مستوى الجماعات الذي يبداأ بصلاح الأفراد
3-وشىء زائد على ذلك(المعاملات) :وهو ضبط تصرف الناس بعضهم مع بعض على وجه يعصمهم من مزاحمة الشهوات والقوى النفسية
4-والصلاح العمراني :وهو حفظ نظام العالم الإسلامى وضبط تصرف الجماعات بعضهم مع بعض على وجه يحفظ مصلحة الجميع،ومراعاة المصالح الكلية وتقديم المصلحة الجامعة على المصلحة القاصرة عند التعارض وهو مايسمى بعلم العمران والاجتماع

-مراد الله من كتابه :
قد بينه الله تعالى لنا بقوله {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} وقد تعبدنا الله تعالى بمعرفة مراده والإطلاع عليه
-اختيار الله تعالى للسان العربي مظهرا لوحيه وأن يكون العرب أول المتلقين لشرعه وحمله لأسباب منها:
كون لسانهم أفصح الألسن وأسهلها انتشارا وأكثرها تحملا للمعانى مع إيجاز لفظه
ولتكون الأمة المتلقية له أمة قد سلمت من أفن الرأي عند المجادلة ولم تقعد بها عن النهوض أغلال التكالب على الرفاهية

تنبيه : كون القرآن يخاطب العرب لايعنى أن يكون التشريع قاصرا عليهم :

لاريب أن من مقاصد القرآن تصفية نفوس العرب وإصلاحها إذ هم المتلقون الأول للخطاب الناشرون له فيما بعد
لكن لايعنى ذلك أن الخطاب القرآنى والتشريعات قاصرة عليهم بل إن معجزة القرآن المستمرة وعموم شريعته يبرهن على عالمية القرآن وشموله لجميع الخلق

-المقاصد الأصلية للقرآن بحسب استقراء المصنف:
1-إصلاح الإعتقاد الذي هو السبب الأعظم في إصلاح النفس لأنه يزيل عن النفس الإذعان لغير ماقام عليه الدليل وتطهير القلب من الإشراك والدهرية ومابينهما ..{فما أغنت عنهم آلهتهم التى يدعون من دون الله من شىء لما جاء أمر ربك ومازادوهم غير تتبيب} فأسند التتبيب إلى الآلهة وليس من فعلها تنبيها على أثر الإعتقاد بها
2-تهذيب الأخلاق كما قال تعالى {وإنك لعلى خلق عظيم} وروى مالك في الموطأ{إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق}
3- التشريع:وهو الأحكام الخاصة والعامة وقد جمع القرآن الأحكام جمعا كليا في الغالب،قال الشاطبي:لأنه على اختصاره جامع والشريعة تمت بتمامه فلايكون جامعا لتمام الدين إلا والمجموع فيه أمور كلية
4-سياسة الأمة ومقصده حفظ الأمة ومصالحها بإرشادهم إلى الإجتماع والتآلف قال تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} وقوله {وأمرهم شورى بينهم}
5-التأسي بصالح أحوال الأمم السابقة من خلال القصص والأخبار القرآنية وأيضا التحذير من مساويهم
6-التعليم بما يناسب حالة عصر المخاطبين ومايؤهلهم لتلقي الشريعة ونشرها وهو علم الشرائع وعلم الأخبار ،وهذان العلمان هما مبلغ علم مخالطى العرب من أهل الكتاب
لذا زاد القرآن على ذلك: تعليم ميزان العقول وصحة الاستدلال من خلال الدعوة إلى النظر والتفكر والتعقل ومن خلال مجادلة الضالين ولذا نوه عن الحكمة ومنزلتها فقال {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا }
وقد نبه القرآن على فضيلة العلم وفائدته في مواطن كثيرة جدا وقد كانت قصارى علوم العرب تجريبية فنبه القرآن إلى مزية الكتابة {ن،والقلم ومايسطرون}{قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لايعلمون}
7-المواعظ والإنذار والترهيب والتبشير وهذا يجمعه آيات الوعد والوعيد،وكذلك المحاجة والمجادلة للمعاندين وهو باب الترغيب والترهيب
8-الإعجاز بالقرآن ليدل على صدق الرسول فالتصديق يتوقف على دلالة المعجزة بعد التحدي،والقرآن معجز بلفظه ومتحدى بمعناه وقد وقع التحدي فيه {قل فأتوا بسورة مثله }
-طرائق المفسرين للقرآن ثلاث:
1- إما الإقتصار على الظاهر من المعنى الأصلي للتركيب وبيانه وإيضاحه وهو الأصل
2-وإما استنباط معانى من وراء الظاهر تقتضيها دلالة اللفظ أو المقام ولا يعارضها الاستعمال ولامقصد القرآن ومثاله :كون التأكيد يدل على إنكار المخاطب وتردده وفحوى الخطاب ودلالة الإشارة وهى من مباحث علم البلاغة
-والمفسر لايلام إذا أتى بشىء ن تفاريع العلوم مما له خدمة للمقاصد القرآنية مثل أن يفسر ما حكاه الله تعالى في قصة موسى مع الخضر ويذكر آداب العالم والمتعلم ،وكذلك تقرير مسائل من علم التشريح لزيادة بيان قوله تعالى {من نطفة ثم من علقة} فإنه يخدم مقاصد القرآن ببيان عظمة القدرة الإلهية
3- وإما أن يجلب المسائل ويبسطها لمناسبة بينها وبين المعنى ،أو لأن زيادة فهم المعنى متوقفة عليها أو لرد مطاعن من يزعم أنه ينافيه لقصد التوسع لا على أنه مماهو مراد الله من تلك الآية
-وهذه الطريقة تجلب مسائل علمية من علوم لها تعلق بمقصد الآية كما يفسر أحدهم قوله تعالى { ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا } فيذكر تقسيم علوم الحكمة ومنافعها مدخلا ذلك تحت قوله {خيرا كثيرا} فبيان تفاصيل الحكمة ليس من المعنى الأصلي للآية ولكن تفاريع المعنى تعين على فهم المقصد الأصلى للآية
ومثال آخر كمافي قوله تعالى {كي لايكون دولة بين الأغنياء منكم} فيؤخذ منها تفاصيل علم الاقتصاد السياسي و توزيع الثروة العامة ونعلل تشريعات الزكاة والمواريث والمعاملات فالآية تومىء لهذه الأمور إيماء
على أن بعض مسائل العلوم قد تكون أشد تعلقا بتفسير الآية مثل برهان التمانع لتقرير قوله تعالى {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} وقوله {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها}فإن مقصد الآية الاعتبار بالحالة المشاهدة فلو زاد المفسر تلك الحالة بيانا وتفصيلا لكان فيه زيادة إيضاح وبيان للمقصد
-وقد تكون هذه الطريقة على وجه التوفيق بين المعنى القرآني وبين المسائل الصحيحة من العلم حيث يمكن الجمع
أو على وجه الاسترواح من الآية كمافي قوله {ويوم نسير الجبال} على أن فناء العالم سيكون بالزلازل ونحوه وشرط قبول هذا أن يكون على سبيل الإيجاز والخلاصة فيه
-آراء العلماء في سلوك هذه الطريقة الثالثة:
1- قول ابن رشد الحفيد خلاصته أن هناك اتصالا بين العلوم الشرعية والفلسفية وأنه لايجب أن تحمل جميع ألفاظ الشرع على ظاهرها ولا أن تخرج جميعها عن ظاهر التأويل وهذا هو السبب في ورود الشرع بظاهر وباطن
وممن وافق هذا الرأي الشيرازى والغزالى والرازى وابن العربي ،وقد ملؤا كتبهم بالاستدلال على المعانى القرآنية بقواعد العلوم الحكمية وغيرها
فمثلا ابن جنى والزجاج وأبو حيان قد أشبعوا تفاسيرهم من الاستلال على القواعد العربية
-وتعقب المصنف هذا الكلام وذكر أن معانى كلام الله تعالى لاتبنى على فهم طائفة واحدة ولكن معانيه تطابق الحقائق ؛فكل ماكان من الحقيقة في علم من العلوم وكان للآية تعلق به فالحقيقة العلمية مرادة بمقدار ما وصلت إليه أفهام البشر أو ستصل وهو مبنى على توفر الفهم
وشرطه:
-ألا يخرج عما يصلح له اللفظ عربية
-لايبعد عن الظاهر إلا بدليل
-لايكون تكلفا بينا ولايكون خروجا عن المعنى الأصلى فيقارب التفاسير الباطنية
2- رأي الشاطبي :يرى أنه لايصح في مسلك الفهم والإفهام إلا مايكون عاما لجميع العرب ؛فلايتكلف فيه فوق مايقدرون عليه
وقال :إن كثيرا من الناس تجاوزوا الحد في الدعوى على القرآن فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين والمتأخرين من علوم الطبيعة والمنطق والحروف ... وقد كان السلف الصالح أعلم الناس بالقرآن وعلومه وما أودع فيه وأنه لم يبلغنا أنهم تكلموا في شىء من هذا سوى ماثبت فيه من أحكام التكاليف وأحكام الآخرة
-وقد تعقب المصنف هذا الكلام أيضا: فذكر أن رأي الشاطبي هذا مبنى على ما أسسه من أن القرآن خطابا للأميين وأن الشريعة أمية فإنه يعتمد في مسلك فهمه وإفهامه على قدرتهم وطاقتهم ،وأن هذا لرأي واه لوجوه ستة:
1-أن ما بناه يقتضي أن القرآن لم يقصد انتقال العرب من حال إلى حال وهذا باطل قال تعالى: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا}
2-مقاصد القر آن راجعة إلى عموم الدعوة وأنه معجزة باقية فذلك يقتضي أن يكون فيه مايصلح أن تتناوله أفهام من يأتى من الناس في عصور انتشار العلوم
3-كما أن السلف ذكروا أن القرآن لاتنقضي عجائبه أي معانيه ولو كان الأمر كما قال الشاطبي لانقضت عجائبه بانحصار معانيه
4-من تمام إعجازه أنه مع إيجاز لفظه إلا إنه يتضمن من المعاني ما لم يف به كثير من الأسفار
5-أن مقدار أفهام المخاطبين متفاوتة وذلك يقتضي أن يكون المعنى الأصلي مفهوما عند الجميع وتتفاوت الأفهام فيما زاد على ذلك فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه
6-أما عدم تكلم السلف على هذه العلوم فلايخلو من إحدى حالتين :إما أن يكون عدم تكلم السلف في علوم غير راجعة إلى مقاصد القرآن فنقر بذلك القول وإما أن يكون عدم تكلمهم في علوم راجعة إلى مقاصد القرآن فلا نسلم بوقوفهم على ظواهر الآيات فحسب لأنهم تكلموا وفصلوا وفرعوا في علوم عنوا بها ولايمنع أن نقفي على آثارهم في علوم أخرى مما يتعلق بمقاصد القرآن
وأما ماوراء ذلك فإن كان ذكره يفيد في إيضاح المعنى فهو تابع للتفسير وما زادعلى ذلك فليس من التفسير ولكنه من باب الاستطراد لمناسبة التفسير
3-رأي ابن العربي في كتابه العواصم :إنكار التوفيق بين العلوم الفلسفية ومعانى القرآن وتحقيره الفلسفة لأجل ما اختلطت به من الضلالات العقدية
وتعقبه المصنف بقوله وهو مفرط في ذلك مستخف بالحكماء

-رأي المصنف في العلاقة بين العلوم ومعانى القرآن وأنها على أربع مراتب:
الأولى: علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم، وتهذيب الأخلاق والفقه والتشريع والاعتقاد والأصول والعربية والبلاغة.
الثانية: علوم تزيد المفسر علما كالحكمة والهيئة وخواص المخلوقات.
الثالثة: علوم أشار إليها أو جاءت مؤيدة له كعلم طبقات الأرض والطب والمنطق.
الرابعة: علوم لا علاقة لها به إما لبطلانها كالزجر والعيافة والميثولوجيا، وإما لأنها لا تعين على خدمته كعلم العروض والقوافي

المقدمة الخامسة:أسباب النزول:

-تعريف أسباب النزول :
-هى حوادث يروى أن آيات من القرآن نزلت لأجلها أو لبيان حكمتها أو لإنكارها و...
-فائدة معرفة أسباب النزول :
في نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، وهي إحدى طريقتين لبلغاء العرب في أقوالهم، فنزوله على حوادث يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين.

-أحوال المفسرين مع أسباب النزول :
-أولع كثير من المفسرين بتطلب أسباب نزول آي القرآن فصار الأمر دائرا بين القصد والإسراف
-فمنهم من يوهم الناس أن كل آية نزلت لها سبب وحتى رفعوا الثقة بماذكروا
-وليس الأمر كذلك ؛فإن بعض الآيات يأتى ذكر سبب نزولها صريحا في القرآن وأخرى ثبتت بالنقل
-فإن القرآن كتاب هدى وتشريع للأمة وهذا الهدى قد يكون واردا قبل الحاجة ،وقد يكون مخاطبا به قوم على وجه الزجر أو الثناء وقد يكون مخاطبا به عموم الأمة
-وقد جاء القرآن في كل هذه الأحوال(أعنى السابق ذكرها) بتشريعات كلية والحكمة من ذلك أن يكون وعي الأمة لدينها أسهل وليمكن تواتر الدين (فلايكون حكرا على قوم دون آخرين) وليكون العلماء مزية الاستنباط
-ولذا فإنه لايجوز حمل كلماته على خصوصيات جزئية ولايجوز تعميم ما أريد به الخصوص لأن ذلك يبطل مراد الله

-أهمية التكلم في هذا الباب :
-والذي دفع المصنف للتكلم في هذا الباب :أن غض الطرف عنه وإرسال الحبل فيه على غاربه خطر عظيم على فهم القرآن
-ولأجل ما قد وقع فيه عدد من أساطين المفسرين الذين قد حشوا كتبهم بذكر أسباب النزول وجميع الروايات فيها غير منبهين على الصحيح منها والضعيف حتى توهم الناس أنه مامن آية في القرآن نزلت إلا لسبب
-وهذا وهم باطل فإن القرآن أنزل لهداية الناس وصلاح حياتهم ونفوسهم ولايتوقف نزوله على حوادث تدعو لتشريع الأحكام
-عذر المتقدمين ممن فعلوا ذلك أن كل مصنف في علم لم يشبع فهو شغوف بالتوسع فيه فلاينفك عن الاستزادة في ما يلتقط ليثري قبسه
-قد بين العلماء القاعدة المشهورة في أسباب النزول وهى :العبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب إلا طائفة شاذة ادعت التخصيص ،فأين المشكلة إذن؟
-المشكلة في بعض أسباب النزول التى قد رام رواتها تعيين مراد من تخصيص عام أو تقييد مطلق أوإلجاء إلى محمل ؛فهذه التى تقف عقبة أمام معانى التفسير إذا لم يبين حالها من القوة والضعف
-وهذا كما فعل الخوارج في آيات الوعيد النازلة في المشركين فأطلقوها وعمموها حتى كفروا المسلمين بالذنوب والكبائر
-قال الواحدي: أما اليوم فكل أحد يخترع للآية سببا، ويختلق إفكا وكذبا، ملقيا زمامه إلى الجهالة، غير مفكر في الوعيد"
وقال: "لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل

-أقسام أسباب النزول من حيث تعلقها بالتفسير
:
-إن منها ماليس للمفسر غنى عن علمه لأن فيها بيان مجمل أو إيضاح خفي أو موجز
-ومنها مايكون وحده تفسيرا
-ومنها مايدل المفسر على طلب الأدلة التى بها يفسر الآية كما جاء في البخاري أن مروان بن الحكم أرسل إلى ابن عباس يسأله عن قوله تعالى {لايحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا}
-ومنها ماينبه المفسر إلى إدراك خصوصيات بلاغية تتبع مقتضى المقامات ؛فإن من أسباب النزول مايعين على تصور مقام الكلام وسيأتى في المقدمة العاشرة

-أقسام أسباب النزول التى صحت أسانيدها كما ذكر المصنف:
1- أن يكون المقصود من الآية يتوقف فهمه على العلم بسبب النزول فلابد للمفسر البحث عنه
ومثاله :تفسير مبهمات القرآن {قد سمع الله قول التى تجادلك في زوجها} وبعض الآيات التى فيها {ومن الناس}
2-حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام ،وصور تلك الحوادث لاتبين مجملا ولاتخالف مدلول الآية بتخصيص أو تعميم أو تقييد،بل إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآية التى نزلت بسببها كحادثة عويمر العجلانى وكعب بن عجرة
وهذا القسم لايفيد الحث فيه إلا زيادة تفهم للآية وذلك لأن العلماء كادوا أن يجمعوا على العبرة في سببالنزول بعموم اللفظ لابخصوص السبب،وأن أصل التشريع لايكون خاصا
3-هى حوادث تختص بشخص واحد لكن يكثر أمثالها وصورتها فتنزل الآية مبينة للحكم وزجر من يرتكبها
فكثير من المفسرين يقولون نزلت تلك الآية في كذا وكذا أي أحوال مشابهة لتلك الحالة الخاصة التى نزلت فيها الآية فيكون قولهم نزلت في كذا من باب التفسير بالمثال
كما جاء في صحيح البخاري كتاب الأيمان عن عبد الله بن مسعود ،ومثل الآيات النازلة في المنافقين في براءة وقوله تعالى ومنهم ومنهم
وهذا القسم لافائدة في ذكره إذ أن ذكره قد يوهم قصر الآية على تلك الحادثة لعدم ظهور العموم من تلك الآيات
4-هى حوادث حدثت وفي القرآن معان تناسب معانيها قد سبقت تلك الحوادث أو لحقتها فيقع في عبارات السلف مايوهم أن تلك الآيات نزلت سببا لتلك الحوادث وليست كذلك بل المراد أنها تدخل في معنى الآية
ويدل لهذا وجود اختلاف كثير بين الصحابة في كثير من أسباب النزول(يرجع للإتقان المسألة الخامسة من هذا الباب)
مثاله ماجاء في صحيح البخاري في قصة اختصام الزبير والأنصارى في ماء شراج الحرة وقول الزبير فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في {فلاوربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}
-أشار السيوطي في الإتقان عن الزركشي : إلى أن الصحابة والتابعين إذا قال أحدهم نزلت هذه الآية في كذا ؛فإنهم يعنون أن ماذكروه يدخل في معنى الآية لا أنه السبب في نزولها

-موقف العلماء من قول الصحابي نزلت هذه الآية في كذا هل يجرى مجرى المسند؟
البخارى يدخله في المسند وأما أكثر أصحاب المسانيد فلايدخلونه فيه
بخلاف ما إذا وقعت حادثة فنزلت الآية عقبه فلاخلاف في أنه يدخل في المسند
5-قسم يبين مجملات ويدفع متشابهات مثل قوله {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } وبيان ذلك :
أن المشكل في هذه الآية أن يتوهم أن {من}في الآية شرطية فيكون المعنى أن كل من يجور في الحكم فهو كافر لكن إذا علم سبب النزول هم النصارى تبين أن {من}موصولة وأن الذين تركوا الحكم بالإنجيل وهم النصارى لايتعجب منهم في كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم
ومثاله أيضا حديث ابن مسعود في قوله تعالى {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} فمعرفة سبب النزول يدفع الإشكال المتوهم
-ومن هذا القسم أيضا ما يبين تناسب الآي بعضها مع بعض من غير تبيين مجمل أو تأويل متشابه كما في سورة النساء في قوله تعالى {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ماطاب لكم من النساء } فقد تخفى الملازمة بين الشرط وجزائه

المقدمة السادسة :
-الغرض من هذه المقدمة:
-التعرف على مقدار تعلق اختلاف القراءات بالتفسير ومراتب القراءات قوة وضعفا

-أحوال تعلق القراءات بالتفسير حالتين:
الحالة الأولى :لاتعلق لها بالتفسير بحال لعدم تأثيره في اختلاف معنى الآي
وهى اختلاف القراء في وجوه النطق بالحركات والحروف كمقادير المد والإمالات والتخفيف والتسهيل والتحقيق... وتعدد وجوه الإعراب
-مزية القراءات من هذه الجهة :
حفظت على أبناء العربية كيفية نطق العرب بالحروف في مخارجها وصفاتها
وبيان اختلاف لهجات العرب في تلقي القرآن عن قراء الصحابة بالأسانيد الصحيحة
وفيها بيان سعة وجوه الإعراب لذا فهى مادة كبرى لعلوم العربية

-علة اختلاف القراءات بعد الجمع العثمانى :
أئمة العربية قرؤوا القرآن بلهجات العرب الذين كانوا بين ظهرانيهم في الأمصار التى وزعت عليها المصاحف
كان في هذه الأمصار قراؤها من الصحابة قبل وصول مصحف عثمان إليهم
فلما اجتمعوا على مصحف عثمان قرأ كل فريق بعربية قومه في وجوه الأداء لا في زيادة الحروف ونقصانها ولا في اختلاف الإعراب
ويحتمل أن يكون القارىء الواحد قرأ بوجهين قصدا ليري صحتهما في العربية حفظا للعربية التى بها أنزل القرآن
ويترتب على معرفة هذا جواز أن يكون اختلاف القراءات في هذه الناحية اختيارا

-السبب في ماوقع في بعض كتب التفسير من نقد لبعض القراءات:
وقع في كتابي الزمخشرى وابن العربي نقد لبعض طرق القراء وفي بعضها نظر
منها ما ذكره الزمخشري في الكشاف في سورة الفتح أن الحارث بن سويد صاحب عبد الله بن مسعود كان له مصحف دفنه في مدة الحجاج، قال في الكشاف لأنه كان مخالفا للمصحف الإمام، وقد أفرط الزمخشري في توهين بعض القراءات لمخالفتها لما اصطلح عليه النحاة وذلك من إعراضه عن معرفة الأسانيد
كما كره مالك القراءة بالإمالة مع ثبوتها عن القراء وهى قراءة نافع من رواية ورش عنه وانفرد بقراءتها أهل مصر
دلت كراهته لذلك على أنه يرى أن القارىء إنما قرأ بها اختيارا

-حكم القراءة اختيارا:
ذكر القرطبي في تفسيره مطلع سورة الشعراء عن أبي إسحاق الزجاج جواز أن يقرأ طسم بفتح النون وضم الميم كما يقال معد يكرب ،ولم يقل به أحد
عقب المصنف بقوله :لاضير في ذلك مادامت كلمات القرآن وجمله محفوظة على نحو ماكتب في المصحف العثمانى الذي أجمعت عليه الأمة

-كيف كان الجمع العثمانى وكيف صارت القراءة بعده :
كان جمع عثمان القرآن إتماما لما فعل أبو بكر من جمعه للقرآن الذي كان يقرأ في عهد رسول الله
لما أمر عثمان بجمع المصحف وأمر بكتبه على نحو ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أن يحمل الناس على اتباعه وترك قراءة ماخالفه
فأمر بجميع المصاحف المخالفة له فأحرقها جميعا على علم ومرأى من الصحابة الذين وافقوه إلا نفر قليل جدا ثم رجعوا بعد ذلك
فصار المصحف الذي كتب لعثمان قريبا من المجمع عليه وعلى كل قراءة توافقه وصار ماخالفه متروكا بما يقارب الإجماع
كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد والمهاجرين والأنصار واحدة وهى قراءة العامة التى قرأ بها رسول الله في العام الذي قبض فيه وزيد ممن شهد العرضة الأخيرة
ظل الذين كانوا يقرؤون قراءات مخالفة لمصحف عثمان يقرؤون بها لاينهاهم عنها أحد سوى أنهم لم يكتبوها في المصاحف بعد جمع عثمان وعدوا هذه القراءات شاذة
-وممن نسبت إليهم قراءات مخالفة لمصحف عثمان:
عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة إلى أن ترك الناس ذلك تدريجا

-سبب الاختلاف اليسير بين المصاحف التى وجهها عثمان رضي الله عنه إلى الأمصار وأنواع هذا الاختلاف :
هذا الاختلاف ناشىء عن القراءة بالوجهين بين الحفاظ من زمن الصحابة الذين تلقوا القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قد اثبته ناسخو المصحف العثماني فلاينافي التواتر إذ لاتعارض إذا كان المنقول عنه قد نطق بما نقله عنه الناقلون في زمانين أو ازمنة
أو قد كان أذن للناقلين أن يقرؤا باحد اللفظين او الألفاظ
وهذا الاختلاف بينها يسير ونادر جدا :مثل زيادة الواو في {وسارعوا إلى مغفرة }في مصحف الكوفة وزيادة الفاء في قوله {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم}

-شروط قبول القراءة غير المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
اتفق علماء القراءات والفقهاء أن :
1-كل قراءة وافقت وجها في العربية،
2-ووافقت خط المصحف والمراد أحد المصاحف التى وجهها عثمان إلى أمصار الإسلام ،
3-وصح سند راويها غير أنها لم تبلغ حد التواتر فهي قراءة صحيحة لايجوز ردها
وهذا الشرط لابد منه فقد تكون القراءة موافقة لرسم المصحف وموافقة لوجوه العربية لكنها ليست مروية بسند صحيح كما ذكر أن حماد بن الزبرقان قرأ{بل الذين كفروا في غرة} وذلك أنه قرأ من المصحف ولم يقرأعلى أحد

أما القراءة المتواترة: فهي غنية عن هذه الشروط لأن تواترها يجعلها حجة في العربية وغنيها عن الاعتضاد بموافقة المصحف المجمع عليه
وشاهد هذا الكلام :مايقرؤه جمع من أهل القراءات في قوله {وماهو على الغيب بظنين}مع أنها مكتوبة في المصحف بالضاد
قال أبو بكربن العربي : ومعنى ذلك عندي أن تواترها تبع لتواتر المصحف الذي وافقته (أي تواتر ألفاظه) وما دون ذلك فهو شاذ

وقد انحصر توفر الشروط في الروايات العشر للقراء وهم :
نافع بن أبي نعيم المدني، وعبد الله بن كثير المكي، وأبو عمرو المازني البصري وعبد الله بن عامر الدمشقي، وعاصم بن أبي النجود الكوفي، وحمزة بن حبيب الكوفي، والكسائي علي بن حمزة الكوفي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، وخلف البزار
وهذا العاشر ليست له رواية خاصة، وإنما اختار لنفسه قراءة تناسب قراءات أئمة الكوفة، فلم يخرج عن قراءات قراء الكوفة إلا قليلا، وبعض العلماء يجعل قراءة ابن محيصن واليزيدي والحسن، والأعمش، مرتبة دون العشر، وقد عد الجمهور ما سوى ذلك شاذا لأنه لم ينقل بتواتر حفاظ القرآن

-حكم القراءة بمادون العشر :
قال مالك والشافعى :مادون العشر من القراءات لايجوز القراءة به ولا أخذ حكم منه لمخالفته المصحف المتواتر فما خالفه فهو غير متواتر فلايعد قرآنا
القراءات التى تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد صحيحة في كتب الصحيح ولكنها غير متواترة ؛فإنه لايجوز لغير من سنعها من النبي أن يقرأ بها

وإذا كان الذي رواها قد بلغته قراءة تخالفها متواترة وتحقق من تواترها وجب عليه ترك القراءة بالآحاد والقراءة بماتواتر

-سبب قول المفسرين قراءة النبي صلى الله عليه وسلم:
وقد اصطلح المفسرون على أن يطلقوا علي القراءات غير المتواترة المروية عن النبي بأسانيد صحيحة في كتب الصحيح قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لأنها غير منتسبة لقراءة أحد من أئمة الرواية في القراءة
وليس المراد بنسبتها للنبي أنها وحدها المأثورة عنه أو ترجيحها على غيرها من القراءات المشهورة التى تروى بأسانيد أقوى من تلك وهى متواترة على الجملة
وما كان ينبغي تسميتها بذلك لئلا يوهم من ليسوا بأهل الفهم الصحيح أن غيرها لم يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم
ومن هؤلاء المفسرين : ابن جنى والطبري والزمخشري وابن عطية

-الحالة الثانية من القراءات :ماكان له نوع تعلق بالتفسير ومعانى القرآن:
ومنها :اختلاف القراء في حروف الكلمات مثل {مالك يوم الدين }و{ملك يوم الدين} ونحو {ننشرها }و{ننشزها}
ومنها :اختلاف الحركات الذي يختلف معه معنى الفعل نحو قوله {إذا قومك منه يصدون } بضم الصاد على قراءة نافع وكسرها على قراءة حمزة ؛فلأولى بمعنى يصدون غيرهم عن الإيمان والثانية بمعنى صدودهم في أنفسهم وكلا المعنيين حاصل
-فائدة هذا النوع:
أن ثبوت أحد اللفظين في قراءة قد يبين المراد من نظيره في القراءة الأخرى أو يثير معنى غيره
واختلاف القراءات في ألفاظ القرآن يكثر المعانى في الآية الواحدة مثل قوله {حتى يطهرن}بتخفيف الطاء وتشديدها بالفتح مع الهاء
والظن بأن الوحى نزل بالوجهين تكثيرا للمعانى إذا جزمنا بأن جميع وجوه القراءات مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم
وقال المصنف:لامانع من أن يجىء ألفاظ القرآن على نحو يحتمل تلك الوجوه فتقوم الآية الواحة مقام آيتين أو أكثر ،وهذا نظير التضمين في استعمال العرب والتورية والتوجيه في البديع ..وهو من زيادة ملائمة بلاغة القرآن

-عند اختلاف القراءة في اللفظ الواحد هل يتعين حمل معنى إحدى القراءتين على معنى الأخرى ؟
يؤخذ من كلام أبي على الفارسي في كتابة الحجة أنه يختار حمل معنى إحدى القراءتين على معنى الأخرى
مثال ذلك قوله في قراءة الجمهور {فإن الله هو الغني الحميد} وقراءة نافع وابن عامر {فإن الله الغنى الحميد} باعتبار هو ضمير فصل لامبتدأ ليتواءم المعنى مع قراءة من أسقط الضمير
وتعقبه أبو حيان فقال:
وما ذهب إليه ليس بشيء لأنه بنى ذلك على توافق القراءتين وليس كذلك، ألا ترى أنه قد يكون قراءتان في لفظ واحد لكل منهما توجيه يخالف الآخر، كقراءة {والله أعلم بما وضعت} بضم التاء أو سكونها
ويرى المصنف أنه ينبغي للمفسر أن يبين وجوه الاختلاف في القراءات المتواترة لأن في اختلافها تكثير لمعانى الآي فيقوم تعدد القراءات مقام تعدد كلمات القرآن

-الأحرف السبعة ،أدلة ثبوتها ومعناها والغرض منها :
ورد في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ في الصلاة سورة الفرقان في حياة رسول الله فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله، فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ? قال: أقرأنيها رسول الله، فقلت: كذبت فإن رسول الله أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله فقلت إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله: ((اقرأ يا هشام)) فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله: ((كذلك أنزلت))، ثم قال: ((اقرأ يا عمر)) فقرأت القراءة التي أقرأني فقال رسول الله: ((كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه)) اهـ
-اختلاف العلماء في معنى الأحرف السبعة :
اختلف العلماء في معناها واختلافهم مبني على اعتبارين :أحدهما اعتبار الحديث منسوخا والآخر اعتباره محكما
القول الأول :باعتبار الحديث منسوخا وهو قول أبو بكر الباقلاني وابن عبد البر وأبو بكر بن العربي والطبري والطحاوي، وينسب إلى ابن عيينة وابن وهب
قالوا كان ذلك رخصة في صدر الإسلام أن يقرؤوا القرآن بلغاتهم التى جرى بها استعمال العرب تيسيرا عليهم
فلما كثر الحفظ وانتشرت الكتابة زال العذر ونسخ ذلك بجمع الناس على القراءة بلغة قريش وأن ذلك النسخ كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بإجماع من الصحابة أو بوصاية من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
ودليل هذا القول عندهم:قول عمر إن القرآن نزل بلسان قريش، وبنهيه عبد الله بن مسعود أن يقرأ (فتول عنهم عتى حين) وهي لغة هذيل في حتى،
وبقول عثمان لكتاب المصاحف فإذا اختلفتم في حرف فاكتبوه بلغة قريش فإنما نزل بلسانهم، يريد أن لسان قريش هو الغالب على القرآن، أو أراد أنه نزل بما نطقوا به من لغتهم وما غلب على لغتهم من لغات القبائل إذ كان عكاظ بأرض قريش وكانت مكة مهبط القبائل كلها
واختلفوا معنى الأحرف السبعة المنسوخة عندهم على أقوال :
-القول الأول :أن الأحرف يراد بها الكلمات المترادفة للمعنى الواحد تسهيلا عليهم حتى يحيطوا بالمعنى
وعلى هذا القول فيكون العدد سبعة مرادا لذاته فلاتجاوز تلك المترادفات سبعة لهجات أو مرادفات أى سبع لغات لأنه لايستقيم لكلمة أن يكون لها ستة مرادفات أصلا ولا في كلمة يوجد بها سبع لهجات إلا قليلا جدا مثل {أف} و{جبريل}و{أرجه}
واختلفوا في تعيين اللغات السبع على ثلاثة اقوال :
الأول :قال أبو عبيدة وابن عطية والباقلانى :هى من عموم لغات العرب قريش، وهذيل، وتيم الرباب، والأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر من هوازن، وبعضهم يعد قريشا، وبني دارم، والعليا من هوازن وهم سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف
قال أبو عمرو بن العلاء: أفصح العرب عليا هوازن وسفلى تميم وهم بنو دارم. وبعضهم يعد خزاعة ويطرح تميما،
وقال أبو علي الأهوازي، وابن عبد البر، وابن قتيبة هي لغات قبائل من مضر وهم قريش، وهذيل، وكنانة، وقيس، وضبة، وتيم الرباب، وأسد بن خزيمة، وكلها من مضر
-القول الثانى :أن العدد غير مراد بل يقصد به التعدد والتوسع وكذلك المرادفات ولو من لغة واحدة كقراءة {العهن المنفوش},{الصوف المنفوش}
وقد اختلف عمر وهشام بن حكيم ولغتهما واحدة،
وقرأ ابن مسعود {انظرونا نقتبس من نوركم} "أخرونا"، "أمهلونا"، وأقرأ ابن مسعود رجلا {إن شجرت الزقوم طعام الأثيم} فقال الرجل: (طعام اليتيم)، فأعاد له فلم يستطع أن يقول: {الأثيم} فقال له ابن مسعود: أتستطيع أن تقول طعام الفاجر? قال: نعم، قال: فاقرأ كذلك
-القول الثالث :المراد بالسبعة :التوسعة مثل أن يقرأ {سميعا عليما}{عليما حكيما }مالم يخرج عن المناسبة فيختم آية رحمة بعذاب أو عكسه ،وهذا قول ابن عبد البر

القول الثاني:الذين اعتبروا الحديث محكما غير منسوخ فاختلفوا في معنى الأحرف :
1-فقال جماعة منهم البيهقي وأبو الفضل الرازي أن المراد:أنواع أغراض القرآن كالأمر والنهي والحلال والحرام
أو أنواع كلامه كالخبر والإنشاء والحقيقة والمجاز
أو أنواع دلالته كالعموم والخصوص والظاهر والمؤول
-ويعترض على هذا القول من جهة :عدم مناسبة هذا القول لسياق الحديث الذي يدل على الغرض من الأحرف وهو التيسير والتخفيف والرخصة
وقد تكلفوا حصر مازعموه من الأغراض في سبعة ولايسلم هذا القول من نقض
.2-وقيل المراد بالأحرف سبع لغات من لغات العرب مبثوثة في آيات القرآن لا على تخيير من القارىء
واختلفوا في تعيين السبعة إلى نحو ماذهب إليه القائلون بالنسخ
-الفرق بين الفريقين :
القائلون بالنسخ ذهبوا إلى تخيير القارىء في الكلمة الواحدة
والقائلون بالإحكام ذهبوا إلى أن القرآن مبثوثة فيه تلك الكلمات على وجه التعيين لا التخيير
-وهذا القول يعترضه ما اعترض القول السابق من أن سياق الحديث الوارد بالتوسعة لايناسبه هذا التوجيه كما لايناسبه من جهة العدد إذ لغات العرب لاتنحصر في سبعة لأن المحققين ذكروا ان في القرىن كلمات كثيرة من لغات العرب أنهاها السيوطى نقلا عن الواسطي إلى خمسين لغة
3-وقيل المراد بالأحرف لهجات العرب في كيفيات النطق كالفتح والإمالة والهمز والتخفيف والمد والقصر ففيه معنى الرخصة للعرب مع المحافظة على كلمات القرآن ،وهذا أحسن الأجوبة على قول المصنف
-وقد ذكرت أجوبة أخرى ضعيفة تصل إلى خمسة وثلاثين جوابا لاداعى لذكرها ولا التعريج عليها
-لكن يعترض هذا القول الذي رجحه المصنف الرواية الثابتة عن عمر وهشام بن حكيم وقد أجاب المصنف بقوله:
وعندي أنه إن كان حديث عمر وهشام بن حكيم قد حسن إفصاح راويه عن مقصد عمر فيما حدث به بأن لا يكون مرويا بالمعنى مع إخلال بالمقصود أنه يحتمل أن يرجع إلى ترتيب آي السور بأن يكون هشام قرأ سورة الفرقان على غير الترتيب الذي قرأ به عمر فتكون تلك رخصة لهم في أن يحفظوا سور القرآن بدون تعيين ترتيب الآيات من السورة، وقد ذكر الباقلاني احتمال أن يكون ترتيب السور من اجتهاد الصحابة كما يأتي في المقدمة الثامنة. فعلى رأينا هذا تكون هذه رخصة. ثم لم يزل الناس يتوخون بقراءتهم موافقة قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان ترتيب المصحف في زمن أبي بكر على نحو العرضة الأخيرة التي عرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجمع الصحابة في عهد أبي بكر على ذلك لعلمهم بزوال موجب الرخصة

-المراد بالقراءات السبع وهل هى نفسها الأحرف السبع؟
قال السيوطى :صنف ابن جبير المكى كتابا في القراءات اقتصر فيه على خمسة أئمة من كل مصرإماما لأن المصاحف التى أرسلت إلى الأمصار خمسة أمصار
قال ابن العربي في العواصم:أول من جمع القراءات في سبع مجاهد بن جبرغير أنه عد قراءة يعقوب سابعا ثم عوضها بقراءة الكسائي، قال السيوطي وذلك على رأس الثلاثمائة: وقد اتفق الأئمة على أن قراءة يعقوب من القراءات الصحيحة مثل بقية السبعة، وكذلك قراءة أبي جعفر وشيبة
قال أبو شامة :انحصار القراءات في سبع لم يدل عليه دليل ولكنه امر حصل بدون قصدأو بقصد التيمن بعدد السبعة اوبقصد إيهام أن هذه السبعة هى المرادة بالاحرف السبعة
وقال ابن عمار: لقد فعل جاعل عدد القراءات سبعا ما لا ينبغي، وأشكل به الأمر على العامة إذ أوهمهم أن هذه السبعة هي المرادة في الحديث، وليت جامعها نقص عن السبعة أو زاد عليها
وليست الأحرف السبعة هى القراءات السبعة ولم يقل أحد من أهل العلم ذلك بل الإجماع على خلاف ذلك
وممايدل على ذلك أن الاختلاف بين القراء كان سابقا على تدوين المصحف الإمام زمن عثمان وهو السبب في جمع المسلمين على مصحف واحد فتبين أن الاختلاف لم يكن ناشئا عن الاجتهاد في قراءة ألفاظ المصحف فيماعدا اللهجات

مراتب القراءة الصحيحة والترجيح بينها :
-المرتبة الأولى :المتفق على تواتره:
- اتفق الأئمة على أن القراءات التى لاتخالف الألفاظ التى كتبت في مصحف عثمان هى قراءات متواترة وتواترها تبع لتواتر صورة كتابة المصحف
-المرتبة الثانية :المختلف في تواتره :
ماكان نطقه موافقا لرسم المصحف واختلف فيه فهو مقبول وليس بمتواتر لوجود الاختلاف المناف لدعوى التواتر
وخرج بذلك من القراءات ماكان مخالفا لمصحف عثمان مثل قراءة ابن مسعود
ولما قرأ المسلمون بهذه القراءات من عصر الصحابة ولم يغير عليهم صارت متواترة على التخيير وإن كانت أسانيدها المعينة آحادا
-هل القراءات كلها متواترة ؟
-ليست القراءات كلها بما فيها من طرائق أصحابها متواترة كيف وقد ذكروا أسانيدهم فيها فكانت أسانيد آحاد
وأقواها سندا ماكان له راويان عن الصحابة مثل قراءة نافع عن أبي نعيم وقد جزم ابن العربي وغيره أنها غير متواترة لأن تلك الأسانيد تقتضي أن فلانا قرأ بخلافه وأما اللفظ المقروء فغير محتاج لتلك الأسانيد لأنه ثبت بالتواتر وإن اختلفت كيفيات النطق بحروفه
-ويرى إمام الحرمين في البرهان انها متواترة ورد عليه الأبياري
-وقال المازرى في شرحه قولا وسطا :متواترة عند القراء غير متواترة عند عموم الأمة

أسانيد القراءات العشر:
-تنتهي أسانيد القراءات العشر إلى ثمانية من الصحابة وهم عمر وعلى وعثمان وابن مسعود وأبي بن كعب وأبو الدرداء وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعرى
-بعض هذه القراءات ينتهى إلى جميع الثمانية وبعضها ينتهى إلى بعضهم

- وجه ترجيح بعض القراءات العشر بعضها على بعض:
أولا :من جهة الإعراب:
-وجوه الإعراب في القرآن اكثرها متواتر إلا ماساغ فيه إعرابان مع اتحاد المعانى
–أما ما خالف الوجوه الصحيحة في الإعراب ففيه نظر قوى إذ لاثقة لنا في انحصار فصيح كلام العرب فيما صار إلى نحاة البصرة والكوفة لاسيما ماكان منه في قراءة مشهورة كقراءة ابن عامر (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم) ببناء زين للمفعول وضم قتل ،مع مافى اختلاف الإعرابين من إفادة معنى غير الذي يفيده الآخر
-ولو سلمنا أن فيه وجه مرجوح فهو لايناكد التواتر لأن الاختلاف في كيفية النطق
ثانيا : من جهة البلاغة والفصاحة والشهرة :
-القراءات العشر الصحيحة المتواترة قد تتفاوت بما يشتمل عليه بعضها من خصوصيات البلاغة أو الفصاحة أو كثرة المعاني أو الشهرة
وهذا التمايز متقارب فقل أن يكسب إحدى القراءات رجحانا على الأخرى
-لكن يرى كثيرا من العلماء أنه لامانع من ترجيح قراءة على غيرها ومن هؤلاء الطبري والزمخشرى وفي أكثر مارجح به نظر
-سئل ابن رشد عما يقع في كتب المفسرين والمعربين من اختيار إحدى القراءتين المتواترتين على الأخرى وقولهم هى أحسن ؟فقال إن كان قولهم هى أحسن لكونها أحسن من جهة الإعراب وأيسر في اللفظ وأصح في النقل فلاينكر ذلك كرواية ورش المختارة في الأندلس لما فيها من تسهيل النبرات وترك تحقيقها ولماروى أن مالك كره القراءة بالنبر
وقال ابن رشد جاء عن النبي أنه ماكان يقرأ بالهمز في الكلمات المهموزة بل كانت لغته التسهيل
-وهذا خلف البزار راوى حمزة اختار لنفسه قراءة من بين قراءات الكوفيين ومنهم شيخة حمزة بن حبيب وميزها قراءة فعدت عاشرة القراءات وماهى إلا اختيار من قراءات الكوفيين

-هل ترجيح بعض القراءات على بعض معناه أن المرجوحة أضعف في الإعجاز؟
-لايلزم أن يتحقق الإعجاز في كل آية من آيات القرآن لأن التحدي وقع بسورة وأقصر سورة ثلاث آيات فكل مقدار من القرآن ينتظم ثلاث آيات فمجموعه معجز
-حد الإعجاز مطابقة الكلام لجميع مقتضى الحال وهو لايقبل التفاوت
-ومع ذلك يجوز أن يكون بعض الكلام المعجز مشتملا على لطائف وخصوصيات تتعلق بوجوه الحسن أو زيادة الفصاحة أو التفنن
-ويجوز أن يكون أحد القراءات نشأت عن ترخيص النبي للقارىء بأن يقرأ بالمرادف تيسيرا على الناس فتروى تلك الأخرى للخلف فتتميز غيرها عليها بغاية البلاغة ولايعارض هذا كونها بالغة الطرف الأعلى من البلاغة

-منهج المصنف الذي سلكه في تفسيره بشأن القراءات:
-التعرض في التفسير لاختلاف القراءات العشر المشهورة خاصة في أشهر روايات الراوين عن أصحابها لأنها متواترة
-بناء أول التفسير على قراءة نافع(قالون) لأنها القراءة المدنية إماما وراويا
-ثم ذكر خلاف بقية القراء العشرة خاصة

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 محرم 1440هـ/16-09-2018م, 01:28 PM
هناء هلال محمد هناء هلال محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 663
افتراضي

فهرسة مسائل القسم الأول من مقدمة التحرير والتنوير
خطبة الحاجة وتتضمن :
حمد الله والثناء عليه بإنزاله القرآن .
صفات القرآن الكريم :
1-عصمته
2-إعجازه
3-تصديقه لما بين يديه وهيمنته عليه
4-عديم تفريطه في شيء
5-إبراز آياته التي تدل على أنه الحق
- بيان إنزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم والثناء عليه
- اختيار الله سبحانه لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وحملهم الرساله من بعده
- حمله من قبل العلماء من بعدهم
- بيان أن تفسير القرآن كان أكبر أمنية لدى المؤلف
- بيان أسباب تخوف المؤلف من الإقدام على التفسير (اتقاء المصاعب والخوف من أخطاء سوء الفهم )
موقف الناس من تفاسير الأقدمين
أ- رجل متمسك بأقوال الأقدمين فقط
ب- رجل يهدم ما قالوا به
ج- الحالة الوسط وهو تهذيب ماجاءوا به والزيادة عليه
- بيان أن أكثر التفاسير عالة على كلام السابقين
- بيان أهم الفنون التي وردت في معاني القرآن ومقاصده
منهج ابن عاشور في التفسير :
أ- إظهار نكتا لم يسبقه إليها أحد
ب- نقد التفاسير السابقة
ج- عدم الاقتصار على الأحاديث المعادة
د- الاهتمام بفن دقائق البلاغة
ه- بيان وجوه الإعجاز ونكت البلاغة
و- بيان تناسب اتصال الآي ببعضها (ألف فيه فخر الدين الرازي والبقاعي إلا أنهما لم يأتيا في كثير من الآي بما فيه مقنع)
ز- بيان ما أحيط بالسورة من أغراضها
ح- الاهتمام بتبيين معاني المفردات في اللغة العربية وتحقيقها وضبطها بالاستعانة بقواميس اللغة .
تسمية المؤلف لتفسيره
التحرير والتنوير (تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد) .

المقدمة الأولى : التفسير والتأويل
تعريف التفسير لغة :
اختلف أهل اللغة في مصدره على قولين:
مصدر من فسّر ، ومن فسر ، بمعنى الإبانة والوضوح ، واختلفوا في المعنى
1-أنهما متساويان في المعنى
2-يختص المضاعف بإبانة المعقولات والمقولات ، وهو قول الراغب وصاحب البصائر ، ويدل على التكثير
3-يختص المضاعف للتعدية وهؤلاء اختلفوا هل يدل على التكثير أم لا .
- رجح الزمخشري أن المضاعف يدل على الكثيرة .
التفسير اصطلاحا :
اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن ، وما يستفاد منها ، والمناسبة بين المعنى الأصلي والمعنى المنقول إليه .
موضوع التفسير : ألفاظ القرآن الكريم .
المراد بالعلم إذا أطلق :
- نفس الإدراك
- الملكة المسماة بالعقل
- التصديق الجازم
- المسائل والمعلومات التي هي قضايا كلية .
أسباب اعتبار التفسير علما مستقلا
1-لأن مباحثه قواعد كلية تشمل على علوم كثيرة .
2-تفيد مباحثه كمالا علميا لأنه بيان لمراد الله من كلامه
3-القواعد الكلية لمباحث التفسير ترجع إلى ذاتها لا إلى ما يتفرع عنها .
4-لا يخلو علم التفسير من قواعد كلية في أثنائه كقواعد النسخ مثلا .
5-اشتمال التفسير على بيان أصول التشريع وكلياته
6-أن التفسير هو أول ما اشتغل به علماء الإسلام
ينقسم التفسير من حيث موضوعه إلى نوعين :
1-إذا اعتبر بيان وتفسير لمراد الله من كلامه يكون من أصول العلوم الشرعية .
2-إذا اعتبر بيان للمكي والمدني والناسخ والمنسوخ وغير ذلك يكون من متممات العلوم الشرعية .
بداية ظهور التفسير :
يعد أول العلوم الإسلامية وأشرفها ، ظهر في عصر النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال الصحابة له .
- استمر في عصر الصحابة كتفسير علي وابن عباس
- استمر في عصر التابعين كتفسير مجاهد وابن جبير
بداية التصنيف في التفسير
- أول من صنف فيه عبدالملك بن جريج المكي وأكثر روايته عن أصحاب ابن عباس
- تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، وأبو صالح متهم بالكذب ، وكذلك السدي عن الكلبي هي سلسلة الكذب
- رواية مقاتل ورواية الضحاك ورواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وأصحها الأخيرة .
- الروايات التي تسند لعلي بن أبي طالب كثرها من الموضوعات إلا ما روي بسند صحيح .
طرق المفسرين في التفسير
1-التفسير بالمأثور عن السلف كمالك بن أنس والداودي والطبري
2-التفسير بالنظر كالزجاج وأبي علي الفارسي
3-تفسير الزمخشري الذي يغلب عليه منحى البلاغة والعربية وتفسير ابن عطية الذي يغلب عليه منحى الشريعة .
التأويل
اختلف العلماء في معنى التأويل
1-منهم من جعل معنى التأويل والتفسير متساويا
وذهب لذلك ثعلب وابن الأعرابي وأبو عبيدة
2-ومنهم من جعل التفسير للظاهر والتأويل للمتشابه
3-ومنهم من جعل التأويل صرف اللفظ عن ظاهر معناه لمعنى آخر محتمل بدليل .
الراجح عند المؤلف : القول الأول لأن الغاية المقصودة هي فهم معاني القرآن فساوى التفسير غير أنه لا يطلق إلا على ما فيه تفصيل معنى خفي معقول .
الدليل على ذلك : قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس : اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل .
وحديث عائشة : (يتأوي القرآن) .

المقدمة الثانية
استمداد علم التفسير
المراد باستمداد علم التفسير : أي المعلومات السابقة على وجود هذا العلم لتكون عونا على تدوينه
العلوم التي يستمد منها المفسر تفسيره :
1-علم العربية :
أي معرفة مقاصد العرب من كلامهم سواء كانت بالسجية أو بالتلقي
اسباب استمداد التفسير من العربية :
القرآن كلام عربي فقواعد العربية طريقا لفهم معانيه
قواعد العربية : متن اللغة - التصريف - النحو - علم المعاني والبيان - أساليب العرب في خطبهم وأشعارهم
أهمية علم المعاني والبيان للمفسر : وسيلة لإظهار خصائص البلاغة العربية وإظهار وجه الإعجاز في القرآن .
قال السكاكي في أهمية علم المعاني والبيان :
توضيح لمراد الله
تعاطي تأويل متشابهاته
درك لطائف نكته وأسراره .
إظهار وجه إعجازه .
- تحذير العلماء من تعاطي التفسير مع ضعف علم البيان والمعاني .
- الرد على من قال : لا يحتاج إلى لسان العرب في التفسير
قال ابن رشد : لا يصح من أمور الديانة والإسلام إلا بلسان العرب لقوله سبحانه (بلسان عربي مبين)

استعمال العرب : هو التملي من أساليبهم وأشعارهم وخطبهم وغيرها لينمو الذوق ويصبح سليقة .
- يجب اختيار المشهود له بالبلاغة من كلامهم كالمعلقات والحماسة ونهج البلاغة مقامات الحريري
- لا يستغني المفسر عن الاستشهاد على المراد من الآية بشعر أو شيء من كلام العرب كما روي عن عمر في قوله (أو يأخذهم على تخوف)
- قول ابن عباس : (الشعر ديوان العرب)
- يدخل في ذلك فهم السلف لمعاني بعض الآيات حسب قوانين استعمال العرب ، كقول عائشة رضي الله عنها لعروة بن الزبير في تفسير قوله (إن الصفا والمروة من شعائر الله) .
- توجيه قول الإمام أحمد بكراهة التمثيل بالشعر لبيان معنى في القرآن :
إن صح عنه فلعله يريد كراهة أن يذكر الشعر لإثبات صحة ألفاظ القرآن الكريم .

2-الآثار
تشمل الآثار على :
أ- ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من بيان لمراد الله من بعض الآيات ، وهو شيء قليل الدليل : لقول عائشة : ما كان رسول الله يفسر من القرآن إلا آيات معدودات علمه إياهن جبريل .
المراد بذلك : تفسير مغيبات القرآن ، وتفسير مجمله مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف ، أو كان تفسير لا توقيف فيه كقوله لعدي (إنك لعريض القفا) .
ب- ما نقل عن الصحابة مما كان طريقهم فيه الرواية دون الرأي ، مثل كون المراد بالمغضوب عليهم هم اليهود ، والضالين هم النصارى .
ج- تشمل الآثار إجماع الأمة على تفسير معنى ، إذ لا يكون إجماعهم إلا عن مستند
مثال : كون المراد من الأخت في آية الكلالة الأولى هي الأخت للأم .
3-القراءات
لا يحتاج إليها في التفسير إلا للاستدلال بها على تفسير غيرها
- إن كانت القراءة مشهورة فهي حجة قوية
- إن كانت القراءة شاذة فحجتها استنادا لاستعمال عربي صحيح .
4-أخبار العرب
هي جملة آدابهم المشهورة لديهم ويستعان بها على فهم ما أوجزه القرآن .
مثال قوله : (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا)
سبب التنويه لها : حتى لا يتوهم أن الاشتغال بها من اللغو
5-أصول الفقة
ذكر أحكام الأوامر والنواهي والعموم التي يكون بعضها مادة للتفسير
أهمية علم أصول الفقه في التفسير
1-علم الأصول فيه مسائل كثيرة هي من طرق استعمال كلام العرب وفهم اللغة ، لذا عده الغزالي من جملة العلوم التي تتعلق بالقرآن
2-يضبط علم الأصول قواعد الاستنباط فهو آلة للمفسر لاستنباط المعاني الشرعية من الآيات .
6-علم الكلام
أهمية علم الكلام :
- اثبات بعض صفات الله سبحانه كصفة التكلم
- توقف فهم ما يجوز على الله من آيات التشابه في الصفات
- إقامة الأدلة على استحالة بعض المعاني .
وقد عد عبد الحكيم والآلوسي علم الكلام من جملة ما يتوقف عليه علم التفسير .
- عدم اعتبار الفقه من مادة علم التفسير :
لعدم توقف فهم القرآن على مسائل الفقه .
تنبه :
- ما لا يعد من استمداد علم التفسير
1-الآثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في التفسير لأنه من التفسير .
2-تفسير القرآن بالقرآن لأنه من باب حمل بعض الكلام على بعض .

المقدمة الثالثة
صحة التفسير بغير المأثور ومعنى التفسير بالرأي ونحوه

بعض الآثار التي تحذر من التفسير بالرأي
قوله عليه الصلاة والسلام : (من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار) رواه الترمذي
قوله عليه الصلاه والسلام :(من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)
- تحرج السلف من القول في القرآن بغير توقيف
كقوله أبي بكر الصديق : أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في القرآن برأي .
الأدلة على صحة التفسير بغير المأثور
1-لولا التفسير بغير المأثور كان التفسير مختصرا جدا في روقات قليلة
2-كثرة أقوال السلف من الصحابة ومن بعدهم في التفسير ، ولم يكن مسموعا من النبي صلى الله عليه وسلم لعدة أمور :
أ- لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا تفسير آيات قليلة كما ورد عن عائشة
ب- اختلافهم على وجوه لا يمكن الجمع بينها
ج- ما روي عن علي في صحيح البخاري : (لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا أعلمه )
د- استنباط الأحكام التشريعية خلال القرون الثلاثة الأولى هي من قبيل التفسير .
شروط التفسير الصحيح بغير المأثور :
قال الطيبي : أن يكون مطابقا للفظ من حيث الاستعمال ، سليما من التكلف والتعسف .

بالتفسير بالرأي

أسباب التحذير من التفسير بالرأي
1-أن يكون المراد بالرأي هو القول عن مجرد خاطر دون استناد إلى النظر في الأدلة .
2-أن يكون التفسير بما يخطر للمفسر دون الإحاطة بجوانب الآية ومواد التفسير .
3-أن يكون للمفسر ميل إلى مذهب أو نحلة فيتأول القرآن وفق رأيه ومذهبه ، كتفسير المعتزلة والبيانية والمنصورية .
4-أن يفسر برأي مستندا لما يقتضيه اللفظ ويزعم أنه المراد دون غيره .
5-أن يكون القصد من التحذير أخذ الحيطة في التأويل وعدم التسرع .
تفاوت العلماء في التفسير بالرأي :
فمنهم من بالغ في الورع عن التفسير بغير المأثور كالأصمعي ، والرد عليهم :
أنهم لم يضبطوا مرادهم من المأثور عم يؤثر :
1-إن أرادوا بالمأثور ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ضيقوا سعة معاني القرأن وينابيع ما يستنبط من علومه
وناقضوا أنفسهم بما دونه من التفاسير
وغلطوا سلفهم فيما تأولوه .
كما لم يقتصر الصحابة والتابعين على ما بلغهم من تفسير النبي صلى الله عليه وسلم .
2-إن أرادوا بالمأثور ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة خاصة :
لم يتسع الضيق إلا قليلا ،
أكثر الصحابة لم يروى عنه في التفسير غير شيء قليل .
3-إن أرادوا بالمأثور ما كان مرويا قبل تدوين التفاسير :
فقد فتحوا الباب من شقه ، ولا محيص لهم من الاعتراف بأن التابعين لهم أقوال في معاني القرآن لم يسندوها .
- بعض المفسرين بالمأثور : الطبري وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم .
- بعض المفسرين الذين توسعوا : الفراء وابي عبيدة والزجاج والرماني والزمخشري وابن عطية .

التفسير الباطني : هو صرف القرآن عن ظاهره إلى رموز ومعاني خفية .
من يقوم به : طائفة من غلاة الشيعة لقبهم أهل العلم بالباطنية فلقبوهم بالوصف الذي عرفوهم به
- والبعض يعرفهم بالإسماعيلية نسبة إلى جعفر بن إسماعيل الصادق .
مذهبهم : يعتقدون عصمة حعفر الصادق وإمامته بعد أبيه
وأنه لابد للمسلمين من إمام من أهل البيت يقيم الدين ويبين مراد الله .
ومذهبهم خليط من الحكمة الإشراقية والتناسخ والحلولية ، ومن طقوس الديانة اليهودية والنصرانية وبعض طرق الفلاسفة .
سبب اتخاذهم التفسير الباطني :
1-حتى لا يصفهم الناس بالتعصب إن أولوا حججهم فقط
2-الهروب من محاجة العلماء بأدلة القرآن والسنة
مثال للتفسير الباطني :
قوله تعالى : (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) : أن جبلا يقال له الأعراف هو مقر أهل المعارف الذين يعرفون كلا بسيماهم .
من أمثلة التفاسير الباطنية : تفسير القاشاني
أدلة أهل الباطن على التفسير الباطني
ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا)
ما روي عن ابن عباس : (إن للقرآن ظهرا وبطنا)
الرد على هذه الأدلة :
لم يصح منها شيء ، وإن صح عن ابن عباس فباقي كلامه : فظهره التلاوة وبطنه التأويل ، فوضح مراده .
تصدي الغزالي للباطنية :
تصدى لهم في كتابه “المستظهري” أن الباطن لا ضبط له بل تتعارض فيه الخواطر فيمكن تنزيل الآية على وجوه شتى .

التفسير الإشاري
ما يذكره بعض الصوفية في بعض آيات القرآن من معان لا تجري على ألفاظ القرآن ظاهرا ولكن بتأويل .
اختلاف العلماء في التفسير الإشاري
1-من يراه مقبولا كالغزالي
2-من يبطل كل هذه الإشارات كابن عربي
موقف المؤلف من التفسير الإشاري :
يرى أنه مقبول لعدة أسباب
1-أنهم لم يدعون أنها تفسير للقرآن وإنما يعنون أن الآية تصلح للتمثل بها ، ويكفي أنهم سموها إشارات وليست معان .
2-هنا فرق بين تغيير الظاهر والتنبيه على البواطن مع ذكر الظواهر .
رأي ابن عاشور في أن الإشارات لا تخرج عن ثلاثة أنحاء :
1-ما يجري فيه معنى الآية مجرى التمثيل لحال شبيهة بذلك المعنى
مثال : تفسير قوله (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيه اسمه) : إشارة للقلوب لأنها مواضع الخضوع لله تعالى .
2-ما كان على نحو التفاؤل ، فقد ينصرف ذهن السامع إلى معنى غير المراد .
مثال : تفسير قوله (من ذا الذي يشفع) من ذل ذي إشارة للنفس يصير من المقربين الشفعاء .
3-عبر ومواعظ
مثال : تفسير قوله : (فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا) إشارة أن القلب الذي لم يمتثل رسول المعارف تكون عاقبته وبالا .
- بيان أن كل إشارة تخرج عن حد هذه الثلاثة أحوال تقترب من التفسير الباطني .
- بيان ما لا يدخل في التفسير الإشاري
لا يدخل فيه ما يعرف في الأصول بدلالة الإشارة ، وفحوى الخطاب ، والاستغراق من لام التعريف ، ودلالة التضمن والالتزام ، ومشروعية القياس ، والمعنى المجازي ، وتنزيل الحال منزلة المقال .
السبب في ذلك : أن كل هذا مما قامت فيه الدلالة العرفيه مقام الوضعية ، واتحدت فيه أفهام أهل العربية .
- التحذير من تفسير الكتاب والقول فيه بغير مستند من نقل صحيح عن أساطين المفسرين ، أو إبداء تفسير أو تأويل من قائل توفرت فيه شروط الضلاعة في باقي العلوم .
- بيان وجوب تصدي العلماء لمن يفسر القرآن على ضعف كفاية لهذا العمل الجليل .

المقدمة الرابعة
فيما يحق أن يكون غرض المفسر
المقصد الأعلى لنزول القرآن :
1-إصلاح الأحوال الفردية ، ويعتمد على : تهذيب النفس بصلاح الاعتقاد والعبادات الظاهرة والباطنة
2-إصلاح الأحوال الجماعية ، ويعتمد على : إصلاح الإفراد ، وضبط معاملاتهم مع بعضهم البعض .
3-الإصلاح العمراني ، ويعتمد على : رعاية المصالح الكلية والجامعة ، وضبط تصرف الجماعات والأقاليم مع بعضها .
الحكمة من اختيار الله للسان العربي مظهرا للوحي :
1-كون اللسان العربي أفصح الألسن وأسهل انتشارا
2-أكثرها تحملا للمعاني مع إيجاز اللفظ
3-سلم الأمة العربية من آفة الرأي عند المجادلة
4-عدم التكالب على الرفاهية
- بيان صلاح القرآن لكل الأمم مع مراعاة أحوال العرب ومخاطبتهم بالقرآن ابتداء
المقاصد الأصلية التي جاء القرآن لتبيانها :
1 - إصلاح الاعتقاد الذي هو أعظم سبب لإصلاح الخلق .
الدليل :(فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب) .
2- تهذيب الأخلاق
الدليل : (وإنك لعلى خلق عظيم)
3- التشريع
الدليل : (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله)
4- سياسة الأمة وصلاحها
الدليل : (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)
5- القصص وأخبار الأمم السابقة للتأسي بصالح أحوالهم .
الدليل : (نحن نقص عليك أحسن القصص)
6- التعليم بما يناسب المخاطبين ، وما يؤهلهم لتلقي الشريعة ونشرها
الدليل : (يؤتي الحكمة من يشاء)
7- المواعظ والإنذار والتبشير
الدليل : جميع آيات الوعد والوعيد
8- الإعجاز بالقرآن ليدل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم
الدليل : (قل فأتوا بسورة مثله) .

غرض المفسر
- بيان ما يصل إليه وما يقصده مراد الله في كتابه بما يحتمله المعنى ولا يأباه اللفظ .
اختلف المفسرون في تفسيرهم للقرآن على عدة طرق :
1-الاقتصار على الظاهر من المعنى الأصلي
2-استنباط معان من وراء الظاهر يقتضيها دلالة اللفظ أو المقام ، فيصح للمفسر أن يفرع ويفصل في الأحكام والأخلاق والآداب مما يخدم المقاصد القرآنية ، كما استنبط الغزالي آداب المعلم والمتعلم من قصة موسى مع الخضر .
3-جلب المسائل وتبسيطها لمناسبة بينها وبين المعنى ، أو زيادة فهم للمعنى ، أو التوفيق بين المعنى وبين بعض العلوم ، فيصح للمفسر أن يجلب مسائل علمية من علوم لها مناسبة بمقصد الآية ، وهذا يكون بطريقتين :
الأولى : إما أن معنى الآية يشير لبعض هذه العلوم ، كتقسيم علوم الحكمة ومنافعها من قوله تعالى : (ومن يؤت الحكمة )
الثانية : وإما على وجه التوفيق بين المعنى القرآني وبين المسائل الصحيحة من تلك العلوم ، كقول : فناء العالم يكون بالزلازل يؤخذ من قوله (ويوم نسير الجبال) .
رأي العلماء في سلوك هذه الطريقة :
1-من يرى أنه من الحسن التوفيق بين العلوم الغير دينية وبين المعاني القرآنية ، كابن رشد والشيرازي والغزالي وابن العربي ، وذلك بشروط :
أن لا يخرج عما يصلح له اللفظ العربي ، ولا يبعد عن الظاهر إلا بدليل المعنى الأصلي ، ولا يكون تكلفا بينا ولا خروج عنه .
2-من لا يجوز ذلك كالشاطبي
وحجته : أ- لا يصح في مسلك الفهم والإفهام إلا ما يكون عاما لجميع العرب
ب- تجاوز كثير من الناس الحد فأضافوا إلى القرآن كل علم يذكر .
ج- لم يصح عن السلف تكلمهم بهذه العلوم سوى ما ثبت فيه من أحكام التكاليف والآخرة .
- بيان بطلان المؤلف لهذا الرأي من ستة أوجه :
1-أن تلك الدعوى تقتضي أن القرآن لم يقصد منه تغيير حال العرب إلى حال آخر ، وهذا يخالف قوله (تلك من أنباء الغيب ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا)
2-أن القرآن معجزة باقية وعامة لكل العصور
3-قول السلف في القرآن (لا تنقضي عجائبه ) أي معانيه
4-من تمام إعجازه أن يتضمن معاني كثيرة مع إيجاز لفظه
5-أن المعنى الأصلي يكون مفهوم للمخاطبين به ابتداء ، أما ما زاد على ذلك فيختلف من أمة لأمة .
6-عجم وقوف السلف عند ظواهر الآيات ، بل فصلوا في علوم عنوا بها بما يناسب مقاصدها ، فلا يمنعنا ذلك من تقفي آثارهم في علوم أخرى تخدم المقاصد القرآنية .
- بيان انكار ابن العربي في العواصم التوفيق بين العلوم الفلسفية والمعاني القرآنية لما خولطت به الفلسفة من ضلالات اعتقادية .
- رد المؤلف على ابن العربي :
العلوم بالقرآن على أربع مراتب :
1-علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم والتشريع
2-علوم تزيد المفسر علما كالحكمة .
3-علوم أشار إليها القرآن أو جاءت مؤيدة له كعلم الطب والمنطق
4-علوم لا علاقة لها به إما لبطلانها كالزجر أو لأنها لا تعين على خدمته كالعروض والقوافي .
معرفة ما سبق من مقدمات يعين على ما يلي :
1-معرفة غاية المفسر من التفسير
2-معرفة المقاصد التي نزل القرآن ليبينها تبين غاية المفسرين من التفسير على اختلاف طرقهم .
3-معرفة مقدار ما أوفى به المفسر من مقصده ومقدار ما تجاوزه .
4-التفريق بين من يفسر القرآن بما يخرج عن الأغراض المرادة منه ، ومن يفصل معانيه تفصيلا .

المقدمة الخامسة
في أسباب النزول
المراد بأسباب النزول : هي حوادث يروى أن آيات القرآن نزلت لأجل بيان حكمها أو لحكايتها أو إنكارها ونحو ذلك .
- بيان الغرض الذي دعى المؤلف للحديث عن أسباب النزول :
شدة الحاجة لتمحيص ما ورد فيه إذا أنه دائر بين القصد والإسراف ، وغض الطرف عنه أو المبالغة فيه خطر عظيم في فهم القرآن .
أهمية أسباب النزول للمفسر
1-فيها بيان مجمل أو أيضاح خفي وموجز
2-منها ما يكون وحده تفسيرا
3-منها ما يدل المفسر على طلب الأدلة التي بها تأويل الآية مثل حديث عروة بن الزبير في تفسير قوله (إن الصفا والمروة )
4-منها ما ينبه المفسر إلى أدراك خصوصيات بلاغية تتبع مقتضى المقامات .
5-من فوائد أسباب النزول أنه يدل على إعجازه من ناحية الارتجار ، كإحدى طرق بلغاء العرب في أقوالهم ، وهذا يقطع دعوى أنه أساطير الأولين .
أقسام أسباب النزول :
1-منه ما يتوقف فهم المراد من الآية على علمه ، مثال قوله تعالى : (قد سمع الله قول التي تجادلك )
2-منها ما هو حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام ، لكنها لا تبين مجملا ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد ، كحديث عويمر العجلاني الذي نزلت فيه آية اللعان
3-منها ما هو حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها مثل حديث عبدالله بن مسعود في قوله (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا)
4-منها ما هو حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة عليها ، فيتوهم أنها هي المقصود من الآيات وهذا غير صحيح .
مثال : حديث ابن عباس في قوله (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا)
- بيان المراد من قول الصحابي أو التابعي نزلت الآية في كذا :
قال السيوطي : فإنه يريد أن الآية تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها .
قال ابن تيمية : البخاري يدخل هذا في المسند ، وأكثر أهل المسانيد لا يدخلونه فيه إلا إذا ذكر سبب نزلت عقبه فكلهم يدخلونه .
5-قسم يبين مجملات ويدفع متشابهات
مثل قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فإولئك هم الكافرون) وقسم لا يبين مجملا ولا يؤول متشابها ولكنه يبين وجه تناسب الآية بعضها مع بعض
مثال : قوله (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء)
- بيان أن القرآن كتاب هدى
أ- فيكون الرد قبل الحاجة
ب- ويكونه مخاطبا به قوم على وجه الزجر أو الثناء .
ج - يكون مخاطبا به جميع من يصلح لخطابه .
أسباب مجيء القرآن بكليات تشريعية وتهذيبية
1-ليكون وعي الأمة لدينها سهلا عليها
2-ليمكن تواتر الدين
3-ليكون لعلماء الأمة مزيد استنباط
- لا يجوز حمل كلمات القرآن على خصوصيات جزئية أو تعميم ما قصد منه الخصوص أو إطلاق ما قصد منه التقييد .

المقدمة السادسة في القراءات
سبب تعرض المؤلف للقراءات
عناية كثير من المفسرين بذكر اختلاف القراءات ، ولأنه علم مستقل خص بالتدوين والتأليف ، ولمعرفة مقدار تعلق اختلاف القراءات بالتفسير ومراتب القراءات قوة وضعفا .

حالات القراءات :
الحالة الأولى : لا تعلق لها بالتفسير بحال ، وهي اختلاف القراء في وجوه النطق بالحروف والحركات وفي تعدد وجوه الإعراب
أهمية هذه الحالة : حفظت لأبناء العربية كيفية نطق العرب بالحروف من مخارجها وصفاتها وبيان اختلاف العرب في لهجات النطق ، وبيان وجوه الإعراب في العربية .
- بيان كيفية قراءة أئمة القراء للقرآن
- قرأوا بلهجات العرب الذين كانوا بين ظهرانيهم قبل ورود مصحف عثمان ، فقرأ كل فريق بعربية قومه في وجوه الأداء دون مخالفة مصحف عثمان .
- يحتمل أن يكون القارئ الواحد قرأ بوجهين ليري صحتهما في العربية ، ولذا يجوز أن يكون اختيار القراء اختيارا .
- جمع عثمان للمصحف
أمر عثمان بكتابة المصحف وحمل الناس على اتباعه وترك ما خالفه ، وحرق جميع المصاحف المخالفة له ، ووافقه جمهور الصحابة ، لذا فهو مجمع عليه وعلى كل قراءة توافقه ، وصار كل ما خالفه متروكا .
شروط القراءة الصحيحة :
اتفق علماء القراءت والفقهاء على شروط للقراءة الصحيحة وهي :
1-كل قراءة وافقت وجها في العربية
2-ووافقت خط المصحف العثماني
3-صح سند راويها
- كل قراءة خالفت هذه الشروط فهي شاذة
- بيان أن القراء العشر هم من انحصر توافر هذه الشروط في روايتهم .
حكم القراءات التي دون العشر والغير متواترة
قال مالك والشافعي : لا تجوز القراءة بها ولا أخذ حكم منها لمخالفتها المصحف ولأنها غير متواترة .
ولا يجوز لمن لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم القراءة بها حتى لو كانت بأسانيد صحيحة في كتب الصحاح .
- بيان ما أطلق عليه قراءة النبي صلى الله عليه وسلم
هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد صحيحة ولكنها غير متواترة .
- سبب تسميتها بذلك
لأنها غير منتسبة لأحد من أئمة الرواية في القراءات ، وأطلاق هذه التسمية خطأ لأنه يوهم من ليسوا من أهل العلم أن غيرها لم يقرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم .

الحالة الثانية :
هي اختلاف القراءة في حروف الكلمات مثل (ملك) و(مالك) ، أو اختلاف الحركات التي تغير معنى الفعل مثل (يصدون) بضم الصاد وكسرها ، وهي لها تعلق بالتفسير لأن ثبوت أحد اللفظين يبين المراد من نظيره في القراءة الأخرى ، أو يثير معنى غيره ، ويكثر المعاني في الآية الواحدة .
كيفية الجمع بين القراءتين :
الراجح : أن الوحي نزل بالوجهين وأكثر لتكثر المعاني ، ويكون ذلك مجزئا عن آيتين فأكثر .
- بيان المؤلف أن على المفسر أن يبين اختلاف القراءات المتواترة لأن في اختلافها توفيرا لمعاني الآية غالبا .
- بيان أن اختلاف القراءات ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
الدليل : حديث عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم .
موقف العلماء من حديث عمر مع هشام بن حكيم
اختلف العلماء على قولين :
أولا : منهم من اعتبر الحديث منسوحا
من قال بذلك : ابن عبدالبر والباقلاني وبن العربي والطبري والطحاوي .
الحجة في ذلك : أن ذلك كان رخصة في أول الإسلام ثم نسخ بحمل الناس على لغة قريش .
- تحديد معنى الرخصة بسبعة أحرف على ثلاثة أقوال :
1-أن المراد بالأحرف الكلمات المترادفة للمعنى الواحد ، وعلى هذا يكون المراد بالسبعة أحرف حقيقة العدد ، فلا يتجاوز سبعة مرادفات أو سبع لهجات أي من سبع لغات ، وهو قول الجمهور .
- اختلف من قال بهذا القول في تعيين اللغات السبع على أقوال :
أ- قال أبو عبيدة وأبو حاتم والباقلاني : هي عموم لغات العرب - قال ابن عبدالبر وابن قتيبة وأبو علي الأهوازي : هي لغات قبائل من مضر .
2-أن العدد غير مراد به حقيقته ، بل هو كناية عن التعدد والتوسع ، وكذلك المفردات ولو من لغة واحدة ، وهو قول عياض وجماعة .
3-أن المراد التوسعة في نحو (كان الله سميعا عليما) أن يقرأ (عليما حكيما) ما لم يخرج عن المناسبة .

ثانيا : منهم من اعتبر الحديث محكما غير منسوخا ، واختلفوا في تأويله على أقوال :
1-المراد بالأحرف أنواع أغراض القرآن كالأمر والنهي والحلال والحرام والخبر والإنشاء والحقيقة والمجاز وغير ذلك ، وهو قول البيهقي وأبو الفضل الرازي وجماعة .
- وكل ذلك لا يناسب سياق الحديث على اختلاف رواياته من قصد التوسعة والرخصة .
2-المراد أنه أنزل مشتملا على سبع لغات من لغات العرب مبثوثة في القرآن لكن لا على تخيير القارئ .
وهو قول أبو عبيدة وثعلب والأزهري وعزي لابن عباس
- وهذا الجواب لا يناسب الحديث من قصد التوسعة ولا يستقيم من جهة العدد ، إذ ذكر المحققون أن في القرآن كلمات لأكثر من خمسين لغة كما ذكر السيوطي
3-المراد هو لهجات العرب في كيفيات النطق كالفتح والإمالة والمد والقصر على معنى أن ذلك رخصة للعرب مع المحافظة على كلمات القرآن .
- قال المؤلف : وهذا أحسن الأجوبة ، ويحتمل أن يكون قرأ هشام على غير ترتيب الآيات التي قرأ بها عمر فتكون تلك رخصة لهم .

الفرق بين القراءات السبع والأحرف السبع
- أجمع العلماء أن القراءات السبع مختلفة عن الأحرف السبع لعدم وجود دليل يدل على انحصار القراءات في سبع .
- ذكر السيوطي أن ابن جبير المكي اقتصر في تصنيفه على خمسة أئمة لأن المصاحف التي أرسلها عثمان كانت إلى خمسة أمصار .
- أول من جمع القراءات في سبع هو ابن مجاهد وذلك على رأس الثلاثمائة .
مراتب القراءات الصحيحة والترجيح بينها
- القراءات التي لا تخالف ألفاظ مصحف عثمان هي متواترة وإن اختلف الأداء ، فخرج بذلك ما كان مخالفا كقراءة ابن مسعود .
- أقواها سندا ما كان له راويان عن الصحابة مثل قراءة نافع ، وهي غير متواترة ، ولكن اللفظ المقروء ثابت بالتواتر .
اختلف العلماء في حكم التواتر :
قال إمام الحرمين : هي متواترة ، ورد ذلك الإبياري
قال المازري : هي متواترة عند القراء وليست متواترة عند عموم الأمة .
- تنتهي أسانيد القراءة العشر لثمانية من الصحابة هم :
عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب وأبو الدرداء وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري .
- أما وجوه الإعراب فأكثرها متواتر إلا ما ساغ فيه إعرابان مع اتحاد المعاني مثل (وزلزلوا حتى يقول الرسول) برفع يقول ونصبها .
- ما خالف الوجوه الصحيحة في العربية ففيه نظر لأننا لا ثقة لنا بانحصار فصيح كلام العرب .
- إبطال كثير مما زيفه الزمخشري من القراءات المتواترة بعلة أنها جرت على وجوه ضعيفة في العربية .
بيان أن القراءات العشر الصحيحة قد تتفاوت في اشتمال خصوصيات البلاغة أو الفصاحة أو كثرة المعاني أو الشهرة .
- قد يرجح العلماء بعض القراءات على غيرها كالطبري والزمخشري .
هل ترجيح بعض القراءات يعني أن تكون الراجحة أبلغ أو أن المرجوحة أضعف أعجازا ؟
حد الإعجاز هو مطابقة الكلام لمقتضى الحال ولا يقبل التفاوت ، وعليه يجوز أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز أن يقرأ بالمرادف تسيرا على الناس ، فتكون الراجحة هي البالغة غابة البلاغة ، والأخرى توسعة ورخصة ، كما أن الإعجاز لا يلزم أن يتحقق في كل آية ، بل كان في مقدار السورة .
مذهب المؤلف في تفسيره :
اقتصر على التعرض لاختلاف القراءات العشر المشهورة
بنى أول التفسير على قراءة نافع برواية عيسى بن مينا الملقب بقالون ، ثم يذكر خلاف بقية القراء العشرة خاصة .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 محرم 1440هـ/18-09-2018م, 10:36 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

فهرسة مسائل القسم الأول من مقدمة التحرير والتنوير

خطبة المصنف :
فضائل القرآن :
-تشريع عام .
- كتاب معصوم .
-معجزالبيان .
-مصدق للرسالات السابقة .
- الذي يحكم به من الكتب .
-فيه الوعظ والوعد والثواب .
-وشهد له المؤمن والعاصي والكافر.
-وفيه البراهين الواضحة ، والدلائل .
-وأنزل على أفضل البشر وبشر به وحكم به .
طرق بيان القرآن :
-النبي صلى الله عليه وسلم يفسره للناس .
- كان الصحابة يفسرونه للناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
- كان العلماء يفسرونه للناس من بعدهم .

طرق معرفة مافي القرآن :
1) التدبر .
أهميته :تفهم القرآن مع قلة القراءة أفضل من كثرة القراءة بدون تفهم .
2) معرفة التفسير .


الهدف من التأليف :
-لأنه وجد في القرآن مصالح الدين والدنيا .
-ولأنه فيه ربط العبد بربه .
- لأن فيه كليات العلوم وفيها الاستنباطات .
- وفيها من البلاغة التي يستفاد فيه في العلم .
- ولأن فيه مكارم الأخلاق .


سبب تردده في التفسير :
-خشية أن يتعرض لمتاعب فلا يقدر عليها .
-خشية أن يحصل فلتات منه في سوء الفهم .

مراحل اتخاذ القرار :
- كان يحادث الإخوان والأصحاب ، ويضرب لهم المثل بأبي الوليد ابن رشد في كتاب "البيان".
- أخذ فترة طويلة وهو يتمنى .
- عزم الأمر وصارت معه همة .
- استعان بالله واستخار .
- أقدم على الأمر بشجاعة .

منهجه في التفسيروأسلوبه :
- بذل الوسع في تحري الصواب .
- التركيز على نكت القرآن التي لم يسبقه فيه أحد ؛ فركز على الكشف عن نكت من معاني القرآن وإعجازه.
- عدم الاقتصارعلى الحديث المعاد في كلام المفسرين ، والحكم فيه .
- أخذ ما أشار بها الأولون مع التهذيب والزيادة فيه .
- بيان وجوه الإعجاز ونكت البلاغة العربية وأساليب الاستعمال.
- بيان مناسبة كل آية .
- بيان الأغراض التي في كل سورة .
- بيان المفردات في اللغة العربية .
- استعمال أساليب الفصيح في اختصار المطولات.
- التعرض على القراءات العشر المشهورة المتواترة .
- بنى أول تفسيره على على قراءة نافع برواية عيسى ابن مينا المدني الملقب بقالون لأنها القراءة المدنية إماما وراويا ولأنها التي يقرأ بها معظم أهل تونس، ثم يذكر خلاف بقية القراء العشر .


أهم التفاسير الذي رجع إليه فيه تأليفه :
- تفسير "الكشاف".
- و"المحرر الوجيز"لابن عطية .
- "وتفسير البيضاوي"
مفاتيح الغيب" لفخر الدين الرازي.
"تفسير الشهاب الآلوسي"
- ما كتبه الطيبي والقزويني والقطب والتفتزاني على "الكشاف".
- ما كتبه الخفاجي على "تفسير البيضاوي".
- "تفسير أبي السعود"
- "تفسير القرطبي"
- "تفسير الإمام محمد ابن جرير الطبري.
- كتاب "درة التنزيل" المنسوب لفخر الدين الرازي، وربما ينسب للراغب الأصفهاني.

معنى اسم الكتاب :
التحرير والتنوير : تحرير المعنى السديد، وتنوير العقل الجديد.


المقدمة الأولى :

علم القرآن :
أقسام علوم القرآن :
أولا : علوم متعلقة باللفظ ، كعلم القراءات.
ثانيا: علوم متعلقة بالمعنى ، كعلم التفسير .
.

تعريف علم التفسير :
معنى العلم :
لغة :
- يطلق على الإدراك وهو يقابل الجهل .
عند أهل المنطق :
- العلم إما تصور وإما تصديق.
- وإما يراد به العقل .
- وإما يراد به التصديق الجازم .
- وإما أن يراد بالعلم المسائل المعلومات.

معنى التفسير :
لغة :
مصدر فسر بتشديد السين الذي هو مضاعف فسر بالتخفيف من بابي نصر وضرب الذي مصدره الفسر، وكلاهما فعل متعد فالتضعيف ليس للتعدية.
اصطلاحا :
هو اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن وما يستفاد منها باختصار أو توسع.
مسائل استطرداية :
الفرق بين التخفيف والتشديد :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : أن التخفيف والتشديد نفس المعنى .
القول الثاني : أن التخفيف للمعاني ، وأما التشديد للأجسام ولزيادة المعنى وقوته ؛ فالمعاني اللطيفة يناسبها التخفيف ، وأما الأجسام كثيفة فيناسبها التشديد .

الاختلاف على الفعل المضاعف :
القول الأول : الفعل المضاعف للتعدية .
اختلفوا في المعنى الذي تفيده :
1) للتكثير .
2) لايفيد التكثير .
الصواب في ذلك :
هو القول الأول لوجوه :
-أن المتكلم قد يعدل عن تعدية الفعل بالهمزة إلى تعديته بالتضعيف لقصد الدلالة على التكثير .
-وأن المضاعف تدل على التكثير عندما يكون الفعل لازما ، وكذلك يكون حاله عندما يكون الفعل متعدي .
القول الثاني : الفعل المضاعف ليس للتعدية .
ويدل على التكثير .

الفرق بين معنى التأويل والتفسير :
اختلف العلماء على هذا على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أنه مساوٍ لمعنى التفسير ، وهو قول ثعلب وابن الأعرابي وأبو عبيدة ، وهو ظاهر كلام الراغب الأصفهاني .
القول الثاني : أنه أخص من معنى التفسير ، وقال أن التأويل صرف اللفظ عن ظاهر معناه إلى معنى آخر محتمل لدليل فيكون هنا بالمعنى الأصولي.
مثاله : إذا فسر قوله تعالى: {يخرج الحي من الميت} بإخراج الطير من البيضة، فهو التفسير، أو بإخراج المسلم من الكافر فهو التأويل.
القول الثالث:أنه مختلف عن معنى التفسير ؛ فجعل التفسير للمعنى الظاهر والتأويل للمتشابه.
والراجح هو القول الأول ؛ بسبب دلالة اللغة والآثار التي تدل عليه .
ففي اللغة التأويل هو : مصدر أوله إذا أرجعه إلى الغاية المقصودة، والغاية المقصودة من اللفظ هو معناه وما أراده منه المتكلم به من المعاني، وبهذا يتساوى مع معنى التفسير ،ولكن لا يطلق إلا الذي فيه معنى خفي .
قال الله تعالى: {هل ينظرون إلا تأويله} أي ينتظرون إلا بيانه الذي هو المراد منه، وقال صلى الله عليه وسلم في دعائه لابن عباس: ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل))، أي فهم معاني القرآن.

موضوع التفسير :
ألفاظ القرآن من حيث البحث عن معانيه، وما يستنبط منه.

مباحث علم التفسير :
- تفسير الألفاظ : وهو من قبيل التعريف اللفظي .
مثاله : قوله تعالى: {مالك يوم الدين} هو يوم الجزاء.
- استنباط المعاني : وهي من دلالة الإلتزام .
مثاله : قوله تعالى: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} مع قوله: {وفصاله في عامين} يؤخذ منه أن أقل الحمل ستة أشهر عند من قال ذلك.

أوجه استقلالية تفسير الألفاظ كعلم :
1-أن مباحثها يؤدي إلى استنباط علوم كثيرة ، وقواعد كلية .
أمثلة على القواعد الكلية :
- قواعد النسخ عند تفسير قوله تعالى : {ما ننسخ من آية}.
-قواعد التأويل في التقرير الذي في قوله تعالى : {وما يعلم تأويله}.
-وقواعد المحكم في التقرير الذي في قوله تعالى : {منه آيات محكمات}.
2-أن التفسير لايشترط فيها أن تكون مسائلها قضايا كلية ، ويكفي أن تكون مباحثها مفيدة ، ويكون فيها بيان مراد الله تعالى .
3-يرى بعض المحققين أن تعريفاتها اللفظيه تصديقات وهي تؤول إلى قضايا ، وتفرع المعاني عنها نزلها منزلية الكلية .
4-إن علم التفسير لا يخلو من قواعد كلية في أثنائه.

أمثلة على علماء اعتنوا بالقواعد الكلية :
- ابن فارس في الإتقان .
- أبو البقاء الكفوي في كلياته.
5- أن حق التفسير أن يشتمل على بيان أصول التشريع وكلياته.
6- أنه أول ما اشتغل به علماء المسلمين قبل تدوين بقية العلوم .

تاريخ علم التفسير :
نشأة هذا العلم :
- بدأ ظهوره من عهد النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان الصحابة يسألون النبي صلى الله عليه وسلم .
مثاله : سؤال عمر بن الخطاب عن آية الكلالة .
- ثم ظهر المفسرون من الصحابة منهم علي بن أبي طالب وابن عباس ، وزيد بن ثابت ، وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم .
- ولما زادت الفتوحات وظهرالذي لا يعرف العربية ،فاحتاجوا لبيان معاني القرآن للتصدي لذلك .
- وظهر المفسرون من التابعين ، وكان من أشهرهم : مجاهد وابن جبير.

فضل علم التفسير ومنزلته :
-من أصول العلوم الشرعية ، لما فيها من بيان مراد الله .
- هي رأس العلوم الإسلامية وأشرفها.
- وإن أخذ من جهة علم أصول الفقه فيعد من متممات العلوم الشرعية .

التصنيف في هذا العلم :
أول من صنف في هذا العلم :
أول من صنف فيه عبد الملك بن جريج المكي المولود سنة 80 هـ والمتوفى سنة 149 هـ:
صنف كتابه في تفسير آيات كثيرة .
وجمع فيه آثارا وغيرها وأكثر روايته عن أصحاب ابن عباس مثل عطاء ومجاهد.

التصانيف الذي جاءت بعده :
اختلفت التصانيف بحسب المسلك :
أولا : منهم من سلك مسلك الرواية عن الصحابة .
مثالهم :
-"تفسير محمد بن السائب الكلبي" المتوفى سنة 146 هـ:
-صنف تفسيرا ونسبه إلى ابن عباس .
- قيل: إن الكلبي كان من أصحاب عبد الله بن سبأ اليهودي الأصل.

الرويات الصحيحة والغير صحيحة :
المرويات الغير صحيحة عن ابن عباس :
- من طريق أبي صالح عن ابن عباس ، لكن أبي صالح متهم بالكذب.
- وروى من طريق محمد بن مروان السدي، وهو أيضا متهم بالكذب .
المرويات الأخرى اسندت إلى ابن عباس :
-أصحها رواية علي بن أبي طلحة، وهي التي اعتمدها البخاري في كتاب التفسير.
- رواية مقاتل ورواية الضحاك، ورواية علي بن أبي طلحة الهاشمي كلها عن ابن عباس.
المرويات التي أسندت إلى علي :
أكثرها من الموضوعات، إلا ما روي بسند صحيح، مثل ما في صحيح البخاري ونحوه.

ثانيا : ومنهم من سلك مسلك النقل عن السلف :
أول من صنف في هذا :
- مالك ابن أنس.
- الداودي تلميذ السيوطي في طبقات المفسرين.
أشهرهم فيما بين أيدي الناس :
محمد بن جرير الطبري.

ثالثا : ومنهم من سلك مسلك النظر.
مثالهم :
- أبي إسحاق الزجاج.
- أبي علي الفارسي.
عيوبهم :
- كثرة القصص الإسرائيلية .
- كثرة في كتبهم الموضوعات .
- العلامة أبو القاسم محمود الزمخشري، صاحب "الكشاف"
- الشيخ عبد الحق بن عطية، فألف تفسيره المسمى بـ"المحرر الوجيز".
ميزتهما :
-الإتيان بشواهد من كلام العرب .
- التركيز على الناحية اللغوية والبلاغية ، وهذا ملاحظ أكثر مع الزمخشري .
- العناية من ناحية الشريعة ، وهذا ملاحظ بالذات مع ابن عطية .

المقدمة الثانية :

استمداد علم التفسير :
العلوم التي يستمد منها علم التفسير :
-علوم العربية : فالمراد منها معرفة مقاصد العرب من كلامهم وأدب لغتهم .
أهميته :
- لأن القرآن عربي وقد نزل القرآن بلغتهم .
طرق معرفة علوم العربية :
أولا : السجية : وهي المعرفة الحاصلة بسب أنها لغتهم .
وسائله : الخطب ، والأشعار ، ومعرفة العوائد ،معرفة الأمثال ، والمحادثات ، وما يؤثر عن السلف .
مثال على الاستشهاد من كلام العرب :
- تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء}
فالإشكال في نوع العطف ( ولا نساء ) ، على ( قوم ) ، هل هو عطف مباين أو عطف خاص على عام ؟
فاستشهد المفسر في ذلك بقول زهير:
وما أدري وسوف إخال أدري = أقوم آل حصن أم نساء.
فيكون العطف عطف خاص على العام .
- تفسير قوله تعالى: {وامسحوا برؤوسكم} وتردد عنده احتمال أن الباء فيه للتأكيد أو أنها للتبعيض أو للآلة.
فإذا استشهد له على ذلك بقول النابغة:
لك الخير إن وارت بك الأرض واحدا = وأصبح جد الناس يظلع عاثرا
وقول الأعشى:
فكلنا مغرم يهوى بصاحبه = قاص ودان ومحبول ومحتبل.
ومن هنا يترجح أن الباء هنا للتأكيد .
- روى أئمة الأدب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ على المنبر قوله تعالى: {أو يأخذهم على تخوف} ثم قال: ما تقولون فيها? أي في معنى التخوف، فقام شيخ من هذيل فقال: هذه لغتنا، التخوف التنقص، فقال عمر: وهل تعرف العرب ذلك في كلامها? قال: نعم. قال: أبو كبير الهذلي:
تخوف الرحل منها تامكا قردا = كما تخوف عود النبعة السفن
فقال عمر: "عليكم بديوانكم لا تضلوا، هو شعر العرب فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم"

ثانيا : التلقي : فهو عن طريق تعلم قواعد اللغة العربية وهي : متن اللغة، والتصريف، والنحو، والمعاني، والبيان، واستعمالات العرب وأفهام أهل اللسان لمعاني الآيات.

أهمية علم البيان وعلم المعاني :
-ويفيد علم البيان والمعاني في إظهار خصائص البلاغة القرآنية .
-اظهار ما تشمل عليه الآيات من معاني .
- إظهار وجه الإعجاز .
- يتعلق بتمام معرفة مراد الله ، كما ذكر ذلك السكاكي .
- أن عدم معرفة هذين العلمين يؤدي إلى الخطأ غالبا في تفسير القرآن ، وقد ذكر ذلك الجرجاني .
- عدم معرفته يؤدي إلى التوهم في الألفاظ المجازية ، فيؤدي إلى فساد المعنى وابطال الغرض ، وقد ذكر عن ذلك عبد القاهر في دلائل الإعجاز .


- علم الآثار:
ويشمل :
- ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم :بيان مواضع الإشكال والإجمال.
مثاله : بينه لعدي بن حاتم الخيط الأبيض والخيط الأسود أنه سواد الليل وبياض النهار .
- ما نقل عن الصحابة : من بيان سبب النزول ، وتوضيح واقعة، تفسير مبهم ، والناسخ والمنسوخ .
مثاله :
- المراد من المغضوب عليهم اليهود ومن الضالين النصارى.
- قوله تعالى: {ذرني ومن خلقت وحيدا}، المراد به الوليد بن المغيرة المخزومي أبا خالد بن الوليد.
- المراد من قوله تعالى: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا} الآية، العاصي بن وائل السهمي في خصومته بينه وبين خباب بن الأرت كما في صحيح البخاري.
- الإجماع : أي اجماع الأمة على تفسير معنى ، وهي التي تكون معلومة بالضرورة :
مثاله :
- الإجماع على أن المراد من الأخت في آية الكلالة الأولى هي الأخت للأم.
-والإجماع على أن المراد من الصلاة في سورة الجمعة هي صلاة الجمعة.
- أخبار العرب :
أهميته :
-يستعان بها على فهم الموجز من القرآن .
- التعرف على دقائق المعاني بمعرفة الأخبار .

مثاله :
قوله: {قتل أصحاب الأخدود} يتوقف على معرفة أخبارهم عند العرب.

- أصول الفقه .
أهميته :
- تحوي مسائل كثيرة ، بالإضافة إلى فهم موارد اللغة ،مثل :مفهوم المخالفة ومسائل الفحوى .
- يساعد على ضبط قواعد الاستنباط .

- علم الكلام .
أهميته :
فيه قولان :
القول الأول : لتوقف علم التفسير على اثبات كونه تعالى متكلما ، وهو قول عبد الحكيم .
القول الثاني : لتوقف علم التفسير على فهم مايجوز على الله ويستحيل على الكلام ،مثل آيات التشابه في الصفات ، قال ذلك الألوسي .
والأقرب هو القول الأول .
وكلا القولين فيه اشتباه ، ويحتاج علم الكلام إلى التوسعة في إقامة الأدلة على استحالة بعض المعاني ، لذلك فالذي يحتاج له توسع لايصير مادة التفسير .

- علم القراءات :
أهميتها :
- يحتاج إليها في الاستدلال بالقراءة على تفسير غيرها.
- أو لترجيح أحد المعاني .
- أو لاستظهار المعنى .

شروط حجية القراءة :
- أن تكون قراءة مشهورة غير شاذة .
- يشترط في القراءة الشاذة أن تكون سليمة لغويا لتكون حجة .
مثال:
أصل {الحمد لله} أنه منصوب على المفعول المطلق بقراءة هارون العتكي (الحمدَ لله) بالنصب كما في الكشاف.
لذلك القراءة لا تعد تفسيرا من حيث هي طريق في أداء ألفاظ القرآن، بل من حيث أنها شاهد لغوي، احتجتنا للرجوع إلى اللغة .

الذي لا يستمد منه علم التفسير بلا خلاف :
- الفقه .
- الآثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم و الصحابة في تفسير الآيات .
- تفسير القرآن بالقرآن .

السبب في عدم اعتباره مددا :
لأنه من التفسير وليس من المدد .
وأما الفقه فلعدم توقف فهم القرآن على مسائل الفقه .

مسألة استطرادية :
المراد بالاستمداد :
التوقف على معلومات سابقة في تدوين العلم .
وسبب تسميته استمداد :
من المدد العون والغوث ، والسين والتاء للدلالة على الطلب ،فشبه احتياج العلم لتلك المعلومات بطلب المدد.

مسألة حمل القرآن كله كالسورة الواحدة:
- ذكر ابن هشام، في مغني اللبيب، في حرف لا، عن أبي علي الفارسي، أن القرآن كله كالسورة الواحدة، ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابه في سورة أخرى.
الرد على هذا :
هذا كلام لا يحسن إطلاقه، لأن القرآن قد يحمل بعض آياته على بعض وقد يستقل بعضها عن بعض.

المقدمة الثالثة:

صحة التفسير الغير مأثور :
حكم التفسير بالرأي المجرد :
لايجوز ، لأنه جاءت الأدلة بالتحذير من ذلك .

الأدلة على لذلك :
رواه الترمذي عن ابن عباس أن رسول الله قال: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار))،
وفي رواية: ((من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)).
والحديث الذي رواه أبو داود والترمذي والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ".

موقف الصحابة من التفسير بالرأي :
-ورد تحاشي بعض السلف عن التفسير بغير توقيف .
الدليل :فقد روي عن أبي بكر الصديق أنه سئل عن تفسير الأب في قوله {وفاكهة وأبا }. فقال: "أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني إذا قلت في القرآن برأيي".
ويروى عن سعيد بن المسيب والشعبي إحجامهما عن ذلك.

تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن :
- لم يفسر الرسول صلى الله عليه وسلم كل القرآن بل فسر آيات معدودة منه ، لحديث عائشة .
سماع الصحابة للتفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم :
- لم يثبت سماع الصحابة من الرسول صلى الله عليه وسلم لكل القرآن .
السبب :
ذكر الغزالي والقرطبي الأوجه :
أولا : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه من التفسير إلا تفسير آيات قليلة وهي ما تقدم عن عائشة.
ثانيا : أنهم اختلفوا في التفسير على وجوه مختلفة لا يمكن الجمع بينها.


الرد على الشبهة التي نشأت من التحذير من التفسير بالرأي على خمسة وجوه :
أولا :أن المراد بالرأي في الآثار هو الرأي المجرد دون استناد إلى أدلة العربية ومقاصد الشريعة .
ثانيا : أن المذموم هو أن يفسره برأيه دون تدبر الآية ولا بإحاطة جوانب الآية .
ثالثا : أن يكون له ميل إلى نزعة أو مذهب فيتأول القرآن ويفسر القرآن حسب مذهبه وميوله .
مثاله : تفسير المعتزلة قوله: {إلى ربها ناظرة} بمعنى أنها تنتظر نعمة ربها على أن إلى واحد الآلاء مع ما في ذلك من الخروج عن الظاهر وعن المأثور وعن المقصود من الآية.
رابعا :أن يكون المذموم أن يفسر القرآن مستندا إلى ما يقتضيه اللفظ .
خامسا : أن يكون القصد من التحذير هو الحرص على التدبر ونبذ التسرع .

موقف المفسرين من التفسير بالرأي :
القسم الأول : منهم أخذ المأثور ومع الترجيح ، والنظر إلى اللغة كالطبري .
القسم الثاني :منهم بالغ وغلا في الحذر حتى لا يكاد يذكر في تفسيره شيء غير عازيه إلى غيره .
مثالهم : الأصمعي ، فكان لا يفسر كلمه عربية إن كانت من القرآن ، مثل كلمة أسرى .
القسم الثالث : من توقف تفسيره على المأثور ، فجمع المأثور من صحيح وضعيف ،كالسيوطي .
القسم الرابع : منهم من لم يعتمد على التفسير المأثور اعتمادا كليا، بل على ايضا على الموارد الأخرى أيضا ، كتفسير ابن عطية ، والزجاج ، والفراء وغيرهم .
القسم الخامس : منهم من بالغ في التفسير برأيه حتى خرج بتفسير مذموم ،فظهر نوعين من التفسير :
أولا : التفسير الباطني :
منهجهم : صرف اللفظ الظاهر إلى معنى باطن .
الفرقة التي تتبنى ذلك :
الإسماعلية .
مثال على تفسيرهم للآيات :
قوله تعالى: {اذهبا إلى فرعون إنه طغى} أراد بفرعون القلب.
الرد على التفسير الباطني :
- أن التفسير الظاهري للآية لا اختلاف فيه ، وأما التفسير الباطني فلا يفهمه أحد فلا تقوم عليه الحجة .
- رد الغزالي في كتابه "المستظهري"قال: إذا قلنا بالباطن فالباطن لا ضبط له بل تتعارض فيه الخواطر فيمكن تنزيل الآية على وجوه شتى اهـ.
- أن الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا))، هذا الحديث لا يصح عنه .
- أن الأثر المروي عن ابن عباس : إن للقرآن ظهرا وبطنا، هذه الرواية إن صحت ، فإن ابن عباس قد ذكر مراد كلامه في بقية كلامه ، فقال ابن عباس : ظهره التلاوة وبطنه التأويل، فتبين أنه الظهر هو اللفظ والبطن هو المعنى.
من كتبهم :
-تفسير القاشاني.
- "رسائل إخوان الصفاء. "وفيها كثير من أقوالهم .
مسألة استطرادية :
من هم الاسماعلية :
نسبة إلى : ينسبون مذهبهم إلى جعفر بن إسماعيل الصادق.
عقيدتهم :
- يرون عصمة جعفر الصادق وإمامته .
- ويرون أن لا بد للمسلمين من إمام هدى من آل البيت هو الذي يقيم الدين، ويبين مراد الله.
- صرف جميع القرآن عن ظاهره وبنوه على أن القرآن رموز لمعان خفية في صورة ألفاظ تفيد معاني ظاهرة.
- مذهبهم مبني على قواعد الحكمة الإشراقية ومذهب التناسخ والحلولية.
-عندهم أن الله يحل في كل رسول وإمام وفي الأماكن المقدسة، وأنه يشبه الخلق تعالى وتقدس وكل علوي يحل فيه الإله.

ثانيا : التفسير الإشاري :
منهجهم : هي معان لا تجري على ألفاظ القرآن ظاهرا ولكن بتأويل.
الفرق بين التفسير الباطني والإشاري :
-أنهم ماكانوا يدعون كلامهم تفسيرا للقرآن ولكن أن الآية تصلح للتمثل بها .
- أنهم كانوا يسمونها إشارات ولم يسموها معاني .
أقوال العلماء في التفسير الإشاري :
فيه قولان :
القول الأول : يرى قبول ذلك ، ومنهم الغزالي في كتاب الإحياء .
القول الثاني : يرى بطلان ذلك ، ومنهم ابن عربي في كتاب العواصم .
أحوال التفسير الإشاري :
الأول : قسم يجري مجرى معنى الآية ، فيجري مجرى التمثيل لحال شبيه للمعنى .
مثاله : {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه} أنه إشارة للقلوب لأنها مواضع الخضوع لله تعالى.
الثاني : قسم يجري مجرى التفاؤل ، فيصرف ذهن السامع إلى ماهو مهم عنده .
مثاله : في قوله تعالى: {من ذا الذي يشفع} من ذل ذي إشارة للنفس يصير من المقربين للشفعاء.
الثالث : قسم فيه عبر ومواعظ .
مثاله : قوله تعالى: {فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا} اقتبسوا أن القلب الذي لم يمتثل رسول المعارف العليا تكون عاقبته وبالا.
مالا يلحق بالتفسير الإشاري :
- لا يلحق به دلالة الإشارة .
- ولا يلحق به فحوى الخطاب .
- - ولا يلحق به فهم الاستغراق من لام التعريف .
- ولا يلحق به دلالة التضمين .
- ولا المعنى المجازي .
- ولا تنزيل الحال بمنزلة المقال .


المقدمة الرابعة :

مقصد إنزال القرآن :
المقصد الأعلى منه :
1) صلاح الأحوال الفردية :
- بصلاح الاعتقاد .
- بتزكية النفس .
2) صلاح الأحوال الجماعية :
- يكون بصلاح الفرد .
3) صلاح الأحوال العمرانية :
وهو حفظ نظام العالم الإسلامي ، ويسمى بعلم الإجتماع .
.
4)رحمة للناس في تبليغ مراد الله لهم .
دليله :
قال الله تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين}.
المقاصد الأصلية الأخرى للقرآن :
الأول : اصلاح الاعتقاد .
مثاله : ({فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب}
الثاني : تهذيب الأخلاق.
دليله :
من القرآن :{وإنك لعلى خلق عظيم}. وفسرت عائشة رضي الله تعالى عنها لما سئلت عن خلقه صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن.
من السنة : وفي الحديث الذي رواه مالك في الموطأ بلاغا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بعثت لأتمم مكارم حسن الأخلاق))
الثالث: التشريع وهو الأحكام خاصة وعامة.
دليله : {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله}.
الرابع : سياسة الأمة، وحفظ نظامها .
مثاله : الأمر بالإجتماع ونبذ التفرق ، قال تعالى : ({واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} وقوله: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء}.
الخامس : القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أحوالهم، وللتحذير من مساويهم .
دليله : قوله تعالى : {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين}
وقوله تعالى : ({وتبين لكم كيف فعلنا بهم}.
السادس : التعليم بما يناسب حالة عصر المخاطبين.
مثال ذلك الحكمة .
الدليل : {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}.
السابع : المواعظ والإنذار والتحذير والتبشير، من باب الترغيب والترهيب .
الثامن : الإعجاز بالقرآن ليكون آية دالة على صدق الرسول.
دليله : {قل فأتوا بسورة مثله}.

طريقة معرفة مقاصد القرآن :
- بمعرفة مراده والإطلاع عليه بالتدبر .
دليله :
قال تعالى : ({كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}
اختلفوا في معرفة مراد الله على قولين :
الأول : أنه ممكن معرفة مراد الله والإطلاع عليه ، وهو قول كثير من العلماء ، والسكاكي والمشائخي وهما من المعتزلة .
الثاني : أنه غير ممكن معرفة مراد الله والإطلاع عليه ، وهو قول بقية المعتزلة .
الراجح : أنه خلاف لا طائل منه ؛ لأن القصد هو الإمكان الوقوعي لا العقلي ، فلا مانع من التكليف باستقصاء البحث عنه بحسب الطاقة ومبلغ العلم مع تعذر الاطلاع على تمامه.

لغة القرآن :
- اختار الله اللسان العربي هو لغة الوحي ، وفيه بيان لمراده .
الفئة الذين نزلت عليهم القرآن :
نزلت القرآن أولا على العرب .
السبب في نزول القرآن بلغة العرب :
- لأن لسانهم أفصح الألسن ، واسهلها انتشارا .
- لكونها أكثرها تحملا للمعاني مع إيجاز لفظه .

غرض المفسر :
- بيان مراد الله من كتابه ومقاصدها بما يحتمله المعنى .
-إقامة الحجة على الشبه بتوقع أحوال القاريء من المكابرين أو المعاندين أو الجاهلين .

طرق المفسرين للقرآن :
الطريقة الأولى : الإقتصار على ظاهر المعنى مع بيانه وتوضيحه .
الطريقة الثانية :استنباط معان من وراء الظاهربحسب ما يتقضيه دلالة اللفظ أو المقام ، وباستعمال خصائص اللغة العربية .
مثاله :
- ككون التأكيد يدل على إنكار المخاطب أو تردده.
- تقرير مسائل من علم التشريع لزيادة بيان قوله تعالى في خلق الإنسان: {من نطفة ثم من علقة} الآيات، وفيه تقرير عظمة القدرة الإلهية.
الطريقة الثالثة : جلب المسائل ثم بسطحها لأجل علاقتها بالمعنى .
أهميته :
-لأن زيادة فهم المعنى متوقف عليها .
- للتوفيق بين المعنى القرآني وبين بعض العلوم.
-لرد مطاعن الذين ينفونه .
أوجه جلب تلك المسائل :
1-إما بسبب إيماء بعضها إلى معنى الآية .
مثاله :
- قوله تعالى: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} فيذكر تقسيم علوم الحكمة ومنافعها مدخلا ذلك تحت قوله: {خيرا كثيرا}.
- من قوله تعالى: {كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم} ، فنأخذ منه تفاصيل من علم الاقتصاد السياسي وتوزيع الثروة العامة ونعلل بذلك مشروعية الزكاة والمواريث وغيرها .
- وقوله تعالى : {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}، هذا فيه برهان للمتنعين .
- و قوله تعالى { والسماء بنيناها بأيد}، وهنا تقرير مسألة المتشابه .
2- إما على وجه التوفيق بين المعنى القرآني وبين المسائل الصحيحة من العلم إن أمكن الجمع .
3- وإما على وجه الاسترواح من الآية، بشرط الإيجاز .
مثاله :
- قوله تعالى: {ويوم نسير الجبال}، فيؤخذ منه أن فناء العالم يكون بالزلزال .
-وقوله تعالى : {إذا الشمس كورت}، فيؤخذ منه أن نظام الجاذبية يختل عند فناء العالم.

آراء العلماء في هذه الطريقة :
- القول الأول : منهم من يرى التوفيق بين العلوم الغير دينية وآلادتها وبين المعاني القرآنية ، وذهب إلى هذا القول ابن رشد ، وقطب الدين الشيرازي ، والغزالي والرازي وأبو بكر ابن العربي .
- القول الثاني : ومنهم من يرى لا يصح في مسلك الفهم والإفهام إلا ما يكون عاما لجميع العرب. فلا يتكلف فيه فوق ما يقدرون عليه، وذهب إلى ذلك أبو إسحاق الشاطبي.
الرد على هذا من ستة أوجه :
أولا : أن ما بناه عليه يقتضي أن القرآن لم يقصد منه انتقال العرب من حال إلى حال وهذا باطل ،
والدليل : قوله تعالى: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا}.
ثانيا : أن القرآن معجزة فلذلك مقاصده راجعة إلى عموم الدعوة فيصلح مع أفهام الناس مع مختلف العصور .
ثالثا :أن السلف قالوا أن القرآن لا تنقضي عجائبه ، وأما على قول الشاطبي يكون بذلك ينقضي عجائبه .
رابعا : أن من تمام اعجازه أن يتضمن على المعاني مع إيجاز اللفظ .
خامسا : أن مقدار أفهام المخاطبين تتفاوت ، ويهيأ الله من يفهمه أكثر فيكون بذلك زيادة معنى على الأساسي .
سادسا :إن لم يتكلم السلف إن كان فيها ليس راجعا لمقاصده فيحتاج إلى المساعدة في لك ، وهناك أمور لم يقفوا على ظواهر الآيات بل بينوا وفصلوا واتجهوا إلى فروع العلم ، فلا مانع من أن نقتدي بهم في الأخذ من العلوم الأخرى لخدمة المقاصد القرآنية .
- ومنهم من ينكر التوفيق بين العلوم الفلسفية والمعاني القرآنية، وذهب إلى هذا القول ابن عربي .


مراتب علاقة العلوم بالقرآن :
الأولى : علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم، وتهذيب الأخلاق والفقه والتشريع والاعتقاد والأصول والعربية والبلاغة.
الثاني : علوم تزيد المفسر علما كالحكمة والهيئة وخواص المخلوقات.
الثالث: علوم أشار إليها أو جاءت مؤيدة له كعلم طبقات الأرض والطب والمنطق.
الرابع : علوم لا علاقة لها به إما لبطلانها كالزجر والعيافة والميثولوجيا، وإما لأنها لا تعين على خدمته كعلم العروض والقوافي.

المقدمة الخامسة :
أسباب النزول :
تعريفه :
وهي حوادث يروى أن آيات من القرآن نزلت لأجلها لبيان حكمها أو لحكايتها أو إنكارها أو نحو ذلك.

المبالغات التي حصلت في أسباب النزول :
-بعضهم يوهم الناس أن كل آية فيها سبب نزول .

الغرض من بيانها في المقدمة :
-لشدة الحاجة عليها أثناء التفسير .
- للاستغناء عن إعادة الكلام عنه في المسائل أثناء التفسير .

مراتب أسباب النزول في كتب المفسرين :
القسم الأول : منها المعتمدة على الروايات الضعيفة .
القسم الثاني : منها المعتمدة على الروايات القوية .

الضوابط في أسباب النزول :
- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
- قبل الحكم على ضعفها أو تأويلها يحتاج النظر إلى معاني التفسير وتعيين المراد .
- أن تكون عن طريق الرواية أو السماع ممن شاهد التنزيل .

أنواع أسباب النزول للمفسرين :
-النوع الأول : ما ليس للمفسر غنى عن علمه لأن فيه بيان لمجمل أو إيضاح لخفي وموجز.
النوع الثاني : منها ما يكون وحده تفسيرا .
النوع الثالث: منها ما يدل المفسر على الأدلة التي بها يحصل على تأويل الآية .
النوع الرابع : ومنها ما ينبه المفسر إلى مقام الكلام والخصائص البلاغية .

أقسام أسباب النزول الصحيحة :
ينقسم إلى خمسة أقسام :
القسم الأول : هو المقصود منها ويتوقف فهم الآية على علمه بها .
مثاله : قوله تعالى {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}.
القسم الثاني : هو حوادث وترتب عليها تشريعات وأحكام ولكن لا تخالف مدلول الآية .
مثاله : مثل حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان.
القسم الثالث: هو حوادث تختص بشخص واحد ، فنزلت الآية لبيان أحكامها والزجر منها ، ولا فائدة من ذكر سبب نزولها ، حتى لا توهم القاصرين في الفهم على قصر الآية بتلك الحادثة .
مثاله : مثل الآيات النازلة في المنافقين في سورة براءة المفتتحة بقوله تعالى: {ومنهم- ومنهم} ولذلك قال ابن عباس: كنا نسمي سورة التوبة سورة الفاضحة.
القسم الرابع : أحداث ولها في القرآن آيات تناسب معانيها السابقة أو اللاحقة ، لكن المراد منه أنها مما يدخل في معنى الآية .
مثاله : في "صحيح البخاري" في سورة النساء أن ابن عباس قرأ قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} بألف بعد لام السلام وقال: كان رجل في غنيمة له تصغير غنم فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم فقتلوه أي ظنوه مشركا يريد أن يتقي منهم بالسلام وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام} الآية.
فهذه القصة وقعت ، لكن الآية ليست نازلة مخصوصة لذلك وإنما نزلت في أحكام الجهاد بدليل سياق الآية قبلها وبعدها ،
فقبلها: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} وبعدها {فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل}.
القسم الخامس : قسم منه يبين المجملات ، ويدفع المتشابهات ، ومنه مالا يبين مجملا ويؤول متشابه ولكنه يبين وجه تناسب الآيات بعضها ببعض .
مثاله على الأول : مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}.
بمعرفة سبب النزول أنها في النصارى يتبين نوع ( من ) أنها موصولة وليس ( من ) شرطية .
مثال على الثاني :
-في سورة النساء: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} الآية.
فيخفى هنا ملازمة الشرط وجوابه ، فيبينها ما في الصحيح، عن عائشة أن عروة بن الزبير سألها عنها فقالت: هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.

فوائد معرفة أسباب النزول :
- فيه هداية للناس وتشريع لهم فيرد عليهم قبل الحاجة إليه .
- ليكون هداية لأقوام فيزجرهم وأقوام يثني عليهم وغيره .
- بيان ما يصلح للمخاطبين جميعا من الكليات التشريعة والتهذيبة :
الحكمة من ذلك :
تسهل وعي الأمة .
وليمكن به تواتر الدين .
وليكون للعلماء ميزة الاستنباط .
- فهم الايات فهما صحيحا ولإزالة الشبهة عن الآيات .
وقد ضلت فرق في هذا ومنهم الخوارج ، قال ابن سيرين في الخوارج: إنهم عمدوا إلى آيات الوعيد النازلة في المشركين فوضعوها على المسلمين فجاءوا ببدعة القول بالتكفير بالذنب.
- أن في نزوله على الحوادث دلالة على إعجازه ، وقطع دعوى من ادعى أنه أساطير الأولين .

المقدمة السادسة
القراءات مع التفسير
أحوال القراءات من حيث تعلقها بالتفسير :
الحالة الأولى : ما لا يتعلق بالتفسير ، لعدم تأثيره باختلاف معنى الآيات .
وهي اختلاف القراء في وجوه النطق بالحروف والحركات كمقادير المد والإمالات والتخفيف والتسهيل والتحقيق والجهر والهمس والغنة.
مثاله : مثل {عذابيْ} بسكون الياء و(عذابيَ) بفتحها.
فائدته :
-حفظت العربية ،فحفظت لنا اللهجات ومخارج الحروف وصفاتها .
- بينت اختلاف العرب في لهجات النطق .
الحالة الثانية : ما يتعلق بالتفسير .
وهي اختلاف القراء في حروف الكلمات
مثل :{مالك يوم الدين} (ملك يوم الدين) و(ننشرها) و{ننشزها}.
ومثال على اختلاف الحركات الذي يختلف معه معنى الفعل كقوله {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون} قرأ نافع بضم الصاد وقرأ حمزة بكسر الصاد، فالأولى بمعنى يصدون غيرهم عن الإيمان، والثانية بمعنى صدودهم في أنفسهم وكلا المعنيين حاصل منهم.
فائدته : اختلاف القرءات المتواترة هنا تعطي لنا معاني مختلفة .

اختلاف القراءات :
أسباب اختلاف القراءات :
لاحتمالين :
- بسبب قراءة الصحابة وأئمة العرب للقرآن بلهجة قومهم .
- أن يكون القاريء الواحد قرأها بوجهين بقصد حفظ اللغة مع حفظ القرآن الذي أنزل بها .

شروط صحة القراءة :
-موافقة العربية بوجه من الوجوه .
- موافقة خط المصحف .
- وصحة سند الرواية .

حكم القراءات الأخرى :
القراءات المخالفة لمصحف عثمان :
-تركت القراءة فيها بالإجماع ، وتم حرقها في زمن عثمان رضي الله عنه .
-قال الأصفهاني في تفسيره كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة، وهي قراءة العامة التي قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل في العام الذي قبض فيه، ويقال إن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة التي عرضها رسول الله على جبريل اهـ.
أصناف قراء الروايات :
القسم الأول : القراءات للرويات العشر الصحيحة :
نافع بن أبي نعيم المدني، وعبد الله بن كثير المكي، وأبو عمرو المازني البصري وعبد الله بن عامر الدمشقي، وعاصم بن أبي النجود الكوفي، وحمزة بن حبيب الكوفي، والكسائي علي بن حمزة الكوفي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، وخلف البزار.
القسم الثاني : قراء دون العشر :
وفي هذا قولين للعلماء :
الأول : من اعتبره مرتبة دون العشر .
قراءة ابن محيصن واليزيدي والحسن، والأعمش.
الثاني : من اعتبردون العشر شاذا ،قاله مالك والشافعي.
حكم هذا القسم :
-عند مالك والشافعي أنه لايجوز القراءة به ،ولا أخذ حكم منه لمخالفته المصحف الذي كتب فيه ما تواتر.

الأحرف السبعة :
المراد بالأحرف السبعة مع أوجه اختلاف العلماء على اختلاف القراءت :
الاشكال على حديث حديث عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم بن حزام، وعليه اختلف العلماء وحكم على المراد بالأحرف السبعة .
أقوال العلماء في هذا الحديث :
الأول : أنه منسوخ ، وهو رأي جماعة منهم أبو بكر الباقلاني وابن عبد البر وأبو بكر بن العربي والطبري والطحاوي.
وعليه يكون المراد بالأحرف السبعة ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن المراد بالأحرف الكلمات المترادفة للمعنى الواحد، أي أنزل بتخيير قارئه أن يقرأه باللفظ الذي يحضره من المرادفات.
فيكون المراد بالأحرف السبعة : حقيقة العدد وهو قول الجمهور فيكون تحديدا للرخصة بأن لا يتجاوز سبعة مرادفات أو سبع لهجات أي من سبع لغات.
واختلفوا في تعيين اللغات السبع :
الأول : هي من عموم لغات العرب وهم: قريش، وهذيل، وتيم الرباب، والأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر من هوازن، وبعضهم يعد قريشا، وبني دارم، والعليا من هوازن وهم سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف، وهو قول أبو عبيدة وابن عطية وأبو حاتم والباقلاني.
الثاني : أفصح العرب :عليا هوازن وسفلى تميم وهم بنو دارم. وبعضهم يعد خزاعة ويطرح تميما، وهو قول أبو عمرو بن العلاء .
الثالث: هي لغات قبائل من مضر وهم قريش، وهذيل، وكنانة، وقيس، وضبة، وتيم الرباب، وأسد بن خزيمة، وكلها من مضر، وهو قول أبو علي الأهوازي، وابن عبد البر، وابن قتيبة.
القول الثاني : أن العدد غير مراد به حقيقته، بل هو كناية عن التعدد والتوسع، وأيضا يشمله المترادفات من لغة واحدة ، وهو قول جماعة ومنهم عايض .
مثاله : كقوله: {كالعهن المنفوش} وقرأ ابن مسعود (كالصوف المنفوش)، وقرأ أبي {كلما أضاء لهم مشوا فيه} "مروا فيه" "سعوا فيه"
القول الثالث : أن المراد التوسعة.
مثاله : {كان الله سميعا عليما} أن يقرأ عليما حكيما ما لم يخرج عن المناسبة كذكره عقب آية عذاب أن يقول "وكان الله غفورا رحيما"
الثاني : أنه غير منسوخ ، وهو قول ذهب به جماعة منهم البيهقي وأبو الفضل الرازي.
وعلى هذا القول اختلفوا أيضا في المراد بالأحرف السبعة على أقوال :
1- أن المراد من الأحرف أنواع أغراض القرآن كالأمر والنهي، والحلال والحرام، أو أنواع كلامه كالخبر والإنشاء، والحقيقة والمجاز: أو أنواع دلالته كالعموم والخصوص، والظاهر والمؤول.
والرد على هذا : أن ذلك لا يناسب سياق الحديث .
2-منها أن المراد أنه أنزل مشتملا على سبع لغات من لغات العرب مبثوثة في آيات القرآن لكن لا على تخيير القارئ، وهو قول جماعة وأبو عبيد وثعلب والأزهري وعزي لابن عباس.
الرد على هذا : وهذا القول أيضا لا يناسب سياق الحديث في التوسعة ولايستقيم من جهة العدد ، لأن المحققين ذكروا أن في القرآن كلمات كثيرة من لغات قبائل العرب، ونقل السيوطي عن الواسطي أنها تصل إلى خمسين لغة .
- ومنها أن المراد من الأحرف لهجات العرب في كيفيات النطق كالفتح والإمالة، والمد والقصر، والهمز والتخفيف، على معنى أن ذلك رخصة للعرب مع المحافظة على كلمات القرآن، وهو قول أيضا جماعة من أهل العلم .
الراجح : أن هذا أحسن الأقوال .

الفرق بين الأحرف السبعة والقراءات السبعة :
-من الناس من كان يظن ان القراءت السبع هي الأحرف السبعة ، وهذا غلط .
-لا ينحصر عدد القراء على السبع وإنما حصر بدون قصد أو بقصد التيمن ، ولا يوجد دليل على حصر القراءات بالسبع .
- إن ابن جبير المكي صنف كتابا في القراءات فاقتصر على خمسة أئمة من كل مصر إماما، واقتصر على ذلك لأن المصاحف التي أرسلها عثمان إلى الأمصار كانت إلى خمسة أمصار، وهذا ما قاله السيوطي .
-قال أبو شامة: فإن انحصار القراءات في سبع لم يدل عليه دليل.
-ونقل السيوطي عن أبي العباس ابن عمار أنه قال: لقد فعل جاعل عدد القراءات سبعا ما لا ينبغي، وأشكل به الأمر على العامة إذ أوهمهم أن هذه السبعة هي المرادة في الحديث، وليت جامعها نقص عن السبعة أو زاد عليها.

مسألة استطرادية :
أول من جمع القراءات السبع :
- أول من جمع القراءات في سبع ابن مجاهد غير أنه عد قراءة يعقوب سابعا ثم عوضها بقراءة الكسائي، قال ذلك ابن العربي .

مراتب القراءات الصحيحة والترجيح بينها :
مراتب القراءات الصحيحة :
المرتبة الأولى : القراءات المتفق عليها المتواترة تبعا لكتابة صورة المصحف ، مع الاختلاف في وجوه الأداء وكيفيات النطق
الترجيح :- هو مقبول ولكنه لايعتبر متواتر .
المرتبة الثانية : القراءات المتواترة بالتخيير ،وهي المخالفة لمصحف عثمان ، وهذا قد اختلف فيه على أقوال :
القول الأول : أن القراءات كلها بما فيها من طرائق أصحابها ورواياتهم متواترة، وهذا مما توهمه بعض القراء ، منهم إمام الحرمين ، ووافقه أيضا ابن سلامة الأنصاري من المالكية .
القول الثاني : أنها غير متواترة ، وهذا هو القول الأرجح ، وهو قول جزم به ابن العربي، وابن عبد السلام التونسي، وأبو العباس بن إدريس فقيه بجاية من المالكية، والأبياري من الشافعية.
القول الثالث : هي متواترة عند القراء وليست متواترة عند عموم الأمة،وهو قول المازري ، وهذا القول توسط بين بين إمام الحرمين والأبياري.

مسألة الترجيح بين القراءات :
وكثير من العلماء كان لا يرى مانعا من ترجيح قراءة على غيرها، ومن هؤلاء الإمام محمد بن جرير الطبري، والعلامة الزمخشري.
أسس ترجيح القراءت العشر المتواترة :
بالاعتماد على خصويات البلاغة أو الفصاحة أو كثرة المعاني أو الشهرة .
- بالنظر إلى الأسنايد :نجد تلك الأسانيد لا تقتضي إلا أن فلانا قرأ كذا وأن فلانا قرأ بخلافه.
.
- وبالنظر إلى الألفاظ : وأما اللفظ المقروء فغير محتاج إلى تلك الأسانيد لأنه ثبت بالتواتر.
- وبالنظر إلى وجوه الإعراب: فيكون الإختيار على الأظهر من جهة الإعراب، وأصح في النقل، وأيسر في اللفظ ، وبذلك قال ابن رشد .
فوجوه الإعراب في القرآن فأكثرها متواتر إلا ما ساغ فيه إعرابان مع اتحاد المعاني نحو: {ولات حين مناص} بنصب حين ورفعه.
-بالنظر إلى الوجوه الصحيحة للعربية : فما خالف الوجوه الصحيحة في العربية ففيه نظر قوي، لعدم وجود ما يثبت ما يحصر فصيح الكلام على ما أتوا به نحاة الكوفة والبصرة ، وبهذا يبطل هذا كلام الزمخشري أن القراءات المتواترة جرت على وجوه ضعيفة من العربية.
مسألة استطرادية :
أسانيد القراءات العشر :
تنتهي أسانيد القراءات العشر إلى :
1) بعضها ينتهي إلى جميع الثمان .
أسماؤهم : عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله من مسعود، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري.
2) وبعضها ينتهي إلى بعضهم .

مثال على الترجيح :
- اختيار شيوخ الأندلس لقراءة ورش تأولا من رواية الإمام مالك .
- واختار خلف بن هشام البزار -رواي حمزة – قراءات الكوفيين .

تأثير ترجيح القراءات على الإعجاز :
حد الإعجاز :
مطابقة الكلام لجميع مقتضى الحال .
التفاوت في إعجاز القراءات :
- بعض كلماته معجزة لما تحتويه من لطائف بلاغية .
- - لايلزم الإعجاز أن يتحقق في كل آية ؛ لان التحدي وقع في سورة .

مسألة استطرادية :
الرويات التي تقرأ في البلاد الإسلامية :
- هي قراءة نافع برواية قالون في بعض القطر التونسي وبعض القطر المصري، وفي ليبيا.
- وبرواية ورش في بعض القطر التونسي وبعض القطر المصري وفي جميع القطر الجزائري وجميع المغرب الأقصى، وما يتبعه من البلاد. والسودان.
- قراءة عاصم برواية حفص عنه في جميع الشرق من العراق والشام وغالب البلاد المصرية والهند وباكستان وتركيا والأفغان.
- قراءة أبي عمرو البصري يقرأ بها في السودان المجاور مصر.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 محرم 1440هـ/20-09-2018م, 03:03 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة فهرسة مسائل مقدمة التحرير والتنوير
ملحوظة عامة:
- تفسير ابن عاشور من أجل التفاسير في بيان بلاغة القرآن، ومقاصده، وقد قضى فيه ابن عاشور - رحمه الله - نحو أربعين عامًا، فلله دره كما ثابر حتى وصل، رزقنا الله همة كهمة علماء الأمة الأجلاء.
- تأثر ابن عاشور بالأشاعرة، ومعرفة ذلك تفيد في فهم بعض أقواله وترجيحاته واختياره لبعض التفاسير على أخرى، وقد أغفل بعضكم رأيه في كثير من المواضع.
- في الفهرسة يمكن للطالب إضافة تعليقات على فهرسه، فإذا وجد للمصنف قولا مخالفًا لقول الجمهور، أو لعقيدة السلف خاصة يمكن وضع كلاما بين قوسين معكوفين [ ] ليفيد أن الكلام مدرج يوضح له الرأي الصواب فيغدو فهرسه مرجعًا متكاملا، ومن ذلك ما درستموه مرارًا في الأحرف السبعة.



مها يوسف: أ
أحسنتِ، وتميزتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
فيما عدا التغافل عن بعض المسائل - وأغلبها استطرادية - ، والحاجة إلى صياغة عناوين لمسائل فرعية تحت بعض العناصر للدلالة على ما تحتها؛ فقد أحسنتِ الفهرسة فهمًا وصياغةً.

هناء هلال محمد: ب
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
هناك ملحوظات متعلقة بفهم بعض المسائل مثل:
- التفسير مصدر " فسّر " بتشديد السين وهو فعل رباعي يأتي مصدره على صيغة تفعيل، مثل " شدّد = تشديد ، حسّن = تحسين " وهكذا، أما الفسْرُ بسكون السين فهو مصدر " فَسَرَ " الثلاثي.
- أورد ابن عاشور مسائل بخصوص الرباعي بالتضعيف منها : ما يختص بفعل " فسّر " خاصة والتفريق بينه وبين " فسَر " الثلاثي، ومنها ما يختص ببيان دلالة الرباعي بالتضعيف على التعدية والتكثير هل يجتمعا أو لا ... وقد خلطتِ بينهما؛ فقد أقر ابن عاشور أن كلا من " فسَر " و " فسّر " يفيد التعدية بداية.
- موضوع التفسير من حيث بيان معاني الألفاظ؛ لأن كلا من القراءات والتفسير يعتني بالألفاظ لكن القراءات ببيان نطقها والتفسير ببيان معانيها.

من الملحوظات العامة وأشير بأمثلة عليها:
1: إغفال بعض المسائل الهامة مثل:
- المآخذ على عد التفسير من العلوم.
- بعض مسائل جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنها؛ لأن بها نفهم ما ذهب إليه ابن عاشور وبعض من نقل عنهم في معنى الأحرف السبعة.

2: إغفال رأي ابن عاشور في المسألة مع إيراد باقي الآراء التي أوردها مثل:
رأيه في علم الكلام وأنه ليس من العلوم المطلوبة في استمداد علم التفسير وقد فصل وجه قوله هذا.
3: صياغة العبارات بصورة ناقصة، فيُغفل وجه الاستدلال تارة، أو صياغتها بما لا يوضح المراد منها، مثل:
اقتباس:
الراجح عند المؤلف : القول الأول لأن الغاية المقصودة هي فهم معاني القرآن فساوى التفسير غير أنه لا يطلق إلا على ما فيه تفصيل معنى خفي معقول .
هذه العبارة تحتاج بيان معنى التأويل لغة بداية، ثم بيان أن الغاية المقصودة من التفسير، إذا لا يتبين من عبارتك هذا.

اقتباس:
3-تفسير الزمخشري الذي يغلب عليه منحى البلاغة والعربية وتفسير ابن عطية الذي يغلب عليه منحى الشريعة .
الأولى هنا بيان طريقة التفسير ثم التمثيل بتفسير الزمخشري وابن عطية.
لأن عنوان العنصر هو طرق المفسرين في التفسير.

- " وكذلك السدي عن الكلبي "
السدي المقصود هنا هو السدي الصغير " محمد بن مروان "
أما السدي الكبير " إسماعيل بن أبي كريمة " فلا يُعرف بالكذب ويروى عنه مرويات في التفسير؛ فوجب التفريق بينهما ببيان المقصود منهما.


- تحت الأدلة على صحة التفسير بغير المأثور
اقتباس:
ج- ما روي عن علي في صحيح البخاري : (لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا أعلمه )
الشاهد من هذا الأثر لم تذكريه، وإذا كنا سنختصر الأثر فينبغي على الأقل الإشارة للشاهد منه.


هيا أبو داهووم: ب+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
الملحوظات على تطبيقك هي في توضيح بعض المسائل.
اقتباس:
تعريف علم التفسير :
معنى العلم :
لغة :
- يطلق على الإدراك وهو يقابل الجهل .
عند أهل المنطق :
- العلم إما تصور وإما تصديق.
- وإما يراد به العقل .
- وإما يراد به التصديق الجازم .
- وإما أن يراد بالعلم المسائل المعلومات.
قال ابن عاشور: " إذ العلم إذا أطلق، إما أن يراد به نفس الإدراك، نحو قول أهل المنطق، العلم إما تصور وإما تصديق، وإما أن يراد به الملكة المسماة بالعقل وإما أن يراد به ..." اهـ
قوله : " - نحو قول أهل المنطق العلم إما تصور أو تصديق - " جملة اعتراضية لبيان قوله " نفس الإدراك " ثم أكمل ببيان باقي الإطلاقات في معنى العلم.

اقتباس:
مسائل استطرداية :
الفرق بين التخفيف والتشديد :
اقتباس:
الاختلاف على الفعل المضاعف :
القول الأول : الفعل المضاعف للتعدية .
سبب الاستطراد إلى هذه المسال هو بيان اشتقاق كلمة " تفسير " وبيان معناها لغة، وهذا أداه إلى بيان المسألة الرئيسة وهي دلالة الفعل المضاعف في إفادته للتعدية أو التكثير، وقد اتفقوا على أنه يفيد التكثير إن لم يكن مفيدًا للتعدية، لكن اختلفوا ما إذا أفاد التعدية هل يفيد التكثير أو لا.
ثم ذكر الشيخ أمثلة على دلالة المضاعف ومنها الفرق بين " فَرَقَ " و " فَرّق "
وكل هذا لبيان الفرق بين " فَسَرَ " و " فَسَّرَ "
أرجو بهذا البيان الموجز أن تتضح لكِ هذه المسائل وتتبيني موضع الخلاف في تلخيصك.

اقتباس:
- مسالك العلماء في تفسير القرآن.
قسم ابن عاشور هذه المسالك إلى ثلاثة أقسام وقد قسّمتِ واحدًا منهم لاثنين، ودمجتِ اثنين في واحد.
أما ما قسمتيه: مسلك الرواية عن الصحابة، والرواية عن السلف واحد.
لكن عرج المصنف على بيان أن بعض المرويات عن الصحابة هي من الموضوعات وذكر بعض المتهمين بالكذب.
وأما ما دمجتيه : فهو مسلك النظر ( هذا أحدهما ) ، ومسلك الغوص في معاني الآيات والإتيان بشواهدها من كلام العرب ( وهذا مسلك آخر ) مثل تفسير الزمخشري وابن عطية مع بيان الفرق بينهما.
اقتباس:
وما أدري وسوف إخال أدري = أقوم آل حصن أم نساء.
فيكون العطف عطف خاص على العام .
ما اختاره المصنف هو عطف المباين، فذكر اطمئنان النفس إليه دون الآخر.

اقتباس:
تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن :
- لم يفسر الرسول صلى الله عليه وسلم كل القرآن بل فسر آيات معدودة منه ، لحديث عائشة .
سماع الصحابة للتفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم :
- لم يثبت سماع الصحابة من الرسول صلى الله عليه وسلم لكل القرآن .
لعلكِ تقصدين من الجملة الأخيرة أنه لم يثبت سماعهم لكل تفسير القرآن !

تحت بيان مقصد إنزال القرآن :
- النقطة الرابعة: كونه رحمة للناس هو الأصل الذي يتفرع عنه النقاط الثلاث الأخرى من صلاح الفرد والأمة والعمران.
- قصر صلاح الجماعة على صلاح الفرد خطأ، وإنما أضاف إليه ابن عاشور علم المعاملات وهو ما يضبط علاقة الناس بعضهم ببعض ويعصمهم من مزاحمة الشهوات ومواثبة القوى النفسانية.


وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 محرم 1440هـ/20-09-2018م, 03:48 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

بِسْم الله الرحمن الرحيم
فهرسة مسائل مقدمة ابن عاشور
-ما تضمنته خطبة الكتاب
حمد الله والثناء عليه
بيان سبب تأليفه لكتابه
الثناء على القران الكريم وذكر صفاته
بيان أحوال المفسرين في التفسير :
1-الوقوف فيما شاده الأقدمون وعدم الزيادة عليه
2-هدم ما شاده الأقدمون وعدم الأخذ به ، وفي كلتا الحالتين ضر كثير
3-العمد إلى ما أشاده الأقدمون فيهذب ويزاد عليه .
ذكر أهم التفاسير :
أهم التفاسير تفسير "الكشاف" و"المحرر الوجيز" لابن عطية و"مفاتيح الغيب" لفخر الدين الرازي، "وتفسير البيضاوي"، و"تفسير أبي السعود"، و"تفسير القرطبي"و"تفاسير الأحكام"، و"تفسير الإمام محمد ابن جرير الطبري"، وكتاب "درة التنزيل" المنسوب لفخرالدين الرازي وغير ذلك .
-بيان طريقته في التفسير وتسمية تفسيره :
اهتم في تفسيره ببيان وجوه الإعجاز ونكت البلاغة العربية وأساليب الاستعمال،واهتم أيضا ببيان تناسب اتصال الآي بعضها ببعض،وبيان أغراض السور ،وبيان معاني المفردات في اللغة العربية بضبط وتحقيق مما خلت عن ضبط كثير منه قواميس اللغة.
وسمى كتابه (التحرير والتنوير)
التفسير لغة :
التفسير مصدر فسر بتشديد السين الذي هو مضاعف فسر بالتخفيف من بابي نصر وضرب الذي مصدره الفسر، وكلاهما فعل متعد فالتضعيف ليس للتعدية. والفسر الإبانة والكشف لمدلول كلام أو لفظ بكلام آخر هو أوضح لمعنى المفسر عند السامع.
التفسير اصطلاحا:
هو اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن وما يستفاد منها باختصار أو توسع. والمناسبة بين المعنى الأصلي والمعنى المنقول إليه لا يحتاج إلى تطويل.
موضوع التفسير :
هوألفاظ القرآن من حيث البحث عن معانيه، وما يستنبط منه.
هل يعد التفسير علما ؟
تسامح في عده علما،لأن مباحث هذا العلم ليست بقضايا يبرهن عليها فما هي بكلية، بل هي تصورات جزئية غالبا لأنه تفسير ألفاظ أو استنباط معان.

- المراد بالعلم إذا أطلق :
إما أن يراد به نفس الإدراك، نحو قول أهل المنطق، العلم إما تصور وإما تصديق، وإما أن يراد به الملكة المسماة بالعقل وإما أن يراد به التصديق الجازم .
-الوجوه التي أدت إلى عد تفسير ألفاظ القران علما مستقلا :
الأول: أن مباحثه تؤدي إلى استنباط علوم كثيرة وقواعد كلية
الثاني:أن العلوم الشرعية والأدبية لكي تعد علما يكفي أن تكون مباحثها مفيدة كمالا علميا لمزاولها، والتفسير أعلاها في ذلك، كيف وهو بيان مراد الله تعالى من كلامه.
والثالث : التعاريف اللفظية تصديقات على رأي بعض المحققين فهي تؤول إلى قضايا، وتفرع المعاني الجمة عنها نزلها منزلة الكلية، والاحتجاج عليها بشعر العرب وغيره يقوم مقام البرهان على المسألة.
الرابع : إن علم التفسير لا يخلو من قواعد كلية في أثنائه مثل تقرير قواعد النسخ عند تفسير {ما ننسخ من آية} وتقرير قواعد التأويل عند تقرير {وما يعلم تأويله} وقواعد المحكم عند تقرير {منه آيات محكمات} فسمي مجموع ذلك وما معه علما تغليبا.
الخامس: أن حق التفسير أن يشتمل على بيان أصول التشريع وكلياته فكان بذلك حقيقا بأن يسمى علما.
السادس وهو الفصل: أن التفسير كان أول ما اشتغل به علماء الإسلام قبل الاشتغال بتدوين بقية العلوم، وفيه كثرت مناظراتهم. وكان يحصل من مزاولته والدربة فيه لصاحبه ملكة يدرك بها أساليب القرآن ودقائق نظمه، فكان بذلك مفيدا علوما كلية لها مزيد اختصاص بالقرآن المجيد، فمن أجل ذلك سمي علما.
-مكانة التفسير بين العلوم:
التفسير هو رأس العلوم الاسلامية ، وأولها ظهورا ،وهو أيضا أشرف العلوم الإسلامية ورأسها على التحقيق.
-أشهر المفسرين من الصحابة والتابعين :
أشهر الصحابة في التفسير عمر ثم علي وابن عباس وهما أكثر الصحابة قولا في التفسير، وزيد بن ثابت وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم، وشاع عن التابعين وأشهرهم في ذلك مجاهد وابن جبير.
-أول من صنف في التفسير :
أول من صنف فيه عبد الملك بن جريج المكي المولود سنة 80 هـ والمتوفى سنة 149 هـ صنف كتابه في تفسير آيات كثيرة وجمع فيه آثارا وغيرها وأكثر روايته عن أصحاب ابن عباس مثل عطاء ومجاهد.
-حكم التفاسير المصنفة المنسوبة لابن عباس رضي الله عنه:
تكلم فيها أهل الأثر وهي "تفسير محمد بن السائب الكلبي" المتوفى سنة 146 هـ عن أبي صالح عن ابن عباس، وقد رمي أبو صالح بالكذب وهي أوهى الروايات فإذا انضم إليها رواية محمد بن مروان السدي عن الكلبي فهي سلسلة الكذب .
هنالك رواية مقاتل ورواية الضحاك، ورواية علي بن أبي طلحة الهاشمي كلها عن ابن عباس، وأصحها رواية علي بن أبي طلحة، وهي التي اعتمدها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه فيما يصدر به من تفسير المفردات على طريقة التعليق.
والحاصل أن الرواية عن ابن عباس، قد اتخذها الوضاعون والمدلسون ملجأ لتصحيح ما يروونه كدأب الناس في نسبة كل أمر مجهول من الأخبار والنوادر، لأشهر الناس في ذلك المقصد.
-حكم الروايات المنسوبة لعلي رضي الله عنه :
أكثرها من الموضوعات، إلا ما روي بسند صحيح، مثل ما في صحيح البخاري ونحوه، لأن لعلي أفهاما في القرآن كما ورد في صحيح البخاري، عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي هل عندكم شيء من الوحي ليس في كتاب الله? فقال: لا والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، ما أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن .
-مسالك العلماء في التفسير :
سلك العلماء في تفسير القرآن مسالك مختلفة فلكل فريق مسلكا يأوي إليه وذوقا يعتمد عليه.
-1مسلك الأثر، وأول من صنف في هذا المعنى، مالك ابن أنس وأشهر أهل هذه الطريقة فيما هو بأيدي الناس محمد بن جرير الطبري.
2-مسلك النظر ،كأبي إسحاق الزجاج وأبي علي الفارسي.
الفرق بين التفسير والتأويل :
اختلف العلماء في ذلك فمنهم من جعله مساو للتفسير وإلى ذلك ذهب ثعلب وابن الأعرابي وأبو عبيدة، وهو ظاهر كلام الراغب.
ومنهم من جعل التفسير للمعنى الظاهر والتأويل للمتشابه.
ومنهم من قال: التأويل صرف اللفظ عن ظاهر معناه إلى معنى آخر محتمل لدليل فيكون هنا بالمعنى الأصولي.
وهنالك أقوال أخر لا عبرة بها كما قال ابن عاشور ورجح القول الاول منها لأن اللغة والآثار تشهد له ، و لأن التأويل مصدر أوله إذا أرجعه إلى الغاية المقصودة، والغاية المقصودة من اللفظ هو معناه وما أراده منه المتكلم به من المعاني، فساوى التفسير، على أنه لا يطلق إلا على ما فيه تفصيل معنى خفي معقول.
ومن الأدلة على ذلك :
قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه لابن عباس: ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل))، أي فهم معاني القرآن.
المقدمة الثانية
المراد باستمداد العلم :
استمداد العلم يراد به توقفه على معلومات سابق وجودها على وجود ذلك العلم عند مدونيه لتكون عونا لهم على إتقان تدوين ذلك العلم.
-معنى الاستمداد :
سمي بذلك في الاصطلاح بالاستمداد عن تشبيه احتياج العلم لتلك المعلومات بطلب المدد، والمدد العون والغواث، فقرنوا الفعل بحرفي الطلب وهما السين والتاء، وليس كل ما يذكر في العلم معدودا من مدده، بل مدده ما يتوقف عليه تقومه.
-العلوم التي يستمد منها التفسير :
علم العربية وعلم الآثار، ومن أخبار العرب وأصول الفقه وعلم الكلام وعلم القراءات.
معنى العلوم المستمد منها في التفسيروالمراد بها :
المراد بقواعد العربية مجموع علوم اللسان العربي، وهي: متن اللغة، والتصريف، والنحو، والمعاني، والبيان. ومن وراء ذلك استعمال العرب المتبع من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وتراكيب بلغائهم، ويدخل في ذلك ما يجري مجرى التمثيل والاستئناس للتفسير من أفهام أهل اللسان أنفسهم لمعاني آيات غير واضحة الدلالة عند المولدين، ولعلمي البيان والمعاني مزيد اختصاص بعلم التفسير لأنهما وسيلة لإظهار خصائص البلاغة القرآنية، وما تشتمل عليه الآيات من تفاصيل المعاني وإظهار وجه الإعجاز ولذلك كان هذان العلمان يسميان في القديم علم دلائل الإعجاز .
وكذلك علم البلاغة لأن به يحصل انكشاف بعض المعاني واطمئنان النفس لها، وبه يترجح أحد الاحتمالين على الآخر في معاني القرآن.

2-وأما الآثار فالمعني بها، ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، من بيان المراد من بعض القرآن في مواضع الإشكال والإجمال، وذلك شيء قليل.
ومثال ذلك :
المراد من المغضوب عليهم اليهود ومن الضالين النصارى، ومثل كون المراد من قوله تعالى: {ذرني ومن خلقت وحيدا} الوليد بن المغيرة المخزومي أبا خالد بن الوليد.
وتشمل الآثار إجماع الأمة على تفسير معنى، إذ لا يكون إلا عن مستند كإجماعهم على أن المراد من الأخت في آية الكلالة الأولى هي الأخت للأم وغير ذلك من الأمثلة .
-حكم الاثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير بعض الآيات :
هي من التفسير لا من مدده، وكذلك ماروي عن الصحابة رضي الله عنهم في ذلك ،ولا يعد أيضا من استمداد التفسير ما في بعض آي القرآن من معنى يفسر بعضا آخر منها، لأن ذلك من قبيل حمل بعض الكلام على بعض، كتخصيص العموم وتقييد المطلق وبيان المجمل وتأويل الظاهر ودلالة الاقتضاء وفحوى الخطاب ولحن الخطاب، ومفهوم المخالفة.
3-القراءات هي التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القران ،ولا يحتاج إليها إلا في حين الاستدلال بالقراءة على تفسير غيرها، وإنما يكون في معنى الترجيح لأحد المعاني القائمة من الآية أو لاستظهار على المعنى، فذكر القراءة كذكر الشاهد من كلام العرب؛ لأنها إن كانت مشهورة، فلا جرم أنها تكون حجة لغوية، وإن كانت شاذة فحجتها لا من حيث الرواية، لأنها لا تكون صحيحة الرواية، ولكن من حيث إن قارئها ما قرأ بها إلا استنادا لاستعمال عربي صحيح، إذ لا يكون القارئ معتدا به إلا إذا عرفت سلامة عربيته، كما احتجوا على أن أصل {الحمد لله} أنه منصوب على المفعول المطلق بقراءة هارون العتكي (الحمدَ لله) بالنصب كما في الكشاف، وبذلك يظهر أن القراءة لا تعد تفسيرا من حيث هي طريق في أداء ألفاظ القرآن، بل من حيث أنها شاهد لغوي فرجعت إلى علم اللغة.
4-أخبار العرب فهي من جملة أدبهم.لأنه بمعرفة الأخبار يعرف ما أشارت له الآيات من دقائق المعاني، فنحو قوله تعالى: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا} وقوله: {قتل أصحاب الأخدود} يتوقف على معرفة أخبارهم عند العرب.
5-أماأصول الفقه فلم يكونوا يعدونه من مادة التفسير، ولكنهم يذكرون أحكام الأوامر والنواهي والعموم وهي من أصول الفقه، فتحصل أن بعضه يكون مادة للتفسير.
6-علم الكلام :
قال ابن عاشور :
عد عبد الحكيم والآلوسي، أخذا من كلام السكاكي، علم الكلام في جملة ما يتوقف عليه علم التفسير، قال عبد الحكيم: لتوقف علم التفسير على إثبات كونه تعالى متكلما، وذلك يحتاج إلى علم الكلام.
وقال الآلوسي لتوقف فهم ما يجوز على الله ويستحيل على الكلام يعني من آيات التشابه في الصفات مثل {الرحمن على العرش استوى}، وهذا التوجيه أقرب من توجيه عبد الحكيم، وهو مأخوذ من كلام السيد الجرجاني في شرح المفتاح، وكلاهما اشتباه لأن كون القرآن كلام الله قد تقرر عند سلف الأمة قبل علم الكلام، ولا أثر له في التفسير، وأما معرفة ما يجوز وما يستحيل فكذلك، ولا يحتاج لعلم الكلام إلا في التوسع في إقامة الأدلة على استحالة بعض المعاني، وما يحتاج إليه المتوسع لا يصير مادة للتفسير.
-سبب عدم عد الفقه من مادة علم التفسير :
ذلك لعدم توقف فهم القرآن، على مسائل الفقه، فإن علم الفقه متأخر عن التفسير وفرع عنه، وإنما يحتاج المفسر إلى مسائل الفقه، عند قصد التوسع في تفسيره، للتوسع في طرق الاستنباط وتفصيل المعاني تشريعا وآدابا وعلوما.
-مدى صحة القول بأن القران كله سورة واحدة :
ذكر ابن هشام، في مغني اللبيب، في حرف لا، عن أبي علي الفارسي، أن القرآن كله كالسورة الواحدة، ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابه في سورة أخرى، نحو: {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} وجوابه {ما أنت بنعمة ربك بمجنون} اهـ.
قال ابن عاشور:وهذا كلام لا يحسن إطلاقه، لأن القرآن قد يحمل بعض آياته على بعض وقد يستقل بعضها عن بعض، إذ ليس يتعين أن يكون المعنى المقصود في بعض الآيات مقصودا في جميع نظائرها، بله ما يقارب غرضها.
-مكانة علم التفسير :
هو رأس العلوم الإسلامية،و كونه رأس العلوم الإسلامية، معناه أنه أصل لعلوم الإسلام على وجه الإجمال، فأما استمداده من بعض العلوم الإسلامية، فذلك استمداد لقصد تفصيل التفسير على وجه أتم من الإجمال، وهو أصل لما استمد منه.
المقدمة الثالثة
-المؤهل للخوض في التفسير :
هو من استجمع من تلك العلوم حظا كافيا وذوقا ينفتح له بهما من معاني القرآن ما ينفتح عليه،، فيفسر بمعان تقتضيها العلوم التي يستمد منها علم التفسير.
-حكم التفسير بغير المأثور :
أباحه ابن عاشور لأسباب منها :
1-لأننا لو اقتصرنا على المأثور فسيكون التفسير نزرا، واستدل بأن كثرة أقوال السلف من الصحابة، فمن يليهم في تفسير آيات القرآن وما أكثر ذلك الاستنباط برأيهم وعلمهم. قال الغزالي والقرطبي: لا يصح أن يكون كل ما قاله الصحابة في التفسير مسموعا من النبي صلى الله عليه وسلم لوجهين: أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه من التفسير إلا تفسير آيات قليلة وهي ما تقدم عن عائشة. الثاني أنهم اختلفوا في التفسير على وجوه مختلفة لا يمكن الجمع بينها. وسماع جميعها من رسول الله محال، ولو كان بعضها مسموعا لترك الآخر، أي لو كان بعضها مسموعا لقال قائله: إنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليه من خالفه، فتبين على القطع أن كل مفسر قال في معنى الآية بما ظهر له باستنباطه.
-شرط التفسير الصحيح :
قال شرف الدين الطيبي في شرح الكشاف في سورة الشعراء: شرط التفسير الصحيح أن يكون مطابقا للفظ من حيث الاستعمال، سليما من التكلف عريا من التعسف، وصاحب الكشاف يسمي ما كان على خلاف ذلك بدع التفاسير.
-المراد بالنهي عن التفسير بالرأي :
المراد بذلك كما ذكر ابن عاشور رحمه الله أنه الرأي المذموم :
أولها: أن المراد بالرأي هو القول عن مجرد خاطر دون استناد إلى نظر في أدلة العربية ومقاصد الشريعة وتصاريفها، وما لا بد منه من معرفة الناسخ والمنسوخ وسبب النزول.
ثانيها: أن لا يتدبر القرآن حق تدبره فيفسره بما يخطر له من بادئ الرأي دون إحاطة بجوانب الآية ومواد التفسير مقتصرا على بعض الأدلة دون بعض ،فهذا من الرأي المذموم لفساده.
ثالثها: أن يكون له ميل إلى نزعة أو مذهب أو نحلة فيتأول القرآن على وفق رأيه ويصرفه عن المراد ويرغمه على تحمله ما لا يساعد عليه المعنى المتعارف،مثل قول البيانية في قوله تعالى: {هذا بيان للناس}: إنه بيان ابن سمعان كبير مذهبهم.
رابعها: أن يفسر القرآن برأي مستند إلى ما يقتضيه اللفظ ثم يزعم أن ذلك هو المراد دون غيره لما في ذلك من التضييق على المتأولين.
خامسها: أن يكون القصد من التحذير أخذ الحيطة في التدبر والتأويل ونبذ التسرع إلى ذلك، وهذا مقام تفاوت العلماء فيه واشتد الغلو في الورع ببعضهم حتى كان لا يذكر تفسير شيء غير عازيه إلى غيره.
-المراد بالتفسير بالمأثور :
قيل :هو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من تفسير بعض آيات إن كان مرويا بسند مقبول من صحيح أو حسن، ورد ابن عطية على هذا القول فقال :
بأن الالتزام بهذايضيق سعة معاني القرآن وينابيع ما يستنبط من علومه، وناقض القائلون به أنفسهم فيما دونوه من التفاسير، وغلطوا سلفهم فيما تأولوه، إذ لا ملجأ لهم من الاعتراف بأن أئمة المسلمين من الصحابة فمن بعدهم لم يقصروا أنفسهم على أن يرووا ما بلغهم من تفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: المراد بذلك هو ما روي عن النبي وعن الصحابة خاصة ،وهذا لم يغن عن أهل التفسير فتيلا، كما قال ابن عاشور لأن أكثر الصحابة لا يؤثر عنهم في التفسير إلا شيء قليل سوى ما يروى عن علي بن أبي طالب على ما فيه من صحيح وضعيف وموضوع، وقد ثبت عنه أنه قال: ما عندي مما ليس في كتاب الله شيء إلا فهما يؤتيه الله. وما يروى عن ابن مسعود وعبد الله بن عمر وأنس وأبي هريرة. وأما ابن عباس فكان أكثر ما يروى عنه قولا برأيه على تفاوت بين رواته.
وقيل : المراد بالمأثور ما كان مرويا قبل تدوين التفاسير الأول مثل ما يروى عن أصحاب ابن عباس وأصحاب ابن مسعود.
المفسرون الذين لم يحبسوا أنفسهم في التفسير بالمأثور وتوسعوا فيه :
منهم الفراء وأبي عبيدة من الأولين، والزجاج والرماني ممن بعدهم، ثم الذين سلكوا طريقهم مثل الزمخشري وابن عطية.
من أنواع التفاسير الباطلة :
التفسير الباطني
التفسير الإشاري
المقدمة الرابعة
الغاية من إنزال القران :
القرآن أنزله الله تعالى كتابا لصلاح أمر الناس كافة رحمة لهم لتبليغهم مراد الله منهم قال الله تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين}
المقاصد التي نزل القران لبيانها:
المقصد الأعلى من نزوله صلاح الأحوال الفردية، والجماعية، والعمرانية.
والمقاصد الأصلية ثمانية وهي :
الأول: إصلاح الاعتقاد وتعليم العقد الصحيح
الثاني: تهذيب الأخلاق قال تعالى {وإنك لعلى خلق عظيم}.
الثالث: التشريع وهو الأحكام خاصة وعامة.
الرابع: سياسة الأمة.
الخامس: القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أحوالهم قال: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين} {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} وللتحذير من مساويهم قال: {وتبين لكم كيف فعلنا بهم} وفي خلالها تعليم.
السادس: التعليم بما يناسب حالة عصر المخاطبين، وما يؤهلهم إلى تلقي الشريعة ونشرها وذلك علم الشرائع وعلم الأخبار وكان ذلك مبلغ علم مخالطي العرب من أهل الكتاب.
السابع: المواعظ والإنذار والتحذير والتبشير، وهذا يجمع جميع آيات الوعد والوعيد، وكذلك المحاجة والمجادلة للمعاندين، وهذا باب الترغيب والترهيب.
الثامن: الإعجاز بالقرآن ليكون آية دالة على صدق الرسول.
-مراد الله من كتابه :
مراد الله من كتابه هو بيان تصاريف ما يرجع إلى حفظ مقاصد الدين.
سبب اختيار اللغة لكتاب الله :
ذلك لكون العرب لسانهم أفصح الألسن وأسهلها انتشارا، وأكثرها تحملا للمعاني مع إيجاز لفظه، ولتكون الأمة المتلقية للتشريع والناشرة له أمة قد سلمت من أفن الرأي عند المجادلة، ولم تقعد بها عن النهوض أغلال التكالب على الرفاهية.

غرض المفسرين من التفسير :
غرض المفسر بيان ما يصل إليه أو ما يقصده من مراد الله تعالى في كتابه بأتم بيان يحتمله المعنى ولا يأباه اللفظ من كل ما يوضح المراد من مقاصد القرآن، أو ما يتوقف عليه فهمه أكمل فهم، أو يخدم المقصد تفصيلا وتفريعا ، مع إقامة الحجة على ذلك إن كان به خفاء، أو لتوقع مكابرة من معاند أو جاهل، فلا جرم كان رائد المفسر في ذلك أن يعرف على الإجمال مقاصد القرآن مما جاء لأجله، ويعرف اصطلاحه في إطلاق الألفاظ .
-أنواع المفسرين للقران :
طرق المفسرين للقرآن ثلاث :
1--الاقتصار على الظاهر من المعنى الأصلي للتركيب مع بيانه وإيضاحه وهذا هو الأصل.
2-وإما استنباط معان من وراء الظاهر تقتضيها دلالة اللفظ أو المقام ولا يجافيها الاستعمال ولا مقصد القرآن.
3-وإما أن يجلب المسائل ويبسطها لمناسبة بينها وبين المعنى، أو لأن زيادة فهم المعنى متوقفة عليها، أو للتوفيق بين المعنى القرآني وبين بعض العلوم مما له تعلق بمقصد من مقاصد التشريع لزيادة تنبيه إليه، أو لرد مطاعن من يزعم أنه ينافيه لا على أنها مما هو مراد الله من تلك الآية بل لقصد التوسع.

مراتب علاقة العلوم بالقران:
هي أربع مراتب :
الأولى: علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم، وتهذيب الأخلاق والفقه والتشريع والاعتقاد والأصول والعربية والبلاغة.
الثانية: علوم تزيد المفسر علما كالحكمة والهيئة وخواص المخلوقات.
الثالثة: علوم أشار إليها أو جاءت مؤيدة له كعلم طبقات الأرض والطب والمنطق.
الرابعة: علوم لا علاقة لها به إما لبطلانها كالزجر والعيافة والميثولوجيا، وإما لأنها لا تعين على خدمته كعلم العروض والقوافي.
المقدمة الخامسة
-المراد بأسباب النزول :
هي حوادث يروى أن آيات من القرآن نزلت لأجلها لبيان حكمها أو لحكايتها أو إنكارها أو نحو ذلك
-حال أسباب نزول آي القران :

في بعض آي القرآن إشارة إلى الأسباب التي دعت إلى نزولهاوالبعض الآخر أسبابا ثبتت بالنقل دون احتمال أن يكون ذلك رأي الناقل.

-أمرأسباب نزول القران في التفسير :
أمر أسباب نزول القرآن دائرا بين القصد والإسراف.
-سبب خوض ابن عاشور في أسباب النزول :
لأن أمر أسباب نزول القرآن دائرا بين القصد والإسراف، وكان في غض النظر عنه وإرسال حبله على غاربه خطر عظيم في فهم القرآن.
-أحوال المفسرين مع أسباب النزول :
توجس العلماء منها فقالوا: إن سبب النزول لا يخصص، إلا طائفة شاذة ادعت التخصيص بها.
-العلاقة بين أسباب النزول بالتفسير :
إن من أسباب النزول ما ليس المفسر بغنى عن علمه لأن فيها بيان مجمل أو إيضاح خفي وموجز، ومنها ما يكون وحده تفسيرا. ومنها ما يدل المفسر على طلب الأدلة التي بها تأويل الآية أو نحو ذلك.
ومنها ما ينبه المفسر إلى إدراك خصوصيات بلاغية تتبع مقتضى المقامات فإن من أسباب النزول ما يعين على تصوير مقام الكلام .
-أقسام أسباب النزول التي صحت أسانيدها :
هي خمسة أقسام:
الأول: هو المقصود من الآية يتوقف فهم المراد منها على علمه فلابد من البحث عنه للمفسر.
والثاني: هو حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام وصور تلك الحوادث لا تبين مجملا ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد، ولكنها إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآيات النازلة عند حدوثها.
والثالث: هو حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها، فكثيرا ما تجد المفسرين وغيرهم يقولون نزلت في كذا وكذا، وهم يريدون أن من الأحوال التي تشير إليها تلك الآية تلك الحالة الخاصة فكأنهم يريدون التمثيل.
والرابع: هو حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات، مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية.
والخامس: قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}.
-حال الفرق الضالة مع القران :
حملوا كلماته على خصوصيات جزئية تبطل مراد الله، وعمموا ما قصد منه الخصوصوأطلقوا ما قصد منه التقييد؛فأفضى ذلك إلى التخليط في المراد أو إلى إبطاله من أصله.
قال ابن سيرين في الخوارج: إنهم عمدوا إلى آيات الوعيد النازلة في المشركين فوضعوها على المسلمين فجاءوا ببدعة القول بالتكفير بالذنب.
-فائدة أسباب النزول :
هي أن في نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، وهي إحدى طريقتين لبلغاء العرب في أقوالهم، فنزوله على حوادث يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين.
المقدمة السادسة
-علاقة اختلاف القراءات بالتفسير :
) للقراءات حالتين: إحداهما لا تعلق لها بالتفسير بحال، والثانية لها تعلق به من جهات متفاوتة.
أما الحالة الأولى فهي اختلاف القراء في وجوه النطق بالحروف وهذا لا علاقة له بالتفسير لعدم تأثيره في اختلاف معاني الآي .
وأما الحالة الثانية: فهي اختلاف القراء في حروف الكلمات مثل {مالك يوم الدين} (ملك يوم الدين) و(ننشرها) و{ننشزها} و{وظنوا أنهم قد كذبوا} بتشديد الذال أو (قد كذبوا) بتخفيفه، وكذلك اختلاف الحركات الذي يختلف معه معنى الفعل كقوله {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون} قرأ نافع بضم الصاد وقرأ حمزة بكسر الصاد، فالأولى بمعنى يصدون غيرهم عن الإيمان، والثانية بمعنى صدودهم في أنفسهم وكلا المعنيين حاصل منهم، وهي من هذه الجهة لها مزيد تعلق بالتفسير لأن ثبوت أحد اللفظين في قراءة قد يبين المراد من نظيره في القراءة الأخرى، أو يثير معنى غيره، ولأن اختلاف القراءات في ألفاظ القرآن يكثر المعاني في الآية الواحدة نحو {حتى يطهرن} بفتح الطاء المشددة والهاء المشددة، وبسكون الطاء وضم الهاء مخففة.

-رأي ابن عاشور في تبيين اختلاف القراءات في التفسير :
يرى أن على المفسر أن يبين اختلاف القراءات المتواترة لأن في اختلافها توفيرا لمعاني الآية غالبا فيقوم تعدد القراءات مقام تعدد كلمات القرآن.
-شروط القراءة الصحيحة :
اتفق علماء القراءات والفقهاء على أن كل قراءة وافقت وجها في العربية ووافقت خط المصحف أي مصحف عثمان وصح سند راويها؛ فهي قراءة صحيحة لا يجوز ردها.
-المراد بالأحرف السبعة :
ورد في ذلك حديث في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ في الصلاة سورة الفرقان في حياة رسول الله فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله، فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ? قال: أقرأنيها رسول الله، فقلت: كذبت فإن رسول الله أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله فقلت إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله: ((اقرأ يا هشام)) فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله: ((كذلك أنزلت))، ثم قال: ((اقرأ يا عمر)) فقرأت القراءة التي أقرأني فقال رسول الله: ((كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه)) اهـ.
وفي الحديث إشكال، وللعلماء في معناه أقوال يرجع إلى اعتبارين: أحدهما اعتبار الحديث منسوخا والآخر اعتباره محكما.
فأما الذين اعتبروه منسوخا فقالوا :ذلك رخصة في صدر الإسلام أباح الله للعرب أن يقرأوا القرآن بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها، ثم نسخ ذلك بحمل الناس على لغة قريش لأنها التي بها نزل القرآن وزال العذر لكثرة الحفظ وتيسير الكتابة.
وأرجعوا الرخصة إلى 3 أقوال :
في ذلك ثلاثة أقوال: الأول أن المراد بالأحرف الكلمات المترادفة للمعنى الواحد، أي أنزل بتخيير قارئه أن يقرأه باللفظ الذي يحضره من المرادفات تسهيلا عليهم حتى يحيطوا بالمعنى. وعلى هذا الجواب فقيل المراد بالسبعة حقيقة العدد وهو قول الجمهور فيكون تحديدا للرخصة بأن لا يتجاوز سبعة مرادفات أو سبع لهجات أي من سبع لغات.
القول الثاني: لجماعة منهم عياض: أن العدد غير مراد به حقيقته، بل هو كناية عن التعدد والتوسع، وكذلك المرادفات ولو من لغة واحدة كقوله: {كالعهن المنفوش} وقرأ ابن مسعود (كالصوف المنفوش)،
وقد اختلف عمر وهشام بن حكيم ولغتهما واحدة.
القول الثالث: أن المراد التوسعة في نحو {كان الله سميعا عليما} أن يقرأ عليما حكيما ما لم يخرج عن المناسبة كذكره عقب آية عذاب أن يقول "وكان الله غفورا رحيما" أو عكسه وإلى هذا ذهب ابن عبد البر.

وأما الذين اعتبروا الحديث محكما غير منسوخ فقد ذهبوا في تأويله مذاهب:
فقال جماعة منهم البيهقي وأبو الفضل الرازي أن المراد من الأحرف أنواع أغراض القرآن كالأمر والنهي، والحلال والحرام، أو أنواع كلامه كالخبر والإنشاء، والحقيقة والمجاز: أو أنواع دلالته كالعموم والخصوص، والظاهر والمؤول. ولا يخفى أن كل ذلك لا يناسب سياق الحديث على اختلاف رواياته من قصد التوسعة والرخصة. وقد تكلف هؤلاء حصر ما زعموه من الأغراض ونحوها في سبعة فذكروا كلاما لا يسلم من النقض.
وذهب جماعة منهم أبو عبيد وثعلب والأزهري وعزي لابن عباس أن المراد أنه أنزل مشتملا على سبع لغات من لغات العرب مبثوثة في آيات القرآن لكن لا على تخيير القارئ، وذهبوا في تعيينها إلى نحو ما ذهب إليه القائلون بالنسخ إلا أن الخلاف بين الفريقين في أن الأولين ذهبوا إلى تخيير القارئ في الكلمة الواحدة، وهؤلاء أرادوا أن القرآن مبثوثة فيه كلمات من تلك اللغات، لكن على وجه التعيين لا على وجه التخيير.
وذهب جماعة أن المراد من الأحرف لهجات العرب في كيفيات النطق كالفتح والإمالة، والمد والقصر، والهمز والتخفيف، على معنى أن ذلك رخصة للعرب مع المحافظة على كلمات القرآن، وهذا أحسن الأجوبة كما قال ابن عاشور رحمه الله .

-الصحابة الذين تنتهي إليهم أسانيد القراءات :
تنتهي أسانيد القراءات العشر إلى ثمانية من الصحابة وهم: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله من مسعود، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، فبعضها ينتهي إلى جميع الثمانية وبعضها إلى بعضهم.
حكم وجوه الاعراب في القران :
وجوه الإعراب في القرآن أكثرها متواتر إلا ما ساغ فيه إعرابان مع اتحاد المعاني نحو: {ولات حين مناص} بنصب حين ورفعه، ونحو {وزلزلوا حتى يقول الرسول} بنصب (يقول) ورفعه.
وأما ما خالف الوجوه الصحيحة في العربية ففيه نظر قوي لأنا لا ثقة لنا بانحصار فصيح كلام العرب فيما صار إلى نحاة البصرة والكوفة، وبهذايبطل كثيرا مما زيفه الزمخشري من القراءات المتواترة بعلة أنها جرت على وجوه ضعيفة في العربية لا سيما ما كان منه في قراءة مشهورة .
-حكم ترجيح قراءة على أخرى :
القراءات العشر الصحيحة المتواترة، قد تتفاوت بما يشتمل عليه بعضها من خصوصيات البلاغة أو الفصاحة أو كثرة المعاني أو الشهرة، وهو تمايز متقارب، وقل أن يكسب إحدى القراءات في تلك الآية رجحانا، على أن كثيرا من العلماء كان لا يرى مانعا من ترجيح قراءة على غيرها، ومن هؤلاء الإمام محمد بن جرير الطبري.
القراءة التي اعتمدها ابن عاشور في تفسيره :

هي أن يبني أول التفسير على قراءة نافع برواية عيسى ابن مينا المدني الملقب بقالون لأنها القراءة المدنية إماما وراويا ولأنها التي يقرأ بها معظم أهل تونس، ثم يذكر خلاف بقية القراء العشرة خاصة.
منهج ابن عاشور في التفسير بالقراءات :
يقتصر في تفسيره على التعرض لاختلاف القراءات العشر المشهورة خاصة في أشهر روايات الراوين عن أصحابها لأنها متواترة.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 03:19 PM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

🔷جديد مقدمات التفسير .
🔹المقدمة المقدمات : في التفسير والتأويل وكون التفسير علما.
🔸معنى التفسير : التفسير مصدر فسر بتشديد السين الذي هو مضاعف فسر بالتخفيف .
والفسر :هو الإبانة والكشف .
🔸قاعدة مهمة في معاني الصيغ : وهي قرينة الحال
،أو قرينة السياق،كما في العدول عن أفعل إلى فعّل .
🔺فائدة : لا يلزم أن يكون هناك فرق في التفسير بين المحسوسات والمعقولات .
🔸التفسير في الاصطلاح : نقول: هو اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن وما يستفاد منها باختصار أو توسع . {دلالة هذا الكلام أن علم التفسير عنده يتعدى معرفة المعاني فقط }

🔺قاعدة مهمة : أى معلومة يقوم فهم المعنى عليها فهي من صلب التفسير .

🔸موضوع التفسير: ألفاظ القرآن من حيث البحث عن معانيه .
مثال ذلك : {يوم الدين} هو يوم الجزاء،
هذه الآية بيان معنى دون المراد .

🔸الاستنباط : يأتي بعد فهم المعنى .
مثال ذلك : قوله : {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} مع قوله: { وّوفصاله في عامين} يؤخذ منه أن أقل الحمل ستة أشهر .

🔸جماع القول في الفرق بين التفسير والتأويل .
من العلماء من جعلهما متساويين، وإلى ذلك ذهب ثعلب وابن الأعرابي وأبو عبيدة، وهو ظاهر كلام الراغب .
ومنهم من جعل التفسير للمعنى الظاهر والتأويل للمتشابه .
ومنهم من قال بالمعنى الأصولي، التأويل صرف اللفظ عن ظاهر معناه إلى معنى آخر محتمل لدليل .

🔺قاعدة : صحة الاستنباط من صحة المعنى .

🔸الفرق بين علم القراءات ،ومعرف المعاني أن الأولى في كيفية الأداء والثانية في البحث عن المعاني فتمايزت في الموضوعات وإن اتفتقتا في الالفاظ .

🔸ابن عاشور لا يعد التفسير علماإلا تسامحٌ ، وذلك لمصطلح مفهوم العلم عنده .
🔸يفهم من كلام ابن عاشور أن التفسير إذا كان له أصول كلية مضبوطه فإنه يدخل في هذه العلوم .

🔹أسباب عدّ علم التفسير علماً مستقلاً .
- لكون مباحثه تؤدي إلى استنباط علوم أخرى .

- كذلك لكون مباحثه مفيدة تعطي كمالا علميا لمزاولها وتورث العمل .

- بناءً على كونه أشبه بالتأليفات فيدخل في العلم .

- ذكر أن مسائل أصول التفسير هي القواعد الكلية التي يبنى عليها علم التفسير، حيث اعتنى بها العلماء ، وجمعها ابن فارس، وعنى بها أبو البقاء في كلياته .
مثال ذلك من كليات القرآن : قوله :"كل بعل في القرآن يعنى به الزوج إلا قوله تعالى :(أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين ) يعنى به "صنماً" .

- من حق التفسير أن يشتمل على بيان أصول التشريع وكلياته ليكون حقيقا بأن يسمى علما .

- عدّ التفسير أنه أول علم اشتغل به،فنتج من ذلك علوما كلية لها مزيد اختصاص بالقرآن المجيد .

🔸مرتبة علم التفسير :
- إن أخذ من حيث إنه بيان وتفسير لمراد الله من كلامه كان أصلاً من أصول العلوم الشرعية .
- وإن أخذ من حيث ما فيه من بيان مكي ومدني، وناسخ ومنسوخ، كان من متممات العلوم الشرعية .

🔸بداية ظهور علم التفسير .
ظهر الخوض فيه في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان الصحابة رضوان الله عليهم يسألون عما أشكل عليهم ،ثم اشتهر فيه بعد من الصحابة علي وابن عباس وغيرها، إذ هما أكثر الصحابة قولا في التفسير .
-و في عهد التابعين كثرت الفتوحات ودخل في الإسلام أعداداً كثيرة من لا يعرف العربية فلزم التصدي لبيان معاني القرآن لهم، ومن أشتهر منهم مجاهد وابن جبير .

🔸 أول من صنف فيه .
عبد الملك بن جري المكي ،صنف كتابه في تفسير آيات كثيرة وجمع فيه آثارا وغيرها وأكثر روايته عن أصحاب ابن عباس مثل عطاء ومجاهد .

🔸المرويات في التفسير .
- تفسير محمد بن السائب الكلبي ،المروي عن أبي صالح عن ابن عباس .
تصنيفه : صُنف أنه أوهى الروايات ورمي أبو صالح بالكذب ، وهو متهم في دينه ، وإذا انضم إليها رواية محمد بن مروان السدي عن الكلبي فهي كما قالوا سلسلة الكذب .
-وردت عدة رويات عن ابن عباس، كارواية مقاتل و الضحاك ورواية علي بن أبي طلحة، وأصحها رواية علي بن أبي طلحة، وهي التي اعتمدها البخاري في كتاب التفسير .
🔸هل كل ما ينسب إلى ابن صحيح .
لا يصح كلما نسب إلى ابن عباس، لأن الوضاعون والمدلسون قد اتخذوها ملجأ لتصحيح ما يروونه من رويات باطلة .
كما إن هنالك روايات تسند لعلي رضي الله عنه، أكثرها من الموضوعات، إلا ما روي بسند صحيح .

🔸مسالك العلماء في التفسير :
*منهم من سلك مسلك نقل ما يؤثر عن السلف، وأول من صنف فيه، مالك ابن أنس .
وأشهر أهل هذه الطريقة فيما هو بأيدي الناس تفسير الطبري . {كذلك لم يخلوا مع ذلك من النظر والترجيح } وابن مخلد ، وبن أبي حاتم، وابن مردويه .
منهم من التزم في تفسيره على ما هو مروي عن الصحابة والتابعين،
*ومنهم من سلك مسلك النظر كأبي عبيدة ،والفراء، الزجاج وأبي علي الفارسي .
*ظهور تفسيران اعتبرهما ابن عاشور مرجع لمن بعدهما وسماهما عضدتا الباب .
كتاب الكشاف للزمخشري ،و المحرر الوجيز لابن عطية .
*مميزات هذان الكتابان .
الغوص على معاني الآيات .
يأتيان بشواهد من كلام العرب .
ذكر كلام المفسرين .
إلا أن منحى البلاغة والعربية بالزمخشري أخص، { كذلك منحى الاعتزال ظاهر وخفي }
ومنحى الشريعة على ابن عطية أغلب .{وميزة تحرير الأقوال }

🔷 القاعدة الثانية : استمداد علم التفسير .
يستمد علم التفسير من معلومات سبق وجودها على وجود ذلك العلم ليكون عوناعلى إتقان تدوين ذلك العلم .
*سبب تسميته : سمي بذلك في الاصطلاح بالاستمداد عن تشبيه احتياج العلم لتلك المعلومات بطلب المدد .
*حد هذا الاستمداد : ما يتوقف عليه تقومه .
*مصادره : من المجموع الملتئم من علم العربية وعلم الآثار، ومن أخبار العرب وأصول الفقه قيل وعلم الكلام وعلم القراءات.
🔹المصدر الأول : قواعد اللغة العربية .
لإن القرآن كلام عربي فكانت قواعد العربية طريقا لفهم معانيه، وبدون ذلك يقع الغلط وسوء الفهم، لمن ليس بعربي بالسليقة .
🔸المعنيّ بقواعد العربية : مجموع علوم اللسان العربي، من لغة، وتصريف، ونحو، ومعاني، وبيان ،

*ومن أهمها علمي البيان والمعاني لأنهما وسيلة لإظهار خصائص البلاغة القرآنية، وما تشتمل عليه الآيات من تفاصيل المعاني وإظهار وجه الإعجاز ولذلك كان هذان العلمان يسميان في القديم علم دلائل الإعجاز وذكر قول الكشاف .
وقال الجرجاني في آخر فن البيان من "المفتاح": "لا أعلم في باب التفسير بعد علم الأصول أقرأ على المرء لمراد الله من كلامه، من علمي المعاني والبيان، ولا أعون على تعاطي تأويل متشابهاته، ولا أنفع في درك لطائف نكته وأسراره، ولا أكشف للقناع عن وجه إعجاز......"
*و كذلك استعمال العرب المتبع من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وتراكيب بلغائهم .
وهذا لا غنى للمفسر عنه في بعض المواضع لاستشهاد على المراد في الآية، ببيت من الشعر، أو بشيء من كلام العرب لتكميل ما عنده من الذوق عند خفاء المعنى،ولترجيح أحد الاحتمالين على الآخر في معاني القرآن كما في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء}، وعرض لديه احتمال أن يكون عطف قوله: {ولا نساء} على قوله: {قوم} عطف مباين، أو عطف خاص على عام فاستشهد المفسر في ذلك بقول زهير:
وما أدري وسوف إخال أدري = أقوم آل حصن أم نساء
كي تطمئن نفسه لاحتمال عطف المباين دون عطف الخاص على العام .
*كذلك ويدخل فيه ما يجري مجرى التمثيل والاستئناس للتفسير من أفهام أهل اللسان أنفسهم
ليحصل بذلك لممارسة المولد ذوق يقوم عنده مقام السليقة والسجية عند العربي القح .
وتحصل لغير العربي بتتبع موارد الاستعمال والتدبر في الكلام المقطوع ببلوغه غاية البلاغة .
وقال :فلا بأس على الدخيل في علم المعاني، أن يقلد صاحبه في بعض فتاواه إن فاته الذوق هناك إلى أن يتكامل له على مهل موجبات ذلك الذوق" اهـ.
🔸الثاني : الآثار .
ويعنى بها ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، من تفسير للمغيبات وبيان في بعض المواضع .
* وما نقل عن الصحابة الذين شاهدوا نزول الوحي من بيان سبب النزول، وناسخ ومنسوخ، وتفسير مبهم، وتوضيح واقعة من كل ما طريقهم فيه الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، دون الرأي .
مثال ذلك : كون المراد من قوله تعالى: {ذرني ومن خلقت وحيدا} الوليد بن المغيرة المخزومي أبا خالد بن الوليد .
* ما نقل من إجماع الأمة على تفسير معنى، لأنها لا تجمع إلا عن مستند ،كإجماعهم على أن المراد من من الصلاة في سورة الجمعة هي صلاة الجمعة .

🔸الثالث : القراءات
يحتاج إلى القراء ات في التفسير لثلاثة أحوال :
*في حين الاستدلال بالقراءة على تفسير غيرها ترجيحاً لأحد المعاني القائمة .
*أو لاستظهار على المعنى لأنها إن كانت مشهورة، تكون حجة لغوية .
كذلك وإن كانت القراءة شاذة فحجتها من حيث إن قارئها ما قرأ بها إلا استنادا لاستعمال عربي صحيح، لا من حيث الرواية، لأنها لا تكون صحيحة.

🔸الرابع : أخبار العرب .
خصها بالذكر دفعاً لمن يتوهم أن الاشتغال بها من اللغو ،وإنما يستعان بها على فهم ما أوجزه القرآن في سوقها، لأنه بمعرفة الأخبار يعرف ما أشارت له الآيات من دقائق المعاني، كنحو قوله تعالى: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا} وقوله: {قتل أصحاب الأخدود} يتوقف على معرفة أخبارهم عند العرب.

خامساً : أصول الفقه .
لايعد من مادة التفسير، ولكن بعضه يدخل فيه من جهتين:
*إحداهما أن علم الأصول قد أودعت فيه مسائل كثيرة هي من طرق استعمال كلام العرب وفهم موارد اللغة مثل مسائل الفحوى ومفهوم المخالفة .

*الثانية: أن علم الأصول يضبط قواعد الاستنباط ويفصح عنها فهو آلة للمفسر في استنباط المعاني الشرعية من آياتها.

🔸مالايعد من مدد علم التفسير .
*ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير آيات، ولا ما يروى عن الصحابة في ذلك لأن ذلك من التفسير لا من مدده .
*كذلك ما فسر بعضه بعضا لأنه يعد من حمل بعض الكلام على بعض، كتخصيص العموم وتقييد المطلق
وغير ذلك .
ولا يعنى به ما ذكره ابن هشام من أن القرآن كله كالسورة الواحدة، ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابه في سورة أخرى، نحو: {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} وجوابه {ما أنت بنعمة ربك بمجنون} اهـ.
فهذا كلام لا يحسن إطلاقه، لأن القرآن قد يحمل بعض آياته على بعض وقد يستقل بعضها عن بعض .

🔺تنبيه .
لابد أن يعلم أن استمداد علم التفسير، من هذه المواد لا ينافي كونه رأس العلوم الإسلامية وأصلها وإنما لقصد تفصيل التفسير على وجه أتم من الإجمال .

🔷المقدمة الثالثة : في صحة التفسير بغير المأثور ومعنى التفسير بالرأي .
أثار ابن عاشور سؤال لربما يطرأعلى من يقرأ مقدمته عن التفسير بالرأي، وهو إمعان النظر في الآيات واستخراج المعاني والدلالات وبيان الجوانب اللغوية والباينة وهوالذي سلكه في تفسيره وقعد
له قواعد .
🔸الأدلة التي على صحة هذا القول .
*أن عجائب القرآن لا تنقضي فمن أعطي فهما وعلما وكان على جادة السلف فيُحمد له هذا .
*لولا سلوك هذا المسلك لكان تفسير كتاب الله ورقات قليلة وما تحصلت هذه التفاسير الجمة .
*ماورد عن السلف من أقوال قالوا بها يشهد لهذا القول.
*كذلك وجود الاختلاف بين الصحابة في الاقوال على وجه لا يمكن الجمع بينها،وعدم رجوعهما لقول قائل يقول : إنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليه من خالفه،يتبين على القطع أن كل مفسر قال في معنى الآية بما ظهر له باستنباطه
برأيه وعلمه .
*كذلك قول علي رضي الله عنه "لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن" فدل هذا على صحة هذا المسلك .
وغير هذا من الشواهد التي ذكرها في مقدمته .

🔸الجواب عن الشبهة التي نشأت من الآثار المروية في التحذير من تفسير القرآن بالرأي .
1- أن المراد بالرأي هو القول عن مجرد خاطر دون استناد إلى نظر في أدلة العربية ومقاصد الشريعة وتصاريفها، والأمثلة على هذا كثيرة منها ،من
فسر {الم} إن الله أنزل جبريل على محمد بالقرآن فإنه لا مستند لذلك، وأما ما روي عن الصديق رضي الله عنه فيما تقدم في تفسير الآية فذلك من الورع خشية الوقوع في الخطأ ،{ وقد يكون لردع متسرع، أو تعليم جاهل ،أوغير ذلك مما يلزمه الحال والمقام } وإلا هو رضي الله عنه قد ورد له تفسير في موضع آخر .

2- أن يفسر الآية من بادئ الرأي دون الإحاطة بجوانب الآية ومواد التفسير مقتصرا على بعض الأدلة دون بعض، أو بما يبدو من ظاهر اللغة دون استعمال العرب كمن يقول في قوله تعالى: {وآتينا ثمود الناقة مبصرة} فيفسر مبصرة بأنها ذات بصر لم تكن عمياء، فهذا من الرأي المذموم لفساده.
3- صرف الآيات إلى غير المراد منها،ميلاً إلى مذهب أو نحلة ،( كمن يعتقد من الاستواء على العرش التمكن والاستقرار، ) . {هذه الجملة استوقفتني ولا أدري ماكنهها وأخشى أن يكون وقع بالذي حذر منه }
والذي نعلمه ونؤمن به كما قال الأمام "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"،
وضرب رحمه الله أمثلة كثيرة يبين فيه هذا المصرف .
4- أن يفسر القرآن برأي على مقتضى اللفظ ثم يزعم أن ذلك هو المراد دون غيره، فيكون فيه تضييق على المتأولين.
5 - أن يكون القصد التحذير وأخذ الحيطة في التدبر والتأويل وهذا مقام تفاوت فيه العلماء ... والحق أن الله ما كلفنا في غير أصول الاعتقاد بأكثر من حصول الظن المستند إلى الأدلة والأدلة متنوعة على حسب أنواع المستند فيه، وأدلة فهم الكلام معروفة وقد بيناها.

🔸الرد على من زعم بأن تفسير القرآن يجب أن لا يعدو ما هو مأثور .
عدهم رحمه الله أنهم رموا هذه الكلمة على عواهنها ولم يضبطوا مرادهم من المأثور عمن يؤثر،
*فإن كان مرادهم بالمأثور ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من صحيح ما ورد في تفسير بعض الآيات فقد ضيقوا واسع معانى القرآن وناقضوا أنفسهم في مادونوه من التفاسير وغلطوا سلفهم من الصحابة فيما تأولوه ، حيث ورد أن عمر رضي الله عنه قد سأل أهل العلم عن معاني آيات كثيرة ولم يشترط عليهم أن يرووا له ما بلغهم في تفسيرها عن النبي صلى الله عليه وسلم .
*إن أرادوا بالمأثور ما روي عن النبي وعن الصحابة خاصة وهو ما يظهر لم يتسع ذلك ، لأن أكثر الصحابة لا يؤثر عنهم في التفسير إلا شيء قليل .

*وإن أرادوا بالمأثور ما كان مرويا قبل تدوين التفاسير الأول مثل ما يروى عن أصحاب ابن عباس وأصحاب ابن مسعود، فقد فتحوا الباب على شقه، إذ لا محيص لهم من الاعتراف بأن التابعين قالوا أقوالا في معاني القرآن لم لم يسندوها .

🔹ذكر بعض الطوائف التي فسرت القرآن على حسب هواها .
🔸التفسير الباطني : وهو وصرف ألفاظ القرآن عن ظاهره إلى ما سموه باطنه .
*سبب تسميته بهذا الأسم :منتسبين إلى طائفة من غلاة الشيعة عرفوا عند أهل العلم بالباطنية .

*حجتهم في ذلك : زعموا أن القرآن إنما نزل متضمنا لكنايات ورموز عن أغراض ، مستدلين بما روى عن رسول صلى الله عليه وسلم قال: ((إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا)).
وبماروى ابن عباس أنه قال: إن للقرآن ظهرا وبطنا.
*الرد على هذا القول .
يرد عليه أنه لم يصح شيئما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وإن صحت فإن من بقية كلامه أنه قال: فظهره التلاوة وبطنه التأويل ،أي الظهر هو اللفظ والبطن هو المعنى.
*مثال تفسيرهم الباطل : في قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} أي لا يصل أحد إلى الله إلا بعد جوازه على الآراء الفاسدة إما في أيام صباه، أو بعد ذلك، ثم ينجي الله من يشاء .

*سبب نهجهم هذا النهج : هروباً من محاجة العلماء لهم بأدلة القرآن والسنة .

*كذلك خوفهم من رميهم بالتعصب إن خصوا ما يريدون فقط فرأوا صرف جميع القرآن عن ظاهره.

🔸من تصدى لهم من العلماء .
ذكر ابن العربي في كتابه العواصم شيئاً من فساد مذهبهم ، وكذلك تصدى لهم الغزالي في في كتابه الملقب بـ "المستظهري" وقال: فالباطن لا ضبط له بل تتعارض فيه الخواطر فيمكن تنزيل الآية على وجوه شتى اهـ. يعني والذي يتخذونه حجة لهم يمكن أن نقلبه عليهم وندعي أنه باطن القرآن لأن المعنى الظاهر هو الذي لا يمكن اختلاف الناس فيه لاستناده للغة الموضوعة من قبل.

🔸التفسير الإشاري : ذكر معاني لبعض آيات القرآن لا تجري على اللفظ ظاهرا ولكن بتأويل ونحوه.
الفرق بين التفسير الإشاري والباطني .
أن التفسير الإشاري لايجزم بالمعنى إنما يبين إنه يصلح للتمثل به .
كذلك أنهم سموها إشارات ولم يسموها معاني .
والتفسير الباطني صرف للمعنى كما علمنا .

رأي العلماء في التفسير الإشاري .
قال الشيخ الغزالي في كتاب "الإحياء": إذا قلنا في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة)) فهذا ظاهره أو إشارته أن القلب بيت وهو مهبط الملائكة ومستقر آثارهم، والصفات الرديئة كالغضب والشهوة والحسد والحقد والعجب كلاب نابحة في القلب فلا تدخله الملائكة وهو مشحون بالكلاب، ونور الله لا يقذفه في القلب إلا بواسطة الملائكة، فقلب كهذا لا يقذف فيه النور. وقال: ولست أقول إن المراد من الحديث بلفظ البيت القلب وبالكلب الصفة المذمومة ولكن أقول هو تنبيه عليه، وفرق بين تغيير الظاهر وبين التنبيه على البواطن من ذكر الظواهر اهـ.
واحتج له ابن عاشور بقوله :"ومثل هذا قريب من تفسير لفظ عام في آية بخاص من جزئياته كما وقع في كتاب المغازي من صحيح البخاري عن عمرو بن عطاء في قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا} قال هم كفار قريش، ومحمد نعمة الله {وأحلوا قومهم دار البوار} قال يوم بدر".
أما ابن العربي فقد أبطله ولا يرى صحته .

🔹حد الإشارات على رأي ابن عاشور .

*ما كان يجري فيه معنى الآية مجرى التمثيل لحال شبيه بذلك المعنى كما يقولون مثلا في {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه} أن فيها تشبيه لمثل حال من لا يزكي نفسه بالمعرفة ويمنع قلبه أن تدخله صفات الكمال الناشئة عنها بحال مانع المساجد أن يذكر فيها اسم الله،

*ما كان من نحو التفاؤل فقد يكون للكلمة معنى يسبق من صورتها إلى السمع هو غير معناها المراد وذلك من باب انصراف ذهن السامع إلى ما هو المهم عنده، كما في قوله تعالى: {من ذا الذي يشفع} من ذل ذي ،أن فيها إشارة للنفس ،فهذا يأخذ صدى موقع الكلام في السمع ويتأوله على ما شغل به قلبه.

*أن شأن أهل النفوس اليقظه أن ينتفعوا من كل شيء فما ظنك بهم إذا قرأوا القرآن وتدبروه فاتعظوا بمواعظه، مقتبسين من قوله تعالى: {فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا} أن القلب الذي لا يتمثل رسول المعارف تكون عاقبته وبالا.

*مالا يدخل في التفسير الإشاري .
ما يعرف في الأصول بدلالة الإشارة، وفحوى الخطاب، وفهم الاستغراق من لام التعريف في المقام الخطابي، ودلالة التضمن والالتزام وتنبيهات القرآن.

🔷المقدمة الرابعة .
🔸غاية المفسر من التفسير .
بيان ما يصل إليه من مراد الله تعالى في كتابه بأتم بيان يحتمله المعنى ولايأباه اللفظ من مقاصد القرآن .
🔸المقاصد الأصلية التي جاء القرآن لتبيانها .
الأول: إصلاح الاعتقاد وتعليم العقد الصحيح.
الثاني: تهذيب الأخلاق قال تعالى {وإنك لعلى خلق عظيم}.
الثالث: التشريع وهو الأحكام خاصة وعامة. قال تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله}
الرابع: سياسة الأمة وهو باب عظيم في القرآن القصد منه صلاح الأمة ،كما قال تعالى : {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} .
الخامس: القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أحوالهم قال: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين} .
السادس: التعليم بما يناسب حالة عصر المخاطبين
كان المقصد الأعلى منه صلاح الأحوال الفردية، والجماعية، والعمرانية.
السابع: المواعظ والإنذار والتحذير والتبشير، وكذلك المحاجة والمجادلة للمعاندين .
الثامن: الإعجاز بالقرآن ليكون آية دالة على صدق الرسول .

🔸طرائق المفسرين في تفسير القرآن .
الأول: الاقتصار على الظاهر من المعنى الأصلي للتركيب مع بيانه وإيضاحه .
الثاني: استنباط معان من وراء الظاهر تقتضيها دلالة اللفظ أو المقام ولا يجافيها الاستعمال ولا مقصد القرآن .
الثالث:اجتلاب مسائل علمية مناسبة لمقصد الآية، كما في قوله تعالى {كي لايكون دولة بين الأغنياء منكم} فيؤخذ منها تفاصيل علم الاقتصاد السياسي و توزيع الثروة العامة ونعلل تشريعات الزكاة والمواريث والمعاملات فالآية تومىء لهذه الأمور إيماء .

🔹موقف العلماء في سلوك الطريقة الثالثة .
ذكرابن رشد : أجماع المسلمين على ألا تحمل ألفاظ الشرع كلها على ظاهرها،وأن الشرع له ،ظاهر وباطن وتخلص إلى القول بأن بين العلوم الشرعية والفلسفية اتصالا.
وإلى مثل هذا ذهب الشيرازي والغزالي والرازي وابن العربي وأمثالهم وقد ملؤا كتبهم من الاستدلال على المعاني القرآنية بقواعد العلوم الحكمية .
وأماالشاطبي: فإنه يرى أنه لا يصح في مسلك الفهم والإفهام إلا ما يكون عاما لجميع العرب.
وقال أنه لم يصح عن السلف وهم أعلم بالقرآن وعلومه وما أودع فيه .
رد ابن عاشور على كلام الشاطبي .
يرى ابن عاشور أن قوله هذا مبني على ما أسسه من كون القرآن خطابا للأميين ،ويرى أنه أساس واه لوجوه ستة:
الأول أن ما بناه عليه يقتضي أن القرآن لم يقصد منه انتقال العرب من حال إلى حال وهذا باطل لما قدمناه، قال تعالى: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا}.
الثاني أن مقاصد القرآن راجعة إلى عموم الدعوة وهو معجزة باقية فلا بد أن يكون فيه ما يصلح لأن تتناوله أفهام من يأتي من الناس في عصور انتشار العلوم في الأمة.
الثالث أن السلف قالوا: إن القرآن لا تنقضي عجائبه يعنون معانيه ولو كان كما قال لانقضت عجائبه بانحصار أنواع معانيه.
الرابع أن من تمام إعجازه أن يتضمن من المعاني مع إيجاز لفظه ما لم تف به الأسفار المتكاثرة.
الخامس أن مقدار أفهام المخاطبين به ابتداء لا يقضي إلا أن يكون المعنى الأصلي مفهوما لديهم فأما مازاد على المعاني الأساسية فقد يتهيأ لفهمه أقوام، وتحجب عنه أقوام، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
السادس أن عدم تكلم السلف عليها إن كان فيما ليس راجعا إلى مقاصده فنحن نساعد عليه، وإن كان فيما يرجع إليها فلا نسلم وقوفهم فيها عند ظواهر الآيات بل قد بينوا وفصلوا وفرعوا في علوم عنوا بها، ولا يمنعنا ذلك أن نقفي على آثارهم في علوم أخرى لخدمة المقاصد القرآنية أو لبيان سعة العلوم الإسلامية .
رأي ابن عاشور في علاقة العلوم بالقرآن .
يرى أنه على أربعة مراتب:
الأولى: علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم، وتهذيب الأخلاق والفقه والتشريع والاعتقاد والأصول والعربية والبلاغة .
الثانية: علوم تزيد المفسر علما كالحكمة والهيئة وخواص المخلوقات.
الثالثة: علوم أشار إليها أو جاءت مؤيدة له كعلم طبقات الأرض والطب والمنطق.
الرابعة: علوم لا علاقة لها به إما لبطلانها كالزجر والعيافة والميثولوجيا، وإما لأنها لا تعين على خدمته كعلم العروض والقوافي .

🔷المقدمة الخامسة: في أسباب النزول .
🔸المراد بأسباب النزول .
هي حوادث نزلت آيات لأجلها،إما لبيان حكمها أو لحكايتها أو إنكارها أو نحو ذلك .

🔺فائدة : لا يصح أن كلّ آية لها سبب نزول، قال الواحدي في أسباب النزول :"لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل" اهـ.

🔸أسباب تناول ابن عاشور لأسباب النزول في مقدمته .
*توهم بعض الناس أن لكلّ آية سبب نزول .
*ما كان دائراً فيه بين القصد والإسراف .
بيان أن القرآن جاء هادياً إلى ما فيه صلاح الأمة فلا يتوقف نزوله على حدوث الحوادث الداعية إلى تشريع الأحكام .

🔸ما يستفاد من معرفة أسباب النزول .
*تبين المجمل وإيضاح خفي وموجز .
*ومنها ما يكون وحده تفسيرا.
*ومنها ما يدل المفسر على طلب الأدلة التي بها تأويل الآية أو نحو ذلك،كما في آية "الصفا والمروة"
*ومنها ما ينبه المفسر إلى إدراك خصوصيات بلاغية.
*وثمة فائدة أخرى عظيمة لأسباب النزول وهي أن في نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، وبهذا يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين .

🔸أقسام أسباب النزول التي صحت أسانيدها عند ابن عاشور .
الأول: هو المقصود من الآية يتوقف فهم المراد منها على علمه فلابد من البحث عنه للمفسر، وهذا منه تفسير مبهمات القرآن مثل قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} .
الثاني: حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام ، مثل حديث عويمر الذي نزلت عنه آية اللعان .
الثالث: حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها، كما روى عبد الله بن مسعود أن رسول الله قال : ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان)) فأنزل الله تصديق ذلك {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} الآية ...إلى تمام الحديث .
الرابع: حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات، مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية ،كما في "صحيح البخاري" في سورة النساء أن ابن عباس قرأ قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} بألف بعد لام السلام وقال: كان رجل في غنيمة له تصغير غنم فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم فقتلوه أي ظنوه مشركا يريد أن يتقي منهم بالسلام وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام} الآية. فالقصة لا بد أن تكون قد وقعت لأن ابن عباس رواها لكن الآية ليست نازلة فيها بخصوصها ولكن نزلت في أحكام الجهاد بدليل ما قبلها وما بعدها فإن قبلها: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} وبعدها {فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل}.
الخامس: قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} فإذا ظن أحد أن من للشرط أشكل عليه كيف يكون الجور في الحكم كفرا، ثم إذا علم أن سبب النزول هم النصارى علم أن من موصولة وعلم أن الذين تركوا الحكم بالإنجيل لا يتعجب منهم أن يكفروا بمحمد.

🔷 المقدمة السادسة: في القراءات

🔸سبب ذكر القراءات في المقدمة .
*عناية كثير من المفسرين بذكرها .
*أنه علم مستقل قد خص بالتدوين والتأليف وأشبع.
*من الأسباب ليعرف مقدار تعلق اختلاف القراءات بالتفسير ومراتب القراءات قوة وضعفا.
*التماس العذر له عند اعراضه ذكر كثير من القراءات في أثناء التفسير.

🔹حالات القراءات عند ابن عاشور .
لها حالتين :

🔸الأولى لا تعلق لها بالتفسير فهي اختلاف القراء في وجوه النطق بالحروف والحركات .

🔸مزية هذه القراءاة .
*حفظت لأبناء العربية لغتهم .
*حددت مخارج الحروف وصفاتها وكيفية نطق العرب بالحروف، وبيان اختلاف العرب في لهجات النطق.
*بينت سعة وجوه الإعراب في العربية .

🔸وجه اختلاف القراء بعد الجمع العثمانى.
*أن أئمة العربية لما قرأوا القرآن قرأوه بلهجات العرب الذين كانوا بين ظهرانيهم في الأمصار التي وزعت عليها المصاحف .
*احتمال أن يكون القارئ الواحد قد قرأ بوجهين ليري صحتهما في العربية،وذلك قصدا لحفظ اللغة مع حفظ القرآن الذي أنزل بها .
*أنه يحتمل أن يكون كثير من اختلاف القراء في هذه الناحية اختيارا .

🔸رأي بعض العلماء في بعض طرق القراء .
الزمخشري وابن العربي نقدا بعض طرق القراء، ويرى "ابن عاشور" أن في بعض نقدهم نظرا، وكره مالك القراءة بالإمالة مع ثبوتها، فدلت كراهته على أنه يرى أن القارئ بها ما قرأ إلا بمجرد الاختيار، وذكر القرطبي في تفسيره سورة الشعراء عن أبي إسحاق الزجاج،إنه يجوز أن يقرأ "طسين ميم" بفتح النون من "طسين" وضم الميم الأخيرة كما يقال هذا معد يكرب اهـ مع أنه لم يقرأ به أحد.
وعلق ابن عاشور عليه بقوله : ولا ضير في ذلك ما دامت كلمات القرآن وجمله محفوظة على نحو ما كتب في المصحف الذي أُجمع عليه .

🔸شروط القراءة الصحيحة السند التي لم تبلغ حد التواتر .
لها ثلاثة شروط :

*موافقتها وجها في العربية .
*موافقتها خط مصحف عثمان .
*صحة سند راويها .
*أما القراءة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهي غنية عن هذه الشروط لأن تواترها يجعلها حجة.

🔸الجمع العثماني .
جمع عثمان رضي الله عنه كان إتماما لما فعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه من جمعه القرآن الذي كان يقرأ في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم .

🔸القراء الذين انحصرت فيهم شروط الروايات العشر. نافع بن أبي نعيم المدني، وعبد الله بن كثير المكي، وأبو عمرو المازني البصري وعبد الله بن عامر الدمشقي، وعاصم بن أبي النجود الكوفي، وحمزة بن حبيب الكوفي، والكسائي علي بن حمزة الكوفي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، وخلف البزار بزاي فألف فراء مهملة الكوفي، وهذا العاشر ليست له رواية خاصة، وإنما اختار لنفسه قراءة تناسب قراءات أئمة الكوفة.
🔸حكم القراءة فيما دون العشر .
يرى العلماء أنه لا تجوز القراءة بها ولا أخذ حكم منها لمخالفته المصحف .

سبب قول المفسرون قراءة النبي صلى الله عليه وسلم .
لأنها غير منتسبة إلى أحد من أئمة الرواية في القراءات، فسميت بهذا الاسم ، لا لأنها وحدها المأثورة عنه،ولا ترجيحها على القراءات المشهورة التي رويت عنه صلى الله عليه وسلم بأسانيد أقوى .

🔸سبب تجلية هذا .
حتى لا يوهم أن غيرها لم يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم، و يرجع إلى تبجح أصحاب الرواية بمروياتهم.

🔸الثانية لها تعلق به من جهات متفاوتة .
كاختلاف القراء في حروف الكلمات مثل {مالك يوم الدين} (ملك يوم الدين) وكذلك اختلاف الحركات الذي يختلف معه معنى الفعل كقوله {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون} قرأ نافع بضم الصاد وقرأ حمزة بكسر الصاد، وهذا له مزيد تعلق بالتفسير لأن ثبوت أحد اللفظين في قراءة قد يبين المراد من نظيره في القراءة الأخرى، أو يثير معنى غيره، ولأن اختلاف القراءات في ألفاظ القرآن يكثر المعاني في الآية الواحدة نحو {حتى يطهرن} بفتح الطاء المشددة والهاء المشددة، وبسكون الطاء وضم الهاء مخففة، وغير هذا من له تعلق من جهات مختلفة .
🔸رأي ابن عاشور في اختلاف القراءات .
الذي يراه أنه على المفسر أن يبين اختلاف القراءات المتواترة لأن في اختلافها توفيرا لمعاني الآية غالبا فيقوم تعدد القراءات مقام تعدد كلمات القرآن.

🔹أقوال العلماء في حديث "عمر مع هشام بن
حكيم"
🔸ترجع أقوالهم إلى اعتبارين:
الأول : اعتبار الحديث منسوخا، وهو رأي جماعة منهم أبو بكر الباقلاني وابن عبد البر وأبو بكر بن العربي والطبري،ونسب إلى إلى ابن عيينة وابن وهب قالوا كان ذلك رخصة في صدر الإسلام، ثم نسخ ذلك بحمل الناس على لغة قريش لأنها التي بها نزل القرآن وزال العذر لكثرة الحفظ وتيسير الكتابة، وقال ابن العربي: دامت الرخصة مدة حياة النبي عليه السلام .

🔸أقوال العلماء في معنى الرخصة بسبعة أحرف .
للعلماء فيها ثلاثة أقوال :

الأول : أن المراد بالأحرف الكلمات المترادفة للمعنى الواحد، وعلى هذا فيكون المراد بالسبعة حقيقة العدد وهو قول الجمهور، إلا كلمات قليلة مثل {أف}– {وجبريل}– و{أرجه}.
وذكر أنه حصل اختلاف في تعيين اللغات السبع فقيل هي من عموم لغات العرب وذكروا عدد من القبائل .
الثاني:أن العدد غير مراد به حقيقته بعتباره محكما،إنما كناية عن التعدد والتوسع وهو من لغة واحدة ،كقوله: {كالعهن المنفوش} وقرأ ابن مسعود (كالصوف المنفوش)، وقرأ أبي {كلما أضاء لهم مشوا فيه} "مروا فيه" "سعوا فيه"، وأقرأ ابن مسعود رجلا {إن شجرت الزقوم طعام الأثيم} فقال الرجل: (طعام اليتيم)، فأعاد له فلم يستطع أن يقول: {الأثيم} فقال له ابن مسعود: أتستطيع أن تقول طعام الفاجر? قال: نعم، قال: فاقرأ كذلك، وقد اختلف عمر وهشام بن حكيم ولغتهما واحدة.
قال به جماعة منهم عياض .
والذين قالوا بالأحكام ذهبوا في تأويله مذاهب: فمنهم من قال أن المراد من الأحرف أنواع أغراض القرآن كالأمر والنهي، والحلال والحرام، أو أنواع الكلام كالخبر والإنشاء، أو أنواع الدلالة،ويرى ابن عاشور أن كل ذلك لا يناسب سياق الحديث .
الثالث: أن المراد التوسعة ما لم يخرج عن مناسبة في نحو {كان الله سميعا عليما} أن يقرأ عليما .
ذهب إليه ابن عبد البر.

🔸هل القراءات السبع اللغات السبع .
من الناس من يظن ذلك وهذ غلط ولم يقله أحد من أهل العلم .

🔸هل تنحصر القراءات في سبع .
لم يدل دليل على انحصار القراءات في سبع وإنما حصل إما بدون قصد أو بقصد التيمن بعدد السبعة أو بقصد إيهام أن هذه السبعة هي المرادة من الحديث تنويها بشأنها بين العامة،ونقل السيوطي عن أبي العباس ابن عمار أنه قال: لقد فعل جاعل عدد القراءات سبعا ما لا ينبغي، وأشكل به على العامة إذ أوهمهم أن هذه السبعة هي المرادة في الحديث، وليت جامعها نقص عن السبعة أو زاد عليها.
🔸مراتب القراءات الصحيحة والترجيح بينها .
المرتبة الاولى :القراءة المتواترة وهي التي لا تخالف الفاظ المصحف المتفق عليها وإن اختلفت في وجوه الأداء وكيفيات النطق .
المرتبة الثانية :ما كان نطقه صالحا لرسم المصحف، واختلف فيه، فهو مقبول وما هو بمتواتر لأن وجود الاختلاف فيه مناف لدعوى التواتر .

🔸من تنتهي إليه أسانيد القراءات العشر .
تنتهي إلى ثمانية من الصحابة وهم: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله من مسعود، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، فبعضها ينتهي إلى جميع الثمانية وبعضها إلى بعضهم .

🔸مراتب وجوه الإعراب في القرآن .
الأولى :المتواتر وهو أكثرها إلا ما ساغ فيه إعرابان مع اتحاد المعاني نحو: {ولات حين مناص} بنصب حين ورفعه، ونحو {وزلزلوا حتى يقول الرسول} بنصب (يقول) ورفعه .
الثاني : ما خالف الوجوه الصحيحة في العربية فيه نظر قوي ،لأنه لا ثقة بانحصار فصيح كلام العرب فيما صار إلى نحاة البصرة والكوفة .

🔸تمايز القراءات .
تتمايز القراءات العشر بعضها عن بعض بما تشتمل عليه من خصوصيات البلاغة ،أو فصاحة أو كثرة المعاني أو شهرة .

🔸-هل ترجيح بعض القراءات على بعض معناه أن المرجوحة أضعف في الإعجاز؟
ليس كذلك لأن التي قد تكون أقل إعجازاً لها ميزة أنها نشأت عن ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم للقارئ أن يقرأ بالمرادف تيسيرا على الناس ،كما يشعر به حديث تنازع عمر مع هشام بن حكيم .

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 محرم 1440هـ/25-09-2018م, 07:21 AM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

&مقدمة المؤلف :
-البدء بخطبة الحاجة بعد الحمد والثناء والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-صفات كتاب الله وهداياته ومعجزاته .
-اهتمام المفسرين ببيانه ، وحملهم همّ هذا الكتاب ،وتفسيره على الوجه الصحيح .
&تأليف كتاب التفسير ،ومنهجه فيه.
-سماه (تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد ) واختصره بتفسير (التحرير والتنوير ).
-ظهر في تفسيره النكت لم يسبقه إليها أحد.
-بين أغراض السورة ، واعتنى بالمناسبات بين الآيات واتصال بعضها ببعض.
-زاد في معاني القرآن ، واهتم بتحقيقها وضبطها.
-حرص على بيان الإعجاز ونكت البلاغة .
&مايعين الباحث من مقدمات في التفسير :
*مقدمات في التفسير :
-معنى التفسير اللغوي والإصطلاحي :
المعنى اللغوي :التفسير مصدر فسر بتشديد السين ، والفسر الإبانة والكشف لمدلول كلام أو لفظ بكلام آخر هو أوضح .
المعنى الإصطلاحي :هو اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن وما يستفاد منها باختصار أو توسع.
&موضوع التفسير :
هو البحث عن معاني القرآن ومايستنبط منه.
&العلم إذا أطلق يراد به.
-يراد به نفس الإدراك، إما تصور وإما تصديق.
-وإما أن يراد به الملكة المسماة بالعقل .
- وإما أن يراد به التصديق الجازم وهو مقابل الجهل.
- بالعلم يراد المسائل المعلومات وهي مطلوبات خبرية يبرهن عليها في ذلك العلم وهي قضايا كلية .
-تصورات هذا العلم جزئية وليست كلية يبرهن عليها ، بتفاسير لغوية أو استنباط معاني.
&أوجه القرآن كونه علماً مستقلاً يتركز في ستة :
1/إن مباحث علم التفسير ،تؤدي إلى استنباط علوم كثيرة ، وقواعد كلية ، فمن هذا المنطلق يعد علماً مستقلاً ، مثله الشعر ومافيه من نكت بلاغية ،وقواعد لغوية.
2/العلوم الشرعية والأدبية لا يشترط فيها ،ماقسمه الحكماء في تقسيمات العلوم ،بل يكفي أن يكون التفسير أعلاها ، ومباحثها كاملة ومفيدة.
3/التعاريف اللفظية تصديقات على رأي بعض المحققين فهي تؤول إلى قضايا، وتفرع معانيها منزلة الكلية ، وهذا يشترك مع الوجه الأول في جعل مباحث التفسير منزلة المسائل.
4/علم التفسير لايخلو من القواعد الكلية ،مثل النسخ والتأويل والمحكم وغيره.
5/سمي علم التفسير علماً ،لأنه أشتمل على بيان أصول التشريع وكلياته فكان حقه ذلك ، لكن المفسرين ابتدأوا بتقصي معاني القرآن ، وانصرفوا عن كليات التشريع إلا ماقل منها.
6/سمي علماً ،لأنه أول من اشتغل به من علماء المسلون واعتنوا به ، وكثرت مناظراتهم ،فكان مفيداً للعلوم الكلية.
&بداية ظهور علم التفسير، ومنزلته .
-كان بداية ظهوره في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، لما كان من الصحابة والسلف الصالح ،حرصهم على السؤال عن ماأشكل عليهم ،من معاني القرآن ،كما سأله عمر رضي الله عنه عن الكلالة، فكان أشهرهم علي بن طالب وابن عباس ،فشاع بعد ذلك بين التابعين ومن تبعهم في بيان معاني القرآن.
-منزلته ، هو رأس العلوم الشرعية ،فهو فهم لمراد الله سبحانه وتعالى ، وتعلقه بفهم أسباب النزول ، والمكي والمدني ، والناسخ والمنسوخ ، وعلم أصول الفقه من حيث العام والخاص ، والقراءات وغيرها.
&تاريخ ونشأة علم التفسير.
*من اشتهر في التفسير من الصحابة والتابعين .
-من الصحابة : علي بن أبي طالب ، وابن عباس ، وعبدالله بن عمروا بن العاص، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وعبدالله بن مسعود.
-ومن التابعين ، مجاهد بن جبر.
-وممن روى عن ابن عباس في تفسيره ،مقاتل والضحاك وأبي صالح ،وابن أبي طلحة ، ومجاهد وعطاء.
*أول من صنف علم التفسير.
-عبد الملك بن جريج المكي المولود سنة 80 هـ والمتوفى سنة 149 هـ ، صنف كتاب التفسير ، وجمع الآثار المروية ، وأكثر رواياته عن أصحاب ابن عباس مجاهد وعطاء .
*مسالك المفسرين :
-من سلك مسلك السلف: مالك بن أنس ، وابن جرير الطبري والداودي ،والسيوطي.
-ومنهم من سلك مسلك النظر كأبي إسحاق الزجاج وأبي علي الفارسي،والزخمشري ،وهو الأخص تميز بالبلاغةوالعربية ، وابن عطية يغوص بالآيات ومعانيها ،ومنحنى الشريعة عنده أغلب.
*الفرق بين التفسير والتأويل.
1-اجمع بعض العلماء ،بأنهم متساوين ، ذهب بذلك ،ثعلب وابن الأعرابي وأبو عبيدة، وهو ظاهر كلام الراغب.
2-ومنهم من جعل التفسير للمعنى الظاهر والتأويل للمتشابه.
3-ومنهم من قال التأويل صرف اللفظ عن ظاهر معناه إلى معنى آخر محتمل لدليل فيكون هنا بالمعنى الأصولي، فإذا فسر قوله تعالى: {يخرج الحي من الميت} بإخراج الطير من البيضة، فهو التفسير، أو بإخراج المسلم من الكافر فهو التأويل.
وقالوا هناك أقوال عدة لاعبرة لذكرها.
-لكن اللغة والآثار تشهد للقول الأول، لأن التأويل مصدر أوله إذا أرجعه إلى الغاية المقصودة، والغاية المقصودة من اللفظ هو معناه وما أراده منه المتكلم به من المعاني، فساوى التفسير بالتأويل.
-فبعض الشواهد يراد بالتأويل مايراد بالتفسير من بيان معاني الآيات وفهم ظاهرها.
&استمداد التفسير.
يتوقف استمداد التفسير من على معلومات سابق وجودها ، فبذلك تكون عوناً على تدوين هذا العلم .
-فيكون استمداد علم التفسير للمفسر العربي والمولد.
-استمداد علم التفسير من العلوم الأخرى لايتنافى مع كونه أصل العلوم الإسلامية .
&استمد علم التفسير من :
-علم العربية ، فيعنى بها مجموع علوم اللسان العربي، وهي: متن اللغة، والتصريف، والنحو، والمعاني، والبيان. ويكون من أساليب العرب في أشعارهم وخطبهم ، فقال عمر: "عليكم بديوانكم لا تضلوا، هو شعر العرب فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم ، قال القرطبي: سئل ابن عباس، عن السنة في قوله تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم له} فقال النعاس وأنشد قول زهير:
لا سنة في طوال الليل تأخذه = ولا ينام ولا في أمره فند.
-علم الآثار ، وهو ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، من بيان المراد من بعض القرآن في مواضع الإشكال والإجمال، وذلك شيء قليل ، قال ابن عطية عن عائشة ما كان رسول الله يفسر من القرآن إلا آيات معدودات علمه إياهن جبريل ، وما نقل عن الصحابة الذين شاهدوا نزول الوحي من بيان سبب النزول، وناسخ ومنسوخ، وتفسير مبهم ،كقول ابن عباس جلست سنين أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ولم يمنعني إا مهابته ،فسأته فقال حفصة وعائشة ، وتشمل الآثار إجماع الأمة على تفسير معنى، إذ لا يكون إلا عن مستند كإجماعهم على أن المراد من الأخت في آية الكلالة الأولى هي الأخت للأم، وأن المراد من الصلاة في سورة الجمعة هي صلاة الجمعة.
-أخبار العرب ، ففي معرفة أخبارهم ، يتحقق معرفة دقائق المعاني في الآيات ، وفهم ماأوجزه القرآن ، فنحو قوله تعالى: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا} وقوله: {قتل أصحاب الأخدود} يتوقف على معرفة أخبارهم عند العرب. ،
-أصول الفقه ، وهو من جهتين: إحداهما أن علم الأصول قد أودعت فيه مسائل كثيرة هي من طرق استعمال كلام العرب وفهم موارد اللغة أهمل التنبيه عليها علماء العربية مثل مسائل الفحوى ومفهوم المخالفة.
والثانية :علم الأصول يضبط قواعد الاستنباط ويفصح عنها فهو آلة للمفسر في استنباط المعاني الشرعية من آياتها.
-علم الكلام ، جملة ما يتوقف عليه علم التفسير، يعني من آيات التشابه في الصفات مثل {الرحمن على العرش استوى}.
-علم القراءات ، فلا يحتاج إليها إلا في حين الاستدلال بالقراءة على تفسير غيرها، وإنما يكون في معنى الترجيح لأحد المعاني القائمة من الآية أو لاستظهار على المعنى.
*مالا يعد من علم التفسير .
-الآثار المروية عن النبي الكريم في تفسير الآيات ، وعن الصحابة فهو من التفسير لا. من مدده .
-ومافي من آي القرآن مايفسر بعضه بعضاً ، فهو من حمل الكلام بعضه لبعض. كتقييد المطلق، وتخصيص العلوم ،وماشابههم.
*سؤال :هل القرآن كله كالسورة الواحدة ؟
-لايحسن هذا القول ، فالقرآن قد يستقل بعضه عن بعض ، وقد يحمل معنى بعضه بعض ، إذ ليس يتعين أن يكون المعنى المقصود في بعض الآيات مقصودا في جميع نظائرها، بله ما يقارب غرضها.
&التفسير بالرأي وبغير المأثور.
*حكمه : لاشك بتحريم التفسير بالرأي المجرد كمليه. بكلام جميل
*علة جواز التفسير بالرأي
-لحديث عائشة رضي الله عنها ،أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه إلا تفسير آيات قليلة.
-أنهم اختلفوا في التفسير على وجوه مختلفة لا يمكن الجمع بينها.
-دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس فقال: ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل))
-استنباط الأحكام التشريعية من القرآن في خلال القرون الثلاثة الأولى من قرون الإسلام إلا من قبيل التفسير لآيات القرآن بما لم يسبق تفسيرها به قبل ذلك.
&الجواب عن الشبهة التي نشأت من الآثار المروية في التحذير من تفسير القرآن بالرأي .
-أن المراد بالرأي هو القول عن مجرد خاطر دون استناد إلى نظر في أدلة العربية ومقاصد الشريعة وتصاريفها، وما لا بد منه من معرفة الناسخ والمنسوخ وسبب النزول، فإن حجب الإسناد ،وخاف الوقوع في الخطأ ،فقول أبي بكر :أي سماء تظلني وأي أرض تقلني ،وإن فهم المعنى واستند للقواعد العربية واللغوية فاجتهد وأصاب ،كتفسير الكلالة.
-أن لا يتدبر القرآن حق تدبره فيفسره بما يخطر له من بادئ الرأي دون إحاطة بجوانب الآية ومواد التفسير ، كمن يفسر قوله تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله} الآية على ظاهر معناها يقول، إن الخير من الله والشر من فعل الإنسان بقطع النظر على الأدلة الشرعية التي تقتضي أن لا يقع إلا ما أراد الله غافلا عما سبق من قوله تعالى: {قل كل من عند الله}، او من ظاهر اللغة ،كمن يفسر ،قوله تعالى: {وآتينا ثمود الناقة مبصرة} فيفسر مبصرة بأنها ذات بصر لم تكن عمياء.
-أن يتأول القرآن برأيه ،ووفق أهوائه ،كمن له مذهب أو نحلة ،كتفسير المعتزلة قوله: {إلى ربها ناظرة} بمعنى أنها تنتظر نعمة ربها على أن إلى واحد الآلاء مع ما في ذلك من الخروج عن الظاهر، وعن مقصود الآية ومعناها ،وقالت البيانية في قوله تعالى: {هذا بيان للناس}: إنه بيان ابن سمعان كبير مذهبهم.
-أن يفسر القرآن برأي مستند إلى ما يقتضيه اللفظ ثم يزعم أن ذلك هو المراد دون غيره لما في ذلك من التضييق على المتأولين.
-مقصد التحذير هو نبذ التسرع ،وأخذ الحيطة في التدبر والتأول ،وهذا مقام تفاوت العلماء فيه واشتد الغلو في الورع ببعضهم ، كالأصمعي كان لايفسر بالعربية اذا كانت واقعة في القرآن.
*من جمدوا على القول بالتفسير بالمأثور والرد عليهم.
1-فإن أرادوا به ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من تفسير بعض آيات إن كان مرويا بسند مقبول من صحيح أو حسن.
-فهم بذلك قد ضيقوا سعة معاني القرآن وينابيع ما يستنبط من علومه.
-وناقضوا أنفسهم فيما دونوه من التفاسير.
-وغلطوا سلفهم فيما تأولوه.
2-وإن أرادوا بالمأثور ما روي عن النبي وعن الصحابة خاصة .
-فقد وسع المضيق قليلاً وهو ما يظهر ،كصنيع السيوطي .
-ولم يغن عن أهل التفسير فتيلا، لأن أكثر الصحابة لا يؤثر عنهم في التفسير إلا شيء قليل ،وتفسير علي رضي الله عنه ، ماروي عنه قليل إما صحيح أو موضوع أو ضعيف .
3-وإن أرادوا بالمأثور ما كان مرويا قبل تدوين التفاسير .
-مثل ما يروى عن أصحاب ابن عباس وأصحاب ابن مسعود، فقد أخذوا يفتحون الباب من شقه، ويقربون ما بعد من الشقة، فقد اجتهد بعضهم ،بماعنده من علم ، فكيف وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس (اللهم فقهه بالدين وعلمه التأويل.
*من سلكوا علم التفسير نقلاً بماهو مأثور عن الصحابة والتابعين.
-تفسير ابن جرير ،فقد سلك بالمأثور عنهم ، ويتخطي بالترجيح بينها بما ذكر من شواهد العرب ،وانتهج نهجه ابن حاتم والحاكم.
-ومنهم لم يحبسوا أنفسهم في تفسير القرآن على ما هو مأثور مثل الفراء وأبي عبيدة من الأولين، والزجاج والرماني ممن بعدهم، ثم الذين سلكوا طريقهم مثل الزمخشري وابن عطية.
&التفسير بالمذموم .
-هو تفسير القرآن بالأهواء ، وصرف ألفاظ القرآن عن مالم يراد بها وعن ظواهرها.
*غلاة الشيعة (عرفوا بالباطنية ).
-بني مذهبهم على طقوس نصرانية ويهودية وطرائق الفلسفة ودين زرادشت.
-تصدى بالرد عليهم الغزالي.
-تأولوا القرآن بما يوافق أهوائهم .
-أمثله على تأويلاتهم وظلالهم.
-بطلان استدلالهم ،بقول ابن عباس : إن للقرآن ظهرا وبطنا.
-أشهر تفاسيرهم ، تفسير القاشاني ،ومابث من أقوال في "رسائل إخوان الصفاء" .
*التفسير الإشاري ،(الصوفية ).
-أولوا الآيات وسموها إشارات ولم يسموها معاني ،فجعلوا الآية تصلح للتمثل بالغرض المتكلم فيه.
-قول الصوفية فارق قول الباطنية ، وتضاد معه، وكلاهما باطل.
-وللعلماء فيها قولان :
-الغزالي يراها مقبولة وتكلم فيها في كتاب الأحياء .
مثاله قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة)) فهذا ظاهره أو إشارته أن القلب بيت وهو مهبط الملائكة ومستقر آثارهم،والصفات الذميمة كالكلاب النابحة.
وقال: ولست أقول إن المراد من الحديث بلفظ البيت القلب وبالكلب الصفة المذمومة ولكن أقول هو تنبيه عليه، وفرق بين تغيير الظاهر وبين التنبيه على البواطن من ذكر الظواهر .
وقال :هذا قريب من تفسير لفظ عام في آية بخاص من جزئياته كما وقع في كتاب المغازي من صحيح البخاري عن عمرو بن عطاء في قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا} قال هم كفار قريش، ومحمد نعمة الله {وأحلوا قومهم دار البوار} قال يوم بدر.
-وابن العربي يراها باطلة وتكلم فيها في كتاب العواصم ،
-وابن عاشور قال هذه الإشارات لا تعدو واحدا من ثلاثة أنحاء:
1-ما كان يجري فيه معنى الآية مجرى التمثيل لحال شبيه بذلك المعنى كما يقولون مثلا {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه} أنه إشارة للقلوب لأنها مواضع الخضوع لله تعالى ،فهذا يشبه ضرب المثل .
2-ما كان من نحو التفاؤل فقد يكون للكلمة معنى يسبق من صورتها إلى السمع هو غير معناها المراد وذلك من باب انصراف ذهن السامع إلى ما هو المهم عنده، والذي يجول في خاطره وهذا كمن قال في قوله تعالى: {من ذا الذي يشفع} من ذل ذي إشارة للنفس يصير من المقربين للشفعاء، فهذا يأخذ صدى موقع الكلام في السمع ويتأوله على ما شغل به قلبه.
3-عبر ومواعظ وشأن أهل النفوس اليقظى أن ينتفعوا من كل شيء ،فإذا أخذوا من قوله تعالى: {فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا} اقتبسوا أن القلب الذي لم يمتثل رسول المعارف العليا تكون عاقبته وبالا.
فذكر المصنف ، ليست تلك الإشارة هي حق الدلالة اللفظية والاستعمالية حتى تكون من لوازم اللفظ وتوابعه كما قد تبين. وبين أن كل إشارة تخرج عن حد هذه الأقوال الثلاثة فهي للباطنية أقرب .
وذكر ، كم من آية نزلت بشأن الكافرين ، فهي للمؤمنين اتعاظ و عبر ، ولها للمؤمنين دلالة إشارة ، وللكافرين دلالة عبارة.
&مقاصد القرآن.
*المقصد الكلي : صلاح الأحوال الفردية ، والجماعية ، والعمرانية ،قال تعالى ( ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) ، ورأس الأمر في ذلك صلاح الإعتقاد.
-على مستوى الفرد ،بتهذيب أخلاقه وتزكيته.
-على مستوى الجماعة ، إذا صلح الفرد كان بصلاحة الجماعة.
-على المستوى العمراني : هو مراعاة المصالح الكلية ، والإهتمام بالجماعة ، وحفظ النظام العالمي ، وضبط تصرفات الجماعة.
*مراد الله في كتابه :
بركات نزول القرآن ، تكتمل بتدبر آياته ، وفهم معانيه وألفاظه، فقال سبحانه : {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} ، فمراد الله سبحانه ،بيان تصاريف مايرجع لحفظ مقاصد الدين.
&مقاصد القرآن بالتفصيل :
1-إصلاح الاعتقاد وتعليم العقد الصحيح. وهذا أعظم سبب لإصلاح الخلق ،(فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب} فأسند لآلهتهم زيادة تتبيبهم، وليس هو من فعل الآلهة ولكنه من آثار الاعتقاد بالآلهة.
2-تهذيب الأخلاق قال تعالى {وإنك لعلى خلق عظيم}، بدلالة حديث عائشة "حينما سئلت عن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم ،قالت كان خلقه القرآن ".
3-التشريع وهو الأحكام خاصة وعامة. قال تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله}.
4-سياسة الأمة وهو باب عظيم في القرآن القصد منه صلاح الأمة وحفظ نظامها وتكوين الجماعة ،لقوله :(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} وقوله: {وأمرهم شورى بينهم}.
5-القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أحوالهم قال: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين }.
6-التعليم بما يناسب حالة عصر المخاطبين، وما يؤهلهم إلى تلقي الشريعة ونشرها وذلك علم الشرائع وعلم الأخبار وكان ذلك مبلغ علم مخالطي العرب من أهل الكتاب ، فجاء القرآن بقوله: {وما يعقلها إلا العالمون} {هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}.
7-المواعظ والإنذار والتحذير والتبشير، وهذا يجمع جميع آيات الوعد والوعيد، وكذلك المحاجة والمجادلة للمعاندين، وهذا باب الترغيب والترهيب.
8-الإعجاز بالقرآن ليكون آية دالة على صدق الرسول؛ والتحدي وقع فيه، فقال : {قل فأتوا بسورة مثله} 0
&طرائق المفسرين :
-بيان وإيضاح الظاهر الأصلي من المعنى وهو الأصل.
-استنباط معان من وراء الظاهر تقتضيها دلالة اللفظ أو المقام ولا يجافيها الاستعمال ولا مقصد القرآن، وهي من خصائص اللغة العربية ،فحوى الخطاب ودلالة الإشارة وغيرها.
-وإما أن يجلب المسائل ويبسطها لمناسبة بينها وبين المعنى، أو لأن زيادة فهم المعنى متوقفة عليها، أو للتوفيق بين المعنى القرآني وبين بعض العلوم مما له تعلق بمقصد من مقاصد التشريع.
*آراء العلماء في الطريقة الثانية.
-فرع العلماء وفصلوا في الأحكام، وخصوها بالتآليف الواسعة، وكذلك تفاريع الأخلاق والآداب التي أكثر منها حجة الإسلام الغزالي في كتاب الإحياء ،مما له خدمة للمقاصد القرآنية.
-كما فسر في قوله تعالى: {وكلم الله موسى تكليما} بما ذكره المتكلمون في إثبات الكلام النفسي والحجج لذلك.
*آراء العلماء في الطريقة الثالثة :
-يرون من الحسن التوفيق بين العلوم غير الدينية وآلاتها وبين المعاني القرآنية، ويرون القرآن مشيرا إلى كثير منها.
-قال الرشد ابن حفيد :سبب ورود الشرع بظاهر وباطن هو اختلاف آراء الناس ، فلايجب أن تحمل جميع ألفاظ الشرع على ظاهرها ولا أن تخرج جميعها عن ظاهر التأويل ، فمعنى ذلك اتصال بين العلوم الفلسفية والعلوم الشرعية، ذهب إلى ذلك الشيرازي في شرح حكمة الإشراق، وهذا الغزالي والإمام الرازي وأبو بكر ابن العربي وأمثالهم.
-ابن جني والزجاج وأبو حيان قد أشبعوا "تفاسيرهم" من الاستدلال على القواعد العربية.
-مثال ( كي لايكون دولة بين الأغنياء منكم ).
-ذكر أبو إسحاق الشاطبي فقال: لا يصح في مسلك الفهم والإفهام إلا ما يكون عاما لجميع العرب، فهذا القرآن خطاباً للأميين وللعرب ،فقد كان السلف الصالح أعلم الناس بعلوم القرآن ولم يتكلموا إلا ماثبت فيه من أحكام التكاليف وأحكام الآخرة، وهو أساس واه لوجوه ستة :
1-بطلان القول أن القرآن مقصده انتقال العرب من حال إلى حال.
2-من مقاصد القرآن ،عموم الدعوة وتفاوت الأذهان والأفهام ، فهو معجزة وفيه مايصلح على مر العصور وانتشار العلوم.
3-قول السلف القرآن لاتنقضي معانيه ، فلو كان ككلام الشاطبي لانقضت عجائبه بانحصار أنواع معانيه.
4-أن من تمام إعجازه أن يتضمن من المعاني مع إيجاز لفظه ما لم تف به الأسفار المتكاثرة.
5-يتفاوت أفهام المخاطبين ، فمنهم من يزيد عن المعنى الأصلى ،فقد يتهيأ لفهمه قوم ويحجب عن فهمه قوم .
6-عدم تكلم السلف عن هذا يرجع إلى حالتين:
-إما أن يكون أنها علوم غير راجعة لمقاصد القرآن فنقر بذلك.
-وإما أن تكون راجعة لمقاصد القرآن ، فلانسلم وقوفهم فيها عند ظواهر الآيات ،بل قد بينوا وفصلوا ولاضير بإقتفاء أثرهم ،لبيان سعة العلوم الإسلامية ومقاصد القرآن.
&علاقة العلوم بالقرآن على أربع مراتب:
1-علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم، وتهذيب الأخلاق والفقه والتشريع والاعتقاد والأصول والعربية والبلاغة.
2-علوم تزيد المفسر علما كالحكمة والهيئة وخواص المخلوقات.
3-علوم أشار إليها أو جاءت مؤيدة له كعلم طبقات الأرض والطب والمنطق.
4- علوم لا علاقة لها بالقرآن لبطلانها كالزجر وغيره ، وإما لأنها لا تعين على خدمته كعلم العروض والقوافي.
&أسباب النزول
*تعريفه :
-الحوادث التي نزلت لأجلها آيات القرآن هي أسباب النزول .
*حال المفسرين مع أسباب النزول :
-توهم البعض أن لكل آية سبب نزول حتى غلا بعضهم في ذلك.
-استكثر بعض المفسرين في أسباب النزول في تفاسيرهم.
-لاينكر أن بعض الآيات فيها إشارة لأسباب النزول ، وبعضها ثبت بالنقل .
-بعض المفسرين مع أسباب النزول بين القصد والإسراف.
-من المفسرين من ذكر الروايات الضعيفه في تفاسيرهم ولم ينبهوا عليها، وبذلك أوهموا الناس أن القرآن لاتنزل آياته إلا لحوادث.
-إدعت طائفة شاذة تخصيص النزول
*سبب تطرق المصنف لهذا الباب :
-خطورة هذا الأمر على فهم القرآن ،لو ترك على غاربه.
-قلة تنبيه بعض المفسرين ، وذكرهم للروايات الضعيفة دون التنبيه لها.
-تطبيق قاعدة علماء الأصول "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب".
-أسبابا كثيرة رام رواتها تعيين مراد من تخصيص عام أو تقييد مطلق أو إلجاء إلى محمل، فتقف عرضة أمام معاني التفسير ،قبل التنويه لضعفها وتأويلها.
-قال الواحدي في أول كتابه في أسباب النزول: "أما اليوم فكل أحد يخترع للآية سببا، ويختلق إفكا وكذبا، ملقيا زمامه إلى الجهالة، غير مفكر في الوعيد"
وقال: "لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل"
*مايحتاجه المفسر لهذا العلم على أقسام :
-مايكون وحده تفسيراً.
-إن من أسباب النزول ما ليس المفسر بغنى عن علمه لأن فيها بيان مجمل أو إيضاح خفي وموجز.
-ما يدل المفسر على طلب الأدلة التي بها تأويل الآية ، مادل في صحيح البخاري أن مروان بن الحكم أرسل إلى ابن عباس يسأله عن قوله تعالى : {لايحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا}
-إن من أسباب النزول ،مايعين على إدراك خصوصيات بلاغية تتبع مقتضى المقامات .
&ماصحت أسانيده من أسباب النزول.
1-مايتوقف فهم مراد القرآن بهذه الآية ،فيحتاج المفسر البحث عنها مثل قوله تعالى :(قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} ، وهو من مبهمات القرآن.
2-هي حوادث تسببت بأحكام وتشريعات ، وصور تلك الحوادث لا تبين مجملا ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد، ولكنها إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآيات النازلة عند حدوثها، مثل حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان، ومثل حديث كعب بن عجرة الذي نزلت عنه آية {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام} .
3-هو حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها، مثل الآيات النازلة في المنافقين في سورة براءة المفتتحة بقوله تعالى: {ومنهم- ومنهم} ولذلك قال ابن عباس: كنا نسمي سورة التوبة سورة الفاضحة.
4-حوادث صارت وفي القرآن مايناسب معانيها ، وقد تكون حوادث سابقة أو لاحقة ،لكنها لم تنزل بسبب الحادثة ، مثاله (في صحيح البخاري"أن ابن عباس قرأ قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا}
*مسألة ،تنازع العلماء في قول الصحابي: نزلت هذه الآية في كذا،هل يجري مجرى السند أم التفسير .
-فالبخاري يدخله في المسند، وأكثر أهل المسانيد لا يدخلونه فيه، بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه فإنهم كلهم يدخلونه في المسند.
5-قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات .
-فعلم أن سبب النزول النصارى ،مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، ومثل حديث عبد الله بن مسعود قال لما نزل قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} فشق على المسلمون ذلك.
-ومايبين تناسب الآي بعضها مع بعض ، ولايبين مجملاًولايأول متشابهاً ،كما في سورة النساء: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} .
&فوائد أسباب النزول في التفسير :
-كتاب الله جاء تشريعاً لهذه الأمة وهدايةً لها.
-وقد يكون خطاباًعاماً ، أو خاصاً ، على وجه الزجر أو الثناء.
-جاء بكليات تشريعية وتهذيبية للتسهيل على هذه الأمة.
-لا يجوز حمل كلماته على خصوصيات جزئية لأن ذلك يبطل مراد الله.
-نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، فنزوله على حوادث يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين.
&القراءات.
*الغرض من هذه المقدمة.
-ليعرف مقدار تعلق اختلاف القراءات بالتفسير، ومراتب القراءات قوة وضعفا؟
-سبب إعراضه عنها في تفسيره.
*حالات القراءات :
الحالة الأولى : لا تعلق لها بالتفسير بحال.
فهي اختلاف القراء في وجوه النطق بالحروف والحركات كمقادير المد والإمالات والتخفيف والتسهيل والتحقيق والجهر والهمس والغنة.
مثل : مثل قوله (عذابيْ) بسكون الياء ، و(عذابيَ) بفتحها.
*مايميز القراءات في هذه الحالة.
-أنها حفظت على ابناء العربية مالم يحفظه غيرها ،في تحديد كيفيات نطق العرب بالحروف في مخارجها وصفاتها.
-وبيان اختلاف العرب في لهجات النطق بتلقي ذلك عن قراء القرآن من الصحابة بالأسانيد الصحيحة.
-هي مادة كبرى لعلوم اللغة العربية ، فيها سعة وبيان لوجوه اللغة.
-كان في الأمصار قراء من الصحابة قبل ورود مصحف عثمان إليهم فقرأ كل فريق بعربية قومه في وجوه الأداء، لا في زيادة الحروف ونقصها، ولا في اختلاف الإعراب دون مخالفته مصحف عثمان.
-الأمر العثماني بكتابة المصحف ،كان على نحو قراءة النبي الكريم ، وماكتبه كتاب المصاحف.
&مالخص عامة في القراءات .
-مافعله عثمان إتماما لما فعله أبو بكر من جمعه القرآن الذي كان يقرأ في حياة الرسول.
-أجمع الصحابة على مالمصحف العثماني ولم يخالفوه.
-اتخذوا على مصحف عثمان إماماً ،ولم يقرأ بغيره.
-قال الأصفهاني في تفسيره كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة، وهي قراءة العامة التي قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل في العام الذي قبض فيه.
-زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة لجبريل .
-لم ينكر قراءة مابقي منهم ، وعدّوه من الشذاذ ، ولم يكتب بالمصاحف بعد الإجماع على المصحف العثماني.
*شروط قبول القراءة الصحيحة.
-اتفق علماء القراءات والفقهاء على أن كل قراءة وافقت وجها في العربية .
-ووافقت مصحف عثمان .
-وصح سند راويها؛ فهي قراءة صحيحة لا يجوز ردها.
*روايات القراءات العشر وأصنافهم.
-القراء العشر.
نافع بن أبي نعيم المدني، وعبد الله بن كثير المكي، وأبو عمرو المازني البصري وعبد الله بن عامر الدمشقي، وعاصم بن أبي النجود الكوفي، وحمزة بن حبيب الكوفي، والكسائي علي بن حمزة الكوفي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، وخلف البزار .
-مارتبتهم دون العشر وحكم قراءتهم .
ومن العلماء ماجعل قراءة ابن محيصن واليزيدي والحسن، والأعمش دون العشر.
فلا يجوز القراءة بها ، ولا أخذ حكم منه لمخالفته المصحف الذي كتب فيه ما تواتر ، ذكره مالك والشافعي.
الحالة الثانية لها تعلق به من جهات متفاوتة.
-وهذا النوع ماكان الاختلاف فيه في حروف الكلمات واختلاف الحركات الذي يختلف معه معنى الفعل.
-مثل ،قوله :(مالك يوم الدين} (ملك يوم الدين) ، (ننشزها ) ،(ننشرها ).
ومثل قوله {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون} قرأ نافع بضم الصاد وقرأ حمزة بكسر الصاد، فالأولى بمعنى يصدون غيرهم عن الإيمان، والثانية بمعنى صدودهم في أنفسهم.
-اختلاف القراءات في ألفاظ القرآن يكثر المعاني في الآية الواحدة نحو {حتى يطَّهَّرن} ، {يطْهُرن }،وقوله (لامستم النساء )،( ولمستم النساء ).
-جميع الوجوه في القراءات المشهورة هي مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، على أنه لا مانع من أن يكون مجيء ألفاظ القرآن على ما يحتمل تلك الوجوه مرادا لله تعالى ليقرأ القراء بوجوه فتكثر من جراء ذلك المعاني.
-تعدد القراءات يقوم مقام تعدد كلمات القرآن ، فعلى المفسر أن يبين اختلاف القراءات المتواترة لأن في اختلافها توفيراً للمعاني.
&الأحرف السبعة .
-اختلاف القراءات ثبت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-حديث الاختلاف (اختلاف عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم في سورة الفرقان ، وأقر الرسول الكريم قراءتهما.
-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه ).
*وللعلماء في معناه أقوال يرجع إلى اعتبارين:
-أحدهما اعتبار الحديث منسوخا ، وهو رأي جماعة منهم أبو بكر الباقلاني وابن عبد البر وأبو بكر بن العربي والطبري والطحاوي، وينسب إلى ابن عيينة وابن وهب.
*وعليه يراد بالأحرف السبعة ثلاثة أقوال.
القول الأول : أن المراد بالأحرف الكلمات المترادفة للمعنى الواحد، أي أنزل بتخيير قارئه أن يقرأه باللفظ الذي يحضره من المرادفات تسهيلا عليهم.
-وقيل المراد بالسبعة حقيقة العدد وهو قول الجمهور ، فيكون ألا يتجاوز سبع لغات أو مترادفات.
-*ختلفوا في تعيين اللغات السبع.
-فقال أبو عبيدة وابن عطية وأبو حاتم والباقلاني: هي من عموم لغات العرب وهم: قريش، وهذيل، وتيم الرباب، والأزد، وربيعة، وهوازن، وسعد بن بكر من هوازن.
-وقال أبو عمرو بن العلاء أفصح العرب عليا هوازن وسفلى تميم وهم بنو دارم. وبعضهم يعد خزاعة ويطرح تميما.
-وقال أبو علي الأهوازي، وابن عبد البر، وابن قتيبة هي لغات قبائل من مضر وهم قريش، وهذيل، وكنانة، وقيس، وضبة، وتيم الرباب، وأسد بن خزيمة، وكلها من مضر.
القول الثاني: لجماعة منهم عياض: أن العدد غير مراد به حقيقته، بل هو كناية عن التعدد والتوسع.
مثاله :كقوله: {كالعهن المنفوش} وقرأ ابن مسعود (كالصوف المنفوش) ،وقرأ أبي {كلما أضاء لهم مشوا فيه} "مروا فيه" "سعوا فيه.
القول الثالث: أن المراد التوسعة في نحو {كان الله سميعا عليما} أن يقرأ عليما حكيما ما لم يخرج عن المناسبة كذكره عقب آية عذاب أن يقول "وكان الله غفورا رحيما" أو عكسه وإلى هذا ذهب ابن عبد البر.
*والآخر اعتباره محكماً غير منسوخ ، وهو قول جماعة منهم البيهقي وأبو الفضل الرازي.
-وعليه يراد بالأحرف السبعة .
1-من الأحرف أنواع أغراض القرآن كالأمر والنهي، والحلال والحرام، أو أنواع كلامه كالخبر والإنشاء، والحقيقة والمجاز وأنواع دلالته كالعموم والخصوص، والظاهر والمؤول. فهذا لايناسب سياق الحديث .
2-أنزل مشتملا على سبع لغات من لغات العرب مبثوثة في آيات القرآن لكن لا على تخيير القارئ،. قاله جماعة منهم أبو عبيد وثعلب والأزهري وعزي لابن عباس .فهذا الجواب لايلاقي مساق الحديث من التوسعة، ولا يستقيم من جهة العدد،وأنهاها السيوطي نقلا عن أبي بكر الواسطي إلى خمسين لغة.
3-وقيل المراد من الأحرف لهجات العرب في كيفيات النطق كالفتح والإمالة، والمد والقصر، والهمز والتخفيف،على معنى اعتباره رخصه للعرب ،مع المحافظة على كلمات القرآن. وهو من أحسن الأجوبة.
*الفرق بين القراءات السبع والأحرف السبع.
- غلط من قال المراد بالسبع في الحديث ما يطابق القراءات السبع التي اشتهرت بين أهل فن القراءات،فأجمع العلماء على خلافه.
-نقل السيوطي عن أبي العباس ابن عمار أنه قال: لقد فعل جاعل عدد القراءات سبعا ما لا ينبغي، وأشكل به الأمر على العامة إذ أوهمهم أن هذه السبعة هي المرادة في الحديث، وليت جامعها نقص عن السبعة أو زاد عليها.
-صنف ابن جبير المكي، كتابا في القراءات فاقتصر على خمسة أئمة من كل مصر إماما ،قياساً بالخليفة عثمان حينما أرسل المصاحف لخمسة أمصار. ذكره السيوطي.
*مراتب القراءات الصحيحة والترجيح بينها.
-اتفق الأئمة على أن القراءات التي لا تخالف الألفاظ التي كتبت في مصحف عثمان هي متواترة وإن اختلفت في وجوه الأداء وكيفيات النطق ، وما اختلف فيه فهو مقبول ويعتبر غير متواتر.
-أقواها سندا ً ما له راويان عن الصحابة مثل قراءة نافع بن أبي نعيم ، وهي غير متواترة ، ولكن اللفظ المقروء ثبت بالتواتر ذكره ابن العربي.
-لكن اختلف العلماء في حكم التواتر :
قال إمام الحرمين في البرهان: هي متواترة ورده عليه الأبياري.
وقال المازري في شرحه: هي متواترة عند القراء وليست متواترة عند عموم الأمة.
-وتنتهي أسانيد القراءات العشر إلى ثمانية من الصحابة وهم:
عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله من مسعود، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، فبعضها ينتهي إلى جميع الثمانية وبعضها إلى بعضهم وتفصيل ذلك في علم القرآن.
-أكثر. وجوه الإعراب في القرآن متواتر إلا ما ساغ فيه إعرابان مع اتحاد المعاني نحو: {ولات حين مناص} بنصب حين ورفعه.
-ما خالف الوجوه الصحيحة في العربية ففيه نظر قوي لأنا لا ثقة لنا بانحصار فصيح كلام العرب .
-يبطل كثيرا مما زيفه الزمخشري من القراءات المتواترة بعلة أنها جرت على وجوه ضعيفة في العربية.
-القراءات العشر الصحيحة المتواترة، قد تتفاوت بما يشتمل عليه بعضها من خصوصيات البلاغة أو الفصاحة أو كثرة المعاني.
-ابن جرير الطبري والزمخشري رجحوا قراءة بعضها عن بعض.
*هل يفضي ترجيح بعض القراءات على بعض إلى أن تكون الراجحة أبلغ من المرجوحة فيفضي إلى أن المرجوحة أضعف في الإعجاز؟
-لايقبل التفاوت حد الإعجاز مطابقة الكلام لجميع مقتضى الحال.
-جواز إحدى القراءات نشأت عن ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم للقارئ أن يقرأ بالمرادف تيسيرا على الناس .
*ماأقتصر عليه المؤلف في تفسيره.
-بنى أول التفسير على قراءة نافع برواية عيسى ابن مينا المدني الملقب بقالون لأنها القراءة المدنية إماما وراويا .
-تعرض في تفسيره لاختلاف القراءات العشر المشهورة خاصة في أشهر روايات الراوين عن أصحابها لأنها متواترة.
-ذكر خلاف بقية القراء العشرة خاصة.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 22 محرم 1440هـ/2-10-2018م, 10:24 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تابع تقويم مجلس مذاكرة فهرسة مقدمة التحرير والتنوير ( القسم الأول )

فاطمة الزهراء محمد: ب
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- أرجو قراءة التعليق العام.
# فاتكِ بعض المسائل :
- فاتكِ بعض الأقوال الخاصة ببعض المسائل مثلا:
1: المراد بالعلم إذا أطلق: فاتكِ القول الرابع منها وهو:
المسائل المعلومات وهي مطلوبات خبرية يُبرهن عليها في ذلك العلم وهي قضايا كلية.
وهذا القول هو ما اعتمد عليه ابن عاشور في توضيح المأخذ على عد التفسير علمًا ثم الرد على ذلك.
2: مكانة التفسير بين العلوم على قولين.
3: إغفالكِ لما ذُكر في التفسير الباطني والتفسير الإشاري وهو مهم جدًا يقدح في الفهرسة.
4: تفصيل المراد بمقاصد القرآن الإجمالية الثلاثة.
# تصحيح:
اقتباس:
لم يثبت عنه من التفسير إلا تفسير آيات قليلة وهي ما تقدم عن عائشة.
- لم توردي فيما تقدم حديث عائشة لنحيل إليه.
وبالجملة فإن الملحوظة الرئيسة على فهرستك هي إغفالكِ بعض المسائل وربما بعض العناصر، وقد يُتسامح في إغفال الاستطرادات، لكن لا يتسامح في إغفال العناصر التي هي عماد كلام المؤلف.
وأؤكد على أن المقصود من الفهرسة ليس مجرد اختصار اللفظ وإنما عمل كشاف لمسائل الكتاب أو العمل المراد فهرسته، ثم بيان ما ورد تحت كل مسألة باختصار، فالأصل فيه استيعاب المسائل.
والملحوظة الأخرى: مع الثناء على قدرتكِ على التعبير عن المعنى بأقل الألفاظ والذي يدل على حسن فهمكِ لمسائل المقدمة لكن يُفضل تقسيمها إلى مسائل فرعية بدلا من إيرادها في فقرات ليسهل عليكِ بعد ذلكاستعراضها ومراجعتها
- آسف لخصم نصف درجة للتأخير.


منيرة محمد: ج+
بارك الله فيكِ أختي الفاضلة، ونفع بكِ.
إحسان الفهرسة يأتي بعد قراءة متأنية وفهم لمسائل المادة المرجو فهرستها ومعرفة مفاصل الكلام، ولا يقصد بها مجرد انتقاء فوائد.
مثلا فيما ذكرتِ تحت: الاستنباط يأتي بعد فهم المعنى:
جاء هذا في كلام ابن عاشور عن المآخذ على عد التفسير علمًا من العلوم، وهذا العنصر تحته مسائل كالآتي:
اقتباس:
المآخذ على عد التفسير من العلوم:
1: مباحث التفسير ليست قضايا يبرهن عليها؛ فليست كلية.
2: مباحث التفسير تصورات جزئية غالبًا، لأنه تفسير ألفاظ أو استنباط معان، وليس ذلك من القضية.
- تفسير الألفاظ من باب التعريف اللفظي.
مثال: القول بأن المراد بيوم الدين في قوله تعالى:{ ملك يوم الدين }، هو يوم الجزاء.
- الاستنباط من دلالة الالتزام.
مثال: استنباط أن أقل مدة للحمل هي ستة أشهر من قوله تعالى:{ وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا }، مع قوله تعالى: { وفصاله في عامين }
وقد أحسنتِ في كثير من المواضع التزام ذلك، خاصة في المقدمات الأخيرة، لكن لم يظهر هذا في خطبة المصنف.
- الملحوظة الأخرى هي على إغفالكِ بعض المسائل، أرجو بقراءتك لتطبيقات باقي الأخوة والأخوات مع التعليقات عليهم أن تتبين لكِ.


بدرية صالح: ب+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
قولكِ:
اقتباس:
-تصورات هذا العلم جزئية وليست كلية يبرهن عليها ، بتفاسير لغوية أو استنباط معاني.
هذا يدخل تحت المآخذ على عد التفسير من العلوم وليس إطلاقات العلوم عامة، ويراجع التعليق على الأخت منيرة محمد.
وأثني كثيرًا على حسن تنظيمك للفهرسة وعرضكِ لتطبيقك، مع استيعابكِ لأكثر ما ورد فيها، والملحوظة الرئيسة هي أنه فاتكِ في بعض المواضع مسائل مهمة:
على سبيل المثال:
- رأي ابن عاشور في علم الكلام؛ فهو يرى أنه ليس مصدرًا لاستمداد علم التفسير.
- تحت مقاصد القرآن الإجمالية:
صلاح الجماعة لا يكون بمجرد صلاح الفرد؛ بل معه علم المعاملات وقد وضحه ابن عاشور.
وآسف لخصم نصف درجة للتأخير.


وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 25 ذو الحجة 1440هـ/26-08-2019م, 06:25 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

بسم الرحمن الرحيم
خطبة المصنف:
- حمدالله على أن بيّن للمستهدين معالم مداده ونصب لهم أعلام أمداده ،
فأنزل القرآن مشرعاً معصوما.
- وصوفات القرآن
•معجز بعجائبه التي تظهر يوماً فيوما.
•مصدقاً لما سبقه من الكتب و مهيمنا عليها.
•فيه عظه للمسئ ووعد للمحسن.
•عرفه المنصفون وشهدوا بصدقه .
•دلائل العقل على صدقه ، أبصر من المشاهدة بالعيان.
• لم يزل كتابه غضاً طرياً ، محفوظاً من التغيير والتبديل.
- نزل على أفضل الرسل ، فبشر المؤمنين بأن لهم قدم صدق .
- به أصبح النبي صلى الله عليه وسلم سيد الحكماء المربين.
- به شرح صدره ( إنك على الحق المبين)
- قيض الله لبيان معانيه الصحابة رضي الله عنهم.
- بيّن أسراره من بعدهم علماء الأمة.
- الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ومن اقتدى بهم إلى يوم الدين.
- سبب التأليف
كان من أكبر أمنياته منذ أمد طويل تفسير الكتاب المجيد الجامع لمصالح الدنيا والدين،من صفات هذا التفسير أن يكون موثق بالحق و يحوي لكليات العلوم ، ومعاقد استنباطها، مع تتويجه بالبلاغة في محالها ، ونكت من العلم ، مع احكام من التشريع ، والتعريج على مكارم الأخلاق .
- الدافع لهذا التأليف ، ما كان يتحصل عليه من هذه الفنون السابقة عند مطالعة كتاب الله وتدبره ، ومطالعة كلام مفسر قد يحتاج أحيانا إلى زيادة على ما ذكره .
- سبب تأخره بالتأليف
رغم قدرته على اقتحام هذا المجال إلا أنه خشي أن يعرض نفسه للمتاعب التي لا قدرة له عليها، أو يخطأ في الفهم، فبقي يسوّف ، يزجر نفسه احيانا ويشجعها أحياناً،إلى أُسند إليه خطة القضاء، فعزم أنه متى تخلص من القضاء أن يبدأ في تحقيق أمنيته ، وحادث إخوانه وأصحاب بذلك ، فلما مضت مدة و انقضت مهمته في القضاء ، صرف همته إلى أمنيته وعزم على تحقيقها ، مستعينا بالله ومستخيراً له، وطرد أشباح هول المطلع وخوف الغلط ، بالعزم على الإجتهاد وتوخي طرق الصواب، فأقدم إقدام الشجاع على وادي السباع.
-منهجه في تفسيره
• أن يودعه نكتاً لم يراه أحد سبقه إليها.
• أن يقف موقف الحكم بين طوائف المفسرين .
• ألا يقتصر على الحديث المعاد والمكرر في التفاسير ، كما يفعل بعض المفسرين بأن يقتصر على ما شاده الأقدمون ، ولا كالذين هدموا ما بنوه الأولون ، وإنما يُهدب ما أشاده الأقدمون ويزيده ، وحاشا أن ينقصه أو يبيده.
• أهم التفاسير
مع أن التفاسير كثيرة ، إلا أن كثيرا منها عالة على كلام سابق فماهي إلا جمع من التفاسير السابقة ما بين مختصر ومطول ، ولا حظ لمؤلفه سوى الجمع.
وأهمها كما ذكر المؤلف(تفسير "الكشاف" و"المحرر الوجيز" لابن عطية و"مفاتيح الغيب" لفخر الدين الرازي، "وتفسير البيضاوي" الملخص من "الكشاف" ومن "مفاتيح الغيب" بتحقيق بديع، و"تفسير الشهاب الآلوسي"، وما كتبه الطيبي والقزويني والقطب والتفتزاني على "الكشاف"، وما كتبه الخفاجي على "تفسير البيضاوي"، و"تفسير أبي السعود"، و"تفسير القرطبي" والموجود من "تفسير الشيخ محمد بن عرفة التونسي" من تقييد تلميذه الأبي وهو بكونه تعليقا على "تفسير ابن عطية" أشبه منه بالتفسير لذلك لا يأتي على جميع آي القرآن و"تفاسير الأحكام"، و"تفسير الإمام محمد ابن جرير الطبري"، وكتاب "درة التنزيل" المنسوب لفخر الدين الرازي، وربما ينسب للراغب الأصفهاني)
-خطته في تفسيره:
• للإختصار أعرض عن العزو لهذه التفاسير.
• ميّز ما فتح الله عليه من فهم في معاني ، ومسائل علميه ، مما لم يسبقه أحد إليها حسب علمه وما لديه من تفاسير . ولا يدعي الإنفراد فربما سبقه أحد لشيء من هذه الفتوحات ،وهذا يقع أحياناً.
• طرز كتابه بدقائق البلاغة كلما لاح له هذا الفن العظيم في آية من آيات القرآن ، بحسب مبلغ فهمه وطاقة تدبره.
ففن البلاغة لم يخصه أحد من المفسرين بكتاب كما خصوا الفنون الأخرى ، فمعاني القرآن ذات أفانين كثيرة مترامية الأطراف موزعة على آياته ، فهي مابين آيات أحكام وآيات آداب وآيات قصص ، وربما تشتمل الآية الواحده على أكثر من فن، وخص المفسرون هذه الفنون ونحا نحوها ، والفن الذي دقائقه في كل آية هو البلاغة .
• أهتم ببيان وجوه الإعجاز ، ونكت البلاغة والأساليب العربية.
•أهتم ببيان مناسبة الآيات ببعضها ببعض، وهو ممن اعتنى به الفخر الرازي، وألف فيه البقاعي كتابه ( نظم الدرر في تناسب الآيات والسور) إلا إنهما قد أتوا في ذلك بما ليس بمقنع، إما المناسبة بين السور فلا يراه حقا على المفسر.
• بين أغراض السور ، لئلا يقتصر الناظر في التفسير على بيان معاني المفردات.
• بيّن معاني المفردات في اللغة بضبط وتحقيق، ليجد المطالع فيها مراده ، وما فيها من فوائد ونكت على قدر واستعداده.
•أودع تفسيره نكت من معاني القرآن وأساليب الإستعمال الفصيح ومن إعجاز القرآن خلت عنها كتب التفاسير .
-ثناؤه على تفسيره
• ساوى هذا التفسير على اختصارة مطولات القماطير .
• فيه أحسن مافي التفسير ، وفيه أحسن مما في التفاسير
-تسميته:
•سماه ( تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد )
• اختصر اسمه باسم ( التحرير والتنوير من التفسير)
- وضع له مقدمات في بدايته تكون عوناً للباحث في التفسير ، وتغنيه عن معاد كثير.
............
المقدمة الأولى
في التفسير والتأويل وكون التفسير علما
- معنى التفسير لغة:
مصدر فسّر بتشديد السين ، هو مضاعف فسر الذي مصدره الفَسْر ( من بابي نصر و ضرب) وكلاهما متعدّ
فالتضعيف ليس للتعدية.
الفسر : الإبانة والكشف لما يدل عليه الكلام أو لفظ بكلام آخر يكون أوضح للمعنى المفسَّر عند السامع.
- - دلالة لفظ التفسير على التكثير
ربما يكون التكثير مجازي بأن ينزل إعمال الذهن والتفكر في استخراج المعنى واختيار أوفق الأقوال لبيان معناها بمنزلة العمل الكثير ،كتفسير صحار العبدي وقد سأله معاوية عن البلاغة فقال: "أن تقول فلا تخطئ، وتجيب فلا تبطئ" ثم قال لسائله: "أقلني لا تخطئ ولا تبطئ".
ويشهد لهذا قوله تعالى {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}.
- التفسير في الإصطلاح:
هو اسم للعلم الذي يبحث في معاني ألفاظ القرآن الكريم ، وما يستفاد منها، باختصار أو بتوسع.
- موضوعه:
ألفاظ القرآن ، بالبحث عن معانيها وما يستنبط ويستخرج منها من دلالات.
- الفرق بين علم التفسير وعلم القراءات
يخالف التفسير علم القراءات ، بموضوعه ، فقد تمايز كلاً منهما بموضوع ، يختلف عن الآخر ، لأنهم يقولون ( تمايز العلوم بتمايز الموضوعات ، وحيثياتها.
- اعتبار التفسير ( علم )
العلم إذا أطلق فيراد به عدة معاني
1- يراد به إدراك الشيء ، كما يقوله أهل المنطق ، العلم إما تصور وإما تصديق.
2- يراد به العقل .
3- يراد به التصديق الجازم ، وهو مقابل الجهل .(وهذا غير مراد في اعتباره علم)
4- المسائل العلمية التي يبرهن عليها ، فهي قضايا كلية .
ومباحث التفسير ، ليست قضايا يبرهن عليها فما هي بكلية ، بل تصورات جزئية، فهي إما تفسير ألفاظ ، كتفسير ( ملك يوم الدين ) يوم الجزاء ، فهذا من قبيل التعريف لفظي
أو استنباط معاني ،كما في تفسير قوله تعالى :( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ً) مع قوله:( وفصاله في عامين) استبط أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، وهذا من دلالة الإلتزام ، ففي عده عالم تسامح.
- وجوه احتمال اعتبار التفسير علماً
ربما عدو تفسير ألفاظ القرآن علما لواحد من هذه الوجوه الستة:
(1)لكون مباحثه ، يستنبط منها علوم كثيرة وقواعد كلية .
(2)العلوم الشرعية مباحثها مفيدة للكمال العلمي للعامل بهاوالتفسير أعلاها في ذلك.
(3)بيان ألفاظ القرآن وتعريفاتها ترجع إلى قضايا ، ويتفرع عنها معاني كثيرة تنزلها منزلة الكلية ، والاستشهاد عليها بشعر العرب ، يقوم مقام البرهان على المسألة .
(4)إن أثناء التفسير ، قد يتم تقرير قواعد كلية لبعض المسائل ، مثل : تقرير قواعد النسخ ، عند تفسير ( ما ننسخ من آية) وقواعد التأويل عند تقرير {وما يعلم تأويله} وقواعد المحكم عند تقرير {منه آيات محكمات} فمجموع تلك وما معه تسمى علما تغليبا.
•عناية العلماء بجمع الكليات
اعتنى العلماء بإحصاء كليات تتعلق بالقرآن، وجمعها ابن فارس، وذكرها عنه في الإتقان وعنى بها أبو البقاء الكفوي في كلياته.
(5)التفسير حقيقا أن يسمى علماً لأن حقه أن يشتمل على أصول التشريع وكلياته ، ولكن المفسرين ابتدؤا ببيان المعاني ، فغلبت عليهم ، فصرفتهم عن الإشتغال باستخراج أصول الشريعة وكلياتها الا في مواضع قليلة.
(6) اشتغل علماء الإسلام بالتفسيرقبل ،فاكتسب أهله ملكة يدرك بها دقائق القرآن وأساليبه ، فكان مفيدا علوماً كلية لها مزيد اختصاص بالقرآن المجيد فمن أجل ذلك سمي علماً.
- مكانة علم التفسير من العلوم الشرعية:
• من حيث أنه بيان وتفسير لمراد كلام الله ، فهو من أصول العلوم الشرعية بل يعد رأس العلوم الإسلامية كما وصفه البيضاوي بذلك،
• من حيث ما فيه من بيان مكي ومدني، وناسخ ومنسوخ، ومن قواعد الاستنباط فهو يعد في متممات العلوم الشرعية .
• شرف علم التفسير
هو أشرف العلوم الإسلامية ورأسها على التحقيق.
-مراحل علم التفسير
•أول علم ظهر هو علم التفسير
• بدأ القول فيه في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث كان الصحابة رضي الله عنهم يسألونه عما يشكل عليهم فهمه، كما سأل عمر رضي الله عنه عن الكلالة .
•ثم اشتهر بعض الصحابة بالتفسير
أشهر الصحابة في التفسير
*زيد بن ثابت وأبّي بن كعب ، وعبدالله بن مسعود ، وعبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم .
* أما علي وابن عباس رضي الله عنهما فهما أكثر الصحابة قولاً فيه، لذلك كثر في كتب التفسير النقل عنهم ، واختلف صحة تلك النقول .
-روايات الكلبي عن ابن عباس
هي روايات نسبت كذباً إلى ابن عباس رواها محمد بن السائب الكلبي ( المتوفي146هـ) في تفسيره ، لكن تكلم أهل الحديث فيها
وهي : عن أبي صالح عن ابن عباس،
فإذا اضيف إليها رواية محمد بن مروان السدي عن الكلبي فهي سلسلة الكذب، مقابلة لما لقبوه بسلسلة الذهب، وهي مالك عن نافع عن ابن عمر.
-رواية مقاتل ورواية الضحاك، ورواية علي بن أبي طلحة الهاشمي عن ابن عباس
أصحها رواية علي بن أبي طلحة، وهي التي اعتمدها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه ، على طريقة التعليق،
(2)الرواية عن علي رضي الله عنه
هنالك روايات تسند لعلي رضي الله عنه، أكثرها من الموضوعات، إلا ما روي بسند صحيح، مثل ما في صحيح البخاري ونحوه.
• ثم شاع التفسير في عصر التابعين ، لكثرة الخوض فيه ، لدخول كثير من غير العرب في الإسلام ، فتصدى لبيانه بعض التابعين
أشهر التابعين في التفسير
* مجاهد وابن جبير
*عبدالملك بن جريج المكي(80-149هـ) ، أول من صنف في التفسير
- مسالك المفسرين في تفاسيرهم
تنوعت تفاسير العلماء بعد ذلك كلاً بحسب ذوقه وتوجهه، فمنهم
• سلك التفسير بالمأثور عن السلف
*أول من صنف بهذا النوع، مالك ابن أنس، و الداودي تلميذ السيوطي في طبقات المفسرين، وذكره عياض في المدارك إجمالا.
* أشهر من صنف بهذه الطريقة هو محمد بن جرير الطبري.
• التفسير بالنظر أو الرأي
كتفسير أبي إسحاق الزجاج وأبي علي الفارسي.
• ومنهم من أكثر من نقل الإسرائيليات
، فكثرت في كتبهم الموضوعات،.
• ومنهم من اعتنى بالمعاني والغوص فيها ، كالزمخشري في كتابه "الكشاف" وابن عطية في كتابه "المحرر الوجيز"
-الفرق بين التفسير والتأويل
اختلف العلماء ، في هل التفسير مساو للتأويل أم هو أخص منه أو مباين له على أقوال:
(1)متساويان في المعنى ، قاله ثعلب وابن الأعرابي وأبو عبيدة ، وهو ظاهر كلام الراغب.
(2)التفسير للمعنى الظاهر والتأويل للمتشابه.
(3) التأويل هو صرف اللفظ الظاهر معناه إلى معنى آخر محتمل لدليل فيكون هنا بالمعنى الأصولي،
وهنالك أقوال أخر لا عبرة بها.
وكل هذه التعريفات لا مشاحة فيها ،لكن الراجح القول الأول لدلالة اللغة والآثار عليه
* أما اللغة
فلأن التأويل مصدر أوله إذا أرجعه إلى الغاية المقصودة، والغاية المقصودة من اللفظ هو معناه وما أراده منه المتكلم به من المعاني، فساوى التفسير، على أنه لا يطلق إلا على ما فيه تفصيل معنى خفي معقول. قال الأعشى:
على أنها كانت تأول حبها = تأول ربعي السقاب فأصحبا
أي تبيين تفسير حبها أنه كان صغيرا في قلبه، فلم يزل يشب حتى صار كبيرا كهذا السقب، أي ولد الناقة، الذي هو من السقاب الربيعية لم يزل يشب حتى كبر وصار له ولد يصحبه قاله أبو عبيدة.
*أما الآثار :
قال الله تعالى: {هل ينظرون إلا تأويله} أي ينتظرون إلا بيانه الذي هو المراد منه،
وقال صلى الله عليه وسلم في دعائه لابن عباس: ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل))، أي فهم معاني القرآن،
وفي حديث عائشة رضي الله عنها كان صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)) يتأول القرآن
استطرادات :
- الفرق بين الفعل ( فسر )والمصدر في المعنى:
فيه قولان :
•قيل المصدران والفعلان متساويان في المعنى.
• وقيل يختص المضاعف:
(1) بإبانة المعقولات، قاله الراغب وصاحب البصائر.
كأنه يريد بذلك أن بيان المعقولان يكلف الذي يبينه كثرة القول، كقول أوس بن حجر:
الألمعي الذي يظن بك الظن = كأن قد رأى وقد سمعا
فكان تمام البيت تفسيرا لمعنى الألمعي،
(2) الحدود المنطقية المفسِّرةَ للمواهي والأجناس
ناسب أن يخص هذا البيان بصيغة المضاعفة ، لأن فعّل المضاعف الذي ليس للتعدية ، المقصود منه الدلالة على التكثير من المصدر، قال في الشافية ( وفعّل للتكثير غالباً)
- إفادة فعّل المضعف للتكثير
1• إذا كان ليس متعدي فهو يفيد التكثير
قال في الشافية (وفعّل للتكثير غالباً)
2•إذا كان المضعف للتعدية، فإن إفادته التكثير مختلف فيها:
فقيل: تقارنه إفادة التكثير مقارنة تبعيه
لأن الفعل المضاعف بحالة كونه فعل لازم عرف بإفادته للتكثير، فإذا عُدل بالكلام من التعدية بالهمزة ، إلى تعديته بالتضعيف لقصد الدلالة على التكثير، فإنه تقارنه تلك الدلالة عند استعماله للتعدية مقارنة تبعية.
قول المصنف: استفاد معنى التكثير في حالة استعمال التضعيف للتعدية، أمر حاصل من قرينة عدول المتكلم عن المهموز الخفيف إلى المهموز الثقيل، فهذا العدول قرينة على التكثير ، وكذلك الجمع بين اللازم والمتعدي كما فعل الزمخشري بذكر ( أنزل ، ونزّل)قرينة على التكثير .
•ومثله "فرق"و "فرّق" بالتشديد ، فقد ذكر القرافي في أول "أنواء البروق" ونسب ذلك إلى بعض مشايخه أن العرب فرقوا بينهما
*"فرق "بالتخفيف، جعلوها للمعاني
*"فرق "بالتشديد، للأجسام بناء على أن زيادة المبنى تقتضي زيادة المعنى أو قوته، والمعاني لطيفة يناسبها المخفف، والأجسام كثيفة يناسبها التشديد.
•واستشكل القرافي بعدم اطراده .
• رأي المصنف
قال ليس من التحرير بالمحل اللائق، بل هو أشبه باللطائف منه بالحقائق،
فالعرب لم تراع في استعماله معقولا ولا محسوسا وإنما الكثرة سواء كانت حقيقية أو مجازية.
*دليل ذلك
الاستعمال القرآن، فالاستعمالين ثابتان في الموضع الواحد، كقوله تعالى {وقرآنا فرقناه} قرئ بالتشديد والتخفيف، وقال تعالى حكاية لقول المؤمنين: {لا نفرق بين أحد من رسله} وقال لبيد:
فمضى وقدمها وكانت عادة = منه إذا هي عردت إقدامها
فجاء بفعل قدم وبمصدر أقدم.
وقال سيبويه "إن فعل وأفعل يتعاقبان" على أن التفرقة عند مثبتها، تفرقة في معنى الفعل لا في حالة مفعوله بالأجسام.

المقدمة الثانية
في استمداد علم التفسير
-المقصود باستمداد العلم:
هو : معلومات سابقة يستعين بها المؤلف على إتقان تدوين ذلك العلم الذي يدونه.
-سبب التسمية باستمداد:
تشبيه احتياج العلم لتلك المعلومات بطلب المدد، والمدد العون، والغوث،
وليس كل ما يذكر في العلم يعتبر مدد وإنما ما كان يقوم عليه العلم ويرفده.
أما ما يورد من مسائل علوم أخرى فلا يعد مدداً ، مثل استطرادات فخر الدين الرازي في ( مفاتيح الغيب).
* ما يعد من التفسير و ليس مدد له:
أ- الآثار:
وتعني :
1-ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، من بيان المراد من بعض القرآن في مواضع الإشكال والإجمال، وذلك شيء قليل.
2- ما نقل عن الصحابة الذين شاهدوا نزول الوحي من بيان سبب النزول، وناسخ ومنسوخ، وتفسير مبهم.
-معنى كون سبب النزول من التفسير:
أي أنه يعين على التفسير لا أن يقصر معنى الآية عليها ،لان سبب النزول لا يخصص.
كقصة قدامة بن مظعون رضي الله عنه الذي شرب الخمر متوهما أنه لا جناح عليه لقولة تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} فاعتذر بها لعمر بن الخطاب في شربه خمرا،:"
3-إجماع الأمة:
تشمل الآثار إجماع الأمة على تفسير معنى، كإجماعهم على أن المراد من الأخت في آية الكلالة الأولى هي الأخت للأم، وأن المراد من الصلاة في سورة الجمعة هي صلاة الجمعة.
ب: تفسير بعض آي القرآن ببعض، لأن ذلك من قبيل حمل بعض الكلام على بعض، كتخصيص العموم وتقييد المطلق وبيان المجمل وتأويل الظاهر ودلالة الاقتضاء وفحوى الخطاب ولحن الخطاب، ومفهوم المخالفة.
ذكر ابن هشام، في مغني اللبيب، في حرف لا، عن أبي علي الفارسي، أن القرآن كله كالسورة الواحدة، ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابه في سورة أخرى، نحو: {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} وجوابه {ما أنت بنعمة ربك بمجنون} اهـ.
لكن هذا الكلام ليس بصحيح لأن القرآن قد يحمل بعض آياته على بعض وقد يستقل بعضها عن بعض.
*العلوم التي يستمد منها علم التفسير:
أولاً:علم العربية:
المراد منها معرفة مقاصد العرب من كلامهم وأدب لغتهم سواء حصلت تلك المعرفة، بالسجية والسليقة، كالمعرفة الحاصلة للعرب الذين نزل القرآن بين ظهرانيهم، أم حصلت بالتلقي والتعلم كالمعرفة الحاصلة للمولدين الذين شافهوا بقية العرب ومارسوهم، والمولدين الذين درسوا علوم اللسان ودونوها.
*دور اللغة العربية في تفسير القرآن:
قواعد العربية هي طريقا لفهم معاني القرآن، وبدون ذلك يقع الغلط وسوء الفهم، لمن ليس بعربي بالسليقة ، لإن القرآن كلام عربي.
قال أبو الوليد ابن رشد، في جواب له عمن قال: إنه لا يحتاج إلى لسان العرب ما نصه: هذا جاهل فلينصرف عن ذلك وليتب منه فإنه لا يصح شيء من أمور الديانة والإسلام إلا بلسان العرب يقول الله تعالى: {بلسان عربي مبين} إلا أن يرى أنه قال ذلك لخبث في دينه فيؤدبه الإمام على قوله ذلك بحسب ما يرى فقد قال عظيما" اهـ.
المراد بقواعد العربية:
مجموع علوم اللسان العربي، وهي: متن اللغة، والتصريف، والنحو، والمعاني، والبيان. استعمال العرب المتبع من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وتراكيب بلغائهم.
1-علمي البيان والمعاني:
لهذين العلمين مزيد اختصاص بعلم التفسير لأنهما وسيلة لإظهار خصائص البلاغة القرآنية، وما في الآيات من وجه الإعجاز ولذلك كان هذان العلمان يسميان في القديم علم "دلائل الإعجاز"
-قول السكاكي في مقدمة القسم الثالث من كتاب المفتاح.
-أهمية علم البلاغة :
علم البلاغة به يحصل انكشاف بعض المعاني واطمئنان النفس لها، وبه يترجح أحد الاحتمالين على الآخر في معاني القرآن .
2-استعمال العرب:
هو الإكثارمن الإطلاع على أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وأمثالهم ، ليحصل بذلك ذوق للبلاغة والسليقة والسجية عند العربي القح ، فللمفسر الاستشهاد في بعض المواضع على المراد في الآية، ببيت من الشعر، أو بشيء من كلام العرب.
روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "عليكم بديوانكم لا تضلوا، هو شعر العرب فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم
- أخبار العرب:
أخبار العرب تعتبرمن جملة أدبهم.
-خصها المصنف بالذكر تنبيها لمن يتوهم أن الاشتغال بها من اللغو فهي يستعان بها على فهم ما أوجزه القرآن فيما يذكر من القصص والأخبار للموعظة والاعتبار، فنحو قوله تعالى: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا} وقوله: {قتل أصحاب الأخدود} يتوقف على معرفة أخبارهم عند العرب.
-توجيه رأي الإمام أحمد بالتمثيل ببيت شعر لبيان معنى في القرآن:
يؤثر عن أحمد بن حنبل رحمه الله، أنه سئل عن تمثل الرجل ببيت شعر لبيان معنى في القرآن فقال: ما يعجبني فهو عجيب،
فوجه المصنف هذا الرأي إن صح عن الإمام أحمد بأنه لعله يريد كراهة أن يذكر الشعر لإثبات صحة ألفاظ القرآن كما يقع من بعض الملاحدة.
-مما يدخل في استعمال العرب:
ما يؤثر عن بعض السلف في فهم معاني بعض الآيات على قوانين استعمالهم، كما روى مالك في الموطأ عن عروة بن الزبير قال: قلت لعائشة وأنا يومئذ حديث السن: أرأيت قول الله تعالى: { فلا جناح عليه أن يطوف بهما} فما على الرجل شيء أن لا يطوف بهما، فقالت عائشة: كلا لو كان كما تقول، لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، إنما نزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة الطاغية، وكانت مناة حذو قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله عن ذلك، فأنزل الله: {إن الصفا والمروة} الآية اهـ،
ثانياً: القراءات:
القراءات لا يحتاج إليها إلا في الاستدلال بها على تفسير غيرها، وإنما يكون في معنى الترجيح لأحد المعاني القائمة من الآية أو لاستظهار على المعنى، فذكر القراءة كذكر الشاهد من كلام العرب.
ثالثاً:أصول الفقة:
يذكرون أحكام الأوامر والنواهي ،فتحصل أن تكون مادة للتفسير من جهتين:
حداهما :أن علم الأصول فيه مسائل كثيرة هي من طرق استعمال كلام العرب مثل مسائل الفحوى ومفهوم المخالفة.
الجهة الثانية: أن علم الأصول يضبط قواعد الاستنباط ويفصح عنها فهو آلة للمفسر في استنباط المعاني الشرعية من آياتها.
*مالا يعد من التفسير:
1- علم الكلام
ذكر المصنف ان عبدالحكم والآلوسي عدا علم الكلام من التفسير
ونفى المصنف هذا الرأي لأن كون القرآن كلام الله قد تقرر عند سلف الأمة قبل علم الكلام، ولا أثر له في التفسير، وأما معرفة ما يجوز وما يستحيل فكذلك، ولا يحتاج لعلم الكلام إلا في التوسع في إقامة الأدلة على استحالة بعض المعاني،.]ولا يخفى ان علم الكلام دخيل على الأمة فلا يقبل في التفسير ولا في غيره من علوم الشريعة [
2- الفقة:
لم يعد المصنف الفقه من مادة علم التفسير كما فعل السيوطي، لعدم توقف فهم القرآن، على مسائل الفقه، فإن علم الفقه متأخر عن التفسير وفرع عنه.
-علم التفسير رأس العلوم الإسلامية:
إن استمداد علم التفسير، من هذه المواد لا ينافي كونه رأس العلوم الإسلامية فهو أصل لعلوم الإسلام على وجه الإجمال، وإنما هذا الاستمداد من بعض العلوم لقصد تفصيل التفسير على وجه أتم من الإجمال.
القاعدة الثالثة
في صحة التفسير بغير المأثور ومعنى التفسير بالرأي ونحوه
الآثار في التحذير من تفسير القرآن بالرأي:
-روى الترمذي عن ابن عباس أن رسول الله قال: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار))، وفي رواية: ((من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)).
-روى أبو داود والترمذي والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ"
-روي عن أبي بكر الصديق أنه سئل عن تفسير الأب في قوله {وفاكهة وأبا }. فقال: "أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني إذا قلت في القرآن برأيي".
-ويروى عن سعيد بن المسيب والشعبي إحجامهما عن ذلك.
من هذه الآثار نشأت شبهه عدم التفسير إلا بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته عليهم رضوان الله .
الجواب عن هذه الشبهه من خمس وجوه:
1-المراد بالرأي هو القول بغير استناد لمقاصد الشريعة ولغة العرب وتصاريفها و علم بالناسخ والمنسوخ وسبب النزول وغيرها مما له صلة بمعنى الآية .
2- أن يفسر الآية دون الإحاطة بجوانب الآية ومواد تفسيرها بأن ينظر مثلا لوجه واحد كوجه العربية.
3-أن يكون صاحب رأي أو مذهب فيصرف المعنى لتقرير مذهبه ورأيه.
4- أن يفسر القرآن برأي مستند إلى ما يقتضيه اللفظ ثم يزعم أن ذلك هو المراد دون غيره وفي هذا تضييق.
5- أن يكون القصد من التحذير أخذ الحيطة في التدبر والتأويل ونبذ التسرع إلى ذلك.
-الشواهد على جواز تفسير القرآن بغير المأثور:
*كثرة أقوال السلف من الصحابة فمن يليهم في تفسير آيات القرآن، كما يكثر استنباطاتهم برأيهم وعلمهم.
*اتساع التفاسير وتفنن المفسرين باستنباطاتهم من معاني القرآن فهو كما قالوا " لا تنقضي عجائبة"
*الرسول صلى الله عليه وسلم دعا لإبن عباس " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل "والمراد بالتأويل تأويل القرآن، وقول علي رضي الله عنه لما سأله أبي جحفة هل عندكم شيء غير القرآن ؟ قال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن"
*المراد من تلاوة القرآن هو التدبر وهو إعادة النظر في الآية وتفهم معناها ، ولو كان فسر وانتهى لم يؤمر بتدبره ولأصبحت استنباطات المتأخرين في التفسير مردودة.
* استنباط الأحكام التشريعية التي لم يسبق لها من قبيل التفسير ، هذا الإمام الشافعي يقول: تطلبت دليلا على حجية الإجماع فظفرت به في قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}.
-الغلو في الورع في تفسير القرآن:
اشتد الغلو في الورع ببعضهم حتى كان لا يذكر تفسير شيء غير عازيه إلى غيره. وكان الأصمعي لا يفسر كلمة من العربية إذا كانت واقعة في القرآن، وربما تطرق إلى بعضهم في بعض أنواع الأحوال دون بعض.
-الرد على من لا يفسر إلا بالمأثور:
نجد ان هؤلاء لم يضبطوا مرادهم من المأثور ، فإن أرادوا به ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من تفسير بعض آيات إن كان مرويا بسند مقبول من صحيح أو حسن، فإذا التزموا هذا الظن بهم فقد ضيقوا سعة معاني القرآن،وغالطوا أنفسهم فيما دونوه من تفسير وأئمتهم ،سأل عمر بن الخطاب أهل العلم عن معاني آيات كثيرة ولم يشترط عليهم أن يرووا له ما بلغهم في تفسيرها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن أرادوا بالمأثور ما روي عن النبي وعن الصحابة خاصة وهو ما يظهر من صنيع السيوطي في تفسيره الدر المنثور، لم يتسع ذلك المضيق إلا قليلا لأن أكثر الصحابة لا يؤثر عنهم في التفسير إلا شيء قليل.
وإن أرادوا بالمأثور ما كان مرويا قبل تدوين التفاسير الأول مثل ما يروى عن أصحاب ابن عباس وأصحاب ابن مسعود،فقد فتحوا الباب فلا بد من الإعتراف بأقوال التابعين في معاني القرآن التي لم يسندوها .
كما يدل اختلافهم في معاني آيات كثيرة على أنها من تأويلاتهم وفهمهم .كما أنه في تفسير الطبري الذي اعتمد فيه على المأثور مع سياق اسانيدها إلا أنه يختار منها ويرجح بينها .
- التفسير الباطني:
وهو أن للقرآن ظهر وبطن فالظاهر الألفاظ والبطن المعاني وهذه المعاني لا يعلمها إلا إمام معصوم .
1- تفسير الباطنية
*من هم الباطنية :
طائفة من غلاة الشيعة عرفوا عند أهل العلم بالباطنية فلقبوهم بالوصف الذي عرفوهم به، وهم يعرفون عند المؤرخين بالإسماعيلية لأنهم ينسبون مذهبهم إلى جعفر بن إسماعيل الصادق، ويعتقدون عصمته وإمامته بعد أبيه بالوصاية.
*مذهبهم في التفسير:
صرفوا ألفاظ القرآن عن ظواهرها بما سموه الباطن، وزعموا أن القرآن إنما نزل متضمنا لمعاني خفية من شأن الحكماء. علمها.
سبب مذهبهم هذا في التفسير:
قولهم هذا سببه أنهم يرون أنه لابد للمسلمين من إمام من أهل البيت يبين مراد الله فلما توقعوا محاجة المسلمين لهم بأدلة الكتاب والسنة فرأوا أنه لابد من تأويل الحجج لتقوم بدعتهم فرأوا صرف جميع القرآن عن معناه الظاهر وأن له معاني خفية لا يعلمها إلا الحكماء فالعامة تشتغل بالمعنى الظاهر. من تفاسيرهم تفسير القاشاني .
-جذور مذهب الباطنية:
مذهبهم مبني على قواعد الحكمة الإشراقية ومذهب التناسخ والحلولية فهو خليط من ذلك، ومن طقوس الديانات اليهودية والنصرانية وبعض طرائق
الفلسفة ودين زرادشت.
من تصدى للرد عليهم:
تصدى للرد عليهم الغزالي في كتابه الملقب بـ "المستظهري"
وبين ابن العربي في كتاب العواصم شيئا من فضائح مذهبهم.
تحقيق صحة الآثار التي ورد فيها أن للقرآن ظهر وبطن
أما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا)).لم يصح عنه
وأما ما روي عن ابن عباس أنه قال: إن للقرآن ظهرا وبطنا. فبقية كلام ابن عباس أنه قال فظهره التلاوة وبطنه التأويل وبهذا أوضح مراده إن صح عنه بأن الظهر هو اللفظ والبطن هو المعنى.
2- الصوفية وتفسير الإشارات:
يذكر الصوفية في بعض الآيات معاني لا تجري على ألفاظ القرآن ظاهر وإنما بتأويل ونحوه.ولكن لا يدعون بهذه الإشارات أنها تفسيرا للقرآن بل يعنون أن الآية تصلح للتمثل بها في الغرض المتكلم فيه، لذلك سموها إشارات.وهو بذلك خالفوا الباطنية.
-رأي العلماء في هذه الإشارات:
*الغزالي يراها مقبولة.
*ابن العربي يرى إبطال هذه الإشارات
رأي المصنف:
هذه الإشارات لا تخرج عن ثلاث حالات:

1 -يجري فيه معنى الآية مجرى التمثيل لحال شبيه بذلك المعنى.
2- ما كان من نحو التفاؤل فقد يكون للكلمة معنى يسبق من صورتها إلى السمع هو غير معناها المراد وذلك من باب انصراف ذهن السامع إلى ما هو المهم عنده.
3- عبر ومواعظ وشأن أهل النفوس اليقظى أن ينتفعوا من كل شيء ويأخذوا الحكمة حيث وجدوها فما ظنك بهم إذا قرأوا القرآن وتدبروه فاتعظوا بمواعظه.
فنسبة الإشارة إلى لفظ القرآن مجازية فليست دلالة لفظية على معنى الآية.
وكل دلالة خرجت عن الأحوال الثلاث السابقة فهي تقترب من الباطنية.
-ما يخرج من الإشارة:
يخرج منها ما يعرف في الأصول بدلالة الإشارة، وفحوى الخطاب، وفهم الاستغراق من لام التعريف في المقام الخطابي، ودلالة التضمن والالتزام ،وغيرها من الدلالات العرفية مما يدركه أهل العربية.
-التحذير من الخوض في آيات الله بلا علم:
إن تفسير القرآن والقول فيه دون مستند من نقل صحيح عن أهل التفسير هذا أمر خطير يجب الحذر منه.
...................
المقدمة الرابعة
فيما يحق أن يكون غرض المفسر
-فائدة معرفة مقاصد القرآن الكريم
لتستبين غاية المفسرين على اختلاف طرائقهم ، ومدى تحقيق المفسر لمقاصد القرآن أو بعض منها.
-المقصد الأعلى من نزول القرآن الكريم
صلاح الأحوال الفردية والجماعية والعمرانية .
-كيفية بيان الله لمراده من عباده:
•أنزل القرآن ليحفظ به مقاصد الدين ، بما أودع الله في ألفاظة التي نتعبد بها لمعرفة مراده .
•جعل وحيه باللسان العربي المبين .
•جعل العرب هم المتلقين لوحيه أبتداءاً والمبلغينه لغيرهم .
-الحكمة من اختيار اللسان العربي والعرب ، لتبليغ القرآن
لأن اللسان العربي أفصح الألسنة وأوسعها انتشارا ، وأكثرها تحملا للمعاني مع إيجاز اللفظ.
واختار العرب لكونها أمة سلمت من أفن الرأي عند المجادلة ، ولم تشغلها الرفاهية والتكالب على عليها .
-المقاصد الأصلية التي جاء بها القرآن :
1-إصلاح الإعتقاد وهذا أعظم سبب لإصلاح الخلق.
2-تهذيب الأخلاق ( وإنك لعلى خلق عظيم) وقالت عائشة رضي الله عنها ( كان خلقه القرآن)
3-التشريع وهو الأحكام خاصة وعامة.
4-سياسة الأمة ، القصد منه صلاح الأمة وحفظ نظامها.
5- القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أعمالهم .
6- التعليم بما يناسب حاله عصر المخاطبين ( علم الشرائع وعلم الأخبار)
7- المواعظ والإنذار والتحذير والتبشير.
8- الإعجاز بالقرآن ليكون آية دالة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم .
-غرض المفسر
هو بيان ما يقصده من مراد الله تعالى في كتابه بأتم بيان يحتمله المعنى ولا يأباه اللفظ من كل ما يوضح المراد من مقاصد القرآن، أو ما يتوقف عليه فهمه أو ما يخدم المقصد تفصيلا وتفريعاً مع إقامة الدليل على ذلك أن فيه خفاء.
-طرائق المفسرين ثلاث:
1-الإقتصار على ظاهر المعنى مع بيانه وإيضاحه ، وهذا الأصل.
2-استنباط معاني خفية تقتضيها دلالة اللفظ او المقام ، ولا يخالفها او يمنعها الاستعمال ولا مقصد القرآن.
في هذه الطريقة فرع العلماء وفصلوا في الأحكام و خصوها بالتآليف الواسعة، وتفاويع الاخلاق والآداب.
3- أن يذكر المسائل ويبسطها لمناسبة بينها وبين المعنى، أو لكون لزيادة فهم المعنى يتوقف عليها، ولغيرها من الاغراض.
وفي هذه الطريقة تجلب مسائل علمية من علوم أخرى لها مناسبة بمقصد الآية.
وبعض مسائل العلوم تكون أشد تعلقا بتفسير آي القرآن .
ويشترط لقبول ذلك : أن يكون موجزا لا يجلب الا الخلاصة من ذلك العلم .
-آراء العلماء في سلوك هذه الطريقة الثالثة:
• منهم من يرى أنه من الحسن التوفيق بين العلوم غير الدينية وبين المعاني القرآنية، ويرون أن القرآن يشير إلى كثيرا منها، منهم ابن رشد الحفيد وقطب الدين الشيرازي، والغزالي والرازي وابن العربي وغيرهم .
واشترط المصنف : توفر الفهم ، وألا يخرج عما يصلح له اللفظ عربية ، ولا يبعد عن الظاهر إلا بدليل ولا يكون تكلفاً بيناً ، ولا خروج عن المعنى الأصلي حتى لا يكون كتفاسير الباطنية.
•ومنهم من لا يرى ذلك، منهم أبو اسحاق الشاطبي، ويستشهد بأن السلف الصالح كانوا أعلم بالقرآن وبعلومه وما أودع فيه ، إلا احكام التكاليف وأحكام الآخرة.
ورأيه بناه على أساس أن القرآن كان خطاب للأميين وهم العرب ، فعتمد في مسلك تفسير معناه وبيان مراده على مقدرتهم وطاقتهم وأن الشريعة أمية.
-وجوه ضعف هذا القول السابق سبعة:
1-ما بنى عليه رأيه يقتضي أن القرآن لم يقصد منه انتقال العرب من حال إلى حال وهذا باطل
2-أن مقاصد القرآن راجعة إلى عموم الدعوة وهو معجزة باقية فليس خاص بالعرب.
3-مقولة السلف ( أنه لا تفنى عجائبه) أي معانية ، ولو كان كما قال الشاطبي لقلصت عجائبة بانحصار معانيه.
4- من تمام اعجازة إيجاز لفظه مع غزارة معانيه.
5-أفهام المخاطبين يقتضي فهم المعنى ومازاد عن ذلك فقد يفهمهم أقوام ويحجب عن أقوام.
6-عدم تكلم السلف عليها إن كان فيما ليس راجعا لمقاصده فهو موافق لرأي المصنف.
وإن كان فيما يرجع للمقاصد فإنهم قد بينوا وفصلوا وفرعوا في علوم اعتنوا بها.
-أنكر ابن العربي التوفيق بين العلوم الفلسفية والمعاني القرآنية.
-مراتب علاقة العلوم بالقرآن الكريم أربع مراتب:
الأولى : علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم، وتهذيب الأخلاق والفقه والتشريع والاعتقاد والأصول والعربية والبلاغة.
الثانية: علوم تزيد المفسر علما كالحكمة والهيئة وخواص المخلوقات.
الثالثة: علوم أشار إليها أو جاءت مؤيدة له كعلم طبقات الأرض والطب والمنطق.
الرابعة: علوم لا علاقة لها به إما لبطلانها كالزجر والعيافة والميثولوجيا، وإما لأنها لا تعين على خدمته كعلم العروض والقوافي.
.......................
المقدمة الخامسة
في أسباب النزول
-المراد بأسباب النزول
هي وقائع تقع فيروى آيات من القرآن نزلت لبيان حكمها أو إنكارها أو لحكيتها او نحوذلك.
-سبب وضع المؤلف مقدمة في أسباب النزول:
• لأن أمر أسباب نزول القرآن دائر بين القصد والإسراف حتى كاد يوهم الناس أن كل آية لها سبب نزول.
•شدة الحاجة إلى تمحيص أسباب النزول في أثناء التفسير.
•ليستغني عن إعادة الكلام عليه عند ذكر أسباب اانزول.
• عذر المؤلف المتقدمين الذين استكثروا من أسباب النزول دون تمحيص.
•لم يعذر علماء التفسير الذين نقلوا تلك الرويات الضعيفة في كتبهم ولم ينبهوا لضعفها.
-أسباب النزول خاصة يراد بها العام:
•قال العلماء بعدم تخصيص أسباب النزول، إلا طائفة شاذة.
• لو أن أسباب النزول ( العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)
• هناك أسباب نزول المراد منها تخصيص عام او تقييد مطلق ، وهي التي تقف عرضة أمام معاني التفسير.
-المفسز لا يستغني عن علم أسباب النزول لأن فيها؛
•بيان مجمل أو إيضاح خفي وموجز
•منها ما يكون تفسيرا.
•ومنها ما يدل المفسر على طلب الأدلة التي يفسر بها الآية.
ومنها ما ينبه المفسر إلى صور بلاغية تدل على مقتضى المقام .
-أنواع أسباب النزول خمسة:
•يتوقف فهم الآية على علمه ، منه تفسير المبهمات .
•حوادث كانت سبباً لتشريع أحكام .
•حوادث خاصة بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان حكمها وزجر مرتكبها ، فيقول المفسر : نزلت في كذا وكذا.وهذا القسم أكثر من ذكره القصاص وبعض المفسرين ، ولا فائدة في ذكره.
• حوادث في القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيذكره المفسر بعبارة توهم أن هذه الحوادث سب نزول لتلك الآيات ، مع انها داخله في معنى الآية.
•قسم يبين المجمل ويدفع متشابهات الآيات ، ومن هذا القسم مالا يبين ما سبق وإنما يبين وجه تناسب الآيات .
-كيفية ورود الهدي القرآني
• قد يكون وارد قبل الحاجة
• وقد يكون الخطاب فيه على وجه الزجر أو الثناء أو غيره.
• أو يكون مخاطبا به جميع من يصلح خطابهم
•وهو في العموم جاء بكليات تشريعية وتهذيبية.
-الحكمة من هذا التنوع
•ليسهل وعي الأمة بدينها
•ليكون الدين متواتراً
•وليكون للعلماء دور في الإستنباط .
•في نزول القرآن عند الحوادث دليل على إعجاز ه من ناحية ارتجازه ، فيقطع دعوى أنه أساطير الأولين .
-كما لا يجوز تخصيص جميع مراد الله ، لا يجوز تعميم ما خصصه ولا إطلاق ما قيده • لأن ذلك يؤدي إلى التخليط في مراد الله أو إبطاله من أصله
كحال بعض الفرق مثل الخوارج عمدوا إلى آيات الوعيد الخاصة بالكفار فوضعوها على المسلمين فجاؤا ببدعة التكفير.
...........................
المقدمة السادسة
القراءات
-سبب وضع المؤلف مقدمة في القراءات
•لعناية كثير من المفسرين بذكر اختلاف القراءات في ألفاظ القرآن وكيفية الآداء.
•ليبين جملا من هذا العلم ليتبين مقدار تعلق اختلاف القراءات بالتفسير ومراتب القراءات قوة وضعفا ..
-حالات القراءات
للقراءات حالتان :
الأولى: لا تعلق لها بالتفسير ، وهي التي من وجوه التجويد وفي تعدد وجوه الإعراب ..
•ميزة القراءات من هذه الجهه:
-حفظت للعربية كيفية نطق الحروف من مخارجها .
-بيان اختلاف لهجات العرب.
-سعة بيان وجوه الإعراب في العربية
•سبب عدم أهمية هذا النوع من القراءات
لأنه لا علاقة له بالتفسير وبيان معان الآيات.
•كيفية قراءة الصحابة في الأمصار قبل جمع عثمان رضي الله عنه
قرأكل فريق بعربية قومه في وجوه الآداء، ويحتمل أن يكون القارئ الواحد يقرأ بوجهين لحفظ اللغة مع حفظ القرآن
•دلالة كراهه مالك القراءة بالإمالة:
دلت على أنه يرى أن القارئ قرأ بها لمجرد اختياره .
ويرى المؤلف أنه لا ضير في ذلك مادامت كلمات القرآن محفوظة.
• جمع عثمان رضي الله عنه:
-أمر أن يكتب المصحف على قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قرأ بها على جبريل في العام الذي قبض فيه( العرضة الأخيرة)
-هذه القراءة هي أيضا قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار
-شهد زيد بن ثابت العرضة الأخيرة .
-حمل الناس على اتباعه وترك ما خالفه من قراءات
-جمع جميع المصاحف المخالفة له وأحرقها ، ووافقه على ذلك جمهور الصحابة
-بعث في الأمصار نسخ من المصحف الإمام ( المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام وقيل اليمن ومصر)
-جمع عثمان رضي الله عنه إتمام لجمع أبي بكر رضي الله عنه.
-الذين قرأوا قراءات مخالفة لمصحف عثمان بقوا يقرأون بها لا ينهون عن ذلك ولكن لم يكتبونها في مصاحف.مثال كان علي رضي الله عنه يقرأ( طلع منضود) بدل ( طلح منضود)
-ممن نسب إليه قراءات مخالفة، عبدالله بن مسعود وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة
-ثم ترك ذلك تدريجياً.
•شروط قبول القراءة غير المتواترة:
-موافقتها وجها في العربية
-موافقتها خط المصحف ، أي موافقة أحد المصاحف الأئمة التي بعث بها عثمان إلى الأمصار.
-صحة سند الرواية
بهذه الشروط تكون رواية صحيحة لا يجوز ردها.
• صنف أبو علي الفارسي كتاب الحجة للقراءات وهو معتمد عند المفسرين.
القراءات العشر
-انحصر توفر الشروط في الروايات العشر
- القراء العشر هم ( نافع ابن أبي نعيم المدني، عبدالله بن كثير المكي، أبو عمر المازني البصري، عبدالله بن عامر الدمشقي، عاصم بن أبي النجود الموفي وحمزة بن حبيب الكوفي والكسائي ويعقوب بن إسحاق الحضرمي وأبوجعفر يزيد بن القعقاع المدنيوخلف البزار الكوفي)
-ما زاد على القراءات العشر
قراءة ابن محيص واليزيدي والحسن والأعمش وهي في مرتبة دون العشر
-ما سوى ذلك عده الجمهور شاذا لأنه لم ينقل بتواتر، ومالك والشافعي عدّ ما دون العشر لا تجوز القراءة به لمخالفته المصحف الإمام
-القراءات المروية بأسانيد صحيحة في كتب الصحيح وغيرها لا يجوز لغير من سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم القراءة بها لعدم تواترها، وإذا بلغته قراءة متواترة تخالف ما رواه يجب عليه القراءة بالمروية تواترا .
-تسمية هذه القراءة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم اطلق هذا الاسم عليها ابن جرير وابن عطيه وغيرهم
-لا تعني هذه التسمية أنها هي فقط المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم ولا ترجيحها على القراءات
-هذا الإطلاق عليها يوهم من ليس له علم أن غيرها لم يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم
• الحالة الثانية:
تعريفها: اختلاف القراء في حروف الكلمات مثل ( مالك ، ملك يوم الدين) او اختلاف الحركات الذي يختلف معه المعنى.
-لهذه القراءات علاقة تعلق بالتفسير.
-مميزات هذه القراءات:
* ثبوت أحد اللفظين يبين المراد من اللفظ الآخر في القراءة الثانية
*أوثير معنى غيره
* تكثر معاني الآية لكثرة الفاظها.
وهذا من زيادة بلاغة القرآن.
•موقف المفسر من تعدد القراءات في لفظة:
-إما يحمل احدى القراءتين على الأخرى ، إن أمكن وإلا يبين اختلاف القراءتين فيكون تعدد أوجه القراءة فيها مقام تعدد كلمات القرآن، وهذا نظير التضمين والتورية والتوجيه في العربية .
-اختلاف القراءات قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم بن حزام عندما سمعه يقرأ بقراءة تخالف ما تعلمه وسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، فشكاه للنبي صلى الله عليه وسلم فسمع من كلا منهما قراءته وقال لكلامنهما: كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعه أحرف فاقرأوا ما تيسر منه.
-مرجع أقوال العلماء في هذا الحديث
للعلماء في معناه أقوال يرجع إلى اعتبارين :
-اعتبار الحديث منسوخاً.
-اعتبار الحديث محكماً.
1- اعتبار الحديث منسوخاً.
القائلين به:البقلاني وابن عبد البر وابن العربي والطبري والطحاوي
وينسب لابن عيينه وابن وهب.
الحكمة منه
قيل أنه كان رخصة في أول الاسلام حيث اباح الله للعرب قراءة القرآن بلغتهم، ثم نسخ ذلك بحمل الناس على قراءته بلغة قريش.
-وقت النسخ:
يظهر من كلام ابن العربي ان النسخ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإما نسخ بإجماع الصحابة او بوصية منه صلى الله عليه وسلم
-الدليل
-استدلوا بقول عمر : القرآن نزل بلسان قريش.
-وبنهيه ابن مسعود ان يقرأ ( فتول عنهم عتى حين ) وهي لغة هذيل .
-وبقول عثمان لكتاب المصاحف اذا اختلفتم في حرف فاكتبوه بلغة قريش.
•المراد بالأحرف السبعة ثلاثة أقوال:
[COLOR="blue"][/القول الأول:
المراد بالأحرفCOLOR] : الكلمات المترادفة للمعنى الواحد، فيختار القارئ باللفظ الذي يناسبة من المترادفات .
-والمراد بالسبعة حقيقة العدد ، سبع لهجات اي سبع لغات
-اختلافهم بتعيين هذه اللغات السبع
القول الثاني:
العدد ليس مراد حقيقته بل كناية عن التعدد والتوسع
وهذا القول لجماعة منهم عياض.
القول الثالث:
المراد التوسعة في نحو( كان الله سميعا عليما) يقرأ( عليما حكيما) مالم يختم بغير ما يناسب
وهذا قول ابن عبد البر
2- اعتبار الحديث غير منسوخ
اختلفت مذاهب من قال بهذا القول :
أ-قال جماعة منهم البيهقي الرازي : الاحرف هي أنواع أعراض القرآن كالامر والنهي والحلال ...
وانواع كلامه كالخبر والإنشاء ...
أو انواع دلالاته كالعموم والخصوص
• رأي المصنف
رأى أن هذا القول لا يناسب سياق الحديث من قصد التوسعة
ب-قال جماعة منهم ابو عبيد وثعلب والأزهري ونسب لابن عباس : أي مشتمل على سبع لغات من لغات العرب مبثوثة بالقرآن ،يلزم القارئ بها على التعيين لا الاختيار ، وعينوا تلك اللغات .
رأي المصنف
لا يناسب هذا القول سياق الحديث من قصد التوسعة ولا يستقيم من جهه العدد لأن المحققين ذكروا عدد كبير من لغات العرب في القرآن وصلت الى خمسين لغة.
ج- المراد بالأحرف لهجات العرب في النطق كالفتح والإمالة والمد والقصر ...
بمعنى ان ذلك رخصة مع المحافظة على ألفاظ القرآن
رأي المصنف
هذا أحسن الأجوبة
وأن مقصد عمر في الحديث أن حكيم هو الإخلال بترتيب الآيات حسب ما حفظ فهذه رخصة مع توخي القراءة الموافقة لقراءته صلى الله عليه وسلم .
-الأحرف السبعة ليست هي القراءات السبع اجمع العلماء على ذلك
-تحديد القراءات في سبع لم يدل عليه الدليل وانما حصل بدون قصد او بقصد التيمن بالعد سبعة
-ابن جبر أول من صنف كتاباً في القراءات واقتصر على خمسة قراء من كل مصر واحدا حسب المصاحف التي ارسلها عثمان.
-أول من جمع القراءات في سبع ابن مجاهد على رأس الثلاثمائة .
مراتب القراءات الصحيحة والترجيح بينها
-اتفق الأئمة أن القراءات التي لا تخالف الألفاظ التي في مصحف عثمان هي متواترة وإن اختلفت في كيفية النطق والآداء وتواترها تبعا لتواتر صورة كتابة المصحف
-أما ما كان نطقة صالحا لرسم المصحف واختلف فيه فهو مقبول ولكنه ليس متواتر.
-جزم ابن العربي وغيره أنها غير متواترة مثل قراءة نافع بن ابي نعيم
-قال إمام الحرمين في البرهان : هي متواترة ،ووافقه ابن سلامة الأنصاري ، ورده عليه الأبياري ، وتوسط بينهما المازري فقال: هي متواترة عند القراء وليست متواترة عند عموم الأمة.
-أسانيد القراءات العشر
تنتهي أسانيدها إلى ثمانية من الصحابة وهم: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله من مسعود، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري.
-وجوه الإعراب في القرآن أكثرها متواتر إلا ما احتمل اعرابان مع اتحاد المعنى.
-ما خالف العربية ففيه نظر ، لأنه لا نحصر فصيح كلام العرب فيما صار اليه النحاة في الكوفة والبصرة.
-في هذا ابطال لما ادعاه الزمخشري في القراءات المتواترة انها على وجوه ضعيفة في العربية .
-القراءات العشر الصحيحة المتواترة تتفاوت من حيث اشتمال بعضها على انواع من البلاغة والفصاحة او كثرة المعاني ... قد يكسب القراءة ترجيحا في رأي بعض العلماء كابن جرير وابن رشد
أسباب ترجيح بعض القراءات على بعض
-إذا كانت اظهر في الإعراب
-أصح في النقل
-أيسر في اللفظ.
كان مالك يكره النبر في القرآن : وهو اظهار الهمزة في كل موضع على الأصل.
-استحباب مالك للتسهيل رواية ورش

-لم تكن لغته صلى الله عليه وسلم الهمز : اي كان ينطق بالهمزة مسهله.
-هل ترجيح قراءة على قراءة يعني أنها أضعف في الإعجاز؟
-الإعجاز مطابقة الكلام لمقتضى الحال ، وكلام كله معجز لكن قد يكون بعضه مشتملا على لطائف كالجناس والمبالغة والتفنن فتزيد القراءة حسنا .
-لا يلزم ان يتحقق في كل آية فالتحدي وقع في سورة واقصر سورة ثلاث آيات
-ذكر المصنف منهجه في ذكر القراءات في تفسيره
-أنواع القراءات في بلاد المسلمين

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 11 صفر 1441هـ/10-10-2019م, 10:25 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مضاوي الهطلاني مشاهدة المشاركة
بسم الرحمن الرحيم
خطبة المصنف:
- حمدالله على أن بيّن للمستهدين معالم مداده ونصب لهم أعلام أمداده ،
فأنزل القرآن مشرعاً معصوما.
- وصوفات القرآن
•معجز بعجائبه التي تظهر يوماً فيوما.
•مصدقاً لما سبقه من الكتب و مهيمنا عليها.
•فيه عظه للمسئ ووعد للمحسن.
•عرفه المنصفون وشهدوا بصدقه .
•دلائل العقل على صدقه ، أبصر من المشاهدة بالعيان.
• لم يزل كتابه غضاً طرياً ، محفوظاً من التغيير والتبديل.
- نزل على أفضل الرسل ، فبشر المؤمنين بأن لهم قدم صدق .
- به أصبح النبي صلى الله عليه وسلم سيد الحكماء المربين.
- به شرح صدره ( إنك على الحق المبين)
- قيض الله لبيان معانيه الصحابة رضي الله عنهم.
- بيّن أسراره من بعدهم علماء الأمة.
- الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ومن اقتدى بهم إلى يوم الدين.
- سبب التأليف
كان من أكبر أمنياته منذ أمد طويل تفسير الكتاب المجيد الجامع لمصالح الدنيا والدين،من صفات هذا التفسير أن يكون موثق بالحق و يحوي لكليات العلوم ، ومعاقد استنباطها، مع تتويجه بالبلاغة في محالها ، ونكت من العلم ، مع احكام من التشريع ، والتعريج على مكارم الأخلاق .
- الدافع لهذا التأليف ، ما كان يتحصل عليه من هذه الفنون السابقة عند مطالعة كتاب الله وتدبره ، ومطالعة كلام مفسر قد يحتاج أحيانا إلى زيادة على ما ذكره .
- سبب تأخره بالتأليف
رغم قدرته على اقتحام هذا المجال إلا أنه خشي أن يعرض نفسه للمتاعب التي لا قدرة له عليها، أو يخطأ في الفهم، فبقي يسوّف ، يزجر نفسه احيانا ويشجعها أحياناً،إلى أُسند إليه خطة القضاء، فعزم أنه متى تخلص من القضاء أن يبدأ في تحقيق أمنيته ، وحادث إخوانه وأصحاب بذلك ، فلما مضت مدة و انقضت مهمته في القضاء ، صرف همته إلى أمنيته وعزم على تحقيقها ، مستعينا بالله ومستخيراً له، وطرد أشباح هول المطلع وخوف الغلط ، بالعزم على الإجتهاد وتوخي طرق الصواب، فأقدم إقدام الشجاع على وادي السباع.
-منهجه في تفسيره
• أن يودعه نكتاً لم يراه أحد سبقه إليها.
• أن يقف موقف الحكم بين طوائف المفسرين .
• ألا يقتصر على الحديث المعاد والمكرر في التفاسير ، كما يفعل بعض المفسرين بأن يقتصر على ما شاده الأقدمون ، ولا كالذين هدموا ما بنوه الأولون ، وإنما يُهدب ما أشاده الأقدمون ويزيده ، وحاشا أن ينقصه أو يبيده.
[ومن بيان المنهج هنا أن نبين ما أضافه ابن عاشور على من سبقه مثلا:
# بيان معاني القرآن وأوجه إعجازه.
# رغبته في التركيز على بيان دقائق البلاغة في آي القرآن الكريم.
# بيان المناسبة بين الآيات.
# بيان أغراض كل سورة ليزداد تأمل القارئ وتدبره لها.
# بيان معاني المفردات في اللغة العربية بضبط وتحقيق]

• أهم التفاسير
مع أن التفاسير كثيرة ، إلا أن كثيرا منها عالة على كلام سابق فماهي إلا جمع من التفاسير السابقة ما بين مختصر ومطول ، ولا حظ لمؤلفه سوى الجمع.
وأهمها كما ذكر المؤلف(تفسير "الكشاف" و"المحرر الوجيز" لابن عطية و"مفاتيح الغيب" لفخر الدين الرازي، "وتفسير البيضاوي" الملخص من "الكشاف" ومن "مفاتيح الغيب" بتحقيق بديع، و"تفسير الشهاب الآلوسي"، وما كتبه الطيبي والقزويني والقطب والتفتزاني على "الكشاف"، وما كتبه الخفاجي على "تفسير البيضاوي"، و"تفسير أبي السعود"، و"تفسير القرطبي" والموجود من "تفسير الشيخ محمد بن عرفة التونسي" من تقييد تلميذه الأبي وهو بكونه تعليقا على "تفسير ابن عطية" أشبه منه بالتفسير لذلك لا يأتي على جميع آي القرآن و"تفاسير الأحكام"، و"تفسير الإمام محمد ابن جرير الطبري"، وكتاب "درة التنزيل" المنسوب لفخر الدين الرازي، وربما ينسب للراغب الأصفهاني)
-خطته في تفسيره: [لماذا فصلتيها عن المنهج؟]
• للإختصار أعرض عن العزو لهذه التفاسير.
• ميّز ما فتح الله عليه من فهم في معاني ، ومسائل علميه ، مما لم يسبقه أحد إليها حسب علمه وما لديه من تفاسير . ولا يدعي الإنفراد فربما سبقه أحد لشيء من هذه الفتوحات ،وهذا يقع أحياناً.
• طرز كتابه بدقائق البلاغة كلما لاح له هذا الفن العظيم في آية من آيات القرآن ، بحسب مبلغ فهمه وطاقة تدبره.
ففن البلاغة لم يخصه أحد من المفسرين بكتاب كما خصوا الفنون الأخرى ، فمعاني القرآن ذات أفانين كثيرة مترامية الأطراف موزعة على آياته ، فهي مابين آيات أحكام وآيات آداب وآيات قصص ، وربما تشتمل الآية الواحده على أكثر من فن، وخص المفسرون هذه الفنون ونحا نحوها ، والفن الذي دقائقه في كل آية هو البلاغة .
• أهتم ببيان وجوه الإعجاز ، ونكت البلاغة والأساليب العربية.
•أهتم ببيان مناسبة الآيات ببعضها ببعض، وهو ممن اعتنى به الفخر الرازي، وألف فيه البقاعي كتابه ( نظم الدرر في تناسب الآيات والسور) إلا إنهما قد أتوا في ذلك بما ليس بمقنع، إما المناسبة بين السور فلا يراه حقا على المفسر.
• بين أغراض السور ، لئلا يقتصر الناظر في التفسير على بيان معاني المفردات.
• بيّن معاني المفردات في اللغة بضبط وتحقيق، ليجد المطالع فيها مراده ، وما فيها من فوائد ونكت على قدر واستعداده.
•أودع تفسيره نكت من معاني القرآن وأساليب الإستعمال الفصيح ومن إعجاز القرآن خلت عنها كتب التفاسير .
-ثناؤه على تفسيره
• ساوى هذا التفسير على اختصارة مطولات القماطير .
• فيه أحسن مافي التفسير ، وفيه أحسن مما في التفاسير
-تسميته:
•سماه ( تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد )
• اختصر اسمه باسم ( التحرير والتنوير من التفسير)
- وضع له مقدمات في بدايته تكون عوناً للباحث في التفسير ، وتغنيه عن معاد كثير.
............
المقدمة الأولى
في التفسير والتأويل وكون التفسير علما
- معنى التفسير لغة:
مصدر فسّر بتشديد السين ، هو مضاعف فسر الذي مصدره الفَسْر ( من بابي نصر و ضرب) وكلاهما متعدّ
فالتضعيف ليس للتعدية.
الفسر : الإبانة والكشف لما يدل عليه الكلام أو لفظ بكلام آخر يكون أوضح للمعنى المفسَّر عند السامع.
- - دلالة لفظ التفسير على التكثير
ربما يكون التكثير مجازي بأن ينزل إعمال الذهن والتفكر في استخراج المعنى واختيار أوفق الأقوال لبيان معناها بمنزلة العمل الكثير ،كتفسير صحار العبدي وقد سأله معاوية عن البلاغة فقال: "أن تقول فلا تخطئ، وتجيب فلا تبطئ" ثم قال لسائله: "أقلني لا تخطئ ولا تبطئ".
ويشهد لهذا قوله تعالى {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}.
- التفسير في الإصطلاح:
هو اسم للعلم الذي يبحث في معاني ألفاظ القرآن الكريم ، وما يستفاد منها، باختصار أو بتوسع.
- موضوعه:
ألفاظ القرآن ، بالبحث عن معانيها وما يستنبط ويستخرج منها من دلالات.
- الفرق بين علم التفسير وعلم القراءات
يخالف التفسير علم القراءات ، بموضوعه ، فقد تمايز كلاً منهما بموضوع ، يختلف عن الآخر ، لأنهم يقولون ( تمايز العلوم بتمايز الموضوعات ، وحيثياتها.
- اعتبار التفسير ( علم )
العلم إذا أطلق فيراد به عدة معاني
1- يراد به إدراك الشيء ، كما يقوله أهل المنطق ، العلم إما تصور وإما تصديق.
2- يراد به العقل .
3- يراد به التصديق الجازم ، وهو مقابل الجهل .(وهذا غير مراد في اعتباره علم)
4- المسائل العلمية التي يبرهن عليها ، فهي قضايا كلية . [هذه الأنواع الأربعة = إطلاقات العلم]
ومباحث التفسير ، ليست قضايا يبرهن عليها فما هي بكلية ، بل تصورات جزئية، فهي إما تفسير ألفاظ ، كتفسير ( ملك يوم الدين ) يوم الجزاء ، فهذا من قبيل التعريف لفظي
أو استنباط معاني ،كما في تفسير قوله تعالى :( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ً) مع قوله:( وفصاله في عامين) استبط أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، وهذا من دلالة الإلتزام ، ففي عده عالم تسامح. [وهنا مسألة أخرى وهي المآخذ على عد التفسير من العلوم]
- وجوه احتمال اعتبار التفسير علماً
ربما عدو تفسير ألفاظ القرآن علما لواحد من هذه الوجوه الستة:
(1)لكون مباحثه ، يستنبط منها علوم كثيرة وقواعد كلية .
(2)العلوم الشرعية مباحثها مفيدة للكمال العلمي للعامل بهاوالتفسير أعلاها في ذلك.
(3)بيان ألفاظ القرآن وتعريفاتها ترجع إلى قضايا ، ويتفرع عنها معاني كثيرة تنزلها منزلة الكلية ، والاستشهاد عليها بشعر العرب ، يقوم مقام البرهان على المسألة .
(4)إن أثناء التفسير ، قد يتم تقرير قواعد كلية لبعض المسائل ، مثل : تقرير قواعد النسخ ، عند تفسير ( ما ننسخ من آية) وقواعد التأويل عند تقرير {وما يعلم تأويله} وقواعد المحكم عند تقرير {منه آيات محكمات} فمجموع تلك وما معه تسمى علما تغليبا.
•عناية العلماء بجمع الكليات
اعتنى العلماء بإحصاء كليات تتعلق بالقرآن، وجمعها ابن فارس، وذكرها عنه في الإتقان وعنى بها أبو البقاء الكفوي في كلياته.
(5)التفسير حقيقا أن يسمى علماً لأن حقه أن يشتمل على أصول التشريع وكلياته ، ولكن المفسرين ابتدؤا ببيان المعاني ، فغلبت عليهم ، فصرفتهم عن الإشتغال باستخراج أصول الشريعة وكلياتها الا في مواضع قليلة.
(6) اشتغل علماء الإسلام بالتفسيرقبل ،فاكتسب أهله ملكة يدرك بها دقائق القرآن وأساليبه ، فكان مفيدا علوماً كلية لها مزيد اختصاص بالقرآن المجيد فمن أجل ذلك سمي علماً.
- مكانة علم التفسير من العلوم الشرعية:
• من حيث أنه بيان وتفسير لمراد كلام الله ، فهو من أصول العلوم الشرعية بل يعد رأس العلوم الإسلامية كما وصفه البيضاوي بذلك،
• من حيث ما فيه من بيان مكي ومدني، وناسخ ومنسوخ، ومن قواعد الاستنباط فهو يعد في متممات العلوم الشرعية .
• شرف علم التفسير
هو أشرف العلوم الإسلامية ورأسها على التحقيق.
-مراحل علم التفسير
•أول علم ظهر هو علم التفسير
• بدأ القول فيه في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث كان الصحابة رضي الله عنهم يسألونه عما يشكل عليهم فهمه، كما سأل عمر رضي الله عنه عن الكلالة .
•ثم اشتهر بعض الصحابة بالتفسير
أشهر الصحابة في التفسير
*زيد بن ثابت وأبّي بن كعب ، وعبدالله بن مسعود ، وعبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم .
* أما علي وابن عباس رضي الله عنهما فهما أكثر الصحابة قولاً فيه، لذلك كثر في كتب التفسير النقل عنهم ، واختلف صحة تلك النقول .
-روايات الكلبي عن ابن عباس
هي روايات نسبت كذباً إلى ابن عباس رواها محمد بن السائب الكلبي ( المتوفي146هـ) في تفسيره ، لكن تكلم أهل الحديث فيها
وهي : عن أبي صالح عن ابن عباس،
فإذا اضيف إليها رواية محمد بن مروان السدي عن الكلبي فهي سلسلة الكذب، مقابلة لما لقبوه بسلسلة الذهب، وهي مالك عن نافع عن ابن عمر.
-رواية مقاتل ورواية الضحاك، ورواية علي بن أبي طلحة الهاشمي عن ابن عباس
أصحها رواية علي بن أبي طلحة، وهي التي اعتمدها البخاري في كتاب التفسير من صحيحه ، على طريقة التعليق،
(2)الرواية عن علي رضي الله عنه
هنالك روايات تسند لعلي رضي الله عنه، أكثرها من الموضوعات، إلا ما روي بسند صحيح، مثل ما في صحيح البخاري ونحوه.
• ثم شاع التفسير في عصر التابعين ، لكثرة الخوض فيه ، لدخول كثير من غير العرب في الإسلام ، فتصدى لبيانه بعض التابعين
أشهر التابعين في التفسير
* مجاهد وابن جبير
*عبدالملك بن جريج المكي(80-149هـ) ، أول من صنف في التفسير
- مسالك المفسرين في تفاسيرهم
تنوعت تفاسير العلماء بعد ذلك كلاً بحسب ذوقه وتوجهه، فمنهم
• سلك التفسير بالمأثور عن السلف
*أول من صنف بهذا النوع، مالك ابن أنس، و الداودي تلميذ السيوطي في طبقات المفسرين، وذكره عياض في المدارك إجمالا.
* أشهر من صنف بهذه الطريقة هو محمد بن جرير الطبري.
• التفسير بالنظر أو الرأي
كتفسير أبي إسحاق الزجاج وأبي علي الفارسي.
• ومنهم من أكثر من نقل الإسرائيليات
، فكثرت في كتبهم الموضوعات،.
• ومنهم من اعتنى بالمعاني والغوص فيها ، كالزمخشري في كتابه "الكشاف" وابن عطية في كتابه "المحرر الوجيز"
-الفرق بين التفسير والتأويل
اختلف العلماء ، في هل التفسير مساو للتأويل أم هو أخص منه أو مباين له على أقوال:
(1)متساويان في المعنى ، قاله ثعلب وابن الأعرابي وأبو عبيدة ، وهو ظاهر كلام الراغب.
(2)التفسير للمعنى الظاهر والتأويل للمتشابه.
(3) التأويل هو صرف اللفظ الظاهر معناه إلى معنى آخر محتمل لدليل فيكون هنا بالمعنى الأصولي،
وهنالك أقوال أخر لا عبرة بها.
وكل هذه التعريفات لا مشاحة فيها ،لكن الراجح القول الأول لدلالة اللغة والآثار عليه [ولا مشاحة فيها إذا لم تؤد إلى صرف المعنى الظاهر الحقيقي إلى معنى آخر باطل لا يحتمله معنى الآية]
* أما اللغة
فلأن التأويل مصدر أوله إذا أرجعه إلى الغاية المقصودة، والغاية المقصودة من اللفظ هو معناه وما أراده منه المتكلم به من المعاني، فساوى التفسير، على أنه لا يطلق إلا على ما فيه تفصيل معنى خفي معقول. قال الأعشى:
على أنها كانت تأول حبها = تأول ربعي السقاب فأصحبا
أي تبيين تفسير حبها أنه كان صغيرا في قلبه، فلم يزل يشب حتى صار كبيرا كهذا السقب، أي ولد الناقة، الذي هو من السقاب الربيعية لم يزل يشب حتى كبر وصار له ولد يصحبه قاله أبو عبيدة.
*أما الآثار :
قال الله تعالى: {هل ينظرون إلا تأويله} أي ينتظرون إلا بيانه الذي هو المراد منه،
وقال صلى الله عليه وسلم في دعائه لابن عباس: ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل))، أي فهم معاني القرآن،
وفي حديث عائشة رضي الله عنها كان صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)) يتأول القرآن
استطرادات :
- الفرق بين الفعل ( فسر )والمصدر في المعنى: [المسألة هي الفرق بين " فسَر وفسّر بالتضعيف والتخفيف، والمصدرين منهما]
فيه قولان :
•قيل المصدران والفعلان متساويان في المعنى.
• وقيل يختص المضاعف:
(1) بإبانة المعقولات، قاله الراغب وصاحب البصائر.
كأنه يريد بذلك أن بيان المعقولان يكلف الذي يبينه كثرة القول، كقول أوس بن حجر:
الألمعي الذي يظن بك الظن = كأن قد رأى وقد سمعا
فكان تمام البيت تفسيرا لمعنى الألمعي،
(2) الحدود المنطقية المفسِّرةَ للمواهي والأجناس
ناسب أن يخص هذا البيان بصيغة المضاعفة ، لأن فعّل المضاعف الذي ليس للتعدية ، المقصود منه الدلالة على التكثير من المصدر، قال في الشافية ( وفعّل للتكثير غالباً)
- إفادة فعّل المضعف للتكثير
1• إذا كان ليس متعدي فهو يفيد التكثير
قال في الشافية (وفعّل للتكثير غالباً)
2•إذا كان المضعف للتعدية، فإن إفادته التكثير مختلف فيها:
فقيل: تقارنه إفادة التكثير مقارنة تبعيه
لأن الفعل المضاعف بحالة كونه فعل لازم عرف بإفادته للتكثير، فإذا عُدل بالكلام من التعدية بالهمزة ، إلى تعديته بالتضعيف لقصد الدلالة على التكثير، فإنه تقارنه تلك الدلالة عند استعماله للتعدية مقارنة تبعية.
قول المصنف: استفاد معنى التكثير في حالة استعمال التضعيف للتعدية، أمر حاصل من قرينة عدول المتكلم عن المهموز الخفيف إلى المهموز الثقيل، فهذا العدول قرينة على التكثير ، وكذلك الجمع بين اللازم والمتعدي كما فعل الزمخشري بذكر ( أنزل ، ونزّل)قرينة على التكثير .
•ومثله "فرق"و "فرّق" بالتشديد ، فقد ذكر القرافي في أول "أنواء البروق" ونسب ذلك إلى بعض مشايخه أن العرب فرقوا بينهما
*"فرق "بالتخفيف، جعلوها للمعاني
*"فرق "بالتشديد، للأجسام بناء على أن زيادة المبنى تقتضي زيادة المعنى أو قوته، والمعاني لطيفة يناسبها المخفف، والأجسام كثيفة يناسبها التشديد.
•واستشكل القرافي بعدم اطراده .
• رأي المصنف
قال ليس من التحرير بالمحل اللائق، بل هو أشبه باللطائف منه بالحقائق،
فالعرب لم تراع في استعماله معقولا ولا محسوسا وإنما الكثرة سواء كانت حقيقية أو مجازية.
*دليل ذلك
الاستعمال القرآن، فالاستعمالين ثابتان في الموضع الواحد، كقوله تعالى {وقرآنا فرقناه} قرئ بالتشديد والتخفيف، وقال تعالى حكاية لقول المؤمنين: {لا نفرق بين أحد من رسله} وقال لبيد:
فمضى وقدمها وكانت عادة = منه إذا هي عردت إقدامها
فجاء بفعل قدم وبمصدر أقدم.
وقال سيبويه "إن فعل وأفعل يتعاقبان" على أن التفرقة عند مثبتها، تفرقة في معنى الفعل لا في حالة مفعوله بالأجسام.

المقدمة الثانية
في استمداد علم التفسير
-المقصود باستمداد العلم:
هو : معلومات سابقة يستعين بها المؤلف على إتقان تدوين ذلك العلم الذي يدونه.
-سبب التسمية باستمداد:
تشبيه احتياج العلم لتلك المعلومات بطلب المدد، والمدد العون، والغوث،
وليس كل ما يذكر في العلم يعتبر مدد وإنما ما كان يقوم عليه العلم ويرفده.
أما ما يورد من مسائل علوم أخرى فلا يعد مدداً ، مثل استطرادات فخر الدين الرازي في ( مفاتيح الغيب).
* ما يعد من التفسير و ليس مدد له:
أ- الآثار: [الآثار من العلوم التي عدها ابن عاشور من استمداد علم التفسير:
قال ابن عاشور: " فاستمداد علم التفسير للمفسر العربي والمولد، من المجموع الملتئم من علم العربية وعلم الآثار، ومن أخبار العرب وأصول الفقه قيل وعلم الكلام وعلم القراءات".
لكنه فرق بين ما كان تفسيرًا مباشرًا من النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة للآية، وبين ما يستنبط من الآثار لتفسير الآيات مثل توضيح المبهمات، أو بيان المراد من بعض الكلمات أو أسباب النزول ونحو هذا ...، فعد التفسير المباشر من التفسير، وما يستفاد به من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة كذلك إجماع الأمة - ما ذكرتيه أدناه - من استمداد علم التفسير.]

وتعني :
1-ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، من بيان المراد من بعض القرآن في مواضع الإشكال والإجمال، وذلك شيء قليل.
2- ما نقل عن الصحابة الذين شاهدوا نزول الوحي من بيان سبب النزول، وناسخ ومنسوخ، وتفسير مبهم.
-معنى كون سبب النزول من التفسير:
أي أنه يعين على التفسير لا أن يقصر معنى الآية عليها ،لان سبب النزول لا يخصص.
كقصة قدامة بن مظعون رضي الله عنه الذي شرب الخمر متوهما أنه لا جناح عليه لقولة تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} فاعتذر بها لعمر بن الخطاب في شربه خمرا،:"
3-إجماع الأمة:
تشمل الآثار إجماع الأمة على تفسير معنى، كإجماعهم على أن المراد من الأخت في آية الكلالة الأولى هي الأخت للأم، وأن المراد من الصلاة في سورة الجمعة هي صلاة الجمعة.
ب: تفسير بعض آي القرآن ببعض، لأن ذلك من قبيل حمل بعض الكلام على بعض، كتخصيص العموم وتقييد المطلق وبيان المجمل وتأويل الظاهر ودلالة الاقتضاء وفحوى الخطاب ولحن الخطاب، ومفهوم المخالفة.
ذكر ابن هشام، في مغني اللبيب، في حرف لا، عن أبي علي الفارسي، أن القرآن كله كالسورة الواحدة، ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابه في سورة أخرى، نحو: {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} وجوابه {ما أنت بنعمة ربك بمجنون} اهـ.
لكن هذا الكلام ليس بصحيح لأن القرآن قد يحمل بعض آياته على بعض وقد يستقل بعضها عن بعض.
*العلوم التي يستمد منها علم التفسير:
أولاً:علم العربية:
المراد منها معرفة مقاصد العرب من كلامهم وأدب لغتهم سواء حصلت تلك المعرفة، بالسجية والسليقة، كالمعرفة الحاصلة للعرب الذين نزل القرآن بين ظهرانيهم، أم حصلت بالتلقي والتعلم كالمعرفة الحاصلة للمولدين الذين شافهوا بقية العرب ومارسوهم، والمولدين الذين درسوا علوم اللسان ودونوها.
*دور اللغة العربية في تفسير القرآن:
قواعد العربية هي طريقا لفهم معاني القرآن، وبدون ذلك يقع الغلط وسوء الفهم، لمن ليس بعربي بالسليقة ، لإن القرآن كلام عربي.
قال أبو الوليد ابن رشد، في جواب له عمن قال: إنه لا يحتاج إلى لسان العرب ما نصه: هذا جاهل فلينصرف عن ذلك وليتب منه فإنه لا يصح شيء من أمور الديانة والإسلام إلا بلسان العرب يقول الله تعالى: {بلسان عربي مبين} إلا أن يرى أنه قال ذلك لخبث في دينه فيؤدبه الإمام على قوله ذلك بحسب ما يرى فقد قال عظيما" اهـ.
المراد بقواعد العربية:
مجموع علوم اللسان العربي، وهي: متن اللغة، والتصريف، والنحو، والمعاني، والبيان. استعمال العرب المتبع من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وتراكيب بلغائهم.
1-علمي البيان والمعاني:
لهذين العلمين مزيد اختصاص بعلم التفسير لأنهما وسيلة لإظهار خصائص البلاغة القرآنية، وما في الآيات من وجه الإعجاز ولذلك كان هذان العلمان يسميان في القديم علم "دلائل الإعجاز"
-قول السكاكي في مقدمة القسم الثالث من كتاب المفتاح.
-أهمية علم البلاغة :
علم البلاغة به يحصل انكشاف بعض المعاني واطمئنان النفس لها، وبه يترجح أحد الاحتمالين على الآخر في معاني القرآن .
2-استعمال العرب:
هو الإكثارمن الإطلاع على أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وأمثالهم ، ليحصل بذلك ذوق للبلاغة والسليقة والسجية عند العربي القح ، فللمفسر الاستشهاد في بعض المواضع على المراد في الآية، ببيت من الشعر، أو بشيء من كلام العرب.
روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "عليكم بديوانكم لا تضلوا، هو شعر العرب فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم
- أخبار العرب:
أخبار العرب تعتبرمن جملة أدبهم.
-خصها المصنف بالذكر تنبيها لمن يتوهم أن الاشتغال بها من اللغو فهي يستعان بها على فهم ما أوجزه القرآن فيما يذكر من القصص والأخبار للموعظة والاعتبار، فنحو قوله تعالى: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا} وقوله: {قتل أصحاب الأخدود} يتوقف على معرفة أخبارهم عند العرب.
-توجيه رأي الإمام أحمد بالتمثيل ببيت شعر لبيان معنى في القرآن:
يؤثر عن أحمد بن حنبل رحمه الله، أنه سئل عن تمثل الرجل ببيت شعر لبيان معنى في القرآن فقال: ما يعجبني فهو عجيب،
فوجه المصنف هذا الرأي إن صح عن الإمام أحمد بأنه لعله يريد كراهة أن يذكر الشعر لإثبات صحة ألفاظ القرآن كما يقع من بعض الملاحدة.
-مما يدخل في استعمال العرب:
ما يؤثر عن بعض السلف في فهم معاني بعض الآيات على قوانين استعمالهم، كما روى مالك في الموطأ عن عروة بن الزبير قال: قلت لعائشة وأنا يومئذ حديث السن: أرأيت قول الله تعالى: { فلا جناح عليه أن يطوف بهما} فما على الرجل شيء أن لا يطوف بهما، فقالت عائشة: كلا لو كان كما تقول، لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، إنما نزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة الطاغية، وكانت مناة حذو قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله عن ذلك، فأنزل الله: {إن الصفا والمروة} الآية اهـ،
ثانياً: القراءات:
القراءات لا يحتاج إليها إلا في الاستدلال بها على تفسير غيرها، وإنما يكون في معنى الترجيح لأحد المعاني القائمة من الآية أو لاستظهار على المعنى، فذكر القراءة كذكر الشاهد من كلام العرب.
ثالثاً:أصول الفقة:
يذكرون أحكام الأوامر والنواهي ،فتحصل أن تكون مادة للتفسير من جهتين:
حداهما :أن علم الأصول فيه مسائل كثيرة هي من طرق استعمال كلام العرب مثل مسائل الفحوى ومفهوم المخالفة.
الجهة الثانية: أن علم الأصول يضبط قواعد الاستنباط ويفصح عنها فهو آلة للمفسر في استنباط المعاني الشرعية من آياتها.
*مالا يعد من التفسير:
1- علم الكلام
ذكر المصنف ان عبدالحكم والآلوسي عدا علم الكلام من التفسير
ونفى المصنف هذا الرأي لأن كون القرآن كلام الله قد تقرر عند سلف الأمة قبل علم الكلام، ولا أثر له في التفسير، وأما معرفة ما يجوز وما يستحيل فكذلك، ولا يحتاج لعلم الكلام إلا في التوسع في إقامة الأدلة على استحالة بعض المعاني،.]ولا يخفى ان علم الكلام دخيل على الأمة فلا يقبل في التفسير ولا في غيره من علوم الشريعة [
2- الفقة:
لم يعد المصنف الفقه من مادة علم التفسير كما فعل السيوطي، لعدم توقف فهم القرآن، على مسائل الفقه، فإن علم الفقه متأخر عن التفسير وفرع عنه.
-علم التفسير رأس العلوم الإسلامية:
إن استمداد علم التفسير، من هذه المواد لا ينافي كونه رأس العلوم الإسلامية فهو أصل لعلوم الإسلام على وجه الإجمال، وإنما هذا الاستمداد من بعض العلوم لقصد تفصيل التفسير على وجه أتم من الإجمال.
القاعدة الثالثة
في صحة التفسير بغير المأثور ومعنى التفسير بالرأي ونحوه
الآثار في التحذير من تفسير القرآن بالرأي:
-روى الترمذي عن ابن عباس أن رسول الله قال: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار))، وفي رواية: ((من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)).
-روى أبو داود والترمذي والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ"
-روي عن أبي بكر الصديق أنه سئل عن تفسير الأب في قوله {وفاكهة وأبا }. فقال: "أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني إذا قلت في القرآن برأيي".
-ويروى عن سعيد بن المسيب والشعبي إحجامهما عن ذلك.
من هذه الآثار نشأت شبهه عدم التفسير إلا بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته عليهم رضوان الله .
الجواب عن هذه الشبهه من خمس وجوه:
1-المراد بالرأي هو القول بغير استناد لمقاصد الشريعة ولغة العرب وتصاريفها و علم بالناسخ والمنسوخ وسبب النزول وغيرها مما له صلة بمعنى الآية .
2- أن يفسر الآية دون الإحاطة بجوانب الآية ومواد تفسيرها بأن ينظر مثلا لوجه واحد كوجه العربية.
3-أن يكون صاحب رأي أو مذهب فيصرف المعنى لتقرير مذهبه ورأيه.
4- أن يفسر القرآن برأي مستند إلى ما يقتضيه اللفظ ثم يزعم أن ذلك هو المراد دون غيره وفي هذا تضييق.
5- أن يكون القصد من التحذير أخذ الحيطة في التدبر والتأويل ونبذ التسرع إلى ذلك.
-الشواهد على جواز تفسير القرآن بغير المأثور:
*كثرة أقوال السلف من الصحابة فمن يليهم في تفسير آيات القرآن، كما يكثر استنباطاتهم برأيهم وعلمهم.
*اتساع التفاسير وتفنن المفسرين باستنباطاتهم من معاني القرآن فهو كما قالوا " لا تنقضي عجائبة"
*الرسول صلى الله عليه وسلم دعا لإبن عباس " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل "والمراد بالتأويل تأويل القرآن، وقول علي رضي الله عنه لما سأله أبي جحفة هل عندكم شيء غير القرآن ؟ قال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن"
*المراد من تلاوة القرآن هو التدبر وهو إعادة النظر في الآية وتفهم معناها ، ولو كان فسر وانتهى لم يؤمر بتدبره ولأصبحت استنباطات المتأخرين في التفسير مردودة.
* استنباط الأحكام التشريعية التي لم يسبق لها من قبيل التفسير ، هذا الإمام الشافعي يقول: تطلبت دليلا على حجية الإجماع فظفرت به في قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}.
-الغلو في الورع في تفسير القرآن:
اشتد الغلو في الورع ببعضهم حتى كان لا يذكر تفسير شيء غير عازيه إلى غيره. وكان الأصمعي لا يفسر كلمة من العربية إذا كانت واقعة في القرآن، وربما تطرق إلى بعضهم في بعض أنواع الأحوال دون بعض.
-الرد على من لا يفسر إلا بالمأثور:
نجد ان هؤلاء لم يضبطوا مرادهم من المأثور ، فإن أرادوا به ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من تفسير بعض آيات إن كان مرويا بسند مقبول من صحيح أو حسن، فإذا التزموا هذا الظن بهم فقد ضيقوا سعة معاني القرآن،وغالطوا أنفسهم فيما دونوه من تفسير وأئمتهم ،سأل عمر بن الخطاب أهل العلم عن معاني آيات كثيرة ولم يشترط عليهم أن يرووا له ما بلغهم في تفسيرها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن أرادوا بالمأثور ما روي عن النبي وعن الصحابة خاصة وهو ما يظهر من صنيع السيوطي في تفسيره الدر المنثور، لم يتسع ذلك المضيق إلا قليلا لأن أكثر الصحابة لا يؤثر عنهم في التفسير إلا شيء قليل.
وإن أرادوا بالمأثور ما كان مرويا قبل تدوين التفاسير الأول مثل ما يروى عن أصحاب ابن عباس وأصحاب ابن مسعود،فقد فتحوا الباب فلا بد من الإعتراف بأقوال التابعين في معاني القرآن التي لم يسندوها .
كما يدل اختلافهم في معاني آيات كثيرة على أنها من تأويلاتهم وفهمهم .كما أنه في تفسير الطبري الذي اعتمد فيه على المأثور مع سياق اسانيدها إلا أنه يختار منها ويرجح بينها .
- التفسير الباطني:
وهو أن للقرآن ظهر وبطن فالظاهر الألفاظ والبطن المعاني وهذه المعاني لا يعلمها إلا إمام معصوم .
1- تفسير الباطنية
*من هم الباطنية :
طائفة من غلاة الشيعة عرفوا عند أهل العلم بالباطنية فلقبوهم بالوصف الذي عرفوهم به، وهم يعرفون عند المؤرخين بالإسماعيلية لأنهم ينسبون مذهبهم إلى جعفر بن إسماعيل الصادق، ويعتقدون عصمته وإمامته بعد أبيه بالوصاية.
*مذهبهم في التفسير:
صرفوا ألفاظ القرآن عن ظواهرها بما سموه الباطن، وزعموا أن القرآن إنما نزل متضمنا لمعاني خفية من شأن الحكماء. علمها.
سبب مذهبهم هذا في التفسير:
قولهم هذا سببه أنهم يرون أنه لابد للمسلمين من إمام من أهل البيت يبين مراد الله فلما توقعوا محاجة المسلمين لهم بأدلة الكتاب والسنة فرأوا أنه لابد من تأويل الحجج لتقوم بدعتهم فرأوا صرف جميع القرآن عن معناه الظاهر وأن له معاني خفية لا يعلمها إلا الحكماء فالعامة تشتغل بالمعنى الظاهر. من تفاسيرهم تفسير القاشاني .
-جذور مذهب الباطنية:
مذهبهم مبني على قواعد الحكمة الإشراقية ومذهب التناسخ والحلولية فهو خليط من ذلك، ومن طقوس الديانات اليهودية والنصرانية وبعض طرائق
الفلسفة ودين زرادشت.
من تصدى للرد عليهم:
تصدى للرد عليهم الغزالي في كتابه الملقب بـ "المستظهري"
وبين ابن العربي في كتاب العواصم شيئا من فضائح مذهبهم.
تحقيق صحة الآثار التي ورد فيها أن للقرآن ظهر وبطن
أما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا)).لم يصح عنه
وأما ما روي عن ابن عباس أنه قال: إن للقرآن ظهرا وبطنا. فبقية كلام ابن عباس أنه قال فظهره التلاوة وبطنه التأويل وبهذا أوضح مراده إن صح عنه بأن الظهر هو اللفظ والبطن هو المعنى.
2- الصوفية وتفسير الإشارات:
يذكر الصوفية في بعض الآيات معاني لا تجري على ألفاظ القرآن ظاهر وإنما بتأويل ونحوه.ولكن لا يدعون بهذه الإشارات أنها تفسيرا للقرآن بل يعنون أن الآية تصلح للتمثل بها في الغرض المتكلم فيه، لذلك سموها إشارات.وهو بذلك خالفوا الباطنية.
-رأي العلماء في هذه الإشارات:
*الغزالي يراها مقبولة.
*ابن العربي يرى إبطال هذه الإشارات
رأي المصنف:
هذه الإشارات لا تخرج عن ثلاث حالات:

1 -يجري فيه معنى الآية مجرى التمثيل لحال شبيه بذلك المعنى.
2- ما كان من نحو التفاؤل فقد يكون للكلمة معنى يسبق من صورتها إلى السمع هو غير معناها المراد وذلك من باب انصراف ذهن السامع إلى ما هو المهم عنده.
3- عبر ومواعظ وشأن أهل النفوس اليقظى أن ينتفعوا من كل شيء ويأخذوا الحكمة حيث وجدوها فما ظنك بهم إذا قرأوا القرآن وتدبروه فاتعظوا بمواعظه.
فنسبة الإشارة إلى لفظ القرآن مجازية فليست دلالة لفظية على معنى الآية.
وكل دلالة خرجت عن الأحوال الثلاث السابقة فهي تقترب من الباطنية.
-ما يخرج من الإشارة:
يخرج منها ما يعرف في الأصول بدلالة الإشارة، وفحوى الخطاب، وفهم الاستغراق من لام التعريف في المقام الخطابي، ودلالة التضمن والالتزام ،وغيرها من الدلالات العرفية مما يدركه أهل العربية.
-التحذير من الخوض في آيات الله بلا علم:
إن تفسير القرآن والقول فيه دون مستند من نقل صحيح عن أهل التفسير هذا أمر خطير يجب الحذر منه.
...................
المقدمة الرابعة
فيما يحق أن يكون غرض المفسر
-فائدة معرفة مقاصد القرآن الكريم
لتستبين غاية المفسرين على اختلاف طرائقهم ، ومدى تحقيق المفسر لمقاصد القرآن أو بعض منها.
-المقصد الأعلى من نزول القرآن الكريم
صلاح الأحوال الفردية والجماعية والعمرانية .
-كيفية بيان الله لمراده من عباده:
•أنزل القرآن ليحفظ به مقاصد الدين ، بما أودع الله في ألفاظة التي نتعبد بها لمعرفة مراده .
•جعل وحيه باللسان العربي المبين .
•جعل العرب هم المتلقين لوحيه أبتداءاً والمبلغينه لغيرهم .
-الحكمة من اختيار اللسان العربي والعرب ، لتبليغ القرآن
لأن اللسان العربي أفصح الألسنة وأوسعها انتشارا ، وأكثرها تحملا للمعاني مع إيجاز اللفظ.
واختار العرب لكونها أمة سلمت من أفن الرأي عند المجادلة ، ولم تشغلها الرفاهية والتكالب على عليها .
-المقاصد الأصلية التي جاء بها القرآن :
1-إصلاح الإعتقاد وهذا أعظم سبب لإصلاح الخلق.
2-تهذيب الأخلاق ( وإنك لعلى خلق عظيم) وقالت عائشة رضي الله عنها ( كان خلقه القرآن)
3-التشريع وهو الأحكام خاصة وعامة.
4-سياسة الأمة ، القصد منه صلاح الأمة وحفظ نظامها.
5- القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أعمالهم .
6- التعليم بما يناسب حاله عصر المخاطبين ( علم الشرائع وعلم الأخبار)
7- المواعظ والإنذار والتحذير والتبشير.
8- الإعجاز بالقرآن ليكون آية دالة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم .
-غرض المفسر
هو بيان ما يقصده من مراد الله تعالى في كتابه بأتم بيان يحتمله المعنى ولا يأباه اللفظ من كل ما يوضح المراد من مقاصد القرآن، أو ما يتوقف عليه فهمه أو ما يخدم المقصد تفصيلا وتفريعاً مع إقامة الدليل على ذلك أن فيه خفاء.
-طرائق المفسرين ثلاث:
1-الإقتصار على ظاهر المعنى مع بيانه وإيضاحه ، وهذا الأصل.
2-استنباط معاني خفية تقتضيها دلالة اللفظ او المقام ، ولا يخالفها او يمنعها الاستعمال ولا مقصد القرآن.
في هذه الطريقة فرع العلماء وفصلوا في الأحكام و خصوها بالتآليف الواسعة، وتفاويع الاخلاق والآداب.
3- أن يذكر المسائل ويبسطها لمناسبة بينها وبين المعنى، أو لكون لزيادة فهم المعنى يتوقف عليها، ولغيرها من الاغراض.
وفي هذه الطريقة تجلب مسائل علمية من علوم أخرى لها مناسبة بمقصد الآية.
وبعض مسائل العلوم تكون أشد تعلقا بتفسير آي القرآن .
ويشترط لقبول ذلك : أن يكون موجزا لا يجلب الا الخلاصة من ذلك العلم .
-آراء العلماء في سلوك هذه الطريقة الثالثة:
• منهم من يرى أنه من الحسن التوفيق بين العلوم غير الدينية وبين المعاني القرآنية، ويرون أن القرآن يشير إلى كثيرا منها، منهم ابن رشد الحفيد وقطب الدين الشيرازي، والغزالي والرازي وابن العربي وغيرهم .
واشترط المصنف : توفر الفهم ، وألا يخرج عما يصلح له اللفظ عربية ، ولا يبعد عن الظاهر إلا بدليل ولا يكون تكلفاً بيناً ، ولا خروج عن المعنى الأصلي حتى لا يكون كتفاسير الباطنية.
•ومنهم من لا يرى ذلك، منهم أبو اسحاق الشاطبي، ويستشهد بأن السلف الصالح كانوا أعلم بالقرآن وبعلومه وما أودع فيه ، إلا احكام التكاليف وأحكام الآخرة.
ورأيه بناه على أساس أن القرآن كان خطاب للأميين وهم العرب ، فعتمد في مسلك تفسير معناه وبيان مراده على مقدرتهم وطاقتهم وأن الشريعة أمية.
-وجوه ضعف هذا القول السابق سبعة:
1-ما بنى عليه رأيه يقتضي أن القرآن لم يقصد منه انتقال العرب من حال إلى حال وهذا باطل
2-أن مقاصد القرآن راجعة إلى عموم الدعوة وهو معجزة باقية فليس خاص بالعرب.
3-مقولة السلف ( أنه لا تفنى عجائبه) أي معانية ، ولو كان كما قال الشاطبي لقلصت عجائبة بانحصار معانيه.
4- من تمام اعجازة إيجاز لفظه مع غزارة معانيه.
5-أفهام المخاطبين يقتضي فهم المعنى ومازاد عن ذلك فقد يفهمهم أقوام ويحجب عن أقوام.
6-عدم تكلم السلف عليها إن كان فيما ليس راجعا لمقاصده فهو موافق لرأي المصنف.
وإن كان فيما يرجع للمقاصد فإنهم قد بينوا وفصلوا وفرعوا في علوم اعتنوا بها.
-أنكر ابن العربي التوفيق بين العلوم الفلسفية والمعاني القرآنية.
-مراتب علاقة العلوم بالقرآن الكريم أربع مراتب:
الأولى : علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم، وتهذيب الأخلاق والفقه والتشريع والاعتقاد والأصول والعربية والبلاغة.
الثانية: علوم تزيد المفسر علما كالحكمة والهيئة وخواص المخلوقات.
الثالثة: علوم أشار إليها أو جاءت مؤيدة له كعلم طبقات الأرض والطب والمنطق.
الرابعة: علوم لا علاقة لها به إما لبطلانها كالزجر والعيافة والميثولوجيا، وإما لأنها لا تعين على خدمته كعلم العروض والقوافي.
.......................
المقدمة الخامسة
في أسباب النزول
-المراد بأسباب النزول
هي وقائع تقع فيروى آيات من القرآن نزلت لبيان حكمها أو إنكارها أو لحكيتها او نحوذلك.
-سبب وضع المؤلف مقدمة في أسباب النزول:
• لأن أمر أسباب نزول القرآن دائر بين القصد والإسراف حتى كاد يوهم الناس أن كل آية لها سبب نزول.
•شدة الحاجة إلى تمحيص أسباب النزول في أثناء التفسير.
•ليستغني عن إعادة الكلام عليه عند ذكر أسباب اانزول.
• عذر المؤلف المتقدمين الذين استكثروا من أسباب النزول دون تمحيص.
•لم يعذر علماء التفسير الذين نقلوا تلك الرويات الضعيفة في كتبهم ولم ينبهوا لضعفها.
-أسباب النزول خاصة يراد بها العام:
•قال العلماء بعدم تخصيص أسباب النزول، إلا طائفة شاذة.
• لو أن أسباب النزول ( العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)
• هناك أسباب نزول المراد منها تخصيص عام او تقييد مطلق ، وهي التي تقف عرضة أمام معاني التفسير.
-المفسز لا يستغني عن علم أسباب النزول لأن فيها؛
•بيان مجمل أو إيضاح خفي وموجز
•منها ما يكون تفسيرا.
•ومنها ما يدل المفسر على طلب الأدلة التي يفسر بها الآية.
ومنها ما ينبه المفسر إلى صور بلاغية تدل على مقتضى المقام .
-أنواع أسباب النزول خمسة:
•يتوقف فهم الآية على علمه ، منه تفسير المبهمات .
•حوادث كانت سبباً لتشريع أحكام .
•حوادث خاصة بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان حكمها وزجر مرتكبها ، فيقول المفسر : نزلت في كذا وكذا.وهذا القسم أكثر من ذكره القصاص وبعض المفسرين ، ولا فائدة في ذكره.
• حوادث في القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيذكره المفسر بعبارة توهم أن هذه الحوادث سب نزول لتلك الآيات ، مع انها داخله في معنى الآية.
•قسم يبين المجمل ويدفع متشابهات الآيات ، ومن هذا القسم مالا يبين ما سبق وإنما يبين وجه تناسب الآيات .
-كيفية ورود الهدي القرآني
• قد يكون وارد قبل الحاجة
• وقد يكون الخطاب فيه على وجه الزجر أو الثناء أو غيره.
• أو يكون مخاطبا به جميع من يصلح خطابهم
•وهو في العموم جاء بكليات تشريعية وتهذيبية.
-الحكمة من هذا التنوع
•ليسهل وعي الأمة بدينها
•ليكون الدين متواتراً
•وليكون للعلماء دور في الإستنباط .
•في نزول القرآن عند الحوادث دليل على إعجاز ه من ناحية ارتجازه ، فيقطع دعوى أنه أساطير الأولين .
-كما لا يجوز تخصيص جميع مراد الله ، لا يجوز تعميم ما خصصه ولا إطلاق ما قيده • لأن ذلك يؤدي إلى التخليط في مراد الله أو إبطاله من أصله
كحال بعض الفرق مثل الخوارج عمدوا إلى آيات الوعيد الخاصة بالكفار فوضعوها على المسلمين فجاؤا ببدعة التكفير.
...........................
المقدمة السادسة
القراءات
-سبب وضع المؤلف مقدمة في القراءات
•لعناية كثير من المفسرين بذكر اختلاف القراءات في ألفاظ القرآن وكيفية الآداء.
•ليبين جملا من هذا العلم ليتبين مقدار تعلق اختلاف القراءات بالتفسير ومراتب القراءات قوة وضعفا ..
-حالات القراءات
للقراءات حالتان :
الأولى: لا تعلق لها بالتفسير ، وهي التي من وجوه التجويد وفي تعدد وجوه الإعراب ..
•ميزة القراءات من هذه الجهه:
-حفظت للعربية كيفية نطق الحروف من مخارجها .
-بيان اختلاف لهجات العرب.
-سعة بيان وجوه الإعراب في العربية
•سبب عدم أهمية هذا النوع من القراءات
لأنه لا علاقة له بالتفسير وبيان معان الآيات.
[الأولى بيان النوع الثاني تحت هذا أولا حتى لا يطول الفصل بينه وبين النوع الأول ]
•كيفية قراءة الصحابة في الأمصار قبل جمع عثمان رضي الله عنه
قرأكل فريق بعربية قومه في وجوه الآداء، ويحتمل أن يكون القارئ الواحد يقرأ بوجهين لحفظ اللغة مع حفظ القرآن
•دلالة كراهه مالك القراءة بالإمالة:
دلت على أنه يرى أن القارئ قرأ بها لمجرد اختياره .
ويرى المؤلف أنه لا ضير في ذلك مادامت كلمات القرآن محفوظة.
• جمع عثمان رضي الله عنه:
-أمر أن يكتب المصحف على قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قرأ بها على جبريل في العام الذي قبض فيه( العرضة الأخيرة)
-هذه القراءة هي أيضا قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار
-شهد زيد بن ثابت العرضة الأخيرة .
-حمل الناس على اتباعه وترك ما خالفه من قراءات
-جمع جميع المصاحف المخالفة له وأحرقها ، ووافقه على ذلك جمهور الصحابة
-بعث في الأمصار نسخ من المصحف الإمام ( المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام وقيل اليمن ومصر)
-جمع عثمان رضي الله عنه إتمام لجمع أبي بكر رضي الله عنه.
-الذين قرأوا قراءات مخالفة لمصحف عثمان بقوا يقرأون بها لا ينهون عن ذلك ولكن لم يكتبونها في مصاحف.مثال كان علي رضي الله عنه يقرأ( طلع منضود) بدل ( طلح منضود)
-ممن نسب إليه قراءات مخالفة، عبدالله بن مسعود وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة
-ثم ترك ذلك تدريجياً.
•شروط قبول القراءة غير المتواترة:
-موافقتها وجها في العربية
-موافقتها خط المصحف ، أي موافقة أحد المصاحف الأئمة التي بعث بها عثمان إلى الأمصار.
-صحة سند الرواية
بهذه الشروط تكون رواية صحيحة لا يجوز ردها.
• صنف أبو علي الفارسي كتاب الحجة للقراءات وهو معتمد عند المفسرين.
القراءات العشر
-انحصر توفر الشروط في الروايات العشر
- القراء العشر هم ( نافع ابن أبي نعيم المدني، عبدالله بن كثير المكي، أبو عمر المازني البصري، عبدالله بن عامر الدمشقي، عاصم بن أبي النجود الموفي وحمزة بن حبيب الكوفي والكسائي ويعقوب بن إسحاق الحضرمي وأبوجعفر يزيد بن القعقاع المدنيوخلف البزار الكوفي)
-ما زاد على القراءات العشر
قراءة ابن محيص واليزيدي والحسن والأعمش وهي في مرتبة دون العشر
-ما سوى ذلك عده الجمهور شاذا لأنه لم ينقل بتواتر، ومالك والشافعي عدّ ما دون العشر لا تجوز القراءة به لمخالفته المصحف الإمام
-القراءات المروية بأسانيد صحيحة في كتب الصحيح وغيرها لا يجوز لغير من سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم القراءة بها لعدم تواترها، وإذا بلغته قراءة متواترة تخالف ما رواه يجب عليه القراءة بالمروية تواترا .
-تسمية هذه القراءة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم اطلق هذا الاسم عليها ابن جرير وابن عطيه وغيرهم
-لا تعني هذه التسمية أنها هي فقط المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم ولا ترجيحها على القراءات
-هذا الإطلاق عليها يوهم من ليس له علم أن غيرها لم يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم
• الحالة الثانية:
تعريفها: اختلاف القراء في حروف الكلمات مثل ( مالك ، ملك يوم الدين) او اختلاف الحركات الذي يختلف معه المعنى.
-لهذه القراءات علاقة تعلق بالتفسير.
-مميزات هذه القراءات:
* ثبوت أحد اللفظين يبين المراد من اللفظ الآخر في القراءة الثانية
*أوثير معنى غيره
* تكثر معاني الآية لكثرة الفاظها.
وهذا من زيادة بلاغة القرآن.
•موقف المفسر من تعدد القراءات في لفظة:
-إما يحمل احدى القراءتين على الأخرى ، إن أمكن وإلا يبين اختلاف القراءتين فيكون تعدد أوجه القراءة فيها مقام تعدد كلمات القرآن، وهذا نظير التضمين والتورية والتوجيه في العربية .
-اختلاف القراءات قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم بن حزام عندما سمعه يقرأ بقراءة تخالف ما تعلمه وسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، فشكاه للنبي صلى الله عليه وسلم فسمع من كلا منهما قراءته وقال لكلامنهما: كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعه أحرف فاقرأوا ما تيسر منه.
-مرجع أقوال العلماء في هذا الحديث
للعلماء في معناه أقوال يرجع إلى اعتبارين :
-اعتبار الحديث منسوخاً.
-اعتبار الحديث محكماً.
1- اعتبار الحديث منسوخاً.
القائلين به:البقلاني وابن عبد البر وابن العربي والطبري والطحاوي
وينسب لابن عيينه وابن وهب.
الحكمة منه
قيل أنه كان رخصة في أول الاسلام حيث اباح الله للعرب قراءة القرآن بلغتهم، ثم نسخ ذلك بحمل الناس على قراءته بلغة قريش.
-وقت النسخ:
يظهر من كلام ابن العربي ان النسخ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإما نسخ بإجماع الصحابة او بوصية منه صلى الله عليه وسلم
-الدليل
-استدلوا بقول عمر : القرآن نزل بلسان قريش.
-وبنهيه ابن مسعود ان يقرأ ( فتول عنهم عتى حين ) وهي لغة هذيل .
-وبقول عثمان لكتاب المصاحف اذا اختلفتم في حرف فاكتبوه بلغة قريش.
•المراد بالأحرف السبعة ثلاثة أقوال:
[color="blue"][/القول الأول:
المراد بالأحرفcolor] : الكلمات المترادفة للمعنى الواحد، فيختار القارئ باللفظ الذي يناسبة من المترادفات .
-والمراد بالسبعة حقيقة العدد ، سبع لهجات اي سبع لغات
-اختلافهم بتعيين هذه اللغات السبع
القول الثاني:
العدد ليس مراد حقيقته بل كناية عن التعدد والتوسع
وهذا القول لجماعة منهم عياض.
القول الثالث:
المراد التوسعة في نحو( كان الله سميعا عليما) يقرأ( عليما حكيما) مالم يختم بغير ما يناسب
وهذا قول ابن عبد البر
2- اعتبار الحديث غير منسوخ
اختلفت مذاهب من قال بهذا القول :
أ-قال جماعة منهم البيهقي الرازي : الاحرف هي أنواع أعراض القرآن كالامر والنهي والحلال ...
وانواع كلامه كالخبر والإنشاء ...
أو انواع دلالاته كالعموم والخصوص
• رأي المصنف
رأى أن هذا القول لا يناسب سياق الحديث من قصد التوسعة
ب-قال جماعة منهم ابو عبيد وثعلب والأزهري ونسب لابن عباس : أي مشتمل على سبع لغات من لغات العرب مبثوثة بالقرآن ،يلزم القارئ بها على التعيين لا الاختيار ، وعينوا تلك اللغات .
رأي المصنف
لا يناسب هذا القول سياق الحديث من قصد التوسعة ولا يستقيم من جهه العدد لأن المحققين ذكروا عدد كبير من لغات العرب في القرآن وصلت الى خمسين لغة.
ج- المراد بالأحرف لهجات العرب في النطق كالفتح والإمالة والمد والقصر ...
بمعنى ان ذلك رخصة مع المحافظة على ألفاظ القرآن
رأي المصنف
هذا أحسن الأجوبة [ من وجهة نظره وإلا فرأيه مخالف للصواب]
وأن مقصد عمر في الحديث أن حكيم هو الإخلال بترتيب الآيات حسب ما حفظ فهذه رخصة مع توخي القراءة الموافقة لقراءته صلى الله عليه وسلم .
-الأحرف السبعة ليست هي القراءات السبع اجمع العلماء على ذلك
-تحديد القراءات في سبع لم يدل عليه الدليل وانما حصل بدون قصد او بقصد التيمن بالعد سبعة
-ابن جبر أول من صنف كتاباً في القراءات واقتصر على خمسة قراء من كل مصر واحدا حسب المصاحف التي ارسلها عثمان.
-أول من جمع القراءات في سبع ابن مجاهد على رأس الثلاثمائة .
مراتب القراءات الصحيحة والترجيح بينها
-اتفق الأئمة أن القراءات التي لا تخالف الألفاظ التي في مصحف عثمان هي متواترة وإن اختلفت في كيفية النطق والآداء وتواترها تبعا لتواتر صورة كتابة المصحف
-أما ما كان نطقة صالحا لرسم المصحف واختلف فيه فهو مقبول ولكنه ليس متواتر.
-جزم ابن العربي وغيره أنها غير متواترة مثل قراءة نافع بن ابي نعيم
-قال إمام الحرمين في البرهان : هي متواترة ،ووافقه ابن سلامة الأنصاري ، ورده عليه الأبياري ، وتوسط بينهما المازري فقال: هي متواترة عند القراء وليست متواترة عند عموم الأمة.
-أسانيد القراءات العشر
تنتهي أسانيدها إلى ثمانية من الصحابة وهم: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله من مسعود، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري.
-وجوه الإعراب في القرآن أكثرها متواتر إلا ما احتمل اعرابان مع اتحاد المعنى.
-ما خالف العربية ففيه نظر ، لأنه لا نحصر فصيح كلام العرب فيما صار اليه النحاة في الكوفة والبصرة.
-في هذا ابطال لما ادعاه الزمخشري في القراءات المتواترة انها على وجوه ضعيفة في العربية .
-القراءات العشر الصحيحة المتواترة تتفاوت من حيث اشتمال بعضها على انواع من البلاغة والفصاحة او كثرة المعاني ... قد يكسب القراءة ترجيحا في رأي بعض العلماء كابن جرير وابن رشد
أسباب ترجيح بعض القراءات على بعض
-إذا كانت اظهر في الإعراب
-أصح في النقل
-أيسر في اللفظ.
كان مالك يكره النبر في القرآن : وهو اظهار الهمزة في كل موضع على الأصل.
-استحباب مالك للتسهيل رواية ورش

-لم تكن لغته صلى الله عليه وسلم الهمز : اي كان ينطق بالهمزة مسهله.
-هل ترجيح قراءة على قراءة يعني أنها أضعف في الإعجاز؟
-الإعجاز مطابقة الكلام لمقتضى الحال ، وكلام كله معجز لكن قد يكون بعضه مشتملا على لطائف كالجناس والمبالغة والتفنن فتزيد القراءة حسنا .
-لا يلزم ان يتحقق في كل آية فالتحدي وقع في سورة واقصر سورة ثلاث آيات
-ذكر المصنف منهجه في ذكر القراءات في تفسيره
-أنواع القراءات في بلاد المسلمين
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
أرجو قراءة الملحوظات اليسيرة أثناء الاقتباس.
التقويم: أ
زادكِ الله إحسانًا وتوفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الأول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir