دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 جمادى الأولى 1439هـ/11-02-2018م, 12:42 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي تطبيقات على درس الأسلوب الاستنتاجي

تطبيقات على درس الأسلوب الاستنتاجي
الدرس (هنا)

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 جمادى الأولى 1439هـ/12-02-2018م, 05:55 AM
فاطمة إدريس شتوي فاطمة إدريس شتوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 311
افتراضي

رسالة تفسيرية من قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة : 28]

ما ورد في سبب النزول.

مما جاء في سبب نزول هذه الآية ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : كان المشركون يجيئون إلى البيت، ويجيئون معم بالطعام يتجرون فيه فلما نهوا عن أن يأتوا البيت؛ قال المسلمون : من أين لنا الطعام ؟ فأنزل الله {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله}.

المعنى العام للآية.

يخبر الله تعالى عباده المؤمنين بأن المشركون نَجَس، و أمر بمنعهم من دخول الحرم، لأنهم إذا دخلوا الحرم فقد قربوا المسجد الحرام، وذلك عام حج بالناس أبو بكر رضي الله عنه ، وهي سنة تسع من الهجرة، ثم ذكرهم بغناه لهم إن خافوا الفاقة والفقر بانقطاع المشركين عن دخول الحرم، وانقطاع تجاراتهم، وأمَّنهم الله من العيلة، وعوَّضهم بالجزية، فهو عليم بمصالح عباده، وبما حدثتهم به أنفسهم، وحكيم في تدبير جميع خلقه .

الفوائد المستنبطة من هذه الآية.

1) من آمن بالله، وانتفى عنه وصف الشرك فهو طاهر لا ينجس.
ويؤيد هذا المعنى ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب، فأخذ بيدي، فمشيت معه حتى قعد، فانسللت فأتيت الرحل، فاغتسلت، ثم جئت وهو قاعد، فقال: "أين كنت يا أبا هر" فقلت له، فقال: "سبحان الله يا أبا هر إن المؤمن لا ينجس"

2) المراد بالنجاسة: نجاسة الحكم لا نجاسة العين ؛ لأن أعيانهم لو كانت نجسة كالكلب والخنزير لما طهرهم الإسلام.

3) في نسبة النجاسة للمشركين دلالة على خبث باطنهم؛ وأنه يجب اجتنابهم كما يُجتنب عن الأنجاس، فهم لا يتطهرون، ولا يتحرزون عن النجاسات، بل ملابسون لها غالبا

4) الإجماع بتحريم دخول الكفار المسجد الحرام على الإطلاق

5) جواز دخول الكفار لبقية المساجد على قول جمهور أهل العلم؛ إذا كان فيه مصلحة، بعد الأذن،

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قِبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله "

قال ابن قدامه: " فأما مساجد الحل فليس لهم دخولها بغير إذن المسلمين ... فإن أُذن لهم في دخولها جاز في الصحيح من المذهب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم عليه وفد أهل الطائف فأنزلهم من المسجد قبل اسلامهم"

6) فضل الله على المؤمنين، ووعده إياهم في قول الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ)

قال ابن جزي: " كان المشركون يجلبون الأطعمة إلى مكة ، فخاف الناس قلة القوت بها إذ منع المشركون منها ، فوعده الله بأن يغنيهم من فضله ، فأسلمت العرب كلها، وتمادى جلب الأطعمة إلى مكة، ثم فتح الله سائر الأمصار "

7) في تعليق الغنى بمشيئة الله فائدتان:
- لما كان منهم من يموت ولا يبلغ هذا الغنى الموعود به ناسب ربط الغنى بشرط المشيئة.
- لتنقطع الآمال إلى الله في إصلاح أمور الدنيا والدين، كما قال سبحانه: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح : 27]

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1439هـ/14-02-2018م, 10:35 PM
سارة عبدالله سارة عبدالله غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 438
افتراضي

الاسلوب الإستنتاجي

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد:
فهذه تأملات في قول الله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
تأمل ما في هذه السورة من براعة الاستهلال حيث افْتَتَاحُ الْكَلَامِ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ (إنا) لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ. وَالْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَسْتَتْبِعُ الْإِشْعَارَ بِتَنْوِيهِ شَأْنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْكَلَامُ مَسُوقٌ مَسَاقَ الْبِشَارَةِ وإنشاء الْعَطاء لامساق الْإِخْبَارِ بِعَطَاءٍ سَابِقٍ. وَضَمِيرُ الْعَظَمَةِ (نا)مُشْعِرٌ بِالِامْتِنَانِ بِعَطَاءٍ عَظِيمٍ.
ماهو هذا العطاء العظيم؟
هُوَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ أَعْطَاهُ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] قَالَ: «نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَّتَاهُ الذَّهَبُ، وَمَجْرَاهُ عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، وَمَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ، وَأَشَدُّ حَلَاوَةً مِنَ الْعَسَلِ، وَتُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»
وهو بهذا المعنى ورد عن عائشة وابن عباس وأنس ومجاهد
وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِالْكَوْثَرِ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ.
ولايوجد تعارض بين المعنيين فعَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ الْكَوْثَرِ، فَقَالَ: " هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي آتَاهُ اللَّهُ، فَقُلْتُ لِسَعِيدٍ: إِنَّا كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّهُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: هُوَ الْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ " .
فالكوثر: قال أهل اللغة: الكوثر فوعل من الكثرة، ومعناه الخير الكثير.
قوله تعالى: فصل لربك وانحر.
في هذا مع ما قبله ربط بين النعم وشكرها، وبين العبادات وموجبها، فكما أعطاه الكوثر فليصل لربه سبحانه ولينحر له.
وفي هذه الآية مايدل على عظم فضل الصلاة حيث قدمها الله تعالى على ماسواها وفيها اختصاص في قوله (لربك ) فاللام للإختصاص فالصلاة المقبولة والتي أثنى عليها الله ماكانت خالصة له, وكذلك النحر .

وفي قوله(ربك) هنا نسب ربوبيته لله حتى يستشعر عظيم عناية الله به .
وفي تخصيص هاتين العبادتين بالذكر، لأنهما من أفضل العبادات وأجل القربات.
ولأن الصلاة تتضمن الخضوع [في] القلب والجوارح لله، وتنقلها في أنواع العبودية، وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من النحائر، وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته والشح به.
وفي قول الله تعالى: ((إن شانئك هو الأبتر))
إِنَّ مُبْغِضَكَ يَا مُحَمَّدُ وَعَدُوَّكَ {هُوَ الْأَبْتَرُ} , يَعْنِي بِالْأَبْتَرِ: الْأَقَلَّ وَالْأَذَلَّ الْمُنْقَطِعَ دَابِرُهُ، الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ.
وَمَعْنَى الْأَبْتَرِ فِي الْآيَةِ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ .
من هذه الآية يتبين لنا المنهج القرآني في الذب عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك برد الإعتداء على المعتدين وتخليص النبي مما يدعي عليه المدعون وكلما رموه بقوس من السخرية زاد الله في رفعته وأعطاه خير مما يبتغيه وأضعاف مايطلبه ففي سورة الكوثر لما رموه بالانقطاع أبقى الله ذكره في عقبه وأعطاه خير دائم في الدنيا والأخرة.
من الهدايات في هذه السورة:
_ كرامة النبي على ربه وحفظه له وتشريفه له في الدنيا والآخرة.
_ أن طريق الدعوة أوذي فيه أشرف الخلق عليه الصلاة والسلام فنسبت إليه أقاويل تهز الجبال لولا أن الله ثبت قلبه صلى الله عليه وسلم.
_ ماكان لله دام واتصل وماكان لغيره انقطع .
_ الجزاء من جنس العمل.




المراجع:
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (9/ 129)
تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 936)
تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (24/ 697)
التحرير والتنوير (30/ 576)

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1439هـ/16-02-2018م, 04:53 PM
ابتسام الرعوجي ابتسام الرعوجي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
المشاركات: 341
افتراضي

https://1drv.ms/w/s!AiyOjPsqV0_NdzNTB3KTCNh5_h0

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 جمادى الآخرة 1439هـ/16-02-2018م, 06:02 PM
للا حسناء الشنتوفي للا حسناء الشنتوفي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
المشاركات: 384
افتراضي

رسالة تفسيرية في قوله تعالى : {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (9) التغابن

الأسلوب الإستنتاجي



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين، أما بعد،

فإنّ هذه الآية الكريمة - على قصرها- تضمنت فوائد جليلة، و دلالات عظيمة، و هذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على سعة معاني القرآن الكريم و تنوع دلالاتها، و هذه جملة من الفوائد العامة، استقيتها -بفضل الله تعالى و منّته- من هذه الآية :

- سورة التغابن مكية، كما قال بعض المفسرين، و منهم السعدي رحمه الله تعالى، و السور المكية تعالج في طياتها مواضيع ذات ثلاث ركائز أساسية : الوحدانية، الرسالة، البعث، و قد تناولت هذه السورة ذكر هذه الركائز ، بل و سمّيت بإسم من أسماء يوم القيامة، و هو يوم التغابن.

-سمّي يوم القيامة ب"يوم الجمع" لأنه يُجمع فيه الخلائق كلهم،الأولون و الآخرون في صعيد واحد، كما قال تعالى في سورة هود :( ذلك يوم مجموع له الناس و ذلك يوم مشهود) الآية 103

-من أفعال الربّ جل في علاه : الجمع ليوم الحشر، فلا يقدر على فعل ذلك أحد سواه، فهو القادر سبحانه على بعث الخلائق كلهم ليوم العرض.

-قال مجاهد عن قوله تعالى :(ذلك يوم التغابن) "غبن أهل الجنة أهل النار"
قال ابن جزي 2/452 : "التغابن مستعار من تغابن الناس في التجارة، و ذلك إذا فاز السعداء بالجنة؛ فكأنهم غبنوا الأشقياء في منازلهم التي كانوا ينزلون منها لو كانوا سعداء."
فأي غبن أعظم من هذا و العياذ بالله، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من السعداء.

- في القرآن تذكرة للمعتبرين، قال الله تعالى :(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد) سورة ق الآية 37، و في مطلع هذه الآية تذكرة بيوم عظيم، تشيب فيه الولدان، و يُجزى فيه كل عامل بما عمل.

-لا سبيل إلى رضى الخالق جلّ في علاه إلا بالإيمان و العمل الصالح، و لا سبيل للفوز بالجنة التي أعدّها سبحانه لعباده المتقين الطائعين إلا بذلك، و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم -و هو أكرم الخلق عند الله- لابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها -و هي أحب الناس إليه- فيما رواه البخاري و مسلم :(يا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئا).

-الإيمان المنجّي هو ما كان خالصا لله تعالى ، قال سبحانه : ( و ما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) البينة 5 ، و العمل الصالح المقبول هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم، ففي حديث لعائشة رضي الله تعالى عنها فيما رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (من عمِل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ)، لذلك جعل الله تعالى ميزان قبول الأعمال الإخلاص و المتابعة، و كل عمل لا يخضع لهذا الميزان الرباني فهو مردود.

-من أوصاف الجنة، أنّها بساتين تجري من تحتها الأنهار، و هذا من تمام اللذة و المتعة في دار النعيم، و من أوصافها كذلك أنها دار خلود، لا موت فيها، قال تعالى في سورة فاطر الآية 35: ( و قالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحَزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلّنا دار المقامة من فضله)، قال مقاتل : " أنزلنا دار الخلود، أقاموا فيها أبدا لا يموتون و لا يتحولون".

-الفوز الحقيقي هو النجاة من النار و دخول الجنة، لذلك بيّن الله تعالى هذه الحقيقة في محكم كتابه بقوله عز و جل : ( فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز) آل عمران الآية185، فكل ما دون هذا الفوز فهو نسبي، يتفاوت الناس في تقديره.

أما الفوائد السلوكية التي يمكن استنباطها من هذه الآية العظيمة فهي :

-يجب على العبد المؤمن أن يتذكر في كل مواقفه و حالاته أنه راجع إلى ربه يوما، و أنه سيوفيه أجره، إن خيرا فخير، و إن شرا فشر، وهذه التذكرة تحمله على الخشية و التقوى و المبادرة للخيرات.

-لا يخلو إنسان من ذنوب، فكل بني آدم خطّاء، لكن الغفّار سبحانه جعل لعباده سبلا لتكفير الذنوب، و أعظمها الإيمان و العمل الصالح، و هذا ما يجب على العبد المسلم أن يحاسب نفسه عليه باستمرار، حتى يدركه عفو الله تعالى.

-الإيمان بالخلود في الجنة يولد لدى العبد شعور بالشوق إليها، كيف لا و الرحمان عز و جل خلقها له و جعل له فيه ما تلذّ عينه و تشتهي نفسه، و كلما زاد هذا الشعور ، زاد إيثار العبد للآخرة و زاد زهده في الدنيا الزائلة.

-لتوخي الإخلاص، يجب على العبد المسلم أن يعرف ربه بربوبيته و ألوهيته و أسمائه و صفاته، و لتوخي المتابعة، يجب عليه معرفة نبيه صلى الله عليه و سلم و معرفة سيرته، و لا سبيل إلى ذلك إلا بمجاهدة النفس على طلب العلم النافع، و الاشتغال بما يصلحها، حتى تعبد ربها على بصيرة، و تأتيه يوم القيامة راضية مرضية.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2 جمادى الآخرة 1439هـ/17-02-2018م, 02:07 PM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

رسالة في تفسير قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} (الحشر:10)

بعد أن أثنى الله على المهاجرين والأنصار في الآيات التي سبقتها، ذكر من جاء بعدهم ووصفهم، وفي هذه الآية الكريمة العديد من الاستنباطات في الجانب الإيماني والعقدي والسلوكي والتربوي والفقهي، سنفرد البيان لكل منها على حدة كما يلي:

الأول: فضيلة الدعاء لأصحاب رسول الله ومن سبقنا بالإيمان والاستغفار لهم، وذكرهم بالخير. {رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ}
كما روي عن أحد السلف قوله: كن مهاجراً، فإن قلت: لا أجد، فكن أنصارياً، فإن لم تجد فاعمل كأعمالهم، فإن لم تستطع فأحبَّهم، واستغفر لهم كما أمرك الله.

الثاني: النهي عن بغض أحد من أهل الإسلام أو أن يكون في قلوبنا غلا أو حسدا لمؤمن {وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ}، والتضرع بأن ينزع الله من قلوبنا هذه الأخلاق الخبيثة، بل الواجب محبة السابقين للإسلام.

الثالث: حرمة سب أصحاب الرسول والسابقين بالإسلام، وكون من فعل ذلك خارجا عن الإيمان، لسياق الآية مع الآيتيتن قبلها وإحاطتها بأقسام المسلمين (إما مهاجرين أو أنصار أو من جاءوا بعدهم)،
فقد أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف، وابن مردويه عن عائشة أنها قالت أمروا أن يستغفروا لهم، فسبوهم، ثم قرأت هذه الآية { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ} الآية
وقال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا رأيتم الذين يسبُّون أصحابي فقولوا لعن الله أَشَرَّكم"
وذكر النحاس: أن محمد بن علي بن الحسين، رضي الله عنهم، روى عن أبيه: أن نفراً من أهل العراق جاءوا إليه، فسبّوا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ـثم عثمان رضي الله عنه فأكثروا؛ فقال لهم: أمِنَ المهاجرين الأوّلين أنتم؟ قالوا لا. فقال: أفمن الذين تبوّءوا الدار والإيمان من قبلهم؟ فقالوا لا. فقال: قد تبرأتم من هذين الفريقين! أنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله عز وجل: { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } قوموا، فعل الله بكم وفعل!!

الرابع: أن من تمثل بهذه الأخلاق الواردة في الآية فهو المستحق لرحمة الله ورأفته فهي فضل منه وإحسان على عباده، لختام الآية بـ {ربنا إنك رءوف رحيم}.

الخامس: شرف الإيمان، لثناء الله على اللاحقين من الأمة بحبهم لمن سبقهم والشهادة بأخوتهم لهم، كما أخرج الحاكم وصححه، وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال: الناس على ثلاثة منازل، فمضت منزلتان وبقيت الثالثة: فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت، ثم قرأ {وَٱلَّذِينَ جَاءوا مِن بَعْدِهِمْ} الآية.

السادس: فضل الصحابة لسبقهم إلى الإسلام وحضور المشاهد مع النبي ونصرة الدين وشهود التنزيل.
كما ورد عن النبي بقوله لعمر عن حاطب بن أبي بلتعة (إنه شهد بدراً).
وقد أخرج البخاري عن عمر بن الخطاب أنه قال أوصي الخليفة بعدي بالمهاجرين الأوّلين أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار الذين تبوّءوا الدار والإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم.

السابع: أن من آداب الدعاء أن يدعو العبد لأهل الإسلام بعد أن يبدأ بدعائه لنفسه أولا. {ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا}.

الثامن: أن هذا الفضل للمؤمنين مستمر إلى يوم القيامة لشمول الآية جميعهم {وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ}، فقد ورد في الحديث الصحيح: " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ودِدْت أن رأيت إخواننا" قالوا: يا رسول الله، ألسنا بإخوانك؟ فقال "بل أنتم أصحابي وإخوانُنا الذين لم يأتوا بعدُ وأنا فَرَطُهم على الحَوْض".

التاسع: وجوب اتباع طريق من سبقنا من الصحابة والتابعين والعمل مثلهم، وتقييد ذلك أن الاتباع لهم يكون بإحسان كما قال تعالى {وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}. (التوبة: 100)

العاشر: استنبط الفقهاء من عطف الآية على ما قبلها بأن من آتى بعد الصحابة من الفقراء لهم حظ في مال الفيء إذا أقاموا على محبتهم وموالاتهم، قال مالك: من كان يُبْغِض أحداً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أو كان في قلبه عليهم غِلٌّ، فليس له حق في فَيْء المسلمين؛ ثم قرأ { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ } الآية.

الحادي عشر: استدل العلماء بالآية على قسمة المنقول، وإبقاء العقار والأرض ليشمل المسلمين أجمعهم، كما فعل عمر رضي الله عنه، مع جواز اجتهاد الوالي في المسألة على الصحيح من الأقوال.
وروى ابن جرير: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ:{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ }[التوبة: 60]. حتى بلغ{ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }[التوبة: 60] ثم قال: هذه لهؤلاء ثم قرأ:{ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ... }[الأنفال: 41] الآية، ثم قال: هذه الآية لهؤلاء. ثم قرأ:{ مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ }[الحشر: 7] حتى بلغ:{ وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ }[الحشر: 10]. ثم قال: استوعبت هذه الآية المسلمين عامة، فليس أحد إلا له فيها حق. ثم قال: لئن عشت ليأتين الراعي، وهو يسيّر حُمُره، نصيبَه، لم يعرق فيها جبينه.

الثاني عشر: فساد مذهب الرافضة وأمثالهم، ولعب الشيطان بهم وتضليلهم، مع غلوهم في بغض الصحابة، مصداقا لقول الشعبيّ: تفاضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلة، سئلت اليهود: مَن خير أهل مِلّتكم؟ فقالوا: أصحاب موسى. وسئلت النصارى: من خير أهل مِلَّتكم؟ فقالوا: أصحاب عيسى. وسئلت الرافضة من شر أهل مِلتكم؟ فقالوا: أصحاب محمد.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أنه سمع رجلاً، وهو يتناول بعض المهاجرين فقرأ عليه { لِلْفُقَرَاء الْمُهَـٰجِرِينَ } الآية، ثم قال هؤلاء المهاجرون، أفمنهم أنت؟ قال لا، ثم قرأ عليه { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءوا ٱلدَّارَ وَٱلإيمَـٰنَ } الآية. ثم قال هؤلاء الأنصار، أفأنت منهم؟ قال لا، ثم قرأ عليه { وَٱلَّذِينَ جَاءوا مِن بَعْدِهِمْ } الآية، ثم قال أفمن هؤلاء أنت؟ قال أرجو، قال ليس من هؤلاء من سبّ هؤلاء.

الثالث عشر: لما ذكر الأخوة هنا قصد بها أخوة الدين وليس النسب، فدل على أن أهمية أخوة العقيدة وما يتطلب لها من الدعاء والاستغفار، وقد ربطها الله بالإيمان فدل على شرطها.

الرابع عشر: استدل بمفهوم المخالفة لما أمر بحب المؤمنين على وجوب مقت الكافرين وعداوتهم.

الخامس عشر: فضل الاستغفار وأهميته، لأنه لولا عفو الله ومغفرته للعبد لاستوجب العقوبة على أفعاله.

السادس عشر: من دلالة الإشارة: أن الدعاء للسابقين هو من دلائل الاتباع لهم، وتصديق الإيمان.

السابع عشر: أن حظوظ النفس من الغل والحسد وغيرهما يمكن أن تنفك عن العبد ولا تؤثر فيه إذا تضرع ولجأ إلى الله بإخلاص ويقين. {ولا تجعل في قلوبنا}

المراجع:
- جامع البيان للطبري
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي
- فتح القدير للشوكاني

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 2 جمادى الآخرة 1439هـ/17-02-2018م, 10:48 PM
عائشة إبراهيم الزبيري عائشة إبراهيم الزبيري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 328
افتراضي

تأملات في قوله تعالى: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا...)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذه رسالة أعرض فيها بعض التأملات والاستنباطات والفوائد من قوله تعالى في سورة الجن: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا . وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا . وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا)، وفقني الله وإياكم للصواب:

أولاً: أكدت السورة وجود الجن وجوداً حقيقياً، فهم ليسوا نوازع الشر في الإنسان أو الأرواح السفلية كما يدعي الفلاسفة، فهم غيب بالنسبة لنا، ونؤمن بوجودهم وصفاتهم بأخبار القرآن والسنة عنهم.

ثانيا: الجن كالبشر لهم إرادة خاصة بهم، وهم مكلفون ومأمورون كالبشر، ويجازون ويعاقبون كذلك، فمنهم المنقاد ومنهم العاصي، فهم ليسوا كالملائكة معصومين، وكذلك الكفار والفساق منهم يؤذون المؤمنين كما يؤذي الكفار البشر المؤمنين، لذلك أمرنا سبحانه وتعالى الاستعاذة منهم في سورة الناس (... من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس)، وهم خطرهم أشد على الإنسان من كفار الإنس، لأنهم لا يرون بالعين ولا نعلم متى يباغتنا بأذيته ووسوسته، لذلك يجب التحصن منهم طوال الوقت، واستحضار وجودهم وعداوتهم لنا في جميع أحوالنا.

ثالثاً: أننا لا نستطيع رؤيتهم، وهذا يدل عليه أسمهم، فالجن اسم مشتق من الاجتنان ، والجيم والنون تدلان على الستر دائماً، العرب تقول للدرع جُنة فهو يستر صاحبة، وسميت الجنة بذلك لأنها لم مستورة عن الأعين، وسميَّ الجنين بذلك لأنه مستور في بطن أمه وهكذا.

رابعاً: فيه دلالة على خفة الجن وسرعتهم، فهم قادرون على الصعود إلى السماء والهبوط منها بسرعة لاستراق السمع والعودة بالأخبار للكهان والسحرة وغيرهم، وكذلك لما منعوا من استراق الأخبار من السماء، جابوا الأرض كلها لمعرفة السبب بسرعة كبيرة حتى وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

خامساً: أنهم لا يعلمون الغيب كغيرهم من الخلق، فهم يضطرون لاستراق السمع لأخبار السماء لمعرفة شيء من الغيب ويضيفون على الكلمة الصحيحة مئة كذبة ويخبرون بها الساحر أو الكاهن، وكذلك لم يعلموا سبب منعهم من استراق السمع، فهم وغيرهم لا يستحقون أن يعبدوا من دون الله سبحانه وتعالى، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى، ومن يخوض في الغيب الذي أختص به الله سبحانه وتعالى وأمرنا ألا نخوض فيه، لقي ما لا يرضاه من الزيغ والخسران والهوان.

سادساً:
فيه دليل على أن للسماء في وقت نزول الوحي حراس من الملائكة الأقوياء الأشداء، القادرين على منع الجن من الاستراق لأخبار السماء، ومن حاول الاستراق رمي بالشهب وأحرق بها، وكل هذا رحمة من الله بعبادة، فقد حفظ السماء وقت نزول الوحي لئلا يسترق الجن بعض الوحي فيلقوه للكهان فلا يعلم الصادق من الكاذب، ويختلط الحق بالباطل، وليكون الوحي آية للرسول صلى الله عليه وسلم وحجة له في وجه كل من شك فيه أو في ما جاء به.

سابعاً: فيه دليل على حفظ الله لكتابه من التحريف والتغيير والتبديل، وفيه رد على كل من زعم أن القرآن قد بدل أو حُرِّف، فمن حَفِظَهُ عند نزوله من استراق الجان، قادر على حفظه إلى يوم القيامة، وقد وعد بذلك ووعده حق سبحانه وتعالى، وفي حفظه لوحيه دليل على عظم هذا الوحي وأهميته للبشرية جمعاء، وعلى عظم فضل كل من ساهم في حفظ هذا الكتاب العظيم.

ثامناً: أن الجن كانوا قد اعتادوا استراق السمع حتى منعوا منه عند نزول الوحي على رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولا يعلم هل بقي الحفظ لأخبار السماء بعد نزول الوحي أم عاد لما كان عليه قبل نزول الوحي، فيه خلاف لأهل العلم.

تاسعاً: فيه دليل على ذكاء الجن ونباهتهم، فأول ما منعوا من استراق السمع علموا بأن هناك أمر جلل سيحدث، سواء كان خيراً أو شراً، فجابوا الأرض لمعرفة العلة، وهذا يدعوا الإنسان ليكون يقظاً لما يجول حوله من الأمور، ويتفقد ما حوله.

عاشراً: فيه دلالة على أدب الجن مع ربهم، فهم لم ينسبوا الشر للرب سبحانه وتعالى مباشرة، فقد ذكروه بصيغة المبني للمجهول، بعكس الخير نسبوه لله سبحانه وتعالى صراحةً، ففيه تنبيه لنا على التأدب في ألفاظنا مع ربنا سبحانه وتعالى، ونحن أولى بذلك منهم.

الحادي عشر:
سرعة إيمانهم واستجابتهم للدعوة، فأول ما عرفوا الحق آمنوا به لمعرفتهم بما شاهدوه من الآيات على صدقه من منعهم من استراق السمع وغيرها من الآيات الأخرى، ولم يكتفوا بذلك بل ودعوا قومهم لما آمنوا به، كما ذكر سبحانه في سورة الأحقاف: (قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى...)، فاستجاب بعضهم للدعوة واستكبر البعض عنها وصد، وهذا يدعونا للإتساء بهم في سرعة استجابتهم للحق وعدم تكبرهم عليه وإتباعهم لهواهم، وكذلك نتأسلا بهم في دعوتهم لغيرهم، فلم يخافوا ولم يخجلوا بل بادروا بالدعوة، ليقينهم أنهم على حق وأنهم أولى من غيرهم بعدم الخوف من الدعوة لما يدينون به من الحق.

الثاني عشر: أن رسولنا عليه الصلاة والسلام رسول للإنس والجن، وأن الجن ليس فيهم رسل ولا أنبياء، كما دل عليه قوله تعالى في سورة الأحقاف: (قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى) فقد كانوا يؤمنون برسالة موسى قبل رسالة رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام، وكل نبيً من الأنبياء بشر برسولنا عليه الصلاة والسلام، فليس لهم حجة في عدم إيمانهم برسولنا صلى الله عليه وسلم، بل هم ملزومون ومكلفون بذلك، ومن أبى فهو كافر معاند عاص لله ورسوله وجزاءه جهنم كالكفار من البشر.

الثالث عشر:
حرص الجن وسعيهم لمعرفة الأسباب، فهم لما منعوا من استراق السمع لم يتكاسلوا ويتخاذلوا عن البحث عن السبب الذي أدى إلى ذلك، وفيه دليل على جواز البحث في أسباب الظواهر التي نراها وتحدث لنا، لنتقي حدوثها مرة أخرى نحذر منها إذا كانت شراً، ونلازمها ونسعى لها إذا كانت خيراً.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



المصادر:
1. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي.
2. تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
3. تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي.
4. زبدة التفسير لمحمد سليمان الأشقر.
5. التسهيل لتأويل التنزيل (تفسير تبارك) في سؤال وجواب لمصطفى العدوي.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 جمادى الآخرة 1439هـ/17-02-2018م, 10:53 PM
عبدالعزيز ارفاعي عبدالعزيز ارفاعي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 173
افتراضي

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :
قال تعالى {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) } التكاثر.
ومعنى هاتين الآيتين : أي غفلتم عن الآخرة , واشغلكم التكاثر بالأموال والأولاد وأمور الدنيا الفانية عن الاشتغال بأمور الآخرة الباقية, والاستعداد والعمل لها وذلك بتوحيد الله وفعل أوامره واجتناب نواهيه ,وذكر الشيخ السعدي رحمه الله أنه أطلق التكاثر ليشمل كل ما يتكاثر به من أولاد وأموال وخدم وجنود ومنازل.(2) حتى فأجأكم الموت ,وأصابتكم مصيبته ونقلتم الى القبر ,عندها لا ينفع الندم ولا يمكن استئناف العمل, وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وقف على شفير القبر بكى , ثم قال "لمثل هذا فأعدوا ", وفي الحديث الآخر "يتبع الميث ثلاثة أهله وماله وعمله , فيرجع اثنان اهله وماله , ويبقى عمله", وفي الآية دليل على البعث حيث سمى الله البقاء في القبور والحياة البرزخية زيارة , ولابد للزائر أن يغادر , ولذلك عندما سمع بعض الأعراب هذه الآية قالوا "البعث ورب الكعبة" , وقال عمر بن عبدالعزيز لميمون بن مهران عند هذه الآية " لابد للزائر أن يرجع لداره" , يقصد الى الجنة أو النار.
ومن الفوائد في هاتين الآيتين :
1- التحذير من الانشغال بالمكاثرة من أي شيء من أمور الدنيا ومن ذلك المكاثرة في المال والولد وأنه من اللهو الذي قد يكون سبب عن الصد عن ذكر الله ولذلك قال الله تعالى في الآية الأخرى ((يا أيها الذين ءامنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون))
2- أن اللهو مذموم وليس من أخلاق المؤمن أو مما يشغل به وقته
3- أن هذا المال والولد إما ان تكون مشتغلا به ولاهيا فتقع في هذا الذم والتوبيخ ,وإما أن تسأل عنه فإن أقدمت عليه فأعد للسؤال جوابا ولذلك جاء في آخر السورة ((ثم لتسألن عن النعيم )).
4- أن المال والولد قد ينسي صاحبه الموت فلا ينتبه إلا وقد حلت به السكرات وأصبح في عداد الأموات وعندها لاينفع الندم وليس معه إلا ما قدم ولسان حاله ((رب ارجعون لعلي أعمل صالحا)).
5- أن العمل ليس للقبر بل هولما بعد القبر فإنا كان عملك طيبا فسيكون قبرك طيبا وما بعده أطيب وهو اليوم الآخر ,وإن كان العمل عكس ذلك فما بعد القبر أشد وأنكى ,ولهذا قال تعالى (( حتى زرتم المقابر))
6- في الايات اثبات للبعث والنشور ورد على منكريه.
7- أن في زيارة القبور تليين للقلب القاسي ,قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن"لأنها تذكر الموت والآخرة وذلك يحمل على قصر الأمل والزهد في الدنيا والرغبة عنها قال النبي صلى الله عليه وسلم "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ,فزوروا القبور فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة" أخرجه ابن ماجه من رواية ابن مسعود."

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 5 جمادى الآخرة 1439هـ/20-02-2018م, 05:55 AM
رشا عطية الله اللبدي رشا عطية الله اللبدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 340
افتراضي

فوائد مستخرجة من سورة الناس
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين هذه بعض الفوائد المستخرجة من سورة الناس :

1) في نصوص الوحي من القرآن والسنة مما يستدفع به الإنسان الشر ويستجلب به الخير في الذكر والدعاء ما يغني عن غيره من كلام البشر القاصر الذي لا ينفعه بل وقد يضره , فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين الفلق والناس : " ما تعوذ بمثلهما " , وقال لرديفه الذي قال : " تعس الشيطان " عندما عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تقل تعس الشيطان , فإنك إذا قلت : تعس الشيطان , تعاظم , وقال : بقوتي صرعته , وإذا قلت : بسم الله , تصاغر حتى يصير مثل الذباب .

2) لم يكلف الله الإنسان ما لا طاقة له به , فجعله أمام عدوه بلا سلاح , أو وكل أمر محاربته لنفسه الضعيفة العاجزة , أو تركه جاهل لا يعلم عدوه وأدواته وأسلحته , لكنه أخبره بعدوه وسلاحه الوسوسة وأخبره بما يقابله من الاستعاذه منه واللجوء له , حتى أنه لقنه تلقيناً فقال له عز وجل , ( قل أعوذ برب الناس )الخ السورة

وفي الاستعاذه بهذه السورة لطائف غنية عن الحصر لا يستوفيها عقل الإنسان القاصر نشير إلى بعضها فقط ولاشك أن النفع من الذكر يكون بحسب ماقام في القلب :

3) بدأ سبحانه وتعالى في هذه السورة بطلب الاستعاذة ب ( رب الناس ) ربهم القائم بما يصلح له أمورهم المدبر لهم شؤونهم , الذي رباهم بنعمه منذ أن كانوا اجنة في بطون أمهاتهم , و ما من خير حصلوا عليه بأسباب تحصيله أو أتاهم دون سعي إلا بأمره وفضله , وما من شر صرف عنهم أو ضرر رفع عنهم إلا بلطفه ورحمته , وأضاف الربوبية للناس مع أنه رب كل العالمين ليخبرك أيها الإنسان المستعيذ به أن الرب الذي دفع عنك كل الشرور بتربيته وحمايته وحفظه منذ أن كنت جنين في بطن أمك هو الذي سيدفع عنك هذا الشر فطمئن له وثق به .

4) ثم عطف سبحانه وتعالى عطف بيان بالآية التي بعدها ( ملك الناس ) وفي استشعار هذا المعنى للمستعيذ زيادة إيمان وثقة بعصمة الله له من عدوه . فهو يستعيذ بمن له كمال الملك والتصرف فيه وفي عدوه والمستعيذ عبد مملوك مفتقر لحماية ونصرة من له تمام السلطان والقهر على عدوه المعتدي الظالم .


5) ثم كانت الآية التي بعدها ( إله الناس ) وهي عطف بيان أيضاً ل ( رب الناس ) وفي هذه الآية معاني أخرى أيضاً للمستعيذ , فهو إن كان ربك الذي رباك بما يصلح أمرك ويقيم شانك ومالكك الحقيقي المتصرف فيك المدبر لك ومن له السلطة العليا والقوة المطلقة التي لا تقهر ولا تغلب ,فهو وحده المستحق للجوئك واعتصامك واستعاذتك وهو وحده من ترجوه وتتأمله أن ينصرك على عدوك ويدفع عنك شره وكيده .

6) وفي هذه الإضافات في الآيات السابقة ( رب الناس ) ( ملك الناس ) ( إله الناس ) انتقال من العام للخاص فهو رب كل مربوب كما يقال : رب الدار ورب المتاع ولأنه ليس كل رب مالك له حق التصرف الكامل , أتى بالبيان ( ملك الناس ) فهو ربك ومالكك الحقيقي , وإن كان هو ربك وموجدك وخالقك المنعم عليك وهو مالكك المدبر لك وأنت مملوكه الفقير الذي يجب عليك طاعة سيدك واتباع أمره واجتناب نهيه اقتضى ذلك أن يكون هو وحده إلهك ومعبودك . فمقتضى الملك يستلزم العبودية لذا أتى بعد ( ملك الناس ) بقوله : ( إله الناس ) .


7) أظهر سبحانه لفظ الناس ولم يضمره فلم يقل , ملكهم وإلههم , لزيادة التكريم والرعاية والعناية , ولأن المستعاذ منه الوسواس الذي يوسوس في صدورهم , وفيه تقوية رجاء للمستعيذ أنه بربوبية الله وملكه وبعبوديتك له سيحميك من عدوك ويعيذك منه .


8) الوسواس اسم فاعل مشتق من مصدر الوسوسة لأنها صنعته وصفته التي لا تنفك عنه وهو الشيطان وبما أنه جاثم على قلب الإنسان فهو يعود ليوسوس مرة بعد مرة , إنما يخنس ويختفي بذكر الله وإذا غفل الإنسان وسها عاد , والوسوسة : هي خواطر ومعاني وأفكار ضارة يلقيها الشيطان على قلب الإنسان على وجه التكرار , مثل حروف الكلمة ( الوسوسة ) المكررة . وأصلها الصوت الخفي ومنه قيل : لأصوات الحلي وسواس .



9) ابتلي الإنسان بهذا العدو الجاثم على القلب , الذي لا تنقطع وساوسه الضارة وخواطره الشيطانية وأفكاره الخبيثة إنما تخنس لتعود مرة ثانية , فأخبرنا الله سبحانه بمن هذا وصفه لنقابله بدوام الاستعاذة والذكر , فكما هو لا يمل الباطل ولا يفتر من عمل الشر وهو قد علم مصيره البائس في هذا الطريق ,على المؤمن المثاب المأجور الموعود بالرحمة أن لا يتعب ولا يتكاسل عن مقابلة وسوسته بالاستعاذة ودوام الذكر .



10) قرن الله سبحانه وتعالى بين الجنة والناس في المستعاذ منه ليعُلم أنه يتساوى مع الشيطان في الشر كل من عمل بعمله وسعى سعيه من الناس .



11) العدو الظاهر أخف ضرراً من العدو الباطن الذي يجري مجرى الدم من الإنسان , فالذي تراه قد يكون أيسر لك دفع ضرره عنك وقد تبينت لك عداوته , أما العدو الموسوس في نفسك قد يصعب عليك التعرف على شره وهو من خبثه يورد على النفس من الخواطر الضارة الذي تميل له وتهواه .



12) لعظم مضرة هذه الوساوس الشيطانية على دين العبد ,التي يلقيها على وجه التكرار حتى تتقبلها نفسه فيستجيب لها جعل الإستعاذة منها مبنية على ثلاث صفات من صفات المستعاذ به وهو قوله سبحانه : ( رب الناس * ملك الناس * إله الناس )

هذه بعض الفوائد القاصرة أستقيتها من معاني وألفاظ عظيمة بعظم قائلها , والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين .


المراجع :
الكشاف للزمخشري
التفسير القيم لابن القيم
تفسير ابن كثير
نظمم الدرر في تناسب الآيات والسور لبرهان الدين البقاعي
أضواء البيان للشنقيطي
تفسير جزء عم لابن عثيمين

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 5 جمادى الآخرة 1439هـ/20-02-2018م, 06:04 AM
رشا عطية الله اللبدي رشا عطية الله اللبدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 340
افتراضي

فوائد مستخرجة من سورة الناس
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين هذه بعض الفوائد المستخرجة من سورة الناس :

1) في نصوص الوحي من القرآن والسنة مما يستدفع به الإنسان الشر ويستجلب به الخير في الذكر والدعاء ما يغني عن غيره من كلام البشر القاصر الذي لا ينفعه بل وقد يضره , فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين الفلق والناس : " ما تعوذ بمثلهما " , وقال لرديفه الذي قال : " تعس الشيطان " عندما عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تقل تعس الشيطان , فإنك إذا قلت : تعس الشيطان , تعاظم , وقال : بقوتي صرعته , وإذا قلت : بسم الله , تصاغر حتى يصير مثل الذباب .

2) لم يكلف الله الإنسان ما لا طاقة له به , فجعله أمام عدوه بلا سلاح , أو وكل أمر محاربته لنفسه الضعيفة العاجزة , أو تركه جاهل لا يعلم عدوه وأدواته وأسلحته , لكنه أخبره بعدوه وسلاحه الوسوسة وأخبره بما يقابله من الاستعاذه منه واللجوء له , حتى أنه لقنه تلقيناً فقال له عز وجل , ( قل أعوذ برب الناس )الخ السورة

وفي الاستعاذه بهذه السورة لطائف غنية عن الحصر لا يستوفيها عقل الإنسان القاصر نشير إلى بعضها فقط ولاشك أن النفع من الذكر يكون بحسب ماقام في القلب :

3) بدأ سبحانه وتعالى في هذه السورة بطلب الاستعاذة ب ( رب الناس ) ربهم القائم بما يصلح له أمورهم المدبر لهم شؤونهم , الذي رباهم بنعمه منذ أن كانوا اجنة في بطون أمهاتهم , و ما من خير حصلوا عليه بأسباب تحصيله أو أتاهم دون سعي إلا بأمره وفضله , وما من شر صرف عنهم أو ضرر رفع عنهم إلا بلطفه ورحمته , وأضاف الربوبية للناس مع أنه رب كل العالمين ليخبرك أيها الإنسان المستعيذ به أن الرب الذي دفع عنك كل الشرور بتربيته وحمايته وحفظه منذ أن كنت جنين في بطن أمك هو الذي سيدفع عنك هذا الشر فطمئن له وثق به .

4) ثم عطف سبحانه وتعالى عطف بيان بالآية التي بعدها ( ملك الناس ) وفي استشعار هذا المعنى للمستعيذ زيادة إيمان وثقة بعصمة الله له من عدوه . فهو يستعيذ بمن له كمال الملك والتصرف فيه وفي عدوه والمستعيذ عبد مملوك مفتقر لحماية ونصرة من له تمام السلطان والقهر على عدوه المعتدي الظالم .


5) ثم كانت الآية التي بعدها ( إله الناس ) وهي عطف بيان أيضاً ل ( رب الناس ) وفي هذه الآية معاني أخرى أيضاً للمستعيذ , فهو إن كان ربك الذي رباك بما يصلح أمرك ويقيم شانك ومالكك الحقيقي المتصرف فيك المدبر لك ومن له السلطة العليا والقوة المطلقة التي لا تقهر ولا تغلب ,فهو وحده المستحق للجوئك واعتصامك واستعاذتك وهو وحده من ترجوه وتتأمله أن ينصرك على عدوك ويدفع عنك شره وكيده .

6) وفي هذه الإضافات في الآيات السابقة ( رب الناس ) ( ملك الناس ) ( إله الناس ) انتقال من العام للخاص فهو رب كل مربوب كما يقال : رب الدار ورب المتاع ولأنه ليس كل رب مالك له حق التصرف الكامل , أتى بالبيان ( ملك الناس ) فهو ربك ومالكك الحقيقي , وإن كان هو ربك وموجدك وخالقك المنعم عليك وهو مالكك المدبر لك وأنت مملوكه الفقير الذي يجب عليك طاعة سيدك واتباع أمره واجتناب نهيه اقتضى ذلك أن يكون هو وحده إلهك ومعبودك . فمقتضى الملك يستلزم العبودية لذا أتى بعد ( ملك الناس ) بقوله : ( إله الناس ) .


7) أظهر سبحانه لفظ الناس ولم يضمره فلم يقل , ملكهم وإلههم , لزيادة التكريم والرعاية والعناية , ولأن المستعاذ منه الوسواس الذي يوسوس في صدورهم , وفيه تقوية رجاء للمستعيذ أنه بربوبية الله وملكه وبعبوديتك له سيحميك من عدوك ويعيذك منه .


8) الوسواس اسم فاعل مشتق من مصدر الوسوسة لأنها صنعته وصفته التي لا تنفك عنه وهو الشيطان وبما أنه جاثم على قلب الإنسان فهو يعود ليوسوس مرة بعد مرة , إنما يخنس ويختفي بذكر الله وإذا غفل الإنسان وسها عاد , والوسوسة : هي خواطر ومعاني وأفكار ضارة يلقيها الشيطان على قلب الإنسان على وجه التكرار , مثل حروف الكلمة ( الوسوسة ) المكررة . وأصلها الصوت الخفي ومنه قيل : لأصوات الحلي وسواس .



9) ابتلي الإنسان بهذا العدو الجاثم على القلب , الذي لا تنقطع وساوسه الضارة وخواطره الشيطانية وأفكاره الخبيثة إنما تخنس لتعود مرة ثانية , فأخبرنا الله سبحانه بمن هذا وصفه لنقابله بدوام الاستعاذة والذكر , فكما هو لا يمل الباطل ولا يفتر من عمل الشر وهو قد علم مصيره البائس في هذا الطريق ,على المؤمن المثاب المأجور الموعود بالرحمة أن لا يتعب ولا يتكاسل عن مقابلة وسوسته بالاستعاذة ودوام الذكر .



10) قرن الله سبحانه وتعالى بين الجنة والناس في المستعاذ منه ليعُلم أنه يتساوى مع الشيطان في الشر كل من عمل بعمله وسعى سعيه من الناس .



11) العدو الظاهر أخف ضرراً من العدو الباطن الذي يجري مجرى الدم من الإنسان , فالذي تراه قد يكون أيسر لك دفع ضرره عنك وقد تبينت لك عداوته , أما العدو الموسوس في نفسك قد يصعب عليك التعرف على شره وهو من خبثه يورد على النفس من الخواطر الضارة الذي تميل له وتهواه .



12) لعظم مضرة هذه الوساوس الشيطانية على دين العبد ,التي يلقيها على وجه التكرار حتى تتقبلها نفسه فيستجيب لها جعل الإستعاذة منها مبنية على ثلاث صفات من صفات المستعاذ به وهو قوله سبحانه : ( رب الناس * ملك الناس * إله الناس )

هذه بعض الفوائد القاصرة أستقيتها من معاني وألفاظ عظيمة بعظم قائلها , والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين .


المراجع :
الكشاف للزمخشري
التفسير القيم لابن القيم
تفسير ابن كثير
نظمم الدرر في تناسب الآيات والسور لبرهان الدين البقاعي
أضواء البيان للشنقيطي
تفسير جزء عم لابن عثيمين

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 8 جمادى الآخرة 1439هـ/23-02-2018م, 11:48 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي


تقويم التطبيقات على درس الأسلوب الاستنتاجي
-------------------------

o:فاطمة إدريس شتوي.أ
أحسنتِ وفقكِ الله ،لم تذكري مصدر أسباب النزول،ومما فاتكِ ما يستنتج من تفسير قوله تعالى
{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } ومناسبة ختام الآية بهذين الإسمين .

O: سارة عبدالله.ب+
بارك الله فيكِ ونفع بكِ ،
هناك تحسن ملحوظ في اعتمادك على نفسك في صياغة المعلومات ويتضح ذلك جليا في القسم الثاني من رسالتك ،إلا أنكِ اعتمدتِ في القسم الأول من الرّسالة على كثرة النقول، ولم توثقّيها وهذا يعتبر مأخذ على رسالتك ، لكن بالتدرب المستمر بإذن الله ستجدين فرقا واضحا .

O:ابتسام الرعوجي.ب+
أحسنتِ وفقكِ الله ،لكن ما ذكرتيه مقتصر على فائدة واحدة، وفي الآية مسائل أخرى كمناسبة الآية وثمرات التقوى ويسر الشريعة ..وغير ذلك.

O: للا حسناء الشنتوفي.أ
أحسنتِ وفقكِ الله.
**بعض ما ذكرت لا يظهر فيها استنباط الفوائد فأخذت منحى التفسير فقط منها أول ما ابتدأتِ به.

O: هيثم محمد.
أ+
أحسنت وفقك الله.

O: عائشة إبراهيم الزبيري.أ
أحسنتِ وفقكِ الله ويؤخذ على رسالتك عدم ذكرك للدليل من الآيات عند ذكر الفوائد.

O: عبد العزيز ارفاعي.أ+
أحسنت بارك الله فيك.

O: رشا عطية اللبدي.أ
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
تم خصم نصف درجة للتأخير.

- وفقكم الله لما يحب -

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 14 جمادى الآخرة 1439هـ/1-03-2018م, 10:23 AM
إجلال سعد علي مشرح إجلال سعد علي مشرح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 275
افتراضي

الأسلوب الإستنتاجي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي هدى والصلاة والسلام على رسول الهدى ،أما بعد فإن محور الرسالة التفسيرية في أسلوب الإستنتاج هو قول الله تعالى :{إن ربك لبالمرصاد}الفجر-14.
فإن لهذه الآية فوائد كثيرة ومعاني جليلة ،تلين فيها القلوب وتدمع منها العيون وتبشر كل من ظُلم وتحذر كل من ظَلم ،فمما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام :(عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا معاذ ، إن المؤمن لدى الحق أسير . يا معاذ ، إن المؤمن لا يسكن روعه ولا يأمن اضطرابه حتى يخلف جسر جهنم خلف ظهره . يا معاذ ، إن المؤمن قيده القرآن عن كثير من شهواته ، وعن أن يهلك فيها هو بإذن الله ، - عز وجل - فالقرآن دليله ، والخوف محجته ، والشوق مطيته ، والصلاة كهفه ، والصوم جنته ، والصدقة فكاكه ، والصدق أميره ، والحياء وزيره ، وربه ، - عز وجل - من وراء ذلك كله بالمرصاد " ).(1)
ومما جاء فيها عن الصحابة :(ما رواه الضحاك عن ابن عباس : إن على جهنم سبع قناطر ، يسأل الإنسان عند أول قنطرة عن الإيمان ، فإن جاء به تاما جاز إلى القنطرة الثانية ، ثم يسأل عن الصلاة ، فإن جاء بها جاز إلى الثالثة ، ثم يسأل عن الزكاة ، فإن جاء بها جاز إلى الرابعة . ثم يسأل عن صيام شهر رمضان ، فإن جاء به جاز إلى الخامسة . ثم يسأل عن الحج والعمرة ، فإن جاء بهما جاز إلى السادسة . ثم يسأل عن صلة الرحم ، فإن جاء بها جاز إلى السابعة . ثم يسأل عن المظالم ، وينادي مناد : ألا من كانت له مظلمة فليأت فيقتص للناس منه ، يقتص له من الناس فذلك قوله - عز وجل - : إن ربك لبالمرصاد . وقال الثوري : لبالمرصاد يعني جهنم عليها ثلاث قناطر : قنطرة فيها الرحم ، وقنطرة فيها الأمانة ، وقنطرة فيها الرب تبارك وتعالى ).(2)
ومن فوائدها السلوكية التي تدعو الناس إلى اليقين بالله والخشية منه :
1-إن يخشى المرء أن يظلم الناس لأنه في نهاية الأمر سيلاقي ربه بالمرصاد .
2- أن يتيقن من ظلم في الدنيا أن الله سيأخذ حقه ممن ظلمه .
3-أن يحاسب المرء نفسه قبل الإقدام على ما يغضب الله تعالى لأن الله سيكون بالمرصاد له .
4- أن لا يغتر المرء عند إمهال الله له أنه يرضى عن صنيعه ولا يعاقبه وإنما هو يمهل ولا يهمل ،فإنه في نهاية الأمر سيلاقي ربه .
5- أن لا يتهاون في الذنب ويبادر على التوبة .
6- ويدل حرف التوكيد (إن)أن الله سيجازي كلاً بما يستحقه ولن يسقط حق مظلموماً أبداً.
وتدل الآية على سعة علم الله وعدله وقدرته وقوته وهيمنته سبحانه .

هذا ما بدأ لي والحمد لله رب العالمين.

المصادر:
(1) تفسير ابن كثير
(2)تفسير القرطبي

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 14 جمادى الآخرة 1439هـ/1-03-2018م, 10:37 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إجلال سعد علي مشرح مشاهدة المشاركة
الأسلوب الإستنتاجي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي هدى والصلاة والسلام على رسول الهدى ،أما بعد فإن محور الرسالة التفسيرية في أسلوب الإستنتاج هو قول الله تعالى :{إن ربك لبالمرصاد}الفجر-14.
فإن لهذه الآية فوائد كثيرة ومعاني جليلة ،تلين فيها القلوب وتدمع منها العيون وتبشر كل من ظُلم وتحذر كل من ظَلم ،فمما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام :(عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا معاذ ، إن المؤمن لدى الحق أسير . يا معاذ ، إن المؤمن لا يسكن روعه ولا يأمن اضطرابه حتى يخلف جسر جهنم خلف ظهره . يا معاذ ، إن المؤمن قيده القرآن عن كثير من شهواته ، وعن أن يهلك فيها هو بإذن الله ، - عز وجل - فالقرآن دليله ، والخوف محجته ، والشوق مطيته ، والصلاة كهفه ، والصوم جنته ، والصدقة فكاكه ، والصدق أميره ، والحياء وزيره ، وربه ، - عز وجل - من وراء ذلك كله بالمرصاد " ).(1)
ومما جاء فيها عن الصحابة :(ما رواه الضحاك عن ابن عباس : إن على جهنم سبع قناطر ، يسأل الإنسان عند أول قنطرة عن الإيمان ، فإن جاء به تاما جاز إلى القنطرة الثانية ، ثم يسأل عن الصلاة ، فإن جاء بها جاز إلى الثالثة ، ثم يسأل عن الزكاة ، فإن جاء بها جاز إلى الرابعة . ثم يسأل عن صيام شهر رمضان ، فإن جاء به جاز إلى الخامسة . ثم يسأل عن الحج والعمرة ، فإن جاء بهما جاز إلى السادسة . ثم يسأل عن صلة الرحم ، فإن جاء بها جاز إلى السابعة . ثم يسأل عن المظالم ، وينادي مناد : ألا من كانت له مظلمة فليأت فيقتص للناس منه ، يقتص له من الناس فذلك قوله - عز وجل - : إن ربك لبالمرصاد . وقال الثوري : لبالمرصاد يعني جهنم عليها ثلاث قناطر : قنطرة فيها الرحم ، وقنطرة فيها الأمانة ، وقنطرة فيها الرب تبارك وتعالى ).(2)
ومن فوائدها السلوكية التي تدعو الناس إلى اليقين بالله والخشية منه :
1-إن يخشى المرء أن يظلم الناس لأنه في نهاية الأمر سيلاقي ربه بالمرصاد .
2- أن يتيقن من ظلم في الدنيا أن الله سيأخذ حقه ممن ظلمه .
3-أن يحاسب المرء نفسه قبل الإقدام على ما يغضب الله تعالى لأن الله سيكون بالمرصاد له .
4- أن لا يغتر المرء عند إمهال الله له أنه يرضى عن صنيعه ولا يعاقبه وإنما هو يمهل ولا يهمل ،فإنه في نهاية الأمر سيلاقي ربه .
5- أن لا يتهاون في الذنب ويبادر على التوبة .
6- ويدل حرف التوكيد (إن)أن الله سيجازي كلاً بما يستحقه ولن يسقط حق مظلموماً أبداً.
وتدل الآية على سعة علم الله وعدله وقدرته وقوته وهيمنته سبحانه .

هذا ما بدأ لي والحمد لله رب العالمين.

المصادر:
(1) تفسير ابن كثير
(2)تفسير القرطبي
أحسنتِ وفقكِ الله لكن ما ذكرتِ من الفوائد مختصرة لو أضفتِ إليها شيء من الأدلة أو الآثار أو القصص والعبر لكان أتم .
الدرجة :ب
تم خصم نصف درجة للتأخير .

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir