دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 صفر 1443هـ/10-09-2021م, 12:09 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي مجلس مذاكرة القسم الثاني من كتاب تناسق الدرر في تناسب السور للسيوطي

مجلس مذاكرة القسم الثاني من كتاب تناسق الدرر في تناسب السور للسيوطي

لخِّص الأصول التي اعتمد عليها السيوطي في بيان تناسب السور، مع نقدها وتوضيح إجابتك بالأمثلة.
(يرجى مراعاة أصول النقد العلمي عند الإجابة)

وفقكم الله

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 صفر 1443هـ/15-09-2021م, 07:19 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

بسم الله, والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:
سأسرد ما استخلصت بعون الله من أصول, متبعة كل أصل بنقده عبر التعليق عليه, ثم أختم بمراجعة عامة.

الأصول التي اعتمد عليها السيوطي في بيان تناسب السور، مع التمثيل والنقد:

- اعتبار المناسبة في الترتيب بأوائل السور:
مثال:
"ومن الوجوه المناسبة لتقدم آل عمران على النساء: اشتراكها مع البقرة في الافتتاح بإنزال الكتاب، وفي الافتتاح بـ {الم} وسائر السور المفتتحة بالحروف المقطعة كلها مقترنة؛ كيونس وتواليها، ومريم وطه، والطواسين، و {الم} العنكبوت وتواليها، والحواميم".
التعليق: وهذه من الأصول التي تكررت عند السيوطي, وتكررت صورها كذلك في واقع المصحف الشريف.

-تتميم ما ورد ذكره في السورة السابقة:
مثال:
"سورة النمل:
أقول: وجه اتصالها بما قبلها: أنها كالتتمة لها، في ذكر بقية القرون، فزاد سبحانه فيها ذكر سليمان وداود.."
وقد يكون تتميم ما ورد ذكره بمنزلة:
-إقامة الدليل في السورة على ما ورد من حكم في سابقتها:
مثال:
البقرة في إقامتها الدليل على ما ورد في الفاتحة.
وقد يكون بمنزلة:
-الجواب عن شبهات الخصم في السورة السابقة:
مثال: آل عمران في إجابتها عن الشبهات على سورة البقرة.
التعليق: قد يعترض عليه بعدم التسليم الكامل للأصل, فليس كل ما في آل عمران ردا لشبهة, كما تحتوي البقرة على رد لشبهات الخصوم في غيرها, لكن ذلك مما قد يستأنس به.

-تشابه المطالع والمقاطع:
مثال:
"سورة الأحزاب:
أقول: وجه اتصالها بما قبلها: تشابه مطلع هذه ومقطع تلك؛ فإن تلك ختمت بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإعراض عن الكافرين، وانتظار عذابهم، [ومطلع هذه الأمر بتقوى الله، وعدم طاعة الكافرين والمنافقين، فصارت كالتتمة لما ختمت به تلك، حتى كأنهما سورة واحدة]"
"سورة العنكبوت:
أقول: ظهر لي في وجه اتصالها بما قبلها: أنه تعالى لما أخبر في أول السورة السابقة عن فرعون أنه: {علا في الأرض وجعل أهلها شيعًا يستضعف طائفةً منهم يذبّح أبناءهم ويستحيي نساءهم} "القصص: 4" افتتح هذه السورة بذكر المؤمنين الذين فتنهم الكفار وعذبوهم على الإيمان بعذاب دون ما عذب به قوم فرعون بني إسرائيل؛ تسلية لهم بما وقع لمن قبلهم، وحثًّا لهم على الصبر؛ ولذلك قال هنا: {ولقد فتنّا الّذين من قبلهم} "3"، وهذه أيضًا من حكم تأخير القصص عن "طس".
وأيضًا فلما كان في خاتمة القصص الإشارة إلى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي خاتمة هذه الإشارة إلى هجرة المؤمنين بقوله: {يا عبادي الّذين آمنوا إنّ أرضي واسعةٌ}"56" ناسب تتاليهما"
التعليق: وهو من أوكد الأصول وأكثرها شواهدا في القرآن.

-تفصيل ما أجملته السورة أو السور السابقة في السورة اللاحقة وبسطه وبيانه:
مثال:
"أنه سبحانه لما حكى في الشعراء قول فرعون لموسى: {ألم نربّك فينا وليدًا ولبثت فينا من عمرك سنين، وفعلت فعلتك الّتي فعلت} "الشعراء: 18، 19" إلى قول موسى: {ففررت منكم لمّا خفتكم فوهب لي ربّي حكمًا وجعلني من المرسلين} "الشعراء: 21"، ثم حكى في طس النمل قول موسى لأهله: {إنّي آنست نارًا} "النمل: 7" إلى آخره، الذي هو في الوقوع بعد الفرار، ولما كان [الأمران] على سبيل الإشارة والإجمال، بسط في هذه السورة -القصص- ما أوجزه في السورتين، وفصل ما أجمله فيهما على حسب ترتيبهما.
فبدأ بشرح تربية فرعون له، مصدرًا بسبب ذلك: من علو فرعون، وذبح أبناء بني إسرائيل الموجب لإلقاء موسى عند ولادته في اليم خوفًا عليه من الذبح، وبسط القصة في تربيته، وما وقع فيها إلى كبره، إلى السبب الذي من أجله قتل القبطي، وهى الفعلة التي فعل، إلى الهم بذلك عليه، والموجب لفراره إلى مدين، إلى ما وقع له [فيها] مع شعيب، وتزوجه بابنته، إلى أن سار بأهله، وآنس من جانب الطور نارًا فقال لأهله: {امكثوا إنّي آنست نارًا} "29" إلى ما وقع له فيها من المناجاة لربه، وبعثه إياه رسولًا، وما استتبع ذلك، إلى آخر القصة.
فكانت السورة شارحة لما أجمل في السورتين معًا على الترتيب."
التعليق: وهذا الأصل كذلك من أكثر الأصول شواهدا في القرآن, ويصدقه آيات تقرير كون القرآن يصدق بعضه بعضا, ويبين بعضه بعضا. إلا أن الاعتراض قد يكون على خصوصية السور المتتالية بذلك, فهل اتسمت السور المتتالية بما يزيد على غيرها من السور, أم أن طبيعة القرآن في كونه يفصل مجمله, ويبين بعضه بعضا متناثرة في سوره عامة؟ لا سيما مع دورانه حول قضايا معينة متكررة فيه, مما يجعل مجيئها متكررا في كثير من السور, قد يصادف وجودها في ترتيب معين. وقياسا على المثال أعلاه نقول: هل جاء تفصيل قصة موسى في هذه السورة دون سواها, أم أنها جاءت مفصلة في كثير من السور, حتى الغير متتابعة. لكن الإشكال يظل طفيفا, ولا يترتب عليه هدم لهذا الأصل بل مساءلة له.

-الاشتراك في التسمية:
مثال:
" اشتراكهما في التسمية بالزهراوين في حديث: "اقرءوا الزهراوين: البقرة وآل عمران"، فكان افتتاح القرآن بهما نظير اختتامه بسورتي الفلق والناس، المشتركتين في التسمية بالمعوذتين".
التعليق: وهذا ملمح لطيف, وأصل لا يخالفه مثال.

-تعلق فاتحة السورة بخاتمة ما قبلها:
مثال:
"سورة الروم:
أقول: ظهر لي في اتصالها بما قبلها: أنها ختمت بقوله: {والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا}"العنكبوت: 69"، وافتتحت هذه بوعد من غلب من أهل الكتاب بالغلبة والنصر، وفرح المؤمنين بذلك، وأن الدولة لأهل الجهاد فيه، ولا يضرهم ما وقع لهم قبل ذلك من هزيمة."
التعليق: وهذا الأصل من أقوى الأصول وأكثرها شواهدا لدى السيوطي.
وقد تذكر أمثلة فيها تكلف مثل:
"لما وقع في [آخر] سورة التغابن: {إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم} "التغابن: 14"، وكانت عداوة الأزواج تفضي إلى الطلاق، وعداوة الأولاد قد تفضي إلى القسوة، وترك الإنفاق عليهم، فعقبت ذلك بسورة فيها ذكر أحكام الطلاق، والإنفاق على الأولاد والمطلقات بسببهم."
وتحت هذا الأصل أصول فرعية:
-أن يليق وصف مفتتح السورة بحكم مختتم السورة التي سبقتها:
مثال:
"سورة سبأ:
أقول: ظهر لي وجه اتصالها بما قبلها: وهو أن تلك لما ختمت بقوله: {ليعذّب اللّه المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب اللّه على المؤمنين والمؤمنات} "الأحزاب: 73" افتتحت هذه بأن له ما في السماوات وما في الأرض، وهذا الوصف لائق بذلك الحكم؛ فإن الملك العام والقدرة التامة يقتضيان ذلك.
وخاتمة سورة الأحزاب: {وكان اللّه غفورًا رحيمًا} "الأحزاب: 73"، وفاصلة الآية الثانية من مطلع سبأ: {وهو الرّحيم الغفور} "
-أن تفتتح السورة بالأمر بما ذكر في خاتمة سابقتها:
مثال:
"سورة الحديد:
قال بعضهم: وجه اتصالها بالواقعة: أنها بدأت بذكر التسبيح، وتلك ختمت بالأمر به."
-أن تفتتح السورة بالقسم على تحقيق ما ورد في خاتمة سابقتها:
مثال:
" أنه تعالى لما أخبر في خاتمتها أنه {يدخل من يشاء في رحمته والظّالمين أعدّ لهم عذابًا أليمًا} "الإنسان: 31"، افتتح هذه -المرسلات- بالقسم على أن ما يوعدون واقع، فكان ذلك تحقيقًا لما وعد به هناك المؤمنين، وأوعد الظالمين."
التعليق: يصعب القول بذلك, فالأصل تعلق معنى الآية بما ورد في السورة, لا ما ذكر فيما قبلها, مع الاستئناس بهذا المعنى لا الجزم به.

-التآخي في مطالع السور:
مثال:
" تآخيها بما قبلها في المطلع، فإن كلا منهما افتتح بـ {الم} غير معقب بذكر القرآن، وهو خلاف القاعدة الخاصة في المفتتح بالحروف المقطعة؛ فإنها كلها عقبت بذكر الكتاب أو وصفه، إلا هاتين السورتين وسورة القلم"
"أن قوله تعالى هنا: {هدًى ورحمةً للمحسنين، الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم بالآخرة هم يوقنون} "3، 4" متعلق بقوله في آخر سورة الروم: {وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث فهذا يوم البعث} "الروم: 56" الآية، فهذا عين إيقانهم بالآخرة، وهم المحسنون الموقنون بما ذكر."

-الاعتلاق في الموضوعات:
مثال:
"وأيضًا ففي كلتا السورتين جملة من الآيات وبدء الخلق.
وذكر في الروم: {في روضةٍ يحبرون} "الروم: 15"، وقد فسر بالسماع، وفي لقمان: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} "6" وقد فسر بالغناء وآلات الملاهي."
التعليق: وهو من أقوى الأصول اعتبارا وعلة. وإن كان يعترض عليه بتشابه موضوعات سور القرآن عامة, ودورانها حول معان وقيم مركزية, حتى أن بعض العلماء قسموا القرآن لأقسام ثلاثة, مما يدل على أن تعالق موضوعات القرآن بعضها ببعض ليس مما تتخصص به السور المتتابعة دون غيرها, بل هو السمة المميزة للقرآن.

-تكامل الصور بذكر ضدها في السورة التالية:
مثال:
"الطور ذكر فيها ذرية المؤمنين، وأنهم تبع لآبائهم، وهذه فيها ذكر ذرية اليهود في قوله: {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض [وإذ أنتم أجنّةٌ في بطون أمّهاتكم} "32" الآية، فقد أخرج ابن أبي حاتم، وبن المنذر، والواحدي بأسانيدهم عن ثابت بن الحارث الأنصاري، قال: كانت اليهود تقول: إذا هلك صبي صغير هو: صديق، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "كذبت يهود، ما من نسمة يخلقها الله في بطن أمه إلا أنه شقي أو سعيد"، وأنزل الله عند ذلك {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض} الآية].
ولما قال هناك في المؤمنين: {ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ} "الطور: 21" أي: ما نقصنا الآباء بما أعطينا البنين، مع نفعهم بما عمل آباؤهم، قال هنا في صفة الكفار أو بني الكفار: {وأن ليس للإنسان إلّا ما سعى} "39" خلاف ما ذكر في المؤمنين الصغار.
وهذا وجه بيّن بديع في المناسبة، من وادي التضاد".
التعليق: وهذا أصل لطيف, ولا أعلم عن مدى انسحابه على بقية السور, وإلا فإنه مما يستملح.

-شرح ما ذكر في خاتمة السورة السابقة في التي تليها:
مثال:
"سورة السجدة:
أقول: وجه اتصالها بما قبلها: أنها شرحت مفاتح الغيب الخمسة التي ذكرت في خاتمة لقمان.
فقوله هنا: {ثمّ يعرج إليه في يومٍ كان مقداره ألف سنةٍ ممّا تعدّون} "5"، شرح لقوله هناك: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة} "لقمان: 34"؛ ولذلك عقب هنا بقوله: {عالم الغيب والشّهادة} "6".
وقوله: {أولم يروا أنّا نسوق الماء إلى الأرض الجرز} "27"، شرح قوله: {وينزّل الغيث} "لقمان: 34".
وقوله: {الّذي أحسن كلّ شيءٍ خلقه} "7" الآيات، شرح لقوله: {ويعلم ما في الأرحام} [لقمان: 34] .
وقوله: {يدبّر الأمر من السّماء إلى الأرض} "السجدة: 5" و {ولو شئنا لآتينا كلّ نفسٍ هداها} "السجدة: 13"، شرح لقوله: {وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا} "لقمان: 34".
وقوله: {أإذا ضللنا في الأرض} إلى قوله: {قل يتوفّاكم ملك الموت الّذي وكّل بكم ثمّ إلى ربّكم ترجعون} "10، 11"، شرح لقوله: {وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت} "لقمان: 34"، فلله الحمد على ما ألهم)".
التعليق: الأصل في مجمله مقبول ومسلم له, لكن المثال الذي ضربه بعيد, شديد التكلف.

-التناسب في المقدار:
مثال:
سورتي فاطر وسبأ.
التعليق: وهذا الأصل يشهد له واقع القرآن, فإنك لا تجد سورتين متجاورتين مختلفتي المقدار, بل تجد مراعاة لذلك, وانظر للسبع الطوال في ترتيبها, ثم انظر لسور المفصل.

-ترتب ما ورد في السورة التالية على السابقة:
مثال:
"سورة الفتح:
[أقول:] لا يخفى وجه حسن وضعها هنا؛ لأن الفتح بمعنى النصر، مرتّب على القتال"
التعليق: وهو ملمح حسن, لا نقر بانسحابه على بقية السور, مما يستبعد من اعتداده كأصل.

-حسن التناسق والتناسب بين مسمى السورتين:
مثال:
"لما بين النجم والقمر من الملابسة، ونظيره توالي الشمس والليل والضحى، وقبلها سورة الفجر."
التعليق: لا يشترط انسحاب الأصل على بقية السور, انظر مثلا: البقرة وآل عمران.

-ذكر السورتين كالمتقابلتين ورد ختام الثانية على صدر الأولى:
مثال:
" فذكر في أول هذه السورة ما ذكره في آخر تلك، وفي آخر هذه ما في أول تلك، كما أشرت إليه في سورة آل عمران مع سورة البقرة.
فافتتح [في سورة] الرحمن بذكر القرآن، ثم ذكر الشمس والقمر، ثم ذكر النبات، ثم خلق الإنسان، والجان من مارج من نار، ثم صفة [يوم] القيامة، ثم صفة النار، ثم صفة الجنة.
وابتدأ هذه بذكر القيامة ثم صفة الجنة، ثم صفة النار، ثم خلق الإنسان، ثم النبات، ثم الماء، ثم النار، ثم [ذكر] النجوم، ولم يذكرها في الرحمن، كما لم يذكر هنا الشمس والقمر، ثم ذكر القرآن.
فكانت هذه السورة كالمقابلة لتلك، وكردّ العجز على الصّدر"
التعليق: وهذا أصل حسن, وهو مما يتسم به النظم القرآني عامة, ويترجم عبر ترتيب سوره.

-تعليل السورة أو الآية للسورة أو الآية التي في السورة قبلها:
مثال على الآية:
"ففي آخر تلك: {لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر اللّه} "المنافقون: 9"، وفي هذه: {إنّما أموالكم وأولادكم فتنةٌ} "15"، وهذه الجملة كالتعليل لتلك الجملة؛ ولذا ذكرت على ترتيبها."
مثال على السورة:
"هذه السورة واقعة موقع العلة لما قبلها؛ كأنه لما قال سبحانه: {إنّا أنزلناه} "القدر: 1" قيل: لم أنزل؟ فقيل: لأنه لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة، وهو رسول من الله يتلو صحفًا مطهرة، وذلك هو المنزّل."

-تأكيد الآية أو السورة لما ورد في السورة أو الآية التي وردت في السورة قبلها:
مثال على الآية:
"وقد ذكر هناك: {كلّا بل تحبّون العاجلة، وتذرون الآخرة} "القيامة: 20، 21"، وذكر هنا في هذه السورة: {إنّ هؤلاء يحبّون العاجلة ويذرون وراءهم يومًا ثقيلًا} "27"
مثال على السورة:
البقرة وآل عمران.

-تذكير بتحقق وعد ذكر في السورة السابقة:
مثال:
"في النور {وعد اللّه الّذين آمنوا منكم وعملوا الصّالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الّذين من قبلهم} "النور: 55" الآية. وفي الأنفال: {واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون في الأرض تخافون} "26" الآية. ولا يخفى ما بين الآيتين من المناسبة؛ فإن الأولى مشتملة على الوعد بما حصل، وذكّر به في الثانية، فتأمل"

-الاستدلال والاستظهار على دعوى ذكرت في السورة السابقة في اللاحقة:
مثال:
"أنه سبحانه لما قال في "سأل": {إنّا لقادرون، على أن نبدّل خيرًا منهم}"المعارج: 40، 41" عقبه بقصة قوم نوح، المشتملة على إغراقهم عن آخرهم؛ بحيث لم يبق منهم ديار وبدل خيرًا منهم".

التعليق: والأصول الأربعة السابقة مما تنم عن تدبر حسن, لكنها تنطوي على نتائج قد يكون فيها تكلف, ويصعب ضبطها.

-إذا وردت سورتان بينهما تلازم واتحاد، فإن السورة الثانية تكون خاتمتها مناسبة لفاتحة الأولى:
مثال:
"آخر آل عمران مناسب لأول البقرة؛ فإنها افتتحت بذكر المتقين، وأنهم المفلحون، وختمت آل عمران بقوله: {واتّقوا اللّه لعلّكم تفلحون} "200".
التعليق: وهذه قاعدة جيدة في ضبط الأصل.

-التناسب في الجمل:
مثال:
"سورة عم:
أقول: وجه اتصالها بما قبلها: تناسبها معها في الجمل؛ ففي المرسلات: {ألم نهلك الأوّلين، ثمّ نتبعهم الآخرين} "المرسلات: 16، 17"، {ألم نخلقكم من ماءٍ مهينٍ} "المرسلات: 20"، {ألم نجعل الأرض كفاتًا} "المرسلات: 25" إلى آخره، وفي عم: {ألم نجعل الأرض مهادًا} "6" إلى آخره، فذلك نظير تناسب جمل: ألم نشرح، والضحى، بقوله في الضحى: {ألم يجدك يتيمًا فآوى} "الضحى: 6" إلى آخره، وقوله: {ألم نشرح لك صدرك} "الشرح: 1" مع اشتراك هده السورة والأربع قبلها في الاشتمال على وصف الجنة والنار، ما عدا المدثر في الاشتمال على وصف يوم القيامة وأهواله، وعلى ذكر بدء الخلق، وإقامة الدليل على البعث."
التعليق: وهذا الأصل عليه ملحوظتان: الأولى: تتعلق به. وذلك أننا لا نسلم بصحته هذا مع معرفتنا بتناسب الجمل بين السور المكية عامة خاصة جزء عم, فهذا مما لا تختص به السورتان دون غيرهما.
الثانية: ذكر وصف السور بكونها تميزت بوصف الجنة والنار ووإلخ, هو كذلك مما لا يعول عليه, فإذا علمت أن الخطاب القرآني (والمكي خاصة) كان أحد أقسامه وصف الجنة والنار والقيامة حتى أضحت علامة عليه, صعب عليك تمييز سور بذلك دون غيرها.

-الاشتراك بين المذكورين في السور المتتالية:
مثال:
" فقد قيل: إن أصحاب الكهف يبعثون قبل قيام الساعة، ويحجون مع عيسى ابن مريم حين ينزل، ففي ذكر سورة مريم بعد [ذكر] سورة أصحاب الكهف مع ذلك -إن ثبت- ما لا يخفى من المناسبة.
وقد قيل أيضًا: إنهم من قوم عيسى، وإن قصتهم كانت في الفترة، فناسب توالي [سورة] قصتهم و [سورة] قصة نبيهم"
"قال الإمام: سورة الليل] سورة أبي بكر، يعني: ما عدا قصة البخيل، وكانت سورة الضحى سورة محمد، عقب بها، ولم يجعل بينهما واسطة ليعلم ألا واسطة بين محمد وأبي بكر."
التعليق: في ذلك تكلف شديد وبعيد, فضلا عن تسمية السورتين بما سماهما, كما أن سورة الليل خاصة جاءت في ذكر فريقين بالتمام والكمال ولم تخصص أحدهما (والذي يمثله أبو بكر), بل إن نسبة الليل إليه في النفس منه شيء, فإن كان رسول الله الضحى, فأبو بكر المقتبس من هذا النور والمتبع له, فالعلاقة بينهما غير متضادة كما يوحي إليه ظاهر التشبيه.
والأصل من الأصول التي لا تتكئ على شديد, وإن اعتبرناه أصلا فقد يكون من أضعف الأصول وأوهنها.

-إشارة مفتتح السورة اللاحقة إلى مفتتح السابقة:
مثال:
"قال الخطابي: لما اجتمع أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- على القرآن، ووضعوا سورة القدر عقب العلق، استدلوا بذلك على أن المراد بهاء الكناية في قوله: {إنّا أنزلناه في ليلة القدر} الإشارة إلى قوله: {اقرأ} "العلق".
التعليق: يميز هذا الأصل استناده على فعل الصحابة, وهذا مما يقويه.

-تعلق الجار والمجرور في أول السورة بالفعل في آخر ما قبلها:
مثال:
سورة الفيل وقريش.
التعليق: وهو نادر يكاد لا ينطبق إلا على هذا المثال, وبذا لا يصلح أن يعد أصلا.

-الوزان في اللفظ بين فواصل السورتين:
مثال:
سورة الإخلاص وتبت.
التعليق: وهذا أصل حسن.

-اعتبار الاشتراك في مكان النزول:
مثال:
"ووجه مناسبتها لها: أن كلا منهما مدنية".
التعليق: لا يعتضد به لوحده لعدم كفايته -وهو ما فعله المؤلف-.

-اعتبار الاشتراك في زمن النزول:
مثال:
"سورة بني إسرائيل:
اعلم أن هذه السورة والأربع بعدها من قديم ما أنزل.
أخرج البخاري عن ابن مسعود أنه قال في بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء: " [هن] من العتاق الأول، وهن من تلادي"، وهذا وجه في ترتيبها، وهو اشتراكها في قدم النزول.."
التعليق: ما ذكره ابن مسعود فيه دلالة على وجه ترتيبهما, مما يقوي هذا الأصل.

انتهت الأصول بحمدالله..
وبقي أن نلخص قراءتنا بعدة نقاط:
-يتضح مما سبق أن المشكلة الرئيسية هي: "في تحديد ضابط الأصل من غيره", فلو تحدد الضابط لاستطعنا الاحتكام لمعيار نحكم به على صحة الأصل من بطلانه.
-تتسم محاولة السيوطي –رحمه الله- بكونها محاولة استئناسية في معرفة وجه الترتيب بين السور, لا محاولة جادة في وضع أسس وضوابط, ولا يلام على ذلك, إذ السؤال المحوري هنا: هل تقرر وجود علل بينة وأصول واضحة بها جعل ترتيب السور بهذا الترتيب؟ أم أننا نسلم بتناغم سور القرآن عامة, ووجود ما يربط سورها ببعض خاصة, مما قد يستأنس ولا يجزم به؟ والإجابة على هذا السؤال هي ما سيحدد مدى انضباط وجدية تجربة السيوطي ويسهَل من عملية الحكم عليها.
-ما ذكره السيوطي –رحمه الله- نستطيع القول بأنه مما يستأنس به ويصعب الجزم به, كما أنه لا ينسحب على جميع السور, فقلما وجدت أصلا منضبطا كليا, فالأصول هنا غالبية لا كلية, وبعضها نادر الوقوع.
-بعض ما ذكره السيوطي هنا فيه تكلف, ونذكر منه:
"لما كان في مطلع الحديد ذكر صفاته الجليلة؛ ومنها: الظاهر والباطن، وقال: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم} "الحديد: "4" افتتح هذه بذكر أنه سمع قول المجادلة التي شكت إليه صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها- حين نزلت: "سبحان الذي وسع سمعه الأصوات، إني لفي ناحية البيت لا أعرف ما تقول".
"وقال بعضهم: لما كانت سورة المنافقون رأس ثلاث وستين سورة، أشير فيها إلى وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: {ولن يؤخّر اللّه نفسًا إذا جاء أجلها} "المنافقون: 11"، وأنه مات على رأس ثلاث وستين سنة، وعقبها بالتغابن؛ ليظهر التغابن في فقده صلى الله عليه وسلم."
وهذا يطرح علينا سؤال: هل زعم وجود علة في ترتيب السور ثم زعم القدرة على معرفتها قد يوقعنا في التكلف فيما لم نؤمر به؟ وهو سؤال حري بالعناية والإجابة.
-مما يحفظ للمؤلف كذلك ومن باب الإنصاف في حقه, فإنه وإن وجدت أمثلة متكلفة –وهي قليلة- فإن الغالب أمثلة معقولة, ويندر كذلك وجود أمثلة متكاملة بديعة تدل على صحة الأصل وتجليه, ومنها:
"سورة الجمعة:
أقول: ظهر لي في وجه اتصالها بما قبلها: أنه تعالى لما ذكر في سورة الصف حال موسى مع قومه، وأذاهم له، ناعيًا عليهم ذلك، وذكر في هذه السورة حال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفضل أمته؛ تشريفًا لهم؛ ليظهر فضل ما بين الأمتين؛ ولذا لم يعرض فيها لذكر اليهود.
وأيضًا لما ذكر هناك قول عيسى: {ومبشّرًا برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد} "الصف: 6"، قال هنا: {هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولًا منهم} "2" إشارة إلى أنه الذي بشر به عيسى، وهذا وجه حسن في الربط.
وأيضًا: لما ختم تلك السورة بالأمر بالجهاد وسماه تجارة، ختم هذه بالأمر بالجمعة، وأخبر أنها خير من التجارة الدنيوية.
وأيضًا فتلك سورة الصف، والصفوف تشرع في موضعين: القتال، والصلاة، فناسب تعقيب سورة صف القتال بسورة صلاة تستلزم الصف ضرورة، وهي الجمعة؛ لأن الجماعة شرط فيها دون سائر الصلوات.
فهذه وجوه أربعة فتح الله بها."
"سورة المنافقون:
أقول: وجه اتصالها بما قبلها: أن سورة الجمعة ذكر فيها المؤمنون، وهذه ذكر فيها أضدادهم، وهم المنافقون؛ ولهذا أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة يحرض بها المؤمنين، وبسورة المنافقين يفزع بها المنافقين.
وتمام المناسبة: أن السورة التي بعدها فيها ذكر المشركين، والسورة التي قبل الجمعة فيها ذكر أهل الكتاب من اليهود والنصارى، والتي قبلها وهي الممتحنة فيها ذكر المعاهدين من المشركين، والتي قبلها وهي الحشر فيها المعاهدين من أهل الكتاب؛ فإنها نزلت في بني النضير حين نبذوا العهد وقوتلوا.
وبذلك اتضحت المناسبة في ترتيب هذه السور الست هكذا؛ لاشتمالها على أصناف الأمم، وفي الفصل بين المسبحات بغيرها؛ لأن إيلاء سورة المعاهدين من أهل الكتاب بسورة المعاهدين من المشركين أنسب من ترك ذلك، وإيلاء سورة المؤمنين بسورة المنافقين أنسب من غيره."

نختم بتقرير ما أقره السيوطي على نفسه, ولا نلومه أو نحمله ما لم يحتمل, وهو أن ما فعله كان محاولات صادقة للجلاء عن وجه ترتيب السور, انظر قوله: "ثم ظهر لي بحمد الله وجه آخر -أتقن مما تقدم- وهو.."
يكتب السيوطي مرتاحا, يضع ما في خاطره مباشرة على ورقه, ويبدو لي أنه لم يلزم نفسه بمنهجية صارمة, وإنما هدفه بدء محاولة اجتهادية في استخراج أوجه التناسب بين السور, وهذه المحاولة جاءت سلسلة غير متكلفة, أو متقيدة بضابط واضح, ويبقى السؤال مفتوحا: هل سيجيء بعده من يرشَد الأدوات, ويسن الضوابط, ويكشف عن أصول منهجية بها تتكشف لنا أسرار ترتيب سور الكتاب الحكيم؟ الله أعلم.

جزى الله السيوطي خير الجزاء, وفتح له أبواب رحمته وفضله كما فتح هذا الباب, وساهم في توسيعه.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 صفر 1443هـ/29-09-2021م, 07:42 AM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثاني من كتاب تناسق الدرر في تناسب السور للسيوطي


لخِّص الأصول التي اعتمد عليها السيوطي في بيان تناسب السور، مع نقدها وتوضيح إجابتك بالأمثلة.
(يرجى مراعاة أصول النقد العلمي عند الإجابة)


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أكد السيوطي في مقدمة كتابه أن أكثر ما ذكره فيه من نتائج فكره وولادة نظره لقلة من تكلم في ذلك، وقد بذل جهدا في تلمس المناسبات وكان يكرر في ثنايا كتابه ظهر لي بعد الجهد وبعد طول نظر وما شابه، وذكر بأن ما نقله عن غيره فإنه يعزوه إليه، وقد عرف عنه رحمه الله أمانته العلمية في النقل والعزو، وقد جاءت الأصول التي اعتمد عليها في تأليفه منثورة في مقدمته وفي ثنايا كتابه، علما بأنه رجح أن ترتيب كل السور توقيفي، سوى الأنفال وبراءة، بعد أن أورد الخلاف في هذه المسألة وبنى كتابه على أن الترتيب توقيفي وبالتالي العمل فيه على استنباط العلاقة والحكمة وليس استنتاج سبب وضع السورة من قبل الصحابة، ولا يخلو تحريره من تكلف حيث يظهر أنه يلزم نفسه بالوصول لمناسبة وإن لم تكن واضحة.

ومما استطعت تلمسه من الأصول أو القواعد التي ذكرها:


1. أن كل سورة شارحة لما أجمل في السورة التي قبلها، وقد يتعدى هذا الشرح والتفصيل المذكور لعدد من السور تلي السورة التي أجمل فيها القول، وقد أكثر الأمثلة في هذه القاعدة ومن ذلك:
- أن سورة الفاتحة شملت جميع مقاصد القرآن وجميع القرآن تفصيل لما أجملته الفاتحة.
- جاء في سورة الأنعام بيان الأمور التالية إجمالا: 1/ ذكر الخلق في قوله: {هو الّذي خلقكم من طينٍ}، 2/ القرون في قوله: {كم أهلكنا من قبلهم من قرنٍ}، 3/ المرسلين: عددهم فقط، ثم أنه شرح هذه الأمور وفصلها في سورة الأعراف
- جاء في سورة هود قوله: {فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب}، وقوله: {رحمت اللّه وبركاته عليكم أهل البيت} ثم ذكر في يوسف حال يعقوب مع أولاده، وحال ولده الذي هو من أهل البيت مع إخوته، فكان كالشرح لإجمال ذلك.
- أن سورة القصص شارحة لما أجمل في السورتين قبلها الشعراء والنمل على الترتيب
- سورة النجم بعد الطور كالأعراف بعد الأنعام وكالشعراء بعد الفرقان وكالصافات بعد يس
في تفصيل لأحوال الأمم المشار إلى إهلاكهم في السورة الأسبق

2. أن المناسبة بين بعض السور تكون أن السورة مكملة لما قبلها في المعنى مثاله:

- العلاقة بين البقرة وآل عمران ومما ذكره من علاقة مكملة أن البقرة تحدثت عن اليهود وآل عمران تحدثت عن النصارى وذكر في البقرة قصة آدم عليه السلام وفي آل عمران قصة عيسى مع الإشارة إلى أن مثل عيسى كمثل آدم.
- قوله في يوسف: {ويتمّ نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمّها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق} مقترن بقوله في هود: {رحمت اللّه وبركاته عليكم أهل البيت}.
- ص بعد الصافات وطس بعد الشعراء، وطه والأنبياء بعد مريم، ويوسف بعد هود، متممة بذكر من بقي من الأنبياء، ممن لم يذكروا في الأولى.
- أو يكون معنى الثانية مترتبا على معنى الأولى مثل ما تلت سورة الفتح سورة القال لأن الفتح بمعنى النصر، مرتّب على القتال
- ذكرت ذرية المؤمنين في الطور وذكر بأنهم يلحقون بآبائهم الصالحين دون أن ينقص من عمل الآباء، وذكر ذرية اليهود في النجم بخلاف ذلك حيث قال: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}
- ذكر في سورة ذكر في سورة الحشر المعاهدين من أهل الكتاب وفي سورة الممتحنة المعاهدين من المشركين وفي الصف اليهود والنصارى ثم ذكر في سورة الجمعة المؤمنين ثم ذكر المنافقين في سورة ثم ذكر المشركين في سورة التغابن فمر على أصناف الأمم.
- أن جواب الأسئلة الثلاثة التي أمر اليهود المشركين أن يسألوا عنه النبي محمد صلى الله عليه وسلم جاء الأول في الإسراء والثاني والثالث في الكهف.

3. أن السورة التالية إذا كانت مكملة لما قبلها ختمت بما يشبه الأولى وإذا كانت مستقلة ختمت بما يشبه فاتحتها مثاله:

- افتتاح البقرة بذكر المتقين وفلاحهم واختتام آل عمران بقوله: {واتقوا الله لعلكم تفلحون}
- افتتحت النساء ببدء الخلق، وختمت المائدة بالمنتهى من البعث والجزاء، فكأنهما سورة واحدة، اشتملت على الأحكام من المبتدأ إلى المنتهى.

4. أن التشابه أحيانا يقع في أواخر السورتين المتتالتين وربما بدايتهما مثال ذلك:
- أواخر الفاتحة والبقرة فقد ختمتا بدعاء للمؤمنين بألا يسلك بهم سبل الضلال
- نوع من العلاقة بين فاتحة وخاتمة القصص والعنكبوت.

5. أن السور أحيانا تفتتح بما ختمت به ما قبلها وهو نوع من أنواع البديع يسمى تشابه الأطراف
- ختمت الإسراء بالحمد وافتتحت الكهف بالحمد
- ختمت ص بقوله تعالى: {إن هو إلا ذكر للعالمين}، وافتتحت الزمر بقوله: {تنزيل الكتاب من الله}.
- ختمت الواقعة بالأمر بالتسبيح وافتتحت الحديد بالتسبيح.
- ختمت العنكبوت بذكر الجهاد وافتتحت الروم بالوعد بالنصر.
- ختمت الطور بقوله {وإدبار النجوم}، وافتتحت النجم بقوله: {وإدبار النّجوم}

6. أنه ذكر أن من الأصول التي تراعى أحيانا في الترتيب طول السورة مثال ذلك:

- تقديم سورة البقرة لطولها
- تتالي سبأ وفاطر لتشابه الافتتاح بالحمد مع التماثل في الطول

7. أن من المناسبات المعتبرة أولوية السورة في النزول وهذه المناسبة تكون أحيانا بين المكي والمدني كل على حده مثال ذلك:

- تقديم سورة البقرة لأنها من أول ما نزل بالمدينة
- ما روي أن يونس نزلت ثم هود ثم يوسف وهذا هو ترتيبها في المصحف.
- ترتيب: بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء وذلك للأقدمية في النزول بحسب حديث ابن مسعود

8. يعتبر أحيانا تشابه المواضيع والمكي والمدني مناسبة لتتالي السور مثاله:
- يونس والسور الخمس بعدها.
- بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء كونها كلها مكية وكلها محتوية على قصص
- تشابه إعجاز القصص في سورة مريم بإعجازها في سورة الكهف
- تشابه الذاريات والطور في المقطع والمطلع.

9. يراعي تشابه الأسماء ويعتبرها مناسبة
- مناسبة سورة القمر لسورة النجم في التسمية.
- تناسب أسماء الشمس والليل والضحى.

10. أن من المناسبات التي تراعى غالبا تشابه الفواتح مثل:
- تتالي السور المبدوءة ب {الم} أو{الر} والحواميم والمسبحات، وإذا عرضت سورة اختلفت بدايتها بين سور متشابهة يذكر لذلك علة مرتبطة بالمعنى.
- أن سورة الكهف المبدوءة بالحمد تلت سورة الإسراء المبدوءة بالتسبيح وهما مقترنان في القرآن وفي سائر الكلام.
- افتتاح الطلاق والتحريم بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم.
- افتتاح العنكبوت والروم ب {الم} غير معقب بذكر القرآن كما هو المعتاد
- افتتاح سبأ وفاطر بالحمد.

11. أن من المناسبات المعتبرة لتتالي السور الاتحاد في التسمية مثل:
- الزهراوين، المعوذتين.

12. أن الترتيب يأتي بحسب أهمية الموضوع لا بحسب الترتيب الزمني مثاله:
تقديم سورة البقرة التي ذكرت فيها العبادات على الأنعام التي ذكر فيه بدء الخلق إشارة إلى أن المقصود من الخلق هو العبادة

13. أن كل ربع من القرآن افتتح بسورة أولها الحمد فأول القرآن سورة الفاتحة، والأنعام للربع الثاني، والكهف للربع الثالث، وسبأ وفاطر للربع الرا
بع.

14. يلاحظ تشابها يثنى بين الطوال والمئين والمفصل وتكرارا يحصل في الأرباع مثاله:
- تشابه الفرقان والشعراء واتصالهما بسورة النور بالأنعام والأعراف واتصالهما بالمائدة .
- تشابه ترتيب الحواميم بترتيب ذوات الر
- أنه في كل ربع من أرباع القرآن توالت سبع سور مفتتحة بالحروف المقطعة.

15. يذكر أحيانا مناسبات لسور سابقة وإن لم تكن مباشرة
- مثاله: علاقة سورة الفتح بسورة الأحقاف حيث جاء في الأحقاف قوله تعالى: {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} وبين في الفتح ما يفعل بهم سبحانه بعد إبهامه في الأحقاف

16. يذكر أن بعض الأقسام في بداية السورة تكون على ما ذكر في التي قبلها مثاله:
- الأقسام في بداية الذاريات على ما ذكر في آخر ق من ذكر البعث واشتمالها على ذكر الجزاء، والجنة، والنار، وغير ذلك من أحوال القيامة.
- افتتاح المرسلات بالقسم، بعد ذكر الوعد والوعيد والجزاء في سورة الإنسان

17. أحيانا يضع تشابه بعض مقاطع السور سببا لتتاليها ومناسبة لذلك مع أن هذا متكرر في المتتاليات وغيرها لكنه ربما وضح الأمر بتشابه الألفاظ مثل:
- استخدام كلمة مجرمين في سورة القمر والرحمن ولم يستخدم كافرين أو غيره.

18. يذكر أن تناسب المعاني مبرر للفصل بين السور المتناسبة في المطالع كما هو الحال في الفصل بين الحديد والحشر بالمجادلة وبين الحشر والصف بالممتحنة.

19. أحيانا يكون التناسب نوع من البديع والبيان مثاله:
- الواقعة والرحمن كرد العجز على الصدر في مخالفة ترتيب المواضيع

20. ضمّن تتالي الأحداث التاريخية في المناسبات مثاله:
- آخر المجادلة التي ذكرت ما حصل في غزوة بدر وأول الحشر التي تحدثت عن غزوة بني النضير.


هذا ما ظهر لي من أصول تلمستها في ثنايا الكتاب، رحم الله الكاتب وغفر له، وجزى من دلنا على كتابه خيرا، الكتاب حقيقة يلفت النظر لتناسق المعاني في كتاب الله وتكاملها وترتيبها بشكل بديع يعجز عنه فطاحلة الأدباء حتى وإن ظهر في بعض ثناياه شيء من التكلف أو اضطراب في القواعد.
نقد الأمثلة التي ذكرها الكاتب وتحريرها وأثر ذلك على الأصل الذي اعتمد عليه يتطلب بذل الجهد والوقت في النظر في الآيات ومعانيها مما لا يتيسر لي في هذا الواجب لكن مما لفت نظري ووجدت أنه محل نظر: قوله أن خاتمة السورة تكون شبيهة بفاتحتها إلا إذا كانت مكملة لما قبلها فتكون خاتمتها شبيهة بفاتحة التي قبلها ولم يظهر لي أن هذا منضبط في ما ذكره من سور مكملة لبعضها على سبيل المثال الإسراء والكهف، وربما ينضبط أحيانا كما ذكر في الأمثلة أعلاه ومثل قوله أن المعارج تتمة للحاقة وقد بدأت الحاقة بذكر هلاك الأمم وانتهت المعارج بقدرته سبحانه أن يبدلهم بخير منهم ، أيضا يذكر بعض المناسبات التي وإن صحت فهي مما يثنى في القرآن كثيرا مثل ربطه بين قول المؤمنين في أواخر الروم {وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث فهذا يوم البعث}وبين قوله {وبالآخرة هم يوقنون} في بداية لقمان، وقوله إن السجدة شرحت مفاتح الغيب التي ذكرت في لقمان، وكذلك قوله أن ذكر الموت والحياة في أول تبارك مرتبط بذكر امرأتي نوح ولوط الكافرتين وامرأت فرعون المؤمنة والله أعلم

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 صفر 1443هـ/29-09-2021م, 03:17 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا والصلاة والسلام على نبيه المصطفى .
أما بعد :
فقد ألف الإمام السيوطي رحمه الله هذا الكتاب واجتهد فيه وأبدع ، وكان دائما ينسب الفضل في ذلك إلى الله سبحانه وتعالى فهو الذي فهمه وفتح عليه بهذا الأمر ، وقد اعتمد رحمه الله أصولا لهذا التناسب ذكرها بين طيات كتابه ومثل لها كثيرا ،ومع أن كتابه ماتع ويدعو إلى التدبر واليقين بأن هذا الكتاب هو من عند الله ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) إلا أن السيوطي رحمه الله بالغ في إيجاد المناسبة في بعض الأحيان ،فكان لا يترك سورة إلا ووجد لها أصلا في التناسب حتى وإن كان في ذلك تكلف وتعنت وسبب ذلك هو أنه يرجح أن ترتيب السور توقيفي ؛ أسأل الله تعالى أن يتقبل منه وينفع بكتابه الإسلام والمسلمين .
تلخيص الأصول التي اعتمد عليها الإمام السيوطي في كتابه (تناسب الدرر).
-الأصل الأول : أن كل سورة تفصيل لإجمال ماقبلها وشرح له ، وقد أشبع من هذه القاعدة .
مثال ذلك :
-أن أول البقرة افتتح بوصف الكتاب بأنه لا ريب فيه. وقال في آل عمران: {نزّل عليك الكتاب بالحقّ مصدّقًا لما بين يديه} "13"، وذلك بسط وإطناب؛ لنفي الريب عنه.
المثال الثاني :
ذكر السيوطي رحمه الله أن وجه اتصال سورة المؤمنون بسورة الحج: أنه لما ختم الحج بقوله: {وافعلوا الخير لعلّكم تفلحون} "الحج: 77"، وكان ذلك مجملًا، فصّله في فاتحة سورة المؤمنون، فذكر خصال الخير التي من فعلها فقد أفلح، فقال: {قد أفلح المؤمنون، الّذين هم في صلاتهم خاشعون} "1، 2" الآيات.
ولما ذكر [في] أول الحج قوله: {يا أيّها النّاس إن كنتم في ريبٍ من البعث فإنّا خلقناكم من ترابٍ ثمّ من نطفةٍ} "الحج: 5" الآية. زاده هنا بيانًا [وإطنابًا] في قوله: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ، ثمّ جعلناه نطفةً في قرارٍ مكينٍ} "12، 13" الآيتان. فكل جملة أوجزت هناك في القصة أطنب فيها هنا).
التعليق :
أوافق الإمام السيوطي رحمه الله في تأصيل هذه القاعدة فقد أبدع فيها لكن هذه القاعدة لا تنطبق على كثير من سورالقرآن الكريم وهذا يظهر في أمثلة كثيرة.
وأيضا ظهر لي أن هذا الربط الذي ذكره رحمه الله في ربط سورة التحريم بسورة تبارك فيه تعنت والله أعلم.
قال رحمه الله : ظهر لي بعد الجهد: أنه لما ذكر آخر التحريم امرأتي نوح ولوط الكافرتين، وامرأة فرعون المؤمنة، افتتحت هذه السورة بقوله: {الّذي خلق الموت والحياة} "2" مرادًا بهما الكفر والإيمان في أحد الأقوال؛ للإشارة إلى أن الجميع بخلقه وقدرته؛ ولهذا كفرت امرأتا نوح ولوط، ولم ينفعهما اتصالهما بهذين النبيين الكريمين، وآمنت امرأة فرعون، ولم يضرها اتصالها بهذا الجبار العنيد، لما سبق في كل من القضاء والقدر.
الأصل الثاني : مناسبة ختام السورة لفاتحة ما بعدها ( تشابه الأطراف )
مثال ذلك :
منها: أن آل عمران ختمت بالأمر بالتقوى، وافتتحت النساء بها ،وذلك من آكد وجوه المناسبات في ترتيب السور، وهو نوع من [أنواع] البديع يسمى: تشابه الأطراف 0
التعليق :
أبدع رحمه الله في شرح هذا الأصل وبيانه .

الأصل الثالث : مناسبة فاتحة السورة لخاتمة ما بعدها
مثال ذلك :
وقد ختمت المائدة بصفة القدرة، كما افتتحت النساء بذلك.
وافتتحت النساء ببدء الخلق، وختمت المائدة بالمنتهى من البعث والجزاء، فكأنهما سورة واحدة، اشتملت على الأحكام من المبتدأ إلى المنتهى.
التعليق :
لكن هذا الأصل لا ينطبق على جميع سور القرآن ،وهذا واضح بين .
الأصل الرابع : تآخي مطلع السورتين
مثال ذلك :
قال رحمه الله : أكثر ما ظهر [لي] في وجه اتصالها بما قبلها بعد طول الفكر: أنه سبحانه لما قال في "سأل": {إنّا لقادرون، على أن نبدّل خيرًا منهم}"المعارج: 40، 41" عقبه بقصة قوم نوح، المشتملة على إغراقهم عن آخرهم؛ بحيث لم يبق منهم ديار وبدل خيرًا منهم [فوقعت موقع الاستدلال والاستظهار لتلك الدعوى، كما وقعت قصة أصحاب الجنة في سورة "ن" موقع الاستدلال والاستظهار] لما ختم به تبارك.
هذا مع تآخي مطلع السورتين في ذكر العذاب الموعد به الكافرين.
الأصل الخامس : تناسب الجمل
مثال ذلك :
قال رحمه الله عن سورة المرسلات :وجه اتصالها بما قبلها: تناسبها معها في الجمل؛ ففي المرسلات: {ألم نهلك الأوّلين، ثمّ نتبعهم الآخرين} "المرسلات: 16، 17"، {ألم نخلقكم من ماءٍ مهينٍ} "المرسلات: 20"، {ألم نجعل الأرض كفاتًا} "المرسلات: 25" إلى آخره، وفي عم: {ألم نجعل الأرض مهادًا} "6" إلى آخره، فذلك نظير تناسب جمل: ألم نشرح، والضحى، بقوله في الضحى: {ألم يجدك يتيمًا فآوى} "الضحى: 6" إلى آخره، وقوله: {ألم نشرح لك صدرك} "الشرح: 1" مع اشتراك هده السورة والأربع قبلها في الاشتمال على وصف الجنة والنار، ما عدا المدثر في الاشتمال على وصف يوم القيامة وأهواله، وعلى ذكر بدء الخلق، وإقامة الدليل على البعث.
وأيضًا في سورة المرسلات: {لأيّ يومٍ أجّلت، ليوم الفصل، وما أدراك ما يوم الفصل} "المرسلات: 12-14"، وفي هذه السورة: {إنّ يوم الفصل كان ميقاتًا، يوم ينفخ في الصّور فتأتون أفواجًا} "17، 18" إلى آخره، فكأن هذه السورة شرح يوم الفصل المجمل ذكره في السورة التي قبلها.
الأصل السادس : توالي السور المتحدة في الإسم
مثال ذلك :
الزهراوين ( البقرة وآل عمران ) والمعوذتين ( الفلق والناس ).
الأصل السابع :مناسبة تشابه فواتح السور
مثال ذلك :
الحواميم ، المسبحات ، وغير ذلك .
وذكر أيضا في كتابه مناسبات أخرى لكنها قليلة ولا تبلغ أن تكون أصلا وقاعدة ،هذا ماتيسر والله أعلم بالصواب .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ربيع الأول 1443هـ/23-10-2021م, 10:04 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تصحيح مجلس مذاكرة القسم الثاني من كتاب تناسق الدرر في تناسب السور للسيوطي




أحسنتم، بارك الله فيكم ونفع بكم.



تعليق عام:

مما ينتقد فيه السيوطي، إقرار قواعد كلية لالتماس التناسب بين السور، ثم التكلف في تطبيقها على بعض المواضع
ولم يصح الإطلاق بداية
مثلا: قوله:

اقتباس:
أن القاعدة التي استقرأتها القرآن: أن كل سورة تفصيل لإجمال ما قبلها، وشرح له، وإطناب لإيجازه، وقد استمر معي ذلك في غالب سور القرآن

وكذلك لم يصح حديث أو أثر في ترتيب نزول سور القرآن، ليُتخذ دليلا على ترتيب سور القرآن في المصحف، ويمكن الاستفادة من هذا الموضوع:

https://jamharah.net/showthread.php?t=21926


نورة الأمير: أ

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بك.
** اشتملت إجابتكِ على تفصيل دقيق لما ورد من أصول في كتاب السيوطي وتعليق حسن، لكن يؤخذ عليكِ تكرار بعض العناوين التي يمكن جمعها تحت أصل واحد، مثلا يمكن وضع عنوان (الاتحاد والتلازم بين السورتين)، وتحته مما ذكرتِ:
-تعليل السورة أو الآية للسورة أو الآية التي في السورة قبلها:
-تذكير بتحقق وعد ذكر في السورة السابقة:
-الاستدلال والاستظهار على دعوى ذكرت في السورة السابقة في اللاحقة:
** تنسيق الإجابة يبرز مجهودكِ فيها، ويبين العناوين الفرعية من الرئيسة، فييسر على القارئ، بارك الله فيكِ وفي جهدكِ.



ضحى الحقيل: أ

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- أرجو قراءة التعليق العام.
- أحسنتِ اختصار الأمثلة بعبارات وجيزة بدلا من نسخ كلام المصنف.
- من الأصول العامة التي اعتمدها السيوطي وجود اتحاد وتلازم بين السورتين وتحته يندرج عدة أمثلة، وشرح هذا الأصل في كلامه على سورة آل عمران.



فاطمة الزهراء: ب+

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- أثني على تعليقاتك على ما استخرجتِ من أصول، وأرجو الاستفادة من إجابات الأخوات، لتكميل ما ينقصكِ.

- الأصل الأول: المناسبة التي ذكرها السيوطي - رحمه الله - بين سورة الملك والتحريم، ليست من باب تفصيل إجمال ذُكر قبلها، وإنما من باب المناسبة بين خاتمة سورة وفاتحة السورة التي بعدها.
والقول بتفسير الموت والحياة بالكفر والإيمان، قول معتبر، لعموم معنى الموت والحياة فيشمل الأبدان والقلوب، لكن الأولى في باب المناسبات النظر إلى المعنى الكلي للآية الذي يشمل جميع الأقوال الصحيحة.

- الاصل الرابع: هذه العبارة من كلام السيوطي هي موضع الشاهد، وليس ما نقلتِ قبلها.
اقتباس:
هذا مع تآخي مطلع السورتين في ذكر العذاب الموعد به الكافرين.

نفع الله بي وبكم

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ربيع الثاني 1443هـ/19-11-2021م, 09:02 PM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثاني من كتاب تناسق الدرر في تناسب السور للسيوطي
لخِّص الأصول التي اعتمد عليها السيوطي في بيان تناسب السور، مع نقدها وتوضيح إجابتك بالأمثلة.
(يرجى مراعاة أصول النقد العلمي عند الإجابة).


بسم الله الرحمن الرحيم

نبدأ بذكر بعض الأصول التي اعتمد عليها السيوطي رحمه الله تعالى في بيان تناسب السور:

أولا: اعتمد بداية على ما ترجح عنده بأن ترتيب السور في القرآن توقيفي, وهذه هي القاعدة الأساسية التي بنى عليها ما ذكره من مناسبات.
وقد بين هذا في مقدمته فقال: (ترتيب كل السور توقيفي، سوى الأنفال وبراءة) , وقد استدل على إفادة الترتيب بقطع النظير عن نظيره, وهو من أساليب العرب التي تفيد إرادة الترتيب, فاعتبر مثلا بأن الفصل بين الانفطار والانشقاق بالمطففين، وهما نظيرتان في المطلع والمقصد، وهما أطول منها، دليل على أن ترتيب السور توقيفي, ولولا ذلك لأخرت "المطففين" أو قدمت.

ثانيا: اعتمد على تأمل الآيات والسور, والتفكر فيما فيها من معاني وأسرار, والنظر في العلوم المودعة في القرآن, وكرر هذا وأعاده بما لديه من فكر ونظر وذكاء ومهارات في العلوم المختلفة, وقدرة على الاستنباط؛ حتى خرج علينا بهذا الكتاب.

ثالثا: النظر في أسباب النزول؛ وقد ذكر في مقدمته بأنه نظر في (مواقع نزوله), واستفاد منه عدة أمور منها:
• زيادة فهم معاني الآيات وما يتعلق بها من أحكام وأخبار.
• معرفة تعلق الآيات بآيات أخرى فسرت مجملها أو شرحت مفردة فيها أو غيره.
• معرفة المكي من المدني, وهذه من المباحث التي برزت لديه.

رابعا: اعتمد رحمه الله على على بيان مناسبات ترتيب السور، وحكمة وضع كل سورة منها على مقاصد السور؛
فمثلا بالنسبة لسورة الفاتحة:
ذكر بأن القرآن افتتح بها لأنها جمعت مقاصده فصارت كالعنوان وبراعة الاستهلال.
وبالنسبة لسورة البقرة؛ فبعد بيان مقاصد القرآن بشكل إجمالي في سورة الفاتحة؛ تلتها سورة البقرة وبينت قواعد الدين، ثم جاءت آل عمران مكملة للمقصود.
فالبقرة فيها إقامة الدليل على الحكم، وآل عمران فيها الجواب عن شبهات الخصوم.
اطراد مثل هذا الأصل على جميع سور القرآن متعذر, فترتيب السور اجتهد فيه الصحابة رضي الله عنهم ، وهذا الاجتهاد لم يستند إلى مجرد الرأي أو الاستحسان العقلي، بل استند إلى علم تعلموه من النبي صلى الله عليه وسلم, فهم أعلم الناس بالوحي, فكان اجتهادهم قائماً على أصول صحيحة وأدلّة تفصيلية علموها.
لذا لا يلزم أن ترتيب السور في المصحف جاء معتمدا فقط على مسألة المحتوى أو مكان النزول.

خامسا: من الأصول التي اعتمد عليها الاستدلال بالسنة كحديث سعيد بن خالد أنه -صلى الله عليه وسلم- "صلّى بالسبع الطوال في ركعة، وأنه كان يجمع المفصل في ركعة" "أخرجه ابن أبي شيبة". وأنه -صلى الله عليه وسلم- "كان إذا أوى إلى فراشه قرأ قل هو الله أحد، والمعوذتين" "أخرجه البخاري.
كما ذكر عن سورة المطففين وعلاقتها مع السور الثلاث التي قبلها, فذكر بأن السور الأربع كانت جاءت في صفة حال يوم القيامة، وقد ذكرت على ترتيب ما يقع فيه.
فغالب ما وقع في التكوير، وجميع ما وقع في الانفطار، يقع في صدر يوم القيامة، ثم بعد ذلك يكون الموقف الطويل، ومقاساة العرق والأهوال، فذكره في المطففين:{يوم يقوم النّاس لربّ العالمين},وقد ورد في الحديث:(يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه).
ثم بعد ذلك تحصل الشفاعة العظمى، فتنشر الكتب، فأخذٌ باليمين، وأخذٌ بالشمال، وأخذ من وراء الظهر، ثم بعد ذلك يقع الحساب, وقد وردت الأحاديث بهذا الترتيب، فناسب تأخير سورة الانشقاق التي فيها إتيان الكتب والحساب، عن السورة التي قبلها، والتي فيها ذكر الموقف عن التي فيها مبادئ يوم القيامة.

سادسا: الاستدلال بأقوال الصحابة رضوان الله عليهم, كما استدل بقول ابن مسعود -رضي الله عنه- في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: "إنهن من العتاق الأول، وهنّ من تلادي".

سابعا: اعتمد أحيانا على أقوال بعض المفسرين, وأكثر من نقل عنه هو الرازي, كما نقل قوله في أوجه تناسب المطففين مع الانشقاق, فقال: (ثم رأيت الإمام فخر الدين قال في سورة المطففين أيضًا: اتصال أولها بآخر ما قبلها ظاهر...) إلى آخر كلامه.

ثامنا: اعتمد على إيجاد روابط ومناسبات بين السورة والتي تليها, وبين السورة والسورة السابقة لها, مما سماه (الاتحاد والتلازم بين السورتين), وجعلها كقواعد وأصول اعتمدها وسار عليها في جميع السور, فمن هذه الروابط:
• بيان مناسبة وضع السورة عقب السورة السابقة لها, كما ذكر في بيان المناسبة لمجيء سورة مريم بعد سورة الكهف, فلأن سورة الكهف اشتملت على عدة أعاجيب: وسورة مريم فيها أعجوبتان فناسب تتاليهما.
• تشابه الأطراف, فهناك مناسبة بين آخر السورة مع مطلع السورة التي تليها, كما ذكر عن سورة الحج ومناسبتها مع سورة الأنبياء؛ بأن الأنبياء ختمت بوصف الساعة، وافتتحت سورة الحج بالكلام عن الساعة وأهوالها.
• كل سورة شارحة لما أجمل في السورة التي قبلها, فذكر مثلا أن وجه اتصال الشعراء بالفرقان؛ أنه قد ذكر في الفرقان قصص مجملة , فجاء شرح وتفصيل هذه القصص في الشعراء، ورتبت على ترتيب ذكرها في القرقان.
• البسط والإطناب؛ فيبسط ما أوجز في سورة في السورة التي تليها, كما ذكر في المناسبة بين سورتي ص والزمر, فقد ذكر الله تعالى في آخر "ص" قصة خلق آدم، وذكر في صدر الزمر قصة خلق زوجه منه، وخلق الناس كلهم منه، وذكر خلقهم في بطون أمهاتهم، ثم ذكر موتهم، ثم ذكر وفاة النوم والموت، ثم ذكر القيامة، والحساب، والجزاء، والنار، والجنة، ففصل المجمل من خلق آدم من المبدأ إلى المعاد في الزمر .
• السورة تتمة لما قبلها, فإكمال ما ورد في سورة يأتي في السورة التي تليها, فقد وصف سورة النمل بأنها: وجه اتصالها بما قبلها: أنها كالتتمة للشعراء فيما يتعلق بذكر بقية القرون؛ فزاد فيها ذكر سليمان وداود.
• الاشتراك في المطلع: كما ذكر في اشتراك العنكبوت مع الروم في الابتداء بقوله تعالى:{الم}.
• الاشتراك بين السورة والتي تليها ببعض المواضيع والجمل؛ ؛ كما بين سورة الضحى وسورة الشرح.
• الاشتراك في الحروف المقطعة؛ كما في الحواميم، وذوات {الر}.
• اعتبار الوزن في اللفظة؛ كآخر سورة المسد وأول سورة الإخلاص.
• اعتبار طول السورة؛ فمثلا سورة البقرة أطول سورة في القرآن، والقرآن قد افتتح بالسبع الطوال، فناسب البداءة بأطولها.
• اعتبار الأولية في النزول؛ فمثلا سورة البقرة أول ما نزل بالمدينة، فناسب الابتداء بها.
• الاشتراك بالاسم: كما ذكر عن سورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة الناس، لأن الثلاثة سميت في الحديث بالمعوذات وبالقواقل.
• الاشتراك في المكي والمدني؛ فقد ذهب إلى أن ترتيب الأنفال وبراءة اجتهاد من عثمان رضي الله عنه, لأن المناسب اتباع الأعراف بيونس وهود؛ لأنها مكية النزول.

التعليق على ما سبق:
جاءت الكثير من جمل هذا الكتاب في بيان المناسبات بين السور لتحث المسلم على النظر في كتاب الله سبحانه, ثم النظر, ثم التأمل والتفكر في كلام الخالق سبحانه, فكلما فعل العبد ذلك؛ كلما فتحت له أبواب من الهدايات والبينات والبصائر.
لذا قال السيوطي في معترك الأقران: علم المناسبة علم شريف قل اعتناء المفسرين به لدقته.
فكانت هناك بعض القواعد المعتبرة: كالاعتماد على السنة وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم, واعتبار الوزن في اللفظة, وطول السورة-مع كونه غير مطرد- وغيرها من القواعد.
ومع أهمية الكتاب, وجلالة موضوعه؛ إلا أن مبحث المناسبات قد يدفع صاحبه دفعا إلى التكلف والتعسف في سياق بحثه عن المناسبة بين آيتين, أو المناسبة بين سورتين, وذلك لأن القرآن كلام الله سبحانه, ولا يمكن لبشر أن يحيط بما جاء فيه من علوم, ولا يمكن لبشر أن يطلع على جميع ما جاء فيه من مناسبات أو معان.

لذا حذر بعض العلماء من التسرع في تحديد المناسبات, وحذروا كذلك من التكلف؛
فقال العز بن عبدالسلام: (المناسبة علم حسن، لكن يشترط في حسن ارتباط الكلام أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بآخره).

وقال الشوكاني رحمه الله حيث في فتح القدير عند تفسيره للآية رقم 42 من سورة البقرة: (اعلم أن كثيراً من المفسرين جاءوا بعلم متكلف، وخاضوا في بحر لم يكلفوا سباحته، واستغرقوا أوقاتهم في فن لا يعود عليهم بفائدة، بل أوقعوا أنفسهم في التكلم بمحض الرأي المنهي عنه في الأمور المتعلقة بكتاب الله سبحانه، وذلك أنهم أرادوا أن يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب الموجود في المصاحف فجاءوا بتكلفات وتعسفات يتبرأ منها الإنصاف، ويتنزه عنها كلام البلغاء فضلاً عن كلام الرب سبحانه...).

لذا سنذكر بعض المآخذ على بعض ما جاء في كلام السيوطي عن المناسبات بين السور, مع التمثيل والشرح لما سأذكره إن شاء الله.

بداية: فيما يختص بترتيب سور القرآن الكريم:
اجتهد الصحابة رضي الله عنهم في ترتيب سور القرآن في المصحف، وهذا الاجتهاد لم يستند إلى مجرد الرأي أو الاستحسان العقلين، بل استند إلى علم تعلموه من النبي صلى الله عليه وسلم, فهم أعلم الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم, وأعلم الناس بالوحي, فكان اجتهادهم قائماً على أصول صحيحة وأدلّة تفصيلية علموها، لذلك حصل الإجماع على ما قاموا به من عهد الصحابة إلى من تتابع بعدهم, والأمّة لا تجتمع على ضلالة, فدخل في ترتيب السور اجتهاد الصحابة مع ما أخذوه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ترتيب بعض السور.

- كذلك القول في استدلاله على إفادة الترتيب بقطع النظير عن نظيره, وهو من أساليب العرب التي تفيد إرادة الترتيب, فاعتبر مثلا بأن الفصل بين الانفطار والانشقاق بالمطففين، وهما نظيرتان في المطلع والمقصد، دليل على أن ترتيب السور توقيفي, ولولا ذلك لأخرت "المطففين" أو قدمت.
وهذا يناقض قوله السابق في استثناء الأنفال وبراءة من الترتيب التوقيفي, فلقد اعتبر بأن في فصل التوبة عن الأعراف بسورتين هما الأنفال وبراءة؛ فصل للنظير عن سائر نظائره, مع أن الأصل أن لا يُفرّق بين المتشابهات, ولا يُمع بين المختلفات.

- ومما يؤخذ عليه أيضا رحمه الله تعالى؛ اعتماده على حديث ابن عباس رضي الله عنهما في جعل ترتيب سورتي الأنفال وبراءة من اجتهاد عثمان رشي الله عنه المحض, والحديث لا يصح, فيزيد الفارسي لم تثبت عدالته، وقد ذكره البخاري في الضعفاء، أضف إلى ذلك نكارة المتن ولا متابع له عليه.
ومثل هذه العلل كافية في ردّ رواية يزيد الفارسي، وعدم الاعتداد بها.

- ومن أصوله التي ذكرناها: اعتماده على تناسب آخر السورة مع مطلع السورة التي تليها:
ومثل هذا أوقعه في التكرار, وأوقعه في الاعتماد على الربط بين السورتين على أمور يكثر دورانها في الكثير من السور, كونها من الأصول التي جاء القرآن لتقريرها.
فمثلا عند الكلام عن تناسب بين آخر ص وأول الزمر قال: (أقول: لا يخفى وجه اتصال أولها بآخر "ص"؛ حيث قال في "ص:{إن هو إلّا ذكرٌ للعالمين}، ثم قال هنا:{تنزيل الكتاب من اللّه}, فكأنه قيل: هذا الذكر تنزيل، وهذا تلاؤم شديد؛ بحيث إنه لو أسقطت البسملة لالتأمت الآيتان كالآية الواحدة) .
لكننا نجد بأن سورة غافر التي تلي الزمر بُدأت بقوله تعالى:{ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}, وكذلك سورة فصلت التي تليها بدأت بقوله تعالى:{ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ}؛ فلا يُعد ما ذكره رحمه الله تعالى من المناسبات الواضحة كما قال, بل هو من الأمور التي كثُر ذكرها في القرآن الكريم, ودارت عليه مواضيعه.

- ويظهر التكلف جليا للقارئ في مواضع من كتابه, في محاولاته رحمه الله تعالى الربط بين السور لتناسب مواضيع السورتين, فمثلا في الكلام عن المناسبة بين سورة الجمعة وسورة الصف قال:
(ظهر لي في وجه اتصالها بما قبلها: أنه تعالى لما ذكر في سورة الصف حال موسى مع قومه، وأذاهم له، ناعيًا عليهم ذلك، وذكر في هذه السورة حال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفضل أمته؛ تشريفًا لهم؛ ليظهر فضل ما بين الأمتين؛ ولذا لم يعرض فيها لذكر اليهود) .
مع أن الله سبحانه قد ذكر اليهود في سورة الجمعة بقوله:{مثل الذين حملوا التوراة...}.

- ويظهر التكلف كذلك في محاولة تفسيره لبعض الآيات بمعاني لم يدل عليها ظاهر الآية, فمثلا في محاولته الربط بين مواضيع ومعاني سورة المنافقون والتغابن قال رحمه الله تعالى:
(لما وقع في آخر سورة المنافقون:{وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت} ، عقب بسورة التغابن؛ لأنه قيل في معناه: إن الإنسان يأتي يوم القيامة، وقد جمع مالًا، ولم يعمل فيه خيرًا، فأخذه وارثه بسهولة، من غير مشقة في جمعه، فأنفقه في وجوه الخير، فالجامع محاسب معذّب مع تعبه في جمعه، والوارث منعّم مثاب، مع سهولة وصوله إليه، وذلك هو التغابن).

وهذا ربط معقد تكلف فيه رحمه الله تعالى إيجاد الصلة بين السورتين بذكر تفاصيل لا يدل عليها ظاهر الآية, والأصل حمل اللفظ على ظاهره المراد دون تكلف, والأصل ظهور المناسبة أيضا دون تعقيد في الربط.

- ومثله ربطه بين ختام سورة إبراهيم ومطلع سورة الحجر حيث قال:
ثم ظهر لي وجه اتصال أول هذه السورة بآخر سورة إبراهيم؛ فإنه تعالى لما قال هناك في وصف يوم القيامة:{وبرزوا للّه الواحد القهّار، وترى المجرمين يومئذٍ مقرّنين في الأصفاد، سرابيلهم من قطرانٍ وتغشى وجوههم النّار}, قال في الحجر:{ربما يودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}, فأخبر أن المجرمين المذكورين إذا طال مكثهم في النار، ورأوا عصاة المؤمنين الموحدين قد أخرجوا منها تمنوا أن لو كانوا في الدنيا مسلمين، وذلك وجه حسن في الربط، مع اختتام آخر تلك بوصف الكتاب، وافتتاح هذه به، وذلك من تشابه الأطراف).

فقد يقال الأمر نفسه في الربط بين آخر سورة إبراهيم وأول سورة النحل حيث قال تعالى:{ أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ} وهو يحمل تهديدا ووعيدا للعذاب الذي ذكر في آخر سورة إبراهيم.

- كان مما اعتمد عليه في بيان مراعاة التناسب بالأسماء والفواتح وترتيب النزول، لذا جاء عند سور: الشمس والليل والضحى وقال:
(ولما كانت سورة الضحى نازلة في شأنه -صلى الله عليه وسلم- افتتحت بالضحى، الذي هو نور، ولما كانت سورة الليل نازلة في بخيل في قصة طويلة، افتتحت بالليل الذي هو ظلمة.
وقال: سورة الليل سورة أبي بكر، يعني: ما عدا قصة البخيل، وكانت سورة الضحى سورة محمد، عقب بها، ولم يجعل بينهما واسطة ليعلم ألا واسطة بين محمد وأبي بكر).

ومثل هذا بعيد جدا, وفيه من التعسف الشديد ما فيه, إذ لو كان كذلك لكان الأحرى تسمية السورة ب(الشمس) فنورها هو المصدر الذي يستمد من الضحى نوره, ومثل هذا قريب من التفسير الإشاري.

- ويلاحظ القارئ بأن ما يعدّه رحمه الله تعالى أحيانا من الأصول يكون حقيقة من النوادر, ومثاله ما قاله في الربط بين سورتي الفيل وقريش, حيث قال عن سورة قريش:
(هي شديدة الاتصال بما قبلها؛ لتعلق الجار والمجرور في أولها بالفعل في آخر تلك؛ ولهذا كانتا في مصحف أبي سورة واحدة).

وقد جاءت أقوال أخرى غير ما ذكره رحمه الله تعالى, فقد قال الطبري رحمه الله تعالى: (والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن هذه اللام بمعنى التعجب....).


- كذلك كلامه في كون المناسبة بين السورتين بأن كلاهما مدنية أو مكية, وهذا لا يعد من الأصول المطردة في القرآن, ولا أثر له في مسألة ترتيب السور, فلا يمكن أن يكون ترتيب السور على ترتيب النزول, وما ذكر في هذا الشأن لا يصح منه شيء, ومع ذلك حاول رحمه الله إيجاد أسباب فصل المكي عن نظيره المكي بسورة مدنية, كما حصل في الفصل بالمطففين بين سورتي التكوير والانفطار, فعلل ذلك بأن الوقائع فيها ذكرت مرتبة بحسب ترتيبها في الأحاديث, وهذا مما لا يخفى بعده.

- وأخير:
بيان سبب بعض التكلف الذي وقع فيه رحمه الله تعالى:


وصف الله سبحانه وتعالى كتابه بقوله:{ ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِیثِ كِتَـٰبࣰا مُّتَشَـٰبِهࣰا مَّثَانِیَ}, فهو (متشابه), والتشابه هنا هو التشابه الكلي للقرآن من حيث الحسن والبلاغة والفصحاحة وصدق الأخبار وعدالة الأحكام.
قال السعدي رحمه الله تعالى: (متشابها في الحسن والائتلاف وعدم الاختلاف، بوجه من الوجوه. حتى إنه كلما تدبره المتدبر، وتفكر فيه المتفكر، رأى من اتفاقه، حتى في معانيه الغامضة، ما يبهر الناظرين، ويجزم بأنه لا يصدر إلا من حكيم عليم).

لذلك ما يذكر من مناسبات بين السور لا يكون غالبا أمرا خاصا بها, بل قد يصدق هذا الوصف وهذه المناسبة مع غيرها من السور, وقد ذكرنا في التعليق أمثلة على ذلك مما يغني عن الإعادة.

وقوله تعالى:{ مَّثَانِیَ}؛ أي تُثنى فيه الأنباء والأخبار والقضاء والأحكام والحجج.
قال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى ﴿مَثَانِيَ﴾: كتاب الله مثاني، ثنى فيه الأمر مرارا.
وجاء عن الحسن قوله: (ثنى الله فيه القضاء، تكون السورة فيها الآية في سورة أخرى آية تشبهها).رواه الطبري في تفسيره
وقال مجاهد في قوله تعالى: ﴿كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ قال: في القرآن كله.
وقال قتادة في معنى ﴿مَثَانِيَ﴾: ثَنَى الله فيه الفرائض، والقضاء، والحدود.

والقصد بأن الآيات تكررت في القرآن, كذلك القصص, ومثلها الأوامر والنواهي, وهذا لا يقدح في القرآن؛ بل بالعكس يزيد من إعجازه حيث لا يمل القارئ منه ولا يشبع مهما قرأ فيه وأعاد وزاد.

لذلك قد يشعر القارئ لكتب المناسبات في كثير من الأحيان بأن المؤلف تكلف في كلامه, ولا تتضح له المناسبة التي أشار إليها المؤلف كون الآيات والمطالع قد تكررت في السور كما مثلنا من قبل.


هذا والله أعلى أعلم.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir