دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1442هـ/16-12-2020م, 12:32 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي تطبيقات على درس الأسلوب الوعظي

تطبيقات على درس الأسلوب الوعظي
الدرس (هنا)
- مجلس مناقشة دروس دورة أساليب التفسير.

تنبيه:
- الآيات موضوع التطبيق تكون من الأجزاء الثلاثة الأخيرة.
وفقكم الله وسددكم.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 جمادى الأولى 1442هـ/16-12-2020م, 10:29 AM
إيمان جلال إيمان جلال غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 380
افتراضي

رسالة في تفسير قول الله تعالى: "وما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله، ومن يؤمن بالله يهد قلبه"


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد:
أكتب رسالتي هذه لإخوتي وأخواتي لعل الله أن ينفع بها، فتضمد جراح مكلوم، أو ترثي قروح ثكلى، أو ترسم البسمة على وجوه من عصفت به رياح الحياة، فآلمته حتى أصبح يتقلب على فراشه لا يهنأ له جفن، ولا تغمض له عين.
كلنا يعلم أن الحياة قد جبلت على البلاء، فلا تصفو لأحدنا أبدا، كيف وقد قال تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد"؟ فهو في مشقة وعناء دائم مادام مقيما في هذه الحياة.
فهذه تأملات في قول الله تعالى: "وما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله، ومن يؤمن بالله يهد قلبه"، ففي الآية يخبرنا تعالى بأن كل ما يصيب المرء من خير أو شر، من نعمة أو مصيبة، فإنما هي بقدر الله وقضائه، كيف لا؟ ونحن في ملك الله، فالمالك يفعل بمملكته ما يشاء، ويقدر على مماليكه ما يريد، وفي الوقت الذي يريد، وبالطريقة التي يريد سبحانه. وهذا الذي قدر على العبد قد كتبه الله عليه قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كما قال سبحانه في سورة الحديد: "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير، لئلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم". فمتى علم العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، علم أنه لا مفر منه، فهو واقع لا محالة، ومن ثم سيرضى ويسلم لقضاء الله وقدره، فتطمئن نفسه ويسكن قلبه، وهذه والله جنة القلب وأمنه واستقراره.
وإن المقصود بإيمان العبد بالله في الآية هو علمه بأن الله هو من قدر عليه هذا الأمر الذي لن يقوى على مخالفته متى شاء الله وقوعه، ونتيجة لرضا العبد فإن الله سـ "يهد قلبه"، وصورته بأن يوفقه للتسليم والرضا والهداية وقول ما يرضي الله كالاسترجاع المتمثل بقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فلا يتسخط، ولا يجزع، بل هو راض تمام الرضا عن ربه، مسلما أمره إليه.
ومن رحمة الله سبحانه بعباده، أن من رضي عن ربه وعن قضائه، ملأ الله قلبه رضا، بل إن الله يزيده سكينة وطمأنينة في فؤاده ويرشده إلى الصواب في الأمور فيحسن التصرف فيها، وقد يخلف الله عليه ما كان قد أخذ منه أو خيرا منه كما جاء في الحديث، فقد روى ابن ماجة في سننه، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ، حَدَّثَهَا أَنَّهُ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَقُولُ ‏ (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَفْزَعُ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَعُضْنِي مِنْهَا - إِلاَّ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا وَعَاضَهُ خَيْرًا مِنْهَا ‏"‏ ‏.‏ قَالَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ ذَكَرْتُ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَقُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ احْتَسَبْتُ مُصِيبَتِي هَذِهِ فَأْجُرْنِي عَلَيْهَا ‏.‏ فَإِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ وَعُضْنِي خَيْرًا مِنْهَا قُلْتُ فِي نَفْسِي أُعَاضُ خَيْرًا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ ثُمَّ قُلْتُهَا فَعَاضَنِي اللَّهُ مُحَمَّدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏.‏ وَآجَرَنِي فِي مُصِيبَتِي) ‏.‏
فعلينا يا عباد الله ألا نتذمر من أقدار الله، بل علينا أن نتيقن أن كلها خير، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: عَنْ صُهَيْبٍ، أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏ (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ‏)‏. فكل ما أصابك يا عبد الله من خير فاشكر الله عليه بلسانك وبقلبك وباستعماله في طاعة الله، وستجد الله يزيدك من فضله، والله يجزي الشاكرين، وإن أصابك ما يسوؤك، فارضَ عن ربك وسلّم الأمر له واسترجع، فإن ربك كريم رحيم، سيهونها عليك، ويؤجرك على صبرك وسيربط على قلبك، وقد يعوضك بخير مما أخذ منك، فقط ثق بربك وآمن به، وتيقن من أن وراء ذلك البلاء حكمة، ستجد خيرها عاجلا أم آجلا إن رضيت وسلمت.
واحذر يا عبد الله أن تتهم ربك بسوء، فذاك هو الخسران المبين، فالمؤمن المحقق لمعنى العبودية يؤمن بحكمة ربه الحكيم، الذي لا يقدر الأمور عبثا، بل ينزه سبحانه عن ذلك. وليتيقن من وقع عليه البلاء، أن فيه من الحكم ما قد لا يدركها في حينها، وقد يرى حسن عاقبتها متى شاء الله ذلك إن أحسن معاملة النعم أو البلاء. وقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن عبادة بن الصامت رضي الله أنه قال: إنَّ رجلًا أَتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال يا نبيَّ اللهِ أيُّ العملِ أفضلُ قال: (الإيمانُ باللهِ وتصديقٌ بهِ وجهادٌ في سبيلِهِ قال أُريدُ أَهْوَنَ من ذلكَ يا رسولَ اللهِ قال السَّماحةُ والصبرُ قال أُريدُ أَهْوَنَ من ذلكَ يا رسولَ اللهِ قال لا تَتَّهِمِ اللهَ تباركَ وتعالَى في شيٍء قَضَى لكَ بهِ) صححه الألباني.
فاللهم اجعلنا من عبادك الذين إذا أصابهم الخير شكروا، وإن أصابهم ما يسوؤهم صبروا، ورضنا يارب وارض عنا، إنك ولي ذلك والقادر عليه.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 جمادى الأولى 1442هـ/17-12-2020م, 09:01 PM
هنادي الفحماوي هنادي الفحماوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 283
افتراضي

رسالة في تفسير آية
(وما لأحد عنده من نعمة تجزى ،إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى)
الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.وأشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله.
أما بعد،
فإن حديثنا اليوم سيكون في رحاب قوله تعالى (وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى).
هذه آيات جليلة تعطي درسا في السلوك ودروسا في العقيدة الصحيحة التي يجب أن يعتقدها المسلم.
ولما كان معرفة سبب نزول الآية فرع من فهم الغاية منها نستهل الحديث به؛ فقد ذكرأهل العلم أن هذه الآية نزلت في أبي بكرالصديق رضي الله عنه
روى البغوي عن سعيد بن المسيب : بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر في بلال حين قال : أتبيعه ؟ قال : نعم أبيعه بنسطاس عبد لأبي بكر ، صاحب عشرة آلاف دينار ، وغلمان وجوار ومواش ، وكان مشركا حمله أبو بكر على الإسلام على أن يكون ماله له ، فأبى فأبغضه أبو بكر ، فلما قال له أمية أبيعه بغلامك نسطاس اغتنمه وباعه منه ، فقال المشركون : ما فعل ذلك أبو بكر ببلال إلا ليد كانت لبلال عنده فأنزل الله الآيتين.. :
فليس بذله لماله في مكافاة من أسدى إليه معروفا فهو يعطي في مقابلة ذلك إنما دفعه لذلك ابتغاء وجه ربه الأعلى أي طمعا أن يحصل له رؤيته في الدار الآخرة في روضات الجنات.
وهذه الآيات تحمل في طياتها المدح والثناء على أبي بكر وان الله تقبل منه عمله. بدليل تعقيب الله بقوله (ولسوف يرضى).
فإن أبا بكر قد أتى بالاكمل في البذل والعطاء فهذا مقام الإحسان في العطاء .
أما ما يكون من البذل ردا على معروف فهذه المرتبة الواجبة على المؤمن إذ يتوجب عليه لمن أحسن إليه ان يشكره ويرد له إحسانه بمثله (وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان) وهذا التصرف هو المكافأة بالمثل..
وهذا ما حثنا عليه الرسول صلى الله علينا وسلم ليخلص القلب شكره لله فقال عليه الصلاة والسلام ( ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى ترون أنكم قد كافأتموه)

ومن جهة أخرى فإن العبد يكسب راحة البال والرضا بقدر ما يتمثل بهذه الآيتين فإنه إن ألزم قلبه النظر إلى رضا الله فقط فإن نفسه ستهدأ فلا يفرح بشكر شاكر ولا يحزن بإعراض جاحد لأن كل ما يشغله هو قبول الله لعمله ورضاه عنه.
ولا يجب أن نغفل عن أهمية هذه الآية في إثبات صفة الوجه لله تعالى فعقيدة أهل السنة والجماعة اثبات صفة الوجه لله تعالى كما وردت بدون تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولا ننفيها كما فعلت الفرق الضالة في هذا الأمر مثل الخوارج والمعتزلة والرافضة وقالوا أنها تدل على الذات.
الجواب: إن هذا وإن كان صحيحًا في اللغة؛ أنه يطلق الجزء على الكل - لكن لا شك أنها دالة على إثبات صفة الوجه، وأنه جزء من الذات، فإن النص على الوجه يدل على ثبوته، والذات تابعة للوجه، ويرد عليهم أيضًا بالأحاديث التي فيها التصريح بالوجه كقوله صلى الله عليه وسلم: (لأحرقت سبحات وجهه) (إلا رداء الكبرياء على وجهه) فإنها دالة عليه صراحة، ونحن نؤمن بإثبات هذه الصفة ولا نكيفها، ومعلوم أيضًا أنها من صفات الكمال.
ومن كمال فهم الآيات معرفة مناسبة ختم الآيتين باسم الله الأعلى حيث قال بعض العلماء:
ذيلت الآية باسمه تعالى (الأعلى) من دون غيره من أسمائه جل وعلا، لأن في بذل العبد لماله لله دليل على أنه يتخلص من الأثر الدنيوي، فهو مجبول على الشح، قال تعالى: {وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا} ، فطرته تأمره بالبخل وهو يجاهدها ويتصدق ليتخلص من شحها، فلما علا على شهواته وعلا على نفسه قابله ربه الأعلى.
وفي لفتة أخرى في مناسبة هذا التذييل للآية: أنه مهما علا العبد على نفسه وتنزه سيظل الله سبحانه من فوقه أعلى. مهما تزكى وكثرت خيراته ستظل النقائص به، وسيظل الدنو صفته فالله الأعلى والأكمل والأجل سبحانه.
اللهم إنا نعوذ بك من البخل والشح ونسألك لذة النظر غلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 4 جمادى الأولى 1442هـ/18-12-2020م, 02:12 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

تقويم تطبيقات الأسلوب الوعظي
أحسنتم وفقكم الله وسددكم:

- الملاحظ على التطبيقات بشكل عام الاختصار, وهذا مما يخل بالمقصود من الرسالة.
- عدم ظهور شخصية الكاتب, فتبدو الرسالة كأنها مجرد نسخ محض!
- قلة المصادر المطلع عليها, فتنوع المصادر المعنية تثري الرسالة التفسيرية.
- الأسلوب الوعظي خاصة يحتاج إلى العناية بذكر الآثار والأخبار التي جاءت عن السلف في الباب المتكلم عنه, مع العناية بتخريجها.
- أرجو العناية بالاطلاع على التفاسير التي هي مظنة للأسلوب المراد, وقد بين الشيخ حفظه الله بعضا منها في الدروس.
- كذلك العناية بدقة النقل والعزو.
- العناية بذكر المصادر.
- العناية بداية باختيار العناصر المتكلم عنها, حتى يستوفيها الكاتب حقها.

إيمان جلال ب+
أحسنت نفع الله بك
راجعي الملاحظات السابقة

هنادي الفحماوي ب
أحسنت نفع الله بك
- البغوي لم يرو عن سعيد بن المسيب, نذكر قول ابن المسيب ونقول:(ذكره البغوي في تفسيره).
- في الأسلوب الوعظي لا نستطرد قي ذكر أقوال الفرق الضالة وكيفية الرد عليها, فهذا مما يشتت القارئ ويضعف الأثر المعنوي للرسالة, وطالما ذُكر( الوجه) نستغل الأمر بتشويق القارئ إلى رؤية الله يوم القيامة, وهذا لا يكون إلا بامتثال الأوامر واجتناب النواهي.
راجعي الملاحظات العامة, وفقك الله.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 5 جمادى الأولى 1442هـ/19-12-2020م, 07:26 PM
رولا بدوي رولا بدوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 341
افتراضي

الرسالة التفسيرية حول آية ( لمن شاء منكم أن يستقيم )
موضوع الرسالة التفسيرية الاستقامة
عناصر الرسالة :
1- مقدمة تشويقية
2- التفسير الاشتقاقي للاستقامة ( مادة قوم )
3- أقوال بعض الصحابة و التابعين في تفسير الاستقامة
4- أقوال بعض المفسرين في تفسير الاستقامة
5- تفسيرعام للآية من مجموع أقوال بعض المفسرين
6- أسباب الاستقامة ( مناسبة الآية لما قبلها و لما بعدها )
7- فائدة عقدية
8- ثمرات الاستقامة
( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ)
بسم الله و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين ، محمد صلى الله عليه و سلم ، أم بعد
موضوعنا يتناول آية مع قصرها هي تُمَثل أكبر مسؤولية يتحملها الإنسان و هي أن يسعى لتحقيق الاستقامة ، الاستقامة في جميع أموره ، و حُذف معمول يستقيم ليفتح الباب أمامك لتفكر،على ماذا يستقيم ، و ما هي الاستقامة ؟
الاستقامة ( مصدر مؤول من أن يستقيم ) ، يستقيم ، استقاموا ، الطريق المستقيم ، كلمات اختلفت صورتها وتكررت في آي الكتاب ، ما بين فعل و اسم ، لكنها من أصل واحد هو (قوم ) و معناه في ( المعجم الوسيط ) : لبث و أقام ، عدل و أزال الإعوجاج ، عمل و أظهر .
و إذا نظرنا إلى التفسير الاشتقاقي لجذر الكلمة "قوم"
نجد أنه : قام يقوم قياما، فهو قائم، وجمعه: قيام، وأقامه غيره. وأقام بالمكان إقامة، والقيام على أضرب: قيام بالشخص؛ إما بتسخير أو اختيار، وقيام للشيء هو المراعاة للشيء والحفظ له، وقيام هو على العزم على الشيء.
فيكون معنى الاستقامة هو القيام على أمر والعزم عليه و حفظه و مراعاته و الثبات عليه .
أما المعنى الاصطلاحي للاستقامة و متعلقها يظهر من خلال أقوال السلف ، فقد سُئل أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه عن معنى الاستقامة فقال : “أن لا تشرك بالله شيئًا” ، فيكون المعنى أن الاستقامة هي التوحيد و الثبات عليه و القيام بحقه .
وقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه: “الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي، ولا تروغ روغان الثعلب”.، وقيل: “استقاموا على أمر الله فعملوا بطاعته واجتنبوا معاصيه”. فيكون المعنى هنا أنها القيام بلازم التوحيد بالطاعة لله عز و جل و التسليم له .
وذُكِر أن عثمان -رضي الله تعالى عنه قال -: “استقاموا: أخلصوا في العمل”.، فيكون المعنى هنا هو القيام بأحد شرطي العبادة و هو الإخلاص الذي هو من لوازم التوحيد و الإيمان بالله .
وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: “أدوا الفرائض”.، و هذا تفسير بجزء من المعنى و هو اتباع الأمر الذي هو من لوازم الإيمان و التوحيد .
و عن مجاهد أنه قال: أن يستقيم ، أن يتبع الحق ، و اتباع الحق أي اتباع المنهج الصحيح و هو الإسلام و التوحيد .
و بالنظر لكلمات السلف نجد أنها تصب في معنىً واحد و لوازمه ، الإسلام الذي هو دين التوحيد و لوازمه ؛ الاستسلام و الطاعة لله باتباع ما أمر به و اجتناب ما نهى عنه .
و بالنظر لكلام المفسرين نجد موافقته للمعنى اللغوي و لما قاله السلف ، و من أمثلة ما قاله المفسرون : ما قاله الطبري : أن يستقيم على سبيل الحقّ فيتبعه، ويؤمن به.
وما قال ابن كثير في تفسيره: ” استقاموا: أي أخلصوا العمل لله، وعملوا بطاعة الله -تعالى- على ما شرع الله لهم”.
وقريب مِن ذلك ما قاله ابن تيميه رحمه الله؛ حيث قال: أي " أخلَصوا في عبودية الله ومحبَّته، فلم يلتفتوا يمنة، ولا يسرة".
وما قاله الواحدي :أي على الحق، والإيمان، والإسلام.
كما أن هذا المعنى يفُهم كذلك من كلام السعدي ، أن الاستقامة هي الهدى و اتباعه .
و لعل قول بن القيم جمع بين كل هذه المعاني بقوله :
الاستقامة كلمة جامعة آخذة بمجامع الدين وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء بالعهد والاستقامة تتعلق بالأقوال والأفعال والأحوال والنيات فالاستقامة فيها : وقوعها لله وبالله وعلى أمر الله.
هذه الاستقامة فما أسباب الوصول لتحقيقها ؟
أسباب الاستقامة
1- من أهم أسباب الاستقامة ووسائل الثبات عليها اتباع الذكر الذي هو القرآن ( إنه لذكر للعالمين ) ‘ و هي آية تقدمت الآية ( لمن شاء منكم أن يستقيم )، فقُدِمت الوسيلة على المطلوب ، تنبيهاً على أهميته ، فالقرآن كتاب الله أنزله على نبيه المصطفى : ذِكرٌ من الله تعالى يُذكِرُ به عباده ، و يعرفهم من خلاله بنفسه و تكاليفه وأوامره.
و كما قال بن عاشور (والذِّكْرُ اسْمٌ يَجْمَعُ مَعانِيَ الدُّعاءِ والوَعْظِ بِحُسْنِ الأعْمالِ والزَّجْرَ عَنِ الباطِلِ وعَنِ الضَّلالِ، أيْ: ما القُرْآنُ إلّا تَذْكِيرٌ لِجَمِيعِ النّاسِ يَنْتَفِعُونَ بِهِ في صَلاحِ اعْتِقادِهِمْ، وطاعَةِ اللَّهِ رَبِّهِمْ، وتَهْذِيبِ أخْلاقِهِمْ، وآدابِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، والمُحافَظَةِ عَلى حُقُوقِهِمْ، ودَوامِ انْتِظامِ جَماعَتِهِمْ، وكَيْفَ يُعامِلُونَ غَيْرَهم مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ لَمْ يَتَّبِعُوهُ )
و كما قال عز و جل أن القرآن يهدي ( لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) ، أي للسبيل التي هي أقوم من غيرها من السبل و هو الطريق المستقيم .
و استدل بن جرير في تفسير ( هو أقوم ) بقول بن زيد : التي أقوم أي التي هي أصوب: هو الصواب وهو الحقّ؛ قال: والمخالف هو الباطل. وقرأ قول الله تعالى فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ قال: فيها الحقّ ليس فيها عوج. وقرأ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا يقول: قيما مستقيما.قال تعالى: { قد جاءكم من الله نور وكتابٌ مبين(15) يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراطٍ مستقيم }(11).
2- و بتتبع سياق الآيات في السورة نجد أن الله عز و جل جاء بالاستقامة و سبقها بأهم أسبابها و قيدها بأمرين ؛
1- أمر في ذات الآية و هو إرادة الإنسان ذلك و عزمه عليه و أخذه بأسبابه ، ﴿إنْ هو إلّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ﴾ فَـ العالَمِينَ هنا تستغرق و تعم كل البشر فالجميع يشملهم نداء الإيمان و نداء العبودية و لكن قُيد هذا العموم بالآية : ﴿لِمَن شاءَ مِنكم أنْ يَسْتَقِيمَ﴾ ، لمن شاء بدل من العالمين فهو المنتفع فقط ، وفائِدَةُ هَذا الإبْدالِ كما ذكر بن عاشورالتَّنْبِيهُ عَلى أنَّ الَّذِينَ تَذَكَّرُوا بِالقُرْآنِ وهُمُ المُسْلِمُونَ قَدْ شاءُوا الِاسْتِقامَةَ لِأنْفُسِهِمْ فَنَصَحُوا أنْفُسَهم، وهو ثَناءٌ عَلَيْهِمْ.
2- الأمر الثاني هو مشيئة الله عز و جل و إرادته ، و هذا كقوله تعالى ( وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ [المدثر 56] ، و نظير قوله تعالى : (وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) ، قال فيها الطبري : وما يذكرون هذا القرآن فيتعظون به، ويستعملون ما فيه، إلا أن يشاء الله أن يذكروه؛ لأنه لا أحد يقدر على شيء إلا بأن يشاء الله يقدره عليه، ويعطيه القدرة عليه .
كذلك ما جاء في قوله تعالى: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً [الإنسان: 30]
و مشيئة الله هي المرتبة الرابعة من الإيمان بالقدر ، و لا يتحقق الإيمان بالله إلا بالإيمان بالقدر ، و هذه الآيات ردٌ على من حاد في الإيمان بالقدر ،و هم القدرية ممن يقولون أن الأمر أُنُف و يفترون على الله الكذب و ردٌ على الجبرية ممن يقولون أن العبد مجبور على عمله ،فلك يا عبد مشيئة و لكنها تحت مشيئة الله ، فما شاء الله كان و مالم يشأ لم يكن ، فلا بد أن يقيد العبد قوله و عمله بالمشيئة و يقدمها ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً* إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً [الكهف: 23، 24] .
3- و من السبب الثاني يتبين لنا سبباً مهما ًو هو من أهم أسباب الهداية ، طلب الهداية من الله ( اهدنا الصراط المستقيم ) نرددها في كل صلاة ، وما افترضها الله علينا بهذا الشكل إلا لأهمية طلب الاستقامة و دليل مدى حاجة الانسان إلى عون الله و هدايته للاستقامة و سُبلها.
فلن يصل عبدٌ للاستقامة ، ما لم يكن قلبه موصولاً بالخالق ، طالباً هديه ، و كلما كان صادق الطلب ، و القصد ، كان تيسير الله له ، فليقل اهدنا الصراط المستقيم بقلب حاضر ، بقلب خاضع ذليل ضعيف ، طالباً هادية الإرشاد و هداية التوفيق ، فلا حول و لا قوة إلا بالله .
و من استقام على الطريق نال موعود الله بالحياة الطيبة التي فيها :
1- أمان و طمأنينة في الحياة الدنيا و حين الموت و يوم الفزع الأكبر ، قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ{31} نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ }
2-حياة القلوب ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16] أيْ ماءً كثيرًا مباركًا نافعًا والماء يدل على الروح والحياة ( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُۥ نُورًا يَمْشِى بِهِۦ فِى ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُۥ فِى ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍۢ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) فتتحقق له الحياة الحقيقية .
4- فيها الكرامة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية "أعظم الكرامة لزوم الاستقامة". و هل مثل السير على الطريق المستقيم طريقاً للكرامة ؟، أن يتولاك الله و يرعاك و يهديك سبل الرشاد و أنت العبد الضعيف .
و غيرها من ثمرات الاستقامة التي وُعِدها المتقون ، فهذه الاستقامة و هذه سبلها ذُكِرت في آيات بينات ، أفلا يأخذ العبد بالأسباب ، و يسعى لها سعيها ، الطريق ليس مُيسراً ، فالشيطان يترصد طريق العبد الساعي قال تعالى (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) و لكن لا ينال الشيطان إلا من وليائه ، أما عباد الله المخلصين فلا سلطان له عليهم ، فأخلص تخلص و كن من عباده المخلَصين و اتبع الطريق المستقيم الذي وصاكم به وهو الطريق الوحيد إلى الله الواحد الأحد.. ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 5 جمادى الأولى 1442هـ/19-12-2020م, 09:35 PM
سعاد مختار سعاد مختار غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 307
افتراضي

التطبيق الثاني: رسالة تفسيرية (الأسلوب الوعظي).

تفسير قول الله تعالى : }فأما من طغى(37) وآثر الحياة الدنيا(38).فإن الجحيم هي المأوى (39)وأمامنخافمقامربهونهىالنفسعنالهوى(40)فإنالجنةهيالمأوى(41){.(سورة النازعات)

.
هذه آيات قبيل ختام سورة مكية واضحة البيان شديدة الخطاب جلية المقصود لمن نزلت لدعوتهم، فهم قوم كفار سمعوا الوحي وصدقت ضمائرهم أنه كلام من علو لا يسموا إليه بشر


، بهرتهم فصاحته وأدهش عقولهم منطقه الفريد وخطابه القريب، فما كان منهم إلا أنهم ردوه وحاربوه عنادا واستكبارا.

جاءت هذه السورة تزلزل القلوب بوصفها لليوم الموعود، قال تعالى: }يوم ترجف الراجفة، تتبعها الرادفة{، وتقسم الخلائق فريقين كما كانوا في الدنيا فريقين، }فأما من طغى وآثر


الحياة الدنيا{فتجاوز الهدى إلى الضلال وأسرف في البعد عن ربه حتى ملكت عليه الدنيا بزهرتها الغضة الآيلة للذبول والموات – أقطار نفسه وجنبات قلبه ، فكلما دعته لبهجتها


ولذتها التي تقود إلى العصيان والطغيان لبّى وسارع يتابع اللذات المحرمات فصيرته إلى فناء ، وكما كانت تقوده في الدنيا ويتبعها كالأسير – تقوده غدا إلى مأوى الطاغين وهاوية


الهالكين نارا تلظى ، تغضب لغضب ربها فتقول: }هل من مزيد{.


ثم قال الله تعالى: }وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى(40.( فإن الجنة هي المأوى(41){فعاش مؤمنا محبّا لربه ومعبوده يرجوه أملا ويخشاه وجلا، يعلم أنه رب سميع


عليم، رقيب، يستدر بالحسنات رضاه ، ويتوقّى غضبه فيما ينهاه.


يرى يوم الوقوف بين يديه قريب، وهو يدنيه ويسأله وهو أعلم- سبحانه- كما جاء في الحديث ( إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول أتعرف ذنب كذا وكذا ؟فيقول نعم


أي رب، حتى إذا قرّره بذنوبه ، ورأى في نفسه أنه هلك ، قال سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، فيعطى كتاب حسناته" ، فهو لهذا اليوم شديدالذكر، مستعدُّ ،مشفقُ،


والمؤمن لا يعيش إلا مشفقا ، ألا تراهم بعد أن دخلوا الجنّات يتذاكرون قائلين:}قالواإنّاكنّامنقبلفيأهلنامشفقين.فمناللهعليناووقاناعذابالسموم{(سورة الطور،26-27).


عاشوا خائفين راجين، لهم من مباح الدنيا وحظوظها المسموحة غُنية عن التقحّم على حرام متاعها – بل حلالها كثير ومراح الطيبات فيها ممتد لراتعٍ في رياض الحمى فلا يتعدّاه ولا


يتخطاه، قال تعالى :}قلمنحرمزينةاللهالتيأخرجلعبادهوالطيباتمنالرزق{،(سورة الأعراف،32).


عاشوا أتقياء يملؤهم الإيمان بقوته ويكابدون بيقينهم هجير الدنيا وما يكتنفها من بلاءواختبار، يمنحهم ربهم سكينة النفس ورضى الروح فيجدون رواح الجنة وفوحها وهم في الدنيا


، ألم يقل شيخ الإسلام –رحمه الله-:" إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الأخرة "، وقال إبراهيم بن أدهم : نحن في عيش لو علم به الملوك لجلدونا عليه بالسيوف ، حتى


إذاأفضوا إلى المستقر والمقر والمرجع والمآل زُفت إليهم البشائر وهم في النزع يغرغرون،تبشرهم ملائكة الرحمة: ( الذينتتوفاهمالملائكةطيبينسلامعليكمادخلواالجنةبماكنتمتعملون). (سورة النحل،32).


فلايزالون في كرامة وإنعام حتى يدخلون الجنة بسلام ، ويروا ربهم كما يرون القمر ، لايضامون في رؤيته ، فأي شيء تركوه ؟ وأي لذة ذهبت عنهم ؟ وقد استوفوا كمال العيش


وأبديةالنعيم.


ماضرهم ما صابهم في الدنيا. جبر الله لهم كل مصيبة بالجنة.










المراجع


تفسير ابن عطية
تفسير الطبري
تفسير ابن كثير
تفسير القرطبي
تفسير بن عاشور
تفسير الظلال

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 6 جمادى الأولى 1442هـ/20-12-2020م, 12:57 AM
فروخ الأكبروف فروخ الأكبروف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 302
افتراضي

رسالة في تفسير قوله تعالى: {لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة}
تتنوع فواتح السور على حسب موضوع الكلام لحكمة الله البالغة وعلمه بأحوال العباد ورحمته لهم حيث اختار أحسن الطرق لإفهام كلامه والحث على الطاعة.
وقد بدأ تعالى هنا بالقسم، ومن فوائد هذا الافتتاح:
• تنبيه على أهمية موضوع السورة.
• اشتمال أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلم فيه والإشارة إلى ما سيق الكلام لأجله، وهذا ما يسمى براعة الاستهلال. كما قال السيوطي في الإتقان.
• تعظيم شأن يوم القيامة وتفخيمه.
• دليل على كون يوم القيامة من عظيم آياته تعالى، وهذا بإقسامه تعالى ببعض المخلوقات.
• إثبات وقوع يوم القيامة، وهذا باتحاد المقسم به مع المقسم عليه. قال ابن القيم، رحمه الله: ((المقسم عليه يراد بالقسم توكيده وتحقيقه، فلا بد أن يكون مما يحسن فيه ذلك، كالأمور الغائبة والخفية إذا أقسم على ثبوتها. فأما الأمور الظاهرة المشهورة كالشمس والقمر والليل والنهار والسماء والأرض فهذه يقسم بها ولا يقسم عليها)).

ويتضمن هذا القسم أمورا، منها:
• رد على منكري البعث، وفي ضمنه وجوب الإيمان به.
• الإيمان بكل ما أخبر الله به مما يقع يوم القيامة.
• الإيمان بالجنة والنار.

ولما تضمن الإيمان بيوم القيامة الإيمان بالبعث والجزاء أقسم بالنفس اللوامة، قال تعالى: {ولا أقسم بالنفس اللوامة}.
قال ابن القيم: ((ولما كان يوم معادها هو محل ظهور هذا اللوم وترتب أثره عليه قرن بينهما في الذكر)).
والصحيح أن المراد بالنفس اللوامة جميع النفوس؛ حتى يأخذ كل حظه، فالكافر يلوم نفسه في الآخرة حين يقول: {يا ليتني قدمت لحياتي} [الفجر: 24]. أما المؤمن فيلوم نفسه على الشرِّ لِم تَعمَلُه، وعلى الخير لم لَمْ تستكثِرْ منه.

ويتضمن وصف النفس بأنها اللوامة أمورا:
• الحث على محاسبة النفس، كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} [الحشر: 18].
• التنبيه على احتياج معرفة كل نفس ما هو خير وشر.
• الحث على التوبة.
• الحث على التقوى بامتثال أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه.

قال شيخ الإسلام: ((ويقال: النفوس ثلاثة أنواع:
وهي (النفس الأمارة بالسوء) التي يغلب عليها اتباع هواها بفعل الذنوب والمعاصي.
و(النفس اللوامة) وهي التي تذنب وتتوب، فعنها خير وشر، لكن إذا فعلت الشر تابت وأنابت، فتسمى لوامة؛ لأنها تلوم صاحبها على الذنوب ولأنها تتلوم، أي: تتردد بين الخير والشر.
و(النفس المطمئنة) وهي التي تحب الخير والحسنات وتريده وتبغض الشر والسيئات وتكره ذلك وقد صار ذلك لها خلقا وعادة وملكة. فهذه صفات وأحوال لذات واحدة، وإلا فالنفس التي لكل إنسان هي نفس واحدة، وهذا أمر يجده الإنسان من نفسه)).
فإذا عرفت نفس ما هو خير وما هو شر لها، صارت مريدة للأول، كارهة للثاني، بما تخلص من اللوم ومن شر ما تلوم عليه، حتى ترتقي إلى درجة النفس المطمئنة التي قيل لها يوم القيامة: {ياأيتها النفس المطمئنة (27) ارجعي إلى ربك راضية مرضية (28) فادخلي في عبادي (29) وادخلي جنتي (30)}.
قال ابن عطية: ((وكل نفس متوسطة ليست بالمطمئنة ولا بالأمارة بالسوء، فإنها لوامة في الطرفين، مرة تلوم على ترك الطاعة، ومرة تلوم على فوت ما تشتهي، فإذا اطمأنت خلصت وصفت)).

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 9 جمادى الأولى 1442هـ/23-12-2020م, 04:42 PM
رفعة القحطاني رفعة القحطاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 241
افتراضي

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد:

فهذه وقفة يسيرة مع قول الله تعالى: {ومن يتّق اللّه يجعل له مخرجًا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكّل على اللّه فهو حسبه إنّ اللّه بالغ أمره قد جعل اللّه لكلّ شيءٍ قدرًا}.

هذه الآية الكريمة تضمّنت دلائل عظيمة وثمار جليلة للتقوى التي تكرر خطاب القرآن الكريم بها ، فقال تارة :{ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته} وقال:{ واتقوا الله لعلكم تفلحون}، وقال:{ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة}، وقال:{ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا}،وقال :{قل ياعباد الذين آمنوا اتقوا ربكم }،وقال:{ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ماقدمت لغد}، إلى غيرها من الآيات الكثيرة الدالة على هذا المعنى.

وفي الحديث هنا عن هذه الآية التي جاءت في سورة الطلاق وبعد عرض الأحكام المترتبة على الزوجين في حال الطلاق ، عطف ببيان ثمرات التقوى بقوله :(ومن يتّق اللّه يجعل له مخرجًا )،
قال السدي: {ومن يتّق اللّه} يطلّق للسنة، ويراجع للسنة، وفي بيان ذلك قال السعدي:"وَلَمَّا كانَ الطلاقُ قدْ يُوقِعُ في الضِّيقِ والكَرْبِ والغَمِّ؛ أمَرَ تعالى بتَقواهُ، ووَعَدَ مَن اتَّقاهُ في الطلاقِ وغيرِه بأنْ يَجعَلَ له فَرَجاً ومَخرَجاً، فإذا أَرادَ العبدُ الطلاقَ، ففَعَلَه على الوجهِ الشرعيِّ، بأنْ أوْقَعَه طَلقةً واحدةً في غيرِ حَيْضٍ ولا طُهْرٍ أصابَها فيه، فإنه لا يُضَيَّقُ عليه الأمرُ، بل جَعَلَ اللَّهُ له فَرَجاً وسَعَةً يَتمكَّنُ بها مِن الرُّجوعِ إلى النكاحِ إذا نَدِمَ على الطلاقِ".

وذكر الواحِدِي فِي أسباب النزولِ أَنها نزلت فِي شأنِ عوفِ بنِ مالِكٍ الْأشجعِي إِذ أَسر المشرِكون ابنه سالِما فأَتى عوف النبي صلى الله عليهِ وسلم وشكا إِليهِ ذلِك وأَن أمه جزِعت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ اللَّهَ وَاصبر» وأمره وزوجه أن يكثرا قولا: لا حول ولا قوة إلا بالله فغفل المشركون عن الِابن فساق عنزا كثِيرة من عنز المشركين وجاء بها الْمدينة فنزلت الاية.

قال ابن عاشور:"فيجوز أَن يكون نزولها في أثناء نزول هذه السورة فصادفت الغرضين ويكون ذلك من قبيل معجزات القرآن".

ولاتختص هذه الآية بحال الطلاق بل هي شاملة لكل من اتقى الله تعالى في شأنه وأمره ، قال السعدي:"والآيةُ وإنْ كانَتْ في سِياقِ الطلاقِ والرَّجْعَةِ؛ فإنَّ العِبْرةَ بعُمومِ اللفْظِ، فكلُّ مَن اتَّقَى اللَّهَ تعالى ولازَمَ مَرضاتَهُ في جميعِ أحوالِه، فإنَّ اللَّهَ يُثِيبُهُ في الدنيا والآخِرةِ، ومِن جُملةِ ثَوابِه أنْ يَجْعَلَ له فَرَجاً ومَخْرَجاً مِن كلِّ شِدَّةٍ ومَشقَّةٍ، وكما أنَّ مَن اتَّقَى اللَّهَ جَعَلَ له فَرَجاً ومَخْرَجاً، فمَن لم يَتَّقِ اللَّهَ يقَعْ في الآصارِ والأغلالِ، التي لا يَقْدِرُ على التخلُّصِ منها والخروجِ مِن تَبِعَتِها، واعتُبِرَ ذلك في الطلاقِ، فإنَّ العبدَ إذا لم يَتَّقِ اللَّهَ فيه، بل أوْقَعَه على الوَجْهِ المُحَرَّمِ، كالثلاثِ ونحوِها، فإنَّه لا بُدَّ أنْ يَندَمَ نَدامةً لا يَتمكَّنُ مِن استدراكِها والخروجِ منها).

وقوله : {ومن يتوكّل على اللّه فهو حسبه} روى الإمام أحمد:عن ابن عبّاسٍ: أنّه حدّث أنّه ركب خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا غلام، إنّي معلّمك كلماتٍ: احفظ اللّه يحفظك، احفظ اللّه تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل اللّه، وإذا استعنت فاستعن باللّه، واعلم أنّ الأمّة لو اجتمعوا على أن ينفعوك، لم ينفعوك إلّا بشيءٍ كتبه اللّه لك، ولو اجتمعوا على أن يضرّوك، لم يضرّوك إلّا بشيءٍ قد كتبه اللّه عليك، رفعت الأقلام، وجفّت الصّحف".

وقوله تعالى: {إنّ اللّه بالغ أمره} بيان وحض على التوكل، أي لا بد من نفوذ أمر الله توكلت أيها المرء أو لم تتوكل قاله مسروق. كما ذكره ابن عطية.

قوله: {قد جعل اللّه لكلّ شيءٍ قدرًا} قال السدي: الحيض في الأجل والعدّة،وقال ابن كثير :{قد جعل اللّه لكلّ شيءٍ قدرًا} كقوله: {وكلّ شيءٍ عنده بمقدارٍ} .

فضائل وثمرات التقوى:

وقد كثرت عبارات السلف الحاثة والمبينة لثمرات التقوى فكل من اتقى الله في عباداته ومعاملاته مع الخلق طلاقًا ونكاحًا وبيعًا وشراءً وشهادةً وأمانةً أخذًا وعطاءً سيجعل الله له مخرجا من شدته ويرزقه ،قال ابن مسعود رضي الله عنه:وإنّ أكثر آيةٍ في القرآن فرجًا: {ومن يتّق اللّه يجعل له مخرجًا}.

وقال الربيع بن خيثم: إن الله تعالى قضى على نفسه أن من توكل عليه كفاه، ومن آمن به هداه، ومن أقرضه جازاه، ومن وثق به نجّاه، ومن دعاه أجاب له.
وقال قتادة: {ومن يتّق اللّه يجعل له مخرجًا} أي: من شبهات الأمور والكرب عند الموت، {ويرزقه من حيث لا يحتسب} ومن حيث لا يرجو أو لا يأمل.

-ومن ثمرات التقوى صلاح الأعمال ومغفرة الذنوب قال تعالى:{اتقوا الله وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا}

-وبترك العمل بالتقوى الحرمان والخسارة والضيق فقد روى الإمام أحمد، عن ثوبان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ العبد ليحرم الرّزق بالذّنب يصيبه، ولا يردّ القدر إلّا الدّعاء، ولا يزيد في العمر إلّا البرّ".

والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12 جمادى الأولى 1442هـ/26-12-2020م, 09:06 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

تطبيقات على درس الأسلوب الوعظي
التعليق العام :
نفع الله بكم جميعا وأحسن إليكم وثبتكم على طريق العلم .
بعض التنبيهات حول كتابة الرسائل التفسيرية بأسلوب الوعظ.
- بعد انتهاءك من كتابة الرسالة لابد من إعادة قراءتها وملاحظة وجود ركائزها من:
التبصير بما يُراد الحديث عنه والتذكير به، والتأثير على نفس المتلقي بالتبشير تارة والإنذار تارة أخرى، فينبغي أن تحكم عليها بنفسك وقدر تأثرك بها، لترى مدى قربها من الموعظة.
- ينبغي حضور شخصيك وأسلوبك المؤثر لتحقيق القصد من رسالتك، ولا تكون مجرد مسائل مستبطة منسوخ كلام أهلم العلم فيها، ولازال الكثير متأثر بالأسلوب العلمي على اختلاف بينكم في نسبته.
- استخراج الفوائد السلوكية بدقة ثم تضمينها في الرسالة في المواضع المناسبة، يعين على تحسين الأسلوب الوعظي.
- تحلية الرسالة بالعبارات الموجزة المنتقاة من كلام أهل العلم وحكمهم ووصاياهم، وكذلك القصص والأخبار من غير إكثار،فإنّ له الأثر كبير في تقوية الرسالة والتأثير على النفس.

- الاطلاع على التطبيقات الجيدة في هذا المجلس يعين على فهم المطلوب بإذن الله تعالى .



1: رولا بدوي.ج+
أحسنتِ بارك الله فيكِ وإليك بعض الملحوظات.
- لا يناسب المقام الوعظي التوسع في التفسير اللغوي، لأن الغرض منه التركيز على مايثمر عند المتلقي من التبصر واليقين وصلاح العمل.
- أيضا استطردتِ في بيان الأقوال عن الاستقامة، وهو ما يختص به أسلوب التقرير العلمي، وكان يكفي بيان جامع القول فيها.
- بالنسبة لأسباب الاستقامة كان يحسن صياغتها وتقريبها للمتلقي من واقع الحال بضرب الأمثال وتحليتها بالأحاديث والآثار، بدلا من سردها على صورة نقاط.
- تأثر ظهور الأسلوب الوعظي بسبب وجود أسلوب التقرير العلمي الذي كان له حظا وافرا في الرسالة وأيضا الأسلوب الاستناجي .
- يمكنك تصور الأسلوب الوعظي كما يكون في الخُطب، حيث يرتكز الخطاب على استحثاث محركات القلوب الثلاث، المحبة والخوف والرجاء من خلال تفسير الآيات المجمل.
- بإمكانك تعديلها وفقك الله.


2: سعاد مختار.ب+
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
- تصويب إملائي يسمو بدون الألف الفارقة.
- من المهم تخريج الأحاديث وفقك الله.
- لديكِ أسلوب وعظي مؤثر نفعك الله بك.
- انتبهي لتنسيق الرسالة فالعرض مؤثر على جودتها.

3:فروخ الأكبروف.
بارك الله فيك ونفع بك.
لعلك لا زلت متأثرا بأسلوب التقرير العلمي، فرسالتك علمية بحته،إليك بعض التنبيهات حول كتابة الرسائل التفسيرية بأسلوب الوعظ.
- راجع التعليق العام.
- يمكنك تصور الأسلوب الوعظي كما يكون في الخُطب، حيث يرتكز الخطاب على استحثاث محركات القلوب الثلاث، المحبة والخوف والرجاء من خلال تفسير الآيات المجمل.

- لن أقيّد لك درجة وأنتظر منك رسالة وعظية مختصرة ومؤثرة، والله يوفقك.

4: رفعة القحطاني.ج+
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
- اعتمدتِ كثيرا على اقتباس المفسرين وهذا يضعف الرسالة ولو استفدتِ من أقوالهم وصوغتِ العبارات بأسلوبك لكان أفضل.
- تفتقد رسالتك للترابط بين تفسير الآيات وعناصر التأثير، راجعي التعليق العام وفقكِ الله.
- بإمكانك التعديل على رسالتك.


زادكم الله علما ونفعا للأمّة.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 جمادى الأولى 1442هـ/27-12-2020م, 12:22 PM
رولا بدوي رولا بدوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 341
افتراضي

لرسالة التفسيرية حول آية ( لمن شاء منكم أن يستقيم )
موضوع الرسالة التفسيرية الاستقامة
إعادة للرسالة
بسم الله و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين ، محمد صلى الله عليه و سلم ، أم بعد
موضوعنا يتناول آية مع قصرها هي تُمَثل أكبر مسؤولية يتحملها الإنسان و هي أن يسعى لتحقيق الاستقامة ، الاستقامة في جميع أموره ، الباب أمامك مفتوح لتفكر،على ماذا يستقيم الإنسان ، و ما هي الاستقامة ؟
الاستقامة ، يستقيم ، استقاموا ، الطريق المستقيم ، كلمات اختلفت صورتها وتكررت في آي الكتاب ، ما بين فعل و اسم ، فماذا تعني الاستقامة ؟ معنى الاستقامة في اللغة هو القيام على أمر والعزم عليه و حفظه و مراعاته و الثبات عليه .
أما المعنى في الشرع للاستقامة هوالتوحيد و الثبات عليه و القيام بحقه و هي أن تستقيم على الأمر والنهي، أي أنها القيام بلازم التوحيد بالطاعة لله عز و جل و التسليم له و هذا يستلزم الإخلاص في العمل و المتابعة ..
ومن الأقوال الجامعة قول بن القيم ( الاستقامة كلمة جامعة آخذة بمجامع الدين وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء بالعهد والاستقامة تتعلق بالأقوال والأفعال والأحوال والنيات فالاستقامة فيها : وقوعها لله وبالله وعلى أمر الله.
هذه الاستقامة فما أسباب الوصول لتحقيقها ؟
من أهم أسباب الاستقامة ووسائل الثبات عليها، اتباع الذكر الذي هو القرآن ( إنه لذكر للعالمين ) ‘ و هي آية تقدمت الآية ( لمن شاء منكم أن يستقيم )، فقُدِمت الوسيلة على المطلوب ، تنبيهاً على أهميته ، فالقرآن كتاب الله أنزله على نبيه المصطفى : ذِكرٌ من الله تعالى يُذكِرُ به عباده ، و يعرفهم من خلاله بنفسه و تكاليفه وأوامره ، هو هدى لكل من طلب الهدى ، فيه الأمر و النهي ، فيه أسباب صلاح النفس و القلب ، فيه صلاح الفرد و المجتمع .
أي كما قال عز و جل أن القرآن يهدي ( لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) ، أي للسبيل التي هي أقوم من غيرها من السبل و هو الطريق المستقيم . ، طريق الحق ، فطريق الحق واحد و الباطل له طرق و سبل تتوه فيها القلوب ، و تتحير ، لا راحة بال فيها و لا طمأنينة و لا سكون للنفس .
إذا كان هذا هو القرآن ، لماذا لا يهتدي كل من يقرأ القرآن ، نجد القراء و الحفاظ ، يختمون الختمة تلو الختمة و لا تجد أثراً للقرآن عليهم ، لماذا هذا حالهم ، بين الله عز و جل في هذه الآيات من الذي يستفيد ، قال تعالى ﴿إنْ هو إلّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ﴾ فَـ العالَمِينَ هنا تستغرق و تعم كل البشر فالجميع يشملهم نداء الإيمان و نداء العبودية و لكن قُيد هذا العموم بالآية : ﴿لِمَن شاءَ مِنكم أنْ يَسْتَقِيمَ﴾ ( لمن شاء ) أي أن من شاء فقط هو من ينال هذا الهدي ، أن يطلب العبد الهداية و أن يريد العبد ان ينهل من هذا الذكر هداية ، و علم ، أن يعقد عزمه عليه و يأخذ بأسباب الهداية ، و يُحضر قلبه و هو يتلو ، لا أن يتلوه بقلب غافل ، هذا حث لك يا من أنت هاجرٌ للقرآن ، يا من أنت تقرأ الآيات و لا تجد أثر ذلك عليك ، أن تنفض عنك الكسل ، أن تترك غفلة القلب عن الهدي الذي بالقرآن ، أن تراجع نفسك ، و تسألها ؛ أين أنا من بيان القرآن و هديه ، ربي قلبك على طلب الهداية ، أطلب الحق يطلبك ، و لا تترك السبب الأهم في تحقق غايتك من الإقبال على القرآن ، إنه اليقين أن مشيئتك لا شيء بغير مشيئة الله ، فلا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله ، كلنا فقراء إلى الله الحكيم العليم ، القدير ، قل لا حول و لا قوة إلا بالله ، قدم المشئية و تأدب مع الله ، لا تركن لنفسك و ترجع أمر ما أنت عليه من الخير أنه من ذكائك و فصاحتك ، بل هو من عند الله ، ، كن شاكراًلله ، كن مفتقراً إلى الله ، حتى لا تحرم ، اتق أن يملأ قلبك الكبر فتفشل كما فشل أهل حنين ، عندما أعجب المسلمين كثرتهم ، قل يا رب ، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، كرر طلب الهداية ( اهدنا الصراط المستقيم بقلب حاضر ، بقلب خاضع ذليل ضعيف ، طالباً هادية الإرشاد و هداية التوفيق ، فلا حول و لا قوة إلا بالله ، حاجتنا عندك يا رب ، فلا تحرمنا هديك ، فإذا حرمتنا هديك كنا من الخاسرين ، و كنا في الدرك الأسفل ، فلا تحرمنا فضلك.
لن يصل عبدٌ للاستقامة ما لم يكن قلبه موصولاً بالخالق ، طالباً هديه ، و كلما كان صادق الطلب ، و القصد ، كان تيسير الله له و من استقام على الطريق نال موعود الله بالحياة الطيبة التي فيها : أمان و طمأنينة في الحياة الدنيا و حين الموت و يوم الفزع الأكبر ، قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ{31} نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ }
في الاستقامة حياة القلوب ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16] أيْ ماءً كثيرًا مباركًا نافعًا والماء يدل على الروح والحياة ( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُۥ نُورًا يَمْشِى بِهِۦ فِى ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُۥ فِى ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍۢ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) فتتحقق له الحياة الحقيقية .
فيها الكرامة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية "أعظم الكرامة لزوم الاستقامة". و هل مثل السير على الطريق المستقيم طريقاً للكرامة ؟، أن يتولاك الله و يرعاك و يهديك سبل الرشاد و أنت العبد الضعيف .
و غيرها من ثمرات الاستقامة التي وُعِدها المتقون ، فهذه الاستقامة و هذه سبلها ذُكِرت في آيات بينات ، أفلا يأخذ العبد بالأسباب ، و يسعى لها سعيها ، الطريق ليس مُيسراً ، فالشيطان يترصد طريق العبد الساعي قال تعالى (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) و لكن لا ينال الشيطان إلا من وليائه ، أما عباد الله المخلصين فلا سلطان له عليهم ، فأخلص تخلص و كن من عباده المخلَصين و اتبع الطريق المستقيم الذي وصاكم به وهو الطريق الوحيد إلى الله الواحد الأحد.. ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 14 جمادى الأولى 1442هـ/28-12-2020م, 08:00 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رولا بدوي مشاهدة المشاركة
لرسالة التفسيرية حول آية ( لمن شاء منكم أن يستقيم )
موضوع الرسالة التفسيرية الاستقامة
إعادة للرسالة
بسم الله و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين ، محمد صلى الله عليه و سلم ، أم بعد
موضوعنا يتناول آية مع قصرها هي تُمَثل أكبر مسؤولية يتحملها الإنسان و هي أن يسعى لتحقيق الاستقامة ، الاستقامة في جميع أموره ، الباب أمامك مفتوح لتفكر،على ماذا يستقيم الإنسان ، و ما هي الاستقامة ؟
الاستقامة ، يستقيم ، استقاموا ، الطريق المستقيم ، كلمات اختلفت صورتها وتكررت في آي الكتاب ، ما بين فعل و اسم ، فماذا تعني الاستقامة ؟ معنى الاستقامة في اللغة هو القيام على أمر والعزم عليه و حفظه و مراعاته و الثبات عليه .
أما المعنى في الشرع للاستقامة هوالتوحيد و الثبات عليه و القيام بحقه و هي أن تستقيم على الأمر والنهي، أي أنها القيام بلازم التوحيد بالطاعة لله عز و جل و التسليم له و هذا يستلزم الإخلاص في العمل و المتابعة ..
ومن الأقوال الجامعة قول بن القيم ( الاستقامة كلمة جامعة آخذة بمجامع الدين وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء بالعهد والاستقامة تتعلق بالأقوال والأفعال والأحوال والنيات فالاستقامة فيها : وقوعها لله وبالله وعلى أمر الله.
هذه الاستقامة فما أسباب الوصول لتحقيقها ؟
من أهم أسباب الاستقامة ووسائل الثبات عليها، اتباع الذكر الذي هو القرآن ( إنه لذكر للعالمين ) ‘ و هي آية تقدمت الآية ( لمن شاء منكم أن يستقيم )، فقُدِمت الوسيلة على المطلوب ، تنبيهاً على أهميته ، فالقرآن كتاب الله أنزله على نبيه المصطفى : ذِكرٌ من الله تعالى يُذكِرُ به عباده ، و يعرفهم من خلاله بنفسه و تكاليفه وأوامره ، هو هدى لكل من طلب الهدى ، فيه الأمر و النهي ، فيه أسباب صلاح النفس و القلب ، فيه صلاح الفرد و المجتمع .
أي كما قال عز و جل أن القرآن يهدي ( لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) ، أي للسبيل التي هي أقوم من غيرها من السبل و هو الطريق المستقيم . ، طريق الحق ، فطريق الحق واحد و الباطل له طرق و سبل تتوه فيها القلوب ، و تتحير ، لا راحة بال فيها و لا طمأنينة و لا سكون للنفس .
إذا كان هذا هو القرآن ، لماذا لا يهتدي كل من يقرأ القرآن ، نجد القراء و الحفاظ ، يختمون الختمة تلو الختمة و لا تجد أثراً للقرآن عليهم ، لماذا هذا حالهم ، بين الله عز و جل في هذه الآيات من الذي يستفيد ، قال تعالى ﴿إنْ هو إلّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ﴾ فَـ العالَمِينَ هنا تستغرق و تعم كل البشر فالجميع يشملهم نداء الإيمان و نداء العبودية و لكن قُيد هذا العموم بالآية : ﴿لِمَن شاءَ مِنكم أنْ يَسْتَقِيمَ﴾ ( لمن شاء ) أي أن من شاء فقط هو من ينال هذا الهدي ، أن يطلب العبد الهداية و أن يريد العبد ان ينهل من هذا الذكر هداية ، و علم ، أن يعقد عزمه عليه و يأخذ بأسباب الهداية ، و يُحضر قلبه و هو يتلو ، لا أن يتلوه بقلب غافل ، هذا حث لك يا من أنت هاجرٌ للقرآن ، يا من أنت تقرأ الآيات و لا تجد أثر ذلك عليك ، أن تنفض عنك الكسل ، أن تترك غفلة القلب عن الهدي الذي بالقرآن ، أن تراجع نفسك ، و تسألها ؛ أين أنا من بيان القرآن و هديه ، ربي قلبك على طلب الهداية ، أطلب الحق يطلبك ، و لا تترك السبب الأهم في تحقق غايتك من الإقبال على القرآن ، إنه اليقين أن مشيئتك لا شيء بغير مشيئة الله ، فلا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله ، كلنا فقراء إلى الله الحكيم العليم ، القدير ، قل لا حول و لا قوة إلا بالله ، قدم المشئية و تأدب مع الله ، لا تركن لنفسك و ترجع أمر ما أنت عليه من الخير أنه من ذكائك و فصاحتك ، بل هو من عند الله ، ، كن شاكراًلله ، كن مفتقراً إلى الله ، حتى لا تحرم ، اتق أن يملأ قلبك الكبر فتفشل كما فشل أهل حنين ، عندما أعجب المسلمين كثرتهم ، قل يا رب ، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، كرر طلب الهداية ( اهدنا الصراط المستقيم بقلب حاضر ، بقلب خاضع ذليل ضعيف ، طالباً هادية الإرشاد و هداية التوفيق ، فلا حول و لا قوة إلا بالله ، حاجتنا عندك يا رب ، فلا تحرمنا هديك ، فإذا حرمتنا هديك كنا من الخاسرين ، و كنا في الدرك الأسفل ، فلا تحرمنا فضلك.
لن يصل عبدٌ للاستقامة ما لم يكن قلبه موصولاً بالخالق ، طالباً هديه ، و كلما كان صادق الطلب ، و القصد ، كان تيسير الله له و من استقام على الطريق نال موعود الله بالحياة الطيبة التي فيها : أمان و طمأنينة في الحياة الدنيا و حين الموت و يوم الفزع الأكبر ، قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ{31} نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ }
في الاستقامة حياة القلوب ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16] أيْ ماءً كثيرًا مباركًا نافعًا والماء يدل على الروح والحياة ( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُۥ نُورًا يَمْشِى بِهِۦ فِى ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُۥ فِى ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍۢ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) فتتحقق له الحياة الحقيقية .
فيها الكرامة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية "أعظم الكرامة لزوم الاستقامة". و هل مثل السير على الطريق المستقيم طريقاً للكرامة ؟، أن يتولاك الله و يرعاك و يهديك سبل الرشاد و أنت العبد الضعيف .
و غيرها من ثمرات الاستقامة التي وُعِدها المتقون ، فهذه الاستقامة و هذه سبلها ذُكِرت في آيات بينات ، أفلا يأخذ العبد بالأسباب ، و يسعى لها سعيها ، الطريق ليس مُيسراً ، فالشيطان يترصد طريق العبد الساعي قال تعالى (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) و لكن لا ينال الشيطان إلا من وليائه ، أما عباد الله المخلصين فلا سلطان له عليهم ، فأخلص تخلص و كن من عباده المخلَصين و اتبع الطريق المستقيم الذي وصاكم به وهو الطريق الوحيد إلى الله الواحد الأحد.. ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].
أحسنتِ جدا بارك الله فيك ونفع بكِ.
الدرجة:أ+

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 18 جمادى الأولى 1442هـ/1-01-2021م, 01:20 AM
فروخ الأكبروف فروخ الأكبروف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 302
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله.

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون}
الحمد لله الذي خلقنا ولم يتركنا سدى، المنزل الكتاب المبين الهدى، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فكثيرا ما ينادي الله تعالى عباده بأحب وصف إليه سبحانه، ألا وهو الإيمان. ومن هذا القبيل قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون}.
روى ابن أبي حاتم أن ابن مسعود- رضي الله عنه- قال: "إذا سمعت {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك، فإنه خيرٌ يأمر به، أو شرٌ ينهى عنه".
فقد أمر الله في هذه الآية عباده المؤمنين أن يتقوه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه تعالى. ولا يأمر سبحانه إلا بما يحب ويرضى، فقد قال تعالى: {إن الله يحب المتقين}.
فبالإيمان والتقوى يكون العبد من أولياء الله تعالى الذين قال فيهم: {ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (62) الذين آمنوا وكانوا يتقون (63) لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم (64)}.
ثم أمر تعالى كل نفس بأن تنظر ما قدمت من أعمالها ليوم القيامة، وعبر تعالى عن يوم القيامة بـ "غد" لقربه، فقد قال تعالى: {إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا}. فبين تعالى أن الإيمان به سبحانه واليوم الآخر من أعظم البواعث على فعل الطاعات، واجتناب المحرمات، ومحاسبة النفس، وهي المراد بالنظر.
فالإيمان بالله تعالى سبب لمحبة العبد، والإيمان باليوم الآخر سبب لخوفه من سوء الحساب، فالمؤمن يعبد ربه جامعا بين المحبة والخوف راجيا مغفرته وثوابه تعالى.
والخوف من سوء الحساب يوم القيامة يقتضي محاسبة النفس على الصغيرة والكبيرة، قال تعالى: {ويخافون سوء الحساب}.
ومحاسبة النفس من أسباب الفوز والفلاح بما تستقيم النفوس وتتزكى القلوب، قال الله تعالى: {قد أفلح من زكاها}. وهي أيضا طريق السلف، فقد روى ابن أبي الدنيا عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه قال: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أخف عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر: {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية}".
ومحاسبة النفس تكف عن السيئات وتزيد من الحسنات، قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، وتكف عن الاغترار بالحياة الدنيا وزينتها، وتشغل العبد بنفسه عن غيره، وهي أيضا تدفع إلى الاستمرار من التوبة والاستغفار، لا سيما عند وقوع المصيبة ليعرف العبد من أين جاء تقصيره، فيبادر إلى التوبة عنه والإقبال على الله، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.
فعلى العبد المؤمن أن يحاسب نفسه في الدنيا قبل أن يحاسب يوم القيامة، ويلومها على المعصية أو التقصير، فلربما يكون بذلك من الذين أوتي كتابهم بيمينهم، قال الله تعالى: {فأما من أوتي كتابه بيمينه (7) فسوف يحاسب حسابا يسيرا (8) وينقلب إلى أهله مسرورا (9)}.

المراجع:
تفسير ابن كثير
تفسير ابن جزي
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور
أيسر التفاسير للجزائري
تفسير ابن عثيمين
التفسير الميسر

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 20 جمادى الأولى 1442هـ/3-01-2021م, 06:31 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فروخ الأكبروف مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله.

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون}
الحمد لله الذي خلقنا ولم يتركنا سدى، المنزل الكتاب المبين الهدى، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فكثيرا ما ينادي الله تعالى عباده بأحب وصف إليه سبحانه، ألا وهو الإيمان. ومن هذا القبيل قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون}.
روى ابن أبي حاتم أن ابن مسعود- رضي الله عنه- قال: "إذا سمعت {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك، فإنه خيرٌ يأمر به، أو شرٌ ينهى عنه".
فقد أمر الله في هذه الآية عباده المؤمنين أن يتقوه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه تعالى. ولا يأمر سبحانه إلا بما يحب ويرضى، فقد قال تعالى: {إن الله يحب المتقين}.
فبالإيمان والتقوى يكون العبد من أولياء الله تعالى الذين قال فيهم: {ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (62) الذين آمنوا وكانوا يتقون (63) لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم (64)}.
ثم أمر تعالى كل نفس بأن تنظر ما قدمت من أعمالها ليوم القيامة، وعبر تعالى عن يوم القيامة بـ "غد" لقربه، فقد قال تعالى: {إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا}. فبين تعالى أن الإيمان به سبحانه واليوم الآخر من أعظم البواعث على فعل الطاعات، واجتناب المحرمات، ومحاسبة النفس، وهي المراد بالنظر.
فالإيمان بالله تعالى سبب لمحبة العبد، والإيمان باليوم الآخر سبب لخوفه من سوء الحساب، فالمؤمن يعبد ربه جامعا بين المحبة والخوف راجيا مغفرته وثوابه تعالى.
والخوف من سوء الحساب يوم القيامة يقتضي محاسبة النفس على الصغيرة والكبيرة، قال تعالى: {ويخافون سوء الحساب}.
ومحاسبة النفس من أسباب الفوز والفلاح بما تستقيم النفوس وتتزكى القلوب، قال الله تعالى: {قد أفلح من زكاها}. وهي أيضا طريق السلف، فقد روى ابن أبي الدنيا عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه قال: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أخف عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر: {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية}".
ومحاسبة النفس تكف عن السيئات وتزيد من الحسنات، قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، وتكف عن الاغترار بالحياة الدنيا وزينتها، وتشغل العبد بنفسه عن غيره، وهي أيضا تدفع إلى الاستمرار من التوبة والاستغفار، لا سيما عند وقوع المصيبة ليعرف العبد من أين جاء تقصيره، فيبادر إلى التوبة عنه والإقبال على الله، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.
فعلى العبد المؤمن أن يحاسب نفسه في الدنيا قبل أن يحاسب يوم القيامة، ويلومها على المعصية أو التقصير، فلربما يكون بذلك من الذين أوتي كتابهم بيمينهم، قال الله تعالى: {فأما من أوتي كتابه بيمينه (7) فسوف يحاسب حسابا يسيرا (8) وينقلب إلى أهله مسرورا (9)}.

المراجع:
تفسير ابن كثير
تفسير ابن جزي
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور
أيسر التفاسير للجزائري
تفسير ابن عثيمين
التفسير الميسر
أحسنت سددك الله.
الدرجة:أ+

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 4 جمادى الآخرة 1442هـ/17-01-2021م, 09:38 PM
سارة المري سارة المري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 125
افتراضي

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله .
وبعد:

فالإيمان هو تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
فالايمان إقرار قلبي وتصديق، وذلك يبعث النفس إلى البذل والقيام بما أمر به الشرع والانتهاء عما نهى عنه وزجر.
وقد ذكر الإمام البخاري في مقدمة كتاب الإيمان: أنه قول وفعل ويزيد وينقص، فلا إقرار دون عمل ، فالمؤمن الحق من يبادر إلى الأعمال الصالحة التي تثبت حقيقة إيمانه وتظهره ، فقد رتّب سبحانه على ذلك أجورًا عظيمة وفضائل عديدة:
قال تعالى " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ" فقد عقد سبحانه خيرية البشر على عملهم بمقتضى إيمانهم، وقد ذكر القرطبي وابن كثير رحمهما الله أن من العلماء من يستدل بهذه الآية على خيرية المؤمنين على الملائكة الذين هم عباد الرحمن الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
ورتب سبحانه على ذلك أجرًا غير مقطوع ولا ممنون لمن أتبع إيمانه بالعمل فقال سبحانه " فلهم أجر غير ممنون" ، فمن حقه سبحانه على خلقه أن يشكروه سبحانه بأداء ما افترضه عليهم وأن يتقربوا له بما يحبه .
فسيدنا محمد ﷺ أول من تفتح له أبواب الجنة قال عنه عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبداً شكورا متفق عليه.
فالعبد يترجم إيمانه بعمله لا بمجرد تصديق قلبه ، وقد أقترن الإيمان بالعمل الصالح في مواضع عدة من القرآن يمدح فيه على ذلك ورتب له حسن الجزاء:
- ﴿فَأَمَّا الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ فَيُوَفّيهِم أُجورَهُم وَيَزيدُهُم مِن فَضلِهِ ﴾ [النساء: 173]
فالمؤمن يفرح بفضل ربه وأنه سبحانه يزيد ذلك بعمل عبده بالاعمال الصالحة، وقال تعالى في سورة المؤمنون " قد أفلح المؤمنون " ماذا جاء بعدها " الذين هم في صلاتهم خاشعون .." فذكر أعمال الجوارح بعد تأكيد مسمى الإيمان لهم.
- ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ لَهُم مَغفِرَةٌ وَأَجرٌ عَظيمٌ﴾ [المائدة: 9]، فالمؤمن العامل موعود بالاجر العظيم ، فالله سبحانه عظيم وإذا وعد بعظيم فهو أكبر من أن يتصوره العبد .
- ﴿الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ طوبىٰ لَهُم وَحُسنُ مَـٔابٍ﴾ [الرعد: 29] فالمرجع الحسن والحياة الطيبة من فضل الله على خير البرية.

فالمرء بلا إيمان في خسران حتى يهديه ربه تعالى إلى الإيمان ويتبعه بالعمل ، فقد جاء في سورة العصر " إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات" فكل إنسان في خسر مالم يؤمن ويعمل .
وجاء عند البخاري باب من قال أن الإيمان هو العمل لقول الله تعالى " وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون" وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون" عن قول لا إله إلا الله " لمثل هذا فليعمل العاملون".

وقد أشار الطاهر ابن عاشور إلى فائدة لطيفة في قوله تعالى " أولئك هم خير البرية " فقال : وقدم الثناء عليهم على بشارتهم على عكس نظم الكلام المتقدم في ضدهم ليكون ذكر وعدهم كالشكر لهم على إيمانهم وأعمالهم فإن الله شكور .

فشكر العبد لربه بقيامه بالصالحات قوبل بالشكر من الله بأن قدم الثناء عليهم على بشارتهم، فالعقد الذي يسعى لإكمال إيمانه هو الذي يبادر لعمل الصالحات ليحظى بالخيرية والأجر العظيم ، بغض النظر عن ما إذا كانت الخيرية عامة أو الخيرية في أهل زمانه على اختلاف الاقوال التي ذكره القرطبي.

ختامًا فالمؤمن الحق الذي يصدق بقلبه ويقر بذلك ، وينطق به بلسانه ويعمل بمقتضى الإيمان بجوارحه فإنه تعالى سيسأل المرء عما عمله ويجازيه عليه فالتفاضل في الأعمال هو تفاضل في الإيمان .

المصادر :
صحيح البخاري
تفسير القرطبي
تفسير الطاهر ابن عاشور
تفسير ابن كثير

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 11 جمادى الآخرة 1442هـ/24-01-2021م, 08:27 AM
أماني خليل أماني خليل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 124
افتراضي

رسالة في تفسير قوله تعالى : { ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه والله بكل شيء عليم } .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما ام يعلم ، والصلاة والسلام على هادي الأمم ، من أوتي جوامع ااكلم ، وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد .
فهذه وقفة مع قول الله تعالى : ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه والله بكل شيء عليم ) .
فيها بعض اللطائف التي يحسن الوقوف عليها وتأمّلها والتفكر في معانيها .

ومن ذلك أن المصيبة هنا يندرج تحتها جميعالمصائب في النفس والمال والولد والأحباب ونحو ذلك ، فجميع ما أصاب العباد بقضاء الله وقدره ، قد سبق بذلك علمه ، وجرى به قلمه ، ونفذت به مشيئته ، واقتضته حكمته .
ومنها : أن الشأن كل الشأن عند حلول المصائب خهل يقوم العبد بالوظيفة التي عليه في هذا المقام أم لا ؟
فإن قام بها فله الثواب الجزيل ، والأجر الجميل في الدنيا والآخرة .

ومنها : أن من آمن أن المصيبة من عند الله فرضي بذلك وسلّم لأمره هدى الله قلبه ، فاطمأنّ ولم ينزعج عند المصائب ، ورزقه الله الثبات عند ورودها ، والقيام بموجب الصبر ؛ فيحصل له بذلك ثواب عاجل مع ما يدخره الله له يوم الجزاء من الأجر العظيم ، كما قال تعالى : ( إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب ) .
ومنها : أن من لم يؤمن بالله عند ورود المصائب بأن لم يلحظ قضاء الله وقدره بل وقف مع مجرد الأسباب ، أنه يُخذل ويكله الله إلى نفسه ، وإذا وُكل العبد إلى نفسه فالنفس ليس عندها إلا الهلع والجزع الذي هو عقوبة عاجلة على العبد قبل عقوبة الآخرة على ما فرّط في واجب الصبر .
ومنها : أن الله أخبر أنّ كلّ من آمن - أي الإيمان المأمور به وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره - وصدّق إيمانه بما يقتضيه الإيمان من لوازمه وواجباته أنّ هذا أكبر سبب لهداية الله له في أقواله وأفعاله وجميع أحواله ، وفي علمه وعمله .
ومنها : أن أفضل جزاء يعطيه الله لأهل الإيمان هو هداية قلوبهم وتوفيقهم إلى الثبات عند المصائب .
ومنها : أن أصل الثبات ثبات القلب وصبره ويقينه عند ورود كل فتنة .
يتبيّن مما سبق الفضل العظيم والخير العميم الذي يناله العبد إذا حقق الإيمان في قلبه ، فاستكمل أركانه ، وقام بما يقتضيه ذلك الإيمان من أعمال وواجبات .
فعلى قدر ما يحقق من الإيمان يكون له من هداية القلب وثباته عند المصائب والمحن .
فمن هنا كان حريا بالعبد أن يعتني بإيمانه ؛ فإن الإيمان يزيد وينقص ، وأن يسأل الله عز وجل تجديد الإيمان في قلبه ، كما أوصانا بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فإن ذلك أصل فلاح العبد في الدنيا والآخرة .
نسأل الله أن يجدد الإيمان في قلوبنا ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 12 رجب 1442هـ/23-02-2021م, 09:00 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سارة المري مشاهدة المشاركة
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله .
وبعد:

فالإيمان هو تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
فالايمان إقرار قلبي وتصديق، وذلك يبعث النفس إلى البذل والقيام بما أمر به الشرع والانتهاء عما نهى عنه وزجر.
وقد ذكر الإمام البخاري في مقدمة كتاب الإيمان: أنه قول وفعل ويزيد وينقص، فلا إقرار دون عمل ، فالمؤمن الحق من يبادر إلى الأعمال الصالحة التي تثبت حقيقة إيمانه وتظهره ، فقد رتّب سبحانه على ذلك أجورًا عظيمة وفضائل عديدة:
قال تعالى " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ" فقد عقد سبحانه خيرية البشر على عملهم بمقتضى إيمانهم، وقد ذكر القرطبي وابن كثير رحمهما الله أن من العلماء من يستدل بهذه الآية على خيرية المؤمنين على الملائكة الذين هم عباد الرحمن الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
ورتب سبحانه على ذلك أجرًا غير مقطوع ولا ممنون لمن أتبع إيمانه بالعمل فقال سبحانه " فلهم أجر غير ممنون" ، فمن حقه سبحانه على خلقه أن يشكروه سبحانه بأداء ما افترضه عليهم وأن يتقربوا له بما يحبه .
فسيدنا محمد ﷺ أول من تفتح له أبواب الجنة قال عنه عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبداً شكورا متفق عليه.
فالعبد يترجم إيمانه بعمله لا بمجرد تصديق قلبه ، وقد أقترن الإيمان بالعمل الصالح في مواضع عدة من القرآن يمدح فيه على ذلك ورتب له حسن الجزاء:
- ﴿فَأَمَّا الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ فَيُوَفّيهِم أُجورَهُم وَيَزيدُهُم مِن فَضلِهِ ﴾ [النساء: 173]
فالمؤمن يفرح بفضل ربه وأنه سبحانه يزيد ذلك بعمل عبده بالاعمال الصالحة، وقال تعالى في سورة المؤمنون " قد أفلح المؤمنون " ماذا جاء بعدها " الذين هم في صلاتهم خاشعون .." فذكر أعمال الجوارح بعد تأكيد مسمى الإيمان لهم.
- ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ لَهُم مَغفِرَةٌ وَأَجرٌ عَظيمٌ﴾ [المائدة: 9]، فالمؤمن العامل موعود بالاجر العظيم ، فالله سبحانه عظيم وإذا وعد بعظيم فهو أكبر من أن يتصوره العبد .
- ﴿الَّذينَ ءامَنوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ طوبىٰ لَهُم وَحُسنُ مَـٔابٍ﴾ [الرعد: 29] فالمرجع الحسن والحياة الطيبة من فضل الله على خير البرية.

فالمرء بلا إيمان في خسران حتى يهديه ربه تعالى إلى الإيمان ويتبعه بالعمل ، فقد جاء في سورة العصر " إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات" فكل إنسان في خسر مالم يؤمن ويعمل .
وجاء عند البخاري باب من قال أن الإيمان هو العمل لقول الله تعالى " وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون" وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون" عن قول لا إله إلا الله " لمثل هذا فليعمل العاملون".

وقد أشار الطاهر ابن عاشور إلى فائدة لطيفة في قوله تعالى " أولئك هم خير البرية " فقال : وقدم الثناء عليهم على بشارتهم على عكس نظم الكلام المتقدم في ضدهم ليكون ذكر وعدهم كالشكر لهم على إيمانهم وأعمالهم فإن الله شكور .

فشكر العبد لربه بقيامه بالصالحات قوبل بالشكر من الله بأن قدم الثناء عليهم على بشارتهم، فالعقد الذي يسعى لإكمال إيمانه هو الذي يبادر لعمل الصالحات ليحظى بالخيرية والأجر العظيم ، بغض النظر عن ما إذا كانت الخيرية عامة أو الخيرية في أهل زمانه على اختلاف الاقوال التي ذكره القرطبي.

ختامًا فالمؤمن الحق الذي يصدق بقلبه ويقر بذلك ، وينطق به بلسانه ويعمل بمقتضى الإيمان بجوارحه فإنه تعالى سيسأل المرء عما عمله ويجازيه عليه فالتفاضل في الأعمال هو تفاضل في الإيمان .

المصادر :
صحيح البخاري
تفسير القرطبي
تفسير الطاهر ابن عاشور
تفسير ابن كثير
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
الدرجة: أ

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 12 رجب 1442هـ/23-02-2021م, 09:13 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أماني خليل مشاهدة المشاركة
رسالة في تفسير قوله تعالى : { ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه والله بكل شيء عليم } .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما ام يعلم ، والصلاة والسلام على هادي الأمم ، من أوتي جوامع ااكلم ، وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد .
فهذه وقفة مع قول الله تعالى : ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه والله بكل شيء عليم ) .
فيها بعض اللطائف التي يحسن الوقوف عليها وتأمّلها والتفكر في معانيها .

ومن ذلك أن المصيبة هنا يندرج تحتها جميعالمصائب في النفس والمال والولد والأحباب ونحو ذلك ، فجميع ما أصاب العباد بقضاء الله وقدره ، قد سبق بذلك علمه ، وجرى به قلمه ، ونفذت به مشيئته ، واقتضته حكمته .
ومنها : أن الشأن كل الشأن عند حلول المصائب خهل يقوم العبد بالوظيفة التي عليه في هذا المقام أم لا ؟
فإن قام بها فله الثواب الجزيل ، والأجر الجميل في الدنيا والآخرة .

ومنها : أن من آمن أن المصيبة من عند الله فرضي بذلك وسلّم لأمره هدى الله قلبه ، فاطمأنّ ولم ينزعج عند المصائب ، ورزقه الله الثبات عند ورودها ، والقيام بموجب الصبر ؛ فيحصل له بذلك ثواب عاجل مع ما يدخره الله له يوم الجزاء من الأجر العظيم ، كما قال تعالى : ( إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب ) .
ومنها : أن من لم يؤمن بالله عند ورود المصائب بأن لم يلحظ قضاء الله وقدره بل وقف مع مجرد الأسباب ، أنه يُخذل ويكله الله إلى نفسه ، وإذا وُكل العبد إلى نفسه فالنفس ليس عندها إلا الهلع والجزع الذي هو عقوبة عاجلة على العبد قبل عقوبة الآخرة على ما فرّط في واجب الصبر .
ومنها : أن الله أخبر أنّ كلّ من آمن - أي الإيمان المأمور به وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره - وصدّق إيمانه بما يقتضيه الإيمان من لوازمه وواجباته أنّ هذا أكبر سبب لهداية الله له في أقواله وأفعاله وجميع أحواله ، وفي علمه وعمله .
ومنها : أن أفضل جزاء يعطيه الله لأهل الإيمان هو هداية قلوبهم وتوفيقهم إلى الثبات عند المصائب .
ومنها : أن أصل الثبات ثبات القلب وصبره ويقينه عند ورود كل فتنة .
يتبيّن مما سبق الفضل العظيم والخير العميم الذي يناله العبد إذا حقق الإيمان في قلبه ، فاستكمل أركانه ، وقام بما يقتضيه ذلك الإيمان من أعمال وواجبات .
فعلى قدر ما يحقق من الإيمان يكون له من هداية القلب وثباته عند المصائب والمحن .
فمن هنا كان حريا بالعبد أن يعتني بإيمانه ؛ فإن الإيمان يزيد وينقص ، وأن يسأل الله عز وجل تجديد الإيمان في قلبه ، كما أوصانا بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فإن ذلك أصل فلاح العبد في الدنيا والآخرة .
نسأل الله أن يجدد الإيمان في قلوبنا ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

بارك الله فيك، وأحسنتِ في رسالتك لكنها ليست بالأسلوب الوعظي بل بالأسلوب الاستنتاجي فهو فيها أظهر.

أمّا الأسلوب الوعظي فيقوم على التبصير بالهدى والبينات، وترقيق القلوب، وتزكية النفوس، والحث على التقوى والإحسان، والتحذير من الفتن والأهواء، والبشارة والإنذار، وهو أشبه ما يكون في الخطب، وفيها مقدمة تمهيدية وخاتمة، ويُحلّى مضمونها ببعض العبارات الموجزة والمؤثرة المنتقاة لأهل العلم، وبعض القصص المتضمنة للعبر والآيات المؤثرة على نفوس المتلقين.


- أوصيكِ بإعادة الرسالة وفقكِ الله، مع الاطلاع على التطبيقات الحسنة في المجلس.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir