دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 جمادى الأولى 1442هـ/29-12-2020م, 02:40 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي تطبيقات على درس الأسلوب المقاصدي

تطبيقات على درس الأسلوب المقاصدي
الدرس (هنا)

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 جمادى الأولى 1442هـ/29-12-2020م, 10:46 AM
إيمان جلال إيمان جلال غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 380
افتراضي

رسالة في تفسير قول الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} [الإخلاص:1]

هذه الآية الجليلة من سورة الإخلاص على قصرها إلا أنها واسعة الدلالة، عميقة المعاني، وافرة الثمار التي تؤسس لعقيدة صافية نقية. فمع أننا نعلم الكثير عن فضائلها ونكررها في اليوم والليلة مرارا وتكرارا إلا أنه وعند الإلمام بمعانيها العميقة نعود على أنفسنا باللوم لغفلتنا عن تدبرها ومعرفة مقاصدها.
وسنقف وقفات عند هذه الآية المباركة ونتفكر في معانيها لعل الله أن ينفع بها.

"قل" بهذه الكلمة أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يذب عن ربه ما نسبه إليه المشركون من الولد والصاحبة، فتقر بهذا الذب عيون الموحدين، وتزول به ضلالات المشركين وذلك عند معرفتهم لرب العالمين.
فأمر تعالى رسوله الكريم أن يقول للمشركين: "هو الله أحد"، أي أن يعلن الأحدية لله وحده، الأحدية التي تعني أن الله واحد متفرد في ذاته وفي كل أسمائه وصفاته وأفعال، ليس كمثله شيئ، ورد اسم الله (الأحد) في القرآن مرة واحدة فقط وفي هذه السورة المباركة فقط.
فالله أحد يحتاجه كل شيء في كل شيء وهو سبحانه ليس محتاجا إلى شيء، ولمعرفة معنى الأحدية يجب أن نعلم أنها تتضمن كلا من المعاني التالية:
- أحدية الوجود.
- أحدية الربوبية.
- أحدية الألوهية.
- أحدية الأسماء والصفات والأفعال.

1) أما أحدية الوجود: فليس كحقيقة وجوده حقيقة، وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده، وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده من ذلك الوجود الحقيقي، ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية، فهو سبحانه واحد في ذاته، ليس كمثله شيء.


2) وأما أحدية الربوبية: فلا خالق ولا مالك ولا رازق ولا محيي ولا مميت إلا هو سبحانه، فالله وحده هو الذي قام كل الخلق به، ولا يقوى غيره على أن يخلق ذبابة، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوب} [الحج:73]
بيده الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله، يشهد كل شيء على عظمته، الكون ودقته، المخلوقات وتناسقها، الأفلاك ومساراتها وتناغمها كلها تدل على وحدانيته سبحانه في تدبيره وتصريفه لشؤون خلقه.
وهذا ما لم ينكره مشركو قريش، لعلمهم أن خلق السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما – فيما عدا الله – لا يقدر عليه إلا الله، قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون} [العنكبوت:61]


3) وكذلك أحدية الألوهية: فلا يستحق من هذه أفعاله أن يصرف أي شيء من العبادة إلا له وحده، فلا يعظم ولا يحب محبة مطلقة إلا هو، ولا يستحق سواه التذلل عند بابه، عندها يدرك العبد الهدف من حقيقة وجوه، وهي توحيد الله بالعبادة، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون} [الذاريات:56]


4) والله أحد في أسمائه وفي صفاته وفي أفعاله: فيفرد سبحانه بالأسماء الحسنى والصفات العلى، فيؤمن العبد أنه لا شافي إلا الله، ولا عزيز إلا الله، ولا عليم ولا سميع ولا بصير إلا الله، قد كمل في جلاله وفي جماله وفي عظمته، تبارك اسمه، وتعالى جده، لا إله غيره، قال تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ} [الأعراف:180]

- فمن كانت هذه صفته، فيجب تنزيهه سبحانه عن كل نقص، فكيف ينكر الملحدون وجوده؟ وكيف يدعون أن الكون خلق صدفة؟ وهل الصدفة هي من جعلت الكون متسقا منتظما بهذه الدقة؟ ألا تبت أيديهم وشاهت وجوههم.
- وكيف ينسب المشركون لله الصاحبة والولد كما فعلت اليهود حين نسبوا عزيرا لله ابنا، وكما قالت النصارى عن عيسى أنه ابن الله – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا – فكيف يكون لله ولد وهو الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد؟
وما نراه من شرك عند كل أهل العقائد الباطلة ما هو إلا لأنهم ما قدروا الله حق قدره، ولم يتعرفوا على خالقهم الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ولم يقروا بوحدانيته وتفرده سبحانه بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات، فلا يستغرب منهم ذلك، ولكن نعتب على أهل الملة الذين يحتفلون هذه الأيام مع من ينسب لله الأحد الصمد الابن، فأين هم من فهم هذه الآية العظيمة؟ كيف يشاركون من يؤذي الله بادعاء الولد له؟ فقد قال تعالى في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: "قالَ اللَّهُ تبارَك وتعالى كذَّبني ابنُ آدمَ ولم يَكن ينبغي لهُ أن يُكذِّبني وشتَمني ابنُ آدمَ ولم يَكن ينبغي لهُ أن يشتُمَني أمَّا تَكذيبُه إيَّايَ فقولُه إنِّي لا أعيدُه كما بدأتُه وليسَ آخِرُ الخلقِ بأعزَّ عليَّ من أوَّلِه وأمَّا شتمُه إيَّايَ فقولُه {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} وأنا اللَّهُ أحدُ الصَّمدُ لم ألِد ولم أولَد ولم يَكن لي كفُوًا أحدٌ".


وقد بيّن سبحانه شناعة قولهم هذا فقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا، تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا، أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا، وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا، إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا، لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم:88-95]

فالله هو الحق، وكل ما يعبد سواه هو الباطل، وكل عمل يقرب إليه هو الحق، وكل عمل يحجب عنه هو الباطل.
وصدق لبيد بن ربيعة في نظمه للأبيات:
فَيا عَجَباً كَيفَ يُعصى الإِلَهُ أَم كَيفَ يَجحَدُهُ الجاحِدُ
وَفي كُلِّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ تَدُلُّ عَلى أَنَّهُ واحِدُ
وَلِلَّهِ في كُلِّ تَحريكَةٍ وَتَسكينَةٍ أَبَداً شاهِدُ



لذلك ندب الشرع لنا تكرار السورة - التي فيها الآية محل الدراسة - في اليوم والليلة، لتبقى تلك المعاني حاضرة باستمرار في قلوبنا وعلى ألسنتنا، فهي سورة يحبها الله، ويحب من يحبها، استحقت أن تكون سورة الإخلاص، سورة التوحيد، الذي هو أعظم مقاصد القرآن، وهذه السورة وافقت المقصد الأساسي من نزول القرآن، فلا يعبد سوى الله، ولا يمجد ولا يعظم إلا هو، فعلى عباده أن يفردوه بالتوكل عليه وتفويض الأمور إليه، فيستحضروا ضعفهم وفقرهم وعجزهم ويعتمدوا على القوي القادر الغني، فيصمدوا إلى ربهم الصمد، فيفردونه في سؤاله حاجاتهم كلها، صغيرها وكبيرها، ويستفرغون الوسع في التقرب إليه وإحسان عبادته سبحانه وتعالى الأحد.

المصادر:
- تفسير الطبري.
- تفسير ابن عطية.
- تفسير ابن كثير.
- تفسير ابن عاشور.
- تفسير الرازي.
- شرح أسماء الله الحسنى لعدة مشايخ

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 جمادى الأولى 1442هـ/31-12-2020م, 10:43 PM
هنادي الفحماوي هنادي الفحماوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 283
افتراضي

(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني سبحان الله وما أنا من المشركين)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. إن هذا القرآن بعثه الله منهاجا ودليلا يرشد الناس لصالحهم في دنياهم وأخراهم.
وهذه الآية الكريمة تمثل شعارا يتمثله الدعاة إلى الله وترسم لهم حدود وأسس دعوتهم ونقطة الإنطلاق والغاية والوسيلة.
الله جل جلاله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية: قل يا أيها الرسول هذه طريقتي أدعو إلى عبادة الله وحده على حجة من الله ويقين أنا ومن اقتدى بي وأنزه الله سبحانه وتعالى عن الشركاء ولست من المشركين.
فهنا يشرف الله رسوله ويجعله القدوة والمثال لكل من أراد الدعوة إلى الله إلى أن يتمثل به وبنهجه فهي الطريق التي ارتضاها له ولمن جاء من بعده. قال مقاتل: ديني
ويشرف كذلك كل من سلك هذا النهج ولم يحد عنه؛ قال ابن عباس: يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على أحسن طريقة وأقصد هداية معدن العلم وكنز الإيمان وجند الرحمن.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: من كان مستتنا فليستن بمن مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمة وأبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه فاعرفوا لهم فضله واتبعوهم في آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.
فعلم من هذه البداية أن من أراد الدعوة إلى الله فليس له أن يحيد عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه فيتبع ولا يبتدع لأنه من لم يكن على طريقهم لن يقبل منه؛ قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
والأمر الآخر الذي نستفيده من هذا التوجيه الإلهي للرسول صلى الله عليه وسلم هو وجوب إعلان المنهج وتبيانه للناس فيكون واضحا جليا لا لبس فيه متميزا عما عداه من المناهج الباطلة التي قد يختلط بها الحق بالباطل فالله يقول لنبيه (قل هذه سبيلي) فهو سبيل واحد واضح متميز (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)
ولا يجب أن تختلط دعوتك بباطل الدعاوى الأخرى بل تنبذها وتعلن البراءة منها (فلا تطع المكذبين *ودوا لوتدهن فيدهنون) واعلنها بكل ثبات وقوة (لكم دينكم ولي دين)
وقد أحسن سيد قطب في ظلال القرآن حين وصف هذا التبري والتميز فقال: أصحاب الدعوة إلى الله لا بد لهم من هذا التميز، لا بد لهم أن يعلنوا أنهم امة وحدهم يفترقون عمن لا يعتقد عقيدتهم ولا يسلك مسلكهم ولا يدين لقيادتهم.
وأكمل قائلا: ولا يكفي أن يدعو أصحاب هذا الدين إلى دينهم وهم متميعون في المجتمع الجاهلي فهذه الدعوة لا تؤدي شيئا ذا قيمة... فلا بد لهم منذ اليوم الأول أن يعلنوا أنهم شيء آخر غير الجاهلية وأن يتميزوا بتجمع خاص آصرته العقيدة المتميزة وعنوانه العقيدة الإسلامية.
ثم بينت الآية هذا السبيل وملامحه فمن أراد الدعوة على منهج النبي صلى الله عليه وسلم فإن غايته التعريف بالله جل وجلاله والتعريف بطريقه الذي ينال به رضاه ويتقي به سخطه.
وهذا التعريف والبيان لا يستطيعه الداعي إلا بالعلم.
وهذا المراد بقوله تعالى (على بصيرة)
جاء في تاج العروس: البصيرة عقيدة القلب، قال الليث: البصيرة اسم لما اعتقد في القلب من الدين وتحقيق الأمر
وقيل: هي قوة القلب المدركة وقيل : على معرفة وتحقيق.
فمن أراد الدعوة بالله فعليه ان يتسلح بالعلم الصحيح وأن يطلبه من موارده الصحيحة؛ الكتاب والسنة الصحيحة فلا يقدم عقله على النصوص كما فعلت بعض الفرق الضالة فأعملت عقلها في النصوص وردت ما لم يقبله عقلها سواء كان ذلك في أسماء الله وصفاته أو في احكامه وشرعه.
والدعوة إلى الله واجبة ورسم الله ملامحها في كثير من آي الكتاب ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون)
ذكر الطبري في بيان معنى هذه الآية: أن الخير هو الإسلام وشرائعه التي شرعها الله لعباده والمعروف هو اتباع محمد صلى الله عليه وسلم والمنكر هو الكفر بالله والتكذيب بمحمد وبما جاء به من عند الله فهؤلاء هم المنجحون عند الله الباقون في جناته ونعيمه.
وعرف أهل العلم المعروف أنه ما عرف حسنه شرعا وعقلا والمنكر هو ما عرف قبحه شرعا وعقلا.
(وسبحان الله وما أنا من المشركين)
اختتم الله الآية بلازم هذه الدعوة وروحها وهو تنزيه الله عن كل ما لا يليق به من صفات واقوال وأفعال وعن كل الأنداد التي يلحقونها به تعالى الله عنهم ونبذ الشرك والبراءة من المشركين واهله.
وفي هذه الأيام تبدو الحاجة ماسة لتمثل هذه الآية لما نراه من انتشار لأمور شركية صبغت بصبغة ثقافية وأنها نتاج اختلاط الشعوب وصار الناس لا يتورعون عنها مع خطورتها الشديدة من الاحتفال بأعياد النصارى الشركية وتهنئتهم بدعوى أنها من صنف التعايش السلمي وقبول الآخر.
فلا يجب أن نخجل أن نعلن البراءة من كل هذه المظاهر ونتخوف من أن يرفضونا لأنه (من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس).
والله أعلم.



المصادر:
تفسير الطبري
تفسير البغوي
تفسير في ظلال القرآن
تاج العروس
صفوة التفاسير

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19 جمادى الأولى 1442هـ/2-01-2021م, 08:47 PM
رولا بدوي رولا بدوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 341
افتراضي

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) سورة الحجرات
سورة الأخلاق ، سورة الحجرات ، نزلت السورة في المدينة بعد الهجرة و بعد أن استقر الحال ، فكان و لا بد من تنظيم المجتمع داخلياً و تهيئته ليقوم بناؤه على أسس قوية ، فحملت السورة بين آياتها أوامر و نواهي و مفاهيم هي من أركان الحفاظ على كيان المجتمع المسلم القوي ، الذي وصفه النبي صلى الله عليه و سلم ( كالجسد الواحد ) ،.
في هذه الآية تقرير لأمر هو عماد المجتمع المسلم ، أن المؤمنين المصدقين بالله و رسوله و بالدين الذي أرسل به هم إخوة ، و الأخوة هنا في الدين و مثلها مثل الأخوة الحقيقة فيما يلزم منها ، إلا أنها الأصل ، فعُرى الإيمان إذا انفصمت قطعت وصل الأخوة بالرحم ، كما جاء في سورة هود عندما نفى الله عز و جل عن بن نوح أنه من أهله (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ ) و كقول إبراهيم و من اتبعه لقومهم (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) ، المؤمنون الذين اتبعوا الصراط المستقيم ؛إخوة ،أي أنه من لازم اتباع الصراط أنهم إخوة ، حقيقة من يسمعها يقبلها و يلمس حقيقتها فيما حوله .
و الأخوة تلزم المؤمنين بينهم بناموس من الأخلاق و المعاملات ، فللمؤمن حق على أخيه المؤمن ، و حق هنا مفرد و لكن هي مجموعة من الحقوق ، بينها الرسول صلى الله عليه و سلم في عدد من الأحاديث منها ؛ في الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر "
و قال صلى الله عليه و سلم ( لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هاهُنا ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ ) رواه أبو هريرة.

و قال صلى الله عليه و سلم في رواية عن بن عمر ( المُسلِمُ أخو المُسلِمِ، لا يَظْلِمُه، ولا يَخْذُلُه. ويقولُ: والَّذي نفْسُ محمَّدٍ بيَدِه، ما تَوادَّ اثنانِ ففُرِّقَ بيْنهُما، إلَّا بذَنْبٍ يُحْدِثُه أحَدُهُما. وكان يقولُ: للمَرءِ المُسلِمِ على أَخيهِ مِنَ المعروفِ سِتٌّ: يُشَمِّتُه إذا عَطَس، ويَعُودُه إذا مَرِض، ويَنصَحُه إذا غابَ، ويَشْهَدُه ويُسَلِّمُ علَيهِ إذا لَقِيَه، ويُجيبُه إذا دَعاهُ، ويَتْبَعُه إذا مات. ونَهَى عن هِجرةِ المُسلِمِ أَخاهُ فَوْقَ ثلاثٍ.
هذه حقوق الأخوة في الدين التي وصى بها رسول الله صلى الله عليه و سلم ،و باتباعها الخير الكثير ، بها يكون المجتمع كما وصفه رسول الله كالبنيان المرصوص ، و ما يربطه أوثق عرى ، هي عرى الإيمان ، التي هي حبل الله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) ، فتتوحد القلوب و العقول ، و تنهض الأمة .

و الأخوة لتتحقق يلزمها الإتيان بما يحافظ عليها ، بتأمل سورة الحجرات نجد الآيات تتابعت في وضع أسس المجتمع القوي الذي يقوم على أخوة الإيمان و التي هي أسباب الحفاظ على وحدته ، قال تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) ، عدم قبول الخبر دون التـأكد منه ، فقد يكون وشاية تنشر الفرقة و هذا شبيه بما نهى الله عز و جل عنه ((وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83) ، فنشر الأخبار دون التـأكد منها من أسباب الضعف ، فكم من إشاعة هُزِمت بها دول ، و كم من إشاعة نشرت الفزع بين الناس و الخف ، فكانت سبباً للإنهزام النفسي .
و بعد هذه الآيات نجد مزيد تفصيل للأسباب التي قد يغفل عنها الإنسان أنها من أسباب انتشار الحقد و البغض و النفور بين أفراد المجتمع ، فيصبح ضعيفاً ، منشغلاً بالقيل و القال و ينتشر بين أفراده العداوة و البغضاء ، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ(12)
جاء بالأمر والنهي و جاء بالتشبيه المنفر ، كل ذلك حتى يدفع عن المجتمع هذه الأمراض التي إذا سرت به أصبحت ثغورا للأعداء يقفون عليها ، يترصدون المسلمين .
و الآيات في سورة الحجرات لبنة من لبنات بناء المجتمع المتماسك الخالي من الأمراض التي تودي به ، و اللبنات بين آي القرآن كثيرة .
ما نراه من اهتمام في القرآن و في السنة ، بتأكيد الأخوة في الدين، و ما يلزمها ، و ما تقوم به، هو دليل على أن هذا الجانب هو ركن متين لا يجب أن يغفل عنه المسلمين ، و لا يجب أن يُهمل ، و هو جانب إلى جوانب أخرى هي من أسباب صلاح المجتمع المسلم ،في اجتماع الأخذ بها قوة للمجتمع المسلم ، القرآن منهج للحياة ، فيه الهدى القويم ، لذا جاء بمنظومة متكاملة وضع من القواعد هي لبنات ، تقوي بعضها بعضاً ، و هي كلها تحقق الوصول للطريق المستقيم الذي ندعو به في سورة الفاتحة ( إهدنا الصراط المستقيم )
نطلب الهداية للتي أقوم في كل شيء و مما يهدي له الأخلاق أو الصفات أو السلوك، و كل ما يصلح النفس أولاً، و المجتمع تباعاً ، وإصلاح المجتمع مما يقويه و يحفظه من الأمراض الاجتماعية ؛ الحقد و البغض و الكره ، و غيرذلك من الأمراض التي إذا تفشت في مجتمع أضعفت أسسه، و كانت شروخاً فيه تفتك به من الداخل ، فلا تقوم له قائمة و يتقذفه الأعداء و يناله من الذلة و المهانة ما يناله .
وبالنظر لهذه الآية ، نجد أن تقرير الأخوة جاء لأجل السعي للإصلاح بين المؤمنين (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ) ، و هذه هي الغاية و الهدف من جميع الأحكام و الأوامر و النواهي ، نبذ الفرقة و التصالح ، و هذا ما نحتاجه اليوم و ما أشد حاجتنا اليوم للرجوع إلى القرآن ، و استعادة معاني الأخوة الإيمانية الحقة ، التي هي من أهم أسباب نصرة المسلمين سابقاً و الآن ، قال تعالى ({‏وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46 وأكد سبحانه النهي عن التنازع بذكر مفاسده وأضراره وأخطرها الفشل وذهاب الريح، قال الرازي رحمه الله (وفيه مسائل: المسألة الأولى: بين تعالى أن النزاع يوجب أمرين، أحدهما: أنه يوجب حصول الفشل والضعف، والثاني: قوله {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} وفيه قولان، و القول الذي يناسب السياق : المراد بالريح الدولة، شبهت الدولة وقت نفاذها وتمشية أمرها بالريح وهبوبها، يقال هبت رياح فلان إذا دانت له الدولة ونفد أمره و قوة هذا القول ؛ لأنه تعالى جعل تنازعهم مؤثراً في ذهاب الريح .
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضى لكم: أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)
و حرص القرآن الكريم على وحدة هذه الأمة ظاهر بين في التشريعات ،و الأحكام التي تهدف لنشر الرحمة و المحبة بين أبنائه ، من أول الحرص على الكيان الصغير و هو الأسرة أن يكون بناؤه سليم ، قوي ، اختيار الزوجة الصالحة و الزوج الصالح ( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ ) ، و الحرص على أن يكون بناء أفرادها سليم ، قال تعالى (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) ، و حرص على العلاقة بين الزوجين فجاءت الآيات تحث على أن يكون الأمر بينهما بالمعروف في جميع الأوقات ، قال تعالى (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ ) و قال (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ) خص وقت الشدة ، و هو الطلاق بهذا الأمر ، فمن باب أولى أن يكون ذلك في أوقات الرخاء ، فتكون الأسرة حتى مع الفرقة في حالة إتزان ، و قوة ، و لا ينال الأطفال سوء من الطلاق ، فينمون أقوياء أصحاء ، بلا أمراض نفسية .
و من تحديد المعاملات بين الناس بما يزيل البغضاء بينهم ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)و هذا بين أفراد الأسرة الواحدة وبين أفراد المجتمع ، و أجمع آية للبر والفضل ومكارم الأخلاق التي تصلح المجتمعات قوله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} [آل عمران: 134
مدح الله تعالى أفعال الأنصار التي كانت عن محبة ، محبة لله و محبة لإخوانهم قال تعالى ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ )
وصف الله عز و جل المجتمع الإسلامي في عهد رسول الله ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ)
آيات كثيرة تحمل في جميعها دعوات للمحبة و الإحسان بين المسلمين ، قواعد وضعها الله عز و جل وغيرها كثير ، جميعها تصب في جانب المحافظة على كيان المجتمع المسلم من الفرقة و من الشقاق ، و تهدف لإصلاح المجتمع المسلم من الجانب الاجتماعي ، فيسوده الحب و التعاون و الإيثار و الإحسان ،و التكافل و التعاون ، و تتحقق العزة ونستحق النصرة من الله عز و جل ، و كل ذلك نفتقده اليوم ، ففي القلب غصة من حال المسلمين ، انشغلوا بكل سبب من أسباب الفرقة و تركوا هدي القرآن ، فنالهم الذل و المهانة و قصر ذات اليد ، و لو عادوا ، لعاد لهم ما فقدوا.
(و اتقوا الله لعلكم ترحمون) ، هذا ختام الآية و الذي يعني أن استجابتكم لأوامر الله هي من تقوى القلوب ، لأجل ، و رجاء أن تنالوا رحمة الله ، فالقيام بحق الأخوة في الدين على وجهها من التراحم الذي يحبه الله ، فيكون الجزاء من جنس العمل ، فيشملكم برحمته ،قال تعالى (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)) ،قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ . ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ ، الرَّحمُ شُجْنةٌ منَ الرَّحمنِ فمن وصلَها وصلَهُ اللَّهُ ومن قطعَها قطعَهُ اللَّهُ ) .
و من رحمة الله أن يعز المسلمين بعد ضعف أصابهم ، فإذا أخذنا بالأسباب و كنا بنياناً مرصوصاً ، نلنا نصرة الله عز و جل قال عز وجل: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ۝ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ [الحج:40، 41] ا.
من رحمة الله أن كان القرآن لنا هدياً و منهجاً ، من رحمة الله أن بين لنا فيه ما يُصلحنا ، فهو أعلم بنا منا ، من رحمة الله أن جعل الأخوة في الدين هي الأصل ، رحمات الله تتنزل علينا تترى ، و لا ننفك نراها في كل هدي يهدينا به ، فسبحان الله الحكيم العليم , و الحمد لله رب العالمين .
المصادر
تم الإطلاع على ما جاء من رسائل مع الدرس بالإضافة إلى :
الاطلاع على مقاصد بن عاشور
الإطلاع سريعا على بعض أبواب من موافقات الشاطبي
الإطلاع على رسالة تقارن بين المقاصد بين المفسرين
تفسير الطبري
تفسير بن كثير
تفسير السعدي

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 جمادى الأولى 1442هـ/3-01-2021م, 04:47 AM
سعاد مختار سعاد مختار غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 307
افتراضي

⚪ رسالة تفسيرية : الأسلوب المقاصدي ⚪
موضوع الرسالة قوله تعالى { فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً } 5-6 الشرح

 الكثير منا يشده الإعجاز اللغوي البياني أو الإعجاز العلمي ( كما يسمونه ) في القرآن الكريم ولكننا نغفل غفلة عجيبة عن الإعجاز المقاصدي لكل سورة من سور القرآن وهذا يفوت علينا سهولة الوصول إلى معاني الآيات والمراد منها لأنه وكما يقول الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى : "التدبر إنما يكون لمن نظر في المقاصد ".
 وكان شيخ الإسلام ابن تمينة رحمه الله إماما في علم المقاصد .

▫اخترت في رسالتي هذه قوله تعالى { فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً } الشرح
 اقترب من مقصود خطابها ولباب مرادها فهي بشارة جاءت في سورة مكية كلها خير ويسر وهي سورة الشرح أو الانشراح كما تسمى أحيانا .

▫كان المقصد المحوري الأهم في هذه السورة الكريمة هو بيان عظم منة الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم تسلية له وتخفيفا من العسر الذي يلاقيه في طريق دعوته ومن ثم التبشير بقدوم اليسر وما يستوجب من شكر وإحسان.


▫ لم يثبت في نزولها شي ،غير أن الحافظ ابن كثير وغيره أورد في تفسيره عن ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سَأَلْتُ ربِّي مسألةً و ودِدْتُ أَنِّي لمْ أَسْأَلْهُ ، قُلْتُ : يا رَبِّ ! كانَتْ قَبلي رسلٌ ، منهُمْ مَنْ سَخَّرْتَ لهُ الرِّياحَ ، و مِنْهُمْ مَنْ كان يُحيي المَوْتَى ، [ وكلمْتُ موسى ] قال : أَلمْ أَجِدْكَ يتيمًا فَآوَيْتُكَ ؟ ألمْ أَجِدْكَ ضالًا فَهَدَيْتُكَ ؟ ألمْ أَجِدْكَ عَائِلا فَأَغْنَيْتُكَ ؟ أَلمْ أَشْرَحْ لكَ صَدْرَكَ ، و وضَعْتُ عَنْكَ وِزْرَكَ ؟ قال : فقُلْتُ بلى يارَبُّ ! [ فَوَدِدْتُ أنْ لمْ أَسْأَلْهُ ]صححه الألباني في السلسلة الصحيحة .

▫مضت السورة الكريمة تعدد منن الله على عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك حتى كانت الآيات { فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً }_.
 جاءت هاتان الآيتان لتؤكدا المقصد الأول لموضوع السورة وهو تتابع نعم الله وفضله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد أجمع المفسرون أنه بعد تعداد الله لنعمه عليه من شرح الصدر ووضع الوزر ورفع الذكر بعد اشتداد الكرب وضيق الأمر عليه ممن يدعوهم ويعيش بين ظهرانيهم ، قرر السياق القرآني أن هذا قد جرى وفق سنن الله في خلقه وكونه من إحداث اليسر بعد العسر والسعة والفرج بعد الشدة والضيق وأن هذه سنة ماضية مطردة يجريها الله تعالى على ما سن من نواميس وأجرى من أقدار حكيمة فهو العليم الحكيم سبحانه .


 ▫ذكر البغوي وغيره في تفسيره لقوله تعالى فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً: أن الله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم وهو مقل مخفّ فكانت تعيره بذلك ، فاغتم النبي صلى الله عليه وسلم لذلك ، وظن أن قومه كذبوه لهذا ، فعدّد الله عليه نعمه في هذه السورة حتى قال سبحانه { فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً} أي لا يحزنك ما يقولون فإن لك يسر العاجلة في الدنيا ، فأنجزه وعده ففتحت عليه قرى العرب وأغناه سبحانه وتعالى حتى كان يعطي المئين من الإبل ويهب الهبات الجزيلات .
 ثم ابتدأ عليه فضلا آخر من أمر الباقية الآخرة فقال إن مع العسر يسراًتبشيرا بسعة الآخرة وعظم فضلها بعد سعة الدنيا وعطائها .



 ▫ذكر البغوي وغيره في تفسيره لقوله تعالى فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً: أن الله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم وهو مقل مخف فكانت تعيره بذلك ، فاغتم النبي صلى الله عليه وسلم لذلك ، وظن أن قومه كذبوه ، فعدد الله عليه نعمه في هذه السورة حتى قال سبحانهفإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراًأي لا يحزنك ما يقولون فإن لك يسر العاجلة في الدنيا ، فأنجزه وعده ففتحت عليه قرى العرب وأغناه سبحانه وتعالى حتى كان يعطي المئين من الإبل ويهب الهبات الجزيلات .
 ثم ابتدأ عليه فضلا آخر من أمر الباقية الآخرة فقال إن مع العسر يسراًتبشيرا بسعة الآخرة وعظم فضلها بعد سعة الدنيا وعطائها .
 ▫
▫يرى البغوي أن العسر الأول ويسره ،، هو اليسر في الدنيا بعد العسر فيها ، ويرى أن العسر الثاني ويسره يراد به : انه مع العسر في الدنيا للمؤمن يسر في الآخرة ، وأضاف قائلا ولربما يجتمع له اليسران يسر الدنيا ويسر الآخرة .
 وقال أكثر أهل العلم في المراد بالعسر واليسر هنا : أن العسر واحد وإن تكرر لأنه جاء معرفا ، واليسر نكّر في المرتين فدل على تعدده .
 كما قال ابن القيم رحمه الله : فالعسر محفوف بيسرين يسر قبله ويسر بعده فلن يغلب عسر يسرين .
▪


▪ المقصود من هاتين الآيتين ▪
 هذا خبر من الله عز وجل وخبر الله أصدق الأخبار وأوفاها وهو وعد منه تعالى ، وموعود الله لا يخلف ، فكلما ضاق على المرء الأمر انتظر اليسر القادم .
 إذا هي سنة ربانية ثابتة مطردة تؤكدها هذه الآية وتفسرها آية  سيجعل الله بعد عسر يسراً الآية ، وحديث رسول صلى الله عليه وسلم : واعلَم أنَّ النَّصرَ معَ الصَّبرِ وأنَّ الفَرجَ معَ الكَربِ وأنَّ معَ العُسرَ يُسرًا" . صححه
الألباني في تخريج كتاب السنة.
وما جاء في الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما : لن يغلب عسر يسرين
وعن ابن مسعود رضي الله عنه : لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه
-
▫قال البقاعي رحمه الله في نظم الدرر : لما كان العسر مكروهاً للنفوس ، وكان لله تعالى فيه حكم عظيمة ، وكانت الحكم لا تتراءى إلا للأفراد من العباد ، كرر سبحانه
اليسر مبشراًبه ، مع وحدة العسر


▫- تكرر اليسر لتأكيد الوعد وتعظيم الرجاء في القلوب بقرب وقوعه


▫- قرب اليسر للعسر { فإن مع العسر يسراً ، إن مع العسر يسراً} بهذه المعية كالمصاحب له زيادة في التسلية وتقويةً للقلوب
▫-
▫ تنكير اليسر ، يسراً ، أي يسراً عظيماً لا تحديد له


▫- عندما يدرك العبد هذه السنة الربانية الماضية ، ويوقن بحكمة ربه من وراء كل عسير ، وينتظر فرج اليسر وقدوم سعته ، عندها لن تأكل قلبه وساوس اليأس ولن يمزقه الإحباط والحزن ، ليقينه في موعود الله وعلمه أن ربه لا يخلف وعده سبحانه


▫- وعد الله نبيه الكريم بالعسر بعد اليسر ،. بعد صبره صلى الله عليه وسلم ومصابرته
ومكابدته للناس وأخلاقهم ، فلابد من السعي لليسر الذي جعل الله له أسباباً ، ولابد من صبر وتصبر لخوض غمار الحياة ، وصدق توكل ٍ ودعاء وتقوى تحوط العيش كله وترعاه ، قال عز من قائل { من يتق الله يجعل له مخرجاً }




-▪ نحن الآن أحوج ما نكون إلي الاستبشار بهذه الآية الكريمة المبشرة ، أفراداً وجماعات ، بل الأمة كلها ، فقد أظلم من حولنا كل سبيل ، هزائم وضعف وتخاذل وصنوفاً من القهر والذل والآلام


* اللهم ردنا إليك رداً جميلاً ، تفتح لنا به أبواب يسرك العظيم ، فأنت العظيم الكريم ، ربنا ومولانا *ي








▫ المراجع
تفسير الطبري
تفسير ابن كثير
تفسير ابن عطية
تفسير القرطبي
تفسير البغوي
نظم الدرر للبقاعي
تفسير السعدي
تفسير ابن عاشور
تفسير الظلال
تفسير القاسمي
تفسير مصطفى العدوي
بحوث ومقالات في المقاصد القرآنية

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 جمادى الأولى 1442هـ/9-01-2021م, 01:09 AM
فروخ الأكبروف فروخ الأكبروف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 302
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله.

تفسير قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}
الحمد لله الذي أنزل القرآن كتابا متشابها في الصحة والإحكام والدعوة إلى المقاصد العليا، بما ظهر رحمته لخلقه واحتياجهم إليه تعالى.
فقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} يتضمن على المقاصد الجزئية المختصة به كما يشتمل على المقاصد العامة.
فمن المقاصد العامة:
• بيان المقصد من الخلق.
وهذا بدليل قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}، "فقوله تعالى: {ليبلوكم أيكم أحسن عملا} تعليل لفعل "خلق"، فإن الابتلاء يقتضي الجزاء والحساب، وهو سبحانه عزيز لمن عصاه بالأعمال السيئة، وغفور لمن عمل الصالح فقد قال تعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} [طه: 82]. وتبين بهذا أن خلقه سبحانه لا يكون عبثا، بل لغاية عالية، وهو عبادته تعالى، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، وقال أيضا: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون} [المؤمنون: 115].

• إثبات التوحيد لله وحده.
فالتوحيد ثلاثة أنواع:
الأول: توحيد الربوبية، وهو إفراد الله تعالى في أفعاله، منها الخلق، والملك، والتدبير.
الثاني: توحيد الأسماء والصفات، وهو إفراد الله بما له من الأسماء والصفات.
الثالث: توحيد الألوهية، ويسمى أيضا توحيد العبادة. أما الأول فباعتبار إضافته إلى الله تعالى، وأما الثاني فباعتبار إضافته إلى الخلق.
واجتمعت هذه الأنواع الثلاثة في قوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} الآية.
فالتوحيد المأمور به هو توحيد الألوهية، يعني: الآيات الواردة في توحيد العبادة إنشائية، وهو الغاية من إرسال الرسل، قال تعالى: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ}.
فالقرآن له طريقان في إثبات توحيد الألوهية:
الأول: ببيان كمال صفاته تعالى، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} الآية.
الثاني: بتوحيد الربوبية. قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
وعلى هذا فالعلاقة بين أقسام التوحيد الثلاثة، هي: "أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الأوهيةـ، وتوحيد الأوهية متضمن لتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات من تمام توحيد الربوبية؛ لأنه يتضمن كمال صفات الخالق سبحانه وتعالى".
فالآيتان تدلان على هذه الأنواع كلها: وصفته "تبارك" تدل على كماله في أوصافه، وكونه بيده الملك، وخلقه للموت والحياة تدل على ربوبيته، وإحسان العمل المتضمن للجزاء يدل على وجوب العبادة له وحده.

• وجوب الإيمان بيوم القيامة، يوم الجزاء والحساب، وهو ركن من أركان الإيمان. قال الطاعر بن عاشور: "ولكون هذا هو المقصود الأهم من هذا الكلام قدم الموت على الحياة".


أما المقاصد الجزئية المختصة بهاتين الآيتين، فمنها:
• إثبات صفة "تبارك" لله وحده، ولا تطلق هذه الصفة على غيره تعالى، "فـ "تبارك" من باب مجد، والمجد: كثرة صفات الجلال والسعة والفضل".
• إثبات الملك الحقيقي لله وحده، فهو تعالى مالك يوم الدين.
• إثبات قدرته تعالى على كل شيء.
• خلقه تعالى للموت والحياة.
• إثبات اسم العزيز لله تعالى.
• إثبات اسم الغفور لله تعالى.
فهنا قاعدة مهمة في أسمائه سبحانه، وهي: "أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعدٍّ تضمنت ثلاثة أمور:
أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها.
وإن دلت على وصف غير متعدٍّ تضمنت أمرين:
أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل".
والله أعلم.

المراجع:
تفسير ابن عطية
بدائع التفسير لابن القيم
محاسن التأويل
تفسير السعدي
التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور
شرح القواعد الحسان لابن عثيمين
القول المفيد في شرح كتاب التوحيد
القواعد المثلى لابن عثيمين

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 27 جمادى الأولى 1442هـ/10-01-2021م, 09:08 AM
رفعة القحطاني رفعة القحطاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 241
افتراضي

قال تعالى:(قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من اللّه ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربّصوا حتّى يأتي اللّه بأمره واللّه لا يهدي القوم الفاسقين (24)

يرشدنا تعالى الى لازم من لوازم الايمان وأوثق عراه، وهو تقديم محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم والجهاد في سبيله على كل شيء ، وهو مقصد الآية ودلالاتها ، فمحبة الله تعالى مقدمة على المال والولد ، فقال تبارك وتعالى لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد للمتخلّفين عن الهجرة إلى دار الإسلام المقيمين بدار الشّرك إن كان المقام مع آبائكم وأبنائكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم، وكانت أموال اكتسبتموها،وتجارةٌ تخشون كسادها بفراقكم بلدكم، ومساكن ترضونها فسكنتموها، أحبّ إليكم من الهجرة إلى اللّه ورسوله من دار الشّرك ومن جهادٍ في سبيله و نصرة دين اللّه الّذي ارتضاه، فتنظّروا حتّى يأتي اللّه بفتح مكّة، واللّه لا يوفّق للخير الخارجين عن طاعته وفي معصيته، قاله بنحوه ابن جرير .

وقد ذم الله تعالى من كره ماأحبه وأحب ماكرهه تعالى ، فقال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) [محمد:9].

*فلايكون المؤمن مؤمنًا حتى حتى يقدم محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- على محبة جميع الخلق ، فقد جاء في الصحيحين عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا*يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده والده والناس أجمعين".

وعند الإمام أحمد: عن زهرة بن معبدٍ، عن جدّه قال: كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو آخذٌ بيد عمر بن الخطّاب، فقال: واللّه لأنت يا رسول اللّه أحبّ إليّ من كلّ شيءٍ إلّا من نفسي فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه". فقال عمر: فأنت الآن واللّه أحبّ إليّ من نفسي. فقال رسول اللّه: "الآن يا عمر" .
قال ابن رجب: ومحبة الرسول على درجتين؛ إحداهما فرض وهي المحبة التي تقتضي قبول ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله وتلقيه بالمحبة والرضا والتعظيم والتسليم وعدم طلب الهدى من غير طريقه بالكلية ثم حسن الاتباع له فيما بلغه عن ربه من تصديقه في كل ما أخبر به من الواجبات والانتهاء عما نهى عنه من المحرمات ونصرة دينه والجهاد لمن خالفه بحسب القدرة فهذا القدر لا بد منه ولا يتم الإيمان بدونه.
والدرجة الثانية: فضل وهي المحبة التي تقتضي حسن التأسي به وتحقيق الاقتداء بسنته في أخلاقه وآدابه ونوافله وتطوعاته وأكله وشربه ولباسه وحسن معاشرته لأزواجه وغير ذلك من آدابه الكاملة وأخلاقه الطاهرة والراقية والاعتناء بمعرفة سيرته وأيامه واهتزاز القلب عند ذكره وكثرة الصلاة والسلام عليه لما سكن في القلب من محبته وتعظيمه وتوقيره ومحبة استماع كلامه وإيثاره على كلام غيره من المخلوقين، ومن أعظم ذلك الاقتداء به في زهده في الدنيا الفانية والاجتزاء باليسير منها والرغبة في الآخرة الباقية، اهـ من كتاب استنشاق نسيم الأنس.


ومن ثمرات تقديم محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومحابهما على ماسواهما:

1- الإيمان القوي الصحيح، ففي الصحيحين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار"، وعن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان).

2- متابعة الهدي القرآني والنبوي ، والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة ، قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)[آل عمران:31].
وقد ورد في نزول هذه الآية الكريمة: أن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: يا رسول الله إنا نحب ربنا حبا شديدا، فأحب الله أن يجعل لحبه علما؟ فأنزل تعالى هذه الآية.

3- البعد عن البدع والمعاصي التي تنشأ من تقديم هوى الإنسان ونفسه على محبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

4- رفع الذلة عن الأمة ، بمحبة الجهاد ومصابرة الأعداء ، فعند الإمام أحمد عن ابن عمر قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم بأذناب البقر، ورضيتم بالزّرع، وتركتم الجهاد، سلّط اللّه عليكم ذلًّا لا ينزعه حتّى ترجعوا إلى دينكم" .
*

اللهم اجعلنا ممن قدم محبتك ومحبة نبيك صلى الله عليه وسلم ودينك وشرعك على ماسواهما ، واحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.


تم الاطلاع والاستفادة من المصادر :
تفسير الطبري.
تفسير ابن كثير.
تفسير ابن عطية.
تفسير ابن عاشور .
مقال: محبة الله - أسبابها - علاماتها - نتائجها ، موقع صيد الفوائد.
ملتقى الخطباء ، في تقديم محبة الله ورسوله على من سواها.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 30 جمادى الأولى 1442هـ/13-01-2021م, 01:16 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

تقويم تطبيقات الأسلوب المقاصدي


بعض الملحوظات على الأسلوب المقاصدي:
- إنّ دلالة الآية على مقصدها إما أن تكون دلالة مباشرة، أو تكون دلالة الآية على المقصد غير مباشرة تحتاج إلى دقّة في الفهم والاستنباط.
- ينبغي على الطالب أن يعرض المقصد بتفصيل مناسب ليرشد السامع أو القاريء إلى سبل تحقيقه في نقاط سبع فصّلها الشيخ -حفظه الله- في الفقرة الخاصّة بإتقان الأسلوب المقاصدي.
- ينبغي التذكر أن الأصل في الرسالة ينطلق من تفسير الآيات المختارة.

- ليحرص الطالب على توثيق ما يرفقه في رسالته من أحاديث وآثار، لأن من الطلاب من لا يزال مقصّرا في هذا الجانب، وبالأخص ضرورة استعمال علامات الاقتباس للئلا يختلط كلام صاحب الرسالة بالكلام المنقول، فيصعب حينها تمييز المتكلم.

ونذكّر ونحن في ختام هذه الدورة بمقصودها وهو تعويد الطالب وتدريبه على الإنشاء والكتابة، فللآن ما زال هناك من الطلاب من ينسخ نصّا، والحكمة أن يطبّق الطالب ما ينفعه على الحقيقة لا ما يوهمه بالنفع.


1: إيمان جلال.أ

أحسنتِ بارك الله فيكِ.
- الآيات التالية من السورة تخدم المقصد وتُعتبر من لوازمه فكان يحسن الوقوف عليها وخصوصا عندما ذكرتِ الرد على نسبة النصارى الولد لله.

2: هنادي الفحماوي.أ+
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
- هذه الجملة بحاجة إلى إعادة صياغة لتضّح أكثر:[قل يا أيها الرسول هذه طريقتي أدعو إلى عبادة الله وحده على حجة من الله ويقين أنا ومن اقتدى بي وأنزه الله سبحانه وتعالى عن الشركاء ولست من المشركين].
- يحسن تنصيص الأقوال المقتبسة وفقكِ الله.

3: رولا بدوي أ+
أحسنتِ في رسالتك بارك الله فيكِ.

4: سعاد مختار.ب+
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
- كان يحسن أن تعرضي الرسالة بغير أسلوب ذكر الفوائد بحيث تجمعين بينها وتربطين بين المعاني.


5: فروخ الكبروف.ب
أحسنت بارك الله فيك.
- بدايتك في الرسالة موفقة وأسلوبك مرتب ومنظم أشكرك عليه، وأثني على اجتهادك وحرصك دائما في الأخذ بالملحوظات، نفع الله بك أخي الفاضل وفتح لك فتوح العارفين.

- تحتاج إلى تعديل يسير، أرأيت المقاصد الجزئية التي ذكرت، لا يحسن في هذا الأسلوب أن تذكرها بأسلوب الاستنتاج دون الإيضاح والتفسير المسبق لها، بمعنى كل جزئية لابد أن تفسرها كما اعتدنا وتربط بينها وبين الآيات التي تليها.
- لا يفوتك الإتيان على تفسير جميع ألفاظ الآيات وتربطها بالمقصد، وليس الاقتصار على جزء محدد، وبخاصة إذا كان المعنى يخدم المقصد كثيرا.



6: رفعة القحطاني.أ
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
لم تتمي تفسير نهاية الآية .


بارك الله فيكم جميعا وسددكم

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:40 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir