بسم الله الرحمن الرحيم
حل مجلس القسم الأول من دورة تاريخ علم التفسير
المجموعة الأولى:
س1: بيّن فوائد دراسة تاريخ علم التفسير.
ج: لا شك أن علم التفسير من أجل وأنفع العلوم لتعلقه بأشرف معلوم وهو كلام الله عز وجل، وبه يحصل أعظم مطلوب وهو تفهم كلام الله والعمل به، وقد قال الله تعالى : ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته) ، ومن المهم لطالب علم التفسير أن يتعرف على أهمية هذا العلم ليجعل ذلك محفزا متى فترت الهمة وضعفت النفس في رحلة الطلب، ولمعرفة نشأة علم التفسير والمراحل التي مر بها فوائد جمة، وتلك الفوائد ينبغي للمفسر الحاذق أن يلم بها ويتعرف عليها فيحسن منه التأصيل في هذا العلم الجليل.
ومن فوائد معرفة تاريخ علم التفسير:
1. معرفة كيف نشأ علم التفسير، ومن هو المفسر الأول الذي فسر القرآن.
2. معرفة طريقة تلقي التفسير وتعليمه، ومتى بدأت مرحلة تدوين هذا العلم، وكيفية تطوره، واعتناء الأئمة والعلماء به على مر العصور.
3. معرفة مناهج التأليف في التفسير، والأسس التي اتبعت في ذلك.
4. معرفة أئمة هذا العلم الذين اعتنوا به، ومراتبهم.
4. معرفة سبب شهرة التفاسير المشهورة، ومصادرها، وجوانب الإحسان والتقصير فيها.
5. معرفة المصادر الأصلية للتفسير والمصادر البديلة أو الناقلة وكيفية التعامل مع الأقوال المأخوذة من كل منهما.
6.التعرف على أصول التفسير وعلله.
7. معرفة كيفية التعامل مع الأقوال التفسيرية الضعيفة المشهورة من خلال النظر في طرق العلماء في التعامل معها ونقدها.
س2: ما سبب عناية علماء أهل السنة بتقرير البيان الإلهي للقرآن؟
ج2: البيان الإلهي للقرآن هو أول بيان للقرآن الكريم أنزله رب العالمين، فلا أعلم من الله عز وجل بمراده، وهو سبحانه المتكفل بحفظه وبيانه وتيسيره لكل مقبل مبتغٍ للهدى والرشاد.
والبيان الإلهي للقرآن مفيد لليقين، هاد للحق، عاصم لمن اتبعه من الضلالة، ولذا اعتنى علماء أهل السنة به لإفادته اليقين في أبواب الدين، وذلك بتبصير لطالب العلم بالأصول التي تحصنه من الانحراف في العقيدة والانجرار مع المخالفين من الطوائف المبتدعة الذين ضلوا.
ولا يخفى على أحد حال هؤلاء الذين زين لهم الشيطان الباطل فتأوّلوا كلام الله بما وافق باطلهم، ومنهم من تجرأ فزعم أن نصوص الكتاب والسنة ظواهر لفظية وأن المفسر لها ما سموه القواطع العقلية، وقد علم من كتاب الله عز وجل أن النقل (الكتاب وصحيح السنة) يوافقه العقل الصحيح والفطرة السليمة، وقد قال الله تعالى: (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) ، وقال تعالى: (وما ينطق عن الهوى) فمتى خالف العقل النقل، قُدّم النقل واتهم العقل.
فانظر ما وصل إليه هؤلاء الذين اتبعوا الطرق الكلامية، وقدسوا العقل، ورفعوه فوق مشكاة الهداية والحق، وأعرضوا عن هدى الله عز وجل وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم، فلما زغوا عن الحق أزاغ الله قلوبهم، ويشهد على حالهم من أراد الله له منهم الهداية وأخرجه من ظلمات الجهل والبدع إلى نور الحق والهدي المبين، فعاد لجادة السنة.
فالواجب على طالب العلم ألا يغتر بما يعرضه هؤلاء الفسقة المبتدعة من زخرف القول ويلزم الهدي النبوي ويسأل الله العلم النافع الذي يرفعه عند الله درجات.
س3: اذكر أنواع البيان النبوي للقرآن مع التوضيح والتمثيل.
ج3 : البيان النبوي للقرآن الكريم يأتي في المرتبة الثانية بعد البيان الإلهي ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمين الوحي الذي أُمر بالبلاغ وقد أدى الأمانة، ولا أحد من البشر أعلم منه صلى الله عليه وسلم بمراد الله عز وجل، وببلاغه القرآن وبيانه قامت الحجة على العالمين.
وتنوع البيان النبوي للقرآن فتارة كان بيان القرآن بتلاوته، وتارة بالعمل به، وتارة بإلقاء السؤال ليثير في نفوس الصحابة الرغبة في المعرفة ليجيبهم بع ذلك فيرسخ المعنى في الأذهان والقلوب، وتارة يكون بيانه صلى الله عليه وسلم بالرد على أسئلة الصحابة التي لم يجدوا لها جوابا، وتارة بالرد على المخالفين فكان ذلك مما بين به النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فوعاه من وعاه وشرح الله صدره للإسلام ..
ويمكن أن نلخص هذا البيان في انواع كالتالي:
أنواع البيان النبوي للقرآن
النوع الأول: بيان القرآن باللسان العربي المبين:
وذلك بتلاوته تلاوة مفصلة له فكان من سمعه فهمه، فالقرآن نزل بلغة العرب وحوى أساليبهم في الخطاب، ولذا نجد من الناس من أسلم بمجرد سماعه، وهذا دليل على أن تلاوة القرآن على أهل اللغة يتم بها البيان، ويحصل بها الاهتداء.
النوع الثاني: بيان القرآن بمعرفة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم:
فكانت المجادلات بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المخالفين، والآيات الباهرات في الرد عليهم ودحض حججهم الواهية بيانا للقرآن، ومعينة على فهمه.
النوع الثالث: بيان القرآن بالعمل به:
وهو تأول الآيات فكان صلى الله عليه وسلم يعمل بالقرآن وفي ذلك بيان له، ومن أمثلة ذلك، قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي)-متفق عليه- في بيان قول الله تعالى : (وأقيموا الصلاة)، وما جاء في القرآن من آيات فيها الأمر بإقامة الصلاة.
وكذا إكثاره صلى الله عليه وسلم من قول: (سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه)، فلما سألته عائشة رضي الله عنها قال: ) خبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي، فإذا رأيتها أكثرت من قول: سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه، فقد رأيتها)(إذا جاء نصر الله والفتح) فتح مكة، (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا). والحديث في صحيح مسلم.
النوع الرابع: بيان القرآن بابتداء تفسير بعض الآيات:
فكان صلى الله عليه وسلم يبتدئ الصحابة رضي الله عنهم ببيان المراد من بعض الآيات، ومثال ذلك ما جاء في حديث كعب رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى: ( فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى) قال): لا إله إلا الله(.
رواه الترمذي، وصححه الألباني.
النوع الخامس: بيان القرآن بالرد على ما يثيره المخالفين من أهل الكتاب والمشركين والمنافقين من شبهات واعتراضات.
النوع السادس: جواب ما يشكل على بعض المسلمين من معاني القرآن:
ومثاله ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:لما نزلت (من يعمل سوءا يجز به) بلغت من المسلمين مبلغا شديدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قاربوا، وسددوا، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة ينكبها، أو الشوكة يشاكها).والحديث رواه مسلم.
النوع السابع: تعليم الصحابة وإرشادهم وتنبيه من أخطأ منهم ببيان الصواب له في كتاب الله:
ومثال ذلك ما جاء في حديث أبي سعيد بن المعلى:
تعالى؛ كما في صحيح البخاري وغيره من حديث أبي سعيد بن المعلى، قال: مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي، فدعاني فلم آته حتى صليت ثم أتيت، فقال: (ما منعك أن تأتيني؟( فقلت: كنت أصلي، فقال: (ألم يقل الله) يا أيها الذين آمنوا استجيبوالله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم( ثم قال: )ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد( فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج من المسجد فذكَّرته، فقال: (الحمد لله رب العالمين. هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته(.
النوع الثامن: بيان القرآن بتفسير ما جاء فيه بوحي من الله كالإخبار بالمغيبات:
ومن أمثلة ذلك: تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) بقوله صلى الله عليه وسلم:(إذا أقعد المؤمن في قبره أتي، ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فذلك قوله)، من حديث البراء بن عازب، والحديث متفق عليه.
س4: ما سبب قلة الرواية عن بعض أكابر الصحابة وكثرتها عن صغارهم؟
ج4: اختار الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وحمل لواء الدين العظيم رجال هم خير رجال الأمة، وقد تعددت مناقبهم، وكانوا أئمة في العلم والعمل، تلقوا القرآن من في النبي صلى الله عليه وسلم وتخلقوا بخلقه، وقد مات كثير منهم قبل أن يحتاج الناس إلى علمهم كأبي بكر وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأبي بن كعب وسعد بن عبادة وعبادة بن الصامت وأسيد بن الحضير ومعاذ بن جبل ونظرائهم رضي الله عنهم جميعا، وهذا يفسر قلة الرواية عنهم، إلا أن الرواية قد كثرت عن بعضهم كعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وذلك لأنهما وليا فئسلا وقضيا بين الناس.
وفي مقابل ذلك فإن الأحداث من الصحابة رضي الله عنهم قد كثرت عنهم رواية الأحاديث مثل جابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن العباس، ورافع بن خديج، وأنس بن مالك، والبراء بن عازب، ونظرائهم.
وكذا الأحدث منهم مثل عقبة بن عامر الجهني وزيد بن خالد الجهني وعمران بن الحصين والنعمان بن بشير ومعاوية بن أبي سفيان وسهل بن سعد الساعدي وعبد الله بن يزيد الخطمي ومسلمة بن مخلد الزرقي وربيعة بن كعب الأسلمي وهند وأسماء ابني حارثة الأسلميين.
وهؤلاء الأحداث قد طالت أعمارهم واحتاج الناس إليهم فكثرت عنهم الرواية ، وكانوا ككبار الصحابة فقهاء علماء نفع الله بهم الأمة.
الحمد لله رب العالمين