دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 ربيع الأول 1438هـ/25-12-2016م, 01:08 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي تطبيقات على درس الأسلوب البياني

تطبيقات على درس الأسلوب البياني
الدرس (هنا)

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 ربيع الأول 1438هـ/28-12-2016م, 05:46 PM
رضوى محمود رضوى محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 237
افتراضي

رسالة في تفسير قوله تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
يمجد الله سبحانه وتعالى نفسه قد يكون إخبارا منه عن عظمته وكماله وقد يكون تعليما لعباده كيف يثنون على الله ويحمدونه.
وفي الآية عدة مسائل:
المسألة الأولى: مامعنى تبارك ولما جاءت على وزن تفاعل.
المسألة الثانية:لم اسندت كلمة تبارك إلى الاسم الموصول (الذي).
المسألة الثالثة: دلالة التعبير بكلمة اليد.
المسألة الرابعة: لم قدم الظرف في جملة (بيده الملك).
المسألة الخامسة:ماالمراد بالملك وماذا أفاد التعريف وماالفرق بين الملك في حق الله عز وجل وبين ملك الدنيا.
المسألة السادسة: ما معنى شيء.
المسألة السابعة: لم ختمت الآية بقوله تعالى: {وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ولم قدم الجار والمجرور.
أما المسألة الأولى وهي معنى كلمة تبارك فإنها من البركة وهي الزيادة والنماء وقيل أن أصل الكلمة يدل على البقاء والدوام وهو مأخوذ من بروك البعير ومن بروك الطير على الماء وسميت البركة بركة لثبوت الماء فيها ،وكلمة تبارك لا تصرف في كلام العرب فلا يقال منه يتبارك ،ولا يوصف بها إلا الله تعالى والمراد أن الله سبحانه وتعالى عظم وتعالى وكثرت بركاته وثبت ودام مع اليمن والبركة وقد ذكر العلماء فيها عدة أوجه:
1- تزايد خيره وتكاثر وهو المراد بقوله تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}.ذكره الرازي عن الزجاج
2- تزايد عن كل شيء وتعالى عنه في ذاته وصفاته وأفعاله وهو المراد بقوله تعالى: {ليس كمثله شيء }. ذكره الرازي عن الزجاج
3- تقدس أي تطهر. ذكره ابن الجوزي عن ابن الأنباري
4- دام فهو الدائم الذي لا أول لوجوده ولا آخر لدوامه. ذكره القرطبي وقال النحاس أن هذا أولاها في اللغة.
5- باسمه يتبرك في كل شيء. ذكره ابن الجوزي عن ابن الأنباري
وتبارك أبلغ من المبارك لاختصاص الله بالتبارك واشتراك المخلوقين في المبارك.
وجاءت على صيغة تفاعل للمبالغة في ذلك فصيغة تفاعل إذا اسندت لواحد تفيد تكلف الفعل وتدل على شدة الفعل وقوته مثل تطاول وتغابن ، و قيل أنها تفيد أيضا معنى النماء والازدياد شيئا فشيئا .
لذا لم يجز استعمالها إلا في حق الله تعالى لدلالتها على غاية الكمال.
أما المسألة الثانية وهي لم اسند تبارك إلى الاسم الموصول فذلك ليفيد الاستشهاد على معناها بأنه تعالى كامل الإحاطة وله الملك التام والتصرف الكامل في الموجودات من غير منازع ولا مدافع فهو{ بيده الملك}.
المسألة الثالثة دلالة استعمال كلمة اليد فيه تمثيل لشيء معنوي وهو القدرة على التصرف المطلق بشيء محسوس وهو امساك الشيء باليد وهذا يفيد التمكن كما قال تعالى : { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء }.
المسألة الرابعة لم قدم الظرف في جملة (بيده الملك) قدم للاختصاص أي فالملك بيده لابيد غيره.
وتقودنا هذه المسألة للمراد بالملك وهي المسألة الخامسة قال الطبري في معنى الملك ( بيده ملك الدنيا والآخرة وسلطانهما، نافذ فيهما أمره وقضاؤه ).
فالله سبحانه وتعالى من عظمته أن بيده الملك فهو المتصرف في جميع المخلوقات لا يسأل عما يفعل فهو يحيي ويميت ويغني ويفقر ويعز ويذل وقيل المراد ملك النبوة .
وقال القاسمي في معنى الملك : (عالم الأجسام كما أن الملكوت عالم النفوس) وفرق رحمه الله بين قوله تعالى : { تبارك الذي بيده الملك } وقوله تعالى في سورة يس :{ سبحان الذي بيده ملكوت كل شيء} فذكر أن تبارك جاءت مع الملك لأن العظمة والازدياد والبركة تناسب الأجسام ،وجاءت سبحان مع الملكوت لأن التنزه يناسب المجردات.
والتعريف بالألف واللام أفاد استغراق كل الموجودات فما يوجد من شيء إلا وهو في ملك الله سبحانه وتعالى.
أما الفرق بين الملك في حق الله والملك في حق العباد أن ملك الله ملك كامل لا يبيد ولا يختل ليس له منازع ولا مدافع، أما ملك ملوك الدنيا فهو غير تام فهو لايعم كل شيء وهو معرض للزوال.
المسألة السادسة ما معنى شيء قيل هو ما يصح أن يعلم ويخبر عنه.
المسألة السابعة أفاد تقديم الجار والمجرور في قوله تعالى:{ وهو على كل شيء قدير } الاهتمام بالتعميم فهو قادر على كل شيء قاهر لكل شيء سبحانه وتعالى لا حول ولا قوة إلا به.
وجاء ختام الآية بقوله تعالى: { وهو على كل شيء قدير} تعميم بعد تخصيص فالتخصيص في قوله تعالى: { بيده الملك} فهو المتصرف في الموجودات ، وجاء التعميم في قوله تعالى: { وهو على كل شيء قدير} فهو المتصرف في كل شيء الموجودات والمعدومات .
المصادر:
المحرر الوجيز لابن عطية.
التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
جامع البيان في تأويل القرآن للطبري.
معالم التنزيل) تفسير البغوي.)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي.
تفسير الكريم الرحمن للسعدي.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي.
التفسير الكبير لفخر الدين الرازي.
تفسير الألوسي.
زاد المسير في علوم التفسير لابن الجوزي
محاسن التأويل للقاسمي.
النكت والعيون للماوردي.
فتح القدير تفسير الشوكاني.
تفسير القرطبي.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 ربيع الأول 1438هـ/29-12-2016م, 11:35 PM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

رسالة في قوله تعالى
( أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون (1) النحل

قال مصطفى صادق الرافعي : ( ومما انفرد به القرآن وباين سائر الكلام أنه لا يخلق على كثرة الرد وطول التكرار ، ولا تمل منه الإعادة ، وكلما أخذت فيه على وجهه الصحيح فلم تخل بأدائه رأيته غضا طريا ، وجديدا مونقا ، وصادفت من نفسك له نشاطا مستأنفا وحسا موفورا ... ) وقال : ( وأعجب شيء في أمر هذا الحس الذي يتمثل في كلمات القرآن أنه لا يسرف على النفس ولا يستفرغ مجهودها ، بل هو مقتصد في كل أنواع التأثير عليها فلا تضيق به ولا تنفر منه ولا يتخونها الملال ، ولا تزال تبتغي منه أكثر من حاجتها في التروح والإصغاء إليه والتصرف معه والانقياد له ، وهو يسوغها من لذتها ويرفه عليها بأساليبه وطرقه في النظم والبيان )

احترت كثيرا في اختيار آية التفسير البياني ، فما إن أقف على آية حتى أجد فيها من روائع الإعجاز في البيان ما لا تكفيه صفحة أو صفحتان ... ثم إني وقفت عند مطلع سورة النحل فأحببت أن تكون فاتحتها هي رسالتي في التفسير البياني ... وفيها عدة مسائل تلفت الأنظار ويقف عندها البيان ...

1- قال تعالى ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) ...
أولا- حسن الافتتاح وبراعة الاستهلال
وإن في افتتاح السورة لبيانا بديعا ... فإن افتتاح الكلام هو أول ما يقرع السمع ويصل إلى الآذان فتنتبه النفوس وتشنف العقول لتعي الخطاب وتفهم المقصود ... والافتتاح هنا يأخذ بمجامع القلوب ويوقف السامع متأملا مستفهما ... فافتتحت السورة بجملة خبرية ابتدائية ، ابتدأت بفعل ماض في الحديث عن أمر في المستقبل ، ثم نهي عن استعجال هذا الأمر ولمَّا يأت بعد ، ثم تنزيه الواحد الأحد عن الشرك ...
والغرض من هذا الافتتاح هو الوعيد والتهديد للمشركين ... فإنهم كانوا يستهزئون برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين ، ويطلبون العذاب تهكما واستبعادا لوقوعه وكانوا يستبعدون الساعة وينفون قدومها ... فجاءت هذه الآية تتوعدهم بالعذاب وأنه آتيهم لا محالة ... وفي ذلك ترابط تام مع سورة الحجر حيث كان في نهاياتها ( إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون ) فهي وعيد للمشركين المستهزئين ... وابتدأت النحل كذلك بتأكيد وقوع هذا الوعيد والتهديد ...

ثانيا- فإن قلت لم ابتدأ بإتيان الأمر قبل النهي عن استعجاله مع أن استعجال العذاب يكون قبل وقوعه على الحقيقة ، فلم يقل : لا تستعجلوا أمر الله فقد أتى ؟
وذلك لأن غرض الآية هو تهديدهم وتوعدهم به لا نهيهم عن طلبه واستعجاله ... فالتقديم للاهتمام بالغرض الأصلي للآية وهو الوعيد للمشركين والرد على تهكمهم حيث قالوا في موضع آخر ( وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ) ص 16 وقال تعالى عنهم ( ويستعجلونك بالعذاب )

ثالثا - وهنا يبرز سؤال : لم عبر عن الفعل بالماضي مع أن الأمر لم يحصل بعد بدلالة القرينة ( فلا تستعجلوه ) ؟
ذلك من بلاغة القرآن ، أن يعبر عن المستقبل المتحقق الوقوع بصيغة الماضي تأكيدا على وقوعه لا محالة ، وذلك في كل أمر أو وعد أو وعيد من الله ... فهو متحقق لا محالة ، ولذلك جاء في كثير من أحداث القيامة ( ونفخ في الصور ) ( ونادى أصحاب الأعراف ) بصيغ الماضي ... وذلك على سبيل استعارة الفعل الماضي محل المستقبل المتحقق الوقوع لوجود قرينة تصرف الفعل عن الماضي وهو ( فلا تستعجلوه ) فلو كان قد أتاهم ما استعجلوه ....
وقيل ليس ذاك من الاستعارة بل هو فعل ماض على جهة التأكيد ، أريد به تنزيل المتوقع منزلة الواقع لأنه من جهته سبحانه وتعالى ... وحكمه تعالى وأمره نافذ متحقق فكأنه قد وقع حقا ...

رابعا- فإن قلت لم قال ( أتى ) ولم يقل ( جاء ) كآيات كثيرة : ( فإذا جاء أمرنا ) ( قد جاء أمر ربك ) ( لجاءهم العذاب ) ...
قيل لأن أتى إنما يقترن بسهولة ويسر الفعل ، فهو أخص من المجيء ؛ إذ هو مجيء الأمر والتدبير بسهولة ... والآية هنا خطاب للمشركين الذين يستبعدون وقوع العذاب ، فأتاهم الوعيد بأن إتيان العذاب لهم سهل يسير فالله تعالى ( إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) مريم 35
ومع أن المجيء والإتيان جاءت في مجيء العذاب وفي تراكيب مشابهة لما هنا ، إلا أن السياق هنا يشير إلى أن الغرض إظهار سرعة وسهولة ويسر الأمر ، فليس الأمر كما تظنون بشرككم ، فالله قادر على إنزال العذاب بكم وإنما يؤخركم إلى أجل مسمى ...

2- ( أمر الله )
وفي هذا لطيفتان :
أولا : التعبير عن العذاب الذي وعد به المشركون في الآخرة بالأمر ... فلم يقل ( وعد الآخرة ، أو العذاب ، أو غيرها )
- وذلك من التوسع في المعنى ، إذ التعبير بالأمر يدخل فيه عذابهم في الدنيا الذي كانوا يستعجلونه ، وعذابهم في الآخرة ، وما توعدوا به يوم القيامة وإتيان الساعة ، ... وأمر الله بهزيمة المشركين ونصر المؤمنين ... وهذه المعاني لن تعطيها لفظة أخرى تقيد المعنى بها كالعذاب أو غيره ...
- كما أن في التعبير بالأمر تعريض بشرك المشركين وتنبيه لهم أن العذاب الذي تستعجلون لا يكون إلا بأمر الله تعالى فهو وحده المتصرف في الكون وهو وحده الذي يأتي به في الأجل الذي أجله له ...

ثانيا : في إضافة الأمر إلى الله تهويل وتعظيم ... إذ التعريف بالإضافة يرد لتعظيم المضاف والمضاف إليه ... وهو هنا كذلك ... فإبهام ما يوعدون بكلمة أمر تعظيم له وتهويل من شأنه وفي ذلك مزيد تخويف لهم ، وفي إضافته إلى الله سبحانه الذي لا يعظم عليه شيء دليل على تحقق وقوعه لأنه أمره وحكمه ...
- واختيار الإضافة إلى الله وليس ( ربك ) مثلا مثل ( جاء أمر ربك ) لأن الرب تفيد معنى المربي وفيه تلطف ، والمقام هنا تقريع وتهديد فناسبه لفظ الجلالة المشتمل على كل نعوت الجلال والعظمة والكبرياء له سبحانه ...

3- ( فلا تستعجلوه ) : وفيها :
- هي تفريع عن الجملة الخبرية الأولى ( أتى أمر الله ) وهو نوع من الإطناب ... والفاء سببية ... وقيل أن فيها إيجاز بالحذف فأصلها : قل لهم لا تستعجلوه ...
- وقد نهوا هنا عن استعجال العذاب تقريعا وتوبيخا وتهكما ... وقيل بل تسوية ... أي سواء عليكم أستعجلتم به ام لم تستعجلوا لن يأتيكم العذاب إلا في وقته وأجله الذي أجله الله له ... فلا تستعجلوا ... لا تستعجلوا الله أن يأتيكم به ... ولا تستعجلوا أمر الله فإنه آت ... وكل ما هو آت قريب ...
فهم كانوا يستعجلون ما كان يتوعدهم به القرآن من عذاب الآخرة ( ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون (53)، يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين (54 ) العنكبوت
وقال تعالى ( وما يدريك لعل الساعة قريب(17) يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها ، والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد (18 ) الشورى

4 - ( سبحانه وتعالى عما يشركون )...
جملة استئنافية تنزيهية لله تعالى عن إشراكهم ... فهي تذييل للآية تبين المقصد من الوعيد والتهديد ... وهو إبطال شركهم ، وفيها نقاط :
أولا : ما العلاقة بين استعجالهم العذاب وتنزيهه سبحانه عن الشرك ؟
لما كان تأخير وقوع العذاب لهم يحتمل في ظنهم وجود الشريك الذي يمنع وقوع الوعيد والتهديد كما توهموا نزه الله نفسه عن الشركاء وبين أن الأمر أمر الله متى شاء أمضاه فكل شيء عنده بأجل مسمى ... فالشرك هو سبب استعجالهم لعذاب ... فهم لشركهم لم يؤمنوا بوقوع العذاب ولم يؤمنوا بالساعة وظنوا أنهم مانعتهم آلهتهم إن جاءهم شيء مما أوعدوا به ... فناسب ذلك التنزيه له ...

ثانيا : في تقديم التنزيه له سبحانه على التعظيم بقوله ( سبحانه وتعالى ) وليس العكس إشارة إلى أهمية الابتداء بالتنزيه وهو التسبيح هنا وفيه نفي للنقائص كلها عنه سبحانه وتنزيه له عما لا يصح نسبته إليه مما نسبه المشركون من الصاحبة والولد والظهير ... وبعد التنزيه يأتي التعظيم ... تعالى أي عظم وجل بذاته وصفاته وأفعاله ... وذلك الكمال ...
إذ التعظيم عموما لا يستلزم دفع النقائص ، لذلك تدفع النقائص ثم يأتي التعظيم ... فيفيد التعظيم عندها الكمال بلا نقص ...
ومثال ذلك في حديثنا أنك لو وصفت إنسانا بقولك إنه كريم ، فذلك لا ينفي عنه أنه قد يبخل أحيانا ، لكنك لو قلت في صفته : فلان لا يرد سائلا ولا يقبض يده عن العطاء ، إنه كريم ... فإنك في ذلك نفيت عنه احتمال البخل وأثبت له كمال الكرم الإنساني - ولله المثل الأعلى -

ثالثا : في قوله ( عما يشركون ) بالغيبة بعد الخطاب في ( تستعجلوه ) التفات من المخاطب إلى الغائب ... وفي ذلك الالتفات تهوين من شأنهم وتقليل لهم وإعراض عن سفههم وكلامهم في حق الله تعالى ... فكأنهم أهون وأقل من أن يخاطبوا ... فتحدث عنهم بالغيبة ...
وقد وردت قراءتها بالتاء لحمزة والكسائي ( تستعجلوه ، تشركون ) على الخطاب في الاثنتين ...

رابعا : استخدام صيغة الفعل المضارع في ( يشركون ) لإفادة تجدد شركهم واستمراره فهم مستمرون في شركهم وغيهم و قولهم على الله غير الحق ... وسيأتيهم اليوم الذي يوعدون ...

ذلك ما تيسر من البيان في هذه الآية والله تعالى أعلم ... وهي كغيرها من آيات القرآن لو أفردت كل منها ببحث مستقل ما وفاها حقها ... فسبحانه من قائل ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ) الكهف

المراجع والمصادر :
- جامع البيان في تأويل القرآن لابن جرير الطبري ( 310 هـ )
- الوجوه والنظائر في القرآن الكريم لأبي هلال العسكري ( 395 هـ )
- المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ( 425 هـ )
- دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني ( 471 هـ )
- الكشاف للزمخشري ( 538 هـ )
- المحرر الوجيز لابن عطية ( 541 هـ )
- زاد المسير في علوم التفسير لابن الجوزي ( 597 هـ)
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير ( 774 هـ )
- البرهان في علوم القرآن للزركشي ( 794 هـ )
- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي ( 885 هـ )
- روح المعاني للألوسي ( 1270 هـ )
- إعجاز القرآن والبلاغة النبوية لمصطفى صادق الرافعي ( 1356 هـ )
- جواهر البلاغة للسيد أحمد الهاشمي ( 1362 / 1363 هـ )
- التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور ( 1393 هـ )
- البلاغة فنونها وأفنانها للدكتور فضل حسن عباس ( 2011 م / 1432 هـ )
- من أسرار البيان القرآني للدكتور فاضل صالح السامرائي
- من أسرار الجمل الاستئنافية دراسة لغوية قرآنية للدكتور أيمن عبد الرزاق الشوا
- التفسير البياني لما في سورة النحل من دقائق المعاني لسامي وديع شحادة القدومي

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 ربيع الثاني 1438هـ/31-12-2016م, 05:36 PM
رشا نصر زيدان رشا نصر زيدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة قطر
المشاركات: 359
افتراضي تطبيق الأسلوب البياني

الرسالة في تفسير الآية بالأسلوب البياني:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1)} يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۚ وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)

من أهم موضوعات هذه السورة المكية العقيدة الرئيسية:
توحيد الله، والإيمان بالوحي، والاعتقاد بالبعث. وإلى جوارها تصحيح بعض القيم الأساسية المتعلقة بموضوعات العقيدة الرئيسية. وبيان أن الإيمان والعمل الصالح لا الأموال ولا الأولاد هما قوام الحكم والجزاء عند الله. وأنه ما من قوة تعصم من بطش الله؛ وما من شفاعة عنده إلا بإذنه.

والتركيز الأكبر في السورة على قضية البعث والجزاء؛ وعلى إحاطة علم الله وشموله ولطفه. وتتكرر الإشارة في السورة إلى هاتين القضيتين المترابطتين بطرق منوعة، و يتضح هذا من سياق السورة من البداية إلى النهاية.

فعن قضية البعث يقول: {وقال الذين كفروا: لا تأتينا الساعة. قل بلى وربي لتأتينكم}..

وعن قضية الجزاء يقول: {ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أولئك لهم مغفرة ورزق كريم. والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم}..

تناسب خواتيم الأحزاب مع فواتح سبأ

السورتان الثالثة والثلاثون والرابعة والثلاثون وهما الأحزاب وسبأ.تناولت خواتيم سورة الأحزاب الحديث عن الساعة ؛أي البعث و الجزاء للكافرين و المؤمنين.

• قال سبحانه في أواخر الأحزاب (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)) وفي سبأ قال (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3)) الكلام عن الساعة.

• ذكر في أواخر الأحزاب عقوبة الكافرين وذكر المؤمنين قال (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65)) إلى أن قال (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)) وذكر المؤمنين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)) ذكر عقوبة الكافرين وما أعد للمؤمنين من فوز، وقال في بداية سبأ (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4))، (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)) (أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)). ذكر الكافرين (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5)).

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1)}


أي له الحمد منزه عن كل نقص، له جميع الخلق و الملك بالإيجاد و الإعدام، و هو الذي يحي و يميت كل تحت تصرفه و في ملكه.و جاءت الحمد لله معرفة لبيان اختصاصه و جبروته ،وأن جميع المخلوقات داخلة تحت تصرفه.
وله الحمد في الآخرة}.. الحمد الذاتي. والحمد المرتفع من عباده.و كل من جحد بهذا في الحياة الدنيا لا يسعه في الآخرة عندما تنجلي عنه غيامة الكبر و الكفر إلا أن يكتشف أن الله سبحانه و تعالى هو القاهر فوق عباده، الذي يستحق الحمد و الثناء في الدنيا والآخرة. و لذلك قال تعالى: {الحمد للَّهِ الذى صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الارض نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَاء} [الزمر: 74] وقوله تعالى: {الحمد للَّهِ الذى أَذْهَبَ عَنَّا الحزن إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الذى أَحَلَّنَا دَارَ المقامة مِن فَضْلِهِ}.

قال العلماء الفرق بين الحمد وبين الشكر أن الحمد في اللغة هو الوصف بالجميل الاختياري على جهة التعظيم، ومورده اللسان وحده فهو مختص بالظاهر ومتعلقه النعمة وغيرها، فمورده خاص ومتعلقه عام،
وأما الشكر لغة على العكس من ذلك متعلقه خاص ومورده عام، لأنه فعل يشعر بتعظيم المنعم بسبب إنعامه فمورده الظاهر والباطن لأنه يعم اللسان والجنان والأركان، ومتعلقه النعمة الواصلة إلى الشاكر، ومن موارده القلب وهو أشرف الموارد كلها إذ لا يكون فعل شيء منهما حمداً ولا شكراً حقيقة ما لم ينضم إليه فعل القلب.

وحقيقة الحمد تكمن بما يشعر به العبد من تعظيم للمنعم عليه،و يكون بسبب كونه المنعم ،وأما حقيقة الشكر فهي صرف الجوارح و كل ما أنعم الله به على عبده في تحري مرضات ربه المنعم عليه،من صرف النظر إلى مخلوقاته ودقيق صنعه و اجتناب النظر إلى ما نهاه ربه عنه،و صرف سمعه لأوامره. واشتراط التعظيم يفهم منه تطابق الظاهر والباطن، فإن خالف قول اللسان عن مطابقة الاعتقاد أو خالفه فعل الجوارح لم يكن حمداً حقيقة، بل كان استهزاء وسخرية، ومطابقة الإعتقاد و الجوارح شرط في الحمد لا شطر.و هو الحمد الدال على صفة الكمال و مظهر لها على حقيقتها.ولذلك أفرد الله تعالى كل الدلائل في القرآن من آيات و صفات الدالة على أنه وحده سبحانه و تعالى المستحق للحمد و الثناء.

{وهو الحكيم الخبير}.. الحكيم الذي يفعل كل ما يفعل بحكمة؛ ويصرف ويدبر الدنيا والآخرة بحكمة، و يضع كل شئ في موضعه بحكمته بالصالح لعبده.. الخبير الذي يعلم بكل شيء، وبكل أمر،ويدبر الأمر من السماء إلى الأرض و يحيط بكل شئ و لا يعزب عنه مثقال الذرة.

يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)

بيان لجملة { وهو الحكيم الخبير } ؛لأن العلم بما ذكر هنا هو العلم هو العلم الدقيق بذواتها وخصائصها وأسبابها وعللها و هو عين الحكمة و الخبرة، فإن العلم يقتضي العمل ، وإتقانُ العمل بالعلم .و لذلك كان من دعاء النبي صل الله عليه و سلم:"اللهم ارزقنا العلم النافع"، أي العلم الذي يقربنا من طاعتك، و العمل به.و لذلك قال الله تعالى:"ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً".
وخص بالذكر في متعلِّق العلم ما يلج وما يخرج من الأرض دون ما يَدِبّ على سطحها ، وما ينزل وما يعرج إلى السماء دون ما يجول في أرجائها، لأن من علم بعدد قطرات الماء و عدد أوراق الشجرة،فهو بالأحرى يعلم ما يدب على سطح الأرض، و ما يخرج منها،فما من مخلوق نعلمه أو لا نعلمه إلا و الله محيط به و يعلمه علما يقيناً. سبحانه و تعالى يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء وعدد الرمال وهو العلي الكبير المتعال العلي العظيم الذي خلق كل شيء فقدره تقديرًا الله جل جلاله.

ومن قولهم: ولجت في كذا: إذا دخلت فيه، كما قال الشاعر:
رأيــتُ القــوافي يَتَّلجـنَ مَوَالِجًـا
تَضَــايَقُ عَنهـا أن تَوَلَّجهـا الإبَـرْ (1)
يعني بقوله (يتَّلجن موالجا): يدخلن مداخل.

(يَعْلَمُ) مضارع فاعله مستتر (ما) اسم موصول مفعول به والجملة استئنافية (يَلِجُ) الجملة صلة (فِي الْأَرْضِ) متعلقان بيلج (وَما) الواو عاطفة وما موصولية معطوفة على ما سبق (يَخْرُجُ) مضارع فاعله مستتر والجملة صلة (مِنْها) متعلقان بيخرج (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) معطوف على ما سبق (وَهُوَ) الواو حالية ومبتدأ والجملة في محل نصب على الحال (الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) خبران للمبتدأ.

مما يستدعي من المؤمن الذي يعلم علم اليقين أن الله تعالى قد أحاط بكل شئ علماً،أن يراقب الله في خلواته و سكناته.

ثم أتبع سبحانه ما تقدم من حمده على ما هو أهل له؛ ببسط شواهد حكمته وعلمه فقال تعالى: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها} إلى قوله: {وهو الرحيم}؛ فبرحمة الله و غفرانه أنال عباده المؤمنين،ما اختصهم به فله الحمد الذي هو أهل له. ثم اوضح أنه من عظيم رحمته و غفرانه أنه أمهل عباده الذين كذبوا عليه و افتروا القول لبيان سعة رحمته بهم.ومن تدبر سورة سبأ وجد أن الله تعالى قد بين عاقبة من شكر في قوله تعالى: {ولقد آتينا داود منا فضلاً يا جبال أوبي معه والطير وألنّا له الحديد} ثم قال {ولسليمان الريح} إلى قوله: {اعملوا آل داود شكراً} ثم أتبع ذلك بذكر حال من لم يشكر فذكر قصة سبأ إلى آخرها،كأن الله تعالى يخبرنا بأنه من حمد الله على نعمه وشكر الله عليها بجوارحه،فسوف يحصل له التمكين في الأرض؛و أما من أعرض عن الإيمان و شكر النعمة فسوف يناله العقاب في الدنيا و الآخرة .
ولما كان الحاصل من هذا المتقدم أنه رب كل شيء، وكان الرب لا تنتظم ربوبيته إلا بالرفق والإصلاح، وكان ربما ظن جاهل انه لا يعلم أعمال الخلائق لأنه لو علمها ما أقر عليها، اعلم أن رحمته سبقت غضبه، ولذلك قدم صفة الرحمة، ولأنه في سياق الحمد، فناسب تقديم الوصف الناظر إلى التكميل على الوصف النافي للنقص فقال: {وهو} أي والحال أنه وحده مع كثرة نعمه المقيمة للأبدان {الرحيم} أي المنعم ، الذي من رحمته أنزل الكتب السماوية و الرسل لبيان الطريق المستقيم لعباده ، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل . فهذا مما يستدعي الحمد ،و كفى بنعمة التوحيد نعمة.من جميل قوله {الغفور} أي المحاء للذنوب فأما من اتبع ما أنزل من ذلك كما بلغته الرسل فبالمحو عيناً وأثراً حتى لا يعاقبهم على ما سلف منها ولا يعاتبهم فهو العفو الذي يعفو عن عباده، وأما غيره فالتكفير بأنواع المحن أو التأخير إلى يوم الحشر.

المراجع:
تفسير ابن كثير.
تفسير التحرير و التنوير لابن عاشور.
تفسير نظم الدرر في تناسب الآيات و السور لبرهان الدين البقاعي
تفسير روح المعاني للألوسي.
تفسير في ظلال القرآن لسيد قطب.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 ربيع الثاني 1438هـ/1-01-2017م, 12:04 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

قال الله تعالى { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} (62 الفرقان)

لما ذكر سبحانه عظيم نفور الكفار عن السجود له وقولهم "وما الرحمان " فسألوا عنه كما يسأل عن المجهول ؛ ذكر لهم ما لو تفكروا فيه لعرفوا استحقاقه سبحانه للسجود والذل والخضوع ولاستدلوا بذلك على عظيم قدرته وجلائل إنعاماته، التي هي من آثار رحمته ؛ فذكر لهم بروج السماء ، والشمس والقمر، ثم ذكر لهم تعاقب الليل والنهار .

خلفة : قال ابن فارس : الخاء واللام والفاء أصولٌ ثلاثة: أحدُها أن يجيءَ شيءٌ بعدَ شيءٍ يقومُ مقامَه، والثاني خِلاف قُدَّام، والثالث التغيُّر اهـ.
و الخلفة : كل شيء يجيء بعد شيء آخر غيره. ومنه خلفة النبات. أي: الورق الذي يخرج منه بعد أن تساقط الورق السابق عليه. والخِلْفَةُ: مَا يُنْبِتُهُ الصَّيْفُ مِن الْعُشْبِ بَعْدَمَا يَبِسَ العُشْبُ الرِّبْعِي؛ و خلفت الفاكهة بعضها بعضا خلفا – بالتحريك و خلفة، إذا صارت خلفا من الأولى. وخلف زيد عمرا يخلفه إذا جاء بعده في مكانه.
والخلفة: الِاخْتِلَاف يُقَال الْقَوْم خلفة مُخْتَلفُونَ وأبناؤه خلفة نصف ذُكُور وَنصف إناث.
و عليه يجوز أن تكون خِلْفَة :
- مصدراً مِنْ خَلَفَه يَخْلُفه، إذا جاء مكانَه.
- وأَنْ يكونَ اسمَ هيئةٍ كالرِّكْبَةِ بمعنى الهيأة من الركوب؛ والجِلْسَة لِهَيْئَةِ الجلوس؛ والْقِعْدَةِ لِهَيْئَةِ الْقُعُودِ. فتكون الخلفة هيأة من الخلوف ؛ فإذا قلت : خلفه خلفا أو خلوفا فقد أردت مطلق الحدث، وإذا قلت : خلفه خلفة فقد أردت هيأة خاصة من المخلوف
- وأَنْ يكونَ من الاختلافِ؛ اسم مصدر بمعنى المخالفة.
والخلفة مفعول ثان لجعل أو حال إن كان بمعنى خلق؛ وأفرد "خلفة" مع كون الليل والنهار اثنان لكون "خلفة" مصدر يصلح للمفرد و الاثنين والجمع والمذكر و المؤنث على حد سواء.

و في معنى كون الليل والنهار خلفة أقوال كلها موافقة للمعنى اللغوي .

الأول: أن الله جعل كل واحد منهما خلفا وعوضا يقوم أحدهما مقام صاحبه؛ فمن فاته عمله في أحدهما قضاه في الآخر.
عن الحسن، في قوله:( جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً ) قال: جعل أحدهما خلفا للآخر، إن فات رجلا من النهار شيء أدركه من الليل، وإن فاته من الليل أدركه من النهار. رواه الطبري
و عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عُمَرَ أَطَالَ صَلاةَ الضُّحَى فَقِيلَ لَهُ صَنَعْتَ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ فَقَالَ: إِنَّهُ بَقِيَ عَلَيَّ مِنْ وِرْدِي شَيْئًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُتِمَّهُ أَوْ أَقْضِيَهُ وَتَلا هَذِهِ الآيَةَ: جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أراد أن يذكر أو أَرَادَ شُكُورًا رواه ابن أبي حاتم


الثاني: أن كل واحد منهما يخلف صاحبه، إذا ذهب هذا جاء هذا، وإذا جاء هذا ذهب هذا؛ أي وهو الذي جعل الليل والنهار متعاقبين لا يفتران يجيء الليل بعد النهار ويجيء النهار بعد الليل.كَمَا قَالَ: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [إِبْرَاهِيمَ: 33] ، وَقَالَ {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} [الْأَعْرَافِ: 54]....يغشى أحدهما صاحبهفيطلبه حثيثا حَتّى يُزِيلهُ عَن سُلْطَانه ثمَّ يَجِيء الآخر عَقِيبه فيطلبه حثيثا حَتّى يهزمه، ويزيله عَن سُلْطَانه فهما دَائِما يتطالبان وَلَا يدْرك أحدهما صَاحبه

الثالث : أن كل واحد منهما مخالفا صاحبه، فجعل هذا أسود وهذا أبيض؛ كما أن المخالفة بينهما تحصل من جهة الطول والقصر و البرد و الحر والظلمة والنور... كما قال تعالى :{ {إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6) } [يونس: 6]

(لمن): الجار والمجرور متعلق ب "جعل" واللآم للتعليل؛ فأفاد ذلك أن هذا الجعل ينتفع بثمرته من أراد أن يذكر أو أراد شكورا..

(يذّكر): قرأ حمزة وحده « يذْكُر » بسكون الذال وضم الكاف، وقرأ الباقون « يذّكر » بشد الذال. وهى بمعنى واحد.إلا أن المشدد أشد عملا..وَقِيلَ: مَعْنَى" يَذْكُرُ" بِالتَّخْفِيفِ أَيْ يَذْكُرُ مَا نَسِيَهُ فِي أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي، . و الأصل في «يذّكّر» يتذكّر ثم أدغمت التاء. و...التذكر تَفَعُّلٌ مِنَ الذِّكْرِ، أَيْ تَكَلِّفُ الذِّكْرِ.
ولم تبين الآية متعلق التذكر ليكون ذلك دالا على العموم ؛فإن التَّذَكُّرُ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بتذكره؛ ويدخل في معنى التذكر في الآية الاتعاظ و الاعتبار.

(شكورا ):بالضم مصدر سماعيّ لفعل شكر الثلاثيّ باب "نصر" و الشكر عرفان إحسان المحسن و المراد بالشكر في الآية القيام بعبادة الله و طاعته لأنها شكر لله تعالى.
(أو )للتفصيل و التنويع ؛ لأن المستفيدين من اختلاف الليل والنهار هم المتذكرون والشاكرون، فلا تمنع من أن يكون الشخص الواحد متذكرا شاكرا في آن واحد.
و قد تكون "أو" للتخيير ؛.ولم يؤت بالواو لئلا يتوهم إنّ جمعهما لازم.

وفي حق المتذكرين قال ( يذكر) بصيغة المضارع ليفيد الحدوث و التجدد فإن الغفلة مستولية على الإنسان، والآيات المرئية ما تزال تحدث له التذكر وتجدده له..أما في حق الشاكرين فجيء بالمصدر " أَوْ أَرادَ شُكُوراً " لِأَنَّ الشُّكْرَ يَحْصُلُ دُفْعَةً.

ولم يكرر الاسم الموصول لأن الشخص الواحد يمكن أن يتصف بالصفتين معا.

وكرر فعل الإرادة لأنها لا بد منها في التذكير وفي الشكر.

ومعنى الآية
يقول تعالى وهو الذي جعل الليل والنهار ، ووضعهما يختلفان ويتعاقبان على هيأة مخصوصة في التخالف والتعاقب ؛ ليستفيد من ذلك العباد من أراد أن يتذكر فيعتبر بما فيهما من انتقال وتغير ونظام وتقدير وعجيب صنعة؛فيستدل بذلك على وجود خالقهما ، وقدرته وإرادته وعلمه وحكمته ، ورحمته بمخلوقاته ؛ ويشكر الله تعالى على نعمه عليه ؛ فيقوم بعبادة خالقه المنعم عليه بجلائل النعم ودقائقها التي منها هذا الاختلاف والتعاقب بين هذين الوقتين ، الذي لا يصلح حال الإنسان ، ولا تنتظم أعماله ولا يستقيم عمرانه إلا به.
أو من أراد أن يذكر الله؛ والذكر يشمل ذكر القلب، والذكر بالجوارح،فيقوم بأوراد العبادات المختلفة و يشكره بزيادة العمل فيتطوع بالنوافل ؛ فذلك يكون في سائر الأوقات في الليل والنهار: ومن فاته حظه ونصيبه من ذلك في النهار اسْتَدْرَكَهُ فِي اللَّيْلِ ؛ أو فَاتَهُ حظه ونصيبه فِي اللَّيْلِ اسْتَدْرَكَهُ فِي النَّهَارِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ" [1] .
وفي الحديث الآخر:( مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَىْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ [2]».
فالنفس يحصل لها حال من النشاط و الهمة و التذكر و حال من الغفلة والكسل و النسيان . فجعل الله الليل والنهار يتوالى على العباد ويتكرران ليحدث لهم الذكر والنشاط والشكر لله في وقت آخر...

دلائل كلمة خلفة

· -واختيرت لفظة الخلفة هنا ، لدلالتها على الهيأة ، فتكون منبهة على هيأة هذا الاختلاف ، بالطول والقصر المختلفين في جهات من الأرض ؛ وذلك منبه على أسباب هذا الاختلاف من وضع جرم الأرض وجرم الشمس؛وذلك كله من آيات الله الدالة عليه .
وبتلك الهيأة من الاختلاف المقدر المنظم عظمت النعمة على البشر، وشملتهم الرحمة؛ فكانت هذه اللفظة الواحدة منبهة على ما في اختلاف الليل والنهار من آية دالة ، ومن نعمة عامة ؛وهكذا جميع ألفاظ القرآن في انتقائها لمواضعها . .

·--- الله جعل الليل والنهار خلفة يخلف أحدها الأخر يتعاقبان لا يفتران منذ أول خلقهما..فلم يكونا يوما من الأيام غير متعاقبين..ثم أصبح متعاقبين..صبح متعاقبين لا بد أنهما خِلْفة منذ الخَلْق الأول؛ و لن يستقيم هذا إلا إذا قلنا بكروية الأرض، وهذه يؤيدها قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [يس: 40]
بيان ذلك أن الحق تبارك وتعالى حينما خلق الشمس والقمر الخَلق الأول؛ كان المواجه من الأرض للشمس نهاراً، والمواجهة منها للقمر ليلاً، ثم تدور حركة الكون، فيخلف أحدهما الآخر منذ البداية.
فلو لم تكن كروية وكانت مسطحة لم يتحقق ذلك التعاقب أول خلقهما...لأن الأرض حينها ستكون إما كلها مضيئة أو كلها مظلمة..

·-- الليل والنهار خلفة يؤدى عمل كل واحد منها في الآخر ؛ ففيه حث على استغلالا الوقت والسعي في تعميره بطاعة الله و عبادته ؛ و التفكر في عظيم خلقه وبديع صنعه ؛ وشكره وحمده على عظيم فضله وجميل إنعامه...لأنه جعل الليل والنهار خلفة..يخلف الواحد الآخر من فاته عمل الليل يحرص على أداءه بالنهار ومن فاته عمل النهار يقضيه بالليل..حتى لا ينقضي من عمره يوم لم يتقرب به إلى الله...ويعد العدة ليوم اللقاء .

·-- خلفة بمعنى الاختلاف ؛ والليل والنهار مختلفين هذا من عظيم نعم الله على عباده. فتغير الأوقات والزمان بين طول و قصر و برد وحرارة و نور و ظلمة ..تنويع فيه تخفيف على النفس البشرية الضعيفة و يبعث فيها النشاط والهمة ؛ فلو كان الوقت على حال واحدة من ظلمة أو نور أو قصر أو طول لحدث في لنفس الملل و السآئمة و الكسل ؛ ولما استطاع أن يحقق دوره ومهامه في الأرض من إعمارها و السعي في مناكبها ؛ ولفاته حظه الأوفر من المقصد الذي خلق لأجله وهو تحقيق عبودية الله عزوجل .. فلو كان الدهر ليلا كله كيف يدري أحد كيف يصوم، أو كان الدهر نهارا كله كيف يدري أحد كيف يصلي..قال تعالى.{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) } [القصص: 71 - 73]...وقد فطر الله الإنسان على حب كل ما هو جديد وعلى التغيير و على التنويع لأجل هذا خلق الله لعباده أصنافا وأنواعا شتى مما يأكل ومما يركب ومما يشرب ومما يستمتع بالنظر إليه.

مناسبة
× الآية جمعت بين الإرادة و التذكر و الشكر..والتذكر يكون بالتفكر .والشكر يكون بالعمل..فصار الإرادة و التفكر و العمل أركان حياة الإنسان من بدايتها إلى نهايتها...ولن يستفيد الإنسان مما خلقه الله له ولأجله إلا باجتماع هذه الثلاثة....ولن يستقيم العمل إلا بسلامة البدن؛و لن يستقيم الفكر و يسلم إلا بسلامة العقل؛و لن تقوى الإرادة إلا بقوة سمو النفس و علوها و قوة الخلق..فكان الإنسان مطالبا بالحفاظ على هذه الثلاثة: عقله ؛ نفسه ؛ بدنه؛ودفع المضار عنها؛ فيقوى عقله بالعلم ؛ويقوم نفسه وأخلاقه بهدي الكتاب و بالسلوك النبوي ؛ ويقوى بدنه بتنظيم الغذاء و توقي الأذى و التريض على العمل.كما قال تعالى { كلوا و اشربوا ولا تسرفوا }..جمعت هذه الآية ثلاثة أصول الطب للحفاظ على النفس..

× التذكر عام يدخل فيه كل ما يصلح للتذكر؛فيشمل تذكر آلَائِهِ وَنِعَمِهِ الله فيحمد الله ويشكره ؛ ويشمل تذكر حقوق الله عليه والواجبات التي عليه ؛فيدفعه ذلك إلى العبادة و الطاعة و القيام بحق الله ؛ ويشمل تذكر ذنوبه فيدفعه ذلك إلى الاستغفار والتوبة والإنابة ؛ ويشمل تذكر ثواب الله وجزاءه و عقابه فيدفعه ذلك إلى الإكثار من النوافل و التطوع طلبا لرحمته واجتناب ما حرم الله.هربا من سخطه. ويذكر عظيم خلق الله وجميل صنعه فيدفعه إلى محبته وتعظيمه وشكره و حسن الثناء علي الله ..و غير ذلك.. .فتبن أن كل ما أدى إليه التذكر فهو من الشكر .لأن الشكر متعلقه القلب بالإقرار والاعتراف و اللسان بالقول والجوارح بالعمل .فكان التذكر سبب وسيلة للشكر
فكان التذكر هو المبدأ وكان الشكر هو النهاية؛.... فالآية جمعت بين المبدأ و النهاية
والله أعلم

المراجع
--الجامع الصحيح المسمى صحيح مسلم لمسلم بن الحجاج النيسابوري (261 ه)
- جامع البيان في تأويل القرآن .لمحمد بن جرير أبو جعفر الطبري ( : 310هـ)
- معجم مقاييس اللغة ؛ لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا(395 ه)
-المحرر الوجيز لابن عطية ( 541 هـ)
-مجموع الفتاوى لا بن تيمية (728هـ)
- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ؛ للزمخشري جار الله (538هـ)
-مفتاح دار السعادة – لابن القيم الجوزية ( 751هـ)
- الدر المصون في علوم الكتاب المكنون ؛للسمين الحلبي (756هـ)

-
تفسير القرآن العظيم لابن كثير ( 774 هـ)
- تفسير أبي السعود لأبي السعود (982هـ)
- حَاشِيةُ الشِّهَابِ عَلَى تفْسيرِ البَيضَاوِي لشهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي المصري الحنفي (1069هـ)
- فتحُ البيان في مقاصد القرآن لأبي الطيب محمد صديق خان بن حسن لقِنَّوجي ( 1307هـ) -مجاليس التذكر من كلام الحكيم والخبير ابن باديس ( 1358ه )
- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي ( 1376 هـ)
- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي (: 1393هـ)
- التحرير والتنوير لابن عاشور (1393هـ).
**

[1] رواه مسلم في صحيحه برقم (2759) مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عنه.

[2] رواه مسلم من حديث عمر بن الخطاب كتاب صلاة المسافر باب باب جَامِعِ صَلاَةِ اللَّيْلِ وَمَنْ نَامَ عَنْهُ أَوْ مَرِضَ.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 ربيع الثاني 1438هـ/1-01-2017م, 04:59 AM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة في تفسير قوله تعالى:
(لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ۖ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(60) سورة النحل
قال تعالى :( لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ۖ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(60) سورة النحل
هذه الآية جاءت في سياق ذكر مخازي الكفار من كونهم ينسبون لله البنات مع كراهيتهم لهم أشد الكراهة ووصف الله حالهم إذا بشر أحدهم بالأنثى وشدة الأمر ، ووبخهم بقوله (لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ۖ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(60) ففي الآية تحقير لهم وتنزيه لله سبحانه وتعالى من جميع النقائص ووصفه بأن له المثل الأعلى والمراد الصفات العليا الكاملة التي توجب إفراده بالعبادة وحده دون من سواه ،وختم الآية باسميه العزيز الحكيم تهديدا ً للكافرين ثم بين حلمه عليهم وإمهاله لهم وسوء أدبهم بجعلهم لله مايكرهون وتوعدهم بالعذاب الاليم والمتأمل في السياق يرى عظيم جرمهم في حق الله تعالى .


(وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ ۙ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ(57) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ(59) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ۖ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(60) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (61) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَىٰ ۖ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ(62)


يظهر في سياق الآيات سوء أدبهم مع الله ،فالآية جاءت في معرض الرد على الكافرين الذين تجاوزا الحد واساءوا الادب مع الله في التعامل فذكر الله مايدل على تحقيرهم ونزه نفسه عن النقائص .
وقوله تعالى : (لِلَّذِينَ) المقصود من ذكرت قبائحهم السابقة من الحاجة إلى الولد ليقوم مقامهم بعد موتهم ويبقى به ذكرهم، وإيثار الذكور للاستظهار، ووأد البنات لدفع العار أو خشية الإملاق .
وفي التعبير بقوله للذين فوائد:
*جاء التعبير بالاسم الموصول في سياق التحقير وفيه زيادة تحقير لهم والاسم الموصول في سياق التعظيم فيه زيادة التعظيم والعكس صحيح كما في هذا الموضع .
*تقديم الجار والمجرور يفيد الحصر والمعنى أن مثل السوء هو للذين كفروا فقط فهم الأسوأ ولا أحد أسوأ منهم
وقوله تعالى : (لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ)
لا نافية ويؤمنون فعل مضارع ، فنفى الله عنهم الإيمان بالآخرة وعبر بالفعل المضارع المفيد للدوام والإستمرار، فهم مستمرون في تكذيبهم بسبب عدم إيمانهم بالآخرة
وسبب ذكر هذه الصفة دون غيرها :
*لأنهم اشتهروا بهذه الصفة بين المسلمين
*لأن من لايؤمن بالآخرة يتعلق بالدنيا ويرفض كل مايخالف هواه ويتغافل عن الحق ويرده ويصف الله بما لايليق
وقوله تعالى :( مَثَلُ السَّوْءِ) أي: صفة السوء، والفرق بين السوء والسوء، أن السوء بفتح السين هو: مصدر، والسوء بضم السين هو: اسم، والفرق بينهما أن السوء بالفتح يضاف إليه المنعوت، نقول: رجل السوء، ظن السوء.
فالكفار لهم الصفة السيئة القبيحة لأنهم يسيئون الأدب مع الله الذي أنعم عليهم بالنعم
وقوله تعالى :( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ)
الواو عاطفة وجملة (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ) معطوفة على ((لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ)وفيها تسفيه لرأيهم عندما نسبوا البنات لله
*سبب تقديم (لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ) على تنزيه الله :
لأن السياق في ذكر اساءة الكفار فناسب أن يتقدم ذكرهم .
*تقديم (ولله ) يفيد الحصر فالصفة العليا التي ليس هناك صفة أعلى منها هي لله وحده فوحده المتصف بالكمال المطلق فله صفات الكمال كلها وله من كل صفة كمال أكملها وأعلاها المنزه عن الصاحبة والولد لكمال غناه فلا يحتاج اليهما .
الأعلى :تفضيل وحذف المفضل عليه وأفاد الحذف العموم فالله أعلى من كل مثل .
وهو: ضمير منفصل يفيد الإختصاص ،فلله وحده العزة والحكمة الكاملة
العزيز: الألف واللام الداخلة على أسماء الله الحسنى تفيد الإستغراق ،فالله هو العزيز الذي له جميع معاني العزة على وجه الكمال التام من كل وجه عزة القوة وعزة الإمتناع وعزة القهر والغلبة وجميع الخلق في غاية الذل والفقر والحاجة .
الحكيم : الالف واللام تفيد الإستغراق فالله هو الحكيم الذي له الحكمة التامة الشاملة في قضائه وجزائه وخلقه
وقدم العزيز على الحكيم لأن من عز حكم فالله هو القادر القاهر العزيز ولذلك له الحكم وحده
ومناسبة ختم الآية بالاسمين :
العزيز:فيه تهديد للكافرين فالله عزيز ينتقم ويعاقب المجرمين
الحكيم : له الحكم الجزائي والقدري والشرعي وسيحكم فيهم بحكمه .
(َ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )هذه الجملة التي طرفاها معرفتان تفيد الحصر؛ فهو وحده العزيز له عزة القدر والقهر والقوة ، الحكيم له وحده الحكمة الكاملة في الحكم والشرع والخلق .
المراجع :
الكتاب: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل
المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ)
الكتاب: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور
المؤلف: إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي (المتوفى: 885هـ)
الكتاب: تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
المؤلف: أبو السعود العمادي محمد بن محمد بن مصطفى (المتوفى: 982هـ)
الكتاب :حَاشِيةُ الشِّهَابِ عَلَى تفْسيرِ البَيضَاوِي، الْمُسَمَّاة: عِنَايةُ القَاضِى وكِفَايةُ الرَّاضِى عَلَى تفْسيرِ البَيضَاوي
المؤلف: شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي المصري الحنفي (المتوفى: 1069هـ)
الكتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني
المؤلف: شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (المتوفى: 1270هـ)
الكتاب: القواعد الحسان لتفسير القرآن
المؤلف: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي
الكتاب: سلسلة الريحان في تفسير القرآن
المؤلف :سامي وديع عبد الفتاح القدومي

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 4 ربيع الثاني 1438هـ/2-01-2017م, 05:48 AM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

رسالة في تفسير قوله تعالى :
( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ ) الحجر "49-50 "

قوله تعالى :( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ ) من الآيات العظيمة في التعرف على الرب تبارك وتعالى ، وعلى واسع رحمته وعفوه وغفرانه ، وكامل عذابه لمن لا يكترث بالتقدم عليه .
وذلك نظير قوله تعالي ( اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
وفيه عدة مسائل نستعين بالمولى تبارك وتعالى على بيان بعض منها :
  • · سبب نزول الآية.
  • · مناسبة الآيات.
  • · مقاصد الآيات .
  • · المخاطب في الآيات.
  • · معنى فعل الأمر " نبئ " ، وتعديته ، والحكمة من اختيار فعل الإنباء دون غيره من الأفعال الدالة على الإخبار ، وما يفيده ابتداء الآية به .
  • · الحكمة من الأمر بهذا الإنباء في الآية .
  • · معنى العبودية والحكمة من اختيار صفة العبودية تحديداً ولم يقل الناس مثلاً أو المؤمنون .
  • · الحكمة من نسبة عبودية العباد إلى الله تعالى في قوله " عبادي ".
  • · دلالة الإتيان بالعديد من المؤكدات مع المغفرة والرحمة .
  • · ما أفاده إضافة ضمير المتكلم في " أني " والإتيان بالضمير الظاهر في قوله " أنا" بعد قوله " أنّي "
  • · معني اسم الغفور ومتعلق المغفرة .
  • · ما يفيده ذكر المغفرة .
  • · معنى اسم الرحيم ومناسبة ذكره ومتعلقه .
  • · دلالة الواو والمناسبة بين الآيتين .
  • · دلالة تكرار المؤكدات في : " أن " ، إضافة ضمير المتكلم ونسبة العذاب لله عز وجل في قوله " عذابي "، " هو " ، التعريف في قوله " العذاب الأليم ".
  • · متعلق العذاب .
  • · معنى الأليم .
  • · الحكمة من وصف الله لذاته الشريفة بالمغفرة والرحمة وعدم وصفها بالتعذيب.
  • · ما يفيده الإتيان بالمغفرة والرحمة قبل بيان صفة العذاب .
· سبب نزول الآية .
- روى ابن جرير عن ابن أبـي ربـاح، عن رجل من أصحاب النبـيّ صلى الله عليه وسلم قال: طَلَع عَلْـيَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من البـاب الذي يدخـل منه بنو شيبة، فقال: " ألا أرَاكُمْ تَضْحَكُونَ؟ " ثم أدبر حتـى إذا كان عند الـحجر رجع إلـينا القهقرى، فقال: " إنّـي لـمَّا خَرَجْتُ جاءَ جَبْرَئِيـلُ صلى الله عليه وسلم فَقالَ: يا مُـحَمَّد إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: لِـمَ تُقَنِّطُ عِبـادِي؟ نَبِّىءْ عِبـادِي أنّـي أنا الغَفُورُ الرَّحِيـمُ وأنَّ عَذَابِـي هُو العَذَابُ الألِـيـمُ } ".
- وعن عبدالله بن الزبيرأنه قال " مر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بنفرٍ من أصحابِه وقد عرض لهم شيءٌ يُضحِكُهم فقال أتضحكون وذِكرُ الجنةِ والنارِ بين أيديكم فنزلت هذه الآيةُ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ" رواه الهيثمي في مجمع الزوائد.

· مناسبة الآيات .
في مناسبة الآيات عدة إحتمالات :
1- أن الآيتين إجمال لما سلف من الوعد والوعيد في الآيات السابقة وتقرير له ، وتمكين له في نفوس المتقين المؤمنينالسابق ذكر أحوالهم .
2- أن الآية مستأنفة استئنافاً ابتدائياً وهو مرتبط بقوله في أوائل السورة:
{ وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم }
وصدّر الأمر بإعلام الناس وإخبارهم بمغفرة الله وعذابه أولاً قبل التذكرة بعاقبة السابقين المعاندين ، ونجاة من آمن من بينهم في القصص التالي لها ؛ لأن ذلك دائر بين أثر الغفران والرحمة ، وبين أثر العذاب.
ويمكننا الجمع بين الإحتمالين بأن الآيات لها مناسبة مع ما قبلها من الآيات ، كما أن لها مناسبة مع ما بعدها .

· مقاصد الآيات .
من مقاصد الآيات :
1- بيان أهمية الموازنة بين الخوف والرجاء ، والتبشير والتحذير ، ففي الخوف وحده قنوط وإياس من رحمة الله وفيه هلاك العبد ، وفي الرجاء وحده التواكل وإهمال العمل وفيه أيضا هلاكه ، أما في التوسط منفعة العبد ونجاته .
روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" لو يعلم المؤمنُ ما عند اللهِ من العقوبةِ ، ما طمع بجنتِه أحدٌ . ولو يعلمُ الكافرُ ما عند اللهِ من الرحمةِ ، ما قنط من جنتِه أحدٌ" رواه مسلم
2- التأكيد على اختصاص الله بالرحمة والمغفرة والعفو لعباده التائبين ، وكذلك اختصاصه بالعقاب لمن بقي على معصيته ، غير مكترث بذنبه .
- فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إنَّ اللهَ خلق الرَّحمةَ يومَ خلقها مائةَ رحمةٍ ، فأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمةً ، وأرسل في خلقِه كلِّهم رحمةً واحدةً ، فلو يعلمُ الكافرُ بكلِّ الَّذي عند اللهِ من الرَّحمةِ لم ييْئسْ من الجنَّةِ ، ولو يعلمُ المؤمنُ بكلِّ الَّذي عند اللهِ من العذابِ لم يأمَنْ من النَّارِ " رواه البخاري
3- التحذير من التقدم والتجرؤ على الله بالمعاصي والذنوب ، والترهيب من ذلك ، والأمر بالتوبة والإنابة ، والترغيب فيها .
روى ابن جرير عن قتادة، قوله: { نَبِّىءْ عِبـادِي أنّـي أنا الغَفُورُ الرَّحِيـمُ وأنَّ عَذَابِـي هُو العَذَابُ الألِـيـمُ } قال: بلغنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم قال: " لوْ يَعلـمُ العبدُ قَدْر عَفْوِ اللَّهِ لما تورّعَ من حرام، وَلَو يَعلـم قَدْر عَذابِهِ لَبخَع نفسَه ".

· المخاطب في الآيات .
يخاطب الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ، ومن بعده كل داع لله ولعبادته ، حُقّ عليه أن يُعرِّف العباد على رب العباد وعلى أسمائه الحسنى وصفاته العلى .

· معنى فعل الأمر " نبئ " ، وتعديته ، والحكمة من اختيار فعل الإنباء دون غيره من الأفعال الدالة على الإخبار ، وما يفيده ابتداء الآية به .
النبأ : ما له وقعٌ ، وشأنٌ عظيمٌ ، و"نبئ " بمعنى : أعلِم وأخبر بأمر له خطورته وعظمته؛ ولا يقال (نبىء) في خبر بسيط .
و{ نبىء } قد تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، فـ { عبادي } مفعول و " أن " تسد مسد المفعولين الباقيين ، لأننا إذا قلنا أبهرني أن عمراً متوفق إنما المعنى أبهرني تفو عمر لأن دخول " أن " إنما هو على جملة من (مبتدأ وخبر ) فلذلك سدت مسد المفعولين.
وقد تتعدى إلى مفعولين فقط ومنه قوله تعالى : { من أنبأك هذا }
والحكمة من اختصاص هذا الفعل بالذكر أن الإخبار المأمور به ليس إخباراً عادياً وإنما إخباراً بخبر جليل
هائل عظيم ؛ إخبار بأسماء الملك جل وعلا و صفاته ؛ التي يرتبط بها مصير العباد في الآخرة ، وفي ابتداء الآية به تشويقاً للمستمع لما سيأتي بعده .

· الحكمة من الأمر بهذا الإنباء في الآية .
أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بإنباء عباده بهذه الأمور في الآية وكأنه أشهد رسوله على نفسه بالتزام المغفرة والرحمة ، وما أوجبه على نفسه من رحمته بعباده وغفرانه لمن تاب منهم .

· معنى العبودية والحكمة من اختيار صفة العبودية تحديداً ولم يقل الناس مثلاً أو المؤمنون .
العبودية : مصدر عبَدَ يَعبُد ، عِبادةً وعُبُوديَّةً ، فهو عابِد ، والمفعول مَعْبود
وهي الذل والخضوع والانقياد والطاعة ، والعبد هو المملوك لسيده ومولاه .
وأتي بهذه الصفة تحديداً لبيان أن الحكم يشمل كلّ من اعترف بعبوديَّته لله عز وجل ، وهذا يشمل المؤمن والعاصي ، والبر والفاجر ، دون الكافر الذي ينكر عبودية الله تعالى أو يجحدها ، وقيل هم العباد مطلقاً فيدخل فيه الجميع ، وقيل: الذين عبر عنهم بالمتقين فيما سبق هذه الآية من آيات .
وعلى الحقيقة أن ذلك ليس فيه إشكال لأن العباد أيا ما كان من فعلهم فهم عباد لله رضوا أو أبوا فكل ما فيهم من جوارح يشهد لله بالعبودية ولا يملك أن يعص لله أمراً كونياً حتى وإن عصاه أصحابها في الأمور الشرعية ، وكل ما يدور عليهم من أقدار لا يملكون رده وإن اعترضوا عليه ، فسبحان الملك الذي لا راد لحكمه وقضاءه .

· الحكمة من نسبة عبودية العباد إلى الله تعالى في قوله " عبادي "
نسب الله تعالى العباد لنفسه تشريفاً عظيماً لهم ، فما أعظم أن يكون الإنسان عبداً لربه ومولاه ، وذلك نظيراً لقوله : { سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ }

· دلالة الإتيان بالعديد من المؤكدات مع المغفرة والرحمة .
قد أتى الله تعالى مع المغفرة والرحمة بالعديد من التَّأكيدات منها : قوله:
1- " أنِّي "
2- " أنَا "
3- التعريف في قوله : " الغَفُور الرَّحيمُ "
وذلك كله تأكيداً على سعة رحمة الله ومغفرته لعبادة التائبين المنينين ترغيباً لهم في التوبة ، وصرفاً لما قد يسول لهم الشيطان من غلق باب الرحمة من كثرة المعاصي وغلبة الذنوب ، ويجوز في " أنا " أن يكون ضمير فصل أو مبتدأ وليس توكيداً .

· ما أفاده إضافة ضمير المتكلم في " أني " والإتيان بالضمير الظاهر في قوله " أنا" بعد قوله " أنّي ".
يفيد اختصاص الله تعالى بالمغفرة والرحمة فهو تعالى وحده الذي يملك المغفرة والرحمة لمن يريد من عباده ، وكيفما يريد ، وبجميع ما يريد ، دون أن يحق لأحد أن يعترض على عفوه ومغفرته ورحمته ، ومن جهة أخرى ؛ إن كان هناك مغفرة ورحمة من غيرالله تعالى فلا ولن تضاهي مغفرة الله ورحمته فهو سبحانه ليس له سمي يضاهيه في أسمائه وصفاته فهو سبحانه " ليس كمثله شيئ " .

· معني اسم الغفور ومتعلق المغفرة .
غفور على وزن فعول وهي للمبالغة ، أي كثير المغفرة ، فهو الذي يغفر لعباده التائبين معاصيهم وذلاتهم ، فيسترها عليهم ، فلا يفضحهم بها ، ولا يعاقبهم عليها .

· ما يفيده ذكر المغفرة .
وذكرت المغفرة لئلا يتوهم أن من يدخل الجنة هم الذين لم يفعلوا معاص قط ، أو المتقون الذين اتقوا جميع الذنوب ، وإنما يعلم الله عباده ويعلم أن الإنسان ظلوم جهول ، وأنه حتما ولابد سيخطئ ؛ فرغبه في التوبة وعرّفه طريقها ونتائجها ، وعرّفه بمغفرته ، فهنا حصول المغفرة يتطلب شيئين
: الأول : حصول الذنب أو التقصير ،
والثاني : الاستغفار والتوبة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لَوْلا أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا يُذْنِبُونَ ، ثُمَّ يَغْفِرُ لَهُمْ " . رَوَاهُ مُسْلِمٌ
- فأهل الجنة إنما يدخلونها بفضله تعالى ورحمته بغير استحقاق منهم ، فقد يفعل العبد الذنب طيلة حياته ثم قبل وفاته يتوب الله عليه فيوفقه للتوبة والإنابة ، ويختم له بخاتمة حسنة ، فيدخله الجنة رغم ضعف عمله وقلة بضاعته .
- وأهل النار إنما يدخلونها بعدلهسبحانهجزاءا لما أصروا عليه من الذنب حتى الممات .

· معنى اسم الرحيم ومناسبة ذكره ومتعلقه .
(الرحيم) فعيل بمعنى فاعل، أي: راحم، وهو من صيغ المبالغة؛ والله تعالى عظيم الرحمة، وكثير الرحمة ، ويتناسب ذكره هنا بعد ذكر صفة المغفرة لأن الله تعالى هو الذي يرحم عباده المؤمنين التائبين المنيبين ، فلا يعذبهم على ما سبق توبتهم ، كما أن من رحمته بهم تشويقهم للتوبة والإنابة والهداية وتحبيبهم إياها ثم توفيقهم لها فيغفر لهم جميع ما سبق توبتهم .

· دلالة الواو والمناسبة بين الآيتين .
الواو للعطف ، والمعني : ونبئهم أيضاً أن عذابي هو العذاب الأليم ، لأنه ربما يكون في ذكر سعة مغفرة الله ورحمته سبباً للاغترار الموجب للإصرار .

· دلالة تكرار المؤكدات في : " أن " ، إضافة ضمير المتكلم ونسبة العذاب لله عز وجل في قوله " عذابي "، " هو " ، التعريف في قوله " العذاب الأليم "
التأكيد على أن الله وحده هو الذي يملك العذاب المؤلم إيلاماً كاملاً ، فمهما بلغ إيلام غيره ما بلغ ؛ لم يكن شيئاً أمام إيلام الله عز وجل ، فكما أنه سبحانه المتفرد بالكمال في كل شيئ ، فكذلك عذابه لا يشبهه عذاب ، وقيل أن " هو " ليست للتوكيد وإنما هي للإبتداء أو الفصل لأن المظهر لا يؤكد بالمضمر .

· متعلق العذاب .
أعد الله عذابه وأمر نبيه بالإخبار عنه لمن أصر على عصيانه وأبى التوبة والإنابة من الذنوب والكبائر ، أو مخالفة أوامره وغشيان محارمه ، أو التجرؤ عليه بالشرك والتكذيب .

· معنى الأليم .
الموجع أشد الإيجاع وكثيره .

· الحكمة من وصف الله لذاته الشريفة بالمغفرة والرحمة وعدم وصفها بالتعذيب
وصف الله ذاته الشريفة بالمغفرة والرحمة ، ولما ذكر العذاب لم يقل: إني أنا ولَمْ يَصفْ نفسهُ بِذلكَ، بل قال عزَّ وجلَّ: { عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } وذلك لبيان أن ذات الله تعالى تقتضي المغفرة والرحمة فهما اسمان لله تعالى يتضمنان صفتان له تعالى ، أما العذاب إنما يتحقق ويقام بما يوجبه من جهة العبد وأعماله.

· ما يفيده الإتيان بالمغفرة والرحمة قبل بيان صفة العذاب .
لتقديم وعد الله لعباده وترجيحه على وعيده ، والتأكيد عليه ، ولتغليب جانب الرحمة على جانب العذاب كما في قوله صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللهَ لما قضى الخلقَ ، كتب عندَه فوقَ عرشِه : إنَّ رحمتي سبقتْ غضبِي »رواه البخاري.


هذا وإن كان من توفيق فمن الله وإن كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان .
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي .

المراجع :
جامع البيان في تأويل القرآن .لمحمد بن جرير أبو جعفر الطبري (310هـ)
النكت والعيون للمواردي ( 450 هـ)
الكشاف للزمخشري ( 538 هـ)
المحرر الوجيز لابن عطية ( 546 هـ)
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ( 671هـ)
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي ( 685ه)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير ( 774 هـ )
تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ)
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي ( 885ه)
تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ)
تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ)
تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ)
تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)
تفسير أيسر التفاسير/ أبو بكر الجزائري (1342هـ)
التحرير والتنوير لابن عاشور (1393هـ)
*معجم الغني لعبد الغني أبو العزم
* معجم الرائد لجبران مسعود

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 ربيع الثاني 1438هـ/2-01-2017م, 11:19 PM
مريم أحمد أحمد حجازي مريم أحمد أحمد حجازي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 308
افتراضي

*بسم الله الرحمن الرحيم *
الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه و من اتّبع هديه إلى يوم الدين أما بعد...............
قال تعالى : } قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَى أَن يَأتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كَانَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا { ] الإسراء:88[ . القرآن الكريم نعلم أنه معجز و لا يستطيع أحد من الإنس و الجن أن يأتوا بمثل أقصر سورة فيه ، و الإعجاز في القرآن الكريم من عدّة أقسام :
*إعجاز تشريعي *و إعجاز علمي *و إعجاز لغوي
و يظهر لأكثر الناس الإعجاز في القسمين الأولين ، و أما القسم الثالث فقد يخفى على كثير ، وهو موضوع مسألة اليوم في أساليب القرآن الكريم ، و أصدق القول أني قبل الدروس في هذا القسم كنت أعلم الإعجاز اللغوي للقرآن و بلاغته و الفصاحة فيه لكن بشكل عام غير مفصل ، و بعد العودة لما تيسر من المراجع و الدروس في هذا القسم فهمت جيدًا هذا النوع من الإعجاز ؛ وهو خير معين لفهم كلام الله و الكشف عن معانيه العظيمة مما يدل على أهميته و التقصير في تعلمه على التفصيل و نشره ، بل و خير معين لفهم كلام المفسرين من المتقدمين فالحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله تعالى . وعند اختيار الآيات للمسألة كان الانبهار الأكثر في ما مر خلال البحث فلا تخلوا آية من نوع بلاغة و بيان و فصاحة ، و اخترت الوقوف على الثلاث آيات الأولى من سورة جليلة من سور القرآن نستقرئ بلاغتها ، و ننهل من عبقها ، و نتنقل بين آياتها ، قال تعالى :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
نبدأ بمناسبة السورة لما قبلها : هي متممة لما يستعاذ بالله منه ، و المعوذتان أشبه بسورة واحدة ، و افتتحتا ب (قُل أَعُوذُ) .سورة الفلق ركزت على الشرور الآتية من الخارج ، و سورة الناس ركزت على الشرور الداخلة من الداخل .
بدأت السورة بقوله تعالى : (قُل) و هو أسلوب إنشائي ، ونوعه أمر ،و غرضه البلاغي النُّصح و الإرشاد و التوجيه ، و فيه كناية عن صدق النبي صلى الله عليه و سلم فيما بلغ ، فلم يكتف بالمقول كما نفعل ، بل قال الفعل الذي أمر به نفسه ، و فيه دلالة على أهمية هذه الاستعاذة ، و الحث على المواظبة عليها .
(أَعُوذُ) فعل مضارع يفيد الاستمرار ، و هو يعني أن يظلّ العبد معتصمًا بربّه ، عائذًا به ،محتميًا بحماه ، ملتجئًا إليه ، لا يغيب ذلك عنه لحظة .
(بِرَبِّ النَّاس) الباء للاستعانة ، فالعوذ يكون بالله عزّو جلّ ، و ( رب) : اسم فاعل أصله رابِب –بكسر الباء الأولى – حذفت كسرة الباء الأولى للاستثقال ، فالتقى ساكنان فحذفت الألف لئلا يلتقي ساكنان ، و اسم الفاعل هنا بمعنى المربّي ، و المتفضّل ، و المعين ، و الرازق ، و الخالق .......
و (ال) في الناس : جنسية ، فهو ربّ جنس الناس كلهم ، و إله كلّ البشر ، لا يخرج أحدٌ عن ذلك
-التخصيص:
*السر في إضافة ربّ إلى الناس مع دخول جميع العالمين في ربوبيته تعالى و ملكوتيته و ألوهيته لعدّة أمور :
1-لأن الاستعاذة وقعت من شرّ الموَسْوِسِ في صدور الناس المعروف بعداوتهم و إغوائهم ، فالناس هدفه و مرمى وسوسته ، و هم المُعَوَّذون بهذا التعويذ ، و المقصودون دون غيرهم ، و المستعاذ منه منصب عليهم ، فناسب أن يُستحضر المُستعاذُ إليه بعنوان أنّه رب من يُسْوَس إليهم ، يملك عليهم أمورهم، و يستحق عبادتهم و هو إلههم و معبودهم ليصرف عنهم أذاه ، فكأن المعنى : يا رب الناس و ملكهم و إلههم أعذ الناس من الخطر الذي يداهمهم .
2-الإرشاد إلى طريقة الاستعاذة المرضية عنده تعالى الحقيقة بالإعاذة ، لأن توسل العائذ بربه و انتسابه إليه تعالى بالمربوبية و المملوكية و العبودية في ضمن جنس هو فرد من أفراده من دواعي مزيد الرحمة و الرأفة ، و أشار إلى إنجائهم من الشيطان و تسلطه ، فكأنه قيل : أعوذ و أتوسل برب الناس الذين أنا فردٌ منهم لا ربّ لنا سواك ، و يا ملكهم و إلههم لا ملك و لا إله لنا سواك، أعوذ من شرّ الموسوس بك .
3-إضافة الصفات الثلاث (رب ،ملك ،إله) إلى الناس يجعلهم يشعرون بالقرب في موقف العياذ و الاحتماء .
4-لأنه أمر بالاستعاذة من شرهم في قوله : ( من الجِنّة و الناس) ؛ فأعلم بذكرهم أنه هو الذي يُعيذ منهم ، فكأنه قيل :يا رب الناس نعوذ بك من الموسوسين
5-لأن الناس قد ضلّ منهم كثير في نسبة الربوبية و الملك و الألوهية لغير الله تعالى
ففيه ذكر أنه سبحانه هو وحده رب الناس و ملكهم و إلههم .
6-لأن الناس أشرف الخلق فإضافة ربوبيته لهم و ملكيته و ألوهيتهم زيادة في الثناء على الله تعالى و التعظيم و التبجيل له سبحانه .
*((ملك الناس* إله الناس ))
(مَلِك) : المَلِك (بوزن فَعِل) صفة مشبهة ؛ أي :إنّ امتلاكه للناس أمرٌ على سبيل الديمومة و الأزل ، فهو المتفرد بالتصرف فيهم ، والمالك المطلق لهم ، وفيه كناية عن القدرة ، و السيطرة الكاملة على الكون ، ومن فيه ، و ما فيه .
--الإطناب ، والإظهار في مقام الإضمار : لماذا لم يكتف بإظهار المضاف إليه الذي هو الناس مرّة واحدة فيقول مثلاً : ربّ الناس و ملكهم و إلههم ؟
الجواب : أن تكرير لفظ الناس دُون اكتفاءٍ بضميره إظهارٌ في مقام الإضمار لفوائد : 1- لأنّ "عطف البيان " للبيان و التوضيح و الكشف ، فكان مظنة للإظهار دون الإضمار لمزيد الكشف و التقرير بالإضافة و توضيح المعنى .
2-تحقيقًا و تقوية لافتقارهم بإعادة اسمهم الدال على الافتقار و الحاجة
3-تأكيدًا لربوبيته سبحانه و تعالى و ملكه و إلهيّته للناس كلهم ، و إلفاتًا للنفس إليه فهو مربيكم أيّها الناس و ملككم و إلهكم الحق دون سواه ، فلا مفزع لكم في الشدائد سواه ، ولا ملجأ لكم إلا إليه ، و لا معبود غيره ، فلا ينبغي أن يدعى و لا يخاف و لا يرجى ، ولا يخضع لغير ربّ الناس و ملكهم و إلههم ، و فيه تأكيد الرد على من اتّخذ من دون الله أندادًا و شركاء.
4-ليكون الاسم المبيّن (بكسر الياء) مستقلاً بنفسه ؛ تقريرًا لأسمائه تعالى الدالة على الكمال المقتضية للغنى المطلق ؛ للإشارة إلى كون كل من الصفات سببا مستقلاً في دفع الشر : كونه ربًا للناس ، و كونه ملكًا للناس ، و كونه إلهًا للناس ، كل منها يمكن أن يتعلق بها المعوذ وحدها.
5-للتشريف كأنه عرّف ذاته في خاتمة كتابه الكريم بكون ربًا و ملكًا و إلهًا لجنس الإنسان على سبيل التشريف و التكريم و التبجيل لهم فكرر ذكر الناس .
--سر ترتيب هذه الصفات على هذا النمط : ( رب الناس ، ملك الناس ، إله الناس):
في هذا الترتيب لطف ، و هو أنه لما كان الرب و الملك متقاربين في المفهوم ، و كان الرب أقرب في المفهوم إلى اللطف و التربية و الإعاذة قدم (رب الناس)
و لما كان الملك ألزم للقهر و الاستيلاء ، و كان الرب قد لا يكون ملكًا لأن الرب قد يطلق على كثير من الناس ، فيقال : فلان رب الدار ، اقتضت البلاغة تأخيره و إتباعه الثاني لبيان أنه كما هو رب فهو ملك أيضًا و ليس كبقية الأرباب
وقال الشنقيطي في أضواء البيان : و للتدرج في التنبيه على تلك المعاني العظيمة ، و الانتقال بالعباد من مبدأ الإيمان بالرب لما شاهدوه من آثار الربوبية في الخلق و الرزق ،و جميع الكائنات، كل هذه الآثار التي لمسوها و أقروا بموجبها ، بأن الذي أوجدها هو ربهم ؛ و من ثم ينتقلون إلى الدرجة الثانية ، و هي أن ربه الذي هذه أفعاله هو ملكه و هو المتصرف في تلك العوالم ، وملك لأمره و جميع شئونه ، و مالك لأمر الدنيا و الآخرة ، فقال تعالى : (ملك الناس)
و لما كان الملك قد لا يكون إلهًا ، و كانت الإلهية خاصة لا تقبل شركًا أصلاً بخلاف غيرها ، أنهى الأمر إليها و جعلت غاية البيان فقال : ( إله الناس) إشارة إلى أنه كما انفرد في ربوبيتهم و ملكهم لم يشركه في ذلك أحد ، فكذلك هو وحده إلههم لا يشركه في إلهيته أحد ففي هذا الترتيب الارتقاء للأعلى .
*هذا و الله أعلم و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله *
( مع العلم بالتقصير و وجود كثير من المعاني باقية لكن ضيق الوقت ، و أسأل الله العودة للإتمام و التحسين بفضله و منه و كرمه)
**المراجع :
-أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
-تفسير ابن عاشور
-تفسير أبو السعود
-تفسير ابن كثير
-روح المعاني للألوسي
-نظم الدرر في تناسب الآي و السور للبقاعي
-تفسير السعدي
-تفسير جزء عم ،لابن عثيمين
-تفسير جزء عم، د. الطيار
-الاطلاع على بعض مباحث في البلاغة من المراجع التي ذكرت في الدرس
* مع الاستعانة بزميلات لي في اللغة و علوم القرآن

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 6 ربيع الثاني 1438هـ/4-01-2017م, 08:17 PM
سناء بنت عثمان سناء بنت عثمان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 286
افتراضي

درس تطبيقي لأسلوب التفسير البياني.
قال تعالى:(ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن). سورة فصلت
سنقف مع هذه الآية مستعينة بالله في بيان لمعانيها وتذوق بلاغتها في أسلوب بياني يظهر عظمة هذا الكتاب الجليل وبيان بلاغته وفصاحته، ومع قلة بضاعتي سأحاول جاهدة باستخراج ما لاح لي من مسائل بيانية وأبدأ بقوله تعالى:(ولا تستوي الحسنة ولا السيئة) فيها عدد من المسائل وهي:
المسألة الأولى: ما دلالة الواو في قوله تعالى:(ولا تستوي
_الواو عاطفة، والجملة (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة) معطوفة على ما قبلها: على اختلاف في المعطوف عليها، واختلاف العطف في اللغة: إما أن يكون عطف الجملة على الجملة لغرض واحد وهو في الأول: عطفها على قوله تعالى:(ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا) فيكون العطف دال على ثناء الله للمؤمنين وأنهم أحسن حالا، وفي الثاني: عطفها على قوله تعالى:(وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) وهو من عطف غرض على غرض آخر فيكون المعنى فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم بما يذهب عنه الضيق من أفعال الكفار وإعراضهم عن الحق وتجرؤهم عليه.
_وفي التعبير بلاغة في المعنى، فلك أن تتخيل ثناء الله سبحانه للمؤمنين كيف سيكون أثره على نفوسهم، وهذا يظهر في جملة العطف على المعنى الأول، ثم بيان أن هذا الثناء سببه أعمالهم التي بلغتهم درجة تركت بينهم وبين غيرهم فارقا لا يمكن أن يصلوا إليه معهم، ولا شك أنهم سيجدون في ذلك دافعا إيمانيا عظيما في مواصلة أعمالهم الحسنة والازدياد منها، أو على المعنى الثاني: إذ النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته في حالة ضيق وألم من تجرؤ الكفار على هذا الكتاب العظيم وكيدهم له، فتنزل هذا الآية تسلية لهم ومحاولة لتذهب ما في صدروهم في ما ينبغي لهم فعله في معان حسية فسبحان من أودع في كلامه جمالا وفصاحة وبلاغة.

المسألة الثانية: ما دلالة التعبير بنفي الاستواء؟ وما فائدة التكرار(لا
_نفي الاستواء بين شيئين في لغة العرب يقصد به في أكثر مواضعه بتفضيل أحدهما على الآخر وقد ورد هذا النوع في القرآن كثيرا، فمنه قول الله تعالى:(وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور) وقوله:( وما يستوي الأحياء ولا الأموات).
_ وتكرار لا في قوله تعالى:(ولا السيئة) له وجهان في اللغة:
الوجه الأول: أن اللام زائدة، وأن الفعل يستوي لا يكتفي بواحد. واختار الشنقيطي هذا القول.
قال الشاعر:
ما كان يرضي رسول الله فعلهم ...... والطيبان أبا بكر ولا عمر.
الوجه الثاني: إنها مؤسسة غير مؤكدة إذ أن النفي الأول جاء في جنس الحسنة أن تستوي ببعضها، والنفي الثاني في جنس السيئة فالحسنة تتفاوت والسيئة كذلك. وهذا القول منسوب للزمخشري وابن عاشور وصاحب كتاب اللباب.
فيكون المعنى أن هذا التفضيل ليس بالحسنة على السيئة فحسب، بل الحسنة في نفسها تتفاضل على أختها، كما السيئة كذلك، فكأن الله عزوجل يستحثهم ليس على فعل الحسنة فقط، بل يسعى أن يكونوا على أعلى الدرجات وأفضل المنازل بفعلهم لأفضل الحسنات، يقول النسفي معلقا على هذه الآية: إذا اعترضتك حسنتان فخذ بالحسنة التي هي أفضل من أختها، وكذلك السيئة: كما لو أساء لك رجل إساءة فالحسنة أن تعفو عنه، وأفضل منها أن تحسن إليه.

وهنا تظهر روعة المعنى وتتجلى بلاغة اللغة وجمال حسنها في صور حسية تأخذ بألباب النفوس المؤمنة أخذا لطيفا نحو المسابقة في الحسنات والسعي للقيام بأفضلها وأحسنها.

المسألة الثالثة: ما معنى الحسنة والسيئة؟ وما فائدة التعبير بهما؟ وما المراد بهما؟
_الحسنة اسم منقول من الصفة والصفة حالة مشابهة لأحوال المؤمنين والسيئة كذلك. وهنا تظهر فائدة التعبير بهما.
_والمراد بهما جنس الحسنات وجنس السيئات، فكل مما من شأنه أن يرضي الله تعالى فهو داخل في مسمى الحسنة، وما من شأنه أن يسخط الله فهو داخل في جنس السيئة.
مسائل في قوله تعالى:(ادفع بالتي هي أحسن)
المسألة الرابعة: قوله تعالى:(ادفع بالتي هي أحسن) جملة استئنافية؟ ما فائدة الاستئناف؟ ولماذا جاء التعبير ب(ادفع)؟ وما دلالة التعبير بصيغة التفضيل(أحسن
_الجملة استئنافية أي: خروجها مخرج جواب فكأن قائلا يسأل: ماذا اصنع؟ فقال:(ادفع بالتي هي أحسن)
وفي ذلك بيان محاسن الأعمال التي شرعها الله بين العباد بعد بيان محاسن الأعمال بين العبد وربه في ما قبلها من الآيات.
_وجاء التعبير ب(أحسن) للمبالغة، و(أحسن) هنا مقصود بها الحسنة، وفائدة التعبير بها قيل: ترغيبا إذ أن دفع السيئة بالحسنة قد يشق على النفس، وقيل: إن من دفع بالأحسن هان عليه الدفع بما دونها من الحسنات.


هذا والله أعلم .... أقف هنا.... ولولا تراكم الواجبات لأكملت الآية.

المراجع:
· جامع البيان في تفسير آي القرآن. ابن جرير الطبري.
· محاسن التأويل. محمد جمال الدين القاسمي.
· زاد المسير في علم التفسير. ...أبو الفرج بن الجوزي.
· مدارك التنزيل وحقائق التأويل. أبو البركات النسفي.
· مفاتيح الغيب. فخر الدين الرازي.
· روح المعاني في تفسير القرآن العظيم. محمود شهاب الدين الألوسي.
· التحرير والتنوير. للطاهر بن عاشور
· اللباب في علوم الكتاب. ابن عادل
· الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل. للزمخشري
· أنوار التنزيل وأسرار التأويل. للبيضاوي
· أضواء البيان للشنقيطي.
· إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم. أبو السعود أفندي.

مراجع أخرى:
· خطوات التفسير البياني. للدكتور محمد رجب البيومي.
· نظرات من الإعجاز البياني في القرآن الكريم نظريا وتطبيقيا. سامي محمد هشام حريز
· التفسير البياني للقرآن الكريم. الجزء الأول الدكتورة عائشة بنت عبد الرحمن الشاطئ.
· التصوير البياني في حديث القرآن عن القرآن. د. عبد العزيز بن صالح العمار.
· أسرار البيان في التعبير القرآني. فاضل صالح السامرائي.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 7 ربيع الثاني 1438هـ/5-01-2017م, 06:26 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم تطبيقات الأسلوب البياني


أحسنتم بارك الله فيكم وزادكم إحسانا وتوفيقا.
ونحمد الله على ما أنعم عليكم من ملاحظة أهمية وقدر هذا الأسلوب كما بدا من كلامكم.
- نؤكّد مرارا على ضرورة اجتهاد الطالب في كتابة الرسالة بأسلوبه، وألا تكون رسالته مجرّد تجميع لأقوال المفسّرين من هنا وهناك.
نعم، ربما يكون في هذا الأسلوب على وجه الخصوص شيء من الصعوبة لأجل أنه متعلّق باللغة، لكن فرق بين من يظهر منه الاجتهاد والمحاولة ومن لا يظهر منه ذلك، بل يختار فقرات بطولها لأحد المفسّرين ولا يعطينا خبرا أنها منقولة، ولا نريد أن ننبّه على ذلك كثيرا لأننا نثق بتقديركم أنتم لمصلحتكم وأهمية الأخذ بهذه الإرشادات.
- ونؤكّد على أهمية تدبّر الآية أولا ومحاولة التعرّف على مسائلها، تأمّل الآية جيدا وأعط لنفسك مساحة واسعة من السؤال مهما كان، فهذا سيفتح لك آفاقا واسعة ومفيدة بإذن الله.
- وكذلك الاجتهاد في إحسان تسمية المسائل والحرص على عرض الرسالة بأسلوب مشوّق للقاريء.
- ومن المهمّ جدا الانتباه إلى الفرق بين التفسير بمفهومه الواسع والتفسير البياني الذي يبيّن بلاغة القرآن كونه قرآنا عربيا فاق في فصاحته ونظمة فصاحة العرب البلغاء، والطالب وإن لم تكن له خلفية لغوية سابقة إلا أنه من اليسير إن شاء الله التعرّف على كثير من أوجه البلاغة القرآنية إذا أمعن وكرّر النظر في كلام المفسّرين اللغويين، وتبقى بعض المسائل الصعبة التي يمكنه تحصيلها مستقبلا إن شاء الله إذا عزم على العناية بعلوم اللغة ودراستها، وما لا يدرك كله لا يترك كله.


1: رضوى محمود أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- فاتتك بعض المسائل الظاهرة وهي يسيرة، وكان من الممكن التعرّف عليها لو استخلصتِ مسائل الآية بالنظر أولا، وأقدّر جهدك وأنك بذلتِ الوسع في الرسالة، بارك الله فيك.
من هذه المسائل: دلالة افتتاح الآية بالتنزيه، ومسألة معنى الباء في "بيده"، ودلالة لفظة " كل" وإن كنتِ أشرتِ إليها ضمنا عند الكلام على تقديم الجار والمجرور، ومعنى "قدير" كونه على صيغة فعيل، وبعض المسائل قد يشار إليها في نظائر أخرى للآية خاصّة إذا كانت الآية من الأجزاء الأخيرة، فحتما تكون هذه المسائل مما بسط القول فيها سابقا، فاعتني بذلك لاحقا بإذن الله.
- "بيده" جار ومجرور خبر مقدّم، والظرفية أحد تفسيرات الباء، فلتراجع.
- الملكوت صيغة مبالغة من الملك، ففيها دلالة على عظمة الملك وشموله، وليس أنها مختصّة بعالم دون عالم.

2: هناء محمد علي أ+

أحسنت وأجدت، نفع الله بك وجعلك مباركة أينما كنت.

3: رشا نصر زيدان ج
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- قلتِ:
(جاءت الحمد لله معرفة لبيان اختصاصه و جبروته ،وأن جميع المخلوقات داخلة تحت تصرفه.)، هذا الكلام تفسير لتقديم الجار والمجرور "له" وليس لبيان دلالة التعريف في لفظ الحمد.
- وكون هذه الرسالة أول تجربة في الأسلوب البياني -وربما لوجود شيء من الصعوبة- فقد لوحظ اعتماد كبير على نقل كلام المفسّرين على الآيتين، وهذا هو الملحظ الرئيس على الرسالة.
- والمسائل التي تناولتيها في الرسالة قيّمة جدا، وهي بحاجة إلى ترتيب، لأن الكلام على بعض المسائل تفرّق في الرسالة وكأنها مسائل جديدة، وما زال هناك مسائل مهمّة وسعتها هاتين الآيتين العظيمتين.
- أوصيك دوما باستخلاص المسائل أولا وترتيبها، لكي يمكنك تنظيم الكلام على كل مسألة في الرسالة دون تداخل بين المسائل.
- ينتبه أنك في بعض المواضع اقتصرتِ على تفسير اللفظ أو إعرابه دون بيان أوجه البلاغة والمعاني التي يدلّ عليها، ويراجع ما قلناه في الإرشادات أعلاه.

4: عقيلة زيان ج
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك، ورسالتك قيّمة لكن غاب فيها أسلوبك كثيرا، وهذا هو الملحظ الرئيس عليها، رغم أن مسائل الآية ليست صعبة.
- فاتتك بعض المسائل، وهي يسيرة.
- لا تكثري من النقل في الرسالة، واحرصي على عزو ما تحتاجينه من النقول.

5: منى مدني أ+

أحسنت جدا بارك الله فيك ونفع بك وزادك من فضله.

6: حنان علي محمود أ+
أحسنت جدا بارك الله فيك ونفع بك.
- خلطتِ بين مسألتين: المراد بالعباد، والحكمة من استعمال وصف العبودية، فأيا كان المراد بالعباد في الآية، فلا شكّ أن استعمال وصف العبودية فيه إشارة إلى أن استحقاق المغفرة والرحمة إنما يكون بعبادة الله تعالى، وفيه حض وحث عليها، ويؤيّده الإضافة في قوله: {عبادي} ففي هذا الإشعار بالقرب تهييج على القيام بهذه الوظيفة التي خلقوا لأجلها.
- كنت أود أن تفصلي المسائل الخاصّة بالمؤكدات في الآية، ولا تجمعي بينها في فقرة واحدة، فلكل مسألة معنى مختلف من جهة التوكيد، ولكن أقدّر وأثني جدا على حرصك على الكتابة بأسلوبك في الرسالة.
فمثلا في إضافة العذاب لله سبحانه تهويل لشأنه وتعظيم لخطره، وكما أن وصفه سبحانه بالرحمة والمغفرة يتضمّن معنى الحضّ على التوبة والعودة إليه سبحانه، ففي إضافة العذاب له ووصفه بالأليم وهي صيغة مبالغة تخويف ووعيد للمعرضين عن التوبة وعن القيام بعبوديته.
- توجد بعض الأخطاء الكتابية التي قد تشكل على القاريء، وهي يسيره.

7: مريم أحمد حجازي أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك، وجزاك الله خيرا على مقدمتك النافعة ونصحك.
- كان من المهمّ جدا بيان معنى العوذ، وسر اختيار هذه اللفظة بالذات دون غيرها من أفعال الاعتصام والالتجاء.
- قولك: (
-التخصيص: (*السر في إضافة ربّ إلى الناس)، ظاهر الكلام إضافة الصفات الثلاث وليس الربوبية فقط، فيجب الانتباه لعنوان المسألة.

8: سناء بنت عثمان ب

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- الآية موضوع الرسالة آية جليلة، وفيها من المسائل البيانية الكثير، ولا شكّ أنه من الأحسن أن تكمليها ولا تقتصري على شطرها فقط،
ولا داعي لعدم إتقان العمل تحت عذر الانتهاء من الواجبات، وإذا تعارض الوقت مع الإحسان قدّمنا الإحسان ولو مع التأجيل.
وقد أحسنت جدا في غالب المسائل التي ذكرتيها، وبقيت مسائل أخرى تحتاج إلى بيان، فالمطلوب ألا تقفي عند تفسير اللفظة فقط ولا إعرابها بل بيّني جمال المعنى الذي أدّت إليه، وهذا هو الغرض من هذه الرسائل، فتفسيرك للمراد بالحسنة والسيئة لا يبيّن بلاغة استعمال وصف الحسن والسوء وأثره في نفس السامع، كذلك ذكرتِ مسألة التعبير بفعل الدفع لكنك لما تبيّنيها، فماذا لو قيل قابل أو ردّ بالتي هي أحسن؟ ولمذا حذف متعلّق الدفع مثلا؟ لماذا لم يقل ادفع السيئة بالتي هي أحسن؟، .وما فائدة التعبير بالاسم الموصول "التي" كل هذه المسائل ما زالت تحتاج إلى تفصيل، ولعل هناك غيرها لم نقف عليه.
- راجعي ما ذكرتيه من اختيار الشنقيطي رحمه الله في معنى "لا" الثانية.



قال تعالى: {وإذ تأذّن ربكم لئن شكرتم لأزيدنّكم}.
وإن ما منّ الله به عليكم لنعمة عظيمة فاحفظوها وقيّدوها بالشكر، وقال تعالى: {واتّقوا الله ويعلمكم الله}.
بارك الله فيكم ووفقكم لما يحبه ويرضاه.


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 11 جمادى الأولى 1438هـ/7-02-2017م, 04:06 AM
ندى علي ندى علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 311
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

تطبيق على الأسلوب البياني

( وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (60) غافر

لما أخبر الله -عز وجل- في الآية السابقة أن الساعة آتية لا شك فيها كان لزاما على العاقل أن يشتغل بأنواع الطاعات ولما كان من أشرف الطاعات الدعاء والتضرع أتبع هذا الإخبار بالحث على الدعاء وعلى الإخلاص لله فيه ناهيا عن الكبر والإعراض، متوعدا المتكبر بالذل والصغار.
وفي الآية مسائل عدة:
أحدها: لم عبر بالفعل الماضي قال؟
والجواب عنها أن في ذلك إشارة إلى أن الأمر بإخلاص الدعاء ذكر في موضع سابق كما في قوله تعالى (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [غَافِر: 14]، فجاءت الآية مذكرة بذلك الأمر ومؤكدة له، وقد يكون الفعل الماضي أريد به التعبير عن الحال مجازا، فيكون المعنى يقول ربكم ادعوني.
والثانية: لم عبر بالرب وأضافه إلى ضمير الخطاب؟
ولما كان المأمور به الدعاء وكان الداعي إلى السؤال والعبادة معرفة الرب وأفضاله من الخلق والقدرة والملك والتدبير وغيرها من أفعال الربوبية، ذكرّهم بأنه هو ربهم وخالقهم الممتن عليهم ومالكهم والمدبر لجميع شؤونهم، فمعرفتهم بالرب تستلزم عبوديته ودعاءه دون غيره وامتثال أوامره لأن من حق الربوبية امتثال الأمر.
والثالثة: معنى الدعاء ولم اختصه بالذكر؟
والدعاء هنا يتضمن معنيين وهما دعاء المسألة ودعاء العبادة فالعبادة لا تخلو من دعاء المعبود وتعظيمه والتضرع إليه، وكذلك هي متضمنة لمعنى الإخلاص في العبادة وإفرادها لله – عز وجل- ففعل ادعوني مستعمل في معنييه بطريق العموم، ويدخل فيهما طلب المغفرة والتوبة وتوحيد الله بالعبادة، أما اختصاص الدعاء بالذكر فلأنه هو العبادة وهو مخها كما ورد في بعض الأحاديث والأخبار.
والرابعة: ما معنى الاستجابة، ولم عبر بأستجب لكم ولم يقل أجبكم؟
ثم عبر بالاستجابة دون غيرها لأنها تتضمن إعطاء المسؤول لمن سأله ومعنى آخر وهو حصول أثر العبادة وذلك مأخوذ من كون معنى (ادعوني) دعاء المسألة الذي تكون إجابته بإعطاء السائل حاجته، ودعاء العبادة فتكون إجابته بحصول أثر العبادة، ففعل أستجب مستعمل في حقيقته ومجازه.
كما أنه قال أستجب لكم ولم يقل أجبكم إشارة إلى أن الله يوجد الإجابة لمن يدعوه إيجاد الراغب في الإجابة، ففيه أن الله يحب أن يُقبل عليه بالدعاء والعبادة لرحمته الواسعة مع غناه سبحانه وتعالى عن خلقه.
ثم تندرج هنا مسألة أخرى وهي هل الإجابة لكل داع؟
قيل هي مشروطة بالاستجابة والإيمان ويدل عليه قول الله تعالى: (وإذا سألك عبادي فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) البقرة
والخامسة: لم علق الإعراض بالكبر دون غيره من الأوصاف؟
وعلقه بالكبر لأنه السبب في الإعراض عن العبادة والدعاء عادة، وهو السبب في الحرمان من الخير وسلوك طريق الحق كما أن الدعاء اعتراف بالذل والانكسار والخضوع فكأن المعرض عنه استكبر عن ذلك وترفع عنه.
والسادسة: ما معنى عبادتي ولم عبر بها؟
العبادة هنا متضمنة للعبادة بأنواعها وللدعاء كذلك، وعبر بالعبادة عن الدعاء لأنّ الدعاء باب من العبادة ومن أفضل أبوابها، ويصدقه قول ابن عباس رضى الله عنهما (أفضل العبادة الدعاء)
والسابعة: ما فائدة السين في قوله (سيدخلون جهنم) وما سبب التحذير وما لذي يتضمنه؟
عبر ب(سيدخلون) ليبين أنه وعد محقق لا خلف فيه، وهذا من إحسان الله ورفقه بعباده أن حذرهم مما يفضي بهم إلى العذاب وأرشدهم إلى سبيل النجاة، فهو تحذير يتضمن الأمر بما فيه حاجتهم من الدعاء والعبادة اللذين هما سبيل النجاة من العذاب.
ثم إن في (سيدخلون) قراءتان أحدها: فتح التحتية وضم الخاء وهي قراءة الجمهور، والثانية: ضم التحتية وفتح الخاء وهي قراءة أو جعفر ورويس عن يعقوب والمعنى تُدخلهم ملائكة العذاب.
والثامنة: معنى داخرين ومحلها الإعرابي، ولم خص هذا الوصف بالذكر؟
وداخرين حال من الضمير في (سيدخلون) أي سيدخلون جهنم وهم أذلة صاغرين، وإنما خص هذا الوصف بالذكر لأن الجزاء من جنس العمل فهم لما استكبروا وترفعوا عن الدعاء والعبادة كان جزاؤهم صغار من الله وذلة لاستكبارهم.
والتاسعة: ما لمعنى الذي تدل عليه جملة (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) وما نوعها؟
جاءت هذه الجملة معلِّلة للأمر بالدعاء، والمعنى أن الله أمر عباده بالدعاء لأن من يعرض عن ذلك ويستكبر فإن مصيره الذل والهوان في جهنم.
وفيه دليل على رحمة الله بعباده وأنه لا يرضى لعباده ما يفضي بهم إلى العذاب.


والحمد لله رب العالمين




المراجع:
تفسير الماتريدي (333)
الكشاف للزمخشري (538)
مفاتيح الغيب للرازي (606)
تفسير أبي السعود (982)
حاشية الشهاب (1069)
روح المعاني للألوسي (1270)
التحرير والتنوير لابن عاشور(1393)

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 16 رمضان 1438هـ/10-06-2017م, 11:08 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى علي مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

تطبيق على الأسلوب البياني

( وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (60) غافر

لما أخبر الله -عز وجل- في الآية السابقة أن الساعة آتية لا شك فيها كان لزاما على العاقل أن يشتغل بأنواع الطاعات ولما كان من أشرف الطاعات الدعاء والتضرع أتبع هذا الإخبار بالحث على الدعاء وعلى الإخلاص لله فيه ناهيا عن الكبر والإعراض، متوعدا المتكبر بالذل والصغار.
وفي الآية مسائل عدة:
أحدها: لم عبر بالفعل الماضي قال؟
والجواب عنها أن في ذلك إشارة إلى أن الأمر بإخلاص الدعاء ذكر في موضع سابق كما في قوله تعالى (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [غَافِر: 14]، فجاءت الآية مذكرة بذلك الأمر ومؤكدة له، وقد يكون الفعل الماضي أريد به التعبير عن الحال مجازا، فيكون المعنى يقول ربكم ادعوني.
والثانية: لم عبر بالرب وأضافه إلى ضمير الخطاب؟
ولما كان المأمور به الدعاء وكان الداعي إلى السؤال والعبادة معرفة الرب وأفضاله من الخلق والقدرة والملك والتدبير وغيرها من أفعال الربوبية، ذكرّهم بأنه هو ربهم وخالقهم الممتن عليهم ومالكهم والمدبر لجميع شؤونهم، فمعرفتهم بالرب تستلزم عبوديته ودعاءه دون غيره وامتثال أوامره لأن من حق الربوبية امتثال الأمر.
والثالثة: معنى الدعاء ولم اختصه بالذكر؟
والدعاء هنا يتضمن معنيين وهما دعاء المسألة ودعاء العبادة فالعبادة لا تخلو من دعاء المعبود وتعظيمه والتضرع إليه، وكذلك هي متضمنة لمعنى الإخلاص في العبادة وإفرادها لله – عز وجل- ففعل ادعوني مستعمل في معنييه بطريق العموم، ويدخل فيهما طلب المغفرة والتوبة وتوحيد الله بالعبادة، أما اختصاص الدعاء بالذكر فلأنه هو العبادة وهو مخها كما ورد في بعض الأحاديث والأخبار.
والرابعة: ما معنى الاستجابة، ولم عبر بأستجب لكم ولم يقل أجبكم؟
ثم عبر بالاستجابة دون غيرها لأنها تتضمن إعطاء المسؤول لمن سأله ومعنى آخر وهو حصول أثر العبادة وذلك مأخوذ من كون معنى (ادعوني) دعاء المسألة الذي تكون إجابته بإعطاء السائل حاجته، ودعاء العبادة فتكون إجابته بحصول أثر العبادة، ففعل أستجب مستعمل في حقيقته ومجازه.
كما أنه قال أستجب لكم ولم يقل أجبكم إشارة إلى أن الله يوجد الإجابة لمن يدعوه إيجاد الراغب في الإجابة، ففيه أن الله يحب أن يُقبل عليه بالدعاء والعبادة لرحمته الواسعة مع غناه سبحانه وتعالى عن خلقه.
ثم تندرج هنا مسألة أخرى وهي هل الإجابة لكل داع؟
قيل هي مشروطة بالاستجابة والإيمان ويدل عليه قول الله تعالى: (وإذا سألك عبادي فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) البقرة
والخامسة: لم علق الإعراض بالكبر دون غيره من الأوصاف؟
وعلقه بالكبر لأنه السبب في الإعراض عن العبادة والدعاء عادة، وهو السبب في الحرمان من الخير وسلوك طريق الحق كما أن الدعاء اعتراف بالذل والانكسار والخضوع فكأن المعرض عنه استكبر عن ذلك وترفع عنه.
والسادسة: ما معنى عبادتي ولم عبر بها؟
العبادة هنا متضمنة للعبادة بأنواعها وللدعاء كذلك، وعبر بالعبادة عن الدعاء لأنّ الدعاء باب من العبادة ومن أفضل أبوابها، ويصدقه قول ابن عباس رضى الله عنهما (أفضل العبادة الدعاء)
والسابعة: ما فائدة السين في قوله (سيدخلون جهنم) وما سبب التحذير وما لذي يتضمنه؟
عبر ب(سيدخلون) ليبين أنه وعد محقق لا خلف فيه، وهذا من إحسان الله ورفقه بعباده أن حذرهم مما يفضي بهم إلى العذاب وأرشدهم إلى سبيل النجاة، فهو تحذير يتضمن الأمر بما فيه حاجتهم من الدعاء والعبادة اللذين هما سبيل النجاة من العذاب.
ثم إن في (سيدخلون) قراءتان أحدها: فتح التحتية وضم الخاء وهي قراءة الجمهور، والثانية: ضم التحتية وفتح الخاء وهي قراءة أو جعفر ورويس عن يعقوب والمعنى تُدخلهم ملائكة العذاب.
والثامنة: معنى داخرين ومحلها الإعرابي، ولم خص هذا الوصف بالذكر؟
وداخرين حال من الضمير في (سيدخلون) أي سيدخلون جهنم وهم أذلة صاغرين، وإنما خص هذا الوصف بالذكر لأن الجزاء من جنس العمل فهم لما استكبروا وترفعوا عن الدعاء والعبادة كان جزاؤهم صغار من الله وذلة لاستكبارهم.
والتاسعة: ما لمعنى الذي تدل عليه جملة (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) وما نوعها؟
جاءت هذه الجملة معلِّلة للأمر بالدعاء، والمعنى أن الله أمر عباده بالدعاء لأن من يعرض عن ذلك ويستكبر فإن مصيره الذل والهوان في جهنم.
وفيه دليل على رحمة الله بعباده وأنه لا يرضى لعباده ما يفضي بهم إلى العذاب.


والحمد لله رب العالمين




المراجع:
تفسير الماتريدي (333)
الكشاف للزمخشري (538)
مفاتيح الغيب للرازي (606)
تفسير أبي السعود (982)
حاشية الشهاب (1069)
روح المعاني للألوسي (1270)
التحرير والتنوير لابن عاشور(1393)
التقويم: أ+
أحسنت بارك الله فيك وزادك توفيقا.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir