دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب النكاح

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 10:56 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الكفاءة


بابُ الْكَفَاءَةِ والْخِيَارِ
عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ، إِلَّا حَائِكٌ أَوْ حَجَّامٌ)). رواهُ الحاكِمُ وفي إِسْنادِهِ رَاوٍ لمْ يُسَمَّ، واستَنْكَرَهُ أبو حاتمٍ.
ولهُ شاهِدٌ عندَ البَزَّارِ عنْ مُعاذِ بنِ جَبَلٍ بسَنَدٍ مُنقَطِعٍ.
وعنْ فاطمةَ بنتِ قَيْسٍ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ لها: ((انْكِحِي أُسَامَةَ)). رواهُ مسلمٌ.
وعنْ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((يَا بَنِي بَيَاضَةَ، أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ، وَانْكِحُوا إِلَيْهِ))، وكانَ حَجَّامًا. رواهُ أبو داودَ والحاكِمُ بسنَدٍ جَيِّدٍ.

  #2  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 05:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني

<H2 dir=rtl style="MARGIN: 0cm 36pt 0pt 0cm; TEXT-INDENT: -36pt">بَابُ الْكَفَاءَةِ وَالْخِيَارِ


الْكَفَاءَةُ: الْمُسَاوَاةُ وَالْمُمَاثَلَةُ، وَالْكَفَاءَةُ فِي الدِّينِ مُعْتَبَرَةٌ، فَلا يَحِلُّ تَزَوُّجُ مُسْلِمَةٍ بِكَافِرٍ إجْمَاعاً.
1/941 - عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ، إِلاَّ حَائِكاً أَوْ حَجَّاماً)).
رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَفِي إسْنَادِهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَاسْتَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ الْبَزَّارِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ.
(عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ، إِلاَّ حَائِكاً أَوْ حَجَّاماً. رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَفِي إسْنَادِهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، وَاسْتَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ الْبَزَّارِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ).
وَسَأَلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَبَاهُ، فَقَالَ: هَذَا كَذِبٌ لا أَصْلِ لَهُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: بَاطِلٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: لا يَصِحُّ. وَحَدَّثَ بِهِ هِشَامُ بْنُ عُبَيْدٍ الرَّازِيُّ، فَزَادَ فِيهِ بَعْدَ ((أَوْ حَجَّاماً)): ((أَوْ دَبَّاغاً))، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ الدَّبَّاغُونَ، وَهَمُّوا بِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا مُنْكَرٌ مَوْضُوعٌ، وَلَهُ طُرُقٌ كُلُّهَا وَاهِيَةٌ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ كُلَّهم سَوَاءٌ فِي الْكَفَاءَةِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَأَنَّ الْمَوَالِيَ لَيْسُوا أَكْفَاءً لَهُمْ. وَقَد اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُعْتَبَرِ مِن الْكَفَاءَةِ خِلافاً كَثِيراً، وَالَّذِي يَقْوَى هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمَالِكٌ، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وأَحَدُ قَوْلَي النَّاصِرِ، أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الدِّينُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وَلِحَدِيثِ: ((النَّاسُ كُلُّهُمْ وَلَدُ آدَمَ))، وَتَمَامُهُ: ((وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ)).
أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَيْسَ فِيهِ لَفْظُ: ((كُلُّهُمْ))، ((وَالنَّاسُ كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ، لا فَضْلَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ إِلاَّ بِالتَّقْوَى))، أَخْرَجَهُ ابْنُ لالٍ بِلَفْظٍ قَرِيبٍ مِنْ لَفْظِ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ.
وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ إلَى نُصْرَةِ هَذَا الْقَوْلِ؛ حَيْثُ قَالَ: بَابُ الأَكْفَاءِ فِي الدِّينِ، وقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً} الآيَةَ، فَاسْتَنْبَطَ مِن الآيَةِ الْكَرِيمَةِ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ بَنِي آدَمَ، ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِإِنْكَاحِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ سَالِمٍ بِابْنَةِ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَسَالِمٌ مَوْلًى لامْرَأَةٍ مِن الأَنْصَارِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ: ((فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ)).
وَقَدْ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَقَالَ: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ- بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا- الْجَاهِلِيَّةِ وَتَكَبُّرَهَا. يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلانِ: مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ))، ثُمَّ قَرَأَ الآيَةَ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ))، فَجَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الالْتِفَاتَ إلَى الأَنْسَابِ مِنْ عُبِّيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَكَبُّرِهَا، فَكَيْفَ يَعْتَبِرُهَا الْمُؤْمِنُ، وَيَبْنِي عَلَيْهَا حُكْماً شَرْعِيًّا؟ وَفِي الْحَدِيثِ: ((أَرْبَعٌ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ لا يَتْرُكُهَا النَّاسُ))، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْهَا الْفَخْرَ بِالأَنْسَابِ. أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَفِي الأَحَادِيثِ شَيْءٌ كَثِيرٌ فِي ذَمِّ الالْتِفَاتِ إلَى التَّرَفُّعِ بِهَا.
وَقَدْ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي بَيَاضَةَ بِإِنْكَاحِ أَبِي هِنْدٍ الْحَجَّامَ، وَقَالَ: ((إِنَّمَا هُوَ امْرُؤٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ))، فَنَبَّهَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُقْتَضِي لِمُسَاوَاتِهِمْ، وَهُوَ الاتِّفَاقُ فِي وَصْفِ الإِسْلامِ.
وَلِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَجَائِبُ لا تَدُورُ عَلَى دَلِيلٍ غَيْرِ الْكِبْرِيَاءِ وَالتَّرَفُّعِ، وَلا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ، كَمْ حُرِمَت الْمُؤْمِنَاتُ النِّكَاحَ لِكِبْرِيَاءِ الأَوْلِيَاءِ وَاسْتِعْظَامِهِمْ لأَنْفُسَهُم، اللَّهُمَّ إنَّا نَبْرَأُ إلَيْكَ مِنْ شَرْطٍ وَلَّدَهُ الْهَوَى، وَرَبَّاهُ الْكِبْرِيَاءُ، وَلَقَدْ مُنِعَت الْفَاطِمِيَّاتُ فِي جِهَةِ الْيَمَنِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُنَّ مِن النِّكَاحِ؛ لِقَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ مَذْهَبِ الْهَادَوِيَّةِ: إنَّهُ يَحْرُمُ نِكَاحُ الْفَاطِمِيَّةِ إلاَّ مِنْ فَاطِمِيٍّ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ ذَكَرُوهُ.
وَلَيْسَ مَذْهَباً لإِمَامِ الْمَذْهَبِ الْهَادِي عَلَيْهِ السَّلامُ، بَلْ زَوَّجَ بَنَاتَهُ مِن الطَّبَرِيِّينَ. وَإِنَّمَا نَشَأَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ بَعْدِهِ فِي أَيَّامِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَتَبِعَهُمْ بَيْتُ رِيَاسَتِهَا، فَقَالُوا بِلِسَانِ الْحَالِ بتحريمِ شَرَائِفِهمْ عَلَى الْفَاطِمِيِّينَ، إلاَّ مِنْ مِثْلِهِمْ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ، وَلا هُدًى، وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ، بَلْ ثَبَتَ خِلافُ مَا قَالُوهُ عَنْ سَيِّدِ الْبَشَرِ كَمَا دَلَّ لَهُ:
2/942 - وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: ((انْكِحِي أُسَامَةَ))، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: انْكِحِي أُسَامَةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
وَفَاطِمَةُ قُرَشِيَّةٌ فِهْرِيَّةٌ أُخْتُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَهِيَ مِن الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ، كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَفَضْلٍ وَكَمَالٍ، جَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ)).. الْحَدِيثَ، فَأَمَرَهَا بِنِكَاحِ أُسَامَةَ مَوْلاهُ ابْنِ مَوْلاهُ، وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ، وَقَدَّمَهُ عَلَى أَكْفَائِهَا مِمَّنْ ذُكِرَ، وَلا أَعْلَمُ أَنَّهُ طَلَبَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِهَا إسْقَاطَ حَقِّهِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ بَعْدَ بَيَانِ ضَعْفِ الْحَدِيثِ الأَوَّلِ؛ لِلإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لا عِبْرَةَ فِي الْكَفَاءَةِ بِغَيْرِ الدِّينِ، كَمَا أَوْرَدَ لِذَلِكَ قَوْلَهُ:

3/943 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((يَا بَنِي بَيَاضَةَ، أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ، وَانْكِحُوا إلَيْهِ))، وَكَانَ حَجَّاماً. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا بَنِي بَيَاضَةَ، أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ)، اسْمُهُ: يَسَارٌ، وَهُوَ الَّذِي حَجَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مَوْلًى لِبَنِي بَيَاضَةَ، (وَانْكِحُوا إلَيْهِ. وَكَانَ حَجَّاماً. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ)، فَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ عَدَمِ اعْتِبَارِ كَفَاءَةِ الأَنْسَابِ. وَقَدْ صَحَّ أَنَّ بِلالاً نَكَحَ هَالَةَ بِنْتَ عَوْفٍ أُخْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَرَضَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ابْنَتَهُ حَفْصَةَ عَلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ.
</H2>

  #3  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 06:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


بَابُ الكَفَاءَةِ
مُقَدِّمَةٌ
الكَفَاءَةُ: بفتحِ الكافِ، هي لُغَةً: المُساوَاةُ، ومنه الحَديثُ: ((الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ)) أي: تَتَسَاوَى, فالكُفْءُ والكُفُوءُ، بوَزْنِ قُفْلٍ وقُفُولٍ، هو المِثْلُ والنَّظِيرُ، ومنه الكَفَاءَةُ في النِّكَاحِ.
قالَ في (كَشْفِ القِنَاعِ) ما خُلاصَتُه:
وشَرْعاً: الكَفَاءَةُ مُعْتَبَرَةٌ في خَمْسَةِ أَشْيَاءَ:
1- الدِّينِ: فَلَيْسَ الفَاجِرُ والفَاسِقُ كُفُوءاً لعفيفةٍ.
2- الحُرِّيَّةِ: فلا يَكُونُ العَبْدُ كُفُوءاً للحُرَّةِ.
3- الصِّنَاعَةِ: فلا يَكُونُ صَاحِبُ صِنَاعَةٍ دَنِيئَةٍ ـ كحَجَّامٍ، وحائِكٍ ـ كُفُوءاً لبِنْتِ تَاجِرٍ.
4- اليَسَارِ بمَالٍ: حَسَبَ ما يَجِبُ لها من النَّفَقَةِ والمَهْرِ، فلا يَكُونُ المُعْسِرُ كُفُوءاً لمُوسِرَةٍ.
5- النَّسَبِ: فَلا يَكُونُ الأَعْجَمِيُّ كُفُوءاً لعَرَبِيَّةٍ.
والعَرَبُ: من قُرَشِيٍّ وغَيْرِه، بعضُهم لبَعْضٍ أكْفَاءٌ، وسَائِرُ النَّاسِ بَعْضُهم لبعضٍ أَكْفَاءٌ.
قالَ شيخُ الإسلامِ في اقْتِضَاءِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ: الذي عليهِ أَهْلُ السُّنَّةِ والجماعةُ اعتقادُ أنَّ جِنْسَ العَرَبِ أَفْضَلُ مِن جِنْسِ العَجَمِ، وأنَّقُرَيشاً أَفْضَلُ العَرَبِ، وأنَّ بَنِي هَاشِمٍ أَفْضَلُ قُرَيْشٍ، وأنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أَفْضَلُ بني هَاشِمٍ.
ولَيْسَ فَضْلُ العَرَبِ ثُمَّ قُريشٍ ثم بني هَاشِمٍ بمُجَرَّدِ كونِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مِنهم، بل هم في أَنْفُسِهم أَفْضَلُ.
قالَ الكَرْمانيُّ: هذا مَذْهَبُ أئمَّةِ أهْلِ العِلْمِ، وأصحابِ الأَثَرِ، وأهلِ السُّنَّةِ المَعْرُوفِينَ بها، فمَن خَالَفَ هذا المَذْهَبَ أو عَابَه، فهو مُبْتَدِعٌ، خَارِجٌ عن الجَماعَةِ، زَائِلٌ عن مَنْهَجِ السنَّةِ وسَبِيلِ الحَقِّ، الذي عليهِ أَحْمَدُ، وإسحاقُ، والحُمَيْدِيُّ، وسعيدُ بنُ مَنْصورٍ، وغيرُهم، فتَعْرِفُ للعَرَبِ مَقامَها، وفَضْلَها، وسَابِقَتَها، وحَسْبُهُمْ حديثُ: ((حُبُّ العَرَبِ إِيمَانٌ، وَبُغْضُهُمْ نِفَاقٌ)). وهو حديثٌ ضعيفٌ لكنَّه في الفَضائِلِ.
وسَبَبُ هذا الفَضْلِ ـ واللهُ أعْلَمُ ـ هو ما اخْتُصُّوا به في عُقولِهم وأَلْسِنَتِهم وأخلاقِهم وأعمالِهم، وذلك أنَّ الفَضْلَ إما بالعِلْمِ النافِعِ، وإما بالعَمَلِ الصَّالِحِ، والعَرَبُ أَفْهَمُ من غيرِهم، وأحْفَظُ، وأقْدَرُ على البيانِ والعِبَارَةِ، ولسانُهم أَتَمُّ لِسانٍ، بياناً وتَمْيِيزاً للمعاني.
وأمَّا العَمَلُ: فإِنَّهم جُبِلُوا على الأخلاقِ الكَريمَةِ، وهي الغَرائِزُ المَخْلُوقَةُ في النَّفْسِ، وغَرائِزُهم أَطْوَعُ للخَيْرِ من غَيْرِهم، فَهُمْ أَقْرَبُ إلى السَّخَاءِ، والحِلْمِ والشَّجاعَةِ، والوفاءِ، وغيرِ ذلك مِن الأخلاقِ المَحْمُودَةِ.
لكنْ كانوا قَبْلَ الإسلامِ قَابِلِينَ للخَيْرِ، مُعَطَّلِينَ عن فِعْلِه، ليسَ عِنْدَهم عِلْمٌ مُنَزَّلٌ مِن السماءِ، ولا شريعةٌ مَوْرُوثَةٌ عن نبيٍّ، ولا هُمْ أيضاً مُشْتَغِلُونَ ببَعْضِ العُلومِ العَقْلِيَّةِ المَحْضَةِ، فلَمَّا بَعَثَ اللهُ مُحمداً صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بالهُدَى وتَلَقَّوْهُ عنه، زَالَ ذلك الرَّيْنُ عن قُلُوبِهم، واستنارَتْ بهِدَايَةِ الكِتابِ الذي أنْزَلَه على عَبْدِه ورَسُولِه، فأَخَذُوا هذا الهَدْيَ العظيمَ بتلك الفِطْرَةِ الجَديدةِ، فاجْتَمَعَ لهم الكَمالُ بالقُوَّةِ المَخْلوقةِ فيهم والكمالِ الذي أنْزَلَ اللهُ إليهم.
فصَارَ السابِقُونَ الأولونَ من المُهاجرِينَ والأنصارِ أَفْضَلَ خَلْقِ اللهِ بعدَ الأنبياءِ، وصَارَ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَهم مَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، ومَن تَشَبَّهَ بهم.
واللهُ تعالى خَصَّ العَرَبَ بأحْكَامٍ تَمَيَّزُوا بها، ثُمَّ خَصَّ قُرَيشاً على سَائِرِ العَرَبِ بما جَعَلَ فيهم مِن خِلافَةِ النُّبُوَّةِ، وغيرِ ذلك مِن الخصائصِ، ثم خَصَّ بني هَاشِمٍ بتَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ، واستحقاقِ قِسْطٍ مِن الفَيْءِ، إلى غيرِ ذلك من الخصائصِ, فأعْطَى سبحانَه وتعالى كُلاًّ دَرَجَةً مِن الفَضْلِ بحَسَبِه، واللهُ أعْلَمُ.
وقالَ تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44] وقالَ تعالى:َقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128].
وقالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((اخْتَارَ اللهُ مِن بَنِي آدَمَ العَرَبَ، وَاخْتَارَ مِنَ العَرَبِ مُضَراً, وَاخْتَارَ مِنْ مُضَرٍ قُرَيْشاً، وَاخْتَارَ مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاخْتَارَنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَنَا خِيَارٌ مِنْ خِيَارٍ، فَمَنْ أَحَبَّ العَرَبَ فبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَ العَرَبَ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ)).
وقالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((أَحِبُّوا الْعَرَبَ لثَلاثٍ: لأَنِّي عَرَبِيٌّ، والقُرْآنَ عَرَبِيٌّ، ولِسَانَ أَهْلِ الجَنَّةِ عَرَبِيٌّ)). حديثٌ حَسَنٌ، أي: حَسَنٌ مَتْنُهُ على الاصطلاحِ العامِّ، لا حَسَنٌ إِسْنَادُه علَى طَرِيقَةِ المُحَدِّثِينَ، فإنَّ في الحديثِ ضَعْفاً.
قالَ سَلْمَانُ: (نُفَضِّلُكُمْ يَا مَعْشَرَ العَرَبِ؛ لتَفْضِيلِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إِيَّاكُمْ، لا نَنْكِحُ نِسَاءَكُمْ، ولا نَؤُمُّكُمْ فِي الصَّلاةِ).
ولَمَّا وَضَعَ عُمَرُ دِيوانَ العَطَاءِ، كَتَبَ الناسَ على قَدْرِ أَنْسَابِهِم، فبَدَأَ بأقْرَبِهم نَسَباً من رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فَلَمَّا انْقَضَتِ العَرَبُ ذَكَرَ العَجَمَ.
هكذا كانَ الديوانُ على عَهْدِ الخلفاءِ الراشدِينَ وسَائِرِ الخُلفاءِ إلى أنْ تَغَيَّرَ الأمْرُ. اهـ مِن كَلامِ شَيْخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى.
وقدْ جاءَ في الحديثِ الصحيحِ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ: ((خِيَارُكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقُهُوا)).
والتفاوُتُ بينَ مَخلوقاتِ اللهِ تعالى جَوْدَةً ورَدَاءَةً مَوْجودٌ، فهذا هو سُنَّتُه في خَلْقِه في كلِّ شيءٍ من جَمادٍ ونَباتٍ وحَيوانٍ وإنسانٍ، بحَسَبِ ما أَوْدَعَ فيه مِن خَصَائِصَ، فاللهُ جلَّ وَعَلاَ يُفَضِّلُ بَعْضَ الأشياءِ على بَعْضٍ.
أمَّا مِن حَيْثُ الواجباتُ، فالمُسلِمُونَ أمامَها سَواءٌ، لا فَضْلَ لأحدٍ على أحَدٍ.
وكذلك هُمْ أمامَ الحُقوقِ سَواءٌ، فلا تَفْضِيلَ لبعضِهم على بعضٍ، وهم أمامَ اللهِ تعالى على حَسَبِ تَقْوَاهُم، قالَ تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، وإذنْ فَلَيْسَ هنا تَفاوُتٌ بينَ النُّصوصِ، وإنما كلٌّ منها في نَاحِيَةٍ. واللهُ أعْلَمُ.


867- عَنِ ابنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما ـ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ حَائِكاً، أَوْ حَجَّاماً)). رَواهُ الحَاكِمُ، وفي إسنادِه رَاوٍ لَمْ يُسَمَّ، واسْتَنْكَرَهُ أبو حَاتِمٍ، وله شَاهِدٌ عندَ البَزَّارِ عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ بسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* دَرَجَةُ الحديثِ:
الحديثُ ضَعِيفٌ جِدًّا.
وقدْ رُوِيَ من حَديثِ ابنِ عُمَرَ، وعَائِشَةَ، ومُعَاذٍ.
قالَ الشيخُ الألبانيُّ: إنَّ طُرُقَ الحديثِ أَكْثَرُها شَدِيدَةُ الضعْفِ، فلا يَطْمَئِنُّ القلبُ لتَقْوِيَتِه بها، لا سِيَّما وقدْ حَكَمَ عليه بعضُ الحُفَّاظِ بالوضْعِ, منهم ابنُ عَبْدِ البَرِّ.
* مُفرداتُ الحديثِ:
- العَرَبُ: قالَ في (الوسيطِ): العَرَبُ أُمَّةٌ مِن الناسِ، ساميةُ الأَصْلِ، كانَ مَنْشَؤُها جَزِيرَةَ العَرَبِ، جَمْعُه أَعْرَابٌ، والنَّسَبُ إليه عَرَبِيٌّ.
- أَكْفَاءُ: بفَتْحِ الهَمْزَةِ، وسكونِ الكَافِ: جَمْعُ كُفْءٍ، مُثَلَّثُ الكَافِ، والكُفْءُ: هو المَثِيلُ والنَّظِيرُ، قالَ في (المحيطِ): الكَفَاءَةُ حَالٌ يَكُونُ بها الزوجُ نَظِيراً للزوجةِ. ا.هـ.
فالمُرادُ بالكَفَاءَةِ في النِّكاحِ: المُساوَاةُ بينَ الزَّوْجَيْنِ في أُمورٍ مَخْصُوصَةٍ منها النَّسَبُ.
- الموالي: جَمْعُ مَوْلًى، وهو مَن انْحَدَرَ من أصْلٍ أَعْجَمِيٍّ.
- حَائِكاً: حَاكَ الثَّوْبَ يَحُوكُهُ حَوْكاً وحِيَاكَةً: نَسَجَهُ، فالحِيَاكَةُ هي نَسْجُ الثِّيابِ، والحَائِكُ هو الذي يَنْسِجُ الثِّيابَ، جَمْعُهُ حَاكَةٌ.
- أو حَجَّاماً: الحِجَامَةُ: امْتِصَاصُ الدَّمِ بالمِحْجَمِ، والحَجَّامُ مُحْتَرِفُ الحِجَامَةِ.
* مَا يُؤْخَذُ مِن الحديثِ:
1- الحديثُ يَدُلُّ علَى اعتبارِ الكَفاءَةِ في النكاحِ بالنسَبِ، وأنَّ العَرَبَ بعضُهم أَكْفَاءُ بَعْضٍ، بلا فَرْقٍ بينَ قُرَيْشٍ وبينَ غَيْرِهم مِن بَقِيَّةِ العَرَبِ.
قالَ في (شَرْحِ الإقناعِ): فلا يَكُونُ مَن لَيْسَ مِن العَرَبِ كُفُوءاً لعربيةٍ؛ لأنَّ العَرَبَ يَعْتَبِرُونَ الكَفَاءَةَ في النَّسَبِ، ويَأْنَفُونَ مِن نِكَاحِ المَوالِي، ويَرَوْنَ ذلك نَقْصاً وعَاراً، ويُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ: ((إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشاًَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ)).
2- قالَ عُلماءُ الدرعيةِ: وأمَّا نِكاحُ الفاطِمِيَّةِ غيرَ الفَاطِمِيِّ فجَائِزٌ إجماعاً، فقَدْ زَوَّجَ عَلِيُّ بنُ أبي طَالِبٍ ابنتَه لعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وكَفَى بهما أُسْوَةً.
3- ويَدُلُّ على أنَّ الموالِيَ بَعْضُهم أكْفَاءُ بَعْضٍ، وأنهم غَيْرُ أَكْفَاءٍ للعَرَبِ، وتَقَدَّمَ في المُقَدِّمَةِ النُّصُوصُ وكلامُ العلماءِ في ذلك.
4- ويَدُلُّ الحديثُ على اعتبارِ الكَفاءَةِ في المِهْنَةِ، فإنَّ الحَائِكَ والحَجَّامَ والزَّبَّالَ لَيْسُوا أَكْفَاءً لأصْحَابِ الأعمالِ الرفيعةِ، والمناصبِ الكَبِيرَةِ.
5- هذا الحديثُ مُتَكَلَّمٌ فيه، فقَدِ اسْتَنْكَرَهُ أبو حَاتِمٍ، وقالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لا يَصِحُّ، وقالَ ابنُ عَبْدِ البَرِّ: مُنكَرٌ مَوْضُوعٌ وله طُرُقٌ كُلُّها وَاهِيَةٌ.
والحديثُ معَ ضَعْفِه، فإنَّه مُعَارَضٌ بأحاديثَ أَصَحَّ منه ستأتي إنْ شَاءَ اللهُ.
6- الكَفَاءَةُ مُعْتَبَرَةٌ في حقِّ الرجُلِ دونَ المرأةِ، ففَقْدُ صفاتِ الكَفَاءَةِ في المرأةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، والكَفَاءَةُ هي الدِّينُ، والمَنْصِبُ، والحُرِّيَّةُ، والصناعَةُ غيرُ المُزْرِيَةِ، واليَسارُ، ولا تُعْتَبَرُ في الأُمِّ؛ لأنَّ الوَلَدَ إنَّما يَشْرُفُ بشَرَفِ أبيهِ، لا بشَرَفِ أُمِّه، فلَيْسَتِ الكَفَاءَةُ مُعْتَبَرَةً فِي حَقِّ المرأةِ للرجُلِ.
7- الكَفَاءَةُ مُعْتَبَرَةٌ للزُومِ عَقْدِ النِّكاحِ، لا لصِحَّتِه، وهي مُعْتَبَرَةٌ في خَمْسَةِ أَشْيَاءَ:
(أ) في الدِّينِ: بأَدَاءِ الفَرَائِضِ، واجتنابِ النواهي، فلا يَكُونُ الفَاسِقُ كُفُوءاً للعفيفةِ.
(ب) النَّسَبِ: فَلَيْسَ العَجَمِيُّ كُفُوءاً للعربيةِ.
(ج) الحُرِّيَّةِ: فَلَيْسَ العَبْدُ كُفُوءاً للحُرَّةِ.
(د) الصنَاعَةِ: فَلَيْسَ الحَجَّامُ والحَائِكُ والزبَّالُ أكْفَاءً لذوي الأعمالِ الرفيعةِ.
(هـ) اليَسَارِ: فَلَيْسَ الفَقِيرُ المُعْدِمُ كُفُوءاً لذوي اليَسَارِ والغِنَى.
فالكَفَاءَةُ في هذهِ الأشياءِ شَرْطٌ للُزُومِ النِّكاحِ، فإنْ لَمْ يَرْضَ أَوْلِيَاءُ المَرْأَةِ بالزوجِ لعَدَمِ كَفَاءَتِه انْفَسَخَ النكاحُ؛ لأنَّ العَارَ عليهم، فقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ والنَّسائِيُّ وابنُ مَاجَهْ، بسَنَدٍ رِجَالُه رِجَالُ الصَّحيحِ، مِن حَدِيثِ عبدِ اللهِ بنِبُرَيْدَةَ, عن أبيهِ قالَ: جَاءَتْ فَتَاةٌ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ؛ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ. قَالَ: فَجَعَلَ الأَمْرَ إِلَيْهَا.
وعن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: (لأَمْنَعَنَّ تَزْوِيجَ ذَوَاتِ الأَحْسَابِ إِلاَّ مِنَ الأَكْفَاءِ). رَواهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
ولَيْسَتِ الكَفَاءَةُ شَرْطاً لصِحَّةِ النكاحِ؛ لأمْرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فَاطِمَةَ بنتَ قَيْسٍ القُرَشِيَّةَ أنْ تَنْكِحَ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ، وهو مَوْلًى، وقدْ زَوَّجَ أبو حُذَيْفَةَ ـ وهو مِن بَنِي عَبْدِ مَنافٍ ـ ابْنَةَ أَخِيهِ لسَالِمٍ وهو مَوْلًى لامْرَأَةٍ مِن الأنصارِ. رَوَاهُ البخاريُّ.
وقالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ)) وغيرِ ذلك مِن الأَدِلَّةِ.
واشْتِرَاطُ الكَفَاءَةِ في لُزومِ النِّكاحِ دُونَ صِحَّتِه، وهو مَذْهَبُ جُمهورِ العُلماءِ، ومنهم الأئمَّةُ الثلاثةُ: مَالِكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ، قالَ المُوفَّقُ: وهو قَوْلُ أَكْثَرِ أهلِ العلمِ.



868- وعن فَاطِمَةَ بنتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عنهَا أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ لَهَا: ((انْكِحِي أُسَامَةَ)). رَواهُ مُسْلِمٌ.
869- وعن أبي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ ـ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((يَا بَنِي بَيَاضَةَ، أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ، وَانْكِحُوا إِلَيْهِ)). وكانَ حَجَّاماً، رَواهُ أبو دَاوُدَ، والحاكِمُ بسَنَدٍ جَيِّدٍ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* دَرَجَةُ الحَدِيثِ:
الحديثُ حَسَنٌ.
قالَ المُصَنِّفُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ رواهُ أبو دَاوُدَ، والحاكِمُ بسَنَدٍ جَيِّدٍ.
كما حَسَّنَه المُصَنِّفُ في (التلخيصِ الحَبِيرِ)، وصَحَّحَه الحاكِمُ، ووافَقَه الذَّهَبِيُّ.
* مُفْرَدَاتُ الحَدِيثِ:
- بَنِي بَيَاضَةَ: بنو بَيَاضَةَ بنِ عَامِرٍ بَطْنٌ مِن بُطونِ الخَزْرَجِ، إحْدَى قَبِيلَتَيِ الأنصارِ، أصلُهم مِن الأَزْدِ مِن قَحْطَانَ.
- أَبَا هِنْدٍ: أبو هِنْدٍ مَوْلَى فَرْوَةَ بنِ عَمْرٍو البَيَاضِيِّ، واسْمُهُ عبدُ اللهِ، وكانَ حَجَّاماً حَجَمَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
* مَا يُؤْخَذُ من الحديثيْنِ:
1- هَذانِ الحديثانِ: الأولُ صَحيحٌ، والثاني جَيِّدُ الإسنادِ، وهما يُعارِضانِ الحديثَ الذي قَبْلَهما، مِن حيثُ اعتبارُ الكَفَاءَةِ في النسَبِ، ومِن حَيْثُ الكَفَاءَةُ في المِهْنَةِ.
فأُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ الذي كانَ أَصْلُه عَرَبِيًّا، إلاَّ أنَّ الرِّقَّ قَدْ مَسَّ أَبَاهُ، وهو يَسْرِي عَلَيْهِ؛ لأنَّه لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، قَدْ أَمَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ القُرَشِيَّةَ إِحْدَى المُهَاجِرَاتِ معَ فَضْلِها، وجَمالِها، وشَبابِها، وكمالِ دِينِها، وعَقْلِها ـ أنْ تَنْكِحَ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ المَوْلَى، مِمَّا يَدُلُّ على عَدَمِ اعتبارِ الكَفَاءَةِ في النسَبِ ولا فيما أصلُه الحُرِّيَّةُ، وأصْلُه الرِّقُّ.
2- والحديثُ رَقْمُ (869) يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعتبارِ الكَفَاءَةِ لا في النَّسَبِ، ولا في المِهْنَةِ.
ذلك أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أَمَرَ إِحْدَى قَبَائِلِ الأَنْصَارِ، وهم القَبِيلَةُ القَحْطَانِيَّةُ الأَزْدِيَّةُ العَرَبِيَّةُ، أنْ يُنْكِحُوا أبا هِنْدٍ، وهو مِن أَحَدِ مَوالِي بَنِي بَيَاضَةَ المَذْكُورِينَ، وكَانَ معَ مَا مَسَّهُ مِن الرِّقِّ حَجَّاماً، والحِجَامَةُ عندَ العَرَبِ صِنَاعَةٌ دَنِيئَةٌ.
3- فهذانِ الحَدِيثانِ يَدُلاَّنِ علَى عَدَمِ اعتبارِ الكَفَاءَةِ في النَّسَبِ أو المِهْنَةِ، وتَدُلُّ النُّصُوصُ الأُخَرُ على اعتبارِ الكَفَاءَةِ في الدِّينِ والخُلُقِ.
قالَ تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وقالَ تعالى: {بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} [المائدة: 18].
وقالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، ولاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، كُلُّهُمْ لآدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ)).
والأحاديثُ في هذهِ المَسْأَلَةِ كَثِيرَةٌ.
4- وهذا لا يُنافِي مَا تَقَدَّمَ في المُقَدِّمَةِ من بيانِ فَضْلِ العَرَبِ، وميزاتِهم، وخصائصِهم، وما جَبَلَهُم اللهُ تعالى وهَيَّأَهُم له.
فتِلْكَ أُمورٌ خُصُّوا بها، وامْتَازُوا بها، وفَضَلُوا غَيْرَهم بها، ولَكِنَّها لا تَجْعَلُ مِنهم طَبَقَةً مُتَرَفِّعَةً على غيرِها، ومُتَمَيِّزَةً تَرَى لها من الحُقوقِ أَكْثَرَ مِن غَيْرِها، وتَتَخَلَّى عن التزامَاتِها الشرعِيَّةِ والعُرْفِيَّةِ، إنَّما هم وغيرُهم في هذا سواءٌ كما أنَّهم أمامَ اللهِ تعالى سواءٌ: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].
5- قالَ شيخُ الإسلامِ: ولا يَصِحُّ لأحَدٍ أَنْ يُنْكِحَ موليتَه رَافِضِيًّا، ولا مَن يَتْرُكُ الصَّلاةَ، ومَتَى زَوَّجُوهُ على أنه سُنِّيٌّ يُصَلِّي، ثم بَانَ بخِلافِه فإِنَّهم يَفْسَخُون نِكَاحَهُ.
وليسَ للعَمِّ ولا غَيْرِه من الأولياءِ أنْ يُزَوِّجَ موليتَه بغيرِ كُفْءٍ إذا لم تَكُنْ رَاضِيَةً بذلك باتِّفاقِ الأئِمَّةِ، وإذا فَعَلَ ذلك اسْتَحَقَّ العُقُوبَةَ الشرعيةَ، التي تَرْدَعُه وأمثالَه عن ذلك.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الكفالة, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:39 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir