دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الأولى 1431هـ/6-05-2010م, 12:20 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب القضاء ومايتعلق به

الكتاب الثالث: في القضاء وما يتعلق به
الفصل الأول: في ذم القضاء وكراهيته
7654 - (د ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من جعل قاضيا بين النّاس، فقد ذبح بغير سكّين».
وفي رواية «من ولّي القضاء» أخرجه أبو داود.
وفي رواية الترمذي «من ولّي القضاء،أو جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكّين».

[شرح الغريب]
ذبح بغير سكين: معنى هذا الكلام: التحرز من طلب القضاء والحرص عليه،يقول: من تصدى للقضاء، فقد تعرض لذبح، فليحذره، وقوله: «بغير سكين».يحتمل وجهين، أحدهما: أن الذبح إنما يكون في العرف بالسكين،فعدل به عن العرف إلى غيره،ليعلم أن الذي أراد به: ما يخاف عليه من هلاك دينه، دون هلاك بدنه، والوجة الثاني: أن الذبح: الوجء الذي يقع به إرحة الذبيحة وخلاصها من الألم: إنما يكون بالسكين، وإذا ذبح بغير السكين: كان ذبحه تعذيبا،فضرب به المثل لذلك، ليكون أبلغ في الحذر من الوقوع، وأشد في التوقي منه.

7655 - (د) بريدة بن الحصيب - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «القضاء ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة: فرجل عرف الحق وقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم، فهو في النار، ورجل قضى للّناس على جهل، فهو في النار» أخرجه أبو داود.
وذكر رزين رواية قال: «فأمّا الذي في الجنّة: فهو رجل قضى بكتاب الله وسنة نبيه، لا يألو عن الحقّ، وأمّا اللذان في النار: فرجل قضى بجور، وآخر افترى على القضاء فقضى بغير علم».

[شرح الغريب]
لا يألو: فلان لا يألو في كذا،أي: لا يقصّر فيه.

7656 - (ت) عبد الله بن موهب - رحمه الله -: أن عثمان بن عفان قال لابن عمر: اقض بين الناس، قال: أو تعافيني يا أمير المؤمنين؟ قال: وما تكره من ذلك، وقد كان أبوك يقضي؟ قال: لأني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من كان قاضيا فقضى بالعدل، فبالحريّ أن ينقلب منه كفافا، فما راجعه بعد ذلك». أخرجه الترمذي.
وفي رواية ذكرها رزين عن نافع: أنّ ابن عمر قال لعثمان: «يا أمير المؤمنين، لا أقضي بين رجلين، قال: فإن أباك كان يقضي، فقال: إن أبي لو أشكل عليه شيء سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولو أشكل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء سأل جبريل عليه السلام، وإنّي لا أجد من أسأله، وسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من عاذ بالله، فقد عاذ بعظيم، وسمعته يقول: من عاذ بالله فأعيذوه، وإني أعوذ بالله أن تجعلني قاضيا، فأعفاه، وقال: لا تخبر أحدا».

[شرح الغريب]
بالحرى: فلان حري أن يكرم،وبالحرى أن يكرم،أي: هو أهل لذلك.
عاذ: به إذا لجأ إليه، واحتمى بجانبه

7657 - (د) عبد الرحمن بن بشير الأزرق: قال: «دخل رجلان من أبواب كندة - وأبو مسعود الأنصاري جالس في حلقة - فقالا: ألا رجل ينفذ بيننا؟ فقال رجل من الحلقة: أنا، فأخذ أبو مسعود كفّا من حصى فرماه به، ثم قال: مه؟ ! إنه كان يكره التسرّع إلى الحكم». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
ينفذ بيننا: رجل نافذ في أمره، أي: ماض، أمره نافذ: مطاع، وقولهم: أني ينفذ ماقال؟ أي بالمخرج منه.

الفصل الثاني: في الحاكم العادل والجائر
7658 - (ت د) أنس - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من ابتغى القضاء وسأل فيه شفعاء، وكل إلى نفسه، ومن أكره عليه، أنزل الله عليه ملكا يسدّده».
وفي رواية: «من سأل القضاء وكل إلى نفسه، ومن جبر عليه، ينزل عليه ملك يسدّده». أخرجه الترمذي.
وفي رواية أبي داود قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من طلب القضاء واستعان عليه، وكل إليه، ومن لم يطلبه، ولم يستعن عليه، أنزل الله ملكا يسدّده».

7659 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «من طلب قضاء المسلمين حتى يناله، ثم غلب عدله جوره، فله الجنة، ومن غلب جوره عدله، فله النار». أخرجه أبو داود.
7660 - (ط) سعيد بن المسيب - رحمه الله -: «أنّ مسلما ويهوديا اختصما إلى عمر، فرأى الحقّ لليهودي، فقضى له عمر به، فقال له اليهوديّ: والله لقد قضيت بالحقّ، فضربه عمر بالدّرّة، وقال: وما يدريك؟ فقال اليهوديّ: والله إنّا نجد في التوراة أنه ليس من قاض يقضي بالحق إلا كان عن يمينه ملك وعن شماله ملك يسدّدانه، ويوفّقانه للحق ما دام مع الحق، فإذا ترك الحقّ عرجا وتركاه». أخرجه الموطأ.
7661 - (ت) [عبد الله] بن أبي أوفى - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنّ الله مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار: تخلّى عنه، ولزمه الشيطان». أخرجه الترمذي.
الفصل الثالث: في أجر المجتهد
7662 - (خ م د) عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب، فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ، فله أجر».
قال راويه: فحدثت أبا بكر بن حزم، فقال: هكذا حدّثني أبو سلمة عن أبي هريرة، أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود.

7663 - (ت س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب، فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ، فله أجر واحد». أخرجه الترمذي، والنسائي.
7664 - (ط) يحيى بن سعيد: «أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسيّ - رضي الله عنهما -: أن هلمّ إلى الأرض المقدّسة، فكتب إليه سلمان: إنّ الأرض لا تقدّس أحدا، وإنما يقدّس الإنسان عمله، وقد بلغني أنك جعلت طبيبا تداوي، فإن كنت تبرئ فنعمّا لك، وإن كنت متطبّبا، فاحذر أن تقتل إنسانا فتدخل النار، فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين، ثم أدبرا عنه، نظر إليهما، فقال: متطبّب والله، ارجعا إليّ، أعيدا عليّ قصتكما». أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
متطببا: الطبيب في الأصل: الحاذق بالأمور، العارف بها،وقد كنى به ها هنا عن القضاء، والحكم بن الخصوم، وإنما كنى به عنه لأنه بمنزلة القاضي بين الخصوم،وفصل الحكم بينهم بمنزلة الطبيب من إصلاح البدن،والمتطبب: الذي يعاني الطب وهو لا يعرفه معرفة جيدة..

الفصل الرابع: في الرشوة
7665 - (ت د) أبو هريرة، وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لعن الراشي والمرتشي في الحكم». أخرجه الترمذي. وأخرجه أبو داود عن ابن عمر وحده.

[شرح الغريب]
الراشي: الذي يعطى الرشوة: المرتشي: الذي يأخذها وإنما يلحقهما اللعن معا إذا استويا في القصد، فرشا المعطى لينال به باطلا، ويتوصل به إلى ظلم، فأما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق، أو يدفع به عن نفسه ظلما، فإنه غير داخل في هذا الوعيد، وأما المرتشي، فأن الرشوة على الحاكم حرام أبطل بها حقا أو دفع بها باطلا.

7666 - (ت) معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن، فلمّا سرت أرسل في أثري، فرددت، فقال: أتدري: لم بعثت إليك؟ لا تصيبنّ شيئا بغير إذني، فإنه غلول: «ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة} [آلعمران: 161] لهذا دعوتك، فامض لعملك». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
غلول: الغلول: الخيانة في الغنيمة.

الفصل الخامس: في آداب القاضي
7667 - (د ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن قاضيا، فقلت: يا رسول الله،ترسلني وأنا حدث السّنّ، ولا علم لي بالقضاء؟فقال: إنّ الله سيهدي قلبك،ويثبّت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان، فلا تقضينّ حتى تسمع من الآخر،كما سمعت من الأول، فإنّه أحرى أن يتبّين لك القضاء، قال: فما زلت قاضيا،أو ما شككت في قضاء بعد» أخرجه أبو داود.
وأخرجه الترمذي، قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا تقاضى إليك رجلان، فلا تقض للأول...» وذكر الحديث.

7668 - (د) عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما -: قال: «قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن الخصمين يقعدان بين يدي الحكم». أخرجه أبو داود.
7669 - (خ م د ت س) أبو بكرة - رضي الله عنه -: قال ابنه عبد الرحمن بن أبي بكرة: كتب أبي، وكتبت له إلى ابنه عبد الله بن أبي بكرة وهو قاض بسجستان «أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان».
وفي رواية: «لا يقضينّ حكم بين اثنين وهو غضبان». أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
وفي رواية أبي داود: أنه كتب إلى ابنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يقضي الحكم بين اثنين وهو غضبان».
وفي أخرى للنسائي: قال عبد الرحمن بن أبي بكرة: كتب إليّ أبو بكرة يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يقضينّ في قضاء بقضاءين ولا يقضينّ أحد بين خصمين وهو غضبان».

7670 - (د) عوف بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «قضى بين رجلين، فقال المقضيّ عليه لمّا أدبر: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيس، فإذا غلبك أمر، فقل حسبي الله ونعم الوكيل». أخرجه أبو داود.
7671 - (خ) أبو جمرة - رحمه الله -: قال: «كنت أترجم بين ابن عباس والناس». أخرجه البخاري في ترجمة باب.
7672 - (خ) عمر وعلي - رضي الله عنهما -: قالا: «يقضي القاضي والحاكم في المسجد، فإذا أتى على حدّ أقيم خارج المسجد». أخرجه البخاري في ترجمة باب بمعناه.
الفصل السادس: في كيفية الحكم
7673 - (د ت) الحارث بن عمرو - يرفعه إلى معاذ - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لمّا أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن، قال له: «كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: أقضي بسنّة رسول الله، قال: فإن لم تجد في سنّة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي، ولا آلو، قال: فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدره، وقال: الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما يرضي رسول الله».
وفي رواية: «أن معاذا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله بم أقضي؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم أجد؟ قال: بسنّة رسول الله، قال: فإن لم أجد؟ قال: استدقّ الدنيا، وتعظّم في عينك ما عند الله، واجتهد رأيك، فسيسدّدك الله للحق». أخرجه أبو داود.
وفي رواية الترمذي: عن الحارث بن عمرو، عن رجل من أصحاب معاذ: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث معاذا إلى اليمن، فقال: كيف تقضي؟... وذكر الرواية الأولى إلى قوله: رسول رسول الله»، ولم يذكر «ولا آلو».
وفي رواية عن الحارث عن أناس من أهل حمص عن معاذ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بنحوه.

[شرح الغريب]
أجتهد رأيي: الاجتهاد: بذل الوسع في طلب الأمر، والمراد به ها هنا: رد القضية التي تعرض للحاكم من طريق القياس إلى الكتاب والسنة، ولم يرد الرأي يعرض له من قبل نفسه من غير أصل كتاب ولا سنة، وفي هذا الحديث إثبات القياس على منكريه، وإيجاب الحكم به.
استدق الدنيا: أي احتقرها واستصغرها.

7674 - (س) عبد الرحمن بن يزيد: قال: أكثروا على عبد الله [بن مسعود] ذات يوم، فقال عبد الله: «إنه قد أتى علينا زمان ولسنا نقضي، ولسنا هنالك، ثم إنّ الله عز وجل قدّر علينا: أن بلغنا ما ترون، فمن عرض له منكم قضاء بعد اليوم، فليقض بما في كتاب الله، فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله، فليقض بما قضى به نبيّه -صلى الله عليه وسلم-، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله، ولا قضى به نبيّه، فليقض بما قضى به الصالحون، فإن جاءه أمر ليس في كتاب الله، ولا قضى به نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ولا قضى به الصالحون، فليجتهد رأيه، ولا يقل: إني أخاف، فإن الحلال بيّين، والحرام بيّين، وبين ذلك أمور متشابهات، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك». أخرجه النسائي.
7675 - (س) شريح القاضي: أنه كتب إلى عمر يسأله، فكتب إليه: «أن اقض بما في كتاب الله، فإن لم يكن في كتاب الله، فبسنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن لم يكن في كتاب الله تعالى، ولا في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاقض بما قضى به الصالحون، فإن لم [يكن في كتاب الله تعالى، ولا في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم] يقض به الصالحون، فإن شئت فتقدّم، وإن شئت فتأخّر، ولا أرى التأخّر إلا خيرا لك، والسلام». أخرجه النسائي.
7676 - (د) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قال - وهو على المنبر -: «يا أيها الناس، إن الرأي إنما كان من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصيبا؛ لأنّ الله كان يريه، وإنما هو منا الظّن والتّكلّف». أخرجه أبو داود.
7677 - (خ م ط ت د س) أم سلمة - رضي الله عنها -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع جلبة خصم بباب حجرته، فخرج إليهم، فقال: إنما أنا بشر، وإنّه يأتيني الخصم، فلعل بعضهم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه صادق، فأقضي له، فمن قضيت له بحقّ مسلم، فإنما هي قطعة من النار، فليحملها أو يذرها».
وفي رواية أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ، ولعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجّته من بعض، فأقضي نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحقّ أخيه، فإنما أقطع له قطعة من النّار».
وفي أخرى نحوه، وقال: «فمن قضيت له من [حقّ] أخيه شيئا فلا يأخذه... الحديث». أخرجه البخاري، ومسلم، وأخرج الباقون الرواية الثانية.
وفي أخرى لأبي داود: «أنّ رجلين أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يختصمان في مواريث لهما، ولم يكن لهما بيّنة إلا دعواهما، فقال: لعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجته... وذكر الحديث، وفي آخره: فبكى الرجلان، وقال كلّ واحد منهما لصاحبه: حقّي لك، فقال لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أمّا إذ فعلتما كذلك فاقتسما، فتوخّيا الحقّ، ثم استهما، ثم تحالا».
وفي أخرى لأبي داود بهذا، قالت: «يختصمان في مواريث وأشياء قد درست، فقال: إني إنما أقضي بينكما برأيي فيما لم ينزل عليّ فيه».

[شرح الغريب]
ألحن: فلان ألحن بحجته من فلان: أقوم بها منه، وأقدر عليها، من اللحن - بفتح الحاء - الفطنة، فأما لحن الكلام، فهو ساكن الحاء، قاله الخطابي.
فتوخيا واستهما: التوخي: قصد الحق واعتماده، والاستهام: الاقتراع، أي: اقترعا على ما قد اختصمتما فيه بعد أن تقسماه، ولم يقنع لهما بالتوخي حتى ضم إليه القرعة، لأن التوخي إنما هو غالب الظن، والقرعة: نوع من البينة، فهي أقوى من التوخي، ثم أمرهما بعد ذلك بالتحليل، ليكون انفصالهما عن يقين وطيبة نفس،لأن التحليل إنما يكون فيما هو في الذمة.

7678 - (د س) الأشعث بن قيس: قال: إنه اشترى رقيقا من الخمس من عبد الله [بن مسعود] بعشرين ألفا، فأرسل عبد الله إليه في ثمنهم، فقال: إنّما آخذهم بعشرة آلاف، قال عبد الله: فاختر رجلا يكون بيني وبينك، فقال الأشعث: كن أنت بيني وبين نفسك، قال عبد الله: فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا اختلف البيّعان، وليس بينهما بيّنة، فهو ما يقول ربّ السّلعة، أو يتتاركان».
وفي رواية: أن ابن مسعود «باع من الأشعث بن قيس رقيقا» فذكر معناه، والكلام يزيد وينقص أخرجه أبو داود.
وأخرج النسائي المسند منه فقط. وفي رواية عن عبد الملك بن عبيد قال: «حضرنا أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود أتاه رجلان تبايعا سلعة، فقال أحدهما: أخذتها بكذا، وقال هذا: بعتها بكذا وكذا، فقال أبو عبيدة: أتي ابن مسعود في مثل هذا، فقال: حضرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتي بمثل هذا، فأمر البائع أن يستحلف، ثم يختار المبتاع، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك».

الفصل السابع: في الدعاوى والبيانات والأيمان
البينة واليمين
7679 - (ت) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته: «البيّنة على المدّعي، واليمين على المدّعى عليه». أخرجه الترمذي.

7680 - (خ م د ت س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: إنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «لو يعطى الناس بدعاويهم، لادّعى قوم دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدّعى عليه». أخرجه مسلم.
وله وللبخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى باليمين على المدّعى عليه.
وللبخاري: أنّ امرأتين كانتا تخرزان في بيت، أو في الحجرة، فخرجت إحداهما، وقد أنفذ بإشفي في كفّها، فادعت على الأخرى، فرفع ذلك إلى ابن عباس، فقال ابن عباس: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لو يعطى الناس بدعواهم، لذهب دماؤهم وأموالهم، ذكّروها بالله، واقرؤوا عليها: {إنّ الذين يشترون بعهد الله} [آل عمران: 77] فذكّروها فاعترفت، فقال ابن عباس: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: اليمين على المدّعى عليه». وأخرج الترمذي، وأبو داود الرواية الثانية، وأخرج النسائي الرواية الثالثة.

القضاء بالشاهد واليمين
7681 - (م د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «قضى بيمين وشاهد». أخرجه مسلم، وأبو داود.

7682 - (د ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «قضى باليمين مع الشّاهد الواحد». أخرجه الترمذي وأبو داود.
7683 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- «قضى باليمين مع الشّاهد الواحد». أخرجه الترمذي.
7684 - (ط ت) محمد بن علي [الباقر]: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «قضى باليمين مع الشّاهد». أخرجه الموطأ والترمذي.
وزاد الترمذي: قال: «وقضي بها عليّ فيكم».

7685 - (د) الزبيب العنبري - رضي الله عنه -: قال: «بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيشا إلى بني العنبر، فأخذوهم بركبة من ناحية الطائف فاستاقوهم إلى نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فركبت فرسي، فسبقتهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، أتانا جندك فأخذونا، وقد كنّا أسلمنا وخضرمنا آذان النّعم، فلما قدم بلعنبر، قال لي نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم-: هل لكم بيّنة على أنكم أسلمتم قبل أن تؤخذوا في هذه الأيام؟ قلت: نعم، قال: من بيّنتك؟ قلت: سمرة، رجل من بني العنبر، ورجل آخر سمّاه له، فشهد الرجل، وأبى سمرة أن يشهد، قال: فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قد أبى سمرة أن يشهد، أفتحلف مع شاهدك الآخر؟ قلت: نعم، فاستحلفني فحلفت بالله: لقد أسلمنا يوم كذا وكذا، وخضرمنا آذان النّعم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اذهبوا فقاسموهم أنصاف الأموال، ولا تمسّوا ذراريهم، ولولا أنّ الله لا يحب ضلالة العمل ما رزأناكم عقالا، فقال الزّبيب: فدعتني أمّي، فقالت: هذا الرجل أخذ زربيّتي، فانصرفت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته، فقال لي: احبسه، فأخذت بتلبيبه، وقمت معه مكاننا، ثم نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلينا قائمين فقال: ما تريد بأسيرك؟ فأرسلته من يدي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للرجل: ردّ عليه زربيّة أمّه التي أخذت منها، فقال: يا رسول الله، إنّها خرجت من يدي، قال: فاختلع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سيف الرجل فأعطانيه، وقال للرجل: اذهب فزده آصعا من طعام، فأعطاني آصعا من شعير». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
خضرمنا: خضرمت أذن البعير: إذا قطعت طرفها، وكان هذا في الجاهلية، فلما جاء الله بالإسلام، أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخضرموا من غير الموضع الذي كان يخضرم فيه أهل الجاهلية علامة بين المسلم وغير المسلم، وهو الذي أراد هؤلاء القوم، يعنون أنهم خضرموا خضرمة الإسلام.
ما رزأناكم: يقول: ما رزأته شيئا: ما أصبت منه شيئا، ولا نقصته وهذه في اللغة الفصحى، فأما «رزيناكم» فإنما يكون على ترك الهمز وقلبه ياء، وليس بفصيح، وقد قالوا: في قرأت: قريت، شاذا.
فأخذت بتلبيبه: جمعت عليه ثوبه وقبضته من مقدمه، تجره به.
زربية: الزربية: القطيفة، وجمعها زرابي.
آصعا: الآصع جمع صاع، وهو مكيال يسع خمسة أرطال وثلثا، أو ثمانية أرطال، على اختلاف المذهبين في المد.

القضاء بالشاهد الواحد
7686 - (خ) عبد الله بن عبد الله بن أبي مليكة - رحمه الله -: «أن بني صهيب - مولى بني جدعان - ادّعوا بيتين وحجرة: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطى ذلك صهيبا، فقال مروان: من يشهد لكم على ذلك؟ قالوا: ابن عمر، فدعاه، فشهد لأعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صهيبا بيتين وحجرة، فقضى مروان بشهادته لهم». أخرجه البخاري.

تعارض البينة
7687 - (د س) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - «أنّ رجلين تعارضا، وادّعيا بعيرا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبعث كلّ واحد منهما شاهدين، فقسّمة النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بينهما نصفين». وفي رواية: «أنّ رجلين ادّعيا بعيرا أو دابة إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ليست لواحد منهما بيّنة، فجعله النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما». أخرجه أبو داود.
وفي رواية النسائي: «أنّ رجلين اختصما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في دابة، ليس لواحد منهما بيّنة، فقضى بها بينهما».

[شرح الغريب]
ادعيا بعيرا فجعله بينهما: قال الخطابي: يشبه أن يكون هذا البعير، أو الدابة،كان في أيديهما معا، فجعله النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما، لاستوائهما في الملك باليد، ولولا ذلك. لم يكونا بنفس الدعوى يستحقانه لو كان الشيء في يد غيرهما، وفي الرواية الأخرى قال: «فأحضر كل واحد منهما شاهدين، فقسمه بينهما» وذلك لأن الشهادات تقابلت فسقطت، فعاد الحكم إلى الأول، وحينئذ يجوز أن يكون البعير قد كان في يد غيرهما، فلما أقاما الشسهادة انتزعه ممن هو في يده وقسمه بينهما.

القرعة على اليمين
7688 - (خ د) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «عرض على قوم اليمين، فتسارعوا إليه،فأمر أن يسهم بينهم في اليمين، أيّهم يحلف؟». أخرجه البخاري.
وفي رواية أبي داود: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا أكره الاثنان على اليمين، واستحبّاها، فليستهما عليه».
وفي أخرى له: «أنّ رجلين اختصما في متاع إلى النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ليس لواحد منهما بيّنة، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: استهما على اليمين، ما كان أحبّا ذلك، أو كرها».

موضع اليمين
7689 - (ط) أبو غطفان بن طريف - رحمه الله -: قال: «اختصم زيد بن ثابت، وابن مطيع إلى مروان في دار كانت بينهما، فقضى مروان على زيد بن ثابت باليمين على المنبر، فقال زيد: أحلف له مكاني هذا، فقال مروان: لا، إلا عند مقاطع الحقوق، فجعل زيد يحلف أنّ حقّه لحقّ، وأبى أن يحلف على المنبر، فجعل مروان يعجب من ذلك». أخرجه الموطأ.

صورة اليمين
7690 - (د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل حلّفه: «احلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عندك شيء». يعني للمدّعي. أخرجه أبو داود.

الفصل الثامن: في العدل والشهادة
الفرع الأول: في شهادة المسلمين
7691 - (د) عمرو بن شعيب - رحمه الله -: عن أبيه، عن جده: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تجوز شهادة خائن، ولا خائنة، ولا زان، ولا زانية، ولا ذي غمر على أخيه».
وفي رواية: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ردّ شهادة الخائن والخائنة، وذي الغمر على أخيه، وردّ شهادة القانع لأهل البيت، وأجازها لغيرهم». أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
خائن: أراد بالخيانة: الخيانة في الدين والمال والأمانات، فإن من ضيع شيئا من أوامر الله، أو ركب شيئا مما نهاه الله عنه، فلا يكون عدلا.
ذو غمر: الغمر - بكسر الغين - الحقد.
القانع: السائل المستطعم، وقيل: هو المنقطع إلى القوم يخدمهم، وذلك مثل الأجير والوكيل، ترد شهادته للتهمة فيجر النفع إلى نفسه، لأن التابع لأهل البيت ينتفع بما يصير إليهم.
ظنين: الظنين، بالظاء: المتهم.

7692 - (ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا مجلود حدّا، ولا ذي غمر على أخيه، ولا مجرّب شهادة، ولا القانع لأهل البيت، ولا ظنين في ولاء ولا قرابة». قال الفزاري: «القانع»: التابع. أخرجه الترمذي.
7693 - (ط) مالك بن أنس: قال: بلغني أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال: «لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين». أخرجه الموطأ.
7694 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تجوز شهادة بدويّ على صاحب قرية». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
شهادة بدوي: إنما ذكره شهادة البدوي، لما فيه من الجفاء في الدين، والجهل بأحكام الشريعة، لأنهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها، لقلة معرفتهم بشروطها، وإليه ذهب مالك، والناس على خلافه، فيجيزون شهادة البدوي على الحضري، والحضري على البدوي.

7695 - (ط) هشام بن عروة - رحمه الله -: قال: «كان عبد الله بن الزبير يقضي بشهادة الصبيان فيما بينهم من الجراح». أخرجه الموطأ.
7696 - (خ) أنس - رضي الله عنه -: قال: «شهادة العبد إذا كان عدلا جائزة». أخرجه البخاري في ترجمة باب بغير إسناد.
7697 - (ط) ربيعة بن أبي عبد الرحمن: قال: «قدم رجل من العراق على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فقال: جئتك لأمر ما له رأس ولا ذنب، فقال عمر: وما ذاك؟ قال: شهادة الزّور ظهرت بأرضنا، قال: وقد كان ذلك؟ قال: نعم، فقال عمر بن الخطاب: والله لا يؤسر رجل في الإسلام بغير العدول». أخرجه الموطأ.
7698 - (ت د) أيمن بن خريم [الأسدي] - رحمه الله -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- «قام خطيبا، فقال: أيّها الناس، عدلت شهادة الزّور إشراكا بالله، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {فاجتنبوا الرّجس من الأوثان، واجتنبوا قول الزّور} [الحج: 30]».
أخرجه الترمذي، وقال: وقد اختلفوا في رواية هذا الحديث [عن سفيان بن زياد، ولا نعرف لأيمن سماعا من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وأخرجه أبو داود عن خريم بن فاتك قال: «صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصبح، فلما انصرف قام قائما، فقال: عدلت شهادة الزّور بالإشراك [بالله] - ثلاث مرات - ثم قرأ الآية إلى قوله: {غير مشركين به}».

7699 - (خ) عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي - رحمه الله -: قال: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: «إن ناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا أمنّاه، وقرّبناه، وليس لنا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه، ولم نصدّقه، وإن قال: إنّ سريرته حسنة». أخرجه البخاري.
7700 - (م ط د ت) زيد بن خالد - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا أخبركم بخير الشّهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها». أخرجه مسلم، والموطأ، والترمذي، وأبو داود.
وزاد أبو داود قال: «أو يخبر بشهادته»، قال: أبو داود: شك أحد رواته أيتهما قال، وقال مالك: «هو الذي يخبر بالشهادة التي لا يعلم بها الذي هي له، فيأتي بها الإمام، فيقضي له بها».

7701 - (د س) خزيمة بن ثابت - رضي الله عنه -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابتاع فرسا من أعرابي، فاستتبعه إلى منزله ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المشي، وأبطأ الأعرابيّ بالفرس، فطفق رجال يعترضون الأعرابيّ، يساومونه بالفرس، لا يشعرون أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابتاعه، فنادى الأعرابيّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إن كنت مبتاعا هذا الفرس وإلا بعته، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- حين سمع نداء الأعرابيّ، فقال: أوليس قد ابتعته منك؟ قال الأعرابي: لا، والله ما بعتكه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بلى قد ابتعته منك، فطفق الأعرابيّ يقول: هلمّ شهيدا، فقال خزيمة: أنا أشهد أنك قد بايعته، فأقبل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على خزيمة، فقال: بم تشهد؟ قال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهادة خزيمة شهادة رجلين». أخرجه أبو داود، والنسائي.
وزاد رزين، فقال الأعرابيّ: «أهذا رسول الله؟ فقال له أبو هريرة: كفى بك جهلا أن لا تعرف نبيّك، صدق الله: {الأعراب أشدّ كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله} [التوبة: 97] فاعترف الأعرابيّ بالبيع».

الفرع الثاني: في شهادة الكفار
7702 - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تصدّقوا أهل الكتاب بما يحدّثونكم عن الكتاب، ولا تكذّبوهم، وقولوا: آمنّا بالله وما أنزل إلينا؛ لأن الله تعالى أخبر أنّهم كتبوا بأيديهم، وقالوا: هذا من عند الله».
وفي رواية قال: «كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسّرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: لا تصدّقوا أهل الكتاب...» وذكر الحديث. أخرجه البخاري.

7703 - (خ) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: «يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء؟ وكتابكم الذي أنزل الله على نبيّكم أحدث الكتب بالله، تقرؤونه محضا لم يشب، وقد حدّثكم الله أن أهل الكتاب بدّلوا كتاب الله، وغيّروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هذا من عند الله، ليشتروا به ثمنا قليلا؟ أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟ ولا والله، ما رأينا منهم رجلا قطّ يسألكم عن الذي أنزل عليكم». أخرجه البخاري.
7704 - (د) أبو نملة - الأنصاري - رضي الله عنه -: قال: بينما هو جالس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعنده رجل من اليهود: مرّ بجنازة، فقال: يا محمد، هل تتكلّم هذه الجنازة؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الله أعلم، قال اليهوديّ: إنها تتكلّم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما حدّثكم أهل الكتاب فلا تصدّقوهم، ولا تكذّبوهم، وقولوا: آمنّا بالله ورسله، فإن كان باطلا لم تصدّقوه، وإن كان حقّا لم تكذّبوه». أخرجه أبو داود.
7705 - (د) [عامر] الشعبي - رحمه الله -: «أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا هذه، ولم يجد أحد من المسلمين يشهده على وصيّته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة، فأتيا أبا موسى الأشعريّ، فأخبراه، وقدما بتركته، ووصيّته، قال أبو موسى: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأحلفهما بعد العصر بالله: ما خانا، ولا كذبا، ولا بدّلا، ولا كتما، ولا غيّرا، وإنّها لوصيّة الرجل وتركته، فأمضى شهادتهما». أخرجه أبو داود.
7706 - (خ) حميد بن عبد الرحمن - رحمه الله -: قال: سمعت معاوية -رضي الله عنه - يحدّث رهطا من قريش بالمدينة - وذكر كعب الأحبار - فقال: «إن كان لمن أصدق هؤلاء المحدّثين الذين يحدّثون عن الكتاب، وإن كنّا مع ذلك لنبلو عليه الكذب». أخرجه البخاري.
الفصل التاسع: في الحبس والملازمة
7707 - (د ت س) بهز بن حكيم [بن معاوية] عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «حبس رجلا في تهمة».
أخرجه أبو داود، وزاد الترمذي، والنسائي: «ثم خلّى سبيله».

7708 - (د) وعنه: عن أبيه عن جده: أن أخاه، أو عمه «قام إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يخطب، فقال: جيراني بم أخذوا؟ فأعرض عنه، ثم ذكر شيئا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خلّوا [له عن] جيرانه». أخرجه أبو داود.
7709 - (د) هرماس بن حبيب [التميمي العنبري] - رحمه الله -: رجل من أهل البادية، عن أبيه، عن جده، أنه قال: «أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغريم لي، فقال لي: الزمه، ثم قال: يا أخا بني تميم، ما تريد أن تفعل بأسيرك؟» أخرجه أبو داود.
وزاد رزين: «فأطلقته».

الفصل العاشر: في قضايا حكم فيها النبي - صلى الله عليه وسلم-
7710 - (خ م د ت س) عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما -: عن أبيه: «أنّ رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في شراج الحرّة التي يسقون فيها النخل، فقال الأنصاريّ: سرّح الماء يمرّ، فأبى عليه، فاختصما عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للزبير: اسق يا زبير، ثم أرسل إلى جارك، فغضب الأنصاريّ، ثم قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن كان ابن عمّتك؟ فتلوّن وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال للزبير: اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، فقال الزبير: والله إنّي لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم...} الآية [النساء: 65]». أخرجه البخاري، ومسلم.
وللبخاري عن عروة - ولم يذكر عبد الله بن الزبير - قال: «خاصم الزبير رجلا»... وذكر نحوه، وزاد: «فاستوعى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينئذ للزبير حقّه، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل ذلك قد أشار على الزبير برأي، أراد فيه سعة له وللأنصاري، فلما أحفظ الأنصاريّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، استوعى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للزبير حقّه في صريح الحكم، قال عروة: قال الزبير: والله ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك: فلا وربّك لا يؤمنون... الآية». وأخرج أبو داود، والترمذي، والنسائي: الرواية الأولى.

[شرح الغريب]
شراج الحرة: الحرة: الأرض ذات الحجارة السود، والشراج: جمع شرجة، وهي مسيل الماء من الحزن إلى السهل.
الجدر: والجدار: الحائط، وقيل: الجدر، أصل الجدار، قال الخطابي: هكذا الرواية: الجدر، قال: والمتقنون من أهل الرواية يقولون: حتى يبلغ الجذر - يعني بالذال المعجمة - وهو مبلغ تمام الشرب، ومنه: جذر الحساب.
الاشتجار: الاختلاف، وشجر الأمر بين القوم، أي: خاضوا فيه واختصموا.
فاستوعى: الأمر إذا استوفاه واستكمله.

7711 - (ط د) ثعلبة بن أبي مالك - رحمه الله -: سمع كبراءهم يذكرون «أنّ رجلا من قريش كان له سهم في بني قريظة، فخاصم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سيل مهزور ومذينب الذي يقتسمون ماءه، فقضى [بينهم] رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن الماء إلى الكعبين لا يحبس الأعلى على الأسفل».
أخرجه الموطأ، وأبو داود، ولم يذكر أبو داود: «ومذينب».

[شرح الغريب]
مهزور، بتقديم الزاي على الراء: وادي بني قريظة بالحجاز، وبتقديم الراء على الزاي: موضع سوق المدينة.
ومذينب: اسم موضع بالمدينة.

7712 - (د) عمرو بن شعيب - رحمه الله -: عن أبيه عن جده أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «قضى في سيل المهزور: أن يمسك حتى يبلغ الكعبين، ثم يرسل الأعلى على الأسفل». أخرجه أبو داود.
7713 - (د ط) حرام بن سعد بن محيصة - رحمه الله -: «أنّ ناقة للبراء بن عازب دخلت حائطا لرجل من الأنصار، فأفسدت فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنّ على أهل الأموال حفظها بالنهار، وعلى أهل المواشي حفظها بالليل».
وفي رواية: عن حرام بن محيّصة عن البراء قال: «كانت له ناقة ضارية، فدخلت حائطا، فأفسدت فيه، فكلّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- [فيها]، فقضى: أنّ حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها، وأنّ على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل». أخرجه أبو داود، قال: حرام بن محيصة، ولم يذكر «ابن سعد»، وقال في الرواية الأولى: «عن أبيه».
وأخرجه الموطأ عن حرام بن سعد بن محيصة: «أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدت فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنّ على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأنّ ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها». هكذا رواه يحيى بن يحيى عن مالك، قالوا: والصواب «حرام بن سعد». لا ابن سعيد.

[شرح الغريب]
الحوائط: جمع الحائط،وهو البستان من النخيل وغيره.

7714 - (ت) رافع بن خديج - رضي الله عنه -: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء، وله نفقته». أخرجه الترمذي.
7715 - (د) أبو سعيد [الخدري] - رضي الله عنه -: قال: «اختصم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلان في حريم نخلة، فأمر بها فذرعت، فوجدت سبعة أذرع - وفي أخرى: خكسة أذرع، فقضى بذلك»، وفي رواية: «فأمر بجريدة من جريدها فذرعت». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
حريم النخلة: الأرض التي حولها قريبا منها.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القضاء, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir