دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب المناسك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 صفر 1430هـ/15-02-2009م, 12:11 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي واجبات الحج

و ( وَاجِبَاتُه ) : الإحرامُ من الْمِيقاتِ الْمُعْتَبَرِ له، والوُقوفُ بعَرفةَ إلى الغُروبِ، والْمَبيتُ لغيرِ أَهلِ السِّقايةِ والرعايةِ بِمِنًى ومُزدَلِفَةَ إلى بَعدِ نِصفِ الليلِ، والرميُ، والْحِلاقُ، والوَداعُ، والباقي سُنَنٌ.


  #2  
قديم 20 صفر 1430هـ/15-02-2009م, 12:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.........................

  #3  
قديم 21 صفر 1430هـ/16-02-2009م, 06:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ووَاجِبَاتُه) سَبْعَةٌ: (الإحرامُ مِن الميقاتِ المُعْتَبَرِ له) وقد تَقَدَّمَ. (والوُقُوفُ بعَرَفَةَ إلى الغُروبِ) على مَن وَقَفَ نهاراً. (والمَبِيتُ لغيرِ أَهْلِ السِّقَايَةِ والرِّعَايةِ بمِنًى) لَيَالِيَ أيَّامِ التشريقِ على ما مَرَّ. (و) المَبِيتُ (بمُزْدَلِفَةَ إلى بعدَ نصفِ الليلِ) لمَن أَدْرَكَهَا قبلَه على غيرِ السُّقَاةِ والرُّعاةِ. (والرَّمْيُ) مُرَتِّباً. (والحِلاقُ) أو التَّقْصِيرُ. (والوَداعُ. والبَاقِي) مِن أَفْعَالِ الحَجِّ وأَقْوَالِه السَّابقةِ (سُنَنٌ) كطوافِ القُدومِ والمبيتِ بمُزْدَلِفَةَ ليلةَ عرَفَةَ والاضطِبَاعِ والرَّمَلِ في مَوْضِعِهِما وتقبيلِ الحَجَرِ والأذكارِ والأدعِيَةِ وصُعُودِ الصَّفَا والمْرَوَةِ.


  #4  
قديم 21 صفر 1430هـ/16-02-2009م, 06:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وواجباته) سبعة([1]).
(الإحرام من الميقات المعتبر له) وقد تقدم([2]) (والوقوف بعرفة إلى الغروب) على من وقف نهارًا([3]) (والمبيت لغير أهل السقاية والرعاية بمنى) ليالي أيام التشريق على ما مر([4]) (و) المبيت بـ (مزدلفة إلى بعد نصف الليل) لمن أدركها قبله على غير السقاة والرعاة([5]) (والرمي) مرتبًا([6]) (والحلاق) أو التقصير([7]).
(والوداع([8]) والباقي) من أفعال الحج وأقواله السابقة (سنن) ([9]) كطواف القدوم([10]) والمبيت بمنى ليلة عرفة([11]) والاضطباع، والرمل في موضعهما([12]) وتقبيل الحجر([13]) والأذكار، والأدعية([14]) وصعود الصفا والمروة([15])



([1]) بالاستقراء، وهي عبارة عما يجب فعله، ولا يجوز تركه إلا لعذر، وإذا تركه كان عليه دم يجبر به حجه.
([2]) أي في المواقيت، لقوله صلى الله عليه وسلم((هن لهن، ولمن مرَّ عليهن من غير أهلهن)) وفي لفظ : وقت لأهل كذا كذا وكذا، فدل على وجوب الإحرام منه، ولا نزاع في ذلك.
([3]) لأن من أدركها نهارًا، يجب عليه أن يجمع بينه وبين جزء من الليل. لفعله صلى الله عليه وسلم وهو مذهب الجمهور.
([4]) من الرخصة لهم على الأصح، وعليه الجمهور للأخبار.
([5]) كما تقدم لأن من أدرك مزدلفة أول الليل، يجب عليه المبيت بها معظم الليل، بخلاف السقاة والرعاة، فلا يجب عليهم، وكذا نحوهم عند الجمهور.
([6]) أي هو واجب إجماعًا مرتبًا، يوم النحر، ثم أيام التشريق، الأول فالأول، وما تركه من اليوم الأول أو الثاني، يرتبه بنية في آخرها على ما تقدم.
([7]) أي أحدهما من واجبات الحج، على ما تقدم، وعند بعضهم: نسك لا يتحلل بدونه.
([8]) أي طواف الوداع في الأصح، ويسمَّى طواف الصدر، لقوله صلى الله عليه وسلم ((لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)) رواه مسلم، وفي الترغيب والمستوعب، لا يجب على غير الحاج، واختاره الشيخ.
([9]) لا يجب بتركه شيء.
([10]) عند الجمهور.
([11]) قطع به الأكثر، لأنها استراحة والدفع مع الإمام.
([12]) فالاضطباع في الأشواط السبعة، والرمل في الثلاثة الأول منها.
([13]) كلما حاذاه للأخبار.
([14]) في مواضعها المندوب إليها فيها كما تقدم.
([15]) للرجال دون النساء، وتقدم ذكر عدد درجه.



  #5  
قديم 12 ربيع الثاني 1432هـ/17-03-2011م, 04:49 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَوَاجِبَاتُهُ: الإِحْرَامُ مِن المِيقَاتِ المُعْتَبَرِ لَهُ، والوقُوفُ بِعَرفَةَ إِلَى الغُرُوبِ وَالمَبِيتُ لِغَيرِ أهْلِ السِّقَايَةِ والرّعَايَة بِمِنَى ومُزدَلِفَةَ إِلَى بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ والرَّميُ، وَالحِلاَقُ، والوَدَاعُ، والبَاقِي سُنَن
قوله: «وواجباته» ، أي: واجبات الحج. والفرق بين الواجب والركن أن الواجب يصح الحج بدونه، والركن لا يصح إلا به.
قوله: «الإحرام من الميقات المعتبر له» ، هذا هو الأول من واجبات الحج، الإحرام من الميقات المعتبر له، أما أصل الإحرام فهو ركن.
ولو قال المؤلف: أن يكون الإحرام من الميقات لكان أوضح؛ لأنه إذا قال: الإحرام من الميقات، فقد يظن الظان أن الإحرام من الميقات ـ أيضاً ـ من الواجبات، وقد سبق أن المواقيت خمسة، وأن من مر بها يريد النسك وجب عليه الإحرام، ومن كان دونها فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة يحرمون من مكة إلا في العمرة، فيحرمون من أدنى الحل، وقد سبق بيان ما هو الميقات المعتبر، فالميقات المعتبر هي المواقيت الخمسة.
والدليل على الوجوب قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((يهل أهل المدينة....)) [(1)] ، وهذا خبر بمعنى الأمر، والدليل على أنه بمعنى الأمر قوله صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: «فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأهل المدينة ذا الحليفة» [(2)].
قوله: «والوقوف بعرفة إلى الغروب» ، هذا هو الثاني من واجبات الحج، الوقوف بعرفة إلى الغروب، أي: أن يستمر في عرفة إذا وقف نهاراً إلى أن تغرب الشمس، وعلى هذا فلا يحل أن يخرج الإنسان من عرفة قبل غروب الشمس؛ لأن البقاء فيها حتى تغيب الشمس أمر واجب.
وزعم بعض العلماء أنه لا يجب الوقوف إلى الغروب، لحديث عروة بن المضرس ـ رضي الله عنه ـ حين قال صلّى الله عليه وسلّم: ((وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه))[(3)] ، فمن وقف نهاراً، ودفع قبل الغروب صدق عليه هذا الحكم الذي نطق به النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو أنه قد تم حجه وقضى تفثه، ولكن الصحيح أن الوقوف بعرفة إلى الغروب واجب للأدلة الآتية:
أولاً: مكث النبي صلّى الله عليه وسلّم فيها إلى الغروب[(4)] مع أنه لو دفع بالنهار لكان أرفق بالناس؛ لأنه لو دفع بالنهار كان ضوء النهار معيناً للناس على السير، وإذا دفع بعد الغروب حل الظلام، ولا سيما في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، والناس يمشون على الإبل والأقدام فينتشر الظلام قبل الوصول إلى مزدلفة.
فإن قال قائل: في تلك الليلة يكون القمر مضيئاً فلا يحصل بالسير بعد الغروب مشقة؟
فالجواب أن نقول: أفلا يمكن في تلك الليلة أن يوجد سحاب؟
الجواب: بلى يمكن أن يكون هناك سحاب، إما في السنة التي حج فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإما في غيرها، والنبي صلّى الله عليه وسلّم يعلم أن مفاتيح السماء بيد الله ـ عزّ وجل ـ هو الذي ينشئ السحاب، وإذا لم يكن سحاب في تلك السنة، فيمكن أن يكون في السنوات الأخرى، إذاً فتأخير الرسول صلّى الله عليه وسلّم الدفع من عرفة إلى ما بعد الغروب، وتركه للأيسر يدل على أن الأيسر ممتنع، ودليل ذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((ما خيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً)) [(5)].
ثانياً: أن الدفع قبل الغروب فيه مشابهة لأهل الجاهلية حيث يدفعون قبل غروب الشمس، إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال، كعمائم الرجال على رؤوس الرجال، فلو دفع إنسان في مثل هذا الوقت لشابههم، ومشابهة الكفار في عباداتهم محرمة.
ثالثاً: أن تأخير الرسول صلّى الله عليه وسلّم الدفع إلى ما بعد غروب الشمس، ثم مبادرته به قبل أن يصلي المغرب ـ مع أن وقت المغرب قد دخل ـ يدل على أنه لا بد من البقاء إلى هذا الوقت، وأنه صلّى الله عليه وسلّم ممنوع من الدفع حتى تغرب الشمس، ولذلك بادر، فلو كان الدفع قبل غروب الشمس جائزاً لدفع قبل غروب الشمس، ووصل إلى مزدلفة في وقت المغرب، وصلى فيها المغرب مطمئناً.
وعلى هذا فإن قيل: ما الجواب عن حديث عروة؟
قلنا: الجواب عن حديث عروة ـ رضي الله عنه ـ: ما أسلفنا أن تمام الشيء قد يكون تمام واجب، أو ركن، أو سنة.
وأيضاً حديث عروة مطلق: «وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً» ، فقيد بفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو أنه وقف إلى الغروب، والمقيد يحكم على المطلق.
قوله: «والمبيت لغير أهل السقاية والرعاية بمنى ومزدلفة إلى بعد نصف الليل» ، هذا هو الركن الثالث والرابع من واجبات الإحرام.
فقوله: «والمبيت لغير أهل السقاية والرعاية بمنى...» ، المراد المبيت بمنى في ليالي أيام التشريق دون المبيت في ليلة التاسع، فإن المبيت في منى ليلة التاسع ليس بواجب، بل هو سنة، أما المبيت ليالي أيام التشريق بمنى فواجب، والدليل ما يلي:
أولاً : ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((رخص لعمه العباس أن يبيت في مكة ليالي التشريق من أجل السقاية)) [(6)]، والرخصة تقابلها عزيمة؛ لأن السقاية كانت بيد العباس، فكان -رضي الله عنه- يسقي الحجاج ماء زمزم مجاناً تعبداً لله ـ عزّ وجل ـ، وإظهاراً لكرم الضيافة، وفي الجاهلية استجلاباً للناس أن يحجوا لأن أهل مكة ينتفعون اقتصادياً من الحجاج، فيسهلون لهم الأمور، ويخدمونهم من أجل تشجيعهم على الحج.
ثانياً : قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((لتأخذوا عني مناسككم)) [(7)] ، وقد بات في منى.
وقيل: إنه سنة وليس بواجب، والإمام أحمد لما قيل له إن فلاناً يقول في تركه دم ضحك ـ رحمه الله ـ وقال: هذا شديد، وهذا يدل على أنه يرى أن المبيت بمنى سنة.
أما المبيت بمزدلفة فقوله ـ رحمه الله ـ أنه واجب من واجبات الحج قول وسط بين قولين:
أحدهما: أن المبيت بها ركن من أركان الحج والآخر أنه سنّة، وقد سبق بيان ذلك [(8)].
وقوله: «لغير أهل السقاية والرعاية» ، أهل السقاية أي: سقاية الحجاج من زمزم، والرعاية رعاية إبل الحجاج، وذلك أن الناس فيما سبق يحجون على الإبل، فإذا نزلوا في منى احتاجوا إلى من يرعى إبلهم؛ لأن بقاءها في منى فيه تضييق، وربما لا يتوفر لها العلف الكافي؛ لهذا يذهب بها الرعاة إلى محلات أخرى من أجل الرعي، وقد رخص النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ للرعاة أن يدعوا المبيت بمنى ليالي منى لاشتغالهم برعاية الإبل[(9)].
مسألة: هل يلحق بهؤلاء من يماثلهم ممن يشتغلون بمصالح الحجيج العامة كرجال المرور، وصيانة أنابيب المياه، والمستشفيات وغيرها أو لا؟
الجواب: نعم يلحقون بهؤلاء لتمام أركان القياس، فإن القياس إلحاق فرع بأصل في حكم لعلة جامعة، وهذا موجود تماماً فيمن يشتغلون بمصالح الحجيج، وعليه فيقاس على الرعاة والسقاة من يشتغلون بمصالح الناس في هذه الأيام، فيرخص لهم أن يبيتوا خارج منى.
ومن له عذر خاص كمريض ينقل للمستشفى خارج منى، هل يقاس على هؤلاء أو لا يقاس؟
قال بعض أهل العلم: إنه يقاس بجامع العذر في كل منهم.
وقال بعض العلماء: إنه لا يقاس على هؤلاء؛ لأن هذا عذره خاص، والسقاة والرعاة عذرهم عام للمصلحة العامة، فهو لا يشبه الرعاية والولاية، والذي عذره خاص فهذا ينظر في أمره هل يرخص له في ترك المبيت ويقال: إن عليك فدية لترك المبيت، أو يقال لا فدية عليك؟ ولكن قياسه على الرعاة والسقاة قياس مع الفارق.
ولكن ليعلم أن المبيت في منى ليس بذاك المؤكد كالرمي مثلاً، والدليل على هذا أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يسقط الرمي عن الرعاة، وأسقط المبيت عنهم[(10)]، فدل هذا على أن المبيت في منى ـ وإن عددناه من الواجبات ـ أهون من الرمي؛ ولهذا يخطئ بعض الناس ـ فيما نرى ـ أنه إذا قيل له: رجل لم يبت في منى ليلة واحدة قال: عليه دم، وهو لو قال: عليه دم إذا ترك ليلتين لكان له شيء من الوجه؛ لأنه ترك جنساً من الواجبات، أما إذا ترك ليلة من الليالي فنقول: عليه دم، مع أن الوجوب فيه نظر، ثم الوجوب إنما يكون إذا ترك هذا الجنس من الواجب، أما إذا ترك جزءاً منه فإيجاب الدم عليه فيه نظر واضح، ولهذا كان الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ أحياناً يقول: عليه قبضة من طعام، أي: ملئ اليد. وبعض العلماء يقول: درهم وما أشبه ذلك.
وقوله: «لغير أهل السقاية والرعاية» .
يفهم منه أن أهل السقاية والرعاية يجوز لهم ترك المبيت بالمزدلفة، ولا أعلم لهذا دليلاً من السنة أن الناس يسقون ليلة المزدلفة، ولا أن الرعاة يذهبون بالإبل ليلة المزدلفة لما يلي:
أولاً: الرعاة لا حاجة لهم إلى الرعي في ليلة المزدلفة، بل الرواحل عند الناس؛ لأنهم سيرتحلون، فكيف تذهب ترعى في الليل وهم جاؤوا بها من عرفة وأناخوها في مزدلفة وستبقى تنتظر ارتحالهم في صباح تلك الليلة، هل في هذا حاجة للرعاة؟ لا والسقاة أيضاً، فإن الناس لن يذهبوا إلى مكة يشربون ماء زمزم قبل أن يستوطنوا في منى، فاستثناء السقاة والرعاة من وجوب المبيت بالمزدلفة فيه نظر ظاهر.
ثانياً: لعدم ورود السنة به.
ولكن قد يقول قائل: ما رأيكم في جنود المرور، وجنود الإطفاء، والأطباء، والممرضين، هل ترخصون لهم؟
الجواب نقول: لا نرخص لهم؛ لأن المبيت في المزدلفة أوكد من المبيت في منى بكثير، فإن منى لم يقل أحد من العلماء إن المبيت بها ركن من أركان الحج، والمزدلفة قال به بعض العلماء، وهو قول قوي كما سبق، إلا أن الأقوى منه أنه واجب وليس بركن، وعلى هذا فلا بد من المبيت في المزدلفة، ثم يفرق أيضاً بينه وبين ليالي منى أنه ليلة واحدة، أو بعض ليلة للإنسان الذي يريد أن يدفع مبكراً في آخر الليل، أي: لا يقضي ليله كله، فلا يصح قياسه على ليالي منى.
مسألة: يشكل على بعض الإخوة أنه يقول: لا بد أن أبيت وأضطجع، وهذا ليس بلازم، وأن المراد بالمبيت المكث في المزدلفة ليلة العيد، سواء أنام أم لم ينم، لكن المبيت بمعنى النوم أفضل من إحيائها بقراءة أو بحث في علم أو تهجد اقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد تعرضنا في أثناء الحديث على صفة الحج إلى بحث مسألة الوتر في تلك الليلة، وقلنا: إن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يكن يدع الوتر حضراً أو سفراً، وهذا عام يشمل حتى ليلة العيد في المزدلفة، وأوردنا على أنفسنا حديث جابر: «ثم اضطجع حتى طلع الفجر» [(11)]، وقلنا: إن هذا مبلغ علم جابر، وإلا فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «بعث أهله من المزدلفة بليل» [(12)] ، هذا يقتضي أن يكون في آخر الليل مستيقظاً، فعلى هذا نقول إن الوتر في تلك الليلة كغيرها من الليالي، لكن التهجد وإحياء الليلة غير مشروع.
مسألة: في هذه العصور الأخيرة نشأ إشكال بالنسبة للمبيت بمنى؛ وهو أن الناس لا يجدون مكاناً، فماذا يصنعون؟
الجواب: نقول: ينزلون عند آخر خيمة من خيام أهل منى، استدلالاً بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] ، وقوله: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286] .
فإن قال قائل: لماذا لا تجعلون هذا من جنس الحصر، والحصر عن الواجب فيه دم كما قاله الفقهاء؟
قلنا: لأن المكان هنا ممتلئ فلا مكان أصلاً، أما الحصر فالمكان باقٍ لكن يُمْنَعُ منه، أما هنا فلا مكان فهو مثل قطع اليد يسقط غسلها في الوضوء، فيسقط المبيت في هذه الحال، وأن الإنسان يجب أن يكون عند آخر خيمة، أما فعل بعض الناس إذا لم يجد مكاناً في منى ذهب إلى مكة إو إلى الطائف أو ما أشبه ذلك، وقال: ما دام لم نجد مكاناً في منى فلنبت حيث شئنا، فإن هذا ليس بصحيح؛ لأننا نقول: إن المسجد إذا امتلأ وجب اتصال الصفوف ولا تصح الصلاة من بعيد، وهذا كذلك نقول: يجب عليك أن تكون عند آخر خيمة في منى، وإذا سألنا سائل هل يجب أن أكون عند آخر خيمة في الجهة البعدى من مكة أو في أي جهة؟
فالجواب: في أي جهة، وعلى هذا فيصح أن تكون في الجهة التي تلي مكة من وراء جمرة العقبة، ولا حرج ما دامت الخيام متصلة.
وقوله: «إلى بعد نصف الليل» ، هذا منتهى وجوب المبيت على المشهور من المذهب، فإذا انتصف الليل في المزدلفة انتهى الوجوب فلك أن تدفع، ولا فرق بين العاجز والقادر، ونصف الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، أو إلى طلوع الشمس أيهما أحوط؟ الأحوط إلى طلوع الشمس؛ لأنه أطول فيزيد ساعة ونصفاً تقريباً فنقول: انتظر زيادة ساعة إلا ربعاً على انتصاف الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وبعد ذلك لك الدفع.
ولكن القول الصحيح أن الدفع إنما يكون في آخر الليل كما سبق، وكانت أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ تنتظر غروب القمر فإذا غاب دفعت، ثم ذهبت إلى منى ورمت، ثم عادت إلى مكانها في منى وصلت الفجر[(13)].
ولعدم ورود نص في ليالي منى خاصة فإن المعتبر البقاء فيها معظم الليل، من أوله أو وسطه أو آخره، فإذا قدرنا أن الليل اثنتا عشرة ساعة فمعظمه سبع ساعات، من أوله أو وسطه أو آخره.
قوله: «والرمي» ، هذا هو الواجب الخامس، أي رمي الجمار في يوم العيد جمرة واحدة، وفي الأيام الثلاثة التي بعد العيد ثلاث جمرات، ولا بد أن تكون مرتبة، وسبق ذلك في صفة الحج، لكن الرمي من الواجبات. والدليل على ذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال في الرمي: ((إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله)) [(14)] ، وقوله:«لتأخذوا عني مناسككم» [(15)] ، وقال: ((بأمثال هؤلاء فارموا)) [(16)]، وكونه يحافظ عليه ويأمر أن نرمي بمثل هذه الحصيات يدل على أنه واجب، ولأنه عمل يترتب عليه الحل فكان واجباً، ليكون فاصلاً بين الحل والإحرام.
ولا بد أن يكون الرمي مرتباً، وأن يكون بحجر، وأن يكون بسبع حصيات، وسبق الكلام على هذا مفصلاً في صفة الحج فلا حاجة لإعادته.
قوله: «والحلاق» ، هذا هو الواجب السادس، الحلاق أي: الحلق وينوب عنه التقصير، ولهذا قال المؤلف في الشرح: «أو التقصير» ، ودليل الحلق فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم[(17)]، وأن الله تعالى جعله وصفاً في الحج والعمرة فقال: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ} [الفتح: 27] ، قال العلماء: وإذا عبر بجزء من العبادة عن العبادة كان دليلاً على وجوبه فيها.
قوله: «والوداع» ، وهذا هو الواجب السابع، أي: طواف الوداع، وهو الطواف بالبيت فقط بدون سعي ولا إحرام، وهو من واجبات الحج، هكذا عده المؤلف، وكثير من العلماء؛ لأن حكمه حكم الواجبات في وجوب فعله، ومن لم يفعله فعليه دم.
والصحيح أنه ليس من واجبات الحج؛ لأنه لو كان من واجبات الحج لوجب على المقيم والمسافر، وهو لا يجب على المقيم في مكة، وإنما يجب على من سافر، وعلى هذا فلا يتوجه عده في واجبات الحج، إذ إن واجبات الحج لا بد أن تكون واجبة على كل من حج، لكنه واجب على من أراد الخروج من مكة، ودليل هذا حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض»[(18)] ، وهذا الأمر للوجوب، ودليل كونه للوجوب قوله:«إلا أنه خفف عن الحائض» ، لأنه لو كان للاستحباب لكان مخففاً على كل أحد؛ لأن المستحب يجوز تركه، ولقوله -أيضاً- في اللفظ الآخر: ((لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت)) [(19)].
قوله: «والباقي سنن» ، أي: الباقي من أقوال الحج وأفعاله سنن، وسيأتي حكم كل من الركن والواجب والسنة.



[1] سبق تخريجه ص(52).
[2] أخرجه البخاري في الحج/ باب فرض مواقيت الحج والعمرة (1522).
[3] سبق تخريجه ص(231).
[4] سبق تخريجه ص(76).
[5] سبق تخريجه ص(352).
[6] سبق تخريجه ص(199).
[7] سبق تخريجه ص(204).
[8] انظر ص(384).
[9] سبق تخريجه ص(357).
[10] سبق تخريجه ص(357).
[11] سبق تخريجه ص(76).
[12] سبق تخريجه ص(306) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
[13] سبق تخريجه ص(307).
[14] سبق تخريجه ص(322).
[15] سبق تخريجه ص(240).
[16] سبق تخريجه ص(318).
[17] سبق تخريجه ص(76) من حديث جابر رضي الله عنه.
[18] سبق تخريجه ص(361).
[19] أخرجه مسلم في الحج/ باب وجوب طواف الوداع (1327) عن ابن عباس رضي الله عنهما.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحج, واجبات

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir