باب الفاء
قال أبو عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني (ت: 478هـ) : (باب الفاء
فراش – فجر – فراغ – فصل – فتح – فوق – فرح – فرقان – فساد – فلولا – في فتنة – فرض – فضل – فاحشة – فسق – فرار – فتى – فاكهة – فيض
تفسير (الفراش) على أربعة أوجه:
البساط – المعروفة – بنصب الفاء: الصغار من الجراد – الغنم ويقال: الإبل التي تطيق الحمل
فوجه منها: الفراش: البساط، قوله تعالى في سورة البقرة {الذي جعل لكم الأرض فراشا} يعني: بساطا, ونحوه.
والوجه الثاني: الفرش المعروفة, قوله تعالى في سورة الواقعة {وفرش مرفوعة}.
والوجه الثالث: الفراش بنصب الفاء الصغار من الجراد، قوله تعالى في سورة القارعة {كالفراش المبثوث}، وهو طائر ليس بذباب ولا بعوض.
والوجه الرابع: الفرش بنصب الفاء الغنم, ويقال: صغار الإبل التي لا تطيق الحمل, قوله تعالى في سورة الأنعام {ومن الأنعام حمولة وفرشا}. قال ابن مسعود: الحمولة: ما أطاق الحمل, الفرش: ما لم يطق وكان صغيرا.
تفسير (الفجر) على ستة أوجه:
انشقت – فتح – مزج – كذب – صبح – سوف
فوجه منها: انفجرت أي: انشقت، قوله تعالى في سورة البقرة {فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا} يعني: انشقت منه.
والوجه الثاني: فجر يعني: فتح بعضها إلى بعض, قوله تعالى في سورة الساعة {وفجرنا الأرض عيونا} أي: فتحنا بعض عيون الأرض إلى بعض.
والوجه الثالث: يفجرونها أي: يمزجونها, قوله تعالى في سورة الإنسان {يفجرونها تفجيرا} أي: يمزجونها مزجا, ويقال: يجرونها إلى منازلهم, كقوله تعالى {وفجرنا خلالهما نهرا} يعني أجرينا.
والوجه الرابع: الفجور: الكذب، قوله تعالى في سورة التطفيف {كلا إن كتاب الفجار لفي سجين} أي: المكذبين, مثلها في سورة عبس {أولئك هم الكفرة الفجرة} يعني: الكذبة.
والوجه الخامس: الفجر: الصبح، قوله تعالى (والفجر) يعني: الصبح {وليال عشر}.
والوجه السادس: الفجر: السوف، قوله تعالى {ليفجر أمامه} يعني: ليسوف بالتوبة.
تفسير (الفراغ) على أربعة أوجه:
الحفظ – مال – الصب – الخلوة من الشيء
فوجه منها: الفراغ: الحفظ، قوله تعالى في سورة الرحمن {سنفرغ لكم أيه الثقلان} يعني: سنحفظ لكم
والوجه الثاني: فراغ يعني: فمال، قوله تعالى في سورة الذاريات {فراغ إلى أهله فجاءه بعجل سمين}، وكقوله تعالى {فراغ عليهم ضربا باليمين} يعني: فمال.
والوجه الثالث: أفرغ علينا أي: اصبب علينا، كقوله تعالى في سورة البقرة {أفرغ علينا صبرا} أي: اصبب، وكقوله تعالى في سورة الكهف {أفرغ عليه قطرا} أي: اصبب على الحائط.
والوجه الرابع: فارغا أي: خاليا، قوله تعالى في سورة القصص {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} أي: خاليا من كل هم إلا غم موسى.
تفسير (الفصل) على أربعة أوجه:
الخروج – البيان – القضاء – الفطام
فوجه منها: فصل أي: بان وخرج، قوله تعالى في سورة يوسف {ولما فصلت العير} أي: خرجت العير من العريش: وهي قرية بين مصر وكنعان.
والوجه الثاني: الفصل يعني: البيان، قوله تعالى في سورة الأنعام {وتفصيلا لكل شيء} يعني: تبيانا، وكقوله تعالى {قد فصلنا الآيات} يعني: قد بينا الآيات, وقوله تعالى {ثم فصلت} ثم بينت.
والوجه الثالث: الفصل: القضاء، قوله تعالى في سورة النبأ {إن يوم الفصل كان ميقاتا}، وكقوله تعالى {إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين} يعني: يوم القضاء والحكم, وكقوله تعالى في سورة المرسلات {هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين} أي: هذا يوم القضاء والحكم, وكقوله تعالى في سورة الصافات {هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون} يعني: يوم القضاء.
والوجه الرابع: فصالا يعني: فطاما، قوله تعالى في سورة البقرة {فإن أردا فصالا} يعني: فطاما.
تفسير (الفتح) على أربعة أوجه:
القضاء – الإرسال – الفتح بعينه – النصر
فوجه منها: الفتح يعني: القضاء، كقوله تعالى في سورة الفتح {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} يعني إنا قضينا لك قضاء بينا, وكقوله تعالى في سورة سبأ {ثم يفتح بيننا بالحق} يعني: يقضى {وهو الفتاح العليم} يعني: القاضي، وكقوله تعالى في سورة السجدة {ويقولون متى هذا الفتح} أي: يقولون: متى هذا القضاء؟ وكقوله تعالى في سورة السجدة {قل يوم الفتح} يعني: يوم القضاء
والوجه الثاني: الفتح: الإرسال، كقوله تعالى في سورة الملائكة {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} يعني: ما يرسل الله للناس من رحمة: يعني من رزق, وكقوله تعالى في سورة الأنبياء {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج} يعني: أرسلت يأجوج ومأجوج, وكقوله تعالى في سورة المؤمنون {حتى إذا فتحنا عليهم بابا} أي: أرسلنا عليهم بابا.
والوجه الثالث: الفتح بعينه، قوله تعالى في سورة الزمر {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} يعني: الفتح بعينه.
والوجه الرابع: الفتح يعني: النصر، قوله تعالى في سورة النساء {فإن كان لكم فتح من الله} يعني: نصر من الله, وكقوله تعالى في سور المائدة {فعسى الله أن يأتي بالفتح} يعني: بالنصر لمحمد صلى الله عليه وسلم. مثلها في سورة الصف 13.
تفسير (فوق) على تسعة أوجه:
أكبر – أكثر – أفضل – أرفع في المنزلة – أعلى – فوق الرءوس – قبل المشرق – السلطان والقهر – ظفر
فوجه منها: فوق يعني: أكبر، قوله تعالى في سورة البقرة {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها} يعني: فما أكبر منها.
والوجه الثاني: فوق يعني: أكثر، قوله تعالى في سورة النساء {فإن كن نساء فوق اثنين} يعني: أكثر من اثنين.
والوجه الثالث: فوق يعني: أفضل، قوله تعالى في سورة الفتح {يد الله فوق أيديهم} يعني: فعل الله الخير بهم أفضل من فعلهم في أمر البيعة بتبوك والحديبية.
والوجه الرابع: فوق يعني: أرفع في المنزلة والقرب إلى الله، قوله تعالى في سورة البقرة {والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة} يقول: فوق الكافرين يوم القيامة في القرب إلى الله تعالى والمنزلة عنده.
والوجه الخامس: فوق يعني: أعلى، قوله تعالى في سورة الأنعام {ورفع بعضكم فوق بعض درجات} يقول: رفع الأغنياء على الفقراء في الفضائل في الدنيا. نظيرها في سورة الزخرف 32.
والوجه السادس: فوق يعني: فوق رءوسهم، قوله تعالى في سورة النساء {ورفعنا فوقهم الطور} يعني: فوق رءوسهم، وكقوله تعالى في سورة الأعراف {وإذ نتقنا الجبل فوقهم} يعني فوق رءوسهم، وقال تعالى في سورة الزمر {لهم من فوقهم ظلل} يعني من فوق رءوسهم، وكقوله تعالى في سورة إبراهيم {اجتثت من فوق الأرض}، وكقوله تعالى في سورة يوسف {إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا} وقال تعالى في سورة السجدة {وجعل فيهل رواسي من فوقها}.
والوجه السابع: فوق يعني: من قبل المشرق من أعلى الوادي يعني: يوم الأحزاب قوله تعالى في سورة الأحزاب {إذ جاءوكم من فوقكم} يعني: من أعلى الوادي من قبل المشرق، يعني: من حيث يجيء الصبح.
والوجه الثامن: فوق يعني: السلطان والقهر, قوله تعالى {وهو القاهر فوق عباده} يعني: سلطانه فوق سلطان العباد وملكه وأمره, وقال تعالى في سورة الأعراف قولة فرعون {سنقتل أبناءهم ونستحي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون} يعني: سلطاني وأمري فوق سلطانهم وأمرهم.
والوجه التاسع: فوق يعني: في الظفر, فذلك قوله تعالى في سورة آل عمران {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا} في الظفر في الدنيا {إلى يوم القيامة}.
تفسير (الفرح) على ثلاثة أوجه:
البطر والمرح – الرضا – الفرح بعينه
فوجه منها: الفرح: البطر والمرح، قوله تعالى في سورة القصص {إن الله لا يحب الفرحين} يعني: إن الله لا يحب البطرين المرحين، وكقوله تعالى في سورة هود {إنه لفرح فخور} أي: بطر، وكقوله تعالى في سورة المؤمنون {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض} يعني: تبطرون في الأرض {بغير الحق وبما كنتم تمرحون}.
والوجه الثاني: الفرح: الرضا، قوله تعالى في سورة الرعد {وفرحوا بالحياة الدنيا} يعني: ورضوا بها, وكقوله تعالى في سورة الروم {كل حزب بما لديهم فرحون} يعني: راضين, مثلها في سورة المؤمنون {فرحوا بما عندهم من العلم} يعني: رضوا بما عندهم من العلم، ونحوه.
والوجه الثالث: الفرح بعينه, قوله تعالى في سورة يونس {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها} يعني: الفرح بعينه, وهو السرور.
تفسير (الفرقان) على ثلاثة أوجه:
النصر – المخرج من الضلال – القرآن
فوجه منها: الفرقان يعني: النصر، قوله تعالى في سورة البقرة {وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان} يعني: النصر فرق بين الحق والباطل فنصر الله تعالى نبيه وهزم عدوه.
والوجه الثاني: الفرقان: المخرج من الضلال، قوله تعالى في سورة البقرة {وبينات من الهدى والفرقان} يعني: المخرج في الدين من الشبهة والضلالة, وكقوله تعالى في سورة الأنفال {يجعل لكم فرقانا} يعني: المخرج في الدين من الشبهة والضلال.
والوجه الثالث: الفرقان يعني: القرآن، قوله تعالى {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} يعني: القرآن: فيه المخرج من الشبهة والضلالة, وكقوله تعالى في سورة آل عمران {وأنزل الفرقان} يعني: القرآن فيه المخرج من الشبهة والضلال.
تفسير (الفساد) على ستة أوجه:
المعاصي – الهلاك – القحط وقلة النبات – القتل – الخراب بالظلم والجور: الفساد بعينه – السحر
فوجه منها: الفساد: يعني: المعاصي، قوله تعالى في سورة البقرة {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض} يعني: لا تعلموا فيها بالمعاصي. نظيرها في سورة الأعراف {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} ونحوه.
والوجه الثاني: الفساد يعني: الهلاك، قوله تعالى في سورة الإسراء {لتفسدن في الأرض مرتين} يعني: لتهلكن في الأرض مرتين, وكقوله تعالى في سورة الأنبياء {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} يعني: لهلكتا. نظيره في سورة المؤمنون: قوله تعالى {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن} يعني: لهلكت.
والوجه الثالث: الفساد في البر والبحر يعني: قحط المطر وقلة النبات, قوله تعالى في سورة الروم {ظهر الفساد في البر والبحر} يعني: قحط المطر وقلة النبات, في البر: يعني: البادية, والبحر يعني: العمران والريف.
والوجه الرابع: الفساد يعني: القتل، قوله تعالى في سورة الأعراف {أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض} يعني: ليقتلوا، وكقوله تعالى في سورة المؤمنون {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} يقول: يقتل أبناءكم هذا قول فرعون كما قتلتم أبناء بني إسرائيل، وكقوله تعالى في سورة الكهف {إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} يعني: قتالين الناس.
والوجه الخامس: الفساد بعينه, قوله تعالى في سورة البقرة {ليفسد فيها} يعني: الفساد بعينه, وكقوله تعالى فيها {والله لا يحب الفساد} يعني: ما ذكر في هذه الآية، وكقوله تعالى في سورة النمل {إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها} يعني: خربوها.
والوجه السادس: الفساد يعني: السحرة, قوله تعالى في سورة يونس {إن الله لا يصلح عمل المفسدين} يعني: السحرة.
تفسير (فلولا) على ثلاثة أوجه:
فلم – فهلا – فلولا
فوجه منها: فلولا يعني: لم، قوله تعالى في سورة يونس {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها} يعني: عند نزول العذاب. يقول: فلم تكن قرية آمنت نفعها الإيمان عند نزول العذاب {إلا قوم يونس}، وكقوله تعالى في سورة هود {فلولا كان من القرون من قبلكم أولو ا بقية} يعني: فلم يكن.
والوجه الثاني: فلولا يعني: فهلا، قوله تعالى في سورة الأنعام {فلولا إذ جاءهم} فهلا، وكقوله تعالى في سورة الواقعة {فلولا إن كنتم غير مدينين} ونحوه كثير.
والوجه الثالث: فلولا يعني: فلولا بعينه, قوله تعالى في سورة البقرة {فلولا فضل الله عليكم ورحمته} يعني: فلولا ذلك {لكنتم من الخاسرين}، وكقوله تعالى في سورة الصافات {فلولا أنه كان من المسبحين} يعني: فلولا أنه كان من المصلين.
تفسير (في) على ثمانية أوجه:
مع – على – إلى – عن – من – عند – لنا – الباء
فوجه منها: في يعني: مع, قوله تعالى في سورة الأعراف {قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم} يعني: مع أمم, وكقوله تعالى في سورة النمل عن سليمان {وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} يعني: مع عبادك, وقال تعالى في سورة الفجر {فادخلي في عبادي} يعني: مع عبادي, وقال تعالى في سورة النمل {تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات} يعني: مع تسع آيات. نظيرها في سورة نوح {وجعل القمر فيهن نورا} يعني: معهن نورا, وكقوله تعالى في سورة الأحقاف {في أمم قد خلت}.
والوجه الثاني: في بمعنى: على، وذلك قوله تعالى في سورة طه {ولأصلبنكم في جذوع النخل} يعني: على جذوع النخل, وكقوله تعالى في سورة الكهف {فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها} يعني: على ما أنفق عليه, وقال تعالى في سورة طه {يمشون في مساكنكم} يعني: يمرون على مساكنكم. على قراهم, وكقوله تعالى في سورة السجدة {يمشون في مساكنكم}.
والوجه الثالث: في بمعنى: إلى، قوله تعالى في سورة النساء {ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها} يعني: إليها, يعني: إلى المدينة.
والوجه الرابع: في يعني: عن، قوله تعالى في سورة الإسراء {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى} يقول: ومن كان عن هذه النعماء التي ذكرها الله تعالى في هذه الآية حيث قال {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر} إلى قوله تعالى {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى} يقول: فهو أعمى: فهو عن ذكر الله من نعماء الآخرة أعمى.
والوجه الخامس: في يعني: من، قوله تعالى في سورة النحل {ويوم نبعث في كل أمة شهيدا} يعني: من كل أمة شهيدا.
والوجه السادس: في يعني: عند، قوله تعالى في سورة الشعراء {ولبثت فينا من عمرك سنين} يعني: ولبثت عندنا من عمرك سنين, نظيرها في سورة هود خطابا لشعيب {وإياك لنراك فينا ضعيفا} يعني: عندنا, وقال تعالى أيضا {قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا} يعني: عندنا قبل هذا مرجوا.
والوجه السابع: فينا يعني: لنا، قوله تعالى في آخر سورة الحج {وجاهدوا في الله حق جهاده} بقول: اعملوا لله حق عمله, وقوله تعالى في آخر سورة العنكبوت {والذين جاهدوا فينا} أي: عملوا لنا {لنهدينهم سبلنا}.
والوجه الثامن: في بمعنى: الباء, قوله تعالى في سورة البقرة {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلال من الغمام} يعني: بظلل من الغمام, نظيرها في سورة هود: {وكان في معزل} يعني: بمعزل.
تفسير (الفتنة) على أحد عشر وجها:
الشرك – الكفر – العذاب – البلاء – الحرق بالنار – القتل – الصد – الضلالة – المعذرة – الفتنة بعينها – الجنون
فوجه منها: الفتنة يعني: الشرك، قوله تعالى في سورة البقرة {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} يعني: لا يكون شرك, وكقوله تعالى في سورة البقرة {والفتنة} يعني: الشرك {أكبر من القتل} أعظم جما عند الله من القتل في الشهر الحرام, نظيرها في سورة الأنفال {حتى لا تكون فتنة}.
والوجه الثاني: الفتنة يعني: الكفر, قوله تعالى في سورة آل عمران {ابتغاء الفتنة} يعني: الكفر, وكقوله تعالى {لقد ابتغوا الفتنة من قبل} يعني: ابتغوا الكفر, وكقوله تعالى {ألا في الفتنة سقطوا} يعني: في الكفر وقعوا, وكقوله تعالى في سورة النور {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة} يعني: الكفر, وكقوله تعالى في سورة الحديد {ولكنكم فتنتم أنفسكم} يعني: كفرتم, وكذلك كل فتنة في المنافقين واليهود.
والوجه الثالث: الفتنة يعني: العذاب في الدنيا, قوله تعالى في سورة العنكبوت {فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله} يعني: جعل عذاب الناس في الدنيا كعذاب الله, نزلت في عياش بن أبي ربيعة: أخي أبي جهل. نظيرها في سورة النحل قوله تعالى {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا} يعني: من بعد ما عذبوا في الدنيا.
والوجه الرابع: الفتنة البلاء, قوله تعالى في سورة العنكبوت {الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} يعني: وهم لا يبتلون في إيمانهم {ولقد فتنا الذين من قبلهم} يعني: ابتلينا، وكقوله تعالى لموسى عليه السلام {وفتناك فتونا} يعني: ابتليناك بلاء على أثر البلاء, وكقوله تعالى في سورة الدخان {ولقد فتنا} يعني: ابتلينا {قبلهم قوم فرعون}.
والوجه الخامس: الفتنة يعني: الحرق بالنار، قوله تعالى في سورة البروج {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات} يعني: أحرقوا المؤمنين والمؤمنات في الدنيا, وكقوله تعالى في سورة الذاريات {يوم هم على النار يفتنون} يعني: يعذبون فيحرقون بالنار {ذوقوا فتنتكم} يعني: عذابكم, يعني: الحرق بالنار.
والوجه السادس: الفتنة يعني: القتل، قوله تعالى في سورة النساء {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} يعني: يقتلكم، وكقوله تعالى في سورة يونس {على خوف من فرعون وملإه أن يفتنهم} يعني: أن يقتلهم.
والوجه السابع: الفتنة يعني: الصد, قوله تعالى في سورة المائدة {واحذرهم أن يفتنوك} يعني: أن يصدوك {عن بعض ما أنزل الله إليك}، نظيرها {وإن كادوا ليفتنونك} يعني: ليصدونك {عن الذي أوحينا إليك}.
والوجه الثامن: الفتنة يعني الضلالة، قوله تعالى في سورة الصافات {ما أنتم عليه بفاتنين} يعني: بمضلين {إلا من هو صال الجحيم} يعني: إلا من قدر له أن يصلى الجحيم, وقال تعالى في سورة المائدة {ومن يرد الله فتنته} يعني: ومن يرد الله ضلالته {فلن تملك له من الله شيئا}.
والوجه التاسع: الفتنة يعني: المعذرة, قوله تعالى في سورة الأنعام {ثم لم تكن فتنتهم} يعني: ثم لم تكن معذرتهم {إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين}.
والوجه العاشر: الفتنة بعينها, قوله تعالى في سورة يونس {ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين} أي: لا تسلط علينا فرعون وقومه فيقولون: لولا أنا أمثل منهم ما كنا سلطنا عليهم، فيكون ذلك فتنة، وكقوله تعالى في سورة الممتحنة {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} يقول: لا تقتر علينا الرزق وتبسط لهم, فيقولون: لولا أنا أمثل منهم لم يبسط لنا ويقتر عليهم, فيكون ذلك فتنة لهم.
والوجه الحادي عشر: الفتنة يعني الجنون, قوله تعالى في سورة القلم {فستبصر ويبصرون بأييكم المفتون} يعني: أيكم المجنون.
تفسير (الفرض) على خمسة أوجه:
أوجب – بين – أحل – أنزل – الفريضة بعينها
فوجه منها: الفرض: يعني الوجوب, قوله تعالى في سورة البقرة {فمن فرض فيهن الحج} يقول: فمن أوجب فيهن الحج فأحرم به, وكقوله تعالى في سورة الأحزاب {قد علمنا ما فرضنا عليهم} يعني: ما أوجبنا عليهم {في أزواجهم} وكقوله تعالى في سورة البقرة {فنصف ما فرضتم} يعني ما أوجبتم على أنفسكم.
والوجه الثاني: فرض يعني: بين، قوله تعالى في سورة التحريم {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} أي: بين لكم تحلة أيمانكم، كقوله تعالى في سورة النور {سورة أنزلناها وفرضناها} يعني: بيناها.
والوجه الثالث: فرض يعني: أحل، قوله تعالى في سورة الأحزاب {ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له} يعني: فيما أحل الله له.
والوجه الرابع: فرض عليك أي: أنزل عليك, قوله تعالى في سورة القصص {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} يعني: أنزل. ليس في القرآن آية لا مكية ولا مدنية غير هذه الآية نزلت بالجحفة.
والوجه الخامس: الفريضة بعينها, قوله تعالى في سورة النساء {فريضة من الله} يعني: قسمة المواريث لأهلها, وكقوله تعالى في سورة براءة {إنما الصدقات} إلى قوله {فريضة من الله} الصدقات.
تفسير (الفضل) على سبعة أوجه:
الإسلام – النبوة – الرزق في الجنة – الرزق في الدنيا الخلف في المال – المنة – الجنة
فوجه منها: الفضل يعني: الإسلام، قوله تعالى في سورة آل عمران {قل إن الفضل بيد الله} يعني: الإسلام. نظيرها في سورة الجمعة 4, وكقوله تعالى في سورة يونس {قل بفضل الله وبرحمته} يعني بالفضل: الإسلام.
والوجه الثاني: الفضل يعني: النبوة. نظيرها في سورة الإسراء {إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا} يعني: النبوة.
والوجه الثالث: الفضل يعني: الرزق في الجنة، قوله تعالى آل عمران {يستبشرون بعمة من الله وفضل} يعني: الرزق في الجنة، وكقوله تعالى في سورة النساء {فسيدخلهم في رحمة منه وفضل} يعني: الرزق في الجنة.
والوجه الرابع: الفضل يعني: الرزق في الدنيا، قوله تعالى في سورة الجمعة {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} يعني: الرزق والتجارة، وقال في سورة المزمل {وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله} يعني: الرزق والتجارة, وكقوله تعالى في سورة النساء {ولئن أصابكم فضل من الله} يعني: الرزق والغنيمة، ونحوه.
والوجه الخامس: الفضل يعني: الخلف في المال، قوله تعالى في سورة البقرة {والله يعدكم مغفرة منه وفضلا} يعني: خلف المال.
والوجه السادس: الفضل يعني: المنة، قوله تعالى في سورة النساء {ولولا فضل الله} يعني: ولولا منة الله {عليكم ورحمته}، وقال تعالى في سورة يوسف {ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس} يعني منة الله علينا.
والوجه السابع: الفضل يعني: الجنة، قوله تعالى في سورة الأحزاب {وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا} يعني: جنة عظيمة.
تفسير (الفاحشة) على أربعة أوجه:
المعصية في الشرك – الزنى – إتيان الرجال في أدبارهم – النشوز
فوجه منها: الفاحشة: يعني: المعصية في الشرك، قوله تعالى في سورة الأعراف {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليه آباءنا} يعني: المعصية في الشرك, وهو ما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم. مثلها قوله تعالى {قل إن الله لا يأمر بالفحشاء} يعني: بالمعاصي.
والوجه الثاني: الفاحشة يعني: الزنى, قوله تعالى في سورة النساء {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} يعني: الزنى, قوله تعالى في سورة الأعراف {قل إنما حرم ربي الفواحش} يعني: الزنى, وقال تعالى في سورة الأحزاب {من يأت منكن بفاحشة مبنية يضاعف لها العذاب ضعفين} يعني: الزنى.
والوجه الثالث: الفاحشة: إتيان الرجال في أدبارهم, قوله تعالى لقوم لوط في سورة العنكبوت {إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين}، نظيرها في سورة النمل.
والوجه الرابع: الفاحشة يعني: النشوز وهو: العصيان من المرأة, قوله تعالى في سورة النساء {ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} يعني: النشوز, وكقوله تعالى في سورة النساء القصرى {ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} يعني النشوز من المرأة على زوجها.
تفسير (الفسق) على ستة أوجه:
المعصية في الكفر – المعصية في ترك التوحيد – المعصية غير الشرك – الكذب غير التوحيد – الإثم – السب
فوجه منها: الفسق يعني: المعصية، وهو الكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم، قوله تعالى في سورة براءة {إن المنافقين هم الفاسقون} يعني: المعصية لله في الكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم, وكذلك كل شيء في المنافقين واليهود في براءة والبقرة والمائدة والمنافقون.
والوجه الثاني: الفسق يعني: المعصية في ترك التوحيد, وهو الشرك، قوله تعالى في سورة تنزيل السجدة {وأما الذين فسقوا} يعني: عصوا الله في ترك التوحيد {فمأواهم النار} وفيها {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا} يعني: عاصيا لله في ترك التوحيد. نزلت في الوليد بن عقبة.
والوجه الثالث: الفسق: المعصية من غير شرك، قوله تعالى في سورة المائدة: {فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين} يعني: العاصين في دخول أرض الشام أريحا حين أمرهم موسى عليه السلام أن يدخلوها فأبوا, نظيرها فيها {فلا تأس على القوم الفاسقين} يعني: العاصين.
والوجه الرابع: الفسق يعني: الكذب غير التوحيد, فذلك قوله تعالى في سورة النور {والذين يرمون المحصنات} إلى قوله {وأولئك هم الفاسقون} يعني: العاصين لله فيما قالوا من الكذب, وكقوله تعالى في سورة الحجرات {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ} يعني: كاذبا بكذب. نزلت في الوليد بن عقبة, وهو يومئذ مسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن بني المصطلق يمنعون الصدقة, ولم يكن الأمر كذلك.
والوجه الخامس: الفسق يعني: الإثم، قوله تعالى في سورة البقرة {ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم} يعني: إثم بكم.
والوجه السادس: الفسق يعني السباب، قوله تعالى {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق} يعني: السباب.
تفسير (الفرار) على خمسة أوجه:
الهرب – الكراهية – لا يلتفت إلى أحد – التباعد – التوبة
فوجه منها: الفرار يعني: الهرب، قوله تعالى في سورة الأحزاب {قل لن ينفعكم الفرار} يعني: الهرب {إن فررتم من الموت} يعني: إن هربتم, وكقوله تعالى في سورة الشعراء {ففررتم منكم لما خفتكم} يعني: هربت منكم.
والوجه الثاني: الفرار يعني: الكراهية، قوله تعالى في سورة الجمعة {قل إن الموت الذي تفرون منه} يعني: الذي تكرهونه.
والوجه الثالث: الفرار يعني: لا يلتفت إلى أحد, قوله تعالى في سورة عبس وتولى {يوم يفر المرء من أخيه} يعني: لا يلتفت إليه.
والوجه الرابع: الفرار يعني: التباعد, قوله تعالى في سورة نوح {فلم يزدهم دعائي إلا فرارا} يعني: إلا تباعدا.
والوجه الخامس: الفرار يعني: التوبة، قوله تعالى في سورة الذاريات {ففروا إلى الله} يعني: توبوا إلى الله.
تفسير (الفتى) على ستة أوجه:
يوشع بن نون – إبراهيم عليه السلام – وكلاء يوسف – الغلامان صاحبا السجن – أصحاب الكهف – الإماء
فوجه منها: الفتى يعني: يوشع بن نون، قوله تعالى في سورة الكهف {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح} يعني: يوشع بن نون, وكقوله تعالى فيها {قال لفتاه آتنا غداءنا}.
والوجه الثالث: الفتى يعني: إبراهيم عليه السلام، قوله تعالى في سورة الأنبياء {قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم}.
والوجه الثالث: الفتيان: وكلاء يوسف عليه السلام قوله تعالى {وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم} يعني: لوكلاء يوسف.
والوجه الرابع: الفتيان: الغلامان صاحبا السجن، قال تعالى {ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما}.
والوجه الخامس: الفتية أصحاب الكهف، قوله تعالى {إنهم فتية آمنوا بربهم}.
والوجه السادس: الفتيات: الإماء، قوله تعالى {من فتياتكم المؤمنات} يعني: من إمائكم.
تفسير (الفاكهة) على أربعة أوجه:
ناعمين – ضاحكين – تعجبون – الفاكهة بعينها
فوجه منها: فاكهون: أي: ناعون, قوله تعالى في سورة يس {في شغل فاكهون} يعني: ناعمين.
والوجه الثاني: فاكهين يعني: ضاحكين, قوله تعالى في سورة الطور {إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين} يعني: فرحين مسرورين, {بما آتاهم ربهم}.
والوجه الثالث: تفكهون أي: تعجبون من يبوسة الزرع, قوله تعالى في سورة الواقعة {فضلتم تفكهون} يعني: تعجبون من يبوسة الزرع. وقال قتادة: فظلتم تندمون.
والوجه الرابع: الفاكهة: هي الفواكه بعينها, قال الله تعالى {وفاكهة مما يتخيرون} وكقوله تعالى {وفاكهة وأبا} ونحوه.
تفسير (الفيض) على أربعة أوجه:
رجع – تخوض فيه – تسيل – تفرقوا
فوجه منها: أفاض يعني: رجع, قوله تعالى في سورة البقرة {فإذا أفضتم من عرفات} يعني: إذا رجعتم من عرفات, وكقوله تعالى في سورة البقرة {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} أي: ارجعوا.
والوجه الثاني: تفيضون يعني: تخوضون, قوله تعالى {إذ تفيضون فيه} يعني: تخوضون فيه.
والوجه الثالث: تفيض يعني: تسيل, قوله تعالى في سورة التوبة {تفيض من الدمع حزنا} يعني: تسيل من الدمع. مثلها في سورة المائدة {تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق}.
والوجه الرابع: انفضوا يعني: تفرقوا إليها, قوله تعالى {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها} يعني: تفرقوا إليها, وكقوله تعالى {لانفضوا من حولك} يعني: تفرقوا). [الوجوه والنظائر: 355-371]