دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > متون التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير وأصوله > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 02:10 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي سورة الحاقة (الآيات: 38-52)

فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 06:05 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسير الكريم الرحمن للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي

(38 -52) {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ * وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ * وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}.
أَقْسَمَ تعالى بما يُبْصِرُ الخَلْقُ مِن جَميعِ الأشياءِ، وما لا يُبْصِرُونَه، فدَخَلَ في ذلكَ كلُّ الخَلْقِ، بل يَدخُلُ في ذلكَ نفْسُه الْمُقَدَّسَةُ على صِدْقِ الرسولِ بما جاءَ به مِن هذا القرآنِ الكريمِ، وأنَّ الرسولَ الكريمَ بلَّغَه عن اللَّهِ تعالى، ونَزَّهَ اللَّهُ رَسولَه عمَّا رَماهُ به أَعداؤُه مِن أنَّه شاعرٌ أو ساحِرٌ، وأنَّ الذي حَمَلَهم على ذلكَ عدَمُ إِيمانِهم وتَذَكُّرِهم.
فلو آمَنُوا وتَذَكَّرُوا لعَلِموا ما يَنفَعُهم ويَضُرُّهم، ومِن ذلكَ أنْ يَنظُروا في حالِ محمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ، ويَرْمُقوا أَوصافَه وأخلاقَه, لَرَأَوْا أمراً مِثلَ الشمْسِ، يَدُلُّهم على أنَّه رَسولُ اللَّهِ حَقًّا، وأَنَّ ما جاءَ به تَنْزيلُ رَبِّ العالَمِينَ، لا يَلِيقُ أنْ يَكُونَ قولَ البشَرِ، بل هو كلامٌ دالٌّ على عَظمةِ مَن تَكَلَّمَ به وجَلالةِ أَوصافِه، وكمالِ تَربِيَتِه لعِبادِه، وعُلُوِّه فوقَ عِبادِه.
وأيضاً فإنَّ هذا ظَنٌّ منه بما لا يَلِيقُ باللَّهِ وحِكمتِه؛ فإنَّه لو تَقَوَّلَ عليه وافْتَرَى {بَعْضَ الأَقَاوِيلِ} الكاذبةِ {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}: وهو عِرْقٌ مُتَّصِلٌ بالقلْبِ إذا انقَطَعَ ماتَ منه الإنسانُ.
فلو قُدِّرَ أنَّ الرسولَ - حَاشَا وكلاَّ - تَقَوَّلَ على اللَّهِ لعَاجَلَه بالعُقوبةِ، وأَخَذَه أخْذَ عزيزٍ مُقْتَدِرٍ؛ لأنَّه حكيمٌ، على كلِّ شيءٍ قديرٌ.
فحِكمتُه تَقْتَضِي أنْ لا يُهْمِلَ الكاذبَ عليه، الذي يَزعُمُ أنَّ اللَّهَ أباحَ له دِماءَ مَن خالَفَه وأموالَهم، وأنَّه هو وأَتباعُه لهم النَّجاةُ، ومَن خالَفَه فله الهَلاَكُ.
فإذَا كانَ اللَّهُ قد أَيَّدَ رسولَه بالْمُعْجِزاتِ وبَرْهَنَ على صِدْقِ ما جاءَ به بالآياتِ البَيِّنَاتِ، ونَصَرَه على أعدائِه ومَكَّنَه مِن نَوَاصِيهِم فهو أَكْبَرُ شَهَادَةٍ منه على رِسالتِه.
وقولُه: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}؛ أي: لو أَهْلَكَه ما امْتَنَعَ هو بنفْسِه، ولا قَدَرَ أحَدٌ أنْ يَمْنَعَه مِن عذابِ اللَّهِ.
{وَإِنَّهُ}؛ أي: القرآنَ الكريمَ، {لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} يَتذَكَّرُونَ به مَصالِحَ دِينِهم ودُنياهم، فيَعْرِفُونها ويَعْمَلُونَ عليها، يُذَكِّرُهم العقائدَ الدينيَّةَ والأخلاقَ الْمَرْضِيَّةَ، والأحكامَ الشرعيَّةَ فيَكُونونَ مِن العُلماءِ الرَّبَّانِيِّينَ والعُبَّادِ العارفِينَ والأئمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ.
{وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ} به، وهذا فيه تَهديدٌ ووَعِيدٌ للمُكَذِّبِينَ، فإِنَّه سيُعَاقِبُهم على تَكذيبِهم بالعُقوبةِ البَليغةِ.
{وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ}؛ فإنَّهم لَمَّا كَفَروا به ورَأَوْا ما وَعَدَهم به، تَحَسَّروا؛ إذ لم يَهْتَدُوا به ولم يَنقادُوا لأَمْرِه، ففَاتَهم الثوابُ وحَصَلُوا على أشَدِّ العذابِ، وتَقطَّعَتْ بهم الأسبابُ.
{وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ}؛ أي: أعلَى مَراتِبِ العِلْمِ؛ فإنَّ أَعلى مَراتِبِ العلْمِ اليَقينُ، وهو العلْمُ الثابتُ، الذي لا يَتَزَلْزَلُ ولا يَزولُ.
واليَقِينُ مَراتِبُه ثلاثةٌ، كلُّ واحدةٍ أَعْلَى مِمَّا قَبْلَها:
أوَّلُها: عِلْمُ اليَقينِ، وهو العلْمُ الْمُستفادُ مِن الخَبَرِ، ثم عَيْنُ اليَقينِ، وهو العلْمُ المُدْرَكُ بحاسَّةِ البصَرِ، ثم حَقُّ اليَقِينِ، وهو العِلْمُ الْمُدْرَكُ بحاسَّةِ الذَّوْقِ والْمُباشَرَةِ.
وهذا القرآنُ الكريمُ بهذا الوَصْفِ، فإنَّ ما فيه مِن العلومِ الْمُؤَيَّدَةِ بالبراهينِ القَطعيَّةِ، وما فيه مِن الحقائقِ والمعارِفِ الإيمانيَّةِ يَحْصُلُ به -لِمَن ذَاقَه- حَقُّ اليَقينِ.
{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}؛ أي: نَزِّهْهُ عمَّا لا يَلِيقُ بجَلالِه, وقَدِّسْهُ بذِكْرِ أوصافِ جَلالِه وجَمالِه وكَمالِه.
تَمَّ تَفسيرُ سُورةِ الحاقَّةِ، والحمدُ للهِ أوَّلاً وآخِراً، وظاهِراً وبَاطِناً على كَمالِه وأَفضالِه وعَدْلِه.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 11:02 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي زبدة التفسير للدكتور: محمد بن سليمان الأشقر

38-39-{فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ} أيْ: أُقْسِمُ بالأشياءِ كلِّها ما يُبْصَرُ منها وما لا يُبْصَرُ.
40-{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} أيْ: إنَّالقرآنَ لَتِلاوةُ رسولٍ كريمٍ، والمرادُ محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ. أو: إنه لقولٌ يُبَلِّغُه رسولٌ كريمٌ. يُريدُ به جِبريلَ.
41-{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} كما تَزعمونَ؛ لأنه ليس مِن أصنافِ الشعْرِ.
{قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ} أيْ: إِيماناً قَليلاً تُؤمنونَ، وتَصديقاً يَسيراً تُصَدِّقونَ.
42-{وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ} كما تَزعمونَ، فإنَّ الكهانةَ أمْرٌ آخَرُ لا جامعَ بينَها وبينَ هذا.
{قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} أيْ: تَذَكُّراً قَليلاً تَتذَكَّرونَ.
43-{تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} والمعنى: إنه لقولُ رسولٍ كريمٍ، وهو تنزيلٌ مِن رَبِّ العالمينَ على لِسانِه.
44-{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ} أيْ: ولو تَقَوَّلَ ذلك الرسولُ، وهو محمَّدٌ، أو جِبريلُ, على ما تَقَدَّمَ، لو تَكَلَّفَ شيئاً مِن ذلك وَجاءَ به مِن جِهةِ نفْسِه ونَسَبَه إلى اللهِ.
45- {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أيْ: بِيدِه اليُمنَى.
46-{ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} الوَتينُ عِرْقٌ يَجرِي في الظهْرِ حتى يَتَّصِلَ بالقلْبِ. وهو تَصويرٌ لإهلاكِه بأَفْظَعِ ما يَفعلُه الْمُلوكُ بِمَن يَغْضَبونَ عليه.
47-{فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} أيْ: ليس مِنكم أحَدٌ يَحْجِزُنا عنه أو يُنْقِذُه منَّا، فكيف يَتَكَلَّفُ الكذِبَ على اللهِ لأَجْلِكم؟
48-{وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ} أيْ: إنَّ القرآنَ لتَذْكِرَةٌ لأَهْلِ التَّقْوَى؛ لأنهم الْمُنتفعونَ به.
49- {وإنا لنعلم أن منكم مكذبين} أيْ: أنَّ بَعْضَكُم يُكَذِّبُ بالقُرآنِ فنحنُ نُجازِيهم على ذلك.
50-{وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ} أيْ: وإنَّ القرآنَ لَحَسْرَةٌ ونَدامةٌ على الكافرينَ يومَ القِيامةِ.
51-{وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} لكَونِه مِن عندِ اللهِ، فلا يَحُومُ حولَه رِيبَةٌ ولا يَتطرَّقُ إليه شَكٌّ.
52-{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} أيْ: نَزِّهْهُ عما لا يَليقُ به بالتسبيحِ، وهو الذكْرُ المعروفُ.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 11:03 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير القرآن للإمام أبي المظفر السمعاني

وقولُه تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ} أيْ: أُقْسِمُ، و(لا) صِلةٌ.
وقيلَ معنى: {وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ} أي: الملائكةِ، وفي التفسيرِ: أنَّ في الآيةِ رَدًّا على الْمُشرِكينَ حيثُ قالَ بعضُهم: إنَّ مُحَمَّداً ساحِرٌ. وهو وَليدُ بنُ الْمُغيرةِ ومَن تَبِعَه،
وقالَ بعضُهم: هو شاعِرٌ. وهو أبو جَهلٍ ومَن تَبِعَه،
وقالَ بعضُهم: هو كاهِنٌ. وهو عُقبةُ بنُ أبي مُعَيْطٍ ومَن تَبِعَه.
وقولُه: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} أيْ: رسولٍ كريمٍ على اللهِ. وقيلَ: إنه جِبريلُ، وقيلَ: إنه محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. فإنْ قالَ قائلٌ: كيفَ قالَ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} وإنما هو قولُ اللهِ تعالى؟
والجوابُ مِن وَجهينِ: أحَدُهما: أنَّ مَعناهُ: تِلاوةُ رسولٍ كريمٍ، والثاني: قولُ اللهِ وإبلاغُ رسولٍ كريمٍ، فاتَّسَعَ في الكلامِ واكتَفَى بالفَحْوَى.
وقولُه: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ} أيْ: لا تُؤمنونَ أَصْلاً، يقولُ الرجُلُ لغَيرِه: قَليلاً ما تَأتِينِي، أيْ: لا تَأْتِينِي أَصْلاً.
وقولُه: {وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ} الكاهِنُ هو الذي يُخْبِرُ عن الغَيبِ كَذِباً، وقيلَ: بظَنٍّ وحَدْسٍ لا عنْ عِلْمٍ.
وقولُه تعالى: {قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} أيْ: لا تَتَّعِظُونَ أَصْلاً، كما بَيَّنَّا.
وقولُه: {تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ظاهِرُ المعنى.
قولُه تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ} يَعنِي: أنَّ مُحمَّداً لو تَقَوَّلَ علينا بعضَ الأقاويلِ، أيْ: قالَ ما لم نَقُلْهُ.
وقولُه: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أيْ: بالقُوَّةِ. أي: انْتَقَمْنَا منه بقُوَّتِنَا وقُدْرَتِنا، قاله مُجاهِدٌ.
قالَ الشَّمَّاخُ:
رأيتُ عَرَابةَ الأَوْسِيَّ يَسْمُو إلى الخيراتِ مُنقَطِعَ القَرينِ
إذا ما رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ تَلَقَّاهَا عَرابةُ باليَمينِ

أيْ: بالقوَّةِ، وقالَ مُؤَرِّجٌ: قولُه: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ}، وعن ثَعلبٍ: بالحَقِّ، وهو مَرْوِيٌّ عن السُّدِّيِّ أيضاً، وعن الحسَنِ: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أيْ: أَذْهَبْنَا قُوَّتَه، ويُقالُ: (لأَخَذْنَا منه باليَمينِ) هو مِثلُ قولِ القائلِ: خُذْ بيَمينِه إذا فَعَلَ شَيئاً. أيْ: بالقوَّةِ يَستَحِقُّ العُقوبةَ.
وقولُه: {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} أيْ: نِياطَ القَلْبِ، فإذا انقَطَعَ لم يَحْيَ الإنسانُ بعدَه.
قالَ الشَّمَّاخُ أَيضاً مُخَاطِباً لنَاقتِه.
إذا بَلَّغْتِنِي وحَمَلْتِ رَحْلِي عَرابةَ فاشْرَقِي بدَمِ الوَتِينِ

وقولُه: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} يَعْنِي: إنكم تَنْسُبُونَه إلى الكَذِبِ عَلَيَّ، ولو أَخَذْتُه لم يَقْدِرْ أحَدٌ مِنكم على دَفْعِنا عنه.
وقولُه: {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} أي: القرآنُ.
وقولُه: {وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ} أيْ: بالقرآنِ وبالرسولِ.
وقولُه: {وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ} أي: البَعْثُ حَسرةٌ على الكافرينَ.
وقولُه: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} أي: البَعْثُ مَحْضُ اليَقينِ، وعَينُ اليَقينِ.
وقولُه: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} أيْ: نَزِّهْ ربَّك العظيمَ، واذْكُرْهُ بأَوصافِه الْمَحمودةِ اللائقةِ، وفيه دليلٌ أنَّ الاسمَ هو الْمُسَمَّى، ولا فرْقَ بينَهما.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الآخرة 1435هـ/10-04-2014م, 10:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير


قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (يقول تعالى مقسمًا لخلقه بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته الدّالّة على كماله في أسمائه وصفاته، وما غاب عنهم ممّا لا يشاهدونه من المغيّبات عنهم: إنّ القرآن كلامه ووحيه وتنزيله على عبده ورسوله، الّذي اصطفاه لتبليغ الرّسالة وأداء الأمانة، فقال: {فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنّه لقول رسولٍ كريمٍ} يعني: محمّدًا، أضافه إليه على معنى التّبليغ؛ لأنّ الرّسول من شأنه أن يبلّغ عن المرسل؛ ولهذا أضافه في سورة التّكوير إلى الرّسول الملكيّ: {إنّه لقول رسولٍ كريمٍ ذي قوّةٍ عند ذي العرش مكينٍ مطاعٍ ثمّ أمينٍ} وهذا جبريل، عليه السّلام.
ثمّ قال: {وما صاحبكم بمجنونٍ} يعني: محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم {ولقد رآه بالأفق المبين} يعني: أنّ محمّدًا رأى جبريل على صورته الّتي خلقه اللّه عليها، {وما هو على الغيب بضنينٍ} أي: بمتّهمٍ {وما هو بقول شيطانٍ رجيمٍ} [التّكوير: 19 -25]، وهكذا قال هاهنا: {وما هو بقول شاعرٍ قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهنٍ قليلا ما تذكّرون}، فأضافه تارةً إلى قولٍ الرّسول الملكيّ، وتارةً إلى الرّسول البشريّ؛ لأنّ كلًّا منهما مبلّغٌ عن اللّه ما استأمنه عليه من وحيه وكلامه؛ ولهذا قال: {تنزيلٌ من ربّ العالمين}
قال الإمام أحمد: حدّثنا ابن المغيرة، حدّثنا صفوان، حدّثنا شريح بن عبيد اللّه قال: قال عمر بن الخطّاب: خرجت أتعرّض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقّة، فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قال: فقلت: هذا واللّه شاعرٌ كما قالت قريشٌ. قال: فقرأ: {إنّه لقول رسولٍ كريمٍ وما هو بقول شاعرٍ قليلا ما تؤمنون} قال: فقلت: كاهنٌ. قال فقرأ: {ولا بقول كاهنٍ قليلا ما تذكّرون تنزيلٌ من ربّ العالمين ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثمّ لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين} إلى آخر السّورة. قال: فوقع الإسلام في قلبي كلّ موقعٍ.
فهذا من جملة الأسباب الّتي جعلها اللّه تعالى مؤثّرةً في هداية عمر بن الخطّاب، كما أوردنا كيفيّة إسلامه في سيرته المفردة، وللّه الحمد.
يقول تعالى: {ولو تقوّل علينا} أي: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم لو كان كما يزعمون مفتريًا علينا، فزاد في الرّسالة أو نقص منها، أو قال شيئًا من عنده فنسبه إلينا، وليس كذلك، لعاجلناه بالعقوبة. ولهذا قال {لأخذنا منه باليمين} قيل: معناه لانتقمنا منه باليمين؛ لأنّها أشدّ في البطش، وقيل: لأخذنا منه بيمينه.
{ثمّ لقطعنا منه الوتين} قال ابن عبّاسٍ: وهو نياط القلب، وهو العرق الّذي القلب معلّقٌ فيه. وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، والحكم، وقتادة، والضّحّاك، ومسلمٌ البطين، وأبو صخرٍ حميد بن زيادٍ.
وقال محمّد بن كعبٍ: هو القلب ومراقّه وما يليه.
وقوله: {فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين} أي: فما يقدر أحدٌ منكم على أن يحجز بيننا وبينه إذا أردنا به شيئًا من ذلك. والمعنى في هذا بل هو صادقٌ بارٌّ راشدٌ؛ لأنّ اللّه، عزّ وجلّ، مقرّرٌ له ما يبلّغه عنه، ومؤيّدٌ له بالمعجزات الباهرات والدّلالات القاطعات.
ثمّ قال: {وإنّه لتذكرةٌ للمتّقين} يعني: القرآن كما قال: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى} [فصّلت: 44].
ثمّ قال {وإنّا لنعلم أنّ منكم مكذّبين} أي: مع هذا البيان والوضوح، سيوجد منكم من يكذّب بالقرآن.
ثمّ قال: {وإنّه لحسرةٌ على الكافرين} قال ابن جريرٍ: وإنّ التّكذيب لحسرةٌ على الكافرين يوم القيامة وحكاه عن قتادة بمثله.
وروى ابن أبي حاتمٍ، من طريق السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: {وإنّه لحسرةٌ على الكافرين} يقول: لندامةٌ. ويحتمل عود الضّمير على القرآن، أي: وإنّ القرآن والإيمان به لحسرةٌ في نفس الأمر على الكافرين، كما قال: {كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به} [الشّعراء: 200، 201]، وقال تعالى: {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ: 54] ولهذا قال ها هنا: {وإنّه لحقّ اليقين} أي: الخبر الصّدق الحقّ الذي لا مرية فيه ولا شكّ ولا ريب.
ثمّ قال: {فسبّح باسم ربّك العظيم} أي: الّذي أنزل هذا القرآن العظيم.
[آخر تفسير سورة "الحاقة"، ولله الحمد] ). [تفسير القرآن العظيم: 8/217-219]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحاقة, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:56 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir