دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ربيع الأول 1430هـ/8-03-2009م, 10:57 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي بم تبطل الوكالة؟

والوَكالةُ عَقْدٌ جائزٌ، وتَبْطُلُ بفَسْخِ أحدِهما ومَوْتِه وعَزْلِ الوَكيلِ وحَجْرِ السفيهِ.


  #2  
قديم 13 ربيع الأول 1430هـ/9-03-2009م, 10:23 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...................

  #3  
قديم 13 ربيع الأول 1430هـ/9-03-2009م, 10:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(والوَكَالَةُ عَقْدٌ جائزٌ)؛ لأنَّها مِن جِهَةِ المُوَكِّلِ إِذْنٌ، ومِن جِهَةِ الوَكِيلِ بَذْلُ نَفْعٍ، وكِلاهُما غيرُ لازمٍ فلكُلِّ واحدٍ مِنهما فَسْخُها. (وتَبْطُلُ بفَسْخِ أحدِهما ومَوْتِه) وجُنونِه المُطْبِقِ؛ لأنَّ الوَكَالَةَ تَعْتَمِدُ الحياةَ والعقلَ، فإذا انتفَيَا انتَقَت صِحَّتُها. وإذا وَكَّلَ في طلاقِ الزوجَةِ ثُمَّ وَطِئَها أو في عِتْقِ العبدِ ثُمَّ كَاتَبَه أو دَبَّرَه بَطَلَت. (و) تَبْطُلُ أيضاً بـ (عَزْلِ الوَكِيلِ) ولو قَبْلَ عِلْمِه؛ لأنَّه رفعُ عقدٍ لا يَفْتَقِرُ إلى رِضَا صَاحِبِه، فصَحَّ بغيرِ عِلْمِه كالطلاقِ، ولو بَاعَ أو تَصَرَّفَ فادَّعَى أنَّه عَزَلَه قَبْلَه لم يُقْبَلْ إلا ببيِّنَةٍ. (و) أيضاً بـ َجْرِ السفيهِ) لزوالِ أهليَّةِ التصَرُّفِ، لا بالحَجْرِ لفَلَسٍ؛ لأنَّه لم يَخْرُجْ عَن أهلِيَّةِ التصَرُّفِ، لكنْ إن حُجِرَ على المُوَكِّلِ وكَانَت في أَعْيَانِ مَالِه بَطَلَت؛ لانقِطَاعِ تصَرُّفِه فيها.


  #4  
قديم 13 ربيع الأول 1430هـ/9-03-2009م, 10:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(والوكالة عقد جائز)([1]).

لأنها من جهة الموكل إذن([2]) ومن جهة الوكيل بذل نفع ([3]) وكلاهما غير لازم ([4]) فلكل واحد منهما فسخها([5]) (وتبطل بفسخ أحدهما، وموته) ([6]) وجنونه المطبق ([7]) لأن الوكالة تعتمد الحياة والعقل، فإذا انتفيا انتفت صحتها ([8]).
وإذا وكل في طلاق الزوجة ثم وطئها ([9]) أو في عتق العبد ثم كاتبه، أو دبَّره بطلت([10]) (و) تبطل أيضًا بـ(عزل الوكيل) ([11]) ولو قبل علمه، لأنه وقع عقد لا يفتقر إلى رضى صاحبه، فصح بغير علمه، كالطلاق([12]).
ولو باع أَو تصرف فادعى أنه عزله قبله لم يقبل إلا ببينة ([13]) (و) تبطل أيضًا (بحجر السفيه) ([14]) لزوال أَهلية التصرف ([15]) لا بالحجر لفلس ([16]) لأنه لم يخرج عن أهلية التصرف ([17]).
لكن إن حجر على الموكل، وكانت في أَعيان ماله بطلت([18]) لانقطاع تصرفه فيها ([19])


([1])أي من الطرفين، وكذا الشركة، والمضاربة، والمساقاة، والمزارعة، والوديعة، والجعالة، والمسابقة، والعارية، على ما يأتي تفصيله.
([2])أي في التصرف، فكان لكل واحد منهما إبطاله، كالإذن في أكل طعامه.
([3])أي للموكل، لكل منهما إبطاله.
([4])أي من الطرفين، لا الإذن في الوكالة، ولا بذل النفع بها للموكل.
([5])أي الوكالة أي وقت شاء بلا نزاع، لعدم لزومها، وكذا الشركة، ونحوها مما تقدم.
([6])أي وتبطل الوكالة بفسخ الموكل أو الوكيل لها، وتبطل بموت الموكل أو الوكيل، وبموتهما معا بغير خلاف، إذا علم الحال، ومتى تصرف بعد فسخ الموكل أو موته فهو باطل إذا علم ذلك.
([7])أي وتبطل الوكالة بجنون أحدهما المطبق بفتح الباء، قال في الإنصاف وغيره: بلا خلاف نعلمه إذا علم الحال. لزوال أهلية التصرف، وكذا كل عقد جائز كالشركة، ولا تبطل بالإغماء قولا واحدًا.
([8])أي لانتفاء ما تعتمد عليه، وهو أهلية التصرف، لكن لو وكل ولي اليتيم، وناظر الوقف أو عقدا، أو غيرهما عقدا جائزا، كالمشاركة، والمضاربة، لم تنفسخ بموته، لأنه متصرف على غيره، اقتصر عليه في الإنصاف، وقطع به في الإقناع، وذكره ابن رجب وغيره.
([9])بطلت الوكالة، لأنه دليل رجوعه، ورغبته فيها، واختيار إمساكها، لا بقبلتها، على الصحيح من المذهب، كما لا تصح الرجعة بها.
([10])أي الوكالة في العتق، للدلالة على رجوع الموكل فيه بالكتابة أو التدبير، وهذا الصحيح من المذهب.
([11])لأن له عزله أي وقت شاء بلا نزاع، وإن تصرف بعد علمه فتصرفه باطل.
([12])أي فيضمن ما تصرف فيه، وعنه: لا ينعزل قبل علمه. نص عليه، وهو مذهب الشافعي وغيره، واختاره الشيخ، وقال: هو الصواب، لما في ذلك من الضرر، لأنه قد يتصرف تصرفات فتقع باطلة، وربما باع الجارية فيطؤها المشتري، أو الطعام فيأكله، أو غير ذلك، فيتصرف فيه المشتري ويجب ضمانه، فيتضرر المشتري. والوكيل، وعليه: متى تصرف قبل علمه صح تصرفه. وهذا قول أبي حنيفة، حتى أنه لا يعزل نفسه إلا بحضرة الموكل، ولا ينعزل الشريك، والمضارب، حتى يعلم رب المال والشريك، لأنه ذريعة إلى عامة الأضرار، وهو تعطيل المال عن الفوائد والأرباح، حسن في اعتبار المقاصد، وسد الذرائع، قال في الإنصاف: وهو الأليق بالمذهب. وقال الشيخ: لا يضمن مطلقًا. وصوبه في الإنصاف، لأنه لم يفرط، وقال أيضًا: وعلى القول بالعزل قبل العلم، فتصرفاته صحيحة.
([13])أي ولو باع وكيل، أو تصرف، فادعى موكله، أنه عزله قبل البيع أو التصرف، لم يقبل إلا ببينة تشهد بالعزل قبل، لأن الأصل بقاء الوكالة والشركة ونحوهما، وبراءة ذمة الوكيل، والشريك، ونحوه من ضمان ما أذن له فيه، بعد الوقت الذي ادعى الموكل عزل فيه، واختار الشيخ: لا يضمن. وقال: لو باع، أو تصرف، فادعى أنه عزله قبله لم يقبل، فلو أقام به بينة ببلد آخر، وحكم به حاكم، فإن لم ينعزل قبل العلم صح تصرفه، وإلا كان حاكمًا على الغائب، ولو حكم قبل هذا الحكم بالصحة حاكم لا يرى عزله قبل العلم، فإن كان قد بلغه ذلك نفذ، والحكم الناقض له مردود، وإلا وجوده كعدمه، والحاكم الثاني إذا لم يعلم بأن العزل قبل العلم، أو علم ولم يره، أو رآه ولم ير نقض الحكم المتقدم، فحكمه كعدمه، وقبض الثمن من وكيله دليل بقاء وكالته، وأنه قول أكثر العلماء. اهـ. إلا الطلاق فيقبل بلا بينة.
([14])أي وتبطل الوكالة أيضًا بحجر السفيه في تصرف مالي، وكيلا كان أو موكلا، حيث اعتبر رشده.
([15])أي فلا يملكه غيره من جهته كالمجنون، والمراد فيما ينافيه، بخلاف ما لا ينافيه كالطلاق.
([16])أي فالوكالة بحالها في شراء شيء في ذمته، أو في ضمان، أو اقتراض، أو خصومة، أو طلاق، أو خلع، أو قصاص، ونحو ذلك.
([17])يعني بالفلس، فصحت وكالته، لعدم ما ينافيها.
([18])أي الوكالة فيما حجر عليه فيه من أعيان ماله، كأن يقول لوكيله: بع داري أو غلامي، أو نحوه.
([19])بالحجر عليه فيها، بخلاف ما لو كانت الوكالة في ذمته، كأن يقول: اشتر لي كذا وكذا.


  #5  
قديم 3 جمادى الآخرة 1431هـ/16-05-2010م, 03:03 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

والوَكالةُ عَقْدٌ جائزٌ(14)، وتَبْطُلُ بفَسْخِ أحدِهما ومَوْتِه وعَزْلِ الوَكيلِ وحَجْرِ السفيهِ(15).

(14) أي : من الطرفين لأﻧﻬا من جهة الموكل إذن ، ومن جهة الوكيل بذل نفع ، فكان لكل منهما الفسخ .
(15) هذا بيان مبطلات الوكالة وهي :
أولاً : فسخ أحدهما لها .
ثانياً : موت أحدهما .
ثالثاً : جنون أحدهما المطبق .
رابعاً : عزل الموكل للوكيل .
خامساً : حجر السفه على أحدهما .


  #6  
قديم 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م, 02:42 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

والوَكَالَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ وتَبْطُلُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا وَمَوْتِهِ وَعزْلِ الوَكِيلِ وَبِحَجْرِ السَّفَهِ
قوله: «والوكالة عقد جائز» وهو جائز من الناحية التكليفية، ومن الناحية الوضعية ذكرنا من قبل أنها تصح بكل قول يدل على إذن، وأنه يصح التوكيل في كل حق آدمي.
لكن من الناحية التكليفية هل هي من العقود الجائزة، أو من العقود اللازمة؟ يقول المؤلف: إنها عقد جائز، والعقد الجائز هو الذي يملك كل واحد من المتعاقدين فسخه بدون رضا الآخر، ولا إذنه أيضاً.
ووجه ذلك ظاهر؛ لأن الوكالة من الموكل إذن ومن الوكيل تبرع، فللوكيل أن يرجع، وللموكل أن يرجع ـ أيضاً.
وقوله: «والوكالة عقد جائز» يفيد أن العقود منها جائز، ومنها لازم، ومنها جائز من طرف لازم من طرف.
فعقد البيع بعد التفرق من المجلس عقد لازم إلا أن يكون شرط الخيار؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم:((فقد وجب البيع)) [(1)].
والرهن عقد جائز من جانب المرتهن، ولازم من جانب الراهن، ووجهه ظاهر؛ لأن الحق في الرهن للمرتهن، فإذا رضي بإطلاق الرهن وإزالته فالحق له، لكنه حق على الراهن فلا يملك أن يتخلص منه.
والوكالة جائزة من الطرفين، وبهذا تمت أقسام العقود، وهي ثلاثة أقسام:
عقد لازم من الطرفين.
عقد جائز من الطرفين.
عقد لازم من طرف جائز من طرف.
قوله: «وتبطل بفسخ أحدهما» «تبطل» بإسقاط الواو، وهو الأصح؛ لأنك إذا قلت: «وتبطل» لم تكن هذه الجملة تفسيراً لقوله: «جائز» ، والجملة في الواقع استئنافية، فهي تفسير لمعنى قوله: «جائز» .
وقوله: «تبطل بفسخ أحدهما» مَنْ أحدهما؟ الوكيل والموكل، تبطل بفسخه.
وظاهر كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ أنها تبطل بفسخ أحدهما مطلقاً ولو مع ضرر، ولكن يجب أن نقيد هذا بما إذا لم تتضمن ضرراً، فإن تضمنت ضرراً فإنه ليس لأحدهما أن يضر صاحبه، ودليل ذلك قول الله ـ عزّ وجل ـ: {أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ} [النساء: 12] ، ويقول ـ عزّ وجل ـ: {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: 231] ، وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((لا ضرر ولا ضرار)) [(2)]، ولذلك قال العلماء: إذا تضمَّن الفسخ ضرراً على أحد الطرفين فإن العقود الجائزة تنقلب لازمة درءاً للضرر.
فعلمنا بذلك أن ما كان فيه ضرر فإنه ممنوع شرعاً، فلو أن الوكيل قبِلَ الوكالة على أنه سوف يُصرِّفها في الموسم، ثم انصرف من عند الموكل وفسخ، فقال: اشهدوا أني فسخت الوكالة، والموكل لم يعلم، ففات الموسم، فهنا الفسخ فيه ضرر على الموكل، إذاً لا يحل للوكيل هنا أن يفسخ إلا إذا استأذن من الموكل؛ من أجل أن يعرف الموكل كيف يتصرف؟ أو يقال يجوز الفسخ مع ضمان الضرر، فنقول: الوكالة عقد جائز، لكن إذا تضمن ضرراً فتنفسخ الوكالة، وعليك ضمان الضرر.
وقوله: «تبطل بفسخ أحدهما» ظاهره سواء علم الوكيل أم لم يعلم، فإذا وكلت هذا الرجل على أن يبيع بيتي ثم في اليوم التالي أشهدت رجلين بأني فسخت الوكالة، ثم باع الوكيل البيت في اليوم الثالث ولم يعلم، فالمذهب أن البيع غير صحيح؛ لأني فسخت وكالته قبل أن يبيع، فباع وهو لا يملك العقد عليه.
والقول الثاني: أنه لا ينفسخ إلا بعد العلم؛ لأن تصرفه مستند إلى إذن سابق لم يعلم زواله فكان تصرفاً صحيحاً، ويقال للموكل أنت الذي فرطت، لماذا لم تخبره بفسخ الوكالة من فوره؟ وهذا القول هو الراجح وهو رواية عن أحمد، لا سيما وهو في هذه الحال تعلق به حق المشتري، أما إذا لم يتعلق به حق أحد فقد يقال بفسخ الوكالة.
وقوله: «تبطل بفسخ أحدهما» يشمل الفسخ بالقول والفسخ بالفعل، بالقول بأن يقول: فسخت الوكالة، وبالفعل بأنه يفعل فعلاً ينافي تصرف الوكيل، مثل أن يوكله في بيع عبد ثم أَعْتَقَ العَبْدَ، فإعتاقه إياه يتضمن فسخ التوكيل في البيع؛ لأنه لا يمكن بيعه بعد عتقه، وكذلك لو وكله في بيع شيء ثم رهنه تنفسخ الوكالة؛ لأن بيع المرهون لا يصح فعلم أنه عَدَلَ عن بيعه.
قوله: «وموته» أي: إذا مات الوكيل بطلت الوكالة، وإذا مات الموكل بطلت الوكالة.
وجه ذلك أنه إذا مات الموكل انتقل المال إلى ورثته، فلا بد من تجديد الوكالة إذا شاؤوا أن يستمروا مع الوكيل، أما الوكيل فتبطل بموته؛ لأن الموكل إنما رضيه بعينه فإذا مات فإن المعقود عليه قد زال وفات، فتبطل بذلك الوكالة.
مثال ذلك: رجل وكل شخصاً في بيع بيته، قال: وكلتك أن تبيع بيتي، ثم قدر الله على الموكل أن يموت، فحينئذ لا يحل للوكيل أن يبيع البيت، ولا أن يتصرف فيه، بل يجب أن يبلغ الورثة أنه قد انتهت الوكالة؛ لأن الملك الآن انتقل إلى الورثة.
مثال آخر: رجل وكَّل شخصاً في بيع ثم قدَّر الله أن يموت الوكيل فتنفسخ الوكالة، ولا يحل للوكيل أن يوكل شخصاً بعد موته يتولى البيع؛ لأن الوكالة انفسخت بموته.
وهنا يجب أن ننبه إلى مسألة يكتبها إخواننا الكُتَّاب الذين يكتبون وصايا للناس، إذا كانت الوصية وقال: أوصيت بثلث مالي يُتصدق به على الفقراء، كثير من الكتَّاب يكتب: والوكيل على ذلك فلان، والصواب أن يقول: الوصي على ذلك فلان؛ لأن هناك فرقاً بين الوكيل والوصي، الوصي من أذن له بالتصرف بعد الموت، والوكيل من أذن له بالتصرف في حال الحياة، وإذا قال: الوكيل على ثلثي فلان، فلو أخذنا باللفظ لقلنا: إذا مات هذا الرجل انفسخت الوكالة، لكن الحكام ـ القضاة ـ يفتون بأن هذا اللفظ من العامة بمعنى الوصية، وإن كان بلفظ الوكالة، ولكننا نقول للكتاب: ينبغي أن تحرروا الكتابة، وإذا ذكرتم وصية فلان بشيء لا تقولوا: والوكيل فلان، قولوا: الوصي.
لكن لو قال: «الوكيل بعد موتي»، ارتفع الإشكال؛ لأنه لو قيد الوكالة بعد الموت فإننا نعلم علم اليقين أنه أراد الوصية.
قوله: «وعزل الوكيل» هذه العبارة لم نرها في المنتهى، ولا في الإقناع، ولا في المقنع ـ أيضاً ـ الذي هو أصل الكتاب، وهي في الحقيقة زائدة، لأن عزل الوكيل يغني عنه قوله: «بفسخ أحدهما» ؛ لأن فسخ الموكل يعني عزل الوكيل، إذاً ليس هناك حاجة إلى أن يقول: «وعزل الوكيل» ، لكن لعل هذا من المؤلف ـ رحمه الله ـ سبق قلم.
على كل حال تبطل الوكالة بعزل الوكيل، وعزل الوكيل هو فسخ الموكل للوكالة.
مسألة: لو أنه وكَّل إنساناً أن يبيع بيته، وبعد انصراف الوكيل باع الموكل نفسه البيت، ثم إن الوكيل باعه، فالمالك باعه على زيد، والوكيل باعه على عمرو، فالوكيل انعزل؛ لأن بيع المالك للشيء الذي وكل شخصاً في بيعه، يعني أنه عزله، وهذا عزل بالفعل، وحينئذ الوكيل باع على عمرو، والمالك باع على زيد، إن أبطلنا بيع الوكيل فقد تعلق به حق عمرو، وإن أبطلنا تصرف المالك أبطلنا حق زيد، فنقدم الآن صاحب الأصل وهو المالك، وحينئذ نقول: إن بيع الوكيل وقع على شيء انتقل ملكه عن صاحبه، حتى صاحبه الآن لا يمكن أن يتصرف فيه، فنقول في بيع الوكيل: إنه باطل؛ لأن هذه المسألة تعلق بها حق ثالث، ثم إن الموكَّل فيه انتقل عن ملك الموكِّل إلى ملك آخر، فلا يمكن أن يبطل هذا الانتقال، وإن صححنا تصرف الوكيل لزم من ذلك إبطال تصرف المالك.
مسألة: إذا تصرف الموكل تصرفاً لا يمنع تصرف الوكيل مثل: أن يقول وكلتك في بيع بيتي ثم بعد ذهاب الوكيل، أجّرَهُ الموكل؛ فهل تبطل الوكالة ونقول: إن هذا عزل؟
الجواب: لا؛ لأن التأجير لا ينافي البيع، إذ يجوز بيع المؤجر، فإذا كان يجوز بيع المؤجر، فإن تصرف الموكل الآن لا يعتبر فسخاً للوكالة؛ لأنه لا منافاة بين ما وَكَّل فيه وتصرفه.
إذاً إذا تصرف تصرفاً ينافي الوكالة فهو عزل، وإذا تصرف تصرفاً لا ينافي الوكالة فليس بعزل.
قوله: «وبحجر السفه» لم يقل المؤلف: الصِّغَر؛ لأن الكبير لا يصغر فهو غير وارد أبداً، وأما الحجر للجنون ففيه تفصيل:
إن كان مطبِقاً انفسخت الوكالة، وإن كان غير مطبِق كأن يكون ساعة ويذهب لم تنفسخ، فثلاثة أسباب للحجر، الصغر والجنون والسفه، إذا حُجر على الوكيل أو الموكل حجر سفه انفسخت الوكالة.
وفي قول المؤلف: «وبحجر السفه» منطوق وله مفهوم، ومفهومه حجر الفلس، فمن كان لا يحسن التصرف فالحجر عليه حجر سفه، ومن كان يحسن التصرف لكنه غريم مدين، دينه أكثر من ماله، فالحجر عليه حجر فلس، فالوكالة تبطل بحجر السفه.
مثال هذا: الوكيل قال لشخص: بع بيتي، ثم إن الرجل الذي وكَّله في البيع ـ أي: مالك البيت ـ أصيب بخلل في عقله أفسد تصرفه، فلا تستمر الوكالة بل تنفسخ؛ لأن الموكل الآن لو أراد أن يتصرف بنفسه لم يتمكن، فبوكيله من باب أولى، ويمكن أن تقع بأن يحصل لإنسان حادث يختل به فكره، فنقول الآن: انفسخت الوكالة، ونقول للذي وُكِّلَ في البيع: لا تبع؛ لأن الوكالة انفسخت، فالموكل نفسه لو أراد أن يتصرف لا يمكنه، فكيف بفرعه وهو الوكيل؟
إذاً كلمة «السفه» إنما تعود إلى العقل، بحيث يكون فيه جنون أو سوء تصرف، بحيث يختل فكره وعقله ويبدأ لا يعرف شيئاً.
والحجر لفلس هل تبطل به الوكالة أو لا؟
فيه تفصيل: إن كانت في أعيان مال الموكل انفسخت، وإن كانت في ذمته لم تنفسخ.
أما الوكيل فإنه إذا حجر عليه لفلس لا تنفسخ الوكالة بذلك؛ لصحة تصرفه في مال غيره، إذن إذا حجر عليه لفلس فبالنسبة للوكيل لا تتأثر الوكالة ولا تنفسخ، وبالنسبة للموكل ففيه تفصيل.
مثال ذلك بالنسبة للوكيل: وكل إنساناً يبيع بيته، ثم إن هذا الوكيل صار مديناً دينه أكثر من ماله فحجر عليه؛ فالآن الوكيل لا يمكن أن يبيع شيئاً من ماله؛ لأنه محجور عليه، لكن هل يبيع بيت من وكله؟
الجواب: نعم؛ لأن من حجر عليه لفلس إنما يحجر عليه في أعيان ماله لا في أعيان مال غيره، فتبقى الوكالة.
مثال ذلك بالنسبة للموكل، قال: وكلتك أن تبيع بيتي، ثم إن الموكل لَحِقَهُ الدينُ وصار دينه أكثر من ماله، فحجرنا عليه، هل يملك الوكيل أن يبيع البيت؟
الجواب: لا، وتنفسخ الوكالة؛ لأن الموكل الآن لا يملك بنفسه بيع بيته، فإذا كان الأصل لا يملك البيع، فالفرع من باب أولى.
فصار الحجر لفلس فيه تفصيل، والحجر لسفه ليس فيه تفصيل، فتبطل به الوكالة سواء حجر على الوكيل، أو حجر على الموكل.



[1] سبق تخريجه ص(128).
[2] سبق تخريجه ص(37).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
بم, تبطل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir