ثُمَّ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلا فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا عَنْ أَحَدٍ مِنْ سَلَفِ الأُمَّةِ لاَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَلا عَنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ - الَّذِينَ أَدْرَكُوا زَمَنَ هَؤُلاَءِ وَالاخْتِلاَفَ - حَرْفٌ وَاحِدٌ يُخَالِفُ ذَلِكَ لاَ نَصًّا وَلا ظَاهِرًا.
وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَطُّ: إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ فِي السَّمَاءِ، وَلا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى العَرْشِ، وَلا أَنَّهُ بِذَاتِهِ فَيَ كُلِّ مَكَانٍ، وَلا أَنَّ جَمِيعَ الأَمْكِنَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ سَوَاءٌ(1).
وَلا أَنَّهُ لاَ دَاخِل العَالَمِ وَلا خَارِجَهُ، وَلا مُتَّصِلاً به وَلا مُنْفَصِلاً(2)
وَلا أَنَّهُ لا تجوزُ الإِشَارَةُ الحِسِّيَّةُ إِلَيْهِ بِالأُصْبُعِ، وَنَحْوِهَا، بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَطَبَ خُطْبَتَهُ العَظِيمَةَ يَوْمَ عَرَفَاتٍ، فِي أَعْظَمِ مَجْمَعٍ حَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَعَلَ يَقُولُ: " أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟ " فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَرْفَعُ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَنْكُبُهَا إِلَيْهِمْ، وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ" غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.