دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الأولى 1431هـ/6-05-2010م, 12:07 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب الفتن (1)

الكتاب الثالث: في الفتن والأهواء والاختلاف
الفصل الأول: في الوصية عند وقوع الفتن وحدوثها
7453 - (د ت) أبو أمامة الشعباني: قال: سألت أبا ثعلبة الخشنيّ -رضي الله عنه- قال: قلت: «يا أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية: {عليكم أنفسكم}؟ [المائدة: 105] قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ائتمروا بالمعروف، وانتهوا عن المنكر، حتى إذا رأيتم شحا مطاعا، وهوى متّبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع عنك العوامّ، فإن من ورائكم أيام الصّبر، الصّبر فيهنّ مثل القبض على الجمر، للعامل فيهنّ مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم» أخرجه الترمذي وأبو داود، وزاد أبو داود في حديثه: «قيل: يا رسول الله، أجر خمسين رجلا منّا، أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين رجلا منكم».

[شرح الغريب]
الشح: البخل الشديد، وطاعته: أن يتبع الإنسان هوى نفسه لبخله، وينقاد له.
دنيا مؤثرة: أي محبوبة مشتهاة.

7454 - (ت) أبو هريرة- رضي الله عنه-: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنّكم في زمان من ترك فيه عشر ما أمر به هلك، ثم يأتي زمان من عمل فيه بعشر ما أمر به نجا، وإنّ من ورائكم أيام الصبر، الصّبر فيهنّ كالقبض على الجمر، وإنّ العبادة في الهرج كهجرة إلي». أخرجه الترمذي، إلى قوله: «نجا».
7455 - (ت) أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يأتي على الناس زمان، الصابر فيه على دينه، كالقابض على الجمر». أخرجه الترمذي.
7456 - (خ) واقد بن محمد -رحمه الله- عن أبيه عن ابن عمر - أو ابن عمرو- قال: «شبّك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أصابعه، وقال: كيف أنت يا عبد الله بن عمرو إذا بقيت في حثالة قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فصاروا هكذا، قال: فكيف [أصنع] يا رسول الله؟ قال: تأخذ ما تعرف، وتدع ما تنكر، وتقبل على خاصتك، وتدعهم وعوامّهم» وفي حديث عاصم بن محمد بن زيد قال: سمعت هذا من أبي، فلم أحفظه، فقوّمه لي واقد عن أبيه، قال: سمعت أبي وهو يقول: قال عبد الله: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا عبد الله بن عمرو، كيف أنت إذا بقيت...» وذكر الحديث. أخرجه البخاري.
قال الحميدي: وليس هذا الحديث في أكثر النسخ، وإنما حكى أبو مسعود: أنه رآه في كتاب ابن رميح عن الفربري، وحماد بن شاكر عن البخاري.
وفي رواية أوردها رزين: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «كيف بكم وبزمان تغربل الناس في غربلة، ثم تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا هكذا - وشبك بين أصابعه - قالوا: كيف بنا يا رسول الله؟ قال: تأخذون ما تعرفون، وتذرون ما تنكرون، وتقبلون على أمر خاصّتكم، وتذرون أمر عامّتكم».
وفي أخرى ذكرها أيضا قال: «بينما نحن جلوس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ ذكر الفتنة فقال: إذا رأيتم الناس مرجت عهودهم، وخفّت أماناتهم، وكانوا هكذا - وشبّك بين أصابه 0- قال ابن عمرو: فقمت إليه، ققلت: كيف أفعل عند ذلك، جعلني الله فداك؟ قال: الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصّة نفسك، ودع عنك أمر العامة».

[شرح الغريب]
حثالة: الحثالة ما يسقط من قشر الشعير والأرز والتمر، وكل ذي قشر إذا نقي، وحثالة الدهن: ثفله، وكأنه الرديء من كل شيء.
المرج: الاختلاط والاختلاف، مرجت عهودهم: إذا اختلفت.
غربلة الناس: إماتة الأخيار، وبقاء الأشرار، كما ينقي الغربال من حثالة مايغربله ورديئه.

7457 - (د) أبو ذر الغفاري- رضي الله عنه-: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا أبا ذرّ، قلت: لبّيك يا رسول الله وسعديك...» فذكر الحديث. كذا قال أبو داود، ولم يذكر لفظه، وقال فيه: «كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت [فيه] بالوصيف؟ قلت: الله ورسوله أعلم - أو قال: ما خار الله لي ورسوله - قال: عليك بالصبر - أو قال: تصبر - ثم قال لي: يا أبا ذرّ، قلت: لبيك وسعديك، قال: كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت بالدّم؟ قلت: ما خار الله لي ورسوله، قال: عليك بمن أنت منه، قلت: يا رسول الله: أفلا آخذ سيفي فأضعه على عاتقي؟ قال: شاركت القوم إذا، قلت: فما تأمرني؟ قال: تلزم بيتك قلت: فإن دخل على بيتي؟ قال: إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف، فألق ثوبك على وجهك، يبوء بإثمك وإثمه» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
البيت: أراد بالبيت هاهنا: القبر.
والوصيف: العبد: والوصيفة الأمة، والمعنى أن الفتن تكثر، فتكثر القتلى، حتى إنه ليشترى موضع قبر يدفن فيه الميت بعبد، من ضيق المكان عنهم، مبالغة في كثرة وقوع الفتن، أو أنه لاشتغال بعضهم ببعض وبما حدث من الفتن لا يوجد من يحفر قبر ميت ويدفنه، إلا أن يعطي وصيفا أو قيمته.
يبهرك: ضوء باهر: يغلب عينك ويغشى بصرها.
يبوء: باء بالإثم يبوء: إذا رجع به حاملا له.

7458 - (د) أبوذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كيف أنتم وأئمة من بعدي يستأثرون بهذا الفيء؟ قلت: أما والذي بعثك بالحق، أضع سيفي على عاتقي، ثم أضرب به حتى ألقاك، أو ألحقك قال: أولا أدلّك على خير من ذلك؟ تصبر حتى تلقاني» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
الفيء: ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار وأملاكهم عن غير قتال ولا حرب، والاستئثار: الانفراد بالشيء، والتخصص به.

7459 - (ت) عديسة بنت أهبان بن صيفي الغفاري: قالت: «جاء عليّ إلى أبي، فدعاه إلى الخروج معه، فقال له: إن خليلي وابن عمك عهد إليّ، إذا اختلف الناس: أن أتّخذ سيفا من خشب، فقد اتخذته، فإن شئت خرجت به معك، فتركه» أخرجه الترمذي.
7460 - (دث) أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في الفتنة «كسّروا فيها قسيّكم، وقطّعوا فيها أوتاركم، والزموا فيها أجواف بيوتكم، وكونوا كابن آدم» أخرجه الترمذي، وأخرجه أبو داود بزيادة في أوله، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعى، فكسّروا قسيّكم، وقطّعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دخل على أحد منكم فليكن كخير ابني آدم» وأخرجه أبو داود أيضا إلى قوله: «خير من السّاعي، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: كونوا أحلاس بيوتكم».
[شرح الغريب]
قطع الليل: طائفة منه، وجمعها: قطع، أراد: فتنة مظلمة سوداء، تعظيما لشأنها.
كابن آدم: أراد بقوله: كابن آدم، وقوله: كخير ابني آدم هو ابن آدم لصلبه هابيل الذي قتله أخوه قابيل، وما قال الله تعالى في أمرهما: {لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك} [المائدة: 28] وقوله: {إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار} [المائدة: 29].
أحلاس بيوتكم: فلان حلس بيته: إذا لزمه لا يفارقه، مأخوذ من الحلس، وهو الكساء الذي يكون على ظهر البعير.

7461 - (خ م) أبو هريرة رضي الله عنه: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من السّاعي من تشرّف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به».
قال ابن شهاب: وحدثني أبو بكر بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن مطيع [بن الأسود] عن نوفل بن معاوية بمثل حديث أبي هريرة، إلا أن أبا بكر زاد «من الصلاة صلاة من فاتته، فكأنما وتر أهله وماله».
وفي أخرى قال: «تكون فتنة، النائم فيها خير من اليقظان، واليقظان فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الساعي، فمن وجد ملجأ أو معاذا فليستعذ» أخرجه البخاري ومسلم، وانفرد مسلم بالثالثة.

[شرح الغريب]
من تشرف لها تستشرفه: أي: من تطلع إليها وتعرض لها أتته، ووقع فيها.
الملجأ والمعاذ: أخوان، وهما الشيء الذي يحتمى به ويركن إليه.
وتر أهله وماله: وترته: إذا نقصته، وقيل: أصله: الجناية التي يجنيها الرجل على غيره، من قتله قريبه وأخذه ماله، فشبه ما يلحق هذا الذي تفوته هذه الصلاة بمن قتل قريبه وأخذ ماله، هذا إذا رفعت أهله وماله، ومن نصبهما جعلهما مفعولا ثانيا لـ وتر وأضمر فيها مفعولا لم يسم فاعله، عائدا إلى الذي فاتته الصلاة، ومن رفعهما لم يضمر، وأقام الأهل مقام الفاعل، لأنهم المصابون المأخوذون، واختصار هذا القول: أن من رد النقص إلى الأهل وإلى المال رفعهما، ومن رده إلى الرجل نصبهما.

7462 - (م د) أبو بكرة رضي الله عنه: قال عثمان الشحام: انطلقت أنا وفرقد السّبخي إلى مسلم بن أبي بكرة وهو في أرضه، فدخلنا عليه، فقلت: هل سمعت أباك يحدّث في الفتن حديثا؟ فقال: نعم، سمعت أبا بكرة يحدّث قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة، القاعد خير من الماشي فيها، والماشي فيها خير من السّاعى إليها، ألا فإذا نزلت، أو وقعت، فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كان له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه، قال: فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت من لم تكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: يعمد إلى سيفه فيدقّ على حدّه بحجر ثم لينج إن استطاع النجاء، اللهم هل بلّغت؟اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ قال: فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفّين، أو إحدى الفئتين، فضربني رجل بسيفه، أو يجيء سهم فيقتلني؟ قال: يبوء بإثمه وإثمك، ويكون من أصحاب النار» أخرجه مسلم.
وأخرجه أبو داود قال: «إنها ستكون فتنة يكون المضطجع فيها خيرا من الجالس، والجالس خيرا من القائم، والقائم خيرا من الماشي، والماشي خيرا من الساعي، قالوا: يا رسول الله، ماتأمرنا؟ قال: من كانت له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه، قال: فمن لم يكن له شيء من ذلك؟ قال: يعمد إلى سيفه، فيضرب بحدّه على حرّة، ثم لينج ما استطاع النجاء».

[شرح الغريب]
الحرة: الأرض ذات الحجارة السود، والمراد به هاهنا: نفس الحجر، أي: ضرب حد سيفه بحجر يفلّ غربه لئلا يقاتل.

7463 - (د) وابصة [بن معبد] الأسدي: أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- [يقول]: فذكر بعض حديث أبي بكرة - وقال: «قتلاها كلّهم في النار» وقال فيه: قلت: «متى ذاك يا ابن مسعود؟ قال: تلك أيام الهرج، حيث لا يأمن الرجل جليسه، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك الزمان؟ قال: تكفّ لسانك ويدك، وتكون حلسا من أحلاس بيتك، قال: فلما قتل عثمان: صار قلبي مطاره، فركبت حتى أتيت دمشق، فلقيت خريم بن فاتك، فحدّثته، فحلف بالله الذي لا إله إلاهو، لسمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما حدثنيه ابن مسعود». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
الهرج: الاختلاف والفتن، وقد جاء في بعض الحديث أنه القتل، والقتل فإنما سببه الفتن والاختلاف.
طار قلبي مطاره: أي: مال إلى جهة يهواها وتعلق بها.

7464 - (ت د) سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه -: قال: عند فتنة عثمان بن عفان - أشهد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنها ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي قال: أفرأيت إن دخل عليّ بيتي، وبسط يده إلى ليقتلني، قال: كن كابني آدم» أخرجه الترمذي، وأخرجه أبو داود بمثل حديث قبله، وهو حديث أبي بكرة، وهذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث، قال: فقلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت إن دخل عليّ بيتي، وبسط يده إليّ لفظ أبي داود عن حسن بن عبد الرحمن الأشجعي أنه سمع سعد بن أبي وقاص؟ قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كن كابني آدم، وتلا يزيد - يعني ابن خالد الرملي - {لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني....} الآية [المائدة: 28].
7465 - (م) عامر بن سعد: قال: «كان سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه - في إبله، فجاءه ابنه عمر، فلما رآه سعد، قال: أعوذ بالله من شر هذا الراكب، فجاء فنزل، فقال له: أنزلت في إبلك، وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم؟ فضرب سعد في صدره، وقال اسكت، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله يحب العبد التّقيّ الغنيّ الخفيّ». أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
الخفي: أراد بالخفي: المعتزل عن الناس الذي يخفى عليهم مكانه.

7466 - (خ ط دس) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفرّ بدينه من الفتن». أخرجه البخاري، والموطأ، وأبو داود، والنسائي، وللبخاري قال عبد الرحمن بن أبي صعصعة: قال لي أبو سعيد: «إني أراك تحبّ الغنم وتتخذها، فأصلحها وأصلح رعامها، فإني سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: يأتي على الناس زمان تكون الغنم فيه خير مال المسلم، يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفرّ بدينه من الفتن».
[شرح الغريب]
مواقع القطر: المواضع التي ينزل بها المطر.
رعامها: الرعام: المخاط الذي يسيل من أنف الشاة من داء أصابها، والشاة رعوم.

7467 - (ت) أم مالك البهزية - رضي الله عنها -: قالت: «ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتنة، فقرّبها، قالت: قلت: يا رسول الله، من خير الناس فيها؟ قال: رجل في ماشية يؤدّي حقّها، ويعبد ربّه، ورجل آخذ برأس فرسه يخيف العدوّ، ويخوّفونه». أخرجه الترمذي.
7468 - (خ) محمد بن علي - رحمه الله -: أن حرملة - مولى أسامة - أخبره قال: «أرسلني أسامة إلى عليّ ليعطيني، وقال: إنه سيسألك الآن، فيقول: ما خلّف صاحبك؟ فقل له: يقول لك: لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه، ولكن هذا أمر لم أره، قال حرملة: فسألني؟ فأخبرته، فلم يعطني شيئا، فذهبت إلى حسن وحسين، وابن جعفر، فأوفروا لي راحلتي». أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
فأوقروا لي راحلتي: الوقر: الحمل والثقل، والراحلة: البعير القوي على الأسفار والأعمال.

7469 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يهلك أمّتي هذا الحيّ من قريش، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم؟» أخرجه البخاري ومسلم.
7470 - (د) ثعلبة بن ضبيعة قال: دخلنا على حذيفة - رضي الله عنه -، فقال: «إني لأعرف رجلا لا تضره الفتنة، قلنا: من هو؟ قال صاحب ذلك الفسطاط، قال: فخرجنا، فإذا فسطاط مضروب، فدخلنا، فإذا فيه محمد بن مسلمة، فسألناه عن ذلك؟ فقال: ما أريد أن يشتمل عليّ من أمصاركم شيء، حتى تنجلي عما انجلت».
وفي رواية عن حذيفة قال: «ما أحد من الناس تدركه الفتنة إلا أنا أخافها عليه، إلا محمد بن مسلمة، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا تضرك الفتنة» أخرجه أبو داود.

7471 - (م ت) معقل بن يسار - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «العبادة في الهرج كهجرة إليّ» أخرجه مسلم والترمذي.
[شرح الغريب]
تنجلي: انجلت الفتنة: إذا سكنت وزالت.

7472 - (د) المقداد بن الأسود - رضي الله عنه - قال: وايم الله لقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن السعيد لمن جنّب الفتن، قالها ثلاثا، ولمن ابتلي فصبر، فواها» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
فواها: واها كلمة يقولها المتأسف على الشيء وتعجب منه.

7473 - (خ م س) - يزيد بن أبي عبيد - رضي الله عنه - قال: «لمّا قتل عثمان خرج سلمة بن الأكوع إلى الرّبذة، وتزوج هناك امرأة، وولدت له أولادا، فلم يزل بها، حتى قبل أن يموت بليال نزل المدينة، فمات بها» أخرجه البخاري، وأخرج هو ومسلم «أن سلمة دخل على الحجاج، فقال: يا ابن الأكوع، ارتددت على عقبيك، تعزّبت؟ قال: لا، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أذن لي في البدو» وأخرجه النسائي إلى قوله: «عقبيك» قال: وذكر كلمة معناها «وبديت» وذكر باقيه.
[شرح الغريب]
تعزبت: تعزب: بعد، تقول: عزب الشيء يعزب، ويعزب: إذا بعد، والمراد: بعدت عن الجماعات والجمعات بالتزامك سكنى البادية، هكذا شرحه الحميدي في كتابه، وقال الأزهري: تعرب -الرجل بالراء المهملة- إذا عاد إلى الأعراب بعد الهجرة، وأقام بالبادية، والذي جاء في كتاب مسلم الذي قرأناه: تعربت بالراء المهملة.
وبديت: البدو: الخروج إلى البادية، وهي البرية،تقول: بدوت أبدو، وقد جاء في هذا الحديث بديت بالياء، ولعله سهو من الرواي، أو الكاتب، والأصل ما ذكرناه.

7474 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ويل للعرب من شرّ قد اقترب، أفلح من كف يده» أخرجه أبو داود.
الفصل الثاني: فيما ورد ذكره من الفتن، والأهواء الحادثة في الزمان
الفرع الأول: في ذكر ما سمي من الفتن
7475 - (خ م ت) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنهما - قال: «كنا عند عمر، فقال: أيّكم يحفظ حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الفتنة؟ فقلت: أنا أحفظه كما قال: قال: هات، إنك لجريء، وكيف قال؟ قلت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره، يكفّرها الصيام والصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال عمر: ليس هذا أريد إنما أريد التي تموج كموج البحر، قال: قلت: مالك ولها ياأمير المؤمنين؟إن بينك وبينها بابا مغلقا، قال: فيكسر الباب أو يفتح؟ قال: قلت: لا، بل يكسر، قال: ذاك أحرى أن لا يغلق أبدا، قال: فقلنا لحذيفة: هل كان عمر يعلم من الباب؟ قال: نعم، كما يعلم أن دون غد الليلة، إني حدّثته حديثا ليس بالأغاليط، قال: فهبنا أن نسأل حذيفة: من الباب؟ فقلنا لمسروق: سله، فسأله، فقال: عمر»، أخرجه البخاري ومسلم، وأخرجه الترمذي إلى قوله: «بل يكسر، قال: إذا لا يغلق إلى يوم القيامة» قال أبو وائل: فقلت لمسروق: «سل حذيفة عن الباب، فسأله؟فقال: عمر».

[شرح الغريب]
الجريء: الجرأة: الإقدام على الأمر العظيم.
بالأغاليط: جمع أغلوطة، وهي المسائل التي يغلط بها، والأحاديث التي تذكر للتكذيب.

7476 - (م) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: كنا عند عمر فقال: أيكم سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه، فقال: لعلّكم تعنون فتنة الرجل في أهل وجاره؟ قالوا: أجل، قال: تلك يكفّرها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيّكم سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر التي تموج موج البحر؟ قال: حذيفة: فأسكت القوم: تعرض، فقلت: أنا قال: أنا، قال: أنت لله أبوك، قال: حذيفة: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأيّ قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء؟، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: أبيض مثل الصّفا، فلا تضره فتنة، مادامت السموات والأرض، والآخر: أسود مربادا، كالكوز مجخّيا، لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه، قال: وحدّثته: أن بينك وبينها بابا مغلقا، يوشك أن يكسر قال عمر: أكسرا؟ لا أبالك، فلو أنه فتح؟ لعله كان يعاد، قال: لا، بل يكسر، وحدّثته أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت، حديثا ليس بالأغاليط، قال ربعي: «فقلت: يا أبا مالك - هو سعد بن طارق - ما أسود مربادا؟ قال: شدة البياض في سواد، قلت: فما الكوز مجخيا؟ قال: منكوسا» أخرجه مسلم.
قال الحميديّ: قد تقدم في المتفق عليه سؤال عمر عن الفتنة - يعني الحديث الذي قبل هذا - بألفاظ أخر، لا يتفق مع هذا إلا في يسير، فلذلك أفردنا هذا، قلت: ولو أضافه إلى المتفق لكان أولى، فإن هذا رواية من ذلك الحديث.

[شرح الغريب]
كالحصير: عودا عودا: قال الحميدي: في بعض الروايات عرض الحصير والمعنى فيهما: أنها تحيط بالقلوب كالمحصور المحبوس، يقال: حصره القوم: إذا أحاطوا به، وضيقوا عليه، قال: وقال الليث: حصير الجنب: عرق يمتد معترضا على الجنب إلى ناحية البطن، شبه إحاطتها بالقلب بإحاطة هذا العرق بالبطن، وقوله عودا عودا أي مرة بعد مرة، تقول: عاد يعود عودة وعودا.
أشربها: أشرب القلب هذا الأمر: إذا دخل فيه وقبله وسكن إليه، كأنه قد شربه.
نكت فيه نكتة سوداء: أي أثر فيه أثر أسود، وهو دليل السخط ولذلك قال في حالة الرضى: نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير القلوب على قلبين، أي على قسمين.
مربادا: المرباد والمربد: الذي في لون ربدة، وهي بين السواد والغبرة.
كالكوز مجخيا: المجخي: المائل عن الاستقامة والاعتدال هاهنا، وجخى الرجل في جلوسه: إذا جلس مستوفزا، وجخى في صلاته: إذا جافى عضديه عن جوفه ورفع جوفه عن الأرض وخوى.
فتنة الأحلاس: شبه هذه الفتنة التي أشار إليها بالأحلاس، وهي جمع حلس، وهو كساء يكون على ظهر البعير لدوام هذه الفتنة ولزومها.

7477 - (د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كنا قعودا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكر الفتن، فأكثر في ذكرها، حتى ذكر فتنة الأحلاس، فقال قائل: يا رسول الله، وما فتنة الأحلاس؟ قال: هي هرب وحرب، ثم فتنة السّرّاء، دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي، يزعم أنه مني، وليس مني، وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك علي ضلع، ثم فتنة الدّهيماء، لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل: انقضت تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، حتى يصير الناس إلى فسطاطين، فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكمّ فانتظروا الدّجّال من يومه، أو من غده» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
وحرب: الحرب بفتح الراء: ذهاب المال والأهل، يقال: حرب الرجل، فهو حريب: إذا سلب أهله وماله.
دخنها: إثارتها وهيجها، شبهها بالدخان الذي يرتفع، أي: أن أصل ظهورها من هذا الرجل وقوله من تحت قدمي رجل يعني: أنه يكون سبب إثارتها.
كورك على ضلع: مثل، أي: أنه لا يستقل بالملك، ولا يلائمه، كما أن الورك لا تلائم الضلع.
فتنة الدهيماء: أراد بالدهيماء: السوداء المظلمة، وقيل: أراد بالدهيماء: الداهية يذهب بها إلى الدهيم، وهي في زعم العرب: اسم ناقة، قالوا: كان من قصتها: أنه غزا عليها سبعة إخوة، فقتلوا عن آخرهم، وحملوا على الدهيم، حتى رجعت بهم فصار مثلا في كل داهية.
فسطاطين الفسطاط: الخيمة الكبيرة، وتسمى مدينة مصر: الفسطاط، والمراد به في هذا الحديث: الفرقة المجتمعة المنحازة عن الفرقة الأخري، تشبيها بانفراد الخيمة عن الأخرى، أو تشبيها بانفراد المدينة عن الأخرى، حملا على تسمية مصر بالفسطاط، ويروى بضم الفاء وكسرها.

7478 - (د) أبو بكرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ينزل ناس من أمتي بغائط يسمونه البصرة، عند نهر يقال له: دجلة، يكون عليه جسر، يكثر أهلها، وتكون من أمصار المهاجرين - وفي رواية: المسلمين - فإذا كان في آخر الزمان جاء بنو قنطوراء، عراض الوجوه، صغار الأعين، حتى ينزلوا على شطّ النهر، فيتفرق أهلها ثلاث فرق: فرقة يأخذون أذناب البقر والبرية، وهلكوا، وفرقة يأخذون لأنفسهم، وكفروا، وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم ويقاتلونهم، وهم الشهداء» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
بغائط: الغائط: المطمئن من الأرض.
البصرة: الحجارة البيض الرخوة، وبها سميت البصرة.
بنو قنطوراء: هم الترك، يقال: إن قنطوراء اسم جارية كانت لإبراهيم الخليل عليه السلام ولدت له أولادا، جاد من نسلهم الترك.

7479 - (د) حسان بن عطية قال: مال مكحول وابن أبي زكريا إلى خالد بن معدان، وملت معهما، فحدثنا عن جبير بن نفير، قال: قال لي جبير بن نفير: انطلق بنا إلى بني ذي مخبر - رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فأتيناه، فسأله جبير عن الهدنة؟ فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ستصالحون الروم آمنا، فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم فتنصرون وتغنمون وتسلمون ثم ترجعون، حتى تنزلوا بمرج ذي تلول،فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب، فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للمحلمة - زاد في رواية: ويثور المسلمون إلى أسلحتهم، فيقتتلون، فيكرم الله تلك العصابة بالشهادة» أخرجه أبوداود.
[شرح الغريب]
الهدنة: الصلح الذي ينعقد بين الكفار والمسلمين، وهو في الأصل: السكون، كأنهم سكنوا عن القتال وقد يكون بين كل طائفتين اقتتلتا إذا تركتا القتال عن صلح.
الملحمة: معظم القتال.

7480 - (د) أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكّة، فيأتيه ناس من أهل مكة، فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام، وعصائب أهل العراق فيبايعونه، ثم ينشأ رجل من قريش، أخواله كلب، فيبعث إليه بعثا، فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال، ويعمل في الناس بسنّة نبيّهم، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، فيلبث سبع سنين - وقال بعض الرواة عن هشام. [يعني الدّستوائي] -: تسع سنين، ثم يتوفّى، ويصلي عليه المسلمون، وفي رواية بقصة جيش الخسف قالت: قلت: يا رسول الله، كيف بمن كان كارها؟ قال: يخسف بهم، ولكن يبعث يوم القيامة على نيته» أخرجه أبو داود.
وقد أخرج مسلم والترمذي معنى الخسف بالجيش الذي يؤمّ البيت، مفردا من هذه القصة عن أم سلمة، وهو مذكور في فضل البيت من كتاب الفضائل من حرف الفاء، فلم نعده هنا،لاشتمال هذا على معنى غير ما اشتمل عليه ذلك الحديث.

[شرح الغريب]
بجرانه الجران: باطن العنق، والجمع: جرن، والمعنى: أنه قد قر قراره واستقام، كما أن البعير إذا برك واستراح مد جرانه على الأرض.

7481 - (د) ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: من قلّة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنّكم غثاء كغثاء السّيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوّكم المهابة منكم، وليقذفنّ في قلوبكم الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حبّ الدّنيا، وكراهية الموت» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
تداعى: التداعي: التتابع، أي: يدعو بعضها بعضا فتجيب.
الأكلة: جمع آكل.
غثاء: الغثاء: ما يلقيه السيل.

7482 - (م) أبو إدريس الخولاني قال: حذيفة رضي الله عنه «والله إنّي لأعلم الناس بكلّ فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي [إلا] أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسرّ إليّ في ذلك شيئا لم يحدّثه غيري، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوما - وهو في مجلس يتحدّث فيه عن الفتن ويعدّهنّ - منها ثلاث لا يكدن يذرن شيئا، ومنها فتن كرياح الصيف، منها صغار، ومنها كبار، فذهب أولئك الرهط الذين سمعوه معى كلّهم غيري» أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
كرياح الصيف: يريد أن فيها بعض الشدة، وإنما خص الصيف، لأن رياح الشتاء أقوى.

7483 - (د) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: «والله ماأدري أنسي أصحابي، أم تناسوا؟ والله ما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قائد فتنة إلى انقضاء الدنيا، يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدا، إلا قد سمّاه لنا باسمه واسم أبيه واسم قبيلته» أخرجه أبو داود.
7484 - (د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يوشك المسلمون أن يحاصروا إلى المدينة، حتى يكون أبعد مسالحهم: سلاح» قال الزهري: سلاح: قريب من خيبر، أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
مسالحهم: المسالح جمع مسلحة، وهم قوم ذوو سلاح، والمسلحة أيضا كالثغر والمرقب،يكون فيه أقوام يرقبون العدو لئلا يطرقهم، فإذا رأوه: أعلموا أصحابهم ليتأهبوا له.

الفرع الثاني: فيما لم يذكر اسمه من الفتن
نوع أول
7485 - (م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدّنيا» أخرجه مسلم والترمذي.

7486 - (د) عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يكون في هذه الأمة أربع فتن، في أخرها القتل» أخرجه أبوداود
7487 - (م د س) عرفجة - رضي الله عنه -سمعت رسول الله قاله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرّق أمر هذه الأمّة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان».
وفي رواية «فاقتلوه» أخرجه مسلم.
وفي رواية أتي داود «وهنات» مرّة أخرى.
وأخرجه النسائي، وله في أخرى قال: «رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- على المنبر يخطب النّاس، فقال: إنّها ستكون بعدي هنات وهنات، فمن رأيتموه فارق الجماعة - أو يريد أن يفرق أمة محمد - كائنا من كان فاقتلوه، فإن يد الله على الجماعة، والشيطان مع من فارق الجماعة يركض».

[شرح الغريب]
هنات: جمع هنة، وهي الخصلة من الشر، ولا تقال في الخير.
يد الله على الجماعة: أي سكينته ورحمته مع القوم المتفقين المجتمعين.فإذا تفرقوا واختلفوا أزال السكينة عنهم وأوقع بأسهم بينهم.

7488 - (س) أسامة بن شريك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أيما رجل [خرج] يفرّق أمّتي فاضربوا عنقه» أخرجه النسائي.
نوع ثان
7489 - (د) معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «ألا إنّ من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملّة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة» زاد في رواية «وإنه سيخرج في أمّتي أقوام تتجارى بهم الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عرّق ولا مفصل إلا دخله» أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
ستفترق: قال الخطابي: قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ستفترق أمتي» فيه دلالة على أن هذه الفرق غير خارجة عن الملة والدين، إذ جعلهم من أمته.
يتجارى الكلب: التجاري، تفاعل من الجري، وهو الوقوع في الأهواء الفاسدة، والتداعي فيها، تشبيها بجري الفرس، والكلب: داء معروف يعرض للكلب، إذا عض حيوانا عرض له أعراض رديئة فاسدة قاتلة، فإذا تجارى بالإنسان وتمادى هلك.

7490 - (دت) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «تفّرّقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، أو اثنتين وسبعين، والنصارى مثل ذلك، وستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة» أخرجه الترمذي.
وفي رواية أبي داود قال: «وتفرّقت النصارى على إحدى وسبعين، أو اثنتين وسبعين فرقة.....» وذكر الحديث.

7491 - (ت) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليأتينّ على أمّتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النّعل بالنّعل، حتى إن كان منهم من أتى أمّه علانية، ليكوننّ في أمتى من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرّقت على ثنتين وسبعين ملة، وستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين ملة، كلّها في النار، إلا ملة واحدة، قالوا: منّ هي يا رسول الله؟ قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
حذو النعل بالنعل: أي مثل النعل، لأن إحدى النعلين يقطع، وتقدر على قدر النعل الأخرى والحذو: التقدير، وكل من عمل عملا مثل عمل رجلا آخر من غير زيادة ولا نقصان، قيل: عمل فلان حذو النعل بالنعل.

نوع ثالث
7492 - (ت) أبو واقد الليثي - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لما خرج إلى غزوة حنين مرّ بشجرة للمشركين كانوا يعلّقون عليها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فقالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: سبحان الله ! هذا كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، والذي نفسي بيده: لتركبنّ سنن من كان قبلكم» أخرجه الترمذي.
وزاد رزين «حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة، حتى إن كان فيهم من أتى أمّه يكون فيكم، فلا أدري: أتعبدون العجل، أم لا؟».

[شرح الغريب]
أنواط: جمع نوط، وهو مصدر نطت به كذا وكذا انوط نوطا: إذا علقته به، ويسمى المنوط بالنوط.
القذة: ريشة السهم، وجمعها قذذ، وتكون أيضا متساوية الأقدار، تقص كل ريشة على قدر الأخرى.

7493 - (خ م) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لتتّبعنّ سنن من كان قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبّ لتبعتموهم، قلنا: يارسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟» أخرجه البخاري ومسلم.
[شرح الغريب]
جحر ضب: الضب: هذا الحيوان المعروف.
وجحره: ثقبه الذي يأوي إليه، يعني لو دخلوا إلى ثقب الضب مبالغة لدخلتموه.

7494 - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمّتي مأخذ القرون قبلها شبرا بشبر، وذراعا بذراع، قيل له: يا رسول الله، كفارس والروم؟ قال: من الناس إلا أولئك؟» أخرجه البخاري.
7495 - (م) عائشة - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يذهب الليل والنهار، حتى تعبد اللاّت والعزّى، قلت: يا رسول الله، إن كنت لأظنّ حين أنزل الله تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون} [الصف: 9] أن ذلك تامّ، قال: إنّه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يبعث الله ريحا طيّبة، فتتوفّى كلّ من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم» أخرجه مسلم.
7496 - (م د ت) ثوبان - رضي الله عنه-: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّما أخاف على أمّتي الأئمة المضلّين، فإذا وضع السيف في أمتى، لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلتحق قبائل من أمتى بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وانّه يكون في أمتى ثلاثون كذّابون، كلّهم يزعم إنه نبيّ، وأنا خاتم النبيين، ولا نبيّ بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق، لا يضرّهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» قال علي بن المديني: هم أصحاب الحديث.
هذا الحديث أورده رزين هكذا، وأخرج مسلم بعضه، وهو مذكور في «فضائل الأمة» من كتاب الفضائل.
وأخرجه أبو داود في جملة حديث وهو مذكور في المعجزات من «كتاب النبوة» من حرف النون، وأخرجه الترمذي مفرّقا في ثلاثة مواضع.

نوع رابع
7497 - (د) سعيد بن زيد - رضي الله عنه -: قال: «كنّا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكر فتنة عظّم أمرها، فقلنا - أو قالوا - يا رسول الله، لئن أدركتنا هذه لنهلكنّ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كلاّإنّ بحسبكم القتل»
قال سعيد: «فرأيت إخواني قتلوا». أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
بحسبكم القتل: أي: إن القتل كافيكم ومقنعكم..

7498 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليأتينّ على الناس زمان، لا يدري القاتل في أيّ شيء [قتل]، ولا يدري المقتول في أي شيء قتل؟ قيل: وكيف؟ قال: الهرج، القاتل والمقتول في النار» أخرجه مسلم.
7499 - (خ م) أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -: قال: «أشرف النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على أطم من آطام المدينة، فقال: هل ترون ما أرى؟ قال: لا، قال: فإني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر». أخرجه البخاري ومسلم،
[شرح الغريب]
الأطم: بناء مرتفع، وجمعه آطام.

7500 - (د ت) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنّها ستكون فتنة تستنطف العرب، قتلاها في النار، اللسان فيها أشدّ من وقع السيف» أخرجه الترمذي وأبو داود.
[شرح الغريب]
تستنطف: استنطفت الشيء: إذا أخذته كله.

7501 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ستكون فتنة صمّاء بكماء عمياء، من أشرف لها استشرفت [له] وإشراف اللسان فيها كوقوع السيف» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
صماء بكماء عمياء: البكم: الخرس في أصل الخلقة، والصمم: الطرش أراد أن هذه الفتنة لا تسمع ولا تبصر، ولا تقلع والا ترتفع، لأنها لا حواس لها فترعوي إلى الحق، أو أنه شبهها لاختلاطها وقتل البريء فيها والسقيم بالأعمى الأصم الأخرس، الذي لا يهتدي إلى شيء، فهو يخبط خبط عشواء.

7502 - (د) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
تمرق مارقة: مرق السهم في الهدف: إذا نفذ منه وخرج، والمراد: أنه تخرج طائفة من الناس على المسلمين فتحاربهم، والمارق: الخارج عن الطاعة المفارق للجماعة.

نوع خامس
7503 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا مشت أمتي المطيطاء، وخدمتها أبناء الملوك وفارس والروم: سلّط شرارها على خيارها» أخرجه الترمذي.

[شرح الغريب]
المطيطاء: بضم الميم والمد: المشي بتبختر، وهي مشية المتكبرين المفتخرين، من مط يمط: إذا مد.

7504 - (م) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم: أيّ قوم أنتم؟ قال عبد الرحمن بن عوف: نكون كما أمرنا الله عزّ وجلّ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، أو تتباغضون، أو غير ذلك، ثم تنطلقون إلى مساكين المهاجرين، فتحملون بعضم على رقاب بعض» أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
تتنافسون، المنافسة على الشيء: المبالغة عليه، والانفراد به.
تتدابرون، التدابر: كناية عن الاختلاف والافتراق، وأصله: أن يولي كل واحد ظهره لأخيه، فإذا أعطاه ظهره فقد فارقه وخالفه، وبضده: إذا أقبل عليه وأعطاه وجهه.

7505 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كانت أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سمحاءكم، وأموركم شورى بينكم، فظهر الأرض خير [لكم] من بطنها، وإذا كانت أمراؤكم شراركم، وأغنياؤكم بخلاءكم، وأمورك إلى نسائكم، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
أمركم شورى: أي مما تشاورون فيه.

نوع سادس
7506 - علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «كيف بكم إذ فسق فتيانكم، وطغى نساؤكم؟ قالوا: يا رسول الله، وإنّ ذلك لكائن؟ قال نعم، وأشدّ، كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ قالوا: يا رسول الله، وإنّ ذلك لكائن؟ قال: نعم، وأشد، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف؟ قالوا: يا رسول الله وإنّ ذلك لكائن؟ قال نعم، وأشدّ كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا»، أخرجه.....

[شرح الغريب]
طغى الماء: إذا زاد، وطغى الإنسان: إذا تجاوز الحد في الواجب، وفعل مالا يناسب محله.

7507 - (خ) أبو مالك الأشعري - رضي الله عنه - أو أبو عامر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ليكوننّ من أمتي قوم يستحلّون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف، ولينزلنّ أقوام إلى جنب علم، تروح عليهم سارحة لهم، فيأتيهم رجل لحاجة، فيقولون: ارجع إلينا غدا، فيبيّتهم الله، ويصنع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة» أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
سارحة القوم: مواشيهم، لأنها تسرح إلى المرعى، ثم تروح علي أهلها بالعشي.
العلم: الجبل والعلامة.
فيبيتهم: بيتهم العدو: إذا طرقهم ليلا وهم غافلون.

7508 - (د) يزيد بن عميرة وكان من أصحاب معاذ بن جبل - رضي الله عنه- أنه قال: «كان لا يجلس مجلسا للذّكر، إلا قال حين يجلس: الله حكم قسط، هلك المرتابون، فقال معاذ بن جبل يوما: إن ورائكم فتنا يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والرجل والمرأة، والعبد والحرّ، والصغير والكبير، فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتّبعوني وقد قرأت القرآن؟ وماهم بمتّبعيّ حتى أبتدع لهم غيره فإياكم وما ابتدع، فإنما ابتدع ضلالة، وأخذّركم زيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق، قال: قلت لمعاذ: وما تدري رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأنّ المنافق يقول كلمة الحق؟ قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال: ما هذه؟ ولا يثنينّك ذلك عنه فإنه لعله يراجع، وتلقّ الحق إذا سمعته، فإن على الحق نورا».
وفي رواية «ولا ينبئنّك ذلك عنه» وفيها «بالمشتبهات» عوض «المشتهرات».
وفي أخرى قال: «بلى، ماتشابه عليكم من قول الحكيم، حتى تقول ما أراد بهذه الكلمة» أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
القسط: العدل.
زيغة الحكيم: الزيغ، وأراد به: الميل عن الحق، والحكيم: العالم العارف، أراد به: الزلل والخطأ الذي يعرض للعالم العارف، أو يتعمده لقلة دينه.

نوع سابع
7509 - (خ م د) [بسر بن عبيد الله] قال: قال أبو إدريس الخولاني: إنه سمع حذيفة - رضي الله عنه قال: «كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنّا كنا في جاهلية وشرّ، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شرّ؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قلا: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستنّون بغير سنّتي، ويدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، فقلت: فهل بعد ذلك الخير من شرّ؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال قال: [نعم من جلدتنا، ويتكلّمون بألسنتنا] فقلت: يا رسول الله، فما ترى - وفي رواية: فما تأمرني - إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم؟ قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلّها، ولو أن تعضّ بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك». أخرجه البخاري، ومسلم.
ولمسلم نحوه، وفيه قلت: «ما دخنه؟ قال: قوم لا يستنّون بسنّتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع» وأخرجه البخاري أيضا مختصرا، قال حذيفة: «تعلّم أصحابي الخير وتعلّمت الشرّ».
وفي رواية أبي داود قال سبيع بن خالد: أتيت الكوفة في زمن فتحت تستر، أجلب منها بغالا، فدخلت المسجد، فإذا صدع من الرجال، وإذا رجل جالس، تعرف إذا رأيته أنّه من رجال الحجاز، قلت: من هذا؟ فتجهّمني القوم، وقالوا: ما تعرفه؟ هذا حذيفة صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسمعته يقول: «إن الناس كانوا يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، فأحدقه القوم بأبصارهم، فقال: إني قد أرى الذي تنكرون إني قلت: يا رسول الله، أرأيت هذا الخير الذي أعطاناه الله، أيكون بعده شرّ، كما كان قبله؟ قال: نعم، قلت: فما العصمة من ذلك؟ قال: السيف، قلت: فهل للسّيف من تقيّة؟ قال: نعم.
وفي رواية: بعد السيف: تقيّة على أقذاء، وهدنة على دخن، قال: قلت: يا رسول الله، ثم ماذا؟ قال: إن كان لله خليفة في الأرض فضرب ظهرك، وأخذ مالك، فأطعه، وإلا فمت وأنت عاضّ بجذل شجرة: قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم يخرج الدجال، معه نهر ونار، فمن وقع في ناره، وجب أجره وحط وزره، من وقع في نهره وجب وزره، وحطّ أجره، قال: قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم هي قيام الساعة».
وفي رواية بهذا الحديث، وقال: «فإن لم تجد يومئذ خليفة، فاهرب حتى تموت وأنت عاض - وقال في آخره: قلت فما يكون بعد ذلك؟ قال: لو أن رجلا نتج فرسا لم تنتج له حتى تقوم القيامة».
وفي أخرى له: قال نصر بن عاصم الليثي: أتينا اليشكريّ في رهط من بني ليث، فقال: من القوم؟ فقلنا: بنو الليث، أتيناك نسألك عن حديث حذيفة، قال: أقبلنا مع أبي موسى قافلين، وغلت الدوابّ بالكوفة، فسألت أبا موسى أنا وصاحب لي، فأذن لنا، فقدمنا الكوفة، فقلت لصاحبي: أنا داخل المسجد، فإذا قامت السّوق خرجت إليك، قال: فدخلت المسجد، فإذا فيه حلقة، كأنما قطعت رؤوسهم، يستمعون إلى حديث رجل. قال: فقمت عليهم، فجاء رجل، فقام إلى جنبي، فقلت: من هذا؟ قال: أبصريّ أنت؟ قلت: نعم، قال: قد عرفت، ولو كنت كوفيّا، لم تسأل عن هذا، قال: فدنوت منه، فسمعت حذيفة يقول: «كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، وعرفت أن الخير لن يسبقني، قلت: يا رسول الله، هل بعد هذا الشر خير؟ قال: يا حذيفة تعلّم كتاب الله، واتّبع ما فيه - ثلاث مرات - قلت: يا رسول الله [هل] بعد هذا الخير شرّ؟ قال: فتنة وشرّ؟ قال: فتنة وشرّ، قال: قلت: يا رسول الله [هل] بعد هذا الشّرّ خير؟ قال: يا حذيفة، تعلّم كتاب الله، واتّبع ما فيه - ثلاث مرات - قالت: يا رسول الله، [هل] بعد هذا الشّرّ خير؟ قال: هدنة على دخن، وجماعة على أقذاء فيها، أو فيهم، قلت: يا رسول الله، الهدنة على الدخن ما هي؟ قال: لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه، قلت: يا رسول الله هل بعد هذا الخير شر؟ قال: يا حذيفة، تعلّم كتاب الله، واتّبع ما فيه - ثلاث مرات - قلت: يا رسول الله، بعد هذا الخير شرّ؟ قال: نعم فتنة عمياء صمّاء، عليها دعاة على أبواب النار، فإن متّ يا حذيفة وأنت عاضّ على جذل شجرة خير لك من أن تتّبع أحدا منهم.»
وفي نسخة قال: أتينا اليشكريّ في رهط، فقلنا: أتيناك نسألك عن حديث حذيفة. فذكر الحديث هكذا - ولم يذكر لفظه، قال: قلت: «يا رسول الله، هل بعد هذا الخير شر؟ قال: يا حذيفة تعلّم كتاب الله، واتّبع ما فيه - ثلاث مرات - قلت: يا رسول الله، هل بعد هذا الشر خير؟ قال: هدنة على دخن، وجماعة على أقذاء، قلت: يا رسول الله، الهدنة على الدّخن ما هي؟ قال: لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه، قال: قلت: يا رسول الله، بعد هذا الخير شر؟ قال: فتنة عمياء صمّاء....» الحديث.

[شرح الغريب]
الصدع، بسكون الدال، ربما حرك: الخفيف من الرجال الدقيق، فأما في الوعول: فلا يقال إلا بالتحريك، والخطابي لم يفرق بينهما في التحريك، وقال: هو من الرجال: الشاب المعتدل القناة، ومن الوعول: الفتي.
تجهمت فلانا: أي كلحت في وجه، وتقبضت عند لقائه.
فأحدقوه: يقال: أحدق به الناس، أي: أطافوا به، وأحدقوه بأبصارهم، أي: حققوا النظر إليه، وجعلوا أبصارهم محيطة به.
العصمة: ما يعصم به، أي: يستمسك.
تقية: التقية والتقاة بمعنى، تقول: اتقى يتقي تقاة وتقية.
أقذاء: جمع القذى، والقذاء جمع القذاة، وهو ما يقع في العين من الأذى، وفي الشراب والطعام من تراب أو تبن، أو غير ذلك، والمراد به في الحديث: الفساد الذي يكون في القلوب، أي: إنهم يتقون بعضهم بعضا، ويظهرون الصلح والاتفاق: ولكن في باطنهم خلاف ذلك.
هدنة على دخن: الهدنة والدخن، قد ذكرا، وقد جاء في الحديث تفسير الدخن، قال: لا ترجع قلوب قوم على ما كانت عليه، وأصل الدخن: أن يكون في لون الدابة كدورة إلى سواد، ووجه الحديث: أن تكون القلوب كهذا اللون، لا يصفوا بعضها لبعض.
جذل الشجرة: أصلها، وجذل كل شيء: أصله.

7510 - (م د س) عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال: دخلت المسجد، فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - جالس في ظل الكعبة، والناس مجتمعون إليه، فأتيتهم، فجلست إليه، فقال: «كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فنزلنا منزلا، فمنا من يصلح خباءه، ومنّا من ينتضل، ومنا من هو في جشره، إذ نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إنه لم يكن نبيّ قبلي، إلا كان حقا عليه أن يدلّ أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم، وإن أمّتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيزلق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تكشف، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحبّ أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيّته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحبّ أن يؤتى إليه، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطّعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر، قال: فدنوت منه، فقلت: أنشدك الله، أنت سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه، وقال: سمعته أذناي، ووعاه قلبي، فقلت له: هذا ابن عمّك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، ونقتل أنفسنا، والله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، إلاّ أن تكون تجارة عن تراض منكم، ولا تقتلوا أنفسكم إنّ الله كان بكم رحيما} [النساء: 29] فسكت عني ساعة، ثم قال: أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله» أخرجه مسلم.
وأخرج أبو داود طرفا من آخر من قوله: «من بايع إماما...» إلى آخره. وقد ذكرنا هذا الطرف في «كتاب الخلافة» من حرف الخاء.
وأخرجه النسائي بطوله إلى قوله: «أنت سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: نعم».

[شرح الغريب]
ينتضل: الانتضال: الرمي بالسهام.
جشره: الجشر: المال من المواشي التي ترعى أمام البيوت والديار، وقال: جشر يرعى في مكانه لا يراجع إلى أهله يقال: جشرنا دوابنا: أخرجناها إلى المرعى نجشرها جشرا، ولا نروح إلى أهلنا.
فيزلق: أزلقت بعضها بعضا: دفع بعضها بعضا، كأن الثانية تزحم الأولى، لسرعة ورودها عليها، ويزلق بعضها بعضا: يعجلها، والإزلاق: الإعجال. في هذا الحديث إخبار من النبي -صلى الله عليه وسلم- بما لم يكن، وهو في علم الله أمر كائن، فخرج لفظه على لفظ الماضي، تحقيقا لوقوعه وحدوثه، وفي إعلامه به قبل وقوعه دليل من دلائل النبوة، وفيه دليل على ما وظفه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الكفرة في الأمصار من الجزية ومقدارها.

نوع ثامن
7511 - (م) جابر - رضي الله عنه -: قال: «يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم، قال أبو نضرة: قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذاك، ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدي، قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الرّوم، ثم سكت هنيّة، ثم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا، لا يعدّه عدّا، قال: قلت لأبي نضرة، وأبي العلاء: أتريان أنه عمر بن عبد العزيز؟ قالا: لا». أخرجه مسلم.

[شرح الغريب]
المدي: مكيال لأهل الشام يسع خمسة وأربعين رطلا، والقفيز لأهل العراق ثمانية مكاكيك، والإردب لأهل مصر أربعة وستون منا وأربعة وعشرون صاعا على أن الصاع خمسة أرطال وثلث.

7512 - (م د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر إردبّها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم». شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه. أخرجه مسلم.
وفي رواية أبي داود قال: «منعت العراق قفيزها ودرهمها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر إردبّها ودينارها، ثم عدتم من حيث بدأتم، ثم قالها زهير ثلاث مرات، شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه».

[شرح الغريب]
منعت: وأما قوله: منعت فله معنيان، أحدهما: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- أخبر أنهم سيسلمون وسيسقط ما وظف عليهم بإسلامهم، فصاروا بإسلامهم مانعين ما كان عليهم من الوظائف، واستدل على هذا بقوله: «وعدتم امن حيث بدأتم لأن بدءهم في علم الله وفي قضائه وقدره: أنهم سيسلمون، فعادوا من حيث بدؤوا، والوجه الثاني: أنهم يرجعون عن الطاعة، ويعضده الحديث الذي أورده البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: «كيف أنتم إذا لم تجبوا دينارا ولا درهما؟ فقيل: وكيف ترى ذلك كائنا؟ قال: إي والذي نفسي بيده عن قول الصادق المصدوق قيل: عم ذاك؟ قال: تهتك حرمة الله وذمة رسوله فيشد الله على قلوب أهل الذمة فيمنعون ما في أيديهم»..

نوع تاسع
7513 - (م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: «سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن عرش إبليس على البحر، فيبعث سراياه، فيفتنون النّاس، فأعظمهم عنده: أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم، فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرّقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه، ويلتزمه، ويقول: نعم أنت». أخرجه مسلم.

7514 - (م) محمد بن سيرين: قال: قال جندب - رضي الله عنه -: «جئت يوم الجرعة، فإذا رجل جالس، فقلت: ليهراقنّ اليوم هاهنا دماء، فقال ذلك الرجل: كلا والله، فقلت: بلى والله، قال: كلا والله، قلت: بلى والله، قال: كلا والله، إنّه لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدّثنيه، قلت له: بئس الجليس لي أنت منذ اليوم، تسمعني أحالفك، وقد سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلا تنهاني، ثم قلت: ما هذا الغضب؟ فأقبلت عليه وأسأله، فإذا الرجل حذيفة». أخرجه مسلم.
وزاد رزين قال: وسمعته يقول: «إذا كان كذا وكذا - يعني لفتن تكون - فقد آن لكم أن يخرج بكم الشّرف الجون».

[شرح الغريب]
أحالفك: المحالفة: مفاعلة من الحلف، وهي اليمين.
الشرف: جمع شارف، وهي الناقة الهرمة، وقال الخطابي: الشرف بضم الشين والراء والأول أكثر، والجون: السود،جمع جون شبه الفتن في اتصالها وامتداد أوقاتها بالشرف لطول أعمارها، وروي الشرق جمع شارق، وهو الذي يأتي من قبل الشرق.

7515 - (د) أبو البختري - رحمه الله -: قال: أخبرني من سمع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- - وفي رواية: حدّثني رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لن يهلك الناس، أو يعذروا من أنفسهم». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
أعذر فلان من نفسه: إذا أتي من نفسه، كأنها هي التي قامت بعذر من لامها، والمعنى: حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم، فتقوم الحجة عليهم، ويتضح عذر من يعاقبهم، يقال: أعذر الرجل وعذر: إذا صار ذا عيب.

نوع عاشر
7516 - (م) سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -: أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «من سلّ علينا السيف فليس منّا». أخرجه مسلم.

7517 - (خ م ت) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «من حمل علينا السلاح فليس منا». أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي.
[شرح الغريب]
من حمل علينا السلاح فليس منا: معناه: حمل السلاح على المسلمين لكونهم مسلمين، فليس بمسلم، وأما إذا لم يحمل لأجل الإسلام، فقد اختلف في معني قوله: «فليس منا» فقيل: ليس متخلقا بأخلاقنا وأفعالنا، وقيل: ليس مثلنا.

7518 - (خ م ت س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «من حمل علينا السلاح فليس منا». أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
7519 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشّنا فليس منا». أخرجه مسلم.
7520 - (س) عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه -: أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «من شهر سيفه ثم وضعه، فدمه هدر».
وفي رواية: «من رفع السلاح ثم وضعه، فدمه هدر».
وفي رواية موقوفا عليه. أخرجه النسائي.

[شرح الغريب]
فدمه هدر: ذهب دمه هدرا، وأهدر دمه: إذا لم يطلب بثأره.


التوقيع :
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 جمادى الأولى 1431هـ/6-05-2010م, 12:09 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب الفتن(2)

الفصل الثالث: في ذكر العصبية والأهواء
7521 - (م س) جندب بن عبد الله - رضي الله عنه -: قال: قالّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «من قتل تحت راية عمّيّة يدعو عصبيّة، أو ينصر عصبيّة، فقتلة جاهلية». أخرجه مسلم، والنسائي.

[شرح الغريب]
العمية: بتشديدتين: الجهالة والضلالة، وهي فعيلة من العمى.
فقتلة: بكسر القاف: حالة القتيل، أي فقتله قتل جاهلي.
عصبية: العصبية: المحاماة والمدافعة عن الإنسان الذي يلزمك أمره، أو تلتزمه لغرض.

7522 - (د) جبير بن مطعم - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ليس منّا من دعا إلى عصبيّة، وليس منا من قاتل عصبيّة، وليس منا من مات على عصبيّة». أخرجه أبو داود.
7523 - (د) سراقة بن مالك بن جعشم - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطبنا فقال: «خيركم المدافع عن عشيرته، ما لم يأثم». أخرجه أبو داود.
7524 - (د) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: قال: «من نصر قومه على غير الحق، فهو كالبعير الذي ردّي في مهواة، فهو ينزع بذنبه».
وفي رواية قال: «انتهيت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو في قبة من أدم...» فذكر نحوه. أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
مهواة: الحفرة في الأرض، وكل مهلكة مهواة.
التردي: الوقوع من العلو.

7525 - (د) واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه -: قال: قلت: يا رسول الله، ما العصبية؟. قال: «أن تعين قومك على الظّلم». أخرجه أبو داود.
7526 - (د) عمرو بن أبي قرة - رحمه الله -: قال: «كان حذيفة بالمدائن، فكان يذكر أشياء قالها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأناس من أصحابه في الغضب فينطلق ناس ممن سمع ذلك من حذيفة، فيأتون سلمان، فيذكرون له قول حذيفة، فيقول سلمان: حذيفة أعلم بما يقول، فيرجعون إلى حذيفة، فيقولون له: قد ذكرنا قولك لسلمان، فما صدّقك، ولا كذّبك، فأتى حذيفة سلمان وهو في مبقلة، فقال: يا سلمان، ما منعك أن تصدّقني بما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال سلمان: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يغضب فيقول في الغضب لناس من أصحابه، ويرضى فيقول في الرضى لناس من أصحابه، ثم قال لحذيفة: أما تنتهي حتى تورث رجالا حبّ رجال، ورجالا بغض رجال، وحتى توقع اختلافا وفرقة، ولقد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب، فقال: أيّما رجل من أمّتي سببته سبّة أو لعنته لعنة في غضبي، فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة، والله لتنتهينّ أو لأكتبنّ إلى عمر». أخرجه أبو داود.
7527 - (م) سفيان الثوري: قال: سمعت رجلا سأل جابرا الجعفي عن قوله تعالى: {فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي، أو يحكم الله لي، وهو خير الحاكمين} [يوسف: 80] قال جابر: لم يجئ تأويلها بعد، قال سفيان: كذب، قيل لسفيان: ما أراد بهذا؟ فقال: طائفة من الرافضة يقولون: إن عليّا في السحاب، فلا تخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء - يريدون عليا - اخرجوا مع فلان، فذلك تأويل هذه الآية عندهم، وكذب جابر، وكذبوا هم، إنما كانت هذه الآية في إخوة يوسف عليه السلام، وقال تعالى: {وحرام على قرية أهلكناها أنّهم لا يرجعون} [الأنبياء: 95]. أخرجه مسلم في مقدمة كتابه.
الفصل الرابع: من أي الجهات تجيء الفتن، وفيمن تكون
7528 - (خ م ط) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رأس
الكفر نحو المشرق، والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل: الفدّادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم». أخرجه البخاري، ومسلم، والموطأ.
وللبخاري أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «الإيمان يمان، والفتنة هاهنا حيث يطلع قرن الشيطان».
ولمسلم أنه قال: «الإيمان يمان، والكفر قبل المشرق، والسكينة في أهل الغنم، والفخر والرياء في الفدّادين أهل الخيل والوبر».

7529 - (خ م ط ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو على المنبر: «ألا إن الفتنة هاهنا يشير إلى المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان». وفي رواية قال - وهو مستقبل المشرق -: «ها، إن الفتنة هاهنا - ثلاثا- وذكره».
وفي أخرى أنه سمع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- - وهو مستقبل المشرق - يقول: «ألا إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان». أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري قال: «قام النبي -صلى الله عليه وسلم- خطيبا، فأشار نحو مسكن عائشة، فقال: هنا الفتنة - ثلاثا - من حيث يطلع قرن الشيطان».
وللبخاري بزيادة في أوله: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا، قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا؟ قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ فأظنه قال في الثالثة: هنالك الزلازل والفتن، ومنها يطلع قرن الشيطان»، وقد اختلف على ابن عون فيه، فروي عنه مسندا، وروي عنه موقوفا على ابن عمر من قوله.
وله في أخرى قال: «رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يشير إلى المشرق، ويقول: ألا إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان»، ولمسلم قال: «خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بيت عائشة، فقال: رأس الكفر من هاهنا، من حيث يطلع قرن الشيطان».
وفي أخرى له عن سالم: أنه قال: «يا أهل العراق، ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم للكبيرة!! سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الفتنة تجيء من هاهنا - وأومأ بيده نحو المشرق- من حيث يطلع قرن الشيطان، وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض، وإنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ، فقال الله له: {وقتلت نفسا فنجّيناك من الغمّ، وفتنّاك فتونا} [طه: 40]».
وفي أخرى له: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام عند باب حفصة - وقال بعض الرواة: عند باب عائشة - فقال بيده، نحو المشرق: الفتنة هاهنا، من حيث يطلع قرن الشيطان- قالها مرتين أو ثلاثا».
وأخرج الموطأ الرواية الثانية من أفراد البخاري، وأخرج الترمذي الأولى من أفراد البخاري.
وله في أخرى: «أنه قام على المنبر، فقال: هاهنا أرض الفتن - وأشار إلى المشرق- من حيث يطلع قرن الشيطان».

[شرح الغريب]
الإيمان يمان: أضاف الإيمان إلى اليمن، لأن أصل ظهوره من مكة، والكعبة تسمى: الكعبة اليمانية.
وفتناك فتونا: خلصناك من الفتن والشر، فتن الصائغ الفضة: إذا خلصها مما فيها من غيرها.

7530 - أبو مسعود البدري - رضي الله عنه -: يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من هاهنا جاءت الفتن نحو المشرق، والجفاء والقسوة وغلظ القلوب في الفدّادين، أهل الوبر عند أصول أذناب الإبل والبقر، في ربيعة ومضر». أخرجه....
[شرح الغريب]
الجفاء: الغلظة والقسوة والصلابة.

الفصل الخامس: في قتال المسلمين بعضهم لبعض
7531 - (خ م د س) الأحنف بن قيس - رحمه الله -: قال: «خرجت أنا أريد هذا الرجل، فلقيني أبو بكرة، فقال: أين تريد يا أحنف؟ قال: قلت: أريد نصر ابن عمّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا أحنف ارجع، فإنّي سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا توّجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار، قال: فقلت: - أو قيل: - يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه قد أراد قتل صاحبه».
وفي رواية مختصرا، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار».
وفي أخرى «إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح، فهما على جرف جهنم، فإذا قتل أحدهما صاحبه دخلاها جميعا».أخرجه البخاري ومسلم. وأخرجه أبو داود والنسائي المسند من الأولى. وأخرجه النسائي أيضا الرواية الآخرة.
وله في أخرى نحوها، وقال: «فإذا قتل أحدهما الآخر فهما في النار».

[شرح الغريب]
على جرف: جرف الوادي: الموضع الذي يجرفه السيل، أي يهدمه ويخربه فلا يكون له ثبات.

7532 - (س) أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه: - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فقتل أحدهما صاحبه، فهما في النار، قيل: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: أراد قتل صاحبه». أخرجه النسائي.
7533 - (خ م ت) أبو هريرة - رضي الله عنه: - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري، لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفّرة من النار» أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم قال: سمعت أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه» زاد في رواية لم يرفعها: «وإن كان أخاه لأبيه وأمّه» وأخرج الترمذي الرواية الثانية.

[شرح الغريب]
ينزع،النزع: الفساد، فنهي عن الإشارة بالحديدة إلى أخيه، خوفا من أن يتفق من الشيطان فساد في ذلك، فيصيبه بما يؤذيه، فيأثم بتلك الإشارة التي آلت إلى الأذى.

7534 - (س) سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «قتال المسلم كفر وسبابه فسق» أخرجه النسائي.
7535 - (خ م ت س) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «سباب المسلم فسوق،وقتاله كفر». أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
[شرح الغريب]
سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر: قيل: هذا محمول على من سب مسلما أو قاتله من غير تأويل، وقيل: إنما قال ذلك على جهة التغليظ، لا أن قتاله كفر يخرج عن الملة.

7536 - (خ) سعيد بن جبير - رحمه الله -: قال: «خرج علينا عبد الله بن عمر رضي الله عنه، فرجونا أن يحدّثنا حديثا حسنا، فبادرنا إليه رجل يقال له: حكيم، فقال: يا أبا عبد الرحمن، حدّثنا عن القتال في الفتنة وعن قوله تعالى: {وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة} [البقرة: 193] قال: وهل تدري ما الفتنة؟ ثكلتك أمّك، إنّما كان محمد -صلى الله عليه وسلم- يقاتل المشركين، وكان الدخول في دينهم فتنة، وليس كقتالكم على الملك» أخرجه البخاري.
7537 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
لا ترجعوا بعدي كفارا: قال الخطابي: له تأويلان، أحدهما: أنه أراد بالكفر المتكفرين في السلاح، أي: المستترين فيه، وأصل الكفر: الستر وقيل: معناه: لا ترجعوا بعدي فرقا مختلفة يقتل بعضكم بعضا، فتشبهون الكفار، يريد أن الكفار يقتل بعضهم بعضا لعداوتهم، بخلاف المسلمين، فإنهم مأمورون بحقن دمائهم، وأن لا يقتل بعضهم بعضا، وقيل: هم أهل الردة الذين قتلوا في زمن أبي بكر - رضي الله عنه.

7538 - (د س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض»، أخرجه أبو داود والنسائي.
وزاد النسائي في رواية أخرى: «ولا يؤخذ الرّجل بجناية أبيه ولا جناية أخيه».

7539 - (س) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ولا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه، لا جريرة أخيه» في أخرى: «لا ترجعوا بعدي ضلاّلا، يضرب بعضكم رقاب بعض» أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
بجريرة: الجريرة: الجناية والذنب الذي يفعله الإنسان فيطالب به.

7540 - (خ م س) جرير [بن عبد الله البجلي] - رضي الله عنه -: قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: «استنصت لي الناس، ثم قال: لا ترجعوا بعدي كفّارا، يضرب بعضكم رقاب بعض». أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
[شرح الغريب]
استنصت القوم: إذا قلت لهم: أنصتوا، أي: اسكتوا لتستمعوا.

7541 - (ط) زيد بن أسلم - رحمه الله -: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يقول: «اللهمّ لا تجعل قتلي بيد رجل صلّى لك سجدة واحدة، يحاجّني بها عندك يوم القيامة» أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
يحاجني: المحاجة: المخاصمة والمجادلة وإظهار الحجة.

7542 - (د) عبد الرحمن بن سمير قال: «كنت آخذا بيد ابن عمر رضي الله عنه في طريق من طرق المدينة، إذ أتى على رأس منصوب، فقال: شقي قاتل هذا، فلما أن مضى، قال: وما أرى هذا إلا قد شقي، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من مشى إلى رجل من أمتي ليقتله، فليقل هكذا، فالقاتل في النار، والمقتول في الجنة» أخرجه أبو داود.
7543 - سالم - [مولى عبد الله بن عمر] - رحمه الله -: أن رجلا من أهل العراق سأل ابن عمر عن قتل محرم بعوضا؟ فقال: «يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة، وأجرأكم على الكبيرة ! يقتل أحدكم من الناس ما لو كان لي عددهم سبحات لرأيت أنه إسراف، وإنّا كنّا نسير مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنزلنا منزلا، فنام رجل من القوم، ففزّعه رجل، فسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: لا يحلّ لمسلم تفزيع مسلم». أخرجه....
[شرح الغريب]
البعوض: صغار البق.

الفصل السادس: في القتال الحادث بين الصحابة والتابعين رضي الله عنهم والاختلاف
قتل عثمان رضي الله عنه
7544 - (ت) ابن أخي عبد الله بن سلام قال: لما أريد عثمان - رضي الله عنه- جاء عبد الله بن سلام، فقال له عثمان: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرتك، قال: اخرج إلى الناس فاطردهم عنّي، فإنّك خارجا خير لي منك داخلا، قال: فخرج عبد الله بن سلام، فقال: أيّها الناس، إنه كان اسمي في الجاهلية فلانا، فسمّاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله، ونزل فيّ آيات من كتاب الله، نزل فيّ {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم، إنّ الله لا يهدي القوم الظّالمين} [الأحقاف: 10] ونزلت فيّ {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم، ومن عنده علم الكتاب} [الرعد: 43] إنّ لله سيفا مغمودا عنكم، وإن] الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا الذي نزل فيه نبيّكم، فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه، فوالله لئنّ قتلّتموه لتطردنّ جيرانكم الملائكة، ولتسلّنّ سيف الله المغمود عنكم فلا يغمد إلى يوم القيامة، قال: فقالوا: اقتلوا اليهوديّ، واقتلوا عثمان. أخرجه الترمذي.

7545 - (خ) نافع [مولى عبد الله بن عمر] - رضي الله عنهما -: أن رجلا أتى ابن عمر. فقال: «يا أبا عبد الرحمن، ما حملك على أن تحجّ عاما، وتعتمر عاما، وتترك الجهاد في سبيل الله، وقد عملت مارّغب الله فيه؟ قال: يا ابن أخي، بني الإسلام على خمس: إيمان بالله ورسوله، والصلاة الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزّكاة، وحجّ البيت، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه: {وإنّ طائفتان من المؤّمنين اقتتلوا} - إلى قوله - {إلى أمر الله} [لحجرات: 9]، وقال: {وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة} [البقرة: 193] قال: فعلنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان الإسلام قليلا، فكان الرجل يفتن في دينه، إمّا قتلوه، وإما عذّبوه، حتى كثر الإسلام، فلم تكن فتنة، قال: فما قولك في علي وعثمان؟ قال: أمّا عثمان: فكان الله عفا عنه، وأمّا أنتم: فكرهتم أن تعفوا عنه، وأما علي: فابن عمّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وختنه - وأشار بيده - فقال: هذا بيته حيث ترون» وفي رواية: «أنّ رجلا جاءه، فقال: يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله عز وجل في كتابه؟ {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا...} إلى آخر الآية، فما يمنعك أن تقاتل كما ذكر الله عز وجل في كتابه، فقال: يا ابن أخي، أغترّ - وفي نسخة: أعيّر - بهذه الآية، ولا أقاتل، أحبّ إليّ من أن أغترّ: بالآية التي يقول الله عز وجلّ: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا....} إلى آخرها [النساء: 93] قال: فإن الله عز وجل يقول: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}، قال ابن عمر: قد فعلنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...» وذكر الحديث وفيه: «فلما رأى أنه لا يوافقه فما يريد، قال: فيما قولك في علي وعثمان؟....» الحديث أخرجه البخاري.
وقعة الجمل
7546 - (خ) عبد الله بن زياد قال: «لما سار طلحة والزبير وعائشة - رضي الله عنهم- إلى البصرة، بعث عليّ عمار بن ياسر وحسنا، فقدما علينا الكوفة، فصعدا المنبر، وكان حسن بن علي في أعلاه، وعمّار أسفل منه، فاجتمعنا إليهما، فسمعت عمّارا يقول: إنّ عائشة قد سارت إلى البصرة، والله إنّها لزوجة نبيّكم في الدنيا والآخرة، ولكنّ الله ابتلاكم ليعلم إيّاه تطيعون، أم هي؟» أخرجه البخاري، وفي أخرى له عن شقيق قال: «لما بعث عليّ عمّارا والحسن بن علي إلى الكوفة ليستنفرهم، خطب عمار، فقال: إني لأعلم أنّها زوجة نبيّكم -صلى الله عليه وسلم- في الدّنيا والآخرة ولكنّ الله ابتلاكم بها، لينظر إيّاه تتّبعون، أو إيّاها؟».

[شرح الغريب]
ليستنفرهم: استنفر الناس: دعاهم إلى أن ينفروا معه إلى نصرته ودفع عدوه.

7547 - (خ) شقيق بن عبد الله قال: «دخل أبو موسى وأبو مسعود على عمار حيث أتي الكوفة ليستنفر الناس، فقال: ما رأينا منك أمرا منذ أسلمت أكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر؟ فقال: ما رأيت منكما أمرا منذ أسلمتما أكره عندي من إبطائكما عن هذا الأمر، قال: ثم كساهما حلّة». وفي أخرى قال: «كنت جالسا مع أبي موسى وأبي مسعود وعمار، فقال أبو مسعود: ما منّ أصحابك من أحد إلا لو شئت لقلت فيه، غيرك، وما رأيت منك شيئا منذ صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعيب عندي من استسراعك في هذا الأمر؟ فقال عمار: يا أبا مسعود، وما رأيت منك ولا من صاحبك هذا شيئا منذ صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعيب عندي من إبطائكما في هذا الأمر، فقال أبو مسعود - وكان موسرا - يا غلام ! هات حلّتين، فأعطى إحداهما أبا موسى، والأخرى عمارا، وقال: روحا فيهما إلى الجمعة» أخرجه البخاري.
7548 - (د) قيس بن عباد - رحمه الله -: قال: قلت لعلي: «أخبرني عن مسيرك هذا، أعهد عهده إليك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أم رأي رأيته؟ قال: ما عهد إليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشيء؟ ولكنّه رأي رأيته؟» أخرجه أبو داود.
الخوارج
7549 - (م د) زيد بن وهب [الجهني] - رضي الله عنه -: أنه كان في الجيش الذين كانوا مع عليّ، الذين ساروا إلى الخوارج - فقال عليّ: «أيّها الناس: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: يخرج قوم من أمّتي، يقرؤون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرؤون القرآن يحسبون أنه له وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة، لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم -صلى الله عليه وسلم- لنكلوا عن العمل، وآية ذلك: أن فيهم رجلا له عضد، ليس له ذراع، على عضده مثل حلمة الثّدي، عليه شعرات بيض، فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام، وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم؟ والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم، فإنّهم قد سفكوا الدّم الحرام، وأغاروا في سرح الناس، فسيروا. قال سلمة بن كهيل: فنزّلني زيد بن وهب منزلا، حتى قال: مررنا على قنطرة، فلما التقينا - وعلى الخوارج يومئذ: عبد الله بن وهب الراسبي فقال لهم: ألقوا الرّماح، وسلّوا سيوفكم من جفونها،فإني أخاف أن يناشدوكم، كما ناشدوكم يوم حروراء، فرّحشوا برماحهم وسلّوا السّيوف، وشجرهم الناس برماحهم، وقتل بعضهم على بعض، وما أصيب من الناس يؤمئذ إلا رجلان، فقال عليّ: التمسوا فيهم المخدج، فالتمسوه، فلم يجدوه، فقام عليّ بنفسه، حتى أتى ناسا، قد قتل بعضهم على بعض. قال: أخّروهم، فوجدوه مما يلي الأرض، فكّبر ثم قال: صدق الله، وبلّغ رسوله، قال: فقام إليه عبيدة السّلمانيّ، فقال: يا أمير المؤمنين، الله الذي لا إله إلا هو، لسمعت هذا الحديث من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو، حتى استحلفه ثلاثا وهو يحلف له» أخرجه مسلم وأبو داود.
وفي أخرى لأبي داود عن أبي الوضيء قال: قال عليّ: «اطلبوا المخدج...» فذكر الحديث واستخرجوه من تحت قتلى في الطين، قال أبو الوضيء: فكأني أنظر إليه، حبشي عليه قريطق له، إحدى يديه مثل ثدّي المرأة، عليها شعيرات مثل الشّعيرات التي تكون على ذنب اليربوع. قال أبو مريم: إن كان ذلك المخدج لمعنا يومئد في المسجد، نجالسه بالليل والنهار، وكان فقيرا، ورأيته مع المساكين يشهد طعام عليّ مع الناس، وقد كسوته برنسا لي، قال أبو مريم: وكان المخدج يسمّى نافعا، ذا الثديّة،، وكان في يده مثل ثدي المرأة، على رأسه حلمة مثل حلمة الثدي، عليه شعيرات مثل سبالة السّنّور.

[شرح الغريب]
تراقيهم: التراقي: جمع ترقوة، وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق.
الرمية: ما يرمى من صيد أبو نحوه، قال الخطابي: وقد أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج على ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين، ورأوا مناكحتهم وأكل ذبائحم، وأجازوا شهادتهم، وسئل عنهم علي بن أبي طالب، فقيل: «أكفارهم؟ قال: من الكفر فروا، فقيل: فمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا، وهؤلاء يذكرون الله بكرة وأصيلا، قيل: من هم؟ قال: قوم أصابتهم فتنة فعموا وصموا»، قال الخطابي، فمعنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: «يمروقون من الدين» أراد بالدين أنهم يخرجون من طاعة الإمام المفترض الطاعة، وينسلخون منها، والله أعلم.
نكلت: عن العمل أنكل: إذا فترت عنه وجبنت عن فعله.
وآية ذلك، والآية: العلامة التي يستدل بها.
جفون السيوف: أغمادها.
وحشت بسلاحي: وبثوبي: إذا رميت به وألقيته من يدك.
التشاجر بالرماح: التطاعن بها، وشجره برمحه: إذا طعنه.
المخدج: الناقص، والخداج: النقص.
قريطق: تصغير قرطق، وهو شبيه بالقباء، فارسي معرب.
ذو الثدية: تصغير الثندوة، بتقدير حذف الزائد الذي هو النون، لأنها من تركيب الثدي، وانقلاب الياء فيها واوأ لضمة ما قبلها.
السبالة: الشارب،والجمع السبال، والهاء في «سبالة» لتأنيث اللفظة.

7550 - (م) عبيد الله بن أبي رافع - مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أن الحرورّية لمّا خرجت على عليّ بن أبي طالب، فقالوا: لا حكم إلاّ لله، قال عليّ: كلمة حق أريد بها باطل، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصف لنا ناسا، إني لأعرف صفتهم في هؤلاء، يقولون الحقّ بألسنتهم، لا يجاوز هذا منهم - وأشار إلى حلقه - من أبغض خلق الله إليه، منهم أسود في إحدى يديه طبي شاة أو حلمة ثدي، فلما قتلهم علي بن أبي طالب، قال: انظروا، فنظروا، فلم يجدوا شيئا، فقال: ارجعوا، فوالله ما كذبت ولا كذبت - مرتين أثلاثا - ثم وجدوه في خربة فأتوا به، حتى وضعوه بين يديه، قال عبيد الله: وأنا حاضر ذلك من أمرهم وقول عليّ فيهم» زاد في رواية: قال ابن حنين: «رأيت ذلك الأسود».
أخرجه مسلم، هذا الحديث أفرده الحميديّ في كتابه عن الذي قبله وجعله حديثا مفردا، وهو رواية منه، وذلك بخلاف عادته في جميع روايات الحديث، وحيث أفرده اتبعناه، وتركنا الأولى، ولعله قد أدرك منه معنى اقتضى له أن يفرده.

[شرح الغريب]
الطبي: لذوات الحافر والسابع كالضرع لغيرها، وقد يكون لذوات الخف.

7551 - (م) عبيدة بن عمرو [السلماني] عن علي - رضي الله عنه - أنه ذكر الخوارج فقال: «فيهم رجل مخّدج اليد، أو مثدون اليد، أو مودن اليد، لولا أن تبطروا لحدّثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم-،قال: فقلت: أنت سمعت هذا من محمد -صلى الله عليه وسلم-؟قال: إي، وربّ الكعبة - قالها ثلاثا -» أخرجه مسلم، وهذا الحديث أيضا أخرجه الحميدي مفردا، وهو رواية من روايات الحديث الأول.
[شرح الغريب]
مثدون اليد روي مثدون اليد ومثدّن اليد ومعناها: صغير اليد مجتمعها، بمنزلة ثندوة الثدي، وأصله: مثند، فقدمت الدال على النون
أو مودن اليد رجل مودن ومودون اليد، أي صغيرها وناقصها، من قولهم: أودنت الشيء إذا نقصته، وودنته فهو مودن ومودون.

7552 - (خ م د س) - سويد بن غفلة قال: قال عليّ - رضي الله عنه -: «إذا حدّثتكم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثا، فوالله لأن أخرّ من السماء أحبّ إليّ من أكذب عليه.
وفي رواية: منّ أنّ أقول عليه ما لم يقل، وإذا حدّثتكم فيما بيني وبينكم، فإن الحرب خدعة، وإني سمعت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: سيخرج قوم في آخر الزّمان حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرّية، يقرؤون القرآن، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية، فأينما لقيطموهم فاقتلوهم، فإنّ في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود.
وأخرجه النسائي قال: قال علي: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يخرج قوم في آخر الزّمان». وذكر الحديث.
وهذا الحديث أيضا: يجوز أن يكون من جملة روايات الحديث الأول، فإنه أيضا في صفة الخوارج.

[شرح الغريب]
أخر: خر من السطح يخر: إذا وقع، وكل من سقط من موضع عال فقد خر.
حدثاء الأسنان: أي شباب لم يكبروا حتى يعرفوا الحق.
سفهاء الأحلام: الأحلام: العقول، والسفه: الخفة في العقل والجهل.

7553 - (خ م ط د س) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: من رواية أبي سلمة وعطاء بن يسار، أنهما أتيا أبا سعيد الخدري، فسألاه عن الحّرورّية، هل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكرها؟ قال: لا أدري من الحرورية؟ ولكني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يخرج في هذه الأمّة - ولم يقل: منها - قوم، تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوز حلوقهم - أو حناجرهم - يمرقون من الدّين مروق السّهم من الرّمية، فينظر الرامي إلى سهمه، إلى نصله، إلى رصافه، فيتمارى في الفوقة: هل علق بهما من الدم شيء؟».
وفي رواية أبي سلمة والضّحّاك الهمداني: أن أبا سعيد الخدري قال: «بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقسم قسما، أتاه ذو الخويصرة - وهو رجل من بني تميم - فقال: يا رسول الله، اعدل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟ - زاد في رواية: قد خبت وخسرت إن لم أعدل - فقال عمر بن الخطاب: ائذن لي فيه فأضرب عنقه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دعه. فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم» زاد في رواية «يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام. وفي رواية: من الدّين - كما يمرق السهم الرّمية، ينظر أحدهم إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيّه لا يوجد فيه شيء - وهو القدح - ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، سبق الفرث والدّم، آيتهم: رجل أسود، إحدى عضديه - وفي رواية: إحدى يديه - مثل البضعة تدردر، يخرجون على حين فرقة من النّاس» قال أبو سعيد: «فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأشهد أن علي بن طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل، فالتمس فوجد، فأتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي نعت».
قال الحميدي: ألفاظ الرواة عن الزهري متقاربة، إلا فيما بيّنا من الزيادة.
وفي أخرى: قال أبو سعيد: «بعث علي- رضي الله عنه - وهو باليمن إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بذهيبة في تربتها، فقسمها بين أربعة: الأقرع بن حابس الحنظلي، ثم أحد بني مجاشع، وبين عيينة بن بدر الفزاري، وبين علقمة بن علاثة العامري، ثم أحد بني كلاب، وبين زيد الخيل الطائي، ثم أحد بني نبهان، فتغضّبت قريش والأنصار، فقالوا: يعطيه صناديد أهل نجد ويدعنا؟ قال [رسول الله -صلى الله عليه وسلم-]: إنما أتألّفهم، فأقبل رجل غائر العينين، ناتئ الجبين كث اللحية، مشرف الوجنتين، محلوق الرأس، فقال: يا محمد، اتق الله، فقال: فمن يطيع الله، إذا عصيته؟ أفيأمني على أهل الأرض،ولا تأمنوني؟ فسأل رجل من القوم قتله - أراه خالد بن الوليد - فمنعه، فلما ولّى، قال: إن من ضئضيء هذا قوما يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد» أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم نحوه بزيادة ألفاظ، وفيها «بذهيبة في أديم مقروظ، لم تحصّل من ترابها - وفيها - والرابع: إما علقمة بن علاثة، وإما عامر بن الطفيل -وفيها - ألا تأمنوني، وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء - فيها - فقال: يا رسول الله، اتق الله، فقال: ويلك ! أولست أحقّ أهل الأرض أن يتقي الله؟ قال: ثم ولّى الرجل، فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله: ألا أضرب عنقه؟ فقال: لا، لعلّه أن يكون يصلي، قال خالد: وكم من مصلّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إني لم أومر أن أنقّب عن قلوب الناس، ولا أشقّ بطونهم، قال: ثم نظر إليه وهو مقفّ، فقال: إنّه يخرج من ضئضي هؤلاء قوم يتلون كتاب الله رطبا، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السّهم من الرمية، قال: أظنه قال: لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل ثمود».
وفي رواية «فقام إليه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: لا، فقام إليه خالد سيف الله، فقال: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: لا».
وفي رواية البخاري أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في النّصل فلا يرى شيئا، وينظر في القدح فلا يرى شيئا، وينظر في الريش فلا يرى شيئا، ويتمارى في الفوق».
وللبخاري طرف منه أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «يخرج ناس من قبل المشرق يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه، قيل: ما سيماهم؟ قال: سيماهم التحليق - أو قال: التّسبيد».
ولمسلم في أخرى «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ذكر قوما يكونون في أمته، يخرجون في فرقة من الناس، سيماهم التحالق، قال: هم شرّ الخلق - أو من أشرّ الخلق - يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق، قال: فضرب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لهم مثلا - أو قال قولا - الرجل يرمي الرمية - أو قال: الغرض - فينظر في النصل فلا يرى بصيرة، وينظر في الفوق فلا يرى بصيرة، قال أبو سعيد: وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق».
وله في أخرى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين، يقتلها أولى الطائفتين بالحق».
وفي أخرى: وذكر فيه «قوما يخرجون على فرقة مختلفة، يقتلهم أقرب الطائفتين من الحق». وأخرج الموطأ الرواية الأولى من أفراد البخاري وقال: «تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وأعمالكم مع أعمالهم».
وأخرج أبو داود والنسائي الرواية الثالثة التي فيها ذكر «الذهيبة».

[شرح الغريب]
قدح: القدح: السهم قبل أن يعمل فيه الريش والنصل، وقبل أن يبرى.
الرّصاف: العقب الذي يكون فوق مدخل النصل في السهم، واحدها: رصفة، بالتحريك.
التماري: تفاعل من المرية: الشك، والمراد: الجدال.
الفوقة: والفوق: موضع وقوع الوتر من السهم.
النضي: بالضاد المعجمة - بوزن النقي: القدح أول ما يكون قبل أن يعمل، ونضي السهم: ما بين الريش والنصل، ونضو السهم: قدحه، وهو ما جاوز الريش إلى النصل، وقيل: النضي: نصل السهم، والمراد به في الحديث: ما بين الريش والنصل.
الفرث: السرجين وما يكون في الكرش.
البضعة: القطعة من اللحم.
تدردر: التدردر التحرك والترجرج مارّا أو جائيا.
الذهبية: تصغير الذهب، وهو في الأصل مؤنث، والقطعة منه ذهبة، فلما صغر أضاف إليه الهاء، كما يقال في تصغير قوس: قويسة، وفي تصغير قدر: قديرة.
الأديم: المقروظ المدبوغ بالقرظ.
الصناديد: جمع صنديد، وهو السيد الشريف.
التألف: الإيناس والتحبب، والمراد: لأحبب إليهم الإسلام وأزيل نفورهم منه.
الضئضئ: بالهمز: الأصل، والمراد: يخرج من صلبه ونسله.
أنقب: التنقيب: التفتيش.
مقف: قفى الرجل الرجل يقفي، فهو مقف: إذا أعطاك قفاه وولى.
التسبيد: حلق الشعر واستئصاله، وقيل: هو ترك التدهن وغسل الرأس.
التحليق: والتحالق، حلق شعر الرأس، وهو تفاعل منه، كأن بعضهم يحلق بعضا.
الغرض: الهدف.
البصيرة: الدليل والحجة الذي يستدل به، لأن الدليل يوضح المعنى ويحققه، فكأن صاحبه يبصر به، والبصيرة هو شيء من الدم يستدل به على الرمية.

7554 - (د) أبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل، ويسيئون الفعل، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السهم من الرّمية، ثم لا يرجعون حتى يرتد على فوقه، هم شر الخلق، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله، وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم، قالوا: يا رسول الله،ما سيماهم؟ قال: التحليق».
وفي رواية عن أنس نحوه قال: «سيماهم التحليق والتسبيد، فإذا رأيتموهم فأنيموهم» أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
القيل: هو القول.
الإنامة: القتل، يقال: ضربه فأنامه: إذا قتله.

7555 - (ت) عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه -) قال: قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية». أخرجه الترمذي.
7556 - (خ م) جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما قال: «أتى رجل بالجعرنة - منصرفا من خين - وفي ثوب بلال فضة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبض منها ويعطي الناس، فقال يامحمد، اعدل، فقال ويلك، ومن يعدل إذم لم أعدل لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر بن الخطاب: دعني يارسول الله فأقتل هذا المنافق، فقال: معاذ الله أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه، إنّ هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرّميّة». أخرجه مسلم.
وأخرجه البخاري قال: «بينها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقسم غنيمة بالجعرانة إذ قال له رجل: أعدل، فقال: لقد شقيت إن لم أعدل».

7557 - (م) - أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنّ بعدي من أمّتى -أو سيكون بعدي من أمتي - قوم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم، يجرجون من الدّين كما يخرج السهم من الرّميّة، ثم لا يعودون فيه، هم شرّ الخلق والخلقة».
قال ابن الصامت: فلقيت رافع بن عمرو الغفاري [أخا الحكم العقاري قلت: ما حديث سمعته من أبي ذر كذا وكذا] فذكرت له هذا الحديث؟ فقال: وأنا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه مسلم.

[شرح الغريب]
الخلق والخليقة: اسمان بمعنى: وهم الخلائق كلهم. وقيل: الخلق: الناس، والخليقة: الدواب والبهائم.

7558 - (س) شريك بن شهاب قال: كنت أتمّنى أن ألقى رجلا من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أسأله عن الخوارج، فلقيت أبا برزة في يوم عيد في نفر من أصحابه، فقلت له: هل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر الخوارج؟ قال: «نعم، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأذنيّ، ورأيته بعينيّ، أتي رسول الله بمال، فقسمه، فأعطى من عن يمينه، ومن عن شماله، ولم يعط من وراءه شيئا، فقام رجل من ورائه، فقال: يا محمد، ما عدلت في القسمة - رجل أسود مطموم الشّعر، عليه ثوبان أبيضان - فغضب رسول الله غضبا شديدا وقال: والله لا تجدون بعدي رجلا هو أعدل مني، ثم قال: يخرج في آخر الزمان قوم، كأنّ هذا منهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرمية، سيماهم التحليق، لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال، فإذا لقيتموهم هم شرّ الخلق والخليقة» أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
مطموم الشعر: كثيره، قد طم رأسه، أي: غطاه، والطم: الشيء الكثير.

7559 - (خ م) يسير بن عمرو - رضي الله عنه -: قال: قلت لسهل بن حنيف: هل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في الخوارج شيئا؟ قال: سمعته يقول: - وأهوى بيده قبل العراق «يخرج من قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية».
وفي رواية قال: «يتيه قوم قبل المشرق، محلّقة رؤوسهم».أخرجه البخاري ومسلم.

7560 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنه ذكر الحرورّية، فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يمرقون من الإسلام مروق السّهم من الرمية» أخرجه البخاري.
أمر الحكمين
7561 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: «دخلت على حفصة - ونوساتها تنطف - قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين، فلم يجعل لي من الأمر شيء، فقالت: الحق، فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرّق الناس خطب معاوية، فقال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحقّ به منه ومن أبيه، قال حبيب بن مسلمة: فهلاّ أجبته؟ قال عبد الله: فحكلت حبوتي، وهممت أن أقول: أحقّ بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرّق بين الجمع وتسفك الدّم، ويحمل عنيّ غير ذلك، فذكرت ما أعدّ الله تعالى في الجنان قال حبب: حفظت وعصمت» أخرجه البخاري.

[شرح الغريب]
قرن الإنسان: جانب رأسه.

أيام ابن الزبير
7562 - (خ) أبو المنهال قال: «لما كان ابن زياد بالبصرة، ومروان بالشام، ووثب ابن الزبير بمكة، ووثب القرّاء بالبصرة، انطلق أبي إلى أبي برزة الأسلمي، وذهبت معه، يدخلنا عليه في داره وهو جالس في ظلّ علّيّة له من قصب، فجلسنا إليه، فجعل أبي يستطعمه الحديث، فقال: يا أبا برزة، ألا ترى إلى ما وقع فيه الناس؟ فأول شيء سمعته يتكلّم به أن قال: إني أحتسب عند الله أني أصبحت ساخطا على أحياء قريش، إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال التي قد علمتم، من القلّة والذّلّة والضّلالة، وإن الله أنقذكم بالإسلام، وبمحمد عليه السلام، حتى بلغ بكم ماترون، وهذه الدنيا التي أفسدت بينكم، إن ذلك الذي بالشام، والله إن يقاتل إلاّ على الدنيا». أخرجه البخاري.
وزاد رزين «والذي بمكة إن يقاتل إلا على الدنيا».
وزاد في رواية للبخاري: أنه سمع أبا برزة قال: «إنّ الله نعشكم بالإسلام وبمحمد-صلى الله عليه وسلم-».

[شرح الغريب]
استطعمته الحديث: إذا جاريته فيه وجذبته إليك ليحدثك.

7563 - (خ) نافع -مولى ابن عمر - رضي الله عنه -: أن ابن عمر «أتاه رجلان في فتنة ابن الزّبير، فقالا: إن الناس صنعوا ما ترى، وأنت ابن عمر، وصاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فما يمنعك أن تخرج؟ فقال يمنعني أنّ الله حرّم عليّ دم أخي المسلم، قالا: ألم يقل الله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة [ويكون الدّين كلّه لله} [الأنفال: 29]؟ فقال ابن عمر: قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة،وكان الدين لله،وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة،ويكون الدّين لغير الله»أخرجه البخاري.
7564 - (م) أبونوفل قال: رأيت عبد الله بن الزّبير على عقبة المدينة، فجعلت قريش تمرّ عليه والناس، حتى مرّ عليه عبد الله بن عمر، فوقف عليه عبد الله، فقال: السلام عليك أبا خبيب، السلام عليك أبا خبيب السلام عليك أبا خبيب، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، ثلاثا [أما] والله إن كنت ما علمت: صوّاما قوّاما وصولا للرّحم، أما والله لأمّة أنت أشرّها لأمّة سوء، ثم نفذ عبد الله بن عمر، فبلغ الحجّاج موقف عبد الله وقوله، فأرسل إليه، فأنزل عن جذعه، فألقي في قبور اليهود، ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر، فأبت أن تأتيه، فأعاد عليها الرسول: لتأتينّي، أولا بعثنّ إليك من يسحبك بقرونك، قال: فأبت، وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إليّ من يسحبني بقروني، قال: فقال: أروني سبتيّ، فأخذ نعليه، ثم انطلق يتوذّف، حتى دخل عليها، قال: كيف رأيتني صنعت بعدوّ الله؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، بلغني أنك تقول: يا ابن ذات النّطاقين، أنا والله ذات النطاقين، أمّا أحدهما: فكنت أرفع به طعام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطعام أبي من الدواب. وأما الآخر: فنطاق المرآة الذي لا تستغني عنه، وأما إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدّثنا: أن في ثقيف كذّابا ومبيرا، فأما الكذّاب: فرأيناه، وأما المبير: فلا إخالك إلا إياه، قال: فقام عنها ولم يراجعها. أخرجه مسلم.
وزاد رزين: وقال: "دخلت لأخبرها فخبّرتني".
[شرح الغريب]
قرون المرأة: ضفائرها، واحدها: قرن.
سبتيّ: السّبتيّان: النعلان، وأصله من السّبت، وهي جلود البقر المدبوغة بالقرظ تعمل منها النعال، كأنها نسبت إليها، وقيل: هو من السبّت: حلق الشعر، لأن شعر الجلود يرمى عنها، ثم يعمل منها النعال.
يتوذّف: مشى يتوذف، أي يتبختر، وقيل: يسرع.

ذكر بني مروان
7565 - (خ) سعيد بن عمرو بن العاص: قال: كنت مع مروان وأبي هريرة في مسجد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فسمعت أبا هريرة يقول: سمعت الصادق المصدوق يقول: «هلاك أمّتي على يدي أغيلمة من قريش، فقال مروان: غلمة، قال أبو هريرة: إن شئت أن أسمّيهم بني فلان وبني فلان» أخرجه البخاري.
وفي رواية: قال عمرو بن يحيى بن سعيد: أخبرني جدّي قال: كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، ومعنا مروان فقال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق يقول: «هلكة أمّتي على يدي غلمة من قريش، قال مروان: لعنة الله عليهم [غلمة]؟ فقال أبو هريرة: لو شئت أن أقول: بنو فلان لفعلت، قال: فكنت أخرج مع جدّي سعيد إلى الشام، حين ملكه بنو مروان، فإذا رآهم غلمانا أحداثا،قال لنا: عسى هؤلاء الذين عنى أبو هريرة، فقلت: أنت أعلم» هذه الرواية ذكرها رزين.

[شرح الغريب]
الصادق المصدوق: هو النبي -صلى الله عليه وسلم-، صدق في قوله وما أخبر به، وصدّق فيما جيء به إليه من الوحي.
أغيلمة: تصغير أغلمة في التقدير، وإن لم يجئ هذا اللفظ، استغناء عنه بغلمة في جمع غلام.

ذكر الحجاج
7566 - (خ ت) الزبير بن عدي قال: «دخلنا على أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج، فقال: اصبروا، لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شرّ منه، حتى تلقوا ربّكم، سمعت هذا من نبيكم» أخرجه البخاري والترمذي.

7567 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «في ثقيف كذّاب ومبير» أخرجه الترمذي.
قال الترمذي: ويقال: الكذاب: المختار بن أبي عبيد،والمبير: الحجاج بن يوسف.

[شرح الغريب]
المبير: المهلك، من البوار: الهلاك.

7568 - (ت) هشام بن حسان قال: «أحصي ما قتل الحجاج صبرا، فوجد مائة ألف وعشرين ألفا» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
صبرا: قتلته صبرا: إذا حبسته على القتل، فكل من قتل في غير حرب ولا اختلاس - كمن يضرب عنقه، أو يحبس إلى أن يموت، أو يصلب، أو نحو ذلك من هيئات القتل - فهو مقتول صبرا.

أحاديث متفرقة
7569 - (خ) سعيد بن المسيب - رحمه الله -: قال: «وقعت الفتنة الأولى - يعني مقتل عثمان -فلم يبق من أصحاب بدر أحد، ثم وقعت الفتنة الثانية - يعني الحرة - فلم يبق من أصحاب الحديبية أحد، ثم وقعت الفتنة الثالثة، فلم ترتفع وبالناس طباخ» أخرجه البخاري.

[شرح الغريب]
طباخ: أصل الطباخ: القوة والسمن،ثم استعمل في غيره، فقيل: فلان لا طباخ له، أي: لا عقل له ولا خير عنده، المراد: أنها لم تبق في الناس من الصحابة أحدا.

7570 - (خ م) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «احصوا لي كم يلفظ الإسلام؟ فقلنا: يا رسول الله أتخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة؟ قال: إنكم لا تدرون، لعلكم أن تبتلوا، فابتلينا، حتى جعل الرجل منّا لا يصلّي إلا سرا».أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري أنه قال: «اكتبوا لي من يلفظ بالإسلام من الناس، فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل، فقلنا: أتخاف ونحن ألف وخمسمائة، فقد رأيتنا ابتلينا، حتى إن الرجل ليصلي وحده وهو خائف».

7571 - (خ) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليردنّ على حوضي أقوام، ثم يختلجون، فأقول: أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» أخرجه البخاري ومسلم.
وسيجيء في ذكر الحوض من «كتاب القيامة» في حرف القاف أحاديث كثيرة تتضمن أمثال هذا الحديث.

[شرح الغريب]
يختلجون: خلجه يخلجه خلجا، واختلجه، أي: جذبه وانتزعه.

7572 - (خ) المسيب بن رافع - رحمه الله -: قال لقيت البراء، فقلت: «طوبى لك، صحبت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-،وبايعته تحت الشجرة، فقال: يا ابن أخى إنك لا تدري ما أحدثناه بعده» أخرجه البخاري.
7573 - (خ) خلف بن حوشب - رحمه الله -: قال: كانوا يستحبّون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن:
الحرب أول ما تكون فتيّة تسعى بزينتها لكلّ جهول
حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها ولّت عجوزا غير ذات حليل
شمطاء ينكر لونها وتغيّرت مكروهة للشمّ والتقبيل
أخرجه البخاري.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفتن, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir