دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 ذو الحجة 1429هـ/27-12-2008م, 08:00 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي فصل في نقل الحركة إلى الساكن قبلها

فصلٌ في نَقْلِ الحركةِ إلى الساكنِ قَبْلَها

لساكنٍ صَحَّ انْقُل التحريكَ مِنْ = ذي لِينٍ آتٍ عَيْنَ فِعْلٍ كَأَبِنْ
ما لمْ يَكُنْ فِعْلَ تَعَجُّبٍ وَلَا = كَابْيَضَّ أوْ أَهْوَى بلامٍ عُلِّلَا
ومِثْلُ فِعلٍ في ذا الِاعْلالِ اسْمُ = ضَاهَى مُضَارِعًا وفيهِ وَسْمُ
ومِفْعَلٌ صُحِّحَ كالْمِفعالِ = وأَلِفَ الإفعالِ واسْتِفْعَالِ
أَزِلْ لِذَا الإعلالِ والتا الْزَمْ عِوَضْ = وحَذْفُهَا بالنَّقْلِ رُبَّمَا عَرَضْ
وما لأَفْعَالٍ مِن النقْلِ ومِنْ = حَذْفٍ فمفعولٌ بهِ أيضًا قَمِنْ
نحوُ مَبيعٍ ومَصونٍ ونَدَرْ = تَصحيحُ ذي الواوِ وفي ذي الْيَا اشْتَهَرْ
وصَحِّحِ المفعولَ مِنْ نحوِ عَدَا = واعْلِلِ انْ لمْ تَتَحَرَّ الأَجْوَدَا
كذاكَ ذا وَجهَيْنِ جا الفُعُولُ مِنْ = ذي الواوِ لامَ جَمْعٍ اوْ فَرْدٍ يَعِنّ
وشاعَ نحوُ نُيَّمٍ في نُوَّمِ = ونحوُ نُيَّامٍ شُذُوذُهُ نُمِي


  #2  
قديم 1 محرم 1430هـ/28-12-2008م, 12:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


فصلٌ
لساكنٍ صحَّ انْقُلِ التحريكَ مِنْ = ذِي لِينٍ آتِ عَيْنَ فِعْلٍ كَأَبِنْ([1])
إذا كانتْ عينُ الفعلِ ياءً أو واوًا متحرِّكَةً وكانَ ما قبلها ساكًنا صحيحًا وجَبَ نقلُ حركةِ العينِ إلى الساكنِ قبلَها نحو: يَبِينُ ويَقُومُ، والأصلُ يَبْيِنُ ويَقْوُمُ بكسرِ الياءِ وضمِّ الواوِ فنقلت حركتُهما إلى الساكنِ قبلَهما وهو الباءُ والقافُ وكذلك في أبِنْ([2]).

فإنْ كانَ الساكنُ غيرَ صحيحٍ لم تُنقلِ الحركةُ نحوَ: بَايَعَ وبَيَّنَ وعَوَّقَ([3]).
مَا لَمْ يَكُنْ فِعْلَ تَعَجُْبٍ وَلاَ = كابْيضَّ أَوْ أَهْوَى بِلامٍ عُلِّلاَ([4])
أي: إنَّما تُنْقَلُ حركةُ العينِ إلى الساكنِ الصحيحِ قبلَها إذا لم يكُنْ الفعلُ للتعجُّبِ أو مضاعَّفًا أو معتلَّ اللامِ، فإنْ كانَ كذلك فلا نَقْلَ نحوَ: ما أبْيَنَ الشيءَ وأبْيِنْ بِهِ، وما أَقْوَمَهْ وأَقْوِمْ بِهِ، ونحوَ ابْيَضَّ واسْوَدَّ ونحوَ أَهْوَى.

وَمِثْلُ فِعْلٍ فِي ذَا الاعْلاَلِ اسْمُ = ضَاهى مُضَارِعًا وَفِيهِ وَسْمُ([5])
يعنِي: أنَّهُ يثبُتُ للاسمِ الذي يُشْبِه الفعلَ المضارعَ في زيادتِه فقطْ أو في وزنِه فقطْ مِنَ الإعلالِ بالنقلِ ما يثبُتِ للفعلِ.
فالذي أشْبَهَ المضارعُ في زيادتِه فقطْ تِبِيعٌ وهو مثالُ تِحْليءِ مِنَ البيعِ، الأصلُ تِبْيِعٌ بكسرِ التاءِ وسكونِ الباءِ فنُقلَتْ حركةُ الياءِ إلى الباءِ فصارَ تِبِيع.
والذي أشبهَ المضارعَ في وزنِه فقطْ مَقَامٌ والأصلُ مَقْوَم؛ فنُقِلَتْ حركةُ الواوِ إلى القافِ ثم قُلِبَتِ الواوُ ألفًا لمجانسةِ الفتحةِ.
فإنْ أَشْبَهَه في الزيادةِ والزِّنَةِ، فإما أنْ يكونَ منقولاً مِنْ فِعْلٍ، أو لاَ، فإن كان منقولاً منه أُعِلَّ كيزيد وإلا صحَّ كَأَبْيَضَ وأَسْوَدَ.

ومِفْعَلٌ صُحِّحَ كَالمِفْعَالِ = وَأَلِفَ الإِفْعَالِ واسْتِفْعَالِ([6])
أَزِلْ لِذَا الإعَلاَلِ وَالتا الزَمْ عِوَضْ = وَحَذْفُهَا بِالنَّقْلِ رُبَّمَا عَرَضْ([7])
لمَّا كانَ مِفْعَالٌ غيرُ مُشْبهٍ للفعلِ استحقَّ التصحيحَ كمِسْوَاكٍ، وحُمِل أيضا مِفْعَلٌ عليه لمشابهتِه له في المعنى فصُحِّحَ كما صُحِّحَ مِفْعَالٍ كمِقْوَلِ ومِقْوَالٍ([8]).
وأشار بقولِه (وَأَلِفُ الإِفْعَالِ واسْتِفْعَالٍ أَزِلْ - إلى آخِرِه) إلى أنَّ المصدرَ إذا كانَ على وزنِ إِفْعَالٍ أو اسْتِفْعَالٍ وكانَ معتلُّ العينِ، فإنَّ ألفَه تُحْذَفُ لالتقائِها ساكنةً معَ الألفِ المبدلةِ مِنْ عينِ المصدرِ وذلك نحوَ: إِقَامَةٍ واسْتِقَامَةٍ، وأصلُه إِقْوَامٌ، وَاسْتِقْوَامٌ، فنُقِلَتْ حركةُ العينِ إلى الفاءِ وقُلِبَتِ الواوُ ألفًا لمجانسةِ الفتحةِ قبلَها، فالتقى أَلِفَانِ فحُذِفَتِ الثانيةُ منهما ثم عُوِّضَ منها تاءُ التأنيثِ فصارَ إِقَامَةً واسْتِقَامَةً، وقد تُحْذَفُ هذه التاءُ كقولِهم أجَابَ إِجَابًا، ومنه قولُه تعالى: {وَإِقَام الصلاةِ}([9]).
وَمَا لِإِفْعَالٍ مِنَ الحَذْفِ وَمِنْ = نَقْلٍ فَمَفْعُولٌ بِهِ أَيْضًا قَمِنْ([10])
نَحْوُ: مَبِيعٍ وَمَصُونٍ وَنَدَرْ = تَصْحِيحُ ذِي الوَاوِ وفي ذِي اليَا اشْتَهَرْ([11])
إذا بُنِيَ مفعولٌ مِنَ الفعلِ المعتلِّ العينِ بالياءِ أو الوَاوِ وَجَبَ فيه مَا وَجَبَ في إِفْعَالٍ واسْتِفْعَالٍ مِنَ النقلِ والحذفِ، فتقولُ في مَفْعُولٍ مِنْ بَاعَ وقَالَ: "مَبِيعٌ ومَقُولٌ" والأصلُ مَبْيُوعٌ ومَقْوُولٌ، فنُقِلَتْ حركةُ العينِ إلى الساكنِ قبلَها فالتقَى ساكنانِ: العينُ، ووَاوُ مفعولٍ فحُذِفَتْ واوُ مفعولٍ فصارَ مَبِيع ومَقُولَ، وكان حقُّ مَبِيع أنْ يقالَ فيه مَبُوع([12])، لكنْ قلُبوا الضمَّةَ كسرةً، لتصحَّ الياءُ ونَدَرَ التصحيحُ فيما عينُه واوٌ، قالُوا: ثَوْبٌ مَصْوُونٌ، والقياسُ مَصُوُنٌ، ولغةُ تميمٍ تصحيحُ ما عينُه ياءٌ؛ فيقولونُ: مَبْيُوعٌ ومَخْيُوطٌ؛ ولهذا قالَ المصنِّفُ رحمَه اللَّهُ تعالى (وَنَدَرَ تَصْحِيحُ ذِي الواوِ وفِي ذِي اليَا اشْتَهَرْ)([13]).
وَصَحِّحِ المفعولِ مِنْ نَحْوِ: عَدَا = وَأَعْلِلِ انْ لَمْ تَتَحَرَّ الأَجْوَدَا([14])
إذا بُنِيَ مفعولٌ مِنْ فِعْلٍ معتلِّ اللامِ، فلا يخلُو إما أن يكونَ معتلاًّ بالياءِ أو بالواوِ.
فإنْ كانَ معتلاًّ بالياءِ وَجَبَ إعلالُه بقلبِ واوِ مفعولٍ ياءً وإدغامِها في لامِ الكلمةِ نحوَ: مَرْمِيّ والأصلُ مَرْمَوِيٌ، فاجتمعتِ الواوُ والياءُ وسبقتِ إحدَاهما بالسكونِ فقُلِبَتِ الواوُ ياءً، وأُدْغِمَتِ الياءُ في الياءِ وإنَّما لم يذكُرِ المصنِّفُ رحمَه اللَّهُ تعالى هذا هنا؛ لأنَّه قد تقدَّمَ ذِكْرُهُ.
وإنْ كانَ معتلاٍّ بالواوِ، فالأجودُ التصحيحُ إِنْ لم يكُنِ الفعلُ على فَعِلَ نحوَ: "مَعْدُوٍّ" مِنْ عَدَا؛ ولهذا قال المصنِّفُ (مِنْ نَحْوِ: عَدَا) ومنهمْ مَنْ يُعِلُّ فيقولُ مَعْدِيِ(ٌّ[15])، فإنْ كانَ الوَاوِيُّ على فَعِلَ، فالصحيحُ الإعلالُ نحو: "مَرْضِيٍّ" مِنْ رَضِيَ قالَ اللَّهُ تعالى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكَ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} والتصحيحُ قليلٍ نحو: مَرْضُوٍّ.
كَذَاكَ ذَا وَجْهَيْنِ جَا الفُعُولُ مِنْ = ذِي الوَاوِ لاَمَ جَمْعٍ اوْ فَرْدٍ يَعِنْ([16])
إذا بني اسمٌ على فعولِ، فإن كانَ جمعًا وكانت لامُه واوًا جازَ فيه وجهانِ: التصحيحُ والإعلالُ نحو: عُصِيٍّ ودُلِيٍّ في جمعِ عَصًا وَدَلْو وَأَبُوٌّ وَنُجُوٌّ جمعُ أبٍ ونَجْوٍ، ([17]) والإعلالُ أجودُ مِنَ التصحيحِ في الجمعِ([18]) وإنْ كانَ مفردًا جازَ فيه وجهانِ: الإعلالُ والتصحيحُ، والتصحيحُ أجودُ نحوَ: عَلاَ عُلُوًّا وعَتَا عُتُوًّا، وَيَقِلُّ الإعلالُ نحو: "قَسَا قِسيًّا" أي قسوةً.
وشاعَ نَحْوُ: نُيِّمٍ فِي نُوَّمٍ = وَنَحْوُ نُيَّامٍ شُذُوذُهُ نُمِي([19])
إذا كانَ فُعَّلُ جمعًا لما عينُه واوٌ جازَ تصحيحُه وإعلالُه إن لم يكنْ قبلَ لامِه ألفٌ، كقولك في جمعِ صائمٍ: صُوَّّمٌ وصُيَّمٌ، وفي جمعِ نَائِمٍ نُوَّمٌ ونُيَّمٌ.
فإنْ كانَ قبلَ اللامِ ألفٌ وَجَبَ التصحيحُ، والإعلالُ شاذٌّ نحوَ: "صُوَّام" و"نُوَّام" ومِنَ الإعلالِ قولُه:

359-فَمَا أَرَّقَ النُّيَّامُ إِلاَّ كَلاَمُهَا([20])



([1])(لساكن) جار ومجرور متعلق بقوله (انقل) الآتي (صح) فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ساكن، والجملة من صح وفاعله المستتر فيه في محل جر صفة لساكن (انقل) فعل أمر، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت هو فاعل (التحريك) مفعول به لانقل (من ذي) جار ومجرور متعلق بانقل وذي مضاف و(لين) مضاف إليه (آت) نعت للين، أو لذي لين، وفيه ضمير مستتر هو فاعله (عين) حال من الضمير المستتر في آت، وعين مضاف و(فعل) مضاف إليه (كأبن) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف.

([2])أصل (ابن) أبين: كأكرم، نقلت حركة الياء إلى الساكن الصحيح قبلها – وهو الباء الموحدة – فالتقى ساكنان: الياء التى نقلت حركتها، والنون الساكنة للبناء، فحذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين.

([3])ومثال ذلك من يائي العين: زين، ولين، وطين، وعين، وتيم، وخيم. ومن واوي العين: شوق، وكور، وروع، وحول، وهون، وروق، وسوف، ولون، وكون، وهوم، وحوم. ونظير هذا: تعاون، وتعاور، وتقاولوا، وتباين، وتبايعوا.

([4])(ما) مصدرية ظرفية (لم) نافية جازمة (يكن) فعل مضارع ناقص مجزوم بلم، واسمه ضمير مستتر فيه (فعل) خبر يكن، وفعل مضاف و(تعجب) مضاف إليه و(لا) الواو عاطفة، لا: زائدة (كابيض) معطوف على خبر يكن (أو) عاطفة (أهوى) معطوف على ابيض (بلام) جار ومجرور متعلق بقوله (علل) الآتي (عللا) علل: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه والألف للإطلاق، والجملة في محل جر صفة لأهوى.

([5]) و(مثل) مبتدأ، ومثل مضاف و(فعل) مضاف إليه (في ذا) جار ومجرور متعلق بمثل، لما فيه من معنى المماثلة (الإعلال) بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان عليه، أو نعت له (اسم) خبر المبتدأ الذي هو قوله (مثل) وجملة (ضاهى مضارعا) في محل رفع نعت لاسم، وجملة (وفيه وسم) من الخبر المقدم والمبتدأ المؤخر في محل نصب حال رابطها الواو.

([6]) و(مفعل) مبتدأ (صحح) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مفعل، والجملة من صحح ونائب فاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ (كالمفعال) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في (صحح) السابق (وألف) مفعول تقدم على عامله هو قوله (أزل) في البيت الآتي، وألف مضاف و(الإفعال) مضاف إليه (واستفعال) معطوف على الإفعال.

([7])(أزل) فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (لذا) جار ومجرور متعلق بأزل (الإعلال) بدل من ذا أو عطف بيان عليه أو نعت له (والتا) قصر للضرورة: مفعول مقدم لالزم (الزم) فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (عوض) حال من التاء، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة و(حذفها) الواو عاطفة، حذف: مبتدأ، وحذف مضاف والضمير العائد إلى التاء مضاف إليه (بالنقل) جار ومجرور متعلق بقوله (عرض) الآتي، ويروى بعد ذلك (نادرا) وهو حال من الضمير المستتر في قوله (عرض) الآتي ويروى مكانه (ربما) وهو مركب من رب الذي هو حرف تقليل، وما الكافة (عرض) فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حذفها، والجملة من عرض وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو حذف.

([8])اعلم أولا أن وزن المفعال أصل في تصحيح ما عينه واوا أو ياء مفتوحان وقبلهما ساكن صحيح، لأنه لم يشبه الفعل لا في الزيادة ولا في الزنة، ولأنه لو نقلت حركة الحرف المعتل فيه إلى الساكن الصحيح قبله لم يجز قلب الواو والياء ألفا فيه لوجود ألف بعدها. ثم اعلم أن العلماء يختلفون في مفعل – بغير ألف – فمنهم من يقول: حمل على مفعال، لأنه أشبهه في اللفظ والمعنى، أما مشابهته لفظا فلأنه لا فرق بينهما لفظا إلا بزيادة الألف وهي إشباع للفتحة، وأما مشابهته معنى، فإن كل واحد منهما يأتي اسم آلة كمخيط ومخياط، ويأتي صيغة مبالغة كمقول ومقوال وهذا هو الذي ذكره الشارح ومن العلماء من يقول: إن مفعلا هو نفس مفعال غاية ما في الباب أن الألف حذفت منه.

([9])وقد ورد تصحيح إفعال واستفعال وفروعهما في ألفاظ، منها قولهم: أعول إعوالا، وأغيمت السماء إغياما، واستحوذ عليه استحواذا، وأغيلت المرأة ولدها إغيالا، واستغيل الصبي استغيالا، واسود الرجل إسوادا إذا ولد له السادة أو السود، وذلك كله شاذ عن القياس عند النحاة.

([10])(ما) اسم موصول: مبتدأ أول (لإفعال) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول (من الحذف) متعلق بما تعلق به ما قبله (ومن نقل) معطوف على قوله من الحذف (فمفعول) الفاء زائدة، ومفعول: مبتدأ ثان (به) جار ومجرور متعلق بقوله (قمن) الآتي (أيضا) مفعول مطلق لفعل محذوف (قمن) خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول.

([11])(نحو) خبر مبتدأ محذوف، ونحو مضاف و(مبيع) مضاف إليه (ومصون) معطوف على مبيع (وندر) الواو عاطفة، وندر: فعل ماض (تصحيح) فاعل ندر وتصحيح مضاف و(ذي) مضاف إليه، وذي مضاف و(الواو) مضاف إليه (وفي ذي) جار ومجرور متعلق بقوله (اشتهر) الآتي، وذي مضاف و(اليا) مضاف إليه (اشتهر) فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على تصحيح.

([12])لأنه بعد أن حذفت واو المفعول صارت الباء مضمومة وبعدها ياء ساكنة، والأصل أنه إذا وقعت الياء الساكنة بعد ضمة فقلبت واوا إن كان ما هي فيه مفردا كما حصل في موقن وموسر، وأصلهما ميقن وميسر، وفعلهما أيقن وأيسر، لكنهم لم يفعلوا ذلك هنا وقلبوا ضمة الباء كسرة لتسلم الياء، ليظهر الفرق بين الواوي واليائي.

([13])أصل مبيع: مبيوع، فنقلت ضمة الياء إلى الباء الساكنة قبلها، فالتقى ساكنان: الياء، والواو، وإلى هنا يتفق سيبويه والأخفش، ثم اختلفوا في المحذوف من الساكنين أهو الياء التى هي عين الكلمة أم هو الواو الزائدة في صيغة المفعول؟ فقال سيبويه: حذفت واو مفعول، وقال الأخفش: حذفت عين الكلمة، فأما الأخفش فزعم أنه واو مفعول دالة على اسم المفعول، وما جيء به للدلالة على معنى لا يحذف، وزعم أن المعهود حذف أول الساكنين لا ثانيهما.
والذى نرجحه هنا هو مذهب سيبويه، ونستدل على ذلك بأنه لو كانت المحذوفة عين الكلمة لم يختلف الواوي واليائي لكنا رأيناهم يقولون في الواوي: مقول ومصون ومدوف، وفي اليائي: مبيع ومعين ومعيب ودعوى أن واو مفعول قلبت ياء في اليائي دعوى لا يقوم عليها دليل، فوق أنها تنقض ما احتج به الأخفش من أن واو مفعول دالة على اسم المفعول.
والجواب عما ذكره الأخفش: أما قوله (إن واو مفعول دالة على صيغة اسم المفعول فلا يجوز أن تحذف) فالجواب عنه من وجهين:
أولهما: أنا لا نسلم أن الواو هي الدالة على معنى اسم المفعول، بدليل أن اسم المفعول من المزيد فيه مشتمل على الميم دون الواو، وذلك نحو: مكرم ومستعان به،
وثانيهما: أنا إن سلمنا أن للواو مدخلا في الدلالة على المعنى فلا نسلم أنه لا يجوز حذفها، لأن محل ذلك أن لو لم يكن في الصيغة ما يدل على المعنى غيرها فأما هنا فإن حذفت الواو بقيت الميم دالة على المعنى.
وأما قوله: (إن الذي يحذف هو أول الساكنين كما في نحو: قل وبع وقاض ومعنى) فالجواب عنه: أنا لا نسلم أن هذا مطرد في كل ساكنين يلتقيان، بل هذا خاص بما إذا كان أول الساكنين معتلا، وثانيهما صحيحا كما في الأمثلة التي ذكرها، فأما إذا كان الساكنان جميعا معتلين – كما في الذي نحن بصدده – فلا يلزم حذف الأول منهما.

([14])(وصحح) فعل أمر، وفيه ضمير مستتر وجوبا فاعل (المفعول) مفعول به لصحح (من نحو) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من المفعول، ونحو مضاف و(عدا) قصد لفظه: مضاف إليه (وأعلل) فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (إن) شرطية (لم) نافية جازمة (تتحر) فعل مضارع، مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف الألف والفتحة قبلها دليل عليها، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وجملة لم تتحر فعل الشرط (الأجودا) مفعول به لتتحر والألف للإطلاق، وجواب الشرط محذوف لدلالة سابق الكلام عليه، وتقدير الكلام: إن لم تتحر الأجود فأعلل.

([15])ومن الإعلال قول الشاعر:
لقد علمت عرسى مليكة أنني = أنا الليث معديا عليه، وعاديا

([16])(كذاك) كذا: جار ومجرور متعلق بقوله (جاء) الآتي، والكاف حرف خطاب (ذا) بمعنى صاحب: حال من المفعول، وذا مضاف و(وجهين) مضاف إليه (جا) قصر للضرورة: فعل ماض (الفعول) فاعل جا (من ذي) جار ومجرور متعلق بجاء، أو بمحذوف حال من الفعول، وذي مضاف و(الواو) مضاف إليه (لام) حال من الواو، ولام مضاف و(جمع) مضاف إليه (أو) عاطفة (فرد) معطوف على جمع (يعن) فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فرد، والجملة في محل جر نعت لفرد، ومعنى يعن: يبدو ويظهر.

([17])أما عصى فأصله الأصيل عصوو – بضم العين والصاد – فقلبت الواو المتطرفة ياء تخلصا من ثقل اجتماع واوين في آخر الكلمة مع ضمة قبلهما، فصار عصوي، ثم اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء فصار عصى – بضمتين وياء مشددة – فقلبت ضمة الصاد كسرة لتناسب الياء، ثم يجوز لك أن تقلب ضمة العين كسرة للتناسب ويجوز أن تبقيها، وأما دلي فأصلها دلوو، ثم دلوي، ثم دلي، وبيانه كما سبق، وأما أبو فظاهر، وأما نجو فيجوز أن يكون بالجيم على أنه جمع نجو، وهو السحاب الذي أهراق ماءه، ويجوز أن يكون بالحاء المهملة على أنه جمع نحو، بمعنى الجهة، وقد حكى سيبويه: إنكم لتطيرون في نحو كثيرة، ومعناه: إنكم لتسيرون في أنحاء وجهات كثيرة مختلفة.

([18])ظاهر عبارة الناظم التسوية بين الجمع والمفرد في جواز الوجهين في كل منهما، ولهذا بادر الشارح ببيان الفرق بين المفرد والجمع، وقد قال ابن مالك نفسه في كتابه (الكافية) الشافية الذي اختصر منه الألفية:
ورجح الإعلال في الجمع، وفي = مفرد التصحيح أولى ما قفي
هذا ولم يذكر الناظم ولا الشارح شرط جواز الوجهين في فعول، وشرطه ألا يكون فعله من باب قوى، فإن كان الفعل من باب قوى وجب فيه الإعلال.

([19])(وشاع) فعل ماض (نحو) فاعل شاع، ونحو مضاف و(نيم) مضاف إليه (في نوم) جار ومجرور متعلق بشاع، أو بمحذوف حال من نيم (ونحو) مبتدأ أول، ونحو مضاف و(نيام) مضاف إليه (شذوذه) شذوذ: مبتدأ ثان، وشذوذ مضاف والهاء مضاف إليه (نمي) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى شذوذه، والجملة من نمي ونائب فاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول.

([20])359 - هذا عجز بيت لأبي الغمر الكلابي، وصدره قوله:

ألا طرقتنا مية بنة منذر

اللغة: (طرقتنا) جاءتنا ليلا (أرق) أسهد، وأطار النوم عن الأجفان (النيام) جمع نائم، وستعرف ما فيه، والمعنى أوضح من أن يشار إليه.
الإعراب: (ألا) أداة تنبيه (طرقتنا) طرق: فعل ماض، والتاء للتأنيث، ونا: مفعول به لطرق (مية) فاعل طرق (ابنة) نعت لمية، وابنة مضاف و(منذر) مضاف إليه (فما) الفاء عاطفة، وما: نافية (أرق) فعل ماض (النيام) مفعول به لأرق (إلا) أداة استثناء ملغاة (كلامها) كلام: فاعل أرق، وكلام مضاف وها: مضاف إليه.
الشاهد فيه: قوله (النيام) في جمع نائم، حيث أعل بقلب الواو ياء، وكان قياسه (النوام) بالتصحيح، وهو الأكثر استعمالا في كلام العرب، ومن ذلك قول الشاعر:
ألا أيها النوام ويحكم هبوا = أسائلكم هل يقتل الرجل الحب

  #3  
قديم 1 محرم 1430هـ/28-12-2008م, 12:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


هذا بابُ نقلِ حركةِ الحرفِ المتحرِّكِ المُعْتَلِّ إلى الساكنِ الصحيحِ قبلَه

وذلك في أربعِ مَسَائِلَ:
إحداها: أنْ يكونَ الحرفُ المُعْتَلُّ عَيْناً لِفِعْلٍ.
ويَجِبُ بعدَ النقلِ في المسائلِ الأربعِ أنْ يَبْقَى الحرفُ المُعْتَلُّ إنْ جَانَسَ الحركةَ المنقولةَ، نحوُ: يَقُولُ ويَبِيعُ أَصْلُهما يَقْولُ، مثلُ يَقْتُلُ ويَبِيعُ، مثلُ يَضْرِبُ، وأنْ تَقْلِبَه حرفاً يُنَاسِبُ تلكَ الحركةَ إنْ لم يُجَانِسْها، نحوُ: يَخَافُ ويُخِيفُ أَصْلُهما: يَخْوَفُ؛ كيَذْهَبُ ويُخْوِفُ كيُكْرِمُ.
ويَمْتَنِعُ النقلُ إنْ كانَ الساكِنُ مُعْتَلاًّ، نحوُ: بَايَعَ وعَوَّقَ وبَيَّنَ، أو كانَ فعلَ تَعَجُّبٍ، نحوُ: ما أَبْيَنَهُ وأَبْيِنْ به، وما أَقْوَمَه وأَقْوِمْ به، أو مُضَعَّفاً، نحوُ: ابْيَضَّ واسْوَدَّ، أو مُعْتَلَّ اللامِ، نحوُ: أَهْوَى وأَحْيَا.
المسألةُ الثانيةُ: الاسمُ المُشْبِهُ للمضارِعِ في وَزْنِهِ دونَ زِيادتِه، أو في زيادتِه دونَ وَزْنِه، فالأوَّلُ كمَقَامٍ أَصْلُه مَقْوَمٍ - على مثالِ مَذْهَبٍ - فنَقَلوا وقَلَبُوا، والثاني: كأنْ تَبْنِيَ مِن البَيْعِ، أو مِن القَوْلِ اسماً على مثالِ تِحْلِيءٍ بكسرِ التاءِ وهمزةٍ بعدَ اللامِ؛ فإنَّكَ تقولُ: تِبِيعٌ بكسرتيْنِ بَعْدَهما ياءٌ ساكنةٌ، وتِقِيلٌ كذلك، وهذه الياءُ مُنقَلِبَةٌ عن الواوِ؛ لِسُكُونِها بعدَ الكسرةِ.
فإنْ أَشْبَهَهُ في الوزنِ والزيادةِ معاً أو بَايَنَهُ فيهما معاً وَجَبَ التصحيحُ: فالأوَّلُ نحوُ: أَبْيَضَ وأَسْوَدَ، وأمَّا نحوُ: (يَزِيدَ) عَلَماً، فمنقولٌ إلى العَلَمِيَّةِ بعدَ أنْ أُعِلَّ؛ إذ كانَ فِعْلاً والثاني نحوُ: مِخْيَطٍ، هذا هو الظاهِرُ، وقالَ الناظِمُ وابنُه: وكانَ حَقُّ مِخْيَطٍ أنْ يُعَلَّ؛ لأنَّ زِيَادَتَه خاصَّةٌ بالأسماءِ، وهو مُشْبِهٌ لِتِعْلَمُ؛ أي: بكسرِ حرفِ المضارعةِ في لغةِ قومٍ، لكنَّه حُمِلَ على مِخْيَاطٍ؛ لِشَبَهِهِ به لَفْظاً ومَعْنًى. انْتَهَى.
وقد يُقالُ: إنه لو صَحَّ ما قالاَ لَلَزِمَ أنْ لا يُعَلَّ تِحْلِئُ؛ لأنَّه يكونُ مُشَبَّهاً لِتِحْسِبُ في وَزْنِه وزِيَادَتِه، ثمَّ لو سَلِمَ أنَّ الإعلالَ كانَ لازِماً لِمَا ذَكَرَ لم يَلْزَمِ الجميعُ، بل مَن يَكْسِرُ حرفَ المضارعةِ فقطْ.
المسألةُ الثالثةُ: المصدرُ الموازِنُ لإفعالٍ أو اسْتِفْعَالٍ، نحوُ: إقوامٍ واسْتِقْوَامٍ، ويَجِبُ بعدَ القَلْبِ حَذْفُ إِحْدَى الألفيْنِ؛ لالتقاءِ الساكنيْنِ، والصحيحُ أنها الثانيةُ؛ لزِيَادَتِها وقُرْبِها من الطرَفِ، ثمَّ يُؤْتَى بالتاءِ عِوَضاً، فيقالُ: إقامةٌ واستقامةٌ، وقد تُحْذَفُ، نحوُ: {وَإِقَامِ الصَّلاَةِ}([1]).
المسألةُ الرابِعَةُ: صِيغَةُ مَفْعُولٍ، ويَجِبُ بعدَ النقلِ في ذواتِ الواوِ حَذْفُ إِحْدَى الواويْنِ، والصحيحُ أنها الثانيةُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، ويَجِبُ أيضاً في ذواتِ الياءِ الحذفُ وقلبُ الضمَّةِ كَسْرَةً؛ لِئَلاَّ تَنْقَلِبَ الياءُ واواً، فتَلْتَبِسَ ذواتُ الياءِ بذواتِ الواوِ، مثالُ الوَاوِيِّ: مَقُولٌ ومَصُوغٌ، واليائِيِّ: مَبِيعٌ ومَدِينٌ.
وبنو تَمِيمٍ تُصَحِّحُ اليائِيَّ، فيقولونَ: مَبْيُوعٌ ومَخْيُوطٌ، قالَ:
578- وَكَأَنَّهَا تُفَّاحَةٌ مَطْيُوبَةٌ([2])
وقالَ:
579- وإِخَالُ أَنَّكَ سَيِّدٌ مَعْيُونُ([3])
ورُبَّمَا صَحَّحَ بعضُ العربِ شيئاً مِن ذواتِ الواوِ؛ سُمِعَ: ثَوْبٌ مَصْوُونٌ، وفَرَسٌ مَقْوُودٌ([4]).


([1]) سورةُ الأنبياءِ، الآيةُ: 73، وسورةُ النورِ، الآيةُ: 37.

([2]) 578- هذا نِصْفُ بيتٍ مِن الكامِلِ، ولم أَقِفْ لهذا الشاهدِ على نِسْبَةٍ إلى قائلٍ مُعَيَّنٍ، ولم أَقِفْ له على تَكْمِلَةٍ.
اللغةُ: (كأنها) الضميرُ المُتَّصِلُ المنصوبُ يعودُ إلى الخَمْرِ التي يَصِفُها الشاعِرُ، كما يقولُ الشيخُ خالدٌ، (تُفَّاحَةٌ) التُّفَّاحُ معروفٌ، ووجهُ التشبيهِ ذَكَاءُ الرائحةِ وطِيبُها، (مَطْيُوبَةٌ) اسمُ المفعولِ مِن قَوْلِهِم: (طابَ فلانٌ الشيءَ يَطِيبُه) من بابِ ضَرَبَ – إذا وَجَدَه طَيِّباً لذيذاً حُلْواً، وتقولُ أيضاً: طابَ الشيءُ يَطِيبُ – مِن بابِ ضَرَبَ أيضاً – إذا لَذَّ وذَكَا وحَسُنَ وحَلاَ، فهذا الفعلُ يأتي مُتَعَدِّياً ومنه أُخِذَ اسمُ المفعولِ، ويأتي لازِماً.
الإعرابُ: (كأنَّهَا) كأنَّ: حرفُ تَشْبِيهٍ ونصبٍ يَنْصِبُ الاسمَ ويَرْفَعُ الخبرَ مَبْنِيٌّ على الفتحِ لا مَحَلَّ له من الإعرابِ، وضميرُ الغائبةِ المؤنَّثَةِ العائدُ إلى الخَمْرِ الموصوفةِ اسمُ كأنَّ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ نصبٍ، (تُفَّاحَةٌ) خبرُ كأنَّ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، (مَطْيُوبَةٌ) نَعْتٌ لِتُفَّاحَةٌ، مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (مَطْيُوبَةٌ) وكانَ قياسُ الشائعِ في كلامِ العربِ أنْ يقولَ: مَطِيبَةٌ كمَبِيعَةس.

([3]) 579- هذا الشاهدُ مِن كلامِ العَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ، يُخَاطِبُ كُلَيْبَ بنَ عَمْرٍو السُّلَمِيَّ ثمَّ الظَّفَرِيَّ، والذي أَنْشَدَه المؤلِّفُ ههنا عَجُزُ بَيْتٍ مِن الكاملِ، وصدرُه قولُه:
قد كانَ قَوْمُكَ يَحْسِبُونَكَ سَيِّداً
اللغةُ: (إِخَالُ) أَظُنُّ، (مَعْيُونُ) يُرْوَى بالعينِ مهملةً وبالغينِ مُعْجَمَةً، فمَن رَوَاهُ بالعينِ المهملةِ فهو يَرَاهُ اسمَ المفعولِ مِن (عَانَهُ يُعِينُهُ) إذا أَصَابَهُ بالعينِ، أو أصابَ عَيْنَه، ومَن رَوَاهُ بالغينِ المعجمةِ – وهو الأَوْفَقُ – فهو يَرَاهُ اسمَ المفعولِ أيضاً من قولِهم: (غِينَ على قَلْبِ فلانٍ) بالبناءِ للمجهولِ – أي: غُطِّيَ على قلبِه وحُجِبَ فلم يَعْرِفْ مَأْتِيَّ الأمورِ ولا مَوَارِدَها ولا مَصَادِرَها، وفي الحديثِ: ((إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي)). ومِن الناسِ مَن يَرْوِيهِ: (سَيِّدٌ مَغْبُونُ) بالغينِ المعجمةِ والباءِ الموحَّدَةِ، وهو تحريفٌ ولا شاهدَ فيه، ومغيونٌ ومعيونٌ – بالغينِ المعجمةِ وبالعينِ المهملةِ معَ الياءِ المثنَّاةِ – كلاهما ممَّا وَرَدَ تصحيحُه؛ أي الإتيانُ به من غيرِ نقلٍ ولا حَذْفٍ.
الإعرابُ: (قد) تَحْقِيقٌ، (كانَ) فعلٌ ماضٍ ناقصٌ، (قَوْمُكَ) اسمُ كانَ ومضافٌ إليه، (يَحْسِبُونَكَ) فِعْلٌ مضارعٌ مرفوعٌ بِثُبُوتِ النونِ، وواوُ الجماعةِ فاعلُه، وضميرُ المخاطَبِ مفعولٌ أَوَّلُ، (سَيِّداً) مفعولٌ ثانٍ، وجملةُ يَحْسِبُ وفاعلِه ومفعولَيْهِ في مَحَلِّ نصبٍ خبرُ كانَ، (وإخالُ) الواوُ حرفُ عَطْفٍ، إخالُ: فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُهُ أنا، (أَنَّكَ) أنَّ: حرفُ توكيدٍ ونصبٍ، وضميرُ المخاطَبِ اسْمُه مَبْنِيٌّ على الفتحِ في مَحَلِّ نَصْبٍ، (سَيِّدٌ): خبرُ أنَّ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، (مَعْيُونُ): نعتٌ لِسَيِّدٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وأنَّ معَ ما دَخَلَتْ عليه سَدَّتْ مَسَدَّ مفعولَيْ إِخَالُ.
الشاهدُ فيه: قولُه: (مَعْيُونُ)؛ حيثُ صَحَّحَ اسمَ المفعولِ مِن الأجوفِ اليَائِيِّ، والأكثرُ في لِسَانِ العربِ إعلالُه بنقلِ حركةِ عينِه إلى الساكنِ قبلَها ثمَّ حَذْفِ العينِ أو واوِ مفعولٍ – على خلافٍ في ذلك – ثمَّ قُلِبَتِ الضمَّةُ كسرةً، على مثالِ مَبِيعٍ ومَشِيدٍ، ومعَ ذلك قد وَرَدَتْ من الأجوفِ اليائيِّ تُمِّمَ فيها اسمُ المفعولِ، مثلُ: مَطْيُوبَةٍ في البيتِ السابقِ، ومَعْيُونٍ في هذا البيتِ، وقالوا: طعامٌ مَزْيُوتٌ، وبُرٌّ مَكْيُولٌ، وثوبٌ مَخْيُوطٌ، ويومٌ مَغْيُومٌ، ورَجُلٌ مَدْيُونٌ.

([4]) في لِسانِ العربِ (مادَّةِ: دَوف، وصون) ما يُفِيدُ أنَّ تَمِيماً يُصَحِّحُونَ الواويَّ أيضاً، وقد وَرَدَ منه قولُ الراجِزِ:
*والمِسْكُ في عَنْبَرِهِ مَدْوُوفُ*
وانْظُرْ كِتَابَنَا (صَفْوَةُ دُرُوسِ التصريفِ) (ق4 ص64).



  #4  
قديم 1 محرم 1430هـ/28-12-2008م, 12:46 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


فَصْلُ [الإِعْلَالِ بالنقلِ]

976 - (لِسَاكِنٍ صَحَّ انْتقُلْ التَّحْرِيكَ مِنْ = ذِي لِينٍ آتٍ عَيْنَ فِعْلٍ كَأبِنْ)
أيْ: إِذَا كانَ عَيْنُ الفِعْلِ وَاوًا أو ياءً، وقَبْلَهُمَا سَاكِنٌ صحيحٌ؛ وَجَبَ نَقْلُ حَرَكَةِ العَيْنِ إِلَيْهِ، لاسْتِثْقَالِهَا علَى حرفِ العِلَّةِ، نحوُ: يَقُومُ ويَبِينُ، والأَصْلُ: يَقُوُمُ ويَبِينُ، بِضَمِّ الواوِ، وكَسْرِ الياءِ، فَنُقِلَتْ حركةُ الواوِ والياءِ إلَى الساكنِ قَبْلَهُمَا، وهُو قَافُ يقومُ، وباءُ يَبِينُ؛ فَسَكَنَتِ الواوُ والياءُ.
ثُمَّ اعْلمْ أنَّهُ إِذَا نُقِلَتْ حَرَكَةُ العينِ إِلَى الساكنِ قَبْلَهَا، فتارةً تكونُ العينُ مُجَانِسَةً للحركةِ المنقولةِ، وتارةً تكونُ غيرَ مُجَانسةً.
فَإِنْ كانتْ مُجَانِسَةً لهَا لَمْ تُغَيَّرْ باكثر بِأَكْثَرَ مِنْ تَسْكِينِهَا بَعْدَ النقلِ، وذلكَ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ.
وإِنْ كانتْ غيرَ متجانسةٍ لَهَا أُبْدِلَتْ حَرفًا يُجَانِسُ الحركةَ، كَمَا فِي نحوِ: أَقَامَ وأَبَانَ، واأَصْلُهُمَا أَقْوَمَ وأَبْيَنَ، فَلَمَّا نُقِلَتْ الفتحةُ إلَى الساكنِ بقيتِ العينُ غيرَ مُتجَانِسَةً لَهَا، فَقُلِبَتْ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا فِي الأَصْلِ، وانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، ونحوِ يُقْيِمُ، أَصْلُهُ يَقْوِمُ، فَلَمَّا نُقِلَتِ الكسرةُ إِلَى الساكنِ بَقِيَتِ العينُ غيرَ مُتجَانِسَةً لَهَا؛ فَقُلِبَتْ ياءً، لِسِكُونِهَا وانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا.
ولهَذَا النقلِ شروطٌ:
الأولُ: أَنْ يكونَ الساكنُ المنقولُ إليهِ صَحِيحًا، فَإِنْ كانَ حرفَ عِلَّةٍ لَمْ يُنْقَلْ إِلَيْهِ، نحوُ: قَاوَلَ وبَايَعَ وعَوَّقَ وبَيَّنَ، وكذَا الهمزةُ لَا يُنْقَلُ إِلَيْهَا، نحوُ: يَأْيَسُ مُضَارِعِ أَيِسَ؛ لِأَنَّها مُعَرَّضَةٌ للإِعْلَالِ بِقَلْبِهَا أَلِفًا، نَصَّ عَلَى ذلكَ فِي (التَّسْهِيلِ)، وإِنَّمَا لَمْ يَسْتَثْنِهَا هُنَا لأَنَّهُ قَدْ عَدَّهَا مِنْ حُرُوفِ العِلَّةِ، فَقَدْ خَرَجَتْ بقولِهِ “ "صَحَّ “. ".
الثانِي: أَنْ لا يكونَ الفِعْلُ فِعْلَ تَعَجُّبٍ، نحوُ: مَا أَبْيَنَ الشيءَ، وأَقْوَمَهُ، وأَبْيِنْ بِهِ، وأَقْوِمْ بِهِ، حَمَلُوهُ عَلَى نَظِيرِهِ مِنَ الأسماءِ فِي الوَزْنِ والدلالةِ عَلَى المَزِيَّةِ، وهُو افعل أَفْعَلُ التفضيلِ.
الثالثُ: أَنْ لا يكونَ مِنَ المُضَاعَفِ اللامِ، نحوُ ابْيَضَّ وأسودواسْوَدَّ، وإِنَّمَا لَمْ يُعِلُّوا هذَا النوعَ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ مِثَالٌ بِمَثَالٍ، وذلكَ أَنَّ ابْيَضَّ لَوْ اعل أُعِلَّ الإعلالَ المذكورَ لَقِيلَ فِيهِ بَاضَّ، وكانَ يُظَنُّ أَنَّهُ فَاعِلٌ مِنَ البَضَاضَةِ، وهِي نُعُومَةُ البَشْرَةِ.
الرابعُ: أَنْ لا يكونَ مِنَ المُعْتَلِّ اللامِ، نحوُ: أَهْوَى، فَلَا يَدْخُلُه النقلُ لِئَلَّا يتوالي يَتَوَالَى إِعْلَالَانِ، وإِلَى هَذِهِ الشروطِ الثلاثةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
977 - (مَا لَمْ يَكُنْ فِعْلَ تَعَجُّبٍ، ولَا = كَابْيَضَّ أو أهوي أَهْوَى بِلَامٍ عُلِّلَا)
وزَادَ فِي (التَّسْهِيلِ) شرطًا آخَرَ، وهُو أَنْ لا يكونَ مُوَافِقًا لِفَعِل الذِي بمعني بمعنَى افْعَلَّ نحوُ: يَعْوَرُ ويَصْيَدُ مُضَارِعَا عَوِرَ وصَيِدَ، وكذَا مَا تَصَرَّفَ مِنْهُ، نحوُ: أَعْوَرَهُ اللهُ، وكَأَنَّهُ استغني اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا بِذِكْرِهِ فِي الفَصْلِ السابقِ فِي قولِهِ: “ "وصَحَّ عَيْنُ فَعَلٍ وفَعِلا ذَا أَفْعَلٍ" “ فَإِنَّ العِلَّةَ واحِدَةٌ.
978 - (ومل ومِثْلُ فِعْلٍ فِي ذَا الإعْلَالِ اسْمُ = ضاهي ضَاهَى مُضَارِعًا وفِيهِ وَسْمُ)
أيْ: الاسمُ المُضَاهِي للمُضَارِعِ – وهُو الموافقُ لَهُ فِي عَدَدِ الحروفِ والحركاتِ – يُشَارِكُ الفِعْلَ فِي وجوبِ الإعلالِ بالنقلِ المذكورِ، بشرطِ أَنْ يكونَ فيهِ وَسْمٌ يَمْتَازُ بِهِ عَنِ الفِعْلِ، فانْدَرَجَ فِي ذلكَ نوعانِ:
أحدُهُمَا: مَا وَافَقَ المُضَارِعَ فِي وَزْنِهِ دُونَ زِيَادَتِهِ كَمَقَامٍ، فإِنَّهُ مُوَافِقٌ للفعلِ فِي وَزْنِهِ فَقَطْ، وفيهِ زِيَادَةٌ تُنْبِئُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الأَفْعَالِ، وهِي المِيمُ؛ فَأُعِلَّ، وكذَلكَ نَحوُ: مُقِيمٍ ومُبِينٍ، وأَمَّا مَدْيَنُ ومَرْيَمُ فَقَدْ تقدَّمَ أَنَّ وَزْنَهُمَا فَعْلَلَ، لا مَفْعَلَ، وإِلَّا وَجَبَ الإِعْلَالُ، ولَا فَعِيلَ لفقدِهِ فِي الكلامِ، ولَوْ بَنَيْتَ مِنَ البيعِ مَفْعَلَةً بالفتحِ قُلْتَ مَبَاعَةٌ، أو مَفْعِلَةً بالكسرِ قُلْتَ مَبِيعَةٌ، أو مَفْعُلَةً بالضمِّ، فَعَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ تقولُ مَبِيعُةٌ أَيْضًا، وعَلَى مَذْهَبِ الأَخْفَشِ تقولُ مَبُوعَةٌ، وقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ مَذْهَبِهِمَا.
والآخَرُ: مَا وَافَقَ المُضَارِعَ فِي زِيَادَتِهِ دُونَ وَزْنِهِ، كَأَنْ تَبْنِي مِنَ القولِ أو البيعِ اسْمًا عَلَى مِثَالِ ِتْحِلئ – بكسرِ التاءِ وهمزةٍ بعدَ اللامِ – فَإِنَّكَ تقولُ: تِقِيلٌ وتِبِيعٌ، بكسرتَيْنِ بَعْدَهُمَا ياءٌ ساكنةٌ، وإِذَا بنبت بَنَيْتَ مِنَ البَيْعِ اسْمًا عَلَى مِثَالِ تُرْتُبٍ، قُلْتَ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ: تُبِيعٌ بضمٍّ فكسرٍ وعَلَى مَذْهَبِ الأَخْفَشِ: تُبُوعٌ.
فالوسْمُ الذِي امْتَازَ بِهِ هذَا النوعُ عَنِ الفِعْلِ هُو كَوْنُهُ عَلَى وزنٍ خاصٍّ بالاسمِ، وهُو أَنَّ تِفْعِلا بكسرِ التاءِ، وضَمِّهَا لا يكونُ فِي الفِعْلِ؛ ولذلكَ أَعَلَّ.
أَمَّا مَا شَابَهَ المُضَارِعَ فِي وَزْنِهِ وزِيَادَتِهِ، أو بَايَنَهُ فِيهِمَا مَعًا، فَإِنْ يَجِبُ تَصْحِيحُهُ فالأولُ، نحوُ: اأَبْيَضَ و اسود وأَسْوَدَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعَلَّ لَتُوُهِّمَ فِعْلًا، وأَمَّا نَحوُ يَزِيدُ عَلَمًا، فَمَنْقولٌ إِلَى العَلَمِيَّةِ بَعْدَ أَنْ اعل أُعِلَّ إِذْا كانَ فِعْلًا،.
والثانِي كَمَخْيَطٍ، هذَا هُو الظاهِرُ،.
وقالَ الناظمُ وابْنُهُ: حَقُّ نَحْوِ مِخْيَطٍ أَنْ يُعَلَّ؛ لِأَنَّ زِيَادَتَهُ خَاصَّةٌ بالاسماء بالأسماءِ، وهُو مُشْبِهٌ لِتِعْلَمَ أَيْ: بِكَسْرِ حَرفِ المُضَارَعَةِ فِي لُغَةِ قومٍ، لكِنَّهُ حُمِلَ عَلَى مِخْيَاطٍ؛ لِشَبَهِهِ بِهِ لَفْظًا ومَعْنًى، انْتَهَى، وقَدْ يُقَالُ: لَوْ صَحَّ مَا قَالَا لَلَزِمَ أَنْ لَا يُعَلَّ مِثَالُ تِحْلِئ؛ لأَنَّهُ يكونُ مُشْبِهًا لِتَحْسِبَ فِي وزْنِهِ وزِيَادَتِهِ، ثُمَّ لَوْ سُلِّمَ أَنَّ الإِعْلَالَ كَانَ لَازِمًا لِمَا ذُكِرَ لَمْ يَلْزَمِ الجميعَ، بَلْ مَنْ يَكْسَرُ حَرْفَ المُضَارَعَةِ فَقَطْ.
وقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا الثانِي بقولِهِ:
979 - ومِفْعَلٌ صُحِّحَ كالمِفْعَالِ = وأَلِفَ الأفعال الإِفْعَالِ واسْتِفْعَالِ
980 - أَزِلْ لِذَا الإِعْلالِ، والتَّا الْزَمْ عِوَضْ = وحَذْفُهَا بالنَّقْلِ رُبَّمَا عَرَضْ
(ومِفْعَلٌ صُحِّحَ كالمِفْعَالِ) يَعْنِي أَنَّ مِفْعَالًا لَمَّا كانَ مُبَايِنًا للْفِعْلِ، أَيْ: غيرُ مُشْبِهٍ لَهُ فِي وزنٍ ولَا زِيَادةٍ اسْتَحَقَّ التصحيحَ، كَمِسْوَساكٍ، ومِكْيَالٍ، وحُمِلَ عَلَيْهِ فِي التصحيحِ مِفْعَلٌ؛ لمُشَابَهَتِهِ لَهُ فِي المعني المَعْنَى كمِوْقَ لٍ ومِقْوَالٍ، ومِخْيَطٍ ومِخْيَاطٍ، والظاهِرُ مَا قَدَّمْتُهُ، مِنْ أَنَّ عِلَّةَ تصحيحِ نحوِ: مِخْيَطٍ مُبَايَنَتُهُ الفِعْلَ فِي وزْنِهِ وزِيَادَتِهِ، لِأَنَّهُ مَقْصُورٌ مِنْ مِخْيَاطٍ فَهُو هُو، لَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وعَلَى هَذَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التصريفِ.
(وأَلِفَ الإِفْعَالِ واسْتِفْعَالِ * أَزِلْ لِذَا الإِعْلَالِ والتَّا الْزَمْ عِوَضْ) أَيْ: إِذَا كَانَ المَصْدَرُ علَى إِفْعَالٍ أو اسْتِفْعَالٍ، مِمَّا أُعِلَّتْ عَيْنُهُ، حُمِلَ عَلَى فِعْلِهِ فِي الإِعْلَالِ فَتُنْقَلُ حَرَكَةُ عَيْنِهِ إِلَى فَائِهِ، ثُمَّ تُقْلَبُ أَلِفًا لِتُجَانِسَ الفتحةَ، فَيَلْتَقِي أَلِفَانِ فُتَحْذَفَ احداهما إِحْدَاهُمَا؛ لالْتِقَاءِ الساكِنَيْنِ، ثُمَّ تُعَوَّضُ عَنْهَا تَاءُ التأنيثِ، وذلكَ نحوُ: إِقَامَةٍ واسْتِقَامَةٍ، أَصْلُهُمَا إِقْوَامٌ واسْتِقْوَامٌ، فَنُقِلَتْ فتحةُ الواوِ إِلَى القافِ، ثُمَّ قُلِبَتْ الواوُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا فِي الأَصْلِ، وانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، فالتقي فالْتَقَى أَلِفَانِ الأُولَى بَدَلُ العينِ، والثانِيَةُ أَلِفُ إِفْعَالٍ، واسْتِفْعَالٍ؛ فَوَجَبَ حَذْفُ إِحْدَاهِمَا،.
واخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ ايتهما أَيَّتُهُمَا المَحْذُوفَةُ؟ فَذَهَبَ الخَلِيلُ وسِيبَوَيْهِ إِلَى أَنَّ المَحْذُوفَةَ أَلِفُ إِفْعَالٍ واسْتِفْعَالٍ؛ لِأَنَّهَا الزَّائِدَةُ، ولقُرْبِهَا مِنَ الطرفِ، ولان ولأَنَّ الاسْتِثْقَالَ بِهَا حَصَلَ، وإِلَى هذَا ذَهَبَ الناظمُ،، ولِذَلكَ قَالَ “ "وَأَلِفَ الإِفْعَالِ واسْتِفْعَالِ أَزِلْ"، “ وذَهَبَ الأَخْفَشُ والفَرَّاءُ إِلَى أَنَّ المَحْذوفةَ بَدَلُ عَيْنِ الكلمةِ، و والأَوَّلُ أَظْهَرُ، ولَمَّا حُذِفَتِ الألفُ عُوِّضَ عَنْهَا تَاءُ التأنيثِ؛ فَقِيلَ: إِقَامَةٌ، واسْتِقَامَةٌ.
وأَشَارَ بقولِهِ: (وحَذْفُهَا بالنقلِ) أَيْ: بالسماعِ (رُبَّمَا عَرَضْ) إِلَى أَنَّ هَذِهِ التاءَ التِي جُعِلَتْ عِوَضًا قَدْ تُحْذَفُ فَيُقْتَصَرُ فِي ذلكَ عَلَى مَا سُمِعَ، ولا يُقَاسُ عليهِ، مِنْ ذلكَ قولُ بعضِهِمْ: أَرَاهُ إِرَاءً، وأَجَابَهُ إِجَابًا، حَكَاهُ الأَخْفَشُ، قالَ الشارحُ: ويَكْثُرُ ذَلكَ مَعَ الإِضَافَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وإِقَامِ الصَّلَاةِ}، قِيلَ: وحَسَّنَ حَذْفُ التاءِ فِي الآيةِ مُقَارَنَتُهُ لقولِهِ بَعْدَ {وإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}
تنبيهٌ: قَدْ وَرَدَ تصحيحُ إِفْعَالٍ، واسْتِفْعَالٍ، وفُرُوعِهِمَا فِي ألفاظٍ: مِنْهَا أَعْوَلَ إِعْوَالًا، وأَغْيَمَتِ السَّمَاءُ إِغْيَامًا، واسْتَحْوَذَ اسْتِحْوَاذًا، واسْتَغْيَلَ الصَّبِيُّ اسْتِغْيَالًا، وهَذَا عِنْدَ النُّحَاةِ شَاذٌّ، ويُحْفَظُ ولا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وذَهَبَ أبُو زَيْدٍ الىإِلَى اأَ نَّ ذلكَ لُغَةُ قَوْمٍ يُقَاسُ عَلَيْهَا، وحَكَى الجَوْهَرِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ حَكَى عَنِ العَرَبِ تَصْحِيحَ أَفْعَلَ واسْتَفْعَلَ تصحيحًا مُطَّرِدًا فِي البابِ كُلِّهِ،.
وقالَ الجَوْهَرِيُّ فِي مواضعَ أُخَرَ: تصحيحُ هذِهِ الأشياءِ لُغَةٌ فَصِيحَةٌ، وذَهَبَ فِي (التَّسْهِيلِ) إِلَى مَوْضِعٍ ثالثٍ، وهُو أَنَّ التصحيحَ مُطَّرِدٌ فِيمَا أُهْمِلَ ثُلَاثِيهِ، وأَرَادَ بِذَلكَ نحوَ: اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ اسْتِنْوَاقًا، واسْتَتْيَسَتِ الشاةُ اسْتِتْيَاسًا، أَيْ: صَارَ الجملُ نَاقَةً، وصَارَتِ الشاةُ تَيْسًا، وهَذَا مِثْلٌ يُضْرَبُ لِمَنْ يَخْلِطُ فِي حَدِيثِهِ، لا فِيمَا لَهُ ثُلَاثِيٌّ، نحوُ: اسْتَقَامَ، انْتَهَى.
981 - ومَا لِإِفْعَالٍ – مِنَ الحَذْفِ وَمِنْ = نَقْلٍ – فَمَفْعُولٌ بِهِ أَيْضًا قَمِنْ
982 - نَحْوُ مَبِيعٍ ومَصُونٍ، ونَدَرْ = تَصْحِيحُ ذِي الواوِ، وفِي ذِي اليَا اشْتُهِرْ
(ومَا لإِفْعَالٍ) واسْتِفْعَالٍ المَذْكُورَيْنِ (مِنَ الحَذْفِ ومِنْ * نَقْلٍ فمفعولٌ بِهِ أَيْضًا قَمِنْ) أيْ: حَقِيقٌ (نَحْوُ مَبِيعٍ ومَصُونٍ)، والأَصْلُ مَبْيُوعٌ، ومَصْوُونٌ، فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ الياءِ والواوِ إِلَى الساكِنِ قَبْلَهُمَا؛ فَالْتَقَى سَاكِنَانِ، الأولُ عَيْنُ الكَلِمَةِ، والثانِي واوُ مفعولٍ الزائدةُ؛ فَوَجَبَ حَذْفُ احداهماإِحْدَاهُمَا. واخْتُلِفَ فِي أَيَّتُهُمَا المَحْذُوفَةُ عَلَى حَدِّ الخُلْفِ فِي إِفْعَالٍ، واسْتِفْعَالٍ المُتَقَدِّمِ.
ثُمَّ ذَوَاتِ الواوِ – نحوُ: مَصُونٍ ومَقُولٍ – لَيْسَ فِيهَا عَمَلٌ غَيْرُ ذَلكَ.
وأَمَّا ذَوَاتُ الياءِ، نحوُ: مَبِيعٍ ومَكِيلٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا حُذِفَتْ وَاوُهُ عَلَى راي رَأْيِ سِيبَوَيْهِ بَقِيَ مَبُيْعٌ ومَكِيلٌ بباء بياءٍ ساكنةٍ بعدَ ضَمَّةٍ؛ فَجُعِلَتِ الضمةُ المنقولةُ كسرةً لِتَصِحَّ الياءُ، وأَمَّا عَلَى رأى رَأْيِ الأَخْفَشِ فَإِنَّهُ لَمَّا حُذِفَتْ يَاؤُهُ كُسِرَتِ الفاءُ، وقُلِبَتِ الواوُ ياءً؛ فَرْقًا بَيْنَ ذواتِ الواوِ وذواتِ الياءِ، وقَدْ خَالَفَ الأَخْفَشُ أَصْلَهُ فِي هَذَا، فَإِنَّ أَصْلَهُ أَنَّ الفاءَ إِذَا ضُمَّتْ، وبَعْدَهَا يَاءٌ أَصْلِيَّةٌ بَاقِيَةٌ قَلَبَهَا واوًا؛ لانْضِمَامِ مَا قَبْلَهَا إِلَّا فِي الجَمْعِ، نحوُ: بِيضٍ، وَقَدْ قَلَبَ هَهُنَا الضمةَ كسرةً؛ مُرَاعاةً للعينِ التِي هِي يَاءٌ مَعَ حَذْفِهَا، ومُرَاعَاتُهَا موجودةٌ أَجْدَرُ.
تنبيهٌ: وَزْنُ مَصُونٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مَفُعْلٌ، وعِنْدَ الأَخْفَشِ مَفُولٌ، وتَظْهَرُ فَائِدَةُ الخِلَافِ فِي نحوِ: “ "مَسُوٌ" “ مُخَفَّفًا، قَالَ أبُو الفَتْحِ: سَأَلَنِي أَبُو عَلِيٍّ عَنْ تَخْفِيفِ مَسُوءٍ، فَقُلْتُ: أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي الحَسَنِ فأقولُ: رَأَيْتُ مَسُوًا، كَمَا تقولُ فِي مَقْرُوءٍ: مَقْرُوٌّ؛ لأَنَّهَا عِنْدَهُ واوُ مَفْعُولٍ، وأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ فأَقُولُ: رَأَيْتُ مَسُوًا، كَمَا تقولُ فِي خَبْءٍ: خَبٌ، فَتُحَرِّكَ الواوَ؛ لأَنَّهَا فِي مذهَبِهِ العينُ، فقالَ لِي أَبُو عَلِيٍّ: كَذَلِكَ هُو ا هـ.
(ونَدَرَ * تَصْحُيْحُ ذِي الواوِ) مِنْ ذَلكَ فِي قولِ بعضِ العربِ: ثَوْبٌ مَصْوُونٌ، ومِسْكٌ مَدْوُوفٌ، وفَرَسٌ مَقْوُودٌ، ولا يُقَاسُ عَلَى ذلكَ خِلَافًا للمُبَرِّدِ، (و) التصحيحُ (فِي ذِي اليَا)، ومِنْ ذَلكَ (اشْتَهَرَ) لِخِفَّةِ الياءِ، كقولِهِمْ: “ "خُذْهُ مَطْيُوبَةً بِهِ نَفْسًا"، “ وقولِهِ [مِنَ الرَّجَزِ]:
1236 - كَأَنَّهَا تُفَّاحَةٌ مَطْيُوبَةٌ
وقولِهِ [مِنَ الكَامِلِ]:
1237 - [قَدْ كَانَ قَوْمُكَ يَحْسِبُونَكَ سَيِّدًا] = وإِخَالُ أَنَّكَ سَيِّدٌ مَعْيُونُ
وقولِهِ [مِنَ البَسِيطِ]:
1238 - حَتَّى تَذَكَّرَ بَيْضَاتٍ وهَيَّجَهُ = يَومُ الرَّذَاذِ عَلَيْهُ الدَّجْنُ مَغْيُومُ
وهَذِهِ لُغَةٌ تَمِيمِيَّةٌ.
تنبيهٌ: قَالُوا “ "مَشِيبٌ" “ فِي المُخْتَلِطِ بغيرِهِ، و والأَصْلُ مَشُوبٌ، ولكنَّهُم لَمَّا قَالُوا فِي الفِعْلِ: “ "شِيَبَ"، “ حَمَلُوا عليهِ اسْمَ المفعولِ، وكَمَا قَالُوا “ "مَشِيبٌ" “ بِنَاءً عَلَى شِيَبَ قَالُوا: “ "مَهُوبٌ" “ بِنَاءً عَلَى “ "هُوبَ الأَمْرُ" “ فِي لُغَةِ مَنْ يقولُ “ "بُوعَ المَتَاعُ"، “ والأَصْلُ مَهِيبٌ.
983 - وصَحِّحِ المفعولَ مِنْ نَحْوِ عَدَا = واعلل وأَعْلِلِ أن انْ لَمْ تَتَحَرَّ الأَجْوَدَا
(وصَحِّحِ المفعولَ مِنْ) كُلِّ فِعْلٍ وَاوِيِّ اللامِ مفتوحِ العَيْنِ، كَمَا فِي نحو (نَحْوِ عَدَا) ودَعَا، فَإِنَّكَ تقولُ فِي المفعولِ مِنْهُمَا: “ "مَعْدُوٌّ، ومَدْعُوٌّ"، “ حَمْلًا عَلَى فِعْلِ الفَاعِلِ، هَذَا هُوَ المُخْتَارُ، ويَجُوزُ الإِعْلَالُ مَرْجُوحًا، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَولِهِ: (وأَعْلِلِ أن انْ لَمْ تَتَحَرَّ) أَيْ: لَمْ تَقْصُدْ (الأَجْوَدَا) فتقولُ: مَعْدِيٌّ، ومَدْعِيٌّ، ويُرْوَى بالوَجْهَيْنِ قولُهُ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
1239 - [وقَدْ عَلِمَتْ عِرْسِي مَلِيكَةُ أَنَّنِي] = أَنَا اللَّيْثُ مَعْدِيًّا عَلَيْهِ، وعَادِيَا
وانشده وأَنْشَدَهُ المَازِنِيُّ “ "مَعْدُوًّا" “ بالتصحيحِ، وأَنْشَدَهُ غَيْرُهُ بالإِعْلالِ.
واخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الإِعْلَالِ، فَقِيلَ: حَمْلًا عَلَى فِعْلِ المَفْعولِ، وهُو قولُ الفَرَّاءِ، وتَبِعَهُ المُصَنِّفُ، واعْتُرِضَ بوجوبِ القَلْبِ فِي المَصْدَرِ، نحوُ: عَتَا عِتِيًّا، والمَصْدَرُ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى فِعْلِ المَفْعُولِ، وقِيلَ: أُعِلَّ تَشْبِيهًا ببابِ أَدْلٍ وأَجْرٍ، لأَنَّ الواوَ الأُولَى ساكنةٌ زائدةٌ حقيقةً بالإدغامِ، فَلَمُ يُعْتَدَّ بِهَا حَاجِزًا؛ فَصَارَتِ الواوُ التِي هِي لامُ الكلمةِ كَأَنَّهَا وَلِيَتِ الضمةَ؛ فَقُلِبَتْ يَاءً عَلَى حَدِّ قَلْبِهَا فِي أَدْلٍ وأَجْرٍ.
والاحترازُ بِوَاوِيِّ اللامِ مِنْ يَائِيِّهَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ فيهِ الإِعْلَالُ نحوُ؛ رَمَى وقَلَى فَإِنَّكَ تقولُ فِي المفعولِ مِنْهُ: مَرْمِيٌّ، ومَقْلِيٌّ، والأَصْلُ مرمري مَرْمُويٌّ ومَلْقُويٌّ – قُلِبَتِ الواوُ ياءً لاجتماعِهَا مَعَ الياءِ، وسَبْقِ إِحْدَاهُمَا بالسكونِ، وأُدْغِمَتْ فِي لامِ الكلمةِ، وكُسِرَ المضمومُ لِتَصِحَّ الياءُ، وقَدْ سَبَقَ الكلامُ عَلَى هَذَا.
وبِكَوْنِهِ مَفْتُوحَ العينِ مِنْ مَكْسُورِهَا، وهُو عَلَى قِسْمَيْنِ: مَا لَيْسَ عَيْنُهُ واوًا، ومَا عَيْنُهُ واوٌ،.
فَأَمَّا الأولُ نحوُ: {رَضِيَ} فَإِنَّ الإعلالَ فيهِ أَوْلَى مِنَ التصحيحِ؛ لأَنَّ فِعْلَهُ قَدْ قُلِبَتْ فِيهِ الواوُ يَاءً فِي حالةِ بنائِهِ للفاعلِ، وفِي حالةِ بِنَائِهِ للمفعولِ؛ فكانَ إِجْرَاءُ اسْمِ المفعولِ عَلَى الْفِعْلِ فِي الإعلالِ أَوْلَى مِنْ مُخَالَفَتِهِ لَهُ؛ ولِهَذَا جَاءَ الإعلالُ فِي القُرْآنِ دُونَ التصحيحِ، فَقَالَ تَعَالَى {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} ولَمْ يَقُلْ مَرْضُوَّةً مَعَ كَوْنِهِ مِنَ الرُّضْوَانِ، وقَرَأَ بَعْضُهُم {(مَرْضُوَّةً} ) وهُو قليلٌ، هذَا مَا ذَكَرَهُ المصنفُ – أَعْنِي: ترجيحَ الإِعْلَالِ عَلَى التصحيحِ فِي نحوِ مَرْضِيٍّ – وذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّ التصحيحَ فِي ذلكَ هُو القياسُ، وأَنَّ الإِعْلَالَ فيهِ شَاذٌّ، فَإِنْ كانَ فَعِلَ بكسرِ العينِ وَاوِيَّهَا نحوُ: قَوِيَ تَعَيَّنَ الإعلالُ وجْهًا واحِدًا، فتقولُ: “ "مَقْوِيٌّ"، “ والأَصْلُ مَقْوُووٌ، فاسْتُثْقِلَ اجتماعُ ثلاثِ واواتٍ فِي الطرفِ مَعَ الضمةِ، فَقُلِبَتِ الأخيرةُ يَاءً، ثُمَّ قُلِبَتِ المتوسطةُ يَاءً؛ لِأَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ يَاءٌ و وواوٌ، وسُبِقَتْ إِحْدَاهُمَا بالسكونِ، ثُمَّ قُلِبَتِ الضمةُ كسرةً؛ لأَجْلِ الياءِ، وأُدْغِمَتِ الياءُ فِي الياءِ؛ فَقِيلَ: مَقْوِيٌّ.
تنبيهٌ: بَابُ مَرْضِيٍّ ومَقْوِيٍّ سَابِعُ مَوْضِعٍ تُقْلَبُ فِيهِ الواوُ ياءً.
984 - (كَذَاكَ ذَا وَجْهَيْنِ جَا الفُعُولُ مِنْ = ذِي الواوِ لامَ جمعٍ أو او فَرْدٍ يَعِنْ)
هذَا مَوْضِعٌ ثَامِنٌ تُقْلَبُ فيهِ الواوُ ياءً.
أَيْ: إِذَا كَانَ الفُعُولُ مِمَّا لَامُهُ واوٌ لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا أو مُفْرَدًا.
فَإِنْ كَانَ جَمْعًا جَازَ فِيهِ الإِعْلَالُ والتصحيحُ، إِلَّا أَنَّ الغالبَ الإعلالُ نحوُ عَصَا عُِصِيٌّ، وقَفَا وقُفِيٌّ، ودَلْوٌ ودُلِيٌّ و + واواصلُ عُصُووٌ وقُفُووٌ ودُلُووٌ، فَأُبْدِلَتِ الواوُ الأخيرةُ ياءً *حَمْلًا عَلَى بَابِ أَدْلٍ، وأُعْطِيَتِ الواوُ التِي قَبْلَهَا مَا اسْتَقَرَّ لِمِثْلِهَا مِنْ إِبْدَالٍ وإِدْغَامٍ.
وقَدْ وَرَدَ بالتصحيحِ أَلْفاظٌ، قالُوا: أَبُو وأَخُو، ونُحُوٌّ جَمْعًا لِنَحْوٍ، وهِي الجِهَةُ، ونُجُوٌّ بالجيمِ جَمْعًا لِنَجْوَ، وهُو السَّحابُ الِذي هَرَاقَ مَاءَهُ، وبُهُوٌّ جَمْعًا لبَهْوٍ وهُو الصَّدْرُ.
وإِنْ كانَ مُفْرَدًا جَازَ فِيهِ الوَجْهَانِ إِلَّا أَنَّ الغالبَ التصحيحُ، نحوُ {وَعَتَوُا عُتُوًّا كَبِيرًا}، {لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ ولَا فَسَادًا} وتقولُ: نَمَا المالُ نُمُوًّا، وسَمَا زَيْدٌ سُمُوًّا. وقَدْ جَاءَ الإِعْلَالُ فِي قو لِهِمْ: عَتَا الشيخُ عِتِيًّا، وعَسَا عِسِيًّا، أَيْ: ولَّى وكبرَ، وقَسَا قَلْبُهُ قِسِيًّا، وإِنَّمَا كَانَ الإِعلالُ فِي الجَمْعِ أَرْجَحَ، والتصحيحُ فِي المُفْرَدِ أَرْجَحَ؛ لِثِقَلِ الجَمْعِ وخِفَّةِ المُفْرَدِ.
تنبيهانِ: الأولُ: فِي كلامِهِ ثلاثةُ أمورٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ ظاهرَهُ التسويةُ بَيْنَ فُعُولٍ المفردِ وفُعُولٍ الجَمْعِ فِي الوَجْهَيْنِ، وليْسَ كذلكَ كَمَا عَرَفْتَ، ثانيْهَا: ظَاهِرُهُ أَيْضًا التسويةُ بَيْنَ الإعلالِ والتصحيحِ في الكثرةِ، ولَيْسَ كذلكَ كَمَا عَرَفْتَ، وقَدْ رَفَعَ هَذَيْنِ الأمرينِ فِي (الكَافِيَةِ) بقولِهِ:
وَرُجِّحَ الإِعْلَالُ فِي الجَمْعِ، وفِي = مُفْرَدٍ التصحيحُ أَوْلَى مَا قُفِي
ثالِثُهَا: اطلق أَطْلَقَ جَوَازَ التصحيحِ فِي فُعُولٍ مِنَ الوَاوِيِّ اللامِ، وهُو مَشْروطٌ بَأَنْ لا يكونَ مِنْ بابِ قَوِيَ، فَلَوْ بُنِيَ مِنَ القوةِ فُعُولٍ وجَبَ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ مَا فُعِلَ بمفعولٍ مِنَ القوةِ، وقَدْ تَقَدَّمَ، فكانَ التعبيرُ السالمُ مِنْ هَذِهِ الأمورِ المناسبُ لغَرَضِهِ أَنْ يقولَ:
كَذَا الفُعُولُ مِنْهُ مُفْرَدًا، وإِنْ يَعِنَّ جَمْعًا فَهْوُ بِالعَكْسِ يَعِنّ
والضميرُ فِي “ "مِنْهُ" “ يَرْجِعُ لنحوِ عَدَا فِي البيتِ قَبْلَهُ.
الثانِي: ظَاهِرُ كلامِهِ هُنَا وفِي (الكَافِيَةِ) وشَرْحِهَا أَنَّ كُلًّا مِنْ تصحيحِ الجَمْعِ وإِعْلالِ المفردِ مُطَّرِدٌ يُقَاسُ عليهِ، أَمَّا تصحيحُ الجَمْعِ؛ فَذَهَبَ الجمهورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وإليهِ ذَهَبَ فِي (التَّسْهِيلِ) قَالَ: ولَا يُقَاسُ عَلَيْهِ خِلَافًا للفَرَّاءِ هَذَا لَفْظُهُ، وأَمَّا إِعْلَالُ المفردِ فَظَاهِرُ (التَّسْهِيلِ) اطِّرَادُهُ، والذِي ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ شَاذٌّ.
985 - وشَاعَ نَحْوُ نُيَّمٍ فِي نُوَّمٍ = ونحوُ ينُيَّامٍ شُذُوذُهُ نُمِي
(وشاَعَ) أَيْ: كَثُرَ الإعلالُ بقلبِ الواوِ يَاءً إِذَا كانَتْ عَيْنًا لفُعَّلٍ جَمْعًا صحيحَ اللامِ (نَحْوُ نُيَّمٍ فِي نُوَّمٍ) جَمْعُ نَائِمٍ، وصُيَّمٍ فِي صُوَّمٍ جَمْعُ صَائِمٍ، وجُيَّعٍ فِي جُوَّعٍ جَمْعِ جَائِعٍ، ومِنْهُ قولُهُ [مِنَ الكَامِلِ]:
1240 - ومُعَرَّصٍ تَغْلِي المَرَاجِلُ تحتةتَحْتَهُ = عَجَّلْتُ طَبْخَتُهُ لِقَوْمٍ جُيَّعِ
و وَجْهُ ذَلكَ أَنَّ العينَ شُبِّهَتْ باللامِ لِقُرْبِهَا مِنَ الطرفِ فأُعِلَّتْ كَمَا تُعَلُّ اللامُ، فَقُلِبَتِ الواوُ الأخيرةُ ياءً، ثُمَّ قُلِبَتِ الواوُ الأُولَى ياءً، وأُدْغِمَتِ الياءُ فِي الياءِ، ومَعَ كَثَرَتِهِ التصحيحُ أكثرُ مِنْهُ، نحوُ: نُوَّمٍ وصُوَّمٍ، ويَجِبُ إِنِ اعْتَلَّتِ اللامُ؛ لِئَلَّا يَتَوَالَى إِعْلَالَانِ، وذَلكَ كشوي كَشُوًّى وغُوًّى جَمْعُ شَاوٍ وغَاوٍ، أو فُصِلَتْ مِنَ العينِ كَنُوَّامٍ وصُوَّامٍ، لبُعْدِ العَيْنِ حينئذٍ مِنَ الطرفِ (ونَحْوُ نِيَامٍ شُذُوذُهُ نُمِي) أَيْ: رُوِيَ فِي قولِهِ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
1241 - [أَلَا طَرَقَتْنَا ميه مَيَّةُ ابْنَةُ مُنْذِرٍ] = فَمَا ارق أَرَّقَ النُّيَّامَ إِلَّا كَلَامُهَا
تنبيهاتٌ: الأولُ: قولُهُ “ "شَاعَ" “ لَيْسَ نَصًّا فِي أَنَّهُ مُطَّرِدٌ، وقَدْ نَصَّ غَيْرُهُ مِنَ النحوينَ عَلَى اطِّرَادِهِ، وَقَدْ بَانَ لَكَ أَنَّ قولَهُ “ "شَاعَ نَحوُ نُيَّمٍ" “ هُو بالنسبة إِلَى نُيَّامٍ لَا إِلَى نُوَّمٍ.
الثانِي: يجوزُ فِي فَاءِ فُعَّلٍ المُعَلِّ العينِ الضَمُّ والكَسْرُ، والضمُّ أَوْلَى، وكذلكَ فَاءُ نَحوِ دُلِيٍّ وعُصِيٍّ، وإلى وإِلَي جَمْعِ أَلْوَى، وهُو الشديدُ الخُصُومَةِ.
الثالثُ: هذَا المَوْضِعُ تَاسِعُ موضعٍ تُقْلَبُ فِيهِ الواوُ يَاءً.
وبَقِي عَاشِرٌ لَمْ يذكُرْهُ هُنَا، وهُو: أَنْ تَلِي الواوُ كسرةً، وهِي ساكنةٌ مفردةٌ، نحوُ مِيزَانٌ ومِيقَاتٌ، والأصلُ مِوْزَانٌ ومِوْقَاتٌ، فقَلَبُوا الواوَ يَاءً اسْتِثْقَالًا للخُرُوجِ مِنْ كَسْرَةٍ إِلَى الواوِ، كالخروجِ مِنْ كَسرةٍ إلى ضَمَّةٍ، ولذلكَ لَمْ يَكُنْ فِي كلامِهِمْ مِثْلُ فِعُلٍ، وخَرَجَ بالقيدِ الأولِ نحوُ: مَوْعِدٍ، وبالثانِي: نحوُ: طِوَلٍ وعِوَضٍ وصِوَانٍ وسِوَارٍ وبالثالثِ، نحوُ: اجْلِوَّاذٍ واعْلِوَّاطٍ.

  #5  
قديم 1 محرم 1430هـ/28-12-2008م, 12:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


فصْلٌ
الإعلالُ بالنقْلِ
أ- تعريفُهُ
ب- مواضعُهُ
1- أنْ يكونَ حَرْفُ العِلَّةِ عَيْناً مُتَحَرِّكَةً في فِعْلٍ.
2- أنْ يكونَ عيناً مُتَحَرِّكَةً في اسْمٍ.
977- لِسَاكِنٍ صَحَّ انْقُلِ التَّحْرِيكَ مِنْ = ذِي لِينٍ آتٍ عَيْنَ فِعْلٍ كَأَبِنْ
978- مَا لَمْ يَكُنْ فِعْلَ تَعَجُّبٍ وَلا = كَابْيَضَّ أَوْ أَهْوَى بِلامٍ عُلِّلا
979- ومِثْلُ فِعْلٍ فِي ذَا الاعْلالِ اسْمُ = ضَاهَى مُضَارِعاً وَفِيهِ وَسْمُ
980- وَمِفْعَلٌ صُحِّحَ كَالْمِفْعَالِ = ...............
هذا الفصْلُ عَقَدَهُ ابنُ مالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ للإعلالِ بالنقْلِ، ويُسَمَّى الإعلالَ بالتسكينِ، ومعناهُ: نَقْلُ الحركةِ مِنْ حَرْفِ عِلَّةٍ مُتَحَرِّكٍ - وهوَ الواوُ والياءُ- إلى حَرْفٍ صحيحٍ ساكِنٍ قَبْلَهُ، معَ بقاءِ حَرْفِ العِلَّةِ على صورتِهِ إنْ كانَ مُتَحَرِّكاً بحركةٍ تُجَانِسُهُ، أوْ قَلْبَهُ حَرْفاً آخَرَ إنْ كانَ مُتَحَرِّكاً بحركةٍ لا تُنَاسِبُهُ.
فالأوَّلُ نحوُ: يَدومُ الوُدُّ بالْمُجَامَلَةِ، فالفعْلُ (يَدُومُ) مَاضِيهِ: دَامَ، فهوَ أَجْوَفُ وَاوِيٌّ مِنْ بابِ (نَصَرَ يَنْصُرُ)، فيكونُ المضارِعُ: يَدْوُمُ، فقَالُوا: إنَّ حرْفَ العِلَّةِ ضَعيفٌ لا يَقْوَى على حَمْلِ الحركةِ، فالحرْفُ الصحيحُ أَوْلَى منهُ بها، فنُقِلَت حركةُ الواوِ إلى الحرْفِ الصحيحِ الساكنِ قَبْلَها، وهوَ الدالُ، فصارَ: يَدُومُ.
والثاني نحوُ: أبانَ العُلماءُ أحكامَ الشريعةِ، فالفعْلُ (أَبانَ) أصْلُهُ: أبْيَنَ، على وَزْنِ (أفْعَلَ) الرباعِيِّ، فجَرَى فيهِ الإعلالُ السابقُ، فصارَ: أَبَيْنَ، فتَحَرَّكَت الياءُ بِحَسَبِ الأصْلِ وانفَتَحَ ما قَبْلَها بِحَسَبِ الحالِ، فانْقَلَبَتْ ألِفاً.
ويَقَعُ الإعلالُ بالنقْلِ في أربعةِ مَوَاضِعَ:
الأوَّلُ: أنْ يكونَ حَرْفُ العِلَّةِ عَيْناً متَحَرِّكَةً لفِعْلٍ؛ نحوُ: يَصُومُ، يَبِيعُ، والأصْلُ: يَصْوُمُ، يَبْيِعُ، فنُقِلَتْ حركةُ حَرْفِ العِلَّةِ في كلٍّ منهما إلى الحرْفِ الصحيحِ الساكنِ قَبْلَهُ، وبَقِيَ كلٌّ منهما على صورتِهِ كما تَقَدَّمَ.
ويُشْتَرَطُ لإجراءِ النقْلِ في هذا الْمَوْضِعِ:
1- أنْ يكونَ الساكِنُ قَبْلَ حَرْفِ العِلَّةِ حَرْفاً صَحيحاً، فلا نَقْلَ في مِثْلِ: عَاوَنَ، وَبَايَعَ؛ لأنَّ الساكنَ قبلَ الحرفَيْنِ غيرُ صحيحٍ.
2- أنْ يكونَ الفعْلُ غيرَ مُضَعَّفِ اللامِ، فلا نَقْلَ في مِثْلِ: ابْيَضَّ واسْوَدَّ؛ لأنَّ اللامَ مُضَعَّفَةٌ.
3- أنْ يكونَ الفعْلُ غيرَ مُعْتَلِّ اللامِ، فلا نَقْلَ في مِثْلِ: أَهْوَى وأَحْيَا؛ لأنَّ اللامَ مُعْتَلَّةٌ.
4- ألاَّ يكونَ فِعْلَ تَعَجُّبٍ، ومِثْلُهُ: اسمُ التفضيلِ. فلا نَقْلَ في مِثْلِ: ما أَقْوَمَهُ! وما أَبْيَنَهُ! ولا في مِثْلِ: هَدْيُ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ أَقْوَمُ طَريقاً، وأَبْيَنُ مَنْهَجاً.
الْمَوْضِعُ الثاني: أنْ يكونَ حَرْفُ العِلَّةِ عَيْناً مُتَحَرِّكَةً في اسمٍ يُشْبِهُ الْمُضَارِعَ؛ إمَّا في وَزْنِهِ دونَ زِيادتِهِ، أوْ في زِيادتِهِ دُونَ وَزْنِهِ.
فالأوَّلُ نَحْوُ: لِكُلِّ مَقامٍ مَقالٌ، فـ(مَقامٌ)، ومِثْلُها مَقالٌ، أَصْلُها: مَقْوَمٌ، وهيَ على وَزْنِ الْمُضَارِعِ (يَعْلَمُ)، فقُلِبَتْ حركةُ الواوِ إلى الساكِنِ الصحيحِ قَبْلَها، ثمَّ قُلِبَتْ ألِفاً كما تَقَدَّمَ، فهوَ يُشْبِهُ المضارِعَ في الوَزْنِ، ولكنْ فيهِ زيادةٌ تَدُلُّ على أنَّهُ ليسَ مِنْ قَبيلِ الأفعالِ، وهيَ الميمُ في أوَّلِهِ.
والثاني: كأنْ تَبْنِيَ مِن البيعِ أوْ مِن القَوْلِ اسْماً على مِثالِ: تِحْلِئٌ؛ بكسْرِ التاءِ فسكونٍ فكَسْرٍ فهمزةٍ متَطَرِّفَةٍ، فتقولُ: تِبْيِعٌ، وَتِقْوِلٌ، بكسْرٍ فسكونٍ، فنُقِلَتْ حركةُ حرْفِ العِلَّةِ إلى الساكنِ الصحيحِ قَبْلَهُ، وقُلِبَت الواوُ ياءً في (تِقْوِلٌ)؛ لأنَّ الكسرةَ غيرُ مناسِبَةٍ للواوِ، فصارَت الكلمتانِ: تِبِيعٌ تِقِيلٌ؛ بكسرتيْنِ مُتواليتيْنِ بعدَها ياءٌ، وفي الأُولى إعلالٌ واحدٌ بالنقْلِ، وفي الثانيَةِ اثنانِ: بالنقْلِ، والقلْبِ.
وهذا أشْبَهَ المُضارِعَ في زيادتِهِ؛ فإنَّ التاءَ تُوجَدُ في أوَّلِ المضارِعِ، ولم يُشْبِهْهُ في وَزْنِهِ؛ لأنَّ مِثْلَ هذا الوزْنِ خاصٌّ بالاسمِ، ولا يَأْتِي في الفِعْلِ.
فإنْ أَشْبَهَ الاسمُ المضارعَ في الوزْنِ والزيادةِ معاً، أوْ لم يُشْبِهْهُ فيهما معاً، وَجَبَ التصحيحُ، وامْتَنَعَ الإعلالُ.
فالأوَّلُ نحوُ: أَبْيضَ، وأسْودَ، فهذانِ وَصفانِ أَشْبَهَا المضارِعَ: أعْلَمُ، في وَزْنِهِ، وزيادةِ الهمزةِ في أَوَّلِهِ.
والثاني نحوُ: مِخْيَطٍ، فهذهِ صِيغةٌ مُخْتَصَّةٌ بالاسمِ؛ لأنَّ المضارِعَ لا يكونُ في الأغلَبِ مكسورَ الأوَّلِ، ولا مَبْدُوءاً بميمٍ زائدةٍ، ومِثْلُها: مِفْعَالٌ؛ كمِخياطٍ.
وهذا معنى قولِهِ: (لِسَاكِنٍ صَحَّ انْقُلِ.. إلخ)؛ أيْ: إذا كانتْ عينُ الفعْلِ حرْفَ لِينٍ مُتَحَرِّكاً واواً أوْ ياءً فانْقُلْ حركةَ العينِ إلى الساكنِ قَبْلَها، مثلُ: أَبِنْ، فِعْلِ أمْرٍ مِنْ (أَبَانَ)، وأصلُهُ: أَبْيِنْ، فنُقِلَتْ حركةُ الياءِ إلى الباءِ قَبْلَها، فالْتَقَى ساكنانِ؛ الياءُ والنونُ، فحُذِفَت الياءُ للتَّخَلُّصِ مِن التقاءِ الساكنينِ.
وقولُهُ: (لِسَاكِنٍ صَحَّ) إشارةٌ إلى الشرْطِ الأَوَّلِ، وأمَّا الشروطُ الثلاثةُ الباقيَةُ ففي قولِهِ: (ما لمْ يَكُنْ فِعْلَ تَعَجُّبٍ.. إلخ): أيْ أنَّ هذا النقْلَ جائزٌ مُدَّةَ عَدَمِ كونِ الفعْلِ فِعْلَ تَعَجُّبٍ، أوْ مِثْلَ (ابْيَضَّ) مضَعَّفِ اللامِ، أوْ (أَهْوَى) الذي عُلِّلَ باللامِ؛ أيْ: جاءَتْ لامُهُ حَرْفَ عِلَّةٍ، والألِفُ في (عُلِّلا) للإطلاقِ. وأشارَ إلى الْمَوْضِعِ الثاني بقولِهِ: (ومِثْلُ فِعْلٍ في ذا الاعلالِ اسمُ.. إلخ): أيْ أنَّ الاسمَ الذي (ضَاهَى)؛ أيْ: شَابَهَ المضارِعَ يكونُ مِثْلَ الفعْلِ في الإعلالِ بالنقْلِ. وقولُهُ: (وفيهِ وَسْمُ)؛ أيْ: بشَرْطِ أنْ يكونَ فيهِ علامةٌ يَمتازُ بها عن المضارِعِ بأنْ يُشْبِهَهُ في الوَزْنِ فقطْ، أوْ في الزيادةِ فقَطْ.
ثمَّ ذَكَرَ أنَّ الاسمَ المخالِفَ للمضارِعِ في وَزْنِهِ وزيادَتِهِ معاً كمِفعالٍ؛ مِثْلُ: مِسواكٍ ومِكيالٍ، يَستحِقُّ التصحيحَ وعَدَمَ الإعلالِ بالنقْلِ، وحُمِلَ عليهِ في ذلكَ (مِفْعَلٌ)؛ لِمُشابَهَتِهِ لهُ في المعنى؛ مثلُ: مِخْيَطٍ، كما تَقَدَّمَ.
بَقِيَّةُ مَواضِعِ الإعلالِ بالنقْلِ
3- أنْ يكونَ حَرْفُ العِلَّةِ عَيْناً متَحَرِّكَةً في مَصْدَرٍ
4- أنْ يكونَ عَيْناً متَحَرِّكَةً في صِيغةِ مفعولٍ
980-.................... = وَأَلِفَ الإفْعَالِ وَاسْتِفْعَالِ
981- أَزِلْ لِذَا الإعْلالِ وَالتَّا الْزَمْ عِوَضْ = وَحَذْفُهَا بِالنَّقْلِ رُبَّمَا عَرَضْ
982- وَمَا لإِفْعَالٍ مِنَ الْحَذْفِ وَمِنْ = نَقْلٍ فَمَفْعُولٌ بهِ أَيْضاً قَمِنْ
983- نَحْوُ مَبِيعٍ وَمَصُونٍ وَنَدَرْ = تَصْحِيحُ ذِي الْوَاوِ وَفِي ذِي الْيَا اشْتَهَرْ
الموضِعُ الثالثُ مِنْ مَواضِعِ الإعلالِ بالنقْلِ: أنْ يكونَ حَرْفُ العِلَّةِ عَيْناً مُتَحَرِّكَةً في مَصْدَرِ مُعْتَلِّ العينِ، بشرْطِ أنْ يكونَ فِعْلُهُ على وَزْنِ (أفْعَلَ) أوْ (اسْتَفْعَلَ)؛ نحوُ: أقامَ، واستقامَ، والأصْلُ: أَقْوَمَ وَاسْتَقْوَمَ، ومَصْدَرُهما: إِقْوَامٌ، واسْتِقْوامٌ، فأُعِلَّ المصدَرُ حَمْلاً على الفعلِ، فنُقِلَتْ حركةُ عينِهِ إلى الساكنِ قَبْلَهُ، ثمَّ قُلِبَتِ العينُ - وهيَ الواوُ- ألِفاً؛ لِمَا تَقَدَّمَ، فتَوَالَى ألفانِ -بَدَلُ العينِ، وألِفُ إفعالٍ واستفعالٍ- فتُحْذَفُ الثانيَةُ منهما، ويُؤْتَى بتاءِ التأنيثِ في الأَغْلَبِ عِوَضاً عنها، فيُقالُ: إقامةٌ، واستقامةٌ.
وقدْ تُحْذَفُ هذهِ التاءُ، وحَذْفُها مقصورٌ على السماعِ، كَقَوْلِهم: أجابَ إِجَاباً، ومنهُ قولُهُ تعالى: {وَإِقَامِ الصَّلاةِ}، وقدْ ذَكَرْتُ ذلكَ في أَبْنِيَةِ الْمَصَادِرِ.
الْمَوْضِعُ الرابعُ: أنْ يكونَ حَرْفُ العِلَّةِ عَيْناً متَحَرِّكَةً في صِيغةِ (مَفْعُولٍ) مِن الفِعْلِ الثلاثيِّ الْمُعْتَلِّ العينِ بالواوِ أو الياءِ؛ كصَوْغِ مفعولٍ مِنْ: صَانَ، وعَابَ، فتقولُ: مَصُونٌ، ومَعِيبٌ، والأصْلُ: مَصْوُونٌ، مَعْيُوبٌ، فنُقِلَتْ فيهما حركةُ حَرْفِ العِلَّةِ إلى الساكنِ قَبْلَهُ، وفي الأوَّلِ الْتَقَى واوانِ ساكنتانِ فحُذِفَت الثانيَةُ، وفي الثاني اجْتَمَعَ ساكنانِ؛ الياءُ والواوُ، فحُذِفَت الواوُ مَنْعاً لاجتماعِ ساكنَيْنِ، فصارَتْ: مَعُيْبٌ، فكُسِرَت العينُ لِمُنَاسَبَةِ الياءِ.
ونَدَرَ التصحيحُ فيما عَيْنُهُ واوٌ؛ كقولِهم: ثَوْبٌ مَصْوُونٌ، ولغةُ تميمٍ تصحيحُ ما عينُهُ ياءٌ فيقُولُونَ: مَبْيُوعٌ، ومَخْيُوطٌ، ومَعْيُونٌ.
وأشارَ ابنُ مالِكٍ إلى هذَيْنِ الْمَوضعيْنِ بقولِهِ: (وأَلِفَ الإِفْعَالِ واسْتِفْعَالِ أَزِلْ.. إلخ): أيْ أنَّ الْمَصْدَرَ الْمُعْتَلَّ العينِ الذي على وَزْنِ (إِفْعَالٍ) أوْ (استفعالٍ) تُحْذَفُ ألِفُهُ، حَمْلاً على فِعْلِهِ في هذا الإعلالِ، وتُعَوَّضُ منها تاءُ التأنيثِ غالباً، وحذْفُ التاءِ (بالنقْلِ)؛ أيْ: بالسماعِ عن العرَبِ، (رُبَّمَا عَرَضْ)؛ أيْ: قَليلٌ.
ثمَّ أشارَ إلى الْمَوضعِ الرابعِ بقولِهِ: (وما لإفْعَالٍ مِن الْحَذْفِ... إلخ)؛ أيْ: ما ثَبَتَ لإفعالٍ واستفعالٍ مِن الحذْفِ والإعلالِ بالنقْلِ (فمفعولٌ بهِ أيضاً قَمِنْ)؛ أيْ: فَاسْمُ المفعولِ جَديرٌ بهِ وحقيقٌ، ثمَّ مَثَّلَ لليَائِيِّ بـ(مَبِيعٍ) والواويِّ بـ(مَصُونٍ)، ثمَّ ذَكَرَ أنَّ تصحيحَ واويِّ العينِ نادرٌ عن العرَبِ، وأنَّ تصحيحَ يَائِيِّ العينِ اشْتَهَرَ، وهيَ لغةُ تميمٍ كما تَقَدَّمَ.
مِنْ مَواضعِ قلْبِ الواوِ ياءً
7- أنْ تَقَعَ لامُ اسمِ مفعولٍ لفَعِلَ
8- أنْ تَقَعَ لامَ جَمْعٍ على وَزْنِ فَعُولٍ
9- أنْ تَقَعَ لامَ جَمْعٍ على وَزْنِ فُعَّلٍ
984- وَصَحِّحٍ الْمَفْعُولَ مِنْ نَحْوِ عَدَا = وَأَعْلِلِ انْ لَمْ تَتَحَرَّ الأَجْوَدَا
985- كَذَاكَ ذا وَجْهَيْنِ جَا الْفُعُولُ مِنْ = ذِي الْوَاوِ لامَ جَمْعٍ اوْ فَرْدٍ يَعِنْ
986- وَشَاعَ نَحْوُ نُيَّمٍ فِي نُوَّمِ = وَنَحْوُ نُيَّامٍ شُذُوذُهُ نُمِي
تَقَدَّمَ أنَّ الواوَ تُقْلَبُ ياءً في تِسعةِ مَواضعَ، وقدْ مَضَى منها سِتَّةُ مَوَاضِعَ، وذَكَرَ هنا الْمَوضعَ السابعَ والثامنَ والتاسعَ.
فالسابعُ: أنْ تَقَعَ الواوُ لامَ اسمٍ مفعولٍ لفِعْلٍ ماضٍ على وَزْنِ (فَعِلَ) بفتْحٍ فكَسْرٍ؛ نحوُ: رَضِيَ فهوَ مَرْضِيٌّ، وقَوِيَ على زَيدٍ فهوَ مَقْوِيٌّ عليهِ، والأصْلُ: مَرْضُويٌ، ومَقْوُويٌ (على وَزْنِ مَفعولٍ)، فاجْتَمَعَت الواوُ والياءُ فيِ كلمةٍ وسَبَقَتْ إحداهما بالسكونِ، فقُلِبَت الواوُ ياءً، وأُدغِمَت الياءُ في الياءِ، ثمَّ كُسِرَ ما قَبْلَها بَدَلاً مِن الضَّمَّةِ؛ لأجْلِ أنْ تَسْلَمَ الياءُ. ومنهُ قولُهُ تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}.
فإنْ كانَ الماضِي غيرَ مكسورِ العينِ - وهوَ الذي ذَكَرَهُ ابنُ مالِكٍ- فالأجوَدُ تصحيحُ الواوِ؛ أيْ: عَدَمُ قَلْبِها ياءً؛ نحوُ: مَغزُوٍّ، ومَدعُوٍّ، وفِعْلُهما: غَزَا ودَعَا، وأصْلُهما: عَزَوَ ودَعَوَ، فقُلِبَت الواوُ ألِفاً على القاعدةِ، وأَصْلُ اسمِ المفعولِ: مَغْزُووٌ، ومَدْعُووٌ، على وَزْنِ مَفْعُولٍ، فالواوُ الأولى واوُ مفعولٍ، والثانيَةُ لامُ الكلمةِ، فأُدْغِمَت الأولى في الثانيَةِ.
ويَجوزُ الإعلالُ -وهوَ مرجوحٌ- فَتَقُولُ: مَغْزِيٌّ، ومَدْعِيٌّ، وذلكَ بقَلْبِ الواوِ الثانيَةِ ياءً حَمْلاً على الفعْلِ المبنيِّ للمجهولِ؛ لأنَّ واوَهُ تُقْلَبُ ياءً؛ لِتَطَرُّفِها إثْرَ كسرةٍ؛ مثلُ: دُعِيَ، ثمَّ قُلِبَت الواوُ الأولى ياءً؛ لاجتماعِها معَ الياءِ ساكنةً، ثمَّ أُدْغِمَ، وكُسِرَت الضمَّةُ لِمُناسبةِ الياءِ.
والثامنُ مِنْ مَوَاضِعِ قلْبِ الواوِ ياءً: أنْ تكونَ الواوُ لاماً لجمْعِ تكسيرٍ على وزْنِ (فُعُولٍ) بضَمٍّ فضَمٍّ؛ نحوُ: عَصَا، وجَمْعُها: عُصِيٌّ، ودَلْوٍ، وجَمْعُها: دُلِيٌّ، والأصْلُ: عُصُووٌ، ودُلُووٌ، فاجْتَمَعَ واوانِ - واجتماعُهما ثقيلٌ - الأُولَى زائدةٌ في الجمْعِ، والثانيَةُ أصْلِيَّةٌ وهيَ لامُ الكلمةِ، فقُلِبَت الأخيرةُ ياءً، ثمَّ الأولى لاجتماعِها معَ الياءِ، وأُدْغِمَتا على القاعدةِ وكَسْرِ ما قبلَ الياءِ لِتَصِحَّ، فَصَارَتَا: عُصِيٍّ، ودُلِيٍّ، ويَصِحُّ كسْرُ أوَّلِهما للتخفيفِ؛ لأنَّ الانتقالَ مِن الضمِّ إلى الكسْرِ في مِثْلِ هذهِ الصيغةِ لا يَخْلُو مِنْ ثِقَلٍ.
ومِنْ ذلكَ قولُهُ تعالى: {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ}، وقدْ أجازَ بعضُ النُّحاةِ التصحيحَ في (الفُعُولِ) إذا كانَ جَمْعاً، ولكنَّ الأَرْجَحَ الإعلالُ.
فإنْ كانَ (فُعُولٌ) مُفْرَداً فالأرجَحُ التصحيحُ وعَدَمُ القلْبِ؛ نحوُ: عُتُوٍّ، وهوَ مَصْدَرُ: عَتَا يَعْتُو، وأصْلُهُ: عُتُووٌ، بوزْنِ (فُعُولٍ)، فأُدْغِمَت الواوُ الزائدةُ في الجمْعِ - وهيَ الأُولَى - بلامِ الكلمةِ - وهيَ الواوُ الثانيَةُ - فلم تُقْلَبْ. وهذا كثيرٌ في الْمُفْرَدِ، ومنهُ قولُهُ تعالى: {وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيراً}، وقولُهُ تعالى: {لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً}.
وقدْ جاءَ الإعلالُ في قولِهِ تعالى عنْ زَكَرِيَّا عليهِ السلامُ: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا}، وأَصْلُهُ: عُتُووٌ، مِثْلُ: قُعودٍ وجُلوسٍ، فحَصَلَ فيهِ قلْبُ الواوِ الثانيَةِ ياءً؛ لأنَّ واوَ (فُعُولٍ) زائدةٌ ساكنةٌ فلَمْ يُعْتَدَّ بها، فكأنَّ الواوَ الأخيرةَ وَلِيَتْ ضَمَّةً فقُلِبَتْ ياءً، فاجْتَمَعَتْ معَ الواوِ فقُلِبَتْ ياءً، ثمَّ أُدْغِمَت الياءُ في الياءِ.
الْمَوْضِعُ التاسعُ مِنْ مَوَاضِعِ قلْبِ الواوِ ياءً: أنْ تكونَ الواوُ عَيْناً لجمْعِ تكسيرٍ على وَزْنِ (فُعَّلٍ) صحيحِ اللامِ، معَ عَدَمِ وُجودِ فاصلٍ بينَ العينِ واللامِ؛ نحوُ: صُيَّمٍ ونُيَّمٍ، جَمْعِ صائمٍ ونائمٍ، وأَصْلُهما: صُوَّمٌ، ونُوَّمٌ، بوَاوَيْنِ قَبْلَهما ضَمَّةٌ، فعُدِلَ عن الواوَيْنِ إلى اليَاءَيْنِ لِخِفَّتِهما، والأكثرُ فيهِ التصحيحُ، فتَقُولُ: صُوَّمٌ ونُوَّمٌ.
فإنْ لم تَكُن اللامُ صحيحةً لم يَصِحَّ القلْبُ؛ نحوُ: غُوًّى، جَمْعِ: غَاوٍ، وأصلُهُ: غُوَّيٌ على وَزْنِ: فُعَّلٍ؛ كُركَّعٍ وسُجَّدٍ، فتَحَرَّكَت الياءُ وانفتَحَ ما قَبْلَها فقُلِبَتْ ألِفاً، فالْتَقَى ساكنانِ؛ هما: هذهِ الألِفُ والتنوينُ، فحذُفِت الألِفُ للتخلُّصِ مِن التقاءِ الساكنَيْنِ.
كما يَجِبُ التصحيحُ إنْ فُصِلَت العينُ مِن اللامِ بوجودِ ألِفٍ؛ لبُعْدِ العينِ حينئذٍ مِن الطرَفِ، نحوُ: صُوَّامٍ ونُوَّامٍ، وشَذَّ (نُيَّامٌ) و(صُيَّامٌ) بقَلْبِ الواوِ ياءً.
وإلى هذهِ المواضِعِ الثلاثةِ أشارَ بقولِهِ: (وصَحِّحِ المفعولَ مِنْ نحوِ عَدَا... إلخ)؛ أيْ: صَحِّح اسمَ المفعولِ المبنيَّ مِنْ (فَعَلَ) المفتوحِ العينِ المعتَلِّ اللامِ بالواوِ (نَحْوِ عَدَا)، إنْ تَحَرَّيْتَ الأجودَ فقُلْ فيهِ: مَعْدُوٌّ، (وأَعْلِلِ)؛ أيْ: بقَلْبِ الواوِ ياءً إنْ لم تَقْصِد الأجودَ، فَقُلْ فيهِ: مَعْدِيٌّ، وقولُهُ: (وأَعْلِلِ انْ لم) يُقرأْ بنَقْلِ حركةِ الهمزةِ إلى اللامِ، وحَذْفِ الهمزةِ.
ولَمَّا ذَكَرَ المفتوحَ فُهِمَ منهُ أنَّ المكسورَ بخِلافِ ذلكَ، وأنَّ الصحيحَ فيهِ الإعلالُ كما تَقَدَّمَ، وأمَّا المعتَلُّ بالياءِ مثلُ: مَرْمِيٍّ، مِنْ رَمَى؛ فإنَّهُ يَجِبُ إعلالُهُ، وقدْ مَضَى ذِكْرُهُ في بابِ النَّسَبِ؛ فَلِذَا تَرَكَهُ هنا.
أمَّا الْمَوْضِعُ الثامِنُ فقدْ ذَكَرَهُ بقولِهِ: (كَذَاكَ ذا وَجهَيْنِ جا الفُعُولُ.. إلخ): أيْ أنَّ الاسمَ الذي على وَزْنِ (فُعُولٍ) وَاوِيَّ اللامِ جاءَ فيهِ عن العرَبِ وَجهانِ: التصحيحُ والإعلالُ، سواءٌ كانت الواوُ لامَ جَمْعٍ أوْ مُفْرَدٍ.
وقولُهُ: (ذا وَجهيْنِ) حالٌ مِن الفُعُولِ مؤَكِّدَةٌ، وقولُهُ: (لامَ جَمْعٍ) حالٌ مِن الواوِ، وقولُهُ: (يَعِنْ) أصْلُها: يَعِنُّ بالتشديدِ؛ أيْ: يَظهَرُ، وخُفِّفَ للوزْنِ، وقولُهُ: (جَا) بالقصْرِ؛ للضرورةِ.
وظاهرُ كلامِهِ التسويَةُ بينَ (فُعُولٍ) المفرَدِ والجمْعِ في جوازِ الوجهيْنِ، وأنَّهُما على حَدٍّ سواءٍ في الكسرةِ، معَ أنَّ الأرجَحَ في الجمْعِ الإعلالُ، وفي المفرَدِ التصحيحُ كما مَضَى، وهوَ الذي صَرَّحَ بهِ في (الكافيَةِ) في قولِهِ:
ورُجِّحَ الإعلالُ في جَمْعٍ وَفِي = مفْرَدٍ التصحيحُ أَوْلَى ما اقْتُفِي
أمَّا الْمَوْضِعُ التاسعُ فقدْ ذَكَرَهُ بقولِهِ: (وشاعَ نَحْوُ نُيَّمٍ في نُوَّمٍ... إلخ)؛ أيْ: شاعَ وكَثُرَ في جَمْعِ التكسيرِ الواويِّ العينِ الذي على وَزْنِ (فُعَّلٍ) الإعلالُ بقَلْبِ واوهِ ياءً، نحوُ: (نُيَّمٍ) في (نُوَّمٍ)، وهذا إذا لم يَكُنْ قَبْلَ لامِهِ ألِفٌ، فإنْ كانَ قَبْلَ لامِهِ ألِفٌ وجَبَ التصحيحُ، وشَذَّ الإعلالُ، نحوُ: (نُيَّامٍ)، ومعنى: (نُمِي)؛ أيْ: نُسِبَ الْحُكْمُ بالشذوذِ لأَهْلِ هذا الفَنِّ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, فصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:44 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir