الإجابة:
السؤال الأول [عام لجميع الطلاب]: بيّن ما اعتمد عليه المفسرون في تحرير مسائل التفسير في الرسائل الثلاث، وكيف يمكن أن تستفيد منها؟
اعتمد المفسرون في تحرير مسائل التفسير في الرسائل الثلاث:
أولا: تفسير قول الله تعالى: {ومن أحسن دينًا ممّن أسلم وجهه للّه وهو محسنٌ واتّبع ملّة إبراهيم حنيفًا..}،لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
في الرسالة يظهر الاعتماد في تحرير المسائل على:
-التفسير من أقوال السلف، حيث قال في رسالته،(قال قتادة والضّحّاك وغيرهما: إنّ المسلمين وأهل الكتاب افتخروا؛.....).
-الاستدلال بالأحاديث والأثر لبيان الأقوال مثل (وقد روي عن مجاهدٌ قال قالت قريشٌ: لا نبعث...).
-تحرير القواعد الأصولية كما جاء في الرسالة، (وهذا بابٌ واسعٌ ليس الغرض هنا استقصاؤه وهو مبنيٌّ على أربعة أصولٍ:
أحدها: معرفة مراتب الحقّ والباطل......).
-مسائل التفسير البياني وبلاغة القرآن، مثل ما جاء في الرسالة (فنفى أن يكون دينٌ أحسن من هذا الدّين، وأنكر على من أثبت دينا أحسن منه؛ لأنّ هذا استفهام إنكارٍ وهو إنكار نهيٍ وذمٍّ لمن جعل دينًا أحسن من هذا..).
ثانيا: تفسير قول الله تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم} لابن القيم رحمه الله
في الرسالة يظهر الاعتماد في تحرير المسائل على:
-التفسير من أقوال السلف، حيث قال في رسالته،(قال ابن عباس: علم ما يكون قبل أن يخلقه.
وقال أيضا: على علم قد سبق عنده. وقال أيضا: يريد الأمر الذي سبق له في أم الكتاب. وقال سعيد بن جبير ومقاتل: على علمه فيه.).
- التفسير من أقوال المفسرين في الأزمنة الحديثة كما جاء (قال: وقيل على ما سبق في علمه أنه ضال قبل أن يخلقه، وكذلك ذكر البغوي وأبو الفرج بن الجوزي قال:على علمه السابق فيه أنه لا يهتدي. وذكر طائفة منهم المهدوي وغيره قولين في الآية، هذا أحدهما؛ قال المهدوي: فأضله الله على علم علمه منه بأنه لا يستحقه. قال: وقيل على علم من عابد الصنم أنه لا ينفع ولا يضر....).
- التفسير اللغوي الإعرابي مثل ما جاء في الرسالة (وعلى الأول يكون {على علم} حالا من الفاعل، المعنى: أضله الله عالما بأنه من أهل الضلال في سابق علمه. - وعلى الثاني حال من المفعول، أي أضله الله في حال علم الكافر بأنه ضال).
-الاستدلال بالآيات القرآنية لمعنى الآية مثل (وهو سبحانه كثيرا ما يذكر ذلك مع إخباره بأنه أضل الكافر كما قال:{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ}،).
-التفسير الاعتقادي والرد على الفرق المخالفة للسلف كما جاء في الرسالة، (....وبهذا يحصل جواب السؤال الذي تورده القدرية، يقولون في الكفر والمعاصي: هل هي واقعة باختيار الله أم بغير اختياره؟ فإن قلتم: (باختياره)؛ فكل مختار..).
ثالثا: رسالة تفسير قول الله تعالى: {قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}، للشيخ عبد العزيز الداخل حفظه الله :
في الرسالة يظهر الاعتماد في تحرير المسائل على:
-التفسير من أقوال السلف، وكتب الحديث والتفاسير الحديثة حيث قال في رسالته،(القول الأول هو قول الزهري وإبراهيم النخعي وأحمد بن حنبل واختاره ابن جرير وابن تيمية وابن كثير وابن رجب.
والقول الثاني هو قول مجاهد والشافعي والبخاري ومحمد بن نصر المروزي وأبي المظفر السمعاني والبغوي والشنقيطي.).
-الاستدلال بالأحاديث والأثر لبيان الأقوال مثل (وهذا كما في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! والله لا يؤمن....).
-الأستدلال بالآيات القرآنية لبيان المسألة مثل ، (..وكذلك قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: 35-36]....).
-مسائل التفسير البياني وبلاغة القرآن، مثل ما جاء في الرسالة (وهذا مثال بديع لحسن بيان القرآن الكريم، ودلالته على المعاني العظيمة بألفاظ وجيزة.).
-تحرير المسألة التفسيرية الاعتقادية في بيان الإيمان والإسلام والفرق بينهما ، مثل ما جاء في الرسالة ،(والذي يوضح هذا الأمر أن قول {أَسْلَمْنَا} قد يقوله الصادق والكاذب؛ فإذا قاله الكاذب فهو منافق مدَّعٍ للإسلام مخادع للذين آمنوا، يُظهر الإسلام ويبطن الكفر.
وإذا قاله الصادق فهو مسلم ظاهراً وباطناً، ومعه أصل الإيمان.)
ويمكن أن نستفيد من هذه الرسائل بأن نتعلم منها ومن تعدد الأساليب واستخدام الأساليب المناسبة لموضوع الآيات المفسرة، والبحث في أقوال السلف وفي التفاسير بأنواعها مممن من اهتم بذكر أقوال السلف وتدقيق السند من كتب الحديث وغيرها وأيضا الاستدلال بالآيات والأحاديث المناسبة والرجوع إلى المعنى اللغوي والإعرابي والبلاغي في التفاسير التي اهتمت بالجابنب اللغوي ، والاهتمام ببيان المسائل العقائدية والفقهية والسلوكية وغيرها .
والله أعلم
المجموعة الثانية:
1: بينّ أوجه دلالة قول الله تعالى: {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله} على تفضيل دين الإسلام مطلقا.
أوجه دلالة قول الله تعالى: {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله} على تفضيل دين الإسلام مطلقا:
- الله تعالى أخبرنا في كتابه أن أحسن دين هو الإسلام مطلقا من الآية:" ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله"، فهذا خبر من الله تعالى واضح وصريح لعباده المؤمنين، وأما التنزاع أي الأديان أفضل فقد كان ممن سبقوا من أهل الكتاب، وكان الأولى بهم اتباع الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم.
- نفي أن يكون هناك دين أحسن من دين الإسلام وذلك من أسلوب الاستفهام الإنكاري وهو إنكار نهي وذم دلالاته نفي أن يكون هناك دين أحسن من الإسلام.
- استخدام صيغة التفضيل تدل على أنه هو الأحسن وتنفي أن يكون أقل من غيره أو ند لغيره وكما في الرسالة (إذا قلت لا أحسن من هذا أو من أحسن من هذا؟ أو ليس فيهم أفضل من هذا أو ما عندي أعلم من زيدٍ أو ما في القوم أصدق من عمرٍو أو ما فيهم خيرٌ منه فإنّ هذا التّأليف يدلّ على أنّه أفضلهم وأعلمهم وخيرهم؛)- ما بين القوسين منقول .
والله أعلم
2: كيف تميّز بين الإرادة الكونية والإرادة الدينية في النصوص؟
الإرادة الكونية هي كل ما أراده الله تعالى من أقدار تقع على العباد وجميع المخلوقات ، وهي إرادة بمشيئة الله تعالى واقعة على كل المخلوقات ، ومنها ما يحبه الله ومنها ما لا يحبه وجاء في القرآن ما يدل عليها مثل قوله تعالى: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً" ، ومنها قوله تعالى:"لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ" .
الإرادة الشرعية الأمرية هي ما أنزل الله من شرائع على رسله وفي كتبه وهي يحبها الله تعالى ، وهي ليست واقعة من كل المخلوقات وهي أيضا بمشيئة الله تعالى وللعبد مشيئة الاختيار بين الاتباع أو عدم الاتباع وبها يفرق بين المؤمن والكافر وهي الدين والأحكام والأوامر مثل قوله تعالى :"فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُون".
والله أعلم
3: بيّن فضل مرتبة الإيمان.
يتبين فضل مرتبة الإيمان من قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14]، حيث أنه من أقوال السلف في تفسير الآية أنه دخل في الإسلام ولكن لم يصله إلى مرتبة الإيمان فظهر فضلها.
وفي الحديث في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! والله لا يؤمن" قيل: من يا رسول الله؟ قال:" الذي لا يأمن جاره بوائقه" ، يتضح أن الإيمان له قدر واجب للإسلام وأن هناك درجات بينهما كل بحسبه وأعلاها كمال الإيمان وهذا للرسل والأنبياء .
ومن فضل الإيمان أن وصفه الله تعالى بالصدق في قوله تعالى :" بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"، فكما أن الله تعالى بين درجة علو الصدق كما في قوله تعالى في سورة النساء :" وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا"، فكان الإيمان دليل على الصدق وأن الصدق يستلزم الإيمان ودل على علو درجتهما وفضلهما.
والله أعلم
جزاكم الله خير وبوركتم