تَعَدُّدُ الحالِ
347- والحالُ قد يَجيءُ ذا تَعَدُّدِ = لِمُفْرَدٍ فاعلَمْ وغيرِ مُفْرَدِ
يَجوزُ تَعَدُّدُ الحالِ، وصاحبُها مُفْرَدٌ أو مُتَعَدِّدٌ.
فالأوَّلُ، نحوُ: رَجَعَ الجيشُ مُنْتَصِراً غانِماً فـ (مُنْتَصِراً وغَانِماً) حالانِ، وصاحِبُ الحالِ مُفْرَدٌ وهو (الجيشُ) ومنه قولُه تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً} فـ (أَسِفاً) حالٌ ثانيةٌ، والأسَفُ: أشَدُّ الغَضَبِ.
وقولُه تعالى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً} فـ (راضيةً) و(مَرْضِيَّةً) حالانِ لصاحبٍ واحدٍ، وهو ضميرُ المخاطَبَةِ في (ارْجِعِي).
وأمَّا الثاني وهو تَعَدُّدُ الحالِ وتَعَدُّدُ صاحبِها فلا يَخْلُو مِن أمْرَيْنِ: الأوَّلُ: أنْ يَتَّحِدَ لفْظُ الحالِ ومعناه، فيُثَنَّى أو يُجمَعَ، نحوُ: عَرفتُ النحْلَ والنمْلَ دَائِبَيْنِ على العَمَلِ، قالَ تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} والأصْلُ: دائبةً وَدَائِباً.
َ وقال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} فـ (مُسَخَّرَاتٍ) جَمْعٌ، وهي حالٌ مِن مُتَعَدِّدٍ.
الثاني: أنْ يَخْتَلِفَ المعنى، فيَجِبُ التفريقُ بغيرِ عَطْفٍ، ويكونُ أولُ الحالينِ لثاني الاسمينِ، وثاني الحالَيْنِ لأوَّلِ الاسمينِ، ليَتَّصِلَ أوَّلُ الحالَيْنِ بصاحبِه، ولا يُعْكَسُ لئلا يَلْزَمَ فصْلُ كلِّ حالٍ عن صاحبِه مع عَدَمِ القرينةِ.
تقولُ: لَقيتُ زَمِيلِي مُقْبِلاً مِن المدرَسَةِ ذاهِباً إلى الْمَدرسةِ، فـ (مُقْبِلاً) حالٌ مِن (زَمِيلِي) (ذَاهِباً) حالٌ مِن تاءِ الفاعِلِ.
وقد تَأتِي على الترتيبِ الأوَّلِ للأوَّلِ، والثاني للثاني، إذا أُمِنَ اللَّبْسُ، نحوُ: حَدَّثَ الْمُحَاضِرُ طُلاَّبَه واقِفاً جالِسينَ، فـ (واقِفاً) حالٌ للأَوَّلِ وهو (المحاضِرُ) لأنه مُفْرَدٌ، والحالُ مُفْرَدٌ، و (جالِسينَ) حالٌ ثانيةٌ للاسمِ الثاني (طُلاَّبَه) لأنه جَمْعٌ والحالُ جَمْعٌ.
وهذا معنى قولِه: (والحالُ قد يَجيءُ ذا تَعَدُّدِ.. إلخ) أيْ: أنَّ الحالَ قد يَجيءُ مُتَعَدِّداً وصاحبُه مُفْرَدٌ، وَقَدْ يَجيءُ مُتَعَدِّداً وصاحبُه مُتَعَدِّدٌ، فاعلَمْ ذلك.