دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 شعبان 1442هـ/11-04-2021م, 02:53 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي مجلس أداء التطبيق الثالث من تطبيقات مهارات التخريج

مجلس أداء التطبيق الثالث من تطبيقات مهارات التخريج

خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).

2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).

3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).

4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).

5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).

تعليمات:
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________
وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 9 شوال 1442هـ/20-05-2021م, 12:56 AM
صلاح الدين محمد صلاح الدين محمد غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 1,868
افتراضي

خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:
1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
قول زر بن حبيش أخرجه :
- الفراء في تفسيره عن قيس بن الربيع عن عاصم ابن أبي النجود , عنه .
- ابن جرير في تفسيره من طرق عن سفيان , عن عاصم , عنه .
- وعبد بن حميد , عنه , كما ذكر ذلك السيوطي في الدر المنثور .
توجيه القول :
هذا القول مبني على اختلاف القراءة في قوله تعالى "بضنين" , فمن قرأها بالضاد ؛ فإن معناها : ببخيل , ومن قرأها بالظاء ؛ فإن معناها : بمتهم , قال سيبويه : (وقد يجوز أن تقول: ظننت زيداً إذا قال: من تظنّ أي من تتهم؟ فتقول: ظننت زيداً كأنه قال: أتّهمت زيدا. وعلى هذا قيل: ظنينٌ أي: متّهمٌ) .
وذكر في الآية قراءتان :
الأولى : "بضنين" . وهي قراءة نافعٍ، وعاصمٍ، وابن عامرٍ، وحمزة، وعثمان بن عفّان، وابن عبّاسٍ، والحسن، وأبي رجاءٍ، والأعرج، وأبي جعفرٍ، وشيبة، وجماعةٍ وافرةٍ. ذكره ابن عطية .
والمعنى على هذه القراءة : أي ببخيل . وهو قول إبراهيم , ومجاهد , وقتادة , وسفيان , وابن زيد , وعامر .
الثانية : "بظنين" . وهي قراءة ابن كثيرٍ، وأبو عمرٍو، والكسائيّ، وابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وزيد بن ثابتٍ، وابن عمر، وابن الزّبير، وعائشة، وعمر بن عبد العزيز، وابن جبيرٍ، وعروة بن الزّبير، ومسلم بن جندبٍ، ومجاهدٌ وغيرهم . ذكره ابن عطية .
والمعنى على هذه القراءة : أي : بمتهم . وهو قول ابن عباس , وسعيد بن جبير , وزر بن حبيش , والضحاك .
الدراسة :
ذكر في الآية قراءتان متواترتان الأولى "بضنين" والثانية "بظنين" واختلف المعنى على كل قراءة منهما فعلى الأولى يكون المعنى : وما أنت على الغيب ببخيل , وعلى الثانية : وما أنت على الغيب بمتهم , وذكر له الطبري معنى ثان فقال : وقدْ تَأَوَّلَ ذلكَ بعضُ أهلِ العربيَّةِ أنَّ معناهُ: وما هوَ على الغَيْبِ بضعِيفٍ، ولَكِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لهُ مُطِيقٌ. ووَجْهُهُ إلى قَوْلِ العرَبِ للرجلِ الضعيفِ: هوَ ظَنُونٌ.
ورجح ابن جرير قراءة "بضنين" وذلك لأن رسم المصاحف جميعها بالضاد ولم يوجد رسم بالظاء فقال : وَأَوْلَى القراءَتَيْنِ في ذلكَ عندِي بالصَّوابِ: ما عليهِ خُطُوطُ مصاحِفِ المُسْلِمِينَ مُتَّفِقَةً، وإِن اخْتَلَفَتْ قِرَاءَتُهم بهِ، وذلكَ {بِضَنِينٍ} بالضادِ؛ لأنَّ ذلكَ كلَّهُ كذلكَ في خُطُوطِهَا.
وذكر ابن كثير أن القراءتان متواترتان وكلا المعنين صحيح .
2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
قول أبي العالية أخرجه :
- ابن جرير في تفسيره , وابن المنذر في تفسيره , وابن أبي حاتم في تفسيره , من طرق عن داود بن أبي هند , عنه .
توجيه القول :
هذا القول مبني على سياق الآيات ؛ فالآيات قبلها وبعدها نزلت في اليهود كما ذكر ذلك ابن جرير الطبري فقال : وإنّما قلنا ذلك أولى الأقوال في هذه الآية بالصّواب؛ لأنّ الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وبعدها إذ كانت في سياقٍ واحدٍ.
وذكر في سبب نزول الآية أقوال :
الأول : أنهم اليهود كفروا بالمسيح ثم ازدادوا كفراً بمحمد لن تقبل توبتهم عند موتهم . وهو قول قتادة , وعطاء .
الثاني : أنهم اليهود والنصارى، كفروا بمحمد بعد إيمانهم بصفته، ثم ازدادوا كفراً بإقامتهم على كفرهم . وهو قول أبو العالية .
الثالث : أنهم الّذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم . وهو قول مجاهد .
الرابع : أنها نزلت فيمن لم يتب من أصحاب الحارث بن سويد، فإنهم قالوا: نقيم بمكة ونتربص بمحمد ريب المنون . وهو قول ابن عباس.
وذكر ابن القيم في سبب عدم قبول توبتهم أقوال :
أحدها: أنهم ارتدوا، وعزموا على إظهار التوبة لستر أحوالهم، والكفر في ضمائرهم، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهم قوم تابوا من الذنوب في الشرك، ولم يتوبوا من الشرك، قاله أبو العالية.
والثالث: أن معناه: لن تُقبل توبتهم حين يحضرهم الموت، وهو قول الحسن، وقتادة، وعطاء الخراساني، والسدي.
والرابع: لن تقبل توبتهم بعد الموت إذا ماتوا على الكفر، وهو قول مجاهد.
الدراسة :
ذكر في سبب نزول الآية عدة اقوال منها أنهم اليهود والنصارى الذين آمنوا بأنبيائهم وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم , ومنها أنهم اليهود والنصارى الذين كفروا بأنبيائهم وازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم , ومنها أنهم من لم يتب من أصحاب الحارث بن سويد ورجح ابن جرير أنهم اليهود وذلك لدلالة السياق على ذلك , وأن ما قبلها وما بعدها نزل فيهم فقال : أولى الأقوال في هذه الآية بالصّواب؛ لأنّ الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وبعدها إذ كانت في سياقٍ واحدٍ.
3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
قول سعيد بن جبير أخرجه :
- عبدالرزاق في تفسيره , وابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره من طرق , عن سفيان , عن أبي بكير , عنه.
- رواه سفيان الثوري في تفسيره , عن مورقٍ أو مرزوقٍ مولى الشّعبيّ , عنه .
توجيه القول :
هذا القول من باب التفسير بالمثال , وهو مستفاد من عموم الآية , وهو من قولهم: جنب فلانٌ فلانًا فهو يجنبه جنبًا، إذا كان لجنبه، ومن ذلك: جنب الخيل، إذا قاد بعضها إلى جنب بعضٍ. و لابن جبير قول آخر في الصاحب بالحنب : أنه الرفيق الصالح .
وذكر في المراد بالصاحب بالجنب أقوال :
الأول : الرفيق في السفر . وهو قول ابن عباس , وسعيد بن جبير , ومجاهد , وقتادة , والسدي , والضحاك .
الثاني : امرأة الرّجل الّتي تكون معه إلى جنبه . وهو قول علي , وابن مسعود , ورواية عن ابن عباس , وابن أبي ليلى , وإبراهيم النخعي .
الثالث : الّذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك . وهو قول ابن زيد , ورواية عن ابن عباس .
الدراسة :
اختلف المفسرون في المراد بالصاحب بالجنب إلى أقوال , وهو من باب اختلاف التنوع , فمنهم من قال هو رفيق السفر ومنهم من قال هي الزوجة , ومنهم من قال هو الذي يلزمك , والآية تحتمل جميع هذه المعاني .
قال الرازي : والصاحب بالجنب وهو الذي صحبك بأن حصل بجنبك إما رفيقا في/ سفر، وإما جارا ملاصقا، وإما شريكا في تعلم أو حرفة، وإما قاعدا إلى جنبك في مجلس أو مسجد أو غير ذلك، من أدنى صحبة التأمت بينك وبينه.
4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
قول سعيد بن المسيب أخرجه :
- ابن جرير في تفسيره , قال ابن جريج: وأخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: صليت الصبح مع سعيد بن المسيب، فلما سلم الإمام ابتدر الناس القاص، فقال سعيد: " ما أسرعهم إلى هذا المجلس، قال مجاهد: فقلت: يتأولون ما قال الله تعالى، قال: وما قال؟ قلت: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي}، قال: وفي هذا ذا؟ إنما ذاك في الصلاة التي انصرفنا عنها الآن، إنما ذاك في الصلاة " .
توجيه القول :
هذا القول مبني على معنى الدعاء ؛ إذ أن معنى الدعاء في الشرع هو العبادة كما قال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) , فسمى الدعاء عبادة , وأعظم العبادات هي الصلاة , وأن الصلاة في مكة كانت ركعتين غدوة وركعتين عشية قبل فرض الصلوات الخمس كما ذكر ذلك الحسن , وقد أنكر ابن المسيب ما يتأولون به معنى الآية , أن المراد هو الانصراف إلى القصاص .
وذكر في معنى الدعاء في قوله تعالى : {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} أقوال.
الأول : الصلوات الخمس . وهو قول ابن عباس , وإبراهيم النخعي , ومجاهد , وسعيد بن المسيب , والضحاك , وعامر , وعبد الرحمن بن أبي عمرة .
الثاني : صلاة الصبح والعصر . وهو قول قتادة .
الثالث : ذكر الله تعالى . وهو قول إبراهيم , ومنصور .
الرابع : تعلم القرآن وقراءته . وهو قول أبي جعفر .
الخامس : عبادتهم ربهم . وهو قول الضحاك .
الدراسة :
اختلف المفسرون في المراد بالدعاء في الآية فقيل أنها الصلاة , وقيل أنها الذكر , وقيل أنها العبادة , وهذا من باب اختلاف التنوع والآية تحتمل جميع هذه المعاني فهي عامة وتشمل جميع أنواع العبادات كما ذكر ابن جرير فقال : ولا قول أولى بذلك بالصحة من وصف القوم بما وصفهم الله به من أنهم كانوا يدعون ربهم بالغداة والعشي، فيُعَمُّون بالصفة التي وصفهم بها ربهم، ولا يُخَصُّون منها بشيء دون شيء .
5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
قول إبراهيم النخعي أخرجه :
- ابن وهب في تفسيره , وسعيد بن منصور في سننه , وابن جرير في تفسيره , وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى أبي الشيخ من طرق , عن فرقد السبخي , عن إبراهيم النخعي .
توجيه القول :
هذا القول مبني على معنى سوء الحساب : وهو التقصي على المحاسب , ولا يقع في حسابه من التجاوز . كما ذكر ابن عطية . فمن سوء الحساب أن يحاسب العبد على ذنبه كله ولا يغفر له منه شيء .
ودل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ( من نوقش الحساب عذب ) , فتكون سوء الحساب المناقشة. كما ذكر الزجاج .
وذكر في معنى سوء الحساب أقوال :
الأول : أن يحاسب بذنبه كله لا يغفر له منه شيء . وهو قول إبراهيم النخعي , وابن زيد , والحسن .
الثاني : المناقشة بالأعمال . وهو قول أبي الجوزاء .
الثالث : أنه التّوبيخ والتّقريع عند الحساب. ذكره ابن القيم , وعزاه الماوردي لابن عيسى حكاية .
الدراسة :
ذكر في معنى سوء الحساب أقوال منها أنها المناقشة بالأعمال , ومنها المحاسبة على الذنب كله فلا يغفر منه شيء , ومنها أنها التوبيخ والتقريع عند الحساب , وهذه المعاني متقاربة تحتملها الآية ؛ فمن سوء الحساب أن يناقش العبد على أعماله , ومن سوء الحساب أن لا يغفر له ذنبه , ومن سوء الحساب أن يوبخ على أعماله .
قال ابن جرير : هؤلاء الّذين لم يستجيبوا للّه لهم سوء الحساب: يقول: لهم عند اللّه أن يأخذهم بذنوبهم كلّها، فلا يغفر لهم منها شيئًا، ولكن يعذّبهم على جميعها .
والله أعلم

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 شوال 1442هـ/7-06-2021م, 01:15 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح الدين محمد مشاهدة المشاركة
خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:
1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
قول زر بن حبيش أخرجه :
- الفراء في تفسيره عن قيس بن الربيع عن عاصم ابن أبي النجود , عنه .
- ابن جرير في تفسيره من طرق عن سفيان , عن عاصم , عنه . [يُجمع التخريج في سياق واحد، وإذا اختلفت ألفاظ الرواية يبين الطريق الذي حصل منه زيادة أو نقص]
- وعبد بن حميد , عنه , كما ذكر ذلك السيوطي في الدر المنثور .
توجيه القول :
هذا القول مبني على اختلاف القراءة في قوله تعالى "بضنين" , فمن قرأها بالضاد ؛ فإن معناها : ببخيل , ومن قرأها بالظاء ؛ فإن معناها : بمتهم , قال سيبويه : (وقد يجوز أن تقول: ظننت زيداً إذا قال: من تظنّ أي من تتهم؟ فتقول: ظننت زيداً كأنه قال: أتّهمت زيدا. وعلى هذا قيل: ظنينٌ أي: متّهمٌ) .
وذكر في الآية قراءتان :
الأولى : "بضنين" . وهي قراءة نافعٍ، وعاصمٍ، وابن عامرٍ، وحمزة، وعثمان بن عفّان، وابن عبّاسٍ، والحسن، وأبي رجاءٍ، والأعرج، وأبي جعفرٍ، وشيبة، وجماعةٍ وافرةٍ. ذكره ابن عطية . [تخريج القراءات من كُتب القراءات]
والمعنى على هذه القراءة : أي ببخيل . وهو قول إبراهيم , ومجاهد , وقتادة , وسفيان , وابن زيد , وعامر .
الثانية : "بظنين" . وهي قراءة ابن كثيرٍ، وأبو عمرٍو، والكسائيّ، وابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وزيد بن ثابتٍ، وابن عمر، وابن الزّبير، وعائشة، وعمر بن عبد العزيز، وابن جبيرٍ، وعروة بن الزّبير، ومسلم بن جندبٍ، ومجاهدٌ وغيرهم . ذكره ابن عطية .
والمعنى على هذه القراءة : أي : بمتهم . وهو قول ابن عباس , وسعيد بن جبير , وزر بن حبيش , والضحاك .
الدراسة :
ذكر في الآية قراءتان متواترتان الأولى "بضنين" والثانية "بظنين" واختلف المعنى على كل قراءة منهما فعلى الأولى يكون المعنى : وما أنت على الغيب ببخيل , وعلى الثانية : وما أنت على الغيب بمتهم , وذكر له الطبري معنى ثان فقال : وقدْ تَأَوَّلَ ذلكَ بعضُ أهلِ العربيَّةِ أنَّ معناهُ: وما هوَ على الغَيْبِ بضعِيفٍ، ولَكِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لهُ مُطِيقٌ. ووَجْهُهُ إلى قَوْلِ العرَبِ للرجلِ الضعيفِ: هوَ ظَنُونٌ.
ورجح ابن جرير قراءة "بضنين" وذلك لأن رسم المصاحف جميعها بالضاد ولم يوجد رسم بالظاء فقال : وَأَوْلَى القراءَتَيْنِ في ذلكَ عندِي بالصَّوابِ: ما عليهِ خُطُوطُ مصاحِفِ المُسْلِمِينَ مُتَّفِقَةً، وإِن اخْتَلَفَتْ قِرَاءَتُهم بهِ، وذلكَ {بِضَنِينٍ} بالضادِ؛ لأنَّ ذلكَ كلَّهُ كذلكَ في خُطُوطِهَا.
وذكر ابن كثير أن القراءتان [القراءتين]متواترتان وكلا المعنين صحيح .
[إذا توفر في القراءة شروط صحتها، فلا ترجيح بين القراءات الصحيحة، بل يكون الخلاف فيها من قبيل خلاف التنوع.
ويُعتذر للمفسرين المتقدمين بأن التأليف في القراءات وبيان أسانيدها لم يكن قد استقر في عهدهم وإلا إذا ثبت لابن جرير - رحمه الله - تواتر القراءة ما ردّها.
وبالنسبة لمخالفة شرط رسم المصحف فأغنى عنه تواتر الرواية
فإذا تبين لك ذلك، فعند دراسة توجيه القراءات التي تؤدي إلى اختلاف المعنى، يحسن النظر إلى معنى الآية بعد الجمع بين القراءات.
وفي هذه الآية - بمجموع القراءتين - نفى الله عن نبيه صلى الله عليه وسلم أي قصور في تبليغ الرسالة؛ البخل بل هو حريص على التبليغ، والاتهام بل هو عدلٌ، والضعف عن تحمل أعباء الرسالة، وبمفهوم الآية فهو صلى الله عليه وسلم قد أدى الأمانة وبلغ الرسالة كاملة ونصح الأمة]


2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
قول أبي العالية أخرجه :
- ابن جرير في تفسيره , وابن المنذر في تفسيره , وابن أبي حاتم في تفسيره , من طرق عن داود بن أبي هند , عنه . [وهذا الأثر مما اختلفت ألفاظه باختلاف الطرق فينتبه لذلك عند التخريج]
توجيه القول :
هذا القول مبني على سياق الآيات ؛ فالآيات قبلها وبعدها نزلت في اليهود كما ذكر ذلك ابن جرير الطبري فقال : وإنّما قلنا ذلك أولى الأقوال في هذه الآية بالصّواب؛ لأنّ الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وبعدها إذ كانت في سياقٍ واحدٍ.
[هذا القول يتضمن عدة مسائل في تفسير الآية:
الأولى: المراد بالذين كفروا
الثانية: المراد بإيمانهم
الثالثة: معنى زيادة كفرهم
الرابعة: علة عدم قبول توبتهم (ويدور حولها أغلب الأقوال، وتمييز المسائل السابقة يفيدك في تحرير هذه المسألة، لأنه - وكما بينتَ في تحريرك أدناه - ليست كل الأقوال في اليهود والنصارى )]

وذكر في سبب نزول الآية أقوال :
الأول : أنهم اليهود كفروا بالمسيح ثم ازدادوا كفراً بمحمد لن تقبل توبتهم عند موتهم . وهو قول قتادة , وعطاء .
الثاني : أنهم اليهود والنصارى، كفروا بمحمد بعد إيمانهم بصفته، ثم ازدادوا كفراً بإقامتهم على كفرهم . وهو قول أبو العالية .
الثالث : أنهم الّذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم . وهو قول مجاهد .
الرابع : أنها نزلت فيمن لم يتب من أصحاب الحارث بن سويد، فإنهم قالوا: نقيم بمكة ونتربص بمحمد ريب المنون . وهو قول ابن عباس.
وذكر ابن القيم في سبب عدم قبول توبتهم أقوال : [ويمكنك استخلاصه من نص الأقوال المروية في الكتب المسندة]
أحدها: أنهم ارتدوا، وعزموا على إظهار التوبة لستر أحوالهم، والكفر في ضمائرهم، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهم قوم تابوا من الذنوب في الشرك، ولم يتوبوا من الشرك، قاله أبو العالية.
والثالث: أن معناه: لن تُقبل توبتهم حين يحضرهم الموت، وهو قول الحسن، وقتادة، وعطاء الخراساني، والسدي.
والرابع: لن تقبل توبتهم بعد الموت إذا ماتوا على الكفر، وهو قول مجاهد.
الدراسة :
ذكر في سبب نزول الآية عدة اقوال منها أنهم اليهود والنصارى الذين آمنوا بأنبيائهم وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم , ومنها أنهم اليهود والنصارى الذين كفروا بأنبيائهم وازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم , ومنها أنهم من لم يتب من أصحاب الحارث بن سويد ورجح ابن جرير أنهم اليهود وذلك لدلالة السياق على ذلك , وأن ما قبلها وما بعدها نزل فيهم فقال : أولى الأقوال في هذه الآية بالصّواب؛ لأنّ الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وبعدها إذ كانت في سياقٍ واحدٍ. [وأصل المسألة النظر في علة عدم قبول توبتهم، وللشيخ محمد الأمين الشنقيطي في كتاب دفع إيهام الاضطاب في آيات الكتاب بحث رائع لهذه المسألة فيُرجى مراجعته]
3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
قول سعيد بن جبير أخرجه :
- عبدالرزاق في تفسيره , وابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره من طرق , عن سفيان , عن أبي بكير , عنه. [رواية ابن أبي حاتم من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين عن سفيان عن أبي بكير عن سعيد ابن جبير بلفظ الرفيق الصالح، ورواه أيضًا ابن المنذر وابن جرير مثله.
وقيد الصلاح مختلف عن قيد السفر
وإن كان جميع الطرق من طريق سفيان، لكن مع اختلاف اللفظ اختلافا يؤدي لاختلاف المعنى نذكر الراوي عن سفيان]

- رواه سفيان الثوري في تفسيره , عن مورقٍ أو مرزوقٍ مولى الشّعبيّ [وهو نفسه أبو بكير] , عنه .
توجيه القول :
هذا القول من باب التفسير بالمثال , وهو مستفاد من عموم الآية , وهو من قولهم: جنب فلانٌ فلانًا فهو يجنبه جنبًا، إذا كان لجنبه، ومن ذلك: جنب الخيل، إذا قاد بعضها إلى جنب بعضٍ. و لابن جبير قول آخر في الصاحب بالحنب : أنه الرفيق الصالح .
وذكر في المراد بالصاحب بالجنب أقوال :
الأول : الرفيق في السفر . وهو قول ابن عباس , وسعيد بن جبير , ومجاهد , وقتادة , والسدي , والضحاك .
الثاني : امرأة الرّجل الّتي تكون معه إلى جنبه . وهو قول علي , وابن مسعود , ورواية عن ابن عباس , وابن أبي ليلى , وإبراهيم النخعي .
الثالث : الّذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك . وهو قول ابن زيد , ورواية عن ابن عباس .
الدراسة :
اختلف المفسرون في المراد بالصاحب بالجنب إلى أقوال , وهو من باب اختلاف التنوع , فمنهم من قال هو رفيق السفر ومنهم من قال هي الزوجة , ومنهم من قال هو الذي يلزمك , والآية تحتمل جميع هذه المعاني .
قال الرازي : والصاحب بالجنب وهو الذي صحبك بأن حصل بجنبك إما رفيقا في/ سفر، وإما جارا ملاصقا، وإما شريكا في تعلم أو حرفة، وإما قاعدا إلى جنبك في مجلس أو مسجد أو غير ذلك، من أدنى صحبة التأمت بينك وبينه.
4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
قول سعيد بن المسيب أخرجه :
- ابن جرير في تفسيره , [إسناد الرواية قبل هذا النص
قال ابن جرير: (- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} قال: المصلّين المؤمنين بلالاً وابن أمّ عبدٍ.
- قال ابن جريجٍ: وأخبرني عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ قال: صلّيت الصّبح مع سعيد بن المسيّب ...) اهـ.
يعني بنفس الإسناد السابق عن ابن جريج ]

قال ابن جريج: وأخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: صليت الصبح مع سعيد بن المسيب، فلما سلم الإمام ابتدر الناس القاص، فقال سعيد: " ما أسرعهم إلى هذا المجلس، قال مجاهد: فقلت: يتأولون ما قال الله تعالى، قال: وما قال؟ قلت: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي}، قال: وفي هذا ذا؟ إنما ذاك في الصلاة التي انصرفنا عنها الآن، إنما ذاك في الصلاة "
.
توجيه القول :
هذا القول مبني على معنى الدعاء ؛ إذ أن معنى الدعاء في الشرع هو العبادة كما قال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) , فسمى الدعاء عبادة , وأعظم العبادات هي الصلاة , وأن الصلاة في مكة كانت ركعتين غدوة وركعتين عشية قبل فرض الصلوات الخمس كما ذكر ذلك الحسن , وقد أنكر ابن المسيب ما يتأولون به معنى الآية , أن المراد هو الانصراف إلى القصاص .
وذكر في معنى الدعاء في قوله تعالى : {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} أقوال.
الأول : الصلوات الخمس . وهو قول ابن عباس , وإبراهيم النخعي , ومجاهد , وسعيد بن المسيب , والضحاك , وعامر , وعبد الرحمن بن أبي عمرة .
الثاني : صلاة الصبح والعصر . وهو قول قتادة .
الثالث : ذكر الله تعالى . وهو قول إبراهيم , ومنصور .
الرابع : تعلم القرآن وقراءته . وهو قول أبي جعفر .
الخامس : عبادتهم ربهم . وهو قول الضحاك .
الدراسة :
اختلف المفسرون في المراد بالدعاء في الآية فقيل أنها الصلاة , وقيل أنها الذكر , وقيل أنها العبادة , وهذا من باب اختلاف التنوع والآية تحتمل جميع هذه المعاني فهي عامة وتشمل جميع أنواع العبادات كما ذكر ابن جرير فقال : ولا قول أولى بذلك بالصحة من وصف القوم بما وصفهم الله به من أنهم كانوا يدعون ربهم بالغداة والعشي، فيُعَمُّون بالصفة التي وصفهم بها ربهم، ولا يُخَصُّون منها بشيء دون شيء .
5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
قول إبراهيم النخعي أخرجه :
- ابن وهب في تفسيره , وسعيد بن منصور في سننه , وابن جرير في تفسيره , وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى أبي الشيخ من طرق , عن فرقد السبخي , عن إبراهيم النخعي .
[إسناد سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة ، عن رجل ، عن إبراهيم ، قال: {سوء الحساب} : أن يأخذ عبده بالحق.) اهـ
فاختلف عن ابن وهب وابن جرير في أمرين:
الأول: إبهام الرواي عن إبراهيم، وإن كان المحتمل أنه فرقد لكن ينبغي بيان أنه مبهم في إسناد سعيد بن منصور.
الثاني: لفظ المتن وإن كان بمعنى قريب]


توجيه القول :
هذا القول مبني على معنى سوء الحساب : وهو التقصي على المحاسب , ولا يقع في حسابه من التجاوز . كما ذكر ابن عطية . فمن سوء الحساب أن يحاسب العبد على ذنبه كله ولا يغفر له منه شيء .
ودل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ( من نوقش الحساب عذب ) , فتكون سوء الحساب المناقشة. كما ذكر الزجاج .
وذكر في معنى سوء الحساب أقوال :
الأول : أن يحاسب بذنبه كله لا يغفر له منه شيء . وهو قول إبراهيم النخعي , وابن زيد , والحسن .
الثاني : المناقشة بالأعمال . وهو قول أبي الجوزاء .
الثالث : أنه التّوبيخ والتّقريع عند الحساب. ذكره ابن القيم , وعزاه الماوردي لابن عيسى حكاية .
الدراسة :
ذكر في معنى سوء الحساب أقوال منها أنها المناقشة بالأعمال , ومنها المحاسبة على الذنب كله فلا يغفر منه شيء , ومنها أنها التوبيخ والتقريع عند الحساب , وهذه المعاني متقاربة تحتملها الآية ؛ فمن سوء الحساب أن يناقش العبد على أعماله , ومن سوء الحساب أن لا يغفر له ذنبه , ومن سوء الحساب أن يوبخ على أعماله .
قال ابن جرير : هؤلاء الّذين لم يستجيبوا للّه لهم سوء الحساب: يقول: لهم عند اللّه أن يأخذهم بذنوبهم كلّها، فلا يغفر لهم منها شيئًا، ولكن يعذّبهم على جميعها .
والله أعلم

التقويم: ب
أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 ذو القعدة 1442هـ/24-06-2021م, 07:39 PM
مريم البلوشي مريم البلوشي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 343
افتراضي

1)قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
التخريج
- رواه ابن جرير بطرق مختلفة كلها من طريق سُفيانُ، عنْ عاصِمٍ، عنْ زِرٍّ.
الترجيح
قَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو والكسائي (بظنين) بالظاء
وَقَرَأَ نَافِع وَعَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة {بضنين} بالضاد

وقرأ ابن عباس بالظاء، وسئل عنه فقال: بمتهم. وكذلك الضحاك وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النخعي. وقال إبراهيم: لم يبخلوه.
و{بضنين} بالضاد، من الضن وهو البخل؛ أي لا يبخل بما أوحي إليه أن يعلمه، أو يكتم بعضه فلا يبلغه.
وصفه الله تعالى بذلك، لحرصه على الهداية وتشميره في تبليغ الرسالة. ولا يتوقف هذا الوصف على رميهم إياه بالبخل بما عُلم.
والمعنى في القراءتين: وما هو على ما يخبر به من المغيب عنكم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في ما رُوي.
(بضنين) بالضاد، هي أولى القراءتين بالصواب عند الطبري، وعليها خطوط مصاحف المسلمين.

2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
التخريج
- رواه ابن جرير و الرازي بطرق مختلفة و كلها من طريق داود، عن أبا العالية.

الأقوال الأخرى
القول الاول : {إنّ الّذين كفروا} أي ببعض أنبيائه الّذين بعثوا قبل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد إيمانهم {ثمّ ازدادوا كفرًا} بكفرهم بمحمّدٍ {لن تقبل توبتهم} عند حضور الموت وحشرجته بنفسه. ذكره ابن جرير .
القول الثاني : أنّ الّذين كفروا من أهل الكتاب بمحمّدٍ بعد إيمانهم بأنبيائهم {ثمّ ازدادوا كفرًا} يعني ذنوبًا {لن تقبل توبتهم} من ذنوبهم، وهم على الكفر مقيمون. ذكره ابن جرير.
القول الثالث: {ثمّ ازدادوا كفرًا} ماتوا كفّارًا، فكان ذلك هو زيادتهم من كفرهم. وقالوا: معنى {لن تقبل توبتهم} لن تقبل توبتهم عند موتهم. ذكره ابن جرير.
الترجيح
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوال بالصّواب في تأويل هذه الآية قول من قال: عنى بها اليهود، وأن يكون تأويله أنّ الّذين كفروا من اليهود بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم عند مبعثه بعد إيمانهم به قبل مبعثه، ثمّ ازدادوا كفرًا بما أصابوا من الذّنوب في كفرهم ومقامهم على ضلالتهم، لن تقبل توبتهم من ذنوبهم الّتي أصابوها في كفرهم، حتّى يتوبوا من كفرهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ويراجعوا التّوبة منه بتصديق ما جاء به من عند اللّه.
وإنّما قلنا ذلك أولى الأقوال في هذه الآية بالصّواب؛ لأنّ الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وبعدها إذ كانت في سياقٍ واحدٍ.
وإنّما قلنا: معنى ازديادهم الكفر ما أصابوا في كفرهم من المعاصي؛ لأنّه جلّ ثناؤه قال: {لن تقبل توبتهم} فكان معلومًا أنّ معنى قوله: {لن تقبل توبتهم} إنّما هو معنيّ به: لن تقبل توبتهم ممّا ازدادوا من الكفر على كفرهم بعد إيمانهم، لا من كفرهم؛ لأنّ اللّه تعالى ذكره وعد أن يقبل التّوبة من عباده، فقال: {وهو الّذي يقبل التّوبة عن عباده} [الشورى] فمحالٌ أن يقول عزّ وجلّ أقبل، ولا أقبل في شيءٍ واحدٍ، وإذ كان ذلك كذلك، وكان من حكم اللّه في عباده أنّه قابلٌ توبة كلّ تائبٍ من كلّ ذنبٍ، وكان الكفر بعد الإيمان أحد تلك الذّنوب الّتي وعد قبول التّوبة منها بقوله: {إلاّ الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} علم أنّ المعنى الّذي لا تقبل التّوبة منه، غير المعنى الّذي تقبل التّوبة منه، وإذ كان ذلك كذلك، فالّذي لا تقبل منه التّوبة هو الازدياد على الكفر بعد الكفر، لا يقبل اللّه توبة صاحبه ما أقام على كفره؛ لأنّ اللّه لا يقبل من مشركٍ عملاً ما أقام على شركه وضلاله، فأمّا إن تاب من شركه وكفره وأصلح، فإنّ اللّه كما وصف به نفسه غفورٌ رحيمٌ.
فإن قال قائلٌ: وما ينكر أن يكون معنى ذلك، كما قال من قال: فلن تقبل توبتهم من كفرهم عند حضور أجله، وتوبته الأولى؟
قيل: أنكرنا ذلك؛ لأنّ التّوبة من العبد غير كائنةٍ إلاّ في حال حياته، فأمّا بعد مماته فلا توبة، وقد وعد اللّه عزّ وجلّ عباده قبول التّوبة منهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم، ولا خلاف بين جميع الحجّة في أنّ كافرًا لو أسلم قبل خروج نفسه بطرفة عينٍ أنّ حكمه حكم المسلمين في الصّلاة عليه والموارثة، وسائر الأحكام غيرهما، فكان معلومًا بذلك أن توبته في تلك الحال لو كانت غير مقبولةٍ، لم ينتقل حكمه من حكم الكفّار إلى حكم أهل الإسلام، ولا منزلة بين الموت والحياة يجوز أن يقال لا يقبل اللّه فيها توبة الكافر، فإذا صحّ أنّها في حال حياته مقبولةٌ، ولا سبيل بعد الممات إليها، بطل قول الّذي زعم أنّها غير مقبولةٍ عند حضور الأجل.
وأمّا قول من زعم أنّ معنى ذلك التّوبة الّتي كانت قبل الكفر فقولٌ لا معنى له؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ لم يصف القوم بإيمانٍ كان منهم بعد كفرٍ، ثمّ كفرٍ بعد إيمانٍ، بل إنّما وصفهم بكفرٍ بعد إيمانٍ، فلم يتقدّم ذلك الإيمان كفرٌ كان للإيمان لهم توبةٌ منه، فيكون تأويل ذلك على ما تأوّله قائل ذلك، وتأويل القرآن على ما كان موجودًا في ظاهر التّلاوة إذا لم تكن حجّةٌ تدلّ على باطنٍ خاصٍّ أولى من غيره وإن أمكن توجيهه إلى غيره.

3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
التخريج
- رواه عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ و ابن جرير بطرق مختلفة كلها من طريق أبي بكير عن سعيد بن جبير في قوله تعالى والصاحب بالجنب قال الرفيق في السفر
-رواه أبو حذيفة النهدي قال سفيان [الثوري] عن مورقٍ أو مرزوقٍ مولى الشّعبيّ عن سعيد بن جبيرٍ.

الاقوال الاخرى
القول الأول : جليسك في الحضر وصاحبك في السفر. ذكره عبدالله بن وهب المصري
القول الثاني : صاحبك في السفر وابن السبيل الذي يمر عليك وهو مسافر ، ذكره عبدالرزاق .
القول الثالث: المرأة ، ذكره عبدالرزاق .
القول الرابع : امرأة الرجل و هو قول ابن مسعود ذكره أبو حذيفة المهدي.
القول الخامس : الرّفيق الصّالح. ذكره ابن جرير
القول السادس : الّذي يلصق بك وهو إلى جنبك، ويكون معك إلى جنبك رجاء خيرك ونفعك. ، ذكره ابن جرير.

الترجيح
الصّواب من القول في تأويل ذلك عندي: أنّ معنى: {والصّاحب بالجنب} الصّاحب إلى الجنب، كما يقال: فلانٌ بجنب فلانٍ وإلى جنبه، وهو من قولهم: جنب فلانٌ فلانًا فهو يجنبه جنبًا، إذا كان لجنبه، ومن ذلك: جنب الخيل، إذا قاد بعضها إلى جنب بعضٍ. وقد يدخل في هذا الرّفيق في السّفر، والمرأة، والمنقطع إلى الرّجل الّذي يلازمه رجاء نفعه، لأنّ كلّهم بجنب الّذي هو معه وقريبٌ منه، وقد أوصى اللّه تعالى بجميعهم لوجوب حقّ الصّاحب على المصحوب. وقد:.
- حدّثنا سهل بن موسى الرّازيّ، قال: حدّثنا ابن أبي فديكٍ، عن فلان بن عبد اللّه، عن الثّقة، عنده: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان معه رجلٌ من أصحابه وهما على راحلتين، فدخل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غيضةٍ طرفاء، فقطع قصيلين أحدهما معوجٌّ والآخر معتدلٌ، فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوجّ، فقال الرّجل: يا رسول اللّه بأبي أنت وأمّي، أنت أحقّ بالمعتدل منّي. فقال: كلاّ يا فلان، إنّ كلّ صاحبٍ يصحب صاحبًا مسئولٌ عن صحابته ولو ساعةً من نهارٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن حيوة، قال: حدّثني شرحبيل بن شريكٍ، عن أبي عبد الرّحمن الحبليّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ خير الأصحاب عند اللّه تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند اللّه خيرهم لجاره.
وإن كان الصّاحب بالجنب محتملا معناه ما ذكرناه من أن يكون داخلا فيه كلّ من جنب رجلاً يصحبه في سفرٍ أو نكاحٍ أو انقطاعٍ إليه واتّصالٍ به، ولم يكن اللّه جلّ ثناؤه خصّ بعضهم ممّا احتمله ظاهر التّنزيل؛ فالصّواب أن يقال: جميعهم معنيّون بذلك، وبكلّهم قد أوصى اللّه بالإحسان إليه. ذكره ابن جرير .
و قال الأخفش البلخي فمعناه: "هو الذي بجنبك"، كما تقول "فلان بجنبي" و"إلى جنبي".

4(قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
التخريج
-رواه ابن جرير قال ابن جريح أخبرني عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ قال: صلّيت الصّبح مع سعيد بن المسيّب فلمّا سلّم الإمام ابتدر النّاس القاصّ، فقال سعيدٌ: ما أسرعهم إلى هذا المجلس، قال مجاهدٌ: فقلت: يتأوّلون ما قال اللّه تعالى، قال: وما قال؟ قلت: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، قال: وفي هذا ذا؟ إنّما ذاك في الصّلاة الّتي انصرفنا عنها الآن، إنّما ذاك في الصّلاة.

الأقوال الاخرى
القول الأول : لا تطردهم عن الذّكر ذكره سعيد الخراساني
القول الثاني : تأخيرهم عن الصّفّ الأوّل ذكره ابن جرير
القول الثالث : تعلّمهم القرآن وقراءته. ذكره ابن جرير
القول الرابع : العبادة ، ذكره ابن كثير .

الترجيح
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه -تعالى- نهى نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يطرد قومًا كانوا يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ، والدّعاء للّه يكون بذكره وتمجيده والثّناء عليه قولاً وكلامًا، وقد يكون بالعمل له بالجوارح الأعمال الّتي كان عليهم فرضها وغيرها من النّوافل الّتي ترضي، والعامل له عابده بما هو عاملٌ له، وقد يجوز أن يكون القوم كانوا جامعين هذه المعاني كلّها، فوصفهم اللّه بذلك بأنّهم يدعونه بالغداة والعشيّ، لأنّ اللّه قد سمّى العبادة دعاءً، فقال -تعالى-: {وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين}. وقد يجوز أن يكون ذلك على خاصٍّ من الدّعاء.
ولا قول أولى بذلك بالصّحّة من وصف القوم بما وصفهم اللّه به من أنّهم كانوا يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ فيعمّون بالصّفة الّتي وصفهم بها ربّهم ولا يخصّون منها بشيءٍ دون شيءٍ. ذكره ابن جرير.

5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
التخريج
-رواه عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ و ابن جرير من طرق مختلفة كلهم من طريق فرقد عن إبراهيم قال: {ويخافون سوء الحساب}، أن يحاسب بذنبه، ثم لا يغفر له).

الأقوال الأخرى
القول الأول : المناقشة في الأعمال ذكره عبدالرزاق
القول الثاني : الّذي لا جواز فيه ذكره ابن جرير

الترجيح
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن وكيعٍ، حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا أبو عامرٍ الخزّاز، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «إنّه ليس أحدٌ يحاسب يوم القيامة إلاّ معذّباً». فقلت: أليس اللّه يقول: {فسوف يحاسب حساباً يسيراً}؟ قال: «ذاك العرض، إنّه من نوقش الحساب عذّب». وقال بيده على أصبعه كأنّه ينكت. وقد رواه أيضاً عن عمرو بن عليٍّ، عن ابن أبي عديٍّ، عن أبي يونس القشيريّ، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة، فذكر الحديث، أخرجاه من طريق أبي يونس القشيريّ، واسمه حاتم بن أبي صغيرة، به.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1442هـ/27-06-2021م, 01:58 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مريم البلوشي مشاهدة المشاركة
1)قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
التخريج
- رواه ابن جرير بطرق مختلفة كلها من طريق سُفيانُ، عنْ عاصِمٍ، عنْ زِرٍّ.
الترجيح
قَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو والكسائي (بظنين) بالظاء
وَقَرَأَ نَافِع وَعَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة {بضنين} بالضاد

وقرأ ابن عباس بالظاء، وسئل عنه فقال: بمتهم. وكذلك الضحاك وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النخعي. وقال إبراهيم: لم يبخلوه.
و{بضنين} بالضاد، من الضن وهو البخل؛ أي لا يبخل بما أوحي إليه أن يعلمه، أو يكتم بعضه فلا يبلغه.
وصفه الله تعالى بذلك، لحرصه على الهداية وتشميره في تبليغ الرسالة. ولا يتوقف هذا الوصف على رميهم إياه بالبخل بما عُلم.
والمعنى في القراءتين: وما هو على ما يخبر به من المغيب عنكم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في ما رُوي.
(بضنين) بالضاد، هي أولى القراءتين بالصواب عند الطبري، وعليها خطوط مصاحف المسلمين.

2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
التخريج
- رواه ابن جرير و الرازي بطرق مختلفة و كلها من طريق داود، عن أبا العالية.

الأقوال الأخرى
القول الاول : {إنّ الّذين كفروا} أي ببعض أنبيائه الّذين بعثوا قبل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد إيمانهم {ثمّ ازدادوا كفرًا} بكفرهم بمحمّدٍ {لن تقبل توبتهم} عند حضور الموت وحشرجته بنفسه. ذكره ابن جرير .
القول الثاني : أنّ الّذين كفروا من أهل الكتاب بمحمّدٍ بعد إيمانهم بأنبيائهم {ثمّ ازدادوا كفرًا} يعني ذنوبًا {لن تقبل توبتهم} من ذنوبهم، وهم على الكفر مقيمون. ذكره ابن جرير.
القول الثالث: {ثمّ ازدادوا كفرًا} ماتوا كفّارًا، فكان ذلك هو زيادتهم من كفرهم. وقالوا: معنى {لن تقبل توبتهم} لن تقبل توبتهم عند موتهم. ذكره ابن جرير.
الترجيح
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوال بالصّواب في تأويل هذه الآية قول من قال: عنى بها اليهود، وأن يكون تأويله أنّ الّذين كفروا من اليهود بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم عند مبعثه بعد إيمانهم به قبل مبعثه، ثمّ ازدادوا كفرًا بما أصابوا من الذّنوب في كفرهم ومقامهم على ضلالتهم، لن تقبل توبتهم من ذنوبهم الّتي أصابوها في كفرهم، حتّى يتوبوا من كفرهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ويراجعوا التّوبة منه بتصديق ما جاء به من عند اللّه.
وإنّما قلنا ذلك أولى الأقوال في هذه الآية بالصّواب؛ لأنّ الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت، فأولى أن تكون هي في معنى ما قبلها وبعدها إذ كانت في سياقٍ واحدٍ.
وإنّما قلنا: معنى ازديادهم الكفر ما أصابوا في كفرهم من المعاصي؛ لأنّه جلّ ثناؤه قال: {لن تقبل توبتهم} فكان معلومًا أنّ معنى قوله: {لن تقبل توبتهم} إنّما هو معنيّ به: لن تقبل توبتهم ممّا ازدادوا من الكفر على كفرهم بعد إيمانهم، لا من كفرهم؛ لأنّ اللّه تعالى ذكره وعد أن يقبل التّوبة من عباده، فقال: {وهو الّذي يقبل التّوبة عن عباده} [الشورى] فمحالٌ أن يقول عزّ وجلّ أقبل، ولا أقبل في شيءٍ واحدٍ، وإذ كان ذلك كذلك، وكان من حكم اللّه في عباده أنّه قابلٌ توبة كلّ تائبٍ من كلّ ذنبٍ، وكان الكفر بعد الإيمان أحد تلك الذّنوب الّتي وعد قبول التّوبة منها بقوله: {إلاّ الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} علم أنّ المعنى الّذي لا تقبل التّوبة منه، غير المعنى الّذي تقبل التّوبة منه، وإذ كان ذلك كذلك، فالّذي لا تقبل منه التّوبة هو الازدياد على الكفر بعد الكفر، لا يقبل اللّه توبة صاحبه ما أقام على كفره؛ لأنّ اللّه لا يقبل من مشركٍ عملاً ما أقام على شركه وضلاله، فأمّا إن تاب من شركه وكفره وأصلح، فإنّ اللّه كما وصف به نفسه غفورٌ رحيمٌ.
فإن قال قائلٌ: وما ينكر أن يكون معنى ذلك، كما قال من قال: فلن تقبل توبتهم من كفرهم عند حضور أجله، وتوبته الأولى؟
قيل: أنكرنا ذلك؛ لأنّ التّوبة من العبد غير كائنةٍ إلاّ في حال حياته، فأمّا بعد مماته فلا توبة، وقد وعد اللّه عزّ وجلّ عباده قبول التّوبة منهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم، ولا خلاف بين جميع الحجّة في أنّ كافرًا لو أسلم قبل خروج نفسه بطرفة عينٍ أنّ حكمه حكم المسلمين في الصّلاة عليه والموارثة، وسائر الأحكام غيرهما، فكان معلومًا بذلك أن توبته في تلك الحال لو كانت غير مقبولةٍ، لم ينتقل حكمه من حكم الكفّار إلى حكم أهل الإسلام، ولا منزلة بين الموت والحياة يجوز أن يقال لا يقبل اللّه فيها توبة الكافر، فإذا صحّ أنّها في حال حياته مقبولةٌ، ولا سبيل بعد الممات إليها، بطل قول الّذي زعم أنّها غير مقبولةٍ عند حضور الأجل.
وأمّا قول من زعم أنّ معنى ذلك التّوبة الّتي كانت قبل الكفر فقولٌ لا معنى له؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ لم يصف القوم بإيمانٍ كان منهم بعد كفرٍ، ثمّ كفرٍ بعد إيمانٍ، بل إنّما وصفهم بكفرٍ بعد إيمانٍ، فلم يتقدّم ذلك الإيمان كفرٌ كان للإيمان لهم توبةٌ منه، فيكون تأويل ذلك على ما تأوّله قائل ذلك، وتأويل القرآن على ما كان موجودًا في ظاهر التّلاوة إذا لم تكن حجّةٌ تدلّ على باطنٍ خاصٍّ أولى من غيره وإن أمكن توجيهه إلى غيره.

3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
التخريج
- رواه عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ و ابن جرير بطرق مختلفة كلها من طريق أبي بكير عن سعيد بن جبير في قوله تعالى والصاحب بالجنب قال الرفيق في السفر
-رواه أبو حذيفة النهدي قال سفيان [الثوري] عن مورقٍ أو مرزوقٍ مولى الشّعبيّ عن سعيد بن جبيرٍ.

الاقوال الاخرى
القول الأول : جليسك في الحضر وصاحبك في السفر. ذكره عبدالله بن وهب المصري
القول الثاني : صاحبك في السفر وابن السبيل الذي يمر عليك وهو مسافر ، ذكره عبدالرزاق .
القول الثالث: المرأة ، ذكره عبدالرزاق .
القول الرابع : امرأة الرجل و هو قول ابن مسعود ذكره أبو حذيفة المهدي.
القول الخامس : الرّفيق الصّالح. ذكره ابن جرير
القول السادس : الّذي يلصق بك وهو إلى جنبك، ويكون معك إلى جنبك رجاء خيرك ونفعك. ، ذكره ابن جرير.

الترجيح
الصّواب من القول في تأويل ذلك عندي: أنّ معنى: {والصّاحب بالجنب} الصّاحب إلى الجنب، كما يقال: فلانٌ بجنب فلانٍ وإلى جنبه، وهو من قولهم: جنب فلانٌ فلانًا فهو يجنبه جنبًا، إذا كان لجنبه، ومن ذلك: جنب الخيل، إذا قاد بعضها إلى جنب بعضٍ. وقد يدخل في هذا الرّفيق في السّفر، والمرأة، والمنقطع إلى الرّجل الّذي يلازمه رجاء نفعه، لأنّ كلّهم بجنب الّذي هو معه وقريبٌ منه، وقد أوصى اللّه تعالى بجميعهم لوجوب حقّ الصّاحب على المصحوب. وقد:.
- حدّثنا سهل بن موسى الرّازيّ، قال: حدّثنا ابن أبي فديكٍ، عن فلان بن عبد اللّه، عن الثّقة، عنده: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان معه رجلٌ من أصحابه وهما على راحلتين، فدخل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غيضةٍ طرفاء، فقطع قصيلين أحدهما معوجٌّ والآخر معتدلٌ، فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوجّ، فقال الرّجل: يا رسول اللّه بأبي أنت وأمّي، أنت أحقّ بالمعتدل منّي. فقال: كلاّ يا فلان، إنّ كلّ صاحبٍ يصحب صاحبًا مسئولٌ عن صحابته ولو ساعةً من نهارٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن حيوة، قال: حدّثني شرحبيل بن شريكٍ، عن أبي عبد الرّحمن الحبليّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ خير الأصحاب عند اللّه تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند اللّه خيرهم لجاره.
وإن كان الصّاحب بالجنب محتملا معناه ما ذكرناه من أن يكون داخلا فيه كلّ من جنب رجلاً يصحبه في سفرٍ أو نكاحٍ أو انقطاعٍ إليه واتّصالٍ به، ولم يكن اللّه جلّ ثناؤه خصّ بعضهم ممّا احتمله ظاهر التّنزيل؛ فالصّواب أن يقال: جميعهم معنيّون بذلك، وبكلّهم قد أوصى اللّه بالإحسان إليه. ذكره ابن جرير .
و قال الأخفش البلخي فمعناه: "هو الذي بجنبك"، كما تقول "فلان بجنبي" و"إلى جنبي".

4(قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
التخريج
-رواه ابن جرير قال ابن جريح أخبرني عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ قال: صلّيت الصّبح مع سعيد بن المسيّب فلمّا سلّم الإمام ابتدر النّاس القاصّ، فقال سعيدٌ: ما أسرعهم إلى هذا المجلس، قال مجاهدٌ: فقلت: يتأوّلون ما قال اللّه تعالى، قال: وما قال؟ قلت: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، قال: وفي هذا ذا؟ إنّما ذاك في الصّلاة الّتي انصرفنا عنها الآن، إنّما ذاك في الصّلاة.

الأقوال الاخرى
القول الأول : لا تطردهم عن الذّكر ذكره سعيد الخراساني
القول الثاني : تأخيرهم عن الصّفّ الأوّل ذكره ابن جرير
القول الثالث : تعلّمهم القرآن وقراءته. ذكره ابن جرير
القول الرابع : العبادة ، ذكره ابن كثير .

الترجيح
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه -تعالى- نهى نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يطرد قومًا كانوا يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ، والدّعاء للّه يكون بذكره وتمجيده والثّناء عليه قولاً وكلامًا، وقد يكون بالعمل له بالجوارح الأعمال الّتي كان عليهم فرضها وغيرها من النّوافل الّتي ترضي، والعامل له عابده بما هو عاملٌ له، وقد يجوز أن يكون القوم كانوا جامعين هذه المعاني كلّها، فوصفهم اللّه بذلك بأنّهم يدعونه بالغداة والعشيّ، لأنّ اللّه قد سمّى العبادة دعاءً، فقال -تعالى-: {وقال ربّكم ادعوني أستجب لكم إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين}. وقد يجوز أن يكون ذلك على خاصٍّ من الدّعاء.
ولا قول أولى بذلك بالصّحّة من وصف القوم بما وصفهم اللّه به من أنّهم كانوا يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ فيعمّون بالصّفة الّتي وصفهم بها ربّهم ولا يخصّون منها بشيءٍ دون شيءٍ. ذكره ابن جرير.

5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
التخريج
-رواه عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ و ابن جرير من طرق مختلفة كلهم من طريق فرقد عن إبراهيم قال: {ويخافون سوء الحساب}، أن يحاسب بذنبه، ثم لا يغفر له).

الأقوال الأخرى
القول الأول : المناقشة في الأعمال ذكره عبدالرزاق
القول الثاني : الّذي لا جواز فيه ذكره ابن جرير

الترجيح
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن وكيعٍ، حدّثنا روح بن عبادة، حدّثنا أبو عامرٍ الخزّاز، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: قال رسول اللّه [صلّى اللّه عليه وسلّم]: «إنّه ليس أحدٌ يحاسب يوم القيامة إلاّ معذّباً». فقلت: أليس اللّه يقول: {فسوف يحاسب حساباً يسيراً}؟ قال: «ذاك العرض، إنّه من نوقش الحساب عذّب». وقال بيده على أصبعه كأنّه ينكت. وقد رواه أيضاً عن عمرو بن عليٍّ، عن ابن أبي عديٍّ، عن أبي يونس القشيريّ، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة، فذكر الحديث، أخرجاه من طريق أبي يونس القشيريّ، واسمه حاتم بن أبي صغيرة، به.

التقويم: هـ
وفقكِ الله وسددكِ.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1442هـ/27-06-2021م, 06:12 AM
الصورة الرمزية وسام عاشور
وسام عاشور وسام عاشور غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 347
افتراضي

1-قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل)
التخريج:
-أخرجه الطبري والفراء من طريق عاصم ابن أبي النجود عن زر بن حبيش به
التحرير:
القراءات : ذكر ابن الجزري في النشر أن قراءة الظاء المشالة قرأ بها (ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو ، وَالْكِسَائِيُّ، وَرُوَيْسٌ)
ثم قال (وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالضَّادِ، وَكَذَا هِيَ فِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ) (النشر في القراءات العشر,ص 338)
فكلا القراءتين متواتر وصحيح قاله ابن كثير

المعنى على كل قراءة:
1- بضنين :البخيل
قول سفيان بن عيينه ذكره ابن وهب وابن جرير,وقول إبراهيم النخعي ذكره عنه عبدالرزاق وابن جرير وقول زر بن حبيش ومجاهد وابن زيد ذكره عنه ابن جرير
ذكره من أهل العربية: (الفراء عن زر بن حبيش وذكره كذلك أبو عبيدة والأخفش وبن المبارك وابن قتيبة والزجاج وثعلب ومكي)
ورجحه:ابن جرير لأن عليه خطوط مصاحف المسلمين
ويجاب عنه بما أورده ابن عاشور أن تواتر القراءة أقوى من تواتر الخط إن كان للخط تواتر

وفي ذلك المعنى تفصيل في المعنى:
-غير بخيل بتعليمهم ما علمه الله وأنزل إليه من كتاب :على أن الغيب هو القرآن
ويشهد له تتمة القول عند زر بن حبيش وابن زيد (...الغيب :القرآن) وقول قتادة(إن هذا القرآن غيب...) ذكره عنهم ابن جرير
-لم يطلب منكم أجرا: على أن الغيب هو الأمور الغيبية
كما يفعل الكهان يتلقون الأخبار من الجن ويطلبون عليه أجرا ,ففرق بينه وبين الكهان , قال تعالى:"وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ" الحاقة, "إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ" المائدة ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى وابن عطية وابن عاشور في تفسيرهما
-لم يكتم من الغيب شيئا : وتكون ضنين كناية عن الكتمان ويكون حرف على بمعنى الباء لتضمين معنى الحرص قال تعالى في حق أهل الكتاب:"تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا"الأنعام , ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى ابن عاشور في تفسيره

2- بظنين :المتهم
قول سفيان بن عيينه ذكره عنه ابن وهب وابن جرير وقول إبراهيم النخعي ذكره عنه عبدالرزاق وابن جرير وقول ابن عباس وسعيد بن جبيروإبراهيم النخعي وزر بن حبيش والضحاك ذكره عنهم ابن جرير
ذكره من أهل العربية: (الفراء عن زر بن حبيش وذكره كذلك أبو عبيدة والأخفش وبن المبارك وابن قتيبة والزجاج وثعلب ومكي و سيبويه والمبرد)
ورجحه: أبوعبيدة لأنّ قريشاً لم تبخّل محمّداً وإنما كذّبته, ذكره عنه ابن عطية
ويجاب عنه بما أورده ابن كثير وابن عاشور بأن كلا القراءتين صحيح متواتر

ويكون المعنى على ذلك:
-غير متهم بالكذب بل هو ثقة صادق أمين
وذكرابن جرير والفراء وابن عطية معنى آخر:
-ضعيف :من الظنون أي القليل كما في ( ماءٌ شريب، وشروب، وقروني، وقريني)
والمعنى أي هو محتمل له مطيق
التوجيه:
كلا القراءتين صحيح وبهما نزل القرآن وحمل التأويل عليهما يثري المعنى
قال أبو عمرو الداني " انْتَفَى عَنهُ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا فَأخْبر الله تَعَالَى عَنهُ بهما فِي الْقِرَاءَتَيْن"(الأحرف السبعة ص49)
فالنبي صلوات ربي وسلامه عليه لم يبخل ولم يكتم ولم يطلب أجرا وغير متهم بالكذب وهو قادر على حمل الرسالة

2-قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم)

التخريج:
أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق داود بن أبي هند، عن أبي العالية ,ورواه عبد بن حميد كما في الدر المنثور
واختلفت ألفاظ الروايات:
ففي رواية عبد الأعلى: هم اليهود والنّصارى والمجوس، أصابوا ذنوبًا في كفرهم فأرادوا أن يتوبوا منها، ولن يتوبوا من الكفر، ألا ترى أنّه يقول: {وأولئك هم الضّالّون}
-وفي رواية سفيان: {لن تقبل توبتهم} قال: تابوا من بعضٍ، ولم يتوبوا من الأصل
-وفي رواية ابن أبي جعفر عن أبيه : هم اليهود والنّصارى يصيبون الذّنوب فيقولون نتوب وهم مشركون، قال اللّه عزّ وجلّ: لن تقبل التّوبة في الضّلالة
-وفي رواية أبوخالد: هم اليهود والنّصارى أذنبوا في شركهم، ثم تابوا لم يقبل منهم ولو تابوا من الشّرك قبل منهم
-وفي رواية يزيد بن زريع: لو كانوا على الهدى قبلت توبتهم ولكنّهم على ضلالٍ
التحرير:
في الأقوال عدة مسائل :
أولاً-من المقصود بالذين كفروا
1-هم اليهود :قول قتادة ذكره عنه ابن جرير وابن أبي حاتم
2-هم اليهود والنصارى: قول الحسن وأبي العالية ذكره عنهما ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية
*ورجحه ابن جرير قال لأن الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت
3-هي عامة في كل الّذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم : قول مجاهد والسدي ذكره عنهما ابن جرير وابن أبي حاتم ,ومفهوم من كلام ابن كثير
4-أنها خاصة بقوم بأعيانهم من المرتدين ختم الله عليهم بالكفر وفيهم نزلت آية (آل عمران 86) "كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم "ذكره ابن عطية وذكره كذلك ابن كثير ونسبه لابن عباس ولم يذكر الزجاج والنحاس غيرهم
التوجيه:
الأقوال لا تعارض بينها ,وجميعهم تشملهم الآيات وهي من قبيل التفسير بالمثال والقول الثالث أعمهم وأشملهم ويدخل فيه باقي الأقوال وأكثرهم تعلقا بالنص وبسياق الآيات هو القول الأول وقد رجحه ابن جرير

ثانياً-المراد بالكفر بعد الإيمان والمراد بزيادة الكفر:

في الآية كفران : إيمان ,ثم كفر أول , ثم كفر آخر
1-على القول بأنهم اليهود : فيكونوا كفرهم الأول بعيسى بعد إيمانهم بموسى ثم كفر آخر بمحمد صلوات ربي وسلامه عليهم جميعا قول قتادة ذكره عنه ابن جرير
*ورد هذا القول ابن عطية لأن ليس كل من كفر بعيسى كفر أيضا بمحمد بل من اليهود من آمن بمحمد وقال(والآية على هذا التأويل تخلط الأسلاف بالمخاطبين)
2-على القول بأنهم اليهود والنصارى : فيكون اليهود كما سبق ,ويكون النصارى كفرهم الأول بعيسى فعبدوه وألهوه بعد إيمانهم به ثم كفر آخر بمحمد صلى الله عليه وسلم ذكره ابن عاشور
-أو أنهم آمنوا بأنبيائهم ثم كان كفرهم الأول بمحمد ثم ازدادوا كفرا إما بذنوب أصابوها وأقاموا عليها قول رفيع وأبو العالية , أو بموتهم عليها قول الحسن وقتادة ذكره عنهم ابن جرير
3-وعلى القول بأنها عامة في الّذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم : فيدخل فيهم كل من آمن بنبيه ثم كفر وتكررت ردته جرير ,وذكره ابن جريرفي تفسيره وابن تيمية(مجموع الفتاوى ج16,ص18) ,قال ابن عطية ويدخل فيهم المرتدون عن الإسلام
وتكون زيادتهم في الكفر تمامهم عليه قول مجاهد ذكره عنه ابن جرير
او زيادتهم في الكفر موتهم عليه قول السدي ذكره عنهم ابن جرير
وفي هذه الحالة تكون الآية بعدها "إن الذين كفروا وماتوا..." من التوكيد اللفظي بالمرادف ليبنى عليه التفريع بقوله "فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا..."
التوجية:
الأقوال كلها من باب التفسير بالمثال ولاتعارض بينها وأعمهم وأشملهم القول الثالث وتدخل فيه بقية الأقوال

ثالثاً-سبب عدم قبول التوبة : وعد الله عباده بقبول التوبة ولو كانت من كفر ,فلابد من تخصيص هاهنا يفسر علة عدم قبول التوبة:
1-إما لأنهم أظهروا التوبة وأضمروا خلاف ذلك: قول أبو العالية ذكره عنه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية وذكره كذلك الزجاج والنحاس وابن عاشور
2-أو لأنهم تابوا عند حضور الموت في وقت الحشرجة والغرغرة :قول الحسن وقتادة والسدي ذكره عنهم ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية
ورده ابن جريرقال لأنه لو تاب قبل موته بطرفة عين قبل منه ربه وجرت عليه أحكام المسلمين وإن قصد بالحشرجة والغرغرة بعد حضور الموت فلا توبة بعد الموت ,إذ لا منزلة بين الموت والحياة لا تقيل فيها التوبة
*وفي هذا نظر لأن رد توبة من أصر على الكفر والمعاصي حتى حضره الموت مذكورة في غير موضع:
-"وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ"النساء (18)
-"حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ(90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِين(91)"يونس
-"حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ(100)"المؤمنون

*قلت والمراد والله تعالى أعلى وأعلم ,أنه من تأخرت توبته لوقت حضور الموت والغرغرة قد سبق في علم الله أنه لو رد لعاد لما كان عليه من المعاصي كما في آية سورة الأنعام "... وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ(28)"الأنعام ,لذلك لا تقبل توبته

3-أن المقصود بعدم قبوله هو توبتهم قبل الكفر الآخر لأن الكفر أحبطها قول مجاهد ذكره عنه ابن جرير وذكره كذلك النحاس وابن تيمية في مجموع الفتاوى
وهذا أيضا رده ابن جرير لأن الله وصفهم بإيمان بعده كفر ثم زيادة كفر وليس في الآيات قبل الكفر الاخر توبة ليحبطها
قال ابن عاشور إنما ذلك يحسن تأويله في آية سورة النساء " إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا"
4-أن المقصود بعدم قبول التوبة هو توبتهم من المعاصي مع إقامتهم علي الكفر لأن الله لا يقبل توبة مشرك (إلاّ الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ) قبول التوبة مشروط بإيمانهم بمحمد وكفهم عن الذنوب ذكره ابن جرير ورجحه وذكره كذلك ابن عطية
5-أن الآية نزلت في قوم بأعيانهم من المرتدين حكم الله فيهم أنهم يموتوا على الكفر فلم يوفقهم لتوبة ابتداءا ذكره ابن عطية ومفهوم من كلام ابن كثير
التوجيه:
لما وعد الله عباده بقبول التوبة" إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"الزمر(53) ,ولو كانت من كفر قبلت "قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ"الأنفال(38)
لذلك اجتهد العلماء في تخصيص عدم قبول التوبة في الآيات وكلها من سبيل ضرب الأمثلة لحالات عدم قبول التوبة إلا القول الثالث فإنه أقرب لتفسير آية (النساء) منه لآية (آل عمران)

3-قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر)
التخريج:
أخرجه سفيان الثوري في تفسيره عن ابي بكير عن سعيد بن جبير به , كما عند النهدي
وأخرجه عبدالرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق سفيان الثوري عن أبي بكير عن سعيد بن جبير باختلاف في اللفظ
ففي رواية عبدالرحمن عند ابن جرير بلفظ الرفيق في السفر
وفي رواية أبودكين عند ابن جرير , ورواية أبو نعيم عند ابن أبي حاتم بلفظ الرفيق الصالح
التحرير:
1-رفيق السفر: قول ابن عباس وعبدالله ابن مسعود وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والضحاك ذكره عنهم ابن جرير
وذكره ابن أبي حاتم كذلك عنهم وزاد عكرمة وزيد بن أسلم ولم يذكر قول ابن مسعود والضحاك
وذكره كذلك الفراء وأبوعبيدة وابن المبارك وابن قتيبة والزجاج والنحاس ومكي وابن عطية وابن كثير
2-إمرأة الرجل :قول علي وعبدالله بن مسعود وابن عباس وعبدالرحمن بن أبي ليلى وإبراهيم النخعي ذكره عنهم ابن جرير وذكره ابن أبي حاتم كذلك عنهم وزاد الحسن، وسعيد بن جبيرٍ في إحدى الرّوايات نحو ذلك , ولم يذكرقول ابن عباس
وذكره عبد حميد من قول علي وابن مسعود كما في الدر المنثور
وذكره كذلك ابن المبارك والنحاس وثعلب ومكي وابن عطية وابن كثير
3-الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك :قول ابن عباس وابن زيد ذكره عنهم ابن جرير عطية وذكره كذلك الأخفش وابن عطية وابن كثير

التوجيه:
الجنب :أي الذي يَقْرُبُ مِنْكَ ويكونُ إِلَى جَنْبِك(ابن منظور, لسان العرب ,ص267)
والصاحب بالجنب أي الصاحب إلى جنبك قاله الأخفش ,أو هو الذي يلزمك ويرافقك وينزل إلى جانبك قاله ابن المبارك
والمعنى يشمل ذلك كله ولا تعارض بين الأقوال وإنما هي من باب التفسير بالمثال
ذلك أن جميعهم يشملهم وصف الصحبة والملازمة وقد أوصى الله بهم جميعا
ويشهد لمعنى الصاحب بالسفر ما أخرجه ابن جرير عن النبي:
حدّثنا سهل بن موسى الرّازيّ، قال: حدّثنا ابن أبي فديكٍ، عن فلان بن عبد اللّه، عن الثّقة، عنده: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان معه رجلٌ من أصحابه وهما على راحلتين، فدخل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غيضةٍ طرفاء، فقطع قصيلين
أحدهما معوجٌّ والآخر معتدلٌ، فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوجّ، فقال الرّجل: يا رسول اللّه بأبي أنت وأمّي، أنت أحقّ بالمعتدل منّي. فقال: كلاّ يا فلان، إنّ كلّ صاحبٍ يصحب صاحبًا مسئولٌ عن صحابته ولو ساعةً من نهارٍ

وأخرج كذلك عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ خير الأصحاب عند اللّه تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند اللّه خيرهم لجاره.
قال ابن جرير وإن كان الصاحب أولى لظاهر النص ولدلالة حديث النبي ,إلا أن جميعهم معنيّون بذلك، وبكلّهم قد أوصى اللّه بالإحسان

4-قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة)
التخريج:
أخرجه ابن جرير من طريق ابن جريجٍ عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ عن سعيد بن المسيّب به
التحرير:
اختلف في المراد بالدعاء
1-الصلوات الخمس: قول ابن عباس وإبراهيم النخعي ومجاهد والحسن والضحاك وقتادة وعبدالله بن عمر وسعيد بن المسيب وعبدالرحمن بن أبي عمرة وعامر ذكره عنهم ابن جرير
وذكره ابن أبي حاتم عن مجاهد ابن عباس وجاهد والنخعي
ورواه آدم بن أبي إياس في تفسيره من قول مجاهد -كما عند الهمذاني

وفصل بعضهم فخصص بعض الصلوات:
صلاة الصبح والعصر:مجاهد وقتادة ذكره عنهما ابن جرير
وذكرابن أبي حاتم صلاة الصبح :من قول مجاهد والضحاك , وصلاة العصر : من قول مجاهد ,وزاد صلاة العشا من قول عمرو بن شعيب
الصف الأول : من قول ابن عباس ذكره ابن جرير وابن عطية
*وكل ذلك داخل تحت تأويل الصلوات الخمس

2-الذكر: قول إبراهيم النخعي ومنصور ذكره عنهم ابن جرير, ورواه ابن أبي حاتم وسعيد بن منصورعن إبراهيم النخعي
3-قراءة القرآن : قول أبي جعفر ذكره عنه ابن جرير وابن أبي حاتم
4-الدعاء :ذكره ابن قتيبة وابن عطية
5-الاجتماع للقُصاص : ذكره ابن عطية قال: فأنكر ذلك ابن المسيب وعبد الرحمن بن أبي عمرة وغيرهما
6- يعلنون إيمانهم بربهم دون الأصنام إعلانا بالقول يصدقه اعتقاد بالقلب : ذكره ابن عاشور
7-العبادة : قول الضحاك ذكره عنه ابن جرير وذكره ابن أبي حاتم عن ابن عباس

التوجيه :
والأقوال كلها يجمعها لفظ العبادة وكلها تفسير ببعض المعنى لأن العبادة تشمل عمل الجوارح ومنها الصلاة وتلاوة القرآن والذكر وتشمل كذلك عمل القلب وهو الدعاء
قال تعالى:" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ"غافر(60) وهو حاصل قول ابن جرير
فعبر عن الدعاء بالعبادة وبذلك يكون (يدعون ربهم) , تأويلها (يعبدون ربهم)
*ويكون تأويل الدعاء بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن من باب التفسير بالمثال
وتأويله بالعبادة من باب التفسير بلازم المعنى
*وعلى ذلك فكل الأقوال داخلة في معنى العبادة عدا القول الخامس وهو الإجتماع للقصاص فقد نفاه الصحابة رضوان الله عليهم

5-قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء)

التخريج:
أخرجه ابن جرير من طريق فرقد السبخي عن إبراهيم النخعي
وأخرجه كذلك سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة عن رجل(وأبهمه)عن إبراهيم بلفظ : أن يأخذ عبده بالحقّ
التحرير:
1-لا يتجاوز له عن شيء : قول إبراهيم النخعي وابن زيد وشهر بن حوشب ذكره عنهم ابن جرير وذكره سعيد ابن منصورعن إبراهيم النخعي , وذكره كذلك الزجاج ورده وذكره النحاس وابن عطية وابن كثير
2-ألا تقبل منهم حسنة ولا يتجاوز لهم عن سيئة، وأن كفرهم أحبط أعمالهم :ذكره الزجاج
3-مناقشة الأعمال :أخرجه عبدالرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير من طريق عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء
وذكره الزجاج ورجحه وذكره كذلك النحاس وابن كثير
واستدل أصحاب هذا القول بحديث "من نوقش الحساب عذب"
وفسره ابن عاشور " سوء الحساب ما يحف بالحساب من إغلاظ وإهانة للمحاسب ، وأما أصل الحساب فهو حسن لأنه عدل"
التوجيه:
لا تعارض بين الأقوال بل هي من باب اختلاف التنوع فكلها تصف حال المحاسب وما يحل به من إهانة وتقريع وحسرة ,وهي للمؤمنين ترهيب وتحذير من الاجتراء على المعاصي

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 ذو القعدة 1442هـ/29-06-2021م, 10:51 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وسام عاشور مشاهدة المشاركة
1-قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل)
التخريج:
-أخرجه الطبري والفراء من طريق عاصم ابن أبي النجود عن زر بن حبيش به
التحرير:
القراءات : ذكر ابن الجزري في النشر أن قراءة الظاء المشالة قرأ بها (ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو ، وَالْكِسَائِيُّ، وَرُوَيْسٌ)
ثم قال (وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالضَّادِ، وَكَذَا هِيَ فِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ) (النشر في القراءات العشر,ص 338)
فكلا القراءتين متواتر وصحيح قاله ابن كثير

المعنى على كل قراءة:
1- بضنين :البخيل
قول سفيان بن عيينه ذكره ابن وهب وابن جرير,وقول إبراهيم النخعي ذكره عنه عبدالرزاق وابن جرير وقول زر بن حبيش ومجاهد وابن زيد ذكره عنه ابن جرير
ذكره من أهل العربية: (الفراء عن زر بن حبيش وذكره كذلك أبو عبيدة والأخفش وبن المبارك وابن قتيبة والزجاج وثعلب ومكي)
ورجحه:ابن جرير لأن عليه خطوط مصاحف المسلمين
ويجاب عنه بما أورده ابن عاشور أن تواتر القراءة أقوى من تواتر الخط إن كان للخط تواتر

وفي ذلك المعنى تفصيل في المعنى:
-غير بخيل بتعليمهم ما علمه الله وأنزل إليه من كتاب :على أن الغيب هو القرآن
ويشهد له تتمة القول عند زر بن حبيش وابن زيد (...الغيب :القرآن) وقول قتادة(إن هذا القرآن غيب...) ذكره عنهم ابن جرير
-لم يطلب منكم أجرا: على أن الغيب هو الأمور الغيبية
كما يفعل الكهان يتلقون الأخبار من الجن ويطلبون عليه أجرا ,ففرق بينه وبين الكهان , قال تعالى:"وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ" الحاقة, "إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ" المائدة ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى وابن عطية وابن عاشور في تفسيرهما
-لم يكتم من الغيب شيئا : وتكون ضنين كناية عن الكتمان ويكون حرف على بمعنى الباء لتضمين معنى الحرص قال تعالى في حق أهل الكتاب:"تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا"الأنعام , ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى ابن عاشور في تفسيره

2- بظنين :المتهم
قول سفيان بن عيينه ذكره عنه ابن وهب وابن جرير وقول إبراهيم النخعي ذكره عنه عبدالرزاق وابن جرير وقول ابن عباس وسعيد بن جبيروإبراهيم النخعي وزر بن حبيش والضحاك ذكره عنهم ابن جرير
ذكره من أهل العربية: (الفراء عن زر بن حبيش وذكره كذلك أبو عبيدة والأخفش وبن المبارك وابن قتيبة والزجاج وثعلب ومكي و سيبويه والمبرد)
ورجحه: أبوعبيدة لأنّ قريشاً لم تبخّل محمّداً وإنما كذّبته, ذكره عنه ابن عطية
ويجاب عنه بما أورده ابن كثير وابن عاشور بأن كلا القراءتين صحيح متواتر

ويكون المعنى على ذلك:
-غير متهم بالكذب بل هو ثقة صادق أمين
وذكرابن جرير والفراء وابن عطية معنى آخر:
-ضعيف :من الظنون أي القليل كما في ( ماءٌ شريب، وشروب، وقروني، وقريني)
والمعنى أي هو محتمل له مطيق
التوجيه:
كلا القراءتين صحيح وبهما نزل القرآن وحمل التأويل عليهما يثري المعنى
قال أبو عمرو الداني " انْتَفَى عَنهُ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا فَأخْبر الله تَعَالَى عَنهُ بهما فِي الْقِرَاءَتَيْن"(الأحرف السبعة ص49)
فالنبي صلوات ربي وسلامه عليه لم يبخل ولم يكتم ولم يطلب أجرا وغير متهم بالكذب وهو قادر على حمل الرسالة

2-قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم)

التخريج:
أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق داود بن أبي هند، عن أبي العالية ,ورواه عبد بن حميد كما في الدر المنثور
واختلفت ألفاظ الروايات:
ففي رواية عبد الأعلى: هم اليهود والنّصارى والمجوس، أصابوا ذنوبًا في كفرهم فأرادوا أن يتوبوا منها، ولن يتوبوا من الكفر، ألا ترى أنّه يقول: {وأولئك هم الضّالّون}
-وفي رواية سفيان: {لن تقبل توبتهم} قال: تابوا من بعضٍ، ولم يتوبوا من الأصل
-وفي رواية ابن أبي جعفر عن أبيه : هم اليهود والنّصارى يصيبون الذّنوب فيقولون نتوب وهم مشركون، قال اللّه عزّ وجلّ: لن تقبل التّوبة في الضّلالة
-وفي رواية أبوخالد: هم اليهود والنّصارى أذنبوا في شركهم، ثم تابوا لم يقبل منهم ولو تابوا من الشّرك قبل منهم
-وفي رواية يزيد بن زريع: لو كانوا على الهدى قبلت توبتهم ولكنّهم على ضلالٍ
التحرير:
في الأقوال عدة مسائل :
أولاً-من المقصود بالذين كفروا
1-هم اليهود :قول قتادة ذكره عنه ابن جرير وابن أبي حاتم
2-هم اليهود والنصارى: قول الحسن وأبي العالية ذكره عنهما ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية
*ورجحه ابن جرير قال لأن الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت
3-هي عامة في كل الّذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم : قول مجاهد والسدي ذكره عنهما ابن جرير وابن أبي حاتم ,ومفهوم من كلام ابن كثير
4-أنها خاصة بقوم بأعيانهم من المرتدين ختم الله عليهم بالكفر وفيهم نزلت آية (آل عمران 86) "كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم "ذكره ابن عطية وذكره كذلك ابن كثير ونسبه لابن عباس ولم يذكر الزجاج والنحاس غيرهم
التوجيه:
الأقوال لا تعارض بينها ,وجميعهم تشملهم الآيات وهي من قبيل التفسير بالمثال والقول الثالث أعمهم وأشملهم ويدخل فيه باقي الأقوال وأكثرهم تعلقا بالنص وبسياق الآيات هو القول الأول وقد رجحه ابن جرير

ثانياً-المراد بالكفر بعد الإيمان والمراد بزيادة الكفر:

في الآية كفران : إيمان ,ثم كفر أول , ثم كفر آخر
1-على القول بأنهم اليهود : فيكونوا كفرهم الأول بعيسى بعد إيمانهم بموسى ثم كفر آخر بمحمد صلوات ربي وسلامه عليهم جميعا قول قتادة ذكره عنه ابن جرير
*ورد هذا القول ابن عطية لأن ليس كل من كفر بعيسى كفر أيضا بمحمد بل من اليهود من آمن بمحمد وقال(والآية على هذا التأويل تخلط الأسلاف بالمخاطبين)
2-على القول بأنهم اليهود والنصارى : فيكون اليهود كما سبق ,ويكون النصارى كفرهم الأول بعيسى فعبدوه وألهوه بعد إيمانهم به ثم كفر آخر بمحمد صلى الله عليه وسلم ذكره ابن عاشور
-أو أنهم آمنوا بأنبيائهم ثم كان كفرهم الأول بمحمد ثم ازدادوا كفرا إما بذنوب أصابوها وأقاموا عليها قول رفيع وأبو العالية , أو بموتهم عليها قول الحسن وقتادة ذكره عنهم ابن جرير
3-وعلى القول بأنها عامة في الّذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم : فيدخل فيهم كل من آمن بنبيه ثم كفر وتكررت ردته جرير ,وذكره ابن جريرفي تفسيره وابن تيمية(مجموع الفتاوى ج16,ص18) ,قال ابن عطية ويدخل فيهم المرتدون عن الإسلام
وتكون زيادتهم في الكفر تمامهم عليه قول مجاهد ذكره عنه ابن جرير
او زيادتهم في الكفر موتهم عليه قول السدي ذكره عنهم ابن جرير
وفي هذه الحالة تكون الآية بعدها "إن الذين كفروا وماتوا..." من التوكيد اللفظي بالمرادف ليبنى عليه التفريع بقوله "فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا..." [قاله؟]
التوجية:
الأقوال كلها من باب التفسير بالمثال ولاتعارض بينها وأعمهم وأشملهم القول الثالث وتدخل فيه بقية الأقوال

ثالثاً-سبب عدم قبول التوبة : وعد الله عباده بقبول التوبة ولو كانت من كفر ,فلابد من تخصيص هاهنا يفسر علة عدم قبول التوبة:
1-إما لأنهم أظهروا التوبة وأضمروا خلاف ذلك: قول أبو العالية ذكره عنه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية وذكره كذلك الزجاج والنحاس وابن عاشور [قول أبي العالية يفيد أنهم تابوا من ذنوب أصابوها وهم على الكفر، فتابوا من الذنب ولم يتوبوا من الأصل، كما يفعل بعض اليهود والنصارى اليوم]
2-أو لأنهم تابوا عند حضور الموت في وقت الحشرجة والغرغرة :قول الحسن وقتادة والسدي ذكره عنهم ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية
ورده ابن جريرقال لأنه لو تاب قبل موته بطرفة عين قبل منه ربه وجرت عليه أحكام المسلمين وإن قصد بالحشرجة والغرغرة بعد حضور الموت فلا توبة بعد الموت ,إذ لا منزلة بين الموت والحياة لا تقيل فيها التوبة
*وفي هذا نظر لأن رد توبة من أصر على الكفر والمعاصي حتى حضره الموت مذكورة في غير موضع:
-"وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ"النساء (18)
-"حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ(90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِين(91)"يونس
-"حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ(100)"المؤمنون

*قلت والمراد والله تعالى أعلى وأعلم ,أنه من تأخرت توبته لوقت حضور الموت والغرغرة قد سبق في علم الله أنه لو رد لعاد لما كان عليه من المعاصي كما في آية سورة الأنعام "... وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ(28)"الأنعام ,لذلك لا تقبل توبته

3-أن المقصود بعدم قبوله هو توبتهم قبل الكفر الآخر لأن الكفر أحبطها قول مجاهد ذكره عنه ابن جرير وذكره كذلك النحاس وابن تيمية في مجموع الفتاوى
وهذا أيضا رده ابن جرير لأن الله وصفهم بإيمان بعده كفر ثم زيادة كفر وليس في الآيات قبل الكفر الاخر توبة ليحبطها
قال ابن عاشور إنما ذلك يحسن تأويله في آية سورة النساء " إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا"
4-أن المقصود بعدم قبول التوبة هو توبتهم من المعاصي مع إقامتهم علي الكفر لأن الله لا يقبل توبة مشرك (إلاّ الّذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ) قبول التوبة مشروط بإيمانهم بمحمد وكفهم عن الذنوب ذكره ابن جرير ورجحه وذكره كذلك ابن عطية
5-أن الآية نزلت في قوم بأعيانهم من المرتدين حكم الله فيهم أنهم يموتوا [يموتون] على الكفر فلم يوفقهم لتوبة ابتداءا ذكره ابن عطية ومفهوم من كلام ابن كثير
التوجيه:
لما وعد الله عباده بقبول التوبة" إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"الزمر(53) ,ولو كانت من كفر قبلت "قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ"الأنفال(38)
لذلك اجتهد العلماء في تخصيص عدم قبول التوبة في الآيات وكلها من سبيل ضرب الأمثلة لحالات عدم قبول التوبة إلا القول الثالث فإنه أقرب لتفسير آية (النساء) منه لآية (آل عمران)

3-قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر)
التخريج:
أخرجه سفيان الثوري في تفسيره عن ابي بكير عن سعيد بن جبير به , كما عند النهدي [موسى بن مسعود النهدي راوي كتب ومنه تفسير سفيان الثوري، فلا حاجة للإحالة عليه]
وأخرجه عبدالرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق سفيان الثوري عن أبي بكير عن سعيد بن جبير باختلاف في اللفظ
ففي رواية عبدالرحمن عند ابن جرير بلفظ الرفيق في السفر
وفي رواية أبودكين عند ابن جرير , ورواية أبو نعيم عند ابن أبي حاتم بلفظ الرفيق الصالح [أبو نعيم هو لقب الفضل بن دكين، فهما واحد]
التحرير:
1-رفيق السفر: قول ابن عباس وعبدالله ابن مسعود وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والضحاك ذكره عنهم ابن جرير
وذكره ابن أبي حاتم كذلك عنهم وزاد عكرمة وزيد بن أسلم ولم يذكر قول ابن مسعود والضحاك
وذكره كذلك الفراء وأبوعبيدة وابن المبارك وابن قتيبة والزجاج والنحاس ومكي وابن عطية وابن كثير
2-إمرأة الرجل : [امرأة، بألف وصل] قول علي وعبدالله بن مسعود وابن عباس وعبدالرحمن بن أبي ليلى وإبراهيم النخعي ذكره عنهم ابن جرير وذكره ابن أبي حاتم كذلك عنهم وزاد الحسن، وسعيد بن جبيرٍ في إحدى الرّوايات نحو ذلك , ولم يذكرقول ابن عباس
وذكره عبد حميد من قول علي وابن مسعود كما في الدر المنثور
وذكره كذلك ابن المبارك والنحاس وثعلب ومكي وابن عطية وابن كثير
3-الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك :قول ابن عباس وابن زيد ذكره عنهم ابن جرير عطية وذكره كذلك الأخفش وابن عطية وابن كثير

التوجيه:
الجنب :أي الذي يَقْرُبُ مِنْكَ ويكونُ إِلَى جَنْبِك(ابن منظور, لسان العرب ,ص267)
والصاحب بالجنب أي الصاحب إلى جنبك قاله الأخفش ,أو هو الذي يلزمك ويرافقك وينزل إلى جانبك قاله ابن المبارك
والمعنى يشمل ذلك كله ولا تعارض بين الأقوال وإنما هي من باب التفسير بالمثال
ذلك أن جميعهم يشملهم وصف الصحبة والملازمة وقد أوصى الله بهم جميعا
ويشهد لمعنى الصاحب بالسفر ما أخرجه ابن جرير عن النبي:
حدّثنا سهل بن موسى الرّازيّ، قال: حدّثنا ابن أبي فديكٍ، عن فلان بن عبد اللّه، عن الثّقة، عنده: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان معه رجلٌ من أصحابه وهما على راحلتين، فدخل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غيضةٍ طرفاء، فقطع قصيلين
أحدهما معوجٌّ والآخر معتدلٌ، فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوجّ، فقال الرّجل: يا رسول اللّه بأبي أنت وأمّي، أنت أحقّ بالمعتدل منّي. فقال: كلاّ يا فلان، إنّ كلّ صاحبٍ يصحب صاحبًا مسئولٌ عن صحابته ولو ساعةً من نهارٍ

وأخرج كذلك عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ خير الأصحاب عند اللّه تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند اللّه خيرهم لجاره.
قال ابن جرير وإن كان الصاحب أولى لظاهر النص ولدلالة حديث النبي ,إلا أن جميعهم معنيّون بذلك، وبكلّهم قد أوصى اللّه بالإحسان

4-قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة)
التخريج:
أخرجه ابن جرير من طريق ابن جريجٍ عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ عن سعيد بن المسيّب به
التحرير:
اختلف في المراد بالدعاء
1-الصلوات الخمس: قول ابن عباس وإبراهيم النخعي ومجاهد والحسن والضحاك وقتادة وعبدالله بن عمر وسعيد بن المسيب وعبدالرحمن بن أبي عمرة وعامر ذكره عنهم ابن جرير
وذكره ابن أبي حاتم عن مجاهد ابن عباس وجاهد والنخعي
ورواه آدم بن أبي إياس في تفسيره من قول مجاهد -كما عند الهمذاني [نفس الملحوظة التي وردت على تفسير سفيان الثوري]

وفصل بعضهم فخصص بعض الصلوات:
صلاة الصبح والعصر:مجاهد وقتادة ذكره عنهما ابن جرير
وذكرابن أبي حاتم صلاة الصبح :من قول مجاهد والضحاك , وصلاة العصر : من قول مجاهد ,وزاد صلاة العشا من قول عمرو بن شعيب
الصف الأول : من قول ابن عباس ذكره ابن جرير وابن عطية
*وكل ذلك داخل تحت تأويل الصلوات الخمس

2-الذكر: قول إبراهيم النخعي ومنصور ذكره عنهم ابن جرير, ورواه ابن أبي حاتم وسعيد بن منصورعن إبراهيم النخعي
3-قراءة القرآن : قول أبي جعفر ذكره عنه ابن جرير وابن أبي حاتم
4-الدعاء :ذكره ابن قتيبة وابن عطية
5-الاجتماع للقُصاص : ذكره ابن عطية قال: فأنكر ذلك ابن المسيب وعبد الرحمن بن أبي عمرة وغيرهما [هذا غير وارد في تأويل الآية، بل هو ما توهمه الناس من معنى الآية، وصحح لهم سعيد بن المسيب فهمهم]
6- يعلنون إيمانهم بربهم دون الأصنام إعلانا بالقول يصدقه اعتقاد بالقلب : ذكره ابن عاشور
7-العبادة : قول الضحاك ذكره عنه ابن جرير وذكره ابن أبي حاتم عن ابن عباس

التوجيه :
والأقوال كلها يجمعها لفظ العبادة وكلها تفسير ببعض المعنى لأن العبادة تشمل عمل الجوارح ومنها الصلاة وتلاوة القرآن والذكر وتشمل كذلك عمل القلب وهو الدعاء
قال تعالى:" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ"غافر(60) وهو حاصل قول ابن جرير
فعبر عن الدعاء بالعبادة وبذلك يكون (يدعون ربهم) , تأويلها (يعبدون ربهم)
*ويكون تأويل الدعاء بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن من باب التفسير بالمثال
وتأويله بالعبادة من باب التفسير بلازم المعنى
*وعلى ذلك فكل الأقوال داخلة في معنى العبادة عدا القول الخامس وهو الإجتماع للقصاص فقد نفاه الصحابة رضوان الله عليهم

5-قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء)

التخريج:
أخرجه ابن جرير من طريق فرقد السبخي عن إبراهيم النخعي [وله مصادر أخرى]
وأخرجه كذلك سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة عن رجل(وأبهمه)عن إبراهيم بلفظ : أن يأخذ عبده بالحقّ
التحرير:
1-لا يتجاوز له عن شيء : قول إبراهيم النخعي وابن زيد وشهر بن حوشب ذكره عنهم ابن جرير وذكره سعيد ابن منصورعن إبراهيم النخعي , وذكره كذلك الزجاج ورده وذكره النحاس وابن عطية وابن كثير
2-ألا تقبل منهم حسنة ولا يتجاوز لهم عن سيئة، وأن كفرهم أحبط أعمالهم :ذكره الزجاج
3-مناقشة الأعمال :أخرجه عبدالرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير من طريق عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء
وذكره الزجاج ورجحه وذكره كذلك النحاس وابن كثير
واستدل أصحاب هذا القول بحديث "من نوقش الحساب عذب"
وفسره ابن عاشور " سوء الحساب ما يحف بالحساب من إغلاظ وإهانة للمحاسب ، وأما أصل الحساب فهو حسن لأنه عدل"
التوجيه:
لا تعارض بين الأقوال بل هي من باب اختلاف التنوع فكلها تصف حال المحاسب وما يحل به من إهانة وتقريع وحسرة ,وهي للمؤمنين ترهيب وتحذير من الاجتراء على المعاصي

بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
راجعي الملحوظات العامة على تصحيح التطبيق الثاني.
التقويم: ج
خُصمت نصف درجة للتأخير.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:44 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir