دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > البحوث التفسيرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 صفر 1436هـ/18-12-2014م, 04:04 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي البحث التفسيري :سورة البقرة آية :19 -20

قال تعالى :{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}
المسائل العلمية من الآيات :
1: القراءات
القراءات في الصاعقة
القراءات في قوله ( حذر الموت ) .
القراءات في قوله ( يخطف ) .
القراءة في قوله ( أضاء لهم ) .
القراءة في قوله ( مشوا فيه )
القراءة في قوله ( أظلم ) .
القراءة في قوله (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) .

2:المسائل التفسيرية :
سبب نزول قوله تعالى : {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَأَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُمُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19 )}:
الأقوال في المقصود بالصيب
معنى ظلمات .
الأقوال في المقصود بالرعد
الأقوال في المقصود بالبرق .
المقصود بالصواعق .
تأويل قوله ( حذر الموت )
معنى قوله محيط بالكافرين
المقصد من هذا المثل
المقصود بهذا المثل .
معنى المثل
المقصود بقوله: {يخطف أبصارهم }.
معنى قوله: {كلّما أضاء لهم مشوا فيه }
معنى قوله: {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ }
لماذا ذكر الله قوله {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم }
معنى قوله : {يكاد البرق يخطف أبصارهم }
معنى قوله تعالى :( يكاد البرق يخطف أبصارهم ....). .
المقصود بالبرق .
سبب تخصيص السمع والأبصار .
معنى الخطف .
معنى قوله : { وإذا أظلم قاموا } .
معنى قوله: {ولو شاء الله لأذهب أسماعهم وأبصارهم } .
مدلول قوله تعالى : {على كلّ شيءٍ }.
معنى قوله {قديرٌ }
سبب تخصيص القدرة بالذكر .


3:المسائل العقدية :
أقسام الناس من حيث إيمانهم .
أقسام المنافقون .

4:المسائل البلاغية :
معنى ( أو) في الآية .
ما يشير إلي لفظة الجمع في قوله : { ظلمات }.
الوجه البلاغي في المثل .
دلالة المفرد في قوله: {بسمعهم} مع الجمع في قوله: {وأبصارهم } .

5: المسائل النحوية:
نصب ( حذر ) .
موضع يكاد ومعاناه.
(كلما) في اللغة وعامله
أحوال الإعراب في قوله ( يخطف ) .

6:المسائل الصرفية :
اشتقاق كلمة (صيب ) .

تصنيف المسائل العلمية من أقوال المفسرين :

1:القراءات

القراءات في الصاعقة .
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(: (حكى الخليل عن قوم من العرب «الساعقة» بالسين.
وقرأ الحسن بن أبي الحسن «من الصواقع» بتقديم القاف. قال أبو عمرو: «وهي لغة تميم»).


القراءات في قوله ( حذر الموت ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(:(وقرأ الضحاك بن مزاحم «حذار الموت» بكسر الحاء وبألف ).
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ ): (وقوله عزّ وجلّ : {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت }ويروى أيضاً: (حذار الموت)، والذي عليه قرّاؤنا: {حذر الموت })


القراءات في قوله ( يخطف ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه ): (واختلفت القراءة في هذه اللفظة فقرأ جمهور الناس: «يخطف أبصارهم» بفتح الياء والطاء وسكون الخاء، على قولهم في الماضي خطف بكسر الطاء وهي أفصح لغات العرب، وهي القرشية.

وقرأ علي بن الحسين ويحيى بن وثاب: «يخطف» بفتح الياء وسكون الخاء وكسر الطاء على قول بعض العرب في الماضي «خطف» بفتح الطاء، ونسب المهدوي هذه القراءة إلى الحسن وأبي رجاء، وذلك وهم.
وقرأ الحسن وأبو رجاء وعاصم الجحدري وقتادة: «يخطّف» بفتح الياء وكسر الخاء والطاء وتشديد الطاء، وهذه أصلها «يختطف» أدغمت التاء في الطاء وكسرت الخاء لالتقاء الساكنين.
وحكى ابن مجاهد قراءة لم ينسبها إلى أحد «يخطّف» بفتح الياء والخاء وتشديد الطاء المكسورة.
قال أبو الفتح: «أصلها يختطف نقلت حركة التاء إلى الخاء وأدغمت التاء في الطاء » .
وحكى أبو عمرو الداني عن الحسن أيضا، أنه قرأ «يخطّف» بفتح الياء والخاء والطاء وشدها.
وروي أيضا عن الحسن والأعمش «يخطّف» بكسر الثلاثة وشد الطاء منها. وهذه أيضا أصلها يختطف أدغم وكسرت الخاء للالتقاء وكسرت الياء اتباعا.
وقال عبد الوارث: «رأيتها في مصحف أبي بن كعب «يتخطّف» بالتاء بين الياء والخاء » .
وقال الفراء: «قرأ بعض أهل المدينة بفتح الياء وسكون الخاء وشد الطاء مكسورة ».
قال أبو الفتح: «إنما هو اختلاس وإخفاء فيلطف عندهم فيرون أنه إدغام، وذلك لا يجوز » .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: لأنه جمع بين ساكنين دون عذر.
وحكى الفراء قراءة عن بعض الناس بضم الياء وفتح الخاء وشد الطاء مكسورة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: كأنه تشديد مبالغة لا تشديد تعدية.)[المحرر الوجيز: 1/ 140-142]


القراءة في قوله ( أضاء لهم ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (وقرأ ابن أبي عبلة: «أضا لهم» بغير همز، وهي لغة.)


القراءة في قوله ( مشوا فيه ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(: (وفي مصحف أبي بن كعب: «مروا فيه »
وفي قراءة ابن مسعود «مضوا فيه» .


القراءة في قوله ( أظلم ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(: (وقرأ الضحاك: «وإذا أظلم» بضم الهمزة وكسر اللام)


القراءة في قوله (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) :
(قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه (: ( وحكى النقاش أن من العلماء من قرأ بأسماعهم.

وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة: «ولو شاء الله لأذهب أسماعهم وأبصارهم» )


2:المسائل التفسيرية :


سبب نزول قوله تعالى : : {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19 )}:
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍالعَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى : {أو كصيب من السماء }
قال أيضا: قال السدي أيضا هرب رجلان من رسول الله إلى المشركين فأصابهما ما ذكر الله تعالى في هذه الآية فجعلا يقولان ليتناأصبحنا فأتينا محمدا فوضعنا أيدينا في يده حتى أصبحنا فأتياه فأسلما فضرب الله شأنهما مثلا [العجاب في بيان الأسباب: 1/240]
قالَ جَلاَلُالدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى : {أَوْكَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ }
(ك) أخراج ابن جرير من طريق السدي الكبير عن أبي مالك وأبي صالح عن ابنعباس، وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا: أما الصيب فالمطر، كان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله إلى المشركين فأصابهما هذا المطر الذيذكر الله فيه رعد شديد وصواعق وبرق، فجعلا كلما أصابهما الصواعق جعلا أصابعهما فيآذنهما من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما، وإذا لمع البرق مشيا إلى ضوئه، وإذا لم يلمع لم يبصرا، قاما مكانهما لا يمشيان، فجعلا يقولان: يا ليتنا قدأصبحنا فنأتي محمدا فنضع أيدينا في يده، فأصبحا فأتياه فأسلما ووضعا أيديهما في يده وحسن إسلامهما.
فضرب الله شأنهدين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة، وكان المنافقون إذا حضروامجلس النبي صلى الله عليه وسلم جعلوا أصابعهم في آذانهم فرقا من كلام رسول الله أنينزل فيه شيء أو يذكروا بشيء فيقتلوا، كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهمافي أذنهما {كلما أضاء لهم مشوا فيه }فإذا كثرت أموالهم وولدهم وأصابوا غنيمة أو فتحا مشوا فيه، وقالوا: إن دين محمد صلى الله عليهوسلم حينئذ صدق واستقاموا عليه كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء لهما البرق {وإذا اظلم عليهم قاموا }فكانوا إذا هلكت أموالهم وولدهم وأصابهم البلاء قالوا: هذا من أجل دين محمد فارتدواكفارا، كما قال ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما . ) [لباب النقول: 12-13 ]



المقصود بالصيب :
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ) : ( {كصيّبٍ من السّماء }معناه: كمطر، وتقديره تقديرسَيِّدمن صاب يصوب، معناه: ينزل المطر، قال علقمة بن عبدة:

كـأنـهـم صـابــت علـيـهـم سـحـابــة صــواعــقــهـــا لــطــيــرهـــن دبــــيـــــب
فـــلا تـعـدلـي بـيـنــي وبــيــن مـغـمّــرٍ سقتك روايا المزن حيث تصوب

وقال رجل من عبد القيس -جاهليّ- يمدح بعض الملوك:

ولست لانسيّ ولكـن لمـلأكٍ تنزّل من جوّ السماء يصوب).
[مجاز القرآن: 1/ 33 ]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ ): (الصيّب في اللغة: المطر، وكل نازل من علو إلى أسفل، فقد صاب يصوب، قال الشاعر
كأنهم صابت عليهم سحابة صـواعـقـهـا لـطـيـرهــن دبــيـــب
[معاني القرآن: 1/ 94 ]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ ): (قوله :{أو كصيب من السماء }

الوجه الأول :
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا أحمد بن بشيرٍ، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {أو كصيّبٍ من السّماء }قال : »المطر.. «قال أبو محمّدٍ: وكذلك فسّره أبو العالية والحسن وسعيد بن جبيرٍ ومجاهدٌ ، وعطاءٌ وعطيّة العوفيّ، وقتادة وعطاءٌ الخراسانيّ والسّدّيّ والرّبيع بن أنسٍ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا مروان، عن جويبرٍ عن الضّحّاك :{أو كصيّبٍ من السّماء }قال: «هوالسحاب . [تفسير القرآن العظيم: 1/ 54 ]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 ه ): (والصيب: ما نزل من
المطر ويقال صابت السماء تصوب صوبًا وأصاب بمعنى أراد وقصد (. [شرح المفضليات: 784 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(: (قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذه عجمة، والصيب المطر من صاب يصوب إذا انحط من علو إلى سفل). [المحرر الوجيز: 1/ 136-140 ]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (:({كصيّبٍ }والصّيّب: المطر، قاله ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وناسٌ من الصّحابة، وأبو العالية، ومجاهدٌ، وسعيد بن جبير، وعطاء، والحسن البصريّ، وقتادة، وعطيّة العوفي، وعطاءٌ الخراسانيّ، والسّدي، والرّبيع بن أنسٍ.

وقال الضّحّاك: هو السّحاب.
والأشهر هو المطر نزل من السّماء في حال ظلماتٍ). [تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]



معنى قوله { فيه ظلمات} :
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : (قوله :{فيه ظلمات }
الوجه الأول :
- ثنا أبى، ثنا أبي صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {فيه ظلماتٌ} يقول:»ابتلاءٌ.«.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنا أبو غسّان: ثنا سلمة بن الفضل، عن محمد ابن إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٌ مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة أو سعيد ابن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ : {فيه ظلماتٌ} »أي هم في ظلمة ما هم فيه من الكفر والحذر من القتل- على الّذي هم عليه من الخلاف والتخوف لكم، على مثل ما وصف من الّذي هو في ظلمة الصّيّب..»
الوجه الثّالث:
- أخبرنا أبو الأزهر فيما كتب إليّ ثنا وهب بن جريرٍ، ثنا أبي، عن عليّ بن الحكم، عن الضحاك: {فيه ظلماتٌ}»أمّا الظّلمة،فالضّلالة(.. »
[تفسير القرآن العظيم: 1/ 54 ]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ : ( (المطر نزل من السّماء في حال ظلماتٍ، وهي الشّكوك والكفر والنّفاق.). [تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ( : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والصابوني في المائتين عن ابن عباس: {فيه ظلمات }يقول: ابتلاء. [الدر المنثور: 1/ 170 – 176 ]


الأقوال في تأويل الرعد :
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ(: (والرعد -ما أتى في القرآن- من التخويف، وقد قيل فيه وجه آخر؛

قيل: إن الرعد إنما ذكر مثلاً لخوفهم من القتال إذا دعوا إليه، ألا ترى أنه قد قال في موضع آخر: {يحسبون كلّ صيحةٍ عليهم }أي: يظنّون أنهم أبداً مغلوبون.) [معاني القرآن: 1/ 17 ]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ ): ((قال أبو جعفرٍ: فإن كان الرّعد ما ذكره ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ، فمعنى الآية: أو كصيّبٍ من السّماء فيه ظلماتٌ وصوت رعدٍ؛لأنّ الرّعد إن كان ملكًا يسوق السّحاب، فغير كائنٍ في الصّيّب؛ لأنّ الصّيّب إنّما هو ما تحدّر من صوب السّحاب؛ والرّعد: إنّما هو في جوّ السّماء يسوق السّحاب،على أنّه لو كان فيه ثم لم يكن له صوتٌ مسموعٌ، لم يكن هنالك رعبٌ يرعب به أحدٌ؛ لأنّه قد قيل: إنّ مع كلّ قطرةٍ من قطر المطر ملكًا، فلا يعدو الملك الّذي اسمه الرّعد لو كان مع الصّيّب إذا لم يكن مسموعًا صوته أن يكون كبعض تلك الملائكة الّتي تنزل مع القطر إلى الأرض في أن لا رعب على أحدٍ بكونه فيه. فقد علم إذ كان الأمر كما وصفنا من قول ابن عبّاسٍ أنّ معنى الآية: أو كمثل غيثٍ تحدّر من السّماء فيه ظلماتٌ وصوت رعدٍ؛ إن كان الرّعد هو ما قاله ابن عبّاسٍ، وإنّه استغنى بدلالة ذكر الرّعد باسمه على المراد في الكلام من ذكر صوته. وإن كان الرّعد ما قاله أبو الجلد فلا شيء في قوله: {فيه ظلماتٌ ورعدٌ}متروكٌ لأنّ معنى الكلام حينئذٍ: فيه ظلماتٌ ورعدٌ الّذي هو وما وصفنا صفته.) [جامع البيان: 1/ 356 – 378 ]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى : {ورعد }
الوجه الأول
- حدّثنا أبو سعيدٍ أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا أبو أحمدالزّبيريّ، ثنا عبد اللّه بن الوليد- يعني من ولد معقل بن مقرّنٍ- حدّثني بكير بن شهابٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أقبلت يهود إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا ما هذا الرّعد؟ قال: «ملكٌ من ملائكة اللّه موكّلٌ بالسّحاب بيده، أو في يده مخاريق من نارٍ يزجر به السّحاب ويسوقه حيث أمره اللّهقالوا: فما هذا الصّوت الّذي يسمع؟ قال: «صوته».قالوا: صدقت
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ،{ورعدٌ {يقول: «تخويفٌ.».
الوجه الثّالث:

- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن إدريس، عن الحسن بن فراتٍ، عن أبيه، عن أبي الجلد قال: كتب إليه ابن عبّاسٍ يسأله عن الرّعد، فكتب إليه: إنّ الرّعد ريحٌ.). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 54 - 55]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(: (واختلف العلماء في الرعد: فقال ابن عباس ومجاهد وشهر بن حوشب وغيرهم: هو ملك يزجر السحاب بهذا الصوت المسموع كلما خالفت سحابة صاح بها، فإذا اشتد غضبه طار النار من فيه، فهي الصّواعق، واسم هذا الملك الرعد، وقيل الرعد ملك، وهذا الصوت تسبيحه، وقيل الرعد اسم الصوت المسموع، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا هو المعلوم في لغة العرب، وقد قال لبيد في جاهليته:

فجعني الرعد والصواعق بال......فارس يوم الكريهة النجد
وروي عن ابن عباس أنه قال:«الرعد ريح تختنق بين السحاب فتصوت ذلك الصوت».
وقيل:«الرعد اصطكاك أجرام السحاب». وأكثر العلماء على أن الرعد ملك، وذلك صوته يسبح ويزجر السحاب)
[المحرر الوجيز: 1/ 136-140]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ ): ( {ورعدٌ }وهو ما يزعج القلوب من الخوف، فإنّ من شأن المنافقين الخوف الشّديد والفزع، كما قال تعالى:{يحسبون كلّ صيحةٍ عليهم هم العدوّ}[المنافقون: 4 ]وقال : {ويحلفون باللّه إنّهم لمنكموما هم منكم ولكنّهم قومٌ يفرقون * لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مدّخلا لولّوا إليه وهم يجمحون }[التّوبة: 56 -57 ].(
[تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]


الأقوال في المقصود بالبرق :
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ( : (قوله:{وبرقٌ }
الوجه الأول
- وبه عن أبي الجلد قال: كتب إليه ابن عبّاسٍ يسأله عن البرق، فكتب إليه أنّ البرق ماءٌ.

- حدّثنا عليّ بن المنذر الطّريقيّ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا عطاء بن السّائب، عن الشّعبيّ قال: كتب ابن عبّاسٍ إلى أبي الجلد يسأله عن البرق- وكان عالمًا يقرأ الكتب- فكتب إليه. البرق من تلالؤ الماء.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن ابن أشيء، عن ربيعة بن الأبيض، عن عليٍّ قال »: البرق مخاريق الملائكة.. »
- حدّثنا أبي، ثنا سليمان بن حربٍ وأبو الرّبيع- واللّفظ لسليمان قالا: ثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عبد الجليل، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي هريرة أنّه سئل عن البرق، فقال » :اصطفق البرد»
.
- وقال أبو الرّبيعٍ في حديثه : «البرق: اصطفق البرد»
.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، ثنا حمّادٌ- يعني ابن سلمة- عن عبد الجليل، عن شهر ابن حوشبٍ: قال عبد اللّه بن عمرٍو لرجلٍ: سل كعبًا عن البرق: فقال كعبٌ : «البرق تصفيق ملك البرد. وحكى حمّادٌ بيده، لو ظهر لأهل الأرض لصعقوا.
- حدّثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن موسى أنبأ عثمان بن الأسود، عن مجاهد قال : البرق مصنع ملكٍ يسوق به السّحاب»
.

الوجه الثّالث:
- أخبرنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر فيما كتب إليّ ثنا وهب بن جريرٍ، ثنا أبي، عن عليّ بن الحكم، عن الضّحّاك في قوله : {فيه ظلماتٌ ورعدٌوبرقٌ} «فأمّا البرق فالإيمان. عني بذلك أهل الكتاب«[تفسير القرآن العظيم: 1/ 55 – 56]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (:(والبرق: هو ما يلمع في قلوب هؤلاء الضّرب من المنافقين في بعض الأحيان، من نور الإيمان).[تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه( : (واختلفوا في البرق: فقال علي بن أبي طالب : «هو مخراق حديد بيد الملك يسوق به السحاب»
.
وقال ابن عباس:«هو سوط نور بيد الملك يزجي به السحاب
»
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أن البرق ملك يتراءى، وقال قوم: «البرق ماء»، وهذا قول ضعيف
.)[المحرر الوجيز: 1/ 136-140]



المقصود بالصواعق:
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله : {من الصّواعق }
- حدّثنا عليّ بن المنذر الطّريقيّ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا عطاء بن السّائب، عن الشّعبيّ قال: كتب ابن عبّاسٍ إلى أبي الجلد يسأله عن الصّواعق. فكتب إليه أنّ الصّواعق مخاريق يزجر بها السّحاب . [تفسير القرآن العظيم: 1/ 56 ]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (والصّواعق: جمع صاعقةٍ، وهي نارٌ تنزل من السّماء وقت الرّعد الشّديد، وحكى الخليل بن أحمد عن بعضهم صاعقةً، وحكى بعضهم صاعقةً وصعقةً وصاقعةً ) [تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ( : (والصاعقة: قال الخليل: «هي الواقعة الشديدة من صوت الرعد يكون معها أحيانا نار، يقال إنها من المخراق الذي بيد الملك، وقيل في قطعة النار إنها ماء يخرج من فم الملك عند غضبه»


تأويل قوله ( حذر الموت ) :
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله : {حذر الموت }
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمد ابن إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ : {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت} والحذر منالقتل على الّذي هم عليه من الخلاف والتخوف لكم على مثل ما وصف من الّذي هو في ظلمة الصّيّب « [تفسير القرآن العظيم: 1/ 56 – 57 ]


معنى قوله {محيط بالكافرين} :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ): (فقال :{واللّه محيطٌ بالكافرين }يعنى جامعهم فمحلٌّ بهم عقوبته.
وكان مجاهدٌ يتأوّل ذلك كماحدّثني محمّد بن عمرٍو الباهليّ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى بن ميمونٍ، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه : {واللّه محيطٌ بالكافرين }قال : »جامعهم في جهنّم.. «

- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {واللّه محيطٌ بالكافرين}قال : »جامعهم«.
وأمّا ابن عبّاسٍ فروي عنه في ذلك ماحدّثني به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، مولى زيد بن ثابتٍ عن عكرمة أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ : {واللّه محيطٌ بالكافرين }يقول» : اللّه منزلٌ ذلك بهم من النّقمة.« ([جامع البيان: 1/ 356 – 378 ]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى : {والله محيط بالكافرين }
الوجه الأول
- وبه عن ابن عبّاسٍ : {واللّه محيطٌ بالكافرين } »يقول اللّه: واللّه منزلٌ ذلك بهم من النّقمة- أي محيطٌ بالكافرين . «

- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ، في قوله : {واللّه محيطٌ بالكافرين }قال : »جامعهم يوم القيامة في جهنّم. «.
الوجه الثّاني
- حدّثنا الحسن بن الصّبّاح، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: {واللّه محيطٌ بالكافرين}قال: «جامعهم- يعني: يوم القيامة.».

- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ : {واللّه محيطٌ بالكافرين }»يبعثهم اللّه من بعد الموت، فيبعث أولياءه أعداءه فينبّئهم بأعمالهم، فذلك قوله : { واللّه محيطٌ بالكافرين }
[تفسير القرآن العظيم: 1/ 57 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (و {محيطٌ بالكافرين }معناه: بعقابه وأخذه، يقال أحاط السلطان بفلان إذا أخذه أخذا حاصرا من كل جهة، ومنه قوله تعالى : {وأحيطبثمره } [الكهف: 42 ]ففي الكلام حذف مضاف) .[المحرر الوجيز: 1/ 136-140 ]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ ): (ولهذا قال : {يجعلون أصابعهم في آذانهم منالصّواعق حذر الموت واللّه محيطٌ بالكافرين }أي: ولا يجدي عنهم حذرهم شيئًا؛ لأنّ اللّه محيطٌ [بهم] بقدرته، وهم تحت مشيئته وإرادته، كما قال : {هل أتاك حديث الجنود * فرعون وثمود * بل الّذين كفروا في تكذيبٍ * واللّه من ورائهم محيطٌ } [البروج: 17-20 ].[تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]


المقصد من هذا المثل :
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ ) :{مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا فلمّا أضاءت ما حوله ذهب اللّه بنورهم وتركهم في ظلماتٍ لا يبصرون (17 (}

قوله : {مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا }
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله :{مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا }قال : »هذا مثلٌ ضربه اللّه للمنافقين أنّهم كانوا يتعزون بالإسلام فينا المسلمين ويقاسمونهم الفيء فلمّا ماتوا سلبهم اللّه ذلك العزّ كما سلب صاحب النّار ضوءه«.
- حدّثنا عصام بن الرّوّاد، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية : {مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا }»فإنّما ضوء النّار ما أوقدتها، فإذا خمدت ذهب نورها، وكذلك المنافق كلّما تكلّم بكلمة الإخلاص- بلا إله إلا اللّه- أضاء له فإذا شكّ وقع في الظّلمة «..
- حدّثنا عصام بن الرّوّاد، ثنا آدم، ثنا أبو شيبة- يعني شعيب- بن رزيقٍ عن عطاءٍ الخراسانيّ، في قوله : {مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا }قال : »هذا مثل المنافقيبصر أحيانًا ثمّ يدركه عمى القلب ،وروي عن عكرمة والحسن والسّدّيّ والرّبيع بن أنسٍ نحو قول عطاءٍ الخراسانيّ«. [تفسير القرآن العظيم: 1/ 50 – 51 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (واختلف المتأولون في المقصد بهذا المثل وكيف تترتب أحوال المنافقين الموازنة لما في المثل من الظلمات والرعد والبرق والصواعق.

فقال جمهور المفسرين: «مثل الله تعالى القرآن بالصيب لما فيه من الإشكال عليهم. والعمى: هو الظلمات، وما فيه من الوعيد والزجر هو الرعد، وما فيه من النور والحجج الباهرة التي تكاد أن تبهرهم هو البرق وتخوفهم وروعهم وحذرهم هو جعل أصابعهم في آذانهم، وفضح نفاقهم، واشتهار كفرهم، وتكاليف الشرع التي يكرهونها من الجهاد والزكاة ونحوه هي الصواعق «.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله صحيح بين.
وروي عن ابن مسعود أنه قال: «إن رجلين من المنافقين هربا من النبي صلى الله عليه وسلم إلىالمشركين فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله وأيقنا بالهلاك، فقالا: ليتنا أصبحنا فنأتي محمدا ونضع أيدينا في يده، فأصبحا وأتياه وحسن إسلامهما، فضرب الله ما نزل بهما مثلا للمنافقين».
وقال أيضا ابن مسعود: »إن المنافقين في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجعلون أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا القرآن، فضرب الله المثل لهم«.)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ ): (وقوله عزّ وجلّ: {أو كصيّب من السّماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت واللّه محيط بالكافرين (19)} وهذا أيضاً مثل يضربه اللّه عزّ وجلّ للمنافقين)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (وهذا مثلٌ آخر ضربه اللّه تعالى لضربٍ آخر من المنافقين)


معنى المثل :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ (: (قال أبو جعفرٍ: وهذه الأخبار الّتي ذكرنا عمّن روّيناها عنه، فإنّها وإن اختلفت فيها ألفاظ قائليها متقاربات المعاني لأنّها جميعًا تنبئ عن أنّ اللّه ضرب الصّيّب لظاهر إيمان المنافق مثلاً ومثّل ما فيه من ظلماتٍ بضلالته، وما فيه من ضياء برقٍ بنور إيمانه، واتّقاءه من الصّواعق بتصيير أصابعه في أذنيه لضعف جنانه ونخب فؤاده من حلول عقوبة اللّه بساحته، ومشيه في ضوء البرق باستقامته على نور إيمانه، وقيامه في الظّلام بحيرته في ضلالته وارتكاسه في عمهه.

فتأويل الآية إذًن إذ كان الأمر على ما وصفنا.
-أو مثل ما استضاء به المنافقون من قيلهم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وللمؤمنين بألسنتهم: آمنّا باللّه وباليوم الآخر وبمحمّدٍ وما جاء به، حتّى صار لهم بذلك في الدّنيا أحكام المؤمنين،وهم مع إظهارهم بألسنتهم ما يظهرون باللّه وبرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، وما جاء به من عند اللّه وباليوم الآخر، مكذّبون، ولخلاف ما يظهرون بالألسن في قلوبهم معتقدون، على عمًى منهم وجهالةٍ بما هم عليه من الضّلالة لا يدرون فى أيّ الأمرين اللّذين قد شرّعا لهم فيه الهداية في الكفر الّذي كانوا عليه قبل إرسال اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم بما أرسله به إليهم، أم في الّذي أتاهم به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم من عند ربّهم؟ فهم من وعيد اللّه إيّاهم على لسان محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وجلون، وهم مع وجلهم من ذلك في حقيقته شاكون في قلوبهم مرضٌ فزادهم اللّه مرضًا. كمثل غيثٍ سرى ليلاً في مزنةٍ ظلماء وليلةٍ مظلمةٍ يحدوها رعدٌ ويستطير في حافاتها برقٌ شديدٌ لمعانه كثيرٌ خطرانه، يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار، ويختطفها من شدّة ضيائه ونور شعاعه وينهبط منها تاراتٌ صواعق تكاد تدع النّفوس من شدّة أهوالها زواهق.
فهم من وجلهم أن يكون ذلك حقًّا يتّقونه بالإقرار بما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم بألسنتهم مخافةً على أنفسهم من الهلاك ونزول النّقمات وذلك تأويل قوله جلّ ثناؤه : {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت }يعني بذلك يتّقون وعيد اللّه الّذي أنزله في كتابه على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بما يبدونه بألسنتهم من ظاهر الإقرار، كما يتّقي الخائف أصوات الصّواعق بتغطية أذنيه وتصيير أصابعه فيها حذرًا على نفسه منها.
وقد ذكرنا الخبر الّذي روي عن ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ أنّهما كانا يقولان : »إنّ المنافقين كانوا إذا حضروا مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أدخلوا أصابعهم في آذانهم فرقًا من كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن ينزل فيهم شيءٌ، أو يذكروا بشيءٍ فيقتلوا. «.
فإن كان ذلك صريحًا، ولست أعلمه صحيحًا، إذ كنت بإسناده مرتابًا؛ فإنّ القول الّذي روي عنهما هو القول وإن يكن غير صحيحٍ، فأولى بتأويل الآية ما قلنا؛ لأنّ اللّه إنّما قصّ علينا من خبرهم في أوّل مبتدأ قصصهم أنّهم يخادعون اللّه ورسوله والمؤمنين بقولهم آمنّا باللّه وباليوم الآخر مع شكّ قلوبهم ومرض أفئدتهم في حقيقة ما زعموا أنّهم به مؤمنون ممّا جاءهم به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من عند ربّهم، وبذلك وصفهم في جميع آي القرآن الّتي ذكر فيها صفتهم. فكذلك ذلك في هذه الآية.
وإنّما جعل اللّه إدخالهم أصابعهم في آذانهم مثلاً لاتّقائهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين بما ذكرنا أنّهم يتّقونهم به كما يتّقي سامع صوت الصّاعقة بإدخال أصابعه في أذنيه. وذلك من المثل نظير تمثيل اللّه ما أنزل فيهم من الوعيد في آي كتابه بأصوات الصّواعق، وكذلك قوله :{حذر الموت }جعله جلّ ثناؤه مثلاً لخوفهم وإشفاقهم من حلول عاجل العقاب المهلكهم الّذي توعّده بساحتهم، كما يجعل سامع أصوات الصّواعق أصابعه في أذنيه حذر العطب والموت على نفسه أن تزهق من شدّتها.
.) . [جامع البيان: 1/ 356 – 378 ]


معنى الآية في قوله تعالى :( يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم ...).
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (ومعنى الآية فيما روي عن ابن عباس وغيره: كلما سمع المنافقون القرآن وظهرت لهم الحجج أنسوا ومشوا معه، فإذا نزل من القرآن ما يعمون فيه ويضلون به أو يكلفونه قاموا أي ثبتوا على نفاقهم.

وروي عن ابن مسعود أن معنى الآية: كلما صلحت أحوالهم في زروعهم ومواشيهم وتوالت عليهم النعم قالوا دين محمد دين مبارك. وإذا نزلت بهم مصيبة أو أصابتهم شدة سخطوه وثبتوا في نفاقهم.
وقال قوم: معنى الآية: كلما خفي عليكم نفاقهم وظهر لكم منهم الإيمان مشوا فيه، فإذا افتضحوا عندكم قاموا، ووحد السمع لأنه مصدر يقع للواحد والجمع.) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]


معنى قوله :{يكاد البرق يخطف أبصارهم } :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (ومعنى : {يكاد البرق يخطف أبصارهم }تكاد حجج القرآن وبراهينه وآياته الساطعة تبهرهم ) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (أي: لشدّته وقوّته في نفسه، وضعف بصائرهم، وعدم ثباتها للإيمان.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {يكاد البرق يخطف أبصارهم}يقول: »يكاد محكم القرآن يدلّ على عورات المنافقين«..

وقال ابن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ : {يكاد البرق يخطف أبصارهم }أي لشدّة ضوء الحقّ) [تفسير ابن كثير: 1/ 190 -194 ]


معنى الخطف :.
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ.:(والخطف:السّلب ومنه الخبر الّذي روي عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أنّه نهى عن الخطفة. يعني بها النّهبة؛ومنه قيل للخطّاف الّذي يخرج به الدّلو من البئر خطّافٌ لاختطافه واستلابه ما علقبه. ومنه قول نابغة بني ذبيان:




خطاطيف حجنٌ في حبالٍ متينةٍ.......تمدّ بها أيدٍ إليك نوازع

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه (: (والخطف الانتزاع بسرعة.) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]


المقصود بالبرق :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(: (فقال : {يكاد البرق}يعني بالبرق: الإقرار الّذي أظهروه بألسنتهم باللّه وبرسوله وما جاء به من عند ربّهم،فجعل البرق له مثلاً على ما قدّمنا صفته.)[جامع البيان: 1/ 381 – 383]


سبب تخصيص السمع والأبصار .
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(:)القول في تأويل قوله تعالى : {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم }.

قال أبو جعفرٍ: وإنّما خصّ جلّ ذكره السّمع والأبصار بأنّه لو شاء أذهبها من المنافقين دون سائر أعضاء أجسامهم للّذي جرى من ذكرها في الآيتين، أعني قوله: {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق}وقوله: {يكاد البرق يخطف أبصارهم كلّما أضاء لهم مشوا فيه}فجرى ذكرها في الآيتين على وجه المثل. ثمّ عقّب جلّ ثناؤه ذكر ذلك بأنّه لو شاء أذهبه من المنافقين عقوبةً لهم على نفاقهم وكفرهم، وعيدًا من اللّه لهم)[جامع البيان: 1/ 381 - 383]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) :(وخص الأسماع والأبصار لتقدم ذكرها في الآية)[المحرر الوجيز: 1/ 140-142]


معنى قوله {كلّما أضاء لهم مشوا فيه }:
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: ( أي كلّما ظهر لهم من الإيمان شيءٌ استأنسوا به واتّبعوه، وتارةً تعرض لهم الشّكوك أظلمت قلوبهم فوقفوا حائرين.)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(: (فمعناه: كلّما رأوا في الإيمان ما يعجبهم في عاجل دنياهم على ما وصفنا، ثبتوا عليه وأقاموا فيه، كما يمشي السّائر في ظلمة اللّيل وظلمة الصّيّب الّذي وصفه جلّ ثناؤه، إذا برقت فيها بارقةٌ أبصر طريقه فيها.) [جامع البيان: 1/ 378 – 381 ]


لماذا ذكر الله قوله: {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم} ؟
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (وقوله : {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}قال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله تعالى :{ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم }قال :لما تركوا من الحقّ بعد معرفته) [تفسير ابن كثير: 1/ 190 -194 ]


معنى قوله :( وإذا أظلم قاموا ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): ( وقاموا معناه ثبتوا، لأنهم كانوا قياما، ومنه قول الأعرابي:

«وقد أقام الدهر صعري بعد أن أقمت صعره»
يريد أثبت الدهر. ) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]


معنى قوله (ولو شاء الله لأذهب أسماعهم وأبصارهم) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (ويشبه هذا المعنى في حال المنافقين أن الله لو شاء لأوقع بهم ما يتخوفونه من الزجر والوعيد أو لفضحهم عند المؤمنين وسلط المؤمنين عليهم، وبكل مذهب من هذين قال قوم.) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142]


معنى قوله {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ }:
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: ( {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ }قال ابن عبّاسٍ: »أي إنّ اللّه على كلّ ما أراد بعباده من نقمةٍ، أو عفوٍ، قديرٌ«..)

مدلول قوله تعالى : {على كلّ شيءٍ }:
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (وقوله تعالى :{على كلّ شيءٍ }لفظه العموم ومعناه عند المتكلمين على كل شيء يجوز وصفه تعالى بالقدرة عليه) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]

معنى قوله {قديرٌ} :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه ): (و {قديرٌ }بمعنى قادر، وفيه مبالغة) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]


سبب تخصيص القدرة بالذكر :

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(: (القول في تأويل قوله تعالى : {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}.
قال أبو جعفرٍ: وإنّما وصف اللّه نفسه جلّ ذكره بالقدرة على كلّ شيءٍ في هذا الموضع، لأنّه حذّر المنافقين بأسه وسطوته وأخبرهم أنّه بهم محيطٌ وعلى إذهاب أسماعهم وأبصارهم قديرٌ، ثمّ قال: فاتّقوني أيّها المنافقون واحذروا خداعي وخداع رسولي وأهل الإيمان بي لا أحلّ بكم نقمتي فإنّي على ذلك وعلى غيره من الأشياء قادرٌ) [جامع البيان: 1/ 384 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (وخص هنا صفته التي هي القدرة بالذكر لأنه قد تقدم ذكر فعل مضمنه الوعيد والإخافة، فكان ذكر القدرة مناسبا لذلك ) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142]

المسائل العقدية :
من هو المنافق ؟
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ: ( (المنافقين، وهم قومٌ يظهر لهم الحقّ تارةً، ويشكّون تارةً أخرى، فقلوبهم في حال شكّهم وكفرهم وتردّدهم)

أقسام الناس من حيث إيمانهم
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (وقال الضّحّاك بن مزاحمٍ: يعطى كلّ من كان يظهر الإيمان في الدّنيا يوم القيامة نورًا؛ فإذا انتهى إلى الصّراط طفئ نور المنافقين، فلمّا رأى ذلك المؤمنون أشفقوا، فقالوا: " ربّنا أتمم لنا نورنا ".

فإذا تقرّر هذا صار النّاس أقسامًا: مؤمنون خلّص، وهم الموصوفون بالآيات الأربع في أوّل البقرة، وكفّارٌ خلّصٌ، وهم الموصوفون بالآيتين بعدها، ومنافقون)


أقسام المنافقون :
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (ومنافقون، وهم قسمان: خلّصٌ، وهم المضروب لهم المثل النّاريّ، ومنافقون يتردّدون، تارةً يظهر لهم لمعٌ من الإيمان وتارةً يخبو وهم أصحاب المثل المائيّ، وهم أخفّ حالًا من الّذين قبلهم.) [تفسير ابن كثير: 1/ 190 -194]


المسائل البلاغية :

معنى ( أو) في الآية :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ ):

(وأو وإن كانت في بعض الكلام تأتي بمعنى الشّكّ، فإنّها قد تأتي دالّةً على مثل ما تدلّ عليه الواو إمّا بسابقٍ من الكلام قبلها، وإمّا بما يأتي بعدها كقول توبة بن الحميّر:

وقد زعمت ليلى بأنّي فاجرٌ.......لنفسي تقاها أو عليها فجورها

ومعلومٌ أنّ ذلك من توبة على غير وجه الشّكّ فيما قال، ولكن لمّا كانت أو في هذا الموضع دالّةً على مثل الّذي كانت تدلّ عليه الواو لو كانت مكانها، وضعها موضعها. وكذلك قول جريرٍ:

نال الخلافة أو كانت له قدرًا.......كما أتى ربّه موسى على قدر

وكما قال الآخر:

فلو كان البكاء يردّ شيئًا......بكيت على بجيرٍ أو عفاق.
على المرأين إذ مضيا جميعًا.......لشأنهما بحزنٍ واشتياق

فقد دلّ بقوله: على المرأين إذ مضيا جميعًا، أنّ بكاءه الّذي أراد أن يبكيه لم يرد أن يقصد به أحدهما دون الآخر، بل أراد أن يبكيهما جميعًا. فكذلك ذلك في قول اللّه جلّ ثناؤه :{أو كصيّبٍ من السّماء }لمّا كان معلومًا أنّ {أو }دالّةٌ في ذلك على مثل الّذي كانت تدلّ عليه الواو، لو كانت مكانها كان سواءً نطق فيه بأو أو بالواو .
{أو }دالّةٌ في ذلك على مثل الّذي كانت تدلّ عليه الواو، لو كانت مكانها كان سواءً نطق فيه بأو أو بالواو.).
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311ه)ـ) :{أو كصيب }،فـ"أو" دخلت ههنا لغير شك، وهذه يسميها الحذاق باللغة "واو الإباحة" فتقول: جالس القراء أو الفقهاء أو أصحاب الحديث أو أصحاب النحو، فالمعنى: أن التمثيل مباح لكم في المنافقين؛ إن مثلتموهم بالذي استوقد ناراً فذاك مثلهم، وإن مثلتموهم بأصحاب الصيب فهذا مثلهم، أو مثلتموهم بهما جميعاً فهمامثلاهم -كما أنك إذا قلت: جالس الحسن أو ابن سيرين، فكلاهما أهل أن يجالس- إن جالست الحسن فأنت مطيع، وإن جمعتهما فأنت مطيع.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(:( {أو} للتخيير، معناه مثلوهم بهذا أو بهذا، لا على الاقتصار على أحد الأمرين، وقوله: أو كصيّبٍ معطوف على كمثل الّذي. وقال الطبري: أو بمعنى الواو.).
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ(: (وذهب ابن جريرٍ الطّبريّ ومن تبعه من كثيرٍ من المفسّرين أنّ هذين المثلين مضروبان لصنفٍ واحدٍ من المنافقين وتكون "أو" في قوله تعالى: {أو كصيّبٍ من السّماء }بمعنى الواو، كقوله تعالى :{ولا تطع منهم آثمًا أو كفورًا} [الإنسان: 24 ]، أو تكون للتخبير، أي: اضرب لهم مثلًا بهذا وإن شئت بهذا، قاله القرطبيّ. أو للتّساوي مثل جالس الحسن أو ابن سيرين، على ما وجّهه الزّمخشريّ: أنّ كلًّا منهما مساوٍ للآخر في إباحة الجلوس إليه، ويكون معناه على قوله: سواءٌ ضربت لهم مثلًا بهذا أو بهذا فهو مطابقٌ لحالهم ) [تفسير ابن كثير: 1/ 190 -194 ]


ما يشير إلي لفظة الجمع في قوله ( ظلمات ): .
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (وقوله تعالى:{ظلماتٌ}بالجمع، إشارة إلى ظلمة الليل وظلمة الدجن ومن حيث تتراكب وتتزايد جمعت، وكون الدجن مظلما هول وغم للنفس، بخلاف السحاب والمطر إذا انجلى دجنه، فإنه سارّ جميل، ومنه قول قيس بن الخطيم:
فما روضة من رياض القطا......كأنّ المصابيح حوذانها
بأحسن منها ولا مزنة......دلوح تكشّف أدجانها
[المحرر الوجيز: 1/ 136-140]


الوجه البلاغي في المثل :
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ (: ( {أو كصيّبٍ }أو كمثل صيّب، فاستغنى بذكر{الّذي استوقد ناراً}فطرح ما كان ينبغي أن يكون مع "الصيّب" من الأسماء، ودلّ عليه المعنى؛ لأن المثل ضرب للنفاق، فقال : {فيه ظلماتٌ ورعدٌ وبرقٌ }فشبّه "الظلمات" بكفرهم، و"البرق إذا أضاء لهم فمشوا فيه" بإيمانهم، والرعد -ما أتى في القرآن- من التخويف، وقد قيل فيه وجه آخر؛

قيل: إن الرعد إنما ذكر مثلاً لخوفهم من القتال إذا دعوا إليه، ألا ترى أنه قد قال في موضع آخر: {يحسبون كلّ صيحةٍ عليهم }أي: يظنّون أنهم أبداً مغلوبون.
ثم قال : {يجعلون أصابعهم في آذانهم مّن الصّواعق حذر الموت }فنصب "حذر" على غير وقوعٍ من الفعل عليه؛ لم ترد (يجعلونها حذراً)، إنما هو كقولك: أعطيتك خوفاً وفرقاً، فأنت لا تعطيه الخوف، وإنما تعطيه من أجل الخوف؛ فنصبه على التفسير ليس بالفعل، كقوله جل وعز : {يدعوننا رغباً ورهباً }وكقوله: {ادعوا ربّكم تضرّعاً وخفيةً }،والمعرفة والنكرة تفسّران في هذا الموضع، وليس نصبه على طرح "من"، وهو مما قد يستدل به المبتدئ للتعليم . [معاني القرآن: 1/ 17 ]


دلالة المفرد في قوله {بسمعهم} مع الجمع في قوله ( وأبصارهم ) :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ ):
(فإن قال لنا قائلٌ:وكيف قيل :{لذهب بسمعهم}فوحّد، وقال :{وأبصارهم }فجمع؟ وقد علمت أنّ الخبر في السّمع خبرٌ عن سمع جماعةٍ، كما الخبر في الأبصار خبرٌ عن أبصار جماعةٍ؟

قيل:قد اختلف أهل العربيّة في ذلك، فقال بعض نحويّي الكوفة: وحّد السّمع لأنّه عنى به المصدر وقصد به الخرق، وجمع الأبصار لأنّه عنى بها الأعين.
وكان بعض نحويّي البصرة يزعم أنّ السّمع وإن كان في لفظٍ واحدٍ فإنّه بمعنى جماعةٍ، ويحتجّ في ذلك بقول اللّه : {لا يرتدّ إليهم طرفهم }يراد لا ترتدّ إليهم أطرافهم، وبقوله :{ويولّون الدّبر }يراد به أدبارهم.
قال أبو جعفرٍ: وإنّما جاز ذلك عندي لأنّ في الكلام ما يدلّ على أنّه مرادٌ به الجمع، فكان فيه دلالةٌ على المراد منه، وأداء معنى الواحد من السّمع عن معنى جماعةٍ مغنيًا عن جماعةٍ، ولو فعل بالبصر نظير الّذي فعل بالسّمع، أو فعل بالسّمع نظير الّذي فعل بالأبصار من الجمع والتّوحيد، كان فصيحًا صحيحًا لما ذكرنا من العلّة؛كما قال الشّاعر:
كلوا في بعض بطنكم تعفّوا.......فإنّ زماننا زمنٌ خميص
فوحّد البطن، والمراد منه البطون لما وصفنا من العلّة.) [جامع البيان: 1/ 381 – 383 ]


4:المسائل النحوية :

تأثيث كلمة { السماء }:

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ):(السماء مؤنثةٌ. وأمّا سماء البيت فزعم يونس أنّه يذكّر ويؤنّث.
وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: السماء سقف البيت.
قال ذو الرّمّة :
(وبـيــتٍ بـمـومـاةٍ خــرقــت ســمــاءه إلى كوكبٍ يزوي له الوجه شاربه)
وقد يجوز أن يكون جمع سماوةٍ. والسماوة: أعلى كلّ شيءٍ، فيصير مذكّراً في لغة من ذكّر جراداً وجرادةً، وتمراً وتمرةً، ويكون قول الله تعالى:{السماء منفطرٌ به}على ذلك. قال رجلٌ من بني سعد:
(زهرٌ تتابع في السماء كأنّما جـلـد السـمـاءة لـؤلـؤٌ مـنـثـور)
فأدخل الهاء فأنّث)
[الأزمنة: 1/ 11-12]

تأنيث كلمة { أصابعهم }:
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):(و«الأصابع» إناث كلهن)
[المذكور والمؤنث: 68 ]

نصب ( حذر ) :
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ( فنصب "حذر" على غير وقوعٍ من الفعل عليه؛ لم ترد (يجعلونها حذراً)، إنما هو كقولك: أعطيتك خوفاً وفرقاً، فأنت لا تعطيه الخوف، وإنما تعطيه من أجل الخوف؛ فنصبه على التفسير ليس بالفعل، كقوله جل وعز : {يدعوننا رغباً ورهباً }وكقوله: {ادعوا ربّكم تضرّعاً وخفيةً}،والمعرفة والنكرة تفسّران في هذا الموضع، وليس نصبه على طرح "من"، وهو مما قد يستدل به المبتدئ للتعليم) .[معاني القرآن: 1/ 17 ]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ ): (وإنمانصت {حذر الموت }؛ لأنه مفعول له، والمعنى:
يفعلون ذلك لحذر الموت، وليس نصبه لسقوط اللام، وإنما نصبه أنه في تأويل المصدر، كأنه قال: "يحذرون حذراً"؛ لأن جعلهم أصابعهم في آذانهم من الصواعق يدل على حذرهم الموت، وقال الشاعر:
وأغـفـر عــوراء الكـريـم ادّخــاره وأعرض عن شتم اللئيم تكرما

موضع يكاد ومعاناه:
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ويكاد فعل ينفي المعنى مع إيجابه ويوجبه مع النفي، فهنا لم يخطف البرق الأبصار) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]

(كلما) في اللغة وعامله وموضع ( أضاء) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (ومن جعل البرق في المثل الزجر والوعيد قال يكاد ذلك يصيبهم.

وكلّما ظرف، والعامل فيه مشوا وهو أيضا جواب كلّما، وأضاء صلة ما، ومن جعل أضاء يتعدى قدر له مفعولا، ومن جعله بمنزلة ضاء استغنى عن ذلك.) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]

أحوال الإعراب في قوله ( يخطف ) :
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ(: (فأما من قال: "يَخَطِّف": فإنه نقل إعراب التاء المدغمة إلى الخاء إذ كانت منجزمة، وأما من كسر الخاء: فإنه طلب كسرة الألف التي في "اختطف" و"الاختطاف"؛ وقد قال فيه بعض النحويين: إنما كسرت الخاء لأنها سكنت وأسكنت التاء بعدها فالتقى ساكنان فخفضت الأوّل؛ كما قال: اضربِ الرجل؛ فخفضت الباء لاستقبالها اللام، وليس الذي قالوا بشيء؛ لأن ذلك لو كان كما قالوا: لقالت العرب في يَمُدّ: "يَمِدّ"؛ لأن الميم كانت ساكنة وسكنت الأولى من الدالين، ولقالوا في يَعَضّ: "يَعِض".

وأما من خفض الياء والخاء: فإنه -أيضاً- من طلبه كسرة الألف؛ لأنها كانت في ابتداء الحرف مكسورة(. [معاني القرآن: 1/ 40 ]


5:المسائل الصرفية :

اشتقاق كلمة (صيب ) :
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ) : ((قوله: " ما صائب" يريد قاصدًا، يقال: صاب يصوب إذا قصد، ومن ذلك قوله تعالى:{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ}وقد قالوا: النازل، والقصد أحكم كما قال بشر بن أبي خازم الأسدي:

تـؤمـل أن أؤوب لـهـا بـغـنـم ولم تعلم بأن السهم صابا
).[لكامل: 1/ 96
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ):)
: (القول في تأويل قوله تعالى:{أو كصيّبٍ من السّماء})
قال أبو جعفرٍ: والصّيّب الفيعل، من قولك: صاب المطر يصوب صوبًا: إذا انحدر ونزل، كما قال الشّاعر:


فلست لإنسيٍّ ولكن لملأكٍ.......تنزل من جوّ السّماء يصوب

وكما قال علقمة بن عبدة:

كأنّهم صاب عليهم سحابةٌ.......صواعقها لطيرهنّ دبيب.
فلا تعدلي بيني وبين مغمّر.......سقيت روايا المزن حين تصوب

يعني: حين تنحدر.
وهو في الأصل: صيوبٌ، ولكنّ الواو لمّا سبقتها ياءٌ ساكنةٌ صيّرتا جميعًا ياءً مشدّدةً، كما قيل: سيّدٌ من ساد يسود، وجيّدٌ من جاد يجود. وكذلك تفعل العرب بالواو إذا كانت متحرّكةً وقبلها ياءٌ ساكنةٌ تصيّرهما جميعًا ياءً مشدّدةً.)[جامع البيان: 1/ 350 – 356 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (وأصل صيّب صيوب اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت، كما فعل في سيّد وميّت.

وقال بعض الكوفيين: أصل صيّب صويب على مثال فعيل وكان يلزمه أن لا يعل كما لم يعل طويل، فبهذا يضعف هذا القول.) [المحرر الوجيز: 1/ 136-140 ]

كلمة (صواعق ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (وقال النقاش: «يقال صاعقة وصعقة وصاقعة بمعنى واحد ».

تابع ....

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 صفر 1436هـ/18-12-2014م, 04:58 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تعديل ما سبق لانتهاء الوقت :

قال تعالى :{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}
المسائل العلمية من الآيات :

1: القراءات
القراءات في الصاعقة
القراءات في قوله ( حذر الموت ) .
القراءات في قوله ( يخطف ) .
القراءة في قوله ( أضاء لهم ) .
القراءة في قوله ( مشوا فيه )
القراءة في قوله ( أظلم ) .
القراءة في قوله (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) .

2:المسائل التفسيرية :
سبب نزول قوله تعالى : {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَأَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُمُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19 )}:
الأقوال في المقصود بالصيب
معنى ظلمات .
الأقوال في المقصود بالرعد
الأقوال في المقصود بالبرق .
المقصود بالصواعق .
تأويل قوله ( حذر الموت )
معنى قوله محيط بالكافرين
المقصد من هذا المثل
المقصود بهذا المثل .
معنى المثل
المقصود بقوله: {يخطف أبصارهم }.
معنى قوله: {كلّما أضاء لهم مشوا فيه }
معنى قوله: {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ }
لماذا ذكر الله قوله {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم }
معنى قوله : {يكاد البرق يخطف أبصارهم }
معنى قوله تعالى :( يكاد البرق يخطف أبصارهم ....). .
المقصود بالبرق .
سبب تخصيص السمع والأبصار .
معنى الخطف .
معنى قوله : { وإذا أظلم قاموا } .
معنى قوله: {ولو شاء الله لأذهب أسماعهم وأبصارهم } .
مدلول قوله تعالى : {على كلّ شيءٍ }.
معنى قوله {قديرٌ }
سبب تخصيص القدرة بالذكر .

3:المسائل العقدية :
أقسام الناس من حيث إيمانهم .
أقسام المنافقون .

4:المسائل البلاغية :
معنى ( أو) في الآية .
ما يشير إلي لفظة الجمع في قوله : { ظلمات }.
الوجه البلاغي في المثل .
دلالة المفرد في قوله: {بسمعهم} مع الجمع في قوله: {وأبصارهم } .

5: المسائل النحوية:
نصب ( حذر ) .
موضع يكاد ومعاناه.
(كلما) في اللغة وعامله
أحوال الإعراب في قوله ( يخطف ) .

6:المسائل الصرفية :
اشتقاق كلمة (صيب ) .
كلمة الصواعق
تصنيف المسائل العلمية من أقوال المفسرين :

1:القراءات

القراءات في الصاعقة .
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(: (حكى الخليل عن قوم من العرب «الساعقة» بالسين.
وقرأ الحسن بن أبي الحسن «من الصواقع» بتقديم القاف. قال أبو عمرو: «وهي لغة تميم»).


القراءات في قوله ( حذر الموت ) :
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ ): (وقوله عزّ وجلّ : {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت }ويروى أيضاً: (حذار الموت)، والذي عليه قرّاؤنا: {حذر الموت })
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(:(وقرأ الضحاك بن مزاحم «حذار الموت» بكسر الحاء وبألف ).


القراءات في قوله ( يخطف ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه ): (واختلفت القراءة في هذه اللفظة فقرأ جمهور الناس: «يخطف أبصارهم» بفتح الياء والطاء وسكون الخاء، على قولهم في الماضي خطف بكسر الطاء وهي أفصح لغات العرب، وهي القرشية.

وقرأ علي بن الحسين ويحيى بن وثاب: «يخطف» بفتح الياء وسكون الخاء وكسر الطاء على قول بعض العرب في الماضي «خطف» بفتح الطاء، ونسب المهدوي هذه القراءة إلى الحسن وأبي رجاء، وذلك وهم.
وقرأ الحسن وأبو رجاء وعاصم الجحدري وقتادة: «يخطّف» بفتح الياء وكسر الخاء والطاء وتشديد الطاء، وهذه أصلها «يختطف» أدغمت التاء في الطاء وكسرت الخاء لالتقاء الساكنين.
وحكى ابن مجاهد قراءة لم ينسبها إلى أحد «يخطّف» بفتح الياء والخاء وتشديد الطاء المكسورة.
قال أبو الفتح: «أصلها يختطف نقلت حركة التاء إلى الخاء وأدغمت التاء في الطاء » .
وحكى أبو عمرو الداني عن الحسن أيضا، أنه قرأ «يخطّف» بفتح الياء والخاء والطاء وشدها.
وروي أيضا عن الحسن والأعمش «يخطّف» بكسر الثلاثة وشد الطاء منها. وهذه أيضا أصلها يختطف أدغم وكسرت الخاء للالتقاء وكسرت الياء اتباعا.
وقال عبد الوارث: «رأيتها في مصحف أبي بن كعب «يتخطّف» بالتاء بين الياء والخاء » .
وقال الفراء: «قرأ بعض أهل المدينة بفتح الياء وسكون الخاء وشد الطاء مكسورة ».
قال أبو الفتح: «إنما هو اختلاس وإخفاء فيلطف عندهم فيرون أنه إدغام، وذلك لا يجوز » .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: لأنه جمع بين ساكنين دون عذر.
وحكى الفراء قراءة عن بعض الناس بضم الياء وفتح الخاء وشد الطاء مكسورة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: كأنه تشديد مبالغة لا تشديد تعدية.)[المحرر الوجيز: 1/ 140-142]


القراءة في قوله ( أضاء لهم ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (وقرأ ابن أبي عبلة: «أضا لهم» بغير همز، وهي لغة.)


القراءة في قوله ( مشوا فيه ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(: (وفي مصحف أبي بن كعب: «مروا فيه »
وفي قراءة ابن مسعود «مضوا فيه» .


القراءة في قوله ( أظلم ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(: (وقرأ الضحاك: «وإذا أظلم» بضم الهمزة وكسر اللام)


القراءة في قوله (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) :
(قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه ): ( وحكى النقاش أن من العلماء من قرأ بأسماعهم.

وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة: «ولو شاء الله لأذهب أسماعهم وأبصارهم» )


2:المسائل التفسيرية :



سبب نزول قوله تعالى : : {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19 )}:
قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍالعَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى : {أو كصيب من السماء }
قال أيضا: قال السدي أيضا هرب رجلان من رسول الله إلى المشركين فأصابهما ما ذكر الله تعالى في هذه الآية فجعلا يقولان ليتناأصبحنا فأتينا محمدا فوضعنا أيدينا في يده حتى أصبحنا فأتياه فأسلما فضرب الله شأنهما مثلا [العجاب في بيان الأسباب: 1/240]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (قوله تعالى : {أَوْكَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ }
(ك) أخراج ابن جرير من طريق السدي الكبير عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا: أما الصيب فالمطر، كان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله إلى المشركين فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله فيه رعد شديد وصواعق وبرق، فجعلا كلما أصابهما الصواعق جعلا أصابعهما في آذنهما من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما، وإذا لمع البرق مشيا إلى ضوئه، وإذا لم يلمع لم يبصرا، قاما مكانهما لا يمشيان، فجعلا يقولان: يا ليتنا قد أصبحنا فنأتي محمدا فنضع أيدينا في يده، فأصبحا فأتياه فأسلما ووضعا أيديهما في يده وحسن إسلامهما.
فضرب الله شأن هدين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة، وكان المنافقون إذا حضروامجلس النبي صلى الله عليه وسلم جعلوا أصابعهم في آذانهم فرقا من كلام رسول الله أن ينزل فيه شيء أو يذكروا بشيء فيقتلوا، كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهمافي أذنهما {كلما أضاء لهم مشوا فيه }فإذا كثرت أموالهم وولدهم وأصابوا غنيمة أو فتحا مشوا فيه، وقالوا: إن دين محمد صلى الله عليه وسلم حينئذ صدق واستقاموا عليه كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء لهما البرق {وإذا اظلم عليهم قاموا }فكانوا إذا هلكت أموالهم وولدهم وأصابهم البلاء قالوا: هذا من أجل دين محمد فارتدواكفارا، كما قال ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما . ) [لباب النقول: 12-13 ]



المقصود بالصيب :
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ) : ( {كصيّبٍ من السّماء }معناه: كمطر، وتقديره تقديرسَيِّدمن صاب يصوب، معناه: ينزل المطر، قال علقمة بن عبدة:


كـأنـهـم صـابــت علـيـهـم سـحـابــة صــواعــقــهـــا لــطــيــرهـــن دبــــيـــــب
فـــلا تـعـدلـي بـيـنــي وبــيــن مـغـمّــرٍ سقتك روايا المزن حيث تصوب

وقال رجل من عبد القيس -جاهليّ- يمدح بعض الملوك:

ولست لانسيّ ولكـن لمـلأكٍ تنزّل من جوّ السماء يصوب).
[مجاز القرآن: 1/ 33 ]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ ): (الصيّب في اللغة: المطر، وكل نازل من علو إلى أسفل، فقد صاب يصوب، قال الشاعر
كأنهم صابت عليهم سحابة صـواعـقـهـا لـطـيـرهــن دبــيـــب
[معاني القرآن: 1/ 94 ]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ ): (قوله :{أو كصيب من السماء }

الوجه الأول :
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا أحمد بن بشيرٍ، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {أو كصيّبٍ من السّماء }قال : »المطر.. «قال أبو محمّدٍ: وكذلك فسّره أبو العالية والحسن وسعيد بن جبيرٍ ومجاهدٌ ، وعطاءٌ وعطيّة العوفيّ، وقتادة وعطاءٌ الخراسانيّ والسّدّيّ والرّبيع بن أنسٍ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا مروان، عن جويبرٍ عن الضّحّاك :{أو كصيّبٍ من السّماء }قال: «هوالسحاب . [تفسير القرآن العظيم: 1/ 54 ]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 ه ): (والصيب: ما نزل من
المطر ويقال صابت السماء تصوب صوبًا وأصاب بمعنى أراد وقصد (. [شرح المفضليات: 784 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(: (قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذه عجمة، والصيب المطر من صاب يصوب إذا انحط من علو إلى سفل). [المحرر الوجيز: 1/ 136-140 ]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (:({كصيّبٍ }والصّيّب: المطر، قاله ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وناسٌ من الصّحابة، وأبو العالية، ومجاهدٌ، وسعيد بن جبير، وعطاء، والحسن البصريّ، وقتادة، وعطيّة العوفي، وعطاءٌ الخراسانيّ، والسّدي، والرّبيع بن أنسٍ.

وقال الضّحّاك: هو السّحاب.
والأشهر هو المطر نزل من السّماء في حال ظلماتٍ). [تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]



معنى قوله { فيه ظلمات} :
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : (قوله :{فيه ظلمات }
الوجه الأول :
- ثنا أبى، ثنا أبي صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {فيه ظلماتٌ} يقول:»ابتلاءٌ.«.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنا أبو غسّان: ثنا سلمة بن الفضل، عن محمد ابن إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٌ مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة أو سعيد ابن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ : {فيه ظلماتٌ} »أي هم في ظلمة ما هم فيه من الكفر والحذر من القتل- على الّذي هم عليه من الخلاف والتخوف لكم، على مثل ما وصف من الّذي هو في ظلمة الصّيّب..»
الوجه الثّالث:
- أخبرنا أبو الأزهر فيما كتب إليّ ثنا وهب بن جريرٍ، ثنا أبي، عن عليّ بن الحكم، عن الضحاك: {فيه ظلماتٌ}»أمّا الظّلمة،فالضّلالة(.. »
[تفسير القرآن العظيم: 1/ 54 ]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ : ( (المطر نزل من السّماء في حال ظلماتٍ، وهي الشّكوك والكفر والنّفاق.). [تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ( : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والصابوني في المائتين عن ابن عباس: {فيه ظلمات }يقول: ابتلاء. [الدر المنثور: 1/ 170 – 176 ]


الأقوال في تأويل الرعد :
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ(: (والرعد -ما أتى في القرآن- من التخويف، وقد قيل فيه وجه آخر؛

قيل: إن الرعد إنما ذكر مثلاً لخوفهم من القتال إذا دعوا إليه، ألا ترى أنه قد قال في موضع آخر: {يحسبون كلّ صيحةٍ عليهم }أي: يظنّون أنهم أبداً مغلوبون.) [معاني القرآن: 1/ 17 ]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ ): ((قال أبو جعفرٍ: فإن كان الرّعد ما ذكره ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ، فمعنى الآية: أو كصيّبٍ من السّماء فيه ظلماتٌ وصوت رعدٍ؛لأنّ الرّعد إن كان ملكًا يسوق السّحاب، فغير كائنٍ في الصّيّب؛ لأنّ الصّيّب إنّما هو ما تحدّر من صوب السّحاب؛ والرّعد: إنّما هو في جوّ السّماء يسوق السّحاب،على أنّه لو كان فيه ثم لم يكن له صوتٌ مسموعٌ، لم يكن هنالك رعبٌ يرعب به أحدٌ؛ لأنّه قد قيل: إنّ مع كلّ قطرةٍ من قطر المطر ملكًا، فلا يعدو الملك الّذي اسمه الرّعد لو كان مع الصّيّب إذا لم يكن مسموعًا صوته أن يكون كبعض تلك الملائكة الّتي تنزل مع القطر إلى الأرض في أن لا رعب على أحدٍ بكونه فيه. فقد علم إذ كان الأمر كما وصفنا من قول ابن عبّاسٍ أنّ معنى الآية: أو كمثل غيثٍ تحدّر من السّماء فيه ظلماتٌ وصوت رعدٍ؛ إن كان الرّعد هو ما قاله ابن عبّاسٍ، وإنّه استغنى بدلالة ذكر الرّعد باسمه على المراد في الكلام من ذكر صوته. وإن كان الرّعد ما قاله أبو الجلد فلا شيء في قوله: {فيه ظلماتٌ ورعدٌ}متروكٌ لأنّ معنى الكلام حينئذٍ: فيه ظلماتٌ ورعدٌ الّذي هو وما وصفنا صفته.) [جامع البيان: 1/ 356 – 378 ]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى : {ورعد }
الوجه الأول
- حدّثنا أبو سعيدٍ أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا أبو أحمدالزّبيريّ، ثنا عبد اللّه بن الوليد- يعني من ولد معقل بن مقرّنٍ- حدّثني بكير بن شهابٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أقبلت يهود إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا ما هذا الرّعد؟ قال: «ملكٌ من ملائكة اللّه موكّلٌ بالسّحاب بيده، أو في يده مخاريق من نارٍ يزجر به السّحاب ويسوقه حيث أمره اللّهقالوا: فما هذا الصّوت الّذي يسمع؟ قال: «صوته».قالوا: صدقت
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ،{ورعدٌ {يقول: «تخويفٌ.».
الوجه الثّالث:

- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن إدريس، عن الحسن بن فراتٍ، عن أبيه، عن أبي الجلد قال: كتب إليه ابن عبّاسٍ يسأله عن الرّعد، فكتب إليه: إنّ الرّعد ريحٌ.). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 54 - 55]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(: (واختلف العلماء في الرعد: فقال ابن عباس ومجاهد وشهر بن حوشب وغيرهم: هو ملك يزجر السحاب بهذا الصوت المسموع كلما خالفت سحابة صاح بها، فإذا اشتد غضبه طار النار من فيه، فهي الصّواعق، واسم هذا الملك الرعد، وقيل الرعد ملك، وهذا الصوت تسبيحه، وقيل الرعد اسم الصوت المسموع، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا هو المعلوم في لغة العرب، وقد قال لبيد في جاهليته:


فجعني الرعد والصواعق بال......فارس يوم الكريهة النجد
وروي عن ابن عباس أنه قال:«الرعد ريح تختنق بين السحاب فتصوت ذلك الصوت».
وقيل:«الرعد اصطكاك أجرام السحاب». وأكثر العلماء على أن الرعد ملك، وذلك صوته يسبح ويزجر السحاب)
[المحرر الوجيز: 1/ 136-140]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ ): ( {ورعدٌ }وهو ما يزعج القلوب من الخوف، فإنّ من شأن المنافقين الخوف الشّديد والفزع، كما قال تعالى:{يحسبون كلّ صيحةٍ عليهم هم العدوّ}[المنافقون: 4 ]وقال : {ويحلفون باللّه إنّهم لمنكموما هم منكم ولكنّهم قومٌ يفرقون * لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مدّخلا لولّوا إليه وهم يجمحون }[التّوبة: 56 -57 ].(
[تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]


الأقوال في المقصود بالبرق :
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ( : (قوله:{وبرقٌ }
الوجه الأول
- وبه عن أبي الجلد قال: كتب إليه ابن عبّاسٍ يسأله عن البرق، فكتب إليه أنّ البرق ماءٌ.

- حدّثنا عليّ بن المنذر الطّريقيّ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا عطاء بن السّائب، عن الشّعبيّ قال: كتب ابن عبّاسٍ إلى أبي الجلد يسأله عن البرق- وكان عالمًا يقرأ الكتب- فكتب إليه. البرق من تلالؤ الماء.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن ابن أشيء، عن ربيعة بن الأبيض، عن عليٍّ قال »: البرق مخاريق الملائكة.. »
- حدّثنا أبي، ثنا سليمان بن حربٍ وأبو الرّبيع- واللّفظ لسليمان قالا: ثنا حمّاد بن زيدٍ، عن عبد الجليل، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي هريرة أنّه سئل عن البرق، فقال » :اصطفق البرد»
.
- وقال أبو الرّبيعٍ في حديثه : «البرق: اصطفق البرد»
.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، ثنا حمّادٌ- يعني ابن سلمة- عن عبد الجليل، عن شهر ابن حوشبٍ: قال عبد اللّه بن عمرٍو لرجلٍ: سل كعبًا عن البرق: فقال كعبٌ : «البرق تصفيق ملك البرد. وحكى حمّادٌ بيده، لو ظهر لأهل الأرض لصعقوا.
- حدّثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن موسى أنبأ عثمان بن الأسود، عن مجاهد قال : البرق مصنع ملكٍ يسوق به السّحاب»
.

الوجه الثّالث:
- أخبرنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر فيما كتب إليّ ثنا وهب بن جريرٍ، ثنا أبي، عن عليّ بن الحكم، عن الضّحّاك في قوله : {فيه ظلماتٌ ورعدٌوبرقٌ} «فأمّا البرق فالإيمان. عني بذلك أهل الكتاب«[تفسير القرآن العظيم: 1/ 55 – 56]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه( : (واختلفوا في البرق: فقال علي بن أبي طالب : «هو مخراق حديد بيد الملك يسوق به السحاب»
. وقال ابن عباس:«هو سوط نور بيد الملك يزجي به السحاب
»
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أن البرق ملك يتراءى، وقال قوم: «البرق ماء»، وهذا قول ضعيف
.)[المحرر الوجيز: 1/ 136-140]

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (:(والبرق: هو ما يلمع في قلوب هؤلاء الضّرب من المنافقين في بعض الأحيان، من نور الإيمان).[تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]



المقصود بالصواعق:
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله : {من الصّواعق }
- حدّثنا عليّ بن المنذر الطّريقيّ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا عطاء بن السّائب، عن الشّعبيّ قال: كتب ابن عبّاسٍ إلى أبي الجلد يسأله عن الصّواعق. فكتب إليه أنّ الصّواعق مخاريق يزجر بها السّحاب . [تفسير القرآن العظيم: 1/ 56 ]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ( : (والصاعقة: قال الخليل: «هي الواقعة الشديدة من صوت الرعد يكون معها أحيانا نار، يقال إنها من المخراق الذي بيد الملك، وقيل في قطعة النار إنها ماء يخرج من فم الملك عند غضبه»

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (والصّواعق: جمع صاعقةٍ، وهي نارٌ تنزل من السّماء وقت الرّعد الشّديد، وحكى الخليل بن أحمد عن بعضهم صاعقةً، وحكى بعضهم صاعقةً وصعقةً وصاقعةً ) [تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]


تأويل قوله ( حذر الموت ) :
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله : {حذر الموت }
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمد ابن إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ : {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت} والحذر منالقتل على الّذي هم عليه من الخلاف والتخوف لكم على مثل ما وصف من الّذي هو في ظلمة الصّيّب « [تفسير القرآن العظيم: 1/ 56 – 57 ]


معنى قوله {محيط بالكافرين} :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ): (فقال :{واللّه محيطٌ بالكافرين }يعنى جامعهم فمحلٌّ بهم عقوبته.
وكان مجاهدٌ يتأوّل ذلك كماحدّثني محمّد بن عمرٍو الباهليّ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى بن ميمونٍ، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه : {واللّه محيطٌ بالكافرين }قال : »جامعهم في جهنّم.. «

- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {واللّه محيطٌ بالكافرين}قال : »جامعهم«.
وأمّا ابن عبّاسٍ فروي عنه في ذلك ماحدّثني به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، مولى زيد بن ثابتٍ عن عكرمة أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ : {واللّه محيطٌ بالكافرين }يقول» : اللّه منزلٌ ذلك بهم من النّقمة.« ([جامع البيان: 1/ 356 – 378 ]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى : {والله محيط بالكافرين }
الوجه الأول
- وبه عن ابن عبّاسٍ : {واللّه محيطٌ بالكافرين } »يقول اللّه: واللّه منزلٌ ذلك بهم من النّقمة- أي محيطٌ بالكافرين . «

- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ، في قوله : {واللّه محيطٌ بالكافرين }قال : »جامعهم يوم القيامة في جهنّم. «.
الوجه الثّاني
- حدّثنا الحسن بن الصّبّاح، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: {واللّه محيطٌ بالكافرين}قال: «جامعهم- يعني: يوم القيامة.».

- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ : {واللّه محيطٌ بالكافرين }»يبعثهم اللّه من بعد الموت، فيبعث أولياءه أعداءه فينبّئهم بأعمالهم، فذلك قوله : { واللّه محيطٌ بالكافرين }
[تفسير القرآن العظيم: 1/ 57 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (و {محيطٌ بالكافرين }معناه: بعقابه وأخذه، يقال أحاط السلطان بفلان إذا أخذه أخذا حاصرا من كل جهة، ومنه قوله تعالى : {وأحيط بثمره } [الكهف: 42 ]ففي الكلام حذف مضاف) .[المحرر الوجيز: 1/ 136-140 ]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ ): (ولهذا قال : {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت واللّه محيطٌ بالكافرين }أي: ولا يجدي عنهم حذرهم شيئًا؛ لأنّ اللّه محيطٌ [بهم] بقدرته، وهم تحت مشيئته وإرادته، كما قال : {هل أتاك حديث الجنود * فرعون وثمود * بل الّذين كفروا في تكذيبٍ * واللّه من ورائهم محيطٌ } [البروج: 17-20 ].[تفسير ابن كثير: 1/ 189 -190 ]


المقصد من هذا المثل :
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ ) :{مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا فلمّا أضاءت ما حوله ذهب اللّه بنورهم وتركهم في ظلماتٍ لا يبصرون (17 (}

قوله : {مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا }
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله :{مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا }قال : »هذا مثلٌ ضربه اللّه للمنافقين أنّهم كانوا يتعزون بالإسلام فينا المسلمين ويقاسمونهم الفيء فلمّا ماتوا سلبهم اللّه ذلك العزّ كما سلب صاحب النّار ضوءه«.
- حدّثنا عصام بن الرّوّاد، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية : {مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا }»فإنّما ضوء النّار ما أوقدتها، فإذا خمدت ذهب نورها، وكذلك المنافق كلّما تكلّم بكلمة الإخلاص- بلا إله إلا اللّه- أضاء له فإذا شكّ وقع في الظّلمة «..
- حدّثنا عصام بن الرّوّاد، ثنا آدم، ثنا أبو شيبة- يعني شعيب- بن رزيقٍ عن عطاءٍ الخراسانيّ، في قوله : {مثلهم كمثل الّذي استوقد نارًا }قال : »هذا مثل المنافق يبصر أحيانًا ثمّ يدركه عمى القلب ،وروي عن عكرمة والحسن والسّدّيّ والرّبيع بن أنسٍ نحو قول عطاءٍ الخراسانيّ«. [تفسير القرآن العظيم: 1/ 50 – 51 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (واختلف المتأولون في المقصد بهذا المثل وكيف تترتب أحوال المنافقين الموازنة لما في المثل من الظلمات والرعد والبرق والصواعق.

فقال جمهور المفسرين: «مثل الله تعالى القرآن بالصيب لما فيه من الإشكال عليهم. والعمى: هو الظلمات، وما فيه من الوعيد والزجر هو الرعد، وما فيه من النور والحجج الباهرة التي تكاد أن تبهرهم هو البرق وتخوفهم وروعهم وحذرهم هو جعل أصابعهم في آذانهم، وفضح نفاقهم، واشتهار كفرهم، وتكاليف الشرع التي يكرهونها من الجهاد والزكاة ونحوه هي الصواعق «.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله صحيح بين.
وروي عن ابن مسعود أنه قال: «إن رجلين من المنافقين هربا من النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشركين فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله وأيقنا بالهلاك، فقالا: ليتنا أصبحنا فنأتي محمدا ونضع أيدينا في يده، فأصبحا وأتياه وحسن إسلامهما، فضرب الله ما نزل بهما مثلا للمنافقين».
وقال أيضا ابن مسعود: »إن المنافقين في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجعلون أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا القرآن، فضرب الله المثل لهم«.)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ ): (وقوله عزّ وجلّ: {أو كصيّب من السّماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت واللّه محيط بالكافرين (19)} وهذا أيضاً مثل يضربه اللّه عزّ وجلّ للمنافقين)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (وهذا مثلٌ آخر ضربه اللّه تعالى لضربٍ آخر من المنافقين)


معنى المثل :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ (: (قال أبو جعفرٍ: وهذه الأخبار الّتي ذكرنا عمّن روّيناها عنه، فإنّها وإن اختلفت فيها ألفاظ قائليها متقاربات المعاني لأنّها جميعًا تنبئ عن أنّ اللّه ضرب الصّيّب لظاهر إيمان المنافق مثلاً ومثّل ما فيه من ظلماتٍ بضلالته، وما فيه من ضياء برقٍ بنور إيمانه، واتّقاءه من الصّواعق بتصيير أصابعه في أذنيه لضعف جنانه ونخب فؤاده من حلول عقوبة اللّه بساحته، ومشيه في ضوء البرق باستقامته على نور إيمانه، وقيامه في الظّلام بحيرته في ضلالته وارتكاسه في عمهه.

فتأويل الآية إذًن إذ كان الأمر على ما وصفنا.
-أو مثل ما استضاء به المنافقون من قيلهم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وللمؤمنين بألسنتهم: آمنّا باللّه وباليوم الآخر وبمحمّدٍ وما جاء به، حتّى صار لهم بذلك في الدّنيا أحكام المؤمنين،وهم مع إظهارهم بألسنتهم ما يظهرون باللّه وبرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، وما جاء به من عند اللّه وباليوم الآخر، مكذّبون، ولخلاف ما يظهرون بالألسن في قلوبهم معتقدون، على عمًى منهم وجهالةٍ بما هم عليه من الضّلالة لا يدرون فى أيّ الأمرين اللّذين قد شرّعا لهم فيه الهداية في الكفر الّذي كانوا عليه قبل إرسال اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم بما أرسله به إليهم، أم في الّذي أتاهم به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم من عند ربّهم؟ فهم من وعيد اللّه إيّاهم على لسان محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وجلون، وهم مع وجلهم من ذلك في حقيقته شاكون في قلوبهم مرضٌ فزادهم اللّه مرضًا. كمثل غيثٍ سرى ليلاً في مزنةٍ ظلماء وليلةٍ مظلمةٍ يحدوها رعدٌ ويستطير في حافاتها برقٌ شديدٌ لمعانه كثيرٌ خطرانه، يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار، ويختطفها من شدّة ضيائه ونور شعاعه وينهبط منها تاراتٌ صواعق تكاد تدع النّفوس من شدّة أهوالها زواهق.
-فهم من وجلهم أن يكون ذلك حقًّا يتّقونه بالإقرار بما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم بألسنتهم مخافةً على أنفسهم من الهلاك ونزول النّقمات وذلك تأويل قوله جلّ ثناؤه : {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت }يعني بذلك يتّقون وعيد اللّه الّذي أنزله في كتابه على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بما يبدونه بألسنتهم من ظاهر الإقرار، كما يتّقي الخائف أصوات الصّواعق بتغطية أذنيه وتصيير أصابعه فيها حذرًا على نفسه منها.
-وقد ذكرنا الخبر الّذي روي عن ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ أنّهما كانا يقولان : »إنّ المنافقين كانوا إذا حضروا مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أدخلوا أصابعهم في آذانهم فرقًا من كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن ينزل فيهم شيءٌ، أو يذكروا بشيءٍ فيقتلوا. «.
فإن كان ذلك صريحًا، ولست أعلمه صحيحًا، إذ كنت بإسناده مرتابًا؛ فإنّ القول الّذي روي عنهما هو القول وإن يكن غير صحيحٍ، فأولى بتأويل الآية ما قلنا؛ لأنّ اللّه إنّما قصّ علينا من خبرهم في أوّل مبتدأ قصصهم أنّهم يخادعون اللّه ورسوله والمؤمنين بقولهم آمنّا باللّه وباليوم الآخر مع شكّ قلوبهم ومرض أفئدتهم في حقيقة ما زعموا أنّهم به مؤمنون ممّا جاءهم به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من عند ربّهم، وبذلك وصفهم في جميع آي القرآن الّتي ذكر فيها صفتهم. فكذلك ذلك في هذه الآية.
-وإنّما جعل اللّه إدخالهم أصابعهم في آذانهم مثلاً لاتّقائهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين بما ذكرنا أنّهم يتّقونهم به كما يتّقي سامع صوت الصّاعقة بإدخال أصابعه في أذنيه. وذلك من المثل نظير تمثيل اللّه ما أنزل فيهم من الوعيد في آي كتابه بأصوات الصّواعق، وكذلك قوله :{حذر الموت }جعله جلّ ثناؤه مثلاً لخوفهم وإشفاقهم من حلول عاجل العقاب المهلكهم الّذي توعّده بساحتهم، كما يجعل سامع أصوات الصّواعق أصابعه في أذنيه حذر العطب والموت على نفسه أن تزهق من شدّتها.
.) . [جامع البيان: 1/ 356 – 378 ]


معنى قوله تعالى :( يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم ...) آية 19
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (ومعنى الآية فيما روي عن ابن عباس وغيره: كلما سمع المنافقون القرآن وظهرت لهم الحجج أنسوا ومشوا معه، فإذا نزل من القرآن ما يعمون فيه ويضلون به أو يكلفونه قاموا أي ثبتوا على نفاقهم.

وروي عن ابن مسعود أن معنى الآية: كلما صلحت أحوالهم في زروعهم ومواشيهم وتوالت عليهم النعم قالوا دين محمد دين مبارك. وإذا نزلت بهم مصيبة أو أصابتهم شدة سخطوه وثبتوا في نفاقهم.
وقال قوم: معنى الآية: كلما خفي عليكم نفاقهم وظهر لكم منهم الإيمان مشوا فيه، فإذا افتضحوا عندكم قاموا، ووحد السمع لأنه مصدر يقع للواحد والجمع.) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]


معنى قوله :{يكاد البرق يخطف أبصارهم } :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (ومعنى : {يكاد البرق يخطف أبصارهم }تكاد حجج القرآن وبراهينه وآياته الساطعة تبهرهم ) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (أي: لشدّته وقوّته في نفسه، وضعف بصائرهم، وعدم ثباتها للإيمان.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {يكاد البرق يخطف أبصارهم}يقول: »يكاد محكم القرآن يدلّ على عورات المنافقين«..

وقال ابن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ : {يكاد البرق يخطف أبصارهم }أي لشدّة ضوء الحقّ) [تفسير ابن كثير: 1/ 190 -194 ]


معنى الخطف :.
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ.:(والخطف:السّلب ومنه الخبر الّذي روي عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أنّه نهى عن الخطفة. يعني بها النّهبة؛ومنه قيل للخطّاف الّذي يخرج به الدّلو من البئر خطّافٌ لاختطافه واستلابه ما علقبه. ومنه قول نابغة بني ذبيان:





خطاطيف حجنٌ في حبالٍ متينةٍ.......تمدّ بها أيدٍ إليك نوازع

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه (: (والخطف الانتزاع بسرعة.) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]


المقصود بالبرق :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(: (فقال : {يكاد البرق}يعني بالبرق: الإقرار الّذي أظهروه بألسنتهم باللّه وبرسوله وما جاء به من عند ربّهم،فجعل البرق له مثلاً على ما قدّمنا صفته.)[جامع البيان: 1/ 381 – 383]


سبب تخصيص السمع والأبصار .
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(:)القول في تأويل قوله تعالى : {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم }.

قال أبو جعفرٍ: وإنّما خصّ جلّ ذكره السّمع والأبصار بأنّه لو شاء أذهبها من المنافقين دون سائر أعضاء أجسامهم للّذي جرى من ذكرها في الآيتين، أعني قوله: {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق}وقوله: {يكاد البرق يخطف أبصارهم كلّما أضاء لهم مشوا فيه}فجرى ذكرها في الآيتين على وجه المثل. ثمّ عقّب جلّ ثناؤه ذكر ذلك بأنّه لو شاء أذهبه من المنافقين عقوبةً لهم على نفاقهم وكفرهم، وعيدًا من اللّه لهم)[جامع البيان: 1/ 381 - 383]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) :(وخص الأسماع والأبصار لتقدم ذكرها في الآية)[المحرر الوجيز: 1/ 140-142]


معنى قوله {كلّما أضاء لهم مشوا فيه }:
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: ( أي كلّما ظهر لهم من الإيمان شيءٌ استأنسوا به واتّبعوه، وتارةً تعرض لهم الشّكوك أظلمت قلوبهم فوقفوا حائرين.)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(: (فمعناه: كلّما رأوا في الإيمان ما يعجبهم في عاجل دنياهم على ما وصفنا، ثبتوا عليه وأقاموا فيه، كما يمشي السّائر في ظلمة اللّيل وظلمة الصّيّب الّذي وصفه جلّ ثناؤه، إذا برقت فيها بارقةٌ أبصر طريقه فيها.) [جامع البيان: 1/ 378 – 381 ]


لماذا ذكر الله قوله: {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم} ؟
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (وقوله : {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}قال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله تعالى :{ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم }قال :لما تركوا من الحقّ بعد معرفته) [تفسير ابن كثير: 1/ 190 -194 ]


معنى قوله :( وإذا أظلم قاموا ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): ( وقاموا معناه ثبتوا، لأنهم كانوا قياما، ومنه قول الأعرابي:

«وقد أقام الدهر صعري بعد أن أقمت صعره»
يريد أثبت الدهر. ) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]


معنى قوله (ولو شاء الله لأذهب أسماعهم وأبصارهم) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (ويشبه هذا المعنى في حال المنافقين أن الله لو شاء لأوقع بهم ما يتخوفونه من الزجر والوعيد أو لفضحهم عند المؤمنين وسلط المؤمنين عليهم، وبكل مذهب من هذين قال قوم.) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142]


معنى قوله {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ }:
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: ( {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ }قال ابن عبّاسٍ: »أي إنّ اللّه على كلّ ما أراد بعباده من نقمةٍ، أو عفوٍ، قديرٌ«..)

مدلول قوله تعالى : {على كلّ شيءٍ }:
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (وقوله تعالى :{على كلّ شيءٍ }لفظه العموم ومعناه عند المتكلمين على كل شيء يجوز وصفه تعالى بالقدرة عليه) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]

معنى قوله {قديرٌ} :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه ): (و {قديرٌ }بمعنى قادر، وفيه مبالغة) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]


سبب تخصيص القدرة بالذكر :

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(: (القول في تأويل قوله تعالى : {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}.
قال أبو جعفرٍ: وإنّما وصف اللّه نفسه جلّ ذكره بالقدرة على كلّ شيءٍ في هذا الموضع، لأنّه حذّر المنافقين بأسه وسطوته وأخبرهم أنّه بهم محيطٌ وعلى إذهاب أسماعهم وأبصارهم قديرٌ، ثمّ قال: فاتّقوني أيّها المنافقون واحذروا خداعي وخداع رسولي وأهل الإيمان بي لا أحلّ بكم نقمتي فإنّي على ذلك وعلى غيره من الأشياء قادرٌ) [جامع البيان: 1/ 384 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (وخص هنا صفته التي هي القدرة بالذكر لأنه قد تقدم ذكر فعل مضمنه الوعيد والإخافة، فكان ذكر القدرة مناسبا لذلك ) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142]

المسائل العقدية :
من هو المنافق ؟
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ: ( (المنافقين، وهم قومٌ يظهر لهم الحقّ تارةً، ويشكّون تارةً أخرى، فقلوبهم في حال شكّهم وكفرهم وتردّدهم)

أقسام الناس من حيث إيمانهم
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (وقال الضّحّاك بن مزاحمٍ: يعطى كلّ من كان يظهر الإيمان في الدّنيا يوم القيامة نورًا؛ فإذا انتهى إلى الصّراط طفئ نور المنافقين، فلمّا رأى ذلك المؤمنون أشفقوا، فقالوا: " ربّنا أتمم لنا نورنا ".

فإذا تقرّر هذا صار النّاس أقسامًا: مؤمنون خلّص، وهم الموصوفون بالآيات الأربع في أوّل البقرة، وكفّارٌ خلّصٌ، وهم الموصوفون بالآيتين بعدها، ومنافقون)


أقسام المنافقون :
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: (ومنافقون، وهم قسمان: خلّصٌ، وهم المضروب لهم المثل النّاريّ، ومنافقون يتردّدون، تارةً يظهر لهم لمعٌ من الإيمان وتارةً يخبو وهم أصحاب المثل المائيّ، وهم أخفّ حالًا من الّذين قبلهم.) [تفسير ابن كثير: 1/ 190 -194]


المسائل البلاغية :

معنى ( أو) في الآية :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ ):


(وأو وإن كانت في بعض الكلام تأتي بمعنى الشّكّ، فإنّها قد تأتي دالّةً على مثل ما تدلّ عليه الواو إمّا بسابقٍ من الكلام قبلها، وإمّا بما يأتي بعدها كقول توبة بن الحميّر:

وقد زعمت ليلى بأنّي فاجرٌ.......لنفسي تقاها أو عليها فجورها

ومعلومٌ أنّ ذلك من توبة على غير وجه الشّكّ فيما قال، ولكن لمّا كانت أو في هذا الموضع دالّةً على مثل الّذي كانت تدلّ عليه الواو لو كانت مكانها، وضعها موضعها. وكذلك قول جريرٍ:

نال الخلافة أو كانت له قدرًا.......كما أتى ربّه موسى على قدر

وكما قال الآخر:

فلو كان البكاء يردّ شيئًا......بكيت على بجيرٍ أو عفاق.
على المرأين إذ مضيا جميعًا.......لشأنهما بحزنٍ واشتياق

فقد دلّ بقوله: على المرأين إذ مضيا جميعًا، أنّ بكاءه الّذي أراد أن يبكيه لم يرد أن يقصد به أحدهما دون الآخر، بل أراد أن يبكيهما جميعًا. فكذلك ذلك في قول اللّه جلّ ثناؤه :{أو كصيّبٍ من السّماء }لمّا كان معلومًا أنّ {أو }دالّةٌ في ذلك على مثل الّذي كانت تدلّ عليه الواو، لو كانت مكانها كان سواءً نطق فيه بأو أو بالواو .
{أو }دالّةٌ في ذلك على مثل الّذي كانت تدلّ عليه الواو، لو كانت مكانها كان سواءً نطق فيه بأو أو بالواو.).
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311ه)ـ) :{أو كصيب }،فـ"أو" دخلت ههنا لغير شك، وهذه يسميها الحذاق باللغة "واو الإباحة" فتقول: جالس القراء أو الفقهاء أو أصحاب الحديث أو أصحاب النحو، فالمعنى: أن التمثيل مباح لكم في المنافقين؛ إن مثلتموهم بالذي استوقد ناراً فذاك مثلهم، وإن مثلتموهم بأصحاب الصيب فهذا مثلهم، أو مثلتموهم بهما جميعاً فهمامثلاهم -كما أنك إذا قلت: جالس الحسن أو ابن سيرين، فكلاهما أهل أن يجالس- إن جالست الحسن فأنت مطيع، وإن جمعتهما فأنت مطيع.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ(:( {أو} للتخيير، معناه مثلوهم بهذا أو بهذا، لا على الاقتصار على أحد الأمرين، وقوله: أو كصيّبٍ معطوف على كمثل الّذي. وقال الطبري: أو بمعنى الواو.).
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ(: (وذهب ابن جريرٍ الطّبريّ ومن تبعه من كثيرٍ من المفسّرين أنّ هذين المثلين مضروبان لصنفٍ واحدٍ من المنافقين وتكون "أو" في قوله تعالى: {أو كصيّبٍ من السّماء }بمعنى الواو، كقوله تعالى :{ولا تطع منهم آثمًا أو كفورًا} [الإنسان: 24 ]، أو تكون للتخبير، أي: اضرب لهم مثلًا بهذا وإن شئت بهذا، قاله القرطبيّ. أو للتّساوي مثل جالس الحسن أو ابن سيرين، على ما وجّهه الزّمخشريّ: أنّ كلًّا منهما مساوٍ للآخر في إباحة الجلوس إليه، ويكون معناه على قوله: سواءٌ ضربت لهم مثلًا بهذا أو بهذا فهو مطابقٌ لحالهم ) [تفسير ابن كثير: 1/ 190 -194 ]


ما يشير إلي لفظة الجمع في قوله ( ظلمات ): .
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (وقوله تعالى:{ظلماتٌ}بالجمع، إشارة إلى ظلمة الليل وظلمة الدجن ومن حيث تتراكب وتتزايد جمعت، وكون الدجن مظلما هول وغم للنفس، بخلاف السحاب والمطر إذا انجلى دجنه، فإنه سارّ جميل، ومنه قول قيس بن الخطيم:

فما روضة من رياض القطا......كأنّ المصابيح حوذانها
بأحسن منها ولا مزنة......دلوح تكشّف أدجانها
[المحرر الوجيز: 1/ 136-140]


الوجه البلاغي في المثل :
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ (: ( {أو كصيّبٍ }أو كمثل صيّب، فاستغنى بذكر{الّذي استوقد ناراً}فطرح ما كان ينبغي أن يكون مع "الصيّب" من الأسماء، ودلّ عليه المعنى؛ لأن المثل ضرب للنفاق، فقال : {فيه ظلماتٌ ورعدٌ وبرقٌ }فشبّه "الظلمات" بكفرهم، و"البرق إذا أضاء لهم فمشوا فيه" بإيمانهم، والرعد -ما أتى في القرآن- من التخويف، وقد قيل فيه وجه آخر؛

قيل: إن الرعد إنما ذكر مثلاً لخوفهم من القتال إذا دعوا إليه، ألا ترى أنه قد قال في موضع آخر: {يحسبون كلّ صيحةٍ عليهم }أي: يظنّون أنهم أبداً مغلوبون.
ثم قال : {يجعلون أصابعهم في آذانهم مّن الصّواعق حذر الموت }فنصب "حذر" على غير وقوعٍ من الفعل عليه؛ لم ترد (يجعلونها حذراً)، إنما هو كقولك: أعطيتك خوفاً وفرقاً، فأنت لا تعطيه الخوف، وإنما تعطيه من أجل الخوف؛ فنصبه على التفسير ليس بالفعل، كقوله جل وعز : {يدعوننا رغباً ورهباً }وكقوله: {ادعوا ربّكم تضرّعاً وخفيةً }،والمعرفة والنكرة تفسّران في هذا الموضع، وليس نصبه على طرح "من"، وهو مما قد يستدل به المبتدئ للتعليم . [معاني القرآن: 1/ 17 ]


دلالة المفرد في قوله {بسمعهم} مع الجمع في قوله ( وأبصارهم ) :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ ):
(فإن قال لنا قائلٌ:وكيف قيل :{لذهب بسمعهم}فوحّد، وقال :{وأبصارهم }فجمع؟ وقد علمت أنّ الخبر في السّمع خبرٌ عن سمع جماعةٍ، كما الخبر في الأبصار خبرٌ عن أبصار جماعةٍ؟

قيل:قد اختلف أهل العربيّة في ذلك، فقال بعض نحويّي الكوفة: وحّد السّمع لأنّه عنى به المصدر وقصد به الخرق، وجمع الأبصار لأنّه عنى بها الأعين.
وكان بعض نحويّي البصرة يزعم أنّ السّمع وإن كان في لفظٍ واحدٍ فإنّه بمعنى جماعةٍ، ويحتجّ في ذلك بقول اللّه : {لا يرتدّ إليهم طرفهم }يراد لا ترتدّ إليهم أطرافهم، وبقوله :{ويولّون الدّبر }يراد به أدبارهم.
قال أبو جعفرٍ: وإنّما جاز ذلك عندي لأنّ في الكلام ما يدلّ على أنّه مرادٌ به الجمع، فكان فيه دلالةٌ على المراد منه، وأداء معنى الواحد من السّمع عن معنى جماعةٍ مغنيًا عن جماعةٍ، ولو فعل بالبصر نظير الّذي فعل بالسّمع، أو فعل بالسّمع نظير الّذي فعل بالأبصار من الجمع والتّوحيد، كان فصيحًا صحيحًا لما ذكرنا من العلّة؛كما قال الشّاعر:
كلوا في بعض بطنكم تعفّوا.......فإنّ زماننا زمنٌ خميص
فوحّد البطن، والمراد منه البطون لما وصفنا من العلّة.) [جامع البيان: 1/ 381 – 383 ]


4:المسائل النحوية :

تأثيث كلمة { السماء }:


قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ):(السماء مؤنثةٌ. وأمّا سماء البيت فزعم يونس أنّه يذكّر ويؤنّث.
وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: السماء سقف البيت.
قال ذو الرّمّة :
(وبـيــتٍ بـمـومـاةٍ خــرقــت ســمــاءه إلى كوكبٍ يزوي له الوجه شاربه)
وقد يجوز أن يكون جمع سماوةٍ. والسماوة: أعلى كلّ شيءٍ، فيصير مذكّراً في لغة من ذكّر جراداً وجرادةً، وتمراً وتمرةً، ويكون قول الله تعالى:{السماء منفطرٌ به}على ذلك. قال رجلٌ من بني سعد:
(زهرٌ تتابع في السماء كأنّما جـلـد السـمـاءة لـؤلـؤٌ مـنـثـور)
فأدخل الهاء فأنّث)
[الأزمنة: 1/ 11-12]

تأنيث كلمة { أصابعهم }:
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):(و«الأصابع» إناث كلهن)
[المذكور والمؤنث: 68 ]

نصب ( حذر ) :
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): ( فنصب "حذر" على غير وقوعٍ من الفعل عليه؛ لم ترد (يجعلونها حذراً)، إنما هو كقولك: أعطيتك خوفاً وفرقاً، فأنت لا تعطيه الخوف، وإنما تعطيه من أجل الخوف؛ فنصبه على التفسير ليس بالفعل، كقوله جل وعز : {يدعوننا رغباً ورهباً }وكقوله: {ادعوا ربّكم تضرّعاً وخفيةً}،والمعرفة والنكرة تفسّران في هذا الموضع، وليس نصبه على طرح "من"، وهو مما قد يستدل به المبتدئ للتعليم) .[معاني القرآن: 1/ 17 ]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ ): (وإنمانصت {حذر الموت }؛ لأنه مفعول له، والمعنى:
يفعلون ذلك لحذر الموت، وليس نصبه لسقوط اللام، وإنما نصبه أنه في تأويل المصدر، كأنه قال: "يحذرون حذراً"؛ لأن جعلهم أصابعهم في آذانهم من الصواعق يدل على حذرهم الموت، وقال الشاعر:
وأغـفـر عــوراء الكـريـم ادّخــاره وأعرض عن شتم اللئيم تكرما

موضع {يكاد} ومعاناه:
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ويكاد فعل ينفي المعنى مع إيجابه ويوجبه مع النفي، فهنا لم يخطف البرق الأبصار) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]

(كلما) في اللغة وعامله وموضع ( أضاء) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (ومن جعل البرق في المثل الزجر والوعيد قال يكاد ذلك يصيبهم.

وكلّما ظرف، والعامل فيه مشوا وهو أيضا جواب كلّما، وأضاء صلة ما، ومن جعل أضاء يتعدى قدر له مفعولا، ومن جعله بمنزلة ضاء استغنى عن ذلك.) [المحرر الوجيز: 1/ 140-142 ]

أحوال الإعراب في قوله ( يخطف ) :
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ(: (فأما من قال: "يَخَطِّف": فإنه نقل إعراب التاء المدغمة إلى الخاء إذ كانت منجزمة، وأما من كسر الخاء: فإنه طلب كسرة الألف التي في "اختطف" و"الاختطاف"؛ وقد قال فيه بعض النحويين: إنما كسرت الخاء لأنها سكنت وأسكنت التاء بعدها فالتقى ساكنان فخفضت الأوّل؛ كما قال: اضربِ الرجل؛ فخفضت الباء لاستقبالها اللام، وليس الذي قالوا بشيء؛ لأن ذلك لو كان كما قالوا: لقالت العرب في يَمُدّ: "يَمِدّ"؛ لأن الميم كانت ساكنة وسكنت الأولى من الدالين، ولقالوا في يَعَضّ: "يَعِض".

وأما من خفض الياء والخاء: فإنه -أيضاً- من طلبه كسرة الألف؛ لأنها كانت في ابتداء الحرف مكسورة(. [معاني القرآن: 1/ 40 ]


5:المسائل الصرفية :

اشتقاق كلمة (صيب ) :
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ) : ((قوله: " ما صائب" يريد قاصدًا، يقال: صاب يصوب إذا قصد، ومن ذلك قوله تعالى:{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ}وقد قالوا: النازل، والقصد أحكم كما قال بشر بن أبي خازم الأسدي:


تـؤمـل أن أؤوب لـهـا بـغـنـم ولم تعلم بأن السهم صابا
).[لكامل: 1/ 96
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ):)
: (القول في تأويل قوله تعالى:{أو كصيّبٍ من السّماء})
قال أبو جعفرٍ: والصّيّب الفيعل، من قولك: صاب المطر يصوب صوبًا: إذا انحدر ونزل، كما قال الشّاعر:


فلست لإنسيٍّ ولكن لملأكٍ.......تنزل من جوّ السّماء يصوب

وكما قال علقمة بن عبدة:

كأنّهم صاب عليهم سحابةٌ.......صواعقها لطيرهنّ دبيب.
فلا تعدلي بيني وبين مغمّر.......سقيت روايا المزن حين تصوب

يعني: حين تنحدر.
وهو في الأصل: صيوبٌ، ولكنّ الواو لمّا سبقتها ياءٌ ساكنةٌ صيّرتا جميعًا ياءً مشدّدةً، كما قيل: سيّدٌ من ساد يسود، وجيّدٌ من جاد يجود. وكذلك تفعل العرب بالواو إذا كانت متحرّكةً وقبلها ياءٌ ساكنةٌ تصيّرهما جميعًا ياءً مشدّدةً.)[جامع البيان: 1/ 350 – 356 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (وأصل صيّب صيوب اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت، كما فعل في سيّد وميّت.

وقال بعض الكوفيين: أصل صيّب صويب على مثال فعيل وكان يلزمه أن لا يعل كما لم يعل طويل، فبهذا يضعف هذا القول.) [المحرر الوجيز: 1/ 136-140 ]

كلمة (صواعق ) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ) : (وقال النقاش: «يقال صاعقة وصعقة وصاقعة بمعنى واحد ».

تابع ....

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 صفر 1436هـ/18-12-2014م, 07:01 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

الأحاديث والآثار الواردة في تفسير قول الله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}
-معمر عن قتادة: {أو كصيب} قال: «المطر».
-عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {أو كصيّبٍ من السّماء} قال: «المطر.».
- عن جويبرٍ عن الضّحّاك: {أو كصيّبٍ من السّماء} قال: «هو السحاب.»
- عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {فيه ظلماتٌ} يقول: «ابتلاءٌ.».
- عن عكرمة أو سعيد ابن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {فيه ظلماتٌ}«أي هم في ظلمة ما هم فيه من الكفر والحذر من القتل- على الّذي هم عليه من الخلاف والتخوف لكم، على مثل ما وصف من الّذي هو في ظلمة الصّيّب.».
- عن عليّ بن الحكم، عن الضحاك: {فيه ظلماتٌ}«أمّا الظّلمة،فالضّلالة.».).

ذكر الطبري : قال: حدّثنا هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {أو كصيّبٍ من السّماء} قال: «القطر».
- قال ابن جريجٍ، قال لي عطاءٌ: «الصّيّب: المطر».ذكره الطبري .

-عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «الصّيّب: المطر». ذكره الطبري
- عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «الصّيّب: المطر». ذكره الطبري .
- عن سعيدٍ، عن قتادة: {أو كصيّبٍ} يقول: «المطر».ذكره الطبري .
- عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: «الصّيّب: المطر».ذكره الطبري
- عن ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ: «الصّيّب: المطر».
- عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال: «الصّيّب: المطر».ذكره الطبري

- قال عبد الرّحمن بن زيدٍ: {أو كصيّبٍ من السّماء} قال: «أو كغيثٍ من السّماء».
- قال سفيان: «الصّيّب: الّذي فيه المطر». ذكره الطبري .

- عن الحكم، عن مجاهدٍ، قال: «الرّعد ملكٌ يزجر السّحاب بصوته.».ذكره الطبري .
- إسماعيل بن سالمٍ، عن أبي صالحٍ، قالا: «الرّعد ملكٌ من الملائكة يسبّح».ذكره الطبري .
- عن أبي الخطّاب البصريّ، عن شهر بن حوشبٍ، قال: «الرّعد: ملكٌ موكّلٌ بالسّحاب، يسوقه كما يسوق الحادي الإبل، يسبّح كلّما خالفت سحابةٌ سحابةً صاح بها، فإذا اشتدّ غضبه طارت النّار من فيه فهي الصّواعق الّتي رأيتم».
- عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال: «الرّعد: ملكٌ من الملائكة اسمه الرّعد، وهو الّذي تسمعون صوته». ذكره الطبري .

- عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «الرّعد: ملكٌ يزجر السّحاب بالتّسبيح والتّكبير».
- عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: « الرّعد: اسم ملكٍ، وصوته هذا تسبيحه، فإذا اشتدّ زجره السّحاب اضطرب السّحاب واحتكّ فتخرج الصّواعق من بينه».ذكره الطبري .
- عن موسى البزّاز، عن شهر بن حوشبٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «الرّعد: ملكٌ يسوق السّحاب بالتّسبيح، كما يسوق الحادي الإبل بحدائه». ذكره الطبري .
- عن موسى البزّاز، عن شهر بن حوشبٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «الرّعد: ملكٌ يسوق السّحاب بالتّسبيح، كما يسوق الحادي الإبل بحدائه». ذكره الطبري .
- عن قتادة، قال: «الرّعد: خلقٌ من خلق اللّه جلّ وعزّ سامعٌ مطيعٌ للّه جلّ وعزّ».ذكره الطبري .
- عن ابن جريجٍ، عن عكرمة، قال: «إنّ الرّعد ملكٌ يؤمر بإزجاء السّحاب فيؤلّف بينه، فذلك الصّوت تسبيحه».
- عن سلمة بن كهيلٍ، عن سعيد بن أشوع، عن ربيعة بن الأبيض، عن عليٍّ، قال: «البرق: مخاريق الملائكة».ذكره الطبري .
- عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ: «البرق مخاريق بأيدي الملائكة يزجرون بها السّحاب».
- عن عميرة بن سالمٍ، عن أبيه أو غيره أنّ عليّ بن أبي طالبٍ قال: «الرّعد: الملك،والبرق: ضربه السّحاب بمخراقٍ من حديدٍ».
وقال آخرون: «هو سوطٌ من نورٍ يزجّ به الملك السّحاب». ذكره الطبري .

-عن أبي كثيرٍ، قال: كنت عند أبي الجلد إذ جاءه رسول ابن عبّاسٍ بكتابٍ إليه، فكتب إليه: «كتب إلي تسألني عن البرق، فالبرق: الماء».
- عن عثمان بن الأسود، عن مجاهدٍ، قال: «البرق: مصع ملكٍ». ذكره الطبري.

- عن ابن جريجٍ، قال: «الصّواعق ملكٌ يضرب السّحاب بالمطارق يصيب منه من يشاء». ذكره الطبري .
- قال الطبري :
عن عكرمة أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {أو كصيّبٍ من السّماء فيه ظلماتٌ ورعدٌ وبرقٌ يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذرالموت} « أي هم من ظلمات ما هم فيه من الكفر والحذر من القتل، على الّذي هم عليه من الخلاف والتّخوف منكم، على مثل ما وصف من الّذى هو في ظلمة الصّيّب، فجعل أصابعه في أذنيه من الصّواعق حذر الموت{يكاد البرق يخطف أبصارهم} أي لشدّة ضوءالحقّ{كلّما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا}أي يعرفون الحقّ ويتكلّمون به، فهم من قولهم به على استقامةٍ، فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر قاموا متحيّرين».
- قال الطبري : عن ابن عبّاسٍ: {أو كصيّبٍ من السّماء}«كمطرٍ»، {فيه ظلماتٌ ورعدٌ وبرقٌ} إلى آخر الآية، «هو مثل المنافق في ضوء ما تكلّم بما معه من كتاب اللّه وعمل، مراءاةً للنّاس، فإذا خلا وحده عمل بغيره. فهو في ظلمةٍ ما أقام على ذلك. وأمّا الظّلمات فالضّلالة، وأمّا البرق فالإيمان، وهم أهل الكتاب. وإذا أظلم عليهم، فهو رجلٌ يأخذ بطرف الحقّ لا يستطيع أن يجاوزه».

- عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {أوكصيّبٍ من السّماء}«وهو المطر، ضرب مثله في القرآن»، يقول: {فيه ظلماتٌ} يقول: «ابتلاءٌ»{ورعدٌ} يقول: «فيه تخويفٌ»، وبرقٌ {يكاد البرقيخطف أبصارهم} يقول: «يكاد محكم القرآن يدلّ على عورات المنافقين»،{كلّما أضاء لهم مشوا فيه} يقول: «كلّما أصابالمنافقون من الإسلام عزًّا اطمأنّوا، وإن أصابوا الإسلام نكبةً، قاموا ليرجعوا إلى الكفر»، يقول: {وإذا أظلم عليهم قاموا}«كقوله:{ومن النّاس من يعبد اللّه علىحرفٍ فإن أصابه خيرٌ اطمأنّ به وإن أصابته فتنةٌ} إلى آخر الآية.».
- عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: « إضاءة البرق وإظلامه على نحو ذلك المثل». ذكره الطبري .

- عن سعيدٍ، عن قتادة، في قول اللّه: {فيه ظلماتٌ ورعدٌ وبرقٌ} إلى قوله: {وإذا أظلمعليهم قاموا}«فالمنافق إذا رأى في الإسلام رخاءً أو طمأنينةً أو سلوةً من عيشٍ، قال: أنا معكم وأنا منكم؛ وإذا أصابته شدّةٌ حقحق واللّه عندها فانقطع به فلم يصبر على بلائها، ولم يحتسب أجرها ولم يرج عاقبتها».
- عن قتادة: {فيه ظلماتٌ ورعدٌ وبرقٌ} يقول: «أجبن قومٍ لا يسمعون شيئًا إلاّ ظنّوا أنّهم هالكون فيه حذرًا من الموت، واللّه محيطٌ بالكافرين. ثمّ ضرب لهم مثلاً آخر فقال:{يكاد البرق يخطف أبصارهم كلّما أضاءلهم مشوا فيه} يقول: هذا المنافق، إذا كثر ماله وكثرت ماشيته وأصابته عافيةٌ قال: لم يصبني منذ دخلت في ديني هذا إلاّ خيرٌ{وإذا أظلمعليهم قاموا} يقول: إذا ذهبت أموالهم وهلكت مواشيهم وأصابهم البلاء قاموا متحيّرين».
- عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ: {فيه ظلماتٌ ورعدٌ وبرقٌ} قال: « مثلهم كمثل قومٍ ساروا في ليلةٍ مظلمةٍ ولها مطرٌ ورعدٌ وبرقٌ على جادّةٍ، فلمّا أبرقت أبصروا الجادّة فمضوا فيها، وإذا ذهب البرق تحيّروا. وكذلك المنافق كلّما تكلّم بكلمة الإخلاص أضاء له، فإذا شكّ تحيّر ووقع في الظّلمة، فكذلك قوله:{كلّما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلمعليهم قاموا} ثمّ قال: في أسماعهم وأبصارهم الّتي عاشوا بها في النّاس{ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم}».

- عن عبيد بن سليمان الباهليّ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ: {فيه ظلماتٌ} قال: أمّا الظّلمات فالضّلالة، والبرق: الإيمان.
- قال ابن جريجٍ: «ليس شيءٌ في الأرض سمعه المنافق، إلاّ ظنّ أنّه يراد به وأنّه الموت كراهيةً له، والمنافق أكره خلق اللّه للموت، كما إذا كانوا بالبرارى في المطر فرّوا من الصّواعق».
- عن عطاءٍ، في قوله: {أو كصيّبٍ من السّماء فيه ظلماتٌ ورعدٌوبرقٌ} قال:«مثلٌ ضرب للكافّرين.».

- عن عيسى بن ميمونٍ، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه: {واللّه محيطٌ بالكافرين} قال: «جامعهم في جهنّم.».
- معمر عن قتادة {فيه ظلمات ورعد وبرق} يقول: «أخبر عن قوم لا يسمعون شيئا إلا ظنوا أنهم هالكون فيه حذرا من الموت والله محيط بالكافرين ثم ضرب لهم مثلا آخر فقال{يكاد البرق يخطف أبصرهم كلما أضاء لهم مشوافيه}يقول هذا المنافق إذا كثر ماله وكثرت ماشيته وأصابته عافية قال لم يصبني منذ دخلت في ديني هذا إلا خير{وإذا أظلم عليهم قاموا}يقول إذا ذهبت أموالهم وهلكت مواشيهم وأصابهم البلاء قاموا متحيرين.
روي عن ابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ أنّهما كانا يقولان: «إنّ المنافقين كانوا إذا حضروا مجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أدخلوا أصابعهم في آذانهم فرقًا من كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن ينزل فيهم شيءٌ، أو يذكروا بشيءٍ فيقتلوا.».
- عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، {ورعدٌ} يقول: «تخويفٌ.».

- عن الحسن بن فراتٍ، عن أبيه، عن أبي الجلد قال: كتب إليه ابن عبّاسٍ يسأله عن الرّعد، فكتب إليه: إنّ الرّعد ريحٌ.).
- عن سلمة بن كهيل عن ابن أشيء، عن ربيعة بن الأبيض، عن عليٍّ قال: «البرق مخاريق الملائكة.».
- عن عبد الجليل، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي هريرة أنّه سئل عن البرق، فقال: «اصطفق البرد.».
- عن عبد الجليل، عن شهر ابن حوشبٍ: قال عبد اللّه بن عمرٍو لرجلٍ: سل كعبًا عن البرق: فقال كعبٌ: «البرق تصفيق ملك البرد. وحكى حمّادٌ بيده، لو ظهر لأهل الأرض لصعقوا.
- ثنا عبيد اللّه بن موسى أنبأ عثمان بن الأسود، عن مجاهد قال: «البرق مصنع ملكٍ يسوق به السّحاب.».

- عن عليّ بن الحكم، عن الضّحّاك في قوله: {فيه ظلماتٌ ورعدٌوبرقٌ}«فأمّا البرق فالإيمان. عني بذلك أهل الكتاب.».).
- ذكر الرازي : ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ، قوله: {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق} قال: «كان المنافقون إذا حضروا مجلس النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- جعلوا أصابعهم في آذانهم فرقًا من كلام النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- أن ينزل فيهم شيءٌ أو يذكروا بشيءٍ فيقتلوا
-ذكر الرازي : ثنا ابن فضيلٍ، ثنا عطاء بن السّائب، عن الشّعبيّ قال: كتب ابن عبّاسٍ إلى أبي الجلد يسأله عن الصّواعق. فكتب إليه أنّ الصّواعق مخاريق يزجر بها السّحاب)
- وذكر الرازي أيضا :
عن ابن عبّاسٍ: {واللّه محيطٌ بالكافرين} «يقول اللّه: واللّه منزلٌ ذلك بهم من النّقمة- أي محيطٌ بالكافرين.».
- وذكر الرازي :عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ، في قوله: {واللّه محيطٌ بالكافرين} قال: «جامعهم يوم القيامة في جهنّم.».
- وذكر الرازي : ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ: {واللّه محيطٌ بالكافرين}«يبعثهم اللّه من بعد الموت، فيبعث أولياءه أعداءه فينبّئهم بأعمالهم، فذلك قوله: {واللّه محيطٌ بالكافرين}».).
- قال السيوطي : وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الصيب من ههنا»، وأشار بيده إلى السماء).
ذكر الطبري : عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {يكاد البرق يخطف أبصارهم} قال: «يلتمع أبصارهم ولمّا يفعل».
- وذكر الطبري أيضا : عن عكرمة أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم} «لما تركوا من الحقّ بعد معرفته».
- عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: «ثمّ قال، يعني قال اللّه، في أسماعهم يعني أسماع المنافقين وأبصارهم الّتي عاشوا بها في النّاس: {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم}».
- وذكر الرازي :عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: {يكاد البرق يخطف أبصارهم} يقول: «يكاد محكم القرآن يدلّ على عورات المنافقين».).

- وذكر الرازي أيضا : عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {يكاد البرق يخطف أبصارهم} «يلتمع أبصارهم ولمّا يخطف».
- وذكر أيضا :عن عمرو بن دينارٍ قال: «لم أسمع بأحدٍ ذهب البرق ببصره لقول اللّه: {يكاد البرق يخطف أبصارهم}».
- عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {يكاد البرق يخطف أبصارهم} «أي لشدّة ضوء الحقّ».
- وذكر الرازي أيضا : عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {يكاد البرق يخطف أبصارهم} قال: «هذا مثلٌ آخر، كما إذا كانوا في البرّ في المطر فرقوا من الصّواعق. قال: هذا قول اللّه لمن شكّ من الكفّار فيما جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم».).

- وذكر أيضا : عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {كلّما أضاء لهم مشوا فيه} يقول: «كلّما أصاب المنافقون من الإسلام خيرًا اطمأنّوا إليه، وإن أصاب الإسلام نكبةٌ قاموا ليرجعوا إلى الكفر. ثمّ إذا أظلم عليهم قاموا، كقوله:{ ومن النّاس من يعبد اللّه على حرفٍ فإن أصابه خيرٌ اطمأنّ به} إلى آخر الآية
- عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ {كلّما أضاء لهم مشوا فيه، وإذا أظلم عليهم قاموا} «أي يعرفون الحقّ ويتكلّمون به فهم من قولهم به على استقامةٍ، فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر قاموا أي متحيرين».
- عن الرّبيع، عن أبي العالية، في قوله: {كلّما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا} «فمثله كمثل قومٍ ساروا في ليلةٍ مظلمةٍ لها مطرٌ ورعدٌ وبرقٌ على جادّةٍ كلّما أبرقت أبصروا الجادّة فمضوا فيها، فإذا ذهب البرق تحيّروا، فكذلك المنافق كلّما تكلّم بكلمة الإخلاص أضاء له، وكلّما شكّ تحيّر ووقع في الظّلمة»، قال أبو محمّدٍ: وروي عن الحسن، وقتادة، والسّدّيّ، والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك).

وذكر الرازي :عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وإذا أظلم عليهم قاموا} «أي متحيّرين».).
- وذكر أيضا : عن الرّبيع، عن أبي العالية. {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم} قال: «ذكر أسماعهم وأبصارهم الّتي عاثوا بها في النّاس.».
- وذكر أيضا : عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم} «أي لما تركوا من الحقّ بعد معرفته، إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ».
- وذكر أيضا : ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة، قال محمّد بن إسحاق: {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} « أي إنّ اللّه على كلّ ما أراد بعباده من نقمةٍ أو عفوٍ قديرٌ.».
- قال السيوطي : وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يكاد البرق}
قال: «يلتمع {يخطف أبصارهم} ولما يخطف، وكل شيء في القرآن يكاد وأكاد وكادوا فإنه لا يكون أبدا».

قال السيوطي : وأخرج وكيع عن المبارك بن فضالة قال: سمعت الحسين يقرؤها {يكاد البرق يخطف أبصارهم} ).
- وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {كلّما أضاء لهم مشوا فيه} يقول: «كلّما أصاب المنافقين من عزّ الإسلام اطمأنّوا إليه، وإن أصاب الإسلام نكبةٌ قاموا ليرجعوا إلى الكفر، كقوله: {ومن النّاس من يعبد اللّه على حرفٍ فإن أصابه خيرٌ اطمأنّ به [وإن أصابته فتنةٌ]} الآية [الحجّ: 11] ذكره ابن كثير .
-
-وقال محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {كلّما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا} أي: يعرفون الحقّ ويتكلّمون به، فهم من قولهم به على استقامةٍ فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر {قاموا} أي: متحيّرين.
- عن عكرمة، أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله تعالى: {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم} قال: «لما تركوا من الحقّ بعد معرفته». ذكره ابن كثير .

- {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} قال ابن عبّاسٍ: « أي إنّ اللّه على كلّ ما أراد بعباده من نقمةٍ، أو عفوٍ، قديرٌ.».


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 صفر 1436هـ/19-12-2014م, 12:12 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تصحيح لأخطاء في المقصد من هذا المثل لم انتبه لها وتداركته :
المقصد من هذا المثل :
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ ): (وقوله عزّ وجلّ: {أو كصيّب من السّماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت واللّه محيط بالكافرين (19)} وهذا أيضاً مثل يضربه اللّه عزّ وجلّ للمنافقين)

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ ): (واختلف المتأولون في المقصد بهذا المثل وكيف تترتب أحوال المنافقين الموازنة لما في المثل من الظلمات والرعد والبرق والصواعق.
فقال جمهور المفسرين: «مثل الله تعالى القرآن بالصيب لما فيه من الإشكال عليهم. والعمى: هو الظلمات، وما فيه من الوعيد والزجر هو الرعد، وما فيه من النور والحجج الباهرة التي تكاد أن تبهرهم هو البرق وتخوفهم وروعهم وحذرهم هو جعل أصابعهم في آذانهم، وفضح نفاقهم، واشتهار كفرهم، وتكاليف الشرع التي يكرهونها من الجهاد والزكاة ونحوه هي الصواعق».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله صحيح بين.
وروي عن ابن مسعود أنه قال: «إن رجلين من المنافقين هربا من النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشركين فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله وأيقنا بالهلاك، فقالا: ليتنا أصبحنا فنأتي محمدا ونضع أيدينا في يده، فأصبحا وأتياه وحسن إسلامهما، فضرب الله ما نزل بهما مثلا للمنافقين».
وقال أيضا ابن مسعود: »إن المنافقين في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجعلون أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا القرآن، فضرب الله المثل لهم«.)[المحرر الوجيز: 1/ 140-142]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ ) : (وهذا مثلٌ آخر ضربه اللّه تعالى لضربٍ آخر من المنافقين) [تفسير ابن كثير: 1/ 190 -194]


----------------------------
وتصحيح هذا أيضا :
معنى قوله {كلّما أضاء لهم مشوا فيه }:
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ(: (فمعناه: كلّما رأوا في الإيمان ما يعجبهم في عاجل دنياهم على ما وصفنا، ثبتوا عليه وأقاموا فيه، كما يمشي السّائر في ظلمة اللّيل وظلمة الصّيّب الّذي وصفه جلّ ثناؤه، إذا برقت فيها بارقةٌ أبصر طريقه فيها.) [جامع البيان: 1/ 378 – 381 ]

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ (: ( أي كلّما ظهر لهم من الإيمان شيءٌ استأنسوا به واتّبعوه، وتارةً تعرض لهم الشّكوك أظلمت قلوبهم فوقفوا حائرين.) [تفسير ابن كثير: 1/ 190 -194]



تابع ...

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27 صفر 1436هـ/19-12-2014م, 01:31 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

المسائل التفسيرية في قول الله تعالى:{أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}

سبب نزول قوله تعالى : {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَأَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19 )}:
كان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله إلى المشركين فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله فيه رعد شديد وصواعق وبرق، فجعلا كلما أصابهما الصواعق جعلا أصابعهما في آذنهما من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما، وإذا لمع البرق مشيا إلى ضوئه، وإذا لم يلمع لم يبصرا، قاما مكانهما لا يمشيان، فجعلا يقولان: يا ليتنا قد أصبحنا فنأتي محمدا فنضع أيدينا في يده، فأصبحا فأتياه فأسلما ووضعا أيديهما في يده وحسن إسلامهما.
فضرب الله شأن هدين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة، وكان المنافقون إذا حضروا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم جعلوا أصابعهم في آذانهم فرقا من كلام رسول الله أن ينزل فيه شيء أو يذكروا بشيء فيقتلوا، كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في أذنهما
{كلما أضاء لهم مشوا فيه } فإذا كثرت أموالهم وولدهم وأصابوا غنيمة أو فتحا مشوا فيه، وقالوا: إن دين محمد صلى الله عليه وسلم حينئذ صدق واستقاموا عليه كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء لهما البرق {وإذا اظلم عليهم قاموا } فكانوا إذا هلكت أموالهم وولدهم وأصابهم البلاء قالوا: هذا من أجل دين محمد فارتدوا كفارا، كما قال ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما . ذكره السيوطي مفصلا واختصره ابن حجر العسقلاني.



المقصود بالصيب :
الصيب وهو كل نازل من علو إلى أسفل، وفيه قولان :
1) قيل :هو المطر ،وذكر ذلك التيمي والزجاج والرازي وابن كثير نقلا عن جماعة من الصحابة والتابعين .
2) وقيل: هو السحاب ، وذكر ذلك الرازي وابن كثير نقلا عن الضحاك .
الراجح : رجح ابن كثير أن الأشهر هو المطر نزل من السماء .


معنى قوله :{ فيه ظلمات} .
قيل فيه أقوال :
1)الابتلاء .ذكره الرازي والسيوطي .
2)الكفر . ذكره الرازي
3)الشكوك والكفر والنفاق . ذكر ذلك السيوطي .
4)الضلالة . ذكره الرازي


الأقوال في المقصود بالرعد :
اختلف العلماء في تأويل الرعد :
1) قيل :هو ما أتى القرآن من التخويف .وذكر ذلك الفراء والرازي .
2) وقيل : هو ملك يسوق السحاب ويزجر السحاب بهذا الصوت المسموع .ذكره الرازي والطبري وابن عطية .
3) وقيل : الرعد هو اسم الصوت المسموع .ذكره ابن عطية .
4) وقيل : هو الريح . ذكره ابن عطية
5) وقيل هو اصطكاك أجرام السحاب .ذكره ابن عطية .
6) وقيل هوملك والصوت تسبيحه .ذكره ابن عطية
7) وقيل هو ما يزعج القلوب من الخوف . وذكره ابن كثير .


قول أكثر العلماء : أن الرعد ملك وذلك صوته يسبح ويزجر السحاب .


الأقوال في المقصود بالبرق .
اختلفوا في البرق :
1) قيل البرق : ماء .وذكر ذلك الرازي وابن عطية ، وقال عنه ابن عطية أنه قول ضعيف .
2) وقيل : مخاريق الملائكة ،ومصع ملك يسوق السحاب وتصفيق ملك البرد، وسوط بيد الملك يزجي بها السحاب .وذكر ذلك الرازي و ابن عطية.
3) وقيل :البرق نور الإيمان . وذكره ذلك الرازي وابن كثير .


المقصود بالصواعق :
قيل فيه أقوال :
1) مخاريق يزجر بها السحاب . وذكر ذلك الرازي وابن عطية
2) نار تنزل من السماء وقت الرعد الشديد .وذكر ذلك ابن عطية وابن كثير .
3) وقيل هي قطعة من النار إنها ماء تخرج من فم الملك عند غضبه .وذكر ذلك ابن عطية .




تأويل قوله ( حذر الموت ) :
أي الحذر من القتل . وذكر ذلك الرازي .


معنى قوله {محيط بالكافرين } :
ذُكِر فيه تأويلات تدل على أنه مُحِل العقوبة بالكافرين يوم القيامة بعد أن يجمعهم ،وتدل على قدرته :
1) يعني جامعهم فمحل بهم العقوبة .ذكر ذلك الرازي والطبري
2) منزل ذلك بهم نقمة .
3) محيط بعقابه وأخذه . وذكره ابن عطية .
4) محيط بقدرته . وذكره ابن كثير .

المقصد من هذا المثل :
هو مثل ضربه الله للمنافقين . وذكر ذلك الزجاج وابن عطية وابن كثير
فقال جمهورالمفسرين: «مثل الله تعالى القرآن بالصيب لما فيه من الإشكال عليهم. والعمى: هوالظلمات، وما فيه من الوعيد والزجر هو الرعد، وما فيه من النور والحجج الباهرة التيتكاد أن تبهرهم هو البرق وتخوفهم وروعهم وحذرهم هو جعل أصابعهم في آذانهم، وفضحنفاقهم، واشتهار كفرهم، وتكاليف الشرع التي يكرهونها من الجهاد والزكاة ونحوه هي الصواعق
)ذكره ابن عطية
قال القاضي أبومحمد رحمه الله: وهذا كله صحيح بين.



معنى المثل :
قال أبو جعفرٍ: وهذه الأخبار الّتي ذكرنا عمّن روّيناها عنه، فإنّها وإن اختلفتفيها ألفاظ قائليها متقاربات المعاني لأنّها جميعًا تنبئ عن أنّ اللّه ضرب الصّيّبلظاهر إيمان المنافق مثلاً ومثّل ما فيه من ظلماتٍ بضلالته، وما فيه من ضياء برقٍبنور إيمانه، واتّقاءه من الصّواعق بتصيير أصابعه في أذنيه لضعف جنانه ونخب فؤادهمن حلول عقوبة اللّه بساحته، ومشيه في ضوء البرق باستقامته على نور إيمانه، وقيامهفي الظّلام بحيرته في ضلالته وارتكاسه في عمهه
.

معنى قوله :(يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم ...) آية 19.
1) كلما سمع المنافقون القرآن وظهرت لهم الحجج أنسوا ومشوا معه، فإذا نزل من القرآن مايعمون فيه ويضلون به أو يكلفونه قاموا أي ثبتوا على نفاقهم.
2) كلما صلحت أحوالهم في زروعهم ومواشيهم وتوالت عليهم النعم قالوا دين محمد دين مبارك. وإذا نزلت بهم مصيبة أو أصابتهم شدة سخطوه وثبتوا في نفاقهم.
3) كلما خفي عليكم نفاقهم وظهر لكم منهم الإيمان مشوا فيه، فإذا افتضحوا عندكم قاموا،ووحد السمع لأنه مصدر يقع للواحد والجمع.


معنى قوله : {يكاد البرق يخطف أبصارهم }:
تتضمن المعاني الآتية :
1) تكاد حجج القرآن وبراهينه وآياته الساطعة تبهرهم.ذكره ابن عطية
2) أي: لشدّته وقوّته في نفسه،وضعف بصائرهم، وعدم ثباتها للإيمان، يكاد محكم القرآن يدلّ على عورات المنافقين. ذكره ابن كثير .

معنى الخطف :

هو السلب والانتزاع بسرعة .
- الخطف:السّلب. ذكر ذلك الطبري .
- والخطف الانتزاع بسرعة. ذكره ابن عطية .


المقصود بالبرق :
يعني بالبرق: الإقرار الّذي
أظهروه بألسنتهم باللّه وبرسوله وما جاء به من عند ربّهم .من قول الطبري .

سبب تخصيص السمع والأبصار:
وخص الأسماع والأبصار لتقدم ذكرها في الآية. ذكر ذلك الطبري -بنفس المعنى- وابن عطية .


معنى قوله: {كلّما أضاء لهم مشوا فيه } :
تتضمن المعاني الآتية :
- كلّما رأوا في الإيمان ما يعجبهم في عاجل دنياهم على ما وصفنا، ثبتوا عليه وأقاموافيه، كما يمشي السّائر في ظلمة اللّيل وظلمة الصّيّب الّذي وصفه جلّ ثناؤه، إذابرقت فيها بارقةٌ أبصر طريقه فيها.ذكره الطبري .
- أي كلّما ظهر لهم من الإيمان شيءٌ استأنسوا به واتّبعوه، وتارةً تعرض لهم الشّكوك أظلمت قلوبهم فوقفواحائرين.ذكره ابن كثير


معنى قوله : { وإذا أظلم قاموا } .
وقاموا معناه ثبتوا. ذكره ابن عطية .


لماذا ذكر الله قوله {ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وأبصارهم }؟
لما تركوا من الحقّ بعدمعرفته
. وذكره ابن كثير


معنى قوله: {ولو شاء الله لأذهب أسماعهم وأبصارهم } :
ويشبه هذا المعنى في حال المنافقين أن الله لو شاء لأوقع بهم ما يتخوفونه من الزجر والوعيد أو لفضحهم عندالمؤمنين وسلط المؤمنين عليهم، وبكل مذهب من هذين قال قوم. ذكره ابن عطية.

معنى قوله: {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ }:
أي إنّ اللّه على كلّ ما أراد بعباده من نقمةٍ، أو عفوٍ، قديرٌ.ذكره ابن كثير .


مدلول قوله تعالى : {على كلّ شيءٍ }.
لفظه العموم ومعناه عندالمتكلمين على كل شيء يجوز وصفه تعالى بالقدرة عليه. ذكره ابن عطية .

معنى قوله {قديرٌ } :
بمعنى قادر، وفيه مبالغة. ذكره ابن عطية



سبب تخصيص القدرة بالذكر .
وخص هنا صفته التي هي القدرةبالذكر لأنه قد تقدم ذكر فعل مضمنه الوعيد والإخافة، فكان ذكر القدرة مناسبالذلك. ذكره ابن عطية وبنفس المعنى ذكر الطبري .


-----------------
الحمد لله أن يسر لي البحث .

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
البيت, التفسيري


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:53 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir