دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


1- العَلَمِيَّةُ والتركيبُ الْمَزْجِيُّ
662- وَالْعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا = تَرْكِيبَ مَزْجٍ نَحْوُ مَعْدِي كَرِبَا
اعْلَمْ أنَّ ما لا يَنصرِفُ نوعانِ:
الأوَّلُ: لا يَنصرِفُ في تعريفٍ ولا تنكيرٍ، وهوَ ما إحْدَى علامَتَيْهِ الوَصفيَّةُ، وهوَ ثلاثةٌ. وما مُنِعَ لعلامةٍ واحدةٍ، وهوَ اثنانِ، وتَقَدَّمَ ذلكَ.
الثاني: لا يَنْصَرِفُ في التعريفِ ويَنصرِفُ في التنكيرِ، وهوَ ما إِحْدَى عَلامَتَيْهِ العَلَمِيَّةُ، معَ التركيبِ أوْ زيادةِ الألِفِ والنونِ.. إلخ.. وقدْ شَرَعَ ابنُ مالِكٍ في بيانِها.
فالأوَّلُ: العَلَمِيَّةُ والتركيبُ الْمَزْجِيُّ. (والمُرَكَّبُ الْمَزْجِيُّ: كُلُّ كلمتَيْنِ امْتَزَجَتَا حتَّى صَارَتا كالكلمةِ الواحدةِ). وشَرْطُهُ هنا: أنْ يَكُونَ غيرَ مختومٍ بـ(وَيْهِ)؛ نحوُ: هذهِ حَضْرَمَوْتُ، رأيتُ حَضْرَمَوْتَ، مرَرْتُ بِحَضْرَمَوْتَ.
والأفصَحُ فيهِ أنْ يُعْرَبَ ثانِي جُزْئَيْهِ إعرابَ ما لا يَنصرِفُ، فيُرْفَعُ بالضمَّةِ، ويُنْصَبُ بالفتحةِ، ويُجَرُّ بالفتحةِ نِيابةً عن الكسرةِ، معَ امتناعِ التنوينِ في الحالاتِ الثلاثِ، ويَبْقَى الجزءُ الأوَّلُ على حالِهِ مِنْ فتْحٍ كـ(حَضْرَمَوْتَ)، أوْ سُكُونٍ نحوِ: هذهِ قَالِي قَلا (اسمُ مدينةٍ)، رأيتُ قَالِي قَلا، قَرَأْتُ عنْ قَالِي قَلا.
وهذا معنى قولِهِ: (والعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ.. إلخ)؛ أي: امْنَعْ صَرْفَ العلَمِ حالَ كونِهِ مُرَكَّباً تَركيبَ مَزْجٍ؛ مِثلُ: مَعْدِ يكَرِبَ، والألِفُ فيهِ للإطلاقِ.
واحْتَرَزَ بقولِهِ: (تركيبَ مَزْجٍ) مِن الْمُرَكَّبِ الإضافيِّ والإسناديِّ. فالإضافيُّ يُعْرَبُ صَدْرُهُ بالحركاتِ أو الحروفِ، وعَجُزُهُ يكونُ مَجروراً دائماً، فإنْ وُجِدَ سببٌ يَقتضِي مَنْعَهُ مِن الصرْفِ مُنِعَ؛ نحوُ: أبو قُحَافَةَ والدُ أبي بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ. وأمَّا الإسناديُّ، فهوَ مُعْرَبٌ بحركاتٍ مُقَدَّرَةٍ للحكايَةِ كما تَقَدَّمَ ذلكَ في بابِ العلَمِ.

2- العَلَمِيَّةُ وزِيادةُ الألِفِ والنونِ
663- كَذَاكَ حَاوِي زَائِدَيْ فَعْلانَا = كَغَطَفَانَ وَكَأَصْبَهَانَا
الثاني مِنْ أسبابِ مَنْعِ الاسمِ مِن الصرْفِ: العَلَمِيَّةُ وزيادةُ الألِفِ والنونِ؛ نحوُ: جُمِعَت المصاحِفُ في عَهْدِ عُثمانَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ. ومنهُ قولُهُ تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ}. وقولُهُ تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}.
فإنْ كانت الألِفُ والنونُ أَصلِيَّتَيْنِ؛ نحوُ: (خَانٍ) بمعنى: دُكَّانٍ أوْ فُنْدُقٍ، أوْ كانت النونُ أصلِيَّةً؛ مثلُ: أَمَانٍ، لم يُمْنَع الاسمُ مِن الصرْفِ.
وهذا معنى قولِهِ: (كذاكَ حاوِي زائِدَي فَعْلانَا)؛ أيْ: كذلكَ يُمْنَعُ الاسمُ مِن الصرْفِ إذا كانَ عَلَماً حاوِياً (زَائِدَيْ فَعْلانَا)، والمرادُ الْحَرفانِ الزائدانِ في (فَعْلانَ)، وهُما: الألِفُ والنونُ. والألِفُ في (فَعْلانَا) للإطلاقِ، ثمَّ مَثَّلَ بِمِثالَيْنِ: (غَطَفَانَ وأَصْبَهَانَ). وفي التمثيلِ بهما إشارةٌ إلى أنَّهُ لا يَلْزَمُ أنْ يكونَ الاسمُ على وَزْنِ (فَعْلانَ)، وإنَّما المقصودُ احتواؤُهُ على الحرفَيْنِ الزائدَيْنِ؛ نحوُ: عِمْرَانَ، وسُفْيَانَ، وسُلَيْمَانَ. و(غَطَفَانُ): علَمٌ على قَبيلةٍ، و(أَصْبَهَانُ): اسمُ مَدينةٍ في فارِسَ، وفيها لُغاتٌ كثيرةٌ؛ منها فتْحُ الهمزةِ وكَسْرُها، ومنها: إبدالُ بَائِها فاءً. والتمثيلُ بها مَبنيٌّ على أنَّ أصْلَ الكلمةِ عَربيٌّ. أمَّا على الرَّأْيِ الآخَرِ، وهوَ أنَّها أَعجميَّةٌ كما في القاموسِ، وهوَ الصوابُ، فالمانِعُ مِن الصرْفِ العَلَمِيَّةُ والعُجْمَةُ.


3- العَلَمِيَّةُ والتأنيثُ
664- كَذَا مُؤَنَّثٌ بِهَاءِ مُطْلَقَا = وَشَرْطُ مَنُع العَارِ كَوْنُهُ ارْتَقَى
665- فَوْقَ الثَّلاثِ أوْ كَجُورَ أوْ سَقَرْ = أوْ زَيْدٍ اسْمَ امْرَأةٍ لا اسْمَ ذَكَرْ
666- وَجْهَانِ فِي الْعَادِمِ تَذْكِيراً سَبَقْ = وَعُجْمَةً كهِنْدَ وَالمَنْعُ أَحَقْ
الثالثُ مِنْ أسبابِ مَنْعِ الاسمِ مِن الصرْفِ: العَلَمِيَّةُ والتأنيثُ.
فإنْ كانَ العلَمُ مُؤَنَّثاً بالهاءِ مُنِعَ مِن الصرْفِ مُطْلَقاً؛ أيْ: سَوَاءٌ كانَ عَلَماً لمذكَّرٍ؛ مِثلِ: عُبادةَ وطَلحةَ. أوْ لمؤنَّثٍ؛ مِثلِ: فاطمةَ، مَيمونةَ. زائداً على ثلاثةِ أحْرُفٍ كما مُثِّلَ، أمْ لم يَكُنْ زائداً؛ مثلُ: هِبَةَ، عِظَةَ (عَلَمَيْنِ). قالَ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}. فـ (مَكَّةَ) مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ بالفتحةِ للعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ.
وإنْ كانَ مُؤَنَّثاً بالمعنَى - أَيْ: بكونِهِ عَلَماً لِمُؤَنَّثٍ - فإمَّا أنْ يكونَ ثُلاثيًّا أوْ زائداً على ثلاثةِ أحْرُفٍ، فإنْ كانَ زائداً على ثلاثةِ أحْرُفٍ مُنِعَ مِن الصرْفِ؛ مِثلُ: زَيْنَبَ، مَرْيَمَ، هَاجَرَ. وإن كانَ على ثلاثةِ أحْرُفٍ، فإنْ كانَ مُحَرَّكَ الوسَطِ مُنِعَ مِن الصرْفِ؛ مِثلُ: أَمَلَ، شَرَفَ. قالَ تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ}. فـ (سَقَرَ): اسمٌ لجهنَّمَ - أَعَاذَنا اللَّهُ مِنْهَا - مجرورٌ بالفتحةِ للعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ. وقالَ تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ}. فـ (إِرَمَ): بدَلٌ أوْ عطْفُ بيانٍ مِن الاسمِ المجرورِ قبلَهُ مجرورٌ بالفتحةِ للعَلَمِيَّةِ والتأنيثِ؛ لأنَّهُ علَمٌ على قَبيلةٍ.
وإنْ كانَ ساكِنَ الوسَطِ، فإنْ كانَ أَعجميًّا أوْ مَنقولاً مِنْ أصْلِهِ المذَكَّرِ الذي اشْتَهَرَ بهِ إلى مُؤَنَّثٍ مُنِعَ. فالأوَّلُ مِثلُ: بَلْخَ وحِمْصَ، مِنْ أسماءِ الأمكنةِ. والثاني مثلُ: سَعْدَ (علَمُ امرأةٍ).
فإنْ كانَ علَمُ المؤنَّثِ الثلاثيِّ ساكِنَ الوسَطِ غيرَ أَعجمِيٍّ ولا منقولٍ مِنْ مذكَّرٍ جازَ فيهِ وَجهانِ: المنْعُ والصرْفُ. والمنْعُ مَذهَبُ الجمهورِ؛ لوُجودِ العَلَمِيَّةِ والتأنيثِ؛ مثلُ: نَوْفَ، هِنْدَ، دَعْدَ. تقولُ: جَاءَتْ نَوْفُ أوْ نَوْفٌ، سَلَّمْتُ على نَوْفَ أوْ نَوْفٍ.
وهذا معنى قولِهِ: (كذا مُؤَنَّثُ بِهاءِ مُطْلَقَا.. إلخ)؛ أيْ: أنَّ الاسمَ المؤنَّثَ يُمْنَعُ مِن الصرْفِ إذا كانَ عَلَماً مُؤَنَّثاً بالهاءِ، (وسُمِّيَتْ هاءً نَظَراً لأنَّهُ يُوقَفُ عليها بالهاءِ، وإلاَّ فهيَ التاءُ الزائدةُ في آخِرِ الاسمِ للدَّلالةِ على التأنيثِ، بخِلافِ تاءِ بنْتٍ وأُخْتٍ، فَلَيْسَتْ للتأنيثِ، وإنَّما هيَ أَصْلٌ مِنْ أصولِ الكلمةِ). وقولُهُ: (مُطْلَقاً) تَقَدَّمَ بيانُهُ. ثمَّ بَيَّنَ حُكْمَ الخالِي مِنْ هذهِ الهاءِ، فقالَ: (وشَرْطُ مَنْعِ العارِ)؛ أي: الخالِي مِن الهاءِ، (كونُهُ ارْتَقَى.. إلخ)؛ أيْ: شَرْطُ مَنْعِهِ أنْ يَزيدَ على ثلاثةِ أحْرُفٍ أوْ يكونَ ثُلاثيًّا أَعْجَمِيًّا؛ نحوَ: جُورَ، أوْ مُحَرَّكَ الوسَطِ؛ نحوَ: سَقَرَ، أوْ يكونَ علَماً مَنقولاً كما تَقَدَّمَ. ثمَّ بَيَّنَ أنَّ ساكِنَ الوسَطِ غيرَ الأَعْجَمِيِّ يَجوزُ فيهِ وَجهانِ، فقالَ: (وَجْهَانِ)؛ أي: الصرْفُ وعَدَمُهُ، (في العادمِ تذكيراً سَبَقْ)؛ أيْ: في العَلَمِ الذي عَدِمَ وفَقَدَ التذكيرَ الذي سَبَقَ وَصْفُهُ. و(عُجْمَةً): معطوفٌ على (تَذكيراً)؛ أيْ: وفَقَدَ العُجْمَةَ. ثمَّ ذكرَ المثالَ، وهوَ: هِنْدُ، وقالَ: (والمنْعُ أَحَقْ)؛ أيْ: مَنْعُهُ مِن الصرْفِ أوْلَى؛ لأنَّهُ علَمٌ مُؤَنَّثٌ.


4- العلَمِيَّةُ والعُجْمَةُ
667- وَالْعَجَمِيُّ الْوَضْعِ وَالتَّعْرِيفِ مَعْ = زَيْدٍ عَلَى الثَّلاثِ صَرْفُهُ امْتَنَعْ
الرابعُ مِنْ أسبابِ الْمَنْعِ: العَلَمِيَّةُ والعُجْمَةُ. والمرادُ بالعُجمةِ أنْ يكونَ اللفْظُ غيرَ عَرَبِيٍّ، ويُشترَطُ لذلكَ شَرطانِ:
الأوَّلُ: أنْ تكونَ الكلمةُ عَلَماً في لُغةِ العَجَمِ؛ كـ(إبراهيمَ) و(إسماعيلَ). قالَ تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}. فـ(إسحاقَ): اسمٌ مجرورٌ بالفتحةِ للعَلَمِيَّةِ والعُجمةِ. وقالَ تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ}.
فإنْ كانَ عندَهم غَيْرَ علَمٍ؛ نحوُ: دَيْبَاجٍ، ثمَّ جَعَلْنَاهُ علَماً وجَبَ صَرْفُهُ.
الشرْطُ الثاني: أنْ يكونَ زائداً على ثلاثةِ أحْرُفٍ كما مُثِّلَ، فإنْ كانَ ثُلاثيًّا لم يُمْنَعْ مِن الصرْفِ، سواءٌ كانَ مُحَرَّكَ الوسَطِ كـ(شَتَرَ) اسمِ قَلعةٍ، أوْ ساكنَهُ كـ(نُوحٍ) و(لُوطٍ). قالَ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}. وقالَ تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}. فـ(الواوُ) عاطفةٌ، وَ(إِسْمَاعِيلَ): مَعطوفٌ على اسمٍ منصوبٍ قبلَهُ، والمعطوفُ على المنصوبِ منصوبٌ، وعَلامةُ نَصْبِهِ الفتحةُ.
وهذا معنى قولِهِ: (والعَجَمِيُّ الوضْعِ والتعريفِ، إلخ)؛ أيْ: أنَّ الاسمَ العَجميَّ في وَضْعِهِ وتَعريفِهِ، (معَ زَيْدٍ على الثلاثِ)؛ أيْ: معَ زِيادةٍ على ثلاثةِ أحْرُفٍ. وقولُهُ: (زَيْدٍ) مَصدرُ: زادَ يُقالُ: زادَ يَزِيدُ زَيْداً. (صَرْفُهُ امْتَنَعْ): مُبتدأٌ وخبرٌ، والجملةُ خبرُ المبتدأِ الأوَّلِ (والعَجَمِيُّ).

5- العَلَمِيَّةُ ووَزْنُ الفعْلِ
668- كَذَاكَ ذُو وَزْنٍ يَخُصُّ الْفِعْلا = أوْ غَالِبٍ كَأحْمَدٍ وَيَعَلَى
الخامسُ مِنْ أسبابِ الْمَنْعِ معَ التعريفِ: العَلَمِيَّةُ ووَزْنُ الفعْلِ. والمرادُ بوَزْنِ الفعْلِ أنْ يكونَ الاسمُ على وَزْنٍ مُخْتَصٍّ بالفعْلِ أوْ غالِبٍ فيهِ.
فالأوَّلُ كصِيغةِ: فَعَّلَ وفُعِلَ، فهما مُخْتَصَّانِ بالفعْلِ لا يُوجدانِ في غيرِهِ إلاَّ نُدُوراً. فما جاءَ مِن الأسماءِ على هذا الوزْنِ مُنِعَ مِن الصرْفِ؛ مِثلُ: شَمَّرَ (عَلَمِ فَرَسٍ)، ودُئِلَ (علَمِ قَبيلةٍ)، و(خَضَّمَ) اسمِ مَوْضِعٍ.
والثاني: أنْ يكونَ الوزْنُ يُوجَدُ في الفعْلِ كثيراً، أوْ يكونَ فيهِ زيادةٌ تَدُلُّ على معنًى في الفعْلِ ولا تَدُلُّ على معنًى في الاسمِ. فمِثالُ الأوَّلِ: صيغةُ (إِفْعِلَ)؛ نحوُ: إِثْمِدَ، وهوَ الكُحْلُ، وصِيغةُ (أُفْعُلَ)؛ نحوُ: أُبْلُمَ، نوعٌ مِن البَقْلِ، وكصيغةِ (إِفْعَلَ)؛ نحوُ: (إِصْبَعَ). فإذا سُمِّيَ بعَلَمٍ منقولٍ مِنْ هذهِ الصِّيَغِ وَجَبَ منْعُهُ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ ووَزْنِ الفعْلِ؛ لأنَّ هذهِ الصِّيَغَ تَكْثُرُ في فعْلِ الأمْرِ المأخوذِ مِنْ فعْلٍ ثُلاثيٍّ.
وأمَّا الثَّانِي، وهوَ ما فيهِ زيادةٌ تَدُلُّ على معنًى في الفعْلِ، ولا تَدُلُّ على معنًى في الاسمِ، فمِثلُ: أَحْمَدَ، ويَزِيدَ؛ فإنَّ كُلاًّ مِن الهمزةِ والياءِ يَدُلُّ على معنًى في الفعْلِ، وهوَ التكَلُّمُ؛ نحوُ: أَفْهَمُ، والغَيْبَةُ نحو: يَبِيعُ، ولا يَدُلُّ على معنًى في الاسمِ، فيكونُ هذا الوزْنُ أَلْيَقَ بالفعْلِ.
فما جاءَ مِن الأسماءِ على هذا الوزْنِ كانَ أقْرَبَ إلى الفعْلِ، فيُمْنَعُ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ ووزْنِ الفعْلِ. قالَ تعالى: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}. فـ (أَحْمَدُ): خبرُ المبتدأِ ممنوعٌ مِن الصرْفِ؛ للعَلَمِيَّةِ ووزْنِ الفعلِ. وقالَ تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً}. فقدْ قرأَ الجمهورُ: (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ) بغيرِ تنوينٍ، فإنْ كَانَا عَرَبِيَّيْنِ فمَنْعُ الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ ووزْنِ الفعْلِ، وإنْ كانا أَعْجَمِيَّيْنِ فللْعُجْمَةِ والعَلَمِيَّةِ.
فإنْ كانَ العلَمُ على وزْنٍ غيرِ مُخْتَصٍّ بالفعْلِ ولا غالِبٍ فيهِ، بلْ هوَ مشترَكٌ بينَ الأسماءِ والأفعالِ على السواءِ، لم يُمْنَعْ مِن الصرْفِ، فتقولُ فيمَن اسْمُهُ ضَرَبٌ: هذا ضَرَبٌ، ورَأَيْتُ ضَرَباً، ومَررتُ بِضَرَبٍ؛ لأنَّ هذا الوزنَ يُوجَدُ في الاسمِ كـ(شَجَرٍ)، وفي الفعْلِ كـ(كَتَبَ).
وفي هذا يقولُ ابنُ مالكٍ: (كذاكَ ذُو وَزْنٍ يَخُصُّ الْفِعْلا.. إلخ)؛ أيْ: كذلكَ يُمْنَعُ الاسمُ مِن الصرْفِ إنْ كانَ عَلَماً على وزْنٍ يَخْتَصُّ بالفعْلِ، أوْ يَغْلِبُ في الفعْلِ. فالْمُخْتَصُّ كـ(يَعْلَى) عَلَماً، والغالِبُ كـ(أَحْمَدَ)، وهوَ عَلَمٌ منقولٌ مِن الفعْلِ المضارِعِ للمُتَكَلِّمِ، أوْ مِنْ أَفْعَلِ التفضيلِ.

6- العَلَمِيَّةُ وألِفُ الإلحاقِ المقصورةُ
669- وَمَا يَصِيرُ عَلَماً مِنْ ذِي أَلِفْ = زِيدَتْ لإِلْحَاقٍ فَلَيْسَ يَنْصَرِفْ
السادسُ مِنْ أسبابِ الْمَنْعِ: العَلَمِيَّةُ وألِفُ الإلحاقِ المقصورةُ. والإلحاقُ: زيادةُ حرْفٍ على أصولِ الكلمةِ لا لغَرَضٍ مَعنوِيٍّ، بلْ لِتُوزَنَ بها كلمةٌ أخرى، لِتَخْضَعَ لبعضِ الأحكامِ اللُّغَوِيَّةِ التي يَخضعُ لها ذلكَ الاسمُ الآخَرُ.
ومِنْ هذهِ الأحكامِ: الصَّرْفُ وعَدَمُهُ، ومِنْ أَمْثِلَتِها: (عَلْقَى) علَمٌ لنَبْتٍ، و(أَرْطَى) علَمٌ لشَجَرٍ، وهما مُلحَقَانِ بجَعْفَرٍ، فيُمنعانِ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ وألِفِ الإلحاقِ المقصورةِ، فتَقولُ فيهما علَمَيْنِ: هذا عَلْقَى، ورَأَيْتُ عَلْقَى، ومَرَرْتُ بِعَلْقَى. فإنْ لم يُجْعَلْ علَماً صُرِفَ.
وهم يُعَلِّلُونَ الْمَنْعَ بأنَّ ألِفَ الإلحاقِ تَجْعَلُ الاسمَ على وزْنِ (فَعْلَى)، فَتُشْبِهُ ألِفُ الإلحاقِ في زِيادتِها ألِفَ التأنيثِ المقصورةَ، والتي هيَ مِنْ أسبابِ الْمَنْعِ مِن الصرْفِ، ولم تَسْتَقِلَّ ألِفُ الإلحاقِ بالمنْعِ كألِفِ التأنيثِ؛ لأنَّ المُلْحَقَ بغيرِهِ أَحَطُّ رُتبةً منهُ. والْحَقُّ أنَّ العِلَّةَ في ذلكَ السَّمَاعُ عن العرَبِ، ولا يَبْعُدُ أنْ تكونَ هذهِ الأسماءُ جُزءاً ممَّا لَحِقَتْهُ ألِفُ التأنيثِ المقصورةُ.
يقولُ ابنُ مالِكٍ: (مَا يَصِيرُ عَلَماً مِنْ ذِي أَلِفْ.. إلخ)؛ أيْ: لا يَنْصَرِفُ الاسمُ إذا صارَ عَلَماً فيهِ ألِفٌ زائدةٌ مَقصورةٌ للإلحاقِ.

العَلَمِيَّةُ والعَدْلُ
670- وَالْعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ إنْ عُدِلا = كَفُعَلِ التَّوْكِيدِ أوْ كَثُعَلا
671 - وَالْعَدْلُ وَالتَّعْرِيفُ مَانِعاً سَحَرْ = إذَا بِهِ التَّعْيِينُ قَصْداً يُعْتَبَرْ
السابعُ مِنْ أسبابِ الْمَنْعِ: العَلَمِيَّةُ والعَدْلُ. وذلكَ في أربعةِ مَواضِعَ:
الأوَّلُ: ما كانَ على وَزْنِ (فُعَلَ) مِنْ ألفاظِ التوكيدِ المعنويِّ، وهيَ أربعةُ ألفاظٍ: (جُمَعُ، وكُتَعُ، وبُصَعُ، وبُتَعُ)؛ نحوُ: احتَفَيْتُ بالأخواتِ كُلِّهِنَّ جُمَعَ. فـ(جُمَعَ): توكيدٌ لكلمةِ (الأخواتِ) مجرورٌ بالفتحةِ نِيابةً عن الكسرةِ؛ لأنَّهُ ممنوعٌ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ ووَزْنِ (فُعَلَ).
الثاني: ما كانَ على وزْنِ (فُعَلَ) أيضاً علَماً لمذكَّرٍ؛ إذْ سُمِعَ مَمْنُوعَ الصرْفِ؛ مِثلُ: عُمرَ، مُضَرَ، هُذَلَ؛ نحوُ: فُتِحَتْ مِصْرُ في عهْدِ عمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ. فـ(عُمَرَ): مضافٌ إليهِ مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّهِ الفتحةُ؛ لأنَّهُ ممنوعٌ مِن الصرْفِ للعَلَمِيَّةِ ووَزْنِ (فُعَلَ).
الثالثُ: لفْظُ (سَحَرَ)، وهوَ بفَتْحَتَيْنِ، قُبيلَ الصُّبْحِ، فيُمْنَعُ مِن الصرْفِ بثلاثةِ شُروطٍ:
1- أنْ يكونَ ظَرْفَ زمانٍ.
2- أنْ يُرادَ بهِ سَحَرُ يومٍ مُعَيَّنٍ.
3- أنْ يَتَجَرَّدَ مِنْ (أَلْ) والإضافةِ.
مثالُ ذلكَ: قَدِمْتُ يومَ الْجُمُعَةِ سَحَرَ. فـ(سَحَرَ): ظرْفُ زمانٍ منصوبٌ على الظرفيَّةِ ممنوعٌ مِن التنوينِ للعَلَمِيَّةِ والعدْلِ سَمَاعاً في هذهِ الكلمةِ المنصوبةِ.
فإنْ لم يَكُنْ ظَرْفَ زمانٍ بأنْ كانَ اسْماً دالاًّ على الوقتِ بلا ظَرفيَّةِ شيءٍ وقَعَ فيهِ وَجَبَ تعريفُهُ بـ(أَلْ) أو الإضافةِ إذا قُصِدَ التعيينُ؛ نحوُ: السَّحَرُ مِن الأوقاتِ الفاضلةِ، فلا تُرَخِّصْهُ بالغفلةِ وتَقْضِي سَحَرَكَ نائماً.
وإنْ كانَ ظَرْفاً لكنَّهُ لا يَدُلُّ على سَحَرِ يومٍ مُعَيَّنٍ وَجَبَ صَرْفُهُ؛ كقولِهِ تعالى: {إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ}. فـ(سَحَرٍ): اسمٌ مجرورٌ بالكسرةِ معَ التنوينِ، وإنَّما صُرِفَ لأنَّهُ نَكِرَةٌ لا يَدُلُّ على سَحَرٍ مُعَيَّنٍ.
وإنْ كانَ ظَرْفاً مُعَيَّناً لكنَّهُ غيرُ مُجَرَّدٍ مِنْ (أَلْ) أو الإضافةِ وَجَبَ صَرْفُهُ كذلكَ؛ نحوُ: سَأُذَاكِرُ التفسيرَ يومَ السبتِ مِن السَّحَرِ إلى العصْرِ، والفقهَ يومَ الأحَدِ في سَحَرِهِ.
وفي هذهِ المواضِعِ الثلاثةِ يقولُ ابنُ مالِكٍ: (والعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ إنْ عُدِلا.. إلخ)؛ أي: امْنَعْ صَرْفَ العلَمِ إذا كانَ مَعدولاً عنْ كلمةٍ أُخرى. ثمَّ ذَكَرَ الأوَّلَ، وهوَ (فُعَلُ) في التوكيدِ، والثاني: ثُعَلُ (علَمُ رَجُلٍ)، والألِفُ زائدةٌ للشِّعْرِ. ثمَّ ذَكَرَ أنَّ العَدْلَ والتعريفَ يَمنعانِ معاً كلمةَ (سَحَرَ) مِن الصرْفِ إذا قُصِدَ بهِ سَحَرُ يومٍ بعَيْنِهِ، وهذا الْمَوْضِعُ الثالثُ. وتَرَكَ بَقيَّةَ الشروطِ.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
4, العلم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir