دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #4  
قديم 27 ربيع الأول 1441هـ/24-11-2019م, 10:10 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج
المجموعة الثانية:

( 1 )
قول مجاهد: ( وأيّدناه بروح القدس) : القدس هو الله.
وردت أقوال عن السلف بأن المراد ب( روح القدس) هو جبريل عليه السلام، وقد ثبت ذلك بالأدلة من القرآن وصحيح السنة، وقد تنوعت أقوال السلف في المراد ب ( القدس)، وهى:

القول الأول: المطهر، وقيل: الطهر، روي عن ابن عباس.
رواه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن سعد عن آبائه، وهذا إسناد ضعيف.

القول الثاني: البركة، روي عن السدي.
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عمرو بن حماد عن أسباط عن السدي.
وطريق أسباط ضعيف وليس بحجة.

القول الثالث: ( الله) ومن المفسرين من عبر بلفظ ( الرب).
قاله كعب، ومجاهد، والربيع بن أنس، وهو مروي عن أبي جعفر، وابن زيد.
أما قول كعب فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن كعب قال: الله القدس.

أما قول ابن زيد فرواه يونس عن ابن وهب عن ابن زيد، قال: القدس: الله.
وقد احتج ابن زيد في هذا بقول كعب: ( الله: القدس)، وقرأ قول الله تعالى: (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس)، قال: القدس والقدوس، واحد.

أما قول مجاهد فرواه عبد الله بن وهب عن الحارث عن غالب بن عبيد الله عن مجاهد قال: القدس هو الله، وبمثله رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي حذيفة عن شبل عن ابن أبي نجيح عنه به.
وغالب بن عبيد الله وابن أبي نجيح من أصحاب مجاهد يرويان عنه إلا أن غالب من طبقة الضعفاء، وابن أبي نجيح ثقة.

أما قول الربيع بن أنس فرواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي عن عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس قال: القدس هو الرب تبارك وتعالى.

وأما ما روي عن أبي جعفر، فرواه ابن جرير عن عمار عن ابن أبي جعفر عن أبيه قال: القدس: هو الرب. وهذا إسناد منقطع، وقد قال ابن جرير ( حُدثت) ولم يذكر الرواي الذي بينه وبين عمار.

فلما ثبت أن روح القدس هو جبريل عليه السلام، فإن وصف جبريل بالروح تكلم فيه العلماء فقالوا أن تسمية جبريل بالروح لأنه كان بتكوين الله له روحا من عنده من غير ولادة والد له، فسماه روحا، لما لم تتضمنه أصلاب الفحولة ولا اشتملته أرحام الطوامث، وإضافته إلى القدس يُحمل على وجهين، فالقدس لغة الطهارة، والطهر، فإضافة الروح إلى القدس للدلالة على طهر تلك الروح فهى بتكوين الله،
وكما أن من أسماء الله القدوس وهو صيغة مبالغة من (القدس)،فيحتمل إضافة الروح إلى القدس على هذا القول من باب إضافة الملك إلى المالك، نحو(عباد الله)، و(أرض الله) من باب إضافة الخالق إلى المخلوق، وقد ذكر ابن كثير أن القرطبي حكى عن مجاهد والحسن أنهما قالا: القدس: هو الله تعالى، ، وروحه : جبريل.

والله تعالى أعلم.


( 2 ) قول الحسن البصري: (أكالون للسحت) : أكالون للرشى).

تنوعت أقوال السلف في المراد ب( السحت) في قول الله تعالى: ( أكالون للسحت)، وممن ورد عنهم أقوالا في المسألة: عمر، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، ومسروق، والضحاك وإبراهيم النخعي، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وابن زيد، وابن هبيرة وغيرهم.

أما قول عمر
فرواه ابن جرير عن أبي السائب عن أبي معاوية عن الأعمش عن خثيمة عن عمر قال: بابان من السحت : الرشا ومهر الزانية.

أما قول علي بن أبي طالب فرواه ابن جرير عن هناد عن ابن مطيع عن حماد بن سلمة عن عطاء الخراساني عن ضمرة عن علي أنه قال: في كسب الحجام ومهر البغيّ، وثمن الكلب، والاستجْعَال في القضية، وحلوان الكاهن، وعسب الفحل، والرشوة في الحكم، وثمن الخمر، وثمن الميتة: من السحت.

أما قول ابن مسعود

فرواه سعيد بن منصور عن سعيد عن حماد بن يحيى الأبح عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال: الرشوة في الحكم كفر، وهى بين الناس سحت.
ورواه سعيد بن منصور وابن جرير من طرق عن سالم بن أبي الجعد عن مسروق عنه.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن سفيان عن عاصم عن زر عنه.

ورواه ابن جرير عن القاسم عن الحسين عن هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل عن علقمة عنه.
ورواه ابن جرير من طرق عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن ابن مسعود قال: الرشوة.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن مسروق عنه.
ورواه ابن جرير عن سفيان بن وكيع وواصل بن عبد الأعلى قالا حدثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن سالم بن أبي الجعد قال: قيل لعبد الله: ما السحت؟ قال: الرشوة. قالوا: في الحكم؟ قال: ذاك الكفر.

وهذا الإسناد فيه سقوط للرواي بين سالم بن أبي الجعد وابن مسعود، ولكن ما ورد من أدلة أخرى عن ابن مسعود تصح بها نسبة القول إليه، فمسروق، وعلقمة، وزر بن حبيش، وأبو الأحوص ممن يروي عن ابن مسعود ثقات رواياتهم عنه مقبولة فيستغنى برواياتهم عن الروايات الضعيفة.


أما قول ابن عباس فقد روى سعيد بن منصور عن سعيد عن إسماعيل بن عياش عن حبيب بن صالح عن ابن عباس قال: الرّشوة في الحكم سحت، ومهر البغيّ، وثمن الكلب، وثمن القرد، وثمن الخنزير، وثمن الخمر، وثمن الميتة، وثمن الدّم، وعسب الفحل، وأجر النّائحة والمغنّية، وأجر الكاهن، (وأجر الساحر)، وأجر القائف، وثمن جلود السّباع، وثمن جلود الميتة، فإذا دبغت فلا بأس بها، وأجر صور التّماثيل، وهديّة الشّفاعة، (وجعيلة الغرق).

ورواه ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن أحمد الدّشتكيّ عن أبيه عن أبيه عن إبراهيم الصّائغ عن يزيد النّحويّ عن عكرمة أن ابن عباس قال: أن الرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: رشوة الحكّام حرامٌ، وهي السّحت الّذي ذكر اللّه في كتابه.
رواه ابن جرير عن محمد بن سعد عن أبيه عن عمه عن ابيه عن أبيه عنه، وهذا إسناد ضعيف.

أما قول أبي هريرة فرواه ابن جرير من طريق وكيع عن طلحة عن أبي هريرة قال: مهر البغي سحت، وعسب الفحل سحت، وكسب الحجام سحت، وثمن الكلب سحت.
ورواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن منصور المروزي عن النضر بن شهيل عن حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن مهر البغ وثمن الكلب والسنور وكسب الحجام من السحت.

أما قول عبد الله بن عمر فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الموال، عن عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كُلُّ لحم أنبَته السُّحت فالنار أولى به. قيل: يا رسول الله، وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم.،
والحديث صححه الألباني كما جاء في الترمذي


أما قول مسروق
فرواه سعيد بن منصور وابن أبي حاتم من طريق خلف بن خليفة عن منصور بن زاذان عن الحكم عن أبي وائل عن مسروق قال: إذا قبل القاضي الهديّة أكل السّحت، وإذا قبل الرّشوة بلغت به الكفر.

أما قول مجاهد فرواه ابن جرير عن محمد بن عمرو عن أبي عاصم عن عيسى عن ابن نجيح عن مجاهد قال: الرشوة في الحكم وهم يهود.
ورواه ابن أبي حاتم وعبد الرحمن بن الحسن الهمذاني من طريق ورقاء عن ابن نجيح عنه.
وابن أبي نجيح ثقة يروي عن مجاهد.

فأما قول الحسن فرواه عبد الله بن وهب عن أشهل عن قرة بن خالد عن الحسن قال: أكالون الرشى.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن أبي عقيل عن الحسن قال: تلك الحكام سمعوا كذبة وأكلوة رشوة، وعند ابن أبي حاتم بلفظ قريب.
وقرة بن خالد ثقة يروي عن الحسن.

أما قول قتادة فرواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: الرشا.
ورواه ابن جرير عن بشر بن معاذ عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عنه قال: يقبلون الرشى.
ورواه ابن جرير عن الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر عنه.

أما قول زيد فرواه ابن وهب عن ابن زيد عن أبيه قال: السحت الحرام كله والرشوة من السحت.
ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن ابن زيد قال: الرشوة في الحكم.

أما قول إبراهيم فرواه ابن جرير عن سفيان عن أبيه عن سفيان عن منصور عنه.
أما قول الضحاك فرواه ابن جرير عن ابن وكيع عن أبي خالد الأحمر عن جويبر عنه.
أما قول السدي
فرواه ابن جرير عن محمد بن الحسين عن أحمد بن المفضل عن أسباط عنه.
أما قول أنس بن مالك فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن الحكم بن عبد الله عن أنس بن مالك أنه قال له:
إذا انقلبت إلى أبيك فقل له: إيّاك والرّشوة فإنّها سحتٌ.
( وأبو الحكم بن عبد الله كان على شرط المدينة).
أما قول ابن هبيرة السبائي
رواه ابن جرير عن هناد عن ابن فضيل عن يحيى بن سعيد عن عبد الله عنه.

خلاصة المسألة:
وحاصل الأقوال أن السحت هو كل مال أو كسب لا يحل، أو أُخذ بلا استحقاق، والأقوال التي وردت عن السلف من باب التفسير بالمثال، فمنهم من نص على أن السحت: الرشوة، ومنهم من قال أنه: الرشوة في الحكم، ومن قال: الرشوة في الدين، وأكل أموال الناس بالباطل، وغيرها مما لا يحل أخذه من مال، أو كان كسبا من حرام، ليشمل السحت الرشوة وغيرها فلا يقتصر على المال فقط، وهذه الأقوال جاءت عن جماعة من الصحابة والتابعين.

وأما تسمية المال الحرام سحتا، فالسحت لغة : يقال سحت الشيء إذا استؤصل، ويقال سحت الله الكافر بعذاب إذا استأصله، ويقال المال السحت: كل حرام يلزم آكله العار، وسمي سحتا لأنه لا بقاء له، وقال ابن جرير أن أصل السحت كَلَبُ الجوع، فيقال فلان مسحوت المعدة إذا كان لا يرى إلا جائعا، والرشوة يقال لها السحت، تشبيها بذلك لأن المسترشي شره لما يأخذه،كحال مسحوت المعدة وشراهته للطعام.
وقد صح عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة : يا كعب بن عجرة (إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به).رواه أحمد.
وجاء في معرض القوال الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به) قيل: يا رسول الله، وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم.

وروى ابن أبي حاتم عن يونس بن عبد الأعلى عن سفيان بن عيينة عن هارون بن زياب عن كنانة بن نعيمٍ عن قبيصة بن مخارقٍ أنّه تحمّل بحمالةٍ فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: نؤدّيها عنك ونخرجها من نعم الصّدقة أو إبل الصّدقة، فقال :
يا قبيصة، إنّ المسألة قد حرّمت إلا في ثلاثٍ: رجلٌ تحمّل بحمالةٍ فحلّت له المسألة حتّى يؤدّيها ثمّ يمسك، ورجلٌ أصابته حاجة فاجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتّى يصب قوامًا من عيشٍ أو سدادًا من عيشٍ ثمّ يمسك، وما سوى ذلك من المسألة فهو سحتٌ.


ويعضد القول بأن المراد بالسحت هنا الرشوة دون غيرها مما ذكر، السياق الذي يصف حال اليهود وتعاملهم بالرشى واستمراء أكل أموال الناس بالباطل.

( 3 )
قول عكرمة في تفسير قول الله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها).

جاء في قول الله تعالى : {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قولان في معنى (والأرحام):

القول الأول: الرجل يسأل بالله وبالرحم.
قاله إبراهيم النخعي، ومجاهد، والحسن فيما ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية وابن كثير وابن الجوزي والماوردي.

أما قول إبراهيم فرواه سفيان وابن جرير من طرق عن منصور عنه.
ورواه ابن جرير من طرق عن هشيم عن مغيرة عنه.
ورواه ابن جرير عن المثنى عن الحماني عن شريك عن منصور أو مغيرة عنه.
وأما قول مجاهد فرواه سفيان وابن أبي جرير من طريق ابن أبي نجيح عنه.
وأما قول الحسن فرواه ابن جرير عن المثنى عن سويد عن ابن المبارك عن معمر عنه.


القول الثاني: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فاتقوا الله فيها وصلوها كما أمر.
قاله ابن عباس، والضحاك، ومجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والسدي والربيع بن أنس وابن زيد، فيما ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم وابن كثير وابن عطية وابن الجوزي والماوردي.


أما قول ابن عباس فرواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: اتقوا الله في الأرحام فصلوها.
ورواه ابن جرير عن المثنى عن إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي حماد أن ابن عباس كان يقرأ: ( والأرحام) يقول : اتقوا الله لا تقطعوها، وبنحوه رواه ابن جرير عن أبي جعفر الخزاز عن جويبر عن الضحاك أن ابن عباس قال به.
ورواه ابن جرير عن القاسم عن الحسين عن حجاج عن ابن جريج عن ابن عباس قال: اتقوا الأرحام.

ورواه الحاكم في مستدركه عن أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني عن إسحاق بن إبراهيم بن عباد عن عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، { واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام} قال: إنّ الرّحم لتقطع، وإنّ النّعمة لتكفر، وإنّ اللّه إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيءٌ أبدًا ثمّ قرأ {لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما ألّفت بين قلوبهم} قال: وقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «الرّحم شجنةٌ من الرّحمن، وإنّها تجيء يوم القيامة تتكلّم بلسانٍ طلقٍ ذلقٍ فمن أشارت إليه بوصلٍ، وصله اللّه، ومن أشارت إليه بقطعٍ قطعه اللّه».
وقال الحاكم هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه بهذه السّياقة
").

أما المروي عن الضحاك فرواه ابن جرير عن المثنى عن إسحاق عن أبي زهير عن جويبر عنه به، وقال ابن أبي حاتم أنه رُوي عن الضحاك أنه قال: لا تقطعوها.

أما قول مجاهد فرواه ابن جرير من طريق شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وابن أبي نجيح ثقة يكثر من الرواية عن مجاهد، وشبل من تلاميذ ابن أبي نجيح ويروي عنه.

أما قول عكرمة فرواه سفيان وابن جرير من طريق خصيف عن عكرمة: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وخصيف من أهل الصلاح والصدق وقد يكون في روايته ضعف أو اضطراب إلا أنها معتبرة في التفسير إذا سلمت من النكارة والمخالفة.

أما ما رواه الحسن فرواه عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عنه.
ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن هشيم عن منصور عن الحسن قال: واتقوه في الأرحام.
ومعمر ثقة، روى عن الحسن في التفسير مرويات كثيرة جدا، قد قال ابن أبي حاتم أنه لم يسمع من الحسن وبينهما رجل ويقال أنه عمرو بن عبيد.
ومنصور ثقة مكثر في النقل عن الحسن وروايته مقبولة.

أما قول قتادة فرواه عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عن قتادة قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله وصلوا الأرحام.
فرواه ابن جرير من طريق يزيد عن سعيد عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
اتّقوا اللّه وصلوا الأرحام، فإنّه أبقى لكم في الدّنيا، وخيرٌ لكم في الآخرة.
ومعمر وسعيد من أشهر من يروي عن قتادة، وهذا الذي قاله قتادة مرسلا.

أما قول السدي فرواه ابن جرير عن محمد بن الحسين عن أحمد بن المفضل عن أسباط عنه.
وأسباط هو رواي لكتاب تفسير السدي فيقبل منه باعتباره ناقل.
أما قول الربيع فرواه ابن جرير من طريق ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع.
أما قول ابن زيد فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عنه.

توجيه الأقوال:
أما القول الأول وهو : الرجل يسأل بالله وبالرحم.
وقد قرأ بخفض الميم في (الأرحام) الحسن وقتادة والأعمش وحمزة، عطفا على (به)، والمعنى: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامِ، وبهذا فسرها مجاهد والحسن وإبراهيم النخعي.
وهذا المعنى خطّأه ابن جرير والزجاج وابن عطية وغيرهم من جهات:
فمن جهة العربية: فإن خفض (الأرحام) عطفا على ضمير غير فصيح من كلام العرب، بل هو من المستقبح الردئ، وإن كان جائزا في الشعر للضرورة، وقال أبو علي: (هو ضعيف في القياس، قليل في الاستعمال، فترك الأخذ به أحسن).
ومن جهة الدين: وهو عدم جواز الحلف بغير الله، واستدل الزجاج بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تحلفوا بآبائكم)، وذهب الفراء إلى نحوه، فيما ذكره ابن الجوزي في تفسيره.
واستدل ابن عطية بالحديث الصحيح: ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)، ومن ذلك يُردُ تقرير التساؤل بها.
وعلل ابن الأنباري قراءة حمزة أنه أراد الخبر عن الأمر القديم الواقع في الجاهلية من الحلف بالأرحام، وقال ابن عطية أنه لا فائدة في ذكر أن الأرحام يُتساءل بها فهذا نقص من فصاحة الكلام، فلابد أن تُذكر ( الأرحام) لفائدة مستقلة أكثر من الإخبار عن كونها مما يُتساءل به.
وقال البعض أن الأرحام مخفوضة من قبيل قسم الله بها،
والمقسم عليه قوله تعالى: ( إن الله كن عليكم رقيبا) ، وقال ابن عطية: وهذا الكام يأباه نظم الكلام وسرده وإن كان المعنى يخرجه).


أما القول الثاني وهو: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فاتقوا الله فيها وصلوها كما أمر.
وهو المعنى الأولى في الآية، وقد قرأ الجمهور على نصب الميم في (الأرحام)، وقال ابن عطية أن النصب كونه مفعولا لفعل تقديره ( واتقوا).
ودلالة صحة هذا القول:
أولا صحة الأقوال الواردة عن السلف وثبوتها عنهم:
فقد ورد عن ابن عباس فيما ذكره الحاكم قولا تثبت صحته ما جعل ما روي عنه من رويات أخرى مقبولا لاتفاقه في المعنى، وبنحو هذا القول قال عدد من السلف على تنوع الألفاظ، وقد نقل الثقات من الرواة أقوالهم، وقد بينت ذلك في معرض تخريج الأقوال.

ثانيا من جهة اللغة والإعراب:
فقد قال ابن جرير أن (الأرحام) تكون على هذا التفسير منصوبة والمعنى: اتقوا الأرحام أن تقطعوها، بخلاف الخفض الذي سبق وبينت رده من المفسرين وأهل اللغة.

ثالثا من جهة السياق:
فقد علل الماوردي ترجيح هذا القول بالاستدلال بالسياق فقال: (لأن الله قصد بأول السورة حين أخبرهم أنهم من نفس واحدة أن يتواصلوا ويعلموا أنهم إخوة إن بعدوا).


والأمر بصلة الرحم وتحريم قطعها جاءت به الأدلة من القرآن والسنة، ومن ذلك:

قول الله تعالى: (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) ، قال ابن جرير: (والذي رَغب اللهُ في وَصْله وذمّ على قطعه في هذه الآية: الرحم)، وهذه الآية جاءت في وصف المنافقين الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، وهذا على وجه الذم فكل ما أمر الله به يؤتى بحسبه إما واجبا وإما مستحبا، وقد قرن قطع الرحم مع الإفساد في الأرض كما قال تعالى: ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأض وتقطعوا أرحامكم)، وهذا على وجه الذم لمن قطع الرحم.
وجاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الرحم شَجْنَة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، وم قطعك قطعته) رواه البخاري في صحيحه.

ما ذكره عبد الله بن سلام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ).
أخرجه الحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

الحمد لله رب العالمين


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:54 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir