دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > المتابعة الذاتية في برنامج الإعداد العلمي > منتدى المستوى الرابع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 جمادى الأولى 1442هـ/30-12-2020م, 01:56 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الرابع: مجلس مذاكرة القسم الثامن من كتاب التوحيد

مجلس مذاكرة القسم الثامن من كتاب التوحيد

اختر باباً من الأبواب التالية وفهرس مسائله العلمية:
- باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أرباباً من دون الله
- باب قول الله تعالى: {ألم ترإلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك}
- باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات
- باب قول الله تعالى: {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون}
- باب قول الله تعالى: {فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون}
- باب ما جاء فيمن لم يقنع بالحلف بالله
- باب قول ما شاء الله وشئت
- باب من سب الدهر فقد آذى الله
- باب التسمي بقاضي القضاة ونحوه
- باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل ذلك


تعليمات:
1. يسجّل الطالب اختياره للدرس قبل الشروع في التلخيص.
2. يمنع تكرار الاختيار.

- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم السبت القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: الشمول [ اشتمال التلخيص على مسائل الدرس]
2: الترتيب. [ حسن ترتيب العناصر والمسائل]
3: التحرير العلمي.
[بأن تكون الكلام في تلخيص المسألة محرراً وافياً بالمطلوب]
4: الصياغة اللغوية. [ أن يكون الملخص سالماً من الأخطاء اللغوية والإملائية وركاكة العبارات وضعف الإنشاء]
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.




_________________


وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 ربيع الأول 1443هـ/22-10-2021م, 11:50 PM
عبدالرحمن محمد عبدالرحمن عبدالرحمن محمد عبدالرحمن غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 368
افتراضي

بَابُ مَنْ سَبَّ الدَّهْرَ فَقَدْ آذَى اللهَ
مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد
أن المشركين ومن صار على نهجهم، إذا جرتْ تصاريفُ الدَّهرِ على خلافِ مرادِهم جعلوا يَسُبُّون الدهرَ والوقتَ، وربَّما لَعَنوه، والدَّهرَ ليسَ عِنْدَه مِن الأمرِ شيءٌ، فإنَّه مُدَبَّرٌ مُصَرَّفٌ ، والتَّصاريفُ الواقِعَةُ فيه تدبيرُ من الله العزيزِ الحكيمِ، فيَقَعُ العيبُ والسبُّ على مُدَبِّرِه.
لذا كان سب الدهر من الألفاظظ التي لا تجوز، والتخلص منها واجب، واستعمالها منافٍ لكمال التوحيد.

معني قول المؤلف رحمه الله: بَابُ مَنْ سَبَّ الدَّهْرَ فَقَدْ آذَى اللهَ
السبُّ:الشتمُ والتقبيحُ والذمُّ، وما أشبهَ ذلكَ.
الدهرُ: هوَ الزمانُ والوقتُ.

حكم سب الدهر


سبُّ الدهرِ ينقسمُ إلَى ثلاثةِ أقسامٍ:
الأولُ: أنْ يَقْصِدَ الخبرَ المحضَ دونَ اللومِ.
فهذا جائزٌ، مثلُ أنْ يقولَ: تعِبْنَا مِنْ شدَّةِ حرِّ هذا اليومِ، أوْ بردِهِ، وما أشبهَ ذلكَ؛ لأنَّ الأعمالَ بالنيَّاتِ، ومثلُ هذا اللفظِ صالحٌ لمجرَّدِ الخبرِ، ومنْهُ قولُ لوطٍ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: {هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ}.

الثاني: أنْ يَسُبَّ الدهرَ علَى أنَّهُ هوَ الفاعلُ.
كأنْ يعتقدَ بسبِّهِ الدهرَ أنَّ الدهرَ هوَ الذي يُقلِّبُ الأمورَ إلَى الخيرِ والشرِّ، فهذا شركٌ أكبرُ؛ لأنَّهُ اعتقدَ أنَّ معَ اللَّهِ خالقًا؛ لأنَّهُ نسَبَ الحوادثَ إلَى غيرِ اللَّهِ، وكلُّ مَن اعتقدَ أنَّ معَ اللَّهِ خالقًا فهوَ كافرٌ.

الثالثُ: أنْ يَسُبَّ الدهرَ لا لاعتقادِ أنَّهُ هوَ الفاعلُ.
بلْ يعتقدُ أنَّ اللَّهَ هوَ الفاعلُ، لكنَّهُ يَسُبُّهُ لأنَّهُ مَحَلٌّ لهذا الأمرِ المكروهِ عندَهُ، فهذا محرَّمٌ ولا يصلُ إلَى درجةِ الشركِ.
وهوَ مِن السَّفَهِ في العقْلِ والضلالِ في الدينِ؛ لأنَّ حقيقةَ سبِّهِ تعودُ إلَى اللَّهِ سبحانَهُ؛ لأنَّ اللَّهَ تعالَى هوَ الذي يُصَرِّفُ الدهرَ، ويكونُ فيهِ ما أرادَ مِنْ خيرٍ أوْ شرٍّ، فليسَ الدهرُ فاعلًا، وليسَ هذا السبُّ بكفرٍ؛ لأنَّهُ لم يَسُبَّ اللَّهَ تعالَى مباشَرةً.

ألفاظ لا تعد مسبة للدهر

مثل: وصف السنين بالشدة، أو وصف اليوم بالسواد، ووصف الأشهر بالنحس ونحو ذلك؛ لأن هذا مقيّد، وقد ورد في القرآن نحو ذلك؛ كما في قوله جل وعلا: {في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي}، {في يوم نحس مستمر}.
والمقصود: في أيام نحساتٍ عليهم؛ فوصف الأيام بالنحس؛ لأنه جرى عليهم فيها ما فيه نحس عليهم.

مسالة:

أثبت الله تعالي الأذيَّةَ في القرآنِ، قالَ تعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}.
وفي الحديثِ القدسيِّ:((يُؤذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهرَ وَأَنَا الدَّهرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ)).
وفي نفس الوقت، نفَى عنْ نفسِهِ أنْ يضرَّهُ شيءٌ، قالَ تعالَى: {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} وفي الحديثِ القدسيِّ: ((يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ لَنْ تبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي))رواهُ مسلِمٌ، فكيف الجمع؟

الجواب: لا يلزمُ مِن الأذيَّةِ الضررُ، فالإنسانُ يتأذَّى بسماعِ القبيحِ أوْ مشاهدتِهِ، ولكنَّهُ لا يتضرَّرُ بذلكَ، ويتأذَى بالرائِحَةِ الكريهَةِ كالبَصَلِ والثُّومِ وَلا يَتَضَرَّرُ بذلِكَ، ولله المثل الأعلي، فالله عز وجل قد يؤذيه بعض أفعال عباده، ولكن لا يلحقه من ذلك ضرراً أبداً، سبحانه وتعالي عن ذلك علوا كبيرا.

شرح قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إنْ هُمْ إلاَّ يَظُنُّونَ} [الْجَاثِيَةُ:24].
تفسير الآية
قالَ العمادُ ابنُ كثيرٍ في تَفْسِيرِهِ: (يُخْبِرُ تَعَالَى عنْ دَهْرِيَّةِ الكُفَّارِ ومَنْ وَافَقَهُم منْ مُشْرِكِي العربِ في إنكارِ المَعادِ، {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} مَا ثَمَّ إلاَّ هذهِ الدَّارُ، يَمُوتُ قومٌ ويعيشُ آخرونَ، وما ثَمَّ مَعَادٌ ولا قِيَامَةٌ، وهذا يقولُهُ مُشْرِكُو العربِ المُنْكِرُونَ للمعادِ، وَيَقُولُهُ الفلاسفةُ الإلَهِيُّونَ منهم، وهم يُنْكِرُونَ البَدْأَةَ والرَّجْعَةَ.
قولُهُ: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} أيْ: ليسَ هلاكُنَا بأمرِ اللَّهِ وقَدَرِهِ، بلْ بطولِ السنين لمَنْ طالتْ مُدَّتُهُ، والأمراضُ والهمومُ والغمومُ لمنْ قَصُرَتْ مُدَّتُهُ، فالمُهْلِكُ لَهُم هوَ الدَّهرُ.
قولُهُ: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ}: {ما} نافيَةٌ، و{علم} مبتدأٌ خبرُهُ مُقَدَّمٌ {لهم} وأُكِّدَ بـ{مِنْ}، فيكونُ للعمومِ؛ أيْ: ما لهمْ علمٌ لا قليلٌ ولا كثيرٌ، بل العلمُ واليقينُ بخلافِ قولِهِمْ.
قولُهُ: {إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}: {إنْ} هنا نافيَةٌ لوقوعِ {إلَّا} بعدَها؛ أيْ: ما هُمْ إلَّا يَظُنُّونَ.
الظنُّ هنا بمعنَى الوهمِ، فليسَ ظنُّهمْ مبنيًّا علَى دليلٍ، بلْ هوَ مجرَّدُ وهمٍ لا حقيقةَ لَهُ، فلا حُجَّةَ لهم إطلاقًا، وفي هذا دليلٌ علَى أنَّ الظنَّ يُسْتَعْمَلُ بمعنَى الوهمِ، وأيضًا يُسْتَعْمَلُ بمعنَى العلمِ واليقينِ، كقولِهِ تعالَى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا رَبِّهِمْ}.
مناسبةُ الآيَةِ للبابِ
أنّ نسبة الأشياء إلى الدهر، من خصال المشركين، وأما الموحدين فينسبوا الأشياء إلى الله جل وعلا، ولا ينسبوا الإهلاك إلى الدهر، بل الله -جل وعلا- هو الذي يحيي ويميت.

وفِي (الصَّحِيحِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((قَالَ اللهُ تَعَالَى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ)).
وَفِي رِوَايَةٍ: ((لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ)).
معني الحديث
قالَ الشافعيُّ، وأبو عُبَيْدٍ وغيرُهُمَا من الأَئِمَّةِ في تفسيرِ قولِهِ: ((لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ)).
كانت العربُ في جَاهِلِيَّتِهَا إذا أَصَابَهُم شِدَّةٌ أوْ بلاءٌ أوْ مَلامَةٌ قالُوا: يا خَيْبَةَ الدهرِ، فَيُسْنِدُونَ تلكَ الأفعالَ إلى الدهرِ وَيَسُبُّونَهُ، وَإِنَّمَا فَاعِلُهَا هوَ اللهُ، فَكَأَنَّهُم إنَّمَا سَبُّوا اللهَ سبحانَهُ؛ لأنَّهُ فاعلُ ذلكَ في الحقيقةِ؛ فلهذا نُهِيَ عنْ سَبِّ الدهرِ بهذا الاعتبارِ؛ لأنَّ اللهَ هوَ الذي يَعْنُونَهُ ويُسْنِدُونَ إليهِ تلكَ الأفعالَ، هذا أَحْسَنُ ما قِيلَ في تفسيرِهِ، وهوَ المرادُ واللهُ أعلمُ.
- وفي هذا الحديثِ زيادةٌ لمْ يَذْكُرْهَا المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وهيَ قولُهُ: ((بِيَدِي الأَمْرُ)).
قولُهُ: (وفي روايَةٍ: ((لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ))).
ومعنَى هذهِ الروايَةِ هوَ ما صَرَّحَ بهِ في الحديثِ منْ قولِهِ: ((وَأَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ)) يَعْنِي: أنَّ ما يَجْرِي فيهِ منْ خَيْرٍ وشَرٍّ بإرادةِ اللهِ وَتَدْبِيرِهِ، بِعِلْمٍ منهُ تَعَالَى وَحِكْمَةٍ، لا يُشَارِكُهُ في ذلكَ غيرُهُ.
تنبيه:
وقدْ غَلِطَ ابنُ حَزْمٍ ومَنْ نَحَا نَحْوَهُ من الظاهريَّةِ في عَدِّهِم (الدَّهْرَ) من الأسماءِ الحُسْنَى؛ أَخْذًا مِنْ هذا الحديثِ).
وقدْ تَبَيَّنَ معني قوله:(أنا الدهر) في الحديثِ بقولِهِ: ((أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ))وَتَقْلِيبُهُ: تَصَرُّفُهُ تَعَالَى فيهِ بما يُحِبُّهُ الناسُ وَيَكْرَهُونَهُ.
ا

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 ربيع الأول 1443هـ/31-10-2021م, 02:32 PM
إدارة برنامج الإعداد العلمي إدارة برنامج الإعداد العلمي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2019
المشاركات: 2,037
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن محمد عبدالرحمن مشاهدة المشاركة
بَابُ مَنْ سَبَّ الدَّهْرَ فَقَدْ آذَى اللهَ
مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد
أن المشركين ومن صار على نهجهم، إذا جرتْ تصاريفُ الدَّهرِ على خلافِ مرادِهم جعلوا يَسُبُّون الدهرَ والوقتَ، وربَّما لَعَنوه، والدَّهرَ ليسَ عِنْدَه مِن الأمرِ شيءٌ، فإنَّه مُدَبَّرٌ مُصَرَّفٌ ، والتَّصاريفُ الواقِعَةُ فيه تدبيرُ من الله العزيزِ الحكيمِ، فيَقَعُ العيبُ والسبُّ على مُدَبِّرِه.
لذا كان سب الدهر من الألفاظظ التي لا تجوز، والتخلص منها واجب، واستعمالها منافٍ لكمال التوحيد.

معني قول المؤلف رحمه الله: بَابُ مَنْ سَبَّ الدَّهْرَ فَقَدْ آذَى اللهَ
السبُّ:الشتمُ والتقبيحُ والذمُّ، وما أشبهَ ذلكَ.
الدهرُ: هوَ الزمانُ والوقتُ.

حكم سب الدهر


سبُّ الدهرِ ينقسمُ إلَى ثلاثةِ أقسامٍ:
الأولُ: أنْ يَقْصِدَ الخبرَ المحضَ دونَ اللومِ.
فهذا جائزٌ، مثلُ أنْ يقولَ: تعِبْنَا مِنْ شدَّةِ حرِّ هذا اليومِ، أوْ بردِهِ، وما أشبهَ ذلكَ؛ لأنَّ الأعمالَ بالنيَّاتِ، ومثلُ هذا اللفظِ صالحٌ لمجرَّدِ الخبرِ، ومنْهُ قولُ لوطٍ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: {هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ}.

الثاني: أنْ يَسُبَّ الدهرَ علَى أنَّهُ هوَ الفاعلُ.
كأنْ يعتقدَ بسبِّهِ الدهرَ أنَّ الدهرَ هوَ الذي يُقلِّبُ الأمورَ إلَى الخيرِ والشرِّ، فهذا شركٌ أكبرُ؛ لأنَّهُ اعتقدَ أنَّ معَ اللَّهِ خالقًا؛ لأنَّهُ نسَبَ الحوادثَ إلَى غيرِ اللَّهِ، وكلُّ مَن اعتقدَ أنَّ معَ اللَّهِ خالقًا فهوَ كافرٌ.

الثالثُ: أنْ يَسُبَّ الدهرَ لا لاعتقادِ أنَّهُ هوَ الفاعلُ.
بلْ يعتقدُ أنَّ اللَّهَ هوَ الفاعلُ، لكنَّهُ يَسُبُّهُ لأنَّهُ مَحَلٌّ لهذا الأمرِ المكروهِ عندَهُ، فهذا محرَّمٌ ولا يصلُ إلَى درجةِ الشركِ.
وهوَ مِن السَّفَهِ في العقْلِ والضلالِ في الدينِ؛ لأنَّ حقيقةَ سبِّهِ تعودُ إلَى اللَّهِ سبحانَهُ؛ لأنَّ اللَّهَ تعالَى هوَ الذي يُصَرِّفُ الدهرَ، ويكونُ فيهِ ما أرادَ مِنْ خيرٍ أوْ شرٍّ، فليسَ الدهرُ فاعلًا، وليسَ هذا السبُّ بكفرٍ؛ لأنَّهُ لم يَسُبَّ اللَّهَ تعالَى مباشَرةً.

ألفاظ لا تعد مسبة للدهر

مثل: وصف السنين بالشدة، أو وصف اليوم بالسواد، ووصف الأشهر بالنحس ونحو ذلك؛ لأن هذا مقيّد، وقد ورد في القرآن نحو ذلك؛ كما في قوله جل وعلا: {في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي}، {في يوم نحس مستمر}.
والمقصود: في أيام نحساتٍ عليهم؛ فوصف الأيام بالنحس؛ لأنه جرى عليهم فيها ما فيه نحس عليهم.

مسالة:

أثبت الله تعالي الأذيَّةَ في القرآنِ، قالَ تعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}.
وفي الحديثِ القدسيِّ:((يُؤذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهرَ وَأَنَا الدَّهرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ)).
وفي نفس الوقت، نفَى عنْ نفسِهِ أنْ يضرَّهُ شيءٌ، قالَ تعالَى: {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} وفي الحديثِ القدسيِّ: ((يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ لَنْ تبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي))رواهُ مسلِمٌ، فكيف الجمع؟

الجواب: لا يلزمُ مِن الأذيَّةِ الضررُ، فالإنسانُ يتأذَّى بسماعِ القبيحِ أوْ مشاهدتِهِ، ولكنَّهُ لا يتضرَّرُ بذلكَ، ويتأذَى بالرائِحَةِ الكريهَةِ كالبَصَلِ والثُّومِ وَلا يَتَضَرَّرُ بذلِكَ، ولله المثل الأعلي، فالله عز وجل قد يؤذيه بعض أفعال عباده، ولكن لا يلحقه من ذلك ضرراً أبداً، سبحانه وتعالي عن ذلك علوا كبيرا.

شرح قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إنْ هُمْ إلاَّ يَظُنُّونَ} [الْجَاثِيَةُ:24].
تفسير الآية
قالَ العمادُ ابنُ كثيرٍ في تَفْسِيرِهِ: (يُخْبِرُ تَعَالَى عنْ دَهْرِيَّةِ الكُفَّارِ ومَنْ وَافَقَهُم منْ مُشْرِكِي العربِ في إنكارِ المَعادِ، {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} مَا ثَمَّ إلاَّ هذهِ الدَّارُ، يَمُوتُ قومٌ ويعيشُ آخرونَ، وما ثَمَّ مَعَادٌ ولا قِيَامَةٌ، وهذا يقولُهُ مُشْرِكُو العربِ المُنْكِرُونَ للمعادِ، وَيَقُولُهُ الفلاسفةُ الإلَهِيُّونَ منهم، وهم يُنْكِرُونَ البَدْأَةَ والرَّجْعَةَ.
قولُهُ: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} أيْ: ليسَ هلاكُنَا بأمرِ اللَّهِ وقَدَرِهِ، بلْ بطولِ السنين لمَنْ طالتْ مُدَّتُهُ، والأمراضُ والهمومُ والغمومُ لمنْ قَصُرَتْ مُدَّتُهُ، فالمُهْلِكُ لَهُم هوَ الدَّهرُ.
قولُهُ: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ}: {ما} نافيَةٌ، و{علم} مبتدأٌ خبرُهُ مُقَدَّمٌ {لهم} وأُكِّدَ بـ{مِنْ}، فيكونُ للعمومِ؛ أيْ: ما لهمْ علمٌ لا قليلٌ ولا كثيرٌ، بل العلمُ واليقينُ بخلافِ قولِهِمْ.
قولُهُ: {إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}: {إنْ} هنا نافيَةٌ لوقوعِ {إلَّا} بعدَها؛ أيْ: ما هُمْ إلَّا يَظُنُّونَ.
الظنُّ هنا بمعنَى الوهمِ، فليسَ ظنُّهمْ مبنيًّا علَى دليلٍ، بلْ هوَ مجرَّدُ وهمٍ لا حقيقةَ لَهُ، فلا حُجَّةَ لهم إطلاقًا، وفي هذا دليلٌ علَى أنَّ الظنَّ يُسْتَعْمَلُ بمعنَى الوهمِ، وأيضًا يُسْتَعْمَلُ بمعنَى العلمِ واليقينِ، كقولِهِ تعالَى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا رَبِّهِمْ}.
مناسبةُ الآيَةِ للبابِ
أنّ نسبة الأشياء إلى الدهر، من خصال المشركين، وأما الموحدين فينسبوا الأشياء إلى الله جل وعلا، ولا ينسبوا الإهلاك إلى الدهر، بل الله -جل وعلا- هو الذي يحيي ويميت.

وفِي (الصَّحِيحِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((قَالَ اللهُ تَعَالَى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ)).
وَفِي رِوَايَةٍ: ((لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ)).
معني الحديث
قالَ الشافعيُّ، وأبو عُبَيْدٍ وغيرُهُمَا من الأَئِمَّةِ في تفسيرِ قولِهِ: ((لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ)).
كانت العربُ في جَاهِلِيَّتِهَا إذا أَصَابَهُم شِدَّةٌ أوْ بلاءٌ أوْ مَلامَةٌ قالُوا: يا خَيْبَةَ الدهرِ، فَيُسْنِدُونَ تلكَ الأفعالَ إلى الدهرِ وَيَسُبُّونَهُ، وَإِنَّمَا فَاعِلُهَا هوَ اللهُ، فَكَأَنَّهُم إنَّمَا سَبُّوا اللهَ سبحانَهُ؛ لأنَّهُ فاعلُ ذلكَ في الحقيقةِ؛ فلهذا نُهِيَ عنْ سَبِّ الدهرِ بهذا الاعتبارِ؛ لأنَّ اللهَ هوَ الذي يَعْنُونَهُ ويُسْنِدُونَ إليهِ تلكَ الأفعالَ، هذا أَحْسَنُ ما قِيلَ في تفسيرِهِ، وهوَ المرادُ واللهُ أعلمُ.
- وفي هذا الحديثِ زيادةٌ لمْ يَذْكُرْهَا المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وهيَ قولُهُ: ((بِيَدِي الأَمْرُ)).
قولُهُ: (وفي روايَةٍ: ((لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ))).
ومعنَى هذهِ الروايَةِ هوَ ما صَرَّحَ بهِ في الحديثِ منْ قولِهِ: ((وَأَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ)) يَعْنِي: أنَّ ما يَجْرِي فيهِ منْ خَيْرٍ وشَرٍّ بإرادةِ اللهِ وَتَدْبِيرِهِ، بِعِلْمٍ منهُ تَعَالَى وَحِكْمَةٍ، لا يُشَارِكُهُ في ذلكَ غيرُهُ.
تنبيه:
وقدْ غَلِطَ ابنُ حَزْمٍ ومَنْ نَحَا نَحْوَهُ من الظاهريَّةِ في عَدِّهِم (الدَّهْرَ) من الأسماءِ الحُسْنَى؛ أَخْذًا مِنْ هذا الحديثِ).
وقدْ تَبَيَّنَ معني قوله:(أنا الدهر) في الحديثِ بقولِهِ: ((أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ))وَتَقْلِيبُهُ: تَصَرُّفُهُ تَعَالَى فيهِ بما يُحِبُّهُ الناسُ وَيَكْرَهُونَهُ.
ا
أحسنت نفع الله بك
أ
تم الخصم للتأخير

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الرابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir