دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ربيع الأول 1430هـ/8-03-2009م, 10:13 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي علامات بلوغ الصبي والجارية، وعلامات الرشد

وإن تَمَّ لصغيرٍ خمسَ عشرةَ سنةً أو نَبَتَ حولَ قُبُلِه شَعْرٌ خَشِنٌ أو أَنْزَلَ، أو عَقَلَ مجنونٌ ورَشَدَ، أو رَشَدَ سفيهٌ، زالَ حَجْرُهم بلا قَضاءٍ، وتَزيدُ الجاريةُ البلوغَ بالحيضِ، وإن حَمَلَتْ حُكِمَ ببُلُوغِها، ولا يَنْفَكُّ الحجْرُ قبلَ شُروطِه، والرُّشْدُ الصلاحُ في المالِ بأن يَتَصَرَّفَ مِرارًا فَلا يُغْبَنُ غالبًا , ولا يَبْذُلُ مالَه في حرامٍ أو في غيرِ فائدةٍ، ولا يُدْفَعُ إليه حتى يُختَبَرَ قبلَ بُلوغِه بما يَليقُ به.


  #2  
قديم 13 ربيع الأول 1430هـ/9-03-2009م, 10:23 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...................

  #3  
قديم 13 ربيع الأول 1430هـ/9-03-2009م, 10:40 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(وإن تَمَّ لصغيرٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) حُكِمَ ببُلُوغِه؛ لمَا رَوَى ابنُ عُمَرَ قالَ: عُرِضْتُ علَى النبِيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وأَنَا ابنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فلم يُجِزْنِي، وعُرِضْتُ علَيْهِ يَوْمَ الخَنْدَقِ وأنا ابنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فأَجَازَنِي. مُتَّفقٌ عليه. (أو نَبَتَ حولَ قُبُلِه شَعْرٌ خَشِنٌ) حُكِمَ ببُلُوغِه؛ لأنَّ سَعْدَ بنَ مُعَاذٍ لمَّا حَكَمَ في بَنِي قُرَيْظَةَ بقَتْلِهِمْ وسَبْيِ ذَرَارِيِّهِم أَمَرَ أن يُكْشَفَ عَن مُؤْتَزَرِهِم؛ فمَن أَنْبَتَ فهُو مِن المُقَاتِلَةِ، ومن لم يُنْبِتْ فهو مِن الذُّرِّيَّةِ، وبلغَ ذلك النبِيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ فقالَ: ((لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ)) مُتَّفقٌ عليه. (أو أَنْزَلَ) حُكِمَ ببُلُوغِه؛ لقَولِه تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا}. (أو عَقَلَ مَجْنُونٌ ورَشَدَ)؛ أي: مَن بَلَغَ وعَقَلَ (أو رَشَدَ سفيهٌ زَالَ حَجْرُهم) لزَوالِ عِلَّتِه، قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}. (بلا قضاءِ) حاكمٍ؛ لأنَّه ثَبَتَ بغَيْرِ حُكْمِه فزَالَ لزوالِ مُوجِبِه بغيرِ حُكْمِه. (وتَزِيدُ الجَارِيَةُ) على الذَّكَرِ (في البُلُوغِ بالحَيْضِ)؛ لقَولِه صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ: ((لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ حَائِضٍ إِلاَّ بخِمَارٍ)) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَه. (وإن حَمَلَت) الجاريةُ (حُكِمَ ببُلُوغِها) عندَ الحَمْلِ؛ لأنَّه دليلُ إِنزالِها؛ لأنَّ اللَّهَ تعَالَى أَجْرَى العادَةَ بخَلْقِ الوَلَدِ مِن مَائِهِما، فإذا وَلَدَت حُكِمَ ببُلُوغِها مِن سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لأنَّه اليَقِينُ. (ولا يَنْفَكُّ الحَجْرُ) عنهم (قبلَ شُرُوطِه) السابقةِ بحالٍ ولو صَارَ شَيْخاً. (والرُّشْدُ الصلاحُ في المالِ)؛ لقَولِ ابنِ عَبَّاسٍ -في قَوْلِه تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً}-: أي: صَلاحاً في أَمْوَالِهِم.فعلى هذا يَدْفَعُ إليه مَالَه، وإن كَانَ مُفْسِداً لدِينِه. ويُؤْنَسُ رُشْدُه (بأن يَتَصَرَّفَ مِرَاراً فلا يُغْبَنُ) غَبْناً فَاحِشاً (غَالباً، ولا يَبْذُلُ مَالَهُ في حَرامٍ) كخَمْرٍ وآلاتِ لَهْوٍ، (أو في غيرِ فائدةٍ) كغِناءٍ ونفطٍ=؛ لأنَّ مَن صَرَفَ مَالَه في ذلك عُدَّ سَفِيهاً. (ولا يُدْفَعُ إليه)؛ أي: الصَّغِيرِ (حتَّى يُخْتَبَرَ) ليُعْلَمَ رُشْدُه (قبلَ بلُوغِه بما يَلِيقُ بِه)؛ لقَولِه تَعَالَى: {وَابْتَلُوا اليَتَامَى} الآيَةَ. والاختِبَارُ يَخْتَصُّ بالمُرَاهِقِ الذي يَعْرِفُ المُعامَلَةَ والمَصْلَحَةَ.


  #4  
قديم 13 ربيع الأول 1430هـ/9-03-2009م, 10:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وإن تم لصغير خمس عشرة سنة) حكم ببلوغه ([1]) لما روى ابن عمر قال: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد، وأَنا ابن أَربع عشرة سنة، فلم يجزني ([2]).
وعرضت عليه يوم الخندق، وأَنا ابن خمس عشرة سنة، فأَجازني. متفق عليه ([3]) (أو نبت حول قبله شعر خشن) حكم ببلوغه([4]) لأَن سعد بن معاذ لما حكم في بني قريظة بقتلهم، وسبي ذراريهم ([5]) أمر أن يكشف عن مؤتزرهم ([6]) فمن أنبت فهو من المقاتلة، ومن لم ينبت فهو من الذرية ([7]) وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة)) متفق عليه([8]).
(أو أنزل) حكم ببلوغه ([9]) لقوله تعالى{وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} ([10]) (أو عقل مجنون، ورشدا) أي من بلغ وعقل([11]) (أو رشد سفيه، زال حجرهم) لزوال علته ([12]) قال تعالى{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}([13]) (بلا قضاء) حاكم ([14]) لأنه ثبت بغير حكمه، فزال لزوال مـوجبه، بـغير حكمه ([15]).
(وتزيد الجارية) على الذكر (في البلوغ بالحيض) ([16]) لقوله عليه السلام ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) رواه الترمذي وحسنه ([17]) (وإن حملت) الجارية (حكم ببلوغها) عند الحمل ([18]) لأنه دليل إنزالها، لأن الله تعالى أجرى العادة بخلق الولد من مائهما ([19]).
فإذا ولدت، حكم ببلوغها من ستة أشهر، لأنه اليقين ([20]) (ولا ينفك) الحجر عنهم (قبل شروطه) السابقة بحال ولو صار شيخًا ([21]) (والرشد الصلاح في المال) ([22]) لقول ابن عباس في قوله تعالى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} أي صلاحًا في أموالهم ([23]). فعلى هذا يدفع إليه ماله وإن كان مفسدًا لدينه ([24]).ويؤنس رشده (بأن يتصرف مرارًا فلا يغبن) غبنًا فاحشًا (غالبًا ([25]) ولا يبذل ماله في حرام) كخمر، وآلات لهو ([26]) (أو في غير فائدة) كغناء، ونفط ([27]) لأن من صرف ماله في ذلك عد سفيهًا([28]) (ولا يدفع إليه) أي الصغير (حتى يختبر) ليعلم رشده (قبل بلوغه، بما يليق به) ([29]).لقوله تعالى{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} الآية ([30]) والاختبار يختص بالمراهق، الذي يعرف المعاملة، والمصلحة ([31])



([1])وزال الحجر عنه، وهذا مذهب مالك، والشافعي.
([2])أي فلم يأذن لي في الخروج للقتال، وفي رواية: ولم يرني بلغت.
([3])أي أمضاني للخروج للقتال، ورآني بلغت، فدل على أن بلوغ خمس عشرة سنة من الولادة يكون بلوغًا، وهو قول الجمهور.
([4])وزال الحجر عنه، وهذا مذهب مالك، والشافعي.
([5])أي لما حكم رئيس الأوس رضي الله عنه في بني قريظة، وكانت نزلت على حكمه، فحكم بقتل مقاتلتهم، وسبي ذراريهم، أي أخذ أولادهم عبيدًا وإماء.
([6])أي أمر أن يرفع ما يواري موضع الإزار، للحاجة إلى الكشف عمن يستحق القتل.
([7])يعني فمن أنبت الشعر الخشن المتجعد في العانة، فهو من المقاتلة يقتل، ومن لم ينبت الشعر في العانة، فهو من الذرية يسترق.
([8])قيل: سميت بذلك لأنها رقعت بالنجوم. والمراد: من فوق سبع سموات وقال عطية القرظي: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة، فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلي سبيله، فكنت ممن لم ينبت، فخلي سبيلي. صححه الترمذي، فدل الحديثان على أن الإنبات من علامات البلوغ.
([9])أي أو أنزل المني، يقظة أو مناما، باحتلام، أو جماع، أو غير ذلك، حكم ببلوغه، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافًا، وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن الفرائض والأحكام تجب على المحتلم العاقل، فينفك عنه الحجر.
([10])والحلم هو أن يرى الطفل في منامه ما ينزل به الماء الدافق، الذي يكون منه الولد، واتفق الفقهاء على أنه بلوغ.
([11])زال حجره بلا خوف.
([12])وهي الجنون، والسفه، ودفعت إليهم أموالهم.
([13])(رشدا) عقلا، وصلاحا في الدين، وحفظا للمال، وعلما بما يصلحه فعلق زوال الحجر بالرشد، فمتى كان مصلحا في ماله، بأن لا يكون مبذرا، ويحسن التصرف، زال حجره، عند جمهور العلماء، ولأن الحجر إنما كان لعجزه عن التصرف في ماله حفظا له، وقد زال.
([14])أي بفك الحجر عنهم، وتدفع إليهم أموالهم لقوله{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} واشتراط الحكم زيادة، تمنع الدفع عند وجود ذلك.
([15])أي الحاكم، وظاهره أن الرشيد إذا سفه، ثم رشد، لا ينفك عنه إلا بحكمه، كما صرحوا به، وقسم الموفق وغيره الحجر إلى ثلاثة أقسام، قسم يزول بغير حكم حاكم، وهو حجر المجنون، إذا عقل، يزول الحجر عنه، ولا يعتبر فيه حكم حاكم، قال الموفق وغيره: بغير خلاف. وقسم لا يزول إلا بحاكم وهو الحجر على السفيه، وقسم فيه خلاف، وهو الحجر على الصبي، والمذهب أنه إذا بلغ ورشد، انفك عنه الحجر بدون حكم حاكم، وهو مذهب الشافعي، وقال مالك: لا يزول إلا بحاكم. وهو قول بعض أصحاب الشافعي، لأنه موضع اجتهاد ونظر، فإنه يحتاج في معرفة البلوغ، والرشد إلى اجتهاد، فيوقف ذلك على حكم حاكم، كزوال الحجر عن السفيه، وتقدم الأمر بدفع أموالهم إليهم، واشتراط حكم الحاكم زيادة على النص، فالله أعلم.
([16])أي وتزيد الجارية في البلوغ على ما يحصل به بلوغ الذكر بالحيض، فهو علم على البلوغ في حقها، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافًا. وفي الإنصاف: بلا نزاع.
([17])ووجه الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم علق قبول صلاة الحائض بالخمار، فدل على اعتباره.
([18])منذ حملت، لحصول البلوغ به.
([19])أي ماء الرجل وماء المرأة، قال تعالى{خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}ولقوله صلى الله عليه وسلم ((فمن أين يكون الشبه؟)) وقوله ((وإن غلب ماء المرأة، أنث بإذن الله)).
([20])أي أقل مدة الحمل ستة أشهر، إذا كانت توطأ، لأنه اليقين، وإلا فلأكثر مدة الحمل منذ طلقت، ومتى بلغت، ورشدت، دفع إليها مالها، وهو الصحيح من المذهب، وقول أبي حنيفة، والشافعي، وابن المنذر وغيرهم. وقيل: حتى تزوج، أو تعنس، وتبرز للرجال. وصوبه في الإنصاف.
([21])أي ولا ينفك الحجر عن السفيه، والصغير، والمجنون، قبل شروطه السابقة، وهي البلوغ، أو العقل، مع الرشد بحال، ولو صار المحجور عليه شيخًا، لظاهر الآية، وتقدم أن جمهور العلماء يرون الحجر على كل مضيع لماله، صغيرًا كان أو كبيرًا، و "لو" إشارة إلى خلاف أبي حنيفة، من أنه إذا بلغ خمسا وعشرين دفع إليه ماله.
([22])أي لا غير، قال الموفق، وهو قول أكثر أهل العلم، منهم مالك، وأبو حنيفة، وقال الشافعي: في الدين والمال. قال ابن عقيل: وهو الأليق بمذهبنا، لأن إفساد دينه يمنع الثقة في حفظ ماله.
([23])وقال مجاهد: إذا كان عاقلاً. ولأن من كان مصلحا لماله فقد وجد منه رشد، أشبه العدل.
([24])وهو مذهب الجمهور، واتفقوا على أنه إذا أونس من صاحب المال الرشد دفع إليه ماله.
([25])"يؤنس" بالبناء للمفعول، أي يعلم رشده، بأن يتكرر منه البيع والشراء مرارًا، فلا يغبن غبنًا فاحشًا غالبًا، قيل: كاثنين من عشرة. والمرجع فيه العرف، وقيده بالفاحش، لأن غير الفاحش كل يغبن به.
([26])وقمار، وغناء محرم، ونحو ذلك، فقد يعد الشخص سفيها بصرفه ماله في المباح، ففي الحرام أولى.
([27])أي ولا يبذل ماله في غير فائدة، ولو كان مباحًا، كغناء مباح، "ونفط" بكسر النون أي إحراقه للتفرج.
([28]) أي لأن من صرف ماله في محرم من نحو ما تقدم، أو فيما لا فائدة فيه، عد سفيها عرفا مبذرا، وهذا بخلاف صرفه في باب بر، كصدقة، أو مطعم، ومشرب، وملبس لا يليق به، فليس بتبذير، إذ لا إسراف في الخير، قال الشيخ: الإسراف ما صرفه في المحرمات، أو كان صرفه في المباح يضر بعياله، أو كان وحده ولم يثق بإيمانه، أو صرف في مباح قدرا زائدًا على المصلحة، والفرق بين الإسراف والتبذير، أن الإسراف صرف الشيء فيما ينبغي، زائدا على ما ينبغي، والتبذير صرف الشيء فيما لا ينبغي.
([29])أي بما يكون أهلاً أن ينسب إليه، فولد التاجر بأن يتكرر بيعه، فلا يغبن كما تقدم، وولد رئيس وكاتب، باستيفاء على وكيله، وابن المزارع، بما يتعلق بالزراعة، وابن المحترف، بما يتعلق بحرفته، وأنثى بما يفوض إلى ربة البيت، ونحو ذلك.
([30])فظاهرها أن ابتلاءهم قبل البلوغ، لأنه تعالى سماهم يتامى، وإنما يكون ذلك قبل البلوغ، ومد اختبارهم إلى البلوغ بلفظ (حتى) فدل على أنه قبله، ولأن تأخيرهم إلى البلوغ يفضي إلى الحجر على البالغ الرشيد، لكونه ممتدًا حتى يختبر، ويعلم رشده.
([31])أي والاختبار فيما تقدم ونحوه يختص بالمراهق المميز، الذي يعرف البيع، والشراء، ونحوه، والمصلحة، والمفسدة، وإلا أدى إلى ضياع المال، وحصول الضرر، والشارح دفع ما يتبادر من قول الماتن: قبل البلوغ؛ فإنه يقتضي كون الاختبار قبل البلوغ بقليل أو كثير، إذا كان مميزًا، والكثير غير مراد، ولو قال: قبيل. بالتصغير لأشعر بذلك، وبيع الاختبار، وشراؤه، وغيره، صحيح بلا نزاع للأمر به، قال الشيخ: ومن نوزع في رشده، فشهد به عدلان قبل، لأنه قد يعلم بالاستفاضة، ومع عدم البينة، له اليمين على وليه: أنه لا يعلم رشده.


  #5  
قديم 3 جمادى الآخرة 1431هـ/16-05-2010م, 12:44 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

وإن تَمَّ لصغيرٍ خمسَ عشرةَ سنةً أو نَبَتَ حولَ قُبُلِه شَعْرٌ خَشِنٌ أو أَنْزَلَ، أو عَقَلَ مجنونٌ ورَشَدَ، أو رَشَدَ سفيهٌ، زالَ حَجْرُهم بلا قَضاءٍ، وتَزيدُ الجاريةُ البلوغَ بالحيضِ، وإن حَمَلَتْ حُكِمَ ببُلُوغِها(28)، ولا يَنْفَكُّ الحجْرُ قبلَ شُروطِه(29)، والرُّشْدُ الصلاحُ في المالِ(30) بأن يَتَصَرَّفَ مِرارًا فَلا يُغْبَنُ غالبًا(31) , ولا يَبْذُلُ مالَه في حرامٍ(32) أو في غيرِ فائدةٍ(33)، ولا يُدْفَعُ إليه حتى يُختَبَرَ قبلَ بُلوغِه بما يَليقُ(34) به.

(28) هذا بيان للأشياء التي يزول ﺑﻬا الحجر عن الصغير واﻟﻤﺠنون والسفيه وهي على النحو التالي :
1- فالصغير الذكر يزول عنه الحجر بأحد ثلاثة أشياء :
أولاً : بلوغ خمس عشرة سنة لما روى ابن عمر قال ( عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني ) أي : لم يأذن بالخروج للقتال ( وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني )متفق عليه .
ثانياً : الإنبات ، فإذا نبت حول قبله شعر خشن حكم ببلوغه ؛ لأن سعد بن معاذ لما حكم في بني قريظة بقتلهم وسبي ذراريهم أمر أن يكشف عن مؤتزرهم فمن أنبت فهومن المقاتلة ، ومن لم ينبت فهو من الذرية وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال(( لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة) ) متفق عليه .
ثالثاً : الإنزال ، أي : إنزاله المني لقوله تعالى { وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا }, والأنثى الصغيرة بأحد خمسة أشياء ( هذه الثلاثة المذكورة ) .
رابعاً :الحيض لقوله صلى الله عليه وسلم (( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار )) رواه الترمذي وحسنه ، ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم علق قبول صلاة الحائض بالخمار .
خامساً : الحمل لأنه دليل إنزالها ؛ لأن الله تعالى أجرى العادة بخلق الولد من مائهما ، ولا بد مع حصول أحد هذه العلامات من حصول الرشد وهو : الصلاح في المال .
٢- المجنون يزول الحجر عنه بحصول العقل مع الرشد فإذا زال عنه الجنون وهو رشيد زال عنه الحجر .
٣- السفيه يزول عنه الحجر بزوال السفه ؛ لقوله تعالى { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } وقوله : ( بلا قضاء ) أي : يزول عنهم الحجر بلا حكم القاضي ؛ لأنه ثبت بغير حكمه فيزول بغير حكمه .
(29) أي : لا يزول إلا بتوفر شروط زواله السابقة : وهي : البلوغ مع الرشد والعقل مع الرشد فإذا لم تتوفر استمر الحجر عليهم .
(30) لقول ابن عباس في قوله تعالى { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا } أى : صلاحاً فى أموالهم .
(31) أى : غبناً فاحشاً أما الغبن اليسير فلا يعتبر .
(32) كخمر وآلات لهو وقمار وغناء .
(33) أي : ولا يبذل ماله في شيء لا يفيد ؛ لأن من صرف ماله في ذلك فهو سفيه .
(34) أي : بما يناسبه من الأعمال ؛ لقوله تعالى { وَابْتَلُوا اليَتَامَى } الآية


  #6  
قديم 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م, 01:51 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَإِنْ تَمَّ لِصَغِيرٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً،
قوله: «وإن تم لصغير خمس عشرة سنة» (خمسَ عشرةَ) بالفتح؛ لأنها مبنية على الفتح، وكل الأعداد المركبة ما عدا اثني عشر مبنية على الفتح، ثلاثةَ عشرَ عاماً، وأربعَ عشرةَ سنة، خمسةَ عشرَ، ستةَ عشرَ، وسبعةَ عشرَ، وثمانيةَ عشرَ، وتسعَ عشرةَ، وأحدَ عشرَ أيضاً، أو إحدى عشرة، أي مبنية على فتح الجزءين، أما اثنا عشر فإنها بحسب العوامل، فتقول: جاءني اثنا عشر رجلاً وأكرمت اثني عشر رجلاً.
أَوْ نَبَتَ حَولَ قُبُلِهِ شَعْرٌ خَشِنٌ أَوْ أَنَزَلَ، أَوْ عَقَلَ مَجْنُونٌ وَرَشَدَ، أَوْ رَشَدَ سَفِيهٌ زَالَ حَجْرُهُم بِلاَ قَضَاءٍ وَتَزِيدُ الجَارِيَةُ فِي البُلُوغِ بِالحَيْضِ، وَإِنْ حَمَلَتْ حُكِمَ بِبُلُوغِهَا، وَلاَ يَنْفَكُّ قَبْلَ شُرُوطِهِ.
قوله: «أو نبت حول قُبُله شعر خشن أو أنزل» هذه ثلاثة أشياء بها يحصل البلوغ، الأول: إذا تم له خمس عشرة سنة فقد حصل البلوغ، والدليل على ذلك حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: «عرضت على النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم أُحُد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني».
وفي رواية صحيحة للبيهقي وابن حبان: «ولم يرن بلغت» [(1)]، «وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني ورآني بلغت» [(2)]، الشاهد قوله: «ورآني بلغت»، لأننا لو اقتصرنا على الرواية الأولى رواية البخاري، لنازع منازع وقال: إنه لم يجزه، لا لأنه لم يبلغ، ولا لأنه بلغ، ولكن لأنه ليس أهلاً للقتال، إما لضعف جسمه، وإما لغير ذلك من الأسباب، لكن رواية البيهقي وابن حبان تدل على أنه لم يجزه لعدم البلوغ، وللبلوغ أجازه، قال نافع: فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو خليفة فحدثته بهذا الحديث، فقال: هذا هو حد البلوغ، وكتب إلى عماله بذلك[(3)]، وعلى هذا فنقول: إذا تم للإنسان خمس عشرة سنة فهو بالغ، وإن كان صغيراً في جسمه، وإن لم يحتلم، وإن لم تنبت عانته، فيمكن أن يكون الإنسان في أول النهار غير مكلف، وفي آخر النهار مكلفاً، إذا ولد عند زوال الشمس وتم له خمس عشرة سنة عند زوال الشمس بلغ.
فإذا قال قائل: كيف يمكن البلوغ بين دقيقة ودقيقة؟ قلنا: لا بد من حد، إذا اعتبرنا البلوغ بالسنين، حتى لو جعلناها ثماني عشرة سنة فسوف يبلغ في آخر النهار، وفي أول النهار ليس ببالغ، حتى في الإنزال إذا احتلم نصف النهار، كان أول النهار غير بالغ وآخره بالغاً، فلا بد من حد.
وحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ فيه إشكال:
حيث يقول: «إنه عرض على النبي صلّى الله عليه وسلّم في غزوة أحد وهو ابن أربع عشرة سنة، وعرض عليه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة» [(4)]. فالفرق سنة، ومن المعلوم أن أُحُداً في السنة الثالثة، والخندق في السنة الخامسة، فكيف يُخرج هذا الحديث؟
يمكن أن يخرج على أحد وجهين:
الوجه الأول: أنه كان في أحد في أول السنة الرابعة عشرة، وفي الخندق في آخرها.
الوجه الثاني: أن يقال: إنه ابن خمس عشرة سنة، يعني قد بلغها ولا يمنع أن يكون قد تجاوزها، كما نقول للرجل الذي له ست عشرة سنة: هذا له خمس عشرة سنة يعني فأكثر.
الثاني: أن ينبت حول قُبُله شعر خشن ـ سواء كان ذكراً أو أنثى ـ أي: قوي صلب، احترازاً من الشعر الناعم الخفيف، فهذا يحصل حتى لابن عشر أو أقل، لكن الشعر الخشن القوي الصلب، هذا علامة البلوغ، فلو نبتت لحيته ولم تنبت عانته فليس ببالغ، فالعبرة هي نبات العانة، والدليل حديث عطية القرظي «أنهم عرضوا على النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم قريظة فكان من أنبت قتل ومن لا فلا» [(5)]، وهذا يكون قرينة على أن هذا هو البلوغ.
وقوله: «نبت» ظاهره أنه نبت بدون علاج، أما لو كان هناك علاج بأن ادهن هذا الصبي بدهن ينبت به الشعر، فإنه لا يحصل البلوغ بذلك؛ لأن هذه معالجة، لكن إذا نبت بالطبيعة فهذا يحصل به البلوغ.
وقوله: «أو أنزل» هذا هو الثالث، أي: أنزل منيّاً سواء في اليقظة أم في المنام بشهوة، فإنه يحكم ببلوغه، لقول الله ـ تبارك وتعالى ـ: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 59] .
ولقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] والإنسان يبلغ النكاح إذا أنزل؛ لأنه صالحٌ الآن للتزوج حيث ينجب بهذا الإنزال، وهذه علامة على البلوغ بإجماع المسلمين، أما العلامتان السابقتان ففيهما خلاف عند أهل العلم.
فلو أنزل بمحاولة إنزال كأن عالج نفسه وحرك بدنه حتى أنزل يعني بدون احتلام، حصل البلوغ بذلك، وكذلك لو قبَّل امرأة أجنبية حرام عليه تقبيلها، فإنه إذا أنزل بهذا يكون بالغاً، فالمهم أن وسيلة الإنزال لا يشترط أن تكون مباحة.
قوله: «أو عقل مجنون» أي: مجنون بالغ؛ لأن البلوغ الذي سبق يكون للعاقل والمجنون، لكن لو عقل مجنون كان بالغاً زال حجره.
قوله: «ورشد» الفاعل يعود على الصغير والمجنون، فعلى هذا يكون قوله: «ورشد» شاملاً للصغير والمجنون.
وقوله: «أو عقل مجنون ورشد» معطوف على ما سبق، ومعنى الرشد في كل موضع بحسبه، وهنا الرشد هو الصلاح في المال وإحسان التصرف فيه، والرشد في ولاية النكاح، هو معرفة الكفء ومصالح النكاح، فالرشد في كل موضع بحسبه.
قوله: «أو رشد سفيه» أي: عاقل، وإنما قلنا ذلك؛ لأن الأصل في العطف المغايرة؛ لأن السفيه هنا من كان عاقلاً بالغاً، لكنه لا يحسن التصرف في ماله، ثم رشد.
قوله: «زال حجرهم بلا قضاء» أي: بلا قضاء حاكم، أي: بمجرد ما يحصل البلوغ مع الرشد أو العقل مع الرشد أو الرشد بعد السفه، ينفك الحجر عنه ولا حاجة أن نذهب للقاضي، فلو أن يتيماً بلغ بالسن مع رشده في نصف النهار، فله أن يطالب وليه بماله الذي عنده في آخر النهار، ولو قال الولي: لا نعطيك حتى نذهب إلى القاضي، ويحكم بأن الحجر زال فإنه لا يطاع؛ لأن الحجر يزول بزوال سببه، ودائماً يمر علينا الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
فإن قال قائل: ما الفرق بين هذا وبين من حجر عليه لفلس؟ لأنه قال هناك: «ولا يفك حجره إلا حاكم» .
الجواب: أن هذا الحجر ثبت بدون القاضي فزال بدونه، بخلاف الحجر على المفلس لحظ غيره فإنه لا يثبت إلا بحكم القاضي، ولا يزول إلا بحكم القاضي.
وقال بعض العلماء: إنه إذا وزع ماله وقسم انفك الحجر.
لكن المذهب أقرب إلى الصواب، أنه من حجر عليه لحظِّ الغير، فلا بد من حاكم ينقض الحجر، أما من حجر عليه لحظِّ نفسه، وهم هؤلاء الثلاثة الصغير والمجنون والسفيه، فإنه بمجرد زوال العلة التي أوجبت الحجر ينفك الحجر.
قوله: «وتزيد الجارية في البلوغ بالحيض» الجارية يعني الأنثى، فتكون علامات البلوغ عندها أربعاً: تمام خمس عشرة سنة، إنبات الشعر الخشن حول القبل، والإنزال، والحيض.
ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) [(6)]، والمراد بالحائض التي أصابها الحيض؛ لأن الحائض التي حاضت لا يمكن أن تصلي والرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) .
قوله: «وإن حملت حكم ببلوغها» ويمكن أن تحمل الجارية قبل أن تتم خمس عشرة سنة، قال أهل العلم: يمكن لبنت تسع سنين أن تحمل، ويمكن لابن عشر أن يولد له، فهذه جارية لها اثنتا عشرة سنة تزوجت وليس لها عانة ثم ولدت، فهل حصل البلوغ بالحمل، أو حكم ببلوغها بالحمل؟
قال العلماء: يحكم ببلوغها بالحمل عن طريق اللزوم؛ لأنه لا حمل بلا إنزال وإذا أنزلت بلغت بإنزالها، ولهذا قال المؤلف: «وإن حملت حكم ببلوغها» ولم يقل: وإن حملت بلغت، والحكم بالبلوغ هل هو بالحمل، أو بالإنزال السابق له؟
الجواب: الثاني، بالإنزال السابق له، وعلى هذا فإذا ولدت امرأة ولها اثنتا عشرة سنة، ولم تر الحيض ولم تر إنباتاً، نقول: إنها بالغة بالإنزال السابق للحمل.
قوله: «ولا ينفك قبل شروطه» يعني لا ينفك الحجر على هؤلاء الثلاثة قبل شروطه، فما شرطه في الصغير؟
الجواب: البلوغ والرشد، وفي المجنون العقل والرشد، وفي السفيه الرشد، فلا بد إذن من تمام الشروط، فإذا تمت الشروط انفك، ولا حاجة للحاكم.
وَالرُّشْدُ الصَّلاَحُ فِي المَالِ بأنْ يَتصَرَّفَ مِرَاراً فَلاَ يُغْبَنُ غَالباً وَلاَ يَبْذُلُ مَالَهُ فِي حَرامٍ أَوْ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ وَلاَ يُدْفَعُ إِلَيْهِ حَتَّى يُخْتَبَرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ
قوله: «والرشد الصلاح في المال» الرشد في كل موضع بحسبه كما سبق.
وقوله: «الصلاح في المال» لا في الدين، فلا يشترط صلاح الدين في هذا الباب؛ لأن الكلام في هذا الباب عن التصرف في المال، فإذا كان في الدين غير صالح وفي المال صالحاً فهو رشيد، يدفع إليه المال، قال المؤلف في تفسيره:
«بأن يتصرف مراراً فلا يغبن غالباً» كلمة «مراراً» جمع فلا يدخل فيه المرتان، فإن كان كلما باع أو اشترى غبن، بأن يشتري ما يساوي عشرة بعشرين، ويبيع ما يساوي عشرين بعشرة، فهذا ليس رشيداً، وإذا كان يعطي بلا شيء تبرعاً، فهذا سفيه.
قوله: «ولا يبذل ماله في حرام» كما لو صار ـ والعياذ بالله ـ ينفق ماله في السكر فإنه سفيه.
قوله: «أو في غير فائدة» كذلك ـ أيضاً ـ لو كان يبذل ماله في غير فائدة، كإنسان يشتري مفرقعات ويفرقعها، أو معه أوراق نقدية فوضع ورقة بيده وطار بها الهواء فأعجبه هذا، فجعل يخرج من الكيس وينصبها في الهواء وتطير فهذا سفيه؛ لأنه بذل ماله في غير فائدة، لكن هل يحجر على من يبذل أمواله في حرام؟
ظاهر كلام المؤلف أنه يحجر عليه؛ لأنه يبذل أمواله فيما يضره، وفي هذا نظر؛ وذلك لأن الناس يعتبرون هذا رشيداً في ماله، ولو كان يشتري به الدخان ويشرب، ويشتري به الخمر ويشرب، ويشتري به المخدرات ويأكلها، لكن لنا أن نحجر عليه من طريق آخر يعني بأن نحبسه ونجلده، وإذا كان يشرب الخمر جلدناه ثلاث مرات وفي الرابعة نقتله إذا لم ينته بغير ذلك، وكذلك في المخدرات يرجع للعقوبة المقررة شرعاً، أما أن نقول: إنه محجور عليه وهو رجل جيد في البيع والشراء، ولكنه يشرب الدخان هذا غير صحيح، فنقول: هذا لا يصح أن يبيع بيته! ولا يصح أن يبيع سيارته! ولا يصح أن يشتري خبزاً لأولاده! فلا نقول بهذا، ولذلك نجد كثيراً من الناس ممن يشرب الدخان فيصرف ماله في حرام، ومع ذلك لم يقل أحدٌ من القضاة: إن بيعه لبيته، أو سيارته، أو ما أشبه ذلك باطل؛ لأن هذا في الواقع يحسن التصرف في المال، لكنه ضل في دينه، وصار لا يبالي أن يبذله فيما حرم الله عليه.
إذاً الأولى أن نقول: السفيه هو الذي لا يحسن التصرف في ماله، بأن يغبن ويغر ويخدع، أو يبذله في شيء لا ينتفع به، كما ذكرنا مسألة الذي يُطَيِّرُ الأوراق النقدية، ويتفرج عليها، ومثله لو فرضنا أن رجلاً، ابتلي بشراء المفرقعات، فصار يشتري مفرقعات ويفرقعها، فهذا سفيه لا شك يحجر عليه.
فإذا كان إذا أعطي المال تصدق به كله، فهل هذا رشيد؟ هذا غير رشيد، نعم لو تصدق بالشيء اليسير الذي جرت العادة بمثله فهذا يعتبر رشيداً؛ والدليل على ذلك أن الفقهاء يقولون: إن الصبي لا يصح أن يتبرع بشيء من ماله، لكن يصح أن يوصي بشيء من ماله، وعللوا ذلك أنه إذا أوصى بشيء من ماله، فإنه لا يضره؛ لأنه سوف يدفع بعد موته، بخلاف ما إذا تبرع.
قوله: «ولا يدفع إليه حتى يختبر قبل بلوغه بما يليق به» أي: لا يدفع حتى يختبر قبل البلوغ، والمراد بالاختبار هنا الوصول إلى العلم بباطن حاله لأنه من الخبرة، والخبرة هي العلم ببواطن الأمور.
وقوله: «قبل بلوغه» يعني لا بد أن يكون قبل بلوغه، لأجل إذا بلغ فمن حين بلوغه يدفع إليه المال؛ لأن الأصل في بقاء المال في يد الولي التحريم، ولهذا نقدم الاختبار قبل البلوغ من أجل أن ندفع إليه ماله فور بلوغه إذا علمنا رشده، قال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ} [النساء: 6] .
وقوله: «بما يليق به» فإذا كان ولدَ تاجرٍ، فالذي يليق به البيع والشراء، وإذا كان ولدَ فلاَّحٍ فالذي يليق به إحسان التصرف في الزرع، وإذا كانت امرأة فالذي يليق بها أن تحسن ما يتعلق بشؤون البيت، فيختبر كل إنسان بما يليق به.
وينبغي أن يقال: إنه لا يتعين هذا الذي قاله المؤلف؛ لأنه ربما تكون المرأة جيدة في شؤون البيت، لكنها خرقاء في مسألة المال فهل نقول: هذه رشيدة؟ لا.
فلو قيل: حتى يختبر بما يدل على رشده في ماله لكان أحسن؛ لأننا الآن نتكلم عن المال وليس عن الأعمال.
فيكون الصواب أن يقال: ولا يدفع إليه حتى يختبر قبل بلوغه فيما يتعلق بتصرف المال، حتى يعلم به رشده في التصرف في ماله.



[1] أخرجها ابن حبان (4728)؛ إحسان، والبيهقي (6/55).
[2] أخرجه البخاري في الشهادات/ باب بلوغ الصبيان وشهادتهم (2664)؛ ومسلم في المغازي/ باب بيان سن البلوغ (1868).
[3] أخرجه البخاري في الشهادات/ باب بلوغ الصبيان وشهادتهم (2664)، ومسلم في المغازي/ باب بيان سن البلوغ (1868).
[4] سبق تخريجه ص(296).
[5] أخرجه الإمام أحمد (4/310)؛ وأبو داود في الحدود/ باب في الغلام يصيب الحد (4404)؛ والترمذي في السير/ باب ما جاء في النزول على الحكم (1584)؛ والنسائي (8/92) في كتاب قطع السارق/ باب حد البلوغ وذكر السن الذي إذا بلغها الرجل والمرأة أقيم عليهما الحد، وابن ماجه في الحدود/ باب من لا يجب عليه الحد (2541)؛ والحاكم (2/123)؛ وابن حبان (4780).
وقال الترمذي: «حسن صحيح»، وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين» ووافقه الذهبي، وصححه النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/335).
[6] أخرجه أحمد (6/150)، وأبو داود في الصلاة/ باب المرأة تصلي بغير خمار (641)، والترمذي في الصلاة/ باب ما جاء لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار (377) وابن ماجه في الطهارة وسننها/ باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار (655) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ، وحسنه الترمذي وصححه ابن خزيمة (775)، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
بلوغ, علامات

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir