دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة البناء في التفسير > صفحات الدراسة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 1 صفر 1436هـ/23-11-2014م, 01:56 AM
مها شتا مها شتا غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 655
افتراضي تلخيص مقاصد مقدمة بن كثير

تلخيص مقاصد مقدمة بن كثير
جمع القرآن وكتابة المصاحف

أولا جمع النبي صلي الله عليه وسلم للقرآن
قال البخاري، رحمه الله:- -
كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم
-عن عائشة، عن فاطمة، رضي الله عنها: أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي.
-عن ابن عباس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة"، وهذا الحديث متفق عليه
-عن أبي هريرة قال: "كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه".
-معني المعارضه:- المراد من معارضته له بالقرآن كل سنة: مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى، ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدا، أو استثباتا وحفظا
- قال بن كثير : ولهذا عرضه في السنة الأخيرة من عمره، عليه السلام اقتراب أجله، على جبريل مرتين، وعارضه به جبريل كذلك؛ ولهذا فهم، عليه السلام، اقتراب أجله
- عثمان، رضي الله عنه، جمع المصحف الإمام على العرضة الأخيرة، رضي الله عنه وأرضاه
- قال بن كثير: خص بذلك رمضان من بين الشهور؛ لأن ابتداء الإيحاء كان فيه؛ ولهذا يستحب دراسة القرآن وتكراره فيه، ومن ثم كثر اجتهاد الأئمة فيه في تلاوة القرآن
ثانيا : القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
-عن مسروق: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب))، رضي الله عنهم.
- فهؤلاء الأربعة اثنان من المهاجرين الأولين عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وقد كان سالم هذا من سادات المسلمين وكان يؤم الناس قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، واثنان من الأنصار معاذ بن
جبل، وأبي بن كعب، وهما سيدان كبيران، رضي الله عنهم أجمعين
القراء من المهاجرين:
- عبد الله بن مسعود
-مناقب عبد الله بن مسعود:
-خطبنا عبد الله فقال: والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم
-كنا بحمص، فقرأ ابن مسعود سورة يوسف فقال رجل: ما هكذا أنزلت، فقال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أحسنت)) ووجد منه ريح الخمر، فقال: أتجترئ أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر؟! فجلده الحد.
- قال عبد الله: والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إل
- قال بن كثير: وهذا كله حق وصدق، وهو من إخبار الرجل بما يعلم عن نفسه مما قد يجهله غيره، فيجوز ذلك للحاجة، كما قال تعالى إخبارا عن يوسف لما قال لصاحب مصر: {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} [يوسف: 55]، ويكفيه مدحا وثناء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استقرئوا القرآن من أربعة))، فبدأ به.
-عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)). وهكذا رواه الإمام أحمد،
-عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ومن أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)) وابن أم عبد هو عبد الله بن مسعود، وكان يعرف بذلك.
- ابوبكر الصديق
- قال بن كثير: الدليل على أن من المهاجرين من جمع القرآن أن الصديق، رضي الله عنه، قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه إماما على المهاجرين والأنصار، مع أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) فلولا أنه كان أقرؤهم لكتاب الله لما قدمه عليهم.
- عثمان بن عفان قال بن كثيرومنهم عثمان بن عفان وقد قرأه في ركعة
- علي بن ابي طالب قال بن كثير
وعلي بن أبي طالب يقال: إنه جمعه على ترتيب ما أنزل
-سالم مولي أبي حديفة قال بن كثير كان من السادات النجباء والأئمة الأتقياء وقد قتل يوم اليمامة شهيدا
- عبد الله بن عباس قال بن كثيرومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن،وقد تقدم عن مجاهد أنه قال: قرأت القرآن على ابن عباس مرتين، أقفه عند كل آية وأسأله عنها.
-عبد الله بن عمر قال بن كثيرعن عبد الله بن عمرو قال: جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأه في شهر))
-القراء من الأنصار: قال البخاري: حدثنا حفص بن عمر، حدثنا همام، حدثنا قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار/color]: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. ورواه مسلم من حديث همام
-عن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه.
- وقال قتادة عن أنس قال: افتخر الحيان الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر، ومنا الذي حمته الدبر عاصم بن ثابت، ومنا الذي اهتز لموته العرش سعد بن معاذ، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت.
فقالت الخزرج: منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد.

ثالثا: جمع القرآن قبل خلافة عثمان رضي الله عنه( في خلافه ابو بكر الصديق رضي الله عنه)
- قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان علي أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز} [التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر، رضي الله عنهم
مناقب أبو بكر الصديق:-
-قال بن كثير رحمه الله: وهذا من أحسن وأجل وأعظم ما فعله الصديق، رضي الله عنه، فإنه أقامه الله بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقاما لا ينبغي لأحد بعده، قاتل الأعداء من مانعي الزكاة، والمرتدين، والفرس والروم، ونفذ الجيوش، وبعث البعوث والسرايا، ورد الأمر إلى نصابه بعد الخوف من تفرقه وذهابه، وجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن القارئ من حفظه كله، وكان هذا من سر قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9] فجمع الصديق الخير وكف الشرور، رضي الله عنه وأرضاه. ولهذا روي غير واحد من الأئمة منهم وكيع وابن مهدي وقبيصة عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه قال: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين. هذا إسناده صحيح
سبب جمع القرآن في خلافه ابي بكر:- وقال أبو بكر بن أبي داود في كتاب المصاحف: حدثنا هارون بن إسحاق، حدثنا عبدة، عن هشام، عن أبيه، أن أبا بكر هو الذي جمع القرآن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: ختمه. صحيح أيضا. وكان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، هو الذي تنبه لذلك لما استحر القتل بالقراء، أي اشتد القتل وكثر في قراء القرآن يوم اليمامة، يعني: يوم اليمامة، يعني يوم قتال مسيلمة الكذاب وأصحابه من بني حنيفة بأرض اليمامة في حديقة الموت، وذلك أن مسيلمة التف معه من المرتدين قريب من مائة ألف، فجهز الصديق لقتاله خالد بن الوليد في قريب من ثلاثة عشر ألفا، فالتقوا معهم فانكشف الجيش الإسلامي لكثرة من فيه من الأعراب، فنادى القراء من كبار الصحابة: يا خالد، يقولون: ميزنا من هؤلاء الأعراب فتميزوا منهم، وانفردوا، فكانوا قريبا من ثلاثة آلاف، ثم صدقوا الحملة، وقاتلوا قتالا شديدا، وجعلوا يتنادون: يا أصحاب سورة البقرة، فلم يزل ذلك دأبهم حتى فتح الله عليهم وولى جيش الكفار فارا، وأتبعتهم السيوف المسلمة في أقفيتهم قتلا وأسرا، وقتل الله مسيلمة، وفرق شمل أصحابه، ثم رجعوا إلى الإسلام، ولكن قتل من القراء يومئذ قريب من خمسمائة، رضي الله عنهم، فلهذا أشار عمر على الصديق بأن يجمع القرآن؛ لئلا يذهب منه شيء بسبب موت من يكون يحفظه من الصحابة بعد ذلك في مواطن القتال، فإذا كتب وحفظ صار ذلك محفوظا فلا فرق بين حياة من بلغه أو موته، فراجعه الصديق قليلا ليستثبت الأمر، ثم وافقه، وكذلك راجعهما زيد بن ثابت في ذلك ثم صارا إلى ما رأياه، رضي الله عنهم أجمعين، وهذا المقام من أعظم فضائل زيد بن ثابت الأنصاري؛ ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد، حدثنا يزيد، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن؛ أن عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل: كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة، فقال: إنا لله، فأمر بالقرآن فجمع فكان أول من جمعه في المصحف وهذا منقطع.
- تتبع زيد بن ثابت للقرآن: قال بن كثير
قول زيد بن ثابت: "فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال" وفي رواية: "من العسب والرقاع والأضلاع، وفي رواية: "من الأكتاف والأقتاب وصدور الرجال".
أما العسب فجمع عسيب. قال أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري: وهو من السعف فويق الكرب لم ينبت عليه الخوص، وما نبت عليه الخوص فهو السعف.
واللخاف: جمع لخفة وهي القطعة من الحجارة مستدقة، كانوا يكتبون عليها وعلى العسب وغير ذلك، مما يمكنهم الكتابة عليه بما يناسب ما يسمعونه من القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنهم من لم يكن يحسن الكتابة أو يثق بحفظه، فكان يحفظه، فتلقاه زيد بن ثابت من هذا من عسيبه، ومن هذا من لخافه، ومن صدر هذا، أي من حفظه، وكانوا أحرص شيء على أداء الأمانات وهذا من أعظم الأمانة؛
قال زيد بن ثابت: وجدت آخر سورة التوبة، يعني قوله تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين [التوبة: 128، 129]، مع أبي خزيمة الأنصاري، وفي رواية: مع خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين لم أجدها مع غيره فكتبوها عنه لأنه جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين في قصة الفرس التي ابتاعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأعرابي، فأنكر الأعرابي البيع، فشهد خزيمة هذا بتصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمضى شهادته وقبض الفرس من الأعرابي. والحديث رواه أهل السنن وهو مشهور، وروى أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية أن أبي بن كعب أملاها عليهم مع خزيمة بن ثابت.
- وصيه الرسول صلي الله عليه وسلم لامته: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أودعهم ذلك ليبلغوه إلى من بعده كما قال الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} [المائدة: 67]، ففعل، صلوات الله وسلامه عليه، ما أمر به؛ ولهذا سألهم في حجة الوداع يوم عرفة على رؤوس الأشهاد، والصحابة أوفر ما كانوا مجتمعين، فقال: ((إنكم مسؤولون عني فما أنتم قائلون؟)). فقالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يشير بأصبعه إلى السماء، وينكبها عليهم ويقول: ((اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد)). رواه مسلم عن جابر. وقد أمر أمته أن يبلغ الشاهد الغائب وقال: ((بلغوا عني ولو آية)) يعني: ولو لم يكن مع أحدكم سوى آية واحدة فليؤدها إلى من وراءه، فبلغوا عنه ما أمرهم به، فأدوا القرآن قرآنا، والسنة سنة، لم يلبسوا هذا بهذا؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ((من كتب عني سوى القرآن فليمحه)) أي: لئلا يختلط بالقرآن، وليس معناه: ألا يحفظوا السنة ويرووها، والله أعلم.
فلهذا نعلم بالضرورة أنه لم يبق من القرآن مما أداه الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم إلا وقد بلغوه إلينا، ولله الحمد والمنة،
-قال بن كثير تعليقا علي ما سبق: فكان الذي فعله الشيخان أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، من أكبر المصالح الدينية وأعظمها، من حفظهما كتاب الله في الصحف؛ لئلا يذهب منه شيء بموت من تلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كانت تلك الصحف عند الصديق أيام حياته، ثم أخذها عمر بعده فكانت عنده محروسة معظمة مكرمة، فلما مات كانت عند حفصة أم المؤمنين، لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته وكانت عند أم المؤمنين رضي الله عنها، حتى أخذها منها أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه
رابعا:- جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن
- قال البخاري رحمه الله: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن شهاب، أن أنس بن مالك، حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23]، فألحقناها في سورتها في المصحف
-قال بن كثير: وهذا -أيضا- من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو جمع الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوا في القرآن، ووافقه على ذلك جميع الصحابة، وإنما روي عن عبد الله بن مسعود شيء من التغضب بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف وأمر أصحابه بغل مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام، ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق حتى قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا. فاتفق الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم، على أن ذلك من مصالح الدين، وهم الخلفاء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)).

-كتاب المصحف:- أمر عثمان هؤلاء الأربعة وهم زيد بن ثابت الأنصاري، أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادا ممدحا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، فجلس هؤلاء النفر الأربعة يكتبون القرآن نسخا، وإذا اختلفوا في وضع الكتابة على أي لغة رجعوا إلى عثمان، كما اختلفوا في التابوت أيكتبونه بالتاء أو الهاء، فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم.
-ترتيب سور المصحف:- كان عثمان -والله أعلم- رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث غير واحد من الأئمة الكبار، عن عوف الأعرابي، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينها ولم تكتبوا بينها سطر "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال
-قال بن كثيرفي ترتيب السور والآيات في المصحف: ففهم من هذا الحديث أن ترتيب الآيات في السور أمر توقيفي متلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما ترتيب السور فمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه؛ ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبا آياته؛ فإن نكسه أخطأ خطأ كبيرا. وأما ترتيب السور فمستحب اقتداء بعثمان، رضي الله عنه، والأولى إذا قرأ أن يقرأ متواليا كما قرأ، عليه الصلاة والسلام، في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين وتارة بسبح و{هل أتاك حديث الغاشية}، فإن فرق جاز، كما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيد بقاف و{اقتربت الساعة}، رواه مسلم عن أبي واقد في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم السجدة، و{هل أتى على الإنسان}.
وإن قدم بعض السور على بعض جاز أيضا، فقد روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران. أخرجه مسلم. وقرأ عمر في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.
-قال بن كثير: ثم إن عثمان رد الصحف إلى حفصة، فلم يزل عندها حتى أرسل إليها مروان بن الحكم يطلبها فلم تعطه حتى ماتت، فأخذها من عبد الله بن عمر فحرقها لئلا يكون فيها شيء يخالف المصاحف الأئمة التي نفذها عثمان إلى الآفاق، مصحفا إلى أهل مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا، رواه أبو بكر بن أبي داود عن أبي حاتم السجستاني، سمعه يقوله. وصحح القرطبي أنه إنما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف. وهذا غريب، وأمر بما عدا ذلك من مصاحف الناس أن يحرق لئلا تختلف قراءات الناس في الآفاق، وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم، وإنما نقم عليه ذلك أولئك الرهط الذين تمالؤوا عليه وقتلوه، قاتلهم الله، وفي ذلك جملة ما أنكروا مما لا أصل له، وأما سادات المسلمين من الصحابة، ومن نشأ في عصرهم ذلك من التابعين، فكلهم وافقوه.
- موقف الصحابه من جمعهم علي مصحف عثمان:
- قال علي حين حرق عثمان المصاحف: لو لم يصنعه هو لصنعته.
- حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد. وهذا إسناد صحيح.
- قال: سمعت غنيم بن قيس المازني قال: قرأت القرآن على الحرفين جميعا، والله ما يسرني أن عثمان لم يكتب المصحف، وأنه ولد لكل مسلم كلما أصبح غلام، فأصبح له مثل ما له. قال: قلنا له: يا أبا العنبر، ولم؟ قال: لو لم يكتب عثمان المصحف لطفق الناس يقرؤون الشعر.
- وحدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثني عمران بن حدير، عن أبي مجلز قال: لولا أن عثمان كتب القرآن لألفيت الناس يقرؤون الشعر.
- وأما عبد الله بن مسعود فقد قال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حميد بن مالك قال: لما أمر عثمان بالمصاحف -يعني بتحريقها- ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغلل، فإنه من غل شيئا جاء بما غل يوم القيامة.
ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد صبي، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- باب رضا عبد الله بن مسعود بجمع عثمان المصاحف بعد ذلك:
حدثنا عبد الله بن سعيد ومحمد بن عثمان العجلي قالا حدثنا أبو أسامة، حدثني الوليد بن قيس، عن عثمان بن حسان العامري، عن فلفلة الجعفي قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب، على سبعة أحرف -أو حروف- وإن الكتاب قبلكم كان ينزل -أو نزل- من باب واحد على حرف واحد. وهذا الذي استدل به أبو بكر، رحمه الله، على رجوع ابن مسعود فيه نظر، من جهة أنه لا يظهر من هذا اللفظ رجوع عما كان يذهب إليه، والله أعلم.
- المصاحف العثمانية الأئمة فأشهرها اليوم الذي في الشام بجامع دمشق عند الركن شرقي المقصورة المعمورة بذكر الله، وقد كانت قديما بمدينة طبرية ثم نقل منها إلى دمشق في حدود ثمان عشرة وخمسمائة، وقد رأيته كتابا عزيزا جليلا عظيما ضخما بخط حسن مبين قوي بحبر محكم في رق أظنه من جلود الإبل، والله أعلم، زاده الله تشريفا وتكريما وتعظيما.
- فأما عثمان، رضي الله عنه، فما يعرف أنه كتب بخطه هذه المصاحف، وإنما كتبها زيد بن ثابت في أيامه، ربما وغيره، فنسبت إلى عثمان لأنها بأمره وإشارته، ثم قرئت على الصحابة بين يدي عثمان، ثم نفذت إلى الآفاق، رضي الله عنه
خامسا: تأليف القرآن
-معني تأليف القرآن: المراد من التأليف هاهنا ترتيب سوره.
-قال البخاري، رحمه الله:
تأليف القرآن
حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف: أن ابن جريج أخبرهم قال: وأخبرني يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، إذ جاءها عراقي فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك! وما يضرك، قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما ينزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء: ولا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدا، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} [القمر: 46]، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السور

-قال بن كثير: ثم سألها عن ترتيب القرآن فانتقل إلى سؤال كبير، وأخبرها أنه يقرأ غير مؤلف، أي: غير مرتب السور. وكأن هذا قبل أن يبعث أمير المؤمنين عثمان، رضي الله عنه، إلى الآفاق بالمصاحف الأئمة المؤلفة على هذا الترتيب المشهور اليوم، وقبل الإلزام به، والله أعلم.
ولهذا أخبرته: إنه لا يضرك بأي سورة بدأت، وأن أول سورة نزلت فيها ذكر الجنة والنار، وهذه إن لم تكن "اقرأ" فقد يحتمل أنها أرادت اسم جنس لسور المفصل التي فيها الوعد والوعيد، ثم لما انقاد الناس إلى التصديق أمروا ونهوا بالتدريج أولا فأولا وهذا من حكمة الله ورحمته، ومعنى هذا الكلام: أن هذه السورة أو السور التي فيها ذكر الجنة والنار ليس البداءة بها في أوائل المصاحف، مع أنها من أول ما نزل، وهذه البقرة والنساء من أوائل ما في المصحف، وقد نزلت عليه في المدينة وأنا عنده.
فأما ترتيب الآيات في السور فليس في ذلك رخصة، بل هو أمر توقيفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم تقرير ذلك؛ ولهذا لم ترخص له في ذلك، بل أخرجت له مصحفها، فأملت عليه آي السور، والله أعلم. وقول عائشة: لا يضرك بأي سورة بدأت، يدل على أنه لو قدم بعض السور أو أخر، كما دل عليه حديث حذيفة وابن مسعود، وهو في الصحيح أنه، عليه السلام، قرأ في قيام الليل بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران.
-المقصود بتنكيس القرآن: ما روي عن ابن مسعود وابن عمر أنهما كرها أن يقرأ القرآن منكوسا. وقالا إنما ذلك منكوس القلب، فإنما عنيا بذلك من يقرأ السورة منكوسة فيبتدئ بآخرها إلى أولها، فإن ذلك حرام محذور.
-تحزيب القرآن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمر معهم بعد العشاء فمكث عنا ليلة لم يأتنا، حتى طال ذلك علينا بعد العشاء. قال: قلنا: ما أمكثك عنا يا رسول الله؟ قال: ((طرأ علي حزب من القرآن، فأردت ألا أخرج حتى أقضيه)). قال: فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبحنا، قال: قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصل من قاف حتى يختم.
سادسا:نقط المصحف وشكله وتقسيمه
-قال بن كثير: فأما نقط المصحف وشكله، فيقال: إن أول من أمر به عبد الملك بن مروان، فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط، فأمر الحسن البصري ويحيى بن يعمر ففعلا ذلك، ويقال: إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي، وذكروا أنه كان لمحمد بن سيرين مصحف قد نقطه له يحيى بن يعمر والله أعلم.
- وأما كتابة الأعشار على الحواشي فينسب إلى الحجاج أيضا، وقيل: بل أول من فعله المأمون، وحكى أبو عمرو الداني عن ابن مسعود أنه كره التعشير في المصحف، وكان يحكه وكره مجاهد ذلك أيضا.
- وقال مالك: لا بأس به بالحبر، فأما بالألوان المصبغة فلا. وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات، فأما ما يتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسا.
- قال قتادة: بدؤوا فنقطوا، ثم خمسوا، ثم عشروا. وقال يحيى بن أبي كثير: أول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء والثاء، وقالوا: لا بأس به، هو نور له، أحدثوا نقطا عند آخر الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم
- واختلفوا في الشكل والنقط فمن مرخص ومن مانع، فأما كتابة السور وآياتها والتعشير والأجزاء والأحزاب فكثير في مصاحف زماننا، والأولى اتباع السلف الصالح.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبه, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir