(126)
(فمن رحمة الأب بولده : أن يكرهه على التأدب بالعلم والعمل ويشق عليه في ذلك بالضرب وغيره ويمنعه شهواته التي تعود بضرره ومتى أهمل ذلك من ولده كان لقلة رحمته به وإن ظن أنه يرحمه ويرفهه ويريحه ...
ولهذا كان من تمام رحمة أرحم الراحمين : تسليط أنواع البلاء على العبد فإنه أعلم بمصلحته فابتلاؤه له وامتحانه ومنعه من كثير من أغراضه وشهواته : من رحمته به ولكن العبد لجهله وظلمه يتهم ربه بابتلائه ولا يعلم إحسانه إليه بابتلائه وامتحانه ...
- فمن رحمته سبحانه بعباده : ابتلاؤهم بالأوامر والنواهي رحمة وحمية لا حاجة منه إليهم بما أمرهم به فهو الغني الحميد ولا بخلا منه عليهم بما نهاهم عنه فهو الجواد الكريم
- ومن رحمته : أن نغص عليهم الدنيا وكدرها لئلا يسكنوا إليها ولا يطمئنوا إليها ويرغبوا في النعيم المقيم في داره وجواره فساقهم إلى ذلك بسياط الابتلاء والامتحان فمنعهم ليعطيهم وابتلاهم ليعافيهم وأماتهم ليحييهم
- ومن رحمته بهم : أن حذرهم نفسه لئلا يغتروا به فيعاملوه بما لا تحسن معاملته به كما قال تعالى : ويحذركم الله نفسه والله رؤف بالعباد, قال غير واحد من السلف : من رأفته بالعباد : حذرهم من نفسه لئلا يغتروا به)
[إغاثة اللهفان لابن القيم]