دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > مقدمات المفسرين > مقدمة تفسير الماوردي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الأولى 1431هـ/24-04-2010م, 02:59 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الاجتهاد في التفسير

فصل
وإذا كان القرآن بهذه المنزلة من الإعجاز في نظمه ومعانيه ، احتاجت ألفاظه في استخراج معانيها إلى زيادة التأمل لها وفضل الرويَّة فيها ، ولا يقتصر فيها على أوائل البديهة ، ولا يقنع فيها بمبادئ الفكرة ، ليصل بمبالغة الاجتهاد وإمعان النظر إلى جميع ما تضمنته ألفاظه من المعاني واحتملته من التأويل ، لأن الكلام الجامع وجوهاً ، قد تظهر تارة ، وتغمض أخرى ، وإن كان كلام الله منزها من الآفتين: الفكر والروية ، ليعمل فيما احتمله ألفاظه من المعاني المختلفة ، غير ما سنصفه من الأصل المعتبر في اختلاف التأويل عند احتمال وجوده. وقد روى سهل بن مهران الضبعين عن أبي عمران الجوني ، عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ " فتمسك فيه بعض المتورعة ممن قلت في العلم طبقته،
وضعفت فيه خبرته ، واستعمل هذا الحديث على ظاهرهن وامتنع أن يستنبط معاني القرآن باجتهاده ، عند وضوح شواهده ، إلا أن يرد بها نقل صحيح ، ويدل عليها نص صريح ، وهذا عدول عما تعبّد الله تعالى به خلقه في خطابهم بلسان عربي مبين ، قد نبه على معانيه ما صرح من اللغز والتعمية ، التي لا يوقف عليها إلا بالمواضعة إلى كلام حكيم ، أبَان عن مراده ، وقطع أعذار عباده ، وجعل لهم سبلا إلى استنباط أحكامه ، كما قال الله تعالى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} ولو كان ما قالوه صحيحاً ، لكان كلام الله غير مفهوم ، ومراده بخطابه غير معلوم ، ولصار كاللغز المعمَّى ، فبطل الاحتجاج به ، وكان ورود النص على تأويله ، مغنياً عن الاحتجاج بتنزيله ، وأعوذ بالله من قول في القرآن يؤدي إلى التوقف عنه ، ويؤول إلى ترك الاحتجاج به.
ولهذا الحديث - إن صح - تأويل ، معناه: أن من حمل القرآن على رأيه ، ولم يعلم على شواهد ألفاظه ، فأصاب الحق ، فقد أخطأ الدليل.
وقد روى محمد بن عثمان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((القرآن ذلول ذو وجوه فاحْمِلُوهُ عَلَى أحسن وجوهه)).
وفي قوله: ((ذلول)) تأويلان:
أحدهما: أنه مطيع لحامليه ، حتى تنطلق فيه جميع الألسنة.
والثاني: أنه موضع لمعانيه ، حتى لا تقصر عنه أفهام المجتهدين فيه.
وفي قوله: ((ذو وجوه)) تأويلان:
أحدهما: أن ألفاظه تحمل من التأويل وجوها لإعجازه.
الثاني: أنه قد جمع من الأوامر ، والنواهي ، والترغيب ، والتحليل ، والتحريم.
وفي قوله: ((فاحملوه على أحسن وجوهه)) تأويلان:
أحدهما: أن تحمل تأويله على أحسن معانيه.
والثاني: أن يعمل بأحسن ما فيه ، من العزائم دون الرخص ، والعفو دون
الانتقام ، وهذا دليل على أن تأويل القرآن مستنبط منه.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الاجتهاد, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir