دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > البلاغة > عقود الجمان

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 صفر 1433هـ/22-01-2012م, 05:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الباب الثالث: أحوال المسند

الباب الثالث : أَحْوَالُ الْمُسْنَدِ

214 فَتَرْكُهُ لِمَا مَضَى وَيَحْتَمِلْ = كِلَيْهِمَا "صَبْرٌ جَمِيلٌ" قَدْ نُقِلْ
215 وَشَرْطُهُ قَرِيـنَةٌ كَـذِكْـرِ = سُؤَالٍ اوْ تَقْدِيرِهِ لِخُبْرِ
216 وَقَدْ يَـجِـي مِنْ أَوَّلٍ أَوْ آخِـرِ = وَصَالِحًا لِذَيْنِ عِنْدَ السَّابِرِ
217 وَخَبَرًا لِـمُبْـتَدًا أَوْ (إِنَّ) أَوْ = (كَانَ) عَلَى قُبْحٍ وَفِعْلاً بَعْدَ (لَوْ)
218 وَذِكْرُهُ لمِاَ مَضَى أَوْ حَـتْـمِ = مَجِيئِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالاِسْمِ
219 قُلْتُ: وَلِلتَّعْجِيبِ فِي الْمِفْـتَاحِ قَـدْ = زَادَ، وَفِي الْإِيضَاحِ رَدَّ، وَانْفَرَدْ
220 لِـكَـوْنِهِ لاَ سَبَـبِيًّا مَـعْ عَدَمْ = إِفَادَةِ الْقُوَّةِ لِلْحُكْمِ الْمُتَمْ
221 وَالسَّـبَـبِـيُّ: مَا جَرَى لِغَـيْرِ مَا = يَسْبِقُهُ كَـ"هِنْدَ عَبْدُهَا انْتَمَى"
222 وَكَوْنُهُ فِـعْلاً لِأَنْ يُــقَـيَّـدَا = بِوَقْتِهِ وَيُفْهِمَ التَّجَدُّدَا (*)
223 وَاسْمًٍا لِفَقْدِ فَــيْدِهِ مَـا ذُكِرَا = قُلْتُ: وَقَالَ بَعْضُ مَنْ تَأَخَّرَا:
224 إِفَادَةُ الثُّبُوتِ لِلْإِسْمِ فُـقِـــد = إِنْ كَانَ مَا يَتْلُوهُ فِعْلاً) وَانْتُقِدْ
225 وَكَوْنُهُ مُـقَيَّدًا بِقَـيْد = كَنَحْوِ مَفْْعُولٍ لِزَيْدِ الْفَيْدِ
226 وَنَحْـوُ "كُنْتُ قَائِـمًا" (كَانَ) الَّذِي = قَيَّدَتِ الْمَنْصُوبَ لاَ الْعَكْسُ احْتُذِي
227 وَالتَّرْكُ لِلْمَانِعِ كَانْـتِـهَازِ = لِفُرْصَةٍ تُغْنَمُ وَالْإِيجَازِ
228 وَكَوْنُهُ قُيِّدَ بِـالـشَّرْطِ لِأَنْ = يُفِيدَ مَعْنَى الْأَدَوَاتِ كَيْفَ عَنْ
229 وَكُلُّهَا مَبْسُوطَـةٌ فِي النَّحْوِ = وَابْحَثْ هُنَا فِي (إِنْ) (إِذَا) وَ(لَوّ)
230 فَغَيْرُ (لَوْ) لِلشَّرْطِ فِـي اسْتِقْبَالِ = لَكِنَّ (إِنْ) تَخْتَصُّ بِالْمُحَالِ
231 لِكَوْنِهَا فِـي الْأَصْلِ لِلَّـذِي عَـدِمْ = جَزْمًا وَعَكْسُهَا (إِذَا)، مِنْ ثَـمَّ عَمْ
232 الَْمَاضِ فِيـهَا، وَلِجَزْمٍ إِنْ تَـرِدْ = تَجَاهُلاً أَوْ لِمُخَاطَبٍ فَقَدْ
233 جَزْمًا وَلِلتَّـوْبِيخِ وَالَّذِي يُرَى = كَجَاهِلٍ إِذْ مَا عَلَى الْعِلْمِ جَرَى
234 كَذَا لِتَغْلِيبِ الَّـذِي لَـمْ يَتَّصِفْ = بِهِ عَلَى الْمَوْصُوفِ ثُمَّ ذَا عُرِفْ
235 فِـي غَيْرِ مَا فَنٍّ كَمِـثْلِ (الْعُمَـرَيْنْ) = (اَلْقَانِتَيْنِ) (الْخَافِقَيْنِ) (الْقَمَرَيْنْ)
236 قُلْتُ: وَمَنْ يَشْرُطُ أَنْ يُغَلَّبَا = أَدْنَى أَوِ الْأَعْلَى فَلَا تُصَوِّبَا
237 وَاخْـتَصَّتَا بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ = مُسْتَقْبَلاً وَتَرْكُهُ لِنُكْتَةِ
238 كَمِثْلِ إِبْـرَازِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلِ = فِي صُورَةِ الْحَاصِلِ وَالتَّفَاؤُلِ
239 وَالْقَصْدِ لِلرَّغْبَةِ فِي وُقُوعِهِ = وَقِيلَ: وَالتَّعْرِيضُ مِنْ فُرُوعِهِ
240 نَحْوُ "لَئِنْ أَشْرَكْتَ" وَالتَّعْرِيضَ سَمْ = بِـ(مُنْصِفِ الْكَلاَمِ) مِمَّنْ قَدْ حَكَمْ
241 وَمِنْهُ "مَا لِيْ" تِلْوُهُ "لاَ أَعْبُدُ" = وَحُسْنُهُ إِسْمَاعُ مَنْ قَدْ يَقْصِدُ
242 خِطَابَهُ الْحَقَّ عَلَـى وَجْـهٍ مَـنَعْ = غَضَبَهُ؛ إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا صَنَعْ
243 نِسْبَـتُهُ لِلَّوْمِ، وَالْإِعَــــانَـةْ = عَلَى قَبُولِهِ لِمَا أَبَانَهْ
244 مِـنْ نُصْـحِهِ؛ إِذْ لَمْ يُـرِدْ لَهُ سِوَى = مُرَادِهِ لِنَفْسِهِ كَمَا نَوَى
245 وَ(لَوْ لِشَرْطِ الْمَاضِ وَانْتِفَائِهِ = لاَ لاِنْتِفَا الْمَشْرُوطِ أَوْ بَقَائِهِ
246 فَذَاكَ بِاللاَّزِمِ؛ هَكَذَا ذَكَرْ = جَمَاعَةٌ وَشَيْخُنَا لَهُ نَصَرْ
247 مِنْ ثَمَّ غَالِـبًا تَلِي الْفِعْلِيَّةْ = وَفِعْلَ جُزْأَيْهَا الْزَمَنْ مُضِيَّهْ
248 وَلاِنْحِتَامِ كَوْنِ ذَاكَ وَاقِعَا = وَقَصْدِ الاِسْتِمْرَارِ جَا مُضَارِعَا
249 وَقَصْدِ الاِسْتِحْضَارِ مِثْلُ مَـا أَتَـى = فِي غَيْرِ ذَا، وَقَدْ تَقَضَّى ضِدُّ تَا
250 قُلْتُ: وَأَمَّا نَفْيُهُ فَـالْأَحْرُفُ = سِتٌّ، لِمَعْنًى كُلُّ حَرْفٍ يُؤْلَفُ
251 فَـ(مَا) وَ(إِنْ) كَـ(لَيْسَ) نَفْيُ الْحَالِ = وَ(لاَ) وَ(لَنْ( لِنَفْيِ الاِسْتِقْبَالِ
252 فَـ(إِنْ) أَدَقُّ ثُمَّ لِلتَّأْكِيدِ (لَنْ) = وَنَفْيِ مَا كَانَ حُصُولُهُ يُظَنْ
253 قِيلَ: وَلِلتَّأْبِيدِ، لَكِنْ تُرِكَا = وَخَصَّهُ (لاَ) ابْنُ خَطِيبِ زَمْلَكَا
254 قَالَ: وَلَنْ لِنَفْيِ مَا قَدْ قَرُبَا، = وَالاِرْتِشَافُ فِيهِ هَذَا قَدْ أَبَى
255 وَ(لَمْ) وَ(لَمَّا) نَـفْيُ مَاضٍ وَانْـفَرَدْ = (لَمَّا) بِالاِسْتِغْرَاقِ مَعْ مَدْخُولِ (قَدْ)
256 وَكَوْنُ مَا أُسْنِدَ ذَا تَنَكُّرِ = لِقَصْدِ أَنْ لاَ عَهْدَ أَوْ لَمْ يُحْصَرِ
257 كَذَاكَ لِلتَّفْخِيمِ أَوْ لِلضَّعْفِ، = وَكَوْنُهُ مُخَصَّصًا بِالْوَصْفِ
258 أَوْ بِإِضَافَةٍ لِكَوْنِهِ أَتَمْ = فَائِدَةً، وَتَرْكُهُ لِلْفَقْدِ عَمْ
259 وَكَوْنُهُ مُعَرَّفًا لِيَفْهَمَا = مُخَاطَبٌ حُكْمًا عَلَى مَا عَلِمَا
260 بِبَعْضِ مَا عَرَّفَ بِالَّذِي جَهِلْ = أَوْ لاَزِمًا، كَذَا "أَخِيْ" أَوِ "الْأَجَلْ"
261 عَهْدًا أَوِ الْجِنْسَ أَرِدْ كَعَكْسِ = ذَيْنِ، وَقَدْ يُفِيدُ قَصْرَ الْجِنْسِ
262 ذُو اللاَّمِ تَحْقِيقًا عَلَـى شَيْءٍ كَذَا = مُبَالَغًا كَـ"هْوَ الْأَمِيرُ" وَ"..الْأَذَى"
263 وَمَنْ يَقُلْ: (مُعَيَّنٌ لِلاِبْتِدَا = إِسْمٌ وَلِلْإِخْبَارِ وَصْفٌ) فَارْدُدَا
264 وَجُمْلَةً يَجِيءُ لِلتَّقْوِيَةِ = أَوْ سَبَبِيًّا كَانَ كَالْإِسْمِيَّةِ
265 فِعْلِيَّةً شَرْطِيَّةً لِمَا مَضَى = ظَرْفِيَّةً تَقْدِيرُهَا الْفِعْلُ رِضَا
266 فَلاِخْتِصَارِهَا وَفِي تَأْخِيرِهِ = اَلنُّكْتَةُ اهْتِمَامُ شَأْنِ غَيْرِهِ
267 وَعَكْسُهُ لِكَوْنِهِ بِالْمُسْنَدِ = إِلَيْهِ مَخْصُوصًا كَـ"مَا فِيهَاعَدِيْ"
268 مِنْ ثَمَّ فِي "لاَ رَيْبَ فِيهِ" أُخِّرَا = كَيْ لاَ يُفِيدَ الرَّيْبَ فِيمَا غَبَرَا
269 أَوْ فَهْمِ الْاِخْبَارِ بِهِ مِنْ أَوَّلِ = أَوْ لِتَشَوُّقٍ أَوِ التَّفَاؤُلِ
270 قُلْتُ: وَلِلْمَفْعُولِ إِنَّمَا بُنِي = لِكَوْنِهِ فِي الذُّكْرِ نُصْبَ الْأَعْيُنِ
271 أَوِ السِّيَاقِ دَلَّ أَوْ لاَ يَصْدُرُ = عَنْ غَيْرِهِ أَوْ كَوْنِهِ يُحَقَّرُ
272 كَذَاكَ لِلْجَهْلِ وَالاِخْتِصَارِ = وَالسَّجْعِ وَالرَّوِيِّ وَالْإِيثَارِ

تَنْبِيه
273 غَالِبُ هَذَا الْبَابِ وَالَّذِي خَلاَ= يَجِيءُ فِي سِوَاهُمَا تَأَمَّلاَ


(*) الأخضري:
وكونه فعلا فلتقييد = بالوقت مع إفادة التجديد
ابن الشحنة:
وكونه فعلا فللتقيد= بالوقت معإفادة التجدد

  #2  
قديم 28 صفر 1433هـ/22-01-2012م, 09:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عقود الجمان للسيوطي


أحوال المسند
فتركه لما مضى ويحتمل = كليهما صبر جميل قد نقل
وشرطه قرينة كذكر = سؤال أو تقديره لخبر
قد يجيء من أول أو آخر = وصالحا الذين عند السابر
وخبر المبتدأ أو إن أو = كان على قبح وفعلا بعد لو
هذا باب الأحوال العارضة للمسند وفيه أبحاث: الأول في حذفه فيكون للنكت الماضية في حذف المسند إليه مثاله لاجتناب العبث خرجت فإذا زيد أي حاضر ولضيق المقام قول أبي الطيب:
قالت وقدر أت اسفراري من به = وتنهدت فأجبتها المتنهد
أي المطالب به ويأتي أيضا لقصد الاختصار والعدول إلى أقوى الدليلين واختبار تنبه السامع ومقدار تنبه وقوله تعالى- فصبر جميل- يحتمل أن يكون من حذف المسند إليه أي أمري صبر جميل وأن يكون من حذف المسند أي فصبر جميل أجمل قال الشيخ سعد الدين ففي الحذف تكثير الفائدة بإمكان حمل الكلام على كل من المعنيين بخلاف ما لو ذكر فإنه يكون نصا في أحدهما، قلت: الظاهر أن الحذف هنا لضيق المقام والضجر وشرط الحذف قرينة دالة عليه وهي إما سؤال مذكور نحو- ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله- أي خلقنا لله أو مقدر للعلم به وهو معنى قولي لخبر وهو بضم الخاء وسكون الباء كقوله:
ليبك يزيد ضارع لخصومة = ومختبط مما تطيح الطوائح
فيبك بالبناء للمفعول ورفع يزيد وكأنه قيل من يبكيه قال ضارع أي يبكيه ضارع لأنه كان ملجأ للأذلاء وعونا للضعفاء ثم الحذف مرة يكون من الأول لدلالة الآخر عليه كقوله:
نحن بما عندنا وأنت بما = عندك راض والرأي مختلف
أي نحن راضون أو بالعكس نحو* فأني وقيار بها لغريب* أي وقيار كذلك وصالحا للأمرين كقولك زيد وعمرو قائم وتارة يكون المحذوف خبر المبتدأ كالمثال الأول أولان كقوله:
إن محلا وإن مرتحلا* أي إن لنا في الدنيا محلا وإن لنا عنها مرتحلا أو لكان على قبح عند النحاة هو من زيادتي نحو أن خير فخير برفعهما أي إن كان في عمله خير فجزاؤه خير وتارة يكون
[شرح عقود الجمان: 31]
فعلا بعد لو نحو: قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة بي: أي لو تملكون تملكون إذ لا تدخل لو على اسم والتصريح بهذه الأحكام في البيتين من زيادتي واقتصر في التلخيص على الأمثلة:
وذكره لما مضى أو حتم = مجيئه بالفعل أو بالاسم
قلت وللتعجب في المفتاح قد = زاد وفي الإيضاح رد وانفرد
البحث الثاني: في ذكره وذلك للنكت الماضية أيضا في المسند إليه ومن أمثلته للاحتياط: ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ويزاد هنا أن يتعين كونه فعلا ليفيد التجدد أو اسما ليفيد الثبوت ولا يدري لو حذف هل هو اسم أو فعل أو يراد به التعجب كما ذكره السكاكي والطيبي وألحقته من زيادتي نحو زيد يقاوم الأسد وقال في الإيضاح فيه نظر لأنه يحصل بالحذف مع القرينة وقولي وانفرد متعلق بالأبيات الآتية:
لكونه لا سببا مع عدم = إفادة القوة للحكم المتم
والسببي ما جرى لغير ما = يسبقه كهند عبدها انتمي
وكونه فعلا لأن يقيدا = بوقته ويفهم التجددا
واسما لفقد قيده ما ذكرا = قلت وقال بعض من تأخرا
إفادة الثبوت للاسم فقد = إن كان ما يتلوه فعلا وانتقد
البحث الثالث: في أفراده وذلك لكونه غير سببي مع عدم إفادة تقوى الحكم نحو زيد قائم فقائم ليس سببيا ولا يفيد التقوى كقام بل يقرب منه كما تقدم فإن أريد التقوية أو كان سببيا أتى به جملة كما سيأتي، والمراد بالسببي ما جرى على غير من هو له بأن يكون إثبات المسند للمسند إليه لمتعلق لا لنفسه نحو زيد أبوه منطلق وهند عبدها قائم والتصريح بتفسيره من زيادتي واقتصر في التلخيص على التمثيل بالمفرد قد يكون فعلا، وقد يكون اسما فالأول لتقييد بأحد الأزمنة الثلاثة الماضي والحاضر والاستقبال على أخصر وجه إذ لا يتأتي ذلك في الاسم إلا بقيد أمس أو الآن أو غد أو لإفادة التجدد والحدوث بمعنى أن من شأنه أن يتكرر ويقع مرة بعد أخرى كقوله تعالى: فريقا كذبتم وفريقا تقتلون: أي فريقا فزعتم من تكذيبهم وفريقا فزعتم من قتلها وها أنتم تسعون في قتل محمد صلى الله عليه وسلم، والثاني لعدم إفادة ما ذكر من التقييد والتجدد أي لإفادة الدوام والثبوت كقوله:
لا يألف الدرهم المضروب صرتنا = لكن يمر عليها وهو منطلق
يعني أن الانطلاق من الصرة ثابت الدرهم دائما ثم نبهت من زيادتي على أن بعض المتأخرين وهو الكاشي في شرح المفتاح قال لا تكون الجملة الاسمية للثبوت إلا إن كان في حيزها اسم فإن كان فعل فلا لئلا يقع التناقض في مثل زيد قام فإنها تقتضي الثبوت من حيث صدرها والتجدد من حيث عجزها قال ابن السبكي وفيما قاله نظر بل ما قالوه على عمومه ولا تناقض لأن قولك زيد قام دل على ثبوت نسبة القيام المتجدد فالقيام تجدد وحصوله لزيد ووصفه به ثابت مستقر قال ولا بدع في ذلك فربما كان الفعل المتجدد لشدة لزومه ودوامه أو شرفه في نفسه يجعل لفاعله صفة ثابتة مستقرة
وكونه مقيدا بقيد = لنحو مفعول لزيد القيد
ونحو كنت قائما كان الذي = قيدت المنصوب لا العكس احتذى
[شرح عقود الجمان: 32]
والترك للمانع كانتهاز = لفرصة تغتنم والإيجاز
البحث الرابع: في تقييد المسند سواء كان فعلا أو اسما يعمل عمله ولذا عدلت عن قول التلخيص وأما تقييد الفعل بقيد من مفعول مطلق أو به أوله أو فيه أو معه أو حال أو تمييز أو استثناء وذلك لزيادة الفائدة فإن بالتقييدات يزداد الحكم غرابة وكلما ازداد غرابة ازداد إفادة، ومن مسائل التقييد الغريبة نحو كنت قائما فربما توهم أن التقييد حصل لكان بالخبر لأنه بمنزلة المفعول واسمها بمنزلة الفاعل وقد يكمل الإسناد بها وليس كذلك بل الإسناد دائر بين الاسم والخبر ودخلت كان تقييدا للخبر فالقيام مقيد بكان لا كان مقيدة بالقيام وترك التقييد لمانع من ذلك وبينت من زيادتي أن المانع كانتهاز الفرصة والاختصار ومنه عدم العلم بالمقيدات وإرادة أن لا يطلع عليها الحاضرون ونحو ذلك:
وكونه قيد بالشرط لأن = يفيد معنى الأدوات كيف عن
وكلها مبسوطة في النحو = وابحث هنا في إن إذا ولو
فغير لو للشرط في الاستقبال = لكن إن تختص بالمحال
لكونها في الأصل للذي عدم = جزما وعكسها إذا من ثم عم
الماضي فيها والجزم إن ترد = تجاهلا أو لمخاطب فقد
جزما وللتوبيخ والذي يرى = كجاهل إذ ما على العلم جرى
كذا لتغليب الذي لم يتصف = به على المصوف ثم ذا عرف
في غير ما فن كمثل العمرين = القانتين الخافقين القمرين
قلت: ومن يشرط أن يغلبا = أدنى أو الأعلى فلن يصوبا
تقييد المسند بالشرط لا يكون لإفادة معنى الأداة المقيد بها فيختلف باختلاف معاني الأدوات وذلك مقرر في علم النحو ولا بد من البحث هنا في إن وإذا ولو لاختصاصها بلطائف ودقائق لم يتعرض لهائمة فإن وإذا للشرط في الاستقبال سواء كان مدخولهما مضارعا أو ماضي اللفظ، والأصل في إن عدم الجزم بوقوع الشرط وفي إذا الجزم ولهذا تدخل إن على النادر والمحال دون إذا وغلب في إذا لفظ الماضي لدلالته على الوقوع قطعا إذا المستقبل المقصود إن تحقق وقوعه يؤتي فيه بلفظ الماضي قال تعالى- فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه- أتى في الحسنة بإذا ولفظ الماضي لأن وقوعها مجزوم به لأن المراد بها النعم ونهم الله تعالى لا تنفك عن الخلق وفي السيئة بإن والمضارع إشارة إلى ندروها، وهي ما يسوء الإنسان ولهذا نكرت إشارة إلى التقليل بخلاف السنة، وقد تخرج إن عن أصلها فتستعمل في المجزوم به لنكت: منها التجاهل كقول العبد لمن يطلب سيده إن كان في الدار أخبرتك يوهمه أنه غير جازم وهو عالم بكونه فيها، ومنها كون المخاطب غير جازم كقولك لمن يكذبك إن صدقت فماذا نفعل مع علمك بأنك صادق، ومنها التوبيخ لكون المقام يشتمل على ما يقلع الشرط من أصله يحيث لا يصلح إلا على سبيل الفرض نحو- أفنضرب عنكم الذكر صفحا إن كنتم قوما مسرفين- في قراءة من كسر إن، ومنها تنزيل العالم منزلة الجاهل لعدم جريه على مقتضى العلم كقولك لمن يؤذي أباه إن كان أباك فلا تؤذه ومنها تغليب الذي لم يتصف بالجزم على الجازم به بأن يسند الفعل إلى جماعة بعضهم جازم وبعضهم.
[شرح عقود الجمان: 33]
شاك فيغلب على غيره نحو- يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث- ثم استطرد إلى أن التغليب باب واسع يجري في فنون كثيرة كقولهم العمران لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما غلب الأخف وقوله تعالى- وكانت من القانتين- غلب المذكر على المؤنث وقولهم الخافقان للمشرق والغرب وهو حقيقة في الثاني والقمران للشمس والقمر غلب المذكور وقوله صلى الله عليه وسلم (إذا التقى الختانان) والختان خاص بالذكور وللأناث الخفض كما ظاهر كلام الصحاح وقوله تعالى- بل أنتم قوم تجهلون- غلب المخاطب على غيره وشرط ابن الحاجب في التغليب أن يغلب الأدني على الأعلى لأن القمر دون الشمس وأبا بكر أفضل من عمر وأورد عليه البحران للملح والعذب والملح أعظم وعكس الطيبي فشر تغليب الأعلى والذي تختاره خلاف قوليهما بل قد يكون للأفضل وللأخف وللتذكير ولغير ذلك وقد نبهت على هذه المسئلة من زيادتي:
واختصتا بالجملة الفعلية = مستقبلا وتركه لنكتة
كمثل إبراز الذي لم يحصل = في صورة الحاصل والتفاؤل
واقصد للرغبة في وقوعه = وقيل والتعريض من فروعه
نحو لئن أشركت والتعريض سم = بمنصف الكلام ممن قدحكم
ومنه مالي تلوه لا أعبد = وحسنه بإسماع من قد يقصد
خطابه الحق على وجه منع = غضبه إذ لم يكن فيما صنع
نسبته للذم والإعانة = على قبوله لما أياته
من نصحه إذ لم يرد له سوى = مراده لنفسه كما نوى
تختص إن وإذا بالجملة الفعلية الاستقبالية لكون كل منهما لتعليق أمر بغيره في الاستقبال ولا يخالف ذلك إلا لنكت: منها أن يجعل غير الحاصل كالحاصل، ومثل بقوله تعالى- وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا- ومنها أن يقصد المتكلم التفاؤل بوقوعه فيعبر عنه بلفظ الماضي وإظهار رغبته في وقوعه نحو إن ظفرت بحسن العاقبة إن أردن تحصنا، قال السكاكي: وقد يؤتي بالماضي لإرادة التعريض وهو أن يخاطب واحد ويراد غيره نحو قوله تعالى- لئن أشركت- خوطب النبي صلى الله عليه وسلم وأريد غيره لاستحالة الشرك عليه شرعا فجعل خارجا عن الأصل تنزيلا للاستحالة الشرعية منزلة العقلية ويسمى هذا الباب الكلام المنصف لأنه يوجب أن ينصف المخاطب إذا رجع إلى نفسه ويسمى أيضا استدراجا لاستدراجه الخصم إلى الإذعان والتسليم ونظيره وقوله تعالى- وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون- أي وما لكم لا تعبدون ووجه حسن التعريض إسماع من يقصد خطابه الحق على وجه يمنع غضبه إذ لم يصرح بنسبته للباطل والإعانة على قبوله إذ لم يرد له إلا ما أراده لنفسه.
ولو لشرط الماض وانتفائه = لا لانتفا للشروط أو بقائه
فذاك باللازم هكذا ذكر = جماعة وشيخنا له نصر
اختلفت عبارات النحاة في معنى لو وقد استوفينا أقوالهم فيها في كتابنا جمع الجوامع وعبارة الجمهور فيها أنها حرف امتناع وفسرها الأكثر بأن المراد امتناع الثاني لامتناع الأول فقولك لو جاء زيدا كرمتك يفهم امتناع إلا كرام لامتناع مجيء زيد وأود على هذه العبارة أشياء: منها قوله
[شرح عقود الجمان: 34]
تعالى- ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده- الآية فأنه يستلزم عليها أن يكون النفاد موجودا عند عدم كون ما في الأرض من شجرة أقلاما والبحر مدادا وحديث (نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه) فأنه يستلزم أنه إذا خاف عصى ولا شك أن ذلك غير مراد والذي اختاره جماعة منهم صاحب التلخيص وشيخنا أن لو للشرط في الزمن الماضي وأنها تفيد انتفاء الشرط بالوضع وانتفاء المشروط باللازم والعقل ولا دلالة لها وضعية على انتفائه ولا ثبوته ويقرب من ذلك قول ابن مالك هي حرف شرط يقتضى امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه من غير تعرض لنفي التالي قال فقيام زيد من قولك لو قام زيد قام عمرو محكوم بانتفائه وكونه مستلزما ثبوته لثبوت قيام من عمرو وهل لعمرو قيام آخر غير اللازم من قيام زيد أو ليس له لا تعرض لذلك، قال المرادي: ولكن الأكثر كون الأول والثاني غير واقعين وأحسن منه قول الشيخ جمال الدين بن هشام إن ناسب الثاني لأول ولم يخلفه غيره انتفي أيضا نحو: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا لا إن خلفه نحو لو كان إنسانا لكان حيوانا وإن لم يناف وإن لم يناف الأول وناسبه إما بالأولى أو المساوى أو الأدون ثبت مثال الأولى لو لم يخف الله لم يعصه والمساوى حديث الصحيحين (لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لإبنة أخي من الرضاعة) والأدون قولك لو انتفت أخوة الرضاع ما حلت للنسب.
فائدة: كثر سؤال الناس عن حديث (لو لم يخف الله لم يعصه) وقد قال الشيخ بهاء الدين في عروس الأفراح في هذه المسئلة قد نسب الخطيبي هذا الكلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونسبه ابن مالك في شرح الكافية وغيره إلى عمر رضي الله تعالى عنه ولم أر هذا الكلام في شيء من كتب الحديث لا مرفوعا ولا موقوفا لا عن عمر ولا عن غيره مع شدة الفحص عنه، ونقله عن البدر الدماميني في شرح المغني والشيخ جلال الدين المحلي في شرح جمع الجوامع واقتصر عليه، ورأيت في ذلك فتوى قدمت للحافظ أبي الفضل العراقي وكتب عليها انه وقع في شرح الترمذي لابن العربي وأنه لم يقف على إسناد، قلت ما زال في نفس منه حتى رأيته فسررت به سرورا لم يعدله شيء لكنه في سالم لا في صهيب، فأخره أبو نعيم في الحلية عن محمد بن علي بن حبيش عن أحمد بن حماد ابن سفيان عن زكريا بن يحيي بن أبان عن أبي صالح كاتب اليث عن أبي لهيعة عن عبادة بن أبي عن عبد الرحمن بن غنم عن عبد الله بن الأرقم عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن سالما شديد الحب لله لو لم يخف الله عز وجل ما عصاه) وأخرجه الديامي في مسند الفردوس من طريق الحافظ أبي بكر بن مردويه عن عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم عن عبيد بن محمد بن يحيي بن فضاء عن سليمان بن داود القذ كوني عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن الجراح بن المنهال عن خبيب بن نجيح عن عبد الرحمن بن غنم عن عبد الله بن الأرقم عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن معاذ بن جبل إمام العلماء يوم القيامة لا يحجبه من الله إلا المرسلون، وإن سالما مولى أبي حذيقة شديد الحب لله لولا يخف الله ما عصاه).
من ثم غالبا تلى الفعليه = وفعل جزأيها الزمن مضيه
ولا تختام كون ذاك واقعا = وقصد الاستمرار جا مضارعا
وقصد الاستحضار مثل ما أتى = في غير ذا وقد تقضي ضدنا
[شرح عقود الجمان: 35]
أي من أجل لو تدل على التعليق لزم منه عدم الثبوت وامتنع إيلاؤها الجملة الاسمية فلا تكون جملة شرطها وجوابها إلا فعلية وما ورد بخلافه فهو نادر أو مؤول على إضمار فعل يفسره ما بعده كقوله تعالى- لو أنتم تملكون- وقولهم لو ذات سوار لطمتني، وقول الشاعر:
أخلاي لو غير الحمام أصابكم = عتبت ولكن ما على الدهر معتب
ويلزم كون فعليها: أي الشرط والجواب ماضيين لفظا ومعنى لما تقدم من أنها للتعليق في الماضي وقد يجيء مضارعا لنكت: منها تحقق وقوعه نحو: ولو ترى إذ وقفوا عبر فيه وهو مستقبل قطعا بلو وإذ وهما للمضي لتحقق وقوعه كذا قرره فالتجوز حينئذ في لولا في الفعل وقرره الشيخ بهاء الدين بأن المعنى لو رأيت في الماضي وإنما أخبر عنه ماضيا وإن كان مستقبلا لأن من خبره لا يخاف يجعل المخبر به كالذي وقع فلذلك أتى برأيت ثم عبر بنرى رعاية للأصل، ومنها قصد استمرار عدم وقع فعل المعلق عليه فيما مضى وقتا بعد وقت نحو: لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم: يعني ان عدم طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم مستمر في الأزمنة الماضية فإن المضارع المثبت يفيد استمرار الثبوت فكذا المنفي والداخل عليه لو يفيد استمرار النفي والامتناع ومنها قصد استحضار الصورة في قوله: ولو ترى قصد استحضار صورة رؤية الكافرين موقوفين على النار لأن المضارع مما يدل على الحال الحاضر الذي من شأنه أن يشاهد لأنه يستحضر بلفظ المضار تلك الصورة فيشاهدها السامعون ولا يفعل ذلك إلا بأمر يهتم بمشاهدته لغرابته أو فظاعته كما قوله تعالى- أرسل الرياح فتثير سحابا- أتي بالمضارع بعد الماضي لقصد استحضار تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة وهذا معنى قولي: مثل ما أتى في غير ذا: أي في غير باب لو ومن استعمال المضارع في غير باب لو للاستمرار قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا) أي ليعتاد ذلك ويستمر عليه وقد تقدم ضد ذلك وهو وقوع الماضي موقع المضارع وعكسه في آخر باب المسند إليه:
قلت وأما نفيه فالأحرف = ست لمعنى كل حرف يؤلف
فما وإن كليس نفي الحال = ولا ولن لنفي الاستقبال
وافترقا من أن للتأكيد لن ونفي ما كان حصوله يظن
قيل وللتأييد لكن تركا = وخصه لا ابن خطيب زملكا
قال ولن لنفي ما قد قربا = والارتشاف فيه هذا قد أبى
ولم ولما نفي ماض وانفرد = لما بالاستغراق مع مدخول قد
هذه الأبيات من زيادتي وفيها تقييد المسند بحرف النفي ولم يذكره في التلخيص ولابد منه لبيان ما بين الأحرف من الفرق وما يختص به من اللطائف وقد تعرض الكمال ابن الزملكاني في كتابه التبيان لذلك فأحرف النفي ستة: ما وأن ولا وهي تنفي الاسم والفعل، ولن ولم ولما وهي تختص بالفعل فالأولان لنفي الحال كليس ولا ولن لنفي الاستقبال، ولم ولما لنفي الماضي، ونفي إن أبلغ من نفي ما، وأما لا ولن فالفرق بينهما من وجوه: منها أن لن آكد في النفي من لا على المختار الذي جزم به الزمخشري في مفصله وكشافه خلافا للنحاة فإن ذلك أمر يدرك بالذوق، وقد وافقه عليه كثير حتى قال بعضهم إن منعه مكابرة قال في الكشاف فقولك لن أقيم مؤكد بخلاف لا أقيم كما في إني مقيم وأنا مقيم، ومنها أن لن لنفي المظنون حصوله ولا لنفي المشكوك فيه ذكره ابن الزملكاني
[شرح عقود الجمان: 36]
في التبيان، ومنها أن لن لتأبيد النفي ذكره في الكشاف أيضا نحو: لن يخلقوا ذيابا، لن يخلف الله وعده وبني عليه مذهبه الفاسد في لن تراني وهو مردود وإنما استفيد تأبيد النفي في هاتين الآيتين ونحوهما من خارج وعكس ذلك ابن الزملكاني فجعل لن لنفي ما قرب وعدم امتداد النفي وجعل لا يمتد معها النفي قال وسر ذلك أن الألفاظ مشاكلة للمعاني ولآخرها الألف والألف يمكن امتداد الصوت بها بخلاف النون فطابق كل لفظ معناه قال ولذلك أني بلن حيث لم يرد به النفي مطلقا بل في الدنيا حيث قال لن تراني وبلا في قوله: لا تدكه الأبصار حيث أريد لفي الإدراك على الاطلاق وهو مغاير للرؤية وقد نقل أبو حيان في الارتشاف عن بعض البيانين أن لن لنفي ما قرب ولم يرتضه وقولي وخصه لا أي خص لا به وابن خطيب زملكا هو أبو المكارم عبد الواحد ابن عبد الكريم بن خلف الزملكاني جد الشيخ كمال الدين محمد بن عبد الواحد الفقيه المشهور كان متميزا في علوم عدة خبيرا بالمعاني والبيان والأدب مات بدمشق في المحرم سنة إحدى وخمسين وستمائة وله في هذا الفن التبيان كتاب جليل وزملكا بفتح الزاي واللام وسكون الميم والقصر قرية بدمشق، وأما الفرق بين لم ولما فمن أوجه: منها أن لما لاستغراق النفي أي اتصاله بالحال دائما أو غالبا كقوله:
فإن كنت مأكولا فكن خير آكل = وإلا فأدركني ولما أمزق
فخلاف لم فإن منفيها يحتمل الاتصال نحو: ولم أكن بدعائك رب شقيا والانقطاع نحوك لم يكن شيئا مذكورا ولهذا جاز لم يكن ثم كان ولم يجز لما يكن ثم كان بل يقال لما يكن وقد يكون، ومنها أن لم لنفي فعل وما لنفي قد فعل فهي لتأكيد النفي ونشأ عن ذلك أن منفيها لا يكون إلا قريبا من الحال فلا يقال لما يجيء زيد في العام الماضي بخلاف لم وأنه متوقع ثبوته نحو: لما يذوقوا عذاب أي لم يذوقوه إلى الآن وذوقهم له متوقع بخلاف لم ولهذا أجازوا لم يقض ما لا يكون:
وكون ما أسند ذا تنكر = لقصد أن لا عهد أو لم يحصر
كذاك للتفخيم أو للضعف = وكونه مخصصا بالوصف
أو بإضافة لكونها أتم = فائدة وتركه للفقد عم
البحث الخامس: في تنكير المسند وتخصيصه وتعريف، فأما تنكيره فلإرادة عدم العهد وعدم الحصر الدال عليهما التعريف نحو قولك زيد كاتب وعمرو شاعر، وللتفخيم نحو: هدى للمتقين على أنه خبر محذوف، وللتحقير وهو معنى قولي للضعف نحو ما زيد شيئا وأما تخصيصه بالوصف أو الإضافة فلكون الفائدة أتم نحو زيد كاتب مجيد وزيد غلام رجل وأما ترك ذلك فلفقد الأسباب المقتضية للتخصيص:
وكونه معرفا ليفهما = مخاطب حكما على ما عاما
ببعض ما عرف بالذي جهل = أو لازما كذا أخي أو الأجل
عهدا أو الجنس أرد كعكس = دين وقد يفيد قصر الجنس
ذو اللام تحقيقا على شيء كذا = مبالغا كهو الأمير والأذى
ومن يقل معين للابتدا = اسم وللأخبار وصف فارددا
تعريف المسند يكون لإفادة المخاطب حكما أو لازم حكم على شيء معلوم له بأحد طرق التعريف بأمر
[شرح عقود الجمان: 37]
أخر مثله أي إذا كان السامع يعلم للمحكوم عليه إحدى صفتين وأردت أن تفيده الأخرى فاجعل العلوم له مبتدأ كما إذا كان يعرف زيدا باسمه ووصفه ويجهل كونه أخاه فتقول زيد أخوك وكذا من علم ذلك وأنه وقع انطلاق من شخص تقول هل عمرو المنطلق وعكس هذين المثالين وهو أخوك زيد والمنطلق عمرو لمن علم أن له أخا ولا يعلم كونه زيدا أو أنه وقع انطلاق ولا يعلم انه من عمرو وسواء كانت اللام عهدية كما ذكر أم جنسية كما إذا عرف السامع إنسانا بعينه ووصفه وهو يعلم جنس المنطلق وأردت أن تعرفه اتصاف عمرو به فتقول عمرو المنطلق وإن أردت أن تعين عنده جنس المنطلق قلت المنطلق عمرو فالباء في قولي ببعض متعلق بعلم وفي بالذي متعلق بيفهم وعرف مشدد مبني للفاعل ولازما معطوف على حكما أي إذا كان السامع غير جاهل بهما ولكن قصد إعلامه بأنه يعرف احدهما وحكم به على الآخر نحو الذي أثنى على أنت لمن يعلم بأن الثناء نقل إليك ولا يدري هل تعلم أنه المثنى أولا تقديره علمت أن المثنى أنت وتقول في عكسه أنت المثنى على وقد يفيد ذو اللام قصر الجنس على شيء مسندا كان أو مسندا إليه تحقيقا أو مبالغة لكماله فيه فالأول زيد الأمير إذا لم يكن أمير سواه والثاني عمرو الشجاع وزيد الأذى أي الكامل فيهما لأنه لا اعتداد بشجاعة غيره وإذاه لقصورهما عن رتبة الكمال والإتيان بقد إشارة إلى انه قد لا يفيده كقول الخنساء:
إذا قبح البكاء على قتيل = رأيت الحسن الجميلا
ثم نبهت على أن بعضهم قل في نحو عمرو المنطلق والمنطلق عمرو أن الاسم متعين للابتدائية تقدم أو تأخر لدلالته على الذات والصفة متعينة للخبرية كذلك لدلالتها على أمر نسبى وعليه الإمام الرازي وهو مردود بأن المنطلق لا يجعل مبتدأ إلا بمعنى الشخص الذي له الانطلاق وهو بهذا المعنى لا يكون خبرا لأنه دال على الذات وعمرو لا يجعل خبرا إلا بمعنى صاحب اسم عمرو وهو بهذا المعنى لا يحسبن مبتدأ لدلالته على أمر نسبى:
وجملة تجيء للتقوية = أوسببيا كان كالاسمية
فعلية شرطية لما مضى = ظرفية تقديرها الفعل رضا
فلاختصارها وفي تأخيره = لنكتة اهتمام شأن غيره
وعكسه لكونه بالمسند = إليه مخصوصا كما فيها عدي
من ثم في لا ريب فيه أخرا = كي لا يفيد الريب فيما غبرا
أو فهم الأخبار به من أول = أو لتشوق أو التفاؤل
البحث السادس: في كونه جملة وذلك تقوى الحكم بنفس التركيب أي لا بالتكرير والأداة نحو أنا قمت أو لكون المسند سببيا كما تقدم في مثل زيد أبوه قائم واسميتها وفعليتها وشرطيتها لما مضى من الاسمية للدوام والثبوت والفعلية للتجدد والحدوث والدلالة على احد هذه الأزمنة باختصار والشرطية للاعتبارات المختلفة الحاصلة من أداة الشرط وظرفيتها لاختصار الفعلية إذا الظرف مقدر بالفعل وهو كان أو استقر على الأصح لأن الفعل هو الأصل في العمل، وقبل باسم الفاعل لأن الأصل في الخبر أن يكون مفردا وبسط الكلام على ذلك كتب النحو.
البحث السابع: في تأخيره وتقديمه فالأول هو الأصل ويبقى إذا كان ذكر المسند إيه أهم والثاني وهو
[شرح عقود الجمان: 38]
التقديم إما لتخصيصه بالمسند إليه نحو: لا فيها غول أي بخلاف خمر الدنيا ولذلك لم يقدم في قوله تعالى لا ريب فيه بأن يقال لا فيه ريب لئلا يفيد ثبوت الريب في سائر كتب الله تعالى، أو لإفادة أنه خبر من أول وهلة لا نعت نحو: له همم لا منتهى لكبارها، إذ لو قال همم له توهم انه نعت أو للتشوق إلى المسند إليه بأن يكون في المسند المتقدم طول تشوق النفس إلى ذكره ليكون له وقع نحو:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها = وتزينت ببقائك الأعوام
قلت وللمفعول إنما بنى = لكونه في الذكر نصب الأعين
والسياق دل أو لا يصدر = عن غيره أو كونه يحقر
كذاك للجهل والاختصار = والسجع والروى والإيثار
هذه الأبيات من زيادتي بهت فيها على حذف الفاعل وبناء المسند إذا كان فعلا للمفعول وهو في التبيان دون التخليص وذلك لنكت: منها العلم به وله صور منها كونه نصب عين المتكلم نحو: ولما سقط في أيديهم أي سقط الندم في قلوبهم، ومنها دلالة السياق عليه، ومنها كون الفعل لا يصدر عن غير الفاعل نحو: وقيل يا أرض ابلعي ماءك، ومن النكت تحقيره والجهل به نحو قطع اللص وسرق ثوب فلان، والاختصار وتقارب السجع نحو كثر النضال وقل الرجال، وموافقة الروى نحو: ولابد يوما أن ترد الودائع، لأن القافية مرفوعة، ومنها إيثار غرض المخاطب نحو شتم فلان وخلع على فلان
تنبيه
غالب هذا الباب والذي خلا = يجيء في سواهما تأملا
أي ما ذكر في باب المسند إليه والمسند من الذكر والحذف والتقديم والتأخير وغير ذلك من الأبحاث لا يختص بهما بل يأتي في غيرهما من المفاعيل والملحق بها وغير ذلك وقولنا غالب لأن منه ما يختص بالبابين كضمير الفصل فأنه مختص بباب المسند إليه والمسند وككون المسند المفرد فعلا فأنه مختص بالمسند إذ كل فعل مسند دائما.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثالث, الباب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:14 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir