دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > جامع علوم القرآن > بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:24 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وسع )

( بصيرة فى وسع )
وسعه الشىء بالكسر يسعه سعة وسعة كدعة وزنة. وقرأ زيد بن على: {ولم يؤت سعة} بالكسر.
والواسع من صفات الله تعالى الذى وسع رزقه جميع خلقه، ووسعت رحمته كل شىء. وقال ابن الأنبارى: هو الكثير العطاء، والذى يسع لما يسأل. ويقال: معناه: المحيط بكل شىء من قوله تعالى: {وسع كرسيه السماوات والأرض}. ويقال: إنه ليسعنى/ ما وسعك. ويقال: ما أسع ذلك، أى ما أطيقه. وفى النوادر: اللهم سع عليه، أى وسع عليه. ويقال: ليسعك بيتك، معناه: القرار فيه.
وهذا الوعاء يسعه عشرون كيلا على مثال: أنا أسع هذا الأمر.
وهذا الأمر يسعنى. قال أبو زبيد حرملة بن المنذرالطائى:
*حمال أثقال أهل الود آونة * أعطيهم الجهد منى بله ما أسع*
ويقال أيضا: هذا يسع عشرين كيلا، معناه: يسع لعشرين، أى يتسع لذلك. ومثله: هذا الخف يسع رجلى، أى يتسع لها وعليها. وتقول: هذا يسعه عشرون كيلا، أى يسع فيه عشرين كيلا، ويقال: وسعت رحمة الله كل شىء ولكل شىء وعلى كل شىء. وفى حديث النبى صلى الله عليه وسلم: "إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط وجه وحسن خلق".
والوسع والوسع بالحركات الثلاث: السعة والجدة والطاقة. وقرأ ابن أبى عيلة: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} بالفتح، وقرأ عكرمة: (وسعها) بالكسر. والهاء فى السعة عوض عن الواو. وشىء وسيع، أى واسع.
ويسع: اسم من أسماء العجم، وقد أدخل عليه الألف واللام، وهما لا يدخلان على نظائره، نحو يعمر ويزيد ويشكر. وقرأ حمزة والكسائى وخلف.
والليسع بلامين، وقرأ الباقون واليسع بلام واحدة.
وأوسع الرجل صار ذا سعة وغنى، قال الله تعالى: {وإنا لموسعون} أى أغنياء قادرون. وأوسع الله عليك، أى أغناك. وأوسعت المكان: وجدته واسعا، يقال: "أوسعت فابن" والتوسيع: خلاف التضييق وتوسعوا فى المجلس أى تفسحوا. واستوسع: اتسع. وقول النابغة:
*تسع البلاد إذا أتيتك زائرا * وإذا هجرتك ضاق عنى مقعدى*
أى تتوسع لى البلاد.
واعلم أن السعة تكون فى الأمكنة وفى الحال، وفى الفعل، كالقدرة والجود ونحو ذلك، ففى المكان نحو قوله تعالى: {ألم تكن أرض الله واسعة}، وفى الحال: نحو {لينفق ذو سعة من سعته}
قال أبو القاسم: الوسع من القدرة: ما يفضل عن قدر المكلف، قال تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} تنبيها أنه يكلف عبده دون ما تنوء به قدرته. وقيل: معناه: يكلفه ما يثمر له السعة، أى جنة عرضها السماوات والأرض.
وقوله تعالى: {وسع كل شيء علما} وقوله: {والله واسع عليم}، {وكان الله واسعا حكيما} عبارة عن سعة علمه وقدرته وأفضاله ورحمته، كقوله تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء}.

  #27  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:24 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وسق )

( بصيرة فى وسق )
الوسق: مصدر وسقت الشىء: إذا جمعته وحملته، ومنه قوله تعالى: {والليل وما وسق} أى جمع وضم. وقيل المعنى: جمع، وضم ما كان بالنهار منتشرا من الدواب، لأنه إذا أقبل الليل آوى كل شىء إلى مأواه، قال ضابئ بن الحارث البرجمى:
*فإنى وإياكم وشوقا إليكم * كقابض ماء لم تسقه أنامله*
يقول: ليس فى يدى من ذلك شىء، كما أنه ليس فى يد القابض على الماء شىء، فإذا جلل الليل الجبال والأشجار والبحار والأرض فاجتمعت له فقد وسقها.
والوسق أيضا: الطرد. وقيل: فى الليل وما وسق، أى ما جمع من الظلام مقاتل بن حيان: ما أقبل من ظلمة وكوكب، سعيد بن جبير: وما عمل فيه. وقيل: عبارة/ عن طوارق الليل.
وعنده وسق من تمر، ووسوق وأوساق. ووسق متاعه: جعله وسوقا.
وناقة واسق: حامل. ونخلة موسقة وقد أوسقت، قال لبيد:
*يوم أرزاق من يفضل عم * موسقات وحفل أبكار*
واتسق القمر، واتسق أمره: كمل وتم، واجتمع، واطرد، قال تعالى: {والقمر إذا اتسق}، قال قتادة: استدار، افتعل من الوسق. وقال غيره: اجتمع واستوى وتم نوره، وذلك فى الأيام البيض.

  #28  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:25 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وسل ووسم )

( بصيرة فى وسل ووسم )
وسل إليه: تقرب قال لبيد:
*بلى كل ذى دين إلى الله واسل*
والوسيلة: التوصل إلى الشىء برغبة، وهى أخص من الوصيلة لتضمنها معنى الرغبة، قال الله تعالى: {وابتغوا إليه الوسيلة}.
وحقيقة الوسيلة إلى الله: مراعاة سبيله بالعلم والعبادة، وتحرى مكارم الشريعة، وهى كالقربة.
قال صاحب العباب: الوسيلة، والواسلة: المنزلة عند الملك، والدرجة، والقربة. ووسل إلى الله وسيلة: عمل عملا تقرب به إليه، كتوسل. والواسل: الواجب، والراغب.
الوسم أثرالكى، والجمع: وسوم. وسمه وسما وسمة فاتسم.
والوسام والسمة: ما وسم به الحيوان من ضروب الصور، قال الله تعالى: {سنسمه على الخرطوم} أى يعلم عليه علامة يعرف بها وقال أبو العالية ومجاهد: أى يسود وجهه فيجعل له علما فى الآخرة يعرف به، وهو سواد الوجه. وقال ابن عباس: سنحطمه بالسيف، وفعل ذلك يوم بدر. وقال قتادة: سيلحق به شيئا لا يفارقه.
وقال القتبى: يقول العرب [إذا] سب الرجل فلانا سبة قبيحة: قد وسمه ميسم سوء، يريد ألصق به عارا لا يفارقه، كما أن السمة لا يمحى ولا يعفو أثرها.
وقال الضحاك والكسائى: سنكويه على وجهه.
وتوسمه: نخيله. وقوله: {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} أى للمعتبرين العارفين المتعظين. وهذا التوسم هو الذى سماه قوم الزكانة، وقوم الفطنة، وقوم الفراسة.

  #29  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:25 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وسن ووشى )

( بصيرة فى وسن ووشى )
الوسن محركة، والوسنة والوسنة والسنة كعدة: ثقل النوم، وقيل: أول النوم، وقيل: النعاس، وقد وسن كفرح فهو وسن ووسنان، وميسان كميزان. واستوسن: كثر نعاسه، قال تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم}، قيل: السنة: ما يتقدم النوم من الفتور وهو النعاس، قال عدى بن الرقاع:
*وسنان أقصده النعاس فرنقت * فى عينه سنة وليس بنائم*
أى لا يأخذه نعاس ولا نوم، وهو تأكيد للقيوم، لأن من جاز عليه ذلك استحال أن يكون قيوما.
ويقال: وسن الرجل وأسن: إذا غشى عليه من ريح البئر، قيل له ذلك لتصور النوم فيه لا لتصور الغشيان.
وشيت الشىء وشيا: جعلت فيه أثرا يخالف معظم لونه.
ووشى الثوب وشيا وشية حسنة: نمنمه ونقشه وحسنه، كوشاه.
قال الله تعالى: {مسلمة لا شية فيها}، أى لا لمعة فيها من لون آخر سوى الصفرة/ فهى صفراء كلها حتى قرنها وظلفها، وهى فى الأصل مصدر وشاه وشيا وشية: إذا خلط بلونه لونا آخر؛ ومنه ثور موشى القوائم.
ووشى فلان كلامه، أى كذب فيه.
ووشى به إلى السلطان وشيا ووشاية: نم وسعى.
وشية الفرس كعدة: لونه. وفرس حسن الأشى كصلى أى الغرة والتحجيل.
وتوشى فيه الشيب: ظهر كالشية.

  #30  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:25 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وصب ووصد )

( بصيرة فى وصب ووصد )
وصب الشىء يصب وصوبا، أى دام. ووصب الرجل على الأمر: إذا واظب عليه. قال الله تعالى: {وله الدين واصبا} أى حق الإنسان أن يطيعه دائما فى جميع أحواله، كما وصف به الملائكة حيث قال: {لا يعصون الله مآ أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}، قال ابن عرفة: أى ثابتا دائما، فالمعنى له الحكم دائما أبدا، وحكم غيره زائل، فذلك ثبوت دين الله أنه باق وما سواه مضمحل، وكذلك قوله تعالى: {دحورا ولهم عذاب واصب} أى موصب موجع، وهذا توعد لمن اتخذ إلهين، وتنبيه أن جزاء من فعل ذلك لازم شديد.
قال الفراء، مفازة موصبة: بعيدة ولا غاية لها.
وقيل: الوصب: السقم اللازم. وأوصبه: أسقمه، وهو يتوصب: يتوجع.
والوصيد: الفناء، والجمع وصد ووصائد. والوصيد: العتبة والوصيد: كهف أصحاب الكهف فى بعض الأقوال، وبالوجوه الثلاثة فسر قوله تعالى: {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد}.
والوصيد أيضا: الذى يختن مرتين. والوصيد: الجبل. والوصيد: النبات المتقارب الأصول. والوصيد: الضيق.
ووصد: ثبت. وبالمكان: أقام.
وأوصد الباب، وآصده: أطبقه وأغلقه، ومنه قوله تعالى: {عليهم نار مؤصدة} أى مطبقة، همزها أبو عمرو وحمزة وخلف وحفص، واختلف على يعقوب، والباقون بغير همز.
وأوصد، واستوصد: اتخذ حظيرة.

  #31  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:26 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وصف )

( بصيرة فى وصف )
وصفت الشىء وصفا وصفة، والهاء عوض عن الواو. وقوله تعالى: {سيجزيهم وصفهم} أى جزاء وصفهم الذى هو كذب. وقوله تعالى: {والله المستعان على ما تصفون}، أى تكذبون.
وفى حديث عمر: "لا تلبسوا نساءكم الكتان أو القباطى، إلا يشف فإنه يصف" أى يصفها الثوب الرقيق كما يصف الرجل سلعته.
والصفة كالعلم والجهل والسواد والبياض. وقيل: الصفة الحالة التى عليها الشىء من حليته ونعته. والوصف قد يكون حقا وباطلا، قال تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب} تنبيها على كون ما يذكرونه كذبا.
وقول الشماخ يصف ناقته:
*إذا ما أدلجت وصفت يداها * لها الإدلاج ليلة لا هجوع*
يريد أجادت السير. وقيل: معناه: إذا أدلجت سارت الليل كله، فذلك وصفها يديها.
والوصيف: الخادم غلاما كان أو جارية، وربما قالوا للجارية وصيفة، والجمع الوصائف.
والإيصاف: الوصافة، يقال: جارية بينة [الوصافة والإيصاف].
وتواصفوا الشىء من الوصف. واتصف الشىء: صار موصوفا بالحسن قال طرفة بن العبد:
*إنى كفانى من أمر هممت به * جار كجار الحذاقى الذى اتصفا*
ونهى عن بيع/ المواصفة، وهو أن يبيع ما ليس عنده، ثم يبتاعه فيدفعه إلى المشترى، قيل له ذلك لأنه باعه الصفة.

  #32  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:26 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وصل )

( بصيرة فى وصل )
وصل الشىء بغيره فاتصل. ووصل الحبال وغيرها توصيلا: وصل بعضها ببعض، ومنه قوله تعالى: {ولقد وصلنا لهم القول} أى أكثرنا لهم القول موصولا بعضه ببعض. وخيط موصل: فيه وصل كثير. وغصن موصل: فيه غصن غريب، قال:
*وإذا ما نكحت فانكح غريبا * ومن الأقربين لا يتوصل*
*فألذ الثمار حسنا وطيبا * ثمر غصنه غريب موصل*
ووصلنى بعد الهجر وواصلنى، وصرمنى بعد الوصل والصلة والوصال. ووصلت شعرها بشعر آخر، "ولعن الله الواصلة والمستوصلة". وقطع الله أوصاله، أى مفاصله.
والوصل يكون فى الأعيان وفى المعانى قال الله تعالى: {ويقطعون مآ أمر الله به أن يوصل}. وقوله تعالى: {إلا الذين يصلون إلى قوم} أى ينتسبون، يقال: فلان متصل بفلان: إذا كان بينهما نسبة أو مصاهرة. وقوله تعالى: {ما جعل الله من بحيرة ولا سآئبة ولا وصيلة} قيل هى التى وصلت أخالها من أولاد الغنم فلم تذبح. كان إذا ولدت لهم شاة ذكرا وأثنى قالوا وصلت أخاها. وقيل: الوصيلة: الناقة التى وصلت بين عشرة أبطن، ومن الشاء التى ولدت سبعة أبطن عناقين عناقين، فإن ولدت فى السابعة عناقا وجديا قيل: وصلت أخاها فلا يشرب لبن الأم إلا الرجال دون النساء، ويجرى مجرى السائبة. وقيل: الوصيلة خاصة بالغنم، كانت الشاة إذا ولدت الأنثى فهى لهم، وإذا ولدت ذكرا جعلوه لآلهتهم، فإن ولدت ذكرا وأنثى قالوا: وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم. وقيل: الوصيلة: شاة ولدت ذكرا ثم ولدت أنثى، فتصل أخاها فلا يذبحون أخاها من أجلها،
فإذا ولدت ذكرا قالوا هذا قربان لآلهتنا.
ووصيلك: من يدخل معك ويخرج معك.
والاتصال ضد الانفصال، وهو عند العارفين على ثلاث مراتب:
اتصال العلم والعمل، واتصال الحال والمعرفة، واتصال الوجدان والوجود، وهو أن يجد العبد ربه بعد أن كان فاقدا، فهو بمنزلة من كان يطلب كنزا ولا وصول له إليه فظفر به بعد ذلك ووجده واستغنى به غاية الغنى، فهذا اتصال الوجود، كما فى الأثر: "اطلبنى تجدنى، فإن وجدتنى وجدت كل شىء، وإن فتك فاتك كل شىء". وهذا الوجود من العبد لربه يتنوع بحسب حال العبد ومقامه، فالتائب الصادق فى توبته إذا تاب إليه وجد غفورا رحيما، والمتوكل إذا صدق فى توكله وجده كافيا حسيبا، والداعى إذا صدق فى الرغبة إليه وجده قريبا مجيبا، والمحب إذا صدق فى محبته وجده ودودا حبيبا، والملهوف إذا صدق فى الاستعانة وجده كاشفا للكرب مخلصا منه، والمضطر إذا صدق فى الاضطرار إليه وجده رحيما معينا، والخائف إذا صدق فى اللجإ إليه وجده مؤمنا من الخوف، والراجى/ إذا صدق فى رجائه وجده عند ظنه به؛ فمحبه وطالبه ومريده ومن لا يبتغى به بدلا ولا يرضى بسواه عوضا إذا صدق فى محبته وإرادته وجده أيضا وجودا أخص من تلك الوجودات، فإنه إذا كان المريد منه يجده فكيف مريده ومحبه! فيظفر هذا الواجد بنفسه وبربه، أما ظفره بنفسه فتصير منقادة له، مطيعة تابعة مرضاته، غير أبية ولا أمارة، بل تصير خادمة له ومملوكة بعد أن كانت مخدومة مالكة. وأما ظفره بربه فقربه منه وأنسه به، وعمارة سره به، وفرحه وسروره أعظم فرح وسرور. فهذا
حقيقة اتصال الوجود. وأما اتصال العلم والعمل قد يسمونه اتصال الاعتصام، فهو بتصحيح القص، ثم تصفيته الإرادة، ثم تحقيق الحال. وتصحيح القصد يكون بشيئين: إفراد المقصود، وجمع الهم عليه؛ وحقيقته توحيد القصد والمقصود، فمتى انقسم قصده أو مقصوده لم يكن اتصاله صحيحا. وأما تصفية الإرادة فهو تخليصها من الشوائب وتعلقها بالسوى أو بالأعراض، بل قيل هى التى وصلت أخاها من أولاد الغنم فلم تذبح. كان إذا ولدت لهم شاة ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها. وقيل: الوصيلة: الناقة التى وصلت بين عشرة. أبطن، ومن الشاء التى ولدت سبعة أبطن عناقين عناقين، فإن ولدت فى السابعة عناقا وجديا قيل: وصلت أخاها فلا يشرب لبن الأم إلا الرجال دون النساء، ويجرى مجرى السائبة. وقيل: الوصيلة خاصة بالغنم، كانت الشاة إذا ولدت الأنثى فهى لهم، وإذا ولدت الأنثى فهى لهم، وإذا ولدت ذكرا جعلوه لآلهتهم، فإن ولدت ذكرا وأنثى قالوا: وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم. وقيل: الوصلة: شاة ولدت ذكرا ثم ولدت أنثى، فتصل أخاها فلا يذبحون أخاها من أجلها، فإذا ولدت ذكرا قالوا هذا قربان لآلهتنا.
ووصيلك: من يدخل معك ويخرج معك.
والاتصال ضد الانفصال، وهو عند العارفين على ثلاث مراتب:
اتصال العلم والعمل، واتصال الحال والمعرفة، واتصال الوجدان والوجود، وهو أن يجد العبد ربه بعد أن كان فاقدا، فهو بمنزلة من كان يطلب كنزا ولا وصول له إليه فظفر به بعد ذلك ووجده واستغنى به غاية الغنى، فهذا اتصال الوجود، كما فى الأثر: "اطلبنى تجدنى، فإن وجدتنى وجدت كل شىء، وإن فتك فاتك كل شىء". وهذا الوجود من العبد
لربه يتنوع بحسب حال العبد ومقامه، فالتائب الصادق فى توبته إذا تاب إليه وجده غفورا رحيما، والمتوكل إذا صدق فى توكله وجده كافيا حسيبا، والداعى إذا صدق فى الرغبة إليه وجده قريبا مجيبا، والمحب إذا صدق فى محبته وجده ودودا حبيبا، والملهوف إذا صدق فى الاستعانة وجده كاشفا للكرب مخلصا منه، والمضطر إذا صدق فى الاستعانة إليه وجده رحيما معينا، والخائف إذا صدق فى اللجإ إليه وجده مؤمنا من الخوف، والراجي/ إذا صدق فى رجائه وجده عند ظنه؛ فمحبه وطالبه ومريده ومن لا يبتغى سبه بدلا ولا يرضى بسواه عوضا إذا صدق فى محبته وإرادته وجده أيضا وجودا أخص من تلك الوجودات، فإنه إذا كان المريد منه يجده فكيف مريده ومحبه! فيظفر هذا الواجد بنفسه وبربه، أما ظفره بنفسه فتصير منقادة له، مطيعة تابعة مرضاته، غير أبية ولا أمارة، بل تصير خادمة له ومملوكة بعد أن كانت مخدومة مالكة. وأما ظفره بربه فقربه منه وأنسه به، وعمارة سره به، وفرحه وسروره أعظم فرح وسرور. فهذا حقيقة اتصال الوجود.
وأما اتصال العلم والعمل قد يسمونه اتصال الاعتصام، فهو بتصحيح القصد، ثم تصفيته الإرادة، ثم تحقيق الحال. وتصحيح القصد يكون بشيئين: إفراد المقصود، وجمع الهم عليه؛ وحقيقته توحيد القصد والمقصود، فمتى انقسم قصده أو مقصوده لم يكن اتصاله صحيحا. وأما تصفية الإرادة فو تخليصها من الشوائب وتعلقها بالسوى أو بالأعراض، بل تكون إرادة صافية عن ذلك كله، بحيث يكون تعلقه بالله وبمراده الدينى الشرعى.
ثم تحقيق الحال بأن يكون له حال محقق لا يكتفى بمجرد العلم حتى
يصحبه العمل، ولا لمجرد العمل حتى تصحبه الحال، فتصير الإرادة والمحبة والإنابة والتوكل وحقائق الإيمان حالا لقلبه، بحيث لو انقطعت جوارحه كان قلبه فى العمل والسير إلى الله، وربما يكون عمل قلبه أقوى من عمل جوارحه.
وأما اتصال الحال والمعرفة التى يسمونه اتصال الشهود، فهو الخلاص من الاعتلال، والفناء عن الاستدلال، وهذه المنزلة أعلى من اتصال الاعتصام، لأن الأولى اتصال بصحة المقصود والأعمال، وهذا اتصال برؤية من العمل له، فيتخلص العبد بذلك من علل الأعمال واستكبارها واستحسانها والسكون إليها.

  #33  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:26 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وصى )

( بصيرة فى وصى )
وصاه توصية: عهد إليه، والاسم: الوصاة والوصية والوصاية. (والوصية): الموصى به أيضا.
والوصى: الموصى والموصى. والمرأة وصى أيضا، والجمع أوصياء، وقيل: لا يثنى ولا يجمع. قال الله تعالى: {يوصيكم الله} أى يفرض عليكم. وقوله تعالى: {ووصى بهآ إبراهيم بنيه}، قرئ: وأوصى وهما بمعنى.
وتواصى القوم: وصى بعضهم بعضا، قال الله تعالى: {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}.
ووصى الشىء بالشىء: وصله به، قال ذو الرمة:
*نصى الليل بالأيام حتى صلاتنا * مقاسمة يشتق أنصافها السفر*
ووصى النبت: اتصل وكثر. وأرض واصية النبات.
وواصى البلد البلد: واصله.
وأوصيك بتقوى الله. واستوص بفلان خيرا.
وقال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا} وقال: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا}. وقال: {وما وصينا به إبراهيم وموسى}. وقال: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب} وقال: {وأوصاني بالصلاة والزكاة}. وقال: {من بعد وصية يوصين بهآ أو دين}. وقال: {غير مضآر وصية من الله}. وقال: {فمن خاف من موص جنفا}، وقال: {وتواصوا بالمرحمة} /وقال {فلا يستطيعون توصية}.

  #34  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:27 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وضع )

( بصيرة فى وضع )
الوضع أعم من الحط، وهو ضد الرفع، ومنه الموضع، قال الله تعالى: {يحرفون الكلم عن مواضعه}، [و] يقال ذلك فى الحمل والحمل، وضعت الحمل فهو موضوع، وقال تعالى: {وأكواب موضوعة}.
وقوله تعالى: {والأرض وضعها للأنام} هذا الوضع عبارة عن الإيجاد والخلق.
ووضعت المرأة الحمل، قال تعالى: {فلما وضعتها قالت رب إني وضعتهآ أنثى والله أعلم بما وضعت}. [و] وضع البيت: بناؤه، قال الله تعالى: {إن أول بيت وضع للناس}.
وقوله: {ووضع الكتاب} هو إبراز أعمال العباد، نحو قوله تعالى: {ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا}.
ووضعت الدابة وضعا: أسرعت، ودابة حسنة الموضوع. وأوضعتها أنا، قال الله تعالى: {ولأوضعوا خلالكم} قال طرفة بن العبد:
*مرفوعها زول وموضوعها * كمر غيث لجب وسط ريح*
ووضعت الشىء من يدى وضعا وموضعا بفتح الضاد وموضوعا. وقوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم ارفعنا ولا تضعنا". ارفع درجتنا ولا تضعها، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من رفع السلاح ثم وضعه فدمه هدر" أى قاتل فى الفتنة، وليس معنى قوله ثم وضعه أنه وضعه من يده، قال سديف:
*فضع السوط وارفع السيف حتى * لا ترى فوق ظهرها أمويا*
معناه ضع السوط على بدن من تبسطه عليه، وارفع السيف له ليقتل به.
ووضع منه: حط من قدره. ووضع عن غريمه: نقص مما له عليه ومنه الحديث: "من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله تحت ظل عرشه".
ووضع يده فى الطعام: إذا أخذ فى الأكل.
ووضع يده عن فلان: كف عنه، ومنه الحديث: "واضع يده لمسىء الليل ليتوب بالنهار" أى لال يعاجل المسىء بالعقوبة بل يمهله ليتوب.
وامرأة واضع: لاخمار عليها.
ووضعت المرأة حملها وضعا بالضم وتضعا بالضم، وتضعا بضمتين، أى حملت فى آخر طهرها فى مقتبل الحيضة فهى واضع.
ووضع فى تجارته كعنى: خسر. قال ابن دريد: وضع يوضع كوجل يوجل لغة فيه. وفى حسبه ضعة وضعة بالكسر أى انحطاط، والهاء عوض عن الواو. وقد وضع الرجل ككرم يوضع ضعة وضعة.
قال الفراء: يقال: له فى قلبى موضعة وموقعة، أى محبة.
ووضعت عنده وضيعا، أى استودعته وديعة.
وقوله تعالى: {ولأوضعوا خلالكم} أى حملوا ركابهم على العدو السريع. ومنه الحديث: "أنه أفاض من عرفة وعليه السكينة وأوضع فى وادى محسر". وقال صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع".
ورجل موضع كمعظم: فيه تخنث.
وتواضع: تذلل؛ وما بيننا: بعد. وإن بلدكم لمتواضع عنا: متباعد، قال ذو الرمة: *فدع ذا ولكن رب وجناء عرمس * دواء لغول النازح المتواضع*

  #35  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:27 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وضن ووطر، ووطؤ )

( بصيرة فى وضن ووطر، ووطؤ )
وضنه يضنه فهو موضون ووضين: ثنى بعضه على بعض، وضاعفه أو نضده، قال الله تعالى: {على سرر موضونة}، وقيل: موضونة، أى/ منسوجة بالجواهر. ووضن النسع: نسجه.
والوضين: بطان عريض منسوج من سيور أو شعر. وقيل لا يكون إلا من جلد، والجمع: وضن.
والموضونة: الدرع، وقيل الدرع المقاربة النسج، أو المنسوجة حلقتين.
والتوذن: التذلل. واتضن: اتصل.
الوطر: الحاجة المهمة ولا يب}نى منه فعل، والجمع الأوطار، قال الله تعالى: {فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها}.
وطئت الشىء برجلى وطأ، ووطىء زوجته يطأ فيهما، سقطت الواو من يطأ سقوطها من يسع لتعديهما، لأن فعل يفعل مما اعتل فاؤه لا يكون إلا لازما، فلما جاءا من بين أخواتهما متعديين خولف بهما نظائرهما.
قال الله تعالى: {ولا يطأون موطئا}. والموطأ بفتح الطاء: موضع وطء القدم. قال الليث: هو الموطئ بكسر الطاء. قال: وكل شىء يكون منه الفعل على فعل يفعل مثل سمع يسمع فإن المفعل منه مفتوح العين، إلا ما كان من بنات الواو على بناء وطىء يطأ وطأ.
ووطؤ الموضع يوطؤ، وطاءة أى، صار وطيئا، وكذلك الطئة والطأة مثال الطعة والطعة فى المصدر، فالهاء عوض عن الواو كما قال الكميت:
*أغشى المكاره أحيانا ويحملنى * منه على طأة والدهر ذونوب*
أى على حال لينة، ويروى على طئة بالكسر.
وقوله تعالى: {لم تعلموهم أن تطئوهم}، أى تنالوهم بمكروه. وبنو فلان يطؤهم الطريق أى ينزلون قريبا منه، والمعنى: يطؤهم أهل الطريق.
وأوطأته الشىء فوطئه. ورجل موطأ العقب، أى سلطان يتبع، وتوطأ عقبه, ووطأه توطئة: جعله وطيئا. ووطأه فتوطأ، وهيأه فتهيأ.
وقوله تعالى: {ليواطئوا عدة ما حرم الله} أى ليوافقوا ويماثلوا قاله الأخفش.
وقوله تعالى: {هي أشد وطأ} بالكسر والمد وهى قراءة أبى عمرو وابن عامر، أى مواطأة، وهى المواتاة، أى مواتاة السمع والبصر إياه، وذلك أن اللسان يواطئ العمل، والسمع يواطئ فيها القلب.
وقرأ [غير] أبى عمرو وابن عامر: (أشد وطأ) بسكون الطاء أى قياما، أى هى أبلغ فى القيام وأوطأ للقائم، وهى أبلف فى الثواب. ويجوز أن يكون معناه أغلظ على الإنسان من القيام بالنهار لأن الليل جعل سكنا.
وتواطؤوا عليه: توافقوا.

  #36  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:27 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وعد )

( بصيرة فى وعد )
الوعد يستعمل فى الخير والشر. قال الفراء: يقال وعدته خيرا ووعدته شرا، قال القطامى:
*ألا عللانى كل حى معلل * ولا تعدانى الشر والخير مقبل*
والعدة: الوعد، وفى الحديث: "العدة عطية"، و "العدة دين" قال الراعى يمدح سعيد بن العاص:
*وأنضاء أنخن إلى سعيد * طروقا ثم عجلن ابتكارا*
*على أكوارهن بنو سبيل * قليل نومهم إلا غرارا*
*حمدن مزاره فلقين منه * عطاء لم يكن عدة ضمارا*
والموعدة، والميعاد: المواعدة، والوقت، لأن ما كان فاء الفعل منه واوا أو ياء ثم سقطتا فى المستقبل مثل يعد ويزن ويهب، ويضع، ويئل، فإن المفعل منه مكسور فى الاسم والمصدر جميعا، ولا تبالى مفتوحا كان يفعل منه أو مكسورا بعد أن تكون الواو منه ذاهبة، إلا أسماء/ جاءت نوادر، والقياس الكسر. فإن كانت الواو من يفعل ثابتة نحو يوجل ويوجع ويوسن ففيه الوجهان، فإن أردت به المكان أو الاسم كسرت، وإن أردت به المصدر فتحت، فقلت: موجل وموجل.
وقوله تعالى: {مآ أخلفنا موعدك} قال مجاهد: عهدك، وكذلك قوله تعالى: {فأخلفتم موعدي} أى عهدى. وقوله تعالى: {وفي السمآء رزقكم وما توعدون}، رزقكم: المطر، وما توعدون: الجنة. وقوله تعالى: {الشيطان يعدكم الفقر} أى يخوفكم به فيحملكم على منع الزكوات.
قال الفراء: إذا أسقطوا الخير والشر قالوا فى الخير: الموعد والعدة، وقالوا فى الشر: الوعيد والإيعاد. قال عامر بن الطفيل:
*ولا يرهب ابن العم ماعشت صولتى * ولا أختتى من صولة المتهدد*
*وإنى وإن أوعدته أو وعدته *
لمخلف إيعادى ومنجز موعدى*
وتواعد القوم: وعد بعضهم بعضا فى الخير، وأما فى الشر فيقال اتعد: {ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد}. وقال تعالى فى الوعد بالخير: {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها}. ومن الوعد بالشر قوله تعالى: {ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده}. ومما يتضمن الأمرين جميعا قوله تعالى: {إن وعد الله حق ولاكن أكثرهم لا يعلمون} فهذا وعد بالقيامة وجزاء العباد إن خيرا فخير وإن شرا فشر. والمواعدة معروفة، قال الله تعالى: {ولاكن لا تواعدوهن سرا} أى نكاحا، وقال: {وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة}، {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة} فثلاثين وأربعين مفعول لا ظرف، أى انقضاء ثلاثين. قال الزجاج: كان من الله الأمر ومن موسى القبول، فلذلك ذكر بلفظ المفاعلة. وقرأ أبو عمرو وأهل البصرة: وعدنا من الوعد. وقال تعالى: {وواعدناكم جانب الطور الأيمن} وقوله: {واليوم الموعود} يعنى القيامة، كقوله تعالى: {إلى ميقات يوم معلوم}.
ومن الإيعاد قوله تعالى: {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} وقوله تعالى: {فذكر بالقرآن من يخاف وعيد} أى أوعدت من عصانى من العذاب. قال ابن عباس قالوا يا رسول الله لو خوفتنا فنزلت: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم }. فقوله: {ليستخلفنهم} تفسير للوعد، كما أن قوله: {للذكر مثل حظ الأنثيين} تفسير للوصية. وقوله تعالى: {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم} فقوله: أنها لكم بدل من إحدى الطائفتين.

  #37  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:28 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وعظ ووعى )

( بصيرة فى وعظ ووعى )

الوعظ والعظة والموعظة مصادر قولك: وعظته أعظه، وهو زجر مقترن بتخويف. وقال الخليل: هو التذكير بالخير، ومنه قول النبى صلى الله عليه وسلم: "السعيد من وعظ بغيره" قال الله تعالى: {قل إنمآ أعظكم بواحدة} قال رؤبة ويروى للعجاج:
*لما أونا عظعظت عظعاظا * نبلهم وصدقوا الوعاظا*
يقول: كان وعظهم النوب واعظ وقال لهم إن ذهبتم هلكتهم، فلما ذهبوا أصابهم ما وعظهم به فصدقوا الوعاظ [حينئذ]. وفى الحديث: "يأتى على الناس زمان يستحل فيه الربا بالبيع، والقتل بالموعظة" وهو أن يقتل البرىء ليتعظ به المريب. /الوعى مصدر وعاه يعيه: حفظه، وجمعه كأوعاه، قال الله تعالى: {وتعيهآ أذن واعية}. ومالى منه وعى، أى بد.
والوعاء، والوعاء - بالكسر والضم - والإعاء: الظرف، والجمع: أوعية. وأوعاه، وأوعى [عليه]: قتر عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "لا توعى فيوعى الله عليك". والإيعاء: حفظ الأمتعة فى الوعاء، قال الله تعالى: {وجمع فأوعى}، وقال:
*والشر أخبث ما أوعيت من زاد*
وقال تعالى: {فبدأ بأوعيتهم قبل وعآء أخيه}.
والواعية: الصراخ والصوت لا الصارخة.
ولا وعى عن ذلك الأمر، أى لا تماسك دونه.


  #38  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:28 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وفد )

( بصيرة فى وفد )

وفد فلان على الأمير يفد وفدا ووفودا ووفادة (أى، ورد رسولا، فهو وافد، والجمع وفد، مثل صاحب وصحب. وجمع الوفد: أوفاد ووفود.
والوافد من الإبل والقطا: ما سبق سائرها، قال تعالى: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمان وفدا}.
والوافدان فى قول الأعشى:
*رأت رجلا غائب الوافديـ * ـن مختلف الخلق أعشى ضريرا*
هما الناشزان من الخدين عند المضغ، فإذا هرم الإنسان غاب وافداه.
وأمسينا على أوفاد، وأوفاز، أى على سفر قد أشخصنا، أى أقلقنا.
وأوفدته إلى الأمير أى أرسلته. والإيفاد على الشىء: الإشراف عليه، قال حميد بن ثور الهلالى رضى الله عنه:
*ترى العلافى عليها موفدا * كأن برجا فوقها مشيدا*
والإيفاد أيضا: الإسراع. وفدته إلى الأمير توفيدا: مثل أوفدته. واستوفد الرجل فى قعدته: مثل استوفز.

  #39  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:28 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وفر ووفض )

( بصيرة فى وفر ووفض )
شىء وافر وموفور وموفر ومتوفر: كثير، وقد وفر ووفر.
ووفرته ووفرته: كثرته. ووفرت عليه حقه فاستوفره، نحو وفيته إياه فاستوفاه. وهذه أرض فى نبتها وشجرها وفرة (وفرة) أى وفور لم يرع.
ولفلان وفر، أى مال وافر، قال الله تعالى: {فإن جهنم جزآؤكم جزاء موفورا}.
وسقاء أوفر، ومزادة وفراء: لم ينقص من أديمها شىء.
وجارية ذات وفرة: ذات لمة إلى أذنيها. ووفر شعره: أعفاه.
وتوفر على صاحبه: رعى حرماته.
وفض يفض وفضا، وأوفض، واستوفض: عدا وأسرع، قال الله تعالى: {كأنهم إلى نصب يوفضون}، أى كأنهم نصب لهم شىء فهم يسرعون إليه ويسبقون.
ولقيته على أوفاض، أى على عجلة، الواحد وفض، ووفض، قال رؤبة:
*تمشى بنا الجد على أوفاض*
واستوفضه: طرده واستعجله. واستوفضت الإبل: تفرقت. وفى الحديث:
"واستوفضوه عاما"، أى غربوه.

  #40  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:29 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وفق ووفى )

( بصيرة فى وفق ووفى )
الوفق من الموافقة بين الشيئين كالالتحام، يقال: حلوبته وفق عياله، أى لها لبن قدر كفايتهم لا فضل فيها، قال الراعى:
*أما الفقير الذى كانت حلوبته * وفق العيال فلم يترك له سبد*
وأتيتك لوفق الأمر وتوفاقه وتيفاقه، ونيفاقه.
والموافقة معروفة، قال الله تعالى: {جزآء وفاقا} أى جازيتهم جزاء وافق أعمالهم قال مقاتل: وافق العذاب الذنب، فلا ذنب أعظم من الشرك، ولا عذاب أعظم من النار.
واستوفقت الله: سألته التوفيق. ووافقته: صادفته. والتوافق: الاتفاق. ولا يتوفق عبد حتى يوفقه الله.
ووفق الأمر/ يفق: كان صوابا موافقا للمراد. ووفقت أمرك: أعطيته موافقا لمرادك. وإنك لموفق، أى رشيد.
الوفاء: التمام. ودرهم واف، وكيل واف، وشعر واف. وصار هذا وفاء لذاك، أى تماما له. ومات فلان وأنت بوفاء، أى بتمام عمر.
ووفى بالعهد وأوفى به: حفظه وتممه. وهو وفى من قوم أوفياء، ووفاة. ووفاه حقه وأوفاه. قال الله تعالى: {وأوفوا الكيل إذا كلتم}، وقال تعالى: {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم}.
وقوله تعالى: {وإبراهيم الذي وفى}، توفيته أنه بذل المجهود فى جميع ما طولب به مما أشار إليه فى قوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم}، بذل ماله فى الإنفاق فى طاعة الله، وبذل ولده الذى هو أعز من نفسه للقربان، وإلى ما نبه عليه بقوله وفى أشار بقوله: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن}.
ووافيته بمكان كذا أتيته وفاجأته.
وتوفية الشىء: بذله وافيا، واستيفاؤه: تناوله وافيا، قال تعالى: {ووفيت كل نفس ما كسبت}، وقال تعالى: {الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون}.
وقد عبر عن الوت والنوم بالتوفى، قال الله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها}.
وقوله تعالى: {ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي} فقد قيل: توفى رفعة واختصاص لا توفى موت. وقال ابن عباس رضى الله عنهما: توفى موت لأنه أماته ثم أحياه.

  #41  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:29 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وقب ووقت )

( بصيرة فى وقب ووقت )
وقبت الشمس: إذا غابت ودخلت موضعها. ووقب الظلام: دخل على الناس، قال الله تعالى: {ومن شر غاسق إذا وقب}، قال الحسن: إذا دخل على الناس. وقالت عائشة رضى الله عنها: أخذ بيدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نظر إلى القمر فقال: "يا عائشة تعوذى بالله من هذا فإنه الغاسق إذا وقب"، ووقوبه: دخوله فى الكسوف. أراد تعوذى بالله منه عند كسوفه. ووقبت عيناه غارتا.
والوقب فى الجبل: نقرة يجتمع فيها الماء؛ والثقب من المحالة؛ والرجل الأحمق، قال الأسود بن يعفر:
*أبنى نجيح إن أمكم * أمة وإن أباكم وقب*
*أكلت خبيث الزاد فاتخمت * عنه فشم خمارها الكلب*
ووقبة الثريد: أنقوعته.
والميقاب: الحمقاء.
الوقت: نهاية الزمان المفروض للعمل، ولهذا لا يكاد يقال إلا مقيدا نحو: وقت العصر، وقت الراحة [و] نحوه.
ووقت كذا كوجدت: إذا جعلت له وقتا يفعل فيه، قال الله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}.
والتوقيت: تحديد الأوقات، تقول منه: وقته ليوم كذا، مثل أجلته.
وقوله تعالى: {وإذا الرسل أقتت} قرأ أهل البصرة: وقتت بتشديد القاف، وقرأ أبو جعفر بالواو وتخفيف القاف، وقرأ الباقون بالألف وتشديد القاف، وهما لغتان فصيحتان؛ والعرب تعاقب بين الواو والهمزة كقولهم: وكدت وأكدت، وورخت وأرخت. ومعناهما جمعت لميقات يوم معلوم، وهو يوم القيامة ليشهدوا على الأمم.

  #42  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:29 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وقد )

( بصيرة فى وقد )
وقدت النار تقد وقدا، ووقودا، ووقودا بالفتح. /وهذا شاذ ووقدا بالتحريك، وقدة كعدة، ووقدانا بالتحريك. وقرأ الحسن البصرى وأبو رجاء العطاردى ويزيد النحوى: {النار ذات الوقود} بالضم والوقود بالفتح أيضا.
والوقاد بالكسر، والوقيد: الحطب، وقرأ النبى صلى الله عليه وسلم: {أولئك هم وقاد النار}. وقرأ عبيد بن عمير: {وقيدها الناس والحجارة}.
وقال ابن فارس: الوقد بالتحريك نفس النار. والموقد: موضع الوقود، مثال مجلس لموضع الجلوس.
واستوقدت النار: أتقدت، واستوقدت النار: أوقدتها لازم متعد؛ قال الله تعالى: {كمثل الذي استوقد نارا} قال بعضهم:
*نحن حبسن بنى جديلة فى نار * ر من الحرب جحمة الضرم*
*نستوقد النبل بالحضيض ونصـ * طاد نفوسا بنيت على الكرم*
ويقال: أوقدت النار فاتقدت وتوقدت، قال الله تعالى: {كلمآ أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله}.

  #43  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:30 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وقذ ووقر )

( بصيرة فى وقذ ووقر )
وقذه يقذه وقذا: ضربه حتى استرخى وأشرف على الموت. وقوله تعالى: {والموقوذة}، وهى التى تقتل بعصا أو بحجارة لاحد لها فتموت بلا ذكاة.
ويقال: وقذه النعاس: إذا غلبه. ووقذه الحلم، أى سكنه. ورجل وقيذ الجوانح، أى حزين القلب كأن الحزن ضعفه وكسر قلبه.
ووقذته وأوقذته: تركته عليلا.
الوقر: الثقل فى الأذن، وقد وقرت أذنه بالكسر توقر وقرا، أى صمت، وقياس مصدره التحريك إلا إنه جاء بالتسكين. ووقر الله أذنه يقرها وقرا. يقال: اللهم قر أذنه. ووقرت أذنه على ما لم يسم فاعله فهى موقورة.
ووقرت العظم أقره وقرا: صدعته، قال الأعشى:
*يا دهر قد أكثرت فجعتنا * بسراتنا ووقرت فى العظم*
والوقار: الرزانة، وقد وقر الرجل يقر وقارا وقرة، فهو وقور، قال الراجز:
*ثبت إذا ما صيح بالقوم وقر*
وقال تعالى: {وقرن في بيوتكن} وقرئ: وقرن بالفتح فهذا من القرار كأنه يريد اقررن فتحذف الراء الأولى للتخفيف وتلقى فتحتها على القاف، فيستغنى عن الألف بحركة ما بعدها.
ويحتمل قراءة من قرأ بالكسر أيضا أن يكون من اقررن بكسر الراء على هذا، كما قرئ {فظلتم تفكهون} بكسر الظاء وفتحها، وهو من شواذ التخفيف.
والتوقير: التعظيم والترزين أيضا. وقوله تعالى: {ما لكم لا ترجون لله وقارا} أى لا تخافون لله عظمة، هكذا عن الأخفش.
ورجل موقر: مجرب.
والتيقور: الوقار، وأصله الويقور، قلبت الواو تاء.
وأوقره الدين: أثقله. وفقير وقير: إتباع.

  #44  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:30 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وقع )

( بصيرة فى وقع )

الوقوع: مصدر وقع الشىء يقع وقوعا أى هويا. والوقع: وقعة الضرب بالشىء. وقوله تعالى: {وإن الدين لواقع} أى واجب على الكفار، ومنه قوله تعالى: {وإذا وقع القول عليهم} أى وجب وقيل: ثبتت الحجة عليهم، وقيل معناه: إذا ظهرت أمارات القيامة التى تقدم القول فيها. وكذلك قوله تعالى: {فوقع الحق} أى ثبت.
وفى الحديث: "اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإنها تقع من الجائع موقعها من الشبعان"، قال بعضهم: أراد أن شق التمرة لا يغنى من الجوع ولا يتبين له موقع على الجائع إذا تناوله، كما لا يتبين على الشبعان إذا أكله، فلا تعجزوا/ أن تتصدقوا به. وقيل: لأنه يسأل هذا شق تمره وذا شق تمره، والثالث والرابع، فيجتمع له ما يسد جوعته.
ويقال للطير على شجر أو على أرض: هن وقوع ووقع، قال المرار بن سعيد الفقعسى:
*أنا ابن التارك البكرى بشر * عليه الطير تأكله وقوعا*
والواقعة لا تقال إلا فى الشدة والمكروه. وأكثر ما جاء فى القرآن من لفظ وقع جاء فى العذاب والشدائد، نحو: {إذا وقعت الواقعة} أى القيامة.
ووقوع القول: حصول متضمنه، قال تعالى: {ووقع القول عليهم بما ظلموا} أى وجب العذاب الذى وعدوا لظلمهم، وقوله تعالى: {فقد وقع أجره على الله} استعمال لفظ على مع الوقوع هاهنا تأكيد للوجوب كاستعمال: {وكان حقا علينا نصر المؤمنين}. وقوله: {فقعوا له ساجدين} عبارة عن مبادرتهم إلى السجود.
والوقعة فى الحرب: صدمة بعد صدمة. والاسم الوقيعة والواقعة. ووقائع العرب أيامها التى كانت فيها حروبهم.
والواقعة: النازلة من شدائد الدهر.
ومواقع الغيث: مساقطه، وفى الحديث: "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن"
والوقع [و] بكسر القاف: السحاب الرقيق. وبالتحريك: الحجارة والحفاء، وقد وقع كفرح.
ورجل وقاع ووقاعة: يغتاب الناس كثيرا.
وأوقع بالقوم: بالغ فى قتالهم. والروضة: أمسكت الماء.
وطريق موقع: مذلل، ورجل موقع: أصابته البلايا.
ووقع القوم: عرسوا قال ذو الرمة:
*إذا وقعوا وهنا كسوا حيث موتت * من الجهد أنفاس الرياح الحواشك*
والاستيقاع: تخوف ما يقع به، وهو شبه التوقع.
[والوقاع] والمواقعة: المحاربة، قال القطامى:
*ولو يستخبر العلماء عنا * ومن شهد الملاحم والوقاعا*
*بتغلب فى الحروب ألم يكونوا * أشد قبائل العرب امتناعا*
وقال:
*وكل قبيلة نظروا إلينا * وخلوا بيننا كرهوا الوقاعا*
وواقع المرأة: خالطها وباضعها.
وتوقعه: انتظر كونه.

  #45  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:31 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وقف )

( بصيرة فى وقف )
الوقف لازم متعد، تقول: وقفت الدابة والرجل وقوفا، ووقفته أنا وقفا، قال امرؤ القيس:
*قفانبك من ذكرى حبيب ومنرل * بسقط اللوى بين الدخول فحومل*
وقال الله تعالى: {وقفوهم إنهم مسئولون}، وقال ذو الرمة:
*وقفت على ربع لمية ناقتى * فما زلت أبكى عنده وأخاطبه*
ووقفته على ذنبه: أطلعته عليه.
والموقف: الموضع الذى تقف [فيه] حيث كان.
والواقف: خادم البيعة لأنه وقف نفسه على خدمتها. والوقيفى مثال خصيصى: الخدمة.
وأوقفت وقفا للمساكين لغة رديئة، وليس فى الكلام أوقفت إلا حرف واحد، يقال: أوقفت عن الأمر الذى كنت فيه، أى أقلعت، قال الطرماح:
*فتطربت للهوى ثم أوقفـ * ت رضا بالتقى وذو البر راضى*
وحكى أبو عمرو: وكلمتهم ثم أوقفت، أى سكت.
وقال أبو عمرو بن العلاء: لو مررت برجل واقف فقلت: ما أوقفك ها هنا لرأيته حسنا. وعن الكسائى: أى شىء أوقفك ها هنا، أى أى شىء صيرك إلى الوقوف؟ وتواقف: تلبث. وفى الشىء: تلوم.
/وتواقف الفريقان فى القتال وواقفا مواقفة ووقافا.
واستوقفه: سأله الوقوف. ويقال: امرؤ القيس أول من استوقف الركب على رسم الدار بقفا نبك.

  #46  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:31 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وقى )

( بصيرة فى وقى )
وقاه الله كل سوء وقاية ووقيا وواقية، ووقاه توقية: صانه، وفى المثل: "الشجاع موقى".
والوقاء والوقاء بالفتح والكسر، والوقاية والوقاية والوقاية: ما وقيت به.
والتوقية: الكلاءة والحفظ مما يؤذيه ويضره، قال الله تعالى: {فوقاهم الله شر ذلك اليوم} واتقيت الشىء أتقيه وتقيته (أتقيه تقى وتقيضة) وتقاء ككساء: حذرته، والاسم التقوى، قال الله تعالى: {هو أهل التقوى} أى أهل أن يتقى عقابه.
رجل تقى من أتقياء وتقواء. وفيه تقيا تصغير تقوى، قال النمر ابن تولب.
*وإنى كما قد تعلمين لأتقى * تقيا وأعطى من تلادى للحمد*
وأصل التقوى وقوى، أبدلت الواو تاء كما أبدلت فى تراث وتخمة وتجاه. وكذلك اتقى يتقى أصله إوتقى يوتقى، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وأبدلت منها التاء وأدغمت، فلما كثر استعماله على لفظ الافعال توهموا أن التاء من نفس الكلمة، فجعلوه إتقى يتقى بفتح التاء فيهما، ثم لم يجدوا له مثالا فقالوا: تقى يتقى مثل قضى يقضى. وتقول فى الأمر: تق، والمرأة تقى ومن ذلك قوله:
*زيادتنا نعمان لا تقطعنها * تق الله فينا والكتاب الذى تتلو*
بنى الأمر على المخفف "ومن عصى الله لم تقه منه واقية".
قال أبو عبد الله التونسى: حقيقة التقوى عبارة عن امتثال المأمورات واجتناب المنهيات.
وقال الغزالى: التقوى فى قول شيوخنا: تنزيه القلب عن ذنب لم يسبق منك مثله حتى يحصل للعبد من قوة العزم على تركه وقاية بينه وبين المعاصى. وأما تفصيلا فإن التقوى تطلق فى القرآن الكريم على ثلاثة أشياء:
أحدها:بمعنى الخشية والهيبة، قال الله تعالى: {وإياي فاتقون} وقال تعالى: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}.
والثانى: بمعنى الطاعة والعبادة، قال الله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته}، قال ابن عباس: أطيعوا الله حق طاعته. قال مجاهد: هو أن يطاع ولا يعصى وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر.
الثالث: بمعنى تنزيه القلب عن الذنوب، وهذه هى الحقيقة فى التقوى دون الأولين، ألا ترى إلى قوله تعالى: {ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولائك هم الفآئزون}، ذكر الطاعة والخشية ثم ذكر التقوى، فعلمت بهذا أن حقيقة التقوى بمعنى غير الطاعة والخشية، وهى تنزيه القلب عما ذكرناه.
ومنازل التقوى ثلاثة على ما ذكره الشيوخ الجلة: تقوى عن الشرك، وتقوى عن البدعة؛ وتقوى عن المعاصى الفرعية. وقد ذكرها الله سبحانه فى آية واحدة وهى قوله عز وجل: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين}، التقوى الأولى تقوى عن الشرك، والإيمان فى مقابلة التوحيد؛ والتقوى الثانية عن البدعة، والإيمان المذكور معها إقرار السنة والجماعة؛ والتقوى الثالثة عن المعاصى الفرعية، والإقرار فى هذه المنزلة قابلها بالإحسان وهو الطاعة والاستقامة عليها.
قال الغزالى: ووجدت التقوى بمعنى اجتناب فضول الحلال، وهو ما فى الخبر المشهور عن النبى صلى الله علهي وسلم أنه قال: "إنما سمى المتقون متقين
لتركهم مالا بأس حذرا عما به بأس" فأحببت أن أجمع بين ما قاله علماؤنا وبين ما فى الخبر النبوى فيكون حدا جامعا، ومعنى بالغا فأقول: التقوى اجتناب ما تخاف ضررا فى دينك وذلك قسمان: محض الحرام، وفضول الحلال، لأن استعمال فضول الحلال قد يخرج صاحبه إلى الحرام ومحض العصيان، وذلك لشرة النفس وطغيانها، فمن أراد أن يأمن الضرر فى دينه اجتنب المحظور وامتنع عن فضول الحلال حذرا أن يجره إلى محض الحرام. وحصل من ذلك أن التقوى على قسمين: فرض ونفل، فالفرض ما تقدم من أنها تنزيه القلب عن شر لم يسبق عنك مثله لقوة العزم على تركه حتى يصير ذلك وقاية بينك وبين كل شر. والنفل: ما نهى عنه نهى تأديب، وهو فضول الحلال، فالمباحات المأخوذات بالشبهات؛ فالأولى يلزم بتركها عذاب النار، والثانية خير وأدب يلزم بتركها الحبس والحساب، والتعيير واللوم. فمن أتى بالأولى فهو فى الدرجة الأدنى من التقوى، ومن أتى بالأخرى فهو فى الدرجة العليا.
واعلم أن التقوى كنز عزيز، إن ظفرت به فكم تجد فيه من جوهر شريف وعلق نفيس، وخير كثير، ورزق كريم، وغنم جسيم وملك عظيم. فهى الخصلة التى تجمع خير الدنيا والآخرة. وتأمل ما فى القرآن من ذكرها كم علق بها من خير، وكم وعد عليها من ثواب، وكم أضاف إليها من سعادة، قال الله تعالى: {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا} وقال تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}، وقال: {واعلموا أن الله مع المتقين} وقال: {ومن يتق الله يجعل له
مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب}. وقال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم } فوعد فيها بإصلاح العمل ثم بغفران الذنوب فقال: {ويغفر لكم ذنوبكم}. وبشر بمحبة الله تعالى بقوله: {إن الله يحب المتقين}، ولو لم يكن فى تقوى الله تعالى إلا هذه الخصلة التى هى محبة الله تعالى لكفت عما عداها. ومنها أن العمل لا يتقبل إلا منهم {}، ومنها الإكرام والإعزاز، قال الله تعالى: {الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}. ومنها النجاة من النار، قال الله تعالى: {ثم ننجي الذين اتقوا}، {وسيجنبها الأتقى}، ومنها الخلود فى الجنة، قال الله تعالى: {أعدت للمتقين}.
ثم تأمل أصلا واحدا، هب أنك جاهدت وثابرت جميع عمرك فى العبادة، وعشت ما عشت، وحصل لك من العنايات ما حصل، أليس ذلك كله متوقفا على القبول؟ وإلا كان هباء منثورا. وقد علمنا أن الله تعالى إنما يتقبل من المتقين، فرجع الأمر كله إلى التقوى. وقال بعض المريدين لشيخه: أوصنى قال: أوصيك بما أوصى الله تعالى الأولين والآخرين/ وهو قوله: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله}. قال الشيخ أبو حامد رحمه الله: أليس الله سبحانه أعلم بصلاح العبد من كل أحد، ولو كانت فى العالم خصلة هى أصلح للعبد وأجمع للخير، وأعظم للأجر، وأجل فى العبودية، وأعظم فى القدر، وأولى فى الحال، وأنجح فى المآل من هذه الخصلة التى هى التقوى لكان الله سبحانه أمر بها عباده وأوصى خواصه بذلك؛ لكمال حكمته، ورحمته، فلما أوصى بهذه الخصلة جميع الأولين والآخرين [من] عباده واقتصر عليها علمنا أنها الغاية التى لا متجاوز عنها، وأنه عز وجل جمع كل محض نصح، ودلالة، وإرشاد، وتأديب، وتعليم، وتهذيب فى هذه الوصية الواحدة كما يليق بحكمته ورحمته، فهى الخصلة الجامعة لخير الدنيا والآخرة، الكافية لجميع المهمات، المبلغة إلى أعلى الدرجات. وهذا أصل لا مزيد عليه، وفيه كفاية لمن أبصر النور واهتدى، وعمل واستغنى، والله ولى الهداية والتوفيق. ولقد أحسن القائل:
*من عرف الله فلم تغنه * معرفة الله فذاك الشقى*
*ما يصنع العبد بعز الغنى * والعز كل العز للمتقى*
روى الثعلبى بسنده عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: "قرأ النبى صلى الله عليه وسلم {ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب} قال: مخرجا من مهمات الدنيا، ومن غمرات الموت، ومن شدائد يوم القيامة.
وقال الحسن بن الفضل: ومن يتق الله فى أداء الفرائض يجعل له مخرجا من العقوبة، ويرزقه الثواب من حيث لا يحتسب.
وقال عمروا بن عثمان الصوفى: ومن يقف عند حدوده ويجتنب معاصيه يخرجه من الحرام إلى الحلال، ومن الضيق إلى السعة، ومن النار إلى الجنة.
وقال أبو سعيد الخراز: ومن يتبرأ من حوله وقوته بالرجوع إليه يجعل له مخرجا مما كلفه بالمعونة له. وقيل: ومن يتق الله فى الرزق وغيره بقطع العلائق، يجعل له مخرجا بالكفاية، ويرزقه من حيث لا يحتسب.
وروى الثعلبى مسندا عن أبى الدرداء، قال النبى صلى الله عليه وسلم: "إنى لأعلم آية لو أخذ الناس بهها لكفتهم: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب} فما زال يقولها ويعيدها.
وقال عكرمة والشعبى والضحاك: من يطلق [طلاق] السنة يجعل له مخرجا إلى الرجعة، ويرزقه من حيث لا يرجو ولا يتوقع.
وروى عن ابن عباس قال: "جاء عوف بن مالك الأشجعى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن ابنى أسره العدو وجزعت الأم فما تأمرنى؟ قال: آمرك وإياها أن تستكثرا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله. قالت: نعم ما أمرك به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلا يقولان ذلك، فغفل العدو فاستاق غنمهم، فجاء به إلى أبيه وهى أربعة آلاف شاة فنزلت: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب} وقال/ مقاتل: أصاب غنما ومتاعا فرجع إلى أبيه، فانطلق أبوه فأخبر النبى صلى الله عليه وسلم بخبره، فسأله أن يحل له أن يأكل مما أتاه ابنه. فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: نعم: فأنزل الله عز وجل هذه الآية.

  #47  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:31 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وكد ووكر )

( بصيرة فى وكد ووكر )
وكد بالمكان يكد وكودا: أقام به. وقولهم: وكد وكده، أى قصد قصده.
والوكائد: السيور التى يشد بها القربوس إلى دفتى السرج، الواحد وكاد وإكاد.
قال ابن عباد: الوكد بالضم: الجهد والسعى، يقال كان وكدى من الأمر ما فعلته، أى كان جهدى.
والتواكيد والتآكيد، والمياكيد: الوكائد.
والتوكيد والتأكيد واحد، وبالواو أفصح، قال الله تعالى: {ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها}.
والتوكيد دخل فى الكلام على وجهين: تكرير صريح، وغير صريح، نحو قولك: رأيت زيدا زيدا، وغير الصريح نحو قولك: فعل زيد نفسه وعينه، والقوم أنفسهم وأعيانهم. والرجلان كلاهما والمرأتان كلتاهما، والرجال أجمعون، والنساء جمع. وجدوى التوكيد أنك إذا كررت فقد قررت المؤكد، وما علق به فى نفس السامع ومكنته فى قلبه، وأمطت شبهة ربما خالجته، أو توهمت غفلة وذهابا عما أنت بصدده فأزلته.
الوكز: الدفع، والطعن، والضرب بجمع الكف، يقال: وكزه يكزه وكزا.
قال الزجاج فى قوله تعالى: {فوكزه موسى}: أى ضربه بجمع كفه، وقد قيل: ضربه بالعصا، يقال: وكزه بالعصا أى ضربه بها.
وقربة موكوزة أى مملوءة، وقد وكزتها وكزا.
وتوكز لكذا وتوفز وتوشز، أى تهيأ له, وتوكز على عصاه، أى توكأ.

  #48  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:32 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وكل )

( بصيرة فى وكل )
التوكيل: أن تعتمد غيرك وتجعله نائبا عنك. والوكيل: فعيل بمعنى مفعول، وقوله تعالى: {وكفى بالله وكيلا} أى اكتف به أن يتوكل أمرك ويتوكل لك، وعلى هذا حسبنا الله ونعم الوكيل. وقوله: {ومآ أنت عليهم بوكيل} أى بموكل عليهم وحافظ لهم، كقوله: {لست عليهم بمصيطر}. وقوله: {أم من يكون عليهم وكيلا}: أى من يتوكل عنهم. قال الله تعالى: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين}، وقال: {وعلى الله فليتوكل المؤمنون}، وقال: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}، وقال: عن أوليائه: {ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير}، وقال: {قل هو الرحمان آمنا به وعليه توكلنا}، وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم: {فتوكل على الله إنك على الحق المبين}، وقال: {وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا}، وقال: {وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده}، وقال: {فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين} وقال عن أنبيائه ورسله: {وما لنآ ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا}، وقال عن أصحاب نبيه: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} وقال: {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون}. وفى الصحيحين حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب: "هم
الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون". وعن الترمذى يرفعه: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقتم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا". ثم التوكل نصف الإيمان، والنصف الثانى الإنابة، فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هو العبادة.
(فصل) منزلة التوكل من أوسع المنازل وأجلها وأجمعها، ولا تزال معمورة بالنازلين، فلنذكر معنى التوكل ودرجاته.
قال الإمام أحمد رحمه الله: التوكل عمل القلب، ومعنى ذلك أنه عمل قلبى ليس للجوارح فيه مدخل، وهو من باب الإدراكات والعلوم. ومن الناس من يجعله من باب المعارف فيقول: هو علم القلب بكفاية الرب عنده. ومنهم من يفسره بسكون حركة القلب فيقول: التوكل هو انطراح القلب بين يدى الله، كانطراح الميت بين يدى الغاسل يقلبه كيف يشاء، أو ترك الاختيار والاسترسال مع مجارى الأقدار.
قال سهل: التوكل: الاسترسال مع الله على ما يريد. ومنهم من يفسره بالرضا، سئل يحيى بن معاذ، متى يكون الرجل متوكلا؟ قال: إذا رضى بالله وكيلا. ومنهم من يفسره بالثقة بالله والطمأنينة إليه. وقال ابن عطاء: التوكل: أن لا يظهر فيك انزعاج إلى الأسباب مع شدة فاقتك إليها.
وقال ذو النون: هو ترك تدبير النفس، والانخلاع من الحول والقوة. وإنما يقوى العقد على التوكل إذا علم أن الحق سبحانه يعلم ويرى ما هو فيه. وقيل: التوكل: التعلق بالله فى كل حال. وقيل: التوكل: أن ترد سعليك موارد الفاقات فلا تسمو إلا إلى من له الكفايات. وقيل نفى الشكوك والتفويض إلى مالك الملوك. وقال ذو النون: خلع الأرباب، وقطع الأسباب، يريد قطعها من تعلق القلب بها لا من ملابسة الجوارح لها.
ومنهم من جعله مركبا من أمرين، قال أبو سعيد الخراز: التوكل. اضطراب بلا سكون، وسكون بلا اضطراب. وقال أبو تراب النخشبى هو طرح البدن فى العبودية، وتعلق القلب بالربوبية، والطمأنينة إلى الكفاية، فإن أعطى شكر، وإن منع صبر، فجعله مركبا من خمسة أمور: القيام بحركات العبودية، وتعلق القلب بتدبير الرب، وسكون إلى قضائه وقدره، وطمأنينة بكفايته، وشكر إذا أعطى، وصبر إذا منع.
وقال أبو يعقوب النهرجورى: التوكل على الله تعالى بكمال الحقيقة وقع لإبراهيم الخليل، فى الوقت الذى قال لجبريل عليه السلام: "أما إليك فلا".
وأجمع القوم على أن التوكل لا ينافى القيام بالأسباب، بل لا يصح التوكل إلا مع القيام بها، وإلا فهو بطالة، وتوكل فاسد. قال سهل: من طعن فى الحركة فقد طعن فى السنة، ومن طعن فى التوكل فقد طعن فى الإيمان. فالتوكل حال النبى صلى الله عليه وسلم، والكسب سنته، فمن عمل على حاله فلا يتركن سنته، وسئل سهل عن التوكل فقال: قلب عاش مع الله بلا علاقة. وقيل: التوكل: قطع العلائق ومواصلة الحقائق. وقيل: هو أن يستوى عندك الإكثار والإقلال، وهذا من موجباته وآثاره لا أنه حقيقته. وقيل: هو ترك كل سبب يوصل إلى سبب حتى يكون الحق تعالى هو المتولى لذلك. وهذا صحيح من وجه باطل من وجه، فترك الأسباب/ المأمو بها قادح فى التوكل، وقد تولى الحق إيصال العبد بها، وأما ترك الأسباب المباحة فإن تركها لما هو وجواب هذا الوهم الباطل هو أن يقال: بقى قسم آخر غير ما ذكرتم من القسمين، هو أن يكون قضى بحصول
الشىء عند حصول سببه من التوكل والدعاء، فنصب الدعاء والتوكل سببين لحصول المطلوب، وقضى بحصوله إذا فعل العبد سببه، فإذا لم يأت بالسبب امتنع المسبب، وهذا كما إذا قضى بحصول الولد إذا جامع الرجل من يحبلها فإذا لم يجامع لم يحصل الولد. وقضى بحصول الشبع والرى إذا أكل/ وشرب، فإذا لم يفعل لم يشبع ولم يرو. وقضى بحصول الحج والوصول إلى مكة إذا سافر وركب الطريق، فإذا جلس فى بيته لا يصل إلى مكة أبدا. وقضى بدخول الجنة إذا أسلم وأتى بالأعمال الصالحة، فإذا لم يسلم مادخلها أبدا. فوازن ما قاله منكروا الأسباب أن يترك كل من هؤلاء السبب الموصل ويقول: إن كان قضى لى وسبق لى فى الأزل حصول الولد والشبع والرى والحج ونحوه فلابد أن يصل إلى، تحركت أو لم أتحرك، تزوجت أو تركت، سافرت أو تركت، وإن لم يكن قضى لى لم يحصل لى أيضا، فعلت أو تركت، فهل يعد أحد هذا القائل من جملة العقلاء؟ وهل البهائم إلا أفهم منه، فإن البهيمة تسعى فى السبب. فالتوكل من أعظم الأسباب التى يحصل بها المقصود ويندفع التوكل عدم الركون (إلى) الأسباب وقطع علاقة القلب بها، فيكون حال قلب قيامه بالله لابها، فلا تقوم عبودية الأسباب إلا على ساق التوكل، ولا تقوم ساق التوكل إلى على قدم العبودية.
الدرجة الثالثة: رسوخ القلب فى مقام التوحيد؛ فإنه لا يستقيم توكل العبد حتى يصح له توحيده، بل حقيقة التوكل توحيد القلب، فما دامت فيه علائق الشرك فتوكله معلول مدخول، وعلى قدر تجريد التوحيد يكون صحة التوكل، فإن العبد متى التفت إلى غير الله أخذ ذلك الالتفات شعبة من شعب قلبه فنقص من توكله على الله بقدر ذهاب تلك الشعبة.
الدرجة
الرابعة: اعتماد القلب على الله واستناده إليه بحيث لا يبقى فيه اضطراب من تشويش الأسباب ولا سكون إليها، بل يخلع السكون إليها من قلبه ويلبس السكون إلى مسببها.
الدرجة الخامسة: حسن الظن بالله تعالى، فعلى قدر حسن ظنك به ورجائك له يكون توكلك عليه.
الدرجة السادسة: استسلام القلب له وانحداث دواعيه كلها إليه، وقطع منازعاته، وبهذا فسره من قال: أن يكون كالميت بين يدى الغاسل.
الدرجة السابعة: التفويض، وهو روح التوكل وحقيقته ولبه، وهو إلقاء أموره كلها إلى الله تعالى، وإنزالها به رغبا واختيارا لاكرها واضطرارا، بل كتفويض الابن العاجز الضعيف المغلوب أموره إلى أبيه [و] الغلام بشفقته عليه ورحمته، وتمام كفايته وحسن ولايته له، فإذا وضع قدمه فى هذه الدرجة انتقل منها إلى درجة الرضا، وهى ثمرة التوكل. ومن فسر التوكل بها فإنما فسره بأحد ثمراته وأعظم فوائده، فإنه إذا توكل حق التوكل رضى بما يفعله وكيله.
والمقدور يكتنفه أمران: التوكل قبله، والرضا بعده، فمن توكل على الله قبل الفعل، ورضى قضى له الفعل فقد قام بالعبودية.
واعلم أن التوكل من أعم المقامات تعلقا بالأسماء الحسنى، فإن له تعلقا خاصا بعامة أسماء الأفعال، وأسماء الصفات، فله تعلق باسمه والرزاق، والمعطى؛ وتعلق باسمه المعز والمذل، والخافض والرافع، والمانع من جهة توكله عليه فى إذلال أعداء دينه ومنهم أسباب النصر وخفضهم؛ وتعلق بأسماء القدرة والإرادة، وله تعلق عام بجميع الأسماء الحسنى، ولهذا فسره من فسره من الأئمة بأنه من المعرفة بالله، وإنما أراد أنه بحسب معرفة العبد يصح له مقام التوكل، فكلما كان بالله أعرف كان توكله عليه أقوى. وكثير من

المتوكلين يكون مغبونا فى توكله، وقد توكل حقيقة التوكل وهو مغبون، كمن صرف توكله إلى حاجة جزئية استفرغ فيها قوة توكله ويمكنه فعلها بأيسر شىء، وتفريغ قلبه للتوكل فى زيادة الإيمان والعلم ونصرة الدين والتأثير فى العالم خيرا، فهذا توكل العاجز القاصر الهمة؛ كما يصرف بعضهم توكله ودعاءه إلى وجع يمكن مداواته بأيسر شىء، أو جوع يمكن زواله بنصف درهم، ويدع صرفه إلى نصرة الدين وقمع المبتدعين ومصالح المسلمين.
وقال الشيخ أبو إسماعيل عبد الله الأنصارى: هو على ثلاث درجات:
الأولى: التوكل مع الطلب، ومعاطاة السبب على نية شغل النفس، ونفع الخلق وترك الدعوى.
الثانية: التوكل مع إسقاط الطلب وغض العين عن السبب اجتهادا فى تصحيح التوكل وقمع تشرف النفس، وتفرغا إلى حفظ الواجبات.
الثالثة: التوكل النازع إلى الخلاص من علة التوكل، وهو أن تعلم أن ملكية الحق عز وجل للأشياء ملكية عزة لا يشاركه فيها مشارك، فيكل شركته إليه، فإن من ضرورة العبودية أن يعلم العبد أنه تعالى هو املك الأشياء كلها وحده. قال بعض السالكين:
*رؤية السالك التوكل ضعف * وخلاص الفؤاد منه استقامه*
*هو باب للمبتدئ، وطريق * للمنتهى، والوقوف عنه ندامه*

  #49  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:32 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى وكأ وولج )

( بصيرة فى وكأ وولج )
رجل تكأة مثال تؤدة، أى كثير الاتكاء، وأصلها وكأة. والتكأة أيضا: ما يتكأ عليه، وهى المتكأ، قال الله تعالى: {وأعتدت لهن متكئا}، قال الأخفش: هو فى معنى مجلس.
وطعنه حتى أتكأه على أفعله، أى ألقاه على هيئة المتكئ. وأؤكأت فلانا إيكاء: إذا نصبت له متكأ.
وفى نوادر أبى عبيدة: أوكأت عليه، وتوكأت عليه، بمعنى واحد، قال الله تعالى: {هي عصاي أتوكأ عليها}. وتوكأت الناقة، وهو تصلقها عند مخاضها، أى أنينها عند الولادة.
الولوج: الدخول فى مضيق وغيره، قال تعالى: {حتى يلج الجمل في سم الخياط}. وولج فى البيت وتولج. وأمرأة خراجة ولاجة.
ودخلوا الولج والولجة، وهو ما كان من كهف أو غار يلجأ إليه.والتجؤوا إلى الولجات والأولاج.
وأولجه: أدخله، قال الله تعالى: {يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل} أى يدخل الليل فى النهار حتى يكون النهار خمس عشرة ساعة، ويولج النهار فى الليل حتى يكون الليل خمس عشرة ساعة، والنهار تسع ساعات، فما نقص من أحدهما زاد فى الآخر/، وفيه تنبيه على ما ركب الله عليه العالم من زيادة الليل فى النهار وزيادة النهار فى الليل، وذلك بحسب مطالع الشمس ومغاربها.
والوليجة: كل ما يتخذه الإنسان معتمدا، وليس من قولهم: فلان وليجة فى القوم: إذا دخل فيهم وليس منهم، إنسانا كان أوغيره، قال الله تعالى: {ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة}، وذلك مثل قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أوليآء}.
ورجل خرجة ولجة - كهمزة - : كثير الخروج والولوج.

  #50  
قديم 29 جمادى الأولى 1432هـ/2-05-2011م, 08:33 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ( بصيرة فى ولد )

( بصيرة فى ولد )

الولد يكون واحدا وجمعا، وكذلك الولد بالضم كالعرب والعرب، والعجم والعجم. ومن أمثال بنى أسد: "ولدك من دمى عقبيك". ويقال ما أدرى أى ولد الرجل هو، أى أى الناس هو.
وقوله تعالى: {ووالد وما ولد}، يعنى آدم صلوات الله عليه، وما ولد من صديق ونبى وشهيد ومؤمن.
والوليد: الصبى. وفى دعاء النبى صلى الله عليه وسلم: "اللهم واقية كواقية الوليد" لأنه لا يعلم المعاطب وهو يتعرض لها، ثم يحفظه الله تعالى، أو لأن القلم مرفوع عنه فهو محفوظ من الآثام. والوليد أيضا: العبد، والجمع ولدان وولدة.
ويجمع الولد على أولاد وولدان، قال الله تعالى: {أنمآ أموالكم وأولادكم فتنة} وقال تعالى: {إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم} فجعل كلهم فتنة وبعضهم عدوا. وقال تعالى: {أنى يكون لي ولد}. ويقال للمتبنى أيضا ولد، قال تعالى: {أو نتخذه ولدا}.
ويطلق الولد على الابن والابنة.
والوالد: الأب، وهى والدة وهما الوالدان. وقد ولد ولادا وولادة ولدة ومولدا.
والمولد أيضا والميلاد: وقت الولادة، والمولد أيضا: الموضع الذى فيه المولود، قال تعالى: {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت}.
وفعل ذلك فى ولوديته وولوديته، أى فى صغره. ورجل فيه ولودية، أى جفاء وقلة رفق وعلم بالأمور.
والمولدة:القابلة. وجاءنا ببينة مولدة، أى ليست بمحققة. وكتاب مولد. مفتعل. ومما حرفته النصارى فى الإنجيل: يقول الله تعالى يا عيسى أنت نبيى وأنا ولدتك، أى ربيتك، فقال النصارى: أنت بنيى وأنا ولدتك، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
وقال ابن الأعرابى فى قول الشاعر:
*إذا ماولدوا شاة تنادوا * أجدى تحت شاتك أم غلام*
رماهم بأنهم يأتون البهائم.
وتوالدوا: كثروا وولد بعضهم بعضا.
والوليد يقال لمن قرب عهده بالولادة، وإن صح فى الأصل لمن قرب عهده أو بعد. والوليدة مختصة بالإماء فى عامة كلامهم.
وتولد الشىء من الشىء: حصوله منه بسبب من الأسباب.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الباب, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir