مجلس مذاكرة القسم الأول من كتاب تناسق الدرر في تناسب السور للسيوطي
سؤال عام لجميع الطلاب:
بعد مراجعة درس (ترتيب الآيات والسور في المصاحف) من دورة جمع القرآن للشيخ عبد العزيز الداخل - حفظه الله -، علّق بما تيسر لك على كلام السيوطي - رحمه الله - على ترتيب سورتي الأنفال وبراءة في المصحف.
ذهب السيوطي رحمه الله تعالى بأن ترتيب سورتي الأنفال والتوبة ليس توقيفيا عن النبي صلى الله عليه وسلم, وهذا ما قال به بالنسبة لترتيب باقي السور, وقال فيما يخص fترتيب سورتي الأنفال والتوبة بأنه اجتهاد محض من عثمان رضي الله عنه, وعلل ذلك بأثر ونظر؛
أما النظر فقال رحمه الله: (وقد كان يظهر في بادئ الرأي: أن المناسب إيلاء الأعراف بيونس وهود؛ لاشتراك كل منهما في اشتمالها على قصص الأنبياء، وأنها مكية النزول، خصوصًا أن الحديث ورد في فضل السبع الطوال، وعدوا السابعة يونس، وكانت تسمى بذلك كما أخرجه البيهقي في الدلائل. ففي فصلها من الأعراف بسورتين هما الأنفال وبراءة فصل للنظير من سائر نظائره، هذا مع قصر سورة الأنفال بالنسبة إلى الأعراف وبراءة).
,أما الأثر: فقد استدل رحمه الله تعالى بأثر ابن عباس رضي الله عنهما والذي جاء فيه:
قال عوف بن أبي جميلة الأعرابي: حدثنا يزيد الفارسي قال: قال لنا ابن عباس: قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتموها في السبع الطوال، فما حملكم على ذلك؟
قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب له فيقول: «ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا» وإذا أنزلت عليه الآيات قال: «ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا» وإذا أنزلت عليه الآية، قال: «ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا»).
قال: (وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما أنزل من القرآن).
قال: (فكانت قصتها شبيها بقصتها، فظننا أنها منها، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطرا: بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتها في السبع الطوال).
أولا: نقد الأثر سندا ومتنا:
- من حيث السند: فالأثر رواه الإمام أحمد وأبو عبيد وأبو داوود والترمذي والنسائي في الكبرى.
وقد ذهب إلى تحسين الأثر: الترمذي وابن حجر, كذلك صححه الحاكم بناء على أنّ يزيد هو ابن هرمز.
وضعفه أحمد شاكر والألباني وشعيب الأرناؤوط ومحققوا المسند وغيرهم.
حتى قال أحمد شاكر رحمه الله تعالى: (وفي إسناده نظر كثير، بل هو عندي ضعيف جدًّا، بل هو حديث لا أصل له).
وسبب اختلاف المحدثين هو أن مدار الحديث على يزيد الفارسي، وقد اختُلف فيه: هل هو يزيد بن هرمز الفارسي أو غيره؟
وتبعا لاختلاف العلماء في يزيد اختلفوا في قبول الأثر أو رده.
وقد ذهب الإمام أحمد وعبد الرحمن بن مهدي إلى أنهما واحد.
وذهب يحيى بن سعيد القطان وأبو حاتم الرازي ويحيى بن معين إلى التفريق بينهما.
قال ابن الجنيد لما قيل له بأن هناك من يزعم أن يزيد بن هرمز هو يزيد الفارسي الذي روى عنه الزهري وقيس بن سعد حديث نجدةP
فقال رحمه الله: «باطل، كذب، شيء وضعوه، ليس هو ذاك»).
وقال البخاري في ترجمة يزيد بن هرمز: قال عبد الرحمن بن مهدي: يزيد الفارسي هو ابن هرمز، قال: فذكرته ليحيى فلم يعرفه، قال: وكان يكون مع الأمراء.
وعن علي بن المديني قال: ذكرت ليحيى قول عبد الرحمن بن مهدي: إن يزيد الفارسي هو يزيد بن هرمز، فلم يعرفه.
وأثبته البخاري في الضعفاء بالاسمين: ابن هرمز والفارسي، فهما ضعيفان عنده.فعلى هذا فالحديث ضعيف، إما لضعف يزيد بن هرمز إن كان هو نفسه يزيد الفارسي، أو لجهالة أو ضعف يزيد الفارسي إن كان غير ابن هرمز.
وقد روى له ابن أبي داوود خبراً في كِتاب "المصاحف" من طريق عبد الله بن فيروز وفيه أنه كان كاتباً لعبيد الله بن زياد، وأنه كتب له مصحفاً بأمره فيه مخالفة لرسم المصاحف العثمانية.
وروى ابن أبي شيبة وابن شبّة عن عوف الأعرابي أن يزيد الفارسي كان يكتب المصاحف، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقصّ خبره على ابن عباس فصدّقه في وصفه.
فالراجح أنه غير يزيد بن هرمز، وقول من فرق بينهما مقدم لأن فيه زيادة علم, وهذا بحسب قواعد الترجيح وأصوله.
إذا: يزيد الفارسي لم تثبت عدالته، وقد ذكره البخاري في الضعفاء، أضف إلى ذلك نكارة المتن ولا متابع له عليه.
ومثل هذه العلل كافية في ردّ رواية يزيد الفارسي، وعدم الاعتداد بها.
- أما من حيث المتن فيقال:
* يلزم من قول عثمان بأن معرفة كون سورة الأنفال من التوبة أو لا قد خفي عنه وعن جميع قراء الصحابة, وهذا ممتنع لا يمكن وقوعه, فغياب الحق عن الجميع يمتنع وقوعه في هذه الأمة لكمال الدين الذي يلزم منه كمال البلاغ من طرف النبي صلى الله عليه وسلم.
* كما إن هذا الإشكال لم يوجد في عهد أبي بكر رضي الله عنه مع كونه أول من جمع المصحف.
* كذلك ما في الأثر من التناقض، فقد أثبت للأنفال وبراءة اسمين مختلفين، ومع ذلك ظن أن براءة من الأنفال فقرنَها بِها، وكان الأولى أن يقول: إنهما سورة واحدة.
* كما إن لازم هذا القول مخالفة الإجماع في أن ترتيب آيات كلّ سورة تم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة, فلو كانت سورة واجدة لعلم ترتيب آياتها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
* قد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يوقفهم على مواضع الآيات من السور؛ فمن باب أولى أن يوقفهم على نفس السور والتباين بينها.
* تفرد يزيد الفارسي برواية مثل هذا الأثر, وخفاء مثل هذا الأمر العظيم على الأجلاء من اصحاب ابن عباس رضي الله عنهما وخواص تلاميذه!
ثانيا: ما ذكره السيوطي رحمه الله تعالى من دليل النظر فيقال:
- إن هذا مبني على مجرد الاستحسان العقلي, ومن ثمّ؛ لا يسلم له به.
- لا يلزم أن ترتيب السور في المصحف جاء معتمدا فقط على مسألة المحتوى أو مكان النزول, فهناك سور احتوت على قصص الأنبياء بعد سورة يونس ولم تأت متتابعة, وهناك من السور المكية ما جاء ترتيبه في آخر المصحف, وجاءت سورة البقرة في بدايته مع كونها مدنية.
- اجتهد الصحابة رضي الله عنهم في ترتيب سور القرآن في المصحف، وهذا الاجتهاد لم يستند إلى مجرد الرأي أو الاستحسان العقلين، بل استند إلى علم تعلموه من ألنبي صلى الله عليه وسلم, فهم أعلم الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم, وأعلم الناس بالوحي, فكان اجتهادهم قائماً على أصول صحيحة وأدلّة تفصيلية علموها، لذلك حصل الإجماع على ما قاموا به من عهد الصحابة إلى من تتابع بعدهم, والأمّة لا تجتمع على ضلالة, ولو كان هذا الترتيب مخالفا لما أخذوه عن النبي صلى الله عليه وسلم: لما اقره باقي الصحابة رضوان الله عليهم.
قال سليمان بن بلال التَّيمي: سمعتُ ربيعةَ يُسأل: لم قُدِّمَت البقرة وآل عمران وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكة، وإنما نزلتا بالمدينة؟
فقال: «قُدِّمَتا، وأٌلّفَ القرآن على علمٍ ممن ألَّفه به، ومن كان معه فيه، واجتماعهم على علمهم بذلك، فهذا مما يُنتهى إليه، ولا يُسأل عنه» رواه ابن وهب في جامعه كما في جامع بيان العلم لابن عبد البر، ورواه أيضا ابن شبة في تاريخ المدينة.
قال ابن وهب: سمعت مالكاً يقول: (إنما أُلِّفَ القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبى صلى الله عليه وسلم).
وذكر الشيخ عبد العزيز الداخل حفظه الله تعالى:(وقد يقال: إنّ سورتي التوبة والأنفال سورة واحدة في بعض الأحرف، وسورتان في أحرف أخرى، كما حُكي في سورتي الفيل وقريش أنّهما سورة واحدة في قراءة أبيّ بن كعب، ويكون الاجتهاد المذكور عن عثمان هو اجتهاد مفاضلة بين الأحرف...).
المجموعة الثالثة:
س1: وضح ما ذكره السيوطي من أوجه الاتحاد والتلازم بين سورتي البقرة وآل عمران.
ذكر السيوطي رحمه الله عدة أمور حاول أن يبين من خلالها أوجه الاتحاد والتلازم بين سورتي البقرة وآل عمران:
- ذكر في آل عمران ما هو لاحق لما ذكر في البقرة، أو لازم لما ذكر فيها؛ فمثلا: جاءت سورة البقرة بمنزلة إزالة الشبهة, لذا تكرر في آل عمران بيان حقيقة الكتاب من إنزاله، وتصديقه للكتب قبله، والهدى إلى الصراط المستقيم.
- افتتحت البقرة بقصة آدم عليه السلام لأنها أول السور, وآدم أول في الوجود وسابق، ولأن الخطاب كان موجها لليهود الذين قالوا في مريم ما قالوا، ففوتحوا بقصة آدم؛ لتثبت في أذهانهم, ثم ذكر في آل عمران نظيره في الخلق من غير أب وهو عيسى عليه السلام, وقصته كالفرع والتتمة لها, فجاءت قصة عيسى وقد ذكر عندهم شاهد لها, لذا قيست على قصة آدم في قوله تعالى: {كمثل آدم} ، وقد علموا المقيس عليه في قصة آدم , فكانت جديرة بالتقدم.
- كذلك ذكر في البقرة خلق الناس، وذكر في آل عمران تصويرهم في الأرحام.
- وذكر في البقرة مبدأ خلق آدم، وذكر آل عمران مبدأ خلق أولاده.
- كذلك من وجوه اتحاد وتلازم السورتين:ذكر في البقرة في صفة النار: {أعدّت للكافرين} ، وذكر في آل عمران: {وجنّةٍ عرضها السّماوات والأرض أعدّت للمتّقين}
- خاتمة آل عمران مناسب لأول البقرة؛ فقد افتتحت البقرة بذكر المتقين، وأنهم المفلحون، وختمت آل عمران بقوله: {واتّقوا اللّه لعلّكم تفلحون}.
وافتتحت البقرة بقوله: {والّذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك}، وختمت آل عمران بقوله: {وإنّ من أهل الكتاب لمن يؤمن باللّه وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم}.
- وأيضا من أوجه الاتحاد التلازم أنه لما نزل قوله تعالى من سورة البقرة: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا} ، قالت اليهود: يا محمد، افتقر ربك، فسأل عباده القرض، فنزل قوله تعالى في سورة آل عمران: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} .
- ومن اتحاد وتلازم السورتين ما جاء في سورة البقرة عن إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: {ربّنا وابعث فيهم رسولًا منهم يتلو عليهم آياتك} , وجاء في آل عمران قوله تعالى: {لقد منّ اللّه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولًا من أنفسهم يتلو عليهم} .
س2:ما وجه المناسبة بين خاتمة سورة طه وفاتحة سورة الأنبياء؟
جاء في آخر سورة طه قوله تعالى: {قل كلٌّ متربّصٌ فتربّصوا}, وجاء قبلها قوله تعالى: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك إلى أجلٍ مسمًّى}.
وفي بداية سورة الأنبياء قال تعالى: {اقترب للنّاس حسابهم} . وهذا فيه إشارة إلى قرب الأجل، ودنو الأمل المنتظر, فلا وجه للفرح بطول العمر لأن كل ما هو آت فهو قريب.
وهذا مناسب لقوله تعالى في سورة طه: {ولا تمدّن عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم}, لأن الإنسان إذا علم قرب الأجل وقرب الساعة؛ أعرض عن الدنيا ولم يعلق بها قلبه, فالعاقل لا يؤثر الفاني على الباقي, ففيها من الترهيب والترغيب ما فيها: الترهيب من لقاء الله على المعاصي وشتات القلب وعدم تحقيق العبودية بتوحيده سبحانه, والترغيب بما عند الله.
لذلك قال صلى الله عليه وسلم: ( أكثروا من هاذم اللذات), وورد في الحديث: أنها لما نزلت قيل لبعض الصحابة: هلا سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها؟ فقال: "نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا").
س3: قال تعالى في سورة آل عمران: {زيّن للنّاس حبّ الشّهوات من النّساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذّهب والفضّة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدّنيا} "آل عمران: 14"، بين كيف استفاد السيوطي من هذه الآية في ذكر وجه المناسبة بين ترتيب السور (آل عمران والنساء والمائدة والأنعام)؟
قال تعالى في سورة آل عمران: {زيّن للنّاس حبّ الشّهوات من النّساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذّهب والفضّة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدّنيا}:
ذهب السيوطي رحمه الله تعالى إلى أن الله سبحانه قد بين في الآية أصول الشهوات التي تتعلق بها القلوب في الدنيا, والتي تكون سببا في انحراف القلب وتشتته وضعف إيمانه إن لم يستعملها العبد ويستمتع بها على مراد الله وعلى ما فصله لنا سبحانه, فجميعها من الفتن, فتجاوز الحدود الشرعية فيها يجعلها أعداء للإنسان تأت له بالمصائب, أما استعمالها بما يرضي الله؛ فهذا مأمور به, وهو من التمتع بالطيبات التي خلقها الله لنا.
- لذا جاء تفصيل ما يتعلق بالنساء من الأحكام والمباحات والضوابط في سورة النساء, ولأن آية آل عمران ابتدأت بالنساء.
- ثم فصل كذلك في سورة النساء ما يتعلق بالبنين , فلما أخبر الله بحب الناس لهم، وتفضيلهم على البنات في الميراث، تولى الله سبحانه قسمة المواريث، فقال: {يوصيكم اللّه في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين}، وقال: {للرّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيبٌ}. فأبطل صنعهم في الجاهلية من تخصيص البنين بالميراث, وتفضيلهم الذكور على الإناث.
وكذلك كان في ضمن ذلك تفصيل لما يحل للذكر أخذه من الذهب والفضة وما يحرم.
وأيضا أشار إليهم في قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم فليتّقوا اللّه وليقولوا قولًا سديدًا}.
كذلك قوله في سورة الأتعام:{وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم} ففيه إشارة إلى حفظ هذه النعمة من البنين والبنات والله أعلم.
- أما في سورة المائدة: فقد فصل لنا أحكام السراق، وقطاع الطريق، لتعلقهم بالذهب والفضة المذكورين في آية آل عمران. كذلك وقع في سورة النساء إشارة إلى ذلك في قسمة المواريث.
- أما في سورة الأنعام: فقد فصل لنا ما يتعلق بأمر الحيوان والحرث، وهو بقية المذكور في آية آل عمران.
س4: ما وجه المناسبة بين قوله تعالى: {إنّما جعل السّبت على الّذين اختلفوا فيه} "النحل: 124"، وسورة الإسراء؟
جاء في آخر النحل قوله تعالى: {إنّما جعل السّبت على الّذين اختلفوا فيه}, وقد جاء في سورة الإسراء تفسير لشريعة أهل السبت، وما شرعه الله لهم في التوراة، وذكر عصيانهم وإفسادهم، وتخريب مسجدهم، ثم ذكر نيتهم في إخراج النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة،وذكر تعنتهم في الأسئلة كسؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح، ثم جاء ختام السورة بذكر آيات موسى التسع، وخطابه مع فرعون، وإرادة فرعون إخراج موسى عليه السلام وبني إسرائيل من أرضه, فأهلكه وورث بنو إسرائيل من بعده، وفي ذلك تعريض بهم؛ فهو قد شابهوا الكافر فرعون فيما أراد فعله بنبي الله موسى عليه السلام, فاتبعوا سنن الكفرة, وفعلوا فعلهم, فنصر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم كما نصر موسى عليه السلام من قبله, وأورث المؤمنين الأرض كما أورثها للصالحين من بني إسرائيل.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " إن التوراة كلها في خمس عشرة آية من سورة بني إسرائيل".