دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > برنامج الإعداد العلمي العام > منتدى الإعداد العلمي

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ربيع الأول 1431هـ/9-03-2010م, 11:19 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي مجلس مذاكرة (تفسير جزء تبارك)

إخواني الطلاب وأخواتي الطالبات هذا المجلس مخصص لاستقبال مشاركاتكم في تلخيص ومراجعة تفسير جزء تبارك.


  #2  
قديم 7 محرم 1432هـ/13-12-2010م, 06:06 PM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي

السلام عليكم هاته مجموعة من الأسئلة المنوعة مع إجاباتها :


1- عدد سور جزء تبارك وما هي بالترتيب ؟
ج) الملك -القلم - الحاقة - المعارج - نوح - الجن - المزمل - المدثر - القيامة - الإنسان - المرسلات ..

11 سورة

2- سورة في جزء تبارك تبدأ باستفهام ؟
ج) الإنسان .. قوله تعالى :{هل أتى على الإنسان}


3- أسماء يوم القيامة في جزء تبارك ؟
ج) يوم القيامة {لا أقسم بيوم القيامة} - {الحاقة} - القارعة{كذبت ثمود وعاد بالقارعة}


4- قال تعالى في سورة القيامة : {أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه } فما معنى بنانه ؟
ج) بَنَانَهُ : أطراف أصابعه أو أنامله



5- قال تعالى {كلا لا وزر} .. ما معنى وزر ؟
ج) أي لا ملجأ لك ولا منجى
6- قال تعالى {عتل بعد ذلك زنيم} ما معنى الآية ؟
ج)شديد في كفره,فاحش لئيم.منسوب لغيرأبيه.
7- قال الله تعالى : {عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق}

ج) السندس : هو الحرير الرقيق
8*- من هو صاحب الحوت؟
ج) هو سيدنا يونس عليه السلام

9) مامعنى أنكالا ؟
قيودا ثقيلة.

10) سميت بعض السور بأسماء الأنبياء كسورة محمد ويوسف وغيرها فما هي السورة التي سميت باسم نبي في جزء تبارك ؟
ج)نوح


11)قال تعالى {كلا إذا بلغت التراقي ‎} ما هي التي تبلغ التراقي .. وما التراقي؟
ج) الروح .. إذا بلغت التراقي أي وصلت إلى أعالي الصدر ..


12)من عذاب أهل النار طعامٌ قال الله تعالى فيه :{فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين لا يأكله إلا الخاطئون} فما هو هذا الطعام (الغسلين) ؟
ج) هو صديد أهل النار والعياذ بالله .


13) قال تعالى في سورة المرسلات : (وإذا الرسل أقتت} .. فما معنى أقتت؟
ج) عُيِّن لهم وقت وأجل للفصل بينهم وبين الأمم .


14) اذكر آيتان من جزء تبارك ورد فيهما التأكيد على قيام الليل؟
ج) { قم الليل إلا قليلا} المزمل {ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا} الإنسان .


وفقكم المولى



  #3  
قديم 7 محرم 1432هـ/13-12-2010م, 06:16 PM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي

سورة تبارك

( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ) كل واحدة فوق الأخرى، ولسن طبقة واحدة ..

( مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ) خلل ونقص.
( هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) نقص واختلال.
( بِمَصَابِيحَ ) النجوم ..
( تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ) تكاد على اجتماعها أن يفارق بعضها بعضًا، وتتقطع من شدة غيظها على الكفار ..
( أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) بكم وتضطرب، حتى تتلفكم وتهلككم ..
( أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا) عذابًا من السماء يحصبكم، وينتقم الله منكم ..
( صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ ) ، تصف فيه أجنحتها للطيران، وتقبضها للوقوع، فتظل سابحة في الجو ..
( لَجُّوا) استمروا ..
( فِي عُتُوٍّ) قسوة وعدم لين للحق ..
( وَنُفُورٍ) شرود عن الحق ..
( زُلْفَةً ) قريبًا ..
( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا ) غائرًا ..
( فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ) تشربون منه، وتسقون أنعامكم وأشجاركم وزروعكم

  #4  
قديم 7 محرم 1432هـ/13-12-2010م, 06:17 PM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي

سورة القلم

( غير ممنون ) غير مقطوع، بل هو دائم مستمر ..

( فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ ) هم الذين فتنوا عباد الله، وأضلوهم عن سبيله ..
( لَوْ تُدْهِنُ ) توافقهم على بعض ما هم عليه، إما بالقول أو الفعل أو بالسكوت عما يتعين الكلام فيه ..
( مَهِينٌ ) أي: خسيس النفس، ناقص الهمة ..
( عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ ) غليظ شر الخلق قاس غير منقاد للحق ..
(فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ) كالليل المظلم ..
(وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ) فيما بينهم ..
(عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) على إمساك ومنع لحق الله، جازمين بقدرتهم عليها.
(قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) أعدلهم، وأحسنهم طريقة
( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ) ليس لنفورهم عنك، وعدم تصديقهم لما جئت به..
( إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ) وهو في بطن الحوت قد كظمت عليه أو نادى وهو مغتم مهتم..
( فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ ) اختاره واصطفاه ونقاه من كل كدر..
( وَمَا هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ) أي: وما هذا القرآن الكريم، والذكر الحكيم، إلا ذكر للعالمين .




  #5  
قديم 7 محرم 1432هـ/13-12-2010م, 06:20 PM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي



تفسير سورة الحاقة

( الْحَاقَّةُ ) من أسماء يوم القيامة، لأنها تحق وتنزل بالخلق، وتظهر فيها حقائق الأمور، ومخبآت الصدور، فعظم تعالى شأنها وفخمه،
(فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) وهي الصيحة العظيم ة الفظيعة، التي انصدعت منها قلوبهم وزهقت لها أرواحهم فأصبحوا موتى لا يرى إلا مساكنهم وجثثهم

( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ ) أي: قوية شديدة الهبوب لها صوت أبلغ من صوت الرعد [القاصف]
( عَاتِيَةٍ ) [أي: ] عتت على خزانها،
( وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ) أي: قرى قوم لوط الجميع جاءوا ( بِالْخَاطِئَةِ ) أي: بالفعلة الطاغية وهي الكفر والتكذيب والظلم والمعاندة وما انضم إلى ذلك من أنواع الفواحش والفسوق.

( أَخْذَةً رَابِيَةً ) أي: زائدة على الحد والمقدار الذي يحصل به هلاكهم

( وَالْمَلَكُ ) أي: الملائكة الكرام
( عَلَى أَرْجَائِهَا ) أي: على جوانب السماء وأركانها، خاضعين لربهم، مستكينين لعظمته.
( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) أملاك في غاية القوة إذا أتى للفصل بين العباد والقضاء بينهم بعدله وقسطه وفضله.
( يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ) أي:: يا ليت موتتي هي الموتة التي لا بعث بعدها.
( ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا ) من سلاسل الجحيم في غاية الحرارة
( فَاسْلُكُوهُ ) أي: انظموه فيها بأن تدخل في دبره وتخرج من فمه، ويعلق فيها، فلا يزال يعذب هذا العذاب الفظيع، فبئس العذاب والعقاب، وواحسرة من له التوبيخ والعتاب.
(وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ ) وهو صديد أهل النار، الذي هو في غاية الحرارة، ونتن الريح، وقبح الطعم ومرارته
( وَإِنَّهُ ) أي: القرآن الكريم
( لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) يتذكرون به مصالح دينهم ودنياهم، فيعرفونها، ويعملون عليها، يذكرهم العقائد الدينية، والأخلاق المرضية، والأحكام الشرعية، فيكونون من العلماء الربانيين، والعباد العارفين، والأئمة المهديين.

  #6  
قديم 7 محرم 1432هـ/13-12-2010م, 06:21 PM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي



سورة المعارج

( يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8 ) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9 ) وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10 ) ).
( يَوْمِ ) أي: القيامة، تقع فيه هذه الأمور العظيمة فـ ( تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ) وهو الرصاص المذاب من تشققها وبلوغ الهول منها كل مبلغ.
( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ) وهو الصوف المنفوش، ثم تكون بعد ذاك هباء منثورا فتضمحل، فإذا كان هذا القلق والانزعاج لهذه الأجرام الكبيرة الشديدة، فما ظنك بالعبد الضعيف الذي قد أثقل ظهره بالذنوب والأوزار؟
( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ ) أي: القبور، ( سِرَاعًا ) مجيبين لدعوة الداعي، مهطعين إليها ( كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ) أي: [كأنهم إلى علم] يؤمون ويسرعون أي: فلا يتمكنون من الاستعصاء للداعي، والالتواء لنداء المنادي، بل يأتون أذلاء مقهورين للقيام بين يدي رب العالمين.

( ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) أي: ذو العلو والجلال والعظمة، والتدبير لسائر الخلق، الذي تعرج إليه الملائكة بما دبرها على تدبيره، وتعرج إليه الروح، وهذا اسم جنس يشمل الأرواح كلها، برها وفاجرها، وهذا عند الوفاة، فأما الأبرار فتعرج أرواحهم إلى الله، فيؤذن لها من سماء < 1-886 > إلى سماء، حتى تنتهي إلى السماء التي فيها الله عز وجل، فتحيي ربها وتسلم عليه، وتحظى بقربه، وتبتهج بالدنو منه، ويحصل لها منه الثناء والإكرام والبر والإعظام.
وأما أرواح الفجار فتعرج، فإذا وصلت إلى السماء استأذنت فلم يؤذن لها، وأعيدت إلى الأرض.

  #7  
قديم 7 محرم 1432هـ/13-12-2010م, 06:23 PM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي

سورة نوح

( وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ ) أي تغطوا بها غطاء يغشاهم بعدا عن الحق وبغضا له،
( وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) أي: خلقا [من] بعد خلق، في بطن الأم، ثم في الرضاع، ثم في سن الطفولية، ثم التمييز، ثم الشباب، إلى آخر ما وصل إليه الخلق ، فالذي انفرد بالخلق والتدبير البديع، متعين أن يفرد بالعبادة والتوحيد، وفي ذكر ابتداء خلقهم تنبيه لهم على الإقرار بالمعاد، وأن الذي أنشأهم من العدم قادر على أن يعيدهم بعد موتهم
( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ) أي: اتركوا ما أنتم عليه من الذنوب، واستغفروا الله منها.
( إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ) كثير المغفرة لمن تاب واستغفر، فرغبهم بمغفرة الذنوب، وما يترتب عليها من حصول الثواب، واندفاع العقاب.
ورغبهم أيضا، بخير الدنيا العاجل، فقال: ( يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ) أي: مطرا متتابعا، يروي الشعاب والوهاد، ويحيي البلاد والعباد.
( وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ) أي: يكثر أموالكم التي تدركون بها ما تطلبون من الدنيا وأولادكم،
( وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) وهذا من أبلغ ما يكون من لذات الدنيا ومطالبها.

( وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا لأهل الأرض وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا )ففيه تنبيه على عظم خلق هذه الأشياء، وكثرة المنافع في الشمس والقمر الدالة على رحمته وسعة إحسانه، فالعظيم الرحيم، يستحق أن يعظم ويحب ويعبد ويخاف ويرجى.
( وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا ) حين خلق أباكم آدم وأنتم في صلبه.
( ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا) عند الموت
( وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ) للبعث والنشور، فهو الذي يملك الحياة والموت والنشور.
لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا فلولا أنه بسطها، لما أمكن ذلك، بل ولا أمكنهم حرثها وغرسها وزرعها، والبناء، والسكون على ظهرها.

( لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ ) فدعوهم إلى التعصب على ما هم عليه من الشرك، وأن لا يدعوا ما عليه آباؤهم الأقدمون، ثم عينوا آلهتهم فقالوا: وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وهذه أسماء رجال صالحين لما ماتوا زين الشيطان لقومهم أن يصوروا صورهم لينشطوا -بزعمهم- على الطاعة إذا رأوها، ثم طال الأمد، وجاء غير أولئك فقال لهم الشيطان: إن أسلافكم يعبدونهم، ويتوسلون بهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم، ولهذا أوصى رؤساؤهم للتابعين لهم أن لا يدعوا عبادة هذه الآلهة====

  #8  
قديم 7 محرم 1432هـ/13-12-2010م, 06:25 PM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي


سورة القيامة

( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) وهي جميع النفوس الخيرة والفاجرة
و سميت ( لوامة ) لكثرة ترددها وتلومها وعدم ثبوتها على حالة من أحوالها، ولأنها عند الموت تلوم صاحبها على
ما عملت ، بل نفس المؤمن تلوم صاحبها في الدنيا على ما حصل منه، من تفريط أو تقصير في حق من الحقوق، أو غفلة، فجمع بين الإقسام بالجزاء، وعلى الجزاء، وبين مستحق الجزاء ..
( بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ) أي: أطراف أصابعه وعظامه، المستلزم ذلك لخلق جميع أجزاء البدن ..
( أَيْنَ الْمَفَرُّ ) أين الخلاص والفرار مما طرقنا وأصابنا ?
( كَلا لا وَزَرَ ) لا ملجأ لأحد دون الله ..
( إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ) لسائر العباد فليس في إمكان أحد أن يستتر أو يهرب عن ذلك الموضع ..
( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) شاهدا ومحاسبا ..
( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) فإنها معاذير لا تقبل، ولا تقابل ما يقرر به العبد ، فيقر به ..
( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) أي: بيان معانيه، فوعده بحفظ لفظه وحفظ معانيه، وهذا أعلى ما يكون ..
فامتثل نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة لأدب ربه، فكان إذا تلا عليه جبريل القرآن بعد هذا، أنصت له، فإذا فرغ قرأه.
( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ) حسنة بهية، لها رونق ونور، مما هم فيه من نعيم القلوب، وبهجة النفوس، ولذة الأرواح ..
( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ) معبسة ومكدرة ، خاشعة ذليلة ..
( تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ) عقوبة شديدة، وعذاب أليم، فلذلك تغيرت وجوههم وعبست..

(كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ ) يعظ تعالى عباده بذكر حال المحتضر عند السياق ، وأنه إذا بلغت روحه التراقي، وهي العظام المكتنفة لثغرة النحر، فحينئذ يشتد الكرب ..
( وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ) أي من يرقيه من الرقية لأنهم انقطعت آمالهم من الأسباب العادية، فلم يبق إلا الأسباب الإلهية.
( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) أي: اجتمعت الشدائد والتفت، وعظم الأمر وصعب الكرب ..
(أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى) أي: معطلا ، لا يؤمر ولا ينهى، ولا يثاب ولا يعاقب ؟

  #9  
قديم 7 محرم 1432هـ/13-12-2010م, 06:27 PM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي


سورة الإنسان

( مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ) أي: ماء مهين مستقذر
( وَأَغْلالا ) تغل بها أيديهم إلى أعناقهم ويوثقون بها.
(وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ) منتشرا فاشيا، فخافوا أن ينالهم شره، فتركوا كل سبب موجب لذلك
(إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا ) شديد الجهمة والشر
(قَمْطَرِيرًا ) ضنكا ضيقا،
(وَلا زَمْهَرِيرًا ) بردا شديدا، بل جميع أوقاتهم في ظل ظليل، لا حر ولا برد ..
(وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا ) قربت ثمراتها من مريدها تقريبا ينالها، وهو قائم،
أو قاعد، أو مضطجع.
(قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا) قدروا الأواني المذكورة على قدر ريهم، لا تزيد ولا تنقص، لأنها
لو زادت نقصت لذتها، ولو نقصت لم تف بريهم. ويحتمل أن المراد قدرها أهل الجنة بنفوسهم
بمقدار يوافق لذاتهم، فأتتهم على ما قدروا في خواطرهم.
(تُسَمَّى سَلْسَبِيلا ) سميت بذلك لسلاستها ولذتها وحسنها.
(وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ) خلقوا من الجنة للبقاء، لا يتغيرون ولا يكبرون، وهم في غاية الحسن ..
(وَيَذَرُونَ ) يتركون العمل ويهملون
(يَوْمًا ثَقِيلا ) وهو يوم القيامة، الذي مقداره خمسون ألف سنة مما تعدون ..
(وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ) أحكمنا خلقتهم بالأعصاب، والعروق، والأوتار، والقوى الظاهرة والباطنة،
حتى تم الجسم واستكمل، وتمكن من كل ما يريده ..
(بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلا ) أنشأناكم للبعث نشأة أخرى، وأعدناكم بأعيانكم، وهم بأنفسهم أمثالهم.



  #10  
قديم 7 محرم 1432هـ/13-12-2010م, 06:29 PM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي


سورة المرسلات

(المرسلات) الملائكة
( عُرْفًا) حال من المرسلات أي: أرسلت بالعرف والحكمة والمصلحة, لا بالنكر والعبث.
( فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا) وهي أيضاً الملائكة التي يرسلها الله تعالى وصفها بالمبادرة لأمره،
وسرعة تنفيذ أوامره، كالريح العاصف ..
(العاصفات) الرياح الشديدة، التي يسرع هبوبها.
( وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا) يحتمل أنها الملائكة ، تنشر ما دبرت على نشره،
أو أنها السحاب التي ينشر بها الله الأرض، فيحييها بعد موتها.
( فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا) هي الملائكة تلقي أشرف الأوامر، وهو الذكر .
( عُذْرًا أَوْ نُذْرًا) أي: إعذارا وإنذارا للناس.
( إِنَّمَا تُوعَدُونَ) من البعث والجزاء على الأعمال
( لِيَوْمِ الْفَصْلِ) بين الخلائق، بعضهم لبعض، وحساب كل منهم منفردا
( مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ) في غاية الحقارة، خرج من بين الصلب والترائب
( فِي قَرَارٍ مَكِينٍ) وهو الرحم، به يستقر وينمو.
( فَقَدَرْنَا) أي: قدرنا ودبرنا ذلك الجنين
( وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا) أي: عذبا زلالا
( انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ ) إلى ظل نار جهنم، التي تتمايز في خلاله
ثلاث شعب : قطع من النار أي: تتعاوره وتتناوبه وتجتمع به ..
( لا ظَلِيلٍ ) ذلك الظل : لا راحة فيه ولا طمأنينة ..
( إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ ) وهي السود التي تضرب إلى لون فيه صفرة، وهذا يدل على أن النار مظلمة، لهبها وجمرها وشررها، وأنها سوداء، كريهة المرأى ، شديدة الحرارة ..
( فَكِيدُونِ ) أي: ليس لكم قدرة ولا سلطان ..



====

  #11  
قديم 24 جمادى الأولى 1433هـ/15-04-2012م, 03:53 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

سلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه فوائد من سورة نوح:
1 لم يذكر الله تعالى في هذه الآية سوى قصة نوح و ذلك لطول مكثه و تكرار دعوته إلى التوحيد و النهي عن الشرك
2 و فيها إثبات البعث و ذلك في قوله تعالى:" ثم يعيدكم فيها و يخرجكم إخراجا"
3 و فيه أن الأصنام التي ذكر الله تعالى حكاية عن قوم نوح كانوا أسماء رجال صالحين فلما هلكوا أوحى الشيطان أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا و سموا بأسمائم ففعلوا و لم تعبد حتى إذا هلك هؤلاء و نسي العلم عبدت.
4 و فيه أن نوح علم نتيجة أعمالهم لأنه كثرت مخالطته إياهم و مزاولته أخلاقهم فلهذا قال الله حكاية عنه:"رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا".

و من فوائد سورة الجن:
1 إثبات وجود الجن و أنهم مكلفون.
2 أن الرسول صلى الله عليه و سلم بعث إلى الجن كما أنه بعث إلى الإنس.
3 اشتمال هذه السورة على الأمر بالتوحيد و النهي عن ضده
4 أن علم الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى.

  #12  
قديم 24 رمضان 1433هـ/11-08-2012م, 01:42 PM
سامية السلفية سامية السلفية غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 2,007
Lightbulb (1) سورة الملك (الآيات: 1 - 5)

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الملك (الآيات: 1 - 5)

* {تَبَارَكَ}: تَعَاظَمَ وتعالى، وكَثُرَ خَيْرُه، وعَمَّ إحسانُه.
* {بِيَدِهِ الْمُلْكُ}: كُلِّ شَيْءٍ في الدنيا والآخِرةِ
- (في الدنيا) يَعلمُه المؤمنونَ ويُنكِرُه الكُفَّارُ.
- (في الآخِرَةِ) ولا يُنكِرُ مُلكَه أحَدٌ.
* {لِيَبْلُوَكُمْ}: ليُكَلِّفَكم ثم يَخْتَبِرَكم فيُجَازِيَكم على ذلك.
والْمَقْصِدُ الأصليُّ مِن الابتلاءِ هو ظُهورُ كمالِ إحسانِ الْمُحْسنينَ. [الإبتلاء في العمل ؛ ليتمايز الصالح من السيئ . والله تعالى أعلم]
* {أَحْسَنُ عَمَلاً}:
- أَخْلَصَ العمل وأَصْوَبَه
- أو أتم عقلاً وأورع أو أزهد وأترك للدنيا
- أو الذاكر للموت المستعد له
- أو الأخوف من الله
- أو الأبصر بعيوب نفسه.

* الموتُ: انقطاعُ تعَلُّقِ الرُّوحِ بالبَدَنِ ومُفارَقَتُه.
والحياةُ: تَعَلُّقُ الرُّوحِ بالبَدَنِ واتِّصَالُها به.
* معنى {الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} في الآية :
- الدنيا والآخرةَ
- أو الموتَ في الدنيا، والحياةَ في الآخرةِ
- أو النُّطْفَةَ قبل وبعد نَفَخَ الرُّوحَ
- أو خلَقَ الدنيا للحياةِ ثم للموتِ، وخَلَقَ الآخرةَ للجزاءِ ثم للبقاءِ.

* ما الفرق بين لفظتي (تفاوت) و (فطور)؟
- يتفقان في المعنى العام : العَيْبِ والْخَلَلِ
- وذكر أن معنى (تفاوت) : اضطرابٍ وتَبَايُنٍ أو اعْوجاجٍ وتَخَالُفٍ
- وذكر أن معنى (فطور) : صُدوعٍ وشُقوقٍ وخُروقٍ
* وعنْ قَتادةَ رحمه الله، قالَ: خَلَقَ اللهُ النجومَ لثلاثةِ أشياءَ:
- جعَلَها زِينةً للسماءِ الدنيا
- ورُجوماً للشياطينِ
- وهَادِياً للناسِ في الطُّرُقِ.
* {عَذَابَ السَّعِيرِ}: وعن ابنِ عباسٍ رضي الله عنه: أنَّ السَّعيرَ هو الطَّبَقُ الرابعُ مِن جَهَنَّمَ.
* للشياطينَ الذين تَمَرَّدُوا على اللَّهِ، وأَضَلُّوا عِبادَه :
- في الدُّنْيَا : {رُجُوماً}
- في الآخِرةِ : {عَذَابَ السَّعِيرِ}

فضائل سورة الملك (تبارك):

* روَى أبو هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ عليه الصلاةُ والسلامُ قالَ: ((إِنَّ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ ثَلاَثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِصَاحِبِهَا حَتَّى غُفِرَ لَهُ، وَهِيَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)).
* وروَى أبو الزُّبيرِ عن جابرٍ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان لا يَنامُ حتى يَقرأَ: {الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} و {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}.
* {الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} و {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} قالَ طاوُسٌ: يَفْضُلانِ سَائرَ السُّوَرِ بسَبعينَ حَسَنَةً.
* وروى أبو الْجَوزاءِ عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّ رجُلاً ضَرَبَ خِباءَه على قَبْرٍ، وهو لا يَحْسَبُ أنه قَبْرٌ، فسَمِعَ قارئاً: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} حتى ختَمَ السورةَ، فَأَتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فذكَرَ له ذلك، فقالَ: ((هِيَ الْمُنْجِيَةُ، هِيَ الْمَانِعَةُ، تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ)). ذكَرَه التِّرمِذيُّ في جامِعِه.
* أنَّ الزُّهْرِيَّ روى عن حُمَيْدِ بنِ عبدِ الرحمنِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ((سُورَةُ الْمُلْكِ تُجَادِلُ عَنْ صَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
* وروى مُرَّةُ الْهَمْدَانِيُّ عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ: "أنَّ رجُلاً أُتِيَ في قَبْرِه مِن جوانبِه، فجَعَلَتْ سورةٌ مِن القرآنِ تُجادِلُ عن صاحبِها حتى الجنَّةِ"، قالَ مُرَّةُ: فنَظرْتُ أنا وخَيْثَمَةُ فإذا هي سورةُ الْمُلْكِ، واللهُ أعْلَمُ.

رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب

  #13  
قديم 3 شوال 1433هـ/20-08-2012م, 10:13 AM
سامية السلفية سامية السلفية غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 2,007
افتراضي (2) سورة الملك (الآيات: 6 - 12)

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الملك (الآيات: 6 - 12)

* {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا} طُرِحُوا فيها على وَجْهِ الإهانةِ والذُّلِّ.
* { شَهِيقاً}؛ أي: صَوتاً عالِياً فَظيعاً.
- وقيل: الشَّهِيقُ أوَّلُ صوتِ الحمارِ، والزَّفِيرُ آخِرُ صَوتِه. وهو (الراجح) الأظْهَرُ في هذه الآيةِ.
- وقيلَ: الشَّهيقُ في الصدْرِ، والزَّفيرُ في الْحَلْقِ.
- وقيلَ: إنَّ الشهيقَ مِن الكُفَّارِ حينَ يَدْخُلونَ جَهَنَّمَ.
* {وَهِيَ تَفُورُ} تَغْلِي بهم غَليانَ الْمِرْجَلِ.
- قالَ ابنُ مسعودٍ: تَغْلِي غَليانَ القِدْرِ بما فيه
- وعن مجاهِدٍ: تَغْلِي غَليانَ الماءِ الكثيرِ بالْحَبِّ القليلِ.
* {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ}؛ أي: تكادُ على اجتماعِها أنْ يُفارِقَ بعضُها بعضاً، وتَتَقَطَّعَ مِن شِدَّةِ.
- وقيل: يَنفصِلُ بعضُها مِن بعضٍ.
- وقيل: تَتَّقِدُ وتَتفرَّقُ؛ حَنَقاً على أعداءِ اللهِ وانتقامُها.
~ تنبيه ~:
- وعن مجاهِدٍ قالَ: الرُّسُلُ مِن الإنْسِ، والنُّذُرُ مِن الْجِنِّ، وهو "قولٌ مَهجورٌ".
* {فَوْجٌ} جماعةُ ويشمل الإنس والجن.
* {فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ}
- جَمَعُوا بينَ تَكذيبِهم الخاصِّ بالمنذرين من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم.
والتكذيبِ العامِّ بكلِّ ما أَنْزَلَ اللَّهُ ، مِن أُمورِ الغَيْبِ وأخبارِ الآخرةِ والشرائعِ.
أَعْلَنوا ضَلالِ الرُّسُلِ المنذِرِينَ بل جَعَلُوا ضَلالَهم ضَلالاً كبيراً أو عظيما.
- وقيل المراد: أنهم خاطئينَ.
- وقيل: في ذَهابٍ عن الحقِّ وبُعْدٍ عن الصوابِ.
* {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ}.
[لو حرف امتناع لامتناع]
- قيل : السمْعُ لِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وجاءَتْ به الرُّسُلُ.
والعقْلُ الذي يَنفَعُ صاحبَه، ويُوقِفُه للخيرِ، والانزجارِ عن الشر.
- وقيل: نَسمعُ سَمْعَ مَن يَعِي أو نَعْقِلُ عقْلَ مَن يُمَيِّزُ ويَنظرُ
- وقيل: نَسمعُ سَماعَ مَن يُمَيِّزُ ويَتفكَّرُ، ونَعقِلُ عَقْلَ مَن يَتدبَّرُ ويَنظُرُ.
- وقيل: أنَّا لم نَسمعِ الحقَّ ولم نَعْقِلْهُ أيْ: لم نَنتفعْ بأسماعِنا وعُقولِنا.
رُوِيَ أيضاً أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ((إِنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ وَأَهْلِ الصَّلاَةِ وَأَهْلِ الصِّيَامِ، وَيَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَإِنَّمَا يُجَازَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ عَقْلِهِ)) وهو حديثٌ حسَنُ الإسنادِ.
[[نفي السمع والعقل لا يعني أنهم كانوا فاقدين لنعمتي السمع والعقل ؛ لأن هؤلاء معذرون، لكن المقصود سماع القلب أو سماع القبول والاستجابة]]
* {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} : أَيَّدُوا إِيمانَهم (خشيتهم وتعظيمهم لله):
بالأدِلَّةِ السمعيَّةِ: فسَمِعُوا ما جاءَ مِن عندِ اللَّهِ ورسله، علْماً ومَعرِفَةً وعَمَلاً.
والأدِلَّةُ العقْلِيَّةُ: مَعْرِفَةُ الهُدَى مِن الضلالِ، والحَسَنِ مِن القَبيحِ.
وهُمْ في الإيمانِ بحسَبِ ما مَنَّ اللَّهُ عليهم به مِن الاقتداءِ بالمعقولِ والمنقولِ.
* {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ}
- قيل: في جميعِ أحوالِهم، حتى في الحالةِ التي لا يَطَّلِعُ عليهم فيها إلاَّ اللَّهُ.
- وقيل: يَخشونَ عذابَه ولم يَرَوْهُ، فيُؤمنونَ به خَوفاً مِن عَذابِه.
- وقيل: بالوعْدِ والوَعيدِ الذي غابَ عنهم.
- ويُقالُ: بالجنَّةِ والنارِ.
- ويُقالُ: في الْخَلَوَاتِ.
* {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لذُنوبِهم فوَقَاهُمْ شَرَّها، ووَقاهُم عذابَ الجحيمِ، ولهم أجْرٌ كبيرٌ: الجنَّةِ ورضَا الرحمنِ عليهم.
* {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِير}
- قيل: بُعْداً لهم وخَسارةً وشَقاءً.
- وقيل: فبُعْدًا لهم مِن اللهِ ومِن رَحمتِه، أَلْزَمَهم اللهُ تعالى العذابَ بعدَ اعترافهم؛ حتى تَقومُ عليهم الْحُجَّةُ ولا يَبقَى لهم عُذْرٌ.
* {فَسُحْقاً} أيْ: بُعْداً
- وعن مُجاهِدٍ: السُّحْقُ اسمُ وادٍ في جَهَنَّمَ.
* {السَّعِيرِ} التي تَسْتَعِرُ في أبدانِهم وتَطَّلِعُ على أفْئِدَتِهِم.
* {جَهَنَّمَ} إنما سَمَّى جَهنَّمَ جَهَنَّماً لبُعْدِ قَعْرِها، تقولُ العرَبُ: رَكِيَّةٌ جَهَنَّامٌ أيْ: بَعيدةُ القَعْرِ.

ربنا اعفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب

  #14  
قديم 3 شوال 1433هـ/20-08-2012م, 05:42 PM
سامية السلفية سامية السلفية غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 2,007
افتراضي (3) سورة الملك (الآيات: 13 - 22)

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الملك (الآيات: 13 - 22)

* {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ}
سبب نزول الآية: أنَّ الكُفَّارَ كانَ بعضُهم يقولُ لبعضٍ: أَسِرُّوا بقولِكم حتى لا يَسمعَ ربُّ محمَّدٍ فيُخْبِرَه قولَكم. فأَنْزَلَ اللهُ تعالى هذه الآيةَ.

* {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ}كُلُّهَا سواءٌ لَدَيْهِ، لا يَخْفَى عليهِ منها خَافيةٌ.

* فــ {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}؛ بما في الصدور مِن النيَّاتِ والإراداتِ وكل وما تضمر القلوب.
- قالَ الحسَنُ: يَعلمُ مِن السِّرِّ ما يَعلَمُ مِن العَلانِيَةِ، ويَعلَمُ مِن العَلانيةِ ما يَعلَمُ مِن السِّرِّ.

* {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} ذلك وأوجده وأَتْقَنَه. وأَعْلَمُ شيءٍ بالمصنوعِ صانِعُه.
- دليل عقْلِيٍّ على علْمِه.
- استفهامٌ بمعنى الإنكارِ والتوبيخِ، يعني: ألاَ يَعلمُ مَن في الصدورِ مَن خلَقَ الصدورَ.

* {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} اللطيفُ في عِلْمِه وخبره، يَعلَمُ ما يُظْهَرُ وما يُسَرُّ.
- ومِن مَعانِي اللطيفِ: الذي يَلْطُفُ بعِبادِه ، فيَسُوقُ إليه الخير ويَعْصِمُه مِن الشَّرِّ مِن حيثُ لا يَحْتَسِبُ، ويُرَقِّيهِ إلى أعْلَى الْمَراتبِ بأسبابٍ لا تكونُ على بالٍ.
- ويقال: اللطيف: كُلُّ ما دَقَّ.
- ويُقالُ: الْخَبيرُ هو العالِمُ.

* {ذَلُولاً} مُذَلَّلَةً، سَهلة لَيِّنَة يسهل السَّيْرِ فيها والقَرارِ عليها.

* {مَنَاكِبِهَا} طُرُقِها وأَطْرَافِها وجَوانِبِها وفجاجها وجبالها.
- وعن بُشَيْرِ بنِ كعْبٍ الأنصاريِّ أنه كان يَقرأُ هذه السورةَ، فبَلَغَ هذه الآيةَ فقالَ لجاريةٍ له: إنْ عَرَفْتِي معنى قولِه: {فِي مَنَاكِبِهَا} فأنتِ حُرَّةٌ.
فقالتْ: في جِبَالِها. فشَحَّ الرجُلُ بالجاريةِ وجَعَلَ يَسألُ أبا الدرداءِ فقالَ: دَعْ ما يَرِيبُكَ إلى ما لا يَرِيبُكَ، خَلِّهَا.
- وحكَى قَتادةُ عن أبي الْجَلْدِ قالَ: الأرْضُ كلُّها أربعةٌ وعِشرونَ ألْفَ فَرْسَخٍ، اثنا عشرَ ألْفاً للسُّودانِ، وثمانيةُ آلافٍ للرُّومِ، وثلاثةُ آلافٍ للعَجَمِ، وألْفٌ للعَرَبِ.

* {وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ} التَمْكِينِ وإعطائِهم القُدُرَاتِ لتحصيلِ خَيْرَاتِ الأرض.
- أو : هذه دارِ امتحان، وبُلْغَةً يُتَبَلَّغُ بها إلى الدارِ الآخرةِ ؛ فــ{َإِلَيْهِ النُّشُورُ} بعدَ المَوتِ لا إلى غيره.

* {أَأَمِنْتُمْ } تَهديدٌ ووَعيدٌ {مَنْ فِي السَّمَاءِ} قالَ ابنُ عبَّاسٍ: أي: اللهَ [تعالى العالِي على خَلْقِه].

* {أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} بكم وتَضْطَرِبُ وتدور [بعد أن كانت سهلة]
- وقيل: يَقْلَعُها بكم كما فَعَلَ بقارونَ.
- ويُقالُ: تُخْسَفُ بكم حتى تَجعلَكم في أسفَلِ الأَرَضينَ.

* {أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً}عَذاباً مِن السماءِ.
- وقيل: حِجارةً مِن السماءِ.
- وقِيلَ: رِيحٌ ذاتَ حَصباءٍ، أي: فيها حِجارةٌ.

* {فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}؛ [كنْتُ مُحِقًّا في إنذارِي الذي] أبلغتكم به الرسُلُ والكتُبُ [إذا عايَنْتُمُ العذابَ].

* {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} إِنكارِي عليهم بما أَصَبْتُهم به مِن العذابِ الفَظيعِ؟

* {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ}
- عِتابٌ وحَثٌّ على النظَرِ هذه الطَّيْرِ التي سَخَّرَها اللَّهُ، صافَّةً لأَجْنِحَتِها في الهواءِ وتَبْسُطُها عندَ طَيَرَانِها.
- القَبْضِ : هو ضرْبُ الْجَناحَيْنِ بالْجَنْبَيْنِ. والقبْضُ والبسْطُ في بعضِ الطيورِ لا في جميعِها، فإنَّ بعضَها يَقْبِضُ بكلِّ حالٍ.
- والطيرِ يَسبَحُ في الهواءِ بجَنَاحَيْهِ كما يَسبحُ الإنسانُ في الماءِ بأَطرافِه ، فالهواء له بِمَنزِلَةِ الماءِ للسابِحِ.

* {مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ}؛ الذي سَخَّرَ لَهُنَّ الجوَّ، وجَعَلَ فيهن مِن دِقَّةِ الصَّنْعَةِ: في خِفَّةِ أجسامِها، وكِسْوَتِها بالريشِ ونَشْرِه بطريقةٍ مُعَيَّنَةٍ، فتبارك الله أحسن الخالقين.

* {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} عَليمٌ.

* {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ} أيها العُتاةِ النافِرِينَ عن الحقِّ (استفهامٌ بمعنى التوبيخِ والإنكارِ)

* {يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ}؛ أي: إذَا أَرادَ بكم سُوءاً فيَدْفَعُه عنكم.

* {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ} عظيمٍ مِن الشيطانِ.

* {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ}؛ مِن الْمَطَرِ وغيرِه ، فمَن الذي يُرْسِلُه لكم؟

* بل {لَجُّوا}اسْتَمَرُّوا {فِي عُتُوٍّ} تمادٍ في الكفْرِ وعِنادٍ وعَدَمِ لِينٍ للْحَقِّ، {وَنُفُورٍ} شُرودٍ وتباعُد عن الْحَقِّ.
- المعنى: أنَّ اللَّجَاجَ حَمَلَهم على الكفْرِ والنفورِ عن الْحَقِّ. لم يَعْتَبِرُوا ولا تَفَكَّرُوا.
- والعرَبُ تُسَمِّي كلَّ سَفيهٍ متَمَرِّدٍمُتَمَادٍ في الباطِلِ : عَاتِياً.

* {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى} تائِهاً في الضلالِ لا يُبصِرُ الحقَّ قدِ انْتَكَسَ قلبُه-عياذا بالله-.
- وقيل: الكافر يَكُبُّ على مَعاصِي اللهِ في الدنيا، فيَحْشُرُه اللهُ يومَ القِيامةِ على وَجْهِه.
- ويُقالُ: لا يَنظُرُ مِن بينِ يَديهِ، ولا عن يَمينِه ولا عن يَسَارِه، ولا مِن خَلْفِه.
- وقيلَ: إنَّ هذا في الآخِرَةِ، فإنَّ اللهَ تعالى يَحْشُرُ الكُفَّارَ على وُجوهِهم :
- كما جاء في القرآنُ.
- وكما ثَبَتَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ((إِنَّ الَّذِي قَدَرَ أَنْ يُمَشِّيَهُمْ عَلَى أَرْجُلِهِمْ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمَشِّيَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ)).

* {أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ومَن كانَ عالِماً بالْحَقِّ، مُؤْثِراً له، عامِلاً به في أقوالِه وأعمالِه.
- وقيل: المؤمنُ الذي سارَ على مَنهجِ اللهِ في الدنيا على هُدًى وبَصيرةٍ، فيُحشَرُ في الآخِرةِ سَوِيًّا على صراطٍ مُستقيمٍ يُؤَدِّي به إلى الْجَنَّةِ.
- عن عِكرمةَ قالَ: قولُه: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} هو أبو جَهلٍ, وقولُه: {أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وهو عَمَّارُ بنُ ياسِرٍ.
- عن ابنِ عبَّاسٍ: أنه حَمزةُ بنُ عبدِ الْمُطَّلِبِ وكُنيتُه أبو عمارةَ.

ربنا اغفر لي ولوالدي والمؤمنين يوم يقوم الحساب

  #15  
قديم 4 شوال 1433هـ/21-08-2012م, 02:39 PM
سامية السلفية سامية السلفية غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 2,007
Lightbulb (4) سورة الملك (الآيات: 23 - 30)

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الملك (الآيات: 23 - 30)

* {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ} مِن العَدَمِ.
* {قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ} اللَّهَ؛ قليلٌ منكم الشاكرُ، وقليلٌ منكم الشكْرُ. لا تَشكرونَ ربَّ هذه النِّعَمِ بتَوحيدِه إلاَّ شُكراً قَليلاً.
* {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ} بَثَّكُمْ في أَقطارِها، وأَسْكَنَكُم في أَرجائِها.
* {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}؟ جَعَلُوا علامَةَ صِدْقِهم أنْ يُخْبِرُوا بوقتِ مَجيئِه، وهذا ظلْمٌ وعِنادٌ، ولا مُلازَمَةَ بينَ صِدْقِ هذا الخبَرِ وبينَ الإخبارِ بوقتِه؛ فإنَّ الصدْقَ يُعْرَفُ بأَدِلَّتِه.
- والإيمانُ يَشمَلُ التصديقَ الباطِنَ، والأعمالَ الباطنةَ والظاهِرَةَ، وهذه الأعمال مُتَوَقِّفَةً على التوكُّلِ -وُجُودُها وكَمَالُها- ؛ لذلك خَصَّ اللَّهُ التوَكُّلَ مِن بينِ سائرِ الأعمالِ.
* {فَلَمَّا رَأَوْهُ} العذابَ {زُلْفَةً} قَريباً.
- قالَ الْمُبَرِّدُ وثَعلَبٌ: أيْ رَأَوا العذابَ حاضِراً.
* {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} اسْوَدَّتْ من السوءُ وعَلَتْها الكآبةُ، وغَشِيَتْها الذِّلَّةُ.
* {وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} وقُرِئَ في الشاذِّ: (تَدْعُونَ) بغيرِ تشديدٍ.
- وعن بعضِهم: أنَّ تَدَّعونَ وتَدْعُونَ بمعنًى واحدٍ.
- وقيلَ: تَدَّعُونَ تَمَنَّوْنَ، تقولُ العربُ لغيرِه: ادْعُ ما شئتَ. أيْ: تَمَنَّ، وهذا القولُ يَقْرُبُ مِن القوْلِ الأوَّلِ.
- وقيل: (تَدْعُونَ) أيْ: تَتَدَاعَونَ به في الدنيا تَطْلُبُونَه وتَستعجلونَ به استهزاءً. وهو مِثلُ قولِه: {قَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} نَصيبَنَا مِن العذابِ.
- قالَ ابنُ قُتيبةَ: {تَدَّعُونَ} افتعالٌ مِن الدعاءِ.
- وعن بعضِهم: تَكذِبونَ.
- ويُقالُ: تَستعجِلُونَ وتَمْتَرونَ وتَختلِفونَ.
* {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ} بِمَوتٍ أو قَتْلٍ، كما تَتَمَنُّونَ لِي ذلك وتَتَرَبَّصونَ بِيَ .
* {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ} وحْدَه لا شريك له.
* {وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} لا على غيرِه، والتوكُّل تَفويضُ الأمورِ إليه عَزَّ وجلَّ.
* {مَاؤُكُمْ غَوْرًا } غَائراً في الأرضِ، بحيث لا يَبقى له وُجودٌ فيها أَصْلاً، أو صارَ ذاهباً في الأرضِ إلى مكانٍ بَعيدٍ بحيث لا تَنالُه الدِّلاءُ.
- قالَ قَتادةُ: ويُقالُ: لا تَنالُه الدِّلاَءُ، قالَه سعيدُ بنُ جُبيرٍ، وقيلَ: إنَّ الآيةَ نَزلتْ في بئرِ زَمزمَ وبئرِ مَيمونٍ، وهما بمكةَ.
- قالَ ثعْلَبٌ: أيْ ظاهِرٍ. وهو مَنقولٌ عن الحسَنِ وقَتادةَ ومُجاهِدٍ وغيرِهم.
- ويُقالُ: بماءٍ عذْبٍ.
- ويُقالُ: بماءٍ جارٍ، يَعنِي أنَّ اللهَ هو القادِرُ أنْ يَأْتِيَ به، ولا تَصِلُونَ إليه بأَنْفُسِكُم.
* {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ}وهذا استفهامٌ بمعنَى النفْيِ؛ أي: لا يَقْدِرُ أحَدٌ على ذلك غيرُ اللَّهِ تعالى.

ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب



  #16  
قديم 12 شوال 1433هـ/29-08-2012م, 02:48 PM
سامية السلفية سامية السلفية غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 2,007
Lightbulb (5) سورة القلم (الآيات: 1 - 5)

بسم الله الرحمن الرحيم


سورة القلم (الآيات: 1 - 5)

* {ن}
قالَ مُجاهِدٌ: هي السمَكَةُ التي عليها قَرارُ الأَرَضِينَ.
وفي تَفسيرِ النقَّاشِ: أنَّ جَميعَ الْمِياهِ تَنْصَبُّ مِن شِدْقِها.
والقولُ الثاني: أنه اسمٌ مِن أسماءِ السورةِ.
والقولُ الثالثُ: مِن حُروفِ التَّهَجِّي، كالفواتِحِ الواقعةِ في أَوائلِ السوَرِ الْمُفْتَتَحَةِ بذلك.
وعن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّ {الر} و {حم} و {ن} مجموعٌ مِن اسمِ الرحمنِ.
والقولُ الرابعُ: أنَّ النونَ هي الدَّوَاةُ، وهو قولُ الحسَنِ وقَتادةَ.
من الأثر: بروايةِ أبي هُريرةَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ((إِنَّ اللهَ خَلَقَ أَوَّلَ مَا خَلَقَ الْقَلَمَ، ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ وَهِيَ الدَّوَاةُ، ثُمَّ قَالَ لِلْقَلَمِ: اكْتُبْ، فَقَالَ: وَمَا أَكْتُبُ؟ فقالَ: اكْتُبْ مَا يَكُونُ وَمَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ وَأَجَلٍ وَرِزْقٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَكَتَبَ الْقَلَمُ، وَخَتَمَ اللهُ عَلَى فِي الْقَلَمِ فَلَمْ يَنْطِقْ، وَلاَ يَنْطِقُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)) الحديث {وَالْقَلَمِ} أقْسَمَ اللهُ بالقلَمِ لِمَا فيه مِن البيانِ ؛ ولأنه وما يُسْطر به مِن آياتِ اللَّهِ العَظيمةِ .
* {وَالْقَلَمِ} اسمُ جِنْسٍ شاملٌ لكلِّ قَلَمٍ يُكتَبُ به أنواع العلوم.
وفي التفسيرِ: أنه خُلِقَ مِن نُورٍ، وطولُه ما بينَ السماءِ والأرضِ،
عن عُبادةَ بنِ الصامِتِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ((أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ الْقَلَمُ، وَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، فَقَالَ: وَمَا أَكْتُبُ قَالَ: مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)).
الأَكْثَرونَ أنه الدَّوَاةُ والقلَمُ الذي كُتِبَ به الذكْرُ في السماءِ.
والقولُ الثاني: أنه الدَّواةُ والقلَمُ الذي يَكتُبُ به بنو آدَمَ، ومعنى الآيةِ هو القَسَمُ.
وقالَ قَتادةُ: لولا القلَمُ ما قامَ للهِ دِينٌ، ولا كانَ للخلْقِ عَيْشٌ.
* {وَمَا يَسْطُرُونَ} أيْ: ما يَكتبه الملائكة مِن أعمالِ بني آدَمَ.
وحَكَى النَّقَّاشُ عن ابنِ عبَّاسٍ: أنَّ الكُفَّارَ لا يُكْتَبُ لهم حَسناتٌ ولا سَيِّئَاتٌ، وإنما يُكتبُ ذلك للمؤمنينَ وما يَفعلونَ مِن الحسناتِ في الدنيا ويُكَافَؤُونَ عليها، وما يَفعلونَ مِن السيِّئاتِ، فالشرْكُ أعظَمُ مِن ذلك كلِّه.
* {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} هذا مَوْضِعُ القَسَمِ، وهو جوابٌ لقولِهم على ما حَكَى اللهُ تعالى عنهم: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}.
* {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ}
نَفَى عن نبيه صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ الجنونَ بما أَنْعَمَ اللهُ عليه (السعادةُ في الدنيا: من النُّبُوَّةُ والرياسةُ العامَّةُ).
ويقال: برَحمةِ ربِّكَ
ويُقالُ: بإنعامِه عليك
* وسعادتَه في الآخِرَةِ، {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً}؛ أي: عَظيماً كما يُفيدُه التنكيرُ.
* {غَيْرَ مَمْنُونٍ}؛ أي: غيرَ مَقطوعٍ.
ويُقالُ: غيرَ مَحسوبٍ
أو: لا يُمَنُّ به عليك مِن جِهةِ الناسِ
* {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} الذي أدَّبَكَ اللهُ به أو الذي أمَرَكَ اللهُ به في القرآنِ.
وفي حديثِ سعدِ بنِ هِشامٍ عن عائشةُ رَضِيَ اللَّهُ عنها لَمَا سألها عنه فقالَتْ: " كانَ خُلُقُه القرآنَ".
وفي روايةٍ: "لم يكنْ رسولُ اللهِ فَحَّاشاً ولا مُتَفَحِّشاً ولا يُجْزِئُ السَّيِّئَةَ بِمِثْلِهَا، ولكنْ يَعفو ويَصفَحُ".
وقالَ السُّدِّيُّ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} على الإسلامِ.
وقالَ زيدُ بنُ أسْلَمَ: على دِينٍ عَظيمٍ، وهو الدِّينُ الذي رَضِيَهُ اللهُ تعالى لهذه الأُمَّةِ، وهو أحَبُّ الأديانِ إلى اللهِ تعالى.
عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنه قالَ: ((إِنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ مِائَةً وَسَبْعَةَ عَشَرَ خُلُقاً، فَمَنْ جَاءَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)).
وعنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَصَالِحَ الأَخْلاَقِ)).
وقيلَ: {خُلُقٍ عظيمٍ} طَبْعٍ كريمٍ.
* {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ}.
- أيكم الأَهْدَى للناس، وأيكم الأضَلُّ لهم وذلك يومَ القِيامةِ.
- قالَ أبو عُبيدةَ: الباءُ صِلةٌ، ومعناه: أيُّكم الْمَفتونُ
وأَنْشَدَ شِعراً: نضْرِبُ بالسيْفِ ونَرجُو بالفَرَجْ ، أي: الفَرَجَ.
- الفَرَّاءُ والزجَّاجُ وسائرُ النَّحْوِيِّينَ:
أولا: أنَّ {الْمَفْتُونُ} الفِتنةُ، يُقالُ: ما لِفلانٍ مَعقولٌ ولا مَجلودٌ. أيْ: عَقْلٌ ولا جَلَدٌ.
وثانيا: {بأَيِّكُم} في أَيِّكُم ، يَعني: في الفِرقةِ التي فيها رسولُ اللهِ، أوْ في الفِرقةِ التي فيها أبو جَهلٍ، وحقيقةُ المعنى: فأنكم ستُبْصِرونَ يومَ القِيامةِ، وتَعلمونَ أنَّ المجنونَ كانَ فيكم.
- النَّحَّاسُ : {الْمَفْتُونُ} فِتْنَةُ المفتونِ؛ مثلُ قولِه تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أيْ: أهْلَ القريةِ.

ّ
اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات

  #17  
قديم 12 شوال 1433هـ/29-08-2012م, 02:50 PM
سامية السلفية سامية السلفية غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 2,007
افتراضي (6) سورة القلم (الآيات: 7 - 16)

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة القلم (الآيات: 7 - 16)

* {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} يَعلَمُ أن من اتَّهَمَكَ بالضلالِ هم الضالُّونَ، لمخالَفَتِهم لِمَا فيه نَفْعُهم في العاجِلِ والآجِلِ.
* {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} إلى سبيلِه الْمُوَصِّلِ إلى السعادةِ الآجِلَةِ والعاجلةِ.
* {فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ} رُؤساءُ كُفَّارِ مَكَّةَ الذين كَذَّبُوكَ وعانَدُوا الحقَّ؛ لأنَّهم لا يُرِيدونَ إلاَّ الباطِلَ. وهذا عامٌّ في كلِّ مُكَذِّبٍ، وفي كلِّ طاعةٍ ناشئةٍ عن التكذيبِ.
* {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} توافِقُهم إمَّا بالقوْلِ أو بالفعْلِ أو بالسكوتِ، {فَيُدْهِنُونَ}.أو: تَميلُ إلى مُرادِهم فيَميلونَ إلى مُرادِكَ.
والْمُدَاهَنَةُ مُعاشَرَةٌ في الظاهِرِ ومُحَالَفَةٌ مِن غيرِ مُوافَقَةِ الباطِنِ، وقالَ القُتَيْبِيُّ في معنى الآيةِ: إنَّ الكُفَّارَ قالوا للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعْبُدُ مَعَكَ إِلَهَكَ مُدَّةً، وتَعبدُ معنا إلَهَنا مُدَّةً.
* {وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ} وهو كذَّابٌ فهو {مَهِينٍ} حَقيرٍ، خَسيسِ النفْسِ، ناقِصِ الْهِمَّةِ في الخيرِ. ومعناه ههنا: قِلَّةُ الرأيِ والتمييزِ.
قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: هو الوليدُ بنُ الْمُغيرةِ. وعن مُجاهِدٍ: هو الأسوَدُ بنُ عبدِ يَغوثَ. وعن بعضِهم: هو الأخنَسُ بنُ شَريقٍ، وقيلَ: هو على العُمومِ.
* {هَمَّازٍ} يستهزئ بالناسِ في وُجوهِهم، واللَّمَّازُ الذي يَذْكُرُهم في الغِيبَةِ. أو عَتَّابٍ مُغتابٍ طَعَّانٍ في الناسِ
* {مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}؛ بينَ الناسِ ، أي: نَقْلُ كلامِ بعضِهم لبعضٍ؛ بقَصْدِ الإفسادِ وإلقاءِ العداوةِ والبَغضاءِ.
عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ برِوايةِ حُذيفةَ أنه قالَ: ((لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ)).
وأنه قالَ: ((شِرَارُ النَّاسِ الْمَشَّاؤُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَنَتَ)).
وعن يحيى بنِ أبي كثيرٍ قالَ: يُفْسِدُ النَّمَّامُ في يومٍ ما لا يُفْسِدُه الساحِرُ في شهْرٍ.
* {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} الذي يَلْزَمُه القيامُ به؛ مِن النفقاتِ الواجبةِ, والكفَّاراتِ, والزَّكَوَاتِ.
أو بَخيلٍ، ويُقالُ: مَنَّاعٍ مِن الإسلامِ.
وكانَ الوليدُ بنُ الْمُغيرةِ قالَ لبَنِيهِ وأَهْلِه: مَن أسْلَمَ مِنكم قطَعْتُ منه رِفْدِي ورِفْقِي.
* {مُعْتَدٍ} مُتجاوِزٍ في الظلْمِ على الْخَلْقِ في الدماءِ والأموالِ والأعراضِ.
* {أَثِيمٍ} المعصية والذنب في الحقِّ المتعلق باللَّهِ تعالى.
* {عُتُلٍّ} الشديدُ الْخَلْقِ الفاحشُ الْخُلُقِ. وقالَ الزَّجَّاجُ: هو الغَليظُ الجافِي.
- وقالَ ابنُ عباسٍ: "مَن يَعْمَلُ السوءَ ويُعْرَفُ به". أوْرَدَه النَّقَّاشُ
وقد رُوِيَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنه قالَ: ((أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ صَخَّابٍ بِالأَسْوَاقِ، جِيفَةٍ بِاللَّيْلِ حِمَارٍ بِالنَّهَارِ، وَعَالِمٍ بِالدُّنْيَا جَاهِلٍ بِالآخِرَةِ)).
الْجَعْظَرِيِّ (كالعُتُلّ): وهو الأَكولُ الشروبُ الظلومُ، ِ
والْجَوَّاظُ: هو الْجَمَّاعُ الْمَنَّاعُ، ذكَرَه شَدَّادُ بنُ أَوْسٍ.
وقالَ ثَعلبٌ: الْجَوَّاظُ: هو الكثيرُ اللحْمِ المختالُ في مِشيتِه.
ويُقالُ: فلانٌ جَظٌّ، أيْ: ضَخْمٌ.
* {بَعْدَ ذَلِكَ} وهو بعدَ ما عَدَّ مِن مَعَايِبِه
* {زَنِيمٍ}دَعِيٍّ ليسَ له أصْلٌ مُلْصَق بالقوْمِ وليس منهم ، له زَنَمَةٌ: عَلاَمَةٌ في الشَّرِّ يُعْرَفُ بها.
* {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} وقُرِئَ: (أَأَنْ كَانَ) لأنْ كانَ أو لأَجْلِ أنه، والمعنى: لا تُطِعْهُ لِمَالِه وبَنِيهِ.
وقيلَ: المرادُ به التوبيخُ والتقريعُ
و هذه الآيات وإنْ كانَتْ في بعضِ الْمُشرِكينَ؛ الذي لأَجْلِ كَثرةِ مالِه ووَلَدِه، طَغَى واستكبَرَ عن الحَقِّ، فإِنَّها عامَّةٌ في كُلِّ مَن اتَّصَفَ بهذا الوصْفِ؛ لأنَّ القرآنَ نَزَلَ لهدايةِ الخلْقِ كُلِّهم.
* {قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} واحدُها أُسطورةٌ. وقالَ الكِسائيُّ: تُرَّهَاتٌ مِن الكلامِ لا نِظامَ لها.
ثم تَوَعَّدَ تعالى بأنَّه سيَسِمُه على خُرطومِه بالسوادِ في العذابِ حتى يكونُ عليه سِمَةٌ وعَلاَمَةٌ في وَجْهه يُعْرَفُ بها.
وقيلَ: يُلْصِقُ به عاراً ومَسَبَّةً وشَيْناً لا يُفارِقُه أَبَداً.
قالَ أبو عُبيدةَ والْمُبَرِّدُ وغيرُهما، الْخُرطومُ: الأَنْفُ، ومعناه: يُجعلُ على أنْفِه سِمَةٌ يُعرَفُ بها أنه مِن أهْلِ النارِ.
ووَصَفَ الأنفَ مَوْضِعَ الوجهِ لأنه منه.

اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات

  #18  
قديم 12 شوال 1433هـ/29-08-2012م, 02:52 PM
سامية السلفية سامية السلفية غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 2,007
Lightbulb سورة القلم (الآيات: 17 - 33)

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة القلم (الآيات: 17 - 33)

* {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ} أي الْمُكَذِّبينَ، بالإمهال وبالمال والوَلد، وطُولِ العُمُرٍ، بما يُوَافِقُ أَهواءَهم, لا لكَرَامَتِهم علَيْنا.
أو كُفَّارَ مَكَّةَ، فإنَّ اللهَ ابْتَلاَهُمْ بالجوعِ والقحْطِ بدَعوةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عليهم ((اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ)). فَأَصَابَهُمُ الجوعُ حتى أَكَلُوا العِلْهِزَ والعظامَ الْمُحْتَرِقَةَ.
* {كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} اغترارِ أصحابِ الجنَّةِ ، حينَ زَهَتْ وأَيْنَعَتْ ، وآنَ صِرَامِها.
""أنها كانتْ بأرْضِ اليمَنِ على فَرسخينِ مِن صَنعاءَ حديقةٌ لرجُلٍ يُؤَدِّي حَقَّ اللهِ منها، وكان يَتصدَّقُ بالثُّلُثِ ويُنفِقُ على نفْسِه وأولادِه الثلُثَ ويَرُدُّ الثلُثَ في عِمارةِ الجنَّةِ. فماتَ وصارَتْ إلى أولادِه، فمَنَعُوا الناسَ خَيْرَها، وبَخِلُوا بحَقِّ اللهِ فيها، وقالوا: المالُ قَليلٌ، والعِيالُ كثيرٌ، ولا يَسَعُنا أنْ نَفعلَ كما كان يَفعلُ أَبُونَا"" القصة.
ويُقالُ: إنَّ هذا الرجُلَ هو رجُلٌ مِن ثَقيفٍ.
* {وَلاَ يَسْتَثْنُونَ} مِن غيرِ استثناءٍ، لا يَقولونَ: إنْ شاءَ اللهُ.
وقِيلَ: المعنى: ولاَ يَستثنونَ للمساكينِ .
* {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ}؛ أي: عذابٌ وقيل: نارٌ أَحْرَقَتْها حتى صارَتْ سَوداءَ.
والعرَبُ لا تَستعمِلُ الطائفَ إلاَّ في العذابِ.
وقيل: أنَّ اللهَ تعالى أمَرَ مَلَكاً حتى اقتَلَعَ تلك الجنَّةَ بأشجارِها وغُروسِها فوَضَعَها في مَوْضِعِ الطائفِ اليومَ.
* {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} كأن ثمارها صُرِمَتْ.
ذكر ابنُ فارِسٍ في معنى الصَّرِيمُ : هو الْجَرَّةُ السوداءُ.
وعن ابنِ جُريجٍ أنه قالَ: خَرَجَتْ عُنُقٌ مِن النارِ مِن جَوْفِ وَادِيهِم فأَحْرَقَتْ جَنَّتَهم.
وقيل: كالليلِ المُظْلِمِ. ويُقالُ: كالنهارِ الذي لا شَيْءَ فيه.
والعرَبُ تُسَمِّي العامِرَ مِن الأرضِ نَهاراً لبَيَاضِه، والغامِرَ ليلاً لسَوَادِه وخُضرتِه.
والصَّرِيمُ مِن الأضدادِ، هو اسمٌ لليلِ والنهارِ جَميعاً؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يُقْطَعُ عن صاحبِه.
ويُقالُ: كالصَّرِيمِ، أي: الْمَصرومِ، فاعلٌ بمعنى مفعولٍ، يَعني أنه لم يَبْقَ شيءٌ فيها.
* {مُصْبِحِينَ} عندَ الصباحِ.
* {صَارِمِينَ} قاطِعينَ: يُقالُ في العِنَبِ: الصِّرَامُ، وفي الزرْعِ: الْحَصادُ.
قالَ مجاهِدٌ: المرادُ منه صِرامُ العِنَبِ، وكانَ حَرْثُهم العِنَبَ.
* {وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} يتكلمون سِرًّا وخُفْيَةً، بِمَنْعِ حقِّ اللَّهِ {لاَ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ}.
* {عَلَى حَرْدٍ}على إِمساكٍ ومَنْعٍ لِحَقِّ اللَّهِ
وقيل: انْطَلَقوا منْفَرِدِينَ عن قَوْمِهم غيرَ مُخَالِطِينَ لهم.
أشْهَرُ الأقاويلِ : على حسَدٍ، وهو قولُ قَتادةَ ومُجاهِدٍ والحسَنِ وجماعةٍ.
وعن الشَّعْبِيِّ وسفيانَ أنهما قالاَ: على غَضَبٍ (على المساكينِ)
وقالَ أبو عُبيدةَ: على مَنْعٍ، يُقالُ: حارَدَتِ السنَةُ فليس فيها مَطَرٌ. وحارَدَتِ الناقةُ. إذا لم يكنْ بها لَبَنٌ.
وعن الحسَنِ في روايةٍ: على حِرْصٍ.
وعن السُّدِّيِّ: أنَّ الْحَرْدَ اسمُ جَنَّتِهم.
وقيلَ: على قَصْدٍ
* {قَادِرِينَ} على صِّرامِ جَنَّتِهِم عندَ أنفُسِهم (جزموا بقدرتهم).
وقيلَ: على أمْرٍ أَسَّسُوهُ بينَهم.
* {فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا} مِن الحَيْرَةِ والانزعاجِ
* {إِنَّا لَضَالُّونَ} قد ضَلَلْنا طريقَ جَنَّتِنا ، لعَلَّها غيرُها.
* {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} منها، فعَرَفوا حينَئذٍ أنَّه عُقوبةٌ.
* {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} أعْدَلُهم وأَعْقَلُهم ومِثلُه{أُمَّةً وَسَطاً} أيْ: عدلاً خِياراً.
وقالَ سَعيدُ بنُ جُبيرٍ: أعْقَلُهم.
* {لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ}؛ قول: إنْ شاءَ اللهُ. فجعل التسبيح هنا في موضع المشيئة لأن أصل التسبيح التنزيه لله تعالى
وقول إنْ شاءَ اللهُ. فيه معنى التنزيهِ الإقرار لله، وهو أنه لا يَمْلِكُ أحَدٌ فعْلَ شَيءٍ إلاَّ بِمشيئة الله.
عن عِكرمةَ: أنه كان استثناؤُهم هو التسبيحَ ، فكانوا يَقولونَ: سبحانَ اللهِ ، مكانَ قَولِ: إنْ شاءَ اللهُ.
* {قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا } تَنزيهًا له عن أنْ يكونَ ظالِماً فيما صَنَعَ بِجَنَّتِنا.
* {قَالُوا يَا وَيْلَنَا} دَعَاء بالوَيْلِ.
* {إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ}؛ متَجَاوِزِينَ للحَدِّ في حَقِّ اللَّهِ وحَقِّ عِبادِه.
* {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا} تَوْبَتِهم ونَدامَتِهم، وسؤالِهم للهِ تعالى.
* {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} بسُؤالِنا ، طالِبونَ منه الخيرَ راجونَ لعَفْوِه. وقيل: أنَّ اللهَ تعالى قَبِلَ تَوبتَهُم وأَعطاهم جَنَّةً خَيراً مِنها، واللهُ أَعْلَمُ.
* {كَذَلِكَ الْعَذَابُ}؛ في الدنيا لِمَنْ أتَى بأسبابِه، أنْ يَسلُبه اللَّهُ الشيءَ الذي أطغاه، وآثَرَ به الحياةَ الدنيا، فيُزِيلَه عنه أحْوَجَ ما يكونُ إليه.
* {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ} مِن عذابِ الدنيا.
ويُقالُ: كما عَذَّبْنَا هؤلاءِ وأَنْزَلْنا بهم، كذلك نُعَذِّبُ قُريشاً ونُنْزِلُه بهم.
ورُوِيَ في التفسيرِ أنَّ اللهَ تعالى أَنْزَلَ العذابَ بهم يومَ بدْرٍ، فإنهم لَمَّا خَرَجُوا إلى بدْرٍ قالوا: لنَقْتُلَنَّهُمْ ولنَقْتُلَنَّ مُحَمَّداً، ولنَأْسِرَنَّهُم ونَرْجِعُ إلى مكةَ فنَطوفُ بالبيتِ، ونَحْلِقُ رُؤوسَنا، ونَشرَبُ الخمْرَ، وتَعْزِفُ على رُؤوسِنا القِيانُ. وحَلَفُوا على ذلك، فأَخْلَفَ اللهُ ظَنَّهُم، ونَزَلَ بهم ما نَزَلَ مِن القتْلِ والأَسْرِ.


اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات

  #19  
قديم 12 شوال 1433هـ/29-08-2012م, 02:53 PM
سامية السلفية سامية السلفية غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 2,007
Lightbulb (7) سورة القلم (الآيات: 34 - 43)

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة القلم (الآيات: 34 - 43)

* {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ {للكُفْرِ والمعاصي
* {عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} رُوِيَ أنَّ عُتبةَ بنَ رَبيعةَ قالَ لَمَّا نَزلتْ هذه الآيةُ: لئن أَعطاكُم اللهُ تعالى في الآخرةِ جَنَّاتِ النعيمِ فيُعْطِينا مثلَ ما يُعطيكُم أو خيراً منها.
* {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} كصَناديدُ كُفَّارِ قُريشٍ، على طريقِ الإنكارِ أيْ: لا يَفعلُ كذلك.
* {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ}؟ تُرَدِّدونَ النظَرَ فيه
* {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ}؟ مُؤَكِّدَةٌ، والبالغةِ في كلامِ العرَبِ في مِثلِ هذه الْمَوَاضِعِ: هو بُلوغُ النهايةِ، يُقالُ: هذا شيءٌ جَيِّدٌ بالغٌ، أيْ: بَلَغَ النهايةَ في الْجَوْدَةِ.{إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} اللزومَ والثباتَ.
* {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء}؟ عندَهم، وقيلَ: أمْ بهذا شَهِدَ الشهداءِ؟ ذكَرَه النَّقَّاشُ.
* {فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ} بشهاداتهم ، على القولِ الثاني.
فليسَ لهم كتابٌ ولا لهم عَهْدٌ عندَ اللَّهِ أنْ لهم الجنَّةَ ولا لهم شُركاءُ يُعيِنُونَهم، فعُلِمَ أنَّ هذه الدَعْوَى باطلةٌ فاسدةٌ.
* {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} مُوَبِّخاً لهم ومُقَرِّعاً: أيُّهم بذلك كَفِيلٌ لهم بدعواهم الفاسدةِ.
* {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} يَكْشِفُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ عن ساقِه الكريمةِ التي لا يُشْبِهُها شيءٌ.
أخرَجَ البُخاريُّ وغيرُه عن أبي سَعيدٍ قالَ: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ((يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقاً وَاحِداً)).
وعن ابنِ مَسعودٍ أنه قالَ نَحْواً مِن هذا.
وقالَ الحسَنُ البَصريُّ: أي: السِّتْرِ بينَ الدنيا والآخِرَةِ، ويُقالُ: الغِطاءُ بينَ الدنيا والآخِرةِ، ومعناهما قَريبٌ.
وقيل {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قالَ عِكرمةُ عن ابنِ عبَّاسٍ: عن الأمرِ الشديدِ. وقالَ: إذا أَشْكَلَ عليكم القرآنُ فالْتَمِسُوهُ في الشعْرِ، فإنه دِيوانُ العرَبِ. وأنْشَدَ:
وقامَتِ الحرْبُ بِنا على ساقِ
وفي رِوايةٍ عنه رضي الله عنه: أيْ: عن هَوْلٍ وكُربةٍ وشِدَّةٍ، وهو بمعنى الأوَّلِ.
وقالَ ابنُ قُتيبةَ: كانتِ العرَبُ إذا اشْتَدَّ بهم الأمْرُ عَبَّرُوا بهذا اللفْظِ؛ لأنَّ الإنسانَ إذا وَقَعَ له الأمْرُ وأخَذَه بجِدٍّ وجُهْدٍ يَقولُ: شَمَّرَ عن ساقِه. فوُضِعَتِ الساقُ مَوْضِعَ الشِّدَّةِ.
قالَ الشاعِرُ:
أخُو الحرْبِ إنْ عَضَّتْ به الحربُ عَضَّهَا وإنْ شَمَّرَتْ عن ساقِها الحربُ شَمَّرَا
وقالَ دُريدُ بنُ الصِّمَّةِ:
كَمِيشُ الإزارِ خارِجَ نصْفُ ساقِه صَبورٌ على العَوراءِ طَلاَّعُ أَنْجُدِ
وقيل: يومُ القيامةِ وما فيه مِن الأهوالِ . وقالَ مُجاهِدٌ: هو أوَّلُ ساعةٍ مِن ساعاتِ القِيامةِ، وهي أفْظَعُها وأَشَدُّها على الناسِ. هذا كلُّه قولٌ واحدٌ.
* {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ} يَسْجُدُ الخلْقُ كلُّهم للهِ سَجدةً واحدةً فيَسْجُدُ المؤمنونَ الذين كانوا يَسْجُدُونَ للهِ في الدنيا طَوْعاً واختياراً، ويَذهَبُ الكفارُ والمنافقونَ ليَسْجُدوا فلا يَقْدِرونَ على السجودِ، وتكونُ ظُهورُهم كصَيَاصِي البَقَرِ ، وقيل أن أصلابَهم تَيْبَسُ فلا تَلينُ للسجودِ.
وقيل: فيُعْقَمُ أَصلابُهم أيْ: يَصيرُ طَبَقاً وَاحِداً، وفي رِوايةٍ: تَصيرُ كِسْفاً قَيْدَ الحديدِ.
وفي روايةِ أبي موسى الأَشْعَرِيِّ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنه قالَ: ((إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُثِّلَ لِكُلِّ قَوْمٍ مَا كَانَ يَعْبُدُونَهُ فِي الدُّنْيَا فَيَتَّبِعُونَهُ، وَيَبْقَى أَهْلُ التَّوْحِيدِ فَيُقَالُ لَهُمْ، قَدْ ذَهَبَ النَّاسُ فَمَاذَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَيَقُولُونَ: إِنَّ لَنَا رَبًّا كُنَّا نَعْبُدُه. فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلْ تَعْرِفُونَهُ لَوْ رَأَيْتُمُوهُ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيُقَالُ لَهُمْ: كَيْفَ تَعْرِفُونَهُ وَلَمْ تَرَوْهُ؟ فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ لاَ شِبْهَ لَهُ. فَيُكْشَفُ لَهُمُ الْحِجَابُ فَيَسْجُدُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ وَيَبْقَى الْمُنَافِقُونَ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ السُّجُودَ، وَتَصِيرُ ظُهُورُهُمْ كَصَيَاصِي الْبَقَرِ. فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ: ارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ فَقَدْ جَعَلْتُ بَدَلَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ رَجُلاً مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي النَّارِ)).
* {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} خشوعُ الخضوعُ والذِّلَّةُ والانكسارُ، وقيل: ذَليلةً ذُلُّ الندامةِ والْحَسرةِ.
* {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} تَغشاهم وهَوان.
* {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} إلى صلاةِ الجماعةِ
* {وَهُمْ سَالِمُونَ} مُعَافَوْنَ عن العِلَلِ، مُتَمَكِّنونَ مِن الفعْلِ.
وظاهِرُ الآيةِ أنَّ معناها السُّجودُ في الصلاةِ.
قالَ إبراهيمُ التَّيْمِيُّ: يُدْعَوْنَ بالأذانِ والإقامةِ فيَأْبَوْنَ.وعنه أيضا : هو الصلاةُ المكتوبةُ.
وقالَ سعيدُ بنُ جُبيرٍ: يُدْعَوْنَ إلى السُّجودِ بِحَيَّ على الفَلاحِ وهم سالِمونَ فلا يُجِيبونَ.

اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات

  #20  
قديم 14 شوال 1433هـ/31-08-2012م, 04:38 PM
lamiasfaksi lamiasfaksi غير متواجد حالياً
عضو غير مفعل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 1
افتراضي

الحمد لله اشكره واستعينه ان هداني وما كنت لاهتدي لو لا هداه

  #21  
قديم 7 ذو الحجة 1433هـ/22-10-2012م, 11:28 PM
أشرف عبدالله محمد مناع أشرف عبدالله محمد مناع غير متواجد حالياً
المستوى الأول - الدورة الأولى
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 15
افتراضي

تفسير سورة تبارك
تعريف عام بالسورة:
سورة "الملك" وتسمى سورة "تبارك الذي بيده الملك"، وسورة "المانعة" و "المنجية".
وهي سورة مكية كلها باتفاق العلماء، تبلغ عدة آياتها ثلاثين آية، كما نص عليه الحديث الشريف.
وموضوع السورة الذي تدور حوله معاني آياتها وفقراتها هو بيان أن تدبير العالم وسلطة التصرف فيه هي لله وحده سبحانه. وهي تقرر بذلك عقيدة هامة في حياة الإنسان، وركناً من أركان الدين، هو توحيد الأفعال. إذ توضح أن كل العوالم في الأرض والجو والسماء، وفي الدنيا والآخرة هي بيد قدرته وقهره سبحانه. ومن أجل هذا الغرض تعرض السورة أمام الإنسان جوانب الدنيا من الحياة والموت، والسماء والأرض والعيش والرزق لتري هذا الإنسان آثار قدرة الله تعالى في هذا العالم مدبرة له متصرفة فيه على أحسن وجه وأبدع نظام.

قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [1-4].

المعنى والأسلوب:
افتتحت السورة بهذا الثناء الجامع المعبر:
{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ }: لتقرر به أصلاً اعتقاديّاً عظيماً يتفرع منه سائر ما يأتي في السورة من المعاني والصور، فكان في هذا الافتتاح تهيئة وإعداد للذهن لتقبل ما سيلقى عليه من التفصيل فيما بعد. وهو ما يسميه علماء البلاغة "براعة الاستهلال". ومن القرآن العظيم أُخذ هذا الفن، كما أخذت منه سائر فنون البلاغة والبيان. وقد بين هذا الافتتاح تمجيد ذات الله تعالى وتعظيمه وزيادة خيراته وأفضاله على الملك الذي بيده، ودوامها عليه.

وعبر القرآن بهذه الصيغة "تبارك" لأن هذه الصيغة على زنة "تفاعل" تختص بمعنى جليل، هو الدلالة على غاية الكمال ونهاية التعظيم، لذلك لم يجز استعمال الوصف بها للمدح إلا لله سبحانه.

فلا يجوز أن تقول: "تبارك" أو "تعاظم" أو "تعالى" إلا لله عز وجل. (1)
{ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ }: أي السلطان النافذ في كل شيء: مُلك السماوات والأرض، والدنيا والآخرة. يفعل ما يشاء في العوالم كلها إيجاداً أو إعداماً، تغييراً وتبديلاً، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، كل ذلك في قبضة قدرته سبحانه ومشيئته مقهور صاغر لعظمته.
{ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }: أي إنه تعالى بليغ القدرة يتصرف كيف يريد من إنعام وانتقام، ورفع ووضع، وإيجاد وإعدام. لا يعجزه سبحانه شيء من الأشياء.

وقد أضفت { كُلِّ شَيْءٍ } مزيداً من القوة على معنى الجملة السابقة، لأنها صرحت بشمول قدرته شمولاً لا يخرج منه شيء من الأشياء القليلة أو الكثيرة، ولا يُستثنى منه أمر من جلائل الأمور أو دقائقها. فكانت تكميلاً لما سبق من هذه الناحية في نظرنا.
ثم شرع في تفصيل هذا الافتتاح الجليل الذي افتتحت به السورة فقال: { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا }: وقد بينت هذه الآية مثالين عظيمين من آثار السلطان الإلهي والقدرة الإلهية. هما: الموت والحياة، وأنهما مبنيان على قوانين الحكم وغاياتها الجليلة، وهي اختبار الناس، ليظهر أيهم أحسن عملاً.

والموت ورد في الآية مطلقاً، فيشمل الموت السابق على الحياة والموت اللاحق بعدها، كذلك الحياة مطلقة تشمل ما قبل الموت وما بعده.
{ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا }: وبهذا ارتفع شأن الحياة عن كونها مجرد متاع لا غاية بعده، كما يتوهم الغافلون، إلى أرفع مستوى، هو ابتلاء الله لخلقه، أي اختبارهم وامتحانهم.
وقد عبرت الآية بلفظ {يبلوكم} لاستمرار الاختبار طالما أن الإنسان على هذه المعمورة. لما قرر اللغويون في أصل الكلمة واشتقاقها من البِلى، فكأنهم ابتلوا حتى بَلُوا أي خَلِقوا. (2)
وقد بينت الآية غاية هذا الاختبار، فهو اختبار يتطلب من الإنسان أن يكون على أعلى مستوى في أي عمل في أعمال المادة والمعنى، في الدين والدنيا، في القلب والقالب، لأن لفظ "عمل" ورد في الآية مطلقاً فيتناول جميع الأعمال: أعمال الجوارح وأعمال القلوب.
وقد روي في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: "أيكم أحسن عقلاً، وأورع عن محارم الله تعالى، وأسرع في طاعة الله عز وجل". (3)

وعن السدي في الآية: { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } قال: "أيكم أحسن للموت ذكراً، وله استعداداً ومنه خوفاً وحذراً".(4)
ثم انتقلت السورة إلى بيان مظاهر أخرى للملك والقدرة النافذة في هذه الآية: { الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ }: فالله الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير هو الذي خلق سبع سماوات، فربطت العقيدة اليقينية بسلطان الله وقدرته ووصلتها بهذا الخلق العظيم خلق سبع سماوات.

وقد لفت القرآن بأسلوب عجيب نظر كل إنسان يبصر ويعقل إلى دقة خلق السماوات وإحكامها على الرغم من ضخامة أبعادها ضخامة لا يحيط بها الخيال، فليس فيها أي خلل أو اضطراب، فعبر عن ذلك تعبيراً بليغاً غاية البلاغة في قوله: { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ }: فقد وجه الخطاب إلى كل إنسان له عقل وبصر يقول له: "ما ترى" في هذا الخلق الضخم أي خلل أو نقص.

وقد قرر القرآن هذه الحقيقة تقريراً في غاية القوة، بأن وجه الخطاب بالأمر للتحدي إلى كل من يتأتى منه الخطاب ويعقل الجواب { فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ }، فهذا الأمر يتحدى كل من يعقل الكلام بأن "يرجع" أي يردد بصره في السماء يفتشها هل يرى فيها من فطور، أي أدنى وأقل فطور وصدوع.
{ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ }: أي يرجع إليك بصرك مطروداً محروماً من أن يشاهد أي خلل أو صدوع في السماء.

وقد أفاد هذا التعبير { خَاسِئًا } قوة في المعنى المراد، لما في اللفظ من دلالة على معنى الطرد مع الذلة، وأبرزت الآية إحكام عالم السماوات إبرازاً عظيماً بهذه العبارة أيضاً، حيث صورتها لشدة إحكامها كأنها كائن حي يحس بالبصر يتجسس عليه بحثاً عن خلل فيه، فيطرده شر طردة، كما يطرد الكلب بقماءة وذلة، فيرجع البصر من محاولته العنيدة: { وَهُوَ حَسِيرٌ } قال مجاهد وقتادة والسدي: "الحسير: المنقطع من الإعياء – أي التعب الشديد – ولا يرى نقصاً". (5)

قال تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ * وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} [5-11].

المعنى والأسلوب: بعد أن بين الله تعالى في الآيات السابقة إعجاز السماء ودلالتها على عظمة الله وسلطانه لما فيها من دقة الصنع وإتقانه البالغ غاية الغايات. بين في هذه الآيات دلالتها على عظمته سبحانه من جهة أخرى هي كونها في غاية الجمال فقال: { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا } أي القربى منكم { بِمَصَابِيحَ }، وهي الكواكب بأنواعها الثوابت والسيارات، والناس يزينون مساجدهم ودورهم بالمصابيح المضيئة، ولقد زينا سقف الدار الدنيا التي اجتمعتم فيها بمصابيح وأي مصابيح، هي عظيمة جدّاً. وهي آية جمالية في غاية الحسن لا يمل منها القلب كيفما قلَّب نظره فيها، ولذلك صدَّر الآية بالقسم: "ولقد"، أي وبالله لقد، لإظهار كمال الاعتناء بمضمون الآية، ثم عبر بنون المتكلم المعظم "نا" في قوله "زينا" و "جعلناها" دلالة على عظمة الله تعالى وقدسيته.

وهكذا جمع القرآن في هذا السياق بين دلالة الكمال والجمال: دلالة الكمال في قوله: { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ }، ودلالة الجمال في هذه الآية، وبذلك أصبح البرهان شاملاً للناس كافة، سواء كان أحدهم يميل إلى الكمال أو يتعشق الجمال.
ثم ذكر لهذه المصابيح منافع أخرى:
{ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ }: ترميهم بشهب تنفصل عنها، لتدحرهم عما أرادوه من تطلع أخبار السماء.
{ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ }: هيأنا للشياطين العذاب المحرق البالغ أشد الإحراق.

{ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }: بين هنا أن العذاب مستحق لكل من كفر بالله عز وجل. (6)
ثم ذكر ما يلقون فيها من شديد العذاب في تصوير مروع مخيف: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ}:

فأول ما يحسون منها فظاعة صوتها الذي سماه "شهيقاً"، وهو صوت الحمير أنكر الأصوات، وهو حسيسها المنكر الفظيع الذي ذكره القرآن في وصف المؤمنين {لا يسمعون حسيسها}.
{ وَهِيَ تَفُورُ }: قال ابن عباس: "تغلي بهم غَلْيَ المرجل". وهذا من شدة لهب النار من شدة الغضب، كما تقول: "فلان يفور غيظاً" وقال مجاهد: "تفور بهم كما يفور الحب القليل في الماء الكثير". (7)
{ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ }: أي توشك جهنم أن تتقطع وتنفصل عن بعضها بعضاً لما بها من أشد الغضب على هؤلاء الذين كفروا بربهم. (8) وفي هذا العذاب المروع: { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا }: وهم حراس النار والقائمون بعقاب أهلها: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ }: ويعلم الخزنة أن الرسل جاءتهم وأنذرتهم هول العذاب، لكنه سؤال التوبيخ واللوم يضاعف عليهم ما يلقون من العذاب.

{ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ }: { قَالُوا } اعترافاً بأنه عز وجل قد أزاح عللهم بالكلية: { بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ } وجمعوا بين حرف الجواب { بَلَى } ونفي الجملة المجاب بها { قَدْ جَاءَنَا } مبالغة في الاعتراف بمجيء النذير وتحسراً على ما فاتهم من السعادة في تصديقهم، وتمهيداً لما وقع منهم من التفريط تندماً واغتماماً على ذلك. (9)
هكذا بالتأكيد والتحقيق { قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ }.

ثم عادوا على أنفسهم باللوم: { وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ }: فقد أقروا أن الدعوة كانت في غاية الوضوح والقوة، يدركها كل ذي سمع وكل ذي عقل، لكن الآفة منهم، حيث غلبهم الهوى حتى عطلوا أسماعهم وأبطلوا عقولهم، لأنهم لم ينتفعوا بأهم ما خلقت له هذه المواهب.
وهكذا عادوا على أنفسهم بالملامة، وندموا حيث لا تنفعهم الندامة فقالوا: { لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ }، أي لو كانت لنا عقول ننتفع بها أو نسمع ما أنزل الله من الحق لما كنا على ما كنا عليه من الكفر والاغترار به، ولكن لم يكن لنا فهم نعي به ما جاءت به الرسل، وما كان لنا عقل يرشدنا إلى اتباعهم.

قال الله تعالى: { فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ }: فذكر الله تعالى عدله في خلقه، وأنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه، كما قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15].
وأخرج الإمام أحمد في المسند عنه أنه قال: "لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم". (10)
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ * وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [12-14].

المعنى والأسلوب:
بعد أن ذكر القرآن هول عذاب الكافرين ذكر نعيم المؤمنين الصالحين تكميلاً لما أشار إليه في صدر السورة بقوله { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } [هود: 7].
وقد عبر القرآن عن المؤمنين بهذا الوصف: { إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ }: وهو وصف جليل يصف المؤمنين بغاية الصدق في إيمانهم بالله وتعظيمهم لربهم، فخافوا عذابه وإن لم يروه، وذلك يجعلهم يجتنبون معصية الله من غير أن يحتاجوا إلى رقيب عليهم من سوى أنفسهم لأنهم يخشون عقاب ربهم بالغيب.
ثم بعد أن بين فضل خشية الله بالغيب نبه على كمال علم الله وإحاطته بالضمائر والأسرار الخفية فقال: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ }: وهو تقرير لوجوب خشية الله وترسيخ لها في القلب، وأنه لا بد من حصول الثواب والعقاب.
وقد نبهت الآية على كمال علم الله تعالى بالسر والجهر بأسلوب بليغ جدّاً في قوله تعالى: { وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ }، وظاهر هذا التعبير الأمر بأحد الأمرين: الإسرار والإجهار، لكن المراد هو التسوية بينهما، والمعنى: ليستو عندكم إسراركم وإجهاركم في علم الله بهما غاية التساوي. ولتأكيد هذا المعنى وترسيخه في القلب، نلاحظ في الآية تقديم السر على الجهر. وفي هذا يقول الآلوسي: "وتقديم السر على الجهر للإيذان بافتضاحهم ووقوع ما يحذرونه من أول الأمر، والمبالغة في شمول علمه عز وجل المحيط بجميع المعلومات، كأن علمه تعالى بما يسرونه أقدم منه بما يجهرون به، مع كونهما في الحقيقة على السوية. أو لأن مرتبة السر متقدمة على مرتبة الجهر، إذ ما من شيء يُجهر به إلا وهو أو مباديه مضمر في القلب غالباً، فتعلُّق علمه تعالى بحالته الأولى متقدم على حالته الثانية". (11)

{ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }: هذه جملة مستأنفة تأكيد لما سبق في صدر الآية، أكد الله فيها علمه البالغ بصيغة فعيل "عليم" وعبر بصيغة الجمع مع "الـ" الاستغراق "الصدور"، ووصف الأسرار المضمرة بصاحبيتها للصدور، فكان في غاية القوة، وكأنه يقول: إنه عالم غاية العلم بمضمرات صدور الناس وأسرارهم الخفية المستقرة في صدورهم لا تفارقها، فكيف يخفى عليه شيء مما تسرون به أو تجهرون.

{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }: هذا تقرير أيضاً لإحاطة علمه تعالى بسرائر الناس بأسلوب برهاني استدلالي بارع، أي ألا يعلم السر والجهر من خلق جميع الأشياء، ومن بينها السر والجهر، وقد صدَّر الجملة بهمزة الاستفهام المقصودة بها النفي، وأدخلها على "لا" النافية ليدل على تأكيد علمه وثبوته ثبوتاً لا يقبل أي شك أو بحث، لأن نفي النفي إثبات. فهو سبحانه خالق الأسرار والضمائر، وخالق كل شيء فكيف لا يعلمها. وهو سبحانه { اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }، اللطيف الذي يتوصل إلى ما يريد بأدق الوسائل وأخفاها وأنفذها، فهو يعلم خفايا الصدور، وهو سبحانه { الْخَبِيرُ } المتوصل علمه إلى دقائق الأمور وخفاياها، لا شك أنه يعلم ذلك غاية العلم وأعظمه.

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ * أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ * وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ * أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} [15-19].
المعنى والأسلوب:
بعد أن بين القرآن في الآية السابقة أن الله تعالى هو الخالق وأنه يعلم سرائر الناس وعلانيتهم بين هنا سوابغ نعم الله عليهم بياناً فيه إظهار قدرته تقوية لدعوتهم إلى توحيد الله وطاعته فقال: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا }: أي إنه تعالى جعل الأرض منقادة مسهَّلة لكم: { فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }: قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: "أطرافها وفجاجها ونواحيها".

وقد عرض القرآن هذا المعنى عرضاً فيه قوة وحياة بتصوير الأرض بصورة دابة مسخرة للإنسان، والمعنى في تأكيد هذا الأسلوب والتفنن فيه في قوله: { ذَلُولًا } والذل لا يوصف به إلا الأحياء، ثم في قوله { فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا }. وأصل المنكب مجتمع ما بين العضد والكتف.
{ وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }: أي التسموا من نعمه على شتى أنواعها، وليس المقصود خصوص الأكل فقط كما يُتوهم، لكنه ذكر الأكل لأنه الأهم الأعم.
وهذا كله قد جاء بصيغة الأمر { فَامْشُوا } و { وَكُلُوا } لإظهار المنة والرحمة الإلهية بهذا الإنسان حتى يشكر نعمة ربه، لذلك عقَّبت الآية سياق هذه النعمة بهذا التذكير: { وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }: فذكرهم بأنه إليه وحده سبحانه المرجع لا إلى غيره، فبالِغوا في شكر هذه النعم ولا تقصِّروا.

{ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ }: بعد أن بين أنه تعالى إليه النشور عقَّب ذلك بقوارع من التذكير حتى ينتبه الناس من غفلة الطمأنينة على هذه الأرض المستقرة المذللة، ويرجعوا إلى الله تعالى. وقد خاطبهم بقوله: {َأَمِنْتُمْ} يستنكر عليهم هذه الغفلة، هل أمنوا أن يبدل الله حال الأرض الذلول فيخسفها أي يقلبها بهم فيغيبوا في جوفها فتضطرب وتذهب وتجيء ؟!
وهذه أحداث الزلازل والبراكين يعرفها الناس ويسمعون أخبارها ويعلمون ماذا تفعل من الأفاعيل في دقائق يسيرة بل في ثوان، ويعلمون كيف يصبح هذا الإنسان المتغطرس وماذا يغني عن نفسه منها.
ثم ينتقل إلى تهديد آخر: { أَمْ أَمِنْتُمْ }؟: أي بل أأمنتم. { مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا }: حجارة من السماء تحملها الأعاصير أو غيرها مما يرسله الله بالعذاب: فستعملون عند مشاهدتها كيف إنذاري لكم وتوقنون به، لكن حيث لا ينفع العلم شيئاً، وهو تهديد قوي جدّاً يشير إلى وشك نزول العذاب بالمعاندين.
ومن ثم أكد هذا التخويف بالتذكير بما سبق من عقاب السابقين ليكون التخويف بمثال يعتبر به: { وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ }: وهو تذكير مخيف تأكد بالقسم { وَلَقَدْ } ثم ختم بهذا الاستفهام للتعجيب {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي إنكاري عليهم بإنزال العذاب !! أي إنه كان على غاية الهول والشدة والفظاعة.

وهذا التعبير المهول هو المقصود بالقسم لتتحرك القلوب فتتعظ وتتذكر. وفي الكلام من البلاغة في تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتشديد التهديد للكفرة ما لا يخفى.

{ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ }: بعد أن ذكَّر الله عباده أنه قادر على أخذهم بالعقاب بمثال ضربه لهم انتقل إلى تخويفهم بالبرهان على ذلك، وهو البرهان على كمال قدرته، ومتى ثبت ذلك ثبت كونه تعالى قادراً على إيصال جميع أنواع العذاب إليهم". (12)

وقد قام هذا البرهان بأن أثار تأملهم وتفكرهم في هذا الشيء الذي يذكرهم به، وهو مشهد يرونه كثيراً، لكنهم لا يعتبرون بما فيه من دلائل القدرة وخوارقها.
وقد بدأ التذكير بهذا الاستفهام الإنكاري: { أَوَلَمْ }، أي أغفلوا ولم يروا إلى الطير فوقهم صافات باسطات أجنحتها، { وَيَقْبِضْنَ } أي تضرب جنوبها بأجنحتها في الطيران.
{ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ }: والمعنى أنه لكونه اتصف بتلك القدرة والإبداع والرحمة والصفات التي ظهرت آثارها في خلق الطير فهو سبحانه يعلم كيفية إبداع المُبدعات، وتدبير المصنوعات، ومنها خلقه للطير على وجه يتأتى به جريه في جو السماء.
قال تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ * أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} [20-21].

المعنى والأسلوب:
بعدما أوضح القرآن معجزة الطيران التي صدَّرها بالاستفهام التوبيخي على ترك التأمل فيما يشاهدونه منها بقوله: { أَوَلَمْ يَرَوْا }، انتقل إلى تبكيت الكافرين بلجوئهم إلى من لا حول له ولا قوة فقال: { أَمَّنْ } فاستعمل "أم" المنقطعة بمعنى (بل) فقال: { أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ }: وكأنه يقول: كفى ما بينا من دلائل قدرة الله تعالى وسلطانه، ننتقل بكم إلى أمر آخر ننظر حالكم: أرونا هذا السند { الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ } أي يمنعكم من عذاب الله تعالى، وهذا الأسلوب فيه توبيخ لهم بالاستفهام الذي يفيد النفي، أي لا أحد ينصركم من دونه تعالى، كما أنه تسفيه لهم لاستنادهم إلى مخلوق لا حول له ولا طول.

وكان أصل العبارة "من ينصركم من دون الرحمن"، لكن عدل إلى هذا الأسلوب { أَمَّنْ هَذَا الَّذِي } ليشير إلى تحقيره في قوله { هَذَا الَّذِي ...} والمعنى من هذا الحقير الذي هو في زعمكم جند لكم ينصركم من دون الرحمن. (13)
ومن ثم سجَّل عليهم الحماقة في صنيعهم هذا فقال: { إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ }: فجاء تسجيلاً في غاية القوة والتأكيد في هذا الحصر: أي ما هم إلا في غرور، فقد أشار بذلك إلى إحاطة الغرور بهم إحاطة الظرف بالمظروف، فهم غارقون في الضلال والتعلل بالأوهام.
ومن ثم انتقل بهم إلى ناحية أشد التصاقاً بإحساسهم لاضطرارهم إليها كل وقت اضطراراً أظهر، وهي الرزق ليسألهم على نفس الأسلوب: { أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ }: أي بل من هذا الذي يرزقكم إن أمسك الله عز وجل رزقه عنكم. فالرزق إنما يأتي بإرادة الله عز وجل وحده، من أول مباديه إلى أن يجنيه هذا الإنسان الكفور، أما ما يتوهمه الإنسان من جهده وعمله فليس إلا جنياً لحصاد قدرة الله يجنيه أيضاً بما أعطاه الله من القدرة والعلم وغير ذلك.

وهكذا كل ذرة رزق هي من صنع الله وبإمداده، فماذا يصدّر هذا الإنسان بعد ذلك من عبادة الله والانقياد له إلا العناد والتجبر، لذلك ذيَّل الآية بقوله: { بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ }: أي دعهم، إنهم متمادون في عصيان وطغيان، وفي نفور فظيع من الحق، تلبَّس بهم حتى ظلوا في هذا الإعراض المتمرد النافر. فأضرب بحرف "بل" عن خطابهم، والتفت عنهم، ليسجل عليهم ما في نفوسهم من الوصف الذميم.
قال تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ * قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [22-30].

المعنى والأسلوب:
بعد أن بين في الآيتين السابقتين عناد الكافرين واستكبارهم وانخراطهم في مهاوي الغرور العمياء ضرب في مطلع هذا النص مثلاً للكافر والمؤمن الموحِّد، تنبيهاً على قبح ما وصف به الكافر وفظاعة أثر ذلك الوصف عليه، وتبياناً لحال الفريقين في وضوح الرؤية عند المؤمن وظلمة القضية التي في قلب الكافر والملحد، لذلك عطف بحرف الفاء فقال: { أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى }: فالقرآن ضرب في هذه الآية للكافر والملحد مثلاً بالذي يمشي وهو مكبٌّ أي ساقط على وجهه، لأنه يعثر في كل ساعة، ويسقط على وجهه في كل خطوة، لتوعر طريقه واختلال قواه.
وهذا مثل مادي يبين حقيقة حال الكافر والملحد وأنه ليس على بصيرة ولا يقين له بعقيدته. فصورت الآية الحقيقة النفسية لهؤلاء بأنهم لا براهين عندهم تثبت معتقدهم إثباتاً صحيحاً وتنير طريقهم، ولا ميزان عندهم يَزِنُون به الأمور والقضايا، وإنما يعيشون على أحلام وأوهام، لذلك فإن الكافر والملحد قلق دائماً من براهين الإيمان والتوحيد، لا يريح بالتسليم لأهلها، ولا يستريح بالإذعان لها والاهتداء بضيائها، فهل هذا أهدى: { أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }: إن المؤمن { يَمْشِي سَوِيًّا } معتدلاً مستقيم القامة يرى كل شيء أمامه، وهو في طريق مستقيم لا عوج فيه، ولا خفاء لشيء منه، فكل ما يعرض له من الأمور والقضايا يسلك فيه الطريق السويّ الذي هداه الله إليه { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }.

ثم قرر وضوح هذه الرؤية الإيمانية بأنها على غاية الجلاء تشهد بها على الإنسان نفسه فقال: { قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ }: ذكر أولاً في هذه الآية خلق أنفسهم، فهذا الخلق العظيم المحكم الذي عليه الإنسان لا بد له من خالق، وليس من المعقول أن عدماً يخلق موجوداً، فإن هذا من أوضح المستحيلات، ثم ذكر جل شأنه جعل السمع والأبصار والأفئدة، أي العقول للناس، وكل واحد فيه الآيات الكثيرة على عظمة الخالق وتوحيده سبحانه يزيد العلم الحديث استدلال القرآن بها قوة ويقيناً.
لذلك ذكرهم بحقيقة الحشر التي تنتظرهم لتظهر فيها نتيجة الابتلاء الذي ذكر في أول السورة: { قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }: فبين اختصاصه بخلق الناس وإظهارهم في هذه الدنيا بقوله: { هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ } بتعريف طرفي الجملة الإسمية "هو" و "الذي" وهو من أدوات الحصر أي أن الله تعالى هو وحده لا غيره خلق هذا الإنسان على ظهر الأرض. { وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }: أفاد أن الحشر مختص بكونه إلى الله لا إلى غيره بتقديم الجار والمجرور "إليه" على فعل "تحشرون" الذي يتعلق به الجار والمجرور.

{ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين}: إنه مجرد سؤال للشغب والتشكيك في أدلة الحشر القطعية، سؤال لا جدوى منه، لأن هذا اليوم آت لا ريب فيه، والاستعداد له هو المطلوب، قَرُب ذلك اليوم أم بَعُد، وقد اقتضت حكمته تعالى إخفاء موعده عن الناس، لذلك جاء الجواب: { قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ }: هذا وعد لا يعلمه أحد إلا الله، وليست وظيفة النبي أكثر من الإنذار، أي إعلام الناس بمخاطر مخالفاتهم وأعمالهم، وسؤالكم هذا سؤال العناد والتكبر، الذي لا ينفع مع صاحبه حجة، ولا برهان، لذلك عقب بقوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا }: هدَّدهم بما يلقون من هذا اليوم، وعطف الكلام بحرف الفاء { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً } أي قريباً منهم.
وأكثر المفسرين على أن المراد بقوله: { رَأَوْهُ } معناه العذاب الموعود وهو عذاب الآخرة الذي دل عليه قوله: { تُحْشَرُونَ }.

وقال بعضهم: المراد الحشر، وهو الظاهر بحسب عود الضمير للأقرب المذكور قبل في قوله: { تُحْشَرُونَ }.
والراجح – والله أعلم – أن المراد رؤية العذاب، لأنه المتبادر، أي إنهم لما رأوا العذاب قريباً: { سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا }: أي ظهرت عليهم المساءة بأن غشيتها الكآبة ورهقها القتر والذلة. وكان الظاهر أن يقول "سيئت وجوههم" كما قال في الأول { رَأَوْهُ }، لكن عبر عنهم باسم الموصول { سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا } فوضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بالكفر، ولبيان أنه هو السبب والعلة في حلول المساءة بهم وبأكرم شيء منهم وهو { وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا }.
{ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ }: أي تطلبونه في الدنيا، استعجالاً واستهزاء.

وبعد أن بين تحقُّق العذاب في هذه الصورة المعبرة رجع بالخطاب للكافرين يقول لهم: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا }: والرؤية هنا مجاز عن الإخبار، لأنها سبب للإخبار، وفيها تحدٍّ لهم أن يأتوا بخبر يقيني أنه إن افترض أن الله أهلك النبي والمؤمنين ووقع ما يتمنى أعداؤهم بهم من الهلاك أو رحمنا فلا مناص لكم من نكاله وعذابه الأليم الواقع بكم جزاء على كفركم. فمن يجيركم من عذاب الله؟! أي لا يخلصكم أحد، فخلِّصوا أنفسكم بالتوبة والإنابة والرجوع إلى دينه.
ويتضمن ذلك حثهم على طلب الخلاص بالإيمان، وأن فيما هم فيه شغلاً شاغلاً عن تمني هلاك النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين. وهذا أَوْجَهُ أوْجُهٍ ثلاثة ذكرها الزمخشري. (14)
وفي هذه الآية استدلال بديع يزحزح المعاندين عن جمودهم، حيث يقرر لهم أن المؤمنين على أي حال ليسوا بخاسرين، بل هم في جناب رحمته تعالى ينتظرون إحدى الحسنيين. أما الكافرون فليس لهم إلا الهلاك، ولا نجاة لهم من العذاب، لا ينجيهم منه أحد ألبتة. وهذا يشير إلى أن العاقل يجب عليه أن يلتزم جانب الإيمان، لأنه سيؤدي به إلى النجاة على كل حال.
{ فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }: فإن الكلام كان موجهاً إليهم بصيغة الخطاب، فذكرتهم بهذا الأسلوب الغائب على سبيل الالتفات لتشير لهم أنكم موسومون بسمة العذاب، وهي الكفر الذي لا ينجو صاحبه لفظاعة جريرته.

ثم يخاطبهم القرآن خطاباً ثانياً يترقى فيه من التهديد السابق إلى الجزم باطمئنان النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين: { قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا }: فالله عز وجل من أعظم صفاته الرحمة، ومن أعظم أسمائه الحسنى الرحمن، أي البالغ الرحمة في حق عباده، وقد آمنا به واعتمدنا عليه دون غيره في أمورنا ومصيرنا، ومَنْ كان كذلك فهو ناج لا محالة، ومضاده هالك لا محالة، وقد ألمح إلى ذلك تلميح الواثق في هذه الجملة: { فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }.

ويوجه القرآن إليهم في ختام السورة هذا الخطاب الذي يهز النفس من الأعماق:
{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ }: وهذا إلزام لهم بالضعف الإنساني عن أبسط شيء من ضروريات الحياة، وهو الماء الذي جادت به العناية الإلهية على الناس، حتى ظنوا أن أمره سهل.
وترتبط الآية بما قبلها بارتباط قوي حيث أشار تعالى في الآية السابقة إلى أنه يجب أن يتوكل عليه لا على غيره، وذكر الدليل عليه هنا فقال تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ }: فوجه إليهم هذا السؤال، وهو استفهام إنكاري: { إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا } أي ذاهباً في أعماق الأرض: { فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ }: أي عذب كثير سهل المأخذ. والمقصود أن يجعلهم مقرين ببعض نعمه ليريهم قبح ما هم عليه من الكفر. أي أخبروني إن صار ماؤكم ذاهباً في الأرض { فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ }، فلا بد وأن يقولوا الله، فيقال لهم حينئذ: فلم تجعلون من لا يقدر على شيء أصلاً شريكاً له في العبودية؟ !!! وهو سؤال يحمل في طياته الجواب لينطق به كل من يسمع هذا السؤال بلسان الفطرة وبلسان العقل السليم وهو يستشعر يد الله عليه في كل شؤونه ويحس افتقاره إليه، ليقر ويعتقد ما صُدِّرت به السورة فيقول: لا أحد يأتي به إلا { الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.

  #22  
قديم 7 ذو الحجة 1433هـ/22-10-2012م, 11:33 PM
أشرف عبدالله محمد مناع أشرف عبدالله محمد مناع غير متواجد حالياً
المستوى الأول - الدورة الأولى
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 15
افتراضي

{ مختصر تفسير سورة القلم }

تمهيد :
افتتح الله جل وعلا هذه السورة الكريمة بحرف (ن)، كما في بعض السور بغيره من الحروف. وقد قيل في تفسير ذلك أقوال كثيره منها : أنه سبحانه يقصد من ذلك تنبيه الكفار إلى ان القرآن الكريم أًُلِفت كلماته من جنس ما تُؤلف منه كلماتهم فهو قرآن عربي، ومع هذا عجزوا عن الإتيان بمثله، وعجزهم هذا دليل على أنه ليس من صنع البشر بل هو من عند الله جل وعلا، فلماذا لا يؤمنون به ؟!

تفسير الآيات :
بسم الله الرحمن الرحيم

{ن} : من حروف الهجاء
{وَالْقَلَمِ} : الواو: للقسم، القلم: أداة الكتابة
{وَمَا يَسْطُرُونَ (1)} : وما يكتبون
{مَا أَنْتَ} : الخطاب لسيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم
{بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)} : بِنِعْمَةِ رَبِّكَ: بما أنعم الله عليك بالنبوة
{وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)} : لك ثواباً غير مقطوع ولامنقوص، أو غير ممنون به عليك
{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} : على أدب عظيم، والخُلُق: ما يُلزم به الإنسان نفسه من الآداب
{فَسَتُبْصِرُ} : أي سترى أيها النبي
{وَيُبْصِرُونَ (5)} : سيرى أولئك الكفّار عند إنتصارك عليهم
{بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6)} : الْمَفْتُونُ: المجنون
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7)} : ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ : حاد عن طريق رضاه سبحانه وتعالى
{فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)} : تُدْهِنُ: تلين، والمداهنة هي الملاينة والمصانعة والمداراة
{وَلا تُطِعْ كُلَّ} : الخطاب لنبي الله محمد صلّى الله عليه وسلّم
{حَلاَّفٍ} : كثير الحلف بالباطل
{مَهِينٍ (10)} : حقير الرأي، قصير النظر
{هَمَّازٍ} : عيّاب يذكر عيوب الناس ويغتابهم
{مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)} : يمشي بين الناس بالنميمة وهي نقل الحديث من قوم إلى قوم للإفساد بينهم
{مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} : بخيل المال والخير
{مُعْتَدٍ} : ظلوم يتعدّى الحق
{أَثِيمٍ (12)} : كثير الخطايا والذنوب
{عُتُلٍّ} : فظْ جافي الطبع
{بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)} : زَنِيمٍ: المجهول الأب، وقيل الشرير اللئيم
{أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14)} : بمعنى مغرور بأمواله وأولاده
{إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا} : آَيَاتُنَا : آيات القرآن الكريم
{قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (15)} : قال أكاذيب الأولين وقصصهم – قيل أن المقصود هو الوليد بن المغيرة –
{سَنَسِمُهُ} : سنجعل له سمه أي علامة
{عَلَى الْخُرْطُومِ (16)} : على الأنف
{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ} : إنّا إختبرناهم وامتحنّاهم
{كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ} : أَصْحَابَ: ملّاك
{الْجَنَّةِ} : كل بستان ذي شجر يستر بأشجاره الأرض
{إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا} : لَيَصْرِمُنَّهَا: يقطعون ثمارها
{مُصْبِحِينَ (17)} : وقت الصباح
{وَلا يَسْتَثْنُونَ (18)} : لا يتركون شيئاً للفقراء
{فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19)} : أحاط بها وأصابها عذاب من ربك في الليل
{فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20)} : الصَّرِيمِ: الليل المظلم، أي صار البستان أسود لإحتراقه
{فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21)} : نادى بعضهم بعضاً في الصباح
{أَنِ اغْدُوا }: اذهبوا باكراً
{عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22)} : صَارِمِينَ:قاصدين قطف ثماره
{فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23)} : يَتَخَافَتُونَ: يتحدثون بصوت منخفض
{أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24)} : أي لا تُدخلوا في هذا اليوم أحداً من الفقراء إلى البستان
{وَغَدَوْا} : بكّروا بالذهاب
{عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25)} : عَلَى حَرْدٍ: على قصد وبخل مع حدّة الغضب
{فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)} : لَضَالُّونَ: لتائهون، أي لم نهتدِ إلى البستان
{بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27)} : أي حُرِمنا منفعة بستاننا بإحتراق زرعه
{قَالَ أَوْسَطُهُمْ} : أرفعهم وأفضلهم رأياً
{أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ (28)} : لَوْلا تُسَبِّحُونَ: هلاّ تستغفرون الله من فعلكم وخبث نيّتكم
{قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29)} : ننزهك يا رب ونبرّئك من الظلم
{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (30)} : يَتَلاوَمُونَ: يلوم بعضهم بعضاً
{قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31)} : طَاغِينَ: عاصين ومتجاوزين الحد في الظلم
{عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا} : عَسَى رَبُّنَا: نرجوا ربنا
{إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32)} : راغبون في فضل الله ورحمته، راجون العفو منه
{كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآَخِرَةِ أَكْبَرُ } : أَكْبَرُ: أشد وأعظم
{لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)} : لما فعلوا ما يُفضي إلى هذا العذاب
{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35)مَا لَكُمْ} : مَا لَكُمْ: ماذا أصاب عقولكم
{كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)} : كيف تقضون
{أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ} : كتاب منزّل من عند الله
{فِيهِ تَدْرُسُونَ (37)} : تقرأون ما فيه
{إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38)} : تَخَيَّرُونَ: تختارون وتشتهون
{أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا} : أَيْمَانٌ: عهود ومواثيق
{بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39)} : بَالِغَةٌ: مؤكدة
{سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40)} : زَعِيمٌ: كفيل، ضمين
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41)} : شُرَكَاءُ: الأصنام التي كانوا يعتقدون أنها شركاء لله، أو المراد أناس كافرون مثلهم يشاركونهم في رأيهم هذا
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (42)} : يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ: كناية عن شدة الهول يوم القيامة
{خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} : تَرْهَقُهُمْ: تغشاهم
{وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)} : سَالِمُونَ: معافون أصحاء
{فَذَرْنِي} : دعني و إياه فأنا أكفيك أمره
{وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} : الْحَدِيثِ: القرآن الكريم
{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (44)} : سَنَسْتَدْرِجُهُمْ: سنقرّبهم من العذاب درجة فدرجة حتى نوقعهم فيه
{وَأُمْلِي لَهُمْ} : أمهلهم ليزدادوا إثماً
{إِنَّ كَيْدِي} : عذابي
{مَتِينٌ (45)} : قوي شديد
{أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ} : مَغْرَمٍ: غرامة يؤدونها
{مُثْقَلُونَ (46)} : قد أثقلهم القيام بأدائه
{أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47)} : الْغَيْبُ: ما اختص الله سبحانه بعلمه
{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} : صَاحِبِ الْحُوتِ : سيدنا يونس عليه السلام
{إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)} : مَكْظُومٌ: مملوء غمّا وكرباً
{لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ} : تَدَارَكَهُ: تداركته
{لَنُبِذَ} :لطُرِح
{بِالْعَرَاءِ} : الأرض الخالية من الشجر
{وَهُوَ مَذْمُومٌ (49)} : ملام و مُعاتب بالذنب الذي اقترفه من قلّة صبره على قومه وفراره منهم
{فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)} : اجْتَبَاهُ: اختاره نبيّاً
{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)} : لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ:ليزلّون قدمك فيرمونك، وقيل: يصرفونك بأبصارهم المشحونة بالعداوة عن تبليغ الرسالة
{وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)} : القرآن الكريم موعظة للناس جميعاً

صدق الله العظيم

  #23  
قديم 7 ذو الحجة 1433هـ/22-10-2012م, 11:35 PM
أشرف عبدالله محمد مناع أشرف عبدالله محمد مناع غير متواجد حالياً
المستوى الأول - الدورة الأولى
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 15
افتراضي

تفسير سورة الحاقة

( الْحَاقَّةُ ) من أسماء يوم القيامة، لأنها تحق وتنزل بالخلق، وتظهر فيها حقائق الأمور، ومخبآت الصدور، فعظم تعالى شأنها وفخمه،
(فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) وهي الصيحة العظيم ة الفظيعة، التي انصدعت منها قلوبهم وزهقت لها أرواحهم فأصبحوا موتى لا يرى إلا مساكنهم وجثثهم

( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ ) أي: قوية شديدة الهبوب لها صوت أبلغ من صوت الرعد [القاصف]
( عَاتِيَةٍ ) [أي: ] عتت على خزانها،
( وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ) أي: قرى قوم لوط الجميع جاءوا ( بِالْخَاطِئَةِ ) أي: بالفعلة الطاغية وهي الكفر والتكذيب والظلم والمعاندة وما انضم إلى ذلك من أنواع الفواحش والفسوق.

( أَخْذَةً رَابِيَةً ) أي: زائدة على الحد والمقدار الذي يحصل به هلاكهم

( وَالْمَلَكُ ) أي: الملائكة الكرام
( عَلَى أَرْجَائِهَا ) أي: على جوانب السماء وأركانها، خاضعين لربهم، مستكينين لعظمته.
( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) أملاك في غاية القوة إذا أتى للفصل بين العباد والقضاء بينهم بعدله وقسطه وفضله.
( يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ) أي:: يا ليت موتتي هي الموتة التي لا بعث بعدها.
( ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا ) من سلاسل الجحيم في غاية الحرارة
( فَاسْلُكُوهُ ) أي: انظموه فيها بأن تدخل في دبره وتخرج من فمه، ويعلق فيها، فلا يزال يعذب هذا العذاب الفظيع، فبئس العذاب والعقاب، وواحسرة من له التوبيخ والعتاب.
(وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ ) وهو صديد أهل النار، الذي هو في غاية الحرارة، ونتن الريح، وقبح الطعم ومرارته
( وَإِنَّهُ ) أي: القرآن الكريم
( لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) يتذكرون به مصالح دينهم ودنياهم، فيعرفونها، ويعملون عليها، يذكرهم العقائد الدينية، والأخلاق المرضية، والأحكام الشرعية، فيكونون من العلماء الربانيين، والعباد العارفين، والأئمة المهديين.

  #24  
قديم 7 ذو الحجة 1433هـ/22-10-2012م, 11:37 PM
أشرف عبدالله محمد مناع أشرف عبدالله محمد مناع غير متواجد حالياً
المستوى الأول - الدورة الأولى
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 15
افتراضي

سورة المَعَارِج


تهديد طغاة أهل مكة بعذاب يوم القيامة

طبيعة الإنسان وحرصه الشديد على حطام الدنيا

أحوال الكفار المكذبين بالرسول صلى الله عليه وسلم

بَين يَدَيْ السُّورَة

* سورة المعارج من السور المكية، التي تعالج أصول العقيدة الإِسلامية، وقد تناولت الحديث عن القيامة وأهوالها، والآخرة وما فيها من سعادة وشقاوة، وراحةٍ ونصب، وعن أحوال المؤمنين والمجرمين، في دار الجزاء والخلود، والمحورُ الذي تدور عليه السورة الكريمة هو الحديث عن كفار مكة وإِنكارهم للبعث والنشور، واستهزاؤهم بدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم.

* ابتدأت السورة الكريمة بالحديث عن طغيان أهل مكة، وعن تمردهم على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، واستهزائهم بالإِنذار والعذاب الذي خُوفوا به، وذكرت مثلاً لطغيانهم بما طلبه بعض صناديدهم وهو "النضر بن الحارث" حين دعا أن يُنزل الله عليه وعلى قومه العذاب العاجل، ليستمتعوا به في الدنيا قبل الآخرة، وذلك مكابرةً في الجحود والعناد {سأل سائلٌ بعذابٍ واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج} الآيات.

* ثم تناولت الحديث عن المجرمين في ذلك اليوم الفظيع الذي تتفطر فيه السماوات، وتتطاير فيه الجبال فتصير كالصوف الملوَّن ألواناً غريبة {يوم تكون السماءُ كالمُهْل وتكون الجبال كالعهن ولا يسأل حميمٌ حميماً يبصَّرونهم يودُّ المجرم لو يفتدي من عذابِ يومئذٍ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه}.

* ثم استطردت السورة إلى ذكر طبيعة الإِنسان، فإِنه يجزع عند الشدة، ويبطر عند النعمة، فيمنع حقَّ الفقير والمسكين {إنَّ الإِنسان خُلق هلوعاً إِذا مسَّه الشرُّ جزوعاً وإِذا مسَّه الخير منوعاً}.

* ثم تحدثت عن المؤمنين وما اتصفوا به من جلائل الصفات، وفضائل الأخلاق، وبينت ما أعدَّ الله لهم من عظيم الأجر في جنات الخلد والنعيم {إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} الآيات.

* ثم تناولت الكفرة المستهزئين بالرسول، الطامعين في دخول جنات النعيم {فما للذين كفروا قِبَلك مهطعين * عن اليمين وعن الشمال عزين * أيطمع كل امرئٍ منهم أن يُدخل جنة نعيم* كلاَّ إنا خلقناهم مما يعلمون}.

* وختمت السورة الكريمة بالقسم الجليل برب العالمين على أن البعث والجزاء حقٌ لا ريب فيه، وعلى أن الله تعالى قادر على أن يخلق خيراً منهم {فلا أُقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدِّل خيراً منهم وما نحن بمسبوقين .. إلى قوله خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون}.

* * *

تهديد طغاة أهل مكة بعذاب يوم القيامة

{سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ(1)لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ(2)مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ(3)تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ(4)فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلاً(5)إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا(6)وَنَرَاهُ قَرِيبًا(7)يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ(8)وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ(9)وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا(10)يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ(11)وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ(12)وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ(13)وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ(14)كَلا إِنَّهَا لَظَى(15)نَزَّاعَةً لِلشَّوَى(16)تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى(17)وَجَمَعَ فَأَوْعَى(18)}

سبب النزول:

نزول الآيتين (1ـ2):

أخرج النسائي وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: {سأل سائل} قال: هو النضر بن الحارث، قال: {اللهم إن كان هذا هو الحقَّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء}. وأخرج ابن أبي حاتم عن السُّدي في قوله : {سأل سائل} قال: نزلت بمكة في النضر بن الحارث، وقد قال: {اللهم إن كان هذا هو الحقَّ من عندك ..} الآية. وكان عذابه يوم بدر. وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال: نزلت {سأل سائل بعذاب واقع} فقال الناس: على من يقع العذاب؟ فأنزل الله: {للكافرين ليس له دافع}.

{سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} أي دعا داعٍ من الكفار لنفسه ولقومه بنزول عذاب واقع لا محالة قال المفسرون : السائل هو "النضر بن الحارث" من صناديد قريش وطواغيها، لمَّا خوفهم رسول الله عذاب الله قال استهزاء {اللهم إِن كان هذا هو الحقَّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذابٍ أليم} فأهلكه الله يوم بدر، ومات شر ميتة، ونزلت الآية بذمه {لِلْكَافِرينَ} أي دعا بهذا العذاب على الكافرين {لَيْسَ لَهُ دَافعٌ} أي لا رادَّ إِذا أراد الله وقوعه، وهو نازل بهم لا محالة، سواءً طلبوه أو لم يطلبوه، وإِذا نزل العذاب فلن يرفع أو يُدفع {من الله ذي المعارج} أي هو صادر من الله العظيم الجليل، صاحب المصاعد التي تصعد بها الملائكة، وتنزل بأمره ووحيه، ثم فصَّل ذلك بقوله {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} أي تصعد الملائكة الأبرار وجبريل الأمين الذي خصه الله بالوحي إلى الله عز وجل {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} أي في يومٍ طوله خمسون ألف سنة من سني الدنيا، قال ابن عباس: هو يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة ثم يدخلون النار للاستقرار، قال المفسرون: والجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى في سورة السجدة {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} أن القيامة مواقف ومواطن، فيها خمسون موطناً كل موطن ألف سنة، وأن هذه المدة الطويلة تخف على المؤمن حتى تكون أخفَّ عليه من صلاة مكتوبة {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلاً} أي فاصبر يا محمد على استهزاء قومك وأذاهم ولا تضجر، فإِن الله ناصرك عليهم، وهذا تسليةٌ له عليه الصلاة والسلام، لأن استعجال العذاب إِنما كان على وجه الاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره الله بالصبر، قال القرطبي: والصبر الجميل هو الذي لا جزع فيه، ولا شكوى لغير الله {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا} أي إِن هؤلاء المستهزئين يستبعدون العذاب ويعتقدون أنه غير نازل، لإِنكارهم للبعث والحساب {وَنَرَاهُ قَرِيبًا} أي ونحن نراه قريباً لأن كل ما هو آتٍ قريب .. ثم أخبر تعالى عن هول العذاب وشدته وعن أهوال يوم القيامة فقال {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ} أي تكون السماء سائلة غير متماسكة، كالرصاص المذاب، قال ابن عباس: كدردي الزيت أي كعكر الزيت {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ} أي وتكون الجبال متناثرة متطايرة، كالصوف المنقوش إِذا طيَّرته الريح، قال القرطبي: العهن الصوف الأحمر أو ذو الألوان، شبَّه الجبال به في تلونها ألواناً، وأول ما تتغير الجبال تصير رملاً مهيلاً، ثم عهناً منقوشاً، ثم هباءً منثوراً .. هذه حال السماء والأرض في ذلك اليوم المفزع، أما حال الخلائق فهي كما قال تعالى {وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} أي لا يسأل صديق صديقه، ولا قريب قريبه عن شأنه، لشغل كل إِنسانٍ بنفسه، وذلك لشدة ما يحيط بهم من الهول والفزع {يُبَصَّرُونَهُمْ} أي يرونهم ويعرفونهم، حتى يرى الرجل أباه وأخاه وقرابته وعشيرته، فلا يسأله ولا يكلمه بل يفر منه كقوله تعالى {وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ} {يوم يفرُّ المرءُ من أخيه، وأُمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئٍ منهم يومئذٍ شأنُ يُغنيه} قال ابن عباس: {يبصَّرونهم} أي يعرف بعضهم بعضاً ويتعارفون بينهم، ثم يفرُّ بعضهم من بعض {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} أي يتمنى الكافر - مرتكب جريمة الجحود والتكذيب - لو يفدي نفسه من عذاب الله، بأعز من كان عليه في الدنيا من ابنٍ، وزوجةٍ، وأخٍ {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ} أي وعشيرته التي كانت تضمه إِليها، ويتكل في نوائبه عليها، وليس هذا فحسب بل يتمنى لو يفتدي بجميع أهل الأرض {وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ} أي وبجميع من في الأرض من البشر وغيرهم ثم ينجو من عذاب الله، ولكن هيهات أن ينجو المجرم من العذاب، أو ينقذه ذلك من شدة الكرب، وفادح الخطب، قال الإِمام الفخر الرازي: و{ثم} لاستبعاد الإِنجاء يعني يتمنى لو كان هؤلاء جميعاً تحت يده، وبذلهم في فداء نفسه ثم ينجيه ذلك، وهيهات أن ينجيه {كَلا إِنَّهَا لَظَى} {كَلا } أداة زجر وتعنيف أي لينزجر هذا الكافر الأثيم وليرتدع عن هذه الأماني، فليس ينجيه من عذاب الله فداء، بل أمامه جهنم تتلظَّى نيرانها وتلتهب {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} أي تنزع بشدة حرها جلدة الرأس من الإِنسان كلما قلعت عادت كما كانت زيادة في التنكيل والعذاب، وخصَّها بالذكر لأنها أشد الجسم حساسيةً وتأثراً بالنار {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} أي تنادي جهنم وتهتف بمن كذب بالرحمن، وأعرض عن الإِيمان، قال ابن عباس: تدعو الكافرين والمنافقين بأسمائهم بلسان فصيح تقول: إِليَّ يا كافر، إِليَّ يا منافق، ثم تلتقطهم كما يلتقط الطير الحب {وَجَمَعَ فَأَوْعَى} أي وتدعو من جمع المال وخبأه وكنزه في الخزائن والصناديق، ولم يؤد منه حقَّ الله وحق المساكين، قال المفسرون: والآية وعيدٌ شديد لم يبخل بالمال، ويحرص على جمعه، فلا ينفقه في سبيل الخير، ولا يخرج منه حق الله وحقَّ المسكين، وقد كان الحسن البصري يقول: يا ابن آدم سمعتَ وعيدَ الله ثم أوعيت الدنيا أي جمعتها من حلالٍ وحرامٍ!!

  #25  
قديم 7 ذو الحجة 1433هـ/22-10-2012م, 11:41 PM
أشرف عبدالله محمد مناع أشرف عبدالله محمد مناع غير متواجد حالياً
المستوى الأول - الدورة الأولى
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 15
افتراضي

مختصر تفسير سورة نوح }

تمهيد :
هذه السورة الكريمة تعرض قصة سيدنا نوح عليه السلام مع قومه، ونرى فيها ارتباطاً مع أحوال كفار مكة، فقوم نوح عليه السلام كانوا يعبدون الأصنام، وكفار مكة كانوا يعبدون الأصنام أيضاً. و القرآن الكريم يبين في هذه السورة الكريمة العاقبة الوخيمة التي حلّت بقوم سيدنا نوح عليه السلام بسبب إصرارهم على الكفر، وفي هذا تحذير و إنذار لكفار مكة إن استمروا على الكفر، ولم يستجيبوا لرسالة سيدنا محمد صلّى الله عليه و سلّم أن يحل بهم عذاب كما حلّ بقوم سيدنا نوح عليه السلام.

تفسير الآيات :
بسم الله الرحمن الرحيم

{إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1)} : أَنْذِرْ: حذّر و خوّف
{قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2)} : مُبِينٌ: واضح ظاهر
{أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3)} : اتَّقُوهُ: خافوه واجتنبوا معاصيه
{يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4)} : أَجَلٍ مُسَمًّى: وقت معيّن قدّره الله لموت الإنسان
{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَارًا (5)} : قَالَ: سيدنا نوح عليه السلام
{فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَارًا (6)} : فِرَارًا: تباعداً
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ ْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُم} : اسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُم : غطوا رؤوسهم بثيابهم
{وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7)} : أَصَرُّوا: ثبتوا على الكفر و لزموه
{ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8)} : جِهَارًا: علانيةً
{ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9)} : أَسْرَرْتُ: حدثتهم سرّاً
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)} : اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ: اطلبوا المغفرة من ربّكم
{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ} : ينزّل عليكم المطر
{مِدْرَارًا (11)} : غزيراً متتابعاً
{وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} : يُمْدِدْكُمْ: يعطكم و يزدكم
{وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)} : جَنَّاتٍ: بساتين
{مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ للَّهِ} : لا تَرْجُونَ: لا تخافون
{وَقَارًا (13)} : عظمة
{وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)} : أَطْوَارًا: حالات الخلق المتطورة في الرحم
{أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15)} : طِبَاقًا: بعضها فوق بعض
{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} : منوراً لوجه الأرض في الظلام
{وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)} : مصباحاً مضيئاً يمحو الظلام
{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا (17)} : أنشأكم من طينتها، وقيل: أنشأكم من الأرض بتغذيتكم بالنبات
{ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18)} : يُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا: يبعثكم أحياءًا يوم القيامة للحساب
{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا (19)} : بِسَاطًا: مستوية
{لِتَسْلُكُوا مِنْهَا} : لتقطعوا و تسيروا
{سُبُلاً} : جمع سبيل وهو الطريق
{فِجَاجًا (20)} : جمع فج وهو الطريق الواسع
{قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَارًا (21)} : خَسَارًا: ضلالاً في الدنيا و عقاباً في الآخرة
{وَمَكَرُوا مَكْرًا} : المكر هو تدبير السوء في الخفاء
{كُبَّارًا (22)} : كبيراً جداً
{وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ} : لا تَذَرُنَّ: لا تتركوا
{وَدًّا} : صنم عبدته "كِلْب"
{وَلا سُوَاعًا} : صنم عبدته "هُذيل"
{وَلا يَغُوثَ}: صنم عبدته "غطفان"
{وَيَعُوقَ} : صنم عبدته "همدان"
{وَنَسْرًا (23)} : صنم عبدته "آل ذي الكلاع من حِمْير"
{وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (24)} : كَثِيرًا: من الناس
{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25)} : مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ: بسبب خطاياهم و ذنوبهم
{وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26)} : دَيَّارًا: من يتحرك في الأرض فيذهب و يجئ فيها
{إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ} : تَذَرْهُمْ: تتركهم أحياء
{وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا} : فَاجِرًا: خارجاً عن طاعة الله جل و علا
{كَفَّارًا (27)} : كثير الكفر
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا (28)} : تَبَارًا: هلاكاً و دماراً

صدق الله العظيم

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مجلس مذاكرة جمع الجوامع ساجدة فاروق منتدى الإعداد العلمي 3 24 شعبان 1434هـ/2-07-2013م 06:49 PM
مجلس مذاكرة (الرحبية) ساجدة فاروق منتدى الإعداد العلمي 1 25 جمادى الأولى 1433هـ/16-04-2012م 09:56 AM


الساعة الآن 06:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir