دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > برنامج الإعداد العلمي العام > منتدى الإعداد العلمي

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ربيع الأول 1431هـ/9-03-2010م, 06:03 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي مجلس مذاكرة (لمعة الاعتقاد)

إخواني الطلاب وأخواتي الطالبات هذا المجلس مخصص لاستقبال مشاركاتكم في تلخيص ومراجعة موضوعات لمعة الاعتقاد .

  #2  
قديم 24 ربيع الأول 1431هـ/9-03-2010م, 01:04 PM
تهاني عايض تهاني عايض غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 322
افتراضي تنبيه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت درس الإيمان بالقضاء والقدر فوجدته نافعا جزاكم الله عن خيرا، ومن باب محبة اكمال النفع
فقد وجدت في شرح الشيخ المحمود الذي نقلته الأخت طيبة أخطاء قد تغير المعنى، فمثلا بدل ما أن تكتب كلمة الشكر كتبت الشر، فتغير المعنى بالإضافة إلى وجود تكرار ونسيان بعض الأحرف في بعض الكلمات التي قد تغير المعنى
واستبيحها عذرا، فإني أعلم اننا بشر، والخطأ وارد، لكن ذكرته من باب اتمام الفائدة
فتقبلوه بصدر رحب جزاكم الله عنا خير

  #3  
قديم 24 ربيع الأول 1431هـ/9-03-2010م, 01:22 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

شكر الله لك تنبيهك ، وقد صححت الخطأ.

فإن بدا لك ملاحظات أخرى فبينيها .. بارك الله فيك.

  #4  
قديم 12 شوال 1431هـ/20-09-2010م, 12:07 AM
أحمد الدهشورى أحمد الدهشورى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الأول + المسار المفتوح
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 62
افتراضي

http://www.4shared.com/file/M2G5C1Cr/_2__0.html
الدرس الأول (مقدمات) لمعة الاعتقاد،
قمت بقص ولصق الإجابات من الشروح المفرغة للإجابة عن الأسئلة الموجودة فى آخر الموضوع،ويوجد سؤال واحد لم أجد الإجابةعنه.
وبعض الأسئلة لم أذكرها لورود إجاباتها فى أجوبة أسئلة أخرى.

  #5  
قديم 12 شوال 1431هـ/20-09-2010م, 07:23 AM
أحمد الدهشورى أحمد الدهشورى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الأول + المسار المفتوح
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 62
افتراضي

مقدمة فى صورة سؤال وجواب:
س1: تكلم عن أهمية علم العقيدة.
مَعْرُوفٌ أنَّ الرُّسُلَ كُلَّهُم بَدَأُوا رِسَالَتَهُم بأمرِ العقيدةِ التي هيَ عبادةُ اللهِ، بِقَوْلِهِ تعالى: {اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ} تَقْرِيرًا للإلهيَّةِ بأنَّ اللهَ تعالى هوَ الإلهُ ، بحيثُ يَعْتَرِفُونَ أنَّ لهم رَبًّا ، وأنَّ ربَّهُم هوَ اللهُ ، وأنَّهُ الذي لهُ الإلهيَّةُ وحدَهُ ، ولا تَصْلُحُ الإلهيَّةُ إلاَّ لهُ سبحانَهُ وتعالَى .
وهذا مبدأُ العقيدةِ وَأَسَاسُهَا كما سَيَأْتِي ، فالرسلُ بَدَأُوا بِأَمْرِ العقيدةِ ، ومنهم نَبِيُّنَا محمدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ بِأَمْرِ العقيدةِ ، فَبَقِيَ عَشْرَ سِنِينَ بِمَكَّةَ بعدَ أنْ أُوحِيَ إليهِ ، لم يَدْعُ إلاَّ إلى العقيدةِ ، وهيَ مَعْرِفَةُ اللهِ وعِبَادَتُهُ وَأَدَاءُ حَقِّهِ ، وتَرْكُ عِبَادةِ ما سِوَاهُ ، وإقامةُ الأدلَّةِ التي تُثْبِتُ للهِ وحدَهُ العبوديَّةَ وَتَنْفِي عنْ ما سِوَاهُ أنْ يَكُونَ معبودًا أوْ إِلَهًا .
وتَطُولُ الأدلَّةُ والبراهينُ على ذلكَ ، فَفي كثيرٍ من السُّوَرِ المَكِّيَّةِ يَذْكُرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَدُلُّ على أنَّهُ سُبْحَانَهُ هوَ الربُّ ، وهوَ الإلَهُ ، وهو المعبودُ وَحْدَهُ ، وَيُقِيمُ على ذلكَ الأدلَّةَ الواضحَةَ التي يَرَاهَا الإنسانُ عِيَانًا ، وَيَذْكُرُهَا وَلاَ يَسْتَطِيعُ أنْ يَجْحَدَهَا أوْ يُنْكِرَهَا.
فَنَجِدُ مَثَلاً في سورةِ الإنسانِ قَوْلَهُ تَعَالَى {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَّذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ}
أليسَ هذا تقريرًا للإلهيَّةِ ، وأنَّ الذي خَلَقَ الإنسانَ بعدَ أنْ كانَ مَعْدُومًا هوَ الخالقُ المُنْفَرِدُ بالخلقِ تقريرًا؛ لأنَّهُ هوَ الخالقُ وحدَهُ ، وأنَّهُ هوَ الذي يَسْتَحِقُّ أنْ يُعْبَدَ ، ولا يَجْحَدُه إلاَّ مُعَانِدٌ .
ثُمَّ السُّورَةُ الَّتي بَعْدَهَا فِيها أَيْضًا تَقْريرُ ذلكَ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعالى {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْواتًا} (26) إلى آخِرِ الآياتِ ؛ يَذْكُرُ اللهُ آياتٍ وَدَلالاتٍ عَلى أَنَّهُ هُوَ المُنْفَرِدُ بِالإلهيَّةِ ، وَأَنَّهُ هُوَ المُتَصَرِّفُ بِالرُّبوبيَّةِ وَحْدَهُ ؛ لأنَّ هذا تَصَرُّفُهُ هُوَ وَحْدَهُ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ، فَهُوَ أَهْلٌ أَنْ يَكُونَ مَعْبودًا وَحْدَهُ دونَ ما سِوَاهُ .
كَذلكَ السُّورَةُ الَّتِي بَعْدَها {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7)} إلى آخِرِ الآياتِ تَقْريرٌ للألوهيَّةِ ، وَعَرْضُ المُعْجِزاتِ وَالبَراهينِ الّتِي مَنْ تَأَمَّلَها وَتَعَقَّلَها رَسَخَتِ العَقِيدةُ في قَلْبِهِ ؛ بِحَيْثُ يُعْرَفُ أَنَّ الَّذِي أَوْجَدَ هَذِهِ الكائِناتِ عَلى هذا الإِحْكامِ ؛ غَايَةَ الإحكامِ، أَنَّهُ أَهْلٌ أَنْ يُعَظَّمَ ، وَأَهْلٌ أَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ ، وَأَنْ يُشْكَرَ وَيُذْكَرَ، وَأَنْ تَكونَ الطَّاعَةُ لَهُ دونَ ما سِواهُ ، وَأَهْلٌ أَنْ يُطَاعَ رُسُلُهُ الّذين أَرْسَلَهُمْ وَحَمَّلَهُم رِسَالَتَهُ .
وَفِي السُّورَةِ الّتي بَعْدَها يَقُولُ تَعالى { أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) } إلى آخِرِ الآياتِ ، يَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِهذا الخَلْقِ المُحْكَمِ العَظيمِ الَّذِي لا يَسْتَطيعُ أَيُّ مَخْلوقٍ أَنْ يُغَيِّرَهُ عَنْ وَضْعِهِ.
فَالَّذِي أَوْجَدَ هَذهِ المَخْلوقَاتِ هُو الإلهُ ، وَهُوَ الرَّبُّ ، وَهُوَ المَعْبودُ وَحْدَهُ.
وَفِي السُّورَةِ الّتي بَعْدَها يَقولُ تَعَالى {فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا (26) } إلى آخِرِ الآياتِ ، وَفِي هَذا يُذَكِّرُ الإنْسانَ بِأَنَّ الَّذِي فَعَلَ هَذا هُوَ اللهُ وَحْدَهُ، وَلا يَسْتَطِيعُ مَخْلوقٌ مَهْما كَانَتْ قُدْرَتُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِ هَذا الأَمْرِ الَّذِي يَأْتِي بِهِ اللهُ سُبْحَانَهُ .
إِذاً: فَهذا يُبَيِّنُ أَنَّ العَقيدَةَ هِيَ أَوَّلُ مَا بَدَأَ بِهِ نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَعْوَتِهِ.



س2: بين معنى (العقيدة) وسبب تسمية علم العقيدة بهذا الاسم؟
العقيدةُ التي منها هذهِ الرسالةُ (لُمْعَةُ الاعتقادِ) ، ومنها ( العقيدةُ الواسطيَّةُ) وغيرُهَا ؛ مُشْتَقَّةٌ من العَقْدِ ، وذلكَ أن العَقْدَ هوَ رَبْطُ الشيءِ بَعْضُهُ ببعضٍ ، تَقُولُ : عَقَدْتُ الحبلَ بِبَعْضِهِ ، أيْ: وَثَقْتُهُ ورَبَطتُهُ ، وسُمِّيَتْ بِذلكَ ؛ لأنَّ القلبَ يَعْقِدُ عليها عَقْدًا مُحْكَمًا مُبْرَمًا لا سبيلَ إلى انفكاكِهِ ، وذلكَ لأنَّ أَدِلَّتَهَا جَلِيَّةٌ صَحِيحَةٌ واضِحَةٌ لا يَعْتَرِيهَا شَكٌّ ولا تَغَيُّرٌ ، وأَدِلَّتُهَا نصوصٌ قَطْعِيَّةُ الثبوتِ ، وقطعيَّةُ الدلالةِ ؛ فَلأَجْلِ ذلكَ يَعْقِدُ عليها القلبُ ، ولا يُمْكِنُ أنْ يَتَزَعْزَعَ هذا الاعتقادُ من القلبِ إلاَّ إذا كانَ العقدُ غيرَ مُحْكَمٍ وغيرَ قَوِيٍّ، فإنَّهُ عُرْضَةٌ للتَّزَعْزُعِ .

س3: تحدث عن حال السلف في تربية أولادهم على العقيدة الصحيحة.
كانَ العلماءُ والمسلمونَ عمومًا يُرَبُّونَ أولادَهم على العقيدةِ منذُ الطفولةِ ، وَيُلَقِّنُونَهُم كيفَ عَرَفُوا رَبَّهُم ، وبأيِّ شيءٍ عَرَفُوهُ، ولأيِّ شيءٍ خُلِقُوا ، وبأيِّ شيءٍ أُمِرُوا ، وأوَّلَ ما فُرِضَ عليهم، وأهمَّ الفرائضِ ، وما إلى ذلكَ ؛ حتَّى إذا تَلَقَّاهَا الطفلُ في صِغَرِهِ ، وَتَرَبَّى عليها نَبَتَ لَحْمُهُ وَعَظْمُهُ ، وعَصَبُهُ وَعَقْلُه على هذهِ العقيدةِ ، فَأَصْبَحَتْ رَاسِخَةً لا تَتَزَعْزَعُ ، بحيثُ لوْ عُرِضَتْ عليهِ بعدَ ذلكَ شُبُهَاتٌ ، أوْ أُتِيَ بما يُزَعْزِعُ وبما يَفْتِنُ ، بلْ لوْ فُتِنَ وحُبِسَ وضُرِبَ وَأُوذِيَ فَلَنْ يَتَغَيَّرَ اعْتِقَادُه ، وذلكَ للأسبابِ التاليةِ:
أولاً: أنَّهُ تَرَبَّى عليها منذُ صِغَرِه،وَتَلَقَّاهَا وهو طفلٌ.
ثانيًا: أنَّهُ أَلْفَى عليها أَبَوَيْهِ ، وأبواهُ أَنْصَحُ الخلقِ لهُ، وهما يُحِبَّانِ لهُ أنْ يَتَرَبَّى على الخيرِ.
ثالثًا: أنَّ الأدلَّةَ التي تُؤَيِّدُ هذا الاعتقادَ أَدِلَّةٌ جليَّةٌ واضحةٌ في ظهورِ معناها،صحيحةٌ قَطْعِيَّةُ الثبوتِ لا يُمْكِنُ أنْ يَعْتَرِيَها شكٌّ، أوْ تَغَيُّرٌ.

س4: ما معنى (لمعة الاعتقاد)؟
الجبرين: سَمَّاهَا لُمْعَةً ؛ لأَنَّها ذَاتُ أَدِلَّةٍ صَحيحةٍ صَريحةٍ مُضيئَةٍ تَلْمَعُ لَمَعانًا كَلَمَعَانِ السُّرُجِ القَوِيَّةِ ، وَكَلَمَعانِ النُّجومِ فِي الليْلَةِ المُظْلِمَةِ، يَعْنِي: أَنَّها ذَاتُ أَدِلَّةٍ وَاضِحَةٍ، وَذَاتُ دَلالَةٍ لا خَفَاءَ فِيها فِي الاعْتِقَادِ.
المحمود: معنى اللمعة : ما خالف بقية اللون , كأن يكون مثلاً اللون أسود , وتكون في بقعة بيضاء , فتسمى هذه البقعة البيضاء لمعة ، ولذا اشتهرت هذه الكلمة بأنها تطلق على لمعة الفرس التي تكون غالباً في الخيل ونحوه ، وتكون هذه اللمعة لمعة بيضاء ، وبقية الجسم إما أدهم أو قريباً من ذلك , المهم أنه اشتهر إطلاق هذا اللفظ على لمعة الفرس . أو أن اللمعة بمعنى البُلْغة من العيش .
وعلى هذا أو هذا فالشيخ رحمه الله تعالى قصد بكتابه حين سماه بلمعة الاعتقاد , أنه يحتوي على بلغة من الاعتقاد الصالح الصحيح أو أنه لمعة بيضاء
منيرة لصفائها وصحة دليلها لأنها عقيدة مستمدة من الكتاب والسنة.
س5: ما الواجب نحو نصوص الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته؟
الواجِبُ في نصوصِ الكتابِ والسنَّةِ إبقاءُ دلالَتِها على ظاهِرِها مِنْ غيرِ تَغْييرٍ.

س6: اذكر تفسيراً مختصراً لقول الله تعالى (لله الأسماء الحسنى فادعوه بها(
أيْ: بالِغَةٌ في الحُسْنِ غايَتَهُ؛ لأنَّها مُتَضَمِّنَةٌ لصفاتٍ كامِلَةٍ لا نَقْصَ فيها بوجْهٍ من الوجوهِ.

س7: هل (الدهر) من أسماء الله؟ ولماذا؟ وضح إجابتك مع الدليل.
ليسَ مِنْ أسماءِ اللهِ: الدَّهْرُ(10)؛ لأنَّهُ لا يَتَضَمَّنُ معْنًى يَبْلُغُ غايَةَ الحُسْنِ، فأمَّا قولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( ((لاَ تسُبُّوا الدَّهْرَ فإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ (( ،فمعْنَاهُ: مالِكُ الدهرِ المُتَصَرِّفُ فيهِ؛ بدليلِ قولِهِ في الروايَةِ الثانيَةِ عن اللهِ تعالَى : ((بِيَدِي الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهار.((

س8: هل أسماء الله تعالى محصورة بعدد معين؟ دلل على ما تقول.
:أسماءُ اللهِ غيرُ محصورَةٍ بعددٍ مُعَيَّنٍ.
لقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديثِ المشهورِ: ((أَسْأَلُكَ اللَّهم بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ))(11).
وما اسْتَأْثَرَ اللهُ بهِ في عِلْمِ الغيبِ عندَهُ لا يُمْكِنُ حَصْرُهُ ولا الإِحاطَةُ بهِ.
والجمعُ بينَ هذا وبينَ قولِهِ في الحديثِ الصحيحِ: ((إِنَّ للهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ))، أنَّ مَعْنَى هذا الحديثِ: أنَّ مِنْ أسماءِ اللهِ تسعَةً وتسعينَ اسمًا، مَنْ أحْصَاهَا دَخَلَ الجنةَ، وليسَ المرادُ حصْرَ أسمائِهِ تعالَى بهذا العدَدِ، ونظيرُ هذا أن تَقولَ: عندِي مِائَةُ دِرْهَمٍ أَعْدَدْتُها للصدَقَةِ، فلا يُنَافِي أن يكونَ عندَكَ دَرَاهِمُ أخْرَى أعْدَدْتَها لغيرِ الصدَقَةِ.

س9: ما معنى كون أسماء الله تعالى (توقيفية)؟
يَتَوَقَّفُ إثْباتُها على ما جاءَ عن الشرعِ، فلا يُزادُ فيها ولا يُنْقَصُ؛ لأنَّ العقلَ لا يُمْكِنُهُ إدراكُ ما يَسْتَحِقُّهُ تعالَى من الأسماءِ، فَوَجَبَ الوقوفُ في ذلكَ على الشرْعِ؛ ولأنَّ تَسْمِيتَهُ بما لم يُسَمِّ بهِ نفْسَهُ، أوْ إِنْكارَ ما سَمَّى بهِ نفسَهُ، جِنَايَةٌ في حقِّهِ تعالَى، فوَجَبَ سُلُوكُ الأَدَبِ في ذلكَ .

س10: (صفات الله تعالى كلها عليا) اشرح هذه القاعدة، مع ذكر ما تتضمنه من المسائل.
صِفَاتُ كَمَالٍ ومَدْحٍ، ليسَ فيها نَقْصٌ بوجْهٍ من الوجوهِ.
كالحياةِ، والعلْمِ، والقُدْرَةِ، والسَّمْعِ، والبصرِ، والحكْمَةِ، والرحمةِ، والعُلُوِّ، وغيرِ ذلكَ؛ لقولِهِ تعالَى)) وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى ((ولأنَّ الربَّ كامِلٌ فَوَجَبَ كَمَالُ صفاتِهِ.
وإذا كانَت الصِّفَةُ نَقْصًا لا كَمَالَ فيها فهيَ مُمْتَنِعَةٌ في حقِّهِ، كالموتِ، والجهلِ، والعَجْزِ، والصَّمَمِ، والعمَى، ونحوِ ذلكَ؛ لأنَّهُ سُبْحَانَهُ عَاقَبَ الواصِفِينَ لهُ بالنقْصِ، وَنَزَّهُ نَفْسَهُ عمَّا يَصِفُونَهُ بهِ من النقائِصِ ؛ ولأنَّ الرَّبَّ لا يُمْكِنُ أن يكونَ ناقِصًا؛ لمنافاةِ النقصِ للربوبِيَّةِ.
* وإذا كانَت الصِّفَةُ كَمَالاً منْ وجْهٍ، ونَقْصًا مِنْ وجهٍ، لم تَكُنْ ثابِتَةً للهِ ولا مُمْتَنِعَةً عليهِ على سبيلِ الإطلاقِ، بلْ لا بدَّ مِن التفصيلِ، فَتَثْبُتُ للهِ في الحالِ التي تكونُ كَمَالاً، وتَمْتَنِعُ عليهِ في الحالِ التي تكونُ نقْصًا، كالمكْرِ، والكَيْدِ، والخِداعِ، ونحوِها، فهذه الصِّفاتُ تكونُ كَمَالاً إذا كانَت في مُقَابَلَةِ مِثْلِها؛ لأنَّها تدلُّ على أنَّ فاعِلَها ليسَ بعاجِزٍ عنْ مُقَابَلَةِ عَدُوِّهِ بمثْلِ فِعْلِهِ، وتكونُ نَقْصًا في غيرِ هذه الحالِ، فَتَثْبُتُ للهِ في الحالِ الأُولَى دونَ الثانيَةِ، قالَ اللهُ تعالَى ((وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين))
((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16(( (
))إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)) ، إلى غيرِ ذلكَ.
فإذا قيلَ: هلْ يُوصَفُ اللهُ بالمكْرِ مثلاً؟
فلا تَقُلْ: نَعَمْ، ولا تَقُلْ: لا، ولكِن قُلْ: هوَ مَاكِرٌ بمَنْ يَسْتَحِقُّ ذلكَ، واللهُ أعلَمُ.

س11: بين المراد بالصفات الثبوتية والسلبية، مع التمثيل لكل نوع بمثال
فالثبوتيَّةُ: ما أثْبَتَها اللهُ لنفْسِهِ كالحياةِ،والعِلْمِ، والقُدْرَةِ.
ويَجِبُ إثباتُها للهِ على الوجْهِ اللائِقِ بهِ؛ لأنَّ اللهَ أثْبَتَها لنفسِهِ، وهوَ أعلَمُ بصفاتِهِ.
* والسَّلْبِيَّةُ: هيَ التي نفاها اللهُ عنْ نفسِهِ كالظُّلْمِ، فيَجِبُ نَفْيُها عن اللهِ؛ لأنَّ اللهَ نَفَاها عنْ نَفْسِهِ، لكن يَجِبُ اعْتِقَادُ ثُبُوتِ ضِدِّها للهِ على الوجْهِ الأكمَلِ؛ لأنَّ النَّفْيَ لا يَكونُ كَمَالاً حتَّى يَتَضَمَّنَ ثُبُوتًا.
مثالُ ذلكَ: قولُهُ تعالَى: {وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} فيَجِبُ نَفْيُ الظُّلْمِ عن اللهِ معَ اعْتِقَادِ ثُبُوتِ العَدْلِ للهِ على الوجْهِ الأكمَلِ.

س12: بين الفرق بين الصفات الذاتية والفعلية؟
الذاتيَّةُ:هيَ التي لم يَزَلْ ولا يزالُ مُتَّصِفًا بها،كالسمعِ والبصرِ.
والفعليَّةُ:هيَ التي تَتَعَلَّقُ بمشيئَتِهِ؛ إنْ شاءَ فعَلَها، وإنْ شاءَ لم يَفْعَلْها؛ كالاستواءِ على العرشِ والمجيءِ.
وربَّما تكونُ الصفةُ ذاتيَّةً فعليَّةً باعتبارَيْنِ كالكلامِ، فإنَّهُ باعتبارِ أصْلِ الصفةِ صفةٌ ذاتيَّةٌ؛ لأنَّ اللهَ لم يزَلْ ولا يزالُ مُتَكَلِّمًا، وباعتبارِ آحادِ الكلامِ صفةٌ فعليَّةٌ؛ لأنَّ الكلامَ مُتَعَلِّقٌ بمشيئَتِهِ، يَتَكَلَّمُ بما شاءَ متى شاءَ.

س13: هل صفات الله تعالى حقيقية أم مجازية؟ ولماذا؟
: نَعَمْ حقيقيَّةٌ ؛ لأنَّ الأصلَ في الكلامِ الحقيقةُ، فلا يُعْدَلُ عنها إلاَّ بدليلٍ صحيحٍ يَمْنَعُ منها.

س14: ما معنى تكييف الصفات؟ وهل يجوز؟ ولماذا؟
ذِكْرُ كيفيَّةِ الصفةِ غيرَ مُقَيَّدَةٍ بمُمَاثِلٍ..لا يجوز... لقولِهِ تعالَى: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}، ولأنَّ العقلَ لا يُمْكِنُهُ إدراكُ كيفيَّةِ صفاتِ اللهِ

س15: اذكر تفسيراً مختصراً لقول الله تعالى: {ليس كمثله شيء} مع بيان ما تفيده هذه الآية في باب الأسماء والصفات.
هذا نَفْيٌ لِلْمُمَاثَلَةِ عنه سُبْحَانَه وتَعالَى، فلا أَحَدَ يُمَاثِلُهُ وَلاَ أَحَدَ يُشْبِهُهُ، ولاَ أَحَدَ يُكَافِيه سُبْحَانَه وتَعالَى؛ لأنه أَعْظَمُ مِن كلِّ شَيْءٍ؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.
وهذا فيه: اسْتِغْرَاقٌ للنَّفْيِ؛ لأن النكِرَةَ إذا ذُكِرَت في سِياقِ النفْيِ تَعُمُّ؛ فلا أَحَدَ يُشْبِهُ اللهَ عَزَّ وجلَّ مِن جميعِ المخلوقاتِ؛ لِعَظَمَتِهِ وكِبْرِيائِهِ سُبْحَانَه وتَعالَى وغِناهُ وقُدْرَتِهِ، فلا أحَدَ يُشْبِهُ اللهَ عزَّ وجلَّ مِن الخَلْقِ

س16: بين الفرق بين التمثيل والتكييف.
أن التمثيلَ : ذِكْرُ كيفيَّةِ الصفةِ مُقَيَّدةً بمُمَاثِلٍ.
والتكييفَ : ذِكْرُ كيفيَّةِ الصفةِ غيرَ مُقَيَّدَةٍ بمُمَاثِلٍ.
مثالُ التمثيلِ : أنْ يقولَ قائِلٌ: يَدُ اللهِ كَيَدِ الإنسانِ.
ومثالُ التكييفِ : أنْ يَتَخَيَّلَ ليدِ اللهِ كيفيَّةً مُعَيَّنَةً لا مَثيلَ لها في أَيْدِي المخلوقِينَ، فلا يجوزُ هذا التَّخَيُّلُ

س17: من هم المعطلة؟ اذكر القاعدة العامة في الرد عليهم
المُعَطِّلَةُ: هم الذينَ يُنْكِرون شَيْئًا مِنْ أسماءِ اللهِ أوْ صفاتِهِ ويُحَرِّفون النصوصَ عنْ ظاهِرِها. ويقالُ لهم: المُؤَوِّلَةُ
والقاعِدةُ العامَّةُ فيما نَرُدُّ بهِ عليهم أن نقولَ: إنَّ قولَهم:
- خِلافُ ظاهِرِ النصوصِ.
- وخلافُ طريقَةِ السَّلَفِ.
- وليسَ عليهِ دليلٌ صحيح

س18: من الفضائل العامة للصحابة رضي الله عنهم (كونهم على منهج واحد في العقيدة) بين فائدة ذلك في دراسة علم العقيدة
لَمْ يَظْهَرْ فِيمَا بَيْنَ الصَّحابَةِ مَنْ يُنْكِرُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الاعْتِقادِ ، وَلا ظَهَرَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَنْ يَرُدُّ شَيْئًا مِنْ دَلالةِ النُّصوصِ، وَهذا مِنْ تَزْكِيَةِ اللهِ تَعَالى لِصَحابَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ إِذْ لَمَّا زَكَّاهُم اللهُ تَعَالى وَفَضَّلَهُمْ عَلى غَيْرِهِمْ ظَهَرَ أَثَرُ ذَلكَ ، فَلَم يَظْهَرْ فِيهِم وَالحَمْدُ للهِ مُبْتَدِعٌ، وَلا خَارِجيٌّ ، وَلا قَدَرِيٌّ ، وَلا رَافِضِيٌّ ، وَلا مُعْتَزليٌّ ، وَلا أَشْعَرِيٌّ ، وَلا جَبْريٌّ ، وَلا مُرْجِئٌ ، وَلا صُوفِيٌّ ؛ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِمْ شَيءٌ مِنْ هَذِهِ البِدَعِ ، بَلْ كُلُّهُمْ عَلَى عَقِيدَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ ، هَذا هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم .
وَبَعْدَما دَخَلَ فِي الإِسْلامِ بَعْضُ المُنافِقينَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ بَدَأَ ظُهُورُ البِدَعِ ، ولَمَّا ظَهَرَت اهْتَمَّ الصَّحابَةُ بِإِظْهَارِ السُّنَنِ ، وَأَوْضَحُوهَا بِالأدِلَّةِ القاطِعَةِ.

س19: ما هي أول البدع ظهوراً؟
بِدْعَةُ الخَوارِجِ.

س20: اذكر تعريفاً مختصراً لما يأتي:
أ) بدعة الخوارج.
الخَوارِجِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَن الطَّاعَةِ ، وَكَفَّرُوا الصَّحابَةَ، وَكَفَّرُوا المُسْلِمينَ، وَقَتَلُوا الأَبْرِياءَ
ب) بدعة القدرية الأولى.
خَرَجُوا فِي آخِرِ عَهْدِ الصَّحابَةِ ، وَأَنْكَرُوا عِلْمَ اللهِ السَّابِقَ لِلأشْياءِ قَبْلَ وُجُودِهَا ، وَقَالُوا: إِنَّمَا يَعْلَمُ الأَشْياءَ عِنْدَما تَحْدُثُ.
ج) بدعة المعتزلة.
اعْتَزَلُوا مَجْلِسَ الحَسَنِ البَصْرِيِّ ، وَكَانَ رَئِيسُهُم الَّذِي يُقَالُ لَهُ : وَاصِلُ بنُ عَطَاءٍ ، يَجْلِسُ يُقَرِّرُ مَذْهَبَهُ ، وَأَخَذَ يُشِيرُ إليْهِم الحَسَنُ وَيَقولُ : هَؤلاءِ المُعْتَزِلَةُ ، اعْتَزَلُوا مَعَ وَاصلٍ.
د) بدعة المعطلة.
الّذين أَنْكَرُوا صِفاتِ اللهِ تَعَالى ، وَتَأَوَّلُوا نُصُوصَها، وَبَالَغُوا فِي إِنْكَارِها.

س21: تحدث باختصار عن تطور أمر المعتزلة??????

س22: ما موقف الخليفة العباسي (المهدي) من الزنادقة؟
فَطِنَ لهَمُ الخَليفةُ المَهْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثيرًا ، فَكُلُّ مَن اتُّهِمَ بِأَنَّهُ زِنْديقٌ مُنْكِرٌ للخَلْقِ وَالخالِقِ ، أَوْ يَذْهَبُ مَذاهِبَ الفَلاسِفَةِ فِي إِنْكَارِ بَدْءِ الخَلْقِ وَإِعَادَتِهِ ، وَيَدَّعِي أَنَّ الأمْرَ مُسْنَدٌ إِلى الطَّبائِعِ وَنَحْوِ ذلكَ ؛ أَخَذَهُ وَقَتَلَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ يَسْتَتِيبُهُمْ لِعِلْمِهِ أَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ يَقُولونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ.

س23: متى نشأ علم الكلام؟ وكيف انتشر؟
العِلْمَ الَّذِي يَخُوضُ فِي غَيْرِ دَليلٍ ، يَخُوضُ فِي الأُمُورِ الخَفِيَّةِ ؛ فِي الجَوَاهِرِ وَالأعْرَاضِ وَالأبْعَاضِ ، وَالافْتراضاتِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلكَ.
شَغَلَ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ القُرُونِ المُتَأَخِّرَةِ ، بِحَيْثُ إِنَّهُم كَرَّسُوا جُهُودَهُمْ فِي هَذا الكَلامِ ، وَأَخَذُوا يَفْتَرِضُونَ افْتِرَاضَاتٍ ؛ إِنْ كَانَ كَذا فَمَاذا يَكُونُ كَذا ؟ وَمَا هُوَ جَوَابُهُ ؟ حتَّى مَلأُوا صُدورَ النَّاسِ بِمَا لا فَائِدَةَ فِيه ، وَمَلأُوا الكُتُبَ بِما لا أَهَمِّيَّةَ لَهُ،
انْتَشَرَ عِلْمُ الكَلامِ هَذا فِي كُتُبِ الأَشاعِرَةِ ، وفي كُتُبِ المُعْتَزِلَةِ ؛ فَحَشَدُوا الكَثيرَ مِنْهُ فِي كُتُبِ التَّفْسيرِ ، وَفِي كُتُبِ العَقائِدِ ، وَفِي كُتُبِ الأُصُولِ وَمَا أَشْبَهَهَا ، وَافْتَرَضُوا افْتِراضَاتٍ لا دَليلَ عَلَيْها.

س24: ما موقف السلف من علم الكلام؟
نقِّحُوا العَقيدةَ ، لَمَّا رَأَوْا فِي القَرْنِ الثَّاني وَفِي القَرْنِ الثَّالثِ وَمَا بَعْدَهُ تَغَيُّرَ النَّاسِ فِي بَابِ الاعْتِقادِ ، ولَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَكْتُبُوا فِي ذَلكَ ، وَيُقَرِّرُوا ، وَيُبْدِئُوا وَيُعِيدُوا ، وَيُظْهِرُوا المَذْهَبَ الصَّحيحَ وَالعَقيدةَ السَّلَفيَّةَ السَّليمَةَ وَيُبَيِّنُوهَا عَلَنًا، حتَّى لا يَقَعَ فِي خِلافِهَا مَنْ قَصْدُهُ الحقُّ.
فَكُتُبُ السَّلَفِ فِي العَقيدَةِ كَثيرةٌ وَشَهيرةٌ:
مِنْها: مَا سُمِّيَ بِكتَابِ الإِيمانِ ، مُتَقَدِّمًا وَمُتَأَخِّرًا وَمُخْتَصَرًا وَمَبْسُوطًا، مِثْلَ (كِتَابِ الإِيمانِ) لابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، و(كِتَابِ الإيمانِ)لأبِي عُبَيْدٍ القَاسِمِ بنِ سَلاَّمٍ ، و (كِتَابِ الإيمانِ) لابنِ مَنْدَهْ فِي ثَلاثَةِ أَجْزَاءٍ، وَكُلُّهَا مَطْبُوعَةٌ.
وَمِنْها: مَا سَمَّوْهُ بِكُتُبِ السُّنَّةِ؛(كالسُّنَّةِ) للإمَامِ أَحْمَدَ، والسُّنَّةِ لابنِهِ عَبْدِ اللهِ، و(َالسُّنَّةِ)لِلْخَلاَّلِ، وَ(السُّنَّةِ)لابنِ أَبِي عَاصِمٍ، وغيرِهَا.

وَمِنْها: مَا سَمَّوْهُ بِالتَّوحيدِ، (كَكِتَابِ التَّوْحيدِ)لابنِ خُزَيْمَةَ، و(التَّوْحيدِ) لابنِ مَنْدَهْ.
وَمِنْها: مَا سُمِّيَ بِأَسْماءٍ أُخْرَى، (كَالرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ وَالزَّنادِقَةِ فِيمَا شَكُّوا فيهِ مِن مُتَشابِهِ القُرآنِ) للإمامِ أَحْمَدَ ، (وَالرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ)لِعُثْمَانَ بنِ سَعيدٍ الدَّارِمِيِّ، (وَالرَّدِّ عَلَى بِشْرٍ المَرِيسِيِّ) لِلدَّارِمِيِّ أيضًا.
وَمِنْها: مَا لَهُ أَسْمَاءٌ خَاصَّةٌ، (كالشَّريعَةِ)لِلآجُرِّيِّ، (وَالإِبَانَةِ)لابنِ بَطَّةَ (الإبَانَةِ الصُّغْرَى، والإبَانَةِ الكُبْرَى)، (وَشَرْحِ اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ) الَّذِي هُوَ مِنْ أَوْسَعِهَا لِلاَّلَكَائِيِّ.
هَذِهِ كُتُبٌ ضَمَّنَهَا مُؤَلِّفُوهَا العَقِيدةَ ، وَأَرَادُوا بِذلكَ أَنْ يُخْلِصُوا أَمْرَ المُعْتَقَدِ حتَّى لا تَضْمَحِلَّ عَقيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ.

س25: تحدث باختصار عن غربة أهل السنة في القرن الرابع والخامس والسادس الهجري. وما سبب ذلك؟
لَمَّا انْقَضَى القَرْنُ الثَّالِثُ آخِرُ القُرونِ المُفَضَّلَةِ أُمِيتَتْ هَذِهِ الكُتُبُ مَعَ الأَسَفِ ، وَأَصْبَحَتْ مَخْزُونَةً لا يُعْتَرَفُ بِها وَلا تُقْرَأُ ، وَلا تُدَرَّسُ إلاَّ نَادِرًا وَبِصِفَةٍ خَفِيَّةٍ ، وَتَمَكَّنَ مَذْهَبُ الأَشَاعِرَةِ وَمَذْهَبُ المُعْتَزِلَةِ أيَّمَا تَمَكُّنٍ ، وَانْتَشَرَ الإِكْبَابُ عَلَيْهِ ، وَكَثُرَت الدُّروسُ وَالكُتُبُ الّتي تُؤَلَّفُ فِيما يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ العَقَائِدِ ؛ عَقيدةِ الأَشْعَرِيَّةِ وَعَقيدةِ المُعْتَزِلَةِ ، وَكَادَت السُّنَّةُ وَكُتُبُها أَنْ لا يَكونَ لَها ذِكْرٌ ، بَلْ كَادَ مَذْهَبُ الإمامِ أَحْمَدَ أَنْ يَضْمَحِلَّ، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ عَلَيْهِ إلاَّ قِلَّةٌ .

س26: اذكر أبرز جهود شيخ الإسلام في نشر مذهب السلف والرد على مخالفيهم.
لَمَّا أَنَّ اللهَ وَهَبَهُ عِلْمًا وَقُوَّةً وَجَرَاءَةً وَحِفْظًا وَذَكاءً وَقُوَّةَ أُسْلوبٍ ، وَوَهَبَهُ أَيْضًا شُهْرَةً بَيْنَ النَّاسِ ، وَمَحَبَّةً اشْتَهَرَ بِها فِي القَاصِي وَالدَّانِي بِما مَعَهُ مِنَ المَعْلوماتِ لَمْ يُبَالِ بِأَهْلِ زَمَانِهِ وَلا بِمَنْ خَالَفَهُ بَلْ أَفْصَحَ بِما يَعْتَقِدُهُ ، وَجَدَّدَ عَقِيدَةَ السَّلَفِ ، وَكَتَبَ فِيها المُؤَلَّفاتِ الّتي لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُعَارِضَهُ فِيها ، وَبَيَّنَ فِيها مَا هُوَ أَجْلَى مِنَ الشَّمْسِ ، كَما هُوَ مَبْسُوطٌ أَوْ مُخْتَصَرٌ فِي مُؤَلَّفاتِهِ الكَبيرةِ المَبْسوطَةِ مِثْلَ: (مِنْهاجِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ) فَإِنَّ نَحْوَ ثُلُثِهِ الأَوَّلِ مُناقَشَةٌ فِي العَقيدَةِ ، وَفِي الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ؛ لأنَّ الرَّافِضِيَّ الَّذِي رَدَّ عَلَيْه بَدَأَهَا بِالرَّدِّ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُم مُجَسِّمَةٌ، وَأَنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ.
كَذَلِكَ كِتَابُهُ (العَقْلُ وَالنَّقْلُ) الَّذِي طُبِعَ فِي نَحْوِ أَحَدَ عَشَرَ مُجَلَّدًا، وَهُوَ أَوْضَحُهَا وَأَدَلُّهَا.
كَذَلِكَ (نَقْضُ التَّأْسِيسِ) وَالّذي طُبِعَ بَعْضُهُ وَلَعَلَّهُ أَنْ تُطْبَعَ بَقِيَّتُهُ.
كَذَلِكَ رَسائِلُهُ الكَثيرةُ فِي المَجْموعِ ، نَحْوَ أَرْبَعَةِ مُجَلَّداتٍ ، كُلُّها فِي الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ، مِنَ الثَّالِثِ إِلى السَّادِسِ ، وَهَكَذا غَيْرُها ، لا شَكَّ أَنَّهُ مَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ إِلاَّ لأَنَّ اللهَ تَعَالى وَهَبَهُ عِلْمًا وَقُدْرَةً عَلَى البَيَانِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَهْلُ زَمَانِهِ أَنْ يُقَاوِمُوهُ، فَهُوَ الَّذِي جَدَّدَ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَرَحِمَهُ اللهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ.

س27: تحدث باختصار عن خطورة علم الكلام وآثاره السيئة.
لمَّا قَرَأُوهُ تَمَكَّنَ مِنْ نُفُوسِهِمْ ، وَتَمَكَّنَتْ هَذِهِ الشُّبْهَةُ الّتي هِيَ إِنْكارُ صِفَةِ العُلُوِّ ، وَإِنْكارُ الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ ، وَإِنْكارُ الكثيرِ مِنَ الصِّفَاتِ الفِعْلِيَّةِ ، فَتَمَكَّنَتْ مِن النُّفوسِ ، فَصارَ ذَلكَ سَبَبًا فِي انْحِرافِهِمْ عَنْ عَقيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَهُم السَّلَفُ وَالأَئِمَّةُ الأَرْبَعةُ الَّذينَ يُقْتَدَى بِهِمْ فِي الفُروعِ ، فَإِنَّهُمْ كُلَّهُمْ وَالحَمْدُ للهِ عَلَى مُعْتَقَدٍ وَاحدٍ فِي الأُصولِ .
وَمَعَ ذَلكَ يَفْتَخِرُ كَثيرٌ مِنْهُمْ بِانْتِمَائِهِمْ إِلَيْهِمْ وَيُخَالِفُونَهُمْ فِي أَصْلِ الأُصولِ الَّذِي هُوَ بَابُ العقيدةِ ، فَتَجِدُهُمْ يَقولونَ : نَحْنُ عَلى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ، وَلَكنْ فِي بَابِ العَقيدةِ عَلَى مَذْهَبِ الأشْعَريِّ ، وَلا يَتَمَسَّكونَ بِمَذْهَبِ الأَشْعريِّ الصحيحِ ، وَلا بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ ، وَإِنَّما بِالمَذاهِبِ الّتي تَلَقَّوْهَا عَنْ مَشايِخِهِم المُتَأَخِّرِينَ ، الّذين تَلَقَّوْا هَذِهِ العُلومَ مِن المُتَكَلِّمينَ .
وَلا شَكَّ أَنَّ أُولَئِكَ لَمَّا كَثُرَ الخَوْضُ مِنْهُمْ فِي عِلْمِ الكَلامِ ، وَفِي التَّدْقِيقِ فِي تِلْكَ المَسائِلِ الخَفِيَّةِ كَانَتْ لَها نَتيجَةٌ سَيِّئةٌ ، وَهِيَ أَنَّها أَوْقَعَتْ كَثيرًا مِنْهُمْ فِي الحَيْرَةِ ، تَحَيَّرُوا مَاذا يَعْتَقِدُونَ ؟ وَما هِيَ العَقيدةُ الّتي تُنْجِيهِمْ؟!
ذَكَرَ شَيْخُ الإسْلامِ فِي أَوَّلِ الحَمَوِيَّةِ ، وَابنُ أَبِي العِزِّ فِي (شَرْحِ الطَّحَاوِيَّةِ) قِصَصًا لِبَعْضِ أُولَئِكَ الحَيَارَى المُتَهَوِّكِينَ ؛ مِنْها قِصَّةُ الرَّازِيِّ مِنْ عُلَماءِ المُتَكَلِّمينَ .
الشَّهْرَسْتَانِيُّ صَاحِبُ (المِلَلِ وَالنِّحَلِ) ذَكَرُوا عَنْهُ أَنَّهُ يَقولُ : (أَكْثَرُ النَّاسِ شَكًّا عِنْدَ المَوْتِ أَهْلُ الكَلامِ).
س28: اذكر ترجمة موجزة لأبي الحسن الأشعري.
أَبُو الحَسَنِ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَبي مُوسَى ؛ عَالِمٌ مَشهورٌ ظَهَرَ فِي القَرْنِ الثَّالِثِ ، كَانَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ مُعْتَزِلِيًّا عَلَى طَرِيقَةِ أَبي هَاشِمٍ الجُبَّائِيِّ وَأَبي الهُذَيْلِ العَلاَّفِ ، وَنَحْوِهِمَا مِنَ المُعْتَزِلَةِ ، ثمَّ نَزَلَ عَنْ هَذِهِ العَقِيدَةِ لَمَّا ظَهَرَ لَهُ تَفَاهَتُهَا ، وَانْتَحَلَ مَذْهَبَ الكُلاَّبِيَّةِ أَتْبَاعِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيدِ بنِ كُلاَّبٍ ، وَكَانَ ابنُ كُلاَّبٍ هَذا عَالِمًا جَدَلِيًّا ؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ إِذا احْتَجَّ كَانَتْ حُجَّتُهُ قَوِيَّةً بِمَنْـزِلَةِ كُلاَّبِ الصُّنَّاعِ الحَدَّادِينَ الّتي تُمْسِكُ الحَديدَ، أَيْ إِنَّهُ فِي قُوَّةِ جَدَلِهِ وَاحْتِجَاجِهِ بِمَنْـزِلَةِ هَذا الكُلاَّبِ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ تَأَوَّلَ كَثيرًا مِنَ الصِّفاتِ وَلَمْ يُثْبِتْ إِلاَّ بَعْضَهَا ، فَانْتَحَلَ أَبو الحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ عَقيدَتَهُ فِي الإِقْرارِ بسَبْعِ صِفاتٍ ، وإِنْكَارِ ما سِوَاهَا ، وَأَلَّفَ كُتُبًا كَثيرةً عَلَى هَذا المَذْهَبِ ، وَقَضَى عَلَيْها أَكْثَرَ عُمْرِهِ ، أَيْ نَحْوَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَهُوَ يُؤَلِّفُ عَلَى هَذا المَذْهَبِ ، حَتَّى اشْتَهَرَتْ كُتُبُهُ وَتَلَقَّاهَا الجَمُّ الكَثيرُ وَالجَمْعُ الغَفيرُ.

وَفِي آخِرِ حَيَاةِ أَبِي الحَسَنِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ ، وَقَرَأَ بَعْضَ كُتُبِ السَّلَفِ ، فَرَجَعَ عَمَّا كَانَ يَعْتَقِدُهُ إِلى مَذْهَبِ السَّلَفِ ، وَأَلَّفَ رِسَالَتَهُ المَطْبُوعَةَ الّتي سَمَّاهَا (الإِبَانَةَ فِي أُصولِ الدِّيَانَةِ) رِسَالَةً مُخْتَصَرَةً أَلَّفَهَا عَلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ ، وَأَلَّفَ أَيْضًا كِتَابَهُ (مَقالاتِ الإسْلامِيِّينَ) الَّذِي جَعَلَهُ فِي الفِرَقِ.
وَلَمَّا أَتَى عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ ذَكَرَهُ صَريحًا ، وَذَكَرَ عَقِيدَتَهُم الّتي يُمْكِنُ القَوْلُ: إنَّهُ نَقَلَهَا عَنْ كُتُبِ الإمامِ أَحْمَدَ أَوْ غَيْرِهِ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ انْتَحَلَ عَقِيدَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَخيرًا ، فَمَقالَتُهُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ ، لِدَرَجَةِ أَنَّهُ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَبِمَا قَالَهُ إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ نَضَّرَ اللهُ وَجْهَهُ : وَجُمْلَةُ مَقَالِنَا أَنَّا نَقُولُ كَذا وَكَذا ، وَقَدْ نَقَلَهُ أَيْضًا ابنُ القَيِّمِ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ (حَادِي الأَرْوَاحِ) وَفِي بَعْضِ كُتُبِهِ.
وبِكُلِّ حَالٍ ؛ هَذا المَذْهَبُ الَّذِي عَلَيْهِ الآنَ الأشاعِرَةُ لَيْسَ هُوَ حَقًّا مَذْهَبَ الأشْعَرِيِّ؛ لأنَّ الأشْعريَّ قَدْ رَجَعَ عَنْهُ، إِنَّما هُوَ مَذْهَبُ الكُلاَّبِيَّةِ.

س29: اذكر بعض متون الأشاعرة في العقيدة.
(العَقائِدِ النَّسَفِيَّةِ عَلَى مَذْهَبِ الأشاعِرَةِ) (نَظْمِ الجَوْهَرَةِ ) (وَمَنْظومَةِ الشَّيْبَانِيِّ (بَدْءِ الأَمَالِي)

س30: اذكر ترجمة موجزة للإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي.
ولد هذا الإمام الجليل في شهر شعبان سنة 541 هجرية بفلسطين ببلدة تسمى (( جماعيل )) قرب نابلس وتوفي رحمه الله تعالى سنة 620 من الهجرة النبوية .
وقد تميز هذا العالم الجليل – فوق تميزه العلمي بكتابه (( المغني )) – بمختصراته الأخرى في الفقه , ككتابه (( المقنع )) الذي يعتبر للمتوسطين من طلاب العلم , و (( الكافي )) وهو فوق ذلك , وكذلك (( العمدة )) وهو للمبتدئين , إضافة إلى كتابه (( روضة الناظر )) في أصول الفقه , وهو كتاب مشهور , وغير ذلك من رسائله وكتبه ، ومنها هذا الكتاب الذي سنبدأ في شرحه المشتمل على أصول العقيدة الإسلامية الصحيحة . قد تميز أيضاً بكونه إماماً مجاهداً , فقد اشتهر رحمه الله تعالى بمشاركاته في الجهاد في سبيل الله مع صلاح الدين الأيوبي – هو وجماعته المقادسة من إخوانه وأبناء عمومته رحمهم الله تعالى , فإن هذه الأسرة كانت مع صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى في جهاده , وشارك في المعارك التي دارت سنة 583 للهجرة ؛ مع الصليبيين وتحرير بيت المقدس منهم , وكان ابن قدامة رحمه الله تعالى وأفراد أسرته ممن لهم دور كبير جداً في جهاد الصليبيين

س31: ما موقف الإمام ابن قدامة من انتشار مذهب الأشعري؟
لَمْ يُوافِقْ أَهْلَ زَمَانِهِ ،وَوَافَقَ مَذْهَبَهُ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الإمامِ أَحْمَدَ ، فَأَلَّفَ كُتُبًا كَثيرةً فِيما يَتَعَلَّقُ بِالعَقيدَةِ ، مِنْها رِسَالَتُهُ الّتي فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ العُلُوِّ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ يَرَى إِثْبَاتَ هَذِهِ الصِّفَةِ للهِ تَعَالى وَمِنْها رِسالَةٌ فِي ذَمِّ التَّأْويلِ وَمِنْها هَذِهِ الرِّسالَةُ الّتي نَحْنُ بصَدَدِهَا: (لُمْعَةُ الاعْتِقَادِ الهَادِي إِلى سَبِيلِ الرَّشَادِ(.

  #6  
قديم 12 شوال 1431هـ/20-09-2010م, 06:11 PM
أحمد الدهشورى أحمد الدهشورى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الأول + المسار المفتوح
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 62
افتراضي

الدرس الثانى (خطبة لمعة الاعتقاد):
س 1: بين معنى (الحمد) لغة واصطلاحاً.
في اللُّغةِ : الثَّناءُ على الإنسانِ، بالخصالِ الَّتي يُحْمَدُ عليها، الَّتي يُبَالَغُ في الثَّناءِ عليهِ لأَجْلِهَا.
في الاصطلاحِ :ذِكْرُ مَحَاسِنِ المحمودِ معَ حُبِّهِ وَتَعْظِيمِهِ وَإِجْلاَلِهِ.

س2: بين الفرق بين الحمد والمدح.
الحمدُ :الثَّناءُ بالصِّفاتِ الَّتي يَتَخَلَّقُ بها؛ كالصِّدقِ، والأمانةِ، والعلمِ، والحِلْمِ، وما أَشْبَهَهَا.
وأمَّا المدحُ: فهوَ الثَّناءُ عليهِ بالصِّفاتِ الَّتي جُبِلَ عليها، ولا صُنْعَ لهُ فيها كالجمالِ، والطُّولِ، والخِلْقَةِ، وما أَشْبَهَ ذلكَ.

س3: اذكر ما يستدعيه الحمد من الحامد.
أنَّ الحمدَ فِعْلٌ يُنْبِئُ عنْ تَعْظِيمِ المُنْعِمِ بسببِ كونِهِ مُنْعِمًا على الحامدِ وغيرِهِ.

س4: هل الحمد عبادة؟ وضح إجابتك بالدليل.
كثرةُ ذِكْرِ الحمدِ دليلٌ على أنَّهُ ذِكْرٌ يُذْكَرُ بهِ اللهُ، وَيُمْدَحُ بهِ، وَيُثْنَى عليهِ بهِ، وأنَّهُ يُحِبُّهُ وَيُحِبُّ مَنْ يَحْمَدُهُ، وَيُحِبُّ مَنْ يُثْنِي عليهِ وَيُثِيبُهُم على ذلكَ، وأنَّهُ أهلٌ للحمدِ وأهلٌ للثَّناءِ.
كما شَرَعَ ذلكَ في الصَّلاةِ، فالمُصَلِّي إذا رَفَعَ من الركوعِ يَقُولُ الإمامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، والمَأْمُومُونَ والإمامُ كُلُّهُم يَحْمَدُونَ اللهَ، ويقولونَ: ((رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ))
وكذلك قولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ يَأْكُلُ الأُكْلَةَ أَوْ يَشْرَبُ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا))
كذلكَ أيضًا تَقُولُ بعدَ الفراغِ من التَّخَلِّي:((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذَاقَنِي لَذَّتَهُ، وَأَبْقَى فِيَّ مَنْفَعَتَهُ، وَأَذْهَبَ عَنِّي أَذَاهُ)) .

س5: اشرح قول المؤلف رحمه الله: (الحمد لله المحمود بكل لسان، المعبود في كل زمان، الذي لا يخلو من علمه مكان).
أنَّ الأَلْسُنَ ناطقةٌ بِحَمْدِهِ ؛ إمَّا بلسانِ الحالِ ، وإمَّا بِلِسَانِ المَقَالِ ، فَأَلْسِنَةُ الكَفَرَةِ ولوْ كانتْ لا تَذْكُرُ اللهَ، ولوْ كَانُوا يَنْسِبُونَ النِّعَمَ إلى غيرِ اللهِ، ولوْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بهِ وَبِنِعَمِهِ، ولوْ كانوا يَصْرِفُونَ العبادةَ لغيرِهِ ، ولكنَّ لسانَ حالِ أحدِهِم مُعْتَرِفٌ بأنَّهُ مُحْتَاجٌ إلى رَبٍّ ، وأنَّهُ لا يَسْتَغْنِي عنهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، لِسَانُ حالِ أحدِهِم مُعْتَرِفٌ بأنَّهُ مخلوقٌ مُفْتَقِرٌ إلى الخالقِ ، وذلكَ الخالقُ لهُ الفضلُ عليهِ،
فكلُّ المخلوقاتِ تَحْمَدُه وتُسَبِّحُه سُبْحَانَه وتَعالَى {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} فكلُّ المخلوقاتِ تَحْمَدُهُ سبحانَه وتعالى بِلُغاتِها، التي يَعْلَمُها سُبْحَانَه وتَعالَى دون غيره.
(المَعْبُودُ فِي كُلِّ زَمَانٍ) أي: المُسْتَحِقُّ للعِبَادَةِ سُبْحَانَه وتَعالَى دائماً وأبَداً، ولاَ يَزالُ خَلْقُه يَعْبُدونه سُبْحَانَه وتَعالَى إلى أنْ تَقُومَ الساعَةُ، فلا يَخْلُو زمانٌ مِن وُجُودِ عُبَّادٍ للهِ سُبْحَانَه وتَعالَى، يَعْبُدونَه ويُوَحِّدُونه إلى أنْ تَقُومَ الساعَةُ.
(الَّذِي لاَ يَخْلُو مِنْ عِلْمِهِ مَكَانٌ) يَعْلَمُ ما في السماواتِ وما في الأرْضِ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وِلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}.
فهو يَعْلَمُ سُبْحَانَه وتَعالَى ما كانَ وما يكونُ، ويَعْلَمُ كلَّ شيءٍ، لا يَخْفَى عليه شيءٌ: {إِنَّ اللهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ}.
عَلِمَ ذلك سُبْحَانَه وتَعالَى في الأَزَلِ، ثُمَّ كَتَبَ في اللوحِ المحفوظِ كلَّ شَيْءٍ، وهو يَعْلَمُ سُبْحَانَه وتَعالَى دائِماً وأبداً، لا يَنْفَكُّ عن عِلْمِه سُبْحَانَه وتَعالَى، فالعلم صِفَةٌ أَزَلِيَّةٌ أبديَّةٌ للهِ سُبْحَانَه وتَعالَى، عِلْمُه في كلِّ مكانٍ، هو سُبْحَانَه وتَعالَى في السماءِ فَوْقَ العَرْشِ، وعِلْمُه في كلِّ مكانٍ جلَّ وعلا، لا يَخْفَى عليه شيءٌ مِن مخلوقاتِهِ، وأرْضِه، وسماواتِهِ، ولاَ في الماضِي، ولا في المُسْتَقْبَلِ، يَعْلَمُ ما كانَ وما يكونُ، وأينَ يكونُ، وكيفَ يكونُ، لا يَخْفَى على عِلْمِهِ شيءٌ {عَالِمِ الْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.
ففَرْقٌ بينَ ذاتِه سبحانه وعِلْمِه؛ ذاتُه: في العُلُوِّ فوْقَ السماواتِ، وأما عِلْمُه فهو في كلِّ مكانٍ، لا يَخْلُو مِنه مكانٌ.

س6: اشرح قول المؤلف رحمه الله: (ولا يشغله شأن عن شأن).
(وَلاَ يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عن شأنٍ) يعني: عَمَلٌ عن عَمَلٍ، يَخْلُقُ، ويَرْزُقُ، ويُحْيِي، ويُمِيتُ، ويُعِزُّ، ويُذِلُّ، ويُفْقِرُ، ويُغْنِي.
فهو سُبْحَانَه وتَعالَى يُدَبِّرُ أمْرَ مخلوقاتِه، ولا يَشْغَلُه عَمَلٌ عن عمَلٍ، بخلافِ المخلوقِ؛ فإن المخلوقَ إذا اشْتَغَلَ بعمَلٍ فإنه لا يُمْكِنُ أن يَنْشَغِلَ بعمَلٍ آخَرَ، أمَّا اللهُ جلَّ وعلا فَلاَ يَشْغَلُه عمَلٌ عن عمَلٍ؛ وذلك لكمالِ قُدْرَتِه سُبْحَانَه وتَعالَى وكمالِ عِلْمِه.

س7: اشرح قول المؤلف: (لا تمثله العقول بالتفكير) .
معناهُ :أنَّ القلوبَ تَعْجَزُ عنْ أنْ تَصِلَ إلى مثلِ تَمْثِيلِهِ ، وَلَعَلَّ الدليلَ على ذلكَ قولُهُ تَعَالَى: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} ، أيْ: مَهْمَا فَكَّرُوا ، وَمَهْمَا سَأَلُوا لا يُحِيطُونَ بهِ عِلْمًا ، يَعْجَزُونَ عنْ أنْ يُحِيطُوا بهِ ، يَعْنِي: أنْ يُحِيطُوا بِمَعْرِفَتِهِ، أوْ يُحِيطُوا بِذَاتِهِ ، يَعْجَزُونَ عنْ أنْ يُمَثِّلُوا بِعُقُولِهِم ذَاتَهُ سُبْحَانَهُ.
كذلكَ لا تُحِيطُ بهِ الظُّنونُ ولا العقولُ بالتَّفكيرِ ، ومنْ أَدِلَّةِ ذلكَ قولُهُ تَعَالَى: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ} ، أيْ: لا يَصِلُونَ إلى عِلْمٍ منْ صِفَتِهِ إلاَّ بِمَا أَوْصَلَهُ إليْهِم ، فإذا لمْ يَشَأْ لَنْ يَسْتَطِيعُوا أنْ يَصِلُوا إليهِ ، وكيفَ يَعْلَمُونَ صِفَةَ ذَاتِهِ سُبْحَانَهُ معَ أنَّهُ قد احْتَجَبَ عنْ أنْ تَصِلَ إليهِ العُلُومُ ، أو الأوهامُ ، أو التَّفكيراتُ ، أوْ نَحْوُهَا

(يُتبع)

  #7  
قديم 9 ذو القعدة 1431هـ/16-10-2010م, 03:25 PM
زكريا يونس محمد زكريا يونس محمد غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: -
المشاركات: 136
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



سأبدا - بحول الله -
في تلخيص الفوائد من شرح الشيخ الغفيص
فلم يسبق لي الاستماع لشرحه :


فوائد من الدرس الأول :




1 - ما جاء في مقدمة خطبة اللمعة هي عبارات مجملة في تقرير مقام الربوبية، وهي وأمثالها مما يذكر في كتب أصول الدين، و جميع المسلمين يقرون بهذه الجمل من حيث معناها الكلي، وإن كانوا على درجات متفاوتة في تحقيقها، بحسب قربهم من السنة وهدي صاحبها .

2 - تقسيم التوحيد حسب مصطلحات العلماء هي ، إما يقولون : ثلاثة أقسام ( ربوبية و ألوهية وأسماء وصفات ) ، وإما يقولون ( توحيد إثبات وتوحيد طلب ) ، وهي وإن اختلفت في الاصطلاح فإنه لا مشاحة في الاصطلاح مادامت تؤدي نفس المعنى ،
سواء قسموا التوحيد إلى قسمين أو إلى ثلاثة أقسام، فهذا كله اصطلاح لا مشاحة فيه، إذا صحت المعاني واتفقت، فمثل هذه المصطلحات ليست من السنة اللازمة التي يجب على جميع المسلمين الالتزام بها، وإنما الذي يجب على المسلمين أن يلتزموا به هو: تحقيق التوحيد.

3
- توحيد الألوهية من حيث الأصل مُسلم به عند سائر المسلمين، ولا أحد من المسلمين يقول: إن صرف العبادة لغير الله صحيح، أو مما يؤذن فيه، أو مما يسوغ. وإن كان أهل البدع قد فتحوا المجال للأقوال والأفعال الشركية بتوسعهم في باب التأويل، ولا سيما عند الطائفتين الشيعية والصوفية.

4- في باب الأسماء والصفات، فإن المسلمين اختلفوا في مناطه اختلافاً معروفاً، وإن كان أصل بابه مجمعاً عليه بين المسلمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [ وقد اتفق المسلمون على أن الله سبحانه مستحق للكمال منزه عن النقص، وإنما اختلفوا في تحقيق المناط ]

5 - المقصود بالمناط وأصل الباب في باب الأسماء والصفات :
قال الشيخ يوسف الغفيص : [
المراد بأصل باب الأسماء والصفات هو: أن الله سبحانه وتعالى مستحق للكمال، منزه عن النقص، وهذا القدر مجمع عليه بين سائر طوائف المسلمين]
- والمراد بالمناط في باب الصفات : [
تحقيق المناط أن المسلمين اختلفت طوائفهم: ما هو الكمال؟ وما هو النقص؟ فالذي عليه الصحابة رضي الله عنه والأئمة من بعدهم أن تحقيق الكمال هو بإثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأن ينفى عنه سبحانه وتعالى كل نقص، مما صرح الله بذكره في كتابه أو لم يصرح بذكره، فهذا هو الكمال عند أهل السنة والجماعة. وذهبت المعتزلة إلى أن الكمال: هو في نفي الصفات. وذهبت الأشاعرة إلى أن الكمال في نفي صفات الأفعال التي يسمونها: حلول الحوادث... إلى غير ذلك من الطرق التي ابتدعت، وحصل بها شر، وفتنة، وبلاء ] .

6-
من أخص أصول أهل السنة والجماعة في هذا الباب هو: الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وآله وسلم

7 - الفرق بين النفي والاثبات :
مقام الإثبات أصل ذكره في القرآن والحديث على التفصيل، وأما مقام النفي فإن الأصل في ذكره الإجمال، ولهذا فإن الله تعالى فصل ذكر الأسماء والصفات، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
المقام الأول: مقام الإثبات؛ لا يمكن أن نثبت لله اسماً أو صفة ليس في الكتاب والسنة.
والمقام الثاني: مقام النفي؛ يمكن أن ينفى عن الله نقص لم يصرح بنفيه في القرآن. ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولا يقتصر في باب النفي على ما ذكر تفصيلاً في القرآن أو في السنة، فإنه يسير، بل كل نقص فإنه ينفى عن الله)




انتهى الدرس الأول ..



  #8  
قديم 12 ذو الحجة 1431هـ/18-11-2010م, 11:04 AM
زكريا يونس محمد زكريا يونس محمد غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: -
المشاركات: 136
افتراضي

تلخيص فوائد الدرس الثاني

من شرح الشيخ الغفيص






1 -
كل ما جاء في القرآن أو صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من صفات الله، فإنه يجب الإيمان به، وتلقيه بالتسليم والقبول، وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل، وهذه القاعدة متفق عليها بين أئمة أهل السنة والجماعة، وحروفها التي ذكرها في هذه القاعدة هي في الجملة حروف بيِّنة.

2- يحتج بمتواتر السنة وبأحاديثها الأحاد الثابتة بالسند الصحيح هذا ما عليه أئمة السنة خافاً لما عليه أهل البدع من المتكلمين كالمعتزلة والأشاعرة ومن نحا نحوهم من الأصوليين .

3 - مصطلح التأويل يأتي بمعنيين : أحدهما حق وهو بمعنى التفسير كما في قوله تعالى (
وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) ، ويأتي بمعني حقيقة الشيء كما في قوله سبحانه ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) أي: حقيقته .

ويأتي بالمعنى الآخر الباطل وهو الذي ذمّه أهل العلم وهو
ما اصطلح المتكلمون عليه، من صرف اللفظ عن الحقيقة إلى المجاز لقرينة، أو صرف اللفظ عن ظاهره إلى مؤوله لقرينة أو صارف.. فهذا هو المذموم .

4 - معنى كل ٍ من التشبيه والتمثيل والفرق بينهما من شرح العلامة ابن عثيمين :
أ -
التشبيهُ: إثباتُ مشابِهٍ للهِ فيما يَخْتَصُّ بهِ مِنْ حقوقٍ أوْ صفاتٍ، وهوَ كُفْرٌ.
والتمثيلُ: إثباتُ مُمَاثِلٍ للهِ فيما يَخْتَصُّ بهِ مِنْ حُقُوقٍ أوْ صفاتٍ، وهوَ كُفْرٌ
والفرقُ بينَ التمثيلِ والتشبيهِ: أنَّ التمثيلَ يَقْتَضِي المساواةَ مِنْ كلِّ وَجْهٍ بخِلافِ التشبيهِ.


  #9  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 06:29 AM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
[ فوائد من شرح لمعة الاعتقاد ]
لفضيلة الشيخ/ أحمد بن عمر الحازمي-حفظه الله تعالى-

[الشريط الأول]
1- ذكر المختصرات في تراجم من ندرس له المراد به أن يكون ثَمَّ اقتباس واقتداء من طلاب العلم بالأئمة المتقدمين ، فأما العلم يختلف من زمانٍ إلى زمان ومن مكان إلى مكان ، وكما أن الدين يدخله نوعٌ من الغربة كذلك طلب العلم والمنهجية في طلب العلم يدخلها شيءٌ من الغربة ، ولذلك ذكر بعض أهل العلم أن العلم كما هو معلوم رفعه في آخر الزمان من أشراط الساعة ، ولا يمكن أن يرفع العلم إلا بارتفاع طرق تحصيل العلم ، فترفع أولاً طرق تحصيل العلم ، ويبذل الساعي ما يبذل لكنه لا يُحَصِّلُ شيئًا من العلم ، ثم بعد ذلك يكون العلم على جهة الثقافات وتنويع المعارف كما هو موجودٌ في كثيرٍ في الساحة الآن ، وقَلَّ من يُوجَد من أهل العلم لمن كان على سنن المتقدمين ومن كان على طريقة الأئمة الأعلام كشيخ الإسلام ابن تيمية ، ومن قبله ومن بعده .

2- كان في السابق لا يوجد البدعة الْمُحْدَثة الآن - لا أقول : البدعة الشرعية - البدعة الْمُحْدَثة وهي بدعة التخصص ، هذه لم تكن عند أهل العلم السابقين يأخذ من كل فن ، لأن الشريعة من حيث تلقي الأحكام الشرعية والوصول إلى الثمرة لا تتجزأ ولا تتبعض ، فبعضها يخدم بعضًا ، والعلوم مترابطة وإذا حاول من يريد الفصل بين العلوم بين الفقه وأصوله ، بين الأصول واللغة ، بين اللغة والأصول والفقه ومصطلح الحديث فلن يجد له سبيلاً ، لأن هذه العلوم كلها مترابطة وكلها يخدم بعضها بعضًا ، ولذلك قسم أهل العلم العلوم الشرعية إلى قسمين : علوم آلة وهي كاسمها آلة بمعنى أنه يقصد إلى غيرها ، يعني : ليست مقصودةٌ لذاتها ، وإنما هي مقصودةٌ لغيرها ، وعلم المقاصد ، علم المقاصد نوعان : علمٌ هو فرض عين ، وهذا يستوي فيه طالب العالم مع العامي حينئذٍ لا يحتاج إلى علوم آلة ، وعلم آخر وهو فرض كفاية قد يكون ثَمَّ اشتراكٌ بين العامي وطالب العلم في بعض فروض الكفايات ، وأما ما يُنْدَر تحصيله ليكون مجتهدًا في العلوم الشرعية وليكون له اليد الطولة في كل فن هذا لا يمكن إلا بتحصيل علوم الآلة ، فحينئذٍ لا انزعاج من جعل علوم الآلة شرطًا في تحصيل المقاصد ، وهذا لا خلاف بين أهل العلم السابقين ، وإنما وقع الآن نزاع بسبب التخصصات التي وردت من أجل الأنظمة من الجامعات والمعاهد ونحو ذلك فجاءت التخصصات وفصلت بين العلوم ، حينئذٍ وقع الطلاب في حيرة هذا يتخصص ابتداءً من أول طلب العلم في الحديث ، وآخر في الفقه ، وثالث في الأصول ، ورابع وخامس ثم النتيجة لا شيء ، فنقول : طريقة أهل العلم وهي الجادة الجمع ، ولذلك مثال معنا ابن قدامة رحمه الله تعالى معروفٌ بالاجتهاد والإمامة في الفقه ، وصاحب (( المغني )) ، و (( المغني )) كاسمه ، حينئذٍ إذا أطلق ابن قدامه انصرف في الذهن الكتاب الجليل العظيم الذي يعتبر مرجعًا للأمة كلها الإمام ما من عالم إلا ، والنظر في هذا الكتاب يعتبرًا شرطًا عنده وطمأنينة قلبه لا يستريح إلا وأن ينظر في هذا الكتاب ، انظر ماذا يقول أهل العلم في ترجمة هذا الإمام الجبل .

3- لا يكاد تجد من تراجم أهل العلم المعتبرين لا يكاد تجد إلا وقد ذكر أنه قد أخذ علم كذا ، وعلم كذا ، وعلم كذا ، إذًا الشمولية في طلب العلم والتحصيل هذا أصل من أصول التمكن في العلم الشرعي ، ولن يكون الشخص إمامًا في العلم الشرعي ولن يكون مرجعًا للناس في الفتية إلا إذا جمع علمه من عدة علوم ولم يفرق بين علمٍ وعلمٍ آخر ، والتفرقة هذه تفرقةٌ حادثة ، بل نقل بعضهم وإن كان من المعاصرين إجماع أهل العلم على أن المتخصص في فنٍ ما ولا يعرف سواه أنه ليس من أهل العلم ، لماذا ؟ لأنه مقلد ، وإذا كان مقلدًا فقد نقل ابن عبد البر رحمه الله تعالى أن المقلد ليس من أهل العلم بالإجماع ، لأن الترابط بين الفنون لا يمكن فصله ، وكما ذكرنا التفسير مثلاً من أراد أن يدرس التفسير وأن يكون عنده ملكة حينئذٍ لا بد على الوقوف على شيءٍ من علم القراءات ، ولا بد على الوقف على كثير من مسائل اللغة ، ولذلك قال السيوطي رحمه الله تعالى أظنه في (( همع الهوامع )) أو غيره أنه بالإجماع لا يحل لأحدٍ أن يقدم على تفسير كتاب الله عز وجل حتى يكون مليًّا باللغة مليًّا ليس عنده (( الآجرومية )) فقط ونحوها ، لا حتى يكون مليًّا ، يعني : متشبعًا بعلم اللغة ، فعلم اللغة أساس في فهم الشريعة ، لن يفلح ولن هنا زمخشرية لن يفلح طالب علمٍ في تفسيرٍ أو فهم المقاصد إلا إذا أقام علمه على جملةٍ من علوم اللغة ، وعلى جهة الخصوص والترتيب النحو أولاً ، ثم الصرف ، ثم البيان ، وهذه مشاعةٌ في كتب التفسير ولا تجد تفسيرًا إلا وفيه إعراب إلا وفيه نكات بيانية إلا وفيه من البديع الشيء الكثير .

  #10  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 06:30 AM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي


4- قد يقف البعض مع العلم عدد سنين كما ذكرت ويكون مبتدئًا في العلم ، والسبب في هذا هو ما ذكرته لكم أن المنهجية لم تكن على الجادة التي سلكها أهل العلم السابقون حينئذٍ لا بد من تصحيح المفاهيم .

5-عند ترجمة العلامة/ ابن قدامة المقدسي-رحمه الله تعالى-قال: كان كثير الحياء هينًا لينًا متواضعًا جوادًا سخيًّا ، متواضعًا عند الخاصة والعامة ذا أناةٍ وحلمٍ ووقار ، وهذا يذكر من أجل ماذا ؟ من أجل أن البعض قد يقع عنده نوع تقصير من طلاب العلم في التعبد لله عز وجل ، لا شك أن العلم عبادة ، والعبادة مفتقرة إلى شرطين : إخلاص ، والمتابعة . إذا كان ثَمَّ ضعفٌ في الإخلاص في التوجه في طلب العلم حينئذٍ كيف يحسن في طالب العالم أن يسير في هذه العبادة ؟ ثَمَّ خلل ، يعني : قد يقع في الإنسان أو يقع في نفس الإنسان بأنه صلى مرائيًا أو صام مرائيًا أو قام الليل مرائيًا ، لكن لا يرد ذلك في شأن العلم ، يعني : لا يجد شكوى من نفسه في طلب العلم ، وهذا والله أعلم في حدِّ نظري أنه يَبْعُد عن ذهن الطالب أن العلم عبادة ، يعني : يغيب عن الذهن بأن العلم عبادة ، لأنه إذا ذهب وخرج منذ أن يخرج من بيته إلى أن يجلس ثم يعود أنه في عبادة ، وهذا كما ذكرت إذا غاب عن ذهن الطالب حينئذٍ ضعف تحقيق شرط الإخلاص في هذه العبادة العظيمة ، ولذلك كما ذكر أهل العلم أن الله عز وجل لم يأمر نبيه r بطلب زيادةٍ من شيء إلا من العلم ، وأمر به وأثنى على العلماء وأثنى على العلم ، ومن ضوابط العبادة عند أهل العلم أن كل ما أثنى الله تعالى عليه أو مدحه أو مدح أهله أو أمر به سواءٌ كان الأمر على جهة الإيجاب أو الاستحباب حينئذٍ تكون النتيجة بأن هذا القول أو هذا العمل أو هذا الترك عبادة لله عز وجل ، وهذا كما ذكرت قد يغيب عن ذهن بعض طلبة العلم ، ينبني على ذلك استحضار التعبد في جميع سلوك طالب العلم ، ولذلك في قوله تعالى : ﴿ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ ﴾ [ البقرة : 282] . وإن كانت هذه مفصلة لكن بعضهم يجعل الواو هنا عاطفة فيجعل التقوى شرطًا في صحة العلم ، وهذا لا شك فيه أنه صحيح لكن لا يكون العكس هو المتصور في الذهن طالب العلم ، بعض الطلاب يظن أنه لن يكون متقيًا أو ما ذكر من الأخلاق في أخلاق أهل العلم إلا بعد أن يحصل ويحصل من العلم الشرعي ، وهذا فهمٌ خاطئ لا ، وإنما يكون تصحيح السلوك مع الإقدام على العلم الشرعي ما أن يعلم مسألة سواءٌ كانت عقدية أو عملية أو أخلاقية بمعنى أنها مرتبطة بالسلوك حينئذٍ إلا ويعمل بها ، ما فائدة العلم إذا لم يكن ثَمَّ عملٌ بالعلم ؟ حينئذٍ كل ما تجد في تراجم أهل العلم من التعبد وما يذكر من الأخلاق والتضحية في شأن العلم وفي شأن التعامل مع الناس وأخلاقهم مع الناس هذه تجدها مطردة في كلام أهل العلم في تراجم أهل العلم ، وهذا لم يأت هكذا عبسًا ، وإنما يأتي منذ أن يشرع طالب العلم في تحصيل العلم واستحضر أنه عبادة حينئذٍ هو ملزمٌ بأن يعمل بكل ما يعلمه ، وإلا كان العلم عليه ، حجةً عليه لا له ، إذًا هذه من أخلاق ابن قدامه مع كونه متفننًا في الفنون ومع كونه منشغلاً بالعلم مع كونه يصنف صباح مساء مع تعليمه وتعلمه ونحو ذلك ، كان كثير الحياء هينًا لينًا متواضعًا جوادًا سخيًّا متواضعًا عند الخاصة والعامة ، ذا أناةٍ وحلمٍ ووقار .

6-ينبغي أن يستحضره طالب العلم ، وأن يقرأ تراجم أهل العلم بعد النظر في سيرة النبي r وهي الأصل في الاقتداء ، وإنما يُنظر في تراجم أهل العلم من أجل أن يكون ثَمَّ إثارةً للهمة التي تتعلق بطلب العلم ، فطالب العلم بدون الهمةلاشيء،وهذهالهمةقدنصابنالقيمرحمهاللهتعالىفي((المدارج)) على أنها مرتبطة بالإيمان ، وهذا يدخل فيما ذكرنا من كون العلم عبادة ، يعني : بعض طلاب العلم تكون عنده همة في وقتٍ ، ثم فإذا بها تضعف ثم تضعف حتى قد يترك العلم ، نقول : ما السبب في هذا ؟ ثم بعد ذلك قد يحضر مجالس علم أو ينظر في تراجم فإذا بالهمة ترجع كما كانت هذا التذبذب وهذا التناقص سببه كما نص عليه ابن القيم رحمه الله تعالى في منزلة الهمة في (( مدارج السالكين )) أن الهمة مرتبطة بالإيمان ، ما معنى هذا الكلام ؟ الهمة مرتبطة بالإيمان ، والإيمان عند أهل السنة والجماعة أجيبوا
.....
يزيد بالطاعة وينقص بالمعاصي ، إذًا الهمة تزيد بالطاعة ، فإذا نقصت حينئذٍ لا بد من النظر في حال طالب العلم ، وهذا كثرة الكلام هي التي أضاعت علينا الكثير والكثير ، كلمة مثل هذه من ابن القيم رحمه الله تعالى حينئذٍ تصحح مناهج كثير من المسلمين من طلاب العلم على جهة الخصوص ، همةٌ مرتبطةٌ بالإيمان ، كلما زاد الإيمان زادت الهمة وارتفعت ، وكلما نقص الإيمان نقصت الهمة ، لماذا ينقص الإيمان ؟ لترك الطاعات والوقوع في المعاصي ، بماذا يزيد الإيمان ؟ بفعل الطاعات .


إيماننا يزيد بالطاعات(

ونقصه يكون بالزلات(


إذًا الهمة كذلك تزيد بالطاعات ونقصها يكون بالزلات ، وهذا لا بد من العناية به.

  #11  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 06:33 AM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي


7- لا بد أن يكون طالب العلم يشعر نفسه بأنه مغاير ، وهذا ليس فيه إشكال ، يعني : نجد من طلاب العلم واعتذر عن هذه الكلمة أن أخلاقهم وأحوالهم ومحافظاتهم على الأوقات هو والعامي سواء ، وتأملوا تجد كثير من طلاب العلم إلا من رحم الله أنه وأن حاله مثل عامة المسلمين ، وإذا أرادت أن تقف بنفسك على هذا انظر في المناسبات العظيمة انظر رمضان إذا دخل وخرج انظر حال طالب العلم حاله هو حال العامة ، وإذا جاءت العشر الأول من شهر ذي الحجة مثلاً والحج تجد حاله حال العامة ، فكذلك إذا جاءت الإجازات مثلاً طالب العلم الأصل إنه إذا شُغل وهذا أمر ضروري يُشغل أيام العام مثلاً في دراسةٍ وظيفةٍ ونحو ذلك ، لكن إذا جاءت الإجازة الأصل فيها أنه ينام أو يحترق ؟ الأصل أنه يحترق ، بمعنى أنه يحترق في العمل في التعويض ، لكن تجد أن طلاب العلم مثل العامة سهر الليل ثم ....# 25.14 في النهار ثم نوم ، وتجد من طلاب العلم من ينام عن الظهر وعن العصر ويجمع ولا أدري يقصر أو لا ، نقول : هذا كله سببه ماذا ؟ أنه لا يُشْعِرُ نفسه بأنه مغاير ، يا أخي الكريم يا من يريد طلب العلم أنت إذا وضعت قدمك في طلب العلم أنت في عملٍ جليل شريف لا يساويك أحدٌ البتة ، أنت تسلك مسلك الأنبياء والرسل ، الأنبياء والرسل ما بعثوا إلا بالعلم ، والعلم أصل التوحيد ، دعوة الناس قائمة على العلم الشرعي الصحيح ، وهذا لا يُنال بالنوم ، ولا ينال براحة الجسد ، وإنما لا بد من الاحتراق ، ولذلك قيل : من كانت بداياته محرقة كانت نهايته مشرقة . فهذا ينبغي أن يتنبه له طالب العلم أن حاله والمحافظة على وقته والنظر في تعامله مع الناس ، والنظر في قبل ذلك تعامله مع ربه جل وعلا في التمسك بقيام الليل وصيام النهار ونحو ذلك ، ولا يُنْظَرُ نَظَرًا قاصرًا إلى ما يرد عن بعض السلف أنه يقال : ليس بعد الفرائض أفضل من العلم . وهذا صحيح ، ليس بعد الفرائض أفضل من العلم ، يفهمها بعض الناس الآن معناه أترك كل نافلة واشتغل بالعلم ، وليته يشتغل بالعلم صباح مساء لا حضور درس بين المغرب والعشاء ، ثم جلوس إلى الساعة الحادية عشر ، ثم الجوال إلى آخره كما هو المعلوم من حياة كثير من الناس ، هل مراد الشافعي ومراد الإمام أحمد وغيره من أهل العلم هو هذا لطالب العلم يترك جميع النوافل ثم لا يشتغل بالعلم بهذه الحجة أنه ليس بعد الفرائض أفضل من العلم ؟ نقول : لا ، ليس الأمر كذلك ، أعظم دليل يدل على هذا أنهم ما أرادوا به ما يفهمه الكثير من طلاب العلم ، انظر إلى تراجم من قال هذه العبارة ، يعني : الإمام أحمد يرى هذا الكلام ، ونُقِلَ عنه نقولات متعددة مختلفة بألفاظٍ متباينة في كثير ممن ترجم له ، حينئذٍ نقول : انظر في ترجمة الإمام أحمد كيف هو مع التعبد ؟ انظر في ترجمة الإمام الشافعي كيف هو مع التعبد ؟ ترى العجب العجاب كما يقال ، بمعنى أن هذه الترجمة هي التي تفسر هذه الجملة ليس بعد الفرائض أفضل من العلم ، نعم إن وقع تعارض بين طلب تحصيل علم ونافلةٍ حينئذٍ صار العلم مقدمًا ، وأما إذا لم يقع تعارض لا فالأصل أن الإنسان يأتي بالتعبدات يسلك مسلك النبي r يسمع النبي r كان يحافظ على قيام الليل إحدى عشرة ركعة ثم يقول : لا ، لا أقوم . ما فائدة هذا العلم ؟ نقول : لا . إذًا ليس بعد الفرائض أفضل من العلم يجب فهمها بفهم أحوال من قال هذه العبارة ، وهذا يكون في النظر في تراجم من ذُكر عنه أو نقل عنه هذا اللفظ .

8- طالب العلم ينبغي أن يعتني بتراجم أهل العلم وأن يجعلها نصب عينيه لا في تلقي الأحكام الشرعية ، وإنما يستفيد منها في شيئين اثنين :
أولاً : رفع الهمة ، ولذلك ذُكِرَ عن بعضهم : أن التراجم والنظر في أخبار الصالحين أحب إلينا من الفقه . يعني : عند التعب ، وعند الركود ونحو ذلك والملل والفتور يرجع طالب العلم إلى السير ، وهي لا شك أنها تُحِي الهمة وتذيبها في التحصيل .
وثانيًا : من فوائد النظر في السير والتراجم وخاصةً بعد أن وجد العلوم أو جدت العلوم في ضمن مصنفات ومختصرات ونحو ذلك النظر في المنهجية الصحيحة التي كان عليها أهل العلم وهي الجادة التي سلكها العلماء قديمًا وحديثًا ، ولذلك تجد من المعاصرين ممن له يدٌ طولى في العلم وإليه الفتوى والرجوع ونحو ذلك تجده قد جمع بين عدة فنون له في الفقه وله في الأصول وله في الحديث وله في اللغة وله في التفسير ، وما الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عنكم ببعيد .

9- معنى (( لمعة الاعتقاد )) البُلْغة من الاعتقاد الصحيح المطابق لمذهب السلف رضوان الله تعالى عليهم ، بُلْغَة ، يعني : لم يذكر كل الاعتقاد وإنما ذكر لك شيئًا من أمور الاعتقاد تبلغك وتصل بك إلى أن تكون على مذهب أهل السنة والجماعة ، لأن الكلام في أصول المعتقد على مرتبتين : كلامٌ في الأصول ، وكلامٌ في الفروع .
الأصل أن يُذكر الأصل العام ، ثم ينطوي تحته من المسائل ما لا حصر له ، حينئذٍ إذا ذكر الأصل كفى لك في حصول النسبة إلى معتقد أهل السنة والجماعة ، وأما جهل الفروع أو بعض الفروع التي لا تؤثر في إثبات الأصول فهذا يستفيد منه الناظر طالب العلم وغيره ، وأما العامة فلا .

10-الطريقة الصحيحة التي تأصل طالب العلم بأن ينظر طالب العلم إلى المتن ويقلب كل كلمةٍ منه بكلامٍ يستفيدٌ منه دون أن يُؤْتَى بالاعتراضات التي قد لا يكون لها وجه ، وإنما ينظر فيها من جهة معنى اللغوي وما ينطوي تحتها من معنى شرعيٍّ صحيح ، وخاصةً في باب المعتقد ، لأن المختصرات ينطوي تحت كل كلمة قاعدة أو أصل من أصول أهل السنة والجماعة ، وبعضها قد ينكر اللفظ ولا ينكر المخالف ، وحينئذٍ بهذا اللفظ يكون فيه ردٌّ على المخالف فيلزم منه ذكر القول المخالف ، لكن نحن لن نسير على هذه الطريقة ، يعني : لن نذكر أقوال المخالفين في هذه العقيدة ولا في غيرها إن شاء الله تعالى كل ما صنف في معتقد أهل السنة والجماعة يجب شرحه على ما يوافق معتقد أهل السنة والجماعة ، والعقيدة ليست بفقه ، يعني : الفقه لا شك أنه قد يأتي الشارح فيقول : المسألة فيها .. المياه ثلاثة فيها قولان .. إلى آخره ، ويذكر قَوْلَ ودَلِيلَ كُلِّ قول ويرجح .. إلى آخره ، لا نجري بدروس العقيدة مجرى الفقه ، فنقول : اليد ثابتة لله عز وجل وذهب الأشاعرة وذهب المعتزلة والجهمية ، هذا ليس بسديد ، وإن سلكه كثير من أهل العلم هذه نظرة خاصة به ، فليس بسديد أن تُشْرَح كتب المعتقد وخاصةً لمن لم يؤصل في مذهب أهل السنة والجماعة ويعرض له كأنه خلاف فقهي ، لا ، ليس ثَمَّ توافق بين الطريقتين الفقه الخلاف فيه خلاف تنوع وقد يكون خلاف تضاد والمسألة كلها داخلةٌ في باب الاجتهاد ، إذا اجتهد الحاكم فأصاب .. إلى آخر ما هو معلوم في محله ، وأما هنا لا ، هنا تقابل حق مع باطل ، بدعة وسنة ، حينئذٍ لا تذكر البدعة في مصاف السنة ، وإنما يذكر القول الحق فقط ، وأما النظر في أقوال أهل البدع فهذا يؤخذ من جهتين : أما أن يعاد الكتاب مرة أخرى فيكون تقرر عند طالب العلم معتقد أهل السنة والجماعة بأصوله وأدلته ، لأنها تحتاج إلى تأمل ، يعني : القواعد التي يذكرها أهل العلم في باب الأسماء والصفات ليست مفهومة بعضها [ على ] من مرةٍ واحدة ، إنما تحتاج إلى تقرير وتحتاج إلى أمثلة وتحتاج إلى أن تعاد مرة وأخرى ، حينئذٍ إذا أردنا فهم مخالفة المخالفين من أهل البدعة لمنهج أهل السنة والجماعة في التوحيد بأنواعه الثلاث إما أن يعاد الكتاب مرةً أخرى حينئذٍ يذكر في كل موضع القول المخالف ، وإما أن يسلك بالطالب المراحل التي يمكن أن تكون متدرجة مع كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهذا أَقْعَد عند طالب العلم يأخذ مثلاً (( لمعة الاعتقاد )) ويأخذ (( الواسطية )) و(( الطحاوية )) ونحو ذلك من حيث المتون وتدرس على طريقة أهل السنة والجماعة ، ثم إذا أراد أن يفهم ما عليه المخالفون لا ننظر إلى الفروع ، نقول : نفس القول الاستواء الاستيلاء . هذا فرع ، والنظر في الفروع دون إتقان الأصول هذا لا يفيد طالب العلم ، وإنما ترجع إلى الأصول التي بثق منها المخالفون ، لماذا قالوا : الاستيلاء ؟ إذًا ثَمَّ أصول قد انطلقوا منها حينئذٍ ندرس منهج المخالفين بدراسة هذه الأصول ، هذا تستفيده من كتابين عظيمين لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهما (( الفتوى الحموية )) وهذه قد ألفها من أجل أن يقرر أن ما جاء به من أن منهج أهل السنة في فهم الأسماء والصفات هو اعتبار الظاهر ، والمخالفون كلهم عن بكرة أبيهم يقولون : الظاهر غير موافق . وهذا الشبهة التي وقعت عندهم ، حينئذٍ ألف هذه الرسالة من أجل دعم مذهبه وهو مذهب أهل السنة والجماعة .
ثانيًا : بعد أن يتقن هذا هذه الفتوى (( الفتوى الحموية )) وإذا أضاف إليها تلخيص الشيخ ابن عثيمين جيد ينطلق إلى (( التدمورية )) وهي كاسمها فيها ست أو سبع قواعد ، هذه تنسف منهج المخالفين من أصله فيفهم ما عليه المخالفون انطلاقًا من هذه القواعد الستة أو السبع ، ثم لا بأس أن ينظر في كتب الأشاعرة إذا أتقن هذه المسائل ينظر في كتب الأشاعرة ولماذا أبطلوا هذه الأصول ونحوها

  #12  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 06:34 AM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي


11- والنهاية نهاية الكتاب هذه وإن كانت محمودة ومرغوبة وهي مما تتعلق بها الهمم لكن لا تكون هي النظرة الأولى لطالب العلم ، يعني : متى ننتهي من الكتاب ؟ ابتداءً قبل أن يبدأ ، أقول : هذا ليس بسديد ، ليس بمنهجٍ لطالب العلم ، هذا مثل العامة إذا فتح القرآن في رمضان يقرأ فإذا به يقدر ، نراه في المساجد هكذا يقدر متى ينتهي من سورة البقرة ؟ ومتى يصل إلى النصف ؟ وَمتى ومتى ؟ نقول : هذا لا ينبغي أن يكون طالب العلم على هذا ، وإنما درسك الذي أخذته هل فهمته أو لا ؟ ثم تأتي إلى الدرس الثاني هل فهمته أو لا ؟ إذا انتهيت من الكتاب على فهمٍ فأنت أنت ، وأما أن ينتهى من الكتاب ثم تكون المعلومات غير راسخة وهذا ليس بسديد.

12- مادة عقد في اللغة تدور على معانٍ ثلاث:
الأول : اللزوم .
والثاني : التأكيد .
والثالث : الاستيثاق .
قال تعالى : ﴿ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ ﴾ [ المائدة : 89] . ﴿ عَقَّدتُّمُ ﴾ إذًا فيه اللزوم وفيه استيثاق وفيه تأكيد ، وتعقيد الأيمان إنما يكون بقصد القلب وعزمه.

13- القاعدة الكبرى في باب المعتقد أن العقيدة توقيفية بمعنى أنها موقوفة توقيفية نسبة إلى التوقيف المراد به الوقف وهو المنع ، أليس كذلك ؟ حينئذٍ صارت العقيدة توقيفية بمعنى أن مدارها على السمع فلا يثبت شيء بأنه عقيدة إلا إذا جاء به النص ، وأما العقل فلا مجال له البتة هنا ، العقيدة ليس مجالها أو الرأي لا مدخل له في الاعتقاد ، والعقل ليس له مدخل في الاعتقاد ، ونفي مدخلية العقل هنا ليس من جهة الاستنباط هذا لا بد منه كيف نفهم الأوامر ؟ لا بد من إعمال الذهن ، لا بد من إعمال العقل ، ولكن هل هو مصدر تشريعي ؟ بمعنى أنه تؤخذ منه الأحكام من حيث التأصيل فنقول : أصل كذا مصدره العقل ؟ هذا الذي يمنعه أهل السنة والجماعة ، وأما كونه يفهم ما جاء في النصوص ونرد على أهل البدعة بأن الاستواء بمعنى الاستيلاء نقول : هذا باطل لأنه ورد وورد هذا إنما يكون من جهة الاستنباط وهو فهم العقل ، إعمال العقل الذي هو التفكير نقول : هذا لا ينازع فيه أحد ، وليت هو الذي ينفيه أهل السنة والجماعة ، وإنما الذي يُنفى أن يكون للعقل مصدرية بمعنى أنه تتلقى منه الأصول الشرعية ، هذا باطل لا في العقيدة ، ولا في الفروع ، لا في الأصول ولا في الفروع ، لا في العلميات ولا في العمليات ، على التعبيرين فلا تثبت العقيدة إلا من طريق الوحي والتعليم إذ لا أحد أعلم بالله بما يجب له وما يجوز وما يمتنع من الله ، الله غيب ، أليس كذلك ؟ الله غيب ؟ نعم غيب قطعًا ، حينئذٍ لا يمكن أن نحكم على فعلٍ يفعله إلا إذا أخبرنا هو ، ولا يمكن أن نسميه باسمٍ له إلا إذا أخبرنا هو ، وكذلك لا نصفه بوصفٍ إلا إذا أخبرنا هو ، أليس كذلك ؟ لأنه غيب وحينئذٍ لا يمكن الوصول إلى هذا الغيب لا بالعقل ولا بالمشاهدة ولا غير ذلك ، حينئذٍ نقول : لا يمكن أن نعرف ما أراده الرب جل وعلا مطلقًا في الشرع كله إلا من جهة الوحي ، إِذًا لا أعلمُ بِاللهِ من الله عز وجل ، وكذلك من المخلوقين لا أحد أعلم بالله من الخلق بما يجب له وما يجوز وما يمتنع من رسول الله r ، فانحصر حينئذٍ الطريق في الأحكام الشرعية عمومًا في المصدرين الاثنين وهما : الكتاب ، والسنة . زاد بعضهم الإجماع ولا إشكال فيه ، وأما القياس هذا فيه تفصيل.

14- المخالفة في الأصل مفضية بصاحبها إلى الوقوع في البدعة ثَمَّ مخالفة قد يأتي التمثيل لها ، قد يخالف في فرعٍ ولا يخالف في أصلٍ ، وقد يخالف في أصلٍ وفرع ، نقول : المخالفة في الأصول هذه مبدعة بصاحبها . يعني : يكون مبتدعًا ، وأما المخالفة في الفرع مع التسليم بالأصل فهذا ينظر في كل شخصٍ بحسبه ، قد يكون مبتدعًا وقد لا يكون كذلك.

15- التأليف والكتابة ليست شهوة عند أهل العلم ليست شهوة أريد أن أُأَلف فقط ؟ لا ، وإنما يؤلف من أجل أن يفيد غيره من أجل أن يصحح معتقد قد وقع فيه خلط بين العامة ثَمَّ حكمٌ شرعي غاب عن الناس ثَمَّ خلل في المعتقد ثَمَّ خلل في العبادة ... إلى آخره ، حينئذٍ يكتب ويؤلف لهذا الغرض.

16- باب المعتقد بابٌ دقيق من حيث المعنى ومن حيث القالب الذي يؤدي هذا المعنى ، يعني : ثَمَّ ألفاظ ومعاني ، الأصل في اللفظ أن يكون شرعيًّا بمعنى أن الشرع قد أتى به أو نطق به ، وأما إحداث ألفاظ لم يرد في الشرع فهذه فيها تفصيل.

  #13  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 06:34 AM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي


[الشريط الثاني]
17- ونحن نقول أهل السنة والجماعة : الله تعالى يسمع بصفة زائدة على الذات ، فالذات شيء والصفة شيء آخر . وأقول ما أجمل عبارة ابن جرير رحمه الله تعالى في هذه المسألة أن نقول : الاسم للمسمى كما قال الله تعالى ﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء ﴾ ، الأسماء لله ، إذًا الاسم للمسمى ، فالله تعالى أثبتها لنفسه لفظًا ومعنًىوأثبتها له رسوله r فهي توقيفية ولا مجال للعقل في إثبات اسم لله تعالى البتة لا يجوز بل هو حرام ، لماذا ؟ لأنه كما سبق في أول الحديث أن الله تعالى غيب بذاته وأسمائه وصفاته ، ولذلك فُسِّر قوله تعالى : ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ [ البقرة : 3] . يعني : بالله تعالى ، لأنه غيب وهو كذلك ، قال تعالى : ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [ الإسراء : 36] ، ﴿ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [ البقرة : 169] . فلا يجوز إثبات اسم لله تعالى لم يرد به الوحي المبين . قال ابن تيميه رحمه الله تعالى : الأسماء الحسنى المعروفة - يعني : التي عرفت في الشرع جاء بها الشرع - هي التي يدعى الله بها وهي التي جاءت في الكتاب والسنة وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها . إذًا لا يجوز إثبات اسم لله تعالى لم يرد به النص البتة لا في كتاب ولا في السنة ، وما يرد في كلام بعضهم مثل الصانع ونحوها ، فهذا يقال إنه من باب الإخبار ، وباب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات .

[الشريط الثالث]


18- صفات الله تعالى ثلاثة أقسام :
الأولى: صفة كمال مطلق؛ هذه ثابتة لله عز وجل ، لا خلاف بين أهل السنة الجماعة في إثباتها على وجه الإطلاق ، وذلك العلم والحياة والقدرة كلها والرحمة والمغفرة كلها ثابتة لله عز وجل على وجه الإطلاق ، وكل اسم دل على صفة فهي من هذا القبيل من هذا النوع الأول كل الصفات التي دُل عليها بالأعلام فهي داخلة في القسم الأول صفة كمال مطلق ثابتة لله تعالى على كُل وجه .

الثانية : صفة كمال مقيد؛ وأما الثاني وهو صفة كمال مقيد فلا يوصف الله تعالى بها إلا مقيدًا لو قيل لك : لماذا ؟ نقول : لأن الله تعالى هو الذي وصف به أو بها نفسه ، لأن القاعدة هنا أننا لا نصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، أو وصفه بها رسوله r ، حينئذٍ ما ورد مطلقًا أطلقناه وما ورد مقيدًا قيدناه فكما أنه لا يجوز تقييد المطلق كذلك لا يجوز إطلاق المقيد ، كلٌّ منهما له وضعه في الشرع ، فلا يقال : الماكر ، أو المستهزئ ، أو المخادع ونحو ذلك ، بل نقيد ذلك يمكر بالماكرين ويستهزئ بالمستهزئين وخادع المنافقين لأنها لم تأت إلا مقيدة .

الثالثة : صفة نقص مطلق؛ هذا واضح التي تكون صفة نقص من كل وجه مطلق هذا لا يوصف الله تعالى بها البتة كما ذكرنا الجهل والعجز والعمى ونحو ذلك ، وأما الصفات المدلول عليها بالأسماء فهي كمال بكل حال وهي داخلة في القسم الأول ، يعني : لا تفصيل فيها العلم والحياة والقدرة لا نفصل فيها فهي مطلقة لأنه متصف بها على جهة الإطلاق ، فكل صفةٍ دلت عليها الأسماء فهي صفة كمال مثبتة لله تعالى على سبيل الإطلاق وليس فيها تفصيل ، وإنما التفصيل يكون فيما يحتمل وجهًا من وجوه النقص وذلك فيما إذا أُطلق .

19- فالوسطية عند أهل السنة والجماعة في قضية العقل أن يقال العقل ليس مصدرًا للتلقي وإنما يُستعان به في الفهم والاستنباط فقط ، يعني : له مجال أعطاه الشرع مجال الاستنباط والفهم والتأمل والتفكر لذلك جاء ﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ [ البقرة : 44] ، ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ﴾ [ النساء : 82] إلى غير ذلك مما أُحيل فيه إلى العقل وهذا فيما جاء الشرع به ، وأما ما لم يرد به الشرع حينئذٍ العقل لا يشرع فليس عندنا إلا الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح ، والقياس يكونُ في الفرعيات لا في العقائد ، وإذا كان كذلك حينئذٍ العقل ليس مصدرًا من مصادر التشريع وليس مقدمًا على النقل بل هو تابع للنقل ولا تعارض بين النقل الصحيح والعقل الصريح .

20- الخلاف في الأسماء ضعيف ، يعني : الكلام في الصفات ودخول أهل البدع في الصفات أكثر من الأسماء ، الأسماء لم يذكرها إلا غُلاة الجهمية والمعتزلة ، أو لأن الخلاف في الأسماء ليس كالخلاف في الصفات إذ اختلاف الأسماء ضعيف حيث لم يُنكر الأسماء إلا غُلاة الجهمية والمعتزلة.

  #14  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 06:36 AM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي


[الشريط الرابع]
21- الفرض الكفائي فالنظر إلى الفعل لا إلى الفاعل ، فصلاة الجنازة المراد أن تحصل صلاة الجنازة ولا يشترط أن تكون من زيد أو عبيد ، إنما المراد فعل الصلاة فحسب ، ولذلك إذا فعلها البعض سقطت عن الآخرين.. فرض الكفاية فالمراد به الوصف دون الذات ، هذا من الفوارق العظام بين النوعين

22- رد التأويل والقول بأنه بدعة مطلقة ليس بصحيح ، بل التأويل فيه تفصيل ، منه ما هو حق ، ومن ما هو باطل . وهذا ينبغي أن يعتني به طالب العلم ونص على ذلك ابن القيم وغيره ، ألفاظ مجملة لا ينبغي ردها ولا قبولها بإطلاق لا بد من التفصيل . لفظ مجمل بمعنى أنه يشتمل على حق وباطل ، حينئذٍ لا تقول : هذا باطل بدعة ضلالة ، ولا تأت تقول : هذا حق من كل وجه ، وإنما تفصل وتعطِ كل نوعٍ حكمه الخاص في الشرع . ومثل ما سبق المتواتر ، المتواتر بدعة جاء به المعتزلة ، لا ، المتواتر إنما يراد به الوصف أو يراد به ما يترتب عليه من الحكم ، لا بد من التفصيل ، إن قلت : المراد به الوصف فقط وصف للأسانيد تكاثرت سميناه متواتر ، والتواتر هو التتابع ، هذا لا إشكال فيه ، وأما ما يترتب عليه من الأحكام بأنه لا يقبل في العقائد إلا المتواتر ونحو ذلك ، نقول : هذا حكمٌ مردود على صاحبه .

23- التشبيه لفظٌ لم يرد في الكتاب ولا في السنة بذمٍ أو مدحٍ أو نفيٍ أو إثبات ، ما جاء ، ما في الصفات لا بآية ولا بحديث ، هل النبي r مدح من نفي التشبيه أو أثبت شيء يتعلق بالتشبيه .
ثانيًا : أن التمثيل ورد نفيه صريحًا في القرآن ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [ الشورى : 11] ، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ نفي للمثيل ، وكل ما عبر به القرآن فهو أولى من غيره .

24- لفظ التشبيه يحتمل الحق والباطل ، فهو لفظٌ مجمل ، وإذا كان لفظٌ مجملاً طبقنا القاعدة لا نعلق نفي المطلق على اللفظ ولا إثبات مطلقًا ، فقولنا : بلا تشبيه هكذا نفي مطلق ، قل : لا ، ليس بصواب ، لأن ثم مشابهة بين الخالق والمخلوق في أصل الصفة ، بالمعنى العام كما سيأتي وهذا لا ينبغي نفيه . إذًا لفظ التشبيه يحتمل الحق والباطل ففيه إجمالٌ ، فلا يعرف المراد منه إلا بالتنصيص على المعنى المراد لا بمجرد إطلاقه ، كما هو الشأن في الألفاظ المجملة ، فنفي التشبيه على الإطلاق دون تعيين لا يصح ، نفي التشبيه على الإطلاق دون تعيين لا يصح لأن ما من شيئين في الأعيان أو في الصفات إلا وبينهما اشتراك من بعض الوجوه ، ولو بمجرد اللفظ ، ولذلك بعض الصفات تثبت للرب جل وعلى وبلفظها دون معناها تثبت للمخلوق ، فنثبت للمخلوق صفة السمع والرب جل وعلا موصوف بتلك الصفة . إذًا هذا مجرد مشابهة باللفظ ، موجودة المشابهة أصل السمع إدراك المسموعات قبل إضافته للخالق أو المخلوق ، السمع من حيث هو ما هو ؟ إدراك المسموعات ، هذا يثبت للرب جل وعلا ويثبت للمخلوق ، إذًا قدر مشترك مشابهة أو لا ؟ هذا مشابهة . لكن لما أضيف السمع إلى الرب انفك من حيث الكيفية ومن حيث المنتهى في المعنى ، وأضيف السمع للمخلوق حينئذٍ انفك من حيث الكيفية ومن حيث المعنى ، وأما مطلق الصفة فهو قدر مشترك ، وهذا نوع مشابهة ، فكيف حينئذٍ ننفي المشابهة ، نقول : لا ، المشابهة موجودة ، ما من شيئين في الأعيان أو في الصفات إلا وبينهما قدرٌ مشترك ، أنت لك قوة والفيل له قوة ، اللفظ واحد والقوة من حيث هي وصف موجود في المخلوق سواء كان إنسانًا أو غيره . إذًا ما من شيئين من الأعيان أو الصفات إلا وبينهما اشتراك من بعض الوجوه ، والاشتراك نوع تشابه ، فلو نفيت التشبيه مطلقًا لكنت نافيًا لهذا الاشتراك مع كونه حقًّا ، وهذا قرره ابن تيمية تقرير موسع في (( التدمرية )) فليرجع إليه .

25- فالتشبيه قسمان :
الأول : تشبيه مذموم ، وهو اشتراك الخالق والمخلوق في ما يختص بأحدهما . يعني : شيء اختص به الإنسان تثبته للرب ، تشبه الرب بالمخلوق ، أو شيء مختص بالرب تشبه الرب بالمخلوق فتثبته للمخلوق ، حينئذٍ ما اختص بالخالق أثبته للمخلوق هذا تشبيه ، وهو مذموم . شيءٌ اختص بالمخلوق أثبته للخالق هذا تشبيه وهو مذموم ، لأن كل منهما له خصائص ينفرد بها . المخلوق والخالق . إذًا الأول تشبيه مذموم وهو اشتراك الخالق والمخلوق في ما يختص بأحدهما .
الثاني : تشبيهٌ جائز في الأصل . وهو اشتراكهما الخالق والمخلوق في أصل معنى الاسم والصفة ، مقصود بهذا التعبير - انتبه - اللفظ قبل إضافته ، يعني : كلمة سمع مصدر ، ما المراد إدراك المسموعات قبل الإضافة قبل أن تقول : سمعُ الله وسمع المخلوق ، فثَمَّ اشتراك في المعنى قبل إضافته ، ثم إذا أضيف انفك كل منهما عن الآخر ، فإذا أضيف حينئذٍ صار هذا السمع مختصًا بالرب جل وعلا ، وهذا السمع مختص بالمخلوق حينئذٍ لا يثبت أحدهما للآخر ، فلو أثبته لدخلت في التشبيه المذموم وهو النوع الأول . إذًا المراد باشتراكه نفي أصل معنى الاسم والصفة هذا قبل الإضافة ، بحيث يلزم اسميهما وصفتيهما ما يلزم الصفة العامة لذاتها ، يعني : قبل الإضافة يعني : اشتراك كل منهما في أصل المعنى الذي وضعت الصفة للدلالة عليه في لغة العرب ، نرجع إلى لسان العرب ولذلك عقيدة أهل السنة والجماعة أن ظاهر النصوص مثبتة على أي مقتضى ؟ على ما اقتضاه اللفظ في لسان العرب ، فنرجع إلى لغة العرب السمع ما المراد به ؟ كذا ، القوة ما المراد بها ؟ كذا ، فنرجع إلى لسان العرب فننظر في معنى القوة ،ومعنى السمع ، ومعنى البصر من حيث هو ، فنثبت ذلك المعنى للرب جل وعلا ، فإذا انفك حينئذٍ نقول : لا يشبهه شيءٌ في ذلك . إذًا يعني : اشتراك في أصل المعنى الذي وضعت الصفة للدلالة عليه في لغة العرب ، وأيضًا فيه محذور من جهة أخرى وهو أن المبتدعة اصطلحوا على تسمية ما أثبت الصفات بالمشبهة ، أهل السنة والجماعة الذين يثبتون الأسماء والصفات على مقتضاها يسمون بالمشبهة ، فإذا : قلت بلا تشبيه يعني : بلا إثبات للصفات ، أليس كذلك ؟ إذا قلت : بلا تشبيه قد يصار هذا اللفظ مجملاً عند المتأخرين ، حينئذٍ نقول هذا اللفظ صار في الاصطلاح عندهم - باب البدعة - يطلق على من أثبت الصفات . وهذا صار محذورًا شرعيًّا ، لأن من لا يفهم إذا قيل : بلا تشبيه تبين للعامة ، وقد وضع في ذهن المشبهة هم الذين يثبتون الصفات ، حينئذٍ هدمت ما بُنِيَ ، وهذا غلط . إذًا فيه محذور من جهة أن المبتدعة اصطلحوا على تسمية من أثبت الصفات بالمشبهة ، فالتشبيه عندهم هو إثبات الصفات ، فلو نفي التشبيه أوقع في نفي إثبات الصفات وهو معنى فاسد ، فلا بد من اجتنابه . إذًا بلا تشبيه الأولى أن نقول بلا تمثيل ولا نعبر بالتشبيه مطابقة للشرع ، لأنه قال : ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [ الشورى : 11] إذًا كل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى عليه والسلام من صفات الرحمن ما حكمه ؟ وجب الإيمان به التصديق الجازم المستلزم للقبول العمل وتلقيه بالتسليم والقبول ، والشيء الثاني ترك التعرض له والتصدي له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل .

  #15  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 06:37 AM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي


[الشريط الخامس]
26-كل مبتدع ولا بد أنه يقف مع نص ، لا يكاد أن يوجد مبتدع له صلةٌ بالعلم الشرعي ويحدث بدعةً أو يعتقد بدعة إلا وله متكأ من آيةٍ أو حديث ، لا يكاد يوجد إلا وهو متكأ على آية أو حديث ، لا تجد هذه الآية نصًا صريحًا فيما ادعاه بل هي محتملة ، نعم قد تحتمل ما يذكرونه من البدع لكنه لم يرد المتشابه إلى المحكم ، يعني : وقف مع هذه المحتملات ، لاحتمال لفظه بما يصرفونه ، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه ، لأنه دافعٌ لهم حجةٌ عليهم ، ولهذا قال الله تعالى : ﴿ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ ﴾ . ﴿ ابْتِغَاء ﴾ ، يعني : طلب الفتنة ، أي : الإضلال لأتباعهم إيهامًا لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن وهو حجةٌ عليهم لا لهم ، كل من قرأ آية واستدل بها على بدعة نقول : ما شاء الله جاء بنص ؟ لا ، لا بد أن نفهم ما مدلول هذا النص في تأييد بدعتك أو قولك أو نحو ذلك ، أما مجرد قراءة الآية أو النظر في السنة أو قول صحابي أو نحو ذلك نقول : هذا مستندٌ صحيح ؟ لا ، لا بد أن يكون ثَمَّ تناسب بين هذا القول الذي قاله من بدعةٍ ونحوها ولو لم يكن بدعة بأن يكون مخالفًا لنصٍ أوضح منه حينئذٍ لا بد من النظر بين ترابط بين هذه الأقوال والنصوص ، وقوله : ﴿ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ ﴾ . ابتغاء تأويله أي : تحريفه على ما يريدون.

[الشريط السابع]
27-حقيقة الإتباع أن تفعل كما فعل النبي r ، ولذلك ذكر الفتوحي في شرح المختصر كلمةً مفيدة في بيان معنى الأسوة في قوله جل وعلا : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ . ﴿ أُسْوَةٌ ﴾ ما المراد بالأسوة ؟ قال هناك في الشرح : أن تفعل كما فعل لأجل أنه فعل ، وأن تترك كما ترك لأجل أنه ترك . هذه ينبغي حفظها لطلاب العلم ، تفعل أنت كما فعل النبي r ، لماذا ؟ لا تقل لأنه واجب وأنه رتب عليه كذا ، وقد تترتب العقوبة ونحو ذلك لا ، لأجل أنه فعل هذا كمال في التأسي ، لماذا فعلت ؟ لأن النبي r فعل بقطع النظر عن كونه واجبًا أو مستحبًا ، وأن تترك كما ترك ، لماذا ؟ لأنه محرم ، عيب ، الناس يرون ... إلى آخره ؟ نقول : لا ، لأجل أنه ترك لهذه العلة ، وهذا كلام جميل قاعدة جيدة.

28-احذر آراء الرجال وهي التي ليست مبنيةً على دليلٍ صحيح ، ومن هنا تعلم أن ما قد انشاع من ذم المتون الفقهية تقول : نزلها على هذه . القاعدة هي متون فقهية أريد بها اختصارًا وتلخيص العلم لنوعٍ خاص ، ليست للعامة لنوعٍ خاص من طلاب العلم من أجل أن يسلك المسلك الصحيح في التلقي من أجل أن يَتَرَقَّى في طلب العلم ، فيحفظ القول ثم بعد ذلك يذكر له دليله ، ثم بعد ذلك يذكر له الفقه المقارن نقول : هذه المتون كالزاد وغيرها هي آراء رجال ، لكنها مستندة إلى دليلٍ شرعي ، إذًا لم يحذر السلف من مثل هذه ، وإنما حذروا من آراء الرجال ومن الأحكام التي مبناها على الرأي ، ولذلك قسموا أهل أو قسموا أهل الفقه إلى قسمين : أهل الرأي مدرسة الرأي ، ويجعل على رأسه ربيعة ، ولذلك سمي ربيعة الرأي لأنه أكثر من القياس ، وتلميذه أبو حنيفة على طريقته ، ومدرسة أهل الحديث ، وجعلوا فيها الإمام مالك ، والشافعي ، والإمام أحمد ، إذًا الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد من مدرسة الحديث يقابلهم ماذا ؟ أبو حنيفة من مدرسة الرأي وليس مرادهم أن أبا حنفية يعتمد على رأيٍ ليس عليه مستند شرعي صحيح ؟ لا ، الإمام أبو حنيفة كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى : يكفي في تزكيته إجماع الأمة من يومه إلى عصر ابن القيم إلى يومنا هذا أنه لا يقال إلا الإمام أبو حنيفة . يكفي فيه أن يزكى بمثل هذه التزكية وأن مذهبه مذهب متبع في جميع العالم الإسلامي ، قد يتبعه بعضهم تقليدًا ، وقد يتبعه بعضهم بالنظر في قوله ودليله وما اعتمد عليه ، وقد يرجح قول أبو حنيفة وقد يرجح غيره ، إذًا ما ذكر من أن هذه المتون معتمدة على أدلة شرعية حينئذٍ لا ينبغي توجيه الذم إليها.

[الشريط الثامن]

29- الفقهاء يرون أن الإجماع أو بعضهم يرون أن الإجماع قد يقوم بلا مستند شرعي ، وهذا ليس بصحيح ، بل لا بد أن يكون ثَمَّ مستند شرعي قد ينقل هذا المستند وقد لا ينقل ، وأما الإجماع بنفسه دون نص شرعي لا يكون حجة شرعية ، لا تثبت به الأحكام لا العقدية ولا العملية ، يعني : لا ينظر إليه لا في إثبات حكم يتعلق بصلاة وصوم وزكاة وحج ولا في أحكام عقدية ، لأنه اتفاق باطل ولكن لما جاءت الأحاديث والنصوص دالة على أن اجتماع هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة . حينئذٍ لا بد من أن اتفاقهم يدل على أنه حق ، وهذا الحق لا يكون إلا منصوصًا ، ولذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحم الله تعالى في مسألة الإجماع يرى أنه لا يوجد إجماع إلا والنص منقول معه ، ليس عندنا إجماع لا مستند له ، وإنما يقول : قد بعض الفقهاء قد لا يدرك أن هذا الإجماع مستنده آية كذا أو حديث كذا ، فيقال : الإجماع ليس فيها دليل ، الإجماع على كذا وليس في المسألة دليل ، وعند ابن تيمية رحمة الله تعالى يقول : هذا ليس له وجود البتة ، وإنما المستند منقول قد يعقله البعض وقد لا يعقله بعض آخر .

30-باستقراء القرآن من أوله إلى آخره فوجدنا أن الله تعالى إما أن يثبت صفة له وإما أن ينفي صفة عنه على ما تقرر من أن الجملة الاسمية أو الفعلية قد تكون مثبتة وقد تكون منفية ، حينئذٍ انقسمت الصفات إلى صفة ثبوتية ، وإلى صفة سلبية منفية ، أقول : هذا التقرير لأن البعض ينازع في هذه القاعدة يقول : لم يتكلم السلف في مثل هذه الألفاظ . نقول : هذه الألفاظ دل عليها الكتاب والسنة ، لأن بعض المسائل قد لا يتكلم فيها السلف بمعنى أنه لم يوجد ما يقتضي أن يتكلم الصحابة أو كبار التابعين أو من بعدهم إلى أن تنزل نازلة حينئذٍ ينظر أهل العلم فيستنبطون بعض الألفاظ ويعبرون بها عن معتقد أهل السنة والجماعة ، فمنها هذا الذي ذكره ابن القيم وتبعه عليه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في (( القواعد المثلى )) أن الصفات تنقسم إلى قسمين : صفات ثبوتية ، وصفات منفية . وإن شئت قل : سلبية . دليله الاستقراء والتتبع ، والاستقراء والتتبع يعتبر حجة شرعية تثبت بها ، لكن الاستقراء والتتبع على نوعين : استقراء تام ، واستقراء ناقص .
تام بمعنى أنه ينظر في القرآن ولا يترك آية واحدة إلا ونظر فيها هذا استقراء تام وهو حجة شرعية ، فهو الاستدلال بالجزء على الكل .


وَإِنْ بِجُزْئِيٍّ عَلَى كُلِّيْ اسْتُدِلْ(

فَذَا بِالاسْتِقْرَاءِ عِنْدَهُمْ عُقِلْ(


حينئذٍ نقول : هو حجة شرعية ولا إشكال فيه ، وإنما الخلاف هل يفيد القطع أو الظن ؟
وللنوع الثاني : هو الاستقراء الناقص ، أن يستقرئ مثلاً نصف القرآن أو الثلثين ، هل يعتبر حجة أو لا ؟ هذا محل خلاف عندهم ، ولكن في باب المعتقد هنا الاستقراء كله تام ، ليس عندنا استقراء ناقص ، حينئذٍ نقول : تنقسم الصفات إلى نوعين : صفات ثبوتية ، وصفات سلبية . دليله الاستقراء والتتبع لنصوص الشرع ، وجهه أن القرآن نزل بلسان عربي مبين ، ومعلوم عند النحاة بإجماع أن الكلام إما جملة اسمية ، وإما جملة فعلية ، وأن كلاً من النوعين إما مثبت ، وإما منفي ، وقد جاء القرآن بلسان عربي مبين فمنه ما أثبته الله تعالى لنفسه ومنه ما نفاه ، ولذلك ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [ الكهف : 49] هذه جملة فعلية منفية [ نعم ] جملة فعلية منفية ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾ تقول : هذه جملة فعلية منفية ، ماذا دلت على أي شيء ؟ مثل مَا قَامَ زَيْد ، فيه نفي الظلم عن الرب جل وعلا ، ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ جملة اسمية ، أليس كذلك ؟ مثبتة أو منفية ؟ مثبتة ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ دل على إثبات الاستواء للرب جل وعلا ، ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ﴾ جملة فعلية مثبتة أو منفية ؟ مثبتة ، ما الذي دل على ذلك ؟ النظر لغوي هنا لا نحتاج أن يأتي نص فيقول : هذه الآية فيها إثبات صفة البقاء بقاء الوجه لله عز وجل ، أو فيها صفة إثبات الوجه لله عز وجل ، لا نحتاج بنص خاص لأن هذا مبحثه مبحث لغوي بحت فالنظر فيه حينئذٍ يكون نظر في الكتاب والسنة يكون مبناه على التأصيل اللغوي الذي أصله النحاة ، إذًا تنقسم صفات الله تعالى إلى قسمين : ثبوتية ، وسلبية . وكما ذكرت ونبهت على هذا أن بعض المعاصرين يشكك في هذه الجملة بأن الصفات تنقسم إلى ثبوتية وسلبية يقول : لم ينطق السلف بهذا . هو سلفي في المعتقد سلفي لكنه في باب التقعيد قد يفوته بعض الشيء لما ذكرنا سابقًا.

  #16  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 06:38 AM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي


31- ما يشاع الآن أهل السنة والجماعة ثلاثة فِرق :
ماتريدية .
وأشعرية .
وأهل الحديث .
باطل هذا ، لا يقول به من عرف حقيقة الأشاعرة أو عرف حقيقة المنهج السلفي .

[الشريط التاسع]
32-ثبت النزول لله عز وجل بالسنة وإجماع السلف من حديث الذي ذكره المصنف (حديث النزول لله تعالى) وهو من الأحاديث المتواترة ، ثَمَّ خلاف لأهل البدع في التفرقة بين الآحاد والمتواتر ، وهذا التفريق محدث ، يعني : بدعة كونه يصطلح على أن هذا الحديث يسمى متواترًا وهذا آحاد ، هذا لا إشكال فيه ، هذا اصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح ، أما إذا بني عليه حكم شرعي بأن هذا يقبل وهذا لا يقبل مع صحة السند نقول : هذا الحكم المبني على الآحاد والمتواتر هذا حكمٌ محدث ، ولذلك ما يذكر عن ابن القيم رحمه الله تعالى أنه أنكر هذا التقسيم متواتر وآحاد ، مراده والله أعلم ما تفرع عليه ليس عليه ، ولذلك ابن تيمية رحمه الله تعالى أحيانًا يعبر بالتواتر ، يقول : هذا متواتر ، وهذا حديث متواتر . إذًا يقر الاصطلاح ، حينئذٍ لا مشاحة في الاصطلاح ، وأما بناء حكم شرعي بأن هذا يقبل وهذا لا يقبل في تقرير العقيدة ثم نأتي بما نرده في باب المعتقد ونقبله في باب الأحكام الشرعية العملية ، فهذا محدث هذا تناقض ، ما دام أنه صح عن النبي r ووجد القيود وعملنا به في باب الصلاة والصيام والزكاة والحج ثم نأتي في باب العقيدة نرده ، هذا باطل ، من أبطل الباطل ، إذًا هذا الحديث يعتبر من الأحاديث المتواترة.

33- لا يقال في آيات الصفات ما يقال في آيات الأحكام ، لأنها آيات الأحكام على نوعين :
منها ما هو نص واضح بَيِّن في الدلالة على المراد .
ومنها ما هو محتمِل للظاهر وما دونه .
حينئذ إذا جاء دليل فصرفنا الظاهر إلى المعنى الباطن أو المرجوح ويكون لنص ، وهذا إنما يحتمل في الأحكام ، وأما في الأخبار ومنها آيات نصوص الصفات والأسماء فحينئذٍ تبقى على ظاهرها ، ويقال ظاهرها هو المراد ، ولا تحتمِل معنى باطنًا ولا يصح تحريف اللفظ عن ظاهره إلى ذلك المعنى الْمُدَّعَى ، وقد يكون ثَمَّ لفظ وله معانٍ متعددة في لسان العرب ، لكن لا ينبغي حمله إلا على ظاهره كما هو شأنه في اليد ، ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾ [ المائدة : 64] فاليد تطلق بمعنى النعمة ، وبمعنى القدرة ، وقد يكون المراد بها ظاهر اللفظ ، فيدل على أن الظاهر هو المتبادر ، وما عداه فهو معنى مرجوح ، ولا يمكن حمل اللفظ على معناه المرجوح إلا بدليل ، وقد دل دليل هنا على اعتبار المعاني الظاهرة ، دون المعاني المرجوحة ، ومنها الاستواء هنا ، المراد بالرب جل وعلا به العلو الخاص.

34- الصلاة دل الدليل الشرعي من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة على أن تارك الصلاة يعتبر كافر ، وهذا محل وفاق بين الصحابة ، وإنما الخلاف وقع عند المتأخرين ولذلك الخلاف هذا يعني : ينبغي لطالب العلم أن يحرر المسألة لا يلتفت إليها ، ولو كان الخلاف عند الأئمة الأربعة أو غيرهم ممن بعدهم لأنه إذا أجمع الصحابة على أمرٍ حينئذٍ أي قولٍ يكون أو ينشأ بعدهم فيعتبر مخالف للإجماع ، لذلك حكا عبد الله بن شقيق : لم يكن أصحاب محمد r أو رسول الله r يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة . هو ليس المراد به كفر أصغر يعني إذا قيل بذلك حينئذٍ لا يوجد كفر أصغر إلا ترك الصلاة ، وهذا باطل ، قتال المسلم هذا كفر أليس كذلك وقد جاء النص بذلك حينئذٍ يعتبر كفرًا أصغر قد جاءه للحصر في ماذا ؟ في ترك الصلاة فلا يحمل على الكفر الأصغر بل المراد به الكفر الأكبر ، ولذلك صح عن علي وعن عمر ومعاذ وابن مسعود أنهم قالوا من لم يصلّ فهو كافر . فدل ذلك على أن المراد بجنس العمل عند أهل السنة والجماعة في قوله عمل بالأركان المراد به الصلاة . إذًا الصلاة داخلة في مفهوم الإيمان الشرعي فمن لم يأت بالصلاة حينئذٍ لم يأت بالإيمان الشرعي ليس بمؤمن .

[الشريط الثالث عشر]

35- س : نريد منكم منهج لطالب العلم في العقيدة يسير عليه .
ج : العقيدة واضحة بينة ، يعني : دراسة كتب شيخ الإسلام محمد عبد الوهاب رحمه الله تعالى (( الأصول الثلاثة )) ، (( القواعد الأربعة )) ، (( مسائل الجاهلية )) ، (( نواقض الإسلام )) أتقنها إتقان جيد مع الحفظ ، ما يستطيع أن يحفظه ، ثم ينتقل إلى كتاب (( التوحيد )) و(( كشف الشبهات )) و(( الواسطية )) ، هذا التأصيل ، هذا التأصيل حصل بهذه الكتب فيتمعن فيها مع حفظها ومدارستها ومذاكرتها ، ثم بعد ذلك يعتبر ما عداه من الكتب من التكميليات ، يعني : غير (( الواسطية )) مما يخدمها كـ (( القواعد المثلى )) مثلاً هذا يخدم (( الواسطية )) كثيرًا ، كذلك (( الحموية )) كذلك (( التدمورية )) خادمة لهذه الكتب ، يعني : لن تفهم على وجهها الكامل إلا بدراسة هذه الكتب ، كذلك (( الطحاوية )) شروحتها (( السلم )) ، (( الأصول )) ، (( الحكم )) ، وشرحه المطول (( معارج القبول )) ، وكذلك (( السفارينية )) وإن كنت لا أرى أنها من كتب أهل السنة ، يعني : مما يدرس ، لكن شاع تدريسها الآن ، فحينئذٍ هذه تعتبر من المكملات ، وتكثير الحفظ هذا لا ينصح به ، بمعنى أن المحفوظ يجب أن يقتصر على ما ذكر ، حبذا لو كان نثرًا لا نظمًا ، لأن العقيدة كما ترى كلامٌ مقرر محرر مدقق بمنطوقٍ ومفهوم وله دليلٌ من كتاب وسنة ، حينئذٍ مثلاً الرؤية لا نحتاج إلى كثرة كلام من أهل العلم وإنما ما تأتي بإثباتها ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [ القيامة : 22 ، 23] الذي لا يحفظ الآية ليس عليه سبيل ، كذلك « إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ليلة البدر » . ... إلى آخره فتحفظ النص ، حينئذٍ حفظ النصوص في باب المعتقد هو المقدم ، ولذلك إذا وجد المتن مشتملاً على آيات وأحاديث كان مقدمًا ، ولذلك كتاب (( التوحيد )) و(( الواسطية )) لا يعدل عنهما طالب العلم البتة ، لأنها مشتملة على جملة النصوص الواردة في مسائل المعتقد في باب التوحيد بأنواعه ثلاثة ، يعني : كتابان معًا ، أنواع التوحيد بأنواعه الثلاثة : الربوبية ، والألوهية ، والأسماء والصفات . ما عداه يعتبر مكملاً ، ثم إذا أتقن هذه بالمكملات وأراد معرفة ما عند أهل البدع ، وهذا مما ينص عليه وينبه ، أنا أرى أن الطالب يدرس عقيدة السلف خالصة ، ولذلك نعني في درسنا هذا ما نذكر أقوال المبتدعة إلا على جهة الإجمال فقط ، أما نأتي بأدلتهم ونرد كأن العقيدة صارت فقه مقارن هذا غلط ليس بصحيح ، وإنما قد يدرس هذا النوع لا بأس للطلابٍ قد درسوا يدرسون مثلاً (( الواسيطة )) على جهة الإجمال ، تقرر فيه عقيدة السلف لا يذكر ولا مبتدع ولا يذكر القول وحجج المبتدعة البتة ، فإذا انتهي منها على وجه الكمال الطلاب أنفسهم يدرسونها مرةً أخرى بطريقة التوسع وذكر أقوال المخالفين ، وأما ابتداءً هكذا تكون كتب المبتدئين التي تدرس للطلاب وكأنه فقه مقارن نقول : لا ، لأنه ليس كقول أبي حنيفة والشافعي تقابلا هذا خلافٌ سائغ يمكن أن يكون مراد النص هو هذا ويمكن أن يكون هذا ، لكن مبتدع وليس مبتدع فحسب نقول : ممكر الرؤية وأنكرها لقوله تعالى كذا وكذا ، كافر هذا مرتد عن الإسلام ، فكيف نأتي بأقوال أهل الكفر ؟ الجهمية وأقوالهم ، الجهمية كفار بإجماع أهل السنة والجماعة ، والمعتزلة أكثر أهل السنة على أنهم كفار ، والأشاعرة أكثر أهل السنة على أنهم مسلمون وفي تكفيرهم خلاف ولا يُستبعد تكفيرهم لأنهم يرون خلق القرآن وإنكار العلو الذاتي ، وكذلك الرؤية منكرةٌ عندهم ، ويكفي إنكار العلو هذا يعتبر من الرد لما هو معلوم من الدين بالضرورة .
إذًا يسير طالب العلم على إتقان عقيدة السلف ، لأن عقيدة السلف تحتاج إلى تمعن ، ثَمَّ قواعد مثلاً ما يذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في (( التدمرية )) أو (( القواعد المثلى )) التي ذكرها ابن عثيمين في كتابه (( القواعد المثلى )) هذه القواعد تحتاج إلى توسع من حيث إثبات أدلتها ، ومن حيث استعمال السلف لها على وجه الكمال ، ومن حيث عدم اعتراضٍ عليها بخروج فردٍ من أفرادها أو آحادها ، هذا قد يظنه الطالب ظنًا ، بمعنى أن القاعدة لا تكون عنده على جهة اليقين ، وهذا خلل ، لأنه لو جاء يجادل أشعريًّا لسقط مباشرةً ، لماذا ؟ لأن الأشاعرة عندهم عقيدتهم قائمة على العقل والدلالات المنطقية وأقسام .. إلى آخره ، وهذا شيءٌ مُسَلَّمٌ عندهم ، يعني : يسمى دلالة قطعية ، وهي دلالات العقل ، ولذلك العقل عندهم مقدم على الشرع لأنه محتملٌ للمجاز والحقيقة والنص والظاهر إلى آخره ، حينئذٍ إذا وقف الطالب أو من أراد أن يدافع عن عقيدة السلف والهجوم الآن على عقيدة السلف على قدمٍ وساق في الفضائيات والإنترنت والصحف والمجلات الكل يريد أن ينسف عقيدة السلف فإذا لم يكن الطالب على دربة بجدال أهل البدع ولم تكن عنده هذه القواعد يقينية ، يعني : لا يشك فيها البتة أنها حق كما تراني وأراك ، وهذا ممكن لأن عقيدة السلف مجمعٌ عليها ليس فيها اختيارات ، وليس فيها ترجيح ، وإذا كان كذلك فهي مجملة دلالات قطعية ، وأدلة قطعية من حيث الثبوت ، فيتمعن فيها طالب العلم ويعيدها مرةً بعد مرة ويحاول أن يجمع الأدلة الكثيرة المتكاثرة على إثبات هذه القاعدة ، ثم يأتي بمثال ومثالين وعشرة وعشرين ومائة إن استطاع من أجل أن تكون هذه القاعدة عنده على قدمٍ وساق ولا تكون فيها نوع شكٍ ، بعد ذلك إذا أراد أن يقرأ في مناهج المخالفين فيرجع إلى كتبهم ، يعني : يأخذ متن للأشاعرة (( الجوهرة )) مثلاً ، فثَمَّ شروح مطبوعة صارت تباع عندنا هنا في المكاتب ، تباع ويأخذها الطالب وقد يغفل بعضهم عنها ، حينئذٍ تقرأ عقيدة الأشاعرة وهم أكثر من يوجد الآن من المخالفين وإن كان المعتزلة لهم وجود والجهمية لهم وجود لا يظن الظان أنه لا يوجد فرقة اسمها جهمية ، نعم لا توجد ولا يوجد فرقة اسمها معتزلة ، نعم لا يوجد ، لكن الرافضة والأباضية والعقلانية كلهم معتزلة ، العقلانيون الآن المدرسة العقلانية موجودة في مصر وغيرها معتزلة ، ينكرون ، يقولون بخلق القرآن ، وينكرون دلالات القرآن والعقل هو الْمُحَكَّم عندهم ، الرافضة معتزلة في باب الأسماء والصفات ، الأباضية معتزلة يقولون بخلق القرآن .. إلى آخره وينكرون الرؤية .. إلى آخره ، فتأخذ عقيدة هؤلاء المخالفين من كتبهم ، ثم ترد عليهم بما ذكره ابن تيمية وهو فارس الميدان الذي اشتغل بالأشاعرة ، وأكثر ما اشتغل ابن تيمية بالأشاعرة ، ولم يشتغل بالفلاسفة وإن رد عليهم ولا بالمعتزلة ، لماذا ؟ هذا له لعلة ، لأنه اشتغل بما الحاجة إليه أمس ، رأى أن الفلاسفة والمعتزلة الأشاعرة كفونا في الرد عليهم ، لأنهم ألفوا مؤلفات فردوا حتى الغزالي رد على الفلاسفة ورد على المعتزلة وكذلك الجويني وغيرهم ردوا على المعتزلة ، فكفونا هذا الجانب ، بقي ماذا ؟ بقي الأشاعرة أنفسهم ، من يرد عليهم مع كثرتهم الكاثرة ؟ فرد عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، ولذلك لا يستغرب طالب العلم أن أكثر ما اشتغل به ابن تيمية الأشاعرة ، لا لكونهم أشد من المعتزلة ، لا المعتزلة أشد لأنهم في الظاهر أنهم كفار كذلك الجهمية ، وإنما رد عليهم واشتغل بهم لكونه لم يوجد من اشتغل بأدلتهم وفندها .

  #17  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 06:38 AM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي


[الشريط الرابع عشر]
36-عمل الأركان منه ما فواته يؤدي إلى فوات الإيمان من أصله كالصلاة مثلاً ، الصلاة بإجماع السلف أن تاركها يعتبر كافرًا كفرًا أكبر مخرجًا من الملة ، وهذا بإجماع الصحابة كما حكاه عبد الله بن شقيق لم يكن أصحاب رسول الله r يرون شيئًا من أعماق ترك الكفر غير الصلاة ، وهذا واضحٌ بين في الدلالة على الإجماع حكاه المروزي وكذلك ابن حزم وغيرهما ، حينئذٍ نقول : المسألة مجمعٌ عليها فتركها يعتبر مفوتًا للإيمان من أصله ، ولذلك أطلق الله عز وجل عليها وصف الإيمان كله ﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾ [ البقرة : 143] ، يعني : صلاتكم إلى جهة البيت المقدس ، لأن لما حولت القبلة إلى الكعبة سأل الصحابة عمن مات قبل تحويل القبلة ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية وقال : ﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾ ، أي : صلاتكم ، ذكر ابن القيم في حكم الصلاة وتاركها أن من عادة العرب إذا أطلقوا الكل على جزءٍ دل على أن هذا الجزء له أثرٌ في فوات الكل ، بمعنى أنه إذا فات هذا الجزء فات الكل ، وهنا أطلق الكل الذي هو الإيمان ، هل الإيمان كله الصلاة فقط وما عدا الصلاة ليست بإيمان ؟ الجواب : لا ، هذا واضح بدهي ، حينئذٍ نقول : كونه أطلق الإيمان مرادًا به الصلاة وهي جزءٌ من أجزاء الإيمان وعملٌ من أعمال الإيمان دل على أن فوات الصلاة يفوت الإيمان من أصله.

37-من يرى بأن العمل - عمل الأركان - شرط كمال ، هذا مذهب المرجئة ، وإن كان شاع الآن على أنه مذهب السلف ، هذا باطل هذا من الافتراء على منهج السلف .

38- المرجئة هم أصناف منهم ما ابتلي به أهل هذا الزمان بأن أعمال الجوارح شرط كمال وليست شرط صحة أو ركن ، ومن قال بأنه شرط صحة أيضًا في التعبير فيه شيء من الغلط لكنه لا نختلف معه من حيث السنة والبدعة ، لأنه رتب فوات الإيمان على فوات العمل ، وهذه النتيجة ، إذا كانت هذه النتيجة الأمر معه واسع ، وجوزه ابن تيمية قال : لا بأس أن يعبر بكذا وكذا إلا أنه داخل في الحقيقة ، والصواب أن يقال بأنه ركن ، جنس العمل ركن في مسمى الإيمان ، ولا نقول بأنه شرط صحة ، لماذا ؟ لأن الشرط خارج عن الماهية .
والركن جزء الذات والشرط خرج
والركن جزء الذات ، يعني : داخل في مفهوم الحقيقة كالركوع في الصلاة والسجود في الصلاة وقراءة الفاتحة في الصلاة ، فهي أركان داخلة في الماهية ، حينئذٍ الصلاة لها افتتاح ولها اختتام هذا الركن داخل في ماهيتها ، أما الشرط فهو خارج عنها ، ولذلك إذا قيل : شرط صحة . اعترفنا بأن الأعمال ليست داخلة في مسمى الإيمان ، وهذا فيه شيء من الغلط لأنه مخالف لما سبق ، لأن النبي r قال : « هل تدرون ما الإيمان ؟ شهادة أن لا إله الله ، وإقام والصلاة ، وإيتاء الزكاة » . فأطلق الإيمان على هذه الأعمال ، والأصل الحقيقة أو المجاز ؟ الأصل الحقيقة ، الأصل أنه محمول على الحقيقة ، وهذا هو المفهوم الشرعي للفظ الإيمان ولا نفسره بالمفهوم اللغوي .

38- تنبيه: ابن حجر رحمه الله تعالى عنده خلط في مسائل الإيمان ومسائل التوحيد ، والنقل عنه هذا يحتاج إلى تحرز.

39- ينبغي لطلاب العلم ولمن كان من أهل الاستقامة ولو لم يكن طالب علم أن يكون اهتمامه بالواجبات أشد وحرصه على علم أو العلم المتعلق بالواجبات أشد ، لأنه أهم ، بتركه يكون فاسقًا ، ولا ينصب الاهتمام إلى فعل المستحبات ويكون عنده خلل في الواجبات ، ولا يكون سؤاله وبحثه وعلمه ومدارسته للمستحبات ويكون عنده خلل كبير في الواجبات ، لا شك أن ذاك من الشرع ، لكن كما قال النبي r : « فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادةَ أن لا إله إلا الله ، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم » . ... إلى آخره ، فبدأ بالتوحيد ثم ثنى بالصلاة ثم ثلث بالزكاة ، وكلها من الدين وكلها من أركان الإسلام وكلها مما يجب العمل به ، ومنها ما تركه يعتبر ناقضًا للإسلام ، لكنه لم يسوي بينها ، ولذلك الواجبات منها ما هو متفق عليه بين أهل العلم مجمع عليه ، هذا يجب على المكلف أن تتعلق همته بمعرفة هذا النوع ، وأن يعرف كيف يقع هذا النوع ، وأن يهتم به اهتمامًا كبيرًا من حيث الإيجاد ومن حيث ما يكون خللاً في وجوده ، ثم من الواجبات ما هو مختلف فيه ، يكون الاهتمام به أقل مما سبق إلا على جهة الترجيح إن كان طالب علم ثم تأتي المستحبات ، وأما أن يكون القلب متعلقًا بالمستحبات ثم خلل كبير في فعل الواجبات هذا لا يكون على الجادة ، وليست هذه بطريقة السلف ، وليست بطريقة الصحابة لفهمهم للدين ، كذلك المكروهات قد يتحرز البعض عن فعل بعض المختلف فيه من المحرمات أو المكروهات ، وقد يقع فيما هو متفق عليه من المحرمات ، وهذا خلاف المشروع ، وإنما يكون العكس هو الذي ينبغي الحرص عليه.

  #18  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 06:39 AM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي

[الشريط الخامس عشر]
40-والمدرسة العقلانية الموجود الآن هي معتزلة ، المدرسة العقلانية التي .. الفرقة السابقة التي سينص عليها المصنف المعتزلة والجهمية والمرجئة وغيرهم كلهم موجودون الآن ، يظن بعض طلاب العلم وغفلته أنها انتهت ، والحديث عن المعتزلة وما يتعلق بهم ضياع وقت ، تتكلم عن أناس قد شبعت منهم الدود في قبورهم ، لا ليس الأمر كذلك ، بل الأفكار باقية والمناهج موجودة كما هي ، ولذلك الآن ثَمَّ ما قد يقال بأنه ثورة بعض المعتزلة ، ولذلك كثر طباعة كتب المعتزلة سواء كانت العقدية أو غيرها وسواء كانوا في لبنان أو كانوا في مصر أو غيرها حينئذٍ نقول : هذا يدل على أن ثَمَّ حركة قوية جدًا وهو ما يسمى بالمدرسة العقلانية موجودة في مصر والأردن وفي غيرها.
[الشريط السابع عشر]
41- طاعة الخليفة وغيره من ولاة الأمور واجبةٌ في غير معصية ، والوجوب هنا كما ذكرنا بما يتعلق بوجوبٍ جاء به الشرع كالأمر بالصلاة وإعطاء الزكاة ونحوها ، حينئذٍ الوجوب من جهتين ، وقد يكون من جهة ولي الأمر كما لو أمر بأمرٍ مباح تجب فيه الطاعة ، ولذلك بعضهم يرى أنه لا يطاع في مثل هذه لأنها في الأصل مباحة ، نقول : إذا كان كذلك لم أوجبه الشرع ؟ إذا كان الأمر الأصلي في إيجاب الصلوات وإيتاء الزكاة سواء وجد والي أم لا أنت مأمورٌ به ، وإنما الوالي يؤكد الأمر ، حينئذٍ ماذا بقي له ؟ بقي له المباحات ، يعني : تنظيم أمور الناس وما يتعلق بها ، فالأصل فيها الوجوب ، لكن ينبغي أن يقيد بما فيه مصلحة للناس ، وإن لم يكن كذلك فشأنه آخر لقول الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ﴾ [ النساء : 59] . ﴿ أَطِيعُواْ اللّهَ ﴾ جاء بالفعل ، ﴿ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ ﴾ أعاد الفعل ، ﴿ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ﴾ ولم يقل وأطيعوا أولي الأمر منكم ، لماذا ؟ لأن طاعته هنا ليست مستقلة ، بل هي تابعةٌ لطاعة الله ، فنأخذ من الآية شيئين :
الشيء الأول : أن طاعتهم واجبة لأنه قال : ﴿ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ ﴾ . إذًا ﴿ أَطِيعُواْ ﴾ ﴿ وَأَطِيعُواْ ﴾ أمر والأمر يقتضي الوجوب طاعة الله عز وجل واجبة وطاعة الرسول r واجبة ، قال : ﴿ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ﴾ . هذا معطوف على الأول ﴿ أَطِيعُواْ اللّهَ ﴾ حينئذٍ تقول : طاعة ولي الأمر واجبة .
ثانيًا : هذه الطاعة ليست مستقلة بل هي مقيدة بأن لا تخالف الشرع ، فإن خالفت الشرع فحينئذٍ لا طاعة إنما الطاعة في المعروف ، ولقوله r : « السمع والطاعة على المسلم » ، « على » تفيد ماذا ؟ الوجوب على الوجوب تفيد الوجوب حينئذٍ « السمع والطاعة على المسلم » . يعني : واجبةٌ على المسلم ، فعلى ظاهرةٌ في الوجوب عند جماهير الأصوليين ، « على المسلم » أل تفيد العموم كل مسلم داخلاً تحت الولاية « فيما أحب وكره » . يعني : ليس النظر فيما تحبه وتطيعه وما لا تحبه ويخالف شهواتك لا تطيعه،بلالأمرجاءعامًامسلمذكرًاكانأم أنثى،قال:«فيماأحب» . يعني : في الذي أحبه المسلم ، أو كره ، حينئذٍ النوعان المحبوب والمكروه تجب فيه الطاعة ، يعني : أجب وأطع ولي الأمر إن أمرك بشيءٍ سواء كان هذا الشيء محبوبًا لك ميسورًا ، أو كان مكروهًا مبغوضًا ما لم يُأْمَر بمعصية ، فالضابط هنا النظر إلى المعصية ، إن أمر بترك واجبٍ أو بفعل محرم فلا سمع ولا طاعة ، فإذا أمر بمعصيةٍ فلا سمع ولا طاعة هذا النص واضح بين يبين أن ولي الأمر له الأحقية في طاعة المسلمين لهم لكن بشرط أن لا يكون فيه شيءٌ من المعصية وليس المرجع فيما كان محبوبًا للنفس أو لم يكن محبوبًا للنفس ، بل تطيع ولو كنت مكرهًا على أمرٍ ما ، والحديث متفقٌ عليه ، وسواء كان الإمام برًّا وهو القائم بأمر الله فعلاً وتركًا ، أو فاجرًا وهو الفاسق ، إذًا ما دام أن الإسلام ، وصف الإسلام باقٍ وجبت الطاعة ، فلا يشترط في ولي الأمر أن يكون كاملاً من كل وجه ، وإنما المراد به أن يكون مسلمًا ، فإذا لم يكن مسلمًا حينئذٍ انتفت الأحكام المرتبطة بولي الأمر ، وإن كان مسلمًا ولو كان فاجرًا فاسقًا حينئذٍ نقول : الطاعة لازمةٌ . كقوله r : « إلا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئًا من معصية الله » . إذًا ما العمل ؟ قال : « فليكره ما يأتي من معصية الله » . يعني : تكره بقلبك وتناصح بلسانك ، « ولا ينزعن يدًا من طاعة » لحجة أنه يفعل المحرمات . والحديث رواه مسلم حديث صحيح « إلا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئًا من معصية الله » . قال : « من معصية الله » . يعني : أي معصية يشرب الخمر ، يحلق اللحية ، يسبل ثوبه ، قل ما شئت من المعاصي التي هي دون الكفر قال : « من معصية الله » . « معصية » نكرة مفيد مضاف إلى المعرفة فيفيد العموم ، ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ ﴾ [ إبراهيم : 34] ، فكل معصيةٍ هي دون الكفر ولو آتاها كلها حينئذٍ بين النبي r الموقف الصحيح من هذا الوالي قال : « فليكره ما يأتي من معصية الله » . تكره بقلبك لا ترضى ، « ولا ينزعن يدًا من طاعة » ، يعني : لا تخالف ولا تشق العصا وإنما الطاعة واجبةٌ ولازمةٌ ، والخروج على الإمام محرم لا يجوز الخروج لا باللسان ، ولا باليد ، لا بالسيف السنان ، ولا باللسان..

42- قاعدة عامة وهي أنه لا يتم للمرء الانكفاف عن البدع بجميع أنواعها إلا إذا ترك مجالسة أهل البدع ، لأن الشرع إذا حرَّم شيئًا حرم كل وسيلةٍ تؤدي إليه ، أليس كذلك ؟ الوسائل لها أحكام المقاصد ، إذًا البدعة محرمة أو لا ؟ محرمة ، لا يختلف اثنان أن من وسائل الوقع في البدعة مجالسة أصحابها ، إذًا مجالسة أصحاب أهل البدعة يكون ماذا ؟ محرمًا ، لا يختلف اثنان أن السلام عليه ومكالمته أنها تورث أُلفةً بين الْمُسَلِّم والْمُسَلَّم عليه حينئذٍ تؤدي إلى مجالسة المبتدع ، إذًا يكون وسيلةً إلى الوقع في المحرم ، لأن مجالسة المبتدع محرمة لأنها مؤديةٌ إلى البدعة ، وكل ما يكون وسيلةً إلى مجالسته فهو محرم ، ولذلك صار هجران أهل البدع وهجرهم صار واجبًا ، لكن إن كان في مجالستهم مصلحة كعالمٍ وعارفٍ بالبدعة وأصلها وفصلها والشبهة وموردها وكيف يرد عليها هذا يستثنى ، لكن بشرط أن يكون مراده تبيين وهداية هذا المبتدع ليس المؤانسة وليس نفي الفوارق وليس تجميع الكلمة وليس توحيد الصف ، وليس هذه الأغراض وإنما يكون الغرض هو هداية هذا المبتدع ، حينئذٍ يستثنى هذا النوع فيقال : لا بأس أن يجلس مع المبتدع ، إن كان في مجالسته المصلحة لتبيين الحق لهم وتحذيرهم من البدعة فلا بأس بذلك ، كما نص عليه السلف الصالح وربما يكون مطلوبًا شرعًا قد يكون واجبًا ، وقد يكون مستحبًا لعموم قوله تعالى : ﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [ النحل : 125] . والمجادلة كما تكون للكافر تكون كذلك للمبتدع.

43-عمل السلف بالنظر إلى كتبهم وأحكامهم على أهل البدعة يفرقون بين إطلاق الكفر والتبديع ، الكفر يتحرزون فيه لأن فيه إخراج من الملة ، وأما البدعة فكل من وقع في بدعةٍ أوقعوا الوصف عليه دون تفصيل لأنه لا يترتب عليه المحظور الذي يترتب على الكفر ، ثم المبتدع فيه بليةٌ ومصيبة على الناس وهي : أن الغالب فيهم أنهم أهل علم ، فلو توقف فيهم حتى تقام الحجة حينئذٍ قد يصير فيه شيء من الفتنة للناس والاقتداء بهم ، فلذلك أوقع السلف الصالح وصف البدعة على المبتدع دون شرطٍ أو قيد ، وأما الكفر فهو الذي يفصل فيه.

  #19  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 06:40 AM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي


44- الجدال في الدين قسمان :
الأول : أن يكون الغرض من ذلك إثبات الحق وإبطال الباطل ، وهذا مأمورٌ به إما وجوبًا وإما استحبابًا ، إذا كان الجدال من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل فهو مأمورٌ به يعني : ليس مذمومًا ، وإنما هو مأمور به إما على جهة الإيجاب وإما على جهة الاستحباب بحسب الحال كقوله تعالى : ﴿ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [ النحل : 125] .
الثاني : أن يكون الغرض منه التعنيد أو الانتصار للنفس أو للباطل ، يعني : يجادل من أجل هواه ، ومن أجل تصحيح رأيه لا من أجل الوصول إلى الحق ، نقول : هذا جدالٌ بالباطل ، فهذا قبيحٌ منهيٌّ عنه لقوله تعالى : ﴿ مَا يُجَادِلُفِيآيَاتِ اللَّهِ إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا[غافر:4].وقوله:﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾ [ غافر : 5] .

  #20  
قديم 7 رمضان 1432هـ/6-08-2011م, 06:41 AM
الصورة الرمزية محمد بدر الدين سيفي
محمد بدر الدين سيفي محمد بدر الدين سيفي غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الجزائر(صانها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين)
المشاركات: 1,159
افتراضي

45- وجد الآن من ينازع مع الأشاعرة ، ومع الصوفية ، ومع الرافضة ، وما يسمى بالشيعة من أجل اتحاد الصف قاعدة الإخوان التي أفسدت في الأرض نجتمع على ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا على ما اختلفنا فيه ، هذا باطل وهو مخالفٌ للإجماع السابق ، فكل من يدعي الآن ويحاول أن يرقق بين هذه الفرق سيأتي بشبهات قد تمشي وتَطَّلِي على بعض طلاب العلم ، لكن ينبغي الرجوع إلى الأصول ، فثَمَّ إجماع بين السلف لا خلاف بينهم في هجر المبتدع ، مجالسةً ، ومكالمةً ، ومصاحبةً ، بل وجب التحذير منه باسمه عند جماهير السلف ، ولذلك يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى : وإذا كان النصح واجبًا في المصالح الدينية . المصالح نوعان : دينية ، ودنيوية . أخوك المسلم يجب إذا علمت بأمرٍ دنيوي أنه مفيدٌ له وجب عليك أن تنصحه ، هذه الوظيفة أحسن من هذه ، فتعلم أنه قدم هذا وذاك ، وجب عليك أن تنصحه ، هذا واجب في المصلح الدينية فكيف المصالح الدنيوية ؟ فإذا كان النص واجبًا في المصالح الدينية الخاصة والعامة مثل نقلت الحديث الذي يغلطون أو يكذبون ، كما قال يحيى بن سعيد سألت مالكًا والثوري والليث بن سعد وأظنه والأوزاعي عن الرجل يتهم في الحديث أو لا يحفظ ، يعني : من الرواة ، يتهم في الحديث أنه كذب ، أو أنه لا يحفظ ، يعني : فيه عيب ، وهذا لم يصل إلى حد البدعة . فقالوا : بَيِّن أمره . بَيِّن أمره لماذا ؟ لأنه ينبني عليه مصلحةٌ عامة للمسلمين ، أما هو في شأنه كونه لا يحفظ وكونه يخطئ وكونه شيءٌ يترتب عليه الوصف بالنقص والعيب هذا فيه مفسدةٌ خاصة وعدم الكلام فيه وتبين أمره ينبني عليه مفسدة عامة ولا شك أن المفسدة العامة تُدْفَعُ بالمفسدة الصغرى أو العكس أيهما يقدم على الآخر ؟ العامة تقدم على الخاصة .

وارتكب الأخف من ضرين
حينئذٍ ما يترتب من مفسدةٍ على تعينه وعيبه هذا أخف ، حينئذٍ تقدم المفسدة العامة بدفعها ولا يبالى بالمفسدة الخاصة ، ولذلك قالوا : بَيِّن أمره . يعني : أفضحه ، بين لأهل الحديث أن هذا ضعيف وأن هذا فيه وفيه ، وقال بعضهم لأحمد بن حنبل : إنه يثقل عليَّ - يعني : لا أجد شيئًا في نفسي يقوى - أن أقول فلانٌ كذا وفلان كذا ، فلان مرجئ فلانٌ قدري يثقل عليّ . يعني : يخشى أنه من باب الغيبة ، وهذا ورعٌ بالغ قد يقع عند بعض حتى أهل العلم ، فقال الإمام أحمد : إذا سكت أنت وسكت أنا فمن يعرفه ، فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم ؟ إذا سكت أنت وسكت أنا ولم يُبَيَّن أن هذا مبتدع أو أن هذا ضال وأن هذه المقولة مخالفة للكتاب والسنة حينئذٍ متى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم ؟ هذا فيه تظليم وفيه عدم نصحٍ للمسلمين ، قال ابن تيمية رحمه الله تعالى : ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة ، أو العبادات المخالفة إلى الكتاب والسنة ، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجبٌ باتفاق المسلمين . ولا يتحرج متحرج بأن يتكلم في صوفي أو في نحوه ممن على شاكلتهم هذا واجبٌ باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل : الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ فقال : إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه - هذه منفعة لكنها خاصة غير متعدية - وإذا تكلم في أهل البدع فإنما للمسلمين . فإذًا منفعة عامة هذا أفضل ، فبين أن نفع هذا عامٌ للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله ، لكن ينبغي أنه لا يفهم هذا الكلام على جهة إطلاقه ، بمعنى أنه يتكلم في أهل البدع بقدر الإيضاح ولا يكون ديدن الإنسان صباح مساء يتخذه رواية ، أو أنها تخصص في علم نقول : لا هذا مخالفٌ أصلاً لطريقة السلف ، وإنما كانوا يشتغلون بالدعوة تعليم الناس ونشر ما يحتاجونه من العبادات والمعتقدات بيان السنة الاعتقادية والسنة القولية والسنة العملية ، ثم إن جاءت الحاجة إلى ذكر أهل البدع ذكروا ، فليس المراد العكس لا يفهم من هذا الكلام التعميم ، إنما المراد أنه لا بد من البيان ، هذا ردٌّ على من يرى الكف عن كل مخطئ ولو كان في بدعة ، ومن يرى أن الكلام في المخالفين أنه من نوع الغيبة فنرد عليه مثل هذا الكلام ، ولا يفهم منه أنه يطلق العنان لكل شخصٍ ولو كان مبتدئ ، نقول : لا الأمر ليس كذلك ، وإنما الذي يرد هم أهل العلم وليس المبتدئ وليس المتوسط في العلم ، بل ليس الذي له حظٌ ونظر في طلب العلم نقول له : اشتغل بالعلم . هذا أصالةً إلا من عمت به البلوى والفتنة ، هذا يبين للناس ، فالذي ينصب نفسه هم العلماء الراسخون في العلم طلاب العلم يبتعدون عن هذا المقام إلا في الضروري ، ثم لا يكون الوقت كله مشغولاً بمثل هذه المسائل ، إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعه ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجبٌ على الكفاية باتفاق المسلمين ، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب ، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعًا ، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءً ، أهل البدع يفسدون القلوب ابتداءً ، فأهل البدع يفسدون القلوب ابتداءً بخلاف استيلاء العدو ، لأن الكل يعلم أنه كافر ، ولذلك لا يفتن الناس بأهل الكفر ، الناس لا يقلدون الكفار ولا يقلدون ، في الأصل لا يقلدون أهل الفسق يعلمون إلا لشهوات في نفوسهم إنما يقلدون من يتلبس بالعلم ، هذا الذي تقع به الفتنة ، قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى : لأهل البدع علامات يعرفون بها منها أنها يتصفون بغير الإسلام والسنة ، بما يحدثونه من البدع القولية والفعلية والعقدية . يعني : ما يبالي ما يستحي يقول : أنا أشعري . ولذلك نقول : نحن معاشر الأشاعرة كيف ننتسب إلى الأشعرية وهي نسبة لأبي الحسن الأشعري ؟ إذًا يتسمى باسمٍ ويرى أنه حسن ، وإنما جاء الوصف بالإسلام والإيمان والإحسان والتقوى والصلاة ونحو ذلك ، هذه الأسماء الذي ينتسب إليها المسلم ، أنا مسلم ، أنا مؤمن ، ولا ينتسب إلى أي طائفةٍ كانت ، ولذلك ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول : من رأى أنه ينتسب إلى وصفٍ غير وصف الإسلام فهو مبتدع هذه بدعة لو قال عن نفسه بأنه أشعري ، هذه بدعة ولو لم يتبنى أصول الأشاعرة ، مجرد نسبته للأشعرية هذه بدعة ، فإذا قال إنه تبليغي ، نقول : مجرد نسبته إلى هذه الجماعة هي بدعة بنفسها سواءٌ تبنى أصولهم أم لا ، فكونه ينتسب هذه بدعة ، لذلك قال : من علامتهم أنهم يتصفون بغير الإسلام والسنة ، وأهل السنة يقولون : نحن سلفيون ، نحن أهل السنة والجماعة ، نحن على الإسلام ، نحن مسلمون ، مؤمنون ، موحدون . هذه أوصاف أهل السنة والجماعة ، ولا يرضى المسلم الذي معه شيءٌ من عقله وعلمه أن يوصف بوصفٍ لم يكن معهودًا في الإسلام لا ترضاه أبدًا حتى لا تقول أنك حنبلي ، ولا شافعي ، وإنما أنت محمدي ولا تنتسب كذلك محمدي لأنه لم يرد ، لكن في المعنى إلا إذا قلت بأنك حنبليٌ وقال أصحابنا من جهة ماذا ؟ التعليم والتعلم فقط ، أما أنك تتبنى المذهب كما تتبنى الأحاديث النبوية وتقول : أنا حنبلي . نقول : هذه بدعة . الانتساب إلى المذاهب الأربعة بهذه الصفة نقول : هذه بدعة بخلاف ما لو انتسب من جهة التعلم والتعليم ، لذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الذي حكم بأنه مبتدع أنها بدعة النسبة هو يقول : قال أصحابنا من الحنابلة . قال أصحابنا ، أصحابنا في ماذا ؟ في المنهج فقط وليس مراد أنه يتبنى كل ما يقوله الحنابلة .
- قال ابن القيم في المدارج : إنه لا يدعوا المرء بأن يموت على الإسلام فحسب . لأن المبتدع مسلم هذا عموم ، وإنما تقول : على الإسلام والسنة . لا تفارق لسانك هذه الكلمة اللهم أحيني على الإسلام وأمتني على الإسلام ، نقول : ظهر بعد القرون المفضلة أن هناك من يكون مسلمًا وهو مبتدع ، إذًا انتبه إنما تقول : اللهم أحيني على الإسلام . وتعطف عليه السنة لأنه ليس كل من كان مسلمًا فهو على سنةٍ .


  #21  
قديم 14 ذو القعدة 1432هـ/11-10-2011م, 08:01 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين
مذاكرة 1

تلخيص درس (قواعد هامة في الأسماء والصفات)

قاعدة أولى: في الواجب نحو نصوص الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته.
إبقاء دلالتها على ظاهرها من غير تغيير>> أ- لأن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين. ب- والنبي صلى الله عليه وسلم يتكلم باللسان العربي. جـ- ولأن تغييرها عن ظاهرها هو قول على الله بلا علم وهو حرام.
قاعدة ثانية: في أسماء الله.
وتحتها فروع.
1) أسماء الله كلها حسنى.>> أي بالغة في الحسن غايته, لأنها تتضمن صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه.
2) أسماء الله غير محصورة بعدد معين.>> دليله الحديث المشهور:" أسألك اللهم بكل اسم هولك ..."
3) أسماء الله لا تثبت بالعقل, وإنما تثبت بالشرع فهي توقيفية.>> أي يتوقف إثباتها على ما جاء عن الشرع فلا يزاد فيها ولا ينقص.
4) كل اسم من أسماء الله فإنه يدل على: ذاته سبحانه, وعلى الصفة التي تضمّنها, وعلى الأثر المترتب عليه إن كان متعديا.>> لا يتم الإيمان بالاسم إلا بإثبات ذلك كله.
قاعدة ثالثة: في صفات الله.
تحتها فروع.
1) صفات الله كلها عليا.>> صفات كمال ومدح لا نقص فيها بوجه من الوجوه.
2) صفات الله تنقسم إلى قسمين: ثبوتية وسلبية.
3) الصفات الثبوتية تنقسم إلى: ذاتية وفعلية.
4) كل صفة من صفات الله فإنه يتوجه عليها ثلاثة أسئلة:
-هل هي حقيقية؟ ولماذا؟
-هل يجوز تكييفها؟ ولماذا؟
- هل تماثل صفات المخلوقين؟ ولماذا؟
قاعدة رابعة: فيما نرد به على المعطلة.>> نقول:
- قولهم خلاف ظاهر النصوص.
- وخلاف طريقة السلف.
- ليس عليه دليل صحيح.
- ووجه رابع أو أكثر لبعض الصفات.

  #22  
قديم 29 ذو القعدة 1432هـ/26-10-2011م, 09:18 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
شرح كتاب لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد.. "درس1"
لأبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامه المقدسي رحمه الله.. "541هـ -620ه"
شرح الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
______________________________________________________________
المتن:
{وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كلاما معناه: قف حيث وقف القوم، فإنهم عن علم وقفوا وببصر نافذ كفوا, ولهم على كشفها كانوا أقوى, وبالفضل لو كان فيها أحرى, فلئن قلتم: حدث بعدهم, فما أحدثه إلا من خالف هديهم, ورغب عن سنتهم, ولقد وصفوا منه ما يشفي, وتكلموا منه ما يكفي, فما فوقهم محسّر, وما دونهم مقصر, لقد قصّر عنهم قوم فجفوا, وتجاوزهم آخرون فغلوا, وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم}
______________________________________________________________
الشرح:
= أورد المصنف جملة من الآثار والنقول عن السلف الصالح ذلك لتحقيق المنهج الحق:
1-في أسماء الله وصفاته على وجه الخصوص.
2- وفي أبواب الديانة والاعتقاد عموما.
= فالواجب على المسلم في هذا الباب:
1- أن يقف على قدم التسليم وأن يعوّل تماما على كلام الله وعلى كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
2- أن يقف حيث وقف السلف الصالح وألاّ يتجاوز ما كانوا عليه.
= "قف حيث وقف القوم " : القوم : الصحابة ومن اتبعهم بإحسان وقفوا على قدم التسليم .
1- تلقّوا ما جاء في الكتاب والسنة بالقبول والتسليم

2- لم يعترضوا على الكتاب أو السنة بانتقادٍ أو رد أو نحو ذلك .
" فإنهم عن علم وقفوا ": أي أن عدم خوضهم فيما خاض فيه من جاء بعدهم بتأويل أو إعمال للعقل في غير محله أو نحو ذلك، فالصحابة لم يفعلوا كما فعل هؤلاء عن علم:
1- فالصحابة أدركوا تمام الإدراك مكانة الكتاب و السنة

2- ووجوب التلقي عنهما

3-وعدم معارضتهما بالعقول القاصرة و الأفكار الضعيفة
أما من جاء من بعدهم ممن نهجوا المناهج الخاطئة :
1- لم تكن عندهم للنصوص حرمة
2- وعظّموا عقول أنفسهم فأصبحوا بعقولهم يعترضون وينتقدون وقدّموها على ما جاء في الكتاب و السنة
"وببصر نافذٍ كفٌوا" أي ببصيرة لاعن عجز أو قصور في عقولهم أو ضعف في أفهامهم أو عدم حدة في ذكائهم ، بل قلوبهم كانت على بصيرة بالحق والهدى ، وعليه كفُوا عن الخوض فيما خاض فيه من جاء بعدهم ، حيث أدركوا رضي الله عنهم أن مثل هذا الخوض ضلال وباطل وزيغ و انحراف .
"ولهم على كشفهم كانوا أقوى" أي: لو كان هذا الذي جاء به الخلف ممن انحرفوا عن جادة السلف, لو كان حقًا, فإن السلف كانوا على ذلك أقوى وأقدر لقوّة عقولهم ورجاحة أذهانهم وصفاء أفهامهم.
"وبالفضل لو كان فيها أحرى" الفضل: الزيادة, فلو كان فيها مجال للزيادة على ما جاءت به الشريعة استنادا على العقول واعتمادا على الآراء, لكان الصحابة أولى وأحرى بهذه الزيادة
1- لسلامة عقولهم
2- التلقي المباشرعن الرسول صلى الله عليه وسلم
3- ولتميزهم بالديانة والإيمان.
لكنهم رضي الله عنهم يعلمون تماماً أن الزيادة على ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم سواء في باب الاعتقاد أو في باب العمل كل ذلك حدث في دين الله ، مردود على صاحبه غير مقبول ، فدين الله كامل عقيدةً وشريعة " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"
ثم أورد رحمه الله اعترضاً قد يورده مورد وأجاب عنه بجوابٍ وافٍ مسدد : "فلئن قلتم حدث بعدهم " : أي هذه أمور اُستجدت ووجدت بعد زمن الصحابة ، " فما أحدثه إلا من خالف هديهم ورغب عن سنتهم " فبين رحمه الله أن إقرار هذا المعترض بأن هذا الأمر حدث بعد الصحابة دليل على فساده ، ودليل على أنه حدث في دين الله عز وجل ، لأنه لو كان من دين الله لسبق إليه الصحابة وكانوا أولى به ممن سواهم فهم بالخير أولى .
ومن خالف هدي الصحابة ورغب عن سنتهم فهو منحرف عن الصراط المستقيم ، وما لم يكن ديناً زمن محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلن يكون ديناً إلا أن تقوم الساعة كما قال الإمام مالك إمام دار الهجرة ، قال تعالى " ومن يشاقق الرسول من بعدِ ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم "
" ولقد وصفوا منه مايشفي وتكلموا منه مايكفي " فالصحابة مكانتهم في فهم القرآن وفهم دين الله وبيانه للناس هم أهل المكانة العُليا والمنزلة الرفيعة ، فكلامهم في الدين كلام تام
1- اعتمدوا فيه على الكتاب والسنة

2- وكانوا وسطا بعيدين عن الغلو في الدين أو القصور عنه بالجفاء .
"فما فوقهم محسر وما دونهم مقصر " فمن جاء بعدهم وخالف طريقتهم لا يخلو من حالتين :
1-فما فوقهم : أي بالزيادة ، إما أن يخالف طريقتهم بالزيادة ، يزيد أموراً لم يكن عليها الصحابة ، فهذا محسر : غالً في دين الله ، متجاوز للحد بالغلو .

2-وما دونهم : أي بالتقصير ، قصر في لزوم ماكانوا عليه ، والمقصر هو الجافي .
وخيار الأمور أوساطها ، لاتفريطها ولا إفراطها ، الحق وسط بين الغلو والجفاء،بين المحسر والمقصر ، الحق هدى بين ضلالتين ، وحسنة بين سيئتين ، سيئة الغلو وسيئة الجفاء ، الحق قوام بين ذلك وهو الذي كان عليه الصحابة .
ثم زاد الأمر بياناً فقال " قد قصر عنهم قوم فجفوا وتجاوزهم آخرون فغلوا " قصروا عما كان عليه الصحابة فجفوا ، وآخرون تجاوزوا الحد وهؤلاء غلوا ، وكلاهما فيهما عدول عن الصراط المستقيم ، فالحق هو الوسط .
وختم بقوله " وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم " هذه وسطية الصحابة والسلف ، فيما بين ذلك : أي بين الغلو والجفاء ، بين الزيادة والتقصير ،قال تعالى: " وكذلك جعلناكم أُمة وسطا " أي شهودا عدولا .

} وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي رضي الله عنه : عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول{
الشرح:
هذا النقل عن الإمام الأوزاعي في الحث على لزوم الآثار المروية عن السلف الصالح ، والتحذير من الآراء التي أحدثها من بعدهم .
"عليك " أي ياصاحب الحق
" بآثار من سلف " أي إلزم آثار من سلف ، والمراد بآثارهم : خطاهم ومنهجهم ومسلكهم وطريقتهم والهدى الذي كانوا عليه .
" وإن رفضك الناس " لان الإنسان إذا لزم آثار السلف وتمسك بجادة السلف قد يُنبذ في مجتمعه وقد يُساء إليه بين أهله وجماعته وقرابته ، وقد ينبز بألقاب ويشنع عليه ، مثل تلقيب المبتدعة لأهل السنة: بالمجسمة أو الحشوية .
1- صاحب الحق لا يُبالي ، لان قصده في لزوم الحق طلب رضا الله لا طلب رضا الناس ، فإذا اقتنع بالحق وتلقاه بالقبول وأدرك أنه دين الله سبحانه الذي لايقبل دين سواه لايبالي بالناس في انتقادهم أو رفضهم .

2-والذي يتزعزع عن الصراط المستقيم والجادة السوية لتشنيع المشنعين ولمز اللامزين هذا في إيمانه ضعف ، فتجده إذا رفضه الناس أو تكلموا عليه ترك الحق ، وهذا يحصل كثير ، يترك الحق ويتعذر لأولئك ويسترضيهم ويطلب منهم العفو ويترك دين الله في سبيل أن يرضوا عنه .
وفي الحديث " من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ، ومن التمس سخط الله برضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه الناس " فيخسر بطريقته دينه وأيضاً يخسر رضا الناس فلا يفوز لابهذه ولا بهذه ، بينما لو صبر على الحق والهدى وعلى أذى الناس تكون العاقبة له حميدة في البابين ، فيفوز برضا الله جل وعلا وأيضاً ربٌ العالمين يُرضي عنه الناس.
وهذا أمر ينبغي أن ينتبه له طالب العلم الذي أكرمه الله بفهم العقيدة ومعرفة السنة حين يرجع إلى مجتمع عجّ بالبدع وانتشرت فيه الضلالات وعمت فيه المخالفات والمنكرات ، يدخل مجتمعه طالباً لرضا رب السموات والأرض ويصبر على ما قد يناله من أذى ، وقد أُوذي النبيون والصالحون ، يصبر على ذلك والعاقبة للمتقين .
" وإياك و آراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول "وعادة الآراء تُزخرف وتُزين حتى تُنفق ، وليكون لها رواج بين الناس ، فيحذر رحمه الله من ذلك ، كلمات هؤلاء وآراءهم تُزخرف وتُزين حتى تُنفق ، مثلهم تماماً من عنده بضاعة فاسدة لو رآها المشتري على حقيقتها ماقبلها ،فتجده يحاول أن يضع عليها أشياء و زخارف وأمور جميلة فيشتريها بدون تردد ، ثم تبين بعد ذلك أنها تالفة ليست صالحة ، وهكذا أصحاب الآراء العاطلة الباطلة يزخرفونها للناس ويزينونها حتى تُنفق فيحذر رحمه الله تعالى من ذلك .


الدرس على ملف (وورد):http://www.4shared.com/file/ZdA6ChZS/___1.html

  #23  
قديم 29 ذو القعدة 1432هـ/26-10-2011م, 09:53 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

شرح كتاب (لمعة الاعتقاد) لابن قدامة, للشيخ عبد الرزاق البدر) الدرس2)

المتن:

{وقال محمد بن عبد الرحمن الأدرمي لرجل تكلم ببدعة ودعا الناس إليها: هل علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي أولم يعلموها؟ قال: لم يعلموها. قال: فشيْ لم يعلمه هؤلاء علمته؟ قال الرجل: فإني أقول قد علموها. قال: أفوسعهم ألاّ يتكلموا به, ولا يدعوا الناس إليه, أم لم يسعهم؟ قال: بلى, وسعهم. قال: فشيء وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه, لا يسعك أنت؟ فانقطع الرجل. فقال الخليفةـ وكان حاضرا:لا وسّع الله على من لم يسعه ما وسعهم.
وهكذا من لم يسعه ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان والأئمة من بعدهم, والراسخين في العلم, من تلاوة آيات الصفات، وقراءة أخبارها, وإمرارها كما جاءت فلا وسّع الله عليه}

الشرح:
= نقل الإمام ابن قدامة خلاصة لمناظرة نافعة عليها أمارات التسديد والتوفيق وإفحام المبطل, حصلت في مجلس أحد خلفاء بني العباس وهو الواثق بالله.
"وقال محمد بن عبد الرحمن الأدرمي": القصة مخرّجة في عدد من المصادر منها الشريعة للآجرّي, وتاريخ بغداد, ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي, وسير أعلام النبلاء للذهبي, وفي بعض المصادر أوردت مطوّلة وفي بعضها مختصرة, وهو الأذرمي بالذال, والاسم: أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي.
"ببدعة ودعا الناس إليها": المراد بالبدعة هنا: بدعة القول بخلق القرآن, وهي بدعة ثارت في ذلك الزمان, وأوذي أهل العلم بسببها بالسجن والضرب فكانت فتنة عظيمة.
= فهذه المناظرة حصلت في مجلس الواثق بالله بين الأذرمي وأحمد بن أبي دوءاد رأس البدعة, والمسألة التي تناظروا فيها مسألة خلق القرآن التي يقرّرها أحمد بن أبي دوءاد وغيره من أئمة الضلال ودعاة الباطل.
قال "هل علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي أو لم يعلموها": وهذه طريقة جدا نافعة في المناظرة, الإعادة إلى الأصل, هل علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة أم لم يعلموها, إن قال: لم يعلموها, له جواب, وإن قال, علموها, له جواب,
1- فإذا قال: لم يعلموها, يقال له: أمر من دين الله لم يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلمه صحابته الكرام وعلمته أنت؟!
2- وإن قال: علموها, يطالب بالبيان, إذا كانوا علموا ذلك, أين قالوا ذلك؟ فإذا لم يأت ببيان أنهم علموا ذلك وهو يدّعي أنهم علموه, يقال علموه وكتموه ولم يبيّنوه.
فالأول اتهام بالجهل, والثاني اتهام في النصح, فلا يخلو أن يكون متّهما لهم بالجهل لشيء من دين الله سبحانه وتعالى, أو متّهما لهم بعدم النصح في دين الله تبارك وتعالى.
"قال: لم يعلموها": لأنه يعرف لو قال يعرفونها, يقال له: أعطنا الدليل, هات الحديث أو الأثر أن الصحابة قالوا ذلك,
"قال: فشيء لم يعلمه هؤلاء علمته؟": تعلم من دين الله ما لم يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم! وما لم يعلمه الصحابة الكرام,
"قال الرجل: فإني أقول: قد علموها": رجع الآن لمّا ألزمه بهذه الحجّة, رجع وقال: لا إني أقول قد علموها, وهذا يفيد أن صاحب البدعة 1- ليست له قدم 2- وكثير الاضطراب 3- وكثير التنقّل 4- وفي مجلس المناظرة تجد له أكثر من قول.
وهذا من الدلائل أنه ليس على الهدى, بينما صاحب الحق راسخ القدم على جادّة واضحة وعلى هدي مستقيم,وفي ذم السلف الصالح لأهل البدع قالوا: إياكم والتنقّل في الدين.
"قال: أفوسعهم ألاّ يتكلّموا به ولا يدعوا الناس إليه, أم لم يسعهم": إذا كنت تعتقد أنهم علموا ذلك, هل وسعهم عدم بيان هذا الأمر أم لم يسعهم.
"قال: بلى, وسعهم"
"قال: فشيء وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه, لا يسعك أنت": وهذا يقوله له من باب الإلزام, إذا كنت تدّعي فعلا أنهم علموا ولم يبيّنوا, هل كان ذلك قد وسعهم أم لم يسعهم؟ قال: بل وسعهم. قال: فإذا كنت تعتقد أن هذا وسعهم ألا يسعك ما وسع الصحابة.
وهذا يقوله له من باب الإلزام, وإلا فإن الصواب في هذا: أن يبيّن له أنّ هذا اتهام لهم في النصح, إذا كانوا علموا وهو من دين الله ولم يبيّنوا, هذا طعن في نصحهم.
ولا يخلو المتقوّل على الصحابة والمنحرف عن جادتهم في مثل هذه المناظرة من أن يكون عنده طعن1-إمّا في علم الصحابة 2- أو في قدرتهم على البيان 3- أو في نصحهم للناس.
في أي بدعة من البدع –عقديّة أو عمليّة- تناظر فيها شخصا, تناظره في ضوء هذه الأمور الثلاثة:
1- تقول له: أخبرني هل هذا الذي تدعو إليه –سواء كانت بدعة عقدية أو عمليّة-, هل علم الصحابة ذلك أم لم يعلموا؟
لا يخلو في الجواب من أمرين, إمّا أن يقول علموا, أو يقول لم يعلموا, فإن قال لم يعلموا, طعن في علمهم, بمعنى أن عنده من العلم ما ليس عند الصحابة, وهذا طعن في علمهم.
وإن قال علموا, ينتقل إلى الخطوة الثانية
2- هل كان عندهم قدرة على البيان أم لم يكن عندهم قدرة,فإذا قال ليس عندهم قدرة على بيانه وأنا لديّ قدرة على بيان هذا الأمر, طعن في فصاحتهم وقدرتهم على البيان, وإذا قال علموه وأيضا كانوا قادرين على البيان, ليسلم من إلزامك له باتهامهم بالجهل وعدم القدرة على البيان, فتلزمه إلزاما ثالثا.
3- وهو تقول له: إذا كانوا قد علموه وكانوا قادرين على بيانه, هل بيّنوه أو كتموه, إن قال بيّنوه, تقول له أين بيّنوه؟ فتطالبه بالمصدر أي بالدليل, ولا دليل عنده, فالبدع المحدثات ليست منقولة عن الصحابة, فلن يستطيع أن يأتي بشيء ينقل عن الصحابة يمكن أن يدعم بدعته وضلالته, وكتب الآثار موجودة وليس فيها ما يدعم أهل البدع والضلال في بدعهم وضلالهم.
ابن مسعود يقول في وصفه لحال الصحابة: إنّا نقتدي ولا نبتدي ونتبع ولا نبتدع ولن نضل ما تمسّكنا بالأثر.
وإذا قال لم يبيّنوا, يكون بذلك قد طعن في نصحهم.
ولهذا المخالف لنهج الصحابة عندما يناظر بهذه الطريقة لا يخلو من:
1- إمّا أن يطعن في علمهم, 2- أو أن يطعن في قدرتهم على البيان, 3- أو أن يطعن في نصحهم للناس,
ولا يمكن أن يخلص من هذه الأمور الثلاثإلاّ بالرجوع للنهج الذي كان عليه الصحابة ويترك البدعة التي يدعوإليها,أو يكابر ويغلق الموضوع لأنّها إلزامات قويّة آخذة مفحمة.
"فانقطع الرجل": وهذه هي النهاية, إمّا أن يرجع أو ينقطع.
"فقال الخليفة –وكان حاضرا: لا وسّع الله على من لم يسعه ما وسعهم": وهذه كلمة عظيمة, فالذي لا يسعه ما وسع الصحابة لا وسّع الله عليه " أو لم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم" الذي لا يكفيه كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلّم وما كان عليه الصحابة, ما الذي يكفيه!
ثمّ قال ابن قدامة معلّقا:" وهكذا من لم يسعه ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابه والتّابعين لهم بإحسان والأئمة من بعدهم, والرّاسخين في العلم, من تلاوة آيات الصفات, وقراءة أخبارها, وإمرارها كما جاءت, فلا وسّع الله عليه".

  #24  
قديم 29 ذو القعدة 1432هـ/26-10-2011م, 10:43 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

شرح كتاب (لمعة الاعتقاد) لابن قدامة, للشيخ عبد الرزاق البدر الدرس (3)

المتن :
فمما جاء في آيات الصفات :
قول الله تعالي : " ويبقى وجه ربك "
وقوله سبحانه وتعالى : " بل يداه مبسوطتان "
وقوله تعالى إخباراً عن عيسى عليه السلام أنه قال :" تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك "
وقوله سبحانه: " وجاء ربك"
وقوله : " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله "
وقوله تعالى: " رضي الله عنهم ورضوا عنه "
وقوله تعالى :" يحبهم ويحبونه"
وقوله في الكفار :" غضب الله عليهم "
وقوله تعالى:" اتبعوا ما أسخط الله "
وقوله تعالى:" كره الله انبعاثهم "
الشرح :
بعد أن قرر وأصل المسألة بالنقل عن أئمة السلف في تأصيل المنهج الذي كانوا عليه ، وبين الطريقة التي كانوا عليها في هذا الباب ، انتقل إلى ذكر الأدلة من القرآن والأدلة من السنة في إثبات الصفات لله تبارك وتعالي ، فأخذ يسوق الآيات والأحاديث على طريقة السلف في تقرير الاعتقاد : فتراهم يسوقون الآيات من كلام الله عز وجل ويسوقون الأحاديث من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم مؤمنين ومقرين بما دلت عليه من صفات لله تبارك وتعالى ، وهذه الطريقة لا تراها إطلاقا في كتب المتكلمين سواء منهم من سلك مسلك التأويل أو سلك مسلك التفويض أو سلك أي مسلك آخر .
لاترى هذه الطريقة إلا في كتب أئمة السلف الذين للنصوص عندهم حرمة ويرون أن المعول عليها ، وأن الواجب هو الإقرار بما جاء في كلام الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن تمر كما جاءت مثلما قال ابن قدامة في آخر كلامه المتقدم "و إمرارها كما جاءت" : والمراد بإمرارها كما جاءت ، بتلاوتها وإثبات المعاني التي جاءت محملة بها .
لان السلف رحمهم الله وقد قالوا " أمرّوها كما جاءت بلا كيف " أرادوا بذلك أن تقرأ مع إثبات المعاني التي دلت عليها لأنها جاءت محملة بالمعاني ، لم تأت ألفاظا جوفاء وكلمات لا معاني لها ، بل جاءت ألفاظا محملة بالمعاني ، فإذا قرأت مثلا " بل يداه مبسوطتان " ثم قرأت " الرحمن على العرش استوى " ثم قرأت " غضب الله عليهم " ، قال السلف رحمهم الله في بيان المنهج الذي تكون عليه " أمرّوها كما جاءت " فإن إمرارك لهذه الآيات كما جاءت : بإثبات الاستواء الذي دل عليه " الرحمن على العرش استوى " ، وبإثبات اليدين الذي دل عليه " بل يداه مبسوطتان" ، وبإثبات الغضب الذي دل عليه " غضب الله عليهم "، وهذا معنى وهذا معنى وهذا معنى ، فكل آية دلّت على معنى ، الاستواء معنى والغضب معنى واليدان معنى ، فإمرارها كما جاءت إنما يكون بإثبات المعاني .
وبهذا يُعلم أن المفوّض لم يمرّوا نصوص الصفات كما جاءت لأنها جاءت محملة بالمعاني، والمفوضة لا يثبتون المعاني.
قال " وإمرارها كما جاءت " ثم ساق رحمه الله هذه الآيات : أي لتمرّ كما جاءت بإثبات المعاني التي دلت عليها هذه النصوص ، وهذه طريقة السلف رحمهم الله مع نصوص صفات الله عز وجل .
قال "فمما جاء من آيات الصفات ": المراد بآيات الصفات،أي الآيات المثبتة لصفاتٍ لله عزوجل بمعنى أن الآية الأولى تثبت صفة الوجه ،والآية الثانية تثبت اليدان وهكذا....فهذه آيات جاءت مثبتة لصفاتٍ لله سبحانه وتعالى. والمطلوب من المسلم أن يمرّها كما جاءت بإثبات الصفات التي دلت عليها هذه الآيات،
الآية الأولى :قول الله تعالى "ويبقى وجه ربك " في هذه الآية إثبات الوجه صفةً لله سبحانه وتعالى والوجه هنا مضاف إلى الربّ ، وما أُضيف إلى الرب سبحانه وتعالى فإنه خاص به ، وهو من الصفات الذاتية الثابتة لله عزوجل في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم،ويبنى على القاعدة المعروفة "ليس كمثله شي وهو السميع البصير".
فالوجه إذا أُضيف إليه سبحانه ليس كمثله وجه، واليد إذا أُضيفت إليه ليس كمثلها يد ،والسمع إذا أُضيف إليه ليس كمثله سمع، والبصر إذا أُضيف إليه ليس كمثله بصر، فالإضافة تقتضي التخصيص ،وأن مايُضاف إلى الله سبحانه وتعالى يخصه ويليق بجلاله وكماله وعظمته سبحانه وتعالى.
وقوله سبحانه وتعالى "بل يداه مبسوطتان " في الآية إثبات اليدين صفةً لله وهو من الصفات الذاتية ،وقد قال الله تعالى فيما ذكره عن قصة عدم سجود إبليس قال " ما منعك أن تسجد لما خلقتُ بيديّ" بالتثنية ،فالله سبحانه وتعالى له يدان تليقان بجلاله وكماله وعظمته .
ولا يجوز أن يتصّور متصور أو يفهم أحد أن يديّ الله سبحانه وتعالى كأيديّ المخلوقين ،فإن من تصور ذلك وظن ذلك ،ما قدر الله ربه حق قدره، وقد قال الله تعالى :" وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه "فكيف يقول عاقل وهو يتلو هذه الآيات ،يُلزم من إثبات اليد حقيقة لله أن تكون كأيدينا ،هذا لا يقوله إلا من لا يعقل كلام الله ولا يفهم ،وإلا فإن اليد المضافة إلى الله سبحانه وتعالى تليق به وبكبريائه وبجلاله وبعظمته سبحانه وتعالى .
"وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه " لمّا تلوث أقوامُ بالتشبيه ،ولم يفهموا من هذه الآيات إلا مثل مايفهمونه من الصفات المضافة إلى المخلوقات أرادوا تنزيه الله تبارك وتعالى عن التشبيه الذي فهموا وتلوثوا به فسلكوا مسلك التأويل ،وسلك آخرون مسلك التفويض إلى غير ذلك من المسالك الباطلة .
وقوله تعالى إخباراً عن عيسى عليه السلام أنه قال " تعلمُ مافي نفسي ولا أعلم مافي نفسك ": الشاهد قوله "ولا أعلم مافي نفسك " ،والمراد بقوله نفسك :أي الله سبحانه وتعالى الموصوف بصفات هذا هو المراد بها ،وليست النفس هنا صفة ،ولكن المراد بالنفس هنا الله الموصوف بالصفات ،وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على ذلك ،وبيّن أنها ليست صفة ،وإنما المراد بقوله " ولا أعلم مافي نفسك" أي الله سبحانه الموصوف بالصفات, لا أنها صفة مستقلة.
وقوله سبحانه "وجاء ربّك": وهذه صفة لله عزوجل, وهي من صفاته سبحانه وتعالى الفعليّة, وهو عزوجل يجيء يوم القيامة مجيئا يليق بجلاله وكماله لا يشبه مجيء المخلوقين.
وقوله تعالى "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله": في إثبات الإتيان, والإتيان والمجيء معناهما واحد وهما صفة ثابتة لله تبارك وتعالى تليق بجلال الرب وكماله وعظمته سبحانه.
وقوله "رضي الله عنهم ورضوا عنه": فيه إثبات الرضا صفة لله عزوجل وأنه يرضى الأعمال الصالحات ويرضى عن العاملين, فالرضا صفة ثابتة لله سبحانه في كتابه وفي سنة نبيّه صلى الله عليه وسلّم, فقوله "رضي الله عنهم" هذا رضا عن العاملين بطاعته سبحانه, وقوله سبحانه "ورضيت لكم الإسلام دينا" هذا رضا بالعمل الذي يحبّه الله سبحانه وتعالى, فهو يرضى لعباده هذا الدين القويم, ويرضى عن العاملين بهذا الذي رضيه سبحانه وتعالى لهم دينا.
ولا يرضى لعباده الكفر, ولا يرضى سبحانه وتعالى عن الكافرين, بل يسخط سبحانه وتعالى الكفر وأهله ويبغض الكفر سبحانه وتعالى وأهله, ويمقت سبحانه الكفر والكافرين.
وقوله تعالى "يحبّهم ويحبّونه": فيه إثبات المحبّة صفة لله عزوجل, وأنه تعالى يحب أهل الإيمان ويحب سبحانه وتعالى الأعمال الصّالحات المقرّبة إليه سبحانه وتعالى, وقوله "ويحبّونه": فيه فضل ذلك ومكانته العظيمة, وأن من أحب الله حقا أحبّه الله, من أحب الله حقا لا بالادّعاء أحبّه الله تعالى, وأن حب الله حقا وصدقا رأس الخيرات وأساس الفضائل وحسن الإقبال على الله سبحانه وتعالى, ولذلك علامة, وهي الاتباع كما قال تعالى: "قل إن كنتم تحبّون الله –أي حقًا وصدقا- فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"
وقوله في الكفّار "غضب الله عليهم": فيه إثبات الغضب صفة لله سبحانه وتعالى, وكذلك الآيتين بعده:
وقوله تعالى"اتبعوا ما أسخط الله": أيضا فيها إثبات السخط صفة لله,
وقوله تعالى "كره الله انبعاثهم": إثبات صفة الكره صفة لله تبارك وتعالى, وهذه كلّها صفات فعليّة ثابتة لله جلّ وعلا.
المتن:
[ ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربّنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا"
وقوله صلى الله عليه وسلم "يعجب ربّك من الشاب ليست له صبوة"
وقوله "يضحك الله إلى رجلين قتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنّة"
فهذا وما أشبهه ممّا صحّ سنده وعدّلت روايته نؤمن به, ولا نردّه, ولا نَجْحَدُه, ولا نتأوّله بتأويل يخالف ظاهره, ولا نشبّهه بصفات المخلوقين, ولا بسمات المحدثين, ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" وكل ما يخيّل في الذهن أو خطر بالبال, فإن الله تعالى بخلافه]
الشرح:
ثم أورد بعض أحاديث الصفات من سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم, بدأ هذه الأحاديث بحديث النزول, وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام "ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له من يدعوني فأستجيب له", أسند النبي صلى الله عليه وسلم النزول في هذا الحديث وأضافه إلى الرب سبحانه وتعالى, قال: ينزل ربنا, فلا يجوز لأحد أن يتجرّأ على كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول ليس الذي ينزل ربنا, والنزول لا يليق به, وإنّما الذي ينزل ملك ربنا, أو التي تنزل رحمة ربنا أو أمر ربنا, كما درج على ذلك المعطّلة في تقريراتهم الباطلة, وإنّما الواجب أن يُمرّ النص كما جاء, وأن يثبت كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم.
وحديث النزول حديث متواتر نقله أو سمعه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقرب من الثلاثين صحابيّا ذكرهم بأسمائهم وذكر أحاديثهم العلاّمة ابن القيّم رحمه الله في كتابه (الصواعق المرسلة), وهو حديث تلقته الأمّة بالقبول وأمرّوه كما جاء وأثبتوه كما ورد, أثبتوا لله عزوجل النزول الثابت في هذا الحديث على الوجه اللاّئق بجلال الله وكماله وعظمته فهو عزوجل ينزل نزولا يليق بجلاله وكماله, كما أخبر بذلك رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
والحديث واضح وصريح في أن الذي ينزل هو الرب نفسه سبحانه وتعالى لا كما يدّعيه المعطّلة أن الذي ينزل هو الملك أو الأمر أو الرحمة, ويكفي قراءة الحديث وحده في رد تأويل هؤلاء, لأنه قال: ينزل ربّنا,
أولا: أضاف النزول إلى الله,
ثم السياق كلّه يتعلّق بالله سبحانه وتعالى, قال: ينزل ربنا إلى سماء الدنيا, فيقول, من الذي يقول؟ من يسألني فأعطيه من يستغفرني .. من يدعوني ..,من الذي يقول ذلك؟ لو قال قائل من هؤلاء: الذي ينزل الملك, كيف يكون الكلام؟!!
ينزل ملك ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة في ثلث الليل الأخير فيقول –أي الملك- من يسألني ..!! يمكن هذا الكلام؟! هذا كلام باطل, لو كان الذي ينزل الملك, لكان أسلوب الكلام مختلف عن هذا تماما.
ولا يمكن للناصح الأمين صلى الله عليه وسلم أن يأتي بهذا الأسلوب ويسمعه منه ما يقرب من ثلاثين صحابياً وفي كل ذلك يضيف النزول إلى الله سبحانه وتعالى وهو يريد أن الذي ينزل هو المَلك وليس الله، هذا ليس من النصح ،ولا أيضاً من البيان ،وحاشا النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك.
ولو كان الذي ينزل فعلا هو المَلك لاختلفت صيغة الحديث, مثل ما جاء في الحديث الآخر: قال" إن الله إذا أحبّ عبده نادى جبريل إني أُحب فلانا فأحبّه, فيحبّه جبريل فينادي في أهل السماء إن الله يحبّ فلانا فأحبّوه" وعليه لو كان الذي ينزل فعلا هو الملك لتغيّرت الصيغة وكانت "ينزل مَلك ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة ويقول إن ربكم يقول من يدعوني .. من يسألني .. من يستغفرني .." مثل ما جاء في الحديث الآخر,إن الله يحبّ فلانا فأحبّوه, إذا قوله في الحديث "من يسألني .. من يدعوني .. من يستغفرني .. " هذا صريح وواضح في أن الذي ينزل هو الرب.
وفي بعض ألفاظ الحديث وطرقه الثّابتة أيضا زيادة تقرر الأمر "ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة فيقول لا أسأل عن عبادي أحدا غيري .." هل هذه الكلمة يمكن أن يقولها الملك, لا أسأل عن عبادي أحدا غيري, ولهذا يكفي في ردّ قول هؤلاء تلاوة الحديث نفسه.
فائدة: من أفضل الطرق وأنفعها في الردّ على المعطّلة والمؤوّلة للنصوص, هو تلاوة النصوص, وقد تقدّم:
"بل يداه مبسوطتان" إذا أوّل المؤوّل اليد بالنعمة, قال يده نعمته, أو يده قدرته في مثل قوله تبارك وتعالى "يد الله فوق أيديهم" قال لك قائل يده قدرته, مباشرة اقرأ عليه آية ثانية, قل اليد هي القدرة! يقول لك نعم!
اقرأ عليه آية أخرى "بل يداه مبسوطتان" قل له ماذا تقول؟ قدرتاه مبسوطتان! يستقيم الكلام!
اقرأ عليه آية ثانية "ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ" بقدرتيّ!! يستقيم الكلام !!
اقرأ عليه أيضا حديث "يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة ... ثم قال في تمامه .. وبيده الأخرى.." يمين الله ملأى, قدرته على تأويل هذا, وبيده الأخرى, ماذا يقول؟! وبقدرته الأخرى, ما يستقيم الكلام.
وهذه طريقة نافعة جدّا في الردّ, تقرأ على المتأوّل الآيات والأحاديث في هذا الباب الذي يتأوّله, فتجد أنه يضطرب ولا يستقيم تأويله, لا يستقيم إطلاقا ويظهر تناقضه وخطؤه.
وابن تيمية التزم مع المبطلة أيّا كانوا أن لا يستدلّوا على باطلهم بآية من القرآن أو حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا ويرد عليهم بالآية نفسها وبالحديث نفسه, لأن كلام الله حق وكلام هؤلاء باطل.

  #25  
قديم 29 ذو القعدة 1432هـ/26-10-2011م, 11:11 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

شرح كتاب (لمعة الاعتقاد) لابن قدامة, للشيخ عبد الرزاق البدر الدرس (4)
وقوله "يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة": هذا الحديث فيه إثبات صفة العجب، وهذه الصفة ثبتت في القرآن "بل عجبت ويسخرون" وثبتت في السنة في أحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما هذا الحديث الذي ساقه المصنّف وهو في المسند للإمام أحمد وغيره، فإنه ضعيف الإسناد, لأن فيه عبدالله بن لهيعة صدوق قد اختلط, وضعّف الحديث جماعة من أهل العلم, فالحديث ضعيف الإسناد, ولكن الصفة ثابتة, ثبتت في أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومعنى قوله "من الشاب ليست له صبوة" أي من شاب نشأ من أوّل أمره على الاستقامة, لم تكن له صبوة في شبابه, فغالب الشباب في ثورة الشباب واندفاع وهيجان الشباب تجد له صبوة, وتجد له أشياء إذا كبر لا يرضاها عن نفسه ويتمنى أن لو لم يكن فعلها في شبابه, لكن في ثورة الشباب وقع فيها ومارسها, وإذا كبر لا يرضاها ويأسف لفعله لتلك الأفعال ويندم على أنه وقع فيها, هذه تسمّى صبوة الشباب.
"من الشاب ليست له صبوة": أي من أول الأمر وهو على الاستقامة, بعض الشباب من نشأته من توفيق الله وهو على الجادّة وعلى الاستقامة لا يُعرف بانحراف ولا يُعرف بجنوح, وفي السبعة الذين يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه شاب نشأ في طاعة الله, أي من أوّل الأمر وهو على الطّاعة والاستقامة.
وقوله "يضحك الله إلى رجلين قتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنّة" وهذا فيه إثبات الضحك صفة لله سبحانه وتعالى, ويكون المقتول أولا قتله الآخر في الجهاد, ويكون الآخر كافرا بالله فيقتل المسلم ثمّ يكتب الله سبحانه وتعالى لذلك القاتل الإسلام, ويهديه لهذا الدين, فيدخل هو ومن قتله إلى الجنّة, وكثير ممن قاتلوا الصحابة -رضي الله عنهم- وقتلوا بعض الصحابة هداهم الله سبحانه وتعالى للإسلام وأكرمهم الله سبحانه بذلك فكانوا من أهل الجنّة هم ومن كانوا قد قتلوهم في المعارك التي دارت بين المسلمين والكفّار.
وفي حديث أبي رزين لمّا سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يضحك ربنا, قال أبو رزين: أو يضحك ربّنا, قال: نعم, قال: لا عدمنا الخير من ربّ يضحك.
هذا وأمثاله من النصوص المأثورة عن السلف رحمهم الله تدلّ دلالة واضحة على أنهم فهموا المعاني, فهموا معاني الصفات خلافا لما عليه أو ما يدّعيه المفوّضة أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقرءون نصوص الصفات ولا يفهمون معناها, وإنّما كانوا يقرءونها قراءة مجرّدة بمنزلة الأميين الذين يتلون الكتاب ولا يفهمون معناه, ومن قال إن السلف كانوا كذلك, فقد جهل مذهبهم, وجهّلهم, وكذب عليهم, هذه ثلاثة أمور يقع فيها من يدّعي أن الصحابة ومن اتبعهم بإحسان كان مذهبهم في الصفات التفويض, تفويض المعاني, فهو في الحقيقة جهل مذهبهم, وجهّلهم, رماهم بالجهل في أعظم الأمور وهو باب الصفات, صفات الله سبحانه وتعالى, وكذب عليهم, لأنه نسب إليهم ما لا يعتقدونه, ونسب إليهم ما لم يكونوا عليه, فيكون كذب عليهم.
قال "فهذا وما أشبهه ممّا صحّ سنده وعدّلت روايته نؤمن به ولا نردّه": هنا يوضّح الجادّة التي كان عليها السلف تجاه أحاديث الصفات.
"ممّا صحّ سنده وعدّلت روايته" يعني إذا كان الحديث صحيحا ثابتا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فإننا نؤمن به ولا نرده, فنتلقّاه بالقبول, فمن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا القبول والتسليم, نؤمن به ولا نردّه.
"ولا نجحده" كما هي طريقة المعطّلة.
"ولا نتأوّله بتأويل يخالف ظاهره" كما هي طريقة المحرّفة, محرّفة نصوص الصفات, فحذّر أولا من مسلك التعطيل ثم حذّر ثانيا من مسلك التحريف, ثم حذر ثالثا من مسلك التشبيه والتمثيل قال:
"ولا نشبهه بصفات المخلوقين ولا بسمات المحدثين" فحذّر من مسلك التمثيل, "ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
ثمّ حذّر رابعا من مسلك التكييف, قال "وكل ما يخيّل في الذهن أو خطر بالبال, فإن الله تعالى بخلافه" وهذا فيه يبطل مسلك التكييف.
فهي أمور أربعة يجب الحذر منها في باب الصفات:
1-التعطيل, وحذّر منه بقوله "لا نردّه ولا نجحده"

2التحريف, وحذّر منه بقوله "ولا نتأوّله بتأويل يخالف ظاهره


3-التشبيه, وحذّر منه بقوله "ولا نشبهه بصفات المخلوقين"

4-التكييف, وحذّر منه بقوله "وكل يخيّل في الذهن أو خطر بالبال, فإن الله تعالى بخلافه", أي أن المكيّف مهما قدّر في ذهنه من الجمال والكمال والعظمة وظنّ ذلك هو وصف الله, فالله سبحانه أعظم من ذلك, لأن صفاته سبحانه لا يبلغ كنهها الواصفون مهما أوتي الإنسان من حدّة الذهن والذكاء وحسن الوصف والبيان, فالله سبحانه أعظم من ذلك.

وقوله هنا "الله تعالى بخلافه" الأدق أن يقال: فإن الله أعظم من ذلك, كل ما يخيّل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله سبحانه أعظم من ذلك, بمعنى ما توصّل إليه المكيّف بذهنه وقدّر أن هذا هو صفة الرب سبحانه, فالله سبحانه أعظم من ذلك, كما في الذكر العظيم الحبيب إلى الله تعالى "الله أكبر", ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم "أحبّ الكلام إلى الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر".
وهذه الكلمة: الله أكبر, وحدها كافية في إبطال التكييف, فيقال لمن كيّف مهما بلغ به ذهنه من تقدير لأمر يدّعي أنه وصف الله, يقال له: الله أكبر, فلا يبلغ كنه صفاته وكيفيّة صفاته الواصفون مهما قدّروا, فالله سبحانه أكبر من ذلك, والإنسان عاجز عن أن يبلغ كنه المخلوقات وحقيقة وكيفيّة صفاتها,عاجز عن ذلك.
عبد الرحمن بن مهدي لقي غلاما خاض في التكييف, فقال له: يا غلام دعنا ننظر في كيفيّة بعض المخلوقات, فإن استطعت أن تعرف كيفيتها ننتقل للكلام في كيفيّة خالق المخلوقات, وإن عجزت عن معرفة كيفيّتها فأنت عن معرفة كيفيّة خالقها أعجز, هذا معنى كلامه, فوافق الغلام.
قال له: إن الله عزوجل خلق الملائكة ولها أجنحة "جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء", وإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل وقد سدّ الأفق وله ستمائة جناح, أخبرني هذه الأجنحة التي عليها هذا الملك كيف تتركّب وكيف يطير بها.
ستمائة جناح!! والمعروف أن الطيران بجناحين في حدود فهم الإنسان وما يراه ويشاهد.
ففتح فمه ولم يحر جوابا, قال: لا أنا أهوّن عليك, من الملائكة من له ثلاث أجنحة, جناح عن يمينه وجناح عن يساره والجناح الثالث هذا أين؟! كيف يطير إذا كان له ثلاث أجنحة, فقال الغلام: انتهيت.
لأنه وجد نفسه عاجز عن معرفة كيفيّة مخلوق من المخلوقات فكيف يجرؤ على الخوض في كيفيّة خالق المخلوقات.
إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أذن لي أن أحدّثكم عن ملك من الملائكة ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه تخفق فيه الطير سبعمائة سنة" يعني لو طار طير من عاتق الملك متّجه إلى شحمة الأذن يحتاج إلى سبعمائة سنة طيران حتى يصل إلى شحمة الأذن, هذا مخلوق والله أكبر, هذا مخلوق من مخلوقات الله سبحانه وتعالى.
تأمّل أيضا في حديث أبي ذر "لمّا لقي النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن آية الكرسيوخرج الحديث مخرج التفسير للآية- قال عليه الصلاة والسلام: ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت في فلاةأي قطعة صغيرة من حديد ألقيت في صحراء, ماذا تشكّل الحلقة من الحديد بالنسبة إلى الصحراء- وما السموات السبع في الكرسي إلا مثل ذلك"
فانظر إلى هذه النسب,السموات بالنسبة للكرسي كحلقة من حديد ألقيت في صحراء, والكرسي بالنسبة للعرش كحلقة من حديد ألقيت في صحراء, والله سبحانه فوق العرش, جلّ وعلا مستو عليه استواء يليق بجلاله, فكيف يجرؤ عاقل ويقول: إذا أثبتنا لله الصفات لزم أن تكون كصفاتنا, هذا ما عنده عقل... فعلى كل التكييف باطل والتشبيه باطل والتحريف الذي هو التأويل, كتأويل المبطلة باطل, والتعطيل باطل, كل هذه أمور باطلة وضلالات, والحق في إمرار الصفات كما جاءت, وإثباتها كما وردت على جادّة أهل السنّة وطريقتهم.
المتن:
{ ومن ذلك: قوله تعالى "الرحمن على العرش استوى"
وقوله تعالى "ءأمنتم من في السماء"
وقول النبي صلى الله عليه وسلم "ربنا الله الذي في السماء تقدّس اسمك"
وقال للجارية: "أين الله؟" قالت: في السماء. قال: "أعتقها, فإنها مؤمنة". رواه مالك بن أنس, ومسلم, وغيرهما من الأئمة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحصين: "كم إلـها تعبد؟" قال: سبعة, ستة في الأرض, وواحدا في السماء. قال: "من لرغبتك ورهبتك؟" قال: الذي في السماء. قال: "فاترك الستة واعبد الذي في السماء, وأنا أعلمك دعوتين" فأسلم وعلّمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: "اللهم ألهمني رشدي, وقني شرّ نفسي"
وفيما نقل من علامات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الكتب المتقدمة أنهم يسجدون بالأرض ويزعمون أن إلـههم في السماء.
وروى أبوداود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن ما بين سماء إلى سماء مسيرة كذا وكذا" وذكر الخبر إلى قوله: "وفوق ذلك العرش, والله سبحانه فوق ذلك".
فهذا وما أشبهه ممّا أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله, ولم يتعرّضوا لردّه ولا تأويله, ولا تشبيهه ولا تمثيله.
سئل مالك بن أنس رحمه الله فقيل: يا أبا عبدالله "الرحمن على العرش استوى" كيف استوى؟ فقال: الاستواء غير مجهول, والكيف غير معقول, والإيمان به واجب, والسؤال عنه بدعة, ثم أمر بالرجل فًأخرج.}
الشرح:
فصّل هنا المؤلف رحمه الله بعض الشيء بذكر أدلة صفة العلو لله, وأفرد في هذا كتابا وهو مطبوع "إثبات العلو لابن قدامة" لإثبات هذه الصفة, صفة العلو, وتوسّع فيه, في نقل الأدلة على إثبات هذه الصفة من القرآن ومن السنة ومن النقول المأثورة عن السلف الصالح رحمهم الله.
وفي هذه الرسالة اختصر على ذكر بعض الأدلة الدالّة على هذه الصفة العظيمة, بدأها؛
بقوله تعالى "الرحمن على العرش استوى" ومعنى استوى: علا وارتفع, لأن هذا هو معنى الاستواء, العلو والارتفاع, ومعنى استوى على العرش: أي علا وارتفع عليه علوّا وارتفاعا يليق بجلاله وكماله وعظمته, وقد جاء إثبات هذه الصفة في سبعة مواضع من القرآن منها هذا الموضع "الرحمن على العرش استوى" وفي ستة مواضع قال تعالى "ثم استوى على العرش".
وقوله تعالى "ءأمنتم من في السماء" أي الله جل وعلا, ومعنى قوله في السماء: أي العلو, وهذا فيه إثبات علو الله على خلقه, لأن المراد بالسماء أي العلو.
فقوله "ءأمنتم من في السماء" أي ءأمنتم من في العلو, الذي له العلو المطلق جل وعلا ذاتا وقدرا وقهرا, وأيضا يحتمل أن المراد بالسماء: أي المبنيّة وتكون في بمعنى على, بمثل ما جاء في الحديث "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" المراد بـ ارحموا من في الأرض: أي من على الأرض, يرحمكم من في السماء: أي يرحمكم من على السماء.
فإذا أريد بالسماء في الآية المبنية, فإن في بمعنى على, في القرآن آيات كثيرة جدا تأتي فيها في بمعنى على "لأصلبنكم في جذوع النخل" "فسيحوا في الأرض" هذه كلّها بمعنى على, وإذا كانت في على بابها فإن المراد بالسماء العلو, وبكلا المعنيين, في الآية إثبات العلو صفة لله سبحانه وتعالى.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ربنا الله الذي في السماء تقدّس اسمك" الحديث رواه أبوداود وغيره وإسناده ضعيف, فيه زيادة بن محمد الأنصاري وهو منكر الحديث, لكن المقرّر في الحديث ثابت في الآية المتقدّمة وثابت في أحاديث كثيرة جدّا صحّت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حديث الجارية الآتي بعده عند المصنّف.
وقال للجارية: "أين الله؟" قالت: في السماء. قال: "أعتقها, فإنها مؤمنة". رواه مالك بن أنس, ومسلم, وغيرهما من الأئمة, وهذا فيه إثبات أن الله في السماء على المعنى الذي سبق إيضاحه في قوله "ءأمنتم من في السماء".
وقوله عليه الصلاة والسلام للجارية: أين الله؟ فيه صحّة هذا السؤال واستقامته, خلافا لما عليه أهل البدع في كتب الكلام حين يقولون: لا يُسأل عنه بأين, ويقولون لا يشار إليه بإصبع, مع أن النبي عليه الصلاة والسلام سأل الجارية بهذا الحديث الصحيح الثابت أين الله, وفي حجّة الوداع حين خطب الناس رفع إصبعه عليه الصلاة والسلام إلى السماء وقال "اللهم فاشهد", قال: "هل بلّغت" قالوا: نعم, فرفع إصبعه إلى السماء قال: "اللهم فاشهد".

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir