دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > الأسماء والصفات > الأسماء والصفات للبيهقي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 ربيع الأول 1432هـ/22-02-2011م, 11:42 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي باب: الفرق بين التلاوة والمتلو

باب: الفرق بين التلاوة والمتلو

قال الله جل ثناؤه: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}.
وقال تعالى: {والطور وكتاب مسطور في رق منشور}.
وقال جلّ وعلا: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم}.
وقال تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}.
وقال عز وجل: {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا}. فالقرآن الذي نتلوه كلام الله تعالى، وهو متلو بألسنتنا على الحقيقة مكتوب في مصاحفنا، محفوظ في صدورنا، مسموع بأسماعنا غير حال في شيء منها، إذ هو من صفات ذاته غير بائن منه، وهو كما أن الباري عز وجل معلوم بقلوبنا، مذكور بألسنتنا، مكتوب في كتبنا، معبود في مساجدنا، مسموع بأسماعنا، غير حال في شيء منها، وأما قراءتنا وكتابتنا وحفظنا فهي من اكتسابنا، واكتسابنا مخلوق لا شك فيه.
قال الله عز وجل: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} وسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم تلاوة القرآن فعلا.
[الأسماء والصفات: 2/5]
569- أخبرنا أبو عمرٍو محمّد بن عبد الله الأديب، أخبرنا أبو بكرٍ الإسماعيليّ، أخبرنا أبو بكرٍ الفريابيّ، حدّثنا إسحاق، وعثمان، قال إسحاق: أنا، وقال عثمان: حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: لا حسد إلاّ في اثنتين: رجلٌ آتاه اللّه القرآن فهو يتلوه آناء اللّيل والنّهار، فيقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل، ورجلٌ آتاه اللّه مالا فهو ينفقه في حقّه، فيقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا عملت مثل ما يعمل.
رواه البخاريّ في "الصّحيح"، عن عثمان بن أبي شيبة، وقتيبة بن سعيدٍ
570- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن أبي الهيثم المطّوعيّ، ببخارى، حدّثنا محمّد بن يوسف الفربريّ، قال: سمعت أبا عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاريّ، يقول: أمّا أفعال العباد مخلوقةٌ، فقد حدّثنا عليّ بن عبد الله، حدّثنا مروان بن معاوية، حدّثنا أبو مالكٍ، عن ربعيّ بن حراشٍ، عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: قال النّبيّ
[الأسماء والصفات: 2/6]
صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ اللّه تعالى يصنع كلّ صانعٍ وصنعته وتلا بعضهم عند ذلك: واللّه خلقكم وما تعملون
قال أبو عبد الله البخاري: وسمعت عبيد الله بن سعيد يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما زلت أسمع أصحابنا يقولون: أفعال العباد مخلوقة.
قال البخاري: حركاتهم وأصواتهم وأكسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب، الموعى في القلوب، فهو كلام الله تعالى ليس بخلق.
قال الله عز وجل: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم}.
قال البخاري: وقال إسحاق بن إبراهيم: فأما الأوعية فمن يشك في خلقها؟ قال الله عز وجل: {وكتاب مسطور في رق منشور}.
وقال تعالى: {بل هو قرآن مجيد، في لوح محفوظ} فذكر أنه يحفظ ويسطر قال: {وما يسطرون}
قال محمد بن إسماعيل: حدّثنا روح بن عبد المؤمن، حدّثنا يزيد بن زريع، حدّثنا سعيد عن قتادة: {والطور وكتاب مسطور} قال: المسطور المكتوب} {في رق منشور}، وهو الكتاب
571- وقرأت في كتاب محمد بن نصر عن أحمد بن عمر، عن عبدان، عن ابن المبارك، قال: الورق والمداد مخلوق، فأما القرآن فليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله عز وجل
[الأسماء والصفات: 2/7]
572- وفيما أجازني محمد بن عبد الله الحافظ روايته عنه أن أبا بكر بن إسحاق الفقيه أخبرهم: أنا محمد بن الفضل بن موسى، حدّثنا شيبان، حدّثنا يحيى بن كثير، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} قال: لولا أن يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد أن يتكلم بكلام الله عز وجل
573- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدّثنا إبراهيم بن الحسين، حدّثنا آدم بن أبي إياس، حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر}، قال: هونا قراءته، وفي قوله: {وكتاب مسطور} يعني صحفا مكتوبة} {في رق منشور} يعني في صحف. وقال في قوله عز وجل: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} يقول: إنسان يأتي فيستمع ما نقول ويسمع ما أنزل الله فهو آمن حتى يسمع كلام الله، وحتى يبلغ مأمنه من حيث جاء
[الأسماء والصفات: 2/8]
574- أخبرنا عليّ بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيدٍ الصّفّار، حدّثنا إسماعيل القاضي، حدّثنا مسدّدٌ، حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: انطلق رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم في طائفةٍ من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظٍ، وقد حيل بين الشّياطين وبين خبر السّماء، وأرسلت عليهم الشّهب، فرجعت الشّياطين إلى قومهم، فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السّماء، وأرسلت علينا الشّهب، قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السّماء إلاّ شيءٌ حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها وانظروا ما هذا الّذي حال بينهم وبين خبر السّماء، فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها، يبتغون ما هذا الّذي حال بينهم وبين خبر السّماء، فانصرف أولئك النّفر الّذين توجّهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو بنخلة، وادٍ قرب مكّة، عامدًا إلى سوق عكاظٍ، وهو يصلّي بأصحابه صلاة الفجر، فلمّا سمعوا القرآن استمعوا له، فقالوا: هذا واللّه الّذي حال بينكم وبين خبر السّماء فهناك حين رجعوا إلى قومهم، قالوا: يا قومنا إنّا سمعنا قرأنا عجبًا يهدي إلى الرّشد فآمنّا به ولن نشرك بربّنا أحدًا فأنزل اللّه تعالى على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم قل أوحي إليّ أنّه استمع نفرٌ من الجنّ، وإنّما أوحى اللّه تعالى إليه صلّى اللّه عليه وسلّم قول الجنّ.
رواه البخاريّ في "الصّحيح"، عن مسدّدٍ.
ورواه مسلمٌ، عن شيبان، عن أبي عوانة
[الأسماء والصفات: 2/9]
575- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو مسلمٍ، حدّثنا حجّاج بن منهالٍ، حدّثنا هشيمٌ، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: نزلت هذه الآية والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم متوارٍ بمكّة، فكان إذا صلّى رفع صوته، فإذا سمع ذلك المشركون سبّوا القرآن ومن نزل به ومن جاء به، فقال اللّه عزّ وجلّ لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها أسمع أصحابك وابتغ بين ذلك سبيلا، أسمعهم بالقرآن حتّى يأخذوا عنك.
رواه البخاريّ في "الصّحيح"، عن حجّاج بن منهالٍ.
ورواه مسلمٌ، عن محمّد بن الصّبّاح، والنّاقد، عن هشيم بن بشيرٍ وفي هذا دلالةٌ على أنّ القرآن مسموعٌ بأسماعنا
576- وأخبرنا أبو الحسن المقرئ، أخبرنا أبو عمرو الصفار، حدّثنا أبو عوانة، حدّثنا عثمان بن خرزاذ، قال: سمعت الوليد بن عتبة، يقول: سمعت ابن عيينة، يقول: أو ليس من نعم الله عليكم أن جعلكم أن تستطيعوا أن تسمعوا كلامه..
ورويناه في الحديث الثابت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله في بأمر يتلى. وفي ذلك دلالة على أن كلام الله تعالى متلو بألسنتنا، وفي هذا المعنى
[الأسماء والصفات: 2/10]
577- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني إسماعيل بن محمّد بن الفضل بن محمّدٍ الشّعرانيّ، حدّثنا جدّي، حدّثنا إبراهيم بن حمزة، حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازمٍ، عن يزيد بن الهاد، عن محمّد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أنّه سمع رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ما أذن اللّه لشيءٍ ما أذن، أي استمع يعني لنبيٍّ حسن الصّوت بالقرآن يجهر به.
رواه البخاريّ في "الصّحيح"، عن إبراهيم بن حمزة.
وأخرجه مسلمٌ من وجهٍ آخر
578- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريّا بن أبي إسحاق المزكّي، قالا: أنا القاضي أبو بكرٍ أحمد بن كامل بن خلف بن سجرة، ببغداد، حدّثنا محمّد بن سعدٍ يعني العوفيّ، حدّثنا شعبة، عن سليمان الأعمش، قال: سمعت ذكوان يحدّث، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، أنّ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: لا حسد إلاّ في اثنتين: رجلٌ علّمه اللّه القرآن فهو يتلوه آناء اللّيل وآناء النّهار، فسمعه جارٌ له، فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلانٌ فعملت مثل ما يعمل، ورجلٌ آتاه اللّه مالا فهو يهلكه في الحقّ، فقال رجلٌ:
[الأسماء والصفات: 2/11]
يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلانٌ فعملت مثل ما يعمل.
رواه البخاريّ في "الصّحيح"، عن عليّ بن إبراهيم، عن روحٍ
579- أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ، حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن جعفرٍ المزكّي، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم العبديّ، حدّثنا أبو خالدٍ هدبة بن خالدٍ، حدّثنا همّام بن يحيى، حدّثنا قتادة، عن أنس بن مالكٍ، عن أبي موسى الأشعريّ رضي اللّه عنهما، قال: إنّ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: مثل المؤمن الّذي يقرأ القرآن كمثل الأترجّة، طعمها طيّبٌ وريحها طيّبٌ، ومثل المؤمن الّذي لا يقرأ القرآن كمثل التّمرة، طعمها طيّبٌ ولا ريح لها، ومثل الفاجر الّذي يقرأ القرآن، كمثل الرّيحانة ريحها طيّبٌ وطعمها مرٌّ، ومثل الفاجر الّذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمها مرٌّ ولا ريح لها.
رواه البخاريّ ومسلمٌ في "الصّحيح"، عن هدبة بن خالدٍ
580- أخبرنا أبو عليٍّ الرّوذباريّ، أخبرنا أبو بكر بن محمويه العسكريّ، حدّثنا جعفر بن محمّدٍ القلانسيّ، حدّثنا آدم، حدّثنا شعبة، حدّثنا قتادة، قال: سمعت زرارة بن أوفى، يحدّث عن
[الأسماء والصفات: 2/12]
سعد بن هشامٍ، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: مثل الّذي يقرأ القرآن وهو له حافظٌ مثل السّفرة الكرام البررة، ومثل الّذي يقرؤه ويتعاهده وهو عليه شديدٌ فله أجران.
رواه البخاريّ في "الصّحيح"، عن آدم وفيه دلالةٌ على أنّ القرآن مقروءٌ بألسنتنا محفوظٌ في صدورنا
581- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو جعفرٍ محمّد بن محمّد بن عبد الله البغداديّ، حدّثنا يحيى بن عثمان بن صالحٍ السّهميّ، حدّثنا عمرو بن الرّبيع بن طارقٍ، حدّثنا يحيى بن أيّوب، حدّثنا خالد بن يزيد، عن ثعلبة بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما، قال: إنّ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: من قرأ القرآن فقد استدرج النّبوّة بين جنبيه، غير أنّه لا يوحى إليه، لا ينبغي لصاحب القرآن أن يحدّ مع من حدّ، ولا
[الأسماء والصفات: 2/13]
يجهل مع من جهل وفي جوفه كلام الله عزّ وجلّ قلت: ومعنى هذا: وفي جوفه حفظ كلام الله عزّ وجلّ، وفي ذلك، إن ثبت مع الثّابت قبله، دلالةٌ على أنّ كلام الله عزّ وجلّ محفوظٌ في صدورنا كما قال اللّه عزّ وجلّ: بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم، وفي هذا المعنى
582- أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيدٍ الصّفّار، حدّثنا بشر بن موسى، حدّثنا أبو عبد الرّحمن المقرئ، حدّثنا ابن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن
[الأسماء والصفات: 2/14]
عقبة بن عامرٍ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: لو كان القرآن في إهابٍ ما مسّته النّار
[الأسماء والصفات: 2/15]
583- أخبرنا أبو الحسن المقرئ الإسفراييني، أخبرنا أبو عمرٍو الصّفّار، حدّثنا أبو عوانة، قال: سمعت إسحاق بن إبراهيم بن هانئٍ، يقول: سمعت أحمد بن حنبلٍ، يقول في حديث عقبة بن عامرٍ، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: لو كان القرآن في إهابٍ يعني: في جلدٍ في قلب رجلٍ، يرجى لمن القرآن في قلبه محفوظٌ أن لا تمسّه النّار
584- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: سمعت أبا عليٍّ الحسن بن أحمد بن موسى، يقول: سمعت أبا عبد الله البوشنجيّ، يقول في معنى قول رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: لو كان القرآن في إهابٍ ما مسّته النّار قال: معناه أنّ من حمل القرآن وقرأه لم تمسّه النّار
585- أخبرنا أبو طاهرٍ الفقيه، أخبرنا حاجب بن أحمد الطّوسيّ، حدّثنا أبو عبد الرّحمن المروزيّ، حدّثنا ابن المبارك، أخبرنا يونس بن يزيد، عن الزّهريّ، قال: حدّثني السّائب
[الأسماء والصفات: 2/16]
بن يزيد، أنّ شريحًا الحضرميّ ذكر عند رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: ذاك رجلٌ لا يتوسّد القرآن
586- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أحمد بن محمد الخطيب بمرو، حدّثنا عبد الله بن يحيى القاضي السرخسي، حدّثنا محمد بن النضر، حدّثنا منصور بن خالد، قال: سمعت ابن المبارك، يقول: لا أقول القرآن خالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله تعالى ليس منه ببائن. قلت: هذا هو مذهب السلف والخلف من أصحاب الحديث أن القرآن كلام الله عز وجل، وهو صفة من صفات ذاته ليست ببائنة منه، وإذا كان هذا أصل مذهبهم في القرآن، فكيف يتوهم عليهم خلاف ما ذكرنا في تلاوتنا وكتابتنا وحفظنا، إلا أنهم في ذلك على طريقتين، منهم من فصل بين التلاوة والمتلو كما فصلنا، ومنهم من أحب ترك الكلام فيه مع إنكار قول من زعم أن لفظي بالقرآن غير مخلوق. وبصحة ذلك
[الأسماء والصفات: 2/17]
587- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق يقول: سمعت أبا محمد فوران يقول: جاءني ابن شداد برقعة فيها مسائل، وفيها: إن لفظي بالقرآن غير مخلوق. فدفعتها إلى أبي بكر المروزي، فقلت له: اذهب بها إلى أبي عبد الله وأخبره أن ابن شداد ها هنا، وهذه الرقعة قد جاء بها، فما كرهت منها أو أنكرته فاضرب عليه. فجاءني بالرقعة وقد ضرب على موضع: لفظي بالقرآن غير مخلوق، وكتب: القرآن حيث يصرف غير مخلوق. قلت: أبو عبد الله هذا هو أحمد بن حنبل رضي الله عنه
588- وأخبرنا أبو عبد الله، وأبو سعيد قالا: حدّثنا أبو العباس، قال: سمعت محمدا، يقول: سمعت أبا محمد فوزان يقول: جاءني صالح بن أحمد، وأبو بكر المروزي عندي فدعاني إلى أبي عبد الله وقال لي: إنه قد بلغ أبي أن أبا طالب قد حكي عنه أنه يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق. فقوموا إليه، فقمت واتبعني صالح
[الأسماء والصفات: 2/18]
وأبو بكر، فدار صالح من بابه فدخلنا على أبي عبد الله ووافانا صالح من بابه، فإذا أبو عبد الله غضبان شديد الغضب يتبين} الغضب في وجهه، فقال لأبي بكر: اذهب جئني بأبي طالب. فجاء أبو طالب، وجعلت أسكن أبا عبد الله قبل مجيء أبي طالب، وأقول: له حرمة. فقعد بين يديه وهو يرعد متغير الوجه، فقال له أبو عبد الله: حكيت عني أني قلت: لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ قال: إنما حكيت عن نفسي، فقال له: لا تحك هذا عنك ولا عني، فما سمعت عالما يقول هذا. وقال له: القرآن كلام الله غير مخلوق حيث يصرف. فقلت لأبي طالب وأبو عبد الله يسمع: إن كنت حكيت هذا لأحد فاذهب حتى تخبره أن أبا عبد الله قد نهى عن هذا. قال الشيخ: فهاتان الحكايتان تصرحان بأن أبا عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه بريء مما خالف مذهب المحققين من أصحابنا، إلا أنه كان يستحب قلة الكلام في ذلك، وترك الخوض فيه، مع إنكار ما خالف مذهب الجماعة، وفي مثل ذلك:
589- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: قرأت بخط أبي عمرو المستملي.
[الأسماء والصفات: 2/19]
سمعت أبا عثمان سعيد بن إشكاب الشاشي يقول: سألت إسحاق بن راهويه بنيسابور عن اللفظ بالقرآن، فقال: لا ينبغي أن يناظر في هذا، القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق
590- سمعت أبا عمرو محمد بن عبد الله البسطامي، يقول: سمعت أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن ناجية، يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل، يقول: سمعت أبي يقول: من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن، فهو كافر. قلت: هذا تقييد حفظه عنه ابنه عبد الله وهو قوله: يريد به القرآن فقد غفل عنه غيره ممن حكى عنه في اللفظ خلاف ما حكينا حتى نسب إليه ما تبرأ منه فيما ذكرنا
591- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال، سمعت محمد بن يوسف المؤذن الدقاق، قال: سمعت أبا حامد بن الشرقي، يقول: حضرت مجلس محمد بن يحيى يعني الذهلي فقال: ألا من قال لفظي بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسنا. فقام
[الأسماء والصفات: 2/20]
مسلم بن الحجاج من المجلس. قلت: ولمحمد بن يحيى مع محمد بن إسماعيل البخاري رحمهما الله تعالى في ذلك قصة طويلة، فإن البخاري كان يفرق بين التلاوة والمتلو، ومحمد بن يحيى كان ينكر التفصيل، ومسلم بن الحجاج رحمه الله كان يوافق البخاري في التفصيل. ثم تكلم محمد بن أسلم الطوسي في ذلك بعبارة رديئة، فقال فيما بلغني عنه: الصوت من المصوت كلام الله. وأخذه عنه فيما بلغني محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله، وعندي أن مقصود من قال ذلك منهم نفي الخلق عن المتلو من القرآن، إلا أنه لم يحسن العبارة عما كان في ضميره من ذلك، فتكلم بما هو خطأ في العبارة والله أعلم
592- وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن العباس الضبي يقول: سمعت أبا الفضل البطاييني، ونحن بالري يقول ـ وكان أبو الفضل يحجب بين يدي أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة إذا ركب ـ قال: خرج أبو بكر محمد بن إسحاق يوما قرب العصر من منزله فتبعته وأنا لا أدري أين مقصده، إلى أن بلغ باب معمر، فدخل دار أبي عبد الرحمن ثم خرج وهو منقسم القلب، فلما بلغ المربعة الصغيرة وقرب من خان مكي وقف وقال لمنصور الصيدلاني: تعال. فعدا إليه منصور، فلما وقف بين يديه قال له: ما صنعتك؟ قال: أنا عطار. قال: تحسن صنعة الأساكفة؟ قال: لا. قال: تحسن صنعة النجارين؟ قال: لا. فقال لنا: إذا كان العطار لا يحسن غير ما هو فيه، فما تنكرون على فقيه راوي حديث أنه لا يحسن
[الأسماء والصفات: 2/21]
الكلام وقد قال لي مؤدبي ـ يعني المزني رحمه الله ـ غير مرة: كان الشافعي رضي الله عنه ينهانا عن الكلام. قلت: أبو عبد الرحمن هذا كان معتزليا ألقى في سمع الشيخ شيئا من بدعته وصور له من أصحابه، يريد أبا علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي، وأبا بكر بن إسحاق الصبغي، وأبا محمد بن يحيى بن منصور القاضي، وأبا بكر بن أبي عثمان الحيري رحمهم الله أجمعين، أنهم يزعمون أن الله تعالى لا يتكلم بعدما تكلم في الأزل، حتى خرج عليهم وطالت خصومتهم، وتكلم بما يوهم القول بحدوث الكلام، مع اعتقاده قدمه، ثم إن أبا بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أملى اعتقاده واعتقاد رفقائه على أبي بكر بن أبي عثمان، وعرضه على محمد بن إسحاق بن خزيمة فاستصوبه محمد بن إسحاق وارتضاه واعترف فيما حكينا عنه بأنه إنما أتى ذلك من حيث إنه لم يحسن الكلام، وكان فيما أملى من اعتقادهم فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ عن نسخة ذلك الكتاب: من زعم أن الله تعالى جل ذكره لم يتكلم إلا مرة ولا يتكلم إلا ما تكلم به ثم انقضى كلامه كفر بالله، بل لم يزل الله متكلما، ولا يزال متكلما، لا مثل لكلامه لأنه صفة من صفات ذاته، نفى الله تعالى المثل عن كلامه، كما نفى المثل عن نفسه، ونفى النفاد عن كلامه كما نفى الهلاك عن نفسه، فقال عز وجل: {كل شيء هالك إلا وجهه}.
وقال تعالى: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي} فكلام الله عز وجل غير بائن عن الله ليس هو دونه ولا غيره ولا هو هو، بل هو صفة من صفات ذات كعلمه الذي هو صفة من صفات ذاته، لم يزل ربنا عالما، ولا يزال عالما، ولم يزل يتكلم، ولا يزال يتكلم، فهو الموصوف بالصفات العلى، ولم يزل بجميع صفاته التي هي صفات ذاته واحدا ولا يزال، وهو اللطيف الخبير. وكان فيما
[الأسماء والصفات: 2/22]
كتب: القرآن كلام الله تعالى وصفة من صفات ذاته، ليس شيء من كلامه خلقا ولا مخلوقا، ولا فعلا ولا مفعولا، ولا محدثا ولا حدثا ولا أحداثا
593- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: سمعت أبا الحسن علي بن أحمد الزاهد البوشنجي يقول: دخلت على عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي بالري فأخبرته بما جرى بنيسابور بين أبي بكر بن خزيمة وبين أصحابه، فقال: ما لأبي بكر والكلام؟ إنما الأولى بنا وبه أن لا نتكلم فيما لم نتعلمه. فخرجت من عنده حتى دخلت على أبي العباس القلانسي فقال: كان بعض القدرية من المتكلمين وقع إلى محمد بن إسحاق فوقع لكلامه عنده قبول. ثم خرجت إلى بغداد فلم أدع بها فقيها ولا متكلما إلا عرضت عليه تلك المسائل، فما منهم أحد إلا وهو يتابع أبا العباس القلانسي على مقالته، ويغتم لأبي بكر محمد بن إسحاق فيما أظهره. قلت: القصة فيه طويلة، وقد رجع محمد بن إسحاق إلى طريقة السلف وتلهف على ما قال والله أعلم
[الأسماء والصفات: 2/23]


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفرق, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir