رسالة تفسيرية في قوله تعالى :
(وَأمّا مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ ونَهى النَفْسَ عَنِ الهَوى﴾
الأسلوب المقاصدي.
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، فالحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا.
لا يخفى على احد أن من أهم مقاصد القرآن العظيم ، تزكية نفس المؤمن بتخليتها من الأخلاق الرذيلة وتحليتها بالأخلاق الفاضلة.وقد نجد هذا المقصد العظيم يظهر في قوله تعالى :
)وَأمّا مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ ونَهى النَفْسَ عَنِ الهَوى﴾
فيقول ربنا تبارك وتعالى من خاف أن يقوم بين يدي الله عز وجل ، ولا شك أن من تذكر الوقوف بين يدي الله رق قلبه وخشع، وهنا جاءت الإضافة لتشريف ذلك المقام، فالعبد الذي يخاف حكم الله فيه يوم القيامة، عليه أن يتخلص من الرذائل، ويحرص على ما ينفعه.
ولعل من أهم الرذائل التي يجب أن يتخلص منها لتزكو نفسه هي : نهي هذه النفس عن اتباع الهوى.
والهوى هو : هو اتباع شهوات النفس وما جرى مجراها.
فالهوى هو الميل والمقصود به ميل النفس إلى الشئ فيفعله.
فعن ابن عباس قال في تفسير هذه الآية : خاف الله عند المعصية فانتهى عنها.
ولاشك أن الهوى سبب في وقوع الإنسان في المعصية، فتلك النفس الامارة بالسوء تلح عليه في اتباع هواها.
ولعل تزكية النفس تبدا بتجريد النفس عن الهوى، وطاعتها في كل ما تريد وتشتهي.
وكمال ابن عياض : أفضل الأعمال خلاف الهوى.
ولما لا والنفس جبلت على أن تشتهي وتطلب ، وغالب ما تشتيه في غير المشروع.
وحتى إن كان ما تطلبه مباحا، فعلى العبد أن يروض تلك النفس، ويحكم لجامها، حتى يتمكن منها فلا تغلبه.
ولو ان الإنسان أطاع نفسه في كل ما ترغب هلك.
فالنفس تهوى الراحة والشح ، فما أشدهما على المؤمن لو تملكا منه.
فعلى العبد ان ينظر في هواه فيخالفه، فإن كان نجى من اتباع الهوى الأنبياء والصديقين، فعلى كل من أراد أن يقتدي بهم ويهتدي بهداهم، أن يجاهد نفسه ويخالف هواه، فتحصل له التزكية.
وهو مقصد الآية ومرادها