1219-وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ:إِنَّ أُنَاساً كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ،وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
* مُفْرَداتُ الحديثِ:
-يُؤْخَذُونَ: يُقالُ: أُخِذَ به يُؤْخَذُ مُؤَاخَذَةً، والمُؤَاخَذَةُ: المعاقَبَةُ على الذنبِ.
*ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1-هذا الأثرُ مِن عمرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَه للناسِ، وهو أميرُ المؤمنينَ؛ فأَقَرُّوه عليه، فصَارَ مِثْلَ الإجماعِ، وهو موافِقٌ لقواعدِ الشريعةِ.
2-يَدُلُّ على هذا الأصلِ ما رَوَاهُ الحافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في (الإرشادِ)، من أنه شَهِدَ عندَ عمرَ رجلٌ، فقالَ له عمرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (لَسْتُ أَعْرِفُكَ، فَأْتِ بِمَنْ يُعَرِّفُكَ) رَوَاهُ البَغْدَادِيُّ بإسنادٍ حَسَنٍ.
3-قالَ الشيخُ تَقِيُّ الدينِ: خبرُ الفاسقِ ليسَ بمردودٍ، بل هو مُوجِبٌ للتبيُّنِ والتثَبُّتِ؛ كما قالَ تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحُجُرَات:6].
قالَ ابنُ القَيِّمِ: الفاسِقُ باعتقادِه إذا كانَ محافِظاً في دِينِه، فإنَّ شَهَادَتَه مقبولةٌ، وإنْ حَكَمْنَا بفِسْقِه؛ كأهلِ البِدَعِ مِن الخوارِجِ، والمُعْتَزِلَةِ، ونحوِهم؛ هذا منصوصُ الأَئِمَّةِ.
4-كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياتِه يَعْرِفُ المنافِقينَ، فكانَ يُخْبِرُ بهم بعضَ الصحابةِ، ومنهم حُذَيْفَةُ.
5-اسْتُدِلَّ بالحديثِ على قَبُولِ شَهادةِ مَن لم تَظْهَرْ مِنه رِيبَةٌ، نَظَراً إلى ظاهرِ حالِه، وأنه يَكْفِي في التعديلِ ما يَظْهَرُ مِن حالِ المُعَدَّلِ الاستقامةُ، من غيرِ كَشْفٍ عن حقيقةِ سَرِيرَتِه؛ لأنَّ ذلك مُتَعَذِّرٌ إلاَّ بالوَحْيِ، فقدِ انْقَطَعَ.
6-قالَ في (الرَّوْضِ وحاشِيَتِه): ويَكْفِي في التَّزْكِيَةِ عَدْلانِ يَشْهَدَانِ لعدالةِ الشاهدِ، هذا هو المشهورُ مِن المَذْهَبِ، وعنه، تَكْفِي تَزْكِيَةُ الواحدِ للواحدِ، وعليه العَمَلُ.