دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثامن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 ذو الحجة 1440هـ/29-08-2019م, 11:53 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الأول: مجلس القسم الرابع من دورة "سير أعلام المفسرين"

مجلس القسم الرابع من دورة "سير أعلام المفسرين"
لفضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل -حفظه الله.


اختر مفسّراً من المفسرين الذين درست سيرهم واكتب عنه رسالة تعريفية مختصرة ( في حدود صفحة إلى ثلاث صفحات ) تبيّن فيها أهم ما ورد في سيرته
والفوائد التي استفدتها من دراستك لسيرته.


- لايسمح بتكرار اختيار المفسر إلا بعد تغطية جميع المفسرين.

تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 ذو الحجة 1440هـ/29-08-2019م, 01:36 PM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي

اختار سيرة مجاهد رحمه الله تعالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 ذو الحجة 1440هـ/29-08-2019م, 11:38 PM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي



ابن سيرين التابعي المفسر

اسمه:
أبو بكر محمد بن سيرين البصري الأنصاري.

مولده ونشأته:
  • أصله من "عين التمر" وهي بلدة غربي الكوفة قريب من الأنبار، فتحها خالد بن الوليد عنوة سنة 12هـ في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
  • ولد عام 33 هـ من أسرة مباركة فكان أبوه سيرين صحابيا وهو مولى لأنس بن مالك ثم كاتبه وعتق خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأمّه صفية صحابية ومولاة لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وتزوّجا في المدينة.
  • نشأ محمد بن سيرين في المدينة، وحفظ عن أبي هريرة رضي الله عنه أحاديث كثيرة حتى عدّه الإمام أحمد بن حنبل أثبت الناس في أبي هريرة،
  • وكان يحفظ ولا يكتب، إلا ما طال عليه من الأحاديث فيكتبه حتى يحفظه ثم يمحوه.
رؤيته وطلبه للعلم:
تعدّدت مصادره في الطلب عن علماء الصحابة والتابعين مما كان له أكبر الأثر في سعة معرفته، وبصره بالإجماع والخلاف.
فقد رأى ابن سيرين عدداً من الصحابة رضي الله عنهم وأخذ من علمهم وسَمْتِهم وأدبهم خيراً كثيراً.
  • فأخذ عن العديد من الصحابة والتابعين بالمدينة والكوفة ومكة والبصرة والمدائن ودمشق ومصر .
  • قال فضيل بن عياض: قلت لهشام بن حسان: (كم أدرك الحسن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ثلاثين ومائة.
    قال: قلت: كم أدرك ابن سيرين؟ قال: ثلاثين).رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وابن عساكر في تاريخ دمشق.

    علمه وفضله:
  • كان ابن سيرين من علماء التابعين وعُبَّادهم، فقيهاً مفسّراً، حافظاً ثبتاً، ناقداً بصيراً، حادّ الذكاء واسع المعرفة عالماً بالقضاء والفرائض والحساب والتجارة وعبارة الرؤيا على صلاح واستقامة وحسن سمتٍ وَوَرَعٍ يتعجَّب منه العلماء.
  • وكان مُقدَّما مع الحسن البصري لدى أهل البصرة، وكانوا يرون أنّه لا يعدل بابن سيرين أحداً بالبصرة، وثناء الأئمة عليه كثير مستفيض.
قال قريش بن أنس: حلف عوفٌ أنه « لم ير أحداً أعلم بكتاب الله ولا بطريق الجنة وطريق النار من الحسن، ولم أر أحدا أعلم بتجارة ولا بقضاء ولا بفرائض ولا بحساب من محمد ».رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال ابن سعد: (محمد بن سيرين، ويكنى أبا بكر، مولى أنس بن مالك، وكان ثقة مأمونا، عاليا رفيعا، فقيها إماما، كثير العلم، ورعا، وكان به صمم).

أخلاقه وشمائله
كان ابن سيرين كريما رغم رقة حاله، حليما فقيها ورعا زاهدا في الدنيا لا ينظر فيها عند الناس ولا يحسدهم عليه، ضاحكا مازحا مستبشرا.
- قال حماد بن زيد، عن هشام بن حسان قال: سمعت محمداً يقول: «ما حسدت أحداً شيئا قط، بَرًّا ولا فاجرا»رواه ابن سعد
- وقال حماد بن زيد عن غالب القطان قال: (خذوا بحلم محمد ولا تأخذوا بغضب الحسن). رواه ابن عساكر.
- وقال أحمد بن حنبل: حدثنا إبراهيم بن حبيب، عن هشام، قال: «كان آل ابن سيرين لا يدخل عليهم داخل إلا قربوا له طعاما حتى إذا كان آخراً وخفَّت حالُهم كانوا يشترون من ذلك البُسْرِ المطبوخِ أو المغليّ فإذا دخل داخلٌ قدَّموا إليه من ذلك البُسْر» رواه أبو نعيم.
- وقال عاصم الأحول: ذُكِرَ محمد عند أبي قلابة، فقال: (اصرفوه حيث شئتم، فلتجدنَّه أشدَّكم ورعاً، وأملكَكُم لنفسه).رواه ابن سعد في الطبقات
- وقال سعيد بن عامر: سمعت هشام بن حسان يقول: (ترك محمد بن سيرين أربعين ألف درهم في شيء ما ترون به اليوم بأساً).رواه ابن عساكر
- قال عمرو بن رسته: حدثنا يوسف بن عطية أبو سهل، قال: «رأيت محمد بن سيرين وكان كثير المزاح كثير الضحك» رواه أبو نعيم في الحلية.

صلاحه وعبادته وبره بأمه
كان صالحا عابدا قد أعطي سمتا وخشوعا، بارا بأمه خافضا جناحه لها.
- قال خلف بن هشام: «كان محمد بن سيرين قد أُعطيَ هَدْيا، وسمتا، وخشوعا، فكان إذا رأوه ذكروا الله» رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الأولياء".
- وقال حماد بن سلمة، عن أيوب وهشام «أن ابن سيرين كان يصوم يوما، ويفطر يوما» رواه ابن سعد.
- وقال ابن علية: أنبأنا ابن عون (أنّ محمد بن سيرين كان يصوم عاشوراء يومين ثم يفطر بعد ذلك يومين، وذلك أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً).رواه ابن عساكر.
- وقال ابن عون: أنبأني يوسف، عن عبد الله بن الحارث (أنَّ محمداً نام عن العشاء حتى تفرَّطت ثم قام فصلاها ثم أحيا بقية ليله) رواه أبو نعيم.
- قال هشام بن حسان: حدثتني حفصة بنت سيرين قالت: «كانت أم محمد امرأة حجازية، وكان يعجبها الصبغ، وكان محمد إذا اشترى لها ثوبا اشترى أَلْيَنَ ما يجد، لا ينظر في بقائه، فإذا كان كلَّ يومِ عيدٍ صبغَ لها ثيابها»
قالت: «وما رأيته رافعا صوته عليها قط، وكان إذا كلَّمها كلَّمها كالمصغِي إليها بالشيء»رواه ابن سعد وابن عساكر.

موقفه من الفتن وتحذيره من البدع
- قال العجلي: (لم ينجُ من فتنةِ ابن الأشعث بالبصرة إلا رجلان: مطرف بن عبد الله، ومحمد بن سيرين، ولم ينج منها بالكوفة إلا رجلان: خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي، وإبراهيم النخعي).
- قال سعدويه: حدثنا صالح المري قال: دخل رجل على ابن سيرين وأنا شاهد؛ ففتح باباً من أبواب القدَر فتكلَّم فيه؛ فقال محمد بن سيرين: ( إما أن تقوم وإما أن أقوم). رواه ابن عساكر.

تعبيره الرؤى:
- قال ضمرة عن ابن شوذب قال: جاء رجل يسأل الحسنَ عن رؤيا؛ فقال: ( أخطأت ، ذاك ابن سيرين الذي يعبر الرؤيا كأنه من آل يعقوب).رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
- قال شيبان النحوي: حدثنا سلام بن مسكين، قال: سمعت محمد بن سيرين، يقول: «إذا اتقى اللهَ العبدُ في اليقظة لا يضرّه ما رئي له في النوم»رواه أبو نعيم.

مواعظه ووصاياه:
- قال هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أنه قال: «إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم» رواه مسلم في مقدمة صحيحه.
- وقال حبيب بن الشهيد، عن ابن سيرين، قال: «إذا أراد الله تعالى بعبدٍ خيراً جعل له من قلبه واعظاً يأمره وينهاه» رواه أحمد في الزهد
- وقال الربيع بن صبيح، عن محمد بن سيرين قال: «ظلما لأخيك أن تذكر فيه أسوأ ما تعلم منه، وتكتم خيره»رواه وكيع في الزهد.

شيوخه ورواياته:
أرسل محمد بن سيرين عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي الدرداء وسلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان وعائشة وابن عباس وكعب بن عجرة وغيرهم.
وسمع أبا هريرة وزيد بن ثابت وابن عمر وأبا سعيد الخدري وأنساً وأبا قتادة وأبا موسى الأشعري وسمرة بن جندب، وعمران بن الحصين، وعدي بن حاتم، وابن الزبير، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.
وروى عن جماعة من التابعين منهم: عبيدة السلماني، وشريح القاضي، والربيع بن خثيم، وعلقمة بن قيس النخعي، وكثير بن أفلح، وأبي العالية الرياحي.
واختلف في سماعه من مسروق.

مذهبه في الرواية:
كان محمد بن سيرين يحدّث بالحديث على حروفه، وكان شديد التثبّت والتوقّي، وإذا شكّ في رفع حديث أو وَقْفِهِ وَقَفَه، وكان حافظاً لا يكتب الحديث إلا ما روي عنه من صحيفة أبي هريرة، وكان يستودعها أخاه، وكان لا يرضى أن يكون في بيته كتاب.
- قال محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثنا ابن عون قال: (كان محمد يحدث بالحديث على حروفه).رواه ابن سعد وابن عساكر.

مراتب رواة التفسير عن محمد بن سيرين:
رواة التفسير عن محمد من سيرين في كتب التفسير المسندة على مراتب:
المرتبة الأولى: الثقات المكثرون، ومنهم: هشام بن حسان القردوسي، وأيوب بن أبي تميمة السختياني، وعبد الله بن عون، ويونس بن عبيد، وخالد الحذاء، وعاصم بن سليمان الأحول، وعوف بن أبي جميلة الأعرابي.
المرتبة الثانية: الثقات المقلّون عنه في التفسير، ومنهم: قتادة، وسليمان التيمي، وجرير بن حازم، وسلمة بن علقمة التميمي، ومنصور بن زاذان الثقفي، وقرة بن خالد السدوسي، ويزيد بن إبراهيم التستري، وسعيد بن أبي صدقة البصري، ويحيى بن عتيق الطفاوي، ومهدي بن ميمون الأزدي، وحجاج بن أبي عثمان الصواف، وداوود بن أبي هند، وجعفر بن برد الراسبي البصري، وهارون بن إبراهيم الأهوازي، والقعقاع بن يزيد الضبي، وسعيد بن عبد الرحمن البصري أخو أبي حرّة.
المرتبة الثالثة: المقبولون، وهم الذين يترجّح قبول رواياتهم وقد تكلّم فيه بعض أهل العلم بما لا يتحقق به الجرح، ومنهم: أبو حرة واصل بن عبد الرحمن البصري، وأبو قتيبة البصري الكبير واسمه نعيم بن ثابت، وهو غير أبي قتيبة البصري الصغير سلم بن قتيبة.
المرتبة الرابعة: المختلف فيهم، ومنهم: الحكم بن عطية العيشي، وأشعث بن سوار، وأبو هلال الراسبي، وعمر بن شاكر البصري.
المرتبة الخامسة: من كانت روايته عنه منقطعة، ومنهم: الأعمش، والأوزاعي.
المرتبة السادسة: الضعفاء، ومنهم: ليث بن أبي سليم، وإسماعيل بن مسلم المكي، وزيد العمي.
المرتبة السابعة: المجهولون، ومنهم: رجل يقال له حماد أبو صالح روى عن ابن سيرين خبراً منكراً: (انتابوا الأيلة فإنّه قلّ من يأتيها فيرجع منها خائباً…) أخرجه ابن جرير.
المرتبة الثامنة: المتروكون، ومنهم: أبو بكر الهذلي، الحسام بن مصك الأزدي، وطريف العطاردي وهو أبو سفيان السعدي الأشل، وأبو عبيدة سعيد بن زربي الخزاعي البصري، ومحمد بن عون الخراساني.

من مروياته في التفسير:
مرويات محمد بن سيرين في كتب التفسير المسندة كثيرة جداً، لكن أكثرها مما يرويه عن عبيدة السلماني، وفيها شيء يسير من أقواله ووصاياه وما سُئل عنه من مسائل لها تعلق بأحكام القرآن، ومن أمثلة مروياته في التفسير:
أ: قال حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، قال: (كنت في حلقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكان أصحابه يعظمونه، فذكروا له فذكر آخر الأجلين، فحدثت بحديث سبيعة بنت الحارث، عن عبد الله بن عتبة)
قال: فضمز لي بعض أصحابه، قال محمد: ففطنت له؛ فقلت: إني إذا لجريء إن كذبت على عبد الله بن عتبة وهو في ناحية الكوفة، فاستحيا وقال: لكن عمه لم يقل ذاك، فلقيت أبا عطية مالك بن عامر فسألته فذهب يحدثني حديث سبيعة، فقلت: هل سمعت عن عبد الله فيها شيئا؟ فقال: كنا عند عبد الله فقال: (أتجعلون عليها التغليظ، ولا تجعلون عليها الرخصة، لنزلت سورة النساء القُصْرَى بعد الطُّولى {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}) ). رواه البخاري في صحيحه.
ب: وقال جرير بن حازم: سمعت محمد بن سيرين قال: سألت عَبيدة السلماني عن قول الله: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، قال: (وأخذ عبيدة ثوبه فتقنع به وأخرج إحدى عينيه). رواه ابن وهب في جامعه.

وفاته
قال ابن حبان: (مات في شهر شوال سنة عشرة ومائة، وهو ابن سبع وسبعين سنة، بعد الحسن بمائة يوم، وصلى عليه النضر بن عمرو المقرىء من أهل الشام، وقبره بإزاء قبر الحسن بالبصرة).
- وقال بكار بن محمد: « توفي محمد بن سيرين وقد بلغ نيفا وثمانين سنة » رواه ابن سعد.
- وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: قال هشام بن حسان: (مات محمد لثمان ليال خلون من شوال سحرا سنة عشر ومائة ليلة الجمعة). رواه ابن عساكر.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 ذو الحجة 1440هـ/30-08-2019م, 03:40 AM
عائشة أبو العينين عائشة أبو العينين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 600
افتراضي

اختار باذن الله سيرة

أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29 ذو الحجة 1440هـ/30-08-2019م, 01:20 PM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

عذرا

أعدت المجلس ببعض التهذيب والإضافات اليسيرة والفوائد المستفادة.

ابن سيرين التابعي المفسر الجليل

اسمه:
أبو بكر محمد بن سيرين البصري الأنصاري.

مولده ونشأته:
  • أصله من "عين التمر" وهي بلدة غربي الكوفة قريب من الأنبار، فتحها خالد بن الوليد عنوة سنة 12هـ في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
  • ولد عام 33 هـ من أسرة مباركة فكان أبوه سيرين صحابيا وهو مولى لأنس بن مالك ثم كاتبه وعتق خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأمّه صفية صحابية ومولاة لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وتزوّجا في المدينة، وبارك زواجهما جمع غفير من الصحابة ولعل صلاح محمد كان بسبب دعائهم لهما.
  • نشأ محمد بن سيرين في المدينة بين الصحابة وعلى أعينهم ، وحفظ عن أبي هريرة رضي الله عنه أحاديث كثيرة حتى عدّه الإمام أحمد بن حنبل أثبت الناس في أبي هريرة،
  • وكان فطنا ذكياً يحفظ ولا يكتب، إلا ما طال عليه من الأحاديث فيكتبه حتى يحفظه ثم يمحوه.
رؤيته وطلبه للعلم:
تعدّدت مصادر ابن سرين في الطلب عن علماء الصحابة والتابعين مما كان له أكبر الأثر في سعة معرفته، وبصيرته بالإجماع والخلاف.
فقد رأى وعاصر ابن سيرين عدداً كبيرا من الصحابة والتابعين بالمدينة والكوفة ومكة والبصرة والمدائن ودمشق ومصر وأخذ من علمهم وسَمْتِهم وأدبهم خيراً كثيراً.
  • قال فضيل بن عياض: قلت لهشام بن حسان: (كم أدرك الحسن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ثلاثين ومائة.
    قال: قلت: كم أدرك ابن سيرين؟ قال: ثلاثين).رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وابن عساكر في تاريخ دمشق.

    علمه وفضله:
  • كان ابن سيرين من علماء التابعين وعُبَّادهم، فقيهاً مفسّراً، حافظاً ثبتاً، ناقداً بصيراً، حادّ الذكاء واسع المعرفة عالماً بالقضاء والفرائض والحساب والتجارة وعبارة الرؤيا على صلاح واستقامة وحسن سمتٍ وَوَرَعٍ يتعجَّب منه العلماء.
  • وكان مُقدَّما مع الحسن البصري لدى أهل البصرة، وكانوا يرون أنّه لا يعدل بابن سيرين أحداً بالبصرة، وقد أثنى عليه جم غفير من الأئمة.
قال قريش بن أنس: حلف عوفٌ أنه « لم ير أحداً أعلم بكتاب الله ولا بطريق الجنة وطريق النار من الحسن، ولم أر أحدا أعلم بتجارة ولا بقضاء ولا بفرائض ولا بحساب من محمد ».رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال ابن سعد: (محمد بن سيرين، ويكنى أبا بكر، مولى أنس بن مالك، وكان ثقة مأمونا، عاليا رفيعا، فقيها إماما، كثير العلم، ورعا، وكان به صمم).

أخلاقه وشمائله
كان ابن سيرين كريما رغم رقة حاله، حليما فقيها ورعا زاهدا في الدنيا لا ينظر فيها عند الناس ولا يحسدهم عليه، ضاحكا مازحا مستبشرا.
- قال حماد بن زيد، عن هشام بن حسان قال: سمعت محمداً يقول: «ما حسدت أحداً شيئا قط، بَرًّا ولا فاجرا»رواه ابن سعد
- وقال حماد بن زيد عن غالب القطان قال: (خذوا بحلم محمد ولا تأخذوا بغضب الحسن). رواه ابن عساكر.
- وقال أحمد بن حنبل: حدثنا إبراهيم بن حبيب، عن هشام، قال: «كان آل ابن سيرين لا يدخل عليهم داخل إلا قربوا له طعاما حتى إذا كان آخراً وخفَّت حالُهم كانوا يشترون من ذلك البُسْرِ المطبوخِ أو المغليّ فإذا دخل داخلٌ قدَّموا إليه من ذلك البُسْر» رواه أبو نعيم.
- وقال عاصم الأحول: ذُكِرَ محمد عند أبي قلابة، فقال: (اصرفوه حيث شئتم، فلتجدنَّه أشدَّكم ورعاً، وأملكَكُم لنفسه).رواه ابن سعد في الطبقات
- وقال سعيد بن عامر: سمعت هشام بن حسان يقول: (ترك محمد بن سيرين أربعين ألف درهم في شيء ما ترون به اليوم بأساً).رواه ابن عساكر
- قال عمرو بن رسته: حدثنا يوسف بن عطية أبو سهل، قال: «رأيت محمد بن سيرين وكان كثير المزاح كثير الضحك» رواه أبو نعيم في الحلية.

صلاحه وعبادته وبره بأمه
كان ابن سيرين من العبّاد الزهاد الصالحين، وكان ذلك ظاهرا في تعبده وسمته وتخشعه لربه تبارك وتعالى ، بارا بأمه خافضا جناحه لها، معلوما ظاهرا لدي الجميع محبته وحسن بنوته لها.
- قال خلف بن هشام: «كان محمد بن سيرين قد أُعطيَ هَدْيا، وسمتا، وخشوعا، فكان إذا رأوه ذكروا الله» رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الأولياء".
- وقال حماد بن سلمة، عن أيوب وهشام «أن ابن سيرين كان يصوم يوما، ويفطر يوما» رواه ابن سعد.
- وقال ابن علية: أنبأنا ابن عون (أنّ محمد بن سيرين كان يصوم عاشوراء يومين ثم يفطر بعد ذلك يومين، وذلك أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً).رواه ابن عساكر.
- وقال ابن عون: أنبأني يوسف، عن عبد الله بن الحارث (أنَّ محمداً نام عن العشاء حتى تفرَّطت ثم قام فصلاها ثم أحيا بقية ليله) رواه أبو نعيم.
- قال هشام بن حسان: حدثتني حفصة بنت سيرين قالت: «كانت أم محمد امرأة حجازية، وكان يعجبها الصبغ، وكان محمد إذا اشترى لها ثوبا اشترى أَلْيَنَ ما يجد، لا ينظر في بقائه، فإذا كان كلَّ يومِ عيدٍ صبغَ لها ثيابها»
قالت: «وما رأيته رافعا صوته عليها قط، وكان إذا كلَّمها كلَّمها كالمصغِي إليها بالشيء»رواه ابن سعد وابن عساكر.

موقفه من الفتن وتحذيره من البدع
كان عنده فقه بالفتن وما كان ينبغي فيها، كما كان محذرا من البدع والأهواء لا يجلس مجالس الخائضين.
- قال العجلي: (لم ينجُ من فتنةِ ابن الأشعث بالبصرة إلا رجلان: مطرف بن عبد الله، ومحمد بن سيرين، ولم ينج منها بالكوفة إلا رجلان: خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي، وإبراهيم النخعي).
- قال سعدويه: حدثنا صالح المري قال: دخل رجل على ابن سيرين وأنا شاهد؛ ففتح باباً من أبواب القدَر فتكلَّم فيه؛ فقال محمد بن سيرين: ( إما أن تقوم وإما أن أقوم). رواه ابن عساكر.

تعبيره الرؤى:
كان لابن سيرين باعاً في تعبير الرؤيا على علم وورع واستقامة.
- قال ضمرة عن ابن شوذب قال: جاء رجل يسأل الحسنَ عن رؤيا؛ فقال: ( أخطأت ، ذاك ابن سيرين الذي يعبر الرؤيا كأنه من آل يعقوب).رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
- قال شيبان النحوي: حدثنا سلام بن مسكين، قال: سمعت محمد بن سيرين، يقول: «إذا اتقى اللهَ العبدُ في اليقظة لا يضرّه ما رئي له في النوم»رواه أبو نعيم.

مواعظه ووصاياه:
- قال هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أنه قال: «إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم» رواه مسلم في مقدمة صحيحه.
- وقال حبيب بن الشهيد، عن ابن سيرين، قال: «إذا أراد الله تعالى بعبدٍ خيراً جعل له من قلبه واعظاً يأمره وينهاه» رواه أحمد في الزهد
- وقال الربيع بن صبيح، عن محمد بن سيرين قال: «ظلما لأخيك أن تذكر فيه أسوأ ما تعلم منه، وتكتم خيره»رواه وكيع في الزهد.

شيوخه ورواياته:
أرسل محمد بن سيرين عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي الدرداء وسلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان وعائشة وابن عباس وكعب بن عجرة وغيرهم.
وسمع أبا هريرة وزيد بن ثابت وابن عمر وأبا سعيد الخدري وأنساً وأبا قتادة وأبا موسى الأشعري وسمرة بن جندب، وعمران بن الحصين، وعدي بن حاتم، وابن الزبير، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.
وروى عن جماعة من التابعين منهم: عبيدة السلماني، وشريح القاضي، والربيع بن خثيم، وعلقمة بن قيس النخعي، وكثير بن أفلح، وأبي العالية الرياحي.
واختلف في سماعه من مسروق.

مذهبه في الرواية:
كان محمد بن سيرين يحدّث بالحديث على حروفه، وكان شديد التثبّت والتوقّي، وإذا شكّ في رفع حديث أو وَقْفِهِ وَقَفَه، وكان حافظاً لا يكتب الحديث إلا ما روي عنه من صحيفة أبي هريرة، وكان يستودعها أخاه، وكان لا يرضى أن يكون في بيته كتاب.
- قال محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثنا ابن عون قال: (كان محمد يحدث بالحديث على حروفه).رواه ابن سعد وابن عساكر.

مراتب رواة التفسير عن محمد بن سيرين:
رواة التفسير عن محمد من سيرين في كتب التفسير المسندة على مراتب:
المرتبة الأولى: الثقات المكثرون، ومنهم: هشام بن حسان القردوسي، وأيوب بن أبي تميمة السختياني، وعبد الله بن عون، ويونس بن عبيد، وخالد الحذاء، وعاصم بن سليمان الأحول، وعوف بن أبي جميلة الأعرابي.
المرتبة الثانية: الثقات المقلّون عنه في التفسير، ومنهم: قتادة، وسليمان التيمي، وجرير بن حازم، وسلمة بن علقمة التميمي، ومنصور بن زاذان الثقفي، وقرة بن خالد السدوسي، ويزيد بن إبراهيم التستري، وسعيد بن أبي صدقة البصري، ويحيى بن عتيق الطفاوي، ومهدي بن ميمون الأزدي، وحجاج بن أبي عثمان الصواف، وداوود بن أبي هند، وجعفر بن برد الراسبي البصري، وهارون بن إبراهيم الأهوازي، والقعقاع بن يزيد الضبي، وسعيد بن عبد الرحمن البصري أخو أبي حرّة.
المرتبة الثالثة: المقبولون، وهم الذين يترجّح قبول رواياتهم وقد تكلّم فيه بعض أهل العلم بما لا يتحقق به الجرح، ومنهم: أبو حرة واصل بن عبد الرحمن البصري، وأبو قتيبة البصري الكبير واسمه نعيم بن ثابت، وهو غير أبي قتيبة البصري الصغير سلم بن قتيبة.
المرتبة الرابعة: المختلف فيهم، ومنهم: الحكم بن عطية العيشي، وأشعث بن سوار، وأبو هلال الراسبي، وعمر بن شاكر البصري.
المرتبة الخامسة: من كانت روايته عنه منقطعة، ومنهم: الأعمش، والأوزاعي.
المرتبة السادسة: الضعفاء، ومنهم: ليث بن أبي سليم، وإسماعيل بن مسلم المكي، وزيد العمي.
المرتبة السابعة: المجهولون، ومنهم: رجل يقال له حماد أبو صالح روى عن ابن سيرين خبراً منكراً: (انتابوا الأيلة فإنّه قلّ من يأتيها فيرجع منها خائباً…) أخرجه ابن جرير.
المرتبة الثامنة: المتروكون، ومنهم: أبو بكر الهذلي، الحسام بن مصك الأزدي، وطريف العطاردي وهو أبو سفيان السعدي الأشل، وأبو عبيدة سعيد بن زربي الخزاعي البصري، ومحمد بن عون الخراساني.

من مروياته في التفسير:
مرويات محمد بن سيرين في كتب التفسير المسندة كثيرة جداً، لكن أكثرها مما يرويه عن عبيدة السلماني، وفيها شيء يسير من أقواله ووصاياه وما سُئل عنه من مسائل لها تعلق بأحكام القرآن، ومن أمثلة مروياته في التفسير:
أ: قال حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، قال: (كنت في حلقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكان أصحابه يعظمونه، فذكروا له فذكر آخر الأجلين، فحدثت بحديث سبيعة بنت الحارث، عن عبد الله بن عتبة)
قال: فضمز لي بعض أصحابه، قال محمد: ففطنت له؛ فقلت: إني إذا لجريء إن كذبت على عبد الله بن عتبة وهو في ناحية الكوفة، فاستحيا وقال: لكن عمه لم يقل ذاك، فلقيت أبا عطية مالك بن عامر فسألته فذهب يحدثني حديث سبيعة، فقلت: هل سمعت عن عبد الله فيها شيئا؟ فقال: كنا عند عبد الله فقال: (أتجعلون عليها التغليظ، ولا تجعلون عليها الرخصة، لنزلت سورة النساء القُصْرَى بعد الطُّولى {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}) ). رواه البخاري في صحيحه.
ب: وقال جرير بن حازم: سمعت محمد بن سيرين قال: سألت عَبيدة السلماني عن قول الله: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، قال: (وأخذ عبيدة ثوبه فتقنع به وأخرج إحدى عينيه). رواه ابن وهب في جامعه.

وفاته
قال ابن حبان: (مات في شهر شوال سنة عشرة ومائة، وهو ابن سبع وسبعين سنة، بعد الحسن بمائة يوم، وصلى عليه النضر بن عمرو المقرىء من أهل الشام، وقبره بإزاء قبر الحسن بالبصرة).
- وقال بكار بن محمد: « توفي محمد بن سيرين وقد بلغ نيفا وثمانين سنة » رواه ابن سعد.
- وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: قال هشام بن حسان: (مات محمد لثمان ليال خلون من شوال سحرا سنة عشر ومائة ليلة الجمعة). رواه ابن عساكر.

ما رؤي فيه من الرؤى بعد موته
- قال حماد بن زيد، عن هشام بن حسان، عن حفصة ابنة راشد، قالت: (كان مروان المحلمي لي جارا وكان ناصبا مجتهدا)
قالت: (فمات فوجدت عليه وجدا شديدا، فرأيته فيما يرى النائم، فقلت: يا أبا عبد الله ما صنع بك ربك؟
قال: أدخلني الجنة.
قلت: ثم ماذا؟
قال: ثم رفعت إلى أصحاب اليمين.
قلت: ثم ماذا؟
قال: ثم رفعت إلى المقربين.
قلت: فمن رأيت ثم من إخوانك؟
قال: رأيت ثَمَّ الحسن، ومحمد بن سيرين، وميمون بن سياه).رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المنامات والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال حماد بن سلمة، عن أبي محمد (قال: حماد: وكان من خيار الناس وكان مؤذن سكة الموالي) قال: اشتكيت شَكاةً فأُغمي عليَّ؛ فأُريت كأني أُدخلت الجنة فسألتُ عن الحسن بن أبي الحسن، فقيل لي: هيهات، ذاك يسجد على شجر الجنة.
قال: وسألت عن ابن سيرين، فقيل لي فيه قولاً حسنا أحسن مما قيل لي في الحسن).رواه الخطيب البغدادي في تاريخه.



من الفوائد المستفادة من سيرة التابعي المفسر الجليل :
1- أن الدعاء له أكبر الأثر في صلاح العبد وصلاح من حوله؛ فلا يغفله العبد أبدا لنفسه ولمن يحب ولعامة المسلمين.
2- لا تعارض بين الصلاح و التخشع وحسن السمت والتبسم والمزاح فلكل مقام مقال.
3- وجوب لين الجانب وخفض الجناح للوالدين وبذل المال والجهد في سبيلهما وعدم إغفال أهمية ذلك في استجلاب رضى الرب عز وجل.
4- النشأة الصالحة ومصاحبة الصالحين والأخيار لها أكبر الأثر في تربية النشئ وتكوين عقائدهم وملكاتهم؛ فلا شك أن نشأة ابن سيرين بين الصحابة والتابعين كان لها أكبر الأثر فيما كان عليه رحمه الله.
5- أن ما يحصله العبد من العلوم لابد وأن يظهر في سمته وسلوكه وحسن تعبده وتخشعه لله عز وجل، فالعلم الذي لا يزيد من تعبدك وحسن وسلوك فهو وبال عليك.
6- من علم علما صحيحا مستقيما علم قدر الدنيا وأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فلا يعمل من أجلها، ولا يشتهي ما عند الناس منها.
7- أن الكرم لا يرتبط بيسر الحال ولا رقته؛ وإنما هي بعض الاعتذارات التي يعتذر بها البخلاء ليرضوا بها أنفسهم.
8- إذا حسن فقه العبد حسن سمته وتخشعه وورعه وزهده وسائر عمله إذا صلحت نيته وهديه واتباعه.
9- التحري والتثبت عند الحديث والتحدث، فإن استطاع العبد وطاق الحفظ والضبط فخير وإلا فليقيد صيده بالكتابة والتدوين,
10- يزول العبد ويبلى وتبقى رائحة ذكره تفوح في الأفق، فإن فاحت رائحة المسك فقد فاز باذن الله وإن فاحت غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه.
ونسأله تعالى أن يجعل ما يجري به أقلامنا حجة لنا لا علينا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ولا حول ولا قول إلا بالله العلي العظيم.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 محرم 1441هـ/31-08-2019م, 05:51 PM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي

أبو عبد الرحمن طاووس بن كيسان الحميري اليماني

نتناول في رسالتنا هذه سيرة الإمام المفسر كبير رواة التابعين , الإمام العابد الزاهد الفقيه القدوة عالم اليمن , أبو عبدالرحمن طاوس بن كيسان الحميري اليماني , والذي يعد من خواص أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما.

مولده ونسبه :
ولد طاوس ونشأ باليمن , وأصله من فارس لا من العرب , وهذا هو المشهور عنه .
قال الذهبي: (كان من أبناء الفرس الذين سيرهم كسرى إلى اليمن، من موالي بحير بن ريسان الحميري، وقيل: هو مولى لهمدان).
وقال أبو نعيم وغيره: (هو مولى لهمدان) , فولاؤه ولاء حلف لا ولاء رق.

والطاووس طائر معروف , حسن الشكل , طويل العنق , بفقيل إن طاوس لقبه وأن اسمه ذكوان بن كيسان , وإنما لقب بطاووس لهيبته ولعلو فقهه , ولأنه كان طاوس القراء , لكن المشهور هو أن طاوس هو اسمه لا لقبه.

قال الذهبي- رحمه الله-في تاريخ مولده :( أراه ولد في دولة عثمان رضي الله عنه، أو قبل ذلك) , وقال الزركلي أن طاووسا ولد سنة ثلاث وثلاثين للهجرة، وتوفي سنة مئة وست للهجرة.
أمه كانت من أبناء فارس، وأبوه من النمر بن قاسط مولى بحير الحميري.
وقال هشام بن يوسف: أخبرني ابن عبد الله بن طاووس أنه قال: (نحن من فارس، ليس لأحد علينا عقد ولاء، إلا أن كيسان نكح امرأة لآل الحميري، فهي أم طاووس). رواه البخاري في التاريخ الكبير
قال البخاري: (قيل لعبد الرزاق: ولد طاووس يدعون أنهم من الأبناء، فعجب من ذلك، وقال: لا، هم موالي هَمْدان).

علمه :
كان -رحمه الله تعالى- عالما فقيها من الأئمة العدول الثقات الحفاظ المثبتين , فقد قال حبيب بن أبي ثابت: قال لي طاووس: (إذا حدثتك الحديث فأثبتّه لك فلا تسألنَّ عنه أحدا). رواه ابن سعد وأحمد في العلل ، وأبو نعيم في الحلية.
وقد أخذ علمه عن الصحابة رضوان الله عليهم , حيث أدرك خمسين صحابيا , فقد جاء في تهذيب الكمال للمزي في ترجمة طاوس , عن عبد الملك بن ميسرة أنه سمع طاووس يقول (أدركت خمسين من أصحاب رسول اللَّهِ).

فسمع من زيد بن ثابت ، وعائشة ، وأبي هريرة ، وزيد بن أرقم ، وابن عباس ، ولازم ابن عباس مدة ، بل هو معدود من كبراء أصحاب ابن عباس , فأكثر من رواية الحديث والتفسير عنه، حتى عد حقا من أكثر تلامذة ابن عباس حفظًا للمأثور عنه .
قال سفيان بن عيينة: قلت لعبيد الله بن أبي يزيد، مع من كنت تدخل على ابن عباس؟ قال: مع عطاء والعامة، وكان طاووس يدخل مع الخاصة). رواه الإمام أحمد في العلل وأبو نعيم في الحلية.

وروى أيضا عن جابر ، وسراقة بن مالك ، وصفوان بن أمية ، وابن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، وعن زياد الأعجم ، وحجر المدري ، وطائفة . وروى عن معاذ مرسلا .

وبعلمه ساد-رحمه الله- أهل اليمن , فعن الزهري قال: قدمت على عبد الملك بن مروان فقال: من أين قدمت يا زهري؟ قال: قلت: من مكة قال: ومن خلفت يسودها وأهلها؟ قلت: عطاء بن أبي رباح قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي قال: فبم سادهم؟ قلت: بالديانة والرواية قال: إن الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا، قال: فمن يسود أهل اليمن؟ قلت: طاوس بن كيسان قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالى قال: فبم سادهم؟ قلت: بما ساد به عطاء.

توثيق الأئمة الحفاظ له:
فقال عنه الزهري : (حدثني طاووس ولو رأيت طاووسا علمت أنه لا يكذب) . رواه عنه معمر . رواه أحمد في العلل ، وابن أبي خيثمة في تاريخه، وأبو نعيم في الحلية.
وقال ابن المديني: (ليس عندي من أصحاب عبد الله أجل من سعيد وجابر وعكرمة وعطاء وطاووس ومجاهد، وكان ابن عيينة يقدم طاووسا على هؤلاء، والثوري يقدم سعيدا). ذكره مغلطاي في إكمال التهذيب.
وكان الإمام أحمد يقول -كما نقله عنه ابنه عبدالله-:(هؤلاء أصحاب ابن عباس طاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وجابر بن زيد وعكرمة آخر هؤلاء).
قال ابن معين وأبو زرعة : طاوس ثقة .(سير أعلام النبلاء للذهبي ).

مكانته :
كانت له منزلة عظيمة في زمانه , وأثنى عليه الكثير من العلماء لدينه وعلمه وخلقه , ولا ريب أن من أخذ العلم عن أصحاب النبي-عليه الصلاة والسلام- والتزم العمل بما علم ; يستحق بحق ما قيل فيه من ثناء ومدح .
فقد جاء في تهذيب الكمال للمزي قول عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قوله: (إني لأظن طاووسًا من أهل الجنة) .
وقال قيس بن سعد، قال: (كان طاوس فينا مثل ابن سيرين فيكم). رواه عنه سعيد بن أبي صدقة، رواه ابن سعد وابن أبي خيثمة.
وقال ابن حبان: (كان من عُبّاد أهل اليمن ومن سادات التابعين مستجاب الدعوة). تهذيب الكمال للمزي.
وقال حبيب بن أبي ثابت: «اجتمع عندي خمسة، لا يجتمع عندي مثلهم أبدًا عطاء وطاووس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة).
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: سمعت أبي يقول: (هؤلاء أصحاب ابن عباس طاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وجابر بن زيد وعكرمة آخر هؤلاء).
قال حنظلة بن أبي سفيان: ما رأيت عالمًا قط يقول: لا أدري، أكثرَ مِن طاوس؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي).

دينه وزهده :
كان-رحمه الله-عابدا زاهدا , عرف عنه الإعراض عن الدنيا والزهد فيها , وكذلك كان زاهدا بما في أيدي الناس امتثالا لكلام النبي-عليه الصلاة والسلام- كما جاء عند ابن ماجة بإسناد حسن من حديث سهل بن سعد الساعدي , حيث قال عليه الصلاة والسلام: (ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس).
وقد حصل له هذا , فأقبل الناس عليه وأحبوه ورغبوا بما عنده من علم , وقد خصه الإمام أحمد بفصل في كتاب الزهد , لما علم عنه من الزهد والعبادة.

وقد قال حماد بن زيد: كنا عند عمرو بن دينار، ومعنا أيوب فذكر عمرو طاووسا فقال: (ما رأيت من الناس أحدا أعف عما في أيدي الناس من طاووس). رواه ابن أبي خيثمة.

وكان مع هذا من خير الدعاة وأحرصهم على نصيحة الناس , وأخلصهم في هذا , كما عرف عنه نصحه للولاة والأمراء دون أن يمنعه من هذا لومة لائم , مع كونه كان يجتنب مجالسهم , ويرفض عطاياهم ورعا وزهد وتعففا :
قال سفيان بن عينية: (مجتنبو السلطان ثلاثة: أبو ذر في زمانه، وطاووس في زمانه، والثوري في زمانه) ذكره مغلطاي في إكمال التهذيب.
وقال أيضا : (كان عمر بن عبد العزيز يقول لطاووس: هات أرفع حاجتك إلى أمير المؤمنين؛ فيقول: مالي إليه حاجة). رواه الإمام أحمد في الزهد وابن أبي خيثمة في تاريخه.
وقال عمرو بن دينار: ما رأيت أحدا قط مثل طاوس، لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إليه طاوس: إن أردت أن يكون عملك خيرًا كله فاستعمل أهل الخير فقال عمر: كفى بها موعظة.
وقال عمر بن شبة: حدثنا أبو عاصم، قال: زعم لي سفيان قال: جاء ابنٌ لسليمان بن عبد الملك فجلس إلى جنب طاووس فلم يلتفت إليه فقيل له: جلس إليك ابن أمير المؤمنين فلم تلتفت إليه، قال: «أردت أن يعلم أن لله عباداً يزهدون فيما في يديه» رواه أبو نعيم في الحلية.

وروى عبد الرزاق ، عن أبيه قال : كان طاوس يصلي في غداة باردة مغيمة ، فمر به محمد بن يوسف أخو الحجاج ، أو أيوب بن يحيى في موكبه ، وهو ساجد ، فأمر بساج أو طيلسان مرتفع فطرح عليه ، فلم يرفع رأسه حتى فرغ من حاجته ، فلما سلم ، نظر فإذا الساج عليه ، فانتفض ولم ينظر إليه ، ومضى إلى منزله .

وكان-رحمه الله- من العباد , ورويت عنه الكثير من الآثار التي وصفت عبادته وخشيته وقنوته لله , وهو مع هذا كان يخفيها متمثلا قوله تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} مقتديا بالنبي -عليه الصلاة والسلام- واصحابه رضوان الله عليهم , حتى قال عنه خارجة بن مصعب: (كان طاووس يتقنَّع فإذا كان الليل حسر). رواه ابن سعد, وقال عنه سلمة بن كهيل: (ما رأيت أحدًا يريد بهذا العلم وجه الله إلا عطاء وطاوس ومجاهد).

وقال مجاهد مرة لطاوس: (رأيتك يا أبا عبد الرحمن تصلي في الكعبة والنبي صلى الله عليه وسلم على بابها يقول لك: اكشف قناعك وبين قراءتك ) , فقال له طاووس : (اسكت لا يسمع هذا منك أحد).
وهذا من حرصه-رحمه الله- على سلامة قلبه من العجب والرياء , فكم من عالم فسد علمه لما دخلت هذه الآفات قلبه , فحرم هو من العلم وحُرم الناس منه.
ومن هذا أيضا ما ما رواه عبد الله بن أبي صالح المكي, حيث قال : (دخل علي طاووس يعودني؛ فقلت: يا أبا عبد الرحمن، ادع الله لي)، فقال: (ادع لنفسك فإنه يجيب المضطر إذا دعاه). رواه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان.

عبادته وخشيته :
وكان -رحمه الله- معدودا من العباد , فكان كثير الصلاة , كثير الحج , كثير الدعاء , قال ابن شوذب عنه: (حج طاووس أربعين حجة). صفوة الصفوة .
وقال عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي: (رأيت طاووسًا وبين عينيه أثر السجود) الطبقات الكبرى لابن سعد.
ورُوي عنه أنه كان يفترش فراشه ثم يضطجع، فيتقلب فيه، ثم يثب فيجمع الفراش، ويصليّ حتى الصباح، ويقول: (طَيَّر ذكرُ جهنم نوم العابدين) .التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا.
وقال ابن أبي رواد: (كان طاووس وأصحاب له إذا صلوا العصر استقبلوا القبلة ولم يكلموا أحدا وابتهلوا في الدعاء). رواه الإمام أحمد في الزهد.
وقال محمد بن يزيد الكوفي: حدثنا ابن يمان، عن مسعر، عن رجل قال: أتى طاووس رجلاً في السحر، فقالوا: هو نائم، فقال: «ما كنت أرى أن أحدا ينام في السحر» رواه الإمام أحمد في الزهد.
وقال عبد الله بن طاوس: كان أبي إذا سار إلى مكة سار شهرا، وإذا رجع رجع في شهر، فقلت له في ذلك، فقال: بلغني أن الرجل إذا خرج في طاعة لا يزال في سبيل الله حتى يرجع إلى أهله). البداية والنهاية.

ومن خشيته-رحمه الله- وتذكره الدائم للموت وللآخرة : أنه إذا مر بالأماكن التي تشوى بها الرؤوس هاله ما يرى , وقد يغشى عليه من شدة الهلع , ومن كانت هذه حاله فلا عجب أن وصل إلى ما وصل إليه من الزهد في الدنيا وحصول العمل النافع له لاتباعه العلم بالعمل.

فقد قال الحسن بن أبي الحصين العنبري: (مر طاوس برواس قد أخرج رأسا فغشي عليه) رواه أبو نعيم في الحلية.

مرضه ووفاته :
كان مرضه في الحجة الأربعين له , وهو-رحمه الله- لم يترك صلاته وعبادته حتى في وقت مرض موته ، قال ليث بن أبي سليم: (رأيت طاووساً في مرضه الذي مات فيه يصلي على فراشه قائماً ويسجد عليه). رواه ابن سعد.

وقد فاضت روحه إلى بارئها في مزدلفة، وقيل يوم التروية ، ولقي ربه محرما ملبيا , قال الذهبي : لا ريب في وفاة طاوس في عام ستة ومائة ، فأما قول الهيثم : مات سنة بضع عشرة ومائة فشاذ .

وقد شهد جنازته خلق كثير حتى اختلط الناس فيها من شدة الزحام , حتى قال عبد الرزاق: قال أبي: (فلقد رأيت عبد الله بن الحسن واضعاً السرير على كاهله) , وقال : (فلقد سقطت قلنسوة كانت عليه، ومُزّق رداؤه من خلفه). رواه أبو نعيم في الحلية.

وصلى عليه الخليفة هشام بن عبد الملك , وكان قد حج تلك السنة , قال ابن حبان: (مرض بمنى ومات بمكة سنة إحدى ومائة وصلى عليه هشام بن عبد الملك بن مروان بين الركن والمقام).
وكان له يوم مات بضع وتسعون سنة , قال زيد بن حباب: قال إبراهيم بن نافع: (هلك طاوس في سنة ست ومائة). رواه الإمام أحمد في العلل.
رحمه الله رحمة واسعة ورضي عنه وأسنكنه الجنة.

تلاميذه :
روى عنه خلق كثير ممن لازمه ونقل علمه :
فمن الثقات : ابنه عبد الله ، ومجاهد، وعمرو بن دينار، وحبيب بن أبي ثابت، وسليمان التيمي، وعبد الملك بن ميسرة الهلالي، وإبراهيم بن ميسرة الطائفي، وعبد الله ابن أبي نجيح، وابن شهاب الزهري، وعبد الملك بن جريج، وحنظلة بن أبي سفيان، وسليمان بن أبي مسلم الأحول، وعبد الكريم بن مالك الجزري، والحسن بن مسلم بن يناق، ومنصور بن المعتمر.

وروى عنه ممن دونهم في المرتبة : أبي الزبير المكي، وعطاء بن السائب، وسليمان بن موسى الدمشقي، وأسامة بن زيد الليثي، وقيس بن سعد، وعكرمة بن عمار، وهشام بن حجير.

ومن الضعفاء: ليث بن أبي سليم، وعبد الكريم بن أبي المخارق، وأبان بن أبي عياش.

قال الذهبي : روى عنه عطاء ، ومجاهد ، وجماعة من أقرانه ، وابنه عبد الله ، والحسن بن مسلم ، وابن شهاب ، وإبراهيم بن ميسرة ، وأبو الزبير المكي ، وسليمان التيمي ، وسليمان بن موسى الدمشقي ، وقيس بن سعد المكي ، وعكرمة بن عمار ، وأسامة بن زيد الليثي ، وعبد الملك بن ميسرة ، وعمرو بن دينار ، وعبد الله بن أبي نجيح ، وحنظلة بن أبي سفيان ، وخلق سواهم . وحديثه في دواوين من الإسلام ، وهو حجة باتفاق .

من الأقوال المأثورة عنه :
كما أسلفنا : كان رحمه الله- نصوحا للخلق عامة دون النظر إلى مرتبتهم , فقد حلف إبراهيم بن ميسرة وهو مستقبل الكعبة فقال: ( وربّ هذه البَنيَّة ما رأيت أحدا الشريف والوضيع عنده بمنزلة إلا طاووسا). رواه عنه سفيان بن عيينة. رواه أبو نعيم في الحلية.
فحري بوصاياه أن تُعلّم وتمتثل , ونحن نذكر هنا بعض ما أُثِر عنه من وصايا :
فكان مما أوصى به ابنه عبد الله، قال: (يا بني صاحب العقلاء تنسب إليهم وإن لم تكن منهم، ولا تصاحب الجهال فتنسب إليهم وإن لم تكن منهم، واعلم أن لكل شيء غاية، وغاية المرء حسن خلقه). رواه أبو نعيم في الحلية.
وقال رحمه الله: إن أكيسَ الكَيْسِ التُّقى، وأعجزَ العَجْز الفجورُ، وإذا تزوج أحدكم فليتزوج من معدنٍ صالحٍ، وإذا اطلعتم من رجلٍ على عمل فَجْرةٍ، فاحذروه؛ فإن لها أخواتٍ؛ (حلية الأولياء لأبي نعيم
وقال : "البخل أن يبخل الإنسان بما في يديه، والشح أن يحبَّ الإنسان أن يكون له ما في أيدي الناس بالحرام، لا يقنع"؛ (حلية الأولياء لأبي نعيم
وقال عبد الله بن المبارك: أخبرنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس قال: (من تكن الدنيا هي نيته وأكبر همه يجعل الله فقره بين عينيه، وتفشَّى عليه ضيعته، ومن تكن الآخرة هي نيته وأكبر همه يجعل الله غناه في نفسه، ويجمع عليه ضيعته) رواه ابن المبارك في الزهد.
قال إبراهيم بن ميسرة: «قال لي طاووس: (لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر بن الخطاب لأبي الزوائد: ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور). تهذيب الكمال للمزي.

من مروياته في التفسير :
نذكر ختاما بعض ما روي عنه في التفسير , رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عما نقله من تفسير كتاب الله خير الجزاء.

فقد نقل-رحمه الله- عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أن آخر آية نزلت من كتاب الله: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]. (البداية والنهاية لابن كثير ).
قال طاوس في قوله تعالى :{غير أولى الإرية} : (الأحمق لا حاجة له في النساء). رواه البخاري معلقا .
وقال في قوله تعالى:{ خلق الإنسان ضعيفا } أي : (في أمر النساء). رواه ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن ابن طاووس.
روى ابن جريج، عن طاووس، في قول الله جل وعز: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} قال: (اليسير من كل شيء). رواه ابن جرير.
وقال طاووس : سألت ابن عباس عن الرفث في قول الله : { فلا رفث ولا فسوق } قال : هو التعريض بذكر الجماع ، وهي"العرابة" من كلام العرب ، وهو أدنى الرفث . رواه ابنه عنه ز رواه ابن جرير.
قال معمر بن راشد: أخبرنا عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لم أر شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه» رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داوود وابن جرير.

الفوائد المستفادة من سيرة هذا التابعي الجليل :
نذكر هنا بعض الفوائد المستفادة من دراسة سيرة هذا العالم الجليل , والإمام الفقيه , وإلا فالفوائد الحقيقة وأثرها على القلوب لا تعد ولا تحصى:
- أهمية معرفة سير الصحابة والتابعين , وسير العلماء الصالحين , لما يجد العبد فيهم من قدوات يقتدى بها في أعمال الدنيا والدين.
- حب أهل العلم لما نقلوه لنا من الدين كما أخذوه من مصادره الصلية
- الحرص على طلب العلم والتفقه في الدين , فهذا مما لا غنى للعبد الذي يريد النجاة عنه.
- الحرص على الإخلاص في القول والعمل , وتحقيق النية الخالصة في طلب العلم , فيطلب لإرادة وجه الله حتى يكون علما مباركا على صاحبه وعلى من حوله.
- القرآن والعلم يرفع درجة العبد ولو كان من الموالي , كما قال تعالى:{‏‏يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}.
- الحرص على صحبة الصالحين وصحبة أهل العلم , ففيها من تحقيق المصالح الدنيوية والأخرية ما لا يعد ولا يحصى.
- الزهد في الدنيا وقطع تعلق القلب بها , فلا يجتمع في القلب إرادة الدنيا والانتفاع بالعلم .
- الزهد بما في أيدي الناس , وعدم مداهنتهم ليحصل للعبد كمال الغنى عنهم , وهذا من اتباع ما وصى به النبي عليه الصلاة والسلام.
- إتباع العلم بالعمل حتى يكون علما نافعا يرضاه الله سبحانه.
- دوام تذكر الموت وتذكر الدار الاخرة لتحصل رقة القلب به , والإقبال على العمل , كما قال تعالى مادحا إبراهيم عليه السلام:{إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ}.
- عدم التعرض للفتن التي قد تؤدي بصاحبها إلى مرض قلبه وتلفه , فيخفي العبد أعماله ما أمكنه ذلك رجاء قبولها من الله ولو لم يعلم الناس بها.
- استغلال الأوقات الفاضلة وعدم تضييعها بما لا ينفع.
- العلم أن من عاش على شيئ مات عليه , فلينظر العبد إلى عمله حال صحته وفراغه , فإن وجد فيه تقصير فليعمل على سد الخلل وإحسان العمل.
- الحرص على إسداء النصيحة للخلق بجميع طبقاتهم , وعدم الخوف في الله لومة لائم , تطبيقا للسنة , إبراء للذمة , ونفعا للخلق.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 2 محرم 1441هـ/1-09-2019م, 12:48 AM
عائشة أبو العينين عائشة أبو العينين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 600
افتراضي

أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي (ت:104هـ

اسمه ومولاده:
الإمام الفقيه القاضي المحدّث؛ رأس أهل العلم في زمانه أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي
ولد في خلافة عمر بن الخطاب، قيل: لستّ خلون منها.
قال السري بن إسماعيل: سمعت الشعبي يقول: ولدت سنة جلولاء). رواه ابن سعد.
وقال الليث بن سعد: كان فتح جلولاء سنة تسع عشرة افتتحها سعد بن أبي وقاص). ذكره الذهبي.
نشأتة رحمه الله:
نشأ رحمه الله نشأة حسنة؛ فكان ذكيّا حافظاً فهماً عاقلاً، سمع من جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطوّف في البلدان يصحبهم، ويتتبع أخبارهم وسيرهم، ومرويّاتهم حتى حفظ من ذلك شيئاً كثيراً.
علمه وقوة حفظه :
تولّى القضاء بالكوفة، وحدّث وأفتى، ونشر علماً كثيراً، وكان عالماً بمسائل الإجماع والخلاف، حافظاً لها ، وله في ذلك أعاجيب.
قال مكحول: ما رأيت أفقه منه
وكان رحمه الله سريع الحفظ
قال ابن شبرمة: سمعت الشعبي يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته ولا أحببت أن يعيده علي). رواه الخطيب البغدادي.
- يونس بن مسلم، عن وادع بن الأسود الراسبي، عن الشعبي، قال:ما أروي شيئا أقل من الشعر، ولو شئت لأنشدتكم شهرا لا أعيد). رواه الخطيب البغدادي.
ومن علمه رحمه الله أنه كان على كثرة علمه وجودة فهمه؛ لا يجد غضاضة من أن يقول لا أدري، إذا سُئل عما لا يعلم، وكان يكره مسائل أهل الرأي.
قال الصلت بن بهرام: ما رأيت رجلا بلغ مبلغ الشعبي أكثر قول "لا أدري" منه).رواه ابن سعد.
حسن منطقه وقوة بصيرته:
كان صاحب منطق حسن، وحجّة حاضرة، وبصيرة ومعرفة؛ حتى كان بعض الأمراء ينتدبونه للأمور المهمّة.
وروي أن عبد الملك بن مروان بعثه إلى ملك الروم؛ فتعجّب منه، وبعث إلى عبد الملك: عجبت لأهل ديانتك كيف لم يولّوا رسولك عليهم!!
فذكر ذلك عبد الملك للشعبي: فقال: هذا لأنه رآني ولم ير أمير المؤمنين!!
فقال عبد الملك: إنما حسدني عليك، وأراد أن يغريني بقتلك.
كانت فيه دعابة مشهورة، وله طرائف يتداولها أهل الأدب، وربّما زيد عليها ما لا يصح عنه.
روايته عن الصحابه وثنائهم عليه:
قال ابن حبان: روى عن خمسين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
و منهم: ابن عباس وأبو موسى الأشعري، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، وعدي بن حاتم، وأبو جحيفة السوائي، وجابر بن عبد الله، وجابر بن سمرة، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، والنعمان بن بشير، وفاطمة بنت قيس، وغيرهم.
- مالك بن مغول، عن نافع، قال: سمع ابن عمر الشعبي وهو يحدث بالمغازي، فقال: " لكأن هذا الفتى شهد معنا " رواه الخطيب البغدادي.
روايته عن التابعين وثنائهم عليه:
قال سفيان بن عيينة:كان في الناس ثلاثة بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه). رواه الخطيب البغدادي.
وقال أبو أسامة الحافظ: كان عمر بن الخطاب في زمانه رأس الناس وهو جامع، وكان بعده ابن عباس في زمانه، وكان بعد ابن عباس في زمانه الشعبي، وكان بعد الشعبي في زمانه سفيان الثوري). رواه الخطيب البغدادي
قال محمد بن سيرين لأبي بكر الهذلي: ا أبا بكر إذا دخلت الكوفة فاستكثر من حديث الشعبي، فإن كان ليسأل، وإن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لأحياء.
نماذج من مروياته فى التفسير::
أ: قال هشيم :أخبرنا زكريا، عن الشعبي قال:({الجبت}: السحر، و{الطاغوت}: الشيطان). رواه ابن جرير.
ب: شعبة، عن المغيرة، عن الشعبي:غير أولي الإربة} قال: الذي لا أرب له في النساء). رواه ابن جرير.
وروى عنه في التفسير:
إسماعيل بن أبي خالد، وحصين بن عبد الرحمن، ومطرّف بن طريف، وأبو إسحاق الشيباني، ومنصور بن المعتمر، والأعمش، وزكريا بن أبي زائدة، وداوود بن أبي هند، ومغيرة بن مقسم، وعاصم الأحول، وزبيد اليامي، وعطاء بن السائب، وأشعث بن سوار، ومجالد بن سعيد، وجماعة.

موقفه فى فتنة ابن الأشعث:
خرج مع القراء في فتنة ابن الأشعث لما خرجوا على الحجاج، ثم اختفى مدّة، ثمّ عاد إلى الحجاج، وتلطّف له في الاعتذار فقبل عذره.
وفاته:
مات فجأة سنة 104هـ.
الفوائد المستفادة من سيرة التابعى النبيل
1- ان قول العالم لاأدرى لا ينقص من مكانته وفضله بل على العكس
2- انه من توفيق الله تعالى للعبد ان يعينه على اغتنام فرص العلم كما فعل الشعبى رحمه الله فقد كان يتتبع الصحابه رضوان الله عليهم ليسمع منهم وينهل من علمهم
3- ان قوة الحجة والبصيرة اذا اجتمعت مع حسن المنطق اهلة العالم لخدمة دينه وفتحت له ابواب الدعوه الى الله
4- ان من طلب العلم مخلصاً لله تعالى يسر له اسبابه وذاده علما ونفعه ونفع به

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 محرم 1441هـ/2-09-2019م, 02:39 PM
الشيماء وهبه الشيماء وهبه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
المشاركات: 1,465
افتراضي

رسالة مختصرة في سيرة الصحابي الجليل: عبد الله بن عمر بن الخطاب



بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في سيرة احدى الصحابة الأجلاء " سيرة عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي "


ومقصد تلك الرسالة: تأمل سيرة هذا الصحابي الجليل فتكون لنا القدوة والعبرة والسلوى.
وإنها لنعمة ورحمة أن جعل الله لنا أئمة نقتدي بهم على مر العصور والأيام فنتأمل حال من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين لعلنا نحشر في زمرتهم برحمة وجود رب العالمين.

فأما عن إسلامه رضي الله عنه: فقد أسلم عبد الله بن عمر بمكة المكرمة مع أبيه وعمره حينئذ يقارب العشر سنوات ثم هاجر مع أبيه إلى المدينة، ثم ما لبث أن تقدم للجهاد، يريد فداء روحه محبة لله ولرسوله ولإعلاء كلمة الله.
قال عبيد الله العمري: أخبرني نافع عن ابن عمر قال: (عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يُجِزْني، وعرضني يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني). متفق عليه.

نشأته: نشأ رضي الله عنه نشأة صالحة في طاعة الله، وقد من الله عليه فجمع له بين قوة الجسد وقوة العزيمة، فكان يتتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فليزمها عمره كله ولا يفتر عنها، واجتهد في ذلك اجتهادا بالغاً حتى ظهرت آثاره عليه، قالت عنه عائشة رضي الله عنها«ما رأيت ألزم للأمر الأول من عبد الله بن عمر» رواه الحاكم في المستدرك.

وقد اشتهر بزهده وحرصه بين أقرانه على حفظ نفسه من الافتتان بالدنيا وذلك مع فتوته وقوته حتى قال عنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (لقد رأيتنا ونحن متوافرون، وما فينا شاب هو أملك لنفسه من عبد الله بن عمر). رواه ابن سعد.

عبادته: من أكثر الصحابة صلاة وصياماً وتلاوة للقرآن، قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: (لا تطيقونه، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما). رواه ابن سعد.
وكان أشدّهم لزوماً لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأكابر أصحابه،
ومما روي عنه في ذلك:
- أنه كان يغدو كلَّ سبت إلى قباء ماشياً فيصلي فيه اتّساء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- وعن نافع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تركنا هذا الباب للنساء»، قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات). رواه أبو داوود وابن سعد
- وكان قد رأى رؤيا أفزعته فقصها على حفصة فقصتها حفصة، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل».، قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا). متفق عليه.
- وكان شديد المحبّة للنبي صلى الله عليه وسلم، حتى قال حفيده محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر: «ما سمعت ابن عمر يذكر النبيَّ صلى الله عليه وسلم قطّ إلا بكى» رواه الدارمي بإسناد صحيح.

مناقبه رضي الله عنه:


كان مجاهدًا في سبيل الله:
- شهد الخندق مع النبي صلى الله عليه وسلم وما بعدها من الغزوات، وشهد بيعة الرضوان، ورُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى عليه في فتح مكة.
- - وشهد عددا من الفتوح في عهد الخلفاء الراشدين، وبارز في عهد عمر دهقاناً من دهاقنة الفرس فقتله.


حريص على طلب العلم:
- أخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً غزيراً، ثم أخذ عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وحفصة وعائشة وابن مسعود وزيد بن ثابت وبلال بن رباح وصهيب الرومي وجماعة من أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حكيم ذو رأي:
كان عاقلاً رشيداً حسن الرأي، أوصى عمر أن يشهد مشورة الستة الذين أوصى أن يختاورا من بينهم رجلاً للخلافة من بعده؛ فاجتمع رأيهم على عثمان.

عالم محدث:
فكان من أهل الفتوى والتحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى عُدَّ من القلّة المكثرين من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن الإمام مالك بن أنس قال: (أقام ابن عمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة يفتي الناس في الموسم وغير ذلك).
قال: (وكان ابن عمر من أئمة الدين). رواه الخطيب البغدادي.


مفسر فقيه:
مما روي عنه في التفسير:
عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله حتى نزلت علينا هذه الآية: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فلما سمعناها كففنا عن الشهادة وأرجينا الأمور إلى الله). رواه ابن أبي حاتم.
عن خالد بن أسلم، قال: خرجنا مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال أعرابي: أخبرني عن قول الله: {والذين يكنزون الذهب والفضة، ولا ينفقونها في سبيل الله} قال ابن عمر: «من كنزها، فلم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة؛ فلما أنزلت جعلها الله طهرا للأموال» رواه البخاري.

ورع ذو خشية:
وقد بلغ من العلم مبلغًا إلا أنه كان يخشى القول على الله بغير علم، ويخشى الزلل والخطأ والنسيان، فكان حريصاً على التثبت في الفتيا وأداء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سمعه بلفظه ولا يغير باجتهاده.
وكان لا يتحرج إن سأل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم، ومما روي في ذلك:
قال عبد العزيز بن أبي رواد: أخبرني نافع أن رجلا سأل ابن عمر عن مسألة فطأطأ ابن عمر رأسه ولم يجبه حتى ظنَّ الناس أنه لم يسمع مسألته.
قال: فقال له: يرحمك الله أما سمعت مسألتي؟
قال: قال: بلى ولكنكم كأنكم ترون أن الله ليس بسائلنا عما تسألوننا عنه!! اتركنا يرحمك الله حتى نتفهَّم في مسألتك؛ فإن كان لها جواب عندنا، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به). رواه ابن سعد.

وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: سئل ابن عمر عن شيء فقال: (لا علم لي به) فلما أدبر الرجل قال لنفسه: (سُئل ابن عمر عما لا علم له به؛ فقال لا علم لي به). رواه ابن سعد، وروى نحوه ابن عساكر من طريق الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر.

منفق كريم:
- اشتهر بكثرة إنفاقه وشدة كرمه فكان يكرم من صحبه وخدمه، عن عبيد الله بن عمران، أنه قال: سمعت مجاهدا، يقول:«صحبت ابن عمر لأخدمه، فكان هو يخدمني». رواه أبو بكر الخلال في السنة.
- وأعتق أنفس كثيرة لله، وكان ينفق مما يحب حتى روى عن نفسه محدثًا ابنه حمزة فقال:(خطرت لي هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، فقال: فما وجدت شيئا أحب إلي من جاريتي رميثة، فعتقتها، فلولا أني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها، فأنكحتها نافعا، فهي أم ولده). رواه ابن سعد.

حسن الخلق:
كان حريصاً على الألفة بين المسلمين، وإفشاء السلام، حتى روي عنه أنه قال: إني لأخرج وما لي حاجة إلا لأسلم على الناس ويسلمون علي.
فأثمر ذلك شدة محبة الناس له حتى روى عنه مجاهد فقال: كنت مع ابن عمر فجعل الناس يسلمون عليه حتى انتهى إلى دابته فقال لي ابن عمر: (يا مجاهد إن الناس يحبونني حبا لو كنت أعطيهم الذهب والوَرِق ما زدت). رواه ابن سعد.

حريص على توقي الفتن:
كان من شدة محبته للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حريص على لزوم ما كانوا عليه، ينأى بنفسه عن الفتن مخافة أن يفارقهم وقد روى ذلك عنه محمد بن سيرين قال: نُبئت أن ابن عمر كان يقول: (إني لقيت أصحابي على أمر، وإني أخاف إن خالفتهم خشية ألا ألحق بهم). رواه ابن سعد.
فلمّا حدثت الفتنة اعتزلها فلم يقاتل مع أي طائفة، ولزم ما كان عليه من العمل، وكان على بصيرة مما كان يفعله في زمان الفتنة، لا يتردد في اجتنابها، ولا يلتفت في ذلك إلى ترغيب ولا ترهيب. عبد الله بن عبيد بن عمير: قال ابن عمر: (إنما كان مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم كانوا يسيرون على جادّة يعرفونها؛ فبينا هم كذلك إذ غشيتهم سحابة وظلمة؛ فأخذ بعضنا يمينا، وبعضنا شمالا، وأخطأنا الطريق وأقمنا حيث أدركنا ذلك حتى تجلى عنا ذلك؛ حتى أبصرنا الطريق الأول فعرفناه فأخذنا فيه). رواه ابن سعد.


وفاته رضي الله عنه:
طال به العمر حتى أدرك مقتل الزبير رضي الله عنه، وقد أراد عبد الله ابن عمر الحج وكان الحجاج في ذلك الموسم قد غلب على مكة ونشر عسكره في المشاعر بين الناس ومعهم السلاح، فلما أقبل ابن عمر على رمي الجمرات أصابه رمح في رجله في شدة الزحام فكان هذا سبب موته.
قال سعيد بن جبير: كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدمه، فلزقت قدمه بالركاب، فنزلت، فنزعتها وذلك بمنى، فبلغ الحجاج فجعل يعوده، فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك، فقال ابن عمر: «أنت أصبتني» قال: وكيف؟ قال: «حملت السلاح في يوم لم يكن يُحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم» رواه البخاري.
فمات رضي الله عنه سنة 74هـ وقد بلغ من العمر أربعة وثمانون عاماً.

موضع دفنه:
- مات بعد أن قضى نسكه، وأوصى أن يدفن خارج الحرم، فلم يقدروا على ذلك بسبب الحَجاج وجنده، وكانت الفتنة شديدة.
قال ابنه سالم: (فدفناه بفخ في مقبرة المهاجرين نحو ذي طوى).



ممن أخذ عنه العلم وروى عنه التفسير خاصة:
ابنه سالم، ومولاه نافع، وعبد الله بن دينار، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين رحمة الله عليهم أجمعين.


وفي ختام رسالتنا ننوه إلى بعض الفوائد الجلية من تلك السيرة العطرة ومنها:
- أهمية النشأة منذ الصغر على حب النبي صلى الله عليه وسلم وحسن اتباعه.
- العزيمة في الأمر وأخذ الشرائع بقوة تأسيًا بأهل خير القرون.
- أن العلم قرين العمل، فابن عمر تعلم العلم حتى أصبح عالمًا محدثًا فلم يغره ذلك ولزم العمل والعبادة فأثمر تلك الأخلاق والشمائل الحسنة.
- أن القرآن أخلاق وعبادة فمن جمع بين تعلمه والعمل به فقد اقتدى بنبيه وصحبه الكرام.
- الحذر من القول على الله بغير علم، والتواضع وعدم إدعاء العلم مخافة اللوم.
- الشجاعة وعدم كتم الحق؛ فابن عمر لم يخاف الحجاج مع شدة بطشه.
- الخوف من الفتنة والحذر من الزلل والحرص على السلامة منها باعتزالها وملازمة العلم والعبادة.
وغير ذلك من الفوائد الجمة والتي تتضح بكثرة التأمل، والله أعلى وأعلم.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 5 محرم 1441هـ/4-09-2019م, 12:07 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي


بارك الله فيكم جميعاً ، وزادكم علماً وفضلاً

أتيتم جميعاً على جانب مهم من وفرة المادة العلمية في السيرة المترجمة، غير أنّ أكثركم نحى منحى التلخيص العلمي المجرد.
وكان المطلوب كتابة مقالة يصوغها الطالب بأسلوبه يخاطب بها القارئ ويظهر فيها شخصيته ومهارته في توظيف المعلومات العلمية في إيصال الرسائل المباشرة وغير المباشرة المستفادة من سيرة المفسّر.

وأما التفصيل في ذكر الطبقات والرواة فأرى أنه غير مناسب في مقام الرسائل التي يراد منها التشويق للعلم وبيان أثره على العالم والحض على الاتساء به وبيان فضله.

وأثني على أداء الفاضلة ضحى الحقيل في المستوى الثامن فقد أجادت التعبير لولا ما فاتها من ذكر الفوائد المستفادة التي تمنتيت أنها ختمت بها مقالتها.




حنان: ب
سيرين لم يكن صحابيا، وكذلك زوجته بل هما في عداد التابعين.
فداء حسين: أ
عائشة أبو العينين: أ
الشيماء: آمل اختيار سيرة مفسر من المذكورين في دروس القسم الرابع.


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 6 محرم 1441هـ/5-09-2019م, 04:19 AM
الشيماء وهبه الشيماء وهبه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
المشاركات: 1,465
افتراضي

عطاء بن أبي رباح أسلم المكّي (ت:114هـ)



بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في سيرة أحد التابعين علم من أعلام المفسرين رضي الله عنهم أجمعين.

ومقصد تلك الرسالة: تأمل سيرة هؤلاء الأعلام وكيف نالوا شرف الإمامة وثبتوا على الحق حتى لقوا ربهم وقد خلدت ذكراهم بالشرف والرفعة إلى يومنا هذا، ولعلنا بتأمل حالهم نقتدي بهم ويلحقنا بعض ما لحقهم نسأل الله من فضله.

والتابعي وصف لكل من جاء بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يراه، ولكنه رأى صحابته رضي الله عنهم أجمعين.

وبداية نشير إلى فضل التابعين حتى ندرك عظمة من نتحدث عنهم وقد أشارت النصوص إلى فضلهم، قال جل وعلا {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100 ) }

وفي حديث بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» متفق عليه

وإنما نال التابعين هذا الشرف الجليل وتلك الخيرية بحسن اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، فمن خالف السبيل والمنهج فهو ليس منهم كما قال تعالى{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)}. .
نسأل الله أن يرزقنا حسن الاتباع ويكفينا شر الإبتداع اللهم آمين.

وبعد تلك المقدمة تعالوا نتأمل سيرة هذا التابعي الجليل مفتي الحرم المكي والإمام المفسر الفقيه العابد " عطاء بن أبي رباح أسلم المكّي" وكنيته "أبو محمد "

- مولى قريش وأصله من الحبشة وقيل من "النوبة.

- وُلدَ باليمن عام خمسة وعشرين أو سبعة وعشرين للهجرة، بعد تولي عثمان الخلافة رضي الله عنه،

عن عمر بن قيس، قال: سألت عطاء متى ولدت؟
قال: (لعامين خلوا من خلافة عثمان). رواه ابن أبي خيثمة وابن عساكر. وكان صبي يعقل حين قتل عثمان رضي الله عنه، روى سفيان بن عيينه عن عطاء قال: (أذكر قتل عثمان رضي الله عنه حين جاء الرسول، وأنا أشتدّ مع الصبيان). رواه البخاري في التاريخ الكبير

- وقد أصيبت يداه في أحداث الفتن، قال وهب بن جرير بن حازم: حدثني أبي قال: (رأيت يد عطاء شلاء ضربت في أيام ابن الزبير).

- نشأ بمكة المكرمة وفيها تلقى العلم وقرأ القرآن وحسن طلبه حتى صار معلّم كُتَّاب بمكة.

قال ابن حبان: (عطاء بن أبى رباح مولى آل أبى خيثم الفهري القرشي واسم أبى رباح أسلم، كان مولده بالجند من اليمن، ونشأ بمكة، وكان أسود أعور أشلّ أعرج ثم عميَ في آخر عمره، وكان من سادات التابعين، وكان المقدَّم في الصالحين مع الفقه والورع، كان مولده سنة سبع وعشرين، ومات بمكة سنة أربع عشرة ومائة، كنيته أبو محمد).

- فأما إن تحدثنا عن طلبه للعلم
فقد حرص على ملازمة الصحابة والتلقي عنهم، قال البخاري عنه : (سمع أبا هريرة، وابن عباس، وأبا سعيد، وجابر، وابن عمر، رضي الله عنهم).
- وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: (رأى عقيل بن أبى طالب، وروى عن أبي هريرة، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، ورافع بن خديج، وجابر بن عمير، وعائشة، ومعاوية بن أبى سفيان)


وظهر حرصه على تعلم السنة وحرصه على سؤال ذوي العلم عما يجهل فيما رواه حماد بن زيد عن عطاء بن أبي رباح.
قال: صليت مع ابن الزبير المغرب فسلم في ركعتين، ثم قام إلى الركن ليمسحه فسبح القوم؛ فرجع فصلى بهم الركعة، ثم سلَّم، ثم سجد سجدتين؛ فأتيت ابن عباس من فوري فأخبرته؛ فقال: (لله أبوك ! فكيف صنع؟)
فأخبرته؛ فقال: (ما ماطَ عن سنة نبيه). رواه ابن سعد في الطبقات.


وقد لزم المسجد قرابة عشرين سنة يبيت فيه حتى روي عنه أنه قال: (أدركت مئتي نفس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،في هذا المسجد، إذا قال الإمام، {ولا الضالين} سمعت لهم رجة آمين). رواه البخاري في التاريخ الكبير.

وبهذا بلغ ما بلغ من العلم والفضل حتى أصبح مفتيًا للحرم قال عنه ربيعة: (فاق عطاءٌ أهلَ مكة في الفتوى). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل
وقال عنه ابن عمر لما قدم إلى مكة وأقبل الناس عليه يستفتونه فقال لهم: (تجمعون لي يا أهل مكةَ المسائلَ وفيكم عطاء بن أبي رباح).
وقال عنه أبو جعفر (ما بقي أحد أعلم بالحج من عطاء).

وقد ظهر فقهه في علم التفسير كذلك وكثرت عنه المرويات ومن الثقات المكثرون من الرواية عنه: ابن جريج، وابن أبي نجيح.
ومما روي عنه: تفسير قوله تعالى: {يتلونه حق تلاوته} قال: (يتبعونه حق اتباعه، يعملون به حق عمله). رواه ابن جرير.

وكان مع هذا يتورع أن يجتهد فيما لا علم له، قال أبو خيثمة عن عبد العزيز بن رفيع قال: سئل عطاء عن شئ قال: لا أدري، قال فقيل له: ألا تقول فيها برأيك؟!
قال: (إني أستحيي من الله أن يدان في الأرض برأيي). رواه ابن عساكر

وروي عن ابن جريج قال: (كان عطاء إذا حدَّث بشيءقلتُ: علم أو رأي؟ فإن كان أثرا قال: علم، وإن كان رأيا قال: رأي). رواه ابن سعد.

وأما هديه وسمته:
فكان ذو خلق وسمت صالح، يطيل الصمت، فلا يشغله فضول الكلام، فإن سئل عن شىء أحسن الجواب، وإن تحدث لزمه التوفيق.
روى سفيان بن عيينه عنه قال: (كان عطاء يطيل الصمت؛ فإذا تكلَّم يُخيَّل إلينا أنه يؤيَّد). رواه ابن أبي حاتم وقال (يعنى أن اللهَ عز وجل يؤيّده ويلهمه الصواب).

وكان مع علمه هذا متواضع مع من جالسه يكرمه وينصت إليه، قال عبد الله بن المبارك، عن يعقوب بن عطاء قال: كان رجلٌ يحدّث أبي بحديثٍ كان أبي أحفظَ لذلك الحديثِ من الرجلِ، قال: فجعل أبي يصغي إليه.
فقلت أنا للرجل: إن أبي يحفظ هذا الحديث!
قال: فصاح بي؛ فقال: مَهْ يا بني!
فلما قام الرجل قال لي أبي: (يا بُنيّ لم تُبغّضُ أباكَ إلى جليسه، لقد سمعتُ هذا الحديثَ قبلَ أن يولدَ أبوه!! ولقد كان يُحَدَّثُ أحدُنا بالحديثِ، والذي يُحَدَّث بالحديثِ أحفظ من الذي يحدِّثُه؛ فما يزيده على أن يقول: "ما أحسنه!!" إرادةَ أن يسرَّه). رواه البيهقي في شعب الإيمان


وكان زاهدًا، روى ابن حنبل عن عمر بن ذر قال: (ما رأيت مثل عطاء قط، وما رأيت على عطاء قميصا قط ولا رأيت عليه ثوبا يسوى خمسة دراهم).

وكان كثير العبادة محسن في صلاته قال سفيان بن عيينة: قلت لابن جريج: ما رأيت مصلياً مثلك!! قال: فكيف لو رأيت عطاء). رواه ابن عساكر
ووصفه ابن جريج أيضًا فقال: كان عطاء بعد ما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة فيقرأ مائتي آيةمن البقرة وهو قائم ما يزول منه شيء ولا يتحرك). رواه الإمام أحمد في الزهد
فتأمل هذا حاله بعد ما كبر، فكيف كان في شبابه!

وكان بارًا بوالديه، روي عن ابن جريج عن عطاء أنه كان يُطعم عن أبويه وهما ميّتان، وكان يفعله حتى مات. قال أبو نعيم: (يعني صدقة الفطر). رواه ابن سعد.

فتأمل كيف جمع تلك الخصال حتى قال عنه عبد الرحمن بن سابط (والله ما أرى إيمان أهل الأرض يعدل إيمان أبي بكر وما أرى إيمان أهل مكة يعدل إيمان عطاء). رواه ابن سعد وابن عساكر.

من مواعظه رضي الله عنه قال يعلى بن عبيدالطنافسي: دخلنا على محمد بن سوقة؛ فقال: يا ابن أخي أحدثكم بحديث لعله ينفعكم فقد نفعني؛ قال لنا عطاء بن أبي رباح: (إن من قبلكم كانوا يعدّون فضول الكلام ما عدا كتاب الله وأمر بمعروف أو نهي عن منكر أو أن تنطق في معيشتك التي لا بد لك منها، أتنكرون أن عليكم حافظين كراما كاتبين عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد؟! أما يستحي أحدكم لو نُشرت صحيفته التي أملى صدر نهاره وليس فيها شئ من أمر آخرته). رواه ابن عساكر.

وختامًا ففي تأمل تلك السير من الفوائد ما لا حصر له ومنها:

- أن من أراد الحق وجده وإن اختلف الزمان والمكان وتغيرت الأحوال وكما قال جل وعلا { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا }
فهذا عطاء عقل مقتل عثمان وشلت يده في أحداث ابن الزبير فنشأ في زمن فتنة ولكن لم يثنيه ذلك عن طلب العلم وإحسانه حتى بلغ ما بلغ.

- أن الأفضلية بالتقوى وليست بالوجاهة والمكانة فهذا عطاء قد وصفه ابن حبان وغيره " أسود أعور أشل أعرج " ثم قال " هو من سادات التابعين !
فتلك حجة على كل مبتلى بفقدان شىء من زهوة الدنيا كيف لا تساوي شيئا إن ظفر بشرف العلم والدين.

- أن العلم قد يحصله الكثيرون ولكن التوفيق والإمامة في الدين لا تكن إلا لمن رافق علمه عمله فاستقامت أخلاقه وعباداته ومعاملاته فاستقام دينه واكتمل.

والله نسأل القبول والعفو والغفران وصلى الله وسلم على آله وصحبه الأخيار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 8 محرم 1441هـ/7-09-2019م, 10:07 AM
ريم الحمدان ريم الحمدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام مجاهد بن جبر



سيرة الإمام مجاهد :
ه هو مجاهد بن جبر المكي وقيل ابن جبير والأول أصح ،شيخ القراء والمفسرين ،لقبه أبو الحجاج مولى عبد الله بن السائب القارئ ، ويقال : مولى قيس بن الحارث المخزومي . مفسر تابعي من أهل مكة .

مولده :
ولد في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مكة .

طلبه للعلم :
لازم ابن عباس مدة طويلة ، قال مجاهد : عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة .
وروي عنه : عرضت القرآن ثلاث عرضات على ابن عباس ، أقفه عند كل آية ، أسأله فيم نزلت ، وكيف كانت .
وروىابن جرير أن مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه قال فيقول له ابن عباس اكتب حتى سأله عن التفسير كله . ولهذا كان سفيان الثوري يقول إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به .
وهذا من محاسن تفسيره ولذا روى عنه الكثير .

أخذ العلم عن :
لازم ابن عباس رضي الله عنه وأخذ عنه التفسير ، وروى عن أبي هريرة ، وعائشة ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمرو ، وابن عمر ، ورافع بن خديج ، وأم كرز ، وجابر بن عبد الله ، وأبي سعيد الخدري ، وأم هانئ ، وأسد بن ظهير ، وغيرهم .
وأخذ القرآن عن علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وابن عباس رضي الله عنهم.

حدّث عنه :
عكرمة ، وطاوس ، وعطاء - وهم من أقرانه - ، وعمرو بن دينار ، وأبو الزبير ، والحكم بن عتيبة ، وابن أبي نجيح ، ومنصور بن المعتمر ، وسليمان الأعمش ، وأيوب السختياني ، وابن عون ، وعمر بن ذر ، ومعروف بن مشكان ، وقتادة بن دعامة ، والفضل بن ميمون ، وإبراهيم بن مهاجر ، وحميد الأعرج ، وبكير بن الأخنس ، والحسن الفقيمي ، وخصيف ، وسليمان الأحول ، وسيف بن سليمان ، وعبد الكريم الجزري ، وأبو حصين ، والعوام بن حوشب ، وفطر بن خليفة ، والنضر بن عربي ، وخلق كثير .


تزكية أهل العلم له :

قال سفيان الثوري : خذوا التفسير من أربعة : مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والضحاك .
وقال خصيف : كان مجاهد أعلمهم بالتفسير .
وقال قتادة : أعلم من بقي بالتفسير مجاهد .
قال ابن المديني : سمع مجاهد من عائشة ، قال الذهبي : سمع منها شيئا يسيراً .
قال ابن جريج : لأن أكون سمعت من مجاهد ، فأقول : سمعت مجاهدا أحب إلي من أهلي ومالي .
وقال يحيى بن معين : مجاهد ثقة .
قال سلمة بن كهيل :ما رأيت أحدا يريد بهذا العلم وجه الله إلا هؤلاء الثلاثة : عطاء ، ومجاهد ، وطاوس
عن حبيب بن صالح : سمع مجاهدا يقول : استفرغ علمي القرآن .
قال قتادة : اعلم ممن بقي في التفسير مجاهد .
قال الأعمش : كنت إذا رايت مجاهداً ازدريته وكان متبذلاً ،كأنه خربندج ( كلمة فارسية تعني مربي الحمير ) ضل حماره وهو مهتم لذلك،فإذا نطق خرج من فيه اللؤلؤ .
وقد روى عنه البخاري واكثر من ذكر مروياته في التفسير ،وأخرج البخاري في التاريخ الكبير، عن عبد الرزاق، عن معمر، أنَّه سَمِع أيوب يقول للَّيث بن أبي سُلَيم: «اُنظر ما سمعتَ من هذين الرجلين، فاشدد بهما يدك، يعني: طاووسا، ومجاهدا».
قال يحيى القطان مرسلات مجاهد أحب إلى من مرسلات عطاء بكثير .
قال عنه ابن كثير كان آية في التفسير ،وقال عنه الحموي كان وعاء للعلم .

بعض مما نقل عنه من الأخبار :
روى الفضل بن دكين عن مجاهد قال كنت أقود مولاي السائب وهو أعمى فيقول يا مجاهد دلكت الشمس فإذا قلت نعم قام فصلى الظهر .
قال مجاهد أن ابن عمر قال له : وددت لو ان نافعاً حفظ كحفظك .

حياته ورحلاته :
ويقال : ولد بمكة وسكنالكوفة ، وكان كثير الأسفار والتنقل ، ونقلوا عنه أنه كان إذا سمع عن شيء عجيب ذهب لينظر إليه فسافر إلى حضرموت وشاهد بئر هاروت ،وذهب لبابل يبحث عن هاروت وماروت وله قصة في ذلك الله أعلم بصحتها . سجنه الحجاج في فتنة ابن الأشعث وخرج بعد موت الحجاج .

ما تميز به تفسيره :
1/ أخذه عن الصحابة ،قيل أنه أخذ عن سبعة عشر منهم .
2/ تماد المفسرين على روايته ، حتى أن الطبري روى عنه ما يربو عن ألفي رواية .
3/علمه الواسع فقد أخذ عنه
في القراءات : ابن كثير الداري ،وأبي عمر بن العلاء .
في الفقه :اعتمد على أقواله كثير من الفقهاء كالشافعي .
في الحديث : روى عنه جمع من المحدثين كالبخاري وغيره .

مما أخذ عليه :
1/أخذه عن أهل الكتاب ،قال أبو بكر بن عياش : قلت للأعمش : ما بالهم يتقون تفسير مجاهد ؟ قال : كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب .
2/ تفسيره بالرأي بعض الشيء، فمن ذلك إنكاره مسخ أصحاب السبت قردة، كما هو قول الجمهور وظاهر القرآن. وقد رد عليه ابن جرير بالأدلة الواضحة القوية. ومن ذلك أيضاً أنه فسر قوله تعالى {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة} بقوله: «تنتظر الثواب من ربها، لا يراه من خلقه شيء». وهذا صار متكئاً قوياً للمعتزلة ضد أهل السنة. لكن هذا كان قليلاً منه.


ممن عاصر من الخلفاء :
قال ابن عساكر : قدم مجاهد على سليمان بن عبد الملك ، ثم على عمر بن عبد العزيز ، وشهد وفاته .
وروي عن مجاهد ، قال : قال لي عمر بن عبد العزيز : يا مجاهد ما يقول الناس في ؟ قلت : يقولون مسحور . قال : ما أنا بمسحور . ثم دعا غلاما له فقال : ويحك ، ما حملك على أن سقيتني السم ؟ قال : ألف دينار أعطيتها وأن أعتق . قال : هاتها . فجاء بها ، فألقاها في بيت المال ، وقال : اذهب حيث لا يراك أحد .


وفاته :
اختلف في تاريخ وفاته رحمه الله ،قال اليهثم بن عدي توفي سنة مائة ،و قال يحيى بن بكير مائة وواحد وعمره ثلاث وثمانون سنة ،و قال أبو نعيم مائة واثنتين ،قال الفضل بن دكين توفي مجاهد بمكةوهو ساجد ، وقيل غير ذلك .


المراجع :

الطبقات الكبرى لابن سعد (ت230ه)، (466/5ـ467)
. التاريخ الكبير للبخاري (ت256ه)، (411/7ـ412).
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (ت327ه)، (319/8).
معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب للحموي (ت626ه)، (2272/5ـ2273)
. تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمُزِّي (ت742ه)، (228/27ـ236).
تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني (ت852ه)، (42/10ـ44).
سير أعلام النبلاء للذهبي (ت748ه)، (449/4ـ457).
تفسير مجاهد (ت104ه)، (ص:494).
تفسير القرآن العظيم، للحافظ ابن كثير (ت774ه)، (638/4).

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 18 محرم 1441هـ/17-09-2019م, 05:52 AM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

زيد بن أسلم
هو الإمام الفقيه المفسر زيد بن أسلم العدوي مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكنيته أبو أسامة وقيل أبو عبد الله، اشترى عمر والده أسلم في موسم الحج في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وأما أصله فذكر في رواية أنه حبشي، وذكر في رواية أخرى أنه من الأشعريين.

وقد روى عن جماعة من الصحابة كابن عمر وأنس بن مالك، ورافع بن خديج، والبراء بن عازب، وتكلم في سماعه من جابر بن عبد الله.
كما روى عن جماعة من التابعين: منهم: أبوه أسلم، وأخوه خالد بن أسلم، وعبيد بن عمير، وابنه عبد الله بن عبيد، وعلي بن الحسين، ومحمد بن المنكدر، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وأم الدرداء الصغرى، وحمران بن أبان مولى عثمان، ونافع مولى ابن عمر، وعطاء بن يسار، ومجاهد بن جبر، ووهب بن منبه الصنعاني، والفرافصة بن عمير الحنفي، والقعقاع بن حكيم الكناني، وأبو سعيد سفيان بن دينار التمار.
ولهذا كان كثير الرواية للحديث لكونه تتلمذ على هؤلاء الأفذاذ من الصحابة والتابعين، وظهر أثر ذلك في كثرة مروياته خاصة في التفسير، إلى غير ذلك من رحلاته في طلب العلم إلى مصر، واستقدام عمر بن عبد العزيز له.

وقد وثقه العلماء وأثنوا عليه خيرا، كما قال ابن عجلان: (ما هبت أحدا هيبتي زيد بن أسلم)، وروى ابن عساكر عن مالك قوله: كان زيد بن أسلم يحدث من تلقاء نفسه، فإذا سكت قام، فلا يجترئ عليه إنسان، وقال عنه يعقوب بن شيبة: «ثقة من أهل الفقه والعلم، وكان عالما بتفسير القرآن، له كتاب فيه تفسير القرآن»، وروى البخاري هشيم عن محمد بن عبد الرحمن القرشي قال: كان علي بن حسين يجلس إلى زيد بن أسلم، ويتخطَّى مجالس قومه؛ فقال له نافع بن جبير بن مطعم: تخطَّى مجالس قومك إلى عبد عمر بن الخطاب؟ فقال: (إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه).

أما تعليمه العلم للناس وحسن توجيههم فقد وردت آثار في ذلك، منها: روى ابن عساكر عن ابن وهب: حدثني ابن زيد قال: قال لي أبو حازم: (لقد رأيتنا في مجلس أبيك أربعين حبرا فقيها أدنى خصلة منا التواسي بما في أيدينا؛ فما رؤي فيها متماريين ولا متنازعين في حديث لا ينفعهما قط)، وروى ابن سعد عن عبد الله بن وهب، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، أنه كان يقول إذا جاءه الإنسان يسأله، فخلط عليه، قال له: (اذهب فتعلم كيف تسأل، فإذا تعلمت فتعال فسل)، وروى ابن سعد والبيهقي من طريق حرملة عن مالك عن مطرف بن عبدا لله اليساري قال: حدثنا مالك بن أنس أن زيد بن أسلم كان على معدن بني سليم، وكان معدناً لا يزال يصاب فيه الناس من قِبَل الجنّ؛ فلمَّا وَلِيَهم زيد شكوا ذلك إليه، فأمرهم بالأذان أن يؤذنوا ويرفعوا أصواتهم، ففعلوا، فارتفع ذلك عنهم، فهم عليه إلى اليوم)، وفي هذه القصة يظهر حسن مشورته.

ومما أخذ عليه تفسيره للقرآن برأيه، كما روى ابن عدي وابن عساكر عن محمد بن عيسى بن الطباع قال: حدثنا حماد بن زيد قال: قدمت المدينة وأهل المدينة يتكلمون في زيد بن أسلم فقلت لعبد الله [أي ابن عمر العمري]: ما تقول في مولاكم هذا؟ قال: (ما نعلم به بأسا إلا أنه يفسر القرآن برأيه)، وقد وجه الشيخ حفظه الله هذا القول على أنه كان يجتهد في التفسير مع كونه إمام ثقة ثبت، لكنه غير معصوم، فقد يقع منه الخطأ، وقد روى أخبار إسرائيلية بعضها دون إسناد، أما ما رواه عنه الضعفاء والمتروكين من طرق واهية فهو برئ منه.

وقد نقل عنه أقوال ووصايا كثيرة، ومروياته في التفسير على نوعين: الأول: ما رواه عن جماعة من الصحابة والتابعين من أقوالهم ومروياتهم في التفسير، والثاني: أقواله في التفسير وهي كثيرة، أما مراتب الرواة عنه فهم على سبعة طبقات منهم الثقات والضعفاء والمجهولين والمتروكين.

وقد اختلف في وفاته على أقوال، أرجحها أنها سنة (136هـ)، وهي رواية البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي خيثمة في تاريخه، وابن عساكر، بينما ذكر الواقدي أنها سنة 143هـ.

من الفوائد من سيرته رضي الله عنه:
حرصه وهمته على طلب العلم والرحلة فيه، كان له أعظم الأثر على بناؤه الخلقي والعلمي.
تلقيه العلم والرواية عن الصحابة والتابعين يبين أهمية تلقي العلم على يد المشايخ ومن سبق.
ظهور أثر العلم وبركته في تعليمه لغيره، فقد روى له أكثر من ستين راويا في كتب التفسير المسندة.
من أهم ما يميزه رضي الله عنه أنه رجل عامة وليس خاص لنفسه، حتى ذكر أنه كان يعلم بالمدينة، وأنه معلم كتاب.
رفعة العلم لأهله وبروز مكانة أهله، ويظهر ذلك في مجالسة علي بن حسين له ورده على مقالة نافع بن جبير.
تعليمه العلم لأهل بيته فهم أولى الناس بذلك، فقد حمل عنه أولاده الثلاثة.
تحذيره من البدع والأهواء خاصة مقالة القدرية، وهذا هو دور أهل العلم تجاه ما يظهر من شبهات.
تثبته في التلقي، من خلال عدم مجالسة السفهاء وعدم الحمل عنهم.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 4 ربيع الثاني 1441هـ/1-12-2019م, 08:54 AM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ماهر غازي القسي

أبو حمزة محمد بن كعب القرظي (ت:108هـ) رحمه الله
- هو محمد بن كعب بن حبان بن سليم بن أسد القرظي وكان يكنى بأبي حمزة , يوجد عدة أقوال لتاريخ وفاته وأصحها أنه ولد في آخر خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وقال العجلي: ("مدني"، تابعي، ثقة )
- وروى عن الصحابة ومنهم أبو هريرة وابن عباس ومعاية بن أبي سفيان ، وأرسل عن أبي ذر وابن مسعود رضي الله عنهم جميعاً
- وكان من أهل العلم بالتفسير بارعاً في دراسة القرآن وتدبره وإعمال الفكرة فيه واستخراج الحجج منه فكان يتكلم بعجائب من أوجه التفسير والاستنباط , قال الذهبي: ( كان من أئمة التفسير).
- وروي في فضله أحاديث لا تثبت منها ما رواه البيهقي عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يخرج من الكاهنين رجل أعلم الناس بكتاب الله. قال: فكان الناس يقولون: هو محمد بن كعب القرظي). وهو حديث مرسل , والمراد بالكاهنين قريظة النضير من يهود المدينة ، وسبب تسميتهما بذلك على أقوال :
1- لما لهما من العم والفهم وقد نزلوا في المدينة في أمة أمية ، وهو مروي عن أبي سليمان الخطابي وابن الأثير .
2- سميا بذلك لعظم قدرهما في قومهما وقيامهما بشؤونهما ، وهو مروي عن أبي منصور الأزهري وأبي عبيد البكري
- كان ممن يقص وله مواعظ حسنة ومجالس في التفسير , وكان ممن غلب عليه الخشوع والخوف من الله فاجتهد في العبادة ودراسة القرآن اجتهاداً بالغاً حتى أنس به، وشغل به عن غيره.

مرويات في فضله

- روى ابن عساكر في تاريخه قال: قالت أم محمد بن كعب القرظي لابنها: يا بني! لولا أني أعرفك صغيراً طيباً، وكبيراً طيّباً، لظننت أنّك أذنبت ذنبا موبقا؛ لما أراك تصنع بنفسك في الليل والنهار.
قال: (يا أمَّاه! وما يؤمنني أن يكون الله قد اطلع عليَّ وأنا في بعض ذنوبي؛ فمقتني، وقال: اذهب، لا أغفر لك. مع أن عجائب القرآن ترد بي على أمور حتى إنه لينقضي الليل ولم أفرغ من حاجتي).
- روى ابن أبي شيبة عن محمد بن كعب القرظي يقول: « إني لأن أقرأ: " القارعة، وإذا زلزلت في ليلة، أرددها وأتفكّر فيهما أحبّ إلي من أن أبيتَ أهذّ القرآن» أو قال: «أنثره نثرا»
- روى ابن المبارك في الزهد عن محمد بن كعب: (كنتُ إذا سمعت حديثاً عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التمسته في القرآن). رواه ابن المبارك في الزهد.
- روى ابن أبي الدنيا (كان محمد بن كعب القرظي يقصّ ودموعه تجري على خديه؛ فإن سمع باكيا زجره، وقال: ما هذا؟!!).
- روى ابن عساكرعن عبد العزيز قال: أصاب محمد بن كعب القرظي مالاً فقيل له: ادّخر لولدك من بعدك، قال: (لا، ولكن أدّخر لنفسي عند ربي، وأدّخر ربي لولدي). رواه ابن عساكر.

مروياته في التفسير والاستنباط:

1. قال أبو صخر حُميد بن زياد: قلت لمحمد بن كعب القرظي يوما: ألا تخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان من رأيهم؟ وإنما أريد الفتن.
فقال: (إن الله قد غفر لجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأوجب لهم الجنة في كتابه محسنهم ومسيئهم).
قلت: في أي موضع أوجب الله لهم الجنة في كتابه.
فقال: (سبحان الله ألا تقرأ قوله: {والسابقون الأولون ...} إلى آخر الآية؛ فأوجب الله لجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجنة والرضوان، وشرط على التابعين شرطا لم يشرطه عليهم).
قلت: وما اشترط عليهم؟
قال: (اشترط عليهم أن يتبعوهم بإحسان، يقول: يقتدون بأعمالهم الحسنة، ولا يقتدون بهم في غير ذلك).
قال أبو صخر: (فو الله لكأني لم أقرأها قط، وما عرفت تفسيرها حتى قرأها علي محمد بن كعب). رواه ابن عساكر.

2. وقال أبو معشر المدني: حدثني محمد بن كعب القرظي قال: حدثني عبد الله بن دارة مولى عثمان بن عفان، عن حمران مولى عثمان بن عفان قال: مرت على عثمان فخارة من ماء فدعا به، فتوضأ، فأسبغ وضوءه، ثم قال: لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا ما حدثتكم به، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « ما توضأ عبد فأسبغ الوضوء ثم قام إلى الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الأخرى ».
قال محمد بن كعب: (وكنت إذا سمعت حديثا عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التمسته في القرآن، فالتمست هذا فوجدت: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته} ، فعلمت أن الله لم يتم عليه النعمة حتى غفر له ذنوبه، ثم قرأت الآية التي في سورة المائدة {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} - حتى بلغ - {ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم}، فعرفت أن الله لم يتم عليهم النعمة حتى غفر لهم). رواه ابن المبارك في الزهد.

3. وقال محمد بن إسحاق: سمعت محمد بن كعب القرظي، وهو يقول: (إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من بنيه إسماعيل، وإنا لنجد ذلك في كتاب الله في قصة الخبر عن إبراهيم وما أمر به من ذبح ابنه إسماعيل، وذلك أن الله يقول، حين فرغ من قصة المذبوح من إبراهيم، قال: {وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين} يقول: بشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، يقول: بابن وابن ابن، فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من الله الموعود ما وعده الله، وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل). رواه ابن جرير.

4 . قال محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، قال: سألت محمد بن كعب القرظي، عن هذه الآية: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}
قال: «من يعمل مثقال ذرة من خير من كافر يرَ ثوابها في نفسه وأهله وماله، حتى يخرج من الدنيا وليس له خير؛ ومن يعمل مثقال ذرة من شر من مؤمن يرَ عقوبتها في نفسه وأهله وماله، حتى يخرج وليس له شر» رواه ابن جرير.

5 . روى ابن أبي الدنيا عن محمد بن كعب القرظي، قال: (ثلاث خصال من كن فيه كنَّ عليه: البغي، والنكث، والمكر، وقرأ: {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}، {يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم}، {فمن نكث فإنما ينكث على نفسه}).

6 . وقال عباءة بن كليب الليثي عن محمد بن النضر الحارثي قال: كان محمد بن كعب يقول: (الدنيا دار فناء، ومنزل بلغة، رغبت عنها السعداء، وانتزعت من أيدي الأشقياء؛ فأشقى الناس بها أرغب الناس فيها، وأزهد الناس فيها أسعد الناس بها، هي المعذّبة لمن أطاعها، المهلكة لمن اتبعها، الخائنة لمن انقاد لها، علمها جهل، وغناها فقر، وزيادتها نقصان، وأيامها دُوَل). رواه ابن أبي الدنيا في ذمّ الدنيا .

7 . وقال أبو ضمرة أنس بن عياض عن صالح بن حسان البصري: سمعت محمد بن كعب يقول: (ما يكذب الكذاب إلا من مهانة نفسِه). ابن عساكر في تاريخ دمشق .

وفاته:
- وقال سعيد بن سليمان الضبي: سمعت أبا معشر يقول: (مات محمد بن كعب القرظي سنة ثمان ومائة). وهو أرجح الأقوال

رواة التفسير عن محمد بن كعب القرظي:
توفي محمد بن كعب القرظي بالهدم، وأنه مات معه طائفة من خاصة أصحابه ومن أعلمهم بالتفسير.
ورواة التفسير عن محمد بن كعب القرظي في كتب التفسير المسندة أكثر من خمسين راوياً، وهم على أصناف:
الصنف الأول: أصحابه المكثرون من الرواية عنه ومنهم: أبو صخر المدني، وأبو معشر السندي، وموسى بن عبيدة الربذي.
الصنف الثاني: رواة لهم روايات قليلة في كتب التفسير المسندة دون العشر ومنهم محمد بن إسحاق بن يسار، وعاصم بن محمد العُمري،
الصنف الثالث: الثقات المقلّون عنه
وهم جماعة من الثقات رويت عنهم مسائل سألوا فيها محمد بن كعب أو سمعوها منه، وما لكل واحد منهم في كتب التفسير المسندة سوى رواية أو روايتين عنه، ومن هؤلاء: عمرو بن دينار، وقتادة، وسليمان بن طرخان التيمي .
الصنف الرابع: رواة تُكلّم فيهم، والراجح قبول روايتهم ما لم يكن فيها مخالفة أو نكارة. وهم دون من سبقهم في الضبط، ومنهم من تُكلّم فيه والعمل على توثيقه، ومن هؤلاء: عبد العزيز بن أبي رواد المكي، وأبو يحيى شعيب بن صفوان الثقفي الكوفي، أخرج له مسلم في صحيحه،
الصنف الخامس: رواة ضعفاء الضبط أو مجهولو الحال ومنهم: ليث بن أبي سليم، ومحمد بن رفاعة بن ثعلبة القرظي
الصنف السادس: المتروكون
وهم رواة شديدو الضعف، أو متّهمون بالكذب، ومنهم: أبو رافع إسماعيل بن رافع المديني الأنصاري، أبو عبيدة عيسى بن ميمون المديني،

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 11 ربيع الثاني 1441هـ/8-12-2019م, 08:17 AM
كوثر التايه كوثر التايه غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 787
افتراضي

أبو عبدالله عكرمة البربري مولى ابن عباس


اسمه ومولده:


هو عبدالله بن عكرمة البربري مولى ابن عباس، وُلد في أول خلافة عثمان رضي الله عنه نحو عام 25ه، وكان بربريا للحصين بن أبي الحر العنبري فوهبه لابن عباس حين ولي البصرة[1].


حفظه وذكاؤه:


كان حافظًا فهمًا وعلم ابن عباس رضي الله عنه ذلك منه، فألزمه تعلم القرآن والأحكام،


قال عن نفسه: " طلبت العلم أربعين سنة فكنت أفتي بالباب وابن عباس بالدار[2]".


وبلغ من ذكائه وحفظه أنه قال: " إني لأخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلم الكلمة والكلمتين فيُفتح لي خمسون بابًا من العلم[3]".


وقال سفيان بن عيينة: " لما قدم عِكرمَة البصرة أمسك الْحَسَن، عَن التفسير"[4].


من العبودية إلى الحرية:


بقي عكرمة ملازماً لابن عباس يخدمه ويتعلم منه إلى أن توفي ابن عباس وهو في الرقّ، فتكون مدّة مكثه عند ابن عباس نحو ثلاثين عاماً، استفاد فيها علماً غزيراً مما سمعه من ابن عباس وغيره. مات ابن عباس وعكرمة عبد، فاشتراه خالد بن زيد بن معاوية من علي بن عبدالله بن عباس بأربعة آلاف دينار؛ فبلغ ذلك عكرمة؛ فأتى عليّا؛ فقال: "بعتني بأربعة آلاف دينار؟


قال: نعم.


قال: أما إنه ما خِيرَ لك؛ بعتَ علم أبيك بأربعة آلاف دينار؛ فراح عليٌّ إلى خالد فاستقاله فأقاله فأعتقه"[5].


شبهات في عكرمة والرد عليها:


الشبهة الأولى: اتُهم عكرمة بالخطأ في الرواية والكذب، حيث أنكر عليه بعض التابعين روايات لا يعرفها الناس واتهمه آخرون بالكذب،وأنه يفهم عن ابن عباس ما لم يرده فيحدّث عنه فيكون كاذباً في تحديثه، والأقرب أنهم نسبو إليه الخطأ في الرواية لا تعمد الكذب.


الرد عليها:


وعى عكرمة علماً كثيرا، وكان يحدث بما لا يعرفه الناس، ولم تثتبت عليه تهمة الكذب، وما أُنكر عليه من الروايات تبيّن صدقه فيها، وأنّه لم ينفرد بروايتها، بل صحّت عن ابن عباس من طرق أخرى.قال سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن زيد[6]، عن أيوب قال: قال عكرمة: "أرأيت هؤلاء الذين يكذبوني من خلفي، أفلا يكذبوني في وجهي؛ فإذا كذبوني في وجهي؛ فقد والله كذبوني[7]"، فلو كذبوه في وجهه لرد عليهم ولعرفوا صدقه.


وقد وثق ابن عباس عكرمة في حفظه وفهمه، وقال أبو معمر القطيعي: حدثنا ابن فضيل، عن عثمان بن حكيم قال: "رأيت عكرمة جاء إلى أبي أمامة بن سهل بن حنيف فقال: أنشدك بالله، أما سمعت ابن عباس يقول: ما حدثكم عكرمة عني فهو حق؟ فقال أبو أمامة: بلى[8]".


قال ابن حجر: "وهذا إسناد صحيح"


وهذا توثيق من ابن عباس لعكرمة في حفظه وفهمه، وأنّه يأمنه على ما سمعه منه.


واحتجّ به جماعة من الأئمة، منهم: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، والبخاري، وأبو حاتم الرازي، والنسائي، والعجلي، وابن حبان، وغيرهم


قال أبو بكر المروذي:" قلت لأحمد بن حنبل: يحتج بحديث عكرمة؟ فقال: نعم، يحتج به"


وقال البخاري: ليس أحد من أصحابنا إلا احتجّ بعكرمة".


الشبهة الثانية: اتهم بعقيدته وأنه يرى رأي الخوارج ونسبوه إليهم:


الرد عليها:


لقد برأه جماعة من الأئمة من تلك النسبة، وقال ابن منده: "وأما حال عكرمة مولى ابن عباس رحمه الله في نَفْسِهِ، فَقَدْ عَدَّلَهُ أئمةٌ من نُبلاء التابعين ومَنْ بَعْدَهم، وحَدَّثوا عنه، واحتجّوا بمفاريده في الصفات والسنن والأحكام روى عنه زُهاء ستمائة رجل من أئمة البلدان فيهم زيادة على سبعين رجلاً من خيار التابعين ورفعائهم، وهذه منزلةٌ لا تكاد توجد لكبير أحد من التابعين إلاَّ لعكرمة مولى ابن عباس رحمة الله عليه".


وقال محمد بن نصر المروزي: "قد أَجْمَعَ عامَّةُ أهل العلم على الاحتجاج بحديث عكرمة، واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا، منهم: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، ويحيى بن معين؛ ولقد سألتُ إسحاق بن راهويه عن الاحتجاج بحديثه؟ فقال لي: عكرمةُ عندنا إمام الدنيا، وتَعَجَّبَ من سؤالي إيَّاه[9]".



وقد تتبع ابن حجر الطعون التي طُعن بها على عكرمة وأرجعها إلى ثلاثة أمور:


الأمر الأول: ما روي عن بعض السلف في تكذيبه، وقد تبيّنت براءته من تهمة الكذب


والأمر الثاني: اتّهامه برأي الخوارج وأنّه كان يرى السيف، وفي ثبوت ذلك عنه نظر، والأظهر أنّ ما روي عنه في ذلك فلتات من لسانه؛ فسيرته ليست سيرة الخوارج فكان مصافياً للأئمة غير منابذ لهم، مجتهداً في نشر العلم، داعياً إلى السنة، معظّماً للصحابة، يسافر في الغزوات في الثغور، وليس هذا شأن الخوارج.


وقد حمل ابن حجر سبب التهمة على توافق قوله في بعض المسائل مع بعض أقوال الخوارج مع أنّه لم يحفظ عنه شيء بنصّه من تلك الأقوال، والاتّهام بناء على التوافق في بعض الأقوال عرضة للخطأ.


وقد أشيع عنه في حياته ما نفّر بعض الأئمة عنه من أغاليط المسائل فلذلك كان قبولهم ما ينتقد به أسرع، مع أنّه لا يصحّ عنه كثير مما انتقد به عند التحقيق، ومنه ما أخطأ فيه وصرّح بالرجوع عنه؛ كفتواه في بيع التمر.


والأمر الثالث: قبوله جوائز الأمراء وأعطياتهم، وكان من السلف من ينفر ممن يقبل عطايا الأمراء ويتعرّض لسؤالهم، وهذا لا يقدح في روايته، ولا في عدالته عند التحقيق.


الرواة عن عكرمة:


رواة التفسير عن عكرمة في كتب التفسير المسندة نحة ستين رجلاً، منهم المقل والمكثر، ومنهم الثقة والضعيف والمعتبرة روايته، ومنهم المتروك، وهم في ذلك على سبعة مراتب.


من رواياته في التفسير:


قال يحيى بن واضح: حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة أنَّ نافع بن الأزرق قال لابن عباس رحمه الله: أعمى البصر أعمى القلب، يزْعُم أن قومًا يخرجون من النار، وقد قال الله جل وعز:{وما هم بخارجين منها}؛ فقال ابن عباس: (ويحك، اقرأ ما فوقها؛ هذه للكفّار)[10].


من وصاياه


قال أرطاة بن أبي أرطاة: رأيت عكرمة يحدّث رهطا فيهم سعيد بن جبير؛ فقال: إن للعلم ثمناً قيل: وما ثمنه يا أبا عبد الله؟ قال: (ثمنه أن يضعه عند من يحسن حمله، ولا يضيعه)[11].


وفاته:


قال الواقدي: "حدثتني ابنة عكرمة أن عكرمة توفي سنة خمس ومائة وهو ابن ثمانين سنة"، وكان متخفياً عن السلطان مع ما كان أشيع عنه لدى أهل المدينة، فرحمه الله ورضي عنه.





[1]ابن عدي في الكامل

[2]رواه العقيلي

[3]رواه ابن سعد

[4]رواه ابن عدي، وروى العقيلي نحوه عن سفيان عن أيوب

[5]رواه ابن سعد

[6]حماد بن زيد من أثبت الرواة في أيوب، وأيوب الامام الثبت الثقة الحافظ

[7]رواه ابن سعد

[8]رواه العقيلي وابن عساكر

[9]ذكره المنذري في جزء سمّاه "ذكر حال عكرمة مولى عبد الله بن عباس وما قيل فيه".

[10]رواه ابن جرير، وروى عبد الرزاق وابن أبي حاتم نحوه من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة.

[11]رواه ابن عدي في الكامل

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 15 ربيع الثاني 1441هـ/12-12-2019م, 03:30 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تابع تقويم مجلس مذاكرة القسم الرابع من سير أعلام المفسرين
بارك الله فيكم ونفع بكم.
أضع بين أيديكم بعض الوصايا العامة للشيخ عبد العزيز الداخل وقد أجملها في تصحيحه أعلاه.
1: العناية باستهلال المقالة بما يشوّق القارئ لإكمالها.
2: التمرن على إحسان أسلوب التخلّص عند إرادة الانتقال من مبحث إلى آخر.
3: التوازن في الأسلوب الإنشائي؛ فإذا كان الاستهلال بليغاً قويّاً ؛ فليكن الأسلوب في سائر المقالة مناسباً لما شُوّق إليه القارئ.
4: استكشاف مواطن القوة في سيرة العالِم وإبرازها بأسلوب يحفّز القارئ للاقتداء به.
5: أن تكون مقاصد المقالة حاضرة في ذهن الكاتب عند الكتابة لتصل إلى القارئ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
6: مواصلة القراءة في كتب أهل البيان ممن امتازوا بحسن التعبير وقوّة التأثير في كتاباتهم للاستفادة من أساليبهم ومفرداتهم.
7. التمرن بكتابة مقالات علمية متنوّعة ونشرها، مع العنابة بتوثيق ما يذكر فيها.
8. المراجعة اللغوية قبل نشر المقالة لإصلاح ما ندّ من الأخطاء الكتابية والنحوية والصرفية، وتجويد بعض العبارات لتكون المقالة سليمة من الأخطاء الأسلوبية ووصمة الركاكة.
9: لا ينبغي إغفال توثيق المرويات؛ فالاختصار في عرضها وترك ذكر الإسناد كاملاً أو من مخرجه لا يعفي من توثيقها؛ حتى لا تكون الرويات مرسلة بلا خطام ولا زمام.




الشيماء وهبة: أ
أحسنتِ، بارك الله فيكِ، ونفع بكِ.
وقال عنه أبو جعفر (ما بقي أحد أعلم بالحج من عطاء) = من أبو جعفر؟ أتبعيه بذكر اللقب أو الاسم.
أخطاء لغوية:
وإنما نال التابعين = التابعون.

ريم الحمدان: ب+
راجعي الوصايا العامة أعلاه.
مثلا إذا أردتِ التطبيق على سيرة مجاهد فيمكن أن يكون محور رسالتك الحديث عن حرصه على العلم والتفسيرخصوصًا، ونشره.

هيثم محمد: ب+
أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.
أرجو مراجعة الوصايا العامة أعلاه.
وبالتطبيق على رسالتك يمكن الانطلاق مثلا من نهي زيد بن أسلم عن مجالسة السفهاء، وقول تلميذه علي بن حسين: " إنما يجلس المرء إلى من ينفعه في دينه"، ثم الاسترسال في بيان بقية جوانب سيرته.
وهذا مجرد مثال للتوضيح وإلا فيمكن النظر في جوانب أخرى حسب المخاطب بالرسالة.
- في الرسالة بعض الأخطاء اللغوية أحسب أنه بمراجعتك لها يسهل استخراجها وتصويبها بإذن الله.

ماهر القسي: ب
بارك الله فيك ونفع بك.
يوجد عدة أقوال لتاريخ وفاته وأصحها أنه ولد في آخر خلافة علي بن أبي طالب = لتاريخ ميلاده.
أغلب ما ذكرت فيه اعتماد كبير على ما ذكره الشيخ في دورة سير أعلام المفسرين
والمطلوب توظيف ما درست في كتابة رسالة عن سيرة المفسر، تساعد قارئها في الاقتداء به.
مثلا هنا يمكنك الانطلاق من خشيته وعبادته، وما فتح الله عليه من تدبر القرآن وحسن الفهم، كما قال الله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}



كوثر التايه: ب+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
راجعي الملحوظات العامة، وكما سبق الإشارة إليه في الملحوظات السابقة، من أن المطلوب توظيف ما درستِ في سير أعلام المفسرين في كتابة رسالة بأسلوبك، تشير إلى مواطن الهدايات في سيرة المفسر مثلا.
فيمكنكِ الانطلاق هنا من بيان فضل العلم وشرفه في الإسلام، فهذا " عبد " رفعه الله عز وجل بالعلم فاشتهر بعلمه، والتعريج على بيان ضرورة التثبت مما ينسب للعلماء ببيان ما انتُقد به عكرمة، والأدلة على براءته مما نُسب إليه.

وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الأول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir