دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الأقسام العامة > الأقسام العلمية العامة > القراءة المنظمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 شعبان 1430هـ/10-08-2009م, 07:04 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تطبيق 7: بيان معنى الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية

التطبيق السابع: فصل في بيان معنى الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مجموع الفتاوى (1/64-77)
المطلوب: تلخيص المقاصد مع بيان شيء من سنادها.

وقفة:
هذا الفصل المختصر عظيم النفع في بيان معنى الصراط المستقيم قد حوى بيان أصول مهمة في التوحيد والسلوك ، تضم إلى ما سبق بيانه، ليكتمل بنيان المعرفة بهذا العلم الجليل القدر، وتُشد أصوله وتُحكم علماً وعملاً بإذن الله تعالى.

وإني أوصي نفسي وإياكم بالعناية بالقراءة بنية الانتفاع وطلب الهدى، والمبادرة إلى الامتثال ، وإعطاء هذه المسائل حقها من الرعاية والتذكر حتى يرسخ علمها في النفس ويظهر أثرها على الجوارح، وبذلك تظهر آثار العلم النافع ، ويزداد العبد هدى وثباتاً ، وإنابة وإخباتاً، ولا يزال هذا دأبه حتى يلقى ربه.
وكان هذا شأن أهل العلم
قال إبراهيم الحربي عن الإمام أحمد بن حنبل: (لقد صحبته عشرين سنة صيفا وشتاء وحرا وبردا وليلا ونهارا فما لقيته لقاة في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس).
وقال الإمام أحمد عن أبي عبيد القاسم بن سلام: أبو عبيد كل يوم يزداد خيراً.
فينبغي أن يكون هذا دأب طالب العلم يزداد كل يوم من العلم والهدى والخير.
وفقكم الله




بيان معنى الصراط المستقيم
لشيخ الإسلام
أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
رحمه الله

قال شيخ الإسلام - رحمه اللّه -:
فصلٌ:
قال اللّه تعالى: {اهدنا الصّراط المستقيم . صراط الّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين} . وقد صحّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: ( اليهود مغضوبٌ عليهم والنّصارى ضالّون ).
وكتاب اللّه يدلّ على ذلك في مواضع مثل قوله تعالى {قل هل أنبّئكم بشرٍّ من ذلك مثوبةً عند اللّه من لعنه اللّه وغضب عليه}
وقوله: {فباءوا بغضبٍ على غضبٍ}
وقوله: {فباءوا بغضبٍ من اللّه وضربت عليهم المسكنة}.
وقال في النّصارى: {قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحقّ ولا تتّبعوا أهواء قومٍ قد ضلّوا من قبل وأضلّوا كثيرًا وضلّوا عن سواء السّبيل} .
وقال: {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على اللّه إلّا الحقّ إنّما المسيح عيسى ابن مريم رسول اللّه وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه}.
وقال تعالى: {وقالت اليهود عزيرٌ ابن اللّه وقالت النّصارى المسيح ابن اللّه ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الّذين كفروا من قبل قاتلهم اللّه أنّى يؤفكون . اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون اللّه والمسيح ابن مريم وما أمروا إلّا ليعبدوا إلهًا واحدًا لا إله إلّا هو سبحانه عمّا يشركون}.
وقال تعالى: {ما كان لبشرٍ أن يؤتيه اللّه الكتاب والحكم والنّبوّة ثمّ يقول للنّاس كونوا عبادًا لي من دون اللّه ولكن كونوا ربّانيّين بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون . ولا يأمركم أن تتّخذوا الملائكة والنّبيّين أربابًا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون}.
وقال تعالى: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضّرّ عنكم ولا تحويلًا . أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إنّ عذاب ربّك كان محذورًا}.
ولمّا أمرنا اللّه سبحانه: أن نسأله في كلّ صلاةٍ أن يهدينا الصّراط المستقيم صراط الّذين أنعم اللّه عليهم من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين المغايرين للمغضوب عليهم وللضّالّين كان ذلك ما يبيّن أنّ العبد يخاف عليه أن ينحرف إلى هذين الطّريقين وقد وقع ذلك كما أخبر به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حيث قال: ( لتسلكنّ سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة حتّى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه)
قالوا يا رسول اللّه: اليهود والنّصارى؟
قال: (فمن ؟) وهو حديثٌ صحيحٌ.
وكان السّلف يرون أنّ من انحرف من العلماء عن الصّراط المستقيم: ففيه شبهٌ من اليهود ومن انحرف من العبّاد: ففيه شبهٌ من النّصارى كما يرى في أحوال منحرفة أهل العلم: من تحريف الكلم عن مواضعه وقسوة القلوب والبخل بالعلم والكبر وأمر النّاس بالبرّ ونسيان أنفسهم وغير ذلك.
وكما يرى في منحرفة أهل العبادة والأحوال من الغلوّ في الأنبياء الصّالحين والابتداع في العبادات والرهبانية والصّور والأصوات.
ولهذا قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ( لا تطروني كما أطرت النّصارى عيسى ابن مريم فإنّما أنا عبدٌ فقولوا عبد اللّه ورسوله)
ولهذا حقّق اللّه له نعت العبوديّة في أرفع مقاماته حيث قال: {سبحان الّذي أسرى بعبده ليلًا}. وقال تعالى: {فأوحى إلى عبده ما أوحى}.
وقال تعالى: {وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا}.
ولهذا يشرع في التّشهّد وفي سائر الخطب المشروعة كخطب الجمع والأعياد وخطب الحاجات عند النّكاح وغيره أن نقول: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله.
وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحقّق عبوديّته لئلّا تقع الأمّة فيما وقعت فيه النّصارى في المسيح من دعوى الألوهيّة حتّى قال له رجلٌ: ما شاء اللّه وشئت.
فقال: (أجعلتني للّه ندًّا؟ بل ما شاء اللّه وحده) .
وقال أيضًا لأصحابه: (لا تقولوا ما شاء اللّه وشاء محمّدٌ بل قولوا ما شاء اللّه ثمّ شاء محمّدٌ)
وقال: (لا تتّخذوا قبري عيدًا وصلّوا عليّ حيثما كنتم فإنّ صلاتكم تبلغني).
وقال: (اللّهمّ لا تجعل قبري وثنًا يعبد اشتدّ غضب اللّه على قومٍ اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد)
وقال: (إنّ من كان قبلكم كانوا يتّخذون القبور مساجد ألا فلا تتّخذوا القبور مساجد فإنّي أنهاكم عن ذلك).
والغلوّ في الأمّة وقع في طائفتين: طائفةٍ من ضلّال الشّيعة الّذين يعتقدون في الأنبياء والأئمّة من أهل البيت الألوهيّة وطائفةٍ من جهّال المتصوّفة يعتقدون نحو ذلك في الأنبياء والصّالحين فمن توهّم في نبيّنا أو غيره من الأنبياء شيئًا من الألوهيّة والرّبوبيّة فهو من جنس النّصارى وإنّما حقوق الأنبياء ما جاء به الكتاب والسّنّة عنهم.
قال تعالى في خطابه لبني إسرائيل: {وآمنتم برسلي وعزّرتموهم وأقرضتم اللّه قرضًا حسنًا لأكفّرنّ عنكم سيّئاتكم ولأدخلنّكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار}
والتّعزير: النّصر والتّوقير والتّأييد.
وقال تعالى: {إنّا أرسلناك شاهدًا ومبشّرًا ونذيرًا . لتؤمنوا باللّه ورسوله وتعزّروه وتوقّروه} فهذا في حقّ الرّسول ثمّ قال في حقّ اللّه تعالى: {وتسبّحوه بكرةً وأصيلًا}.
وقال تعالى {ورحمتي وسعت كلّ شيءٍ فسأكتبها للّذين يتّقون ويؤتون الزّكاة والّذين هم بآياتنا يؤمنون . الّذين يتّبعون الرّسول النّبيّ الأمّيّ الّذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّ لهم الطّيّبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال الّتي كانت عليهم فالّذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتّبعوا النّور الّذي أنزل معه أولئك هم المفلحون}.
وقال تعالى: {قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم واللّه غفورٌ رحيمٌ . قل أطيعوا اللّه والرّسول فإن تولّوا فإنّ اللّه لا يحبّ الكافرين}.
وقال تعالى: {إنّ اللّه وملائكته يصلّون على النّبيّ يا أيّها الّذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا}.
وقال تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من اللّه ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربّصوا}.
وذكر طاعة الرّسول في أكثر من ثلاثين موضعًا من القرآن
وقال: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم}.
وقال تعالى: {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيت ويسلّموا تسليمًا}.
وقال تعالى: {فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ}.
وقال تعالى: {إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى اللّه ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون} {ومن يطع اللّه ورسوله ويخش اللّه ويتّقه فأولئك هم الفائزون} فجعل الطّاعة للّه والرّسول وجعل الخشية والتّقوى للّه وحده. كما قال: {فإيّاي فارهبون}. وقال: {وإيّاي فاتّقون} وقال: {فلا تخشوا النّاس واخشون}. وقال: {إنّ الّذين يبايعونك إنّما يبايعون اللّه يد اللّه فوق أيديهم} وقال تعالى: {لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا} وقال تعالى: {النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم}. وقال صلّى اللّه عليه وسلّم {لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والنّاس أجمعين. وقال له عمر: واللّه يا رسول اللّه لأنت أحبّ إليّ من كلّ أحدٍ إلّا من نفسي فقال: لا يا عمر حتّى أكون أحبّ إليك من نفسك فقال: فأنت أحبّ إليّ من نفسي قال: الآن يا عمر}. فقد بيّن اللّه في كتابه حقوق الرّسول من الطّاعة له ومحبّته وتعزيره وتوقيره ونصره وتحكيمه والرّضى بحكمه والتّسليم له واتّباعه والصّلاة والتّسليم عليه وتقديمه على النّفس والأهل والمال وردّ ما يتنازع فيه إليه وغير ذلك من الحقوق. وأخبر أنّ طاعته طاعته فقال: {من يطع الرّسول فقد أطاع اللّه} ومبايعته مبايعته فقال: {إنّ الّذين يبايعونك إنّما يبايعون اللّه} وقرن بين اسمه واسمه في الحّبّة فقال: {أحبّ إليكم من اللّه ورسوله}. وفي الأذى فقال: {إنّ الّذين يؤذون اللّه ورسوله} وفي الطّاعة والمعصية فقال: {ومن يطع اللّه ورسوله}. {ومن يعص اللّه ورسوله} وفي الرّضا فقال: {واللّه ورسوله أحقّ أن يرضوه} فهذا ونحوه هو الّذي يستحقّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بأبي هو وأمّي.
فأمّا العبادة والاستعانة فللّه وحده لا شريك له كما قال: {واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئًا} {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}. {وما أمروا إلّا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدّين حنفاء} وقد جمع بينهما في مواضع كقوله: {فاعبده وتوكّل عليه}. وقوله: {وتوكّل على الحيّ الّذي لا يموت وسبّح بحمده}. وقوله: {عليه توكّلت وإليه أنيب}.
وكذلك التّوكّل كما قال: {وعلى اللّه فليتوكّل المتوكّلون}
وقال: {قل أفرأيتم ما تدعون من دون اللّه إن أرادني اللّه بضرٍّ هل هنّ كاشفات ضرّه أو أرادني برحمةٍ هل هنّ ممسكات رحمته قل حسبي اللّه عليه يتوكّل المتوكّلون}
وقال: {الّذين قال لهم النّاس إنّ النّاس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا اللّه ونعم الوكيل}.
والدّعاء للّه وحده سواءٌ كان دعاء العبادة أو دعاء المسألة والاستعانة كما قال تعالى: {وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدًا} {وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا} {قل إنّما أدعو ربّي ولا أشرك به أحدًا}
وقال تعالى: {فادعوا اللّه مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون} وقال: {فلا تدع مع اللّه إلهًا آخر فتكون من المعذّبين}.
وقال: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه}.
وذمّ الّذين يدعون الملائكة والأنبياء وغيرهم فقال: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضّرّ عنكم ولا تحويلًا أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إنّ عذاب ربّك كان محذورًا}
روي عن ابن مسعودٍ: أنّ قومًا كانوا يدعون الملائكة والمسيح وعزيرًا فقال اللّه: هؤلاء الّذين تدعونهم يخافون اللّه ويرجونه ويتقرّبون إليه كما تخافونه أنتم وترجونه وتتقرّبون إليه.
وقال تعالى: {وإذا مسّكم الضّرّ في البحر ضلّ من تدعون إلّا إيّاه} وقال: {أمّن يجيب المضطرّ إذا دعاه ويكشف السّوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإلهٌ مع اللّه}؟
وقال: {والّذين لا يدعون مع اللّه إلهًا آخر ولا يقتلون النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ ولا يزنون}.
وتوحيد اللّه وإخلاص الدّين له في عبادته واستعانته في القرآن: كثيرٌ جدًّا بل هو قلب الإيمان وأوّل الإسلام وآخره.
كما قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم {أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه}
وقال: {إنّي لأعلم كلمةً لا يقولها عند الموت أحدٌ إلّا وجد روحه لها روحًا} وقال: {من كان آخر كلامه لا إله إلّا اللّه: وجبت له الجنّة} وهو قلب الدّين والإيمان، وسائر الأعمال كالجوارح له.
وقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم {إنّما الأعمال بالنّيّات وإنّما لكلّ امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله: فهجرته إلى اللّه ورسوله. ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأةٍ يتزوّجها: فهجرته إلى ما هاجر إليه} فبيّن بهذا أنّ النّيّة عمل القلب وهي أصل العمل.
وإخلاص الدّين للّه وعبادة اللّه وحده ومتابعة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم فيما جاء به هو شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدًا عبده ورسوله. ولهذا أنكرنا على الشّيخ يحيى الصرصري: ما يقوله في قصائده في مدح الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم من الاستغاثة به مثل قوله: بك أستغيث وأستعين وأستنجد. ونحو ذلك.
وكذلك ما يفعله كثيرٌ من النّاس من استنجاد الصّالحين والمتشبهين بهم والاستعانة بهم أحياءً وأمواتًا فإنّي أنكرت ذلك في مجالس عامّةٍ وخاصّةٍ وبيّنت للنّاس التّوحيد ونفع اللّه بذلك ما شاء اللّه من الخاصّة والعامّة. وهو دين الإسلام العامّ الّذي بعث اللّه به جميع الرّسل. كما قال تعالى: {ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولًا أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطّاغوت} وقال: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلّا نوحي إليه أنّه لا إله إلّا أنا فاعبدون} وقال: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرّحمن آلهةً يعبدون} وقال: {يا أيّها الرّسل كلوا من الطّيّبات واعملوا صالحًا إنّي بما تعملون عليمٌ} {وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً وأنا ربّكم فاتّقون}
وقال: {شرع لكم من الدّين ما وصّى به نوحًا والّذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه}
وقال: {وما خلقت الجنّ والإنس إلّا ليعبدون}.
وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لمعاذ بن جبلٍ: يا معاذ أتدري ما حقّ اللّه على عباده؟ قلت اللّه ورسوله أعلم. قال: حقّه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا.
أتدري ما حقّ العباد على اللّه إذا فعلوا ذلك؟ أن لا يعذّبهم}.
وقال لابن عبّاسٍ: {إذا سألت فاسأل اللّه وإذا استعنت فاستعن باللّه}.
ويدخل في العبادة الخشية والإنابة والإسلام والتّوبة كما قال تعالى: {الّذين يبلّغون رسالات اللّه ويخشونه ولا يخشون أحدًا إلّا اللّه}
وقال: {فلا تخشوا النّاس واخشون}.
وقال: {إنّما يعمر مساجد اللّه من آمن باللّه واليوم الآخر وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة ولم يخش إلّا اللّه}
وقال الخليل: {ولا أخاف ما تشركون به إلّا أن يشاء ربّي شيئًا وسع ربّي كلّ شيءٍ علمًا أفلا تتذكّرون وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنّكم أشركتم باللّه ما لم ينزّل به عليكم سلطانًا فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون} {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}.
وقال: {ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم} إلى قوله: {أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين} {وإيّاي فاتّقون}
وقال: {ومن يطع اللّه ورسوله ويخش اللّه ويتّقه} وقال نوحٌ: {أن اعبدوا اللّه واتّقوه وأطيعون}.
فجعل العبادة والتّقوى للّه، وجعل له أن يطاع كما قال تعالى: {وما أرسلنا من رسولٍ إلّا ليطاع بإذن اللّه}. وكذلك قالت الرّسل مثل نوحٍ وهودٍ وصالحٍ وشعيبٍ ولوطٍ وغيرهم: {فاتّقوا اللّه وأطيعون} فجعلوا التّقوى للّه وجعلوا لهم أن يطاعوا.
وكذلك في مواضع كثيرةٍ جدًّا من القرآن: {اتّقوا اللّه} {اتّقوا اللّه}. {ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا اللّه}. وكذلك... (1)
وقال: {عليه توكّلت وإليه أنيب} وقال: {وأنيبوا إلى ربّكم وأسلموا له}.
وقال عن إبراهيم: {إذ قال له ربّه أسلم قال أسلمت لربّ العالمين}.
وقالت بلقيس: {إنّي ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان للّه ربّ العالمين}.
وقال: {ومن أحسن دينًا ممّن أسلم وجهه للّه وهو محسنٌ واتّبع ملّة إبراهيم حنيفًا}.
وقال: {بلى من أسلم وجهه للّه وهو محسنٌ فله أجره عند ربّه} وقال: {وتوبوا إلى اللّه جميعًا} {ومن تاب وعمل صالحًا فإنّه يتوب إلى اللّه متابًا} وقال: {فتوبوا إلى بارئكم} {توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا} والاستغفار: {استغفروا ربّكم إنّه كان غفّارًا} {وأن استغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه}.
والاسترزاق والاستنصار كما في صلاة الاستسقاء والقنوت على الأعداء قال: {فابتغوا عند اللّه الرّزق واعبدوه واشكروا له}
وقال: {إن ينصركم اللّه فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الّذي ينصركم من بعده وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون}
والاستغاثة كما قال: {إذ تستغيثون ربّكم فاستجاب لكم}.
والاستجارة كما قال: {قل من بيده ملكوت كلّ شيءٍ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون} {سيقولون للّه قل فأنّى تسحرون}.
والاستعاذة كما قال: {قل أعوذ بربّ الفلق} و {قل أعوذ بربّ النّاس} وقال: {وقل ربّ أعوذ بك من همزات الشّياطين} {وأعوذ بك ربّ أن يحضرون} وقال: {فإذا قرأت القرآن} الآية.
وتفويض الأمر كما قال مؤمن آل فرعون: {وأفوّض أمري إلى اللّه إنّ اللّه بصيرٌ بالعباد}.
وفي الحديث المتّفق عليه في الدّعاء الّذي علّمه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقال عند المنام: " اللّهمّ إنّي أسلمت نفسي إليك ووجّهت وجهي إليك وفوّضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك ".
وقال: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ليس لهم من دونه وليٌّ ولا شفيعٌ}.
وقال: {اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض وما بينهما في ستّة أيّامٍ ثمّ استوى على العرش ما لكم من دونه من وليٍّ ولا شفيعٍ} فالوليّ الّذي يتولّى أمرك كلّه والشّفيع الّذي يكون شافعًا فيه أي عونًا فليس للعبد دون اللّه من وليٍّ يستقلّ ولا ظهيرٍ معينٍ.
وقال: {وإن يمسسك اللّه بضرٍّ فلا كاشف له إلّا هو وإن يردك بخيرٍ فلا رادّ لفضله} وقال: {ما يفتح اللّه للنّاس من رحمةٍ فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده}.
وقال: {أم اتّخذوا من دون اللّه شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئًا ولا يعقلون} {قل للّه الشّفاعة جميعًا له ملك السّماوات والأرض}.
وقال: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دون اللّه لا يملكون مثقال ذرّةٍ في السّماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شركٍ وما له منهم من ظهيرٍ}. {ولا تنفع الشّفاعة عنده إلّا لمن أذن له}.
وقال: {من ذا الّذي يشفع عنده إلّا بإذنه} وقال: {وكم من ملكٍ في السّماوات لا تغني شفاعتهم شيئًا إلّا من بعد أن يأذن اللّه لمن يشاء ويرضى}.
فالعبادة والاستعانة وما يدخل في ذلك من الدّعاء والاستغاثة والخشية والرّجاء والإنابة والتّوكّل والتّوبة والاستغفار كلّ هذا للّه وحده لا شريك له فالعبادة متعلّقةٌ بألوهيّته والاستعانة متعلّقةٌ بربوبيّته واللّه ربّ العالمين لا إله إلّا هو ولا ربّ لنا غيره لا ملك ولا نبيّ ولا غيره، بل أكبر الكبائر الإشراك باللّه وأن تجعل له ندًّا وهو خلقك والشّرك أن تجعل لغيره شركًا أي نصيبًا في عبادتك وتوكّلك واستعانتك كما قال من قال: {ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} وكما قال تعالى: {وما نرى معكم شفعاءكم الّذين زعمتم أنّهم فيكم شركاء} وكما قال: {أم اتّخذوا من دون اللّه شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئًا ولا يعقلون} وكما قال: {ما لكم من دونه من وليٍّ ولا شفيعٍ}.
وأصناف العبادات: الصّلاة بأجزائها مجتمعةً وكذلك أجزاؤها الّتي هي عبادةٌ بنفسها من السّجود والرّكوع والتّسبيح والدّعاء والقراءة والقيام لا يصلح إلّا للّه وحده.
ولا يجوز أن يتنفّل على طريق العبادة إلّا للّه وحده لا لشمس ولا لقمر ولا لملك ولا لنبيّ ولا صالحٍ ولا لقبر نبيٍّ ولا صالحٍ هذا في جميع ملل الأنبياء، وقد ذكر ذلك في شريعتنا حتّى نهي أن يتنفّل على وجه التّحيّة والإكرام للمخلوقات، ولهذا نهى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم معاذًا أن يسجد له.
وقال: {لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت الزّوجة أن تسجد لزوجها من عظم حقّه عليها}.
ونهى عن الانحناء في التّحيّة ونهاهم أن يقوموا خلفه في الصّلاة وهو قاعدٌ.
وكذلك الزّكاة العامّة من الصّدقات كلّها والخاصّة لا يتصدّق إلّا للّه كما قال تعالى: {وما لأحدٍ عنده من نعمةٍ تجزى} {إلّا ابتغاء وجه ربّه الأعلى} وقال: {إنّما نطعمكم لوجه اللّه} وقال: {ومثل الّذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة اللّه وتثبيتًا من أنفسهم} وقال: {وما آتيتم من زكاةٍ تريدون وجه اللّه فأولئك هم المضعفون} فلا يجوز فعل ذلك على طريق الدّين لا لملك ولا لشمس ولا لقمر ولا لنبيّ ولا لصالح كما يفعل بعض السؤّال والمعظّمين كرامةً لفلان وفلانٍ يقسمون بأشياء: إمّا من الأنبياء وإمّا من الصّحابة وإمّا من الصّالحين كما يقال: بكرٌ وعليٌّ ونور الدّين أرسلان والشّيخ عديٌّ والشّيخ جاليد.
وكذلك الحجّ لا يحجّ إلّا إلى بيت اللّه فلا يطاف إلّا به ولا يحلق الرّأس إلّا به ولا يوقف إلّا بفنائه لا يفعل ذلك بنبيّ ولا صالحٍ ولا بقبر نبيٍّ ولا صالحٍ ولا بوثن وكذلك الصّيام لا يصام عبادةً إلّا للّه فلا يصام لأجل الكواكب والشّمس والقمر ولا لقبور الأنبياء والصّالحين ونحو ذلك.
وهذا كلّه تفصيل الشّهادتين اللّتين هما أصل الدّين: شهادة أن لا إله إلّا اللّه وشهادة أنّ محمّدًا عبده ورسوله.
والإله: من يستحقّ إن يؤلّهه العباد ويدخل فيه حبّه وخوفه؛ فما كان من توابع الألوهيّة فهو حقٌّ محضٌ للّه.
وما كان من أمور الرّسالة فهو حقّ الرّسول.
ولمّا كان أصل الدّين الشّهادتين: كانت هذه الأمّة الشّهداء ولها وصف الشّهادة.
والقسّيسون لهم العبادة بلا شهادةٍ ولهذا قالوا: {ربّنا آمنّا بما أنزلت واتّبعنا الرّسول فاكتبنا مع الشّاهدين} ولهذا كان الحّقّقون على أنّ الشّهادتين أوّل واجبات الدّين كما عليه خلّص أهل السّنّة، وذكره منصورٌ السّمعاني، والشّيخ عبد القادر وغيرهما.
[...] وجعله أصل الشّرك وغيّروا بذلك ملّة التّوحيد الّتي هي أصل الدّين كما فعله قدماء المتفلسفة الّذين شرعوا من الدّين ما لم يأذن به اللّه.
ومن أسباب ذلك: الخروج عن الشّريعة الخاصّة الّتي بعث اللّه بها محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم إلى القدر المشترك الّذي فيه مشابهة الصّابئين أو النّصارى أو اليهود وهو القياس الفاسد المشابه لقياس الّذين قالوا: {إنّما البيع مثل الرّبا} فيريدون أن يجعلوا السّماع جنسًا واحدًا والملّة جنسًا واحدًا ولا يميّزون بين مشروعه ومبتدعه ولا بين المأمور به والمنهيّ عنه.
فالسّماع الشّرعيّ الدّينيّ سماع كتاب اللّه وتزيين الصّوت به وتحبيره كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم {زيّنوا القرآن بأصواتكم}
وقال أبو موسى: لو علمت أنّك تستمع لحبّرته لك تحبيرًا.
والصّور والأزواج والسّراريّ الّتي أباحها اللّه تعالى.
والعبادة: عبادة اللّه وحده لا شريك له {في بيوتٍ أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال} {رجالٌ}.
وهذا المعنى يقرّر قاعدة اقتضاء الصّراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم. وينهى أن يشبّه الأمر الدّينيّ الشّرعيّ بالطّبيعيّ البدعيّ لما بينهما من القدر المشترك كالصّوت الحسن ليس هو وحده مشروعًا حتّى ينضمّ إليه القدر المميّز كحروف القرآن فيصير الجّموع من المشترك والمميّز هو الدّين النّافع.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 جمادى الأولى 1435هـ/9-03-2014م, 01:19 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي

أسماء الطلاب الذين أدوا التطبيق السابع
1: أم بدر
2: أبو صهيب
3: أم جهاد الحربي
4: أم أسامة
5: شاكرة لأنعمه
6: محمد بدر الدين سيفي
7: طالبة العفو
8: مروه


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
7, تطبيق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تطبيق 5: قاعدة جليلة في توحيد الله لشيخ الإسلام ابن تيمية عبد العزيز الداخل القراءة المنظمة 1 8 جمادى الأولى 1435هـ/9-03-2014م 12:53 AM
تطبيق 6: (بيان معنى الشرك) لشيخ الإسلام ابن تيمية عبد العزيز الداخل القراءة المنظمة 1 8 جمادى الأولى 1435هـ/9-03-2014م 12:48 AM
تطبيق 4: رسالة في أمراض القلوب وشفائها لشيخ الإسلام ابن تيمية عبد العزيز الداخل القراءة المنظمة 1 8 جمادى الأولى 1435هـ/9-03-2014م 12:46 AM
تطبيق 3: الوصية الجامعة لشيخ الإسلام ابن تيمية عبد العزيز الداخل القراءة المنظمة 1 8 جمادى الأولى 1435هـ/9-03-2014م 12:38 AM
( حقيقة الغيبة و أحكامها عند شيخ الإسلام ابن تيمية ) مهم لكل طالب علم فيصل بن المبارك المنتدى العام 1 3 ربيع الأول 1430هـ/27-02-2009م 11:09 PM


الساعة الآن 10:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir