دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > القصاص والحدود

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 06:16 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي [ دية الجنين ]

عن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: اقْتَتَلَت امْرَأَتَانِ مِن هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتْهَا ومَا في بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلى رَسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ: أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ: عَبْدٌ، أوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ المَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَن مَعَهُمْ، فَقَامَ حَمَلُ بْنُ الْنَابِغَةِ الْهُذَلِيُّ فقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَغْرَمُ مَن لا شَرِبَ، وَلاَ أَكَلَ، وَلاَ نَطَقَ وَلاَ اسْتَهَلَّ. فمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ((إِنَّمَا هُوَ مِن إِخْوَانِ الْكُهَّانِ)) مِن أجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ .

  #2  
قديم 17 ذو القعدة 1429هـ/15-11-2008م, 04:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الثاني: التصحيح اللغوي)

قولُه : قَضَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن دِيَةَ جنينِها غُرَّةُ عَبْدٍ أو أمةٍ .
قال النوويُّ : ضَبَطْناه بالتنوينِ على أن ما بعدَه بدَلٌ منه وكذا قيَّدَه جماهيرُ العلماءِ في كُتبِهم .
قالَ القاضي عِياضٌ : ورُوِيَ بالإضافةِ ، وذكَرَ صاحبُ (المطالِعِ ) وجهين وقالَ: الصوابُ روايةُ التنوينِ .
الجنينُ مأخوذٌ من الاجتنانِ وهو الاختفاءُ
كذا قالَه الشيخُ في شرْحِه .
وقيلَ : الصوابُ فيه الاستخفاءُ قالَ تعالى : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ } ولم يَقُلْ : يَختَفُون .
هذا هو الأفصَحُ مع أنه من الأضدادِ يُقالُ : أخْفَى ظَهَرَ واختفى تَسَتَّرَ .
حَمَلُ بنُ النابغةِ بحاءٍ مهمَلةٍ ثم ميمٍ مفتوحةٍ مخفَّفةٍ .
وفي سُننِ الدارقطنيِّ حَمَلُ بنُ مالكِ بنِ النابغةِ وفي روايةٍ له حَمَلَةُ.
يُطِلُّ: بضمِّ الياءِ المثنَّاةِ من تحتَ وتشديدِ اللامِ أي يُهدَّدُ .
ورُوِيَ بالباءِ الموحَّدَةِ على أنه فِعْلٌ ماضٍ من البُطلانِ .
قالَ القاضي : وهو المرويُّ للجمهورِ في صحيحِ مسلِمٍ .
وقولُه : من لا أكَلَ ولا شَرِبَ .
قالَ أبو الفتْحِ بن جِنِّيٍّ في ( خاطرياتِه ) : لا بمعنى لم ، أي: لم يأكُلْ ولم يَشرَبْ كقولِه تعالى :{ فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى } وهي تَختصُّ بالدخولِ على الأفعالِ الماضيةِ .
السجْعُ : بفتْحِ السينِ المهمَلةِ .
كلامٌ يُشبِهُ الشِّعرَ وإنما ذَمَّ سجْعَه لأنه عارَضَ به الأمْرَ الشرعيَّ وإلا فقد وَقَعَ السجْعُ في كلامِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّـمَ.

  #3  
قديم 17 ذو القعدة 1429هـ/15-11-2008م, 04:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ والثلاثونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةٍ
عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: اقْتَتَلَت امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتْهَا ومَا في بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ: عَبْدٌ، أوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ المَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ، فَقَامَ حَمَلُ بْنُ الْنَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ فقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لا شَرِبَ، وَلَا أَكَلَ، وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ. فمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ؟. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا هُوَ مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ)) مِنْ أجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ

المُفْرَدَاتُ:
قَوْلُهُ: (جَنِينٌ). هوَ الحَمْلُ، سُمِّيَ جَنِينًا لِاخْتِفَائِهِ.
قَوْلُهُ: (عَاقِلَتِهَا). العاقِلَةُ الأقاربُ الذينَ يَقُومُونَ بدفعِ دِيَةِ الخَطَأِ عنْ قَرِيبِهِم القاتلِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا اسْتَهَلَّ). الاستهلالُ رَفْعُ الصوتِ.
قَوْلُهُ: (يُطَلُّ). بِضَمِّ الياءِ، أيْ يُهْدَرُ وَيُلْغَى.

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: أنَّ مَنْ قَصَدَ الجنايةَ فَقَتَلَ بِمَا لا يُقْتَلُ بهِ فَقَتَلَ، ففِيهِ الدِّيَةُ، ولا قَوَدَ، وهذا (شِبْهُ العَمْدِ).
الثَّانِيَةُ: أنَّ دِيَةَ شِبْهِ العمدِ ومثلِ الخطأِ تكونُ على عَاقِلَةِ القاتلِ، وهم الذُّكُورُ منْ عَصَبَتِهِ.
الثَّالِثَةُ: أنَّ دِيَةَ الجَنِينِ إذا سَقَطَ مَيِّتًا عَبْدٌ أوْ أَمَةٌ، وقَدَّرَهَا العلماءُ بخمسٍ من الإبلِ، أيْ: بِنِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ، وتكونُ على نفسِ القاتلِ.
الرَّابِعَةُ: أنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ مِيرَاثًا بعدَهُ كسائرِ مالِهِ.
الْخَامِسَةُ: تَحْرِيمُ تَزْوِيقِ الكلامِ الذي يُقْصَدُ بهِ تعطيلُ أحكامِ اللَّهِ، ونَصْرُ الباطلِ على الحقِّ.

  #4  
قديم 17 ذو القعدة 1429هـ/15-11-2008م, 04:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

الحَديثُ الأَرْبَعُونَ بَعْدَ الثلَاثِمِائَةٍ
340- عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنهُ قالَ: اقْتَتَلَت امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتْهَا وما في بَطْنِها، فَاخْتَصَمُوا إلى النبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى النبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ؛ عَبْدٌ، أوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ المَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ، فَقَامَ حَمَلُ بْنُ الْنَابِغَةِ الْهُذَلِيُّ، فقال: يا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لا شَرِبَ، وَلاَ أَكَلَ، وَلاَ نَطَقَ وَلاَ اسْتَهَلَّ, فمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّما هُوَ مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ)) مِنْ أجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ(164).
___________________
(164) الغَرِيبُ:
جَنينٌ: مَأْخوذٌ مِن الاجْتِنانِ، وهُوَ الاخْتِفاءُ.
عاقِلَتُها: العاقِلَةُ هُم الأقارِبُ الذينَ يَقومونَ بِدَفْعِ دِيَةِ الخَطَأِ عنْ قَريبِهِمْ القاتِلِ. سُمُّوا ((عاقِلَةً ))؛ لِأنَّهُمْ يَمْنَعونَ عن القاتِلِ, فالعَقْلُ المَنْعُ.
حَمَلٌ: بِفَتْحِ الحاءِ المُهْمَلَةِ، ثُمَّ مِيمٍ مَفْتوحَةٍ أيْضًا مُخَفَّفَةٍ، هُوَ ابْنُ مالِكِ بْنِ النابِغَةِ.
ولا اسْتَهَلَّ: الاسْتِهْلالُ: رَفْعُ الصوْتِ. يُريدُ: أنَّهُ لم تُعْلَمْ حياتُهُ بِصوْتِ نُطْقٍ أو بُكاءٍ.
يُطَلُّ: بِضَمِّ الياءِ المُثَنَّاةِ التحْتِيَّةِ، وفَتْحِ الطاءِ، وتَشْديدِ اللامِ، أَيْ: يُهدَرُ ويُلْغَى.
ورُوِيَ بالباءِ المُوَحَّدَةِ، على أنَّهُ فِعْلٌ ماضٍ، مِن البُطْلَانِ.
قالَ عِياضٌ: وهُوَ المَرْوِيُّ للجُمهُورِ في صَحيحِ ((مُسْلِمٍ)).
قالَ النَّوَوِيُّ: وأَكْثَرُ نُسَخِ بِلادِنا بالمُثَنَّاةِ.
السجْعُ: هُوَ الإتْيانُ بِفِقْراتِ الكلامِ، مُنْتَهِيَةٍ بِفَواصِلَ، كَقوافِي الشِّعْرِ.
والمَذْمُومُ، ما جاءَ مُتَكَلَّفًا، أو قُصِدَ بهِ نَصْرُ الباطِلِ، وإخْمادُ الحَقِّ، وإلَّا فَقَدْ وَرَدَ في الكلامِ النبَوِيِّ.
المَعْنَى الإجْمالِيُّ:
اخْتَصَمَت امْرَأَتانِ ضَرَّتانِ مِن قَبيلَةِ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إحداهُما الأخْرَى بِحَجَرٍ صَغيرٍ، لا يَقْتُلُ غالِبًا، ولَكِنَّهُ قَتَلَها، وقَتَلَ جَنِينَها الذي في بَطْنِها.
فَقَضَى النبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ دِيَةَ الجَنينِ عَبْدٌ أو أَمَةٌ، سَوَاءٌ أَكانَ الجَنينُ ذَكَرًا أم أُنْثَى، وتَكونُ دِيَتُهُ على القاتِلَةِ.
وقَضَى للمَرْأَةِ المَقْتُولَةِ بالدِّيَةِ، لِكَوْنِ قَتْلِها [شِبْهَ عَمْدٍ]، وتَكونُ على عاقِلَةِ المَرْأَةِ؛ لِأَنَّ مَبْناها على التناصُرِ والتعادُلِ، ولِكَوْنِ القَتْلِ غَيْرَ عَمْدٍ.
بما أَنَّ الدِّيَةَ مِيراثٌ بَعْدَ المَقْتولَةِ, فَقَدَ أَخَذَها ولَدُها ومَن مَعَهُمْ مِن الوَرَثَةِ، ولَيْسَ للعاقِلَةِ مِنْها شَيْءٌ.
فقالَ حَمَلُ بْنُ النابِغَةِ والِدُ القاتِلَةِ : يا رَسولَ اللهِ، كَيْفَ نَغْرَمُ مَن سَقَطَ مَيِّتًا، فلَمْ يَأْكُلْ، ولم يَشْرَبْ، ولم يَنْطِقْ، حتَّى تُعْرَفَ بذلكَ حياتُهُ؟ يقولُ ذلكَ بأُسْلوبٍ خِطابِيٍّ مَسْجوعٍ.
فَكَرِهَ النبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَقالَتَهُ، لِما فِيها مِن رَدِّ الأحْكامِ الشرْعِيَّةِ بهذه الأسْجاعِ المُتَكَلَّفَةِ المُشابِهَةِ لأسْجاعِ الكُهَّانِ، الذينَ يَأْكُلونَ بها أَمْوالَ الناسِ بالباطِلِ.
ما يُسْتَفادُ مِن الحَديثِ:
1- هذا الحَديثُ أَصْلٌ في النَّوْعِ الثالِثِ مِن القَتْلِ، وهُوَ [شِبْهُ العَمْدِ], وهُوَ أنْ يَقْصِدَ الجانِي الجِنايَةَ بِما لا يَقْتُلُ غالِبًا، كالقَتْلِ بالحَجَرِ الصغِيرِ، أو العَصا الصغِيرَةِ.
فحُكْمُ هذا النوْعِ مِن القَتْلِ أنْ تُغَلَّظَ الدِّيَةُ على القاتِلِ، ولا يُقْتَلُ.
2- أنَّ دِيَةَ [شِبْهِ العَمْدِ]، ومِثْلُهُ[الخَطَأُ]، تَكونُ على عاقِلَةَ القاتِلِ، وهُم [الذكُورُ مِن عَصَبَتِهِ القَريبونَ والبَعيدونَ، ولو لمْ يَكونوا وارِثينَ]؛ لِأَنَّ مَبْنَى العُصوبَةِ التناصُرُ والتآزُرُ.
وهذه الجائِحَةُ وَقَعَتْ عليه بلا قَصْدٍ، فَناسَبَ مُساعَدَتُهُمْ لهُ، ولو كانَ غَنِيًّا، ولَكِنْ تُخَفَّفُ عَنْهُمْ، بِتَوْزِيعِها عليهِمْ حَسبَ قُرْبِهِمْ، وتُؤَجَّلُ علَيْهِمْ مُقَسَّطَةً إلى ثَلاثِ سَنَواتٍ.
3- أنَّ دِيَةَ الجَنينِ الذي سَقَطَ مَيِّتًا بِسَبَبِ الجِنايَةِ [غُرَّةٌ]؛ عَبْدٌ أو أَمَةٌ، قَدَّرَ الفُقَهاءُ قِيمَةَ هذه الغُرَّةِ بِخَمْسٍ مِن الإبِلِ، تُورَثُ عَنْهُ, كأنَّهُ سَقَطَ حَيًّا.
وَدِيَةُ الجَنينِ على القاتِلِ لا على العاقِلَةِ؛ لِأَنَّها أَقَلُّ مِن ثُلُثِ الدِّيَةِ, وما كانَ أَقَلَّ مِن ثُلُثِ الدِّيَةِ فَإنَّ العاقِلَةَ لا تَتَحَمَّلُهُ.
4- أنَّ الدِّيَةَ تَكونُ مِيراثًا بَعْدَ المَقْتولِ؛ لِأَنَّها بَدَلُ نَفْسِهِ، ولَيْسَ للعاقِلَةِ فيها شَيْءٌ.
5- قالَ العُلَماءُ: إنَّما كَرِهَ النبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَجْعَ حَمَلِ بْنِ النابِغَةِ لِأَمْرَيْنِ:
الأمْرُ الأوَّلُ: أنَّهُ عارَضَ بِهِ حُكْمَ اللهِ تعالى وشَرْعَهُ، ورَامَ إبْطالَهُ.
الأمْرُ الثانِي: أنَّهُ تَكَلَّفَ هذه السَّجَعاتِ بِخِطابِهِ لِنَصْرِ الباطِلِ، كمَا كانَ الكُهَّانُ يُرَوِّجونَ أَقاوِيلَهُم الباطِلَةَ بِأَسْجاعٍ تَرُوقُ السامِعِينَ، فَيَسْتَميلُونَ بِها القُلوبَ، ويَسْتَضِيفونَ بها الأسْماعَ.
فأَمَّا إذا وَقَعَ السجْعُ بِغَيْرِ هذا التكَلُّفِ، ولم يُقْصَدْ بهِ نَصْرُ الباطِلِ، فَهُوَ غَيْرُ مَذْمُومٍ.
وقَدْ جاءَ في كَلامِ النبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَقَدْ خاطَبَ الأنْصارَ بقولِهِ: ((أمَا إنَّكُمْ تَقِلُّونَ عِنْدَ الطَّمَعِ، وتَكْثُرونَ عِنْدَ الفَزَعِ)).
وفي دُعائِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: [اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وقَولٍ لا يُسْمَعُ، وقَلْبٍ لا يَخْشَعُ، ونَفْسٍ لا تَشْبَعُ، أَعُوذُ بِكَ مِن هَؤلاءِ الأرْبَعِ ].

  #5  
قديم 17 ذو القعدة 1429هـ/15-11-2008م, 04:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

346 - الحديثُ السابعُ: عن أبي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: اقْتَتَلَتِ امْرأتانِ من هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إحدَاهُمَا الأُخرَى بحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وما في بطنِهَا، فاختصمُوا إلى النبيِّ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ، فقَضَى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ أنَّ دِيَةَ جنينِهَا غُرَّةٌ: عبدٌ، أو وليدةٌ، وقضى بدِيَةِ المرأةِ على عَاقِلَتِهَا، ووَرَّثَهَا وَلَدَهَا ومَن معَهُم، فقامَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الهُذَلِيُّ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، كيفَ أَغْرَمُ مَن لا شَرِبَ، ولا أَكلَ، ولا نَطَقَ ولا اسْتَهَلَّ، فمثلُ ذلكَ يُطَلُّ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: “إِنَّمَا هُوَ مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ"، مِن أَجْلِ سجْعِهِ الذي سجَعَ.
قولـُهُ: "فقتلَتْها وجنينَهَا" ليسَ فيهِ ما يُشْعِرُ بانفصالِ الجَنِينِ. ولعلَّهُ لا يُفْهَمُ مِنهُ بِخِلافِ حديثِ عُمَرَ الماضي؛ فإنَّهُ صرَّحَ بالانفصالِ. والشافعيَّةُ شَرَطُوا فى وجوبِ الغُرَّةِ الانفصالَ ميِّتًا بسببِ الجنايةِ. فلو ماتَت الأُمُّ ولم ينفصلْ جنينٌ لم يجِبْ شَيْءٌ، قالوا: لأَنَّا لا نتيَقَّنُ وجودَ الجنينِ، فلا نوجِبُ شيئًا بالشَكِّ،وعلى هذا: هل المُعْتَبَرُ نفسُ الانفصالِ، أو أن ينْكَشِفَ ويتَحَقَّقَ حصولُ الجنينِ؟ فيهِ وجهانِ، أصحُّهُمَا الثاني. وينْبَنِي على هذا: ما إذَا قُدَّتْ بِنِصْفَيْنِ، وشُوهِدَ الجنينُ في بطْنِها ولم ينفصلْ. وما إذا خرجَ رأسُ الجنينِ بعدَمَا ضُرِبَ وماتَت الأُمُّ لذلكَ ولم ينفصلْ. وبمقتضى هذا يحتاجونَ إلى تأويلِ هذهِ الروايةِ، وحمْلِها على أنَّهُ انفصلَ، وإن لم يكُنْ فى اللَّفظِ ما يدُلُّ عليهِ.
مسألةٌ أُخْرَى: الحديثُ علَّقَ الحُكْمَ بلفظِ "الجنينِ”، والشافعيَّةُ فسَّرُوهُ بما ظهَرَ فيهِ صورةُ الآدميِّ، من يدٍ أو إِصْبعٍ أو غيرِهما، ولو لم يظهرْ شيءٌ من ذلكَ، وشَهِدَت البيِّنَةُ بأنَّ الصُّورةَ خفيَّةٌ، يختصُّ أهلُ الخبرةِ بمعرفَتِها: وجبَت الغُرَّةُ أيضًا. وإن قالَت البيِّنَةُ: ليستْ فيهِ صورةٌ خفيَّةٌ؛ ولكنَّهُ أصلُ الآدَمِيِّ: ففي ذلكَ اختلافٌ. والظاهرُ عندَ الشافعيَّةِ أنَّهُ لا تجبُ الغُرَّةُ. وإن شكَّت البيِّنةُ في كونِهِ أصلَ الآدَمِيِّ لم تجبْ بلا خلافٍ. وحظُّ الحديثِ أنَّ الحُكْمَ مُرَتَّبٌ على اسمِ "الجنينِ"، فما تَخَلَّقَ فهوَ داخلٌ فيهِ، وما كانَ دونَ ذلكَ فلا يدخلُ تحتَهُ إلا مِن حيثُ الوضعُ اللغَوِيُّ؛ فإنَّهُ مأخوذٌ من الاجْتِنَانِ. وهوَ الاختفاءُ، فإن خالفَهُ الْعُرْفُ العامُّ فهوَ أوْلَى منهُ. وَإِلَّا اعْتُبِرَ الوضعُ.
وفى الحديثِ دليلٌ على أنَّهُ لا فَرْقَ فى الغُرَّةِ بينَ الذَّكَرِ والأُنْثَى. ويُجْبَرُ المستحقُّ على قبولِ الرقيقِ من أيِّ نوعٍ كانَ. وَتُعْتَبَرُ فيهِ السَّلامةُ من العيوبِ المُثبَتَةِ للرَدِّ فِي البيعِ. واستدَلَّ بعضُهُمْ على ذلكَ بأنَّهُ وَرَدَ فى الخبرِ لفظُ "الْغُرَّةِ"، قالَ: وهيَ الخِيَارُ، وليسَ المَعِيبُ من الخيارِ.
وفيهِ أيضًا من الإطلاقِ فى العبدِ والأمةِ: أنَّهُ لا يَتَقَدَّرُ للغُرَّةِ قيمةٌ. وهوَ وجهٌ للشافعيَّةِ. والأظهرُ عندَهُمْ أنَّهُ ينْبَغِي أن تبلُغَ قيمتُها نصفَ عُشرِ الدِّيَةِ، وهيَ خمسٌ من الإبلِ، وقيلَ: إنَّ ذلكَ يُرْوَى عن عُمَرَ وزيدِ بنِ ثابتٍ.
وفيهِ دليلٌ على أنَّهُ إذا وُجِدَت الغُرَّةُ بالصفاتِ المُعْتَبَرَةِ أنَّهُ لا يلزمُ المُسْتَحِقَّ قبولُ غيرِها؛ لِتعيِينِ حقِّهِ فى ذلكَ فى الحديثِ. وأما إذا عُدِمَتْ فليسَ في الحديثِ ما يُشْعِرُ بحُكْمِهِ. وقد اختلَفُوا فيهِ، فقيلَ: الواجبُ خمسٌ من الإبلِ. وقيلَ: يُعْدَلُ إلى الْقِيمَةِ عندَ الْفَقْدِ.
وقد قدَّمْنَا الإشارةَ إلى أنَّ الحديثَ بإطلاقِهِ لا يقْتَضِي تخصيصَ سنٍّ دونَ سنٍّ. والشافعيَّةُ قالوا: لا يُجْبَرُ على قَبُولِ ما لم يبلُغْ سَبْعًا؛ لحاجتِهِ إلى التَّعَهُّدِ، وعدمِ استقلالِهِ. وأمَّا فى طرَفِ الكِبَرِ فقيلَ: إنَّهُ لا يُؤْخَذُ الغلامُ بعدَ خمسَ عشرةَ سنةً، ولا الجاريةُ بعدَ عشرينَ سنةً. وجعلَ بعضُهم الحدَّ عشرينَ. والأظهرُ أنَّهُما يُؤْخَذَانِ، وإنْ جَاوَزَا السِّتِّينَ، ما لم يَضْعُفا ويخْرُجَا عن الاستقلالِ بالهَرَمِ؛ لأنَّ مَن أتى بما دلَّ الحديثُ عليهِ ومُسَمَّاهُ فقد أتى بما وجبَ، فلزِمَ قبولُهُ، إلا أن يدُلَّ دليلٌ على خلافِهِ. وقد أشرْنَا إلى أنَّ التَّقييدَ بالسنِّ ليسَ من مُقْتَضَى لفظِ الحديثِ.
مسألةٌ أُخْرَى: الحديثُ وردَ فى جنينِ حُرَّةٍ. وهذا الحـديثُ الثانِي ليسَ فيهِ عمومٌ يدخلُ تحتَهُ جنينُ الأمَةِ. بل هوَ حُكْمٌ واردٌ فى جنينِ الحُرَّةِ من غيرِ لفظٍ عامٍّ. وأمَّا حديثُ عُمَرَ السابقُ وإن كانَ في لفظِ الاستشارةِ ما يقتضي العُمُومَ لِقولِهِ: "في إِمْلاصِ المرأةِ”؛ لكنْ لفظُ الرَّاوي يقْتَضِي أنَّهُ شهِدَ واقعةً مَخْصُوصَةً، فعلى هذا: ينْبَغِي أن يُؤْخَذَ حُكْمُ جنينِ الأمَةِ من مَحِلٍّ آخَرَ، وعندَ الشافعيِّ: الواجبُ فى جنينِ الرقيقِ عُشْرُ قيمةِ الأمِّ، ذكرًا كانَ أو أُنْثَى، وكذلكَ نقولُ: إنَّ الحديثَ واردٌ في جنينٍ محكومٍ بإسلامِهِ. ولا يتعرَّضُ لجنينٍ محكومٍ لهُ بالتهوُّدِ أو التنصُّرِ تَبَعًا، ومن الفقهاءِ مَن قاسَهُ على الجنينِ المحكومِ بإسلامِهِ تَبعًا، وهذا مأخوذٌ من القياسِ لا من الحديثِ.
وقولـُهُ: "قضى بدِيَةِ المرأةِ على عَاقِلَتِهَا" إجراءٌ لهذا القتلِ مَجْرَى غيرِ العمْدِ.
و"حَمَلٌ" بفتحِ الحاءِ المهملةِ والميمِ معًا. و"طَلٌّ" دمُ القتيلِ إذا أُهْدِرَ، ولم يُؤْخَذْ فيهِ شيءٌ.
وقولـُهُ عليهِ السلامُ: “إِنَّمَا هُوَ مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ إلخ" فيهِ إشارةٌ إلى ذمِّ السجعِ، وهو محمولٌ على السجعِ المتكلَّفِ لإبطالِ حقٍّ، أو تحقيقِ باطلٍ، أو لمجرَّدِ التكلُّفِ؛ بدليلِ أَنَّهُ قد وردَ السجعُ فى كلامِ النبيِّ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ، وفى كلامِ غيرِهِ من السلفِ. ويدلُّ على ما ذكرْنَاهُ: أنَّهُ شبَّهَهُ بسجعِ الكُهَّانِ؛ لأنَّهُم كانوا يُرَوِّجُونَ أقاويلَهُمْ الباطلَةَ بأسجاعٍ تَرُوقُ للسَّامِعينَ، فيستميلونَ بها القلوبَ، ويستصْغُونَ إليها الأسماعَ. قالَ بعضُهم: فأمَّا إذا كانَ وضعُ السجعِ في مواضعِهِ من الكلامِ فلا ذمَّ فيهِ.

  #6  
قديم 17 ذو القعدة 1429هـ/15-11-2008م, 04:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

. . .
وهكذا حديث أبي هريرة في قصة المرأتين اللتين اقتتلتا فأسقطت المضروبة جنينا، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بغرة، وقضى بالدية دية المقتولة على عاقلة القاتلة. لأنه قتل شبه عمد وليس بعمد بل هو ملحق بالخطأ، فلهذا قضى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالدية على العاقلة، ولم يحكم فيه بالقصاص، فدل ذلك على أن القتل إذا كان شبه العمد كما لو طرب أحدهما الآخر بعضاً، أو ضربت إحداهما الأخرى بعضاً فصار في ذلك موت المضروب، ليس فيه إلا الدية والكفارة، إذا كان مثله لا يقتل، أي إذا كانت الآلة التي ضرب بها مثلها لا يقتل غالباً فهذا يكون شبه العمد ففيه الدية وفيه الكفار، وإن كان هناك جنين سقط ففيه غرة عبد أو أمة.
فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال حمل بي النابغة الهذلي: كيف أغرم يا رسول الله من لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل، فمثل ذلك يطل، يعني يهدر. قال إن هذا سجع من سجع الكهان. هذا يدل على أنه لا يجوز معارضة الحق بالسجع أو غير السجع، وأن السجع مذموم إذا كان فيه معارضة للحق، أما إذا كان سجعا لا يعارض الحق ولا فيه تكلف فلا بأس به، وقد وقع في كلام النبي صلى الله عليه وسلم فالسجع الذي ليس فيه تكلف وينصر الحق ومعين على الحق فلا بأس به، أما إذا كان السجع يعارض الحق ويقف في طريق الحق، هذا لا يجوز وهو من سجع الكهان الذي يلبسون به على الناس ويخدعونهم به.

  #7  
قديم 16 محرم 1430هـ/12-01-2009م, 05:00 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

في حديث أبي هريرةأن:امرأتين من هزيل اقتتلتا . أي تشاجرتا وتخاصمتا , فضربت إحداهما الأخرى بحجر ، وفي رواية: بعمود فسطاط , فقتلتها وما في بطنها .كانت المقتولة حاملا . بعض الرواة يقولوا: إنها بحجر , رمتها بحجر فأصابت بطنها ، فماتت ومات جنينها . وبعضهم يقول: ضربتها بعمود فسطاط . الفسطاط: الخيمة , وكانوا يجعلون عند مدخلها عمودا يعني عصا أو عصاوين ، يرفعان المدخل حتى يدخل معه ، وليس المراد العمود التي في وسط الخيمة التي ترتفع عليها ، فإن تلك كبيرة يصعب حملها ، فسروا عمود الفسطاط بأنها العصا التي تكون عند المدخل ، وهي عصا دقيقه يستطيع الواحد أن يحركها ، ويضرب بها .
ولو كان بعمود خيمة كبيرة لكان القتل عمدا ، لكن هذا قتل شبه العمد ، القتل بالشيء الذي لا يقتل غالبا ، فإن الضربة الواحدة بعصا لا تقتل في الغالب، إلا إذا صادفت مقتلا ، أو إذا كرر الضرب على موضع واحد ، أو ضرب بشدة وبقوة ، وكان قوي الضرب أو نحو ذلك ، ولكن المعتاد أن العصا المحمولة , التي يحملها الإنسان في يده يتوكأ عليها ، إذا ضرب بها إنسان فالغالب أن هذه الضربة لا توصل إلى القتل ، ولكنها تردي وتؤلم ، ولكن صادف أن هذه العصا قتلت هذه المرأة ، وقتلت ما في بطنها .
ترافعوا وتحاكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فجعل هذا القتل شبه عمد , لم يجعله عمدا حتى يقتص من القاتلة ، بل جعله شبه عمد ، وجعل الدية فيه على العاقلة، العاقلة: هم قرابة الجاني , أي تحمل تلك الدية أقارب المرأة القاتلة.اتفق العلماء على أن دية الخطأ أو دية شبه العمد تكون على العاقلة ؛ حتى لا يتحمل القاتل أشياء عليه فيها ضرر ، فإنه قد يعجز مع عذره .
وكذلك أيضا معلوم أنه معذور حيث أنه لم يتعمد ، وبالأخص إذا كان مخطئا, وقد يحصل موت كثير بسبب الخطأ ، كحوادت الانقلاب والاصطدام ، ونحوه , فقد يموت معه عشرة أو عشرات ، لو تحمل ديتهم وحده لعجز ، فكان مما جاءت به الشريعة أن خفف عنه ، وجعل عليه بعض الدية جزء يسير ، أولم يجعل عليه شيء ، وجعلت على عاقلته الذين هم أقاربه . ولما كانت تحملها العاقلة ، والعاقلة ما جنت , قسمت على ثلاث سنين , قدر عليهم في كل سنة ثلثها ، تفرق على إخوة القاتل وبنيهم , أعمامه وبنوهم ، أبناء عمه وأبناء عم أبيه وبنيهم , وهكذا إلى الجد الخامس ، أو الجد السادس ، وربما إلى الجد السابع أو الثامن ، إذا قلوا يقسم عليهم , هذا معنى تحمل العاقلة للدية , دية الخطأ ودية شبه العمد .
في هذا الحديث ، أنه لما حكم بالدية على العاقلة , عند ذلك حكم أيضا بدية الجنين: السقط ، أنه غرة, غرة, عبد أو أمة ، وأن الذي يحمله نفس الجاني, العاقلة لا تحمل الصلح ولا تحمل الإقرار ، ولا تحمل العمد ولا تحمل الاعتراف ، ولا تحمل ما دون الثلث ، فلذلك أنكر ولي المرأة , أنكر أن يهدى هذا السقط ، وتكلم بهذا الكلام ، بقوله: كيف نفدي من لا أكل ولا شرب ولا استهل ؟! فمثل ذلك يطل . هكذا تلفظ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((إنما هذا من إخوان الكهان ؛ من أجل سجعه الذي سجع)) .
معروف أن الكهان يتعاطوا السجع في كلامهم ، وهو الكلام المتوازن , وهذا الكلام فيه سجع كما سمعنا: كيف نفدي من لا أكل , ولا شرب ولا استهل , فمثل ذلك يطل . يعني الجنين ، أنه ما أكل ، مات قبل أن يحتاج إلى الأكل ، ولا شرب ، ولا استهل: عندما ولد ما ظهر أنه استهل , واستهلال المولود هو أن يصيح ساعة ولادته ، فهذا ما استهل , فمثل ذلك يطل , يطل: يعني يهدر ويترك ويهمل ، ولا يكون له دية ، هذا معنى أنه يطل ، فالنبيصلى الله عليه وسلم أنكر عليه كلامه وقال: ((إنه من إخوان الكهنة)) .ونكمل بعد الأذان .


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجنين, دية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir