دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 1 ذو القعدة 1441هـ/21-06-2020م, 03:05 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم

مجلس مذاكرة القسم الثالث من مقرر أصول التفسير البياني
تطبيقات الدرس الرابع عشر:
بيّن اللطائف البيانية للالتفات في الآيات التاليات:

3: قول الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)}

هذه الآية فيها التفات بديع من التكلم إلى الخطاب،
وهذا يفيد تجديد نشاط السامع وتنبيهه ولذلك سماه ابن جني شجاعة العربية، والالتفات بذاته معدود من الفصاحة كما ذكر شيخنا عن ابن عاشور فإذا انضم إليه اعتبار لطيف يناسب الانتقال إلى ما انتقل إليه صار من أفانين البلاغة وكان معدودا عند بلغاء العرب من النفائس، وقد جاء منه في القرآن ما لا يحصى كثرة
ومنه الواقع هنا فللالتفات هناك مناسبة رائعة وهي أنه في وجه الكلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبين الله سبحانه وتعالى مهمة النبي الأساسية وهي أنه مبشرٌ بالخير والنعيم لمن عبد الله وحده، ونذيرٌ لمن عصاه وأشرك معه غيره
فإذا ظهرت مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم ناسب أن ينتقل إلى مهمة الأمة التي تتوجه إليها الدعوة نحو هذا الرسول الذي هو شاهد عليهم ، ومبشر لهم ونذير، فبين سبحانه أن مهمتهم الإيمان بالله وبرسوله وتعظيم هذا الرسول وتوقيره وأن يسبحوا الله بكرة وأصيلا على هذه النعمة العظيمة.
وفيه أيضا التنبيه الأكيد على واجب المؤمنين تجاه النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به، لأنه شهيد عليهم يوم القيامة.
ويفيد أيضا الحث على حفظ جناب النبي صلى الله عليه وسلم بأمور شتى منها ما يكون باليد على أحد الأقوال في معنى التعزير ومنها ما يكون باللسان بالدفاع عنه وعن سنته.


==وهذه الآية قد ورد فيها قراءة أخرى بالياء في قوله "ليؤمنوا" وكذلك "ويعزروه" "ويوقروه" "ويسبحوه" وقد قرأ بها ابن كثير وأبو عمرو

وعلى هذه القراءة يكون الالتفات من التكلم إلى الغيبة
وهذا يفيد مع ما ذكرنا آنفا في فوائد الالتفات من التنبيه وغيره
أنه يحمل على التفكر والتدبر في هذا الكلام فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يرسل إلا بالبشارة لمن أطاع ووحد الله، والنذارة لمن عصى وأشرك ، ولم يرسل ليأخذ أموالهم أو يكون له السلطان عليهم أو غير ذلك من أمور الدنيا بل هو صلى الله عليه وسلم لا يريد منهم شيء إلا أن يسمعوا كلام الله ويتبعوه
وعلى هذا يكون الكلام فيما يظهر لي والله أعلم للمشركين أصالة ويدخل فيه المؤمنون تبعاً.

والذي يظهر لي أن الالتفات على قراءة الجمهور يفيد ارتباط الكلام بالسياق التالي لهذه الآيات حيث قال في الآية التالية " إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ " وتكون هذه الآيات موجه للمؤمنين أصالة.
وأما الالتفات على قراءة ابن كثير وأبي عمرو فيفيد ارتباط الكلام بالسياق المتقدم في قوله تعالى " وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" ويكون الكلام موجه للكافرين أصالة لتأملوا حقيقة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فيهدوا لاتباعه وطاعة الله سبحانه وتعالى.


5: قول الله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87)}

في الآية الكريمة التفات بديع من التكلم إلى الغيبة
وسبق الكلام عن الفوائد العامة التي يفيدها الالتفات عموما بما يغني عن إعادتها هاهنا ثم نأتي لما يفيده الالتفات في هذا الموضع خصوصا
فالذي يظهر لي والعلم عند الله أن هذا الالتفات يفيد أمورا منها:
-1-التقرير: بيان أن الذي جعل الليل ليسكنوا فيه هو الله ، وأن الذي جعل النهار ليسعوا فيه هو الله، فمن قدر على جعل الليل والنهار متعاقبان منتظمان فهو الإله المستحق للعبادة لذلك قال "إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون"
-2-وأيضا يفيد التنبيه لهم على هذه الآية العظيمة وهي تعاقب الليل والنهار على وحدانية الله وألوهيته وربوبيته وأنه المستحق للعبادة فيدفعهم التدبر في هذه الآية على الإيمان به سبحانه وتعالى،
وهذه الآية فيها آيات أخرى عظيمة متعلقة بها منها على سبيل المثال لا الحصر:
-خلق الشمس فالنهار لا يكون إلا بأشعة الشمس التي تبدد ظلام الليل.
-ومنها آية دوران الأرض حول نفسها ليتكون الليل والنهار وانتظام هذا على مدار الأزمان.
-ومنها: طبع الإنسان وكثير من المخلوقات على السكون والفتور بالليل، والنشاط بالنهار، بخلاف بعض الدواب التي تنشط بالليل.
-ومنها: أنها إشارة إلى الإحياء بعد الموت فكما أن المخلوقات تسكن بالليل أشبه بالموت ثم يبعثها الله بالنهار، فكذلك يحيي الله الموتى بعد موتهم.
وغير ذلك من الآيات العظيمة وإنما أشار الله سبحانه وتعالى لهم بهذه الآية ليتنبهوا لها ويتفكروا في عظمتها ولهذا قال تعالى "إن في ذلك لآيات" فعبر عنها بالجمع، فهي ليست آية واحدة، ويكون من ثمار هذا التفكر والتدبر أن يحملهم على الإيمان بالله سبحانه وتعالى.

-3-وقد يفيد التقريع لهم وهذا يظهر من قوله بعد أن ساق لهم آية واحدة من آياته العظيمة الدالة على قدرته سبحانه وتعالى، فختم الآية بقوله "أفلا يؤمنون" ثم بين في الآية التي تليها جزاء من لم يؤمن " وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ" فهذا سيكون مصيرهم وهذا فيه من التخويف الشيء العظيم.

-4-ويفيد أيضا ظهور مدى عظمة كلام الله سبحانه وتعالى فهو سبحانه في هذه الآية ذكرهم بآية مع عظمتها إلا أنها ملازمة لهم فذكرهم بالشيء الذي يتكرر عليهم مرتين في كل يوم ولا يتخلف بل تدركه حواسهم كل يوم وهذا أجدر بأن تكون مقنعة في تركهم شركهم وإيمانهم بالله الواحد القادر المتصرف في هذا الكون.



تطبيقات الدرس الخامس عشر:
بيّن معاني الاستفهام في الآيات التاليات، واشرح المسائل المتعلقة به:
1: قول الله تعالى: {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (16)}.


=قيل: الاستفهام في الآية هو للتعظيم
ففه التعظيم للعذاب لما حل بهؤلاء القوم من العذاب لما كفروا.
وفيه أيضا التعظيم للإنذار الذي تم لكفار قريش بما جاءهم من خبر من سبقهم لما كفروا وكذبوا.
=وقيل: الاستفهام في الآية للتهويل والتعجب
والمعنى أن العذاب والانذار وقعا على كيفية هائلة عجيبة لا يحيط بها الوصف.

=وقيل هو استفهام فيه تعجيب وتعريض بالتهديد
ففيه التعجيب مما وقع للأمة السابقة من العذاب، وفيه تعريض بالتهديد للمشركين أن يصيبهم جزاء تكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم كما أصاب من سبقهم.
وهو قريب من الوجه الأول والثاني.

=وقيل هو استفهام للتشويق
فوقع التشويق لخبرهم الذي سيأتي بعده، وفيه كناية عن تهويل هذا العذاب.

وكلها أوجه في الاستفهام ويمكن فيما يظهر لي تأويل الآية بها فالمعنى واحد ولكن تتعد أوجه إيصاله.

يقول الطبري
وقوله (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ) يقول جلّ ثناؤه لقريش: فكيف كان عذابي إياهم معشر قريش حين عذبتهم ألم أهلكهم بالرجفة. ونُذُر: يقول: فكيف كان إنذاري من أنذرت من الأمم بعدهم بما فعلت بهم وأحللت بهم من العقوبة.

وفي موضع آخر: "والمعنى كيف كان إنذاري بما فعلت بهم من العقوبة التي أحللت بهم بكفرهم بربهم، وتكذيبهم رسوله نوحا، صلوات الله عليه، وهو إنذار لمن كفر من قومه من قريش، وتحذير منه لهم، أن يحلّ بهم على تماديهم في غيهم، مثل الذي حلّ بقوم نوح من العذاب"



5: قول الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا}.
==قيل في الاستفهام قولان أحدهما أنه على بابه والآخر أنه ليس على بابه

-فأما القول الأول فقيل أنه على بابه وغرضه
-الحث على تطلب معرفة جوابه.
وذلك يكون بالبحث والتفكر في الأسباب التي جلبت للمسلمين النصر يوم بدر، وكذلك في الأسباب التي جلبت لهم الهزيمة هنا يوم أحد وفي هذا مجال واسع لمعرفة الحقائق والأسباب والحكم والمنافع والمضار التي تترتب على ذلك.
فكلما زاد التفكر كلما زادت الفائدة ففيه إطلاق للأفكار وإعمال للعقول وهذا باب عظيم في إدراك العلم.

-وقيل هو على بابه وغرضه الإنكار والتقريع:
والمعنى أنه لا ينبغي لكم أن تتعجبوا من الخسارة فإنكم تعلمون السبب وإذا عرف السبب بطل العجب.

=والقول الآخر أنه ليس على بابه بل هو من قبيل الإخبار:
وهذا مبني على تنزيل العالم منزلة الجاهل كما ذكر ابن عاشور
وبيانه على هذه الوجه أن الله نزل المؤمنين في هذه الحال منزلة الجاهل بأسباب الهزيمة وأسباب النصر مع أنهم يعلمونها ويؤمنون بأن النصر من عند الله
وهذا يبين شدة الحال التي كانوا فيها من التلهف على ما أصابهم من القتل والجرح
وذهب الشنقيطي إلى أن بعضهم استشكل حصول القتل والتعذيب للمسلمين وهم على الحق والكفار على الباطل فنزلت الآية تبين حكم ذلك وسببه وتحذر منه.

وكلاهما يبين وجها للآية فيه بيان عظمة القرآن وعلو لغته ويصور الحال بأكثر من جهة تتضح بها حقائق كثيرة

=وقد أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا وَنَحْنُ مُسْلِمُونَ نُقَاتِلُ غَضَبًا لِلَّهِ وَهَؤُلَاءِ مُشْرِكُونَ. فَقَالَ: قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ عُقُوبَةٌ لكم بمعصيتكم النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: لَا تَتْبَعُوهُمْ.
=وقال السعدي في تفسيره:
{قلتم أنى هذا} أي: من أين أصابنا ما أصابنا وهزمنا؟ {قل هو من عند أنفسكم} حين تنازعتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، فعودوا على أنفسكم باللوم، واحذروا من الأسباب المردية.
{إن الله على كل شيء قدير} فإياكم وسوء الظن بالله، فإنه قادر على نصركم، ولكن له أتم الحكمة في ابتلائكم ومصيبتكم. {ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض}


والله أعلم وأحكم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثاني

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir